لمصلحة من تصعيد الخطاب المتطرف؟ / 10 اذار 2014

ارتباطا بالخلافات المتواصلة والمتصاعدة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، تواتر الحديث وما زال عن قطع رواتب الموظفين في الاقليم، بما يشبه العقاب الجماعي الهادف الى الضغط على الاقليم، كي يرضخ لمطالب المركز.
وقد حفزت هذه الاجواء المتوترة، والخلاف على حصة الاقليم من الموازنة، وقضايا رواتب البيشمركة، وتصدير نفط الاقليم وآلية التصرف بموارده وغيرها، حفزت وشجعت المتطرفين في الجانبين، وبعضهم قريب من اصحاب القرار، على السعى لتحقيق مآربهم، ولدفع الامور الى ما هو اسوأ، والانزلاق بها الى الاخطر، عبر اعتماد خطاب استفزازي ومشين، بهدف خلط الاوراق وتعقيد المشاكل القائمة، والوصول بها الى حد الصدام والقطيعة، دون اي اعتبار لمصالح الشعب والبلاد، ولا الأخذ بنظر الاعتبار هشاشة الاوضاع العامة الراهنة، وامكانية تفاقم ذلك بما يسهل التدخلات الخارجية، الاقليمية والدولية .
وفي اجواء الازمة المتصاعدة بين الطرفين يتردد العديد من الاصوات النشاز؛ فهذا يدعو الى حرمان الاقليم من حصته في الموازنة، ويتحمس لاتخاذ اجراءات عقابية بحقه ما لم يرضخ، وذاك يهدد بقطع تدفق المياه ومنع التجارة ومرور البضائع من دول الجوار، وغير ذلك من ردود الفعل المتشنجة.
ورغم ان هذه المواقف والتصريحات غير المتوازنة ليست الا تهديدات غير واقعية، وغير قابلة للتحقيق، وتصب الزيت على نار الاختلاف، وتؤجج نوازع التعصب والفرقة، ومع انها قوبلت من طرف الجهات الرسمية لدى الطرفين، بالنفي والتنصل منها، الا انها تركت من غير شك آثارها، وكان لها مردودها المؤذي والسيئ والضار على الرأي العام الشعبي. وان ما يحصل يحمّل في الوقت ذاته المتطرفين مسؤولية سياسية واخلاقية كبيرة، في تنمية الاحقاد واثارة الضغائن والنعرات العنصرية والشوفينية من جهة، ويفضح من الاخرى حقيقة مواقفهم، ادركوا ذلك ام لا، وهم يبررون ويزكون سياسات نظم الاستبداد والديكتاتورية، وممارساتها القمعية الوحشية في " العقاب الجماعي " للشعب، لاجبار "الخصم" المزعوم على تحقيق غاياتها غير االمشروعة.
ان التأجيج العنصري الشوفيني لا ينسجم على طول الخط مع الشرعية الدستورية، ولا مع قيم العدالة وحقوق الانسان والديمقراطية، ولا يساعد على تحقيق الامن والاستقرار، ويتنافى مع القانون والشرائع.
ولتجنب تفاقم الوضع وانزلاقه الى ما هو اخطر لابد من قطع الطريق على اصحاب الخطاب المتطرف ولجمهم، والحاق الهزيمة بخططهم الشريرة، ولا بد من ان تعمل القوى الوطنية المخلصة على دحر اطروحاتهم المفرقة والمؤذية، والتحذير من الانسياق وراءها .
وان الظروف التي يمر بها بلدنا، وانعكاسات ما يجري في دول الجوار على اوضاعه الداخلية، تحتم حل المشاكل العالقة بين المركز والاقليم بروح الحكمة والعقلانية، عبر الحوار البناء والجاد والمسؤول، واستنادا الى احكام الدستور، ووفقا للقانون والاعراف والتقاليد المعترف بها في القانون الدولي والمبادئ الانسانية، وبما ينسجم مع مصالح الشعب العليا، وتطلعاته للسلام والبناء والتقدم، وتعزيز الوحدة الوطنية، ودحر الارهابيين ومشاريعهم الدنيئة .