في ذكرى التاسع من نيسان : الخلاص من الإرهاب واستعادة المشروع الوطني / الأربعاء, 08 نيسان/أبريل 2015

تحل اليوم، الذكرى الـ12 لسقوط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس في التاسع من نيسان 2003، ذلك اليوم الذي شكل لحظة فاصلة في تاريخ الدولة العراقية.
وشهد فجر يوم الخميس، العشرين من آذار 2003، قيام القوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بإعلان بدء الحرب، وبعد ما يقارب الثلاثة أسابيع من بدء الحرب تهاوت أشرس دكتاتورية في تاريخ العراق الحديث.
وقبل هذا التاريخ، نادى حزبنا بضرورة تغيير ذلك النظام الدكتاتوري الفاشي الحاكم، الذي تسبب بأزمة شاملة وعميقة للشعب والوطن، والعمل من أجل مشروع وطني ديمقراطي، يستند إلى كفاح شعبنا وقواه وأحزابه الوطنية والديمقراطية. غير أن الجهود والمساعي لتوحيد قوى المعارضة تعثرت لأسباب عدة، كان من أهمها ترسخ الاستقطاب في صفوفها ارتباطا بالموقف الأمريكي الساعي لإحداث تغيير في العراق.
فيما ادى النهج الدموي للنظام البائد، وصعوبات تنظيم الرفض الجماهيري المتسع، والتدخلات الخارجية في شؤون المعارضة ومساعي التأثير على قواها، إلى إشاعة القنوط والجزع في صفوف أقسام واسعة منها، ودفعها إلى المراهنة على العامل الخارجي لاسقاط الدكتاتورية عن طريق الحرب، والمراهنة عليه.
وفيما راح احتمال اندلاع الحرب يزداد رجاحة، كنا قد عقدنا العزم على أن نكون مع شعبنا والى جانب جماهيره ومطالبها وان نستعد لتداعيات خيار الحرب واستحقاقاته.
وكنا ندرك، في الوقت نفسه، ان الخلاص من النظام الدكتاتوري هو واحد من أهم سبل تفادي الحرب.
وفي مجرى الحرب، لم تكن جماهير شعبنا الواسعة متحمسة للحرب والاحتلال، لذلك لم تستقبل الجيوش الغازية بالورود والأحضان، لكنها، من جانب آخر، لم تقف إلى جانب الطاغية ولم تدافع عنه، بل تركته وزمرته يواجهون مصيرهم الذي لم يشك احد في انه سيكون الهزيمة والسقوط.
وقد عاقب شعبنا بموقفه هذا الدكتاتور ونظامه على ما اقترفه بحقه من انتهاكات وآثام وجرائم. وجاء يوم انهيار الدكتاتورية في 9 نيسان 2003 ليجسد تعقيدات وتناقضات الوضع الجديد. فقد كان، من جانب، يوم تخليص الشعب من نير الدكتاتورية العاتية، وفي الوقت ذاته يوم ايذان بواقع الاحتلال البغيض.
وسعى حزبنا الى ان تتفق القوى المناهضة للدكتاتورية والتي عملت بصورة مشتركة في المعارضة على عقد مؤتمر وطني وتشكيل حكومة مؤقتة تتولى إدارة شؤون البلاد وانجاز المهام الوطنية الملحة. إلا ان الصراعات والمصالح الأنانية الضيقة حالت دون ذلك ما سمح للولايات المتحدة وشجعها على اعلان حالة الاحتلال.
كان العراقيون يأملون الخلاص سريعاً من التركة الثقيلة التي خلفها النظام الدكتاتوري، ومن التداعيات الكثيرة الخطرة للاحتلال الأمريكي، وبتحقيق العيش الرغيد والكريم، إلا أن القوى المتنفذة التي تسلمت مسؤولية حكم البلاد، خيبت الظنون عبر اعتماد نهج سياسي أناني يستند إلى المصالح الضيقة والركض وراء الثروة والنفوذ.
فتراكمت التركة المشؤومة، وتعمقت الأزمات وتعقدت، أثر التزمت بالمواقف السلبية والالتزام بأجندات إقليمية ودولية، واعتماد نظام إدارة البلاد وفقا للمحاصصة الاثنية والطائفية، التي ثبت فشلها، وعدم انسجامها مع المشروع الوطني الديمقراطي، حتى وصل الحال إلى تسيد النزعة الطائفية والقومية، وتنامي قوى الإرهاب وظهورها بأبشع صورها متجسدة بتنظيم داعش الإرهابي.
إننا إذ نسعى اليوم، إلى استعادة كل شبر في الوطن الغالي من أيدي الإرهابيين الدواعش، لا بد أن نحترم تضحيات بنات وأبناء شعبنا، ونمضي؛ قوى سياسية وأحزابا وشخصيات وطنية، بتصويب مسار العملية السياسية ونبذ نظام المحاصصة الطائفية والأثنية، والشروع في بناء المصالحة الوطنية الحقيقة، لتكون القاعدة التي تنطلق منها لبناء العراق الجديد.
وكلنا ثقة بأن العراقيين، شعبا وقوى وطنية ديمقراطية، قادرون على توحيد صفوفهم، والخلاص من ظلام الإرهاب، وتجاوز الأزمات، والشروع في بناء العراق الديمقراطي الاتحادي، عراق المواطنة والعدالة الاجتماعية.