في الذكرى الحادية عشرة للتاسع من نيسان / الاربعاء 9 نيسان 2014 : آن أوان الإصلاح والتغيير !

تحل الذكرى الحادية عشر لغزو العراق وسقوط النظام الدكتاتوري، وبلادنا لا تزال تعيش احوالا مضطربة، وشعبنا تعتصره مشاعر الاحباط وتبدد الآمال في مستقبل افضل، التي اطلقها التغيير والتحرر من القبضة الدموية لنظام صدام حسين الاستبدادي الشمولي.
وطبيعي ان تطرح في هذه المناسبة تساؤلات مشروعة من قبل مواطنينا، المحاصرين بأزمة سياسية متواصلة ومتفاقمة باتت تنذر بتفتيت الوطن واحتراب ابناء الشعب، وبعمليات ارهابية تحصد ارواح العشرات منهم يومياً، رغم ان تعداد قواتنا المسلحة يزيد على مليون وثلاثمائة الف، وبطوق فساد مستشرٍ في مفاصل الدولة يبتزهم ويستنزف المال العام ويمنع البناء والاعمار.. تساؤلات عن كيف آلت الأمور إلى ماهي عليه ؟ وهل كانت وعود التغيير زائفة، أم انها اجهضت على ايدي من تسنموا مقاليد الحكم وتقاسموا سلطاته وامتيازاته ؟
قبل العام 2003، بيّن حزبنا ان الشعب والوطن تطحنهما ازمة شاملة وعميقة لا مخرج منها إلا بتغيير النظام الدكتاتوري الحاكم. ودعا وعمل على تغيير ذلك النظام ومن اجل مشروع وطني ديمقراطي، مستنداً إلى كفاح شعبنا وقواه واحزابه الوطنية والديمقراطية. إلا ان توحيد جهود قوى المعارضة تعثرت لاسباب عدة، كان من اهمها ترسخ الاستقطاب في صفوفها ارتباطا بالموقف الأمريكي الساعي لاحداث تغيير في العراق. فيما ادى النهج الدموي للنظام البائد، وصعوبات تنظيم الرفض الجماهيري المتسع، والتدخلات الخارجية في شؤون المعارضة ومساعي التأثير على قواها، إلى اشاعة القنوط والجزع في صفوف اقسام واسعة منها، ودفعها إلى المراهنة على العامل الخارجي لاسقاط الدكتاتورية عن طريق الحرب، والمراهنة عليه.
وقد نبه حزبنا مبكرا الى المحاذير التي ينطوي عليها خيار الاعتماد على القوى الخارجية في احداث التغيير وبالتدخل العسكري. فخيار الحرب مرفوض لاعتبارات مبدأية واخلاقية وسياسية، نظرا الى ما يسببه من خسائر بشرية ودمار وخراب للبلاد، والى ما يترتب عليه من احتلال وحكم عسكري يفرض ارادته ومصالح من يقفون وراءه، ولا يأتي بالديمقراطية. وعبّر حزبنا عن موقفه هذا من خلال عدم المشاركة في مؤتمر المعارضة الذي انعقد في لندن، وعبر المساهمة في الحملة العالمية ضد الحرب على العراق تحت شعار "لا للحرب... لا للدكتاتورية ". كذلك بدعوته إلى الاستعانة بالدعم الدولي النزيه المستند إلى قرارات الامم المتحدة، خصوصا القرار رقم 688 لسنة 1991 الداعي الى احترام حقوق الانسان في العراق. واقترن رفض الحزب خيار الحرب بالعمل الحثيث على جمع جهود القوى والأحزاب الوطنية لاقامة تحالف وطني واسع، والتوجه نحو استنهاض القوات المسلحة، ونحو استحصال الاسناد الخارجي بالاستناد إلى الشرعية الدولية، كي ينجز العراقيون التغيير بايديهم.
وفيما تصاعدت الاستعدادات لشن الحرب على العراق، اكّد الحزب ان اسلوب تغيير النظام وطبيعة القوى التي تقوم بذلك، يلعبان دورا اساسياً في تحديد وتقرير شكل البديل الذي سينشأ في البلاد، وطريقة تعامله مع قضايا الشعب الملحة.
اننا اذ نعيد التذكير بهذه الاحداث والتطورات والمواقف، التي سبقت الحرب على بلادنا ومهدت لشنها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية دون تفويض دولي، ليلة 20 آذار 2003، وسقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري في 9 نيسان 2003، فلكي نبين الجذور والنواتات الأولى التي اسست للتعقيدات والأزمات، التي تواجهها عملية انتقال بلادنا من الاستبداد إلى الديمقراطية واقامة وترسيخ البديل الوطني الديمقراطي. فالحرب التي اسقطت الطاغية ونظامه، جاءت بالاحتلال وطرحت امام شعبنا وقواه الوطنية مهمتي انهاء الاحتلال واستعادة السيادة، ووضع العراق على طريق التطور الوطني الديمقراطي.
