العدد 15 السنة 86 الثلاثاء 20 تشرين الأول 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1

كتب المحرر السياسي

لنجنب بلدنا

المزالق الخطرة

من العبث بمكان ان يصر البعض على تعطيل حركة التغيير، ووضع العصي الغليظة في دواليبها. فمنذ فترة غير قصيرة وبعد مخاضات عسيرة وضحايا وشهداء، جرى التوصل الى خلاصة مفادها ان استمرار الحال من المحال، وذلك ما أكدته انتفاضة تشرين ٢٠١٩.

وتحصل الاعاقة من طرف مجاميع مختلفة متعددة المشارب، لكنها تلتقي في شيء مشترك واتفاق ضمني على التمسك بنهج ثبت فشله مئات بل والاف المرات.

فنهج منظومة المحاصصة والفساد هو السبب الارأس لما نحن فيه من تدهور يتفاقم على صعد مختلفة، حتى لتبدو الدولة بمختلف مؤسساتها وسلطاتها، لا حول لها ولا قوة امام طغيان وتغوّل هذه المنظومة التي تتعشق وتتماهى مع فوضى السلاح، ومع مجاميع لا تقيم وزنا ولا احتراما للدستور، وان ادعت عكس ذلك. وهي وتريد مصادرة العمل السياسي السلمي وحرية التعبير، وممارسة تكميم الافواه تحت عناوين وذرائع متعددة، لا تصمد كثيرا امام المحاججة الجادة.

ان على الوطنيين والمخلصين ان يدركوا مبكرا ان ولوج هذا الطريق او السكوت عنه او التماهي معه او التشجيع عليه باي شكل من الاشكال، هو المعول الذي سيهدم الدولة، ويشيع الفوضى وعدم الاستقرار وحالة اللادولة، وفِي نهاية المطاف سيعم شره على الجميع. فلا رابح في هذا الطريق على الاطلاق، والوطن والشعب هما الخاسران الاساسيان.

ان تجربة بلادنا تقول ان على القوى والأحزاب الوطنية ان لا تندفع وتركض وراء مكسب آني وقتى ملغوم، وان لا تتنفس الصعداء اذا ما لحق ضيم باحدها، وان لا تجد المبررات له، او تطأطأ راسها حتى تمر العاصفة. فالعاصفة راجعة اليها، وهذا ما تقول به التجربة العراقية، خاصة في فترة حكم الدكتاتور المقبور الذي شمل ببطشه الجميع.

نقول هذا ونحن نشهد ممارسات لم ينزل بها من سلطان، وتريد ان تفرض فهمها للعمل السياسي وتصادر حرية الاختلاف وتسعى الى تنميط التصرف والسلوك.

لكن مثل هذه الممارسات، كذلك تقزيم الديمقراطية، ومصادرة حق الأحزاب السياسية في العمل القانوني السلمي، وازدراء العمل الحزبي، لن يفضي الا الى بقاء الدولة اطارا شكليا، منخورا من داخله، لا يغني ولا يسمن من جوع. 

ان التحذير واجب في مثل هذه الظروف الحرجة والمقلقة، والحاجة قائمة الى جهد مركب لوقف هذا التداعي الخطير، الذي ان تمسك المسؤولون عنه بمواقفهم، فالكارثة محدقة.

ان جهدا مجتمعيا وسياسيا مطلوب لردع هذه التوجهات الضارة ووأدها في المهد، والعمل بكل الوسائل القانونية والدستورية للحؤول دون استفحالها. فالمخاطر تتطاير منها في مختلف الاتجاهات، وليس من احد في مامن منها.

 وان تجربة بلادنا تقدم العديد من التجارب المفيدة والدروس الغنية التي تمس الحاجة الى التمعن فيها، بما يضمن تجنيب بلدنا المزيد من حالة الفوضى واللااستقرار وتضييع الفرص وهدر الأموال ومفاقمة معاناة المواطنين.

**************

وفد من الشيوعي العراقي يلتقي رئيس الجمهورية

بغداد – طريق الشعب

قابل وفد من الحزب الشيوعي العراقي  برئاسة سكرتير اللجنة المركزية الرفيق رائد فهمي، يوم الاحد 2020/10/18، السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في مكتبه الرسمي ببغداد.

وتداول الجانبان في اللقاء الآراء والمعلومات في شأن اوضاع البلاد الراهنة الصعبة ومستجداتها وآفاق تطوراتها، وأوليا اهتماما خاصا لاحداث الآونة الاخيرة التي زادت الاجواء توترا وتأزما.

وجرت الاشارة في مجرى الحوار الى تزايد عجز المنظومة السياسية القائمة في البلاد عن التصدي لمهمات حماية أمن المواطنين، والاستجابة لمطالب الشعب المشروعة، وتأمين العيش الكريم لابنائه.

وأظهر التداول ايضا اتفاق وجهات نظر الطرفين في شأن الاسراع في تأمين مستلزمات اجراء الانتخابات المبكرة المقبلة، بما يضمن اسهامها في اخراج البلاد من الطريق المسدود الذي حُشرت فيه، وفي تجاوز الازمة الشاملة الخانقة المطبقة عليها.

وفي السياق اكد الجانبان ضرورة التشاور الدائم بين القوى السياسية والمجتمعية الحريصة على شق طريق الخلاص امام البلد، وتلبية المطالب العادلة الملحة التي ترفعها الحركة الاحتجاجية وجماهير الشعب، واتفقا على اتخاذ خطوات ملموسة على هذا الطريق.

هذا وضم الوفد ايضا الرفاق مفيد الجزائري وجاسم الحلفي وشميرانمروكل وحيدر مثنى، اعضاء قيادة الحزب.

*************

راصد الطريق

الى متى استنزاف أموال الشعب؟

من جديد الى ملف شركات الهاتف النقال. فالنائب محمد شياع السوداني اعلن ان رئاسة محكمة استئناف بغداد – الكرخ الاتحادية بصفتها التمييزية “ردت الطعون التمييزية، ما يعني الاستمرار في تنفيذ الامر الولائي الخاص بإيقاف تجديد تراخيص شركات الهاتف النقال، وانه أمر صحيح وموافق للأصول واحكام القانون”.

من جانبه قال النائب علاء الربيعي ان هذه الشركات “ لم تسدد ما عليها من ديون “مبيّنا ان “ قطاع الاتصالات مهم ولكن تمت اضاعته من قبل الفاسدين”.

من حقنا كمواطنين ان نتساءل: من المسؤول عن هذا الملف الشائك والملغوم؟ ومن يا ترى يقف وراء عدم استيفاء الديون من الشركات؟ وهل من الجائز مكافأتها بتجديد التراخيص لها؟ 

تساؤلات ملحة موجهة الى هيأة الاعلام والاتصالات والحكومة ومجلس النواب وهيئة النزاهة، وهي ملزمة بالاجابة عليها، في الوقت الذي تعجز فيه الحكومة عن توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين وغيرهم!

****************

الناخبون يعيدون اليسار الى السلطة في بوليفيا

اعاد الناخبون في بوليفيا انتخاب اليسار في الانتخابات المنتهية لتوها هناك، وارجعوه بقوة الى سدة الحكم في البلاد. فوفق النتائج الأولية فاز مرشح “الحركة من اجل الاشتراكية” في الجولة الاولى للمعركة الانتخابية، وبفارق كبير. والحركة الفائزة هي حزب الرئيس اليساري السابق موراليس، الذي اجبره العسكر الانقلابيون قبل سنة على الاستقالة من منصبه. وقد اعترفت رئيسة حكومة الانقلاب بالهزيمة وهنأت مرشح اليسار الفائز عبر تويتر. وستعلن الاربعاء المقبل النتائج التفصيلية لهذا الانتصار، الذي اكد مجددا قدرة مشروع اليسار المنطلق من مصالح الأكثرية، على مقاومة التآمر والانقلابات.

******************

ص2

اضاءة

“ولاية بطيخ”

محمد عبد الرحمن

قرأت باهتمام  اصل المثل الشعبي العراقي “ولاية بطيخ” ونصه الآخر “ولاية بطيخ .. خو مو ولاية طبيخ!”. ومع ان الكثيرين من العراقيين يعرفون بالتأكيد معناه ومغزاه، رأيت هنا ان انقل باختصار قصته، كما ذكرها احمد بن يحيى التلمساني الذي قال:

قال ابن المبارك : كان فرعون عطارا في اصبهان ، فأفلس وركبه الدين ، فخرج منها هاربا من الدين ، فأتى الشام فلم تستقم حاله ، فجاء الى مصر فرأى على باب المدينة حمل بطيخ ، فسأل عن سعره  ، فقيل له : هذا بدرهم ، فقال من ها هنا أقضي ديني. فأشترى حملا بدرهم ، واتى باب المدينة ، فنهبه البوابون ، فما بقي منه الا واحدا فباعه بدرهم ..

فقال ما هذا ؟ أما ها هنا من أحد ينظر في مصالح الناس؟

فقالوا له : ملكنا مشغول بلذاته ، وفوّض الأمور الى الوزير ، وهو لا ينظر في شيء. فخرج فرعون الى المقابر فجعل لا يمكّن أحدا من الدفن الا بخمسة دراهم. فأقام على ذلك مدة لا يعترض له أحد ، فماتت بنت الملك ..

فقال: هاتوا خمسة دراهم !

فقالوا : ويحك هذه  بنت الملك ..

فقال : هاتوا عشرة دراهم ..

فلم يزل يضعفها الى مائة درهم ، فاخبروا الملك بحديثه .

فقال من هذا ؟

فقالوا : عامل الأموات ..

فارسل الملك الى الوزير سائلا عنه فانكر حاله ، فارسل اليه الملك وقال له من انا ؟ فاخبره بخبر البطيخ .

وقال : ما عملت عامل الأموات الا ليصل اليك خبري وتحضرني ، فأنصحك لتستيقظ لنفسك، ولتحفظ ملكك والا ذهب منك ، فاستوزره وقتل الوزير . وبعد موت الملك صار ملكا .

وتروى قصة المثل بوجه آخر أشار اليه كتاب الامثال البغدادية للشيخ جلال الحنفي، حيث كان في أواخر العهد العثماني شيخ عشيرة يسمى “بطيخ” وقد اخذ يفرض الاتاوات على من يجتاز منطقته ولا احد يحاسبه. فقيل هذا المثل الشائع في بلدنا العراق.

واليوم يتداول الناس العبارة او المثل “ولاية بطيخ” للإشارة الى واقع معين  تحكمه الفوضى والفلتان وغياب القانون “والدنيا صايره هيته”.

يقال ان الامثال تضرب ولا تقاس ، لكن كم ينطبق هذا المثل الشعبي القديم على حال بلدنا اليوم ؟

 لا نريد لبلدنا ان يكون “ ولاية بطيخ “ فدعونا نأخذ من المثل جانبه الآخر ، بما يفيد المراجعة والتمعن والسعي لاصلاح الحال قبل فوات الأوان ، والأوْلى ان يفعل ذلك  المواطنون  لا سيما الحريصون على وطنهم ومستقبله!

*****************

المكتبان السياسيان للشيوعي العراقيوالشيوعي الكردستاني - العراق:

نتطلع الى تطبيع شاملفي سنجار

تابعنا باهتمام كبير التطورات ذات العلاقة بتطبيع الأوضاع في سنجار وتوقيع اتفاقية في هذا الشأن بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.

وبودنا الاشارة الى اننا أيدنا دوما إعادة الأوضاع الطبيعية في سنجار، وانصاف الضحايا من اهل المنطقة وتعويضهم، واطلاق حركة البناء والاعمار فيها،  وابعاد هذا كله عن التجاذبات السياسية والتدخلات الخارجية، وحل الأمور لما فيه مصلحة مواطني سنجار خصوصا الايزيديين منهم، وبما يخفف من جراحهم وآلامهم  ومعاناتهم.

وكان المفترض ان يبدأ هذا كله غداة تحرير المنطقة من رجس داعش الإرهابي، وان تنعم بالأمن والاستقرار، وتؤمّن العودة السريعة للنازحين والمهجرين، وتتواصل الجهود لتخليص المعتقلات والمعتقلين من قبضة الإرهاب الداعشي.

ونحن اذ نرحب باية خطوة جادة لتحقيق المذكور أعلاه، وهو آني وملح، نرى:

• وجوب الاعراب عن التقدير والشكر والتثمين العالي لكل الجهات والفصائل والمواطنين الذين ساهموا  في التحرير، وقدموا  لأجله شهداء وتضحيات جسيمة اخرى. ويفترض بعد انجاز هذا،  وأسوة بالمناطق الاخرى، ان تنسحب جميع التشكيلات المسلحة من هذه المنطقة، وتعود الإدارة كاملة الى الدولة والحكومة الأتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان وأهالي سنجار، وان تتم تهيئة الأجواء المناسبة لحل الإشكالات وفقا للدستور الاتحادي ومواده ذات العلاقة.

• ان اعادة الامور الى وضعها الطبيعي تستلزم حوارات بناءة تشمل الأطراف كافة، والتوصل الى حلول غير مؤقتة تسهم في معالجة ناجعة للإشكاليات التي تعاني منها المنطقة، وفي قطع الطريق على التدخلات الخارجية كافة، وان يتحقق تطبيع شامل له صفة الديمومة.

• وجوب  ان تكون  الأولوية للعودة الطوعية لنازحي سنجار، ممن قضوا اكثر من ست سنوات في المخيمات، داخل الإقليم وخارجه.

• ان هذه العودة تتطلب توفير المستلزمات الضرورية لضمان أمن وسلامة عودة النازحين وحمايتهم، وتقديم المساعدات المالية اللازمة لهذا الغرض، والتفكير الجدي في توفير السكن اللائق لهم.

• ضرورة تأمين الشفافية وتكافؤ الفرص لكل الايزيديين عند اختيار العدد المطلوب للتشكيلة العسكرية، المزمع تكوينها وفقا للاتفاقية  كي تتولي مهمة حفظ الامن داخل المدينة وتوابعها.

• ضرورة التعاون والتنسيق واخذ رأي السكان المحليين ومختلف الأطراف، عند التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم في شأن اختيار المهام الإدارية ومنها القائمقامية، التي تمس الحاجة لإسنادها الى شخصية مستقلة كفؤة تحظى بقبول عام، كذلك اسناد الوظائف الأخرى بعيدا عن الحزبية الضيقة.

• ان يتم ابعاد الصراعات والتجاذبات الحزبية عند معالجة مسألة تطبيع الوضع، وعدم استخدام الورقة الايزيدية كأداة لتحقيق أجندات سياسية، سواء ما يخص الايزيديين وتشكيلاتهم الحزبية والسياسية او مع الاطياف الأخرى.

• انشاء صندوق خاص لإعادة إعمار سنجار بمشاركة الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم  والجهات الدولية الداعمة، وبمشاركة المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

• الاقدام على مزيد من الخطوات لتحقيق العدالة  وتطبيق القصاص العادل  بكل المجرمين، الذين اقترفوا وشاركوا مع داعش في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية (الجينوسايد) ضد الايزيديين.

وفِي هذه المناسبة نجدد تضامننا الكامل مع مطالب أهالي المنطقة، وندعو الأطراف كافة لتحقيق الامان والاطمئنان والعيش الرغيد لهم، والسعي الجاد للكشف عن مصير المختطفات والمختطفين من قبل داعش المجرم.

 

17 - 10 – 2020

***********

أغلقوا بوابة سايلو الصويرة

فلاحو شمال واسط يتظاهرون مطالبين بمستحقاتهم

الكوت – شاكر القريشي

خرج العشرات من ممثلي الجمعيات الفلاحية والمزارعين من أبناء محافظة واسط، أول أمس الأحد، في تظاهرة جماهيرية طالبوا فيها بصرف مستحقاتهم المالية عن محاصيل الحنطة والشعير والذرة الصفراء للموسمين الماضي والحالي.

وتجمع المتظاهرون أمام بوابة سايلو الصويرة، وسط حماية أمنية مشددة، معربين عن قلقهم من “تجاهل” وزارتي التجارة والمالية، حقوقهم.

واستقبل مدير السايلو، جبر محسن الركابي ومعه آمر فوج طوارئ قضاء الصويرة العقيد حيدر الزبيدي، المتظاهرين.

وشدد المتظاهرون اثناء لقائهم مدير السايلو، على ضرورة محاسبة الجهات المقصرة في حق الفلاحين، والتي تستغل مستحقاتهم المالية لمصالحها الشخصية.

 والتقت “طريق الشعب”، التي كانت حاضرة في التظاهرة، بالفلاح والناشط المدني أحمد سلمان جراح الكلابي. وقد حدثها عن معاناته وأقرانه بسبب الظرف الاقتصادي القاسي، والتزاماتهم العائلية، والديون التي في ذممهم من مصاريف الزراعة، مشيرا إلى أن تأخر تسليمهم مستحقاتهم سيضيف عبئا آخر على وضعهم المعيشي الصعب، خاصة أن موسم الزراعة الشتائي على الأبواب.

وأغلق المتظاهرون وبرفقتهم اللجنة التنسيقية لتظاهرات شمال واسط، بوابة السايلو، ممهلين الجهات المعنية ثلاثة أيام لتسديد مستحقاتهم، وبخلاف ذلك سيضطرون إلى التصعيد وتنظيم اعتصام مفتوح في جميع الأقضية والنواحي.

************

ص3

لجنة حكومية للتحقيق في احداث الانتفاضة

تظاهرات في واسط والناصرية تطالب بمحاسبة قتلة المتظاهرين وكشف مصير المختطفين

بغداد - علي شغاتي

شهدت واسط وذي قار، مؤخرا، تظاهرات شعبية جديدة طالبت بمحاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير المختطفين والمغيبين. وأتت هذه التظاهرات بالتزامن مع إعلان الحكومة عن تشكيلها لجنة ضمت ٥ قضاة للتحقيق في أحداث القتل والشروع بالقتل التي رافقت الانتفاضة وطالت آلاف المتظاهرين، فضلا عن عمليات الخطف والترهيب.

واسط تطالب بمحاسبة الجناة

في محافظة واسط، تظاهر عدد من المواطنين وسط مدينة الكوت للمطالبة بمحاسبة قتلة المتظاهرين.

وقال مراسل “طريق الشعب”، في المحافظة، إن “العشرات من المحتجين، تظاهروا وسط مدينة الكوت للمطالبة بكشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين، والإسراع بالكشف عن مصير المغيبين والمختطفين خلال الفترة الماضية”، مؤكدين “استمرار التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، لحين الاستجابة لمطالبهم المشروعة بمحاسبة من ارتكب هذه الاعمال الاجرامية”.

مطالبة بالكشف عن مصير سجاد العراقي

من جانب آخر، تظاهر المئات من المعتصمين وسط ساحة الحبوبي، مركز الاعتصام الرئيسي في الناصرية، للمطالبة بإطلاق سراح الناشط المدني المختطف سجاد العراقي.

وحمّل الناشط المدني حسين علي، في حديث لـ” طريق الشعب”، القوات الامنية “مسؤولية التأخير بالكشف عن مصير العراقي، من خلال تقاعسها عن أداء واجباتها بتنفيذ مهمة تحريره رغم امتلاكها معلومات كافية عن الجهة الخاطفة، ومكان تواجدها، لكن تقاعسها عن أداء واجبها، سهّل الطريق امام الخاطفين لإخفاء أثرهم”.

وأكد علي، إن “الجميع مقصر في القضية بدءًا من قائد الشرطة في المحافظة، والمحافظ، وصولا لوزير الداخلية ورئيس الحكومة، الذين عجزوا عن ايجاد سجاد، أو اعتقال خاطفيه”.

الحكومة تشكل لجنة تحقيقية

الى ذلك، أعلن المتحدث باسم الحكومة أحمد ملا طلال، عن توقيع الأمر الديواني الخاص بأحداث تشرين.

وقال طلال في تدوينه عبر تويتر، تابعتها “طريق الشعب”، أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وقّع الأمر الديواني الخاص بتشكيل فريق تحقيقي بشأن أحداث تشرين، وما رافقها من سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى”، مبيناً، أن “اللجنة ضمت خمسة قضاة من رموز القضاء العراقي المشهود لهم بالكفاءة والعدالة، مدعومين بفريق من المحققين لترسيخ قيم العدالة”.

وفي السياق، أعلن المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء، إطلاق اعمال لجنة التحقيق في احداث انتفاضة تشرين.

وذكر المكتب في بيان، تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، ان “رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي التقى أعضاء لجنة تقصي الحقائق المشكّلة للتحقيق في أحداث تشرين من العام الماضي وما رافقها من سقوط ضحايا”.   

وأعتبر الكاظمي، بحسب البيان، تشكيل هذه اللجنة يمثل “إعادة لولادة قيم الدولة الساعية الى العدل والإنصاف، والتي تتعامل بمسؤولية مع حقوق شعبها”، مؤكداً، أن “تشكيل هذه اللجنة لا يهدف الى الثأر أو الانتقام بقدر ما يمثل موقفاً مسؤولاً من الدولة أمام دماء شعبها، وأن من تورط بدم العراقيين لابد أن يمثل للعدالة، ولا كبير أمام القانون”.   

لجنة تحقيقية جديدة؟!

من جهته، تساءل الناشط المدني علي النواس، عن مصير اللجان التحقيقية التي شكلت في السابق.

وأشار النواس، في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “خطوة تشكيل لجنة تحقيقية في أمر ما، هي بداية للتسويف والمماطلة، وفرصة لإفلات الجناة من العدالة”، مشيراً الى أن “الحكومة الحالية تنقصها الجدية بمتابعة هذا الملف”.

واضاف النواس، أن “أي لجنة تحقيقية لابد لها أن تحدد بمدة زمنية، تعرض على ضوئها نتائج تحقيقاتها، للرأي العام، وأن يأخذ القضاء على عاتقه متابعة تنفيذ العدالة”.

*************

تأكيدات: سلم أهلي مهدد

وانفلات سياسي أنتج عواقب وخيمة

بغداد - طريق الشعب

رأت المتحدثة باسم ائتلاف النصر، آيات مظفر النوري، مؤخرا، أن استمرار الخروقات الأمنية ومحاولة توظيفها سياسياً او عرقياً وطائفياً قد يؤدي الى فتح الباب لتهديد السلم المجتمعي الذي ضحى العراقيون من أجله، فيما تحدث محلل سياسي عن انفلات سياسي خطير يشهده البلد، وارتباط خارجي معلن للقوى السياسية التي تتلاعب بمصير البلاد.

قوى اللادولة ومشروعها

قالت النوري في تصريح صحفي اطلعت عليه «طريق الشعب»، إن «العراقيين أعطوا الكثير من الدماء في سبيل الحفاظ على السلم المجتمعي، لذا يجب أن نحاول الحفاظ على هذا النصر واستدامته».

