نحو مجلس نواب ينهض بكامل مسؤولياته / 30 حزيران 2014

كما أعلن بمرسوم جمهوري، فمن المقرر ان تنعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب اليوم كي يمارس المجلس الجديد أعماله بشقيها التشريعي والرقابي، ويبدأ مزاولة نشاطه المطلوب بما يبرر ثقة الناخبين، وكتعبير عن احترام إرادتهم والالتزامات التي قدمت لهم أثناء الحملة الانتخابية.
لا شك في ان الكثير ينتظر المجلس الجديد، وفي المقدمة منها تجاوز العقبات والثغرات والنواقص التي رافقت عمل المجلس السابق. وفي المقدمة لا بد من الإشارة الى ضرورة الالتزام الجدي بالحضور والمشاركة الفاعلة في اعمال البرلمان وانتظام جلساته، وهو ما يتوجب ان تعيه جيدا الكتل السياسية المتمثلة بالبرلمان، وان تقوم بايلاء الاهتمام لحضور أعضائها وأدائهم مهامهم الدستورية، وان تفعل الإجراءات الرادعة التي سمح البعض لنفسه بتجاوزها دون حسيب ولا رقيب.
كما اشرنا، فقد قيل الكثير وأغدقت الوعود وطرحت برامج وتوجهات خلال الحملة الانتخابية، ولا ريب ان مجلس النواب هو المكان المناسب كي يرى كل ذلك النور ويتبلور في مشاريع وقوانين، وعبرها يحكم الناخب على جدية مَن قال بها؛ فالمحك هو التطبيق الفعلي وإقران القول بالعمل، وبما يبرر ثقة الناخبين.
ولا ريب فان واحدة من المعضلات الكبيرة التي واجهت مجلس النواب السابق، هي العلاقة مع الحكومة والسلطة التنفيذية، وحق البرلمان الذي لا خلاف عليه في محاسبة ومراقبة اداء السلطة التنفيذية في ضوء الدستور والقوانين النافذة. وهذا الخلل المؤشر قد أدى في أحيان كثيرة الى تعطيل أداء مجلس النواب دوره. فيما المطلوب ان يكون هناك وضوح في الصلاحيات والاختصاصات، وان تنطلق العلاقة بين السلطتين أساسا وفقا لمصلحة البلد والشعب العليا، وان يتبارى الجميع في خدمتهما بدلا من حالات الجفاء والمناكفات والاتهامات التي أضاعت الكثير على المواطن العراقي، فيما هو يعاني من سوء الإدارة ونتائج النهج الخاطئ في الحكم وبنائه.
وإنْ لم تدرك الكتل السياسية انّ العراق فيه دستور ولا بدّ من ان يحترم، وان يُعمل بموجبه ويراعى بمجموع مواده، وان يعمل على نحو سليم بمبدأ فصل السلطات الثلاث، وعدم تغول إحداها في غيرها، فإننا، ايضا، سنواجه مشاكل جدية كالتي مررنا بها سابقا، وما يعنيه ذلك من ضياع الفرص والوقت والجهد والمال.
ان مجلس النواب يعقد جلسته الاولى، والبلد يمر بمنعطف خطير وظروف صعبة ومعقدة، ويعاني الكثير من المحن والأزمات، القديمة والجديدة، وسط تمدد لقوى الارهاب والجريمة واستباحتها لعدد من محافظات الوطن ومدنه، مما يتطلب التعامل مع ما يجري بنمط تفكير جديد، ومنهج مختلف عما ساد، وبشعور عال بالمسؤولية ازاء ما يواجه البلد والشعب في معركتهما الوطنية ضد داعش والمتحالفين معه، داخليا وخارجيا، وان تكون داخل المجلس أجواء ايجابية، جديدة، بعيدة عن المناكفات والتسقيط والتهميش والاقصاء. وهذا ما يجب أن تعكسه الجلسة الأولى اليوم للبرلمان الجديد.
والمجلس، ايضا ، مُطالب قبل كل شيء بتهيئة اجواء سليمة بنّاءة للسير قدما لانجاز الاستحقاقات الدستورية، وانضاج التفاهمات والتوافقات المطلوبة لتشكيل الرئاسات الثلاث وحكومة جديدة نريدها، كما غيرنا العديد؛ تكون حكومة وحدة وطنية تتبنى برنامجا وطنيا ملموسا، وبسقوف زمنية، وان تتشكل بعيدا عن المحاصصة الطائفية والاثنية، ويُراعى في تركيبها الاستثمار الافضل للطاقات الوطنية، وان تتبنى إدارة سليمة جديدة معافاة للبلاد، والتعامل بحكمة وروية مع مشاكله، بعيدا عن الانفعالات والتفرد والاستئثار، وإدارة علاقات بناءة ايجابية مع مختلف الكتل والأحزاب الوطنية العراقية. إنها حكومة تولد وسط مخاضات عسيرة، وبقدر ما تبنى على أسس سليمة من الكفاءة والنزاهة والوطنية، ستحظى بدعم شعبي، مساند لها في أداء مهامها الجسيمة وإنقاذ البلد من محنته الراهنة وضمان سيره على طريق البناء الديمقراطي الدستوري.
ان بلدنا في مقطع زمني حرج وخطر، يتطلب جهودا استثنائية من جميع الوطنيين المخلصين لمسيرة البلاد الديمقراطية وتجنيبها المزالق السيئة، المتطلعين الى غد افضل لجميع أبنائه، وعراق مستقر آمن، لا مكان فيه للعنف والإرهاب، وتحترم فيه حقوق المواطنين الدستورية، ويؤمن لهم حياة كريمة لائقة، ولا شك في ان لمجلس النواب وأعضائه دورا هاما في تحقيق كل ذلك