تصفح بي دي اف |
|
|
|
ص1
ملاحظات بشأن قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص
يندرج مشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع ضمن قوانين «الاصلاح» الاقتصادي التي تدعولها المنظمات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) والحكومات المتعاقبة منذ 2003.
وتتمثل المبررات الأساسية التي تساق لمثل هذه الشراكات في معالجة عجز الموازنات العامة عن تمويل مشاريع البنى التحتية التي يحتاجها البلد، ورفع كفاءة التنفيذ، واجتذاب رؤوس الاموال الخاصة العراقية والاجنبية لتمويل عملية البناء والاعمار والجهد التنموي.
وتعتبر الصين من أكثر بلدان العالم استخداما لمثل هذه الشراكات. فمبادرة الحزام والطريق التي ترعاها الصين، تقوم اساسا على تنفيذ مشاريع بنى تحتية بمشاركات بين الدول المعنية وشركات صينية من خلال عقود PPP (public_private partnership)، أي عقود شراكة بين الدولة أو القطاع العام والشركات الخاصة.
إن الدراسات التي تناولت تحليل آثار ونتائج عقود الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، شخصت عدة عوامل ومتطلبات تحدد درجة توفرها لدى الدول ، وبشكل خاص النامية ، قدرة هذه الدول على إدارة وتنفيذ العقود المذكورة بنجاح. ويأتي في مقدمة العوامل وجود اطر قانونية وتنظيمية ومؤسسية مناسبة، تضع الضوابط اللازمة في العقود، ولإدارة ومراقبة تنفيذ مشاريع الامتيازات ((concession projects التي يتم تنفيذها بعقود الشراكة، إضافة إلى توفر البيئة الاستثمارية المؤاتية، والمقصود بها بيئة الأعمال والبيئة السياسية والاجتماعية ومدى توفر التسهيلات المالية لتمويل البنى التحتية. وقد تأتي هذه التسهيلات من الدولة أو من المؤسسات المالية والمصرفية الخاصة.
وتشير تجارب عقود المشاركة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية، الى أن أكثر من خمسين بالمائة منها اعيد النظر فيها وخضعت لإعادة تفاوض بسبب تعقيدها. ومن الناحية الاقتصادية والمالية كشفت الدراسات إن تكلفتها المالية بالنسبة للدولة المتعاقدة، غالبا ما تكون أعلى من تكلفة القروض. وإذا ما تم منح الامتياز للشركات التي قد تكون عراقية أو أجنبية، لإدارة البنى التحتية المنجزة (طرق، محطات كهرباء، مشاريع مياه، جسور، وغيرها) ، فإن أسعار الخدمات عادة ما تكون مرتفعة بالنسبة للمستهلك، ما يتسبب في صعوبة حصول ضعيفي الدخل عليها.
لذلك وفي ضوء كل ما تقدم، وعلى خلفية ضعف مؤسساتنا الإدارية والقانونية والرقابية وما ينخرها من سوء إدارة وفساد،وخير مثال ودليل تجربة عقود التراخيص النفطية والثغرات التي نطوت عليها العقود وضعف الطرف العراقي في ادارة ومراقبة تنفيذها، اضافة الى تواطؤ الرأسمال الطفيلي مع منظومات الفساد السياسي والمالي والإداري في الدولة، يصبح الاحتمال المرجح والأقرب للتحقيق هو توظيف هذه العقود لتأمين سيطرة وتحكم الرأسمالية الريعية والكومبرادورية، بالارتباط مع الشركات العملاقة الدولية، بمفاتيح الاقتصاد الوطني وثروات البلاد الطبيعية، بما فيها القطاع النفطي. هذا اذا لم توضع نصوص واضحة في القانون، تحمي الثروة النفطية باعتبارها ملكا للشعب العراقي.
كذلك يمكن أن تستخدم عقود الشراكة لهدر الممتلكات والأصول العامة للدولة، أو تسخيرها لخدمة القطاع الخاص المحلي والخارجي وفق شروط غير ملائمة للدولة والقطاع العام.
رائد فهمي
سكرتير اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
**************
راصد الطريق
وتستمر البهدلة !
جاء جواز السفر العراقي في ذيل قائمة 2020 لتصنيف جوازات سفر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة. فهو يسمح لحامله بالسفر بلا تأشيرة إلى أربع دول فقط، وإلى 27 دولة أخرى بتأشيرة عند الوصول اليها، لكن التأشيرة مطلوبة مسبقًا من 167 دولة.
ويصنف المؤشر العالمي الجوازات وفقا لعدد الدول التي يتيح الدخول إليها بدون تأشيرة، أو بالحصول عليها عند الوصول.
وللمقارنة نشير الى ان جواز أفغانستان حل ثانيا بين أضعف الجوازات، والسوري ثالثاً، والصومالي رابعًا، واليمني خامساً، والإيراني سادسًا، والفلسطيني سابعًا، والباكستاني في المرتبة الثامنة. أما في المرتبة التاسعة فحل جواز سفر كوريا الشمالية، وفي العاشرًة جواز سفر ميانمار (بورما سابقا).
عندما يكون الجواز العراقي الأضعف على الاطلاق في العالم فهذا يؤشر، من بين امور أخرى، مدى السوء الذي وصلته أوضاع بلادنا، والدرجة التي بلغتها بهدلة الدولة وسلطة القانون!
ان هذا وغيره يقدم الدليل كل يوم على الحاجة الملحة الى الحركة الفاعلة والنشيطة، لتحقيق هدف التغيير الشامل.
**********
ص2
كل خميس
صفحة غدر
وحصاد دموي !
أصدر القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني السيد حكمت محمد كريم ـ المعروف بـاسم (ملا بختيار) كتاباً باللغة الكردية تحت عنوان ( له بري بيره وه رى) وبالعربية (بمثابة مذكرات). وقد تناول فيه سيرته السياسية وذكرياته ومواقفه في الاحداث والقضايا العامة.
في بعض فقرات هذا الكتاب، أعترف (ملا بختيار) إعترافاً صريحاً بمسؤولية قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني (أوك)، عن قرار شن الحرب العدوانية على الحزب الشيوعي العراقي، تنفيذا لإتفاقها مع نظام صدام الدكتاتوري. وبموجبه ارتكبوا جريمة الهجوم الغادر في الأول من آيار عام ١٩٨، على مقرات الحزب في أشقولكهوقرناقووبشتاشان، وجريمة قتل الاسرى وتنفيذ الإعدامات الفورية بهم بطرق بشعة يندى لها جبين الإنسانية.
وكمثال على واحدة من تلك الجرائم الشنيعة، وثّق ما “قام به احد كوادر اوك العسكرية، بوضع أحد الاسرى (الشيوعيين) في كيس طحين فارغ، واثقله بالحجر ورماه في نهر جارف!”.
وجاء في أحدى صفحات الكتاب: “كان قرار الهجوم على قرناقاووبشتاشان، قراراً صادراً من قبل الثنائي مام جلال ونوشيروان، بالاتفاق مع حزب البعث”.
وإستعرض ملا بختيار طيفا من أحداث دامية، ومتابعات لقرارات تصعيد الاعتداءات، من بينها مكالمة متبادلة بينه وبين نوشيروان عبر جهاز اللاسلكي، حيث أمره الأخير بالإسراع في دخول صفحة مقاتلة الشيوعيين، قائلا له بفخر القاتل: “لقد سحقتُ رؤوسهم وانت قُم بقص أجنحتهم”. وأضاف تفاصيل الأوامر الاجرامية بقتل المناضلين وتصفيتهم جسديا، والتي لا تصدر إلا عن قتلة دمويين موغلين في التوحش.
ويضيف ملا بختيار في صفحات كتابه، متحدثا عن “الحملة المعادية للحزب الشيوعي العراقي التي كان يقودها نوشيروان، والإساءة لتاريخ الحزب ولفكره. وشملت حملة نوشيروان محاربة أفكار الحزب ومبادئه اليسارية وتشويه مواقفه عبر حمله اشرف عليها شخصيا، وتضمنت أفكارا قومية عنصرية متطرفة، سخّر لها إمكانيات إعلامية متنوعة كالإذاعة والجريدة، الى جانب كتب وكراريس صفراء كانت تتضمن رؤى عنصرية ضد العرب واليسار بشكل عام “.
ان هذه المعلومات الواردة في الكتاب لم تدهشنا، ولا تشكل أي منها إضافة جديدة لما شهدناه من فضائع تركت أثرها العميق في الوجدان، وجرحا غائرا في الضمير الإنساني. وقد وثق الأنصار تفاصيل تلك الجرائم، وتداولوا في مناسبات عديدة الحكايات الشفاهية عن المعارك التي لم نكن راغبين في خوضها، وإجبرنا عليها. وقد أدلت رفيقاتنا ورفاقنا الأسرى الذين نجوا من القتل، بشهادات تدين (أوك). وتوقف الحزب الشيوعي العراقي مرارا أمام السقطات السياسية التي وقعت فيها قيادة أوك، واصدر بيانات في شأنها. كذلك أقرّ الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره الوطني الخامس وثيقة تقييم شاملة لحركة الأنصار عنوانها “وثيقة تقييم حركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي في الفترة ما بين 1979 و 1988) وفيها توقف عند ما سمي “معارك الاخوة” وجريمة الغدر بالشيوعيين ومهاجمتهم.
فيما إنكب الأنصار يستذكرون سنويا معركة بشتاشان، وما رافقها وتبعها من معارك عرقلت الكفاح ضد الدكتاتورية، واسهمت في أضعاف الدعم الشعبي لقوى المعارضة.
إن ما إرتبكه (أوك) في الأول من أيار عام ١٩٨٣ في بشتاشان، هو جريمة سياسية بحق الوطن، إعاقت كفاح الشعب العراقي آنذاك في وجه الدكتاتورية، كما شكلت عدوانا سافرا على مناضلات ومناضلين أشداء من أجل وطن آمن، يحفظ كرامة مواطنيه التي تتحقق في ظل سعادة الانسان وحفظ كرامته.
ان السنوات السبع والثلاثين الماضية لم تمح من ذاكرة الشيوعيين صور شهدائهم الأماجد ذوي التاريخ المضيء في مقاومة النظام الدكتاتوري المقبور وارهابه وحروبه وسياساته العدوانية . وان التاريخ لا يمحو عار هذه الجريمة، غير ان ما يمكن ان يخفف من آثارها ان يصدر اعتراف ومصارحة واضحة غير قابلة للتأويل بمسؤولية أصحاب القرار، مع مبادرة اعتذار رسمي من قبل قيادة الاتحاد الوطني، يتضمن اعترافا بذلك العدوان وآثامه.
ونحن إذ نتطرق اليوم الى ذلك الموقف وتلك الصفحة الغادرة، فأن منطلقنا هو إظهار الحقيقة للتاريخ، وإنصاف الضحايا الذين تم الغدر بهم لمجرد كونهم يناضلون ضد النظام الدكتاتوري ويسعون للإطاحة به. كما لا جدال في أهمية الموقف الصادق للتاريخ، الذي إعتبر الشهداء من ضحايا ذلك العدوان” شهداء للوطن”. شهداء تبقى ذكراهم حية منيرة في أسمى سطور تاريخ الكفاح الوطني والديمقراطي لشعبنا العراقي.
**********
نساء ذي قار مصرات على استئناف الاحتجاج
ثائرات في الخطوط الأمامية
و”حائط صد” عند غضب الشباب
الناصرية – وكالات
عام مر على انتفاضة تشرين ولا تزال نساء محافظة ذي قار يؤكدن مواصلة التظاهر لحين تحقيق المطالب، وسط إصرار على العودة إلى “ساحة الحبوبي” مجددا، والدعوة لاستعادة الوطن في ظل الظروف والمخاطر المحتملة التي قد ترافق عودة الاحتجاجات.
وعلى الرغم من العنف الذي شهدته ذي قار طوال عام من التظاهر، وسقوط العديد من الضحايا وتصاعد جرائم اغتيال المتظاهرين والناشطين، الا أن متظاهرات “ساحة الحبوبي” أكدن أنهن على أتم الاستعداد للاحتجاج مجددا، والمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية.
الناشطة في تظاهرات الناصرية زهراء العامري، تقول في حديث صحفي: “تعلمنا الكثير من التظاهرات.. تعلمنا كيف نجعل الاحتجاج قويا ومؤثرا - كون المرأة أداة تؤثر في المجتمع -وتعلمنا القوة والشجاعة وكيف نوصل صوتنا”.
وتتابع قولها: “تعلمنا من الثورة حرية التعبير، ولنا عودة أخرى ونشاطات اخرى.. نحن جهة إسناد مع اخوتنا. لنجعل الثورة أقوى كي تغير الواقع المرير”، مضيفة قولها: “إذا تضافرت الجهود ستنتصر الثورة، ولن نتراجع، سنبقى أداة ضغط ضد الجهات الفاسدة، وأي استهداف سيقوي عزيمتنا ولن يضعف منا شيئا”.
من جانبها تقول رئيسة “منظمة أور” للمرأة والطفل، الناشطة منى الهلالي، أن “النساء شكلن في تظاهرات ذي قار حيزا كبيرا، من خلال مشاركتهن على جميع الاصعدة. حيث نصبن الخيام وقدمن الطعام وشاركن في التظاهر والاحتجاج، اضافة الى إقامة ندوات توعية”.
وتضيف في حديث صحفي قائلة، أن “الملفت في تواجد النساء، هو الحضور الفاعل للعناصر الشابة من طالبات الكليات والمعاهد اللاتي يصرّن على المشاركة. كما برز دور الرسامات اللواتي شكلن لوحات مميزة على جدران شوارع الناصرية، إضافة للكوادر التمريضية. وأهم موقف لنساء ذي قار هو تشكيل حاجز بشري لمنع المتظاهرين الغاضبين من اقتحام مقر قيادة الشرطة بعد مجزرة الزيتون التي حصلت نهاية تشرين الثاني 2019”.
وتوضح الهلالي، أن “ما يجدر الاشارة إليه، هو أن مطالب النساء لم ترفق ضمن مطالب المتظاهرين، ولم تشارك المرأة المحتجة في الحوار والتفاوض، وعلى ضوء ذلك تم عقد اجتماع تشاوري نهاية أيلول الماضي بحضور عدد من ناشطات ذي قار، لمناقشة تلك التفاصيل”، مؤكدة أن “الاجتماع ناقش واقع المرأة، وركز على محاور مهمة، أبرزها دور نساء ذي قار في ثورة تشرين ومطالبهن للمرحلة القادمة”.
وتتابع قولها، أن محاور الاجتماع ركزت أيضا على “اشراك النساء في المفاوضات والمصالحة والحوار، وترشيح ناشطات لخوض الانتخابات من ساحة الحبوبي بعيدا عن مظلة الاحزاب الفاسدة. كذلك أن تكون المتقدمة للترشيح غير مرشحة سابقا، وليست ضمن العملية السياسية السابقة والحالية، وعدم دعم أي مرشحة للأحزاب الفاسدة، وتشجيع الترشيح كمستقلات وضمن تيارات مدنية نزيهة”.
وتلفت الهلالي إلى أن “الاجتماع ناقش مسألة إعادة نصب الخيمات النسوية في أماكن أخرى من الساحة، لضمان حمايتها. فضلا عن البدء بجمع التبرعات لتزويد المرأة المحتجة بوسائل الوقاية من جائحة كورونا”، مشيرة إلى انهم شددوا على التوعية وسلمية التظاهر، وتفعيل دور الرصد والتوثيق للانتهاكات التي تطال المتظاهرين.
ورغم العنف الذي رافق احتجاجات ذي قار، كان للنساء حضور لافت ومشاركة في الفعاليات الفنية والثقافية المنوعة في “ساحة الحبوبي”.
تقول الناشطة المدنية شذى القيسي، ان “المرأة أثبتت وجودها السياسي والاجتماعي بمشاركتها في هذه الانتفاضة”، متوقعة أن تكون هناك مشاركة أكبر للنساء نظرا لانتشار الوعي بينهن خلال السنة التي مضت “فحتى الشباب أصبح لديهم وعي كامل بضرورة مشاركة النساء في الانتفاضة، لأن المعاناة متماثلة بين الجميع” – على حد تعبيرها.