وأضافت النوري «كما يبدو أن قوى اللادولة مصرة على مواجهة قوى الدولة من خلال سلوكها الصِدامي غير المباشر وخرقها للسيادة العراقية تارةً وعدم انضباطها تارةً أخرى، هذه التحديات الكبيرة تحتاج إلى قرار حازم لحسمها وعدم التسويف والمماطلة في تشكيل لجان تأخذ وقتاً طويلاً دون اتخاذ اجراءات رادعة»، مشددة على ضرورة «دعم الملف الاستخباري وتمتين العلاقة بين المواطن والقوات الأمنية لأنه يصب في صالح ردم الفجوة بين الناخب والعملية السياسية، إذ نحن مقبلون على انتخابات مبكرة نأمل أن تكون مخرجاتها على قدر المسؤولية في تحقيق الإصلاح السياسي».

انفلات سياسي خطير

من جانبه، أكد المحلل السياسي، محمد الزبيدي، أن العراق يعيش ’’ انفلاتاً سياسياً غير مسبوق’’، في ظل فهم مشوه لمعنى العمل السياسي والديمقراطية وحرية الرأي.

وقال الزبيدي في تصريح نقلته وكالات الأنباء، إن «العملية السياسية في العراق بعد 2003 أنشئت في ظروف استثنائية رافقها أخطاء جسيمة في محاولة للكثير من الأحزاب والقوى الهيمنة، ما جعلها تتقاطع وتتصارع من اجل مصالحها اولاً لتفرز لنا دستورا يعاني ما نسميه بـ(القنابل الموقوتة)، التي ساهمت في اضعافه خلال السنوات الماضية»، على حد قوله.

واضاف الزبيدي، ان «العراق يعيش بالفعل انفلاتاً سياسياً، غير مسبوق في ظل سعي أغلب القوى المتنفذة للسيطرة على مقاليد الدولة الاقتصادية، دون النظر لخطورة، ما تفعله لجانها الاقتصادية، في نهب خيرات البلاد ودفع أزمته الى حافة المجهولة»، مشيرا الى أن «هناك فهم مشوه لمعنى العمل السياسي والديمقراطية وحرية الرأي في البلاد».

واكد الزبيدي الى ان «التمويل الخارجي لبعض الأحزاب واضح وهو أمر معلن للرأي العام. ففي كل دول العالم يعتبر التمويل او الدعم الخارجي لأي حزب أو كيان سياسي خيانة لا يمكن القبول بها، لكن في العراق الأمر مغاير وهو يأتي في إطار المصالح وهذا ما يجعلنا في موقف ضعيف جدا لأن الدول الأخرى هي من تحرك».

واشار الزبيدي الى ان «حرية الرأي مقدس لكن على ان تكون ضمن ضوابط احترام الآخرين وعدم الإفراط بهيبة الدولة والاساءة لمرتكزاتها»، مؤكدا بان «ضعف تطبيق القانون يرجع بسبب المحاصصة والتسييس الحاصل للمؤسسات الحكومية منذ 17 سنة».

*******

ص4

توجه لاستجواب هيئة الإعلام والاتصالات

نواب: شركات الهاتف وشركات جباية الكهرباءتجني أموالا طائلة ولا تسدد ديون الدولة

بغداد - طريق الشعب.

تحدث نواب في البرلمان، مؤخرا، عن وجود توجه لاستجواب هيئة الإعلام والاتصالات بسبب عدم تسديد شركات الهاتف ديونها، فضلا عن قيام شركات لم تدفع أي مبالغ للدولة بجباية أموال الكهرباء لتحول هذا المورد المهم إلى جيوب الفاسدين.

استجواب هيئة الإعلام

كشف عضو لجنة الخدمات النيابية علاء الربيعي، عن وجود توجه داخل مجلس النواب لاستجواب هيئة الإعلام والاتصالات بشأن تجديد عقود شركات الاتصال، فيما أشار الى أن الشركات لم تسدد ما عليها من الديون.

وقال الربيعي في تصريح متلفز تابعته “طريق الشعب”، إنه “ما تم احالته من قبلنا الى رئاسة مجلس النواب هو استجواب لهيئة الإعلام والاتصالات وقد اكتملت ملفات الاستجواب واجراءاته الشكلية والقانونية”، مشيراً الى أن “تجديد تراخيص شركات الهاتف النقال وحده يكفي لاستجواب رئيس الهيئة”.

وأضاف النائب، أن “هيئة الإعلام والاتصالات ارتكبت مخالفات بشأن شركات الاتصال وآخرها كان تمديد عقود هذه الشركات التي لم تسدد ما عليها من الديون”، مبينا أن “قطاع الاتصالات مهم ولكن تمت اضاعته من قبل الفاسدين”.

وكان النائب محمد شياع السوداني، قد أكّد في وقت سابق، إن القضاء قرر استمرار ايقاف تجديد تراخيص شركات الهاتف ورد الطعون التمييزية.

وقال السوداني في تغريدة له، إن “رئاسة محكمة استئناف بغداد-الكرخ الاتحادية بصفتها التمييزية تصدر قرارها التمييزي بتصديق قرار قاضي محكمة بداءة الكرخ ورد الطعون التمييزية ما يعني الاستمرار بتنفيذ الأمر الولائي الخاص بإيقاف تجديد تراخيص شركات الهاتف النقال”.

شركات تسرق جباية الكهرباء

من جانب آخر، تحدثت عضو في لجنة الطاقة النيابية عن سرقة أموال جباية الكهرباء من قبل شركات “لم تدفع درهماً واحداً’’ للدولة.

وقالت النائب، زيتون الدليمي، في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “جباية فواتير الكهرباء، تم اعطاؤها لشركات متعددة وفق شروط مهمة جدا، منها تحويل الاعمدة إلى خطوط أرضية، واستخدام العدادات الذكية في احتساب صرف الطاقة المنزلية بالمناطق، ومن ثم تقوم هذه الشركات بجباية الفواتير، لكن هذا لم يحدث للأسف لأن الشركات لم تقم بأي صيانة او نصب للعدادات”.

واضافت أن “الشركات لم تسلم الدولة واردات الجباية والفواتير، بل كانت عنوانا للسرقة والنهب، ولم تلتزم بالشروط والتعهدات المفروض عليها”، مبينة أن “جباية الأموال لقاء خدمة الكهرباء يمكن ان تتحول الى مصدر مالي كبير لوزارة الكهرباء في تأمين الكثير من نفقاتها ودفع رواتب موظفيها من العقود”.

****************

خبير اقتصادي: خسائر كبيرة بسبب الأزمة وعدم تعظيم الإيرادات

وزير المالية يشيد بالورقة البيضاءونواب يعتبرونها مجرد إنشاء حكومي

بغداد - طريق الشعب

قال وزير المالية علي علاوي، أمس الأول، إن ورقة الإصلاح شخصت برؤية علمية وموضوعية المشكلات الاقتصادية والمالية التي تراكمت عبر عقود من الزمن في البلد، فيما اعتبرها نواب برلمانيون مجرد انشاء حكومي ولن تستطيع حل المشاكل الحالية. في حين أكد خبير اقتصادي تكبد العراق خسائر كبيرة خلال الشهور الماضية بإيراداته مقابل عدم فاعلية الأداء الحكومي تجاه تعظيم الايرادات.

وزير المالية يشيد بالورقة

ذكر علاوي في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، أن “ورقة الاصلاح شخصت برؤية علمية وموضوعية المشكلات الاقتصادية والمالية التي تراكمت عبر عقود من الزمن والتي لم تكن وليدة المرحلة الراهنة بفعل سياسات خاطئة اتبعت في السابق”.

وأضاف الوزير، أن “هذه المشكلات والتصدعات تحد حقيقي يمكن التغلب عليه أو تجاوزه بأسلوب التخطيط الاستراتيجي المبني على التحليل الموضوعي للواقع واستخلاص الأهداف الاستراتيجية كأولويات ملحة لمعالجة هذه المشكلات”، مبينا أن “ورقة الاصلاح حددت بجرأة عالية أهم القطاعات الانتاجية والاقتصادية والمالية وتوسيع مجال الاستثمار والارتقاء بالقطاع الخاص على المدى القريب للنهوض بها بسرعة دعما لتحسين الدخل وخلق فرص عمل لائقة ما سيقلل من معدلات البطالة والفقر في المجتمع”.

واكد على “انها ستعمل ايضاً على تفعيل المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني لدعم عجلة الانتاج ورفع مستوى الانتاجية التي يعول عليها كثيراً وخفض معدلات الاستهلاك”.

رأي آخر

من جانبها، حذرت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ندى شاكر، من ذهاب البلاد الى المجهول بسبب الديون الخارجية المتراكمة على العراق بسبب سوء الادارة.

وقالت شاكر في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “أحزاب العملية السياسية مشتركة في عملية الانهيار الاقتصادي في البلاد. والحكومة ملزمة باتخاذ تدابير حقيقية ومنها الاعتماد على أموال الاتصالات والمنافذ لحل الازمة الراهنة”.

واضافت، إن “الديون الخارجية المتراكمة على الحكومة بسبب سوء الادارة ستذهب بالبلاد الى مصير مجهول. كما أن الورقة البيضاء المقدمة لثلاث سنوات لن يكتمل تنفيذها وكان من المفترض ان تقدم حلولا سريعة لمعالجة الازمات الحالية”.

وفي ذات السياق، وصف النائب احمد الكناني، في وقت سابق، الورقة البيضاء للإصلاح المالي والاداري التي قدمتها الحكومة لمجلس النواب بانها إنشاء حكومي.

خسائر كبيرة

في المقابل، كشف الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، عن إيرادات ونفقات الدولة لغاية شهر آب من السنة الحالية، وكذلك الخسائر التي تكبّدها العراق خلال ثمانية أشهر فقط في سنة واحدة.

وقال المرسومي في تصريح نقلته وكالات الأنباء، إن “الإيرادات العامة لغاية آب من العام الحالي، بلغت 34.702 ترليون دينار، في حين أنها حققت 66.163 ترليون دينار خلال المدة ذاتها من عام 2019، أي أن العراق قد خسر 31.451 ترليون دينار من إيراداته العامة خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2020 وبنسبة انخفاض قدرها 52 في المائة”.

وأضاف، أن “الإيرادات النفطية حققت 31.916 ترليون دينار خلال ثمانية شهور من عام 2020، بينما كانت 61.147 ترليون دينار خلال المدة ذاتها من العام الماضي، بخسارة صافية تصل إلى 29.231 ترليون دينار خلال ثمانية شهور فقط، وبنسبة انخفاض بلغت 52 في المائة بسبب انخفاض أسعار النفط وتراجع صادرات العراق النفطية”.

وأشار المرسومي إلى أن “الإيرادات غير النفطية لم تزد على 2.786 ترليون دينار لغاية آب 2020، منخفضة من مستويات ذات الفترة من العام الماضي التي بلغت 5.015 ترليون دينار، وهذا يعني انخفاضا في الإيرادات غير النفطية بلغ 2.229 ترليون دينار وبنسبة انخفاض وصلت إلى 55 في المائة، وهذا مؤشر على عدم فاعلية الإجراءات الحكومية في تعظيم الإيرادات غير النفطية”، موضحا أن “الإيرادات الكمركية حققت 659 مليار دينار خلال الثمانية شهور الأولى من العام الحالي، بعد ما كانت 1.122 ترليون دينار خلال المدة ذاتها من العام الماضي، بانخفاض مقداره 463 مليار دينار، بسبب تراجع الاستيرادات العراقية وإغلاق الحدود بسبب جائحة كورونا”.

وبيّن أن “الإيرادات الضريبية بلغت 903 مليار دينار لغاية آب الحالي، في حين أنها كانت 1.695 ترليون دينار في نفس المدة من العام الماضي”.

وأكمل المرسومي، أن “حصة الموازنة من أرباح الشركات العامة وصلت إلى 532 مليار دينار، مرتفعة عن مستوى العام الماضي الذي بلغ 359 مليار دينار، بسبب زيادة حصة وزارة المالية من الأرباح من 40 الى 80 في المائة”، لافتا إلى أن “إجمالي النفقات العامة مع السلف بلغ 46.918 ترليون دينار لغاية آب 2020، في حين ارتفع المبلغ إلى 65.095 ترليون دينار خلال المدة ذاتها من العام الماضي، وهذا مؤشر على ترشيد المالية العامة في العراق نتيجة الأزمة المالية”.

*********

ص5

من دون “وساطة” ستظل تراوح في مكانك!

روتين دوائر الدولة يرهق المراجعين ويهد قواهم.. إلى متى؟

بغداد - ماجد مصطفى عثمان

أصبحت مهمة مراجعة الدوائر الحكومية العراقية، من أجل إنجاز معاملة ما، من المهمات المرهقة الشاقة. فالمراجع، مهما كانت معاملته بسيطة لا يستغرق إنجازها “جرة قلم” من موظف صغير، سيواجه روتينا قاتلا، وصعوبات إدارية تستغرق منه أياما، وأحيانا شهورا من المراجعات. 

وخلال فترة المراجعة، سيدور المواطن في متاهات لا يعرف أسبابها، ويظل يراوح في مكانه ما لم تنقذه الوساطات أو الرشوى، أو الرجاء والتوسل، وهذا قد ينفع أو لا ينفع!

ولا يستطيع المواطن التخلي عن مراجعة دوائر الدولة، سيما من أجل إصدار وتجديد بعض المستمسكاتالرسمية.وهو بعد مراجعته سيجد نفسه في طابور طويل مكتظ بالمراجعين، خاصة هذه الأيام مع تفشي وباء كورونا، الذي يحتم على الناس عدم التجمع احترازا من انتقال العدوى بينهم.

قاسم عبد الله، وهو متقاعد، يقول انه عندما يروج لمعاملة ما في دوائر الدولة، يضطر إلى الوصول للدائرة منذ الصباح الباكر، كي ينجز المعاملة سريعا، إلا انه “للأسف الشديد، نظل ننتظر حتى نهاية الدوام الرسمي. وهنا قد تنجز المعاملة أو تؤجل إلى اليوم التالي” – بحسب قوله.

ويضيف في حديث لـ “طريق الشعب”، أن هذا التأخير له أسباب عديدة، منها أن الموظف يستقطع من وقت العمل بين فترة وأخرى لإنجاز مهام شخصية، كتناول الطعام وتبادل الأحاديث مع زملائه أو تصفح هاتفه الشخصي.

فيما تذكر المواطنة أم علي، انها كانت قد راجعت إحدى دوائر التنفيذ التابعة إلى المحاكم لغرض حصولها على النفقة الشهرية، كونها مطلقة وأما لطفلين، وخلال ذلك تعرضت هي وحشد من المطلقات المراجعات إلى صعوبات وتعقيدات عرقلت من حصولهن على النفقة، التي الزمت المحكمة أزواجهن السابقين بدفعها.

وتلفت في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى أن “الموظفين يفكرون في راحتهم أولا، ثم في معاملات المراجعين، التي يبطئون إنجازها فيتم تأجيل الكثير منها ليوم أو أكثر”.

الطالبة هديل سلمان، تقول أن والدتها أرملة وعاجزة عن السير، وحينما أرادوا تحويل صفتها في البطاقة الشخصية من متزوجة إلى أرملة، طالبت الدائرة المعنية بحضورها شخصيا، وإن كان على كرسي متحرك، ما اضطرها إلى ذلك، مشيرة إلى أن “قسما من الموظفين يتعامل بأسلوب جاف مع المراجع، ولا يقدم له أدنى مساعدة، فيما يتعالى قسم آخر على المراجعين، وكأنهم أدنى منه مستوى، ما يعرض الكثيرين منهم إلى الغبن والظلم، حتى يجبروا على دفع الرشوى أو استدعاء شخص وسيط”.

من جانبها تقول الموظفة أم هدير، أنها تقدمت للحصول على قرض من أحد البنوك، فتمت مطالبتها بملء استمارة خاصة بالإدارة العامة، يتم إرسالها عن طريق البريد، كما طلب منها أن تحصل على تواقيع من الوزارة التي تتبعها دائرتها، مبينة لـ “طريق الشعب”، انها بعد أن جلبت التواقيع، تمت مطالبتها بالعودة إلى الوزارة لجلب صحة صدور للتواقيع، فقامت بتلبية الطلب، لتتفاجأ بعدها بمطالبتها بجلب صحة الصدور مجددا، وهذه المرة مع كفيل.

وتتابع أم هدير حديثها قائلة، أن “هذه الرحلة المكوكية انتهت بإجباري على دفع مبلغ 250 ألف دينار للموظفة التي تعمل في البنك، والتي أخبرتني بعد أن تسلمت الرشوى، ان الكفيل لم يعد ضروريا الآن!”.

ويتحدث المتقاعد طارق عبد الله، عن ظاهرة موجودة في دوائر الدولة، وهي المراجعة من خلال شباك صغير معنون بخط رديء، موضحا لـ “طريق الشعب”، أن “هذا الشباك كأنه وسيلة لإذلال المراجع، الذي يضطر إلى الانحناء وتمرير رأسه من خلال فتحة صغيرة ليتحدث مع الموظف!”.

إلى ذلك، يذكر المحامي شهاب العزاوي لـ “طريق الشعب”، أنه “عند مراجعة المواطن دائرة حكومية، سيواجه إجراءات غير مألوفة في العمل الإداري، وطرقا متشعبة لا جدوى منها، سوى الاضرار بمصالح الناس. فنلاحظ طلبات غريبة وتحويلات إلى دوائر أخرى وافتعال قضايا ليس لها محل في التعليمات الوظيفية العامة. فهي لا تعدو كونها اجتهادات من قبل الموظف، نابعة عن تفسيرات مغايرة لمجريات العمل الإداري”.

***********

مواساة

*تنعى محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي الرفيق عبيد كاظم خلف الخفاجي (ابو كريم) الذي وافاه الاجل بعد معاناة من المرض، والفقيد من المناضلين الذين افنوا زهرة شبابهم في النضال الوطني وعمل في صفوف الحزب منذ ستينيات القرن الماضي وظل وفيا لمبادئه وحزبه حتى ساعاته الاخيرة، للفقيد الذكر الطيب ولعائلته  الصبر والسلوان.

*تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في سوق الشيوخ الرفيق   ستار دلي  بوفاة شقيقه

ذياب دلي جثير،  للفقيد الذكر الطيب ولأهله الصبر والسلوان.

*فقدت الجالية العراقية في هولندا الشخصية الوطنية  العراقية والمحب لشعبه و وطنه والمشارك في الفعاليات التضامنية مع أبناء شعبة ضد الدكتاتورية والطائفية   المغفور له    جواد عبد الحسين الجواهري (ابو سلام).

باسم رفيقات ورفاق منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا نتقدم باحر  التعازي لعائلته واصدقائه  بهذا المصاب الاليم.

*تعزي محلية الرصافة الاولى للحزب الشيوعي العراقي الرفيق زاهر ربيع عضو مكتب المحلية  بوفاة والده، الذكر الطيب للفقيد وللعزيز زاهر والعائلة الكريمة جميل الصبر والسلوان.

***********

طرح جملة من المشكلات الخدمية

وفد شيوعي يزور مديرة بلدية بعقوبة

بعقوبة - محمود العزاوي

زار وفد من لجنة العلاقات الوطنية/ اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في ديالى، أخيرا، مديرة بلدية بعقوبة السيدة منى الشمري، في مكتبها الرسمي.

ونقل الوفد إلى مديرة البلدية، بعد أن استقبلته بحفاوة وترحاب، تحيات الحزب، متمنيا لها النجاح في مهامها الإدارية الخدمية.

ثم طرح هموم المواطنين في شأن تردي الخدمات. وقد أوجز الرفيق جليل إسماعيل، الذي رافق الوفد، مشكلات “حي أم النوة”، والمتمثلة في عدم تبليط شوارعه وطفح مجاريه.

السيدة الشمري، وكونها تبوأت هذا المنصب الإداري في الفترة الأخيرة، أشارت إلى أن مشكلة تردي الخدمات ليست جديدة، إنما هي نتاج تراكمات سابقة، مبينة أن معالجة الواقع الخدمي في بعقوبة بشكل عام، يتطلب أموالا، وأن البلدية تعمل بالممكن، من أجل معالجة بعض المشكلات.

 

إلى ذلك، ألقى الوفد الضوء على الواقع الخدمي المزري لسوق بعقوبة، من ناحية تردي الشارع وشبكات الصرف الصحي، فضلا عن فوضى الأكشاك العشوائية التي غطت على بعض المعالم، مثل المكتبة المركزية و”ثانوية الزهراء” و”ساحة جامع الفاروق”، مبينا أن اكتظاظ السوق بالأكشاك غير المنظمة، جعل المكان مكبا للنفايات.

هذا وطالب الوفد بتشجير بعض الجزرات الوسطية في شوارع بعقوبة.

***********

في كربلاء

قاعة رياضية جديدة دخلها الخراب قبل الرياضيين!

كربلاء - سلام القريني

أكثر ما يحلم به الرياضيون الشباب، هو أن تكون لديهم قاعة رياضية متكاملة، يمارسون فيها تمارينهم وألعابهم بدلا من الساحات الترابية العشوائية غير المستوفية لشروط السلامة، والتي يضطرون إلى اللجوء لها في زمن أهمل فيه القطاع الرياضي شأن القطاعات الأخرى!

بالقرب من “ساحة سعد” في حي المحاربين بمدينة كربلاء، المنطقة التي رفدت كرة القدم العراقية بالنجوم أمثال عماد محمد ومحمد عباس وهاشم رضا، وضع قبل سبعة أعوام حجر الأساس لمشروع بناء قاعة رياضية، وكان ذلك في احتفال بهيج.

وقتها تم تشييد أساسيات المشروع، لكن بعد ذلك اختفى المقاول والعمال أيضا، لينتهي المبنى إلى خراب محاط بالنفايات، ومأوى للكلاب السائبة.

لا نعلم، هل كتب على هذه القاعة الاندثار قبل أن ترى النور؟!

***********

ص6

التطبيع مع اسرائيل وحيرة النخبة السودانية

في التعامل مع الازمة الوطنية

الخرطوم - قرشي عوض

لا يشكل الخلاف الذي نشب اخيراً  وسط النخبة السودانية حول التطبيع مع دولة العدو الصهيوني، خلافاً فكرياً وسياسياً له جذوره في التربة السودانية. فقد ظل موقف اهل السودان ثابتاً الى جانب حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، الى ان جاء صعود الحركة الاسلامية الى السلطة متحزمة بالعروبة والاسلام. 

وقد تعاملت الحركة بهذه الكيفية  مع ازمة وطنية ناتجة في الاساس عن اختلالات في التنمية غير المتوازية، مما انتج فقراً ملوناً في بلاد تقوم تركيبتها السكانية على التنوع العرقي والثقافي والديني. حيث تعيش القومية التي تدعي الانتماء الى العروبة والاسلام في ما يعرف بمثلث التنمية او المثلث الذهبي الذي يشمل الخرطوم كوستي سنار، وعرف في عهد البشير باسم مثلث حمدي اول وزير مالية في تلك الحكومة، والذي طالب بتركيز التنمية في هذه المنطقة، حيث توجد المشاريع الزراعية المروية ودائرة الطرق البرية والحديدية التي تربط  وسط السودان بميناء التصدير. في حين تنحسر التنمية على ضآلتها عن كل اطراف السودان، التي تسكنها شعوب تقول عن نفسها انها افريقية، في بلاد عرفت التمازج بين الاجناس كما عرفت الاختلاف منذ اكثر من 6 الف سنة.