وما زاد الأوضاع تعقيدا بعد السقوط ، الانهيار في بنى الدولة شديدة المركزية التي كان يهيمن عليها الحزب الحاكم، وسماح قوات الاحتلال بنهب وتدمير مؤسسات الدولة، وتخريب البنى التحتية، وتسريع حل وتفكيك المؤسسات التي تمثل عماد الدولة الوطنية، مثل الجيش، الامر الذي اشاع في البلاد حالة من الفوضى العارمة، هددت بالعصف في كيانها. وهذا ما دفع حزبنا وانطلاقا من شعوره بالمسؤولية ازاء مصائر البلاد، وادراكه ضروة حشد وتوحيد جميع الجهود الوطنية، من اجل تحقيق المهام الوطنية والديمقراطية واستعادة السيادة الوطنية واعادة بناء ا?دولة على اسس ديمقراطية ، للدعوة إلى عقد مؤتمر وطني واسع وتشكيل حكومة موقتة تتولى ادارة شؤون البلاد وانجاز المهام الوطنية الملحة. ولو كانت هذه الخطوة قد تحققت، لاسهمت في اعادة رسم المسار اللاحق للاحداث والتطورات، ولجنبته الكثير من عناصر الاعاقة والتأزم والفشل، التي لازمت الانتقال نحو الديمقراطية الحقة ولا تزال، والذي هو جوهر العملية السياسية التي انطلقت آنذاك.
وقد اجتمع عاملان في عرقلة هذا المسعى، وتفويت فرصة تاريخية على القوى الوطنية العراقية للأمساك بزمام امور البلاد. الاول هو رغبة الولايات المتحدة وبريطانيا في اعلان وتكريس سلطة الاحتلال باستصدارهما القرار 1483 في ايار 2003 ، وثانيهما هو تغليب الأطراف السياسية العراقية مصالحها الحزبية والفئوية الضيقة على المصلحة الوطنية العليا، والنزوع الى الهيمنة والزعامة لدى بعضها ، بجانب غياب الارادة المستقلة لدى البعض الآخر. وكانت تلك محطة تاريخية اخرى، اسست في تداعياتها للكثير من مواطن الخلل والفشل، اللذين نعاني من آثارهما اليوم.
ولعل من اخطر البذور الخبيثة، التي تسربت إلى بناء العمل العراقي المعارض للدكتاتورية اوائل تسعينيات القرن الماضي، والتي نمت واستفحلت آثارها المدمرة لاحقا، بعد السقوط، عندما تكرست في العملية السياسية والنظام السياسي وبناء الدولة ومؤسساتها، اعتماد التصنيف والتمثيل على اساس المكونات والانتماءات العرقية والطائفية، عوضا عن البرامج والمناهج والمشاريع الفكرية- السياسية ومبدأ المواطنة.
فبعد التغيير، وليس بمعزل عن دعمٍ وحثٍ من الأطراف السياسية العراقية المتصدرة والنافذة، اعتمدت سلطة الاحتلال مع تشكيل مجلس الحكم مبدأ المحاصصة الاثنية والطائفية في بناء مؤسسات الدولة الجديدة. وقد تواصل هذا النهج وتعمق لاحقا، بعد استعادة السيادة وتشكيل الحكومات المتتابعة حتى يومنا هذا.
واليوم ونحن نستقبل الذكرى الحادية عشرة للتغيير، ونستعرض المسيرة الماضية ونقف عند اخفاقاتها الكثيرة ونجاحاتها المحدودة، نستخلص بدرجة عالية من الثقة والموثوقية استنتاجا رئيسيا مفاده، ان التجربة التاريخية حكمت بالفشل على نظام ادارة البلاد وفقا للمحاصصة الاثنية والطائفية، وان لا مخرج لأزمات البلاد ولا تصويب لمسار عملية التحول الديمقراطي، إلا بنبذ هذا المبدأ وهذا المنهج لصالح بناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، وتحقيق مشاركة وتمثيل سائر ابناء شعبنا بقومياته ودياناته ومذاهبه وانتماءاته ومعتقداته المختلفة،على اساس البرامج السياسية وفي اطار العراق الديمقراطي الاتحادي الموحد.
وان خير من يحمل مشروع الاصلاح والتغيير لانهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وما جره على البلاد من ازمات متوالية وعدم استقرار وغياب للامن وفساد واخفاقات ، هو المشروع الذي تحمله قائمة التحالف المدني الديمقراطي.. القائمة التي يجب ان تتوحد الجهود وتتصاعد لحشد الاصوات لمرشحيها في عموم العراق.