أما المتظاهرة عبير الموسوي، فهي ترى انه “حتى في حال تهديد تظاهرات الناصرية، لا أعتقد ان البنات المشاركات في الاحتجاج سيتراجعن”، مضيفة في حديث صحفي، ان “ناشطات ذي قار في ساحة الاحتجاج يؤكدن وجودهن مرة أخرى في التظاهرات التي ستعقب زيارة الأربعين. وسيكون لنا كلام آخر في المطالبة بالمغيبين ومحاسبة من اختطف سجاد العراقي، والمطالبة بتفعيل الدور الأمني وحماية ساحة التظاهر والناشطين من الميليشيات المنفلتة”.
**********
لقاء مع فريق متطوعي طلاب المدارس في قضاء المدائن
بغداد - طريق الشعب
التقى الرفيق رائد فهمي ، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، امس الاول الأربعاء، بوفد من فريق متطوعي طلاب المدارس في قضاء المدائن برئاسة السيد حسين جعفر.
عرض أعضاء الوفد خلال اللقاء الواقع التربوي والتعليمي المتردي في القضاء، حيث يوجد أكثر من 45 مدرسة، معظمها ذات أبنية متهالكة أو في كرفانات تفتقر لأبسط شروط الصحة والسلامة وللمستلزمات الأساسية الواجب توفرها في المدارس وفي العملية التعليمية. واشاروا الى ان بعض ابنية هذه المدارس معرض للانهيار بسبب غياب الصيانة والادامة، وعدم الالتزام بالمواصفات في بناء الجديدة منها.
وتحدث أعضاء الفريق ايضا عن معاناة الشباب من الظروف الصعبة الناجمة عن البطالة وغياب فرص العمل وقلة اهتمام المسؤولين، اذا ما تم تذليل المعوقات من قبل الحكومة.
من جانبه اكد الرفيق السكرتير تشجيع الحزب للنشاطات والمبادرات التطوعية، مثل النشاط الذي يقوم به الفريق التطوعي، من أجل المساهمة في النهوض بالواقع الخدمي وفي التخفيف من معاناة المواطنين. لكن المسؤولية الأساسية تبقى على عاتق الدولة ومؤسساتها، وبشكل خاص في توفير خدمات التعليم والصحة. واكد الحاجة الى إيجاد تعاون وتنسيق مع الفرق التطوعية من جانب منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات المهنية والتنظيمات الاجتماعية المختلفة، لتطوير أنشطتها الاجتماعية والخدمية.
وحضرت اللقاء الرفيقة منال عن الهيئة الطلابية للحزب.
*************
ص3
الكتل تتفق على تقسيم الدوائر الانتخابية
وتحذيرات من احباط مشروع التغيير
بغداد - طريق الشعب
أكدت أطراف نيابية، مؤخرا، وصول القوى السياسية الى اتفاق شبه تام بشأن الدوائر المتعددة لقانون الانتخابات، فيما حذّر نواب آخرون من خطورة هذا التقسيم الذي سيكرس الطائفية والمناطقية ويعرقل عملية التغيير التي ينشدها الملايين من العراقيين.
ويتساءل مراقبون للشأن السياسي عن قدرة مفوضية الانتخابات، على إدارة العملية الانتخابية وفق الدوائر الصغيرة التي يسعى البرلمان لإقرارها.
اتفاق سياسي على الدوائر
النائب فاضل الفتلاوي، أكد ان الاجتماعات بين الاطراف السياسية حسمت ملف الدوائر الانتخابية بنسبة 90 في المائة، لافتا الى ان جلسة البرلمان يوم السبت المقبل ستكون حاسمة لهذا الامر.
وقال في تصريح صحفي، أن “الاجتماعات متواصلة ما بين الاطراف السياسية من أجل حسم ملف الدوائر الانتخابية والتصويت عليها يوم السبت المقبل، حيث ستكون الجلسة حاسمة لهذا الامر”، مبينا أن “هناك اتفاق على تمرير الدوائر الانتخابية وتحديدها وانهاء ملفها، حيث بلغت نسبة التوافق على هذا الامر أكثر من 90 في المائة، ولم يتبق الا الشيء القليل لإنهاء الملف بالكامل”.
وفي غضون ذلك، كشف عضو في اللجنة القانونية النيابية، الثلاثاء، عن معايير تقسيم الدوائر الانتخابية التي تم الاتفاق بشأنها.
وقال النائب حسن فدعم، في تصريح صحفي تداولته وكالات الأنباء، ان “الكتل السياسية اتفقت على جملة من المعايير لتقسيم الدوائر الانتخابية، من خلال تقسيم تلك الدوائر لكل دائرة أربعة مقاعد وتصل الدوائر المنفردة الى ثلاثة مقاعد او خمسة كحد اعلى”.
“ملف سيحسم”
وفي السياق، رجّح النائب عبد الخالق العزاوي، الحسم النهائي لفقرة الدوائر المتعددة في جلسة العاشر من تشرين الاول الجاري.
وقال العزاوي لوكالة “المعلومة” الخبرية، إن “غالبية الخلافات بين القوى والكتل السياسية في ملف فقرة الدوائر المتعددة حسم وتم الانتهاء منه. وأن ما تبقى امور ليست معقدة تتعلق بالكوتا ومطالبات بعض المحافظات التي تعاني من اشكالات استثنائية لكن بالمحصلة الامور ايجابية حتى الان”، متوقعا “حسم التصويت على إطار عام لفقرة المتعددة في قانون الانتخابات في جلسة 10 من تشرين الاول الجاري بعد الانتهاء من مراسيم زيارة الأربعين”.
تحذير من الدوائر المتعددة
في المقابل، حذرت النائب، منار عبد المطلب، من اتباع فقرة الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات الجديد، مؤكدة أن هذه الفقرة ستحدد نشاط النائب وتجعله مقتصرا على بيئة جغرافية محدودة.
ونقلت وكالات الأنباء، عن عبد المطلب قولها، إن “تحول الدائرة الانتخابية لقضاء واحد أو أثنين، سيكون خطأ فادحا إذا ما صوت عليه مجلس النواب، وستجعل النائب محصوراً ضمن إطار جغرافي ومناطقي محدد”. واضافت أن “جعل العراق دائرة انتخابية واحدة سيعزز الإطار الوطني العام في البلاد كونها ستدفع ابناء مناطق الجنوب لانتخاب الشمال والعكس مع بقية المناطق الاخرى”، داعية إلى “إعادة النظر بشأن فقرة الدوائر المتعددة، لما تحمل من سلبيات كبيرة وكثيرة ستبرز في المشهد خلال المرحلة القادمة”.
المتنفذون يعرقلون التغيير
من جانبها، أكدت النائب ندى شاكر جودت، ان التغيير المنشود من الشعب العراقي لن يحصل في ظل سيطرة ونزول الأحزاب المتنفذة بشكل كبير الى الشارع من اجل خوض الانتخابات المقبلة.
وأوضحت جودت، أن “هناك نزول كبير للأحزاب السياسية المتنفذة للساحة العراقية من اجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المقاعد النيابية خلال الانتخابات المقبلة”، مضيفة، ان ““التحركات السياسية الراهنة لن تغير من واقع العراق او تذهب به بالاتجاه الصحيح، بل ان ما يحصل حاليا سيكرس الطائفية والمحاصصة والمناطقية”.
وبينت ان “التغيير المنشود والذي خرج من اجله أبناء الشعب العراقي لن يحصل في ظل الإجراءات الحالية، حيث مازال البلد يدور في دوامة، وفي حال حصول الثوار او المدنيين على مقعد او اثنين داخل البرلمان فأن ذلك لن يصنع شيئا كما هو حال المستقلين داخل مجلس النواب الذين لاحول ولا قوة لهم امام ما يحصل”.
***********
زعيم بارز في قبيلة الجبور: السلبيات التي رافقت الاحتجاجات لا تقارن بفساد السلطة
بغداد – طريق الشعب
أعلن شيخ مهدي منفي آل دبي، أحد شيوخ قبيلة جبور البارزين، أمس، استمرار دعم الاحتجاجات “امتثالاً لتوجيهات المرجعية”، مشدداً أن الحالات السلبية التي رافقتها “لا تقارن بفساد السلطة”.
وقال آل دبي في بيان “حين انتفض شباب الوطن ضد الفساد الذي يقر به القاصي والداني كنا بينهم وداعمين لهم وامتثالاً لتوجيهات المرجعية الرشيدة بمساندة الاحتجاجات والتأكيد على الالتزام بسلميتها وخلوها من أي شكل من أشكال العنف، آملين الخلاص من الفساد والمفسدين وجرى على المنتفضين ما جرى من قتل وترويع واعتقال وتغييب وشتى أنواع التهم”. وأضاف، “مهما تخلل الاحتجاج من حالات سلبية فإنها وإن كانت لا تمثل الاحتجاج إلا انها لا تقارن بفساد السلطة”.
وشدد، “اليوم ما زلنا داعمين للمنتفضين المطالبين بالإصلاح في معركتهم الوطنية معركة الإصلاح كما أسمتها المرجعية الشريفة على أن يلتزموا السلمية فهي السلاح الأقوى ضد الفاسدين وأن يحترموا المقدسات، ويحافظوا على السلم المجتمعي فإن بلادنا تمر باصعب الظروف”.
وأكد الشيخ العام، “لا نسمح لأي شخص كان ومهما كانت دوافعه النيل من مقدسات الشعب وشعائره التي تعبر عن هويته الإسلامية، وهي مصداق شعائر الله وترتبط بروح الإسلام وجوهره”.
وختم بالقول، “إننا على يقين بأن الثائرين ضد الفساد هم أول الناس حرصاً على مقدسات وتراب الوطن ونوصيهم بالحفاظ على مكتسبات ثورة تشرين، وعدم الانجرار وراء ما يخطط له أعداء العراق من نشر الفوضى والخراب والانجرار إلى الاقتتال الداخلي، لذلك نهيب بأبناء العراق بكل أطيافهم وعناوينهم الابتعاد عن كل ما يثير الفتن وإفشال مخططات الأعداء”.
*******************
مواساة
الرفيق العزيز حسين النجار والعائلة الكريمة المحترمون
ببالغ الأسى تلقينا خبر وفاة فقيدكم الوالد أبو إبراهيم. نعبر لكم عن بالغ أسفنا ونشاطركم الاحزان في هذا المصاب الجلل، ونقدم لكم احر التعازي والمواساة، آملين للجميع الصحة والعافية والعمر المديد والصبر والسلوان، وللراحل طيب الذكر على الدوام.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
٧-١٠-٢٠٢٠
*******
صانع الفرح
زهير الجزائري
الأيام الأخيرة من عام ١٩٧٨كانت الأقسى علينا نحن الباقين من جريدة (طريق الشعب). كل من حولنا اعتقلوا وترك التعذيب في أرواحهم ندوبا لن تندمل. والبعض الآخر غادر الى المنافي أو إلى الاختفاء وتركوا خلف طاولاتهم في الغرف الخالية صدى أصواتهم و شكل الكائنات الغائبة. كنا نتجول في الجريدة الموحشة وننظر من النوافذ لنرى رجال الأمن وقد أحاطوا بنا من كل الجهات يتابعون الخارجين الى بيوتهم وقد أبقونا للحظات الأخير’.
في هذه الأيام التي لا تنسى دعانا صانع الفرح (عدنان حسين) الى بيته في الطوبجي لنحتفل برأس السنة. دهشنا من فكرته ونحن نعلم أن دورنا في الاعتقال والتعذيب قادم بحيث نعرف تفاصيله.. مكان الاعتقال والطريقة التي سيطوون بها اجسادنا في قاع السيارة وشد العيون ثم جولات التعذيب.
حفظنا هذه التفاصيل من تجارب رفاق خرجوا توا ورووا لنا الهول بانفاس متقطعة و مجرّحة. لم نقل نعم ولم نقل لا. عدنان يعرف كيف يبسط ما سيحدث والابتسامة لا تفارقه:
-ما الضير في أن نفرح لليلة واحدة، ثم ليحدث الذي سيحدث؟
قالها ببداهة تصعّب النفي. ثم رسم لنا على الورق موعد اللقاء ومكانه.
لن أنسى تلك الليلة. رقصنا وضحكنا مثل المجانين. وبقدرته الخارقة على تحويل الكوابيس الى نكات أشبعنا (مؤيد نعمة) ضحكا على حالنا القادم. ضحك عصبي غريب كنا خلاله ننزع الكوابيس القادمة كما نقتلع المسامير.
ببراعته في صناعة الفرح جمعنا عدنان تلك الليلة في صداقة غريبة، ننظر لبعضنا ونحن نسأل دون صوت كيف سنفقد هذه الصحبة. لم ننم. حيوية عجيبة امتلكتها.. نأكل بنهم من المائدة التي أعدتها هيفاء ونتحدث بصراخ كاننا نعلن عن وجودنا بالصياح ونضحك بصوت عال ، فليحدث الذي سيحدث ، نقاوم النوم لنمتلئ بلحظات الحاضر. بقينا حتى الصباح نستمرئ هذا الفرح العجيب، خرجنا في الفجر إلى شوارع بغداد لنودع المدينة. أفطرنا شوربة عدس مع عمال المسطر في ساحة الطيران ونحن ما نزال بثياب السهرة مع زوجاتنا و حبيباتنا ثم واصلنا الصباح بحثا عن باعة الكاهي ونحن نستمرئ هذا الفرح والتحدي قطرة قطرة. المدينة نفسها كانت تودعنا بدهشة: ماذا دهاهم، شلة المجانين هذه. نصبح بالخير الباعة وهم يفتحون محلاتهم ونخفي سرنا بابتسامة مكبوتة.
بعد تلك السهرة غبنا عن بعضنا، كلا في مكان اختفاء وانقطعت أخبارنا عن بعضنا ونحن نسفّه القلق بليلة التحدي التي وضع عدنان برنامجها.
*************
ص4
الورقة الإصلاحية.. بين الآمال وانتقادات النواب
بغداد - طريق الشعب
كشف عضو اللجنة المالية النيابية النائب ناجي ارديس، مؤخرا، عن أبرز مضامين الورقة الإصلاحية التي قدمها وزير المالية، علي علاوي، لتحسين الواقع الاقتصادي في البلاد، فيما انتقدها زميل آخر له في نفس اللجنة. في الوقت الذي أكد أحد النواب ان ملف رواتب الموظفين ما زال يشهد هدرا كبيرا لعدم معرفة الحكومة بعدد الموظفين الحقيقيين بينما تريد في ذات الوقت اصلاح الوضع المالي والاقتصادي.
جانبان للورقة
قال ارديس في تصريح لوكالات الأنباء، إن “الورقة الإصلاحية البيضاء التي قدمها وزير المالية لتحسين الواقع الاقتصادي في العراق، ركزت على جانبين مهمين للغاية من أجل تطبيقها خلال الفترة القصيرة القادمة، الاول: إيقاف الهدر في النفقات العامة للدولة على سبيل المثال نشتري الغاز الإيراني المستورد بـ 3 اضعافه ثم نعطيه لشركة انتاج الكهرباء في منطقة بسمايا لتبيع الطاقة للحكومة الكهرباء بـ 3 أضعاف، وهذا يسبب هدرا كبيرا في المال العام”.
واضاف أن “الجانب الاخر والمهم في الورقة الإصلاحية، يتلخص بتعظيم الايرادات العامة سواء الضريبة المباشرة او الكمركية، فضلا عن تحديد سلم جديد للرواتب لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، للحد من التفاوت الحاصل في رواتب الوزارات والمؤسسات الحكومية”.
“ديون كثيرة وورقة غير مجدية”
من جانبه، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، أحمد مظهر الجبوري، أن وزير المالية أثقل كاهل البلاد بديون كبيرة، فيما أشار إلى أن الورقة الإصلاحية البيضاء تحولت إلى سوداء، وفق تعبيره.