لذلك اسقطت المجموعات المتضررة من حكم النخب النيلية والوسطية سخطها على كامل المجموعة السكانية،  بل  وتمدد هذا السخط ليشمل مكونها الثقافي والديني والعرقي، والذي يعتقد البعض انه متوهم.

هذا الى جانب الاقليم الجنوبي ومنطقة جبال النوبة، اللتين عزلتهما سياسة المناطق المقفلة الاستعمارية.

لكل ذلك وجدت النظرية السياسية القائمة على صراع الحضارت ارضاَ خصبة في هذا الخلاف.  كما وجدت فيه السياسة الخارجية الامريكية ضالتها لتركيع دولة البشير، حتى تلتزم بتنفيذ كامل اجندتها في محاربة الارهاب والتعاون المخابراتي وتكوين قوة الافريكوم وتبنى سياسة السوق الحر. وسارعت الخارجية الامريكية الى تسمية الصراع في اقليم دارفور بانه صراع بين العرب المسلمين والافارقة ، كما وصفت سياسة الارض المحروقة التي اتبعتها حكومة البشير بانها ابادة تقوم بها المجموعة العربية الاسلامية ضد القبائل الزنجية الافريقية.

لكن حتى المجموعات النيلية والوسطية التي ظل التزامها ثابتا تجاه القضية الفلسطينية، وظل اليسار السوداني بشقيه العربي والماركسي ينظر اليها كقضية تحرر وطني ضد الامبريالية العالمية بقيادة امريكا، كما ظل ينظر الى اسرائيل كدولة زرعتها الرأسمالية في جسد المنطقة لتعويق حركات التحرر الوطني العربية ، ظهرت اتجاهات وسط الرأي العام تنظر الى القضية كفاتورة مكلفة ظل يدفعها الشعب السوداني مقابل تلقي القروض وغضب الشركات ومؤسسات التمويل  عليه. وتمدد هذا الاتجاه حتى  وصل الى حزب المؤتمر الوطني ابان اشتداد الازمة الاقتصادية، فنادى بعض النواب المحسوبين على الحزب بالتطبيع مع دولة اسرائيل حتى ترضى امريكا عنهم.  لكن الخارجية السودانية وقتها  اعلنت نفي اي توجه لها في هذا الخصوص. واكدت موقفها وموقف الشعب السوداني الى جانب الشعب الفلسطيني.

ويبدو ان  الموقف ذاته يتردد الان في سبيل البحث عن حل للازمة الاقتصادية، ظناً من دعاة هذا الاتجاه ان القروض والمعونات سوف تنهال على البلاد لمجرد الاعلان عن التطبيع. ويجد هذا التفكير صدى له في قمة السلطة ، فقد اكد البرهان رئيس مجلس السيادة عقب لقائه مع رئيس الكيان الصهيوني في (عنتبي)  انه سوف يطرق كل السبل من اجل رفاهية شعب السودان.

وهكذا فعند دعاة هذا الاتجاه العابر للمدارس الفكرية من يسار وسط وليبراليين وبعض الاسلاميين، ان حل الازمة الاقتصادية مرتبط  باموالتضخها امريكا في الخزينة السودانية، دون اي جهد تبذله الحكومة السودانية سوى القبول برفع العلم الاسرائيلي في الخرطوم، التي انعقد فيها ذات يوم مؤتمر اللاءات  الثلاث: لا سلام ولاتفاوض ولا صلح مع اسرائيل. وتستعد هذه المجموعات  للقيام بعمل دعائي كبير لحشد الدعم الشعبي لهذا التوجه، لدرجة الاعلان عن وفد من 48 شخصية يتأهب لزيارة اسرائيل، برئاسة نائب برلماني سابق كان على راس الدعوة في المجلس الوطني للتطبيع. وقد اعلنت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلي ذلك الاسبوع الماضي. كما ان نجمة داود المعكوفة ظلت تظهر على السيارات الخاصة، لكن لا احد يعيرها انتباهاً وسط ازمة الوقود المستحكمة والتي تجعل المواطنين يسهرون الليالي في الظلام.

************

القضاء المستقل يدين المتسلطين

أثينا: الحزب النازي منظمة إجرامية وقياداته الى السجن

رشيد غويلب

في السابع من تشرين الأول الجاري كان القضاء اليوناني على موعد مع إصدار احكام تاريخية عادلة، فبعد خمس سنوات ونصف من المحاكمات، في أربع قضايا، صدر الحكم بحق قيادة حزب “الفجر الذهبي” اليوناني النازي الجديد بالسجن لفترات طويلة. وسُجن رئيس الحزب نيكوسميتشالولياكوس لمدة 13 عامًا لقيادته “منظمة إجرامية”. وحُكم على قياديين آخرين في الحزب، وبضمنهم عضو البرلمان الأوروبي جيانيس لاغوس، بالسجن لفترات طويلة. وضم قفص الاتهام 67 متهما. وكانت الجرائم الرئيسة التي ارتكبها النازيون تشمل مقتل الفنان فيساس في 2013 والاعتداء على الصيادين المصريين والنقابيين الشيوعيين في عامي 2012 و2013.

وأدانت المحكمة يورغوسروباكياس، عضو الحزب النازي، وقاتل مغني الراب اليساري بافلوس فيساس في عام 2013. وبإصدار الحكم انتهت محاكمات قيادة الحزب وفق المعطيات المتوفرة حاليا.

وطعن المغني اليساري فيساس، 34 عامًا، حتى الموت على يد أحد أتباع الحزب النازي في 17 ايلول 2013. وكانت أسرته قد اتهمت قيادة الحزب بأنها أمرت بالقتل. ونفى ميتشالولياكوس مرارًا وجود أي صلة له بالقتل.

 وسيتم رفع الحصانة عن عضو البرلمان الأوروبي المدان لاغوس، بناء على طلب اليونان. وغادر لاغوس صفوف الحزب النازي قبل عام، وهو الآن نائب مستقل في البرلمان الأوروبي.

لقد كان حزب “الفجر الذهبي” على علاقة وثيقة بالنازيين الجدد، ومعروف منذ فترة طويلة بهجماته على المهاجرين والمعارضين السياسيين. وكان الحزب، الذي تأسس في الثمانينات، قد اكتسب نفوذاً خلال الأزمة الاقتصادية الحادة في اليونان، منذ عام 2010. ودخل البرلمان في عام 2012.  وفي عام 2015 أصبح الحزب ثالث قوة في البرلمان. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تموز 2019 خرج من البرلمان اليوناني.

قضاء مستقل ونزيه

أشار المتابعون الى جلسات المحكمة الى جدية وصرامة رئيسة المحكمة القاضية، ماريا ليبينيوتي، التي لم تظهر أي ردود فعل خلال المحاكمة بأكملها، وكان من الواضح للجميع أنها قرأت لائحة الاتهام بعناية شديدة، ودرست القضايا بتفصيل كبير، وأنها اخذت مهمتها على محمل الجد. ورغم قناعة الكثيرين بأن إدانة المتهمين هي الخيار الوحيد، ولكن لم يكن من الواضح تمامًا كيف سيكون قرار المحكمة.

ويعود ذلك أيضًا لمطالبة المدعية العامة في 18 كانون الأول 2019، التي زعمت في ذلك الوقت أن جميع الهجمات كانت حالات فردية، وأن الحزب النازي لم يكن منظمة إجرامية، وأن قادته أبرياء وأن الجاني الوحيد هو قاتل بافلوس فيساس. كانت تلك لحظة صعبة في سير المرافعات، أصيبت عوائل الضحايا والجمهور خلالها بخيبة أمل. وكان لزاما على الجميع تجميع القوى، لمواجهة خيبة الأمل المتوقعة.

 ولحسن الحظ، لم يأخذ القضاة بمطالبات الادعاء العام. وأصدروا حكمهم التاريخي. لقد كانت لحظة عدالة، ليس فقط بالنسبة للمدعين وعوائل الضحايا، وليس فقط للحركة المناهضة للفاشية ايضا، ولكن للمجتمع اليوناني.  ان هذا الحكم مهم جدًا للمستقبل أيضًا، ليس فقط في اليونان، ولكن في كل مكان حيث يوجد النازيون الجدد واليمينيون المتطرفون في قفص الاتهام.

ردود فعل وتحولات

في يوم النطق بالحكم، تجمع حوالي 40 ألف مواطن أمام المحكمة. وفي اللحظة التي أعلن فيها أحد الحضور عبر مكبرة صوت ادانة النازيين، صرخ الجميعً بشكل عفوي، وانفجر الكثيرون بالضحك والبكاء، ولكن ليس لفترة طويلة، اذ قامت الشرطة بتفريق المسيرة بالغاز المسيل للدموع.

أدى اصدار القرار الى تحول المزاج في وسائل الإعلام التقليدية اليونانية. وفجأة بعد صدور الاحكام، احتفل نفس الصحفيين الذين منحوا “الفجر الذهبي” قبل بضع سنوات مساحة كبيرة، وأجروا مقابلات مع نوابه في أجواء ودية، متحدثين عن حزب “جاد”، احتفلوا فجأة بإدانته. وعندما تفكك الحزب النازي داخليًا خلال عملية طويلة، وفقد المئات من أعضائه وأغلق العديد من مقراته، فقدت وسائل الإعلام اهتمامها به. وقد عبر المناهضون للفاشية عن سعادتهم، لأن وسائل الإعلام في اليونان تقوم أخيرًا بنشر الحقائق عن هذه المجموعة الإرهابية.

من جانب آخر، استغل العديد من الأحزاب التقليدية الفرصة لتقديم أنفسهم باعتبارهم “معادون للفاشية” ولإلقاء اللوم على خصومهم السياسيين لاستغراق الوصول الى هذا الحكم “وقتًا طويلاً”. ومرة أخرى يمارس اليمين النفاق السياسي، لذلك على قوى اليسار والتقدم في البلاد توحيد قواها، لأن خطر النازيين الجدد واليمين المتطرف لم ينته بعد.

وتعتبر المحاكمات من أهم المحاكمات في التاريخ السياسي لليونان. وتعد إدانة قيادة الحزب، لتشكيلها منظمة إجرامية نموذجا يحتذى به. وسيظل يوم 7 تشرين الأول راسخا في ذاكرة المناهضين للفاشية وأنصار العدالة.

**************

ص7

بعد 50 عاما على حكومة الوحدة الشعبية برئاسة أليندي في تشيلي

دروس مستخلصة من التجربة

غييرموتيليير*

الرئيس الوطني للحزب الشيوعي التشيلي

غييرموتيليير*

الرئيس الوطني للحزب الشيوعي التشيلي

كان ذلك عام 1952 وكان سلفادور أليندي يواجه حملته الانتخابية الرئاسية الأولى بموارد قليلة. حصل آنذاك على دعم الحزب الاشتراكي، الذي دعم العديد من مناضليه كارلوس إيبانيز والحزب الشيوعي الذي كان محظوراً ويعمل بصورة سرية. وقد عملوا باعتبارهم “الجبهة الوطنية للشعب”. وارتفعت التوقعات حينها لأن النساء كن يصوتن لأول مرة في انتخابات رئاسية.

في تلك الأيام كان قلة من الناس يعتقدون أن أليندي سيصل، بعد حوالي 20 عاماً، إلى قصر لامونيدا (المقر الرئاسي). انتصر الديكتاتور السابق كارلوس إيبانيز ديل كامبو في ذلك العام، وفاز بأغلبية كبيرة من خلال وعود بالقضاء على الفساد وتوفير الخبز للأسر التشيلية.

لكن سرعان ما حاصرته الاضطرابات الاجتماعية. وفي عام 1958 فرض النضال الجماهيري الغاء القانون السيىء الصيت الذي حظر الحزب الشيوعي التشيلي. وسمح هذا الانتصار بإعادة الشرعية للحزب وإعادة تسجيل مناضليه في السجلات الانتخابية. وساهم ذلك في إعطاء زخم جديد للتنظيمات العمالية والاجتماعية.

جبهة العمل الشعبي

وفي اعقاب ذلك جرت تعبئة للقوى الاجتماعية والسياسية حفزت اجراء تغييرات جوهرية. واستندت هذه التغييرات إلى رؤية الحزبين الاشتراكي والشيوعي وغيرهما. وتشكلت “جبهة العمل الشعبي” التي تمكنت، بالتضافر مع شخصية أليندي، من إنضاج برنامج للإصلاحات والاجراءات البنيوية التي كانت مناهضة للإمبريالية، ومناهضة للأوليغارشية، ومعادية للإقطاع. وقد دعت الى تأميم النحاس، والإصلاح الزراعي، وتبني سياسات للأجور، بالإضافة إلى إصلاحات في التعليم والصحة ركزت بشكل خاص على الأمومة وصحة الطفل. وخسر أليندي الانتخابات الرئاسية لعام 1958 أمام خورخي أليساندري (مرشح الحزب الوطني اليميني) بأصوات قليلة جداً. ومنذ تلك اللحظة، لفتت “جبهة العمل الشعبي” انتباه الحكومة الأمريكية ونزعتها التدخلية، بسبب طبيعة برنامج الجبهة والدعم القوي الذي حظيت به من اكثر من 30 بالمائة من الناخبين والطابع المميز لقيادة سلفادور أليندي.

وفي عام 1964 تم ترشيح سلفادور أليندي مرة أخرى كمرشح رئاسي. وفي هذه المرة تدخلت حكومة الولايات المتحدة بشكل مباشر وعملت لضمان فوز إدواردو فراي مونتالفا (رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي). فمن خلال توفير تمويل استثنائي لحملته وتوجيه أصوات اليمين لصالحه تمكنوا من الحؤول دون فوز أليندي.

هل كانت الحكومة الأمريكية مهتمة بالديمقراطية؟ كلا، لقد كانت مهتمة بملكية شركات النحاس التشيلية، حيث كان لدى اتحادات الشركات (الكونسورتيومات) الأمريكية تسهيلات غير محدودة للاستغلال والأرباح. وكان بإمكانها قبول إصلاحات محدودة مثل تأميم النحاس والإصلاح الزراعي على النحو الذي دعا إليه “التحالف من أجل التقدم” (منظمة اطلقها الرئيس الامريكي جون إف. كينيدي للتعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وامريكا اللاتينية وكانت مناهضة للثورة الكوبية). لكنها لم تكن على استعداد للقبول بحكومة يرأسها أليندي.

على الرغم من هذه الهزيمة الانتخابية جرى الحفاظ على النهج الذي اقترحه أليندي، وفي 9 تشرين الأول (أكتوبر) 1969 تم إنشاء تحالف “الوحدة الشعبية”. وأخيرا، في 4 ايلول (سبتمبر) 1970، حقق هذا التحالف ومرشحه أليندي فوزه التاريخي بنسبة 36.6 في المائة من الأصوات.

حاول مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر منع الكونغرس في تشيلي من إعلان أليندي رئيساً وتعيين خصمه خورخي أليساندري بديلاً عنه، مع ترتيب أن يستقيل أليساندري لاحقاً لصالح إدواردو فراي. في الوقت نفسه، كان كيسنجر يبحث عن مؤيدين في الجيش التشيلي يمكنهم فرض هذه الصيغة.

كان القائد العام للجيش، الجنرال رينيهشنايدر، ملتزماً بالدستور وحذر من أن الكونغرس يجب أن يتخذ القرار بشكل ديمقراطي من دون تدخل عسكري. لذا أمر كيسنجر شخصياً بإزاحة شنايدر. وتم تنفيذ عملية اختطافه في 22 تشرين الأول (اكتوبر) 1970 من قبل أعضاء منظمة “الوطن والحرية”  الفاشية بقيادة الجنرال الانقلابي السابق روبرتو فيو.

سلفادور أليندي رئيسا

وعلى الرغم من هذه العملية، التي أصيب فيها شنايدر بجروح خطيرة، أكد الكونغرس تنصيب سلفادور أليندي كرئيس في 24 تشرين الاول (اكتوبر) 1970. وقد وصف بأنه “أول رئيس ماركسي في العالم يصل إلى السلطة من خلال انتخابات عامة في دولة القانون”. وكان هدفه تأسيس الاشتراكية “بوسائل ديمقراطية”.

توفي الجنرال رينيهشنايدر في 25 تشرين الاول (أكتوبر) 1970 وهو يدافع عن الدستور ويتمسك بمبدأ عدم التدخل العسكري في النزاعات السياسية أو الاجتماعية. هذه العقيدة ، كما نعلم ، سحقها التدخل الأمريكي واليمين في تشيلي الذي نجح في النهاية في تقويض الديمقراطية عن طريق إفساد منتسبي القوات المسلحة وتطبيق استراتيجية زعزعة الاستقرار والحصار والتخريب وشح السلع وتشكيل قوات شبه عسكرية. لقد بدأ الانقلاب يتطور قبل أيام من تولي أليندي منصبه كرئيس.

كانت حكومة الوحدة الشعبية تتويجاً لعملية تمتد جذورها في الناس وتعبّر عن مشاعر السخط والاستياء على مدى سنين، ضد استغلال العمال، وضد العبودية للاقطاعيات الكبيرة، وضد التجاوزات لشعب غالبا ما كان يتم قمعه وخداعه، وكان ضحية للظلم الطبقي والعنصري. تطلب الفوز بحكومة الوحدة الشعبية سنوات عدة. وصحيح أن تحالفاً من الأحزاب هو الذي قاد العملية، لكن قوة العمال والفلاحين وعمال المناجم هي بالأساس ما جعل التغيير ممكناً.

إنه درس من التاريخ يجب أن يؤخذ في الاعتبار هذه الايام مع تفشي الجائحة. ولكنه، قبل كل شيء، درس في النضال من أجل تحقيق تغييرات أساسية  من ضمن أكثرها اهمية صياغة دستور جديد لتشيلي.

**********

ردا على الارهابي نتنياهو

الصالحي: الشعب الفلسطيني لن ينخدع بالرواية العنصرية لدولة الاحتلال

أكد الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، أنه مهما كانت الظروف صعبة أمام شعبنا ومهما كان حجم الخذلان الرسمي العربي والعجز والتهاون الدولي فإن أوهام نتنياهو باعتراف الشعب الفلسطيني بخديعة الرواية العنصرية لدولة الاحتلال سيظل وهما.

وقال الصالحي رداً على تصريحات الارهابي نتنياهو وهو يتفاخر بالتطبيع الرسمي مع أنظمة الخليج واستخدامه في تهديد الفلسطينيين: إن الحقيقة الساطعة هي أن “إسرائيل” وليدة الاحتلال الكولونيالي العنصري ووليدة دعم ومصالح الإمبريالية العالمية ولا علاقة لكل ذلك بحقوق قومية (مزعومة).

وأضاف: مهما بلغت عنجهية الاحتلال وغطرسته وقوته فإن اعتراف العالم كله لا يعوضهم، كما يظهر حاجتهم  لهذا الاعتراف الذي لن يحصلوا عليه من شعبنا الفلسطيني.

************

كلمة الميدان

الحزب الشيوعي السوداني والسلطة الانتقالية

عندما اتخذ الحزب الشيوعي قراره بالمشاركة في المجلس التشريعي وفي مناصب ولاة الولايات والمفوضيات - لم يكن ذلك تراجعاً أو اهتزازاً في موقفه السابق بعدم المشاركة في هياكل السلطة الانتقالية، ولا تعبيراً عن وجهة حزبية تسعى للحصول على مناصب وزارية أو وظائف لقادة الحزب وعضويته، وإنما جاء كتأكيد لموقفه الراسخ حول ضرورة وأهمية مشاركة الجماهير الواسعة التي فرضت التغيير في مفاصل الحكم بمستوياته وأشكاله وهياكله المتعددة. وهو حق اكتسبته بنضالاتها، وحددت مطلوباته بالأهداف العميقة التي صاغتها في شعاراتها والتي تحولت إلى برامج واضحة أساسها تفكيك النظام البائد، ومحاسبته، ومحاكمته، واجتثاث سياساته من جذورها، وإحلال كادر مخلص ومؤهل من شباب وكنداكات المقاومة محل عناصر ورموز النظام السابق.

 هذه هي الوجهة التي يدعمها حزبنا وقوامها الوصول كتفاً بكتف مع جماهير شعبنا وليس بدونها لآفاق الحكم المدني غير المنقوص، والذي يتيح فرصاً متساوية لجميع أبناء وبنات الشعب السوداني لتقلد المناصب القيادية والوسيطة وتولي الوظائف العامة دون تمييز بسبب الانتماء السياسي أو خلافه، ورفض أي صيغة تعيد التمكين الذي بذره نظام الأخوان المسلمين ضمن بنود مشروعه الفاسد.

وبذات القدر  رفض الحزب أسلوب المحاصصة الذي صبغ العديد من حالات التوظيف القائمة على المعادلات الحزبية وعاد ليعبر عن نفسه مجدداً في اتفاق سلام جوبا وموقف الحزب حيال ذلك استبان بجلاء تام في نقده ورفضه للطريقة التي اتبعتها قوى الحرية والتغيير في تعيين ولاة الولايات على أساس المحاصصة الحزبية، بينما تميز عنها رأي الحزب بالتأكيد على حق الأهالي في اختيار الحكام الذين يتولون شؤونهم.

 والتزم الحزب بالمبادئ التي أعلنها بعدم ترشيحه لأي عضو في مجلس الوزراء والسيادي أو في مناصب الولاة التي كانت مبذولة للقوى السياسية.

 وبناء على ذلك يصبح الحديث الممجوج عن حكومة الشيوعيين مجرد محاولة بائسة لتضليل الوعي وتعمية الأبصار عن رؤية مثالب القوى التي جيرت السلطة لصالحها وحولتها لساحة للصراع المتآمر حول المقاعد والوظائف، وبعد تحقيقها لأهدافها طفقت في إطلاق الأكاذيب المعادية للحزب برميه بأدوائها و لكنها لن تفلح في الانسلال منها - ليقيننا بأن المخيلة الشعبية بالغة الذكاء ستفضح هذه المزاعم الفطيرة وهي التي صاغت قديماً المثل القائل بأن: (حبل الكذب قصير)..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“الميدان” جريدة الحزب الشيوعي السوداني

15 / 10 / 2020

********************

ص8

قانون «الدوائر المتعددة» والاختيار الأسوأ

صبيح الزهيري

بعد مخاض عسير وبعد عملية قيصرية قاسية توصل برلمان فرسان المحاصصة الى صيغة قانون الانتخابات المزمع اجراؤها في حزيران 2021.

