انتصار تكريت : ليكن حافزا على قهر داعش والارهاب / الأربعاء, 01 نيسان/أبريل 2015

اعلن رئيس مجلس الوزراء يوم امس الاول عن تحرير مدينة تكريت من عصابات داعش، ونقل المراسلون في الحال صور العلم العراقي مرفرفا في سماء المدينة، مسجلا الهزيمة التي انزلتها قواتنا المسلحة بالتعاون مع الحشد الشعبي وابناء المنطقة وعشائرها بهذا التنظيم المسخ. وكانت المعركة ابعد ما تكون عن اليسر ، لكن الاصرار على الانتصار فيها كان العنوان ودافع الاستبسال الاقتحامي فيها، فتحولت الى معارك مدن وشوارع وتكللت بهذا النصر المشهود.
وليس من ريب في ان هذه المعركة، وقبلها المعارك في عدد من مدن المحافظة الاخرى، وفرت لقواتنا الامنية فرصة تجربة واتقان فنون القتال في المدن ، وتنويع الاساليب القتالية المستخدمة. فيما جرى الحرص من جانب مختلف الاطراف التي ساهمت في المعركة، وبضمنها طيران التحالف الدولي الذي شارك في الفصل الاخير من معركة التحرير المظفرة ، على تقليل الخسائر في صفوف المدنيين ، والحفاظ على البنى التحتية.
ان تحرير تكريت انتصار بيّن على زمر الارهاب والقتل ، يضاف الى ما سبقه من نجاحات لقواتنا المسلحة والبيشمركة والحشد الشعبي وابناء العشائر - في جرف النصر وديالى وسنجار وربيعة وآمرلي وكركوك وعامرية الفلوجة ، وعلى امل ان تتكامل حلقات الظفر وصولا الى تحرير كامل محافظات صلاح الدين والانبار والموصل وكركوك من رجس داعش ، ومن يساندهم ويتعاون معهم .
ولعل في دروس معركة تكريت ما يفيد ويغني ويساعد على اختزال الوقت في معركة دحر الارهاب والانتصار عليه. وتأتي في المقدمة هنا اهمية التنسيق والتعاون بين مختلف الاطراف، وضرورة توفر القيادة الموحدة المخولة دستوريا بادارة المعركة، الى جانب ما يتطلبه الامر من ابتعاد عن افتعال معارك جانبية، وعن اطلاق تصريحات مؤذية ومضعفة للمعنويات ومشجعة على التشرذم والانقسام. الى جانب التوظيف السليم لكافة العناصر في المعركة، بما فيها التنسيق والتعاون مع التحالف الدولي ومع مختلف الاطراف الخارجية ، على ارضية التوجهات العراقية ، وعل? اساس وضع مصالح الشعب والوطن فوق اية اعتبارات اخرى .
ولقد برهنت معركة تحرير تكريت ، من جديد ، على اهمية وضرورة توفر الارادة، واتخاذ القرارات المناسبة والمدروسة ، غير المستعجلة ولا المفتوحة بلا نهايات ، وتأمين الادارة الحكيمة. اضافة الى وضع الحكومة خطة متكاملة لدحر الارهاب ، تأخذ بنظر الاعتبار كافة جوانب المعركة ومستلزماتها ، وتضمن كذلك الاجواء السياسية المواتية والداعمة ، ومستلزمات المشاركة الفعالة لابناء المناطق التي ابتليت بداعش ، بما في ذلك السلاح والدعم المادي الضروريان .
وفي ضوء تجارب سابقة وممارسات خاطئة وقعت في بعض المناطق المحررة من داعش، وارتكبها نفر ضال يسعى للانتفاع من الاوضاع ، يتوجب العمل على عزل العناصر المسيئة حالا، وشل فعلها، وتوجيه رسالة تطمين الى ابناء هذه المناطق ، والشروع فورا بتهيئة مستلزمات وشروط عودة النازحين والحياة الطبيعية اليها، ومساعدة اهلها على لملمة جراحهم ، والتصدي بحزم لأية محاولات ، من اي طرف كان ، للثأر والانتقام .
وما دامت المعركة الوطنية ضد الارهاب ومن اجل دحره تتمتع بالاولوية، فان النصر العسكري المحرز لا بد ان يدعم بتحقيق تقدم على صعيد ملفات اخرى مهمة، مثل المصالحة الوطنية الحقيقية ، وتمتين الوحدة الوطنية واعلاء راية المواطنة العراقية، والتصدي بحزم للطائفيين مفرقي الصفوف ، وتحسين العلاقة بين بغداد واربيل ، وبين المركز والمحافظات ، ومراعاة اوضاع الناس المعيشية والخدمية، والحؤول دون ان تقع اعباء الضائقة المالية التي يمر بها بلدنا، على كاهل الفقراء والكادحين واصحاب الدخل المحدود .
ومن المفيد ايضا ان تجري قراءة سليمة وصحيحة للاوضاع والتطورات على المستويات العربية والاقليمية والدولية ، وان تتم الافادة من العناصر الايجابية والرفض العام لظواهر الارهاب والتطرف، في معركتنا ضد الارهاب، والنأي ببلدنا عن كل ما يضعف تماسكه الداخلي ووحدته الوطنية وما يتمتع به من مقومات التصدي للارهاب .
ونحن إذ نحيي في هذه المناسبة شهداء الدفاع عن الوطن، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين من المقاتلين والمواطنين المدنيين على حد سواء، نتوجه بالتهاني الى ابناء شعبنا وقواتنا الامنية ، مشيدين بتحقيق هذا الانتصار ، الذي يشكل محطة هامة على طريق النصر النهائي، يوم نحرر سائر مدننا واراضي وطننا، ونلحق الهزيمة التامة بداعش ومخططاتها الشريرة .