وقال الجبوري في تصريح صحفي، إن “الحكومة توّجه بوّصلة مشكلة تأخير دفع الرواتب إلى مجلس النواب، وهو بريء منها. وأن وزير المالية تعهد قبل استلامه منصبه بتقديم ورقة بيضاء للإصلاحات الاقتصادية الشاملة، رغم الدعوات المتكررة له بتقديمها باعتبارها من صميم عملنا، إلاّ أنها كانت هواء في شبك”.
وأضاف النائب، أن “الحكومة ووزارة المالية، أمهلا شهرين بعد التصويت على قانون الاقتراض لتقديم الورقة لكن لم يحصل أي شيء للبرلمان”، مبيناً أن “الطامة الكبرى هي أن المالية تطالب بالاقتراض مرة أخرى”.
وتساءل النائب قائلاً: “ما الفائدة من الوزارة وكادرها المتقدم والمستشارين، إذا كان عملها هو الاقتراض وتوزيع الرواتب دون أي حلول أخرى؟”. لافتاً إلى أن “وزير المالية أثقل كاهل البلاد بديون كبيرة، وهي بالأساس تعاني من ديون متراكمة منذ عقود”.
وأوضح، أن “ورقة وزير المالية الإصلاحية البيضاء تحولت إلى سوداء”، مشيراً إلى أن لجنته “عزلت من العام الماضي قانون الاقتراض عن الموازنة بالكامل، لكن الآن أُجبرنا على الاقتراض ليتسنى دفع الرواتب بهذه الطريقة البائسة”.
هدر مالي مستمر
في الأثناء، أكد مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب، أحمد الصفار، أن الحكومة لا تعرف عدد الموظفين داخل الدولة، فيما كشف الآلية السنوية للتخصيصات المالية في الموازنة العامة.
وقال أحمد الصفار، في مقابلة متلفزة تابعتها “طريق الشعب”، إن “العراق لا يمتلك قاعدة بيانات ولا توجد احصائيات لعدد الموظفين في البلاد”، مشيرا الى أن “الحكومة لا تعرف عدد الموظفين ولا حتى وزارة المالية لديها ارقام حقيقية”.
وأضاف الصفار، أن “ملف الموظفين وعددهم يحتاج الى عمل حقيقي، خاصة أن هناك هدرا ماليا كبيرا”، فيما اشار الى ان “الموازنة موضوع اقتصادي واجتماعي ومالي وتعبر عن سياسة الحكومة بلغة الارقام، لكن الموازنات التي تقر، تقر مجرد تغيير بالأرقام لأنهم لا يعرفون العدد الحقيقي للموظفين في الدولة”.
**********
خبير اقتصادي “يفجر” قنبلة: هل أزمة الرواتب مفتعلة؟
متابعة “طريق الشعب”
أسهب الخبير الاقتصادي عماد عبداللطيف، يوم أمس، في نقل رأي “ضخم” لمن وصفه بـ”استاذه” الخبير الاقتصادي الدكتور احمد البريهي حول مشكلة عدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظّفين، وتوضيح الالتباس والخلط بين الموازنة العامة، والموازنة النقدية، وأزمة الإدارة الماليّة في العراق”.
واستهل عبداللطيف في إيضاحه المطول الذي تابعته “طريق الشعب” بالتساؤل: “هل أنّ “مشكلة” عدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظّفين، هي مشكلة “مُختَلَقة” و “مُفتَعَلة”وآنيّة، يتمّ تهويلها في الأجل القصير .. وأنّها قابلة للحلّ على المدى الطويل .. وأنّ المؤسسات (والسلطات) النقديّة والماليّة في البلد تعرف أسباب وأبعاد هذه “المشكلة” جيّداً، وتعرفُ (وهذا هو المهمّ) أنّها قادرة على وضع الحلول المناسبة لها، بما يتوفر لديها من وسائل وموارد متاحة ؟
واضاف: “عن سؤالي هذا، يُجيبُ أستاذي الجليل، والعقل العراقيّ الجميل، الدكتور أحمد إبريهي علي، بما يأتي:
-إنّ المشكلة ليست في الرواتب، إذ يُمكن إدارة الأزمة الحالية بالاقتراض الداخلي، ويقوم البنك المركزي بمساعدة المصارف الحكومية على أداء هذه المهمة، لما بقي من سنة 2020 وعام 2021.
– إنّ تأخر دفع الرواتب قد حدث بسبب عقبات ذات طبيعة تنسيقية وإجرائية بين الحكومة ومجلس النواب. وأنّ من السهل تذليل تلك العقبات ، ومن المتوقّع (منطقيا) أن الرواتب لن تتأخر، ولا يجب أنْ تتأخّر.
– هناك خشية على الدوام من التهويل والألتباس بين أهداف الأمد المتوسط والبعيد، أي بين تلك الأهداف التي تتعلق بالتنمية والتنويع، من جهة، و بين الإدارة الجارية للعمليات المالية والنقدية من جهة أخرى.
– وهنا لا يخفى على أي عراقي، أو مطلع على الشأن الأقتصادي للعراق، أنّ إيرادات الموازنة العامة من غير النفط الخام، تبدو و كأنها لا توجد، وان القطاع المالي Financial sector عجيبٌ في تخلفه.. فلا ضرائب تُرتجى ، ولا سندات يشتريها الجمهور .. فماذا يبقى سوى الاقتراض من الجهاز المصرفي، وماذا يبقى غير المزايدات ، وقصائد الهجاء التي لا تنفع.
– هناك بديهيّة مفادها أن العجز في العراق هو توأم ، أو مزدوج .. أي عجز في ميزان المدفوعات، وعجز في الموازنة العامة للدولة. ويحدث ذلك لأن صادرات النفط هي المصدر الوحيد، تقريبا، للنقد الأجنبي، الذي ينخفض عند إنهيار السعر دون الحجم المطلوب لتمويل الأستيرادات من السلع والخدمات والمدفوعات الأخرى.
– إنّ مشكلة العراق والخطر المحدق به في المستقبل هو العجز المحتمل لميزان المدفوعات، وليس العجز في الموازنة العامة للدولة.
– التأكيد على ضرورة إعداد الموازنة النقدية (أو إدارة النقد) باعتبارها عنصر اساس في إدارة الأنفاق العام لتجنب المفاجآت والتغيرات الحادة، قدر الإمكان، وايضا لتنظيم الاقتراض الذي لا تخفى صلته الوثيقة بالسياسة النقدية والإحتياطيات الدولية للبنك المركزي.
– إنّ المسألة الجوهرية في الموازنات النقدية في العراق هي التمييز، دون لبس، بين منظومتين من الأرصدة والتدفقات الداخلة والخارجة هما : أرصدة وموارد وإستخدامات بالعملة الأجنبية ، وأخرى بالعملة الوطنية.
– وهنا لابد من التخلي عن المقاربة المتعارف عليها في وزارة المالية ، وهي أنّ الموارد والإستخدامات واحدة ، ويُعبّر عنها بعملتين: دينار ودولار. فالموازنة، حسب التصور السائد والنافذ في دوائر القرار، هي إيرادات نفط بالدولار تترجم ، حسابيا، الى الدينار وتُنفَق.
– لقد كان هذا الفهم وراء الكثير من الإلتباس، وكان سبباً رئيساً أيضاً في إعاقة مقترحات التطوير. وهذا الفهم هو أصدق تعبير عن علّة الإنفصام بين ميزان المدفوعات الخارجية والموازنة العامة في العراق، في التفكير والسياسة الإقتصادية، وهو أيضاً من اسباب الغموض النظري وإغفال الإختلاف الواقعي بين ضرورات ومضامين الإقتراض الداخلي والخارجي.(لمزيد من التفاصيل راجع دراسة الأستاذ إبريهي المهمّة : “الموازنات النقدية لإدارة المالية الحكومية” ، والمذكور رابطها في التعليقات).
– ومن هنا تأتي ضرورة التركيز على بناء طاقات إنتاجية تتّجه للتصدير. (وقد سبق للأستاذ إبريهي وإنْ قدّمَ (في آخر بحثٍ له) مقترحا مختصرا لبرنامج إستثماري لهذا الغرض) .. والآن أيضا، ها هو يكرّر دعوته هذه إلى كل حريص على مستقبل الأبناء والأحفاد، بأن يكون سنداً وعوناً من أجل تركيز الوعي على برنامج إستثماري لبناء طاقات إنتاجية للتصدير، وان تباشر الحكومة به فورا.
ولذلك يقترح الأستاذ إبريهي أن تكون 70% من الصادرات غير النفطية المستهدفة في البرنامج الأستثماري من حصّة الصناعة التحويلية، والباقي من التعدين غير النفطي ( بما فيه الغاز والزراعة) ، وأنّ لا خيار لنا غير ذلك. أما البنى التحتية فتوجد مقترحات محددة لتطويرها.
– مع الأسف الشديد فإنّ أعضاء المجلس النيابي ، والحكومة (بما في ذلك وزارتي التخطيط والمالية) ، وأيضاً أساتذة الأقتصاد، قد أصرّوا على تعريف المشكلة على أنّها مشكلة عجز في الموازنة العامة للدولة ، بينما هي في الحقيقة مشكلة عجز في ميزان المدفوعات.
ويختتم الأستاذ إبريهي إجابتهُ بالتأكيد على أنّ المشكلة ليست في الرواتب ، ولا في “تنقيد الدَيْن” ، بل هي في صرف الوعي عن ضرورة النمو الأقتصادي بالتصنيع .. تلك العملية التاريخية المعجزة التي صنعت حضارة هذا العالم.
*****************
ص5
مصدر يؤكد اعتقال مسؤول ضمن حملة مكافحة الفساد
النزاهة: ضبطناه متلبسا بالرشوة
يساوم على اصدار اجازات للمعامل
بغداد - طريق الشعب
أعلنت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة الاتحاديَّة، مؤخرا، عن تمكُّنها من ضبط مُتَّهم مُتلبّس بالرشوة، مُبيِّنةً أنه ساوم أحد المُستثمرين مُدَّعياً مقدرته على إصدار إجازاتٍ لإنشاء معامل في محافظة النجف. فيما كشف مصدر مطلع، عن القاء القبض على مسؤول كبير في إطار حملة محاربة الفساد وهو يحاول الهروب عبر مطار بغداد.
تفاصيل عملية النزاهة
ذكرت تحقيقات النزاهة، في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “مديريَّة تحقيق الهيئة في محافظة بغداد، تلقت معلوماتٍ عن قيام المُتَّهم بطلب مبلغ رشوةٍ من أحد المُستثمرين؛ لغرض استحصال المُوافقات الخاصَّة بإنشاء معملين، أحدهما للـ (كاشي) والثاني للإسفلت في محافظة النجف الأشرف”.
وتابعت الدائرة، إنَّ “ملاكات المديريَّة تتبَّعت المُتَّهم إلى محافظة النجف، وبالتعاون مع مكتب تحقيق الهيئة في المُحافظة، تمكَّنت من ضبطه مُتلبِّساً بالجرم المشهود أثناء تسلُّمه مبلغ الرشوة البالغ (3,300) آلاف دولارٍ أمريكي”، مشيرة الى “عرض المُتَّهم رفقة الأوراق التحقيقيَّة والمُبرزات المضبوطة التي تضمَّنها محضر الضبط الأصوليّ على قاضي التحقيق المُختصِّ الذي قرَّر توقيفه استناداً إلى أحكام القرار 160 لعام 1983، وإرسال المُتَّهم إلى جهة الطلب”.
القبض على مسؤول رفيع
من جانب آخر، كشف مصدر مطلع عن القاء القبض على مسؤول كبير في إطار حملة محاربة الفساد في مطار بغداد الدولي.
واوضح المصدر في تصريح لوكالة “بغداد اليوم”، أن “لجنة مكافحة الفساد القت القبض بأمر قضائي على سالار محمد امين، رئيس هيئة الاستثمار المكلف والذي شغل منصب نائب الرئيس في وقت سابق”.
وكشف المتحدث باسم رئيس الوزراء، احمد ملا طلال، الثلاثاء الماضي، عن خطوات وآليات عمل لجنة مكافحة الفساد برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، فيما أكد أن ما ينشر من اسماء على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنها مطلوبة للقضاء بقضايا فساد، غير دقيق.
وقال ملا طلال في مؤتمر صحفي اقامه في بغداد، إن “لجنة مكافحة الفساد برئاسة أبو رغيف، لن تلغي دور بقية المؤسسات المسؤولة عن مكافحة البيروقراطية في المؤسسات الحكومية، ولن تستهدف اسماء محددة أو شخصيات محددة بقدر اعتمادها على ملفات خاصة بقضايا الفساد”.
واضاف أن “هناك محاولات لتشويه عمل اللجنة او بث اشاعات حول منع سفر مسؤولين او حديث عن هرب مسؤولين”.
ومنذ الإعلان عن اللجنة الدائمة لمكافحة الفساد والجرائم الهامة، يترقب العراقيون تحركات اللجنة للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، الذي أكد أن مهام لجنته تتعدَّى إلى قضايا كبرى وعملها تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، فان الأنباء المتداولة عن اعتقالات لمسؤولين سابقين وحاليين في الدولة من قبل اللجنة لا تهدأ، وفيما وصلت اعداد المعتقلين أو المرشحين للاعتقال بتهم فساد إلى ارقام كبيرة، ويرى مراقبون وأعضاء بمجلس النواب أن اللجنة لم تبدأ بعد برؤوس الفساد الكبرى، ومازالت تقتصر على “الصغار”، وتحتاج دعما سياسيا أكبر.
**********
نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في المبزل الرئيسي بكربلاء
كربلاء – طريق الشعب
أعلن الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية التعاونية في كربلاء، عن نفوق إعداد كبيرة للأسماك في المحافظة عند المبزل الرئيسي المؤدي إلى بحيرة (الرزارة) غرب كربلاء.
وذكر رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في كربلاء وليد حمد الكَريطي في تصريح لمكتب إعلام الاتحاد المحلي : وصلتنا مناشدات عديدة من قبل الفلاحين والمزارعين الساكنين بالقرب من المبزل الرئيسي وتحديداً في قضاء الحسينية بمنطقة (بدعة شريف) بنفوق أعداد كبيرة من الأسماك دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك ، وأضاف من هنا نطالب بتشكيل لجنة مختصة من قبل وزارة الزراعة من خلال المستشفى البيطري في المحافظة والتوجه إلى المنطقة المذكورة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء نفوق هذه الإعداد الكبيرة من الثروة السمكية في المحافظة , داعياً ندعو فلاحينا ومزارعينا بالتعاون والتكاتف للحفاظ على الثروة السمكية في المحافظة وكشف الحقائق أمام الرأي العام لاتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بمعالجتها .
من جهتهم عبروا الأهالي عن استيائهم في حديث للمكتب الإعلامي للاتحاد المحلي وناشدوا الحكومة المحلية والجهات المعنية بضرورة كشف ملابسات هذه الجريمة بحق الثروة السمكية خاصة وان هنالك خسائر تكبدوها الأهالي الذين يعتمدون في معيشتهم على صيد هذه الأسماك .
***********
يحيى رسول: قرارات جديدة ستصدر بشأن استهداف المواطنين والبعثات الدبلوماسية
بغداد - طريق الشعب
أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، أمس الأول، أن لجنة التحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق ستصدر قرارات بشأن استهداف البعثات الدبلوماسية، فيما أشار إلى أن القائد العام مصطفى الكاظمي يشرف على عمل اللجنة.
نتائج مرتقبة
ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية، فأن رسول قال: “اللجنة التي تحقق بالخروقات الأمنية ستجتمع، وتصدر قرارات عدة وستصل لنتائج جيدة وإيجابية بخصوص استهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية وأمن المواطن”.
وأضاف المتحدث، أن “القائد العام للقوات المسلحة يشرف على اللجنة الأمنية التي تضم قيادات عسكرية واستخباراتية”.