فما هو هذا القانون وما هي افرازاته وتداعياته المستقبلية على الدولة العراقية وعلى اللحمة الوطنية العراقية؟

 كان   المفروض من غرض تشريع قانون للانتخابات هو لإصلاح   العملية الانتخابية السابقة العرجاء بشكل يخدم تطوير العملية السياسية الديمقراطية وتقوية اللحمة الوطنية للشعب العراقي بكافة اطيافه القومية والدينية وتقوية واستعادة هيبة الدولة المفقودة منذ 2003 ونقل الدولة من حالة الموت السريري الى حالة الإنعاش، ونقل الشعب من حالة الاحباط والتشظي والتمزق الى حالة النقاهة الصحية.  ولكن النتيجة جاءت كما يقال بالمثل (تمخض الجبل فولد فأرا).

فبدلا من ان يلملم القانون المقترح جراح الفرقة الاجتماعية فانه سيزيد من تعميق جروحها. وبدلا من ان يعزز هيبة الدولة سيضعف هيبتها، وبدلا من ان يطور اقتصادها سيسرع من عملية تدميره، فالنائب المنتخب على اساس القوائم المتعددة سيصبح اداة فرقة لا اداة توحيد، واداة فساد لا اداة امانة، واداة بيد الفاسدين من اصحاب المال الفاسد، واداة طيعة بيد الطائفيين وبيد بعض رجال العشائر وبيد الوصوليين. وبيد ضعفاء النفوس من الطامعين بالشهرة والثراء، وهذا القانون سيصبح اداة معرقلة لوصول اصحاب الكفاءات العلمية والمناضلين الحقيقيين من اجل رفعة الوطن وسعادة الشعب ورفع شان العدالة الاجتماعية - الى قاعة البرلمان. كما سيفرز امراضا وازمات عديدة تضاف الى ما موجود من امراض وازمات مثل: -

التناحر العائلي والعشائري والتناحر القومي والاثني والتناحر الديني والطائفي والتناحر الجغرافي، كل هذا سيحدث في زمن افتقار العراق الى جملة معطيات ضرورية يجب ان تسبق اجراء الانتخابات مثل: - 

ضرورة وجود تعداد سكاني قبل اجراء الانتخابات والذي لم يجر منذ أكثر من ثلاثين سنة عانى خلالها العراق من سلسلة حروب وكوارث   اجتماعية وحصار وتشوه سكاني وتهجير شوفيني وحكم طائفي وتغيير ديموغرافي وارهاب داعشي وميليشياتي.

   مما ادى الى هجرة جماعية للكثير من ابنائه وخاصة من بقايا سكانه الاصليين (المسيحيون – المندائييون - الشبك - الإيزيديون) وغيرهم. إضافة لما خلقه داعش من عملية نزوح جماعي لمئات الآلاف من السكان من مناطق سكناهم ولآلاف المغيبين من الشباب لأسباب طائفية بعد فتنة 2004 الطائفية. وكذلك هجرة الكثير من الكفاءات العلمية والادبية والفنية   الى دول المهاجر والذين هم ثروة   البلاد التي لا تقدر بثمن. هذا اضافة الى ما عاناه الشعب العراقي من اساليب التجهيل المنظم والمتمثل في نشر ثقافة الخرافة والاسطورة والتناحر المذهبي والقومي، والى ما لاقته المرأة العراقية من اساليب القهر والاستعباد وسلب الارادة والتجهيل عن طريق نشر الفتاوى الغريبة التي تحط من قيمتها كإنسانة مساوية للرجل وأم للحياة.

الأم مدرسة إذا اعددتها       اعددت شعبا طيب الاعراق

 كل هذه الامراض والتداعيات ستفعل وتبرز بقوة من جديد من خلال اعتماد قانون (الدوائر الانتخابية) المزمع والذي لا يصلح لمجالس البلديات والذي يختص بمعالجة المشاكل المحلية فقط، وليس لمعالجة هموم ومشاكل شعب كامل، وحسب ما جاء بالعلم السياسي المعتمد عالميا - ان النائب البرلماني هو نائب لكل الشعب من اقصاه الى اقصاه ومن شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، ومؤشره الاساسي هو برنامجه الوطني العام الذي يعالج المشاكل الوطنية ويضع الخطط والبرامج لتطويرها، مما يفضي الى تقوية النسيج الوطني ورفع هيبة الدولة امام العالم. ويعمل على اجتثاث كل امراض الفرقة الدينية والطائفية والعرقية من جسم المجتمع ويزرع فيه روح الامل والتفاؤل والحماس الوطني والغيرة الوطنية. الامر الذي يفسح المجال للمبدعين من ابناء الوطن للمساهمة في عملية تطويره.

فالمفروض بالنائب المنتحب ان يكون انتماؤه   الوطن وبكافة ابناء الشعب بدون تمييز وليس للدين او للطائفة او القومية التي ينتمي اليها. وان برنامجه الوطني هو هويته التي تعرفه للناخبين والذي هو نتاج دراسة موضوعية لخطط التنمية التي تقترحها جهات علمية واكاديمية متخصصة تضع فيها الاهم قبل المهم وفقا لحاجات البلد، ووفقا لإمكانياته   الاقتصادية المتوفرة وكذلك وفقا لأماكن توزيع مشاريع خطته الاقتصادية المنبثقة من دراسة علمية لظروف كل منطقة جغرافية فيه، وليس حسب رغبة سكان هذه المنطقة او تلك. فارض العراق ملك   لجميع العراقيين على مختلف صنوفهم ولغاتهم وانتماءاتهم وليس لفئة او طائفة او قومية معينة. وخيراته ملك مشاع لكل افراد شعبه وليس لمنطقة دون اخرى. 

وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تعرف النائب بناخبيه وليس اشياء اخرى وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تحصنه من كل التأثيرات والضغوط التي قد يوحها. وبذلك سيتمتع بالاحترام من الجميع دون استثناء، وبهذه الطريقة سيفسحُ المجال لأصحاب الكفاءات والوطنيين الحقيقيين للفوز   بالمقاعد البرلمانية في حين سيهزم الضعفاء والانتهازيون والطائفيون والفاسدون من الوصول الى قبة البرلمان، وهذا سيؤدي الى انحلال وذوبان احزاب الفساد والفرقة والجريمة المنظمة والمرتبطين بالأجندات الاجنبية، مما سيفضي الى رفع هيبة الدولة امام العالم ويمنح الناخب الثقة بنفسه وبالمستقبل. وسيكون عمل هذا النائب اشبه (بماكنة لحيم للأجزاء الوطنية المتكسرة) وفلاحا لزرع حقول الثقة والحب بين ابناء الشعب الواحد المتعدد الاطياف والمشارب. 

إن هذه الخصائص الايجابية لن تتوفر الا باعتماد قانون (اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة) وخاصة في هذا الظرف الذي يمر به البلد والذي تميز بكثرة ماسيه واخفاقاته.

****************

تشرين طريق الأمل

في مسيرة الدولة المدنية الديمقراطية

لفته عبد النبي الخزرجي

ونحن نستذكر الانتفاضة الشبابية التي انطلقت في الاول من اكتوبر 2019، والتي كانت صرخة شعبية مدوية للشعور الوطني العالي المستوى، بأهمية وضرورة أن يكون الوطن محتفظا بسيادته واستقلاله وارادته الحرة بعيدا عن التدخلات الاجنبية من اي جهة مهما كانت.. ولذلك كان الشعار الابرز الذي تبنته الانتفاضة (نريد وطن).

ان هذا الشعار يؤكد بما لا يقبل الشك أن الوطن مكبل بالكثير من القيود التي تجعله منقوص السيادة، وهو ما دعا الشباب لاتخاذ (نريدوطن) شعارا مركزيا في انتفاضتهم الكبيرة والتي ارعبت الفاسدين وأسقطت حكومة عبد المهدي التي كانت الاسوأ على الاطلاق في تاريخ العراق الحديث.

إننا ننظر لهذه الانتفاضة الشعبية التي قدمت الدماء والتضحيات الجسيمة وواجهت القمع والعنف والسلاح،بإصراروتحدوشموخ، ننظر إليها على أنها تعبير صارخ عن حالة اليأس من الحكومات التي شهدها العراق بعد 2003، حيث كان نظام المحاصصة والفساد والطائفية والتزوير، من ابرز ما  شهدته ومارسته واعتمدته تلك الحكومات وما زالت كذلك ، و القوى المتنفذة تحاول ان ترسخ هذا المشروع المتقاطع مع للدستور والمناوئ لطموحات شعبنا في البناء والاعمار والتقدم والدولة المدنية الديمقراطية بمحتواها الأبرز وهو تحقيق العدالة الاجتماعية.

إن الحكومات التي جاءت بعد 2003، لم تقدم أي انجاز على مستوى تطور البلاد وتقدمها وعمرانها، بل أنها ساهمت بزيادة التخلف والأمية والبطالة وضياع الهوية الوطنية وترك البلاد ساحة مكشوفة   للعبث بمصير الوطن من مختلف الجهات، والعمل المنظم في نهب ثروات البلاد، وسياسة الإفقار المتعمد لأبناء شعبنا، واساءة استخدام السلطة، وهو ما كان سببا مباشرا لثورة الشباب وانطلاق مشروعهم الوطني (نريدوطن).

وحيث أن الدستور يؤكد على التداول السلمي للسلطة ، من خلال الانتخابات بمحتواها الشفاف وبقانون عادل ومنصف ، يضمن حق الجميع في المشاركة الواعية  و الإقبال على صناديق الاقتراع لاختيار الاجدر والافضل والاكثر اخلاصا لوطنه وشعبه وضميره ، فإننا نعتقد أن تعديل الدستور بما يتماشى مع المرحلة الراهنة ، يكتسب أهمية كبيرة جدا ، ولابد ان يتم التعديل بعيدا عن الكتل السياسية المتنفذة ، وبعيدا ايضا عن السياسيين عموما ،وان تشارك في صياغة التعديلات جهات قانونية رصينة وممثلين عن الامم المتحدة والمؤسسات المدنية  ذات الاختصاص.

اننا نعتقد ان الانتفاضة التشرينية الباسلة قد اوصلت رسالتها بقوة وارادة واضحة، مع عظم وجسامة التضحيات التي قدمتها، مع اصرارها الكبير على التواصل والديمومة من خلال عدم التنازل عن المطالب الشعبية، والتي رفعتها الانتفاضة الباسلة..

وسيشهد ال 25 من تشرين ( اكتوبر ) عودة الثورة بقوة واصرار وارادة  وبمساحات واسعة وبمطالب محددة ، وستشكل تحديا كبيرا للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، لأنها وكما يقول الإعلام ، سيكون شعارها ( قانون انتخابي عادل ومنصف وبطاقة بايومترية ،ومحاسبة قتلة المتظاهرين وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل ، واطلاق سراح المختطفين والمغيبين ، ورعاية الجرحى والمصابين  )،وهو ما يساهم في أن  يعيد ثقة الشارع بالعملية الانتخابية ، ويدفع باتجاه المشاركة الواعية والواسعة  في الانتخابات المبكرة والتي ستجري في منتصف السنة القادمة 2021. ان طريق اكتوبر، سيكون بلا شك طريق بناء الدولة المدنية بعيدا عن الطائفية والمحاصصة والفساد. طريق اكتوبر هو العمل على تعزيز الاستقلال والسيادة الوطنية وتكريس العمل البناء لتوفير الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية والطاقة وغيرها من الخدمات الضرورية. المجد لانتفاضة شعبنا الوطنية الكبرى، والرحمة والخلود لشهدائها الابطال، والشفاء للجرحى والمصابين، والعودة للمغيبين لممارسة حياتهم الاعتيادية بعيدا عن الخطف والتغييب والسلاح المنفلت.

***********

ص9

وصية النصيرة الشيوعية مهاباد حمه رشيد هورامي

ترجمة وإعداد: شه مال عادل سليم

نصيرات الحزب والوطن

بعد الحملة الشرسة التي قامت بها السلطة الدكتاتورية واجهزتها الاخطبوطية القمعية عام 1978 - 1979 لتصفية الحزب الشيوعي العراقي اضطر المئات من خيرة بنات وابناء شعبنا العراقي بعربه وكورده وتركمانه ومسيحييهوصابئته من اعضاء الحزب اللجوء الى مناطق آمنة والانتقال الى العمل السري والأنصاري بعد استحالة بقائهم في المدن والنواحي والاقضية دون التعرض لخطر الإبادة والتصفية الجسدية.

واستطاع قسم من رفيقات ورفاق الحزب أن يهربوا إلى بقاع الدنيا حسب ما استطاعوا كخطوة أولى ومن ثم التحقوا بصفوف انصار حزبهم في جبال كوردستان الشماء وخاصة بعد ان لبوا نداء الحزب ثم طلبه في العودة إلى كوردستان والمشاركة في حرب الانصار بعد ان تقرر رسميا تبني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي في النضال من اجل الاطاحة بالنظام الدكتاتوري في عام 1981. رغم ان تاريخ تشكيل أول مفرزة شيوعية انصارية يعود الى عام 1979.

وضمن مقدمة هذه النخب والمجاميع الأنصارية، تقدّمت نصيرات شيوعيات طليعيات، اللاتي لبّين نداء الحزب بروحية جهادية عالية ونكران ذات كبير. وكرسن حياتهن من اجل سعادة وحرية شعبنا وخاصة بعد أن أكمل قسم منهن دراساتهن الجامعية حيث وصلن إلى كوردستان مع مجاميع وجبات من الانصار اصحاب شهادات وكفاءات عالية بعد تخرجهم في معاهد وكليات أرقى دول العالم، والبعض منهن رجعن إلى كوردستان ولم يكملن دراستهن واكتفين بدورات عسكرية في معسكرات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وفي دول عربية اخرى و غيرها.

خلال فترة الثمانينات وصلت مجاميع كبيرة من الفدائيين والفدائيّات إلى ارض الوطن بعد ان قطعن مسافات طويلة وعبر طرق واراض دول مليئة بالمخاطر، حيث كانت عملية عبور ايّ من الحدود تستغرق اسابيع وشهور سيرًا على الاقدام لان الحركة كانت في الليل فقط.

ومع وصول النصيرات إلى أرض الوطن ارتدن الزي الكوردي الرجالي (كورته ك وشه روال) وحملن السلاح جنبا إلى جنب رفاقهم الانصار. فظهرت ولأول مرة في تاريخ حركة الكفاح المسلح في كوردستان عشرات من الفدائيات الشيوعيات وهن مدججات بالسلاح يعملن بجد واخلاص وتفان في صفوف الحزب الشيوعي العراقي من أجل الاطاحة بالنظام الدكتاتوري واحلال البديل الديمقراطي، اضافة إلى اللواتي لعبن دورًا بارزًا في استنهاض الجماهير في كوردستان وفي انتفاضاتها اعوام 1982،1984، 1987 وانتفاضة اذار 1991.

أول ما قامت به النصيرات البطلات كان مساعدة أهالي تلك القرى القابعة في اوقيانوس الاحزان، في اعادة بناء ما خربته القنابل والصواريخ والكاتيوشات التي كانت تمطر عليهم أكثر من مطر وثلوج الشتاء.

نعم فالنصيرات او الفدائيات الشيوعيات ساعدن أهالي القرى في بناء ما دمرته الحروب وانفالات الحكومات العراقية المتعاقبة من البيوت والمدارس.

وبالإضافة إلى مهماتهن الكثيرة والمتعددة قمن على سبيل المثال لا الحصر، بإعطاء وتقديم الارشادات الصحية لأهالي القرى وفتح دورات لمحو الأمية، حيث ولأسباب معروفة لنا جميعا حرمت هذه المناطق والتي سميت بمناطق (المحظورة) من حق التعليم والصحة والخدمات الرئيسية والخ.

كانت النصيرات يترددن على القرى للاطمئنان على مرضى العوائل ويقدمن لهن المشورة والنصائح وطرق الوقاية من الامراض التي كانت منتشرة في المنطقة وكن يساعدن ايضا النساء الحوامل عند الولادة ويقفن بجوارهن ويقدمن لهن كل المساعدات الطبية، ومن خلال تلك العلاقة الودودة بين النصيرات واهالي القرى تعلمن اللغة الكوردية كطريقة للتفاهم المباشر وخاصة بين النصيرات اللاتي عملن في مجال الصحة (الطبيبات، الممرضات، الخريجات)، حيث وبفترة قياسية قصيرة ذاع صيتهن بين القرويات واصبحن محل التقدير والفخر والاعتزاز.

ومن هذا المنطلق عرفت كوردستان وشعبها اسماء لامعة ونجوم ساطعة في سماء النضال والتحدي والمقاومة.

كانت النصيرات ينتقلن من مقر لآخر ويقمن بالواجبات العسكرية رغم الظروف القتالية الصعبة وقساوة الطقس في كوردستان وكان لأغلبهن دور متميز في التنظيميات النسوية بالإضافة إلى القاء المحاضرات والندوات وايضا توزيع النشرات والجرائد والادبيات الحزبية اثناء نصب سيطرات الأنصار على الطرق والشوارع الرئيسية في عموم مناطق كوردستان والدخول إلى عمق الأراضي التي كانت تحت سيطرة ازلام النظام البائد بجانب رفاقهن الشجعان،فمن اولئك الفدائيات البطلات نستذكر هنا النصيرة الشيوعية البطلة (مهاباد حمه رشيد هورامي) المعروفة بالنصيرة (تانيا).

كتبت النصيرة الشيوعية (مهاباد رشيد هورامي) المعروفة بـ(تانيا) وصيتها بعد انسحابها مع رفيقاتها ورفاقها عبر جبل قنديل إلى المجهول أثناء تعرض مواقع الانصار التابعة للشيوعي العراقي في (قرناقاووپشتئاشان) إلى هجوم شرس ودموي من قبل مقاتلي الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة نوشيروان مصطفى..

ومن الجدير بالذكر ان النصيرة الشيوعية (مهاباد) هي بنت الرفيق الشيوعي الخالد والمربي الفاضل (حمه رشيد هورامي)...

تقول النصيرة (مهاباد) في وصيتها المكتوبة بخط يدها: (جلست بصحبة الرفيقة (تريسكة) للاستراحة على حافه غدير الماء، أخرجت ورقة من جيبي لأدون وصيتي هذه:ـ

(طريقنا صعب وشاق ومليء بالمخاطر، لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحدث لنا اليوم.

رفيقاتي ورفاقي: اود ان اصارحكم واقول لكم: احبكم جميعًا دون استثناء.. ولم افرق يوما بين الكوردي والعربي والهورامي والتركماني والايزيديوالصابئيالمندائي، وكل الذين جمعهم الحزب من كل زوايا الوطن..

رفاقي في النضال، رفاق درب الشهداء (فهد وحازم وصارم وسلام عادل وصحبهم الكرام) كلكم احبة واعزاء على قلبي.. يجمعنا هدف واحد ومصير واحد وطريق واحد، نتقاسم الحلو والمر الجوع والعطش، والمر الجوع والانتصار والانكسار.. نتقاسم اللهفة، والخوف، والأمل.

اوصيكم يا رفاقي، حين اموت، واصلوا المسير ولا تتوقفوا، ضعوا جثتي على صخرة في اعالي الجبل وغنوا لي نشيد ميلاد الحزب (31 اذار) (1)، ثم واصلوا المسير، روحي فِداء التراب الذي تمشون عليه....

وإرضاء لروحي بعد موتي، لا اريد ان تدفنوني تحت التراب، اتركوا جثتي في العراء لتلتهمها النسور الجبلية وتُحَلِّق بي إلى الافق البعيد...

أتعرفون لماذا ؟

لانني اريد ان اُحلق مع النسور في سماء وطني واحوم حولكم واتابع مسيركم وانتصاراتكم وافراحكم.

 وإذا صادف احدكم والدتي وسألتكم عن قبري، قولوا لها: انها تُحَلِّق مع النسور، ارفعي راسكِ إلى السماء وانظري اليها، فهي تُحلق فوق راسكِ.

قولوا لها: لا تبكي ولا تذرف الدموع ولا تحزن، ابنتكِ خالدة لا تموت..

رفيقاتي ورفاقي: في النهاية اكرر واقول: احبكم وأتمنى لكم التوفيق.. وأن تكونوا مرفوعي الرأس والجبين وان تستمروا في النضال حتى تحقيق الهدف المنشود (وطن حر وشعب سعيد)..

(بكيت بحرقة)......

تستطرد النصيرة مهاباد في وصيتها قائلة:

بينما انا غارق حد النخاع في خيالي، سألتني الرفيقة (تريسكة): ماذا تكتبين؟

ـ قلت لها: وصية مماتي...!!

قالت: ايتها المغفلة، عن اي موت وعن اي وصية تتحدثين؟ لم نمت اثناء انسحابنا عبر جبل قنديل فيما الرصاص يغطي طريق انسحابنا، نجونا من غدر كمائن قوات (اوك الاتحاد الوطني الكوردستاني) وصواريخ المدافع في (خانة وسيلوي)، تعرضنا لأقسى وأصعب الظروف ولم نمت، بعد اجتياز كل هذه المصاعب تخافين وتفكرين الآن بالموت؟

قلت لها: لا اخاف من الموت أبدًا، الا انني فكرت الآن بان اكتب وصيتي.

قالت: أذن هل لديك صورة لنصمم لكِ بوستر بعد موتكِ؟

ـ قلت لها: نعم، صورتي موجودة عند الرفيق النصير (حسن خدر) (2) التقطناها مع عائلتها في (پشتئاشان)، وإذا لم تحصلوا عليها، فللحزب تشكيليون يٌصممون لكم ما تريدون.

ـ قالت: دعني أقول لكِ شيئا، على الرغم من اننا أصبحنا صديقتين مقربتين بل أختين تعرفنا على بعضنا منذ مدة قصيرة، ولكن أفهمكِ جيداً وأفهم ما يدور بداخلكِ وكأنني أعرفكَ منذ زمن طويل، فمن اللحظة الاولى تقاسمنا الحلو والمر والفرح والحزن، تقاسمنا الضحك والبكاء، كنا نبكي ونحزن بحقّ على رفاقنا الذين فقدناهم على طول الطريق، وفي بعض المرات كنا نتخاصم ولكنها كانت مشادات نبيلة... أسألك.. ماذا أفعل حين تموتين؟

ـ قلت: لا شيء

ـ قالت: تموتين وتريدين ان لأبكي عليكِ؟

ـ قلت: اذن اغمري راسكِ بالطين البكاء وحده لا يكفي...!!

ـ قالت: يا للهراء...

ـ قلت: انا اخترت طريقي بمحض إرادتي الكاملة وكنت اعلم جيداً بانه طريق شاق، طويل ومليء بالتضحيات والمخاطر.

ـ قالت: رفيقتي (تانيا) كم انتِ شجاعة...ولكن ارجوكِ لا تتركيني وحدي بين ركام الهموم، أنتِ تعرفين جيداً مدى احتياجي إليك...لا تموتي...!

ـ ضَحكنَا بصوت عالٍ...

وبينما نحن جالستان، وصل إلى اسماعنا صوت أحدهم يصرخ من بعيد ويقول: هيا استعدّوا للحركة...!

وبعجالة كتبت:

امامنا طريق طويل وصعب.. ولا نعرف إلى أين يريدون أن يقودونا...؟)

التوقيع (تانيا م هـ)

1983

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 نشيد لميلاد الحزب الشيوعي العراقي باللغة الكوردية ، وهو نشيد ذائع الصيت (31 ئادارینەمرجەژنیکارگەران / 31 اذار الخالد عيد شغيلة اليد والفكر).

