اتفاقية الجزائر من جديد؟! / الخميس 13 اذار 2014

تطل علينا اتفاقية الجزائر بين الفينة والفينة، كواحدة من اسوأ ما يمكن ان يعقد بين بلدين جارين من اتفاقيات، ومن اكثرها إشكالا وإثارة للجدل، فيما يبقى الخلاف بشأنها متواصلا . وهذه الاتفاقية كان العراق عقدها مع ايران رضا بهلوي في 6 آذار 1975 بوساطة جزائرية. وهي حصيلة صفقة - مساومة سياسية بين نظامي البعث الصدامي وشاه ايران المقبورين .
وقد ادانت الاحزاب والقوى الوطنية العراقية هذه الاتفاقية غير المتوازنة، والمخلة بسيادتنا الوطنية، والمؤججة باستمرار للخلاف مع الجيران، لا لانها لا تنظم الحدود ولا ترسمها بعدالة وحسب ، بل كذلك لانها تضمنت ابعادا وملاحق امنية سرية، رتبت للشاه ونظامه مكاسب، ومكنت النظام الدكتاتوري المباد من الهجوم الوحشي على الشعب الكردي وثورته، ومن تعزيز اركانه السياسية وقدرته على التعامل مع خصومه السياسيين ومنافسيه عموما .
وجرى عقد الاتفاقية في ظروف داخلية واقليمية ودولية غير طبيعية ، و في ظل توازن للقوى بين الطرفين غير متكافيء، بل ومختل. كما تم عقدها بالضد من مصالح الشعبين الجارين، التواقين الى التعايش والوئام والتعاون في اعمار وبناء بلديهما، من دون تشنجات وبؤر توتر دائمة ، ولا امكانيات لتجدد الصدامات الحدودية والحروب!
وجاء البيان الصادر عن المفاوضات الاخيرة في طهران، ليجدد طرح التساؤلات المشروعة: فلماذا الاصرار في كل مرة على العودة الى هذه الاتفاقية سيئة الصيت ، والكل يعلم علم اليقين انها بنيت على اسس خاطئة وغير عادلة ، وانها تفتقد التوازن والتكافؤ، وتضر بمصالح الشعبين والسلام، وتخالف قواعد القانون الدولي؟ وكأن العقل البشري في البلدين لا يرى بديلا لها، او امكانية لوضع اخرى اكثر عدلا، وغير مثيرة للقلق، ولا تحمل اشكاليات والغاما قد تنفجر في اية لحظة، فتلحق الاذى بالعلاقة بين البلدين وباستقرارهما وامنهما .
انه لموضع استغراب وتعجب، هذا التمسك بتراث ثبت بطلان مقوماته، وضرر ابعاده ونتائجه ، والتشبث بمكاسب زائفة زائلة، تثير الارتياب والشعور بالغبن وانعدام العدالة ؟
ويبقى السؤال الملح: لماذا لا يجري الحوار بين البلدين، لوضع اتفاقية اكثر انسجاما مع الواقع الجديد ، خصوصا وان البلدين كليهما تخلصا من نظاميهما السابقين الممقوتين ، وتربطهما وشعبيهما علاقات طبيعية طيبة؟ اتفاقية جديدة تنسجم مع مصالح الطرفين ، ويتم عقدها وفقا للقانون الدولي ، وتضمن الاستقرار والسلام ، وتنظم العلاقة بين البلدين كجارين تاريخيين يحترم الواحد منهما استقلال الآخر وسيادته، وتؤمن تعايشهما وعدم تدخلهما في شؤون بعضهما الداخلية.