وكان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أكد في وقت سابق أن الجهات التي قتلت وجرحت عراقيين أبرياء تسيء إلى مستقبل العراق وعلاقاته، مجدداً تأكيده على أن الدولة هي من تمتلك قرار الحرب أو السلام.
وبحسب بيان مكتب الكاظمي، فأن الأخير “ترأس الاجتماع الأول للجنة التحقيق في الخروقات الأمنية التي تستهدف أمن العراق وهيبته وقال إن هذه اللجنة المتشكلة من الأجهزة التنفيذية الأمنية، ولجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، إنما تمثل رأي الوحدة الوطنية، وستعتمد ذلك في عملها”، مبينا أن “هذه اللجنة مخوّلة في الحصول على أي معلومات تطلبها من أي جهة، وننتظر منها أن تأتي نتائجها ضمن الإطار الزمني المحدد لها، كما أن مخرجات هذه اللجنة ستسهم في تثبيت هيبة الدولة والمؤسسة العسكرية ومهنيتها”.
لجان تسويفية
وفي السياق، علق عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، كاطع الركابي، على تشكيل لجنة أمنية مشتركة للتحقيق بالخروقات التي تمس هيبة الدولة، مبينا أن الأحداث الحالية تسوّف باللجان.
وقال الركابي في تصريح تناقلته وكالات الأنباء “إننا في لجنة الأمن والدفاع النيابية، ليس لدينا أي علم بهذا بالأمر الديواني الخاص بتشكيل لجنة للتحقيق بالخروقات التي تمس هيبة الدولة وإنما اطلعنا عليها من وسائل الإعلام”، مضيفا “من المتعارف عليه عندنا، إذا اردت تسويف اي قضية فشكل لها لجنة تحقيق، فيوميا تشكل لجان على مستوى عال، لكن دون أي نتائج تذكر”.
وتساءل الركابي “أين نتائج تحقيقات اللجان الأخرى السابقة، حتى نشكل لجان جديدة، وهذه اللجنة الجديدة، ستكون مثل اللجان السابقة، وجميع اللجان السابقة، لم تصل إلى أي نتيجة طيلة الفترات السابقة”.
أسباب عدم كشف الجناة
من جانبه، قال النائب، محمود الزجراوي، ان السبب الحقيقي وراء عجز الحكومة العراقية عن ملاحقة مطلقي صواريخ الكاتيوشا في العاصمة بغداد هو وجود غطاء سياسي للمتورطين بهذا الملف.
وذكر الزجراوي في تصريح صحفي تناقلته وكالات الانباء، انه “من غير المعقول والمنطقي، ان الحكومة العراقية، لا تعرف الجهات والجماعات التي تقف خلف عمليات القصف الصاروخي في بغداد، لكن هي تخشى التقرب منها رغم معرفتها بها بسبب وجود حماية وغطاء سياسي لهذه الجماعات”.
*********
ص6
أهالي السماوة لم يروها منذ خمسة شهور!
الحصة التموينية.. بين تأخر توزيعها وشحتها ورداءتها
السماوة – عبد الحسين ناصر السماوي
شكلت الحصة التموينية تجربة ناجحة خلال الظروف الاقتصادية الحرجة التي مر بها العراق. فقد وفرت للمواطن، خاصة الفقير وذو الدخل المحدود، قوته اليومي، حينما كانت توزع عليه شهريا بانتظام، وبكامل مفرداتها المخصصة. كما انها خففت، خلال فترات الحصار الاقتصادي أبان التسعينيات، بعضا من أعباء المعيشة وصعوبة توفير الغذاء، عن كاهل العائلة العراقية.
وبعد سقوط النظام المباد٢٠٠٣، صار المواطن يتأمل خيرا في تحسين تلك المفردات الغذائية، من حيث نوعيتها وكميتها، إلا أن الرياح اتت بما لا تشتهي السفن! فاليوم، وبالرغم من الأموال الطائلة التي تخصص سنويا لوزارة التجارة، تقلصت كميات المواد التموينية، وساءت نوعياتها وارتفعت أسعارها، وباتت توزع منقوصة، أو لا يتم توزيعها من الأساس لشهور عدة.. كل ذلك يحصل تحت وطأة الأزمات المعيشية والظروف القاسية التي يعيشها المواطن، والتي تفاقمت هذه الفترة مع تفشي وباء كورونا وانعكاساته الاقتصادية.
في مدينة السماوة، شأن بقية مدن العراق، يعاني المواطنون عدم تسلمهم مفردات البطاقة التموينية منذ شهور. وهم اليوم يتساءلون عن أسباب ذلك، وعن مصير الأموال التي خصصت لتلك المواد الغذائية.
وكيل الحصة التموينية حيدر عباس، أعرب في حديث لـ “طريق الشعب”، عن استغرابه من تأخر صرف المواد الغذائية إلى الوكلاء منذ نحو خمسة شهور، مشيرا إلى انه يعمل وكيلا من سنوات، ولم يصادف مثل هذا التأخير في صرف المواد.
وأوضح عباس، أن هذه المشكلة ولدت شعورا بالاستياء والسخط لدى المواطنين، الذين باتوا يتساءلون عن دور وزارة التجارة في هذا الشأن، وعن سبب عدم أخذ موضوع الحصة التموينية بعين الاهتمام، في الوقت الذي يعاني فيه أبناء الشعب ظروفا معيشية صعبة.
وطالب الوكيل بوضع حل عاجل لهذه المشكلة، مشددا على أهمية تحسين نوعيات المواد الغذائية، خاصة الأساسية كالسكر والرز والطحين والزيت، إلى جانب زيادة كمياتها.
وحمّل المواطن علي قاسم، من جانبه، وزارة التجارة مسؤولية الإخفاق في تزويد المواطن بمفردات البطاقة التموينية في المواعيد المحددة، مشيرا في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى أن “هذه المشكلة سببها الفساد المستشري في الوزارة، والذي أسفر، منذ سنوات، عن مواد غذائية قليلة ورديئة لا تصلح للاستهلاك البشري، خاصة الرز والطحين”.
فيما ذكرت المواطنة أم سعد، لـ “طريق الشعب”، أن غالبية العائلات تعتمد في غذائها على الحصة التموينية، معربة عن استغرابها من عدم تسليمهم تلك المواد منذ خمسة شهور.
وتساءلت أم سعد: “بعد هذه الفترة الطويلة من انقطاع توزيع المواد، هل سيوزعونها علينا كاملة، أم منقوصة وبنوعية رديئة جدا؟!ّ”.
كما وجهت سؤالا إلى وزارة التجارة، عن مصير الأموال المخصصة للحصة التموينية!
إلى ذلك، قال المتخصص في الاقتصاد، محمد جاسم، أن المبلغ الذي صرف على الحصة التموينية، منذ 2003 ولغاية الآن، وصل إلى أكثر من 70 مليار دولار، مشيرا إلى انه بالرغم من ذلك “لم نشهد أي تحسن يذكر في المفردات الغذائية، التي تقلصت إلى أربع مواد فقط لا توزع كاملة شهريا” .
وأوضح ان “ملف البطاقة التموينية ملف مهم يمس حياة الشعب ويتعلق بأحوالهم المعيشية، لكن للأسف، أن الحكومات المتعاقبة لم تول هذا الملف أي اهتمام، حتى بات المواطن المسكين يعيش دون حدود الكفاف”.
ودعا جاسم، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى الاهتمام في ملف البطاقة التموينية، كونه يمس قوت المواطنين، وإلى محاسبة المقصرين في وزارة التجارة والجهات المعنية الأخرى.
***********
“حي الانتصار” الموصلي في قلب الإهمال!
الموصل – طريق الشعب
في الجانب الشرقي من مدينة الموصل، يقع “حي الانتصار”. وهو من الاحياء السكنية التي أسستها الدولة ابان ثمانينيات القرن الماضي، ووزعتها على الموظفين المدنيين والعسكريين.
المشكلة أن هذا الحي، منذ تأسيسه ولغاية اليوم لم يشهد أي إدامة أو اعمار لبناه التحتية. فلا تزال بعض طرقه الداخلية غير مبلطة، فيما تنتشر على طريقه الرئيس التشققات والحفر، التي باتت مكانا تجتمع فيه المياه الآسنة.
ويفتقر هذا الحي لوجود شبكة مجارٍ عامة، وتعاني غالبية أزقته من كثرة انقطاع ماء الإسالة.
أما المدارس، فهي الأخرى تعاني اكتظاظ أعداد تلاميذها، في الوقت الذي توجد فيه مدرستان قيد الإنشاء منذ أكثر من عشر سنوات!
ومن الناحية الصحية، يوجد في الحي مركز رعاية صحية اولية وعيادة شعبية لا يسدان حاجة المواطنين، يضاف إلى ذلك خلو الحي من العيادات الخاصة، كون غالبية سكانه اليوم من الطبقات الفقيرة والمعدمة التي لا تقوى على مراجعة تلك العيادات.
وتنقل “طريق الشعب” إلى الجهات المعنية، أبرز مطالب أبناء الحي، وهي تبليط الشوارع الفرعية وإعادة تأهيل “شارع ثلاثين”، معالجة مشكلة انقطاع ماء الإسالة، إكمال بناء المدرستين المشار إليهما، فضلا عن معالجة مشكلة تراكم النفايات في الطرقات، وذلك من خلال تكثيف جهود آليات البلدية.
*******
طريق (هيت - الرمادي).. السفر نحو الموت!
هندي الهيتي
لم يكن الطريق الرابط بين مدينتي هيت والرمادي في محافظة الأنبار، طريقا للموت حينما بوشر العمل فيه أبان ستينيات القرن الماضي. فقد صمم هذا الطريق وقت كان عدد السيارات في هيت وبقية المدن القريبة لا يتجاوز عدد أصابع اليد! فإذا أردت أن تسافر إلى الرمادي حينذاك، عليك أن تحجز مقعدك في سيارة الأجرة قبل يومين أو ثلاثة أيام، حتى يكتمل العدد لتنطلق المركبة في الصباح الباكر على طريق شبه خال من السيارات. إذ لا تواجهك خلال سفرك سوى مركبة واحدة أو اثنين قبل أن تصل إلى وجهتك. اليوم، بات على هذا الشارع أن يتحمل مرور مئات السيارات الحديثة التي تسير بسرعة جنونية، وبخبرة سياقة تكاد لا تميز بين كابح التوقف وكابح السرعة! حتى صرنا نسمع يوميا عن حوادث سير يروح ضحيتها العشرات من المواطنين.
فهذا الشارع صمم ليتحمل سيارات قليلة، عندما كان في هيت ثلاث سيارات فقط تعمل على خط الرمادي، ومثلها، وربما أقل، تعمل على بقية المدن في الجانب الغربي من البلد. فكيف نريد منه اليوم أن يستوعب هذا العدد الهائل من السيارات؟!
كان يفترض على الجهات الحكومية، توسيع هذا الشارع منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما استوردت الدولة سيارات حديثة، إلا ان ذلك لم يحصل. وبعد عام 2003، لم ينظر أي مسؤول حكومي إلى هذا الطريق، بل ان الدولة راحت توسع وتطور طرقا أخرى، كطريق (الرمادي – الفلوجة) ذي الجانبين الذهاب والاياب، ليبقى طريق (هيت – الرمادي) طريقا للموت!
كل ذلك يحدث بسبب غياب التخطيط واستشراء الفساد وتسنم شخصيات غير مناسبة مناصب خدمية مهمة، لينتهي الأمر إلى موت العشرات من الأبرياء بين حين وآخر!
********
وقفة في الحرية تطالب بإعادة بناء مدرسة
تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لانطلاق انتفاضة تشرين، شهدت مدينة الحرية في بغداد، وقفة جماهيرية طالبت بإعادة بناء “مدرسة المصطفى”، إحدى المدارس التي كانت قد هدمتها الجهات الحكومية قبل نحو عشر سنوات، وبقيت على حالها من دون أن يعاد بناؤها كما هو مقرر.
الوقفة التي دعت إليها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الحرية بالتعاون مع مختصة الحراك الجماهيري التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب في الكرخ الأولى، طالبت أيضا بتحسين الخدمات البلدية العامة، ورفع النفايات عن شوارع المدينة، وإعادة إكساء شوارع المحلة 426.
***********
مواساة
• تتقدم محلية الكرخ الأولى باحر التعازي والمواساة الى الرفيق محمد رحمة الله عباس عضو منظمة الكاظمية لوفاة شقيقه (هادي) اثر نوبة قلبية مفاجئة، للفقيد الذكر الطيب ولروحه السلام والصبر والسلوان للعائلة الكريمة.
********
ص7
قيام الدولة المدنية.. السبيل الوحيد
لتفكيك منظومة المحاصصة
خليل ابراهيم العبيدي
لم تكن الدعوات الصريحة والمطالبات المتكررة على مختلف الصعد ومن وجهات نظر متعددة ومتباينة في الميول والتوجهات السياسية وربما المرجعية الدينية، او نتيجة لإلحاح اليسار العراقي وفي المقدمة الحزب الشيوعي العراقي بأقامة الدولة المدنية في العراق إلا نتيجة لفشل النخب السياسية والاجتماعية منذ تأسيس الدولة عام 1921باقامة دولة المواطنة او دولة العدل والمساواة.