2 الصورة التي تتحدث عنها النصيرة (مهاباد تانيا) في وصيتها، هي الصورة المرفقة بالمقالة.

************

ص10

الفقراء ومصيدة الفقر

د. حيدر عبدالاميرالغريباوي*

تقول الأرقام والدراسات الاقتصادية ان هناك شيئا اسمه مصيدة الفقر the poverty trapهذه المصيدة تعني أن هناك نسبة من الفقراء يعيشون فقراء ويموتوا فقراء..

لوتمعنّا الحكمة من اهتمام سيدنا علي في الفقر والفقراء وتلخيصه الحالة “لو كان الفقر رجلا لقتلته “الدالة على بحثه المستمر عن ذلك القاتل الذي يفتك في المجتمع بكل انواع الجرائم بدءا من التضور جوعا وآثاره الصحية والنفسية ولوجاً للموت واقتراف الجنحة وانعكاس ذلك بالصراع الطبقي وما قد ينجم عنه.

أثبتت الأبحاث أن هؤلاء الفقراء (الذين يشكلون حوالي 30 % من الشعوب الغنية و60 % من الشعوب الفقيرة)عادة سيظلون فقراء مهما تم إعطاؤهم من مساعدات ومعونات مالية و قروض و صدقات... لأنهم سينفقونها في أشياء تافهة ثم يعودون الى فقرهم!!

وأن هؤلاء الفقراء سيظلون فقراء حتى لو ذهبوا للتعلم في المدرسة أو أنجبوا عدد مواليد أقل. الكارثة في وجوداحتمال كبير جدا أن يظل أبناء هؤلاء الفقراء فقراء حتى لو تعلموا وذهبوا الى المدرسة..

على سبيل المثال لن يتمكن أمثال هؤلاء من الوصول إلى خدمات الإنترنت أو خدمات الهاتف النقال، أو شراء الصحف أو اقتناء بعض أجهزة الترفيه الأساسية في العالم اليوم، ومن الطبيعي أن نجد أن أمثال هؤلاء قد تغيب عنهم حقائق بديهية يعلمها الجميع نظرا لعدم وصولهم إلى مثل هذه الخدمات الأساسية، على سبيل المثال قد لا يعلم هؤلاء كيفية حماية الأطفال الرضع في الأسرة من الأمراض الفتاكة مثل شلل الأطفال من خلال التطعيم المناسب في التوقيت المناسب.

لعنة مستمرة ولكن ما تفسير ذلك ؟؟؟ تقول الدراسات ان السبب أن هذا النوع من الفقراء لا يدخر أي مال، فهو ينفق أي مال يحصل عليه.. شعارهم اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب. رغم أن المنطق يقول انه لو ادخر هذا المال لسنوات يمكن ان يخرج من مستنقع الفقر وكل فقير يعرف ذلك.. لكن ما سبب عدم الادخار؟؟ ... كما رأينا.. ليس نقص مال.. وليس بسبب الجهل والغباء.. فكل الفقراء أذكياء ويعرفون جيدا ان مصلحتهم في الادخار.. لكن لا يستطيعون منع أنفسهم وإجبار أنفسهم على الانضباط لفترات طويلة في الادخار.. يقول العلماء ان السبب هو اليأس.. هو فقدان الأمل في غد أفضل.. هو حالة نفسية تنتشر في الأحياء والمجتمعات الفقيرة تقول ان غدا ليس أفضل.. ولا يوجد أمل.. وبالتالي يظل حبيسا في مستنقع الفقر.. في الجزء الأسفل من المنحنى..

ويستمر للأسف الإنسان الفقير ينساق وراء المظاهر والإعلانات، ويكون أكثر رغبة في شراء كماليات من أول مبلغ صغير يحتاجه على سبيل التجربة، أو عدم حرمان نفسه وصغاره وهو لا يعرف أنه يقع ضحية لمروجي الكماليات، وبذلك يلح الطفل الصغير على والده الفقير، وتلح الفتاة الشابة على والدها لكي يشتري من هذه الكماليات، مثل: علب الهدايا الخاصة بخروف العيد، ألعاب العيد على شكل خروف، وعلب الحلويات المخصصة لتقديم الضيافة للضيوف.

ولا ننسى في هذا المجال، العامل الخارجي الذي ساهم في تكريس مصيدة الفقر في أغلب الدول النامية والمتخلفة، ولك ان تتخيل ان الفقر أصبح صناعة تعمل على نشرها الدول الكبرى من خلال الترويج لبعض السياسات الاقتصادية تحت اسم العولمة، حيث تجرعت قطاعات عريضة من محدودي ومتوسطي الدخول مرارتها علقما، وصارت تئن وحدها تحت وطأة ارتفاع تكاليف المعيشة، ومن ثم سيكون الفقر هو المتحمل الحقيقي لنتائج سوء الإدارة الحكومية وأعباء سداد ديونها، وتكريس ظاهرة مصيدة الفقر ونتائجها النفسية لدى الناس.

لا مفر من العلاج استراتيجياً، وكخطوة وقائية، على الحكومات تحصين المعرضين للفقر، بتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لا إضعافها؛ وأن تسعى إلى تقليل العبء عن تلك الأسر بكل تفاصيل قراراتها؛ لأن حماية هذه الفئة الهشة تضمن ألا تزيد نسب الفقر التي فشلت كل الحكومات المتعاقبة في ضبطها.

العلاج الأهم هوالأمل.. هو عدم اليأس.. وبأن عليك العمل.. الفقر ليس نتيجة نقص مال أو موارد.. ولا حتى تعليم أو صحة!! لكنه نتيجة طريقة تفكير وتجاهل الأمل وما عليك سوى الاعتياد على الادخار اليومي لا أكثر.

فنحن اليوم في ظروف اقتصادية صعبة وزيادة سكانية على مستوى العالم وانخفاض مستويات إمدادات الغذاء بشكل لا يوصف، فأبناؤنا بحاجة للاستمرار أقوياء ومتعلمين ورواداً كما يفترض ان يكون، ولن يكون ذلك بلهاث الكبار خلف المظاهر، ولا باتباع الترويجات. يجب أن نعلمهم ونعلم أنفسنا أهمية الادخار للمستقبل، وان نثقف على ضرورة إخفاء قرشنا الأبيض كالأطفال حين يخبئون ما لديهم من نقود في مخادع أمهاتنا او في صدورهن الدافئة الحانيات حباً وحناناً، وخوفاً علينا من الوقوع في الغد الأسود المرتقب في عالم التغييرات الرهيبة.  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*دكتوراه اقتصاد / وزارة التجارة العراقية

***********

قراءة أولية في الورقة البيضاء

ابراهيم المشهداني

ارسلت الحكومة الى البرلمان ما أسمتها بالورقة البيضاء تجسد رؤيتها في الاصلاح المالي والاقتصادي لمواجهة الازمة المالية المتفاقمة. وقد سبق ان توجهت الحكومات السابقة لإصدار قانون الاصلاح الاقتصادي الذي لم ير النور على أرض الواقع بالرغم من ان الاقتصاد العراقي في تحول من سيء الى أسوأ،علما ان ما ورد في هذه الورقة لم يكن مختلفا كثيرا عن مناهج الحكومات السابقة التي اعتادت الهروب الى الامام.

ولئن جاءت الورقة بأفكار يمكن أن تسهم في تنشيط القط\ع الخاص لكنها لم تضع حلولا سريعة لمعالجة الازمة المالية الراهنة فضلا عن العديد من الطروحات المؤدلجة نشير الى بعضها وربما تسنح الفرصة في عرض تفصيلاتها لاحقا:

1- من بين الاستنتاجات التي اشارت اليها الورقة هو ان الزيادة السكانية كانت السبب وراء الازمة الاقتصادية والمالية،وإذا كان الأمر كذلك فهل كانت الادارة الحكومية على درجة عالية من الكفاءة لكي تنهض باقتصاد نام ومتطور مع أنها استلمت أموالا مالية فاقت ميزانيات أربع دول في منطقة الشرق الاوسط.

2- حملت الورقة النظام السياسي في فترة السبعينات مسؤولية الاعتماد على الريع النفطي في تنشيط القطاع العام، وكلنا يتذكر ان البلاد في ذلك الوقت مع وجود أمراض في الادارة السياسية الا أن الصناعة في القطاع العام كانت في أوج نشاطها وكان القطاع الخاص في أحسنأحواله.

3-  الورقة استمدت منهجيتها من برامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الهادفة الى إعمام اللبرالية الجديدة بنسختها المتوحشة،  فقد القت مسؤولية توفير الموارد المالية على ذوي الدخل المحدود من الموظفين والمتقاعدين عبر تخفيض الرواتب بنسبة 25 في المائة من الانتاج المحلي الاجمالي يتناقص الى 12،5 في المائة خلال ثلاث سنوات، وفي نفس الوقت صرف رواتب المتقاعدين من صندوق التقاعد مباشرة، وواضعوا الورقة يدركون ان صندوق التقاعد جرى التصرف بأمواله من قبل وزارة المالية  بحيث لا يستطيع ان يغطي رواتب المتقاعدين خلال الفترة التي حددتها الورقة  .

4- خفضت الورقة الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة بنسبة 30 في المائة كل عام لمدة ثلاث سنوات، وهي خطوة متعسفة لتصفية هذه الشركات تمهيدا لخصخصتها دون النظر الى الآثار المترتبة عليها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وتعظيم نسبة البطالة، وعرض هذه الشركات للبيع فمن سيكون المشترى غير الطغمة المالية ممن سرقوا ثروة البلاد سبيلا لغسل الأموال المسروقة.

5- تخفيض الدعم الحكومي من الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 13 في المائة تقل الى 5 في المائة، وهذا التخفيض سيشمل بالتأكيد البطاقة التموينية وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها خصوصا وان الورقة اكدت على مساهمة المواطنين في تكاليف الخدمات التي تقدمها الدولة.

6- الذهاب الى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجوزات في الموازنات السنوية مما تلقي بعبئها في نهاية المطاف على الاجيال القادمة.

7- سكتت الورقة عن معالجة ظاهرة الفساد التي تحولت الى منظومة تديرها الدولة العميقة وتمارسها عبر اقتصاد مواز في ظل عجز الدولة عن مواجهته وفي الوقت الذي يقيم وزير المالية عاليا الورقة البيضاء فانه في نفس الوقت عبر عن استحالة محاربة الفاسدين.

8- الورقة سكتت عن وضع معالجات عاجلة للأزمة المالية الراهنة التي لا تحتمل التأجيل لثلاث او خمس سنوات، ونعتقد ان هذه الامكانيات متوافرة في فرض الضرائب التصاعدية وفرض الضرائب المسبقة على البضائع المستوردة ابتداء من نافذة البنك المركزي، مع ضبط ايقاع المنافذ الحدودية ومراجعة ملفات عقارات الدولة واستيفاء ايجاراتها واعادة تقييم العقارات التي تم بيعها وفقا لأسعار السوق وقت عملية البيع.

من كل ذلك يتضح ان هذه الورقة تريد بقصد او بدونه ان تحول الحكومة الى شركة حراسة أمنية وانتمعن في عملية إفقار لا سابق لها امتثالا لما يجري في العديد من البلدان مثل مصر والسودان لإخراجها من قائمة الارهاب ولبنان وبلدان شمال افريقيا والكثير من بلدان افريقيا على وفق المثل القائل (اشوفك الموت حتى ترضى بالسخونة). فاين البياض في هذه الورقة وكيف ستكون ردود افعال الشباب المنتفض؟

***********

ص11

نظام الصوت الواحد غير المتحول

بين النكوص والفرص المتاحة

د. علي مهدي  

صوت مجلس النواب العراقي يوم السبت 10 /10 /2020 على تحديد عدد الدوائر الانتخابية، الذي سيكون 83 دائرة، لضمان التقيد بالنص الدستوري الذي منح النساء ربع عدد مقاعد السلطة التشريعية، وهو أحد الحلول لإنهاء إشكالية عدد الدوائر الانتخابية والتي طالت لما يقارب العشرة أشهر.

من الجدير بالذكر وفي ظل أوج عنفوان الانتفاضة التشرينية الباسلة، صوت مجلس النواب عند نهاية السنة الماضية على مسودة القانون الجديد لمجلس النواب باستثناء الملحق الخاص بالدوائر الانتخابية، وقد جاء في المادة 15

أولا- تقسم الدوائر الانتخابية المتعددة في المحافظة الواحدة.

ثانيا- إن يكون الترشيح فرديا ضمن الدائرة الانتخابية.

وبالنسبة لطريقة اختيار الفائز نصت الفقرة

ثالثا- (... يعد فائزاً من حصل على أعلى الأصوات على وفق نظام الفائز الأول وهكذا بالنسبة للمرشحين المتبقين).

نظام الصوت الواحد غير المتحول

إنه نظام قائم على فكرة الأغلبية في الدوائر الانتخابية متعددة المقاعد، وفيه يدلي الناخب بصوت واحد لمرشح واحد، والمرشًحون الذين يجمعون أكثر عدد من الأصوات يفوزون بالمقاعد في جولة تصويتية واحدة، ففي حالة وجود دائرة مخصص لها ثلاثة مقاعد، فإن المرشحين الثلاثة ممن يحصلون على أكبر عدد من الأصوات يفوزون بالمقاعد الثلاثة. ويلاحظ أن معيار احتساب الأصوات هو للمرشح وليس لحزب أو لقائمة حزبية، برغم أن الأحزاب قد تدفع بأكثر من مرشح لشغل مقاعد أكثر للدائرة. ويقترع الناخبون بموجبه لصالح المرشحين الأفراد وليس لصالح الأحزاب السياسية.

تم تبني نظام الصوت غير المتحول في اليابان (1948 - 1993) وكذلك عند انتخاب 80 % أعضاء مجلس الشيوخ في اندونيسيا، 80 % من الهيئة التشريعية في تايلند، 78% من الهيئة التشريعية في تايوان، الأردن (1993 - 2016)، الكويت، لبنان، أفغانستان.

المزايا الايجابية:

- يساهم بشكل أفضل من النظم الانتخابية القائمة على الأغلبية الأخرى، في تمكين الأحزاب الصغيرة ومرشحي الأقليات والمستقلين في الفوز بمقاعد نيابية، وترتفع نسبة التأهيل للفوز كلما زاد عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، أن هذا النظام ساهم في فوز عدد من المرشحين المستقلين في مواجهة مرشحي الإخوان المسلمين في الأردن، ويعتبر ذلك ميزة ايجابية في بلد نظامه الحزبي في طور التشكيل.

- يلعب هذا النظام الدور الكبير في دفع الأحزاب لتنظيم نفسها داخليا بشكل أفضل من خلال توجيه ناخبيها لتوزيع أصواتهم على مرشحيهم بشكل يضمن فوزهم بأكبر عدد من المقاعد. وكذلك إمكانية الاختيار من بين مرشحي الحزب الواحد، وبهذا استطاع الحزب الليبرالي الديمقراطي في اليابان من البقاء لفترة طويلة في الحكم من خلال قدرته على تهيئة عدد من المرشحين لجميع الدوائر الانتخابية وتوزيع ناخبي الحزب عليهم بشكل متوازن، مما ضمن له البقاء لفترة طويلة.

- إن هذا النظام يعتبر من النظم الانتخابية سهلة الفهم والتطبيق معا، وهو مهم بالنسبة لبعض البلدان التي تتسم بضعف الوعي السياسي والثقافي بشكل عام.

العيوب

- يمكن أن ينتج عن هذا النظام عدم فوز الأحزاب الصغيرة بأي تمثيل، في حال تقديم مرشحين بأعداد كبيرة مما يؤدي إلى تشتيت الأصوات بين مرشحيها. مما يتيح للأحزاب الكبيرة بكسب أعداد إضافية من المقاعد، ومن الجدير بالذكر كلما زاد عدد تمثيل الدائرة ارتفعت إمكانية حصول الأحزاب الصغيرة على مقاعد،لكن هذا يضعف الصلة ما بين النائب والناخبين، ولهذا حدد القانون في تايلاند ألا يتجاوز عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة عن 18 مقعدا.

- إن تنافس المرشحين من الحزب الواحد في الدائرة الانتخابية سيساهم في تعميق الانقسامات الداخلية داخل الأحزاب السياسية، إذا لم تنظم إدارة توزيع أصوات ناخبي الحزب بشكل سليم، وبغيره تنشأ الزبائنية داخل الحزب الواحد من خلاله تقديم الوعود والإغراءات لمجموعة محددة من الناخبين.

- يتطلب وضع سياسات معقدة، بخصوص تسمية المرشحين وإدارة الأصوات للناخبين، فعند تسمية أعداد كبيرة من المرشحين يشكل أحيانا ذات الضرر عند تسمية أعداد قليلة، ولذلك الحاجة إلى إدارة وتوزيع أصوات ناخبي الحزب بشكل متساو على المرشحين.

- لا يحفز هذا النظام الأحزاب السياسية للعمل على توسيع قواعدها، لأن النظام لا يعطي الناخب سوى صوت واحد فقط، فطالما الحزب يضمن فوز مرشحيه في الدائرة الانتخابية لا يتحمس للبحث عن مؤيدين آخرين.

- يعمل هذا النظام إلى ضياع أعداد من الأصوات التي تذهب هباء في ظل العدد الكبير للمرشحين من خلال التسهيلات بالتقدم للترشيح، حيث وصل الأمر في الانتخابات الأردنية لسنة 2010، أن النواب الفائزين يمثلون اقل من 15 % من المواطنين.

الفرص المتاحة للنظام الجديد

يتفق الباحثون أنه لا يوجد نظام انتخابي واحد في العالم متكامل، فلكل نظام ايجابياته وسلبياته، وعادةً ما تشرع القوى المهيمنة، القوانين والنظم الانتخابية التي تسخر من المزايا الايجابية بما يزيد من فرصها للوصول بأعداد أكبر إلى مجلس النواب، وقد كان تغيير النظام الانتخابي للمثول أمام مطالب المنتفضين وبعض القوى السياسية بتعديل قانون الانتخاب والدعوة للترشيح الفردي لتحفيز المستقلين التقدم لخوض الانتخابات بقوة أكبر.وان اختيار نظام الصوت الواحد غير المتحول لا يبتعد كثيرا عن هذا السياق.

إن هذا القانون يشكل نكوصا في مسار التشريعات الانتخابية التي تم اعتمادها منذ أول انتخابات، حيث يحتل مكانة متدنية جدا في الدول التي تتبنى هذا النظام، حيث هجرته بعض الدول التي هي في الأصل قليلة جدا، كالأردن سنة 2016، واليابان منذ سنة 1993.

 إن الاتجاه العام السائد في دول العالم هو التزاوج ما بين النظامين النسبي والأغلبية وهو ما يسمى بالمختلط وكذلك المتوازي، اللذين يجمعان خصائص كلا النظامين، مما يخلق حالة من التوازن حيث تُحدد نسبة من المقاعد لنظام النسبية وأخرى لنظام الأغلبية للاستفادة من مزايا كليهما وللحد من سلبيات كل منهما.

• نظام الصوت الواحد غير المتحول انه مفيد للدول التي أحزابها السياسية في طور التكوين والنشوء، يتناسب مع أوضاع العراق الذي معظم كياناته السياسية ذات تكوين ديني أو عائلي أو شخصي والتي تخضع بشكل أو بأخر إلى مرجع ديني أو الشخص الأول في العائلة أو الشخص المؤسس، ولا ينطبق عليها ما ورد في قانون الأحزاب السياسية، فعند  فوز المرشحين بدوائرهم الانتخابية من خلال إمكانياتهم الذاتية وقربهم من ناخبيهم في الدائرة الانتخابية، يحررهم إلى حد ما من سطوة القيادات التقليدية، ويخلق على المستوى البعيد قيادات تتسم بالكفاءة والجدارة ، وبنفس الوقت تكون بحاجة إلى إطار تنظيمي حزبي متماسك  ومنتشر على مستوى الدولة يستوعب تطلعاتها، وهذا مفيد جدا لاستمرارية التجربة الديمقراطية في العراق.

• يتيح هذا النظام للقوى المدنية والديمقراطية فرصاً أفضل من خلال  تنظيم نفسها في اطر وإشكال من التعاون والتنسيق في أعداد المرشحين على عموم الدوائر الانتخابية وعدم الاعتماد على مرشح واحد أو اثنين كما في السابق، مما يولد الحافز لمرشحي التنظيمات الأخرى للعمل المشترك، من خلال وجود أحد مرشحيها في الدوائر الانتخابية والحاجة إلى دعم أصوات بقية القوى المدنية، مع أهمية الحذر والحسابات الدقيقة عند تقديم أكثر من مرشح في كل دائرة في الوقت الحاضر على الأقل، بما يضمن الإدارة السليمة لتوزيع الأصوات وعدم تشتتها وضياعها.

• يعطي هذا النظام الإمكانيات لبروز قيادات محلية على مستوى البقعة الجغرافية للدائرة الانتخابية، وهذا عكس ما كان معمول به، حيث التركيز على شخص واحد في كل محافظة وهذا ينتج كوادر وقيادات مستقبلية لاحقا.

• يتيح هذا القانون فرصاً متكافئة أفضل لفوز المرأة، مما كان سائدا في النظام الانتخابي السابق، حيث كانت النساء في الغالب يحصلن على المقاعد النيابية، من خلال الأصوات التي تحصل عليها القائمة وليس لمكانتهن الذاتية.

• يخلق هذا النظام نوعا من التكافؤ المحدود ما بين المرشحين الفائزين، حيث في السابق يفوز الكثير من المرشحين بأصوات محدودة، والفضل في ذلك يعود للأصوات التي تحصل عليها القائمة من خلال أصوات الشخص الأول فيها، وعادة ما تكون له مكانة وظيفية مميزة في الدولة أو المحافظة، أما في هذا النظام فالفرص تكاد تكون متقاربة إلى حد ما.

**************

ص12

بين أكتوبر 2000 وأكتوبر 2020

شهادة شخصية وثلاثة أسئلة على المحك

د. نجمة علي*

تكمن أهمية هبة أكتوبر بطرح العودة الدائمة إلى الشارع كآلية للحسم السياسي. ولكنها بالأساس شكلت حالة خروج من السبات التي فرضته علينا مرحلة أوسلو والتي جمدت وساهمت في تجريم كل فعل مقاوم مهما كان متواضعا...

أن تكتب عن حدث شهدته وكنت جزءا منه ليس بالأمر الهيّن- ولكنه ضروري، لأنه يساهم في بناء تفاصيل الرواية ويضيء جوانب مخفية أو أقل مركزية؛ لذا، كتب هذا المقال بأسلوب يضم شهادتي الشخصية على أحداث أكتوبر 2000، والتي أكتبها لأول مرة بإسهاب ومصارحة.

وقعت، خلال العشرين السنة الماضية، العديد من المواجهات التي لم ترتق لمستوى هبة أكتوبر، لكنها أثبتت أن يد الشرطة الإسرائيلية على الزناد خفيفة جدا. ولأنني لا أستبعد أبدا مواجهة أكبر وأوسع في المستقبل أكتب هذا المقال- في محاولة مني للإجابة على ثلاثة أسئلة مركزية ترتكز على الدروس المستقاة من أكتوبر2000.

أولاً: كيف يُوظَّف الغضب؟

“مثل أي قرية ومدينة خرج أهالي حيفا، بعد أن هزّتهم صور الطفل محمد الدرة وهو يستشهد في بث حي ومباشر، إلى الشارع في مظاهرة كبيرة طافت المدينة. انطلقت المظاهرة من شارع عباس وكان الهدف أن تجوب المنطقة العربية في حيفا لتجنيد الناس على الطريق- كان الهتاف الأساسي: “يا جماهير انضموا إلينا شعب بلادي غالي علينا” يصعد إلى شرفات البيوت وكانت العيون تلتقي لتشكل عقدا اجتماعيا جديدا ممزوجا بالصمت والذهول والغضب. بحر من الناس ينضم ويسير ببطء، أنظر خلفي وأرى وجوها، فقط وجوه. وصلت المظاهرة إلى مفرق الأمم، لتنحرف إلى شارع الخوري وهناك بعد أن مررنا بالزاوية الأولى المتفرّعة إلى شارع ألنبي انطلق عدد كبير من الشرطة بهراواتهم وخوذاتهم وقُسّمت المظاهرة. أصبح القسم الأول الذي يقوم بوظيفة الهتاف والتي تولاها الشباب والصبايا بمواجهة القسم الثاني الذي علق بين مفرق الأمم وشارع الجبل. فعليا أصبح الأبناء الذين تصدّروا المظاهرة والآباء في مواجهة بعض. وجدت نفسي مع أختي نيفين ورفيقنا إيهاب بجانب البناية الكبيرة المهجّرة التي تحمل جملة “أنا أحب حيفا”. وبمواجهة صف كامل من الشرطة.

التقف إيهاب حجرا وحيدا وجده صدفة وهمَّ برميه، كان وجه والده العم بشارة بشعره الأبيض أمامه، تجمّد إيهاب لوهلة خوفا من أن يصيبه، ليصيح به والده “أضرب يا ابن العرص”.

تشير الكثير من الأبحاث الى أن الغضب والشعور بالظلم هما عاملان أساسيان لفعل المقاومة، وهو ما يدفع الجماهير إلى الخروج إلى الشارع للتعبير عن غضبها وللمطالبة بحقوقها وبتحقيق مطالبها. وهنا يأتي دور القيادة السياسية، أو قيادة الحراك، التي يجب أن تكون جاهزة لوضع المطالب المرادة... وهذا ما لم تكن القيادة السياسية الفلسطينية في الداخل جاهزة له. من الممكن تفسير ذلك بسبب حالة الذهول والصدمة من استعمال الرصاص الحي وسقوط الشهداء؛ أضف إلى عدم توقع استمرار الغضب الشعبي والجماهيري الذي امتد على فترة أيام. يوجد أيضا سبب إضافي ومهم وهو السلوك السياسي للأقليات المقموعة عندما تكون في حالة خطر كبير، والتي عادة ما تتبنى السلوك المدافع عن نفسه. وهذا بالفعل ما قامت به القيادة السياسية الفلسطينية في الداخل مع تزايد سقوط الشهداء في هبة أكتوبر حيث أن التوجه المهيمن هدف إلى حقن الدماء ومنع سقوط شهداء إضافيين وهو أمر مفهوم لكنه تناقض مع توجه الشارع الغاضب الذي كان من الممكن استثماره كورقة ضغط. في حال نشوب هبّة مستقبلاً- الـ متى والكيف سؤالان متوازيان. بمعنى على القيادة الفلسطينية في الداخل أن تكون جاهزة بمطالب سياسية، مستعملةً المد والغضب في الشارع. وهذا ما يضعني أمام السؤال الثاني حول موضوع المسؤولية.

ثانيًا: من يتحمل مسؤولية المشاركة؟

“بعد أن فصلتنا عن المظاهرة الكبيرة، بدأت الشرطة بالركض نحونا وبدأنا نحن بالركض باتجاه شارع الخوري، مقابلنا كانت مجموعة أخرى تركض نحونا، كانوا جيراننا يحتفلون بخطوبة ابنهم. كان المنظر مضحكا حدّ البكاء أن ترى الجميع يركض بالفساتين الطويلة وربطات العنق. أدركنا أن الشرطة قادمة أيضا من اتجاه “الشيكيم” أو “عمارة القزاز” كما يسميها كثيرون منا. إذن، فنحن محاصرون فعليا والمنفذ الوحيد كان الدخول إلى وادي النسناس بمداخله الضيقة. أثناء ذلك فتحت سيدة ستينية بيتها والذي تحول اليوم إلى عمارة، وأدخلتنا إلى ساحة المنزل لتخبأنا. شكرناها كثيرا خلال حديثها بأنها وحيدة وأن كل عائلتها في لبنان وبأنها تخاف أن يقطعوا التأمين عنها ومع هذا فهي لن تتركنا وستحمينا”.

يخرج الأفراد للمشاركة في المظاهرات أو أي عمل مقاوم لرغبة فردية تعرف ضمن المقاومة الأخلاقية التي تعرف بأنها عدم مقدرة الفرد على الوقوف جانبا وعدم تبني موقف عند إدراكه للظلم الواقع- فبهذا يكون قد كسر حواجز كثيرة، أهمها الخوف، وهذا ما حصل في أكتوبر 2000. إذن، فإن المسؤولية الكاملة تقع على الفرد الذي اتخذ قرار المشاركة وخصوصا أن المشاركة تسبب له رضى نفسيا. لكن المجتمعات الجماعية والتي ينتمي إليها المجتمع العربي وبالتالي الفلسطيني، يتصرف بطريقة أخرى... هذا يضعنا أمام سؤال مهم: في حال حدوث مواجهات مع الشرطة وتكرار سيناريو شبيه بهبة أكتوبر- من المسؤول عن إرجاع الناس إلى بيوتها مثلا؟ هل القيادي السياسي أم أن الفرد المتواجد في الشارع قادر على تحمل مسؤولية قراره وبالتالي دفع الثمن الذي من الممكن أن يكلّفه حياته؟

في أكتوبر 2000 قامت القيادة السياسية بتحمّل مسؤولية هذا القرار وحدها. اتهمها البعض بالتخاذل وحمّلها مسؤولية لجم الشارع الذي كان يغلي... لكن، إن تناولنا الجانب التطبيقي، فإن أحد التحديات المركزية في حال اندلاع هبّة مستقبلاً، هو إيجاد التوازنات بين الجماعي والفردي، خصوصا في ظل سياق عالمي يتسم بالفردانية والذي أثّر بشكل أكبر على مبنى مجتمعنا ككل وتغلغل أيضا إلى العمل المقاوم والسياسي. صحيح أن التنسيق الحزبي مهم – لكن التنسيق مع الشارع يشكل تحديا كبيرا في هذه الحالة.

ثالثًا: كيف يجب أن نُحاسِب؟

“كانت والدتي خارج البناية في انتظارنا، رأيتها تصرخ على امرأة تصب القهوة لأفراد الشرطة “بقتلوناوبتشرّبيهن قهوة!”... كل فترة المحاكم واظبت أمي على الخروج باكرا مع حقيبتها المليئة بالساندويشات التي حضّرتها لتوزعها على المتظاهرين أمام المحكمة، مرددة سوف نبقى وراهم وراهم إلى أن يعاقبوا.”

ربما هي أكثر نقطة من الممكن التحضير لها مسبقا. أثبتت هبة أكتوبر أننا نملك كمجتمع كما هائلا من المحامين والمحاميات والمؤسسات الحقوقية للمرافعة في هذه القضايا، بالأساس “عدالة”- المركز القانوني لحماية الأقلية العربية في إسرائيل. السؤال هو، أين؟ تحت أي سقف يجب المطالبة بالمحاسبة، ومن هي الهيئة التي من شأنها أن تبت في جرائم دولة.

هبة أكتوبر علمتنا درسا كبيرا بخصوص المحاسبة السياسية والقانونية، حيث أن لجنة التحقيق الحكومية (لجنة أور) لم تملك أي سلطة أو تأثير فعلي على سير التحقيق الذي كان تحت إطار ماحاش (الهيئة المسؤولة عن التحقيق مع أفراد الشرطة). لم تقدم أي لائحة اتهام ضد أي شرطي، وأغلقت ماحاش جميع الملفات. ومع التغيرات السياسية في إسرائيل والتي ترينا بأن محكمة العدل العليا فقدت هيبتها وقانونيتها، فإن وظيفة الحقوقيين اليوم تتمحور في فحص سبل أخرى لمحاسبة إسرائيل عند قمعها أقلية أو مواطنيها، مرتكزين على حقوق الأقليات في القانون الدولي والذي كتب عنه بشكل موسع من قبل حقوقيين وأكاديميين وسياسيين. فعليا، يجب الانتقال إلى مرحلة التطبيق وتشكيل استراتيجية سياسية-حقوقية جاهزة يعمل بها خارجيا بالموازاة مع النشاط الداخلي.

ماذا تغيّر بعد عشرين عاما؟

ما تغيّر هو التجربة. نحن اليوم نملك تجربة على صعيد المواجهة في الشارع، على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الحقوقي. وعلى أساس هذه التجربة يجب علينا التحرك. هبة أكتوبر علمتنا أننا في خطر دائم، وبأن الوقت قنبلة موقوتة. علمتنا أن ثمن النزول إلى الشارع كبير ومؤلم؛ وأكثر من ذلك- علمتنا معنى الخسارة.  لذا يتوجب التمعن في كيفية تحويل التضحيات القادمة، والتي ستأتي، إلى إنجازات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ناشطة سياسية وأكاديمية مختصة في العلوم السياسية، تعمل مع عدة مراكز أبحاث وهي محللة سياسية في شبكة السياسات الفلسطينية.

(مقتطفات ضافية)

**************

ص13

فيل العلمانية وثقب الإبرة الإسلامي

عمران سلمان

إقناع البعض بأن العلمانية ليست معادية للدين، هو مثل محاولة إدخال فيل في ثقب إبرة. يمكننا بالطبع أن نكتب كلمة فيل في ورقة صغيرة ونطويها بشكل رفيع حتى “تتغلغص” في ثقب الإبرة، لكن حتى هذا قد لا يفيدنا مع هؤلاء!

من الواضح أن الموقف من العلمانية له علاقة بالتصورات المسبقة والضخ الأيديولوجي الذي مورس على أجيال عديدة من العرب والمسلمين طوال عقود عديدة.. وما استقر في الأذهان والأنفس هنا مسألتان: الأولى أن العلمانية هي مناقضة للدين وهدفها إخراجه من الحياة، والثانية أن المصطلح غربي وخاص بالدين المسيحي، وبالتالي فإنه لا يصلح للمجتمعات المسلمة.

أكثر من ذلك فإن ماكينة الإسلام السياسي، في شقها الإخواني تحديدا، قرنت العلمانية بالكفر والإلحاد!

قبل مدة كتبت مقالا أناقش فيه مسألة العلمانية، وأرى من المفيد أن استعرض أبرز ما جاء فيه هنا، رغم أن شيئا لم يتغير (ويا للمفارقة) منذ ذلك الوقت.

العلمانية هي الحل

“نعم العلمانية هي الحل”، ولكن ليس في مواجهة شعار “الإسلام.. هو الحل”. فالعلمانية ليست موازية للإسلام أو معاكسة له. فهما من جنسين مختلفين. الأول دين بينما الثانية تنظيم مدني.

ولهذا يصدق القول بأن الإنسان يمكنه أن يكون متدينا وعلمانيا في الوقت نفسه. كما أنه ليس كل علماني هو ضد الدين. أو كل متدين هو ضد العلمانية.

وحين نقول إن العلمانية هي الحل، فنحن نقصد أنها حل للصراعات الدينية والطائفية في منطقتنا، ووقف للهدر في الطاقات والإمكانيات ووقت البشر الذي يضيع نتيجة المشاحنات والنزاعات ذات الطابع الديني.

لكن قبل الاسترسال في الحديث من الإنصاف أن نجيب على السؤال التالي: أي علمانية نقصد؟

هل هي تلك التي يقدمها بعض رموز الإسلام السياسي، ويصرون فيها على أنها تعني فصل الدين والشؤون الدينية عن الحياة؟ أي إقصاء للدين من حياة الناس؟

المؤسف أن الغبار الكثيف الذي أثاره ويثيره الإسلاميون (وليس المسلمين) حول العلمانية منذ عقود، تمكن من حجب أهم معانيها وطبيعتها لدى العامة.

عامة الناس أصبحوا بنتيجة حملات التزييف والتضليل يرددون بأن العلمانية هي فصل الدين عن الحياة.

تعريف العلمانية

العلمانية التي نقصدها والتي يفهمها معظم سكان العالم هي فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية (وليس الدين عن السياسة) وبين رجل الدين ورجل السياسة، والعكس صحيح أيضا، أي إبعاد المؤسسة السياسية عن التأثير في المؤسسة الدينية، وإبعاد رجل السياسة عن فرض ميوله الدينية.

هذا هو التعريف الذي نصادفه في جميع المراجع الأجنبية تقريبا. أما المراجع العربية فيندر فيها ذلك.

من الطريف أنني لدى بحثي عن معنى العلمانية وجدت في موقع موسوعة الويكيبيديا على الإنترنيت، أن تعريف العلمانية مختلف في اللغة العربية عنه في الإنكليزية تماما.

في التعريف العربي نقرأ: “تأتي كلمة “علمانية” من الكلمة الإنجليزية “Secularism” (سيكيولاريزم) وتعني إقصاء الدين والمعتقدات الدينية عن أمور الحياة. ينطبق نفس المفهوم على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر بصورة مادية بحتة بعيدا عن تدخل الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته”.

أما في التعريف الإنكليزي (الترجمة من عندنا) فنقرأ: العلمانية (Secularism) في الاستخدام الحديث يمكن تعريفها إجمالا بطريقتين: الأولى، التأكيد على حرية التدين، وعدم فرض الحكومة لدين معين على الناس، وأن تكون الدولة محايدة في شؤون الاعتقاد، ولا تمنح امتيازات حكومية أو إعانات خاصة لأتباع الأديان.

والثانية، تشير إلى الاعتقاد بأن نشاطات الإنسان وقرارته، لا سيما السياسية منها، ينبغي أن تستند على الأدلة والحقائق، وليس التأثيرات الدينية.

وما يبدو واضحا من المعنيين، هو أن النص الأول يقول إن العلمانية هي إقصاء الدين عن أمور الحياة، وبالتالي فالعلمانية هي ضد الدين وعامل نفي له.

بينما التعريف الثاني يشدد على حياد الدولة في شؤون الدين، وإبعاد الدين عن المجال السياسي.

طبعا بما أن الويكيبيديا هي موسوعة مفتوحة على الإنترنيت ويستطيع أي شخص أن يضيف أو يعدل فيها، فلا استبعد أن ممثلي الإسلام السياسي، أدخلوا مفهومهم للعلمانية هنا أيضا، كما فعلوا في المؤلفات والنصوص الأخرى بالعربية.

بينما لم يتمكنوا من ذلك في النسخة الإنكليزية، ربما لعدم اهتمامهم بالأمر، أو ربما بسبب معرفتهم باستحالة تضليل قراء يعرفون ويمارسون العلمانية في شؤون حياتهم.

التطبيق العملي

هذا على مستوى المصطلح، أما على مستوى الواقع العملي، فنجد أيضا أن ممارسة العلمانية تعني خلاف ما يقوله منظرو الإسلام السياسي.

وسواء في أوروبا أو أميركا فإن العلمانية لم تعن في أي وقت إقصاء الدين عن الحياة. بدليل وجود المؤسسات الدينية من كنائس ومساجد ومعابد يهودية وبوذية وهندوسية... إلخ. وبدليل ممارسة أتباع هذه الاديان طقوسهم بحرية تامة، وفي ظل حماية الدولة.

بل أنه في بلدان غربية كثيرة يجري على الدوام التذكير وإحياء المناسبات الدينية لمعظم الأديان. ويشجع المسؤولون الرسميون سواء على المستوى الفيدرالي أو المحلي الناس على التمسك بعاداتهم وتقاليدهم ذات المنشأ الديني.

كما يقوم المسؤولون بزيارة دور العبادة، والاجتماع مع ممثليها، وفي المناسبات الوطنية الكبيرة يدعى ممثلو الأديان الرئيسية إلى الحضور وإلقاء كلمات.

وحتى في بلد يوصف بالتشدد في تطبيقه للعلمانية مثل فرنسا، لا يوجد اي إقصاء للدين عن الحياة أو شؤون الحياة.

فهناك أيضا يمارس الناس من مختلف الأديان، بمن فيهم المسلمون، عباداتهم وشؤون دينهم بحرية، وهم منظمون على المستوى المحلي، ولهم جمعياتهم ومؤسساتهم الدينية.

لكن بالطبع في جميع هذه البلدان لا يسمح أيضا بتداخل الديني والسياسي، كما لا يسمح بفرض أي دين أو معتقدات دينية على الآخرين، كما يحظر على الدولة والحكومة أن تحابي دينا معينا حتى ولو كان معتنقوه يشكلون الأغلبية في هذا البلد، أو تميز ضد دين آخر حتى وإن كان أتباعه لا يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة.

والملاحظ أيضا هو أن التدين لا يقل أو يضعف حيث يجري تطبيق العلمانية، كما أنه لم يثبت أن زاد التدين في البلدان التي لا تطبق العلمانية.

أما المتضررون من العلمانية فهم ليسوا عامة الناس، وإنما أولئك الذين اعتادوا على مر التاريخ أن تكون لهم سلطة وامتيازات، يستمدونها من موقعهم الديني.

دولة المواطنين

في ظل العلمانية يعود رجل الدين إلى دوره وحجمه الطبيعي، وهو التخصص في شؤون العقيدة وتكون ساحته هي المؤسسة الدينية، ويكون الإنسان ـ المواطن، حر في أن يذهب إلى هذه المؤسسة أو لا يذهب، يأخذ برأي رجل الدين أو لا يأخذ.

وليس للدولة أن تعاقبه أو تحد من حريته لهذا السبب، كما أنه ليس لها أن تكافئه على هذا السلوك. فالدولة محايدة تجاه شؤون العقيدة والاعتقاد.

وقصارى القول إن العلمانية في حقيقتها ليست موجهة ضد الدين، فهي ليست دينا آخر، ولكنها وسيلة لتنظيم العلاقة بين السياسي والديني.

وقد أصبح وجودها ضرورة بعد نشوء الدولة الحديثة، التي باتت تتكون من جمهور المواطنين، بديلا عن جماعة المؤمنين، كما في الدولة القديمة.

ولأن الأساس في المواطنة هو انتماء المواطن إلى الدولة والخضوع لقوانينها، في مقابل حمايتها له، على عكس الدولة القديمة (ما قبل الحديثة) التي كانت تقوم على الانتماء الديني، فإن فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية، يهدف في الأساس إلى حماية فكرة المواطنة وترسيخها. أي حماية أحد أبرز الأسس للدولة الحديثة.

ولما كان الأمر كذلك، فإنه تصبح العلمانية شرطا لا بد منه للانتقال من دولة الأديان إلى دولة الأوطان، ومن دولة المتدينين إلى دولة المواطنين، ولذلك قلنا إنها الحل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن موقع “الكاتب” – 16 تشرين الأول 2020

**************

ص14

“انتفاضة 1987: تحول شعب”

مصطفى ديب

عام 1987، وتحديدا في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى التي عرفت في ما بعد بانتفاضة الحجارة، لتشكل أحد أهم أشكال المقاومة الشعبية الفلسطينية غير المسلحة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي. وبمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لاندلاعها، عقدت “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” بالتعاون مع “دار النمر للفن والثقافة” مؤتمرا تحت عنوان “انتفاضة 1987: الحدث والذاكرة”، خلال الفترة الممتدة من 24 إلى 30 تشرين الثاني 2017 في كل من جامعة بيرزيت ومدينتي غزة وبيروت.

تناول المؤتمر الجوانب الثقافية والفنية المتعلقة بالانتفاضة، وسعى أيضا إلى وضع إجابات على مجموعة من الأسئلة، أهمها: كيف نفهم انتفاضة 1987 بعد ثلاثين عاما على انطلاقها؟ ما هي العوامل التي أنتجت الانتفاضة بصفتها حالة شعبية واسعة؟ وما الأثر الذي تركته في الثقافة والسياسة والمجتمع الفلسطيني؟ وكيف أثرت على صورة الفلسطيني في العالم؟ وهل للانتفاضة فرادة وخصوصية تاريخية استثنائية من ناحية العوامل والفواعل التي تسببت باندلاعها؟

وبعد مرور ثلاث سنوات على انعقاد المؤتمر، جمعت “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” الأوراق والمداخلات والشهادات التي قدمت خلاله، وأصدرتها حديثا في كتاب حمل عنوان “انتفاضة 1987: تحوّل شعب”، تقديم وتحرير روجر هيكوكوعلاء جرادات، وبمشاركة أكثر من 20 باحثا وكاتبا تنوّعت مساهماتهم بين ما هو ثقافي وفني وسياسي، وركزت جميعها على الانتفاضة باعتبارها نقطة تحوّل في التاريخ الفلسطيني، وتاريخ صراع الشعب الفلسطيني مع دولة الاحتلال الإسرائيلية.

عبر الشهادات والمساهمات والمداخلات المتنوعة والمختلفة أيضا، يقدم “انتفاضة 1987: تحوّل شعب” رؤى سياسية متنوعة ومتعددة الأبعاد للانتفاضة، تجعل منه الكتاب الأول من نوعه الذي ينصرف إلى البحث عن مفاتيح لأبواب مستقبل فلسطيني يبدو غامضا وغارقا في ماض شديد الاضطراب والتناقض، الأمر الذي يؤهّله ليكون مساهمة بالغة الأهمية تساعد على فهم الانتفاضة بصفتها فصلا أساسيا من تاريخ فلسطين والشرق الأوسط.

تناول الكتاب الذي جاء في 397 صفحة مواضيع ومسائل مختلفة متعلقة بالانتفاضة وأحوالها وتداعياتها، منها خلفياتها بصفتها خلفيّات انتفاضة شعبية كبرى إن كان على صعيد الوعي والتعبئة والتنظيم، أو أشكال المقاومة أيضا، كما تناول مسألة الحشود عبر تقديم المشاركين قراءة لها وللإرادة العامة آنذاك، والقيادة الموحدة والتنظيمات الإسلامية ودور منظمة التحرير في الانتفاضة، وعلاقة الداخل بالخارج في سياقها، بالإضافة إلى دور “حماس” والمقاومة الشعبية وأنماط التعبئة والسيادة الداخلية، عدا عن شهادات حية تستعرض الأدوار الكفاحية لبعض العوائل الفلسطينية آنذاك، منها عائلة فارس بشير جرادات.