ان أزمات العراق المزمنة على امتداد قرن كامل كانت لاسباب متعددة ومتشابكة وهي نتاج معقد شاركت فيه كل الشرائح الاجتماعية وكثير من القوى السياسية منذ تشكيل حكومة النقيب الاولى وكان نتيجة كل ذلك الفشل في إقامة دولة الجميع، بل ظلت ولا زالت دولة العراق هي دولة الجماعة الواحدة، بتعبير علم السياسة دولة الجماعة لا دولة المجتمع، والمؤسف جدا ان الكل الحاكم بعد العام 2003 ظل مصرا على نهج واسلوب حكم الجماعة مع تعديل خجول تمثل في اتباع اسلوب التحاصص على انه مزية ديمقراطية يقصد بها اسهام الجميع، ولكن في حقيقة الامر وفي ضؤ التجربة فإن الجميع الحاكم اليوم هم الجماعة الجديدة وفق النهج القديم مع الفارق، ان أنظمة العهود السابقة تجلت الجماعة فيها لتحكم باسم العشيرة في ظل الحكم الملكي، وقد كان البرلمان الذي جاء وفق دستور عام 1925 معبئا بالإقطاعيين، ومجلس الأعيان يعين الملك فيه ثلث أعضائه من شيوخ العشائر، والبقية شرائح اجتماعية ارستقراطية مكونة من جنرالات الجيش العثماني المتعاونين مع الإنكليز او التجار أصحاب الرأسمال الاقطاعي، ولقد كانت دولة العشيرة الممتدة من عام 1921 ولغاية1958، قد استولى رجالها على 80 في المائة من الأراضي الزراعية. وبعد قيام الثورة التي قادها العسكر ونفذها على الأرض الشعب، وباستثناء فترة قليلة من حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ومنجزات وزاراته، بدأت الأخطاء تطفو على السطح، بسبب الميول العسكرية والنزعة الفردية البرجوازية تحول العراق إلى حكم الدولة العسكرية، كما وان بعض الاحزاب البرجوازية، وكما يقول د، على مهدي في كتابه (الوثائق التقييمية لمسيرة الحزب الشيوعي النضالية،ص 32) أخذت تخشى من ان يؤدي بقاء الديكتاتورية العسكرية الى وقوع سلطة الدولة في ايدي الطبقة العاملة وحلفائها الطبيعيين، لذا فقد سعى البعث وحلفاؤه للانقضاض عسكريا وبقوة الجيش على حكم كان يميل نسبيا لأن يكون لصالح الشعب، ليقوم رسميا حكما عسكريا برئاسة المشير عبد السلام عارف والعميد أحمد حسن البكر رئيسا للوزراء، وتوزعت سلطة شباط عام 1963 بين الجنرالات البعثيين والقوميين، وثلة من المدنيين الحزبيين، غير ان حكم الدولة العسكرية البعثية وثناياها من الحرس القومي والجنود المدججين بالسلاح ما لبث كل منهم إلا وصار هدفا لقوات المشير في الثامن عشر من تشرين الثاني من ذات العام ليقوم نظام الدولة العسكرية القومية ولتوزع السلطة من جديد بين رجال الثكنة العسكرية وعمدتها الانضباط العسكري ذو الأحزمة البيضاء، وظل العسكريون يتبادلون السلطة والعيارات النارية في محاولة أحدهم للانقلاب على الآخر، ومنها على سبيل المثال محاولة الجنرال عارف عبد الرزاق قائد القوة الجوية للانقلاب على عبد السلام عارف وهو يحضر مؤتمر الرباط، وبعد وفاة عبد السلام واختيار أخيه الجنرال عبد الرحمن عارف، قام ثانية عارف عبد الرزاق رئيس الوزراء وقائد القوة الجوية بالانقلاب على حكومة عبد الرحمن عارف، وهكذا كانت الفترة ألمحصورة بين عام 1958، ولغاية عام 1968، هي فترة (جماعة العسكر) وبعد هذا التاريخ تجلت دولة العراق بدولة المنظمة السرية، الخارجة من أرحام منظمة حنين السرية او السراديب المظلمة والتي جاءت هي الاخرى على أثر انقلاب قام به الشغاف العسكري لحكم الجنرال عارف المكون من الثنائي عبد الرحمن الداوود وعبد الرزاق النايف اللذان تحالفا تكتيكيا مع البعث في السابع عشر من تموز عام 1968وقد أطاح بهما البعث بعد اسبوعين (في الثلاثين من الشهر نفسه)، وتم فبه تنصيب المهيب أحمد حسن البكر رئيسا للجمهوية، وليأخذ رئيس المنظمة السرية الزعيم الخفي لهذه الدولة صدام حسين مكانة الرجل الثاني، وهذه المنظمة السرية كما يقول حسن العلوي في كتابه (العراق دولة المنظمة السرية ص 34) ليست جزءا من هيكل الدولة، ولا هي هيئة اجتماعية معترف بها ، لكنها جماعة تدير الدولة بالخفاء أطاحت تدريجيا بجنرالات الجيش، ومنحت الامي والجاهل من انصارها رتبة جنرال، وتحولت وفق اوامرها جماعة البعث الى جماعة حاكمة أزاحت الخبرة المستقرة في اجهزة الدولة الرسمية، وصار الجهاز السري يملك المسوغ الايديولوجي ليعلن ان الحزب اولا والدولة تقع في مرتبة ادنى، وظل عضو الحزب يأمر المدير العام، او مسؤول المنظمة الحزبية في الجيش يملي على الجنرال تعليمات حزب البعث، وكانت المنظمة السرية بمثابة الفخ الذي يتم نصبه للاحزاب الوطنية والشخصيات المستقلة كما يؤكد السييد العلوي، وظل الشعار شعار الحزب القائد والقائد الضرورة وخاض العراق في ظل حكم هذه الجماعة ( التي غيبت اخيرا حتى حزب البعث)الحرب تلو الاخرى، حتى كان عام 2003 حيث تمت الإطاحة بالدولة ومنظومتها الحاكمة وتم بسبب ذلك تواري الدولة الحقيقية وتم حل اجهزتها الرسمية على يد الحاكم المدني الامريكي ليقوم بدلا عنها نظام الدولة العميقة متعددة الهويات الى جانب الدولة الرسمية ذات النظام البرلماني المستنسخ عن التجربة البرلمانية البريطانية وبموجب قرار مجلس الامن رقم 1546 لعام 2004 والتي جاءت وفق دور استلام وتسليم بين الدولة المحتلة ومجلس الحكم.
والدولة العميقة او السرية هو مفهوم شائع يقصد به القوة او القوى ذات التأثير المباشر على توجهات وقرارات الدولة الرسمية، وهذه القوى في الأغلب موجودة بالفعل ولكنها متوارية في الاعماق لا تظهر بشكلها الموصوف، فهي غير مرئية وتعمل خلف الكواليس بعيدة عن مرأى الناس وعادة تعتاش على أموال وقدرات الدولة الحقيقية.
ان الهجوم الكاسح لأطراف الدولة العميقة او الدول العميقة يمكن وصفه بهجوم الوحش الكاسر على فريسة هرمة اتعبها الزمن وانهكتها الحروب، وصار شعبها يئن من وطأة الفقر والبطالة والمرض، وأخذ يتململ بجدية الشباب الثائر بعد تشرين مستعرضا امام الملأ ما ناله العراق على مدى القرن الاخير من فقر للفلاح او تهميش للعامل على يد دولة العشيرة، الا يحق لنا نحن ابناء العراق بعد كل هذه الجولات الفاشلة للدول الاربع على مدار قرن ان نجرب حظنا في دولة مدنية تنتفي عندها الهويات الجزئية (التي كانت نواة نظام المحاصصة المقيت) والتي يقف فيها المواطن مرفوع الرأس أمام القانون، وتقوم عندها المؤسسات لتقول كلمتها في كل الأشياء، او على الأقل ان تقام العدالة الاجتماعية والتي توزع فيها الثروات بين كل الناس لا كما كان معمولا به على مدار القرن الاخير، حيث الثروة بيد من يمسك السلطة، من شيخ عشيرة او ضابط جيش او رجل منظمة فاشل او رجل مغمور يسكن اليوم باسم الديمقراطية قصور الكرادة والمنصور.
الدولة المدنية في العراق هي الحل الوحيد لأزمات العراق المزمنة وهي الحل الأمثل لأن يتحول العراق من سلطة الجماعة إلى سلطة الجميع، بتعبير اكثر دقة من عراق الشخص الذي يقول فيه الدولة انا الى عراق يقول فيه الكل، نحن جميعا تحت راية الدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون، وفق نظام رئاسي ينتخب فيه الشعب الرئيس انتخابيا فرديا حرا مباشرا، ويكون الرئيس شرعيا فيه لمن يحصل على ال 50+1 في الجولة الأولى، او أعلى الأصوات في الجولة الثانية، ويكون نائبا للرئيس من يحصل على أكثر الأصوات بعد فوز الرئيس، والرئيس هو المسؤول أمام الشعب، لا كما جاء في دستور 2005، حيث يتم تعيين رئيس الوزراء بالمحاصصة الطائفية، واثبتت التجربة فشل كل اشكال الحكم الحكم الا حكم الدولة المدنية في العالم.
*********
ص8
عودة لهيب الحرب في سماء ناغورنو قره باخ
ترجمة عادل حبه
لماذا بدأت الحرب في ناغورنو قره باغ( الحديقة السوداء) من جديد وفتحت أرمينيا وأذربيجان النار على بعضهما البعض؟ هل نتوقع حرباً جديدة في المنطقة هذه المرة وكما جرى في تموز من العام الماضي؟ هل سيحاول البلدان خوض تجربة فاشلة مرة أخرى؟
أكد مسؤولون من تركيا وأذربيجان أنهم “أمة واحدة في بلدين”، وهذا يعني انحياز تركيا الكامل إلى جانب أذربيجان في الحرب الجديدة. والهدف من الحرب الجديدة هو بلا شك إنهاء جمهورية ناغورنوكاراباخ.
إن التلويحبالقومية والدين هما ذريعة وحجة للحصول على “الغاز والنفط”. في تموز الماضي ، اندلعت اشتباكات في منطقة طوز الحدودية، على مقربة من مرور أنابيب الغاز والنفط الأذربيجانية من جورجيا إلى تركيا، والتي تعتبرها أنقرة وسيلة لتقليل اعتمادها على النفط الروسي. كما يمكن ملاحظة سبب آخر لهذا الهجوم العسكري وهي الرغبة الجيوسياسية في إعادة رسم حدود جنوب القوقاز على مذاق الإمبراطورية العثمانية، مما يكمن وراء دعم تركيا لأذربيجان في الحرب الجديدة. من وجهة نظر تركيا وأذربيجان، تعد أرمينيا وناغورنوكاراباخ “بثور” يجب استئصالها. وتشعر أنقرة أن الظروف الإقليمية والدولية قد تم توفرها لتحقيق هذه المهمة.
ويشير أرنوددوبين رئيس المرصد الفرنسي الروسي إن “أرمينيا ، التي انتصرت في الحرب بدعم روسي عام 1994، ليس لديها أية مصلحة في إعادة النظر في الوضع الراهن”.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية اشتبكت أرمينيا وأذربيجان في نزاع مسلح بشكل متكرر حول ناغورني قره باخ ، حيث تعود المعارك إلى عام 1988.
يطالب السكان ذوو الأغلبية الأرمينية في منطقة ناغورني قره باخ ، التي تخضع لحصار جديد من قبل القوات الأذربيجانية، أن تنضم إلى جمهورية أرمينيا.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حدثت مذبحة سومگيت رافقها تطهير عرقي للأذريين. وبعد ست سنوات، وصل عدد القتلى من جراء الكوارث إلى 20 ألف شخص وتشريد أكثر من مليون من الآذريين والأرمن. وتم التوقيع على وقف إطلاق النار في موسكو في 16 مايس عام 1994،حيث أعلنت باكو موافقها على وقف الحرب. وسيطرت أرمينيا على ناغورنو قره باخ وضواحيها، والتي تشكل ما يصل إلى 14٪ من مساحة جمهورية أذربيجان السوفيتية السابقة. ولم تكن هذه الخطوط الحدودية تحت الحراسة حتى استؤنف الصراع في عام 2016.
لكن الدولتين اللتين كانتا تقاتلان من أجل هذه الأرض لفترة طويلة (1905،1917،1921،1988،1991، 2016 ...) تقدمان ادعاءاتهما بناءً على ماضتاريخي.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انتهز الفرصة ولا يخفي طموحاته في أن يصبح قوة عظمى في البحر المتوسط والشرق الأوسط وبالتالي في القوقاز، على الأقل في الجزء الجنوبي منه.
إن القوات التركية والتعزيزات العسكرية موجودة في ليبيا والعراق وسوريا وأذربيجان، حيث قيل إنها أرسلت مقاتلين من سوريا. وفي شرق البحر الأبيض المتوسط ، يتمركز الأسطول العسكري التركي بحجة حماية مصادر “الغاز” لصالح أنقرة.
وكالعادة أصبحت القومية والدين حجة تركيا في التحريض على الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، في حين أن القضية الرئيسية هي الغاز والنفط الأذربيجاني، علماً أن تركيا في القوقاز تعلم علم اليقين بأنها تتقدم في حقل من الألغام.
أرمينيا هي أقرب منصة للقفز بالنسبة لتركيا. في المقابل لا يمكن تجاهل “إيران” في هذه المعادلة. وتحاول أنقرة الحفاظ على العلاقات مع روسيا وإيران التي تعاني من حصار اقتصادي.
كانت روسيا أول دولة تدين بدء الحرب الجديدة في ناغورنو قره باخ، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
ومن المعلوم أنروسيا تتمتع بعلاقات دبلوماسية واقتصادية جيدة مع جميع الفرقاء الرئيسيين في النزاعات الإقليمية. فلدى موسكو علاقات تجارية واسعة مع باكو، وفي الوقت نفسه تشعر بالقلق من توسع نفوذ الناتو ووجوده في القوقاز، وهي تحاول الحفاظ على وجودها في القوقاز. وفي هذا السياق حافظت روسيا على علاقات تجارية مع جورجيا.
لقد زاد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف من حجم الإنفاق العسكري في السنوات الأخيرة. و تمكن من إقناع روسيا بشراء أسلحة عسكرية من البلاد منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، ولكن الحرب بين أذربيجان وأرمينيا يمكن أن توقف شراء الأسلحة من روسيا. فالتدخل العسكري التركي في الحرب بين أرمينيا وأذربيجان ليس مقبولاً بأي حال من الأحوال بالنسبة لروسيا، التي تعتبرها أكثر خطورة من الوجود التركي في ليبيا وسوريا. وكانت هذه نقطة أبلغها وزير الخارجية الروسي إلى الحكومة التركية عبر الهاتف في بداية الحرب الجديدة في ناغورنوكاراباخ في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التركي.
روسيا شريك رئيسي لأرمينيا، وهي في تحالف عسكري معها ضمن اتفاقية الأمن المعقودة بين البلدين. لقد أصبح من الصعب جدًا على إيران الحفاظ على توازن علاقاتها مع أرمينيا وأذربيجان وتركيا. فمن ناحية،تربطها بأرمينيا أوثق العلاقات منذ سنوات عديدة، ومن ناحية أخرى ، فهي بحاجة إلى التعاون مع تركيا، هذا إضافة إلى أن إيران تشعر بالقلق إزاء مشاعر تضامن الآذريينالإيرانيينتجاه جمهورية أذربيجان. فهذه المشاعر قد تؤدي إلى توجه متطوعين آذريين من إيران صوب جمهورية آذربيجان.. وهكذا، فإن إيران ، التي أرادت الحصول على موطئ قدم في أفغانستان من خلال التقارب معالطالبان والمشاركة في محادثات السلام الخاصة بها، تواجه الآن وجوداً عسكرياً واقتصادياً إسرائيلياً في الخليج عبر إقامة علاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، هذا علاوة على أن حكام إيران أمام حكومة في العراق تريد تعزيز استقلالها عن إيران والانضمام إلى العالم العربي.وتلعبتركيابورقةالعلاقات الاقتصادية مع إيران التي تعاني من العقوبات الأمريكية وتطالب بتنازلات من إيران ، التي تواجه الآن تداعيات الحرب بين تركيا و أرمينيا وأذربيجان.
إن سعي إيران للانضمام إلى المناورة العسكرية الأخيرة لـ “القوقاز 2020” في بحر قزوين والبحر الأسود،يدخل في نفس سياق حاجة إيران المتزايدة لحليف قوي كروسيا.
وفي ظل هذه الأوضاع، هل من الممكن التعويل على إجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار في ناغورنو قره باخ ومنع توسع حرب جديدة في المنطقة؟.يقول دبلوماسي روسي: “حتى لو لم يكن من الممكن وقف الحرب في إطار مجموعة مينسك، فلا ينبغي التخلي عن اللجوء إلى أي حوار وأية فرصة أخرى لوقف الاشتباكات المسلحة”.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
عن “اللومانتيه” الفرنسية
************
في معدل تاريخي.. كورونا تسقط أكثر من 100 مليون انسان في «هاوية الفقر»
متابعة “طريق الشعب”
في حين تضرر مئات الملايين حول العالم من جائحة كورونا، فإن تقريرا حديثا للبنك الدولي يقدر أن ما بين 88 مليون و114 مليون شخص حول العالم أصبحوا في فقر مدقع، في تقديرات يصدرها البنك كل عامين وتشير بياناتها لمستوى الفقر العالمي.
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، تعد هذه الأرقام أكبر زيادة في معدلات الفقر المدقع منذ عام 1990 عندما بدأ البنك بتسجيل وحفظ البيانات.
وتشكل هذه الأرقام نقطة مفصلية، وتمثل نهاية لسلسلة من الانخفاضات بمعدلات الفقر المدقع استمرت لأكثر من عقدين.
وبحسب المقياس الذي يعتمده البنك، فإن الفقر المدقع يشمل الأشخاص الذين يعيشون على أقل من دولارين أميركيين في اليوم، أو حوالي 700 دولار أميركي سنويا.
ويقدر البنك الدولي أن ما بين 703 مليون و729 مليون شخص حول العالم يعيشون الآن في فقر مدقع، وأن العدد قد يرتفع أكثر عام 2021.
وقبل جائحة كورونا كان عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع يقدر بـ 615 مليونا لعام 2020.
وقالت كارولينا سانشيز بارامو، المسؤولة بالبنك الدولي إن هذه أسوأ نكسة نشهدها منذ جيل بأكمله، وبحسب التقرير فإنه حتى خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 عندما كان العالم في حالة ركود ، كان عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ينخفض، لكن آثار جائحة كورونا أثبتت أنها أكثر انتشارا وشدة.