ويضم الكتاب أيضا دراسات وأبحاث حول التعليم في ظل الانتفاضة، والاستراتيجيات القمعية والتحررية، وحركة مقاطعة إسرائيل “BDS” وإرث الانتفاضة ودور وموقف وموقع فلسطينيي 1948 فيها ومنها، بالإضافة إلى مسألة حقّ تقرير المصير، وتحولات السياسات الإسرائيلية تجاه السكان والأرض، والانتفاضة الفلسطينية الأولى كنقطة تحول في إعادة صياغة جسد الفلسطيني وروحه، عدا عن الأبعاد الاقتصادية للانتفاضة الأولى في سياق المسار التنموي الفلسطيني.

لا يغفل “انتفاضة 1987: تحوّل شعب” العوامل الثقافية، إذ تتناول بعض الدراسات الانتفاضة انطلاقا من كونها حدثا فنيّا، فيما تبحث أخرى في مسألة الإنتاج الفني في ظلها، وتقدم قراءة في بعض الأفلام التي تناولتها، قبل الانتقال نحو تأثيرها في نوعية رأس المال الاجتماعي وممارسة تخليدها وتأريخ خطابها ورؤيتها، بالإضافة إلى العلاقة ما بين الانتفاضة ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع “صوت ألترا” – 12 تشرين الأول 2020

*************

29 مليون امرأةيخضعن للعبودية الحديثة

ذكر تقرير صدر مؤخرا أن  نحو 29 مليون امرأة وفتاة قد وقعن ضحايا للعبودية الحديثة ، ليجري استغلاله من خلال العمل القسري، والزواج القسري و"العبودية" الناجمة عن سداد ديون بالإضافة إلى "العبودية المنزلية".

وبحسب موقع غلوبال نيوز الكندي فقد أوضحت غريس فورست، المؤسس المشارك لـمنظمة "ووك فري" لمكافحة العبودية، أن واحدة من كل 130 امرأة وفتاة تعيش في ظل العبودية الحديثة.

وقالت في مؤتمر صحفي للأمم المتحدة: "الحقيقة هي أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظل العبودية اليوم أكثر من أي وقت آخر في تاريخ البشرية."

وتعرّف منظمة "ووك فري" العبودية الحديثة بأنها "إزالة منهجية لحرية الفرد، إذ يتم استغلال إنسان من قبل شخص أو منظمة أو مجموعة أفراد لتحقيق مكاسب شخصية أو مالية".

وقالت فورست إن تقديرها للاعدا النساء اللواتي يخضن لـ"العبودية الحديثة " يستند إلى دراسات قامت بها منظمتها بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة.

وطبقاً للتقرير فإن النساء يمثلن 99 في المائة من ضحايا الاستغلال الجنسي القسري، و84 في المائة من ضحايا الزواج القسري، و 58 في المائة من  ضحايا العمل القسري.

واعتبرت فورست أن الأرقام التي ذكرها التقرير متحفظة كونها لا تأخد بالحسبان فترة انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي بحسب كلامها تسببت في زيادة حادة في حالات الزواج القسري وزواج الأطفال واستغلال ظروف العمل في جميع أنحاء العالم".

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وكالات – 11 تشرين الأول 2020

*************

"أوكسفام" تطالب المانحين بالوفاء بتعهداتهم لمكافحة الجوع

حذّرت منظّمة “أوكسفام” غير الحكومية الثلاثاء من أنّ الأمم المتّحدة لم تحصل على الأموال التي وعدت الدول المانحة بتقديمها لتوفير مساعدات غذائية لأفقر الدول التي تعاني من انعدام في الأمن الغذائي، أو حتّى المهدّدة بالمجاعة.

وقالت أوكسفام في تقرير نُشر بعد أيام قليلة من فوز برنامج الأغذية العالمي بجائزة نوبل للسلام إنّ استجابة المجتمع الدولي لانعدام الأمن الغذائي العالمي “غير كافية بشكل خطير”.

وأوضح التقرير وعنوانه “لاحقاً سيكون متأخّراً جدّاً” أنّ نقص أو غياب التمويل اللازم لمكافحة الجوع يؤثّر بشكل خاص على سبع دول هي أفغانستان والصومال وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديموقراطية ونيجيريا (شمال) ودولة جنوب السودان واليمن.

وأضاف أنّ الجهات المانحة لم تدفع حتى اليوم سوى 2.85 مليار دولار أي 28% من إجمالي المبلغ الذي طلبته الأمم المتحدة في آذار/مارس لمكافحة تداعيات أزمة جائحة كوفيد -19 والبالغ 10.19 مليار دولار.

وأعربت أوكسفام عن أسفها لأنّ خمسة من هذه البلدان السبعة الأكثر عرضة لخطر الجوع لم تحصل من المانحين على أيّة أموال لمواجهة انعدام لأمن الغذائي الناجم عن الجائحة، في وقت تزايدت فيه بقوة أعداد الذين يواجهون خطر الجوع فيها.

وفي هذا السياق أوردت المنظمة على سبيل المثال بوركينا فاسو التي تضاعف فيها بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2020 عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحادّ ثلاث مرات تقريباً (من 1.2 مليون شخص إلى 3.3 مليون شخص).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أ‌.       ف. ب. – 14 تشرين الأول 2020

****************

ص15

انتفاضة تشرين ثقافيا / محور خاص

تعد انتفاضة تشرين في ذكراها الأولى ، فاتحة مسار شعبي يدرك حقوقه التي سلبت منه.

فما هو دور الثقافة والمثقفين في إغناء هذه الانتفاضة الباسلة ..رأيكم يهمنا وصوتكم يعنينا .

توجهنا بهذا السؤال الى عدد من الكتاب والاكاديميين والمثقفين العراقيين والعرب في الداخل والخارج، وتسلمنا اجاباتهم التي ننشرها تباعاً ...

المحرر الثقافي

****************

صوت الشعب ..

د. سعيد عدنان

درجتْ حكوماتُ العراق، منذ قيام الدولة في سنة 1921، على إغفال صوتِ الناس، وعلى إقامة حجاب صفيق بينها وبينهم ؛ تريد أن تُسمعهم، ولا تريد أن تَسمعهم ! غايتُها الأولى حفظُ كيانها، وبسطُ سلطتها، وقمعُ من ينتقدها ؛ تقمعُه بالسوط، وبالأكاذيب ترميه بها حتّى تَشينَه، وتسوءَ به القالةُ بين الناس ! فكان أن فسد الأمرُ ما بين الحكومة والشعب، وانعدمت الثقة، وصار كلٌّ منهما يُضمر خشية الآخر، ويتربّص به !

كان يغلِب على الحكومة، منذ نشأت، الإهمالُ ؛ إلّا ما يتّصل بكيانها فإنّها يقظة، حريصة، تُحسن حياطة نفسها ؛ أمّا الناس، ولاسيّما أهل الريف، والقرى، وضواحي المدن فنصيبهم من إدارة الحكومة التهاونُ بهم، وإسقاطُ حقّهم في حياة حرّة كريمة !

وقد صوّر الشعرُ جانباً من ذلك الإهمال والتهاون ؛ فقد قال علي الشرقيّ :

ما حياةُ الفلّاح فـي كنف الغرّ ...اف إلّا موتٌ طويلُ النزاعِ

كجروحٍ في جسم ميْتٍ كريمٍ ... السواقي ما بين تلك البقاعِ

وقال أحمد الصافي النجفي :

ياريف إنّ كتاب بؤسك مشكلٌ ... يعيا بحلّ رموزه الشرّاحُ

ولولا إهمال الحكومة، وقصورها لاستقام أمر الريف، وجرت حياة الناس فيه على ما ينبغي أن تجري عليه. ولقد تلبّس الحكوماتِ المتعاقبةَ الإهمالُ والقصورُ! ولعلّ مردّ ذلك أنّ الدولة، برمّتها، حين قامت، لم تقم على مفهموم سليم يستوعب المجتمع كلّه، ويرتقي به ؛ فقد كانت دولة طبقة أو فئة، ولم تكن دولة مجتمع .

لقد كان على الدولة الناشئة أن تُخرج المجتمع من ظلمات العصر العثماني إلى أنوار العصر الحديث، وأن تكون لها خطّةٌ محكمةٌ في التعليم، والصحّة، ومشاريع الزراعة والصناعة ؛ لكنّها سارت في هذه السبيل متباطئة، ثقيلة الخطى فلم تقدر أن تقود المجتمع نحو ما يحقّق له العيش الكريم .  قال الجواهريّ في سنة 1923 مصوّراً ما انطوت عليه تلك البنية من خلل :

قد كنتُ أقربَ للرجاء فصرتُ أقربَ للقنوط

كلُّ البلادِ إلــى صعودٍ والعراقُ إلــى هبوط

فقد كان التعليمُ منقوصاً، وكانت إدارةُ شؤون الزراعة والصناعة مختلّة، وكانت الرعاية الصحيّة مقصورة على المدن،  وكان الفقر وسوء العيش يغلبان جمهوراً واسعاً من الناس، وبجملة الأمر، كان ميزان العدل مختلّاً !

لقد كان بين الدولة، بكلّ حكوماتها المتعاقبة، وبين الناس بونٌ ؛ نشأ ضيّقاً، ثمّ لم يلبث أن اتسع على مرّ السنين، وكلّما اتسع زاد ضيمُ الناس، وتضاءلت حقوقهم . يقول الجواهريّ في سنة 1927، وقد ألبس دجلةَ، وهي في عنفوان فيضانها، شيئاً ممّا يتخلّج في المجتمع يومئذٍ :

ودجلةُ حرّةٌ ضيمتْ فجاشتْ ... ويأبى الضيمَ والإذلالَ حرُّ

أضاعوا ماءها هدراً وأخنى ... على مستودع البركات فقرُ

وكلّ مضيم لا بدّ أن ينتفض، وأن يدفع عنه الضيم أو شيئاً منه !

ولعلّ ممّا أخلّ بالدولة، حين نشأت في سنة 1921، أنّه لم يصحبها فكر فلسفيّ يرسم مسارها، ويضع حدودها، ويُبيّن ما لها وما عليها ؛ وقد ظلّ هذا النقص عالقاً بها يُربك سيرها، وسير مؤسساتها، ويطلق يدها، فيجعل صورتها عند الشعب مُخيفةً توجب الاحتراز والحذر !

لقد شاع أنّ الحقّ كلّه مع الدولة، وليس عليها شيء ؛ فإذا أعطت فإنّما هو تفضّل منها، وإذا منعت فليس ثمّة من يسألها، وإذا سُئلتْ رفعتْ سوطها ! وقد أفضى ذلك إلى مزيد من الظلم، وهدر الحقوق ؛ يقول الجواهريّ، بعد ثورة العشرين بعشر سنوات :

قبلَ أن تبكي النبوغ المضاعا ... سُبَّ من جرّ هذه الأوضاعا

سُبَّ من شاء أن تموتَ وأمثا ... لُكَ همّاً وأن تروحوا ضياعا

بعد “عشر” مشت بطاء ثقالاً ... مثلما عاكست رياحٌ شـراعا

عـرّفـتْـنا الآلامَ لـونـاً فلـونـاً ... وأرتْـنا المماتَ ساعاً فساعا

ويُستفاد من شعر الجواهري، في هذا المورد، وفي غيره من موارد شعره، أنّ ثورة العشرين لم تحقّق مبتغى الشعب، وأنّ الضحايا ذهبت سدى، وكذلك حالُ ما شهد البلد من انتفاضة، ووثبة ؛ إذ ينتفض الشعب، ويثب، ولكنّ الحكومة تظلّ على نهجها في إضاعة الحقوق، وإغفال عامّة الناس، وهدر كرامتهم ؛ ذلك أنّ بنية الدولة هي هي ؛ لا تقدر أن تستوعب المجتمع كلّه، ولا تريد !

وحين قام تمّوز في سنة 1958، وكان عنيفاً صاخباً مصطبغاً بالدم ؛ فإنّما هو، بوجه من وجوهه، إجابةٌ عن تلك المظالم، وردٌّ عليها .

لكنّ الجمهوريّةَ حين قامت لم تلبث أن انحدرتْ في طريق الضياع، ومظالمَ العهد الملكي لم تكد تزول حتّى نشأ ماهو أشدّ منها ظلماً، وأبعد منها إيغالاً في هدر كرامة الإنسان ! وكأنّ بنية عميقة تحكم مسار الأمر، وتدفع نحو الظلم، وطغيان أولي الأمر في كلّ عهد !

ومن أجل أن يستقيم الأمر بين الدولة والشعب لا بدّ من صيغة واضحة ترسم لكلٍّ ما له وما عليه . على الدولة، في أوجب ما يجب عليها ؛ أن تُقيم أمرها على مبدأ المواطنة، وأن تجعل الناس على صعيد واحد لا تتقدّم بهم إلّا كفايتهم،وأن تحقّق للشعب، كلّ الشعب، عيشاً كريماً يحفظ على الإنسان كرامته، ويرتقي به ؛ وسبيلها إلى ذلك الزراعةُ، والصناعةُ، والتعليمُ، ورعايةُ صحّة الناس، ووضعُهم على منافذ العمل المفيد ؛ فإذا حقّقتْ ذلك أعلنتْ شرعيّتها، وإذا أخلّتْ به عادتْ شرعيّتها منقوصة ! بل لاشرعيّة إلّا بما يحفظ حياة الناس، ويصون كرامتهم !

لا بدّ للدولة، بمؤسساتها كلّها، من أن تسمع صوت الشعب، وأن تكون معه في ما يحقّق له العيش الكريم...!

*************

الانتفاضة .. رهان العراقيين على المستقبل

د. محمد فلحي*

مراهنة العراقيين على المستقبل تتجه نحو تعزيز دور الفئات العلمية المثقفة، واعتماد الكفاءات العلمية في المناصب المهمة،فالمثقف الحر مصدر إشعاع وعطاء وإبداع لا يعيش ولا ينمو إلا في بيئة شعبية سليمة،لذلك وجد الكثير من المثقفين أنفسهم منخرطين تلقائياً في الحراك الجماهيري،منذبدايته،وأصبح بعضهم أيقونات ساطعة في المشهد الإعلامي والإبداعي المساند للتظاهرات،ولا شك ان وجود المثقفين في ساحات التظاهر يضفي على فعالياتها صبغة الوعي في تحديد الأهداف الشعبية والتعبير عنها  من خلال شعارات وطنية خالصة،وسيكون صوت المثقف مثل بوصلة الوطن أمام الشباب المتحمسين الذين قد يندفعون نحو العنف، ويبتعدون عن  مساحة الاحتجاج السلمي،وقد تجرفهم تيارات التدخل الخارجي وتشوه قضيتهم المشروعة الواضحة.

إن حضور المثقفين ومشاركتهم فعلاً وعطاء، في قلب التظاهرات، يجعل الوعي حاضراً والفكر فاعلاً،وهو يرسم صورة مشرقة للمطالب الوطنية،وينقذ العقل الجمعي من الفوضوية،ويعيد مسارات الاحتجاج في الشارع الساخن إلى طريقها المستقيم من دون انحرافات خطيرة!

ـــــــــــــــــــــــــ

* أكاديمي وإعلامي

***************

ص16

تشرين وأزمة المثقف

د. أحمد الزبيدي*

انتظمت صورة المثقف ومهمته، على وفق التصور الغربي، في تحقيق التنوير والحداثة والكلام في الحقيقة مع السلطة، ولذلك يرى الماركسي الإيطالي انطونيو غرامشي أن معيار تمييز فعاليات المثقفين عن سواهم من الجماعات الاجتماعية لابد أن يُبحَث عنه لا في الطبيعة الداخلية لهذه الفعاليات بل في وظيفتها الاجتماعية، وقدرتها على (القيادة الثقافية) المنطلقة من المصالح الاجتماعية وفعالية الخطاب القادر على زحزحة الثوابت الفكرية والثقافية وتحريك الذوق وبوصلة الرأي ببنى عقلية تنفلت من أطر الالتزام .. ومهمة كهذه تجعل من المثقف ثائرًا أكثر مما تجعله عارفاً، ومنتميا أكثر مما هو مستقلا، ولذا فإن المصطلح الشهير (المثقف العضوي) يختزل تلك الصفات بما ينسجم مع (المصالح الاجتماعية) الغرامشية ..

وعلى وفق التصورات الفكرية والفلسفية للمثقف، فإن فاعليته الحرية تكمن في التمرد والتصارع مع الخطابات الراكدة والسلطوية اللاهوتية والفوقية، ولعل مصطلح  (المثقف) لم يكن متداولا وليس له مفهوم بهذا المعنى في التراث العربي، بل على العكس فإن دلالة المثقف، عربيا، باتت تعني عند البعض (الخنوع) والاستقامة و(ابن الحمولة!) لأن مركزية السلطة تقوم على قداسة الثوابت وشرعية وجودها سواء كانت مرجعية للحكم أم كانت حكما مباشرا في المزاولة والتداول، وهذا ما أدى إلى أن تكون إحدى أهم مهام السلطة هي السيطرة على القيادة الثقافية ومنحها وظيفة إدارة الخطاب الموازي لخطاب السلطة الحاكمة وجعلهم حرفيين يمارسون الوظائف التابعة للطبقة السياسية الحاكمة، وحين يبرز صوت المثقف المعارض واللامنتمي للسلطة فإنه يبرز على وفق مرجعيات سياسية وآيديولوجية منتظمة ينتمي إليها ليمنح طاقاته الثقافية انتظاما خطابيا يحقق التأثير عبر الصراع مع السلطة، ومن هنا فإن الطاقات الثقافية المعارضة الفردية أقل نسبة بل أقل حضورا من الاتساق النضالي بمرجعيات سياسية..

إن غياب النظام الفردي البعثي الدكتاتوري لا يعني غياب (النسق / الوظيفة) لأن نظاما جثم على جسد البلاد لخمسة وثلاثين عامًا واستغل كل قدراته السلطوية لتشريع وجوده، فمن الطبيعي أن تتسرب سياقاته المختلفة إلى مفاصل الحياة ومنها سياق (الثقافة) و(المثقف) وحين انبثقت ثورة تشرين في العام الماضي وبمشاركة جماهيرية واسعة، فإن المثقفين توزعوا حسب (مرجعياتهم الثقافية) فوجدنا المثقف الحقيقي المتمرد المؤازر للخطاب الثوري الجديد ووجدنا المثقف الملتزم (الحباب)  الداعم للسلطة على أنها جاءت من رحم قيادات نبيلة ومقدسة!! ومنهم من آثر الصعود على الجبل وارتضى استقلاليته وتقاعده المبكر وإحالة موقفه على (المعاش) .. ولكن التساؤل الأهم عن دور المثقف في التظاهر ومدى فاعليته في تحقيق (القيادة الثقافية) فحين ننظر إلى قدحة الثورة وانطلاقها نجد أن اللا (قيادة) هي السمة البارزة على الحراك الشعبي، وهذا ما أخاف (السلطة) واتخذتها (جملًا)  لتكيل اتهاماتها للثوار بأنهم (عملاء السفارات) أو على الأقل أن قياداتهم ينطلقون من أجندات خارجية غربية وتآمرية ! إذ اعتادت السلطة على أن ترى خصمها الثائر ينطلق من شرعية قيادية دينية وآيديولوجية هي جزء من نظام السلطة، فثورة لا قيادة لها اخطر الثورات من أشد الأساليب قلقا للسلطة. وهذا ما قاد تلك الأحزاب التي كانت تتكئ على هويتها المنتظمة وقداستها الرفيعة أن تشارك وتمنح نفسها صفة (القيادة) و(المظلومية) في الوقت نفسه، ولم يكن لهذا الأسلوب أثر سياسي وحسب بل انعكس على المثقف الذي بدأ يشعر بحراجة الموقف وتحجيم الدور، لأن الحضور الديني في التظاهر يعني التسلط على الخطاب المدني الذي انطلقت منه الثورة، وعليه فإن الحضور المباشر في ساحة التظاهر يقود إلى المشاركة مع الضد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. وهذا ما قاد بعض الأصوات الثقافية إلى مغادرة التحرير بعد أن شعر بالتفاف القيد حوله .. وأصبحت الثورة الشبابية تعتمد على ردة فعلها تجاه الممارسات السلطوية القامعة والقاتلة للأحرار فكان حضور الميديا أشد نفعا وأكثر تأثيرا من  المقالات والقصائد والخطابات اللغوية الأخرى، بمعنى أن ردة الفعل تجاه الممارسات السلبية هي من تقود إلى الفعل الثوري الإيجابي ..

أن المثقف ما زال في موضع (الدفاع عن الاعتراف) بوجوده كونه مثقفا، إذ إن غياب البعد المؤسساتي للبنى الثقافية وهيمنة الخطابات الآيديولوجية المتناحرة أدى إلى عدم تشكل طبقة ثقافية قادرة على تحقيق خطاب تنويري فاعل   يوجه بوصلة الرأي العام على وفق مرجعيات مدنية، ومن ثم فإن المثقف الموظف يتحرك بفاعلية أكثر لأن طبيعة المؤثرات في المجتمع العراقي هي مؤثرات آيديولوجية أكثر مما هي معرفية، واللامنتمي أو الحر لا يجد مساحة كافية لغرس بذوره التنويرية وإن شمت السلطة رائحة صوت مدني تنويري، قد يكون خطرا عليها، فإنها تتبع الوصية بمنع (منكره) بأضعف الإيمان أو بـ (قتله) وهو أقوى الإيمان ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* باحث واكاديمي / رئيس تحرير مجلة (الاديب العراقي)

***********

انتفاضة الروح العراقية

طه الزرباطي*

أروع ما أنتجته الانتفاضة الروح العراقية ، بتجاوز كل ما رُسِمَ في دهاليز الظلمة من اجل صناعة وطن مُتشرذم ، متقاتل ، متخاصم ، وربما تلمست الروح العراقية بخوف شديد تلك المرحلة التي قسمت مدنا الى حارات طائفية ،او اثنية . فكانت الانتفاضة صرخة عميقة وشجاعة ،وصحوة فاجأت من راهن على فُرقتِنا،ورسالة ذات مغزى ،لو استوعبتها القائمون على السياسة في الداخل والخارج .

 دور المثقف تأخر كثيرا ، وكاد الكثير ممن وضع نفسه تحت يافطة المثقف أن ينجر الى صناعة الاختلاف الذي حيك في الظلام و كان على للمثقف أن يكشف تلك اللعبة اللعينة ، كان على المثقف أن يتبنى المواطنة ،وبناء الوطن المؤسسي ، وأن يكون أكبر من كل ما خطط له . لكن اليوم اصبح للمثقف العراقي ، كلمة ، وحراك ، ونزف ، وكلمة .. الانتفاضة أعادت الامل الى الروح العراقية اولا قبل موضوعة الخدمات ،والحقوق ،ولابد من القول أننا نتنفس أملا عراقيا ،وانعطافة نحو صناعة الغد ...ولابد أن نؤكد ان الطريق مازال طويلا امام العقل الجمعي العراقي ...بوركت الانتفاضة ، وسلم العطاء المكلل بالشهادة ...