وقبل الوباء كان الفقر المدقع محصورا بمجموعات تعيش في الريف وهم من غير المتعلمين وغالبيتهم يعمل في الزراعة، إلا أنه وبعد الوباء أصبح الفقر المدقع يشمل مجموعات متعلمة وتعيش في المدن.
ومن المرجح أن يؤدي تصاعد الفقر المدقع إلى تحطيم الآمال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة في الدول الفقيرة والنامية والأسواق الناشئة، في وقت كانت كارثة كورونا بمثابة الفائدة لدى البعض، وخاصة شركات التجارة الإلكترونية المتخصصة بالبيع والتوصيل عبر الإنترنت مثل أمازون. مصائب قوم عند قوم فوائد، هذا ما كشفه التقرير الذي أشار إلى تضرر عاملين بقطاعات معينة وخاصة بمجال السياحة والسفر والخدمات والمطاعم، واستفادة قطاعات أخرى نتيجة الإغلاق وإجراءات المكافحة التي اتخذتها الدول. وقال البنك الدولي إن كورونا والصراعات حول العالم وتغير المناخ، سيجعل من هدف إنهاء الفقر بحلول عام 2030 بعيد المنال وشبه مستحيل.
وخلال العقود الثلاثة الماضية أدى صعود اقتصادات الصين والهند إلى انتشال مئات الملايين من براثن الفقر، كما شهدت أميركا اللاتينية انخفاضا في عدد الفقراء بأكثر من النصف، وكان ذلك قبل كورونا، إلا أن ما بعده لن يكون كذلك على الإطلاق.
***********
ص9
أول تشرين الاول علامة مضيئةفي تاريخ العراق الحديث
بشار قفطان
انه يوم خالد في تاريخ ابناء الشعب العراقي الذين اعطوا درسا بليغا في التضحية من اجل تحقيق مطالبهم المشروعة و
استمرار الانتفاضة سيؤدي حتماالى تحقيق المطالب العادلة للمنتفضين نتيجة الدماء التي روت ساحات الاحتجاج والاف الجرحى والمعوقين في اغلب المدن العراقية.
في الاول من تشرين الاول من عام 2019 اندلعت تراكمات منسياسة النهج الخاطيء بعد تغبير النظام على ايدي قوات التحالف الدولي في مطلع نيسان عام 2003.. منذ ذلك الحين تفاقمت ازمة البطالة، والتلكؤ في تعيين الخريجين وفق معايير مزدوجة، وعدم الجدية في اصلاح البنى التحتية التي ورثت من العهد السابق الذي ابتلينا بسياساته القمعية وافتعال الحروب الاقليمية والداخلية والدولية وما تبعه من نتائج فرض الحصار،تفاقم الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاعتماد على نمط اقتصادي احادي الجانب وما يطلق عليه بالاقتصاد الريعيأي الاعتماد على تصدير النفط فقط.. وعدم تأهيل المعامل والمصانع المتوقفة عن العمل، وعدم الاهتمام بالزراعة وتأهيلها،أضف الى ذلك نقص الخدمات الضرورية كالماء والكهرباء،بالرغم من هدر مليارات الدولارات لغرض الاصلاح والاعمار،وزيادة حجم الامية، وتردي الوضع الصحي والتعليمي،هذا الواقع البائس أنتج نتج انتفاضة الاول من تشرين 2019 وما قبله في اعوام 2011، 2015، 2017، 2018.
كل ذلك والنظام الجديد اعتمد على مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية والمذهبية التي اذاقت شعبنا الامرين حد الوصول الى الاقتتال الطائفي لولا مساعي بعض ذوي الحكمة والعقل والدور الذي لعبته المرجعية الدينية في النجف الاشرف في وأد الفتنة.. وكان لعزيمة الشباب من الرجال والنساء ملاحم من البطولة والتضحية ما يعجز المرءعن وصفه حيث أذهل معظم شعوب العالم، وتصور الحكام ان هذه الانتفاضة عبارة عن تظاهرات سوف ينتهي تأثيرها بعدة ايام.. خصوصا عندما اقدمت تنسيقيات المحتجين الى ايقاف نشاطها حتى الخامس والعشرين من نفس الشهر، وعندها
تنفس الحكام المنفذونالصعداء، ولكن خاب فألهم يوم الخامس والعشرين من الشهر حينما تجددت الحركة الاحتجاجية في زيادة زخمها واعداد المشاركين فيها وصارت ساحة التحرير فعلا ساحة للشرف والتضحية وتم تهيئة كل مستلزمات استمرار الحراك الجماهيري من تنظيم الساحة وتزيينها بما يناسب الانتفاضة ومعتصميها من الغذاء،والطعام، والدواء،بزخم متواصل من ذوي الاختصاص، وكانت خيم المعتصمين منابر اعلامية في زيادة الوعي الثقافي والوطني وتعميقه عند المحتجين.
لقد أذهل شعوب العالم إصرار وعزيمة المنتفضين في تحدي اجراء ات السلطة الغاشمة من استخدامها للعنف المفرط ضد حشود المنتفضين باستخدام القنابل الدخانية والرصاص الحي ورصاص القنص مما ادى الىوقوع أكثر من سبعمائة شهيد.. واضعاف مضاعفة من الجرحى، والعشرات من المخطوفين والمعتقلين.. ان الدورالمشهود الذي لعبته المرأة العراقية والطلبة في كل المراحل الدراسية اعطى زخما تجدد للانتفاضة التي اصبحت الآن في مرحلة متطورة من نضوجهاالسياسي..
اليوم نستذكر يوم اندلاع الانتفاضة والتي ما زالت جذوتها مستمرة بالرغم من كل ما قدمه المنتفضون من هذا الكم الهائل من عدد الشهداء والجرحى والمغيبين، وحرق خيمالمعتصمين، وملاحقة الناشطين،وما يتعرضون له من الترغيب والترهيب، وانتشار الوباء اللعين كورونا الذي حدّ بعض الشيء من استمرارنشاطوزخمالمنتفضين..
عاشت انتفاضة تشرين في ذكراها الاولى
المجد والخلود لشهدائها الابراروالشفاء العاجل للجرحى والمصابين
الحرية لجميع المغيبين والمعتقلين
**********
الفن في دعم انتفاضة الشعب العراقي
كندا- سعد كاظم
في سبعينيات القرن الماضي نظم الحزب الشيوعي العراقي معرضاً للفنانين التشكيليين بمناسبة ذكرى تأسيسه، افتتح المعرض في حينها عضوٍ المكتب السياسي للحزب الراحل زكي خيري، وقد أطلق كلمته الشهيرة في حفل الافتتاح (إن الفنانين من دون فنهم المعبر يصدؤون).
الفنان ابن المجتمع ويتحسس حاجاته ومعاناته ويعبر عنها بفنه، وغالبا ما كان للفن دور في دعم الانتفاضات والثورات وهذا ما جسدته جدارية جواد سليم التي صوّرت ملحمة ثورة ١٤ تموز بكل تجلياتها ودور الشعب والجيش فيها وقد توسطت الجدارية ساحة التحرير، والتي أصبحت فيما بعد ملهمة ورمز المنتفضين والتي احتضنتهم.
اليوم و نحن على اعتاب الذكرى السنوية الأولى لانبثاق الانتفاضة، اود التحدّث عن الشباب من الفنانين التشكيلين العراقيين و دورهم المهم في تجسيد الانتفاضة بفنهم وتحويل نفق نصب الحرية لمعرض للفنون التشكيلية سواء بالرسوم المعبرة او بالكلمة والشعر أوالأغاني الثورية التي امتزجت بالفن لتظهر لوحات فنية رائعة تتحدث عن الثورة، ومن ثم ليصبح نفق التحرير مزاراً للعوائل، و الزائرين و الداعمين لهم، و أخذ صور تذكارية هناك، و عبرت الرسوم عن مراحل الانتفاضة و أرشفة نضالها وتخليد شهدائها حتى تحوّل النفق الى معرض فني للانتفاضة.
هذه الحالة الفريدة في الانتفاضة العراقية وجدناها في اغلب المحافظات المنتفضة على انهيار الدولة وضياع هيبتها لصالح المليشيات والسلاح المنفلت حتى أصبح الفن والجداريات شكلًا من أشكال النضال الشعبي، حيث لعبت دورًا تعبويًا وتنظيميًا في الانتفاضة، واصبحت الرسومات الجدارية حينها، وكأنها رسالة تحفيزية أراد الفنانون الشباب نشرها في الساحات الاحتجاجية، ونظرتهم لمستقبل العراق.
واليوم ما عاد الجدار ورقة بيانٍ ثوري ينتظر كاتبه في جنح الليل ليختبئ بعباءته من المليشيات المنفلته ويخطّ صرخته الثورية على الجدار، ويمضي ورفاقه قبل أن ترصدهما بندقية القناص، بل أصبح الجدار في أغلبالأحيان لوحة فنية لفنانِ تشكيلي يستلهم رسوماته من واقعه السياسي والاجتماعي ووجدان المنتفضين فيها من التحدّي والإصرار الكثير، الكثير.
من يبحث عن أفكارٍ لرسوماته سيجدها في واقع الانتفاضة، لذلك أتى فنانونا الذين شاركوا المنتفضين بدعمهم، منهم الفنان العالمي بشير مهدي الذي أتى من هولندا رغم وضعه الصحي، ليرصد جائزة تشجيعية للفنان الفائزبأفضل جدارية في نفق الحرية وساحة التحرير، ولا ننسى شبابنا الفنانين في بغداد والحلة والناصرية والديوانية والبصرة واغلب ساحات التظاهر بدعمهم الانتفاضة من خلال رسائلهم الفنية التي جسدوها، مؤمنين بدورهم ورسالتهم السياسية والاجتماعية والنضالية التي عبروا عنها بفنهم وإيصالها للعالم.
و كان الفن التشكيلي خلال الإنتفاضة سلاحاً، ونضالاً ثوريًا في المقام الأول،وتغيّرت طريقة الفنان في التعبير عن ثورته ونضاله بما يتماشى مع الرؤية السياسية الجديدة، و إيمانهم بعدم مشروعية النظام الطائفي والمليشيات المنفلتة، ورفض الفاسدين، والمطالبة بالخدمات وتطبيق العدالة الاجتماعية، ومحاسبة القتلة و المجرمين،و تخليد الشهداء ، هذا كلة عبرت عنه جداريات الفنانين العراقيين من الشباب في سوح التظاهر وهي تجربة جديدة تستحق من المهتمين دراستها وإعطاء الفنانين التشكيلين و الموسيقيين و المطربين حقهم ودورهم الريادي في دعم الانتفاضة …
************
ص10
خطر يهدد مستقبل انتفاضة تشرين يجب تحاشيه
صبيح الزهيري
تمثل انتفاضة تشرين الترجمة العملية لمسارات الصراع الطبقي والفرز الاجتماعي في العراق الآخذ بالتزايد بعد 2003.اي بعد حدوث الاحتلال الامريكي للعراق وتسليمه السلطة للإسلام السياسي والذي تم وفق إستراتيجية امبريالية مدروسة هدفها منع قيام دولة ديمقراطية في العراق لعدة اهداف منها تلبية رغبات دول الجوار الرجعية. ومنها جعل القضية العراقية ورقة مساومة تبتز بها دول المنطقة عموما. وقد تجلى ذلك المسعى بحل الجيش العراقي بعد الاحتلال مباشرة وتشريع دستور (دولة المكونات ونظام الحكم البرلماني وما سمي بالديمقراطية التوافقية) والذي تم على عجل وصار هو السبب الأساسي الذيأنتجالمحاصصة فيما بعد.
وكانت نتيجة هذا الشكل المشوه للدولة هي الفوضى الاجتماعية والتناحر الاجتماعي وتمزق اللحمة الوطنية وبروز الطائفية السياسية والاجتماعية وافرازاتها المتنوعة (الميليشيات المسلحة وانتشارا لسلاح في الشارع) والفساد المالي والاداري ونهب الثروة الاجتماعية وظهور (طبقة اجتماعية) بيروقراطية طفيلية رثة وعميلة. اضافة الى تراجع مفهوم المواطنة لصالح الولاءات الفرعية.
فخلال مرور قرابة العقدين من الزمن دخل الى خزينة العراق أكثر من ترليون دولار من مبيعات النفط.ولكن لم يظهر لها أيأثر يذكر على حياة كادحي وفقراء العراق ومثقفيه.
بل زاد وضعهم سوءا الأمر الذي حفز الملايين من كادحي الشعب العراقي الى رفع اصواتهم للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وبوجوب اقامة دولة المواطنة الديمقراطية.
ولذلك لم تكن انتفاضة تشرين عملا احتجاجيا وسياسيا مفاجئا. بل حراكا شعبيا متواصلا بدأ منذ عام 2008وبرز بشكل واضح في عام 2011 واستمر بالنمو والتطور حتى بلغ مدياته في الأولمن اكتوبر 2019. فكانت انتفاضة تشرين السلمية والتي كانت أطول وأعمق انتفاضة شعبية نقيةوعفوية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921. والتي قلبت موازين الوعي في الشارع العراقي لصالح الاصلاح والدولة المدنية الحديثة. وذلك بصمودها المنقطع النظير اتجاه العنف الذي واجهته من قبل سراق قوت الشعب، فقد واجهت قطعان الهمجية والتخلف من ميليشيات مسلحة وأجهزة السلطة الطائفية بشجاعة نادرة وقدمت قرابة 700 شهيد وأكثر من 27 ألف جريح ومعوق ومفقود ومختطف.وافرزت وعيا طبقيا واجتماعيا تجاوز حدود العراق، وامتد حتى الى بعض الدول المحيطة به كإيران ولبنان.وبذلك منحها العالم صفة ايقونة الشرق الأوسط، لكن رغم هذا الشموخ فالانتفاضة ما زالت في خطر وتعاني من عيوب بنيوية تحتاج لعلاج سريع لا يقبل التأجيل.
ترى ما هي هذه العيوب؟
اولا – لم تستطع الانتفاضة ان تتحول الى كتلةاجتماعية سياسية ثورية متراصةوموحدة ولديها برنامجان اجتماعي وسياسي واضحان ومحددان.
لم تمتلك قيادة واحدة لديها ستراتيجية واضحة وتستطيع ادارة الصراع من خلال تكتيكات تتلاءم مع متطلبات الظروف السياسية المتحركة.
إلا أن كل الذي انجزته الانتفاضةخلال شهور عمرها الستة هو مجرد تنسيقيات هشة ذات نفس مناطقي على الأغلب ونهج سياسي وفكري مترددومتناقض احيانا.
ثانيا – انها بالغت في طرح مفهوم العفوية والحياد ومعاداة الحياة الحزبية والاحزاب السياسية بشكل عام. ولعل أخطر هفوة وقعت فيها نتيجة هذا النهج الفكري هي (وضع كل الاحزاب السياسية في سلة واحدة).متناسية ان هناك احزابا سياسية ظهرت قبل هذه الانتفاضة بعقود من الزمن وناضلت من اجل نفس الاهداف التي تناضل هي الآن من اجلها. وقدمت قوافل من الشهداء من اجل انجاز تلك الاهداف.
وانصافا للحقيقة التاريخية فان الحزب الشيوعي العراقي يكاد ان يكون هو الحزب الوحيد الذي رفع راية النضال الضاري من اجل تلك الاهداف منذ ثلاثينات القرن العشرين وما زال، كونه حزبا للعمال والفلاحين والكادحين والشبيبة المتعلمة. وقد شهد له التاريخ والعدو قبل الصديق بهذه الميزة.
ان تشكيل الحزب السياسي يا سادة ليس هدفا بحد ذاته بل هو آلية لتنفيذ برنامج وتحقيق هدف ليس إلا.. فما بالك بالحزب الذي يمتلك نظرية علمية ويسترشد بتجارب الشعوب الثورية ويجعل من نفسه دائما درعا متصديا للهجوم الرجعي على قوت الفقراء والكادحين والعابثين بالعدالة الاجتماعية. ألا يستحق هذا الحزب الثناء والاحتضان والدعم من شرفاء الشعب العراقي ومن كادحيه خصوصا؟
لقد علمنا التاريخ وتجارب الشعوب المناضلة ان من يعادي قوى اليسار والديمقراطية ويخلط ويساوي بين اليسار واليمين وبين العلمي وغير العلمي وبين المنظم وغير المنظم انما هو واهم جدا.
فالثورة الكوبية لم تنجح ولم تصمد الا بعد ان احتضنها الحزب الشيوعي الكوبي.
والثورة الفيتنامية بقيادة (الفيت كونك) لم تستطع ان تهزم الامبريالية الامريكية الا بعد اندماجها بحزب العمال الفيتنامي.
وجبهة التحرير الجزائرية لم تنتصر الا بعد أن رمى الحزب الشيوعي الفرنسي وكل قوى اليسار في العالم كامل ثقلهم من اجل نصرة الثورة.
كما يجب أن نعترف أمام التاريخ أنتعثر نضال الشعب الفلسطيني البطل كان بسبب مواقف منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة منظمة فتح عندما مسكت العصا من الوسط وساوت بين اليمين العربي الرجعي وبين اليسار الفلسطيني والعربي.والامثلة تطول ولكن تبقى حقيقة واحدة غير قابلة للنقاش هي (ان اليسار نصير الشعوب والمهمشين كونه يمتلك ايديولوجية ونظريةعلميةمنجهة وخبرة نضالية على المستوى العالمي من جهة اخرى).
ثالثا – تواجه الانتفاضة عدوا شرسا هذه الايام يمتلك ادوات تخريب لا حصر لها، فبالإضافة للقمع والقتل الذي تمارسه السلطة واذنابها هناك اساليب أكثر خطورة من هذا الاسلوب منها:
أ-الحرب النفسية واشاعة الياس والخوف داخل المنتفضين
ب - زرع روح الفرقة بين المنتفضين
مرة على اساس المناطقية ومرة على أساس المذهبية ومرة على اساس الزعاماتية ومرة على اساس تجزئة المطالب. ومرة على تقزيم الانتفاضة وتحويلها لمجرد مطالب نفعية وتوظيفية ظرفية.والعمل بكل قوة ومكر لإبعادها عن ذراعها السياسي وتوجهاتها الديمقراطيةوالحداثوية..
ولعل من أخطر الاسلحة التي قد تدمر الانتفاضة هو اسلوب شراء ذمم ضعفاء النفوس من السذج الطامحين للشهرة والمال المتواجدين ضمن جمهور الانتفاضة.كذلك من الاساليب القذرة الاخرى هو اسلوب دس عناصر مشبوهة داخل جسم الانتفاضة لتؤدي ادوارا تخريبية مدروسة لا تمت لهدف الانتفاضة بصلة كالاعتداء على الممتلكات العامة والاعراف الاجتماعية وغير ذلك.
ولعلوهذا هو أخطر ما يمكن ان يحدث مستقبلا وهو تجزئة الانتفاضة الى احزاب سياسية عديدة تنوي دخول الانتخابات البرلمانية اما بدوافع ذاتية أو بدفع من جهات مشبوهة.وإذا حدث ذلك فلنقرأ السلام على الانتفاضة، ذلك ان احزاب السلطة ومافيات المال والفساد واحزاب الاسلام السياسي ستبتلعها حتما وتستعملها (كارت عبور) الى ضفة السلطة من خلال استثمار سمعتها النضالية ثم تنقلب عليها بعدذلك.
لذلك حذاري ثم حذاري من الوقوع في هذا الفخ.
ولغرض تحاشيه لدي مقترحان:
الاول: هو السعي للتحالف مع القوى الديمقراطية واليسارية في قائمة انتخابية واحدة وهو المفضل لدى كل الوطنيين من اصحاب الخبرة السياسية.لكونهالاكثرضمانافيمسيرة تحقيق النصر.
والثاني: ان تؤسس الانتفاضة حزبا سياسيا واحدا خاصابها يكون جامعا لكل فصائلها لكي تدخلبه الانتخابات بشكلمستقل وفق برنامج سياسي واجتماعي تقدميوديمقراطي محدد..
وبذلك تستطيع قطع الطريق على ديماغوجية الاسلام السياسي ومافياته المتنوعة.
************
ص11
حين ازهق البعث الصدامي
أرواح خمسة أبناء لعائلة واحدة
أمير أمين
مثلما انتقلت العوائل الفقيرة في سنوات الستينات الأولى الى حي الإسكان الكائن في صوب الشامية في مدينة الناصرية، انتقلت عائلة العم أبو عادل الى بيت صغير ضمهم جميعاً، الأم والأب وسبعة أولاد وثلاث بنات، وذلك في الركن الذي سلمت فيه البيوت للمدنيين. وفي الطرف الآخر كانت بيوت العسكريين من أصحاب الدخل المحدود. هذه البيوت تبرعت بها حكومة ثورة 14 تموز الى الكادحين مدنيين وعسكريين، على أن يدفعوا قسطاً شهرياً بسيطاً من رواتبهم ثم يصبح البيت ملكاً لهم.
كان البيت ضاجاً بالشبيبة الإخوة وهم بأعمار متقاربة، فبنوا علاقات واسعة من الصداقات الدائمة مع شبيبة الحي، حتى أصبحنا معهم كإخوة وليس فقط كأصدقاء. وصرنا نلتقي بهم في المدرسة وفي ساحات اللعب وفي المتنزه القريب من سكننا وفي النهر الذي نسبح فيه وهو الفرات الجميل.
ولما كبرنا معهم صرنا نرتاد المقاهي والكازينوهات، وصرنا نلتقي ببعضهم في خلايا الحزب الشيوعي العراقي وفي لجانه.
و منذ عامي 1978 و1979 ابتدأت حملة شرسة كما هو معروف ضد تنظيمات الشيوعيين، فتمزق شملنا وضاعت أخبار بعضنا عن الآخر ومرت البلاد في مرحلة معتمة جداً، امتلأت فيها السجون والمعتقلات واختفى من استطاع الإفلات من قبضة الجلاوزة المارقين، خاصة من فروا الى العاصمة بغداد وضاعت أخبارهم .
في مدينة الناصرية لم يبق من لم يكتوي بنار الديكتاتورية، وما من عائلة في هذه المدينة الباسلة إلا وفقدت أخاً أو قريباً أو شخصاً عزيزاً عليها، وصار في كل بيت تقريبا نائح ونائحة، خصوصاً أيام الثمانينات وبعد انتكاسة انتفاضة آذار من عام 1991.
وهنا اتحدث عن عائلة العم طارش داود أبو عادل الذي فقد خمسة من أولاده السبعة واحداً تلو الآخر، وهم جميعاً في مرحلة الشباب وعنفوانه، مدنيين وعسكريين.
وكان أول الشهداء ابنه صباح وهو عضو في الحزب الشيوعي، وكان قد انخرط في قوات انصار الحزب في كردستان فترة من الزمن، ثم تسلل الى الداخل ليعمل في تنظيمات الحزب المدنية السرية. وكان متزوجا حديثاً من الشهيدة سحر أمين التي كانت حاملا في شهرها السابع، حينما وقعت مواجهة بين زوجها ومفرزة من ازلام النظام سقط فيها شهيداً، وجرحت هي وأنجبت في السجن ثم جرى إعدامها بعد ذلك. وتم تسليم جثة الشهيد صباح الى ذويه في يوم 30 تموز عام 1984 ومعها شهادة الوفاة من قبل دائرة أمن الناصرية بتاريخ 5 تموز عام 1984 مذكور فيها السبب للوفاة وهو اصابته بطلق ناري! وأن وفاته حصلت في حزيران عام 1984 كما هو مثبت في وثيقة الامن العامة لمديرية ذي قار.
وفي 23 كانون الأول 1984 عادت أجهزة السلطة لتعتقل أشقاءه محمد رسول (وهو إسم مركب) ورياض الذي كان مدرس جغرافية، وعلي الابن الأصغر حسب تسلسل الاخوة، بتهمة قيام أخيهم الأوسط محمد بتنظيم عسكري يعمل لصالح الحزب الشيوعي العراقي وشراء الأسلحة (حسب التهمة) !..لاغتيال المحافظ ومدير الأمن في المحافظة.
لذلك نفذ حكم الإعدام في محمد وفي رفيقه مهدي النجار في يوم 15 حزيران عام 1985 وتم استيفاء ثمن رصاص الإعدام من عائلتيهما!
يذكر أن الشهيد مهدي النجار كان مع الشهيدين صباح وسحر حينما وقعت المداهمة ضدهم في نفس البيت وتم أسره مع الشهيدة سحر!
أما الأستاذ رياض فتم زرقه بمادة كيمياوية تؤدي الى الموت البطيء وذلك في مديرية أمن الناصرية في إحدى المرات التي تم فيها استدعاؤه من قبلهم، وكان معه الأستاذ ماجد حنتوش الذي مات بنفس الطريقة. أي أنهما سقيا من نفس المادة السامة، وكان الاخير من شباب حي الإسكان ايضا. علما انه تم فصل الشهيد رياض من وظيفته بناء على أمر إداري صادر من المديرية العامة لتربية ذي قار، وحسب توجيهات الجهات الأمنية بالمحافظة بكتاب يحمل الرقم 4229 صادر في يوم 27 أيار عام 1985.
وقد نص الكتاب على “توقيف السيد رياض طارش داود مدرس متوسطة الفاروق للبنين” كما تقرر حسب الكتاب: أولاً سحب يده من الوظيفة اعتباراً من 21 كانون الاول 1984 أي من تاريخ توقيفه لأمور تتعلق بالأمن العام! ثانياً إعادته للوظيفة اعتباراً من 12 أيار 1985 وهو تاريخ إطلاق سراحه والافراج عنه لعدم كفاية الأدلة كما هو مذكور في الكتاب! الذي وقعه عامر محمود ناجي المدير العام. لكنه على أية حال استشهد إثر استدعائه وسقيه مادة قتلته خلال أيام .
أما الأخ الأصغر علي فتم إصدار حكم بسجنه خمس سنوات بتهمة التستر على زوجة أخيه الشهيد صباح أي الشهيدة سحرأمين والتي اعدمت هي أيضاً في يوم 14 نيسان عام 1985، بعد أن أخذوا الطفل الذي ولدته في الخدج من يديها ولم تره مرة أخرى وللأبد!
وبعد الانقضاض على الاخوة صباح ومحمد ورياض وسحر زوجة صباح، توجهوا نحو ملاحقة أخويهم العسكريين عادل ومرتضى، فتم نقلهما الى الخطوط الامامية للجبهة في الحرب العراقية مع إيران، وتمت تصفيتهما فيها. حيث استشهد الاخ الأكبر عادل في منطقة نهر جاسم بتاريخ 11 كانون الثاني عام 1987، واستشهد مرتضى بتاريخ 23 آذار عام 1988 في السليمانية في منطقة حلبجة، واستلمت العائلة شهادة وفاته التي ذكر فيها يوم الوفاة وهو 23 آذار عام 1988 كما جاء فيها ان سبب الوفاة جروح في الصدر والحوض والساعد الأيسر!
هكذا وخلال فترة قصيرة بين عامي 1984 و 1988 ودعت العائلة خمسة من شبابها، الذين كان يزدان بهم بيتهم ويمتليء بهجة ونضارة. فتركوا بغيابهم غصة كبيرة في قلوب والديهم وأخواتهم الثلاث وبقية الإخوة والرفاق والأصدقاء، الذين عاشوا ولا زالوا بعد فراقهم بحزن وألم. وقد التحق بهم بعد ذلك والدهم المسكين، ثم ماتت والدتهم قبل بضع سنوات.
وكان حزني شديدا عليهم، خاصة على الشهيد صباح زوج أختي الشهيدة سحر، الذي كان من رفاق حزبنا الشيوعي النشطين في تنفيذ مهماته في الخلايا الحزبية الطلابية وفي لجان اتحاد الطلبة. كذلك كانت لي علاقة صداقة ومحبة واحترام مع الأستاذ رياض، فكنت اذهب معه ومع عدد من أصدقائنا الى كازينو السلام على شاطيء الناصرية في سنوات السبعين، ونبقى نتسامر فيها ساعات، خاصة في الصيف. فكان بمثابة الأخ والصديق الحميم.
أما الشهيد مرتضى فكان حين يعود الى البيت في الإسكان في إجازة عسكرية لمدة قد تصل أحياناً الى أسبوع أو أكثر، يمر على بيتنا فنلتقي ويطلب مني تزويده ببعض الكتب من قصص وروايات او كتب ثقافية، ينكب على مطالعتها ثم يعيدها لي. وكنا أحياناً نتناقش حول ما قرأه فيها، ثم أودعه حين يعود الى وحدته العسكرية، آملاً منه العودة السريعة ليستلم من مكتبة بيتنا ما يراه مناسباً للتزود بالثقافة .
كان إنساناً طيباً جداً وحلو المعشر، خجولا ومؤدبا. ولم اكن اتصورأنني لن أراه أو الشهيد رياض أو الاخوة الآخرين مرة اخرى.
كم هي بليغة هذه الجروح التي حفرتها حكومة البعث الصدامي في نفوسنا، فنغصت علينا عيشنا وراحتنا واورتنا الاحزان. لكنها لم تدرك أنها بما اقترفت جعلتنا نفتخر يوما بعد يوم ونرفع رؤوسنا عاليا حين تأتي سيرة هذه الكوكبة البارة من أبناء شعبنا البواسل، الذين جادوا بحياتهم في سبيل حياة أفضل للشعب العراقي .
تحية محبة واحترام للشهداء الأماجد، الاخوة الاحبة عادل ورياض ومرتضى وصباح ومحمد رسول، وتحية إجلال للشهيد مهدي النجار والشهيدة سحر وجميع شهداء الشعب العراقي البواسل.
إنتم مفخرة ورفعة راس لنا، وستبقون في وجدان بنات وأبناء شعبنا العراقي الى الابد.
************
ص12
الانتفاضة المصرية (يناير – فبراير 2011)
الأسباب والتحولات والمآلات
د. صلاح السروري* - خاص بطريق الشعب
لم يكن العقد الذى سبق الانتفاضة المصرية (25 يناير 2011) خاليا من الفعل الاحتجاجى الرافض لممارسات سلطة الفساد والتبعية، التى كان على رأسها المخلوع (مبارك). فلقد كانت هناك العديد من الحركات الاحتجاجية، السياسية والمطلبية (الفئوية)، على حد سواء. مثل حركة “كفاية” وحركة “9 مارس” لاستقلال الجامعات، و”الحملة الشعبية من أجل التغيير”، و”الجمعية الوطنية للتغيير”، وأخيرا “حركة 6 ابريل”، التى تشكلت عام 2008 عقب انتفاضة عمال مدينة المحلة الكبرى، جنبا الى جنب مع حركات الاحتجاج العمالية والمهنية والطلابية المتعددة.
مدرسة لتدريب المناضلين
وقد بقيت هذه الحركات على الدوام: اما حركات نخبوية، مقصورة على أعداد محدودة من المثقفين والمهنيين، أو ذات طبيعة فئوية، من حيث التكوين، وذات طبيعة جزئية، من حيث المطالب. وكان تأثيرها المباشر ضعيفا وواهنا، وغير ذى مردود واضح أو ملموس. ولكن، على الرغم من ذلك، فقد كانت ذات أثر (تأسيسى) بعيد المدى، أفرخ نتائجه وفعاليته - الى جانب عدة عوامل أخرى بالطبع – في ما شهدته مصر من انتفاضة كبرى.
ويمكن اجمال ما حققته هذه الحركات من انجازات في ما يلى:
أنها حققت ما يمكن تسميته بـ”حرث” الواقع السياسى، وتحريكه، مما أدى الى ابقائه على درجة عالية من التوتر والقابلية للانفجار.
تجهيز المسرح الاحتجاجى عن طريق اظهار حالة عامة من عدم الرضا، واذكاء “ثقافة الرفض”، باعتبارها الاطار والعنوان الأبرز للمرحلة.