ــــــــــــــــــــــ

*  كاتب وشاعر

**********

دور الثقافة والمثقفين

في إغناء الانتفاضة

ايسر الصندوق

عند عتبات الذكرى الاولى لأنتفاضة تشرين الأول نستعيد ذكرى الاحتجاجات العراقية في ساحات الاعتصامات ولحظاتها المنسوجة بين جميع شرائح المجتمع العرافي وأصداءها في ارجاء العالم ,  اذ كان للمثقف الواعي دوراً متميزاً في تأطير الجهود المتميزة من ابداع مترجم للمواقف والاحداث الى لوحات ناطقة بمجريات تلك الاحداث .

كثير من المشاهدات الادبية والثقافية قدمها الادباء والمثقفين الى جانب المحتجين ومنها تغيير ملامح الجدران الى جداريات ملونة من اجل ايصال صوتهم وما يرمون اليه من مطالبات من خلال تلك الجداريات .

وحسب أقوال الفنانين الشباب انها ثورة فنية اخرى تضاف الى الانتفاضة , وبهذه الثقافة قد أعادو رسم خارطة العراق على جداريات تحمل شعارات وامنيات كثيراً ما سعوا الى نيلها وتحقيقها .

كان لضرورة أحتجاج المثقف الى جانب الشباب المنتفض في إيقاد الحظة العراقية التأريخية  وتشكيل لظاهرة ثقافية واجتماعية تعد منجزاً ثابتاً يحفر في الذاكرة العراقية من اجل رمز الاحتجاج العراقي وهذا منظور ثقافي وابداعي جاءبعد سلسلة من التضحيات والمواقف أسوة بما قدمه العالم في ثوراتهم  ووقوف الادباء الى جانب المحتجين أمثال الفيلسوف سارتر وفي قولة المشهور “ السلام هو الحرية”.

ــــــــــــــــــ

* كاتبة

**************

الانتفاضة .. رفض للخراب السياسي

 

قاسم محمد مجيد*

من البداهة  أن المعاناة  اليومية للإنسان العراقي  افرزت منذ البدء موقفا  شجاعا “رافضا “ من مثقفي العراق الذين تصدوا لمشاريع الخراب  للطغمة السياسية الفاسدة والفاقدة للشرعية ولم يقف   المثقف العراقي طيلة اكثر من عقد ونصف  , موقف المتفرج او المحايد  تجاه الموت العبثي   والفساد   والصراعات الاثنية والطائفية  ورغم محاولات الاغتيالات  والخطف والترهيب والاخفاء القسري فقد قدم المثقف العراقي أنموذجا للتلاحم  مع شعبه  وقضاياه المصيرية  وقبل انطلاقة ثورة الشباب في تشرين 2019 كان للمثقف دورا في الاحتجاجات  في اعوام 2011 - 2012 - 2015 في عودة للذكرى الاولى لثورة تشرين نجد ان المثقف العراقي كتفا لكتف مع الشباب الثائر  ليقول وبصوت واحد كفى لساسة الخراب والفساد.. كما كانت خيم الاتحادات والنقابات  تشهد الفعاليات العديدة وقدم المثقفون في هذه الانتفاضة المباركة الكثير من الشهداء والجرحى والمغيبين, وساهمت الانشطة والفعاليات الثقافية والفنية  في تحريك الشارع  العراقي  وكسر حاجز الخوف على الرغم من التضحيات الجسام التي قدمها الثوارعلى مذبح الحرية والكرامة, ثورة تشرين  ليس حدثا” عابرا” بل هي  نقطة تحول تاريخي كبير  وان أي محاولة لاحتوائها  هي محاولة فاشلة  فالانتفاضة مستمرة  في احتجاجها حتى  التغيير واستعادة وطن  أراد الطغاة ان يطمسوا هويته  الوطنية لصالح هويات فرعية المجد للشهداء والعار للقتلة والنصر قريب.

ــــــــــــــــــ

* كاتب وشاعر

**************

ص17

مشاغل الثقافة في ذكرى الاحتجاج السنوية

د.جوادالزيدي

على الرغم من الأعداد المتواضعة لأصوات المثقفين أمام الكثافة الشعبية عندما نحتكم الى فلسفة الكم والكيف في المقاربات الاجتماعية وفاعلية التأثير ، ألا اننا نجد أن صوت المثقف بمختلف اتجاهاته وتنوعات اشتغالاته هو الأكثر تأثيرا في اوساط السلطة والقوى المتنفذة والممسكة بالقرار الحكومي لأنه يمتلك ادوات التأثير من خلال امكانيته في توظيف كل المقومات والتقنيات من أجل الوصول بصوته ، بوصفه صوتا معبرا عن ضمير الناس . ولعل الجموع الواسعة بحجمها الكمي تنتظر هذا الانموذج النوعي للاستدلال به مرة والاسترشاد بنصائحه في اخرى والتأكيد على صحة المسار وتصحيحه في المنعرجات الاحتجاجية الكبرى ، فهو يمثل شريحة تضيء عتمة الاشياء وتعلن تكاملها مع المجاور في الحقل نفسه مثل بقعة اللون وسط المختلف من الألوان ، وهكذا يعلن المثقف تفرده وخصوصيته التي تنتمي الى الايجابي في كل الأحوال على الرغم من سلبية البعض او سكونه طبقا لمصالح شخصية او فئوية يمكن أن تعطل مسار الذات من انتاجها الخصب والموشح بمحبة الوطن والناس . وهذا يفتح السؤال عن دور المثقف في الحياة العامة واذا ما توصلنا الى ذلك الدور وتلك الأهمية فأنه يحيلنا الى تقسيم آخر يقترن بالمفهوم الغرامشي عن عضوية الثقافة والمثقف وترديداته لمطالب الناس العامة وتبينها في مشروعه الحياتي والنقابي والثقافي بمختلف عناوينه العامة والخاصة وعندها يتحول الخاص الى عام وهنا يكمن الدور الحقيقي للمثقف والمبدع حين يتنازل عن ذاتيته لصالح الذات الجمعية وينصهر بها من أجل ترميم البنية الاجتماعية وتعديل مسارها بما يخدم الجميع وتأثيث امكنة الوطن التي خربها الفاسدون والقتلة .

بيد أن المثقف الحقيقي ورصده المثابات الجديدة والممتدة الى مباديء الثورية في الفعل الجمالي حتما سيقترن بمفهوم المثقف العضوي لأن متبنياته الكبرى تصب في خانة الصالح الاجتماعي . وهذا ما يمكن أن ننطلق منه لتوصيف الذكرى السنوية للاحتجاج التشريني الذي شكل فيه المثقف رأس الرمح في الشروع للمطالبة بمستحقات عامة أدت الى تغييرات حكومية ووعودها بتغييرات دستورية محتملة على صعيد تعديلات الدستور وقانون الانتخابات وحزمة الاصلاحات الأخرى . وعلى الرغم من المسار المتعثر الذي مرت به حركة الاحتجاج بفعل الظروف الموضوعية التي اجتاحت العالم بسبب الوباء واشياء أخرى اقترنت بالتغيير الحكوني وانتظار تحقيق المطالب الجماهيرية أضطرت حركة الاحتجاج الى السكونية في بعض مفاصلها الزمنية ومراجعة مسار الحركة بشكل نقدي ، ولكن هذا لا يعني التخلي عن الأهداف النبيلة والسامية وكان المثقف أكثر المؤثرين ضمن هذا المسار الزمني لأنه يمتلك وسائله الخاصة في الصحافة والمسرح والموسيقى والبث الفضائي والمعارض التشكيلية بخلاف المتظاهر أو المحتج الذي كانت وسيلته الوحيدة هي التواجد الفعلي في الساحات وأماكن الاحتجاج ، واستمرت بعض المنظمات التي تبنت هذه السياسة منذ البداية في توجيه فعالياتها ونشاطاتها قدر الامكان من تكثيف التفاعل وتواصله دون انقطاع فكانت حلقات اتحاد الادباء وفروعه في العراق الالكترونية وعناوينها التي تلامس الوجع العراقي وتتنوع حتى تصل الى المشاغل الثقافية في هذه اللحظة التاريخية التي يمر بها الوطن من خلال نشاطات يومية ترصد الفعل الثقافي والابداعي وتوظيفه على صعيد المدونات أيضا وصولا الى قرار اعادة الفعاليات بشكل مباشر ، اذ تم اصدار عدد من المجاميع الشعرية والقصصية وبعض الروايات مع الدراسات النقدية التي كانت تشير الى الظروف التي قادت الى الاحتجاج وما تحقق عنها ، وهذا الفعل سيكون وثيقة لما كان أو يجب أن يكون ، فضلا عن تثوير الفعل الاحتجاجي ومشاركة المثقف في أعادته الى الحياة في الأول من تشرين ، كما أن مجلة (رواق التشكيل) الصادرة عن جمعية التشكيليين العراقيين كرست عددها الثامن الى نشر مدونات نقادها عن فلسفة الاحتجاج وتأريخه وامكانية توظيفه في الخطاب المرئي لكي يصبح وثيقة مرئية لقدرة المثقف/ الفنان على التعامل مع الوقائع والحوادث والارهاصات الاجتماعية ، فضلا عن اقامة مسابقات بهذا الشأن وتكريم الفنانين الكرافيتيين الذين اسهموا في صياغة خطاباتهم على جدران ساحة التحرير ومقترباتها ودعم الأصوات التي أغنت هذا المسار وتدعيم تجاربها في اللاحق من الأيام وهو ما يستشعره المواطن العادي والمحتج في دور الثقافة التي يجب أن تكون ، لأنها ثقافة وطن بعيدا عن تفصيلات اختلاف الذاكرة العراقية على بعض المسائل الأخرى ، لأن ما يمر به الوطن هو هموم عامة ومشاغل كبرى لا يمكن الاختلاف عليها حتى من قبل الصامتين من المثقفين . كل هذا الذي جرى خلال السنة المنصرمة يمكن أن يعود بكثافة أكبر ، لأن هذه السنة بلورت الكثير من التوجهات وحاولت تنقية بعض الأفكار من الشوائب العالقة بها من أجل ثورة مجتمعية وثقافية يمكن لها أن تستبدل الكثير من المفاهيم على صعيد الثقافة وتحديد الأدوار التي تلعبها بما يؤسس الى ثقافة وطنية اتضح فقدانها في بعض اللحظات التاريخية ، ولكن امساك الأغلبية بالثوابت الوطنية هو الذي سيضيء عتمة المشهد في الأيام المقبلة ويضع المسار في طريقه السليم مدعوما بفعل الجماهير وايمانها بأهمية الثقافة على اعتبار أن الصراع الآن ثقافي بامتياز بين ثقافة التجهيل وثقافة التنوير والحرية من جهة أخرى تلك الأخيرة التي يجب أن تسود .

ـــــــــــــــــــ

*فنان واكاديمي

************

المثقف الحقيقي

د. معتز عناد غزوان*

لاشك ان المثقف الحقيقي هو من يقود المجتمع نحو جادة الصواب لاسيما انه من خبر هذه الحياة بما يمتلكه من مجسات عميقة تفاعلت مع ما يحيط بمجتمعه من ظواهر ايجابية كانت ام سلبية، والمثقف العراقي التشريني  هو من لامس تلك الحقيقية وعانى من عذابات سنين الفساد والمحاصصة والمحسوبية التي غدت تنخر جسد بلادنا الجميلة الغنية والعذبة برافديها ونسماتها الجميلة.. لكل العراقيين .. المجد للشهداء ... والنصر لأبناء العراق المخلصين ... والكلمة ستبقى اقوى من رصاصات الغدر ..

ـــــــــــــــــــ

*باحث واكاديمي

**********

موقف المثقف من الانتفاضة

صادق الطريحي

من الواضح جدًا للجميع، الأهمية السّياسية والاجتماعية لانتفاضة تشرين، ودورها في وضع صورة السّلطة أمام العالم والشّعب، ولعلّ من المَهمات الأساسيّة للمثقّف والثّقافة هي المشاركة في هذه الانتفاضة عن طريق الكتابة، أو الرّسم، أو السّينما، أو ... بحسب اختصاص المثقّف، وموهبته، وقد شهد الأدب العراقيّ تفاعلًا بينه وبين عدد من الأحداث السّياسية، بين مؤيدٍ لها، أو صامتٍ عنها، أو معترضٍ عليها! وغالبًا ما يكون الصّوت المعترض، هو صوت هامشيّ، ولن يحظى لا بعطف الجماهير الثائرة، ولا بقبول السّلطة القائمة؛ لأنّها تفكّر دائمًا بـ من ليس معي، فهو ضدّي!!

أنّ الكثير من المثقّفين العراقيين قد تعاطفوا مع الانتفاضة، بل اشتركوا بها فعليًا من خلال التّظاهر، والاعتصام، والإعلام على صفحاتهم في مواقع التّواصل الاجتماعيّ، فضلًا عن نشر نصوصهم الشّعرية أو القصصيّة في الصّحف والمجلّات العراقية والعربية. ويجب أن اسجّل هنا أنّ الصّحف التّابعة للدّولة مثل جريدة الصباح مثلًا، قد نشرت الكثير من النّصوص المؤيّدة للانتفاضة، فضلًا عن الصّحف الأخرى في العراق.

ولم يكتف المثقف بالنّشر في الصّحف، بل أصدر كتابًا خاصًا بنصوصه التّشرينية، وعمدت بعض المنظّمات الأدبية إلى جمع النّصوص المنتفضة لعدد من الكتّاب لتصدر في كتاب مشترك، وزّع اثناء التّظاهرات، بعد قراءات شعرية لبعض المشتركين.

ــــــــــ

* كاتبة

*************

الانتفاضة والاعلام

جواد ملكشاهي*

ان انتفاضة تشرين تعبير حي عن ارادة غالبية الشعب العراقي الذي اكتوى بنيران احزاب الفساد والفشل ويسعى للتغيير قبل ان ينزلق البلد الى الفوضى ومن ثم الى الهاوية.

ونحن نعيش اجواء الذكرى الاولى لانتفاضة تشرين المجيدة الكبرى ينبغي للجميع مساندة ودعم و مساندة الانتفاضة بجميع السبل المتاحة، لان هذه الانتفاضة هي المخرج الاخير لأنقاذ البلد من التدهور.

اما طبقة النخب والمثقفين فتقع عليهم مسؤولية كبرى في هذه المرحلة الصعبة من تأريخ العراق، فعلى جميع اصحاب الاقلام الحرة والمنابر الوطنية ان يسهموا بشكل فاعل بتوعية الجماهير وتنوير الرأي العام بما يدور في البلاد من خطط ومؤامرات تنفذها قوى الظلام  والتخلف التي عاثت بالبلاد دمارا وفسادا.

ــــــــــــــــــــــــ

* كاتب وصحفي

************

ص18

انتفاضة تشرين.. قضايا ومعالجات دستورية

عن “دار الرواد المزدهرة للطباعة والنشر” في بغداد، صدر أخيرا كتاب بعنوان “انتفاضة تشرين 2019.. قضايا ومعالجات دستورية”، من تأليف د. علي محسن مهدي. الكتاب الذي أهداه مؤلفه إلى شاعر الانتفاضة الشهيد علي اللامي، كتب مقدمته د. مهدي جابر مهدي (د. مهدي سامي)، فيما راجعه لغويا د. علي إبراهيم. وصممت غلاف الكتاب الفنانة التشكيلية سناء محمد الساعدي. أما الاخراج والتنسيق فقد نفذ من قبل “مركز إيلاف” لفرز الألوان. وجاء الكتاب في 206 صفحات من القطع المتوسط.

***************

“غوغل” يتذكر المناضلة الشيوعية السوداء كلوديا جونز

أحيا موقع “غوغل” الاربعاء الماضي ذكرى المناضلة الشيوعية الامريكية السوداء كلوديا جونز التي ولدت عام 1914 في ترينيداد، جنوبي الكاريبي، وهاجرت مع عائلتها الى الولايات المتحدة حيث اصبحت ناشطة سياسية ومناضلة من اجل حرية السود بعد انتمائها مبكراً الى الحزب الشيوعي الامريكي. وتوفيت في لندن في نهاية 1964، ودفنت بجوار ضريح كارل ماركس في مقبرة هايغيت.

في 1948، اعتقلت كلوديا لالقائها كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي اعلنت فيها تأييدها بقوة للنضال من اجل السلام وضد العدوان الامبريالي. وحكمت بالسجن مرات عدة بسبب نشاطها كعضوة ومتحدثة بارزة في الحزب الشيوعي. واُصيبت بأول نوبة قلبية في السجن في 1951 وعمرها لم يكن يتجاوز 36 عاما. وخلال الفترة التي امضتها في نيويورك كناشطة شيوعية تطورت خبرتها الصحفية ومهاراتها القيادية. 

وفي 1955 جرى تسفيرها من الولايات المتحدة، ومنحت اللجوء في انكلترا، في اعقاب محاكمات الحملة المكارثية السيئة الصيت ضد الشيوعيين واليساريين الامريكيين، بسبب موقفها المناهض للعنصرية وعملها كناشطة شيوعية وسوداء. 

وفي لندن اصدرت كلوديا أول صحيفة للسود، وساهمت في إطلاق أول كارنيفال كاريبي في 1959 كإحتجاج سياسي ضد العنصرية التي تعرض لها المهاجرون السود من جزر الكاريبي في بريطانيا. وهي تعتبر “أم” مهرجان نوتينغ هيل السنوي الشهير في لندن، أكبر مهرجانات الشوارع في اوروبا على الاطلاق. وتحول الى مهرجان للفن والجمال، يشارك فيه كل عام اكثر من مليوني شخص من كل الأعمار والأعراق والفئات الاجتماعية.

توفيت كلوديا جونز في كانون الاول 1964 بعد اصابتها بنوبة قلبية. وعلى ضريحها، بجوار نصب كارل ماركس في مقبرة هايغيت شمال لندن، نُقشت هذه الكلمات: “مقاتلة شجاعة ضد العنصرية والإمبريالية كرست حياتها لتقدم الاشتراكية وتحرر السود”.

***********

ما كتبته انتصار الميالي

على صفحتها بالفيسبوك

#طريق_الشعب ... شكرا جريدتي العظيمة .. التي احتوت صفحاتها المئات من كتاباتي ، ومنحتني فرصة ان اكتب عن حقوق المرأة والطفل وحقوق الانسان والديمقراطية ، وانشر التقارير الكثيرة والمواضيع واللقطات التي تتحدث عن هموم الناس واحتياجاتهم للخدمات الاساسية ، مع طريق الشعب تعلمت الكثير ، تعلمت مهنية العمل الصحفي وكيف يمكنك ان تطور نفسك ذاتيا ، وكيف تصقل قلمك حتى يتحول الى أداة تشخص الخلل وتسلط الضوء على قضايا ومشاكل كثيرة وتقدم افكار عن حلول ومعالجات، بمدرسة الطريق حصلت على أول هوية كمراسلة صحفية وهو أستحقاق يمنح لمن يجتهد ويلتزم بمهنية الكتابة والعمل الطوعي ، لم تبخل طريق الشعب في اهتمامها بما أكتب ، وتعلمت من هيئة التحرير فيها كيف يمكن ان يكون الصحفي ناجحا عندما يكون أقرب من الناس وأمينا في نقل المعلومة وحريصا على دقة مصدرها... شكرا عائلتي الجميلة في جريدة طريق الشعب على تهانيكم ومباركتكم لي بفوزي بجائزة بير انعير .. أن فوزي هو فوركم أيضا.

**********

ليس مجرد كلام

التسامح من سمات العقلاء !

عبد السادة البصري

ذات ليلة اختلفتُ في وجهات النظر مع أحد الزملاء ، ووصل نقاشنا إلى أعلى حدّته ، ما دعانا إلى التنابز ببعض الكلمات المغضبة لكلينا ، لكنني عند تباشير الصباح أرسلت له رسالة اعتذار عن سوء الفهم الذي حصل بيننا ، ودعوته إلى نسيان كل شيء ولنسامح بعضنا.

 قابلني بجفاء شديد وحذف صداقتي ورقم هاتفي ، وكأننا لم نكن صديقين ذات يوم ، واخذ يتحدّث هنا وهناك عن هذه الحادثة العابرة ، معرباً عن غيضه ومجاهراً بعدم مسامحته لي ، رغم مسامحتي له في تلك الرسالة. تركته وقلت في نفسي سيدرك ذات يوم أننا لم نختلف أبداً ــ لم أقل أنا عاقلاً ، بل مسامحاً لأنني أريد للتسامح أن يسمو بيننا دائماً.

سقت هذه الحكاية وأنا أشاهد بأمِّ عيني ما آل إليه وضعنا ، حيث لم نجعل للتسامح مكانا في قانون حياتنا ، بل أخذتنا العزّة بالإثم ، ورحنا ننبش ثأراً هنا وحكاية هناك ، ما أنزلنا إلى حضيض الجحيم الاجتماعي ، وأشاع الخراب والموت في بلدنا!

كلّنا نعرف نيلسون مانديلا ، الرجل الذي ذاق مرارة السجن والتعذيب طويلاً على أيدي المتسلطين على بلاده والجاثمين على صدرها من العنصريين البيض. لكنّه ما أن تنسّم هواء الحرية وجلس على كرسي الحكم ، حتى أشاع لغة التسامح والمحبة بين الجميع ، وتحديدا مع مَنْ ظلمه وعذّبه وسجنه ، ما حدا بالآخرين إلى إعلان الولاء والمحبة له كلياً ، فانفتحت مصاريع البلاد على الخير والبناء ، واستطاع أن يبني دولة متقدّمة يسودها الوئام !

الكراهية والغلّ لن يبنيا مجتمعا سعيداً يسمو بالخير، سيظل الكل يرزح تحت نير الصراعات غير المنتهية !

وهناك مَنْ يريدنا أن نفترق ونتحارب بشتى الوسائل ليظل مسيطرا علينا وينهب خيراتنا ، لا تلتفتوا إليه ولا تصغوا لكلامه !

وهناك مَنْ لا يريد لبلدنا التقدم والبناء ، لا تستمعوا إليه ، بل استمعوا إلى صوت الحق ، والمحبة ، والوئام ، ونبذ التخاصم ، ولنكون إنسانيين في كل شيء ، لأن الإنسانية مصدر سعادة البشر وراحة بالهم، ولنجعل من قلوبنا وضمائرنا ونفوسنا بساتين تسامح ونكران ذات، ونرفع شعار التسامح كونه سمة عظمى ومن أنبل سمات البناء والعمران والسعادة بين الشعوب !

لن تُبنى الأوطان بالحقد والتفرقة أبدا ! ولن تُبنى بتأجيج الثارات والتقاتل، لأن الجرم يولّد جرماً ، ولا يعالج الخطأ بالخطأ ، فعندها ستكثر الأخطاء ويكون التصحيح صعباً فيحترق الأخضر واليابس معاً ، وقديما قالوا : العقل زينة. وزينة العقل التسامح!