تسليح الشباب والأجيال والقوى الثورية الجديدة بالخبرة التنظيمية والتدريب العملي اليومى على مهارات التنظيم والقيادة. وكذلك تسليحهم بالوعى السياسىوالاجتماعى اللازمين لتغذية روحية الفعل النضالى.
نزع المهابة والقدسية عن السلطة الحاكمة وشخص الرئيس التى استمدها من تراث “تأليه الحكام” الشائع لدينا، وتكريس مفهوم حق الاحتجاج ضده والخروج عليه، وامكانية تخطئته وتناوله بالنقد والمحاسبة.
كسر حاجز الخوف، واكساب الجماهير الجرأة اللازمة والجسارة المطلوبة للممارسة الاحتجاجية .. وهو الأمر الذى أدى الى تحول نفسى وروحى، بالغ الأهمية، لدى الجماهير المنتفضة.
فكانت هذه الحركات بمثابة مدرسة مفتوحة للتدريب على الفعل النضالى. وهو ما أحدث نوعا من التراكم (الكمى) للمفاهيم والمواقف واشكال الوعى والفكر، الذى ينتظر تحوله (الكيفى) النوعىفى اللحظة المناسبة.
ولقد جاء هذا التحول (الكيفى) عندما بات واضحا أن النظام قد فقد كامل أرصدته من الاحترام والثقة والقبول لدى الكتلة العريضة من المواطنين العاديين غير المسيسين وغير المشغولين بالقضايا الكبرى، والذين جرت تسميتهم بـ “الأغلبية الصامتة”.
تغيرات وتفاعلات
ولكى تصل الجماهير الى هذه اللحظة (لحظة الانطلاق)، كان لابد أن يكون الوضع الاجتماعىوالسياسى قد مر بعدة تغيرات وتفاعلات، من شأنها احداث هذه النتيجة وتحقيق ذلك الالتحام بين الطلائع والنخب، من ناحية، والجماهير، من ناحية أخرى. وقد جاءت هذه التغيرات والتفاعلات على النحو التالى:
أولا: احتدام التناقض بين قطبى الواقع السياسى – الاجتماعى، فى المجتمع:
فمن ناحية، كانت هناك السلطة الأبوية الاستبدادية، بجذورها الممتدة الى العصور الاقطاعية، المتشبثة بموروث استبدادىوتسلطى، عميق الغور فى التاريخ السياسى للبلاد. وهى السلطة المحتمية خلف جهاز قمعىشرطى بالغ القسوة والقوة. وهى التى تنكر كل مطالب التغيير السياسىوالاجتماعى، الممكنة والضرورية، سواء كانت نابعة من مظالم وتردى الأوضاع الاجتماعية وتغول أجهزة الأمن فى الواقع المحلى، أو متأثرة بما يحدث فى العالم الخارجى. وهما اللذان (أى الواقع المحلى والعالم) أصبح اتصالهما وترابطهما وتشابكهما يتزايد ويقوى على نحو مطرد.
ومن ناحية أخرى، كانت هناك القوى المشكلة للواقع الاجتماعىالبرجوازى – المدنى الحديث، والتى طرأت على تكوينها ووعيها ألوان من التطور الذى أحدثته مراحل التحولات الاجتماعية والاقتصادية المتعاقبة والمتراكمة منذ فترات ما قبل الاستقلال، حتى زمن الانتفاضة. فلقد نمت البرجوازية المصرية, عبر تاريخ طويل من التحديث والتطوير، بدأ بعصر محمد على، الذى أوجد النويات الأولى لشريحة الموظف “المدنى” البرجوازى الصغير، لتقوم جنبا الى جنب مع طبقة وسطى ضعيفة ومنهكة من التجار وشيوخ الطوائف (الحرفية)، وصولا الى وقتنا الراهن، حيث تمت الاستفادة من كل أشكال التعليم والاحتكاك والتحديث المدنى، بانتاج شرائح بالغة الاتساع من الطلاب والمهنيين والتجار وأصحاب الأعمال، فى توسيع وتمتين هذه الطبقة، التى شكلت الكتلة الرئيسية للوجود “المدنى” فى المجتمع المصرى الحديث.
لقد أنتج نظام (السادات – مبارك) نوعا من الشرائح الرأسمالية الفاسدة والطفيلية المتحالفة معه سياسيا، والتى كانت، نتيجة لذلك، صاحبة الحظوة والرعاية والصدارة، منذ زمن أنور السادات، ونالت منه ومن خلفه (مبارك) كل الدعم والمساندة، فتم تسهيل استيلائها على معظم المقدرات الاقتصادية للبلاد عبر ما سمى بـ “الخصخصة”، ونهب المال العام .. الخ. بل وتشكلت الوزارات والمجالس النيابية من رموز هذه الشريحة وكبارها، لكى تجسد “توأم الفساد” المعروف والمسمى (زواج المال بالسلطة) ..
بيد أن النشاط السياسى – الاقتصادى الفاسد والمفضوح لهذه الشريحة جاء على حساب المصلحة الاجتماعية والدور التاريخى لشرائح الطبقة الوسطى من البرجوازية الوطنية، وهى التى خسرت الكثير من مواقعها، وتردت قطاعات عديدة منها الى مستوى خط الفقر والعوز، مما أدى الى تنامى الاحساس بضرورة ازالة هذا الحلف المشبوه ونظامه السياسى لدى قطاعات واسعة من هذه الطبقة.
فضلا عن أن الطبقة العاملة والفلاحين وفقراء المدن، الذين عانوا من ويلات التحولات الاجتماعية “الرأسمالية التابعة”، كانوا قد وصلوا الى مستويات بالغة التدنى من الفقر والمعاناة والاحساس بالظلم الاجتماعى، بعد ما تحولت البلاد الى ما يشبه الاقطاعية الكبيرة للأغنياء والأجهزة المتنفذة.
ثانيا: بروز جيل جديد من الشباب، لم يمارس العمل السياسى المباشر فى ظل أحكام قانون الطوارىء، المطبق منذ ثلاثين عاما، هى مدة حكم الرئيس المخلوع، مبارك، وفى ظل لوائح تجريم العمل السياسىفى الجامعات، والتضييق على عمل الأحزاب وتهميش أدوارها وعمليات التخريب الممنهجة لهياكلها وأنشطتها. لكن توفر لهذا الجيل، من الشباب، وعى حديث، ساعدت على بنائه ثورة الاتصالات وانتشار الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. مما أسس لوجود احساس حاد بما يحدث فى مصر من انتهاكات حقوقية وانسانية، وأشكال من التردى والتراجع الاقتصادىوالسياسىوالثقافى، وفقدان للدور والمكانة لصالح دول أخرى (اقليميا وعالميا) كانت مصر متقدمة عليها لأحقاب طويلة، مما جعل السؤال مشروعا، والحركة ضرورية، والاحتجاج منطقيا.
غياب القيادة
ثالثا: لقد أدى تجريف الحياة السياسية وتشويه المعارضة، أحزابا وشخصيات، الى أن تصبح الثورة بلا رأس مفكر ولا زعيم مدبر .. فكان عقلها يكمن فى جسدها الحى المتفاعل، وكان وعيها مستمدا من المعاناة الجمعية والحلم العام بضرورة وحتمية الانعتاق والوصول الى فردوس الحرية والعدالة الاجتماعية وعودة الوطن الى ألقه وبهائه المفتقد.
ولا أتصور بالطبع افتقارا كاملا أو مطلقا، لدى هذه الانتفاضة، لقيادة من أى نوع. فلقد كانت هناك بالضرورة قيادات ميدانية وتنفيذية وتحريضية وتنظيرية. ولكن أغلب هذه القيادات، تم فرزها فى أتون الفعل وفى خضم الحركة.
وقد أدى غياب قيادة مركزية واضحة للثورة، من ناحية، الى ارباك خصومها من رجال السلطة، وتوتر واضطراب ردود أفعالهم. فهم لا يمكنهم تصفية هذه القيادة، أو اعتقالها، أو مساومتها، أو التفاوض معها. ولكن من ناحية أخرى، كان غياب هذه القيادة المجربة والواعية، والتى تمتلك رؤية متكاملة لعملية التغيير، يمثل نقطة ضعف بالغة الخطورة فى مسيرة هذه الانتفاضة. فقد أعطت الفرصة لقوى الثورة المضادة للتلاعب بفكرة من الذى يمثلها، على وجه التحديد. وفى الآن نفسه، عمدت الى تشكيل مئات من “الائتلافات” الشبابية، التىلاتتقن الا المناقشات الديماغوجية وافتعال الخلافات، مما أدى الى تشتت جهد الانتفاضة، وضياع زخمها. كما أدى الى اتاحة الفرصة لتسلق قوى الاسلام السياسى (الاخوان المسلمون وحلفاؤهم) عليها وركوبها، مستندين الى قوة تنظيمهم وكثرتهم العددية. وهو ما أدى الى النتائج المعروفة من استلامهم للسلطة فى 2012. ولم ينقذ مصر من أيديهم الا ثورة “الثلاثين من يونيو”، وتلك لها حديث آخر، لتقييمها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري
************
ص13
علي الشباني ..
موهبة المغامرة ومغامرة الموهبة
كاظم غيلان
من يغني الكاولي كلكم سكوت ولودره البلبل بواجيه غنه يبلع السانه ويموت (الشباني ـ من قصيدته ـ خسارة) ـ لم يكن علي الشباني على قدر من التوقع والاحتمال في ان يكون صاحب فتح يضاف لفتوحات القصيدة الشعبية العراقية ولربما لم يكتشف اسرار تلك اللغة التي اجّلت انبثاقها وتفجرها في كتاباته الاولى وهذا مايحصل مع التجارب الفذة التي تلوح مفاتيحها الباهرة في افق الغيب. لذا كانت قصيدته الكبيرة ـ خسارة ـ التي كتبها نهاية الستينيات ولفتت نظر الاخرين لموهبته الاستثنائية وفي مقدتهم مظفر النواب الذي أشار للشباني شاعراً منذ وقت مبكر وفي علمي كان ذلك في السنوات الاولى لمغادرة مظفر العراق على كراهة.
و(خسارة) بقيت علامة فارقة في تجربة الشباني، امتازت بتعدد وتداخل الاصوات والاشكال والرؤى واخذت طابعا عنقودياً، مع انه كتب العديد من القصائد المهمة لاحقا كـ ( ايام الشمس، صوت الناي، ليل التتر، الحرف جتال ، غركان .. الخ) وبهذا الصدد يذكر الشاعر الكبير الراحل طارق ياسين في مقدمته لـ ( ايام الشمس، المجموعة الشعرية الاولى للشباني:
“ بعد ان اجتاز فترة راكدة قصيرة في كتابة الشعر الشعبي انضم علي الشباني الى عالم القصيدة الحديثة بشكل جريء يتسم باصالة واضحة، وبالتحديد يوم كتب قصيدة (خسارة) التي اشتهر بها ولفتت اليه الانتباه، وكلما اشتقت لمراجعة شعره لا ادخل اليـه الا من هذا الباب الضيق “.
ان من ابرز مالحق بمجمل التجارب الشعرية المهمة على مستوى شعر العامية العراقية يتلخص في تراجع الدراسة النقدية، ولقد القى النقد بظلال باهتة مجحفة حد الظلم على تجربة الشباني خاصة تلك الكتابة التي نشرها سعدي السماوي اوائل السبعينيات في صحيفة الراصد، بيد ان كتابات اخرى شكلت شيئا من الرد على ما اراده السماوي ويمكن لي القول إن مشروع الشباني الشعري مؤسس على خصوبة عامة سواء كان ذلك في الاحتجاج او النصر في هذا المجال الاشارة لدراسة الشاعر كزار حنتوش (الشباني خرج من دائرة النواب ) والمنشورة في نفس( الراصد) العام 1974:
مشروع علي الشباني الشعري مؤسس على خصوبة عامة سواء كانت هذه الخصوبة في احتجاجه الدائم بوجه ايما ظلم يلحق بالانسان ام كان بفرحه لانتصار هذا الانسان ولذا فقد كان الشعر بالنسبة له مغامرة تشبه الى حد بعيد تلك المغامرة التي ادت به الى السجن او كادت ترسل رقبته الى حبل المشنقة يوم قام في شتاء ظالم ومظلم من عام 1963 الاسود مع عدد من رفاقه الذين كانوا بعمر شبابه المندفع بالاستيلاء على الة كاتبة ( طابعة يدوية) واغرقوا الديوانية بمنشورات تدعو لاسقاط سلطة البعث وتحرير الشعب من فاشية حكمهم القمعي، وهكذا كان الشباني صديقا لفجر الانسان والشعر .
************
إلى شهداء ثورة الأول
من تشرين المجيدة
قيس السهيلي
بچیت اعليك ..
يا نخلة شهاده ..
بساحة التحرير
بچیت اعليك ..
يل رايد وطن ..
و بعزمك التغيّر
ميت .. !!! لا ما تموت ابساع
يا فجر و نبع .. يا ريحة الگاع
دمك ع الظلم .. ثار و سَقَّط التبرير
بچیتاعلیك ..
يا نخلة شهادة ..
بساحة التحرير
شاخ الوطن بيكم
يلحلوهمحاچیکم
مسحتواادموع أهاليكم
ذل و دغَش ما بيكم
شيمه و فخر .. للناس
تشبهون .. الورد والياس
سَوّسعظمها ..
وما نفع تجبير
يا نخلة شهاده ..
بساحة التحرير
شبابإنتو و طلعتوا .. اتردواالعيله
تِرِدون الوطن .. و تعَدلوا الميله
رغم هذي القساوه .. صحتواياويله
إليدوس أرض الكرامه ..
بلا ولاء
نجيبه لو صعَد ..
سابع سماء
هذيالأرض ..
إلصاحبالذِمه و ضمير
يا نخلة شهاده ..
بساحة التحرير
***********
الى الشهيد عبد القدوس
علي الجبر
نزل رايد وطن مخطوف
والخاطف ملثّم والرصاص
يشوف
والناطور اعمى والحرامي
يحوف
والشارع گزازوناسنه
سكاره
ركض للموت
شايل بيده روحه وعثر
بالتابوت
تلگّتهالمنيه وضاعت
اخباره
ما طالب مناصب لا ولا
جاه
بس رايد يعيش مأمّن
بداره
ولا رايد يصير بيوم
مسؤول
يحلم بالوطن ومتاني
البشاره
طلع رايد حلم مذبوح
والذبّاح خاتل والسموم
تفوح
والحرّاس سكته والظلام
ينوح
والوادم ذيابه وغابه
غدّاره
( عبد القدّوس )
بسيط وطيّب وانسان
عراقي وعنده غيره
وما يغث جاره
خلوق ويكره الخوّان
كريم وما طفت
ناره
جنوبي تربّه عالاحزان
وفي ويفرح بخطّاره
ابن الهور ابن ميسان
شارب ماي العماره
**********
خواطر .. شهداء تشرين
صلاح الخزرجي
يِمُر عام ..
ويظَل ... تشرين
حاظِر
ومِئات ...
أستَشهِدوا ... فوگ
ألمَنابِر
ثوار ... وهَدَفهُم
وطَن ... مَنهوب
مِن وِلدِ ... ألشَوارِع
وألعَواهِر
ثوار ... وأبَد
ماهابَو ... ألموت
ينالون ... ألشَهادَه
بطيب ... خاطِر
ولاهَمهُم ...
قَنابُل غاز ... مَسموم
وگواتِم ... صوت
مِن إيدين ... غادِر
تِحَدوه .. للرِصاص
بصَدِر ... عَريان
غيرَتهُم ...
للوَطَن .. صارَت
سَواتِر
عِمَت ... عين
ألمِنِيَّه
تلَملِم ... سباع
وحريمَه .. ألموت
يِحصِد .. وَرِد
زاهِر
بساحات ...
ألشَرَف .. وألعِز
يِرِسمون
خَريطَة ... وَطن
مَجروح...
ويگابِر
بُرگان ... وغَضَب
ثوار .. تشرين
يريدون ....
ألوَطن ... شامِخ
وعامِر
وتُبقى ... ألثَورَه
ثَورَه
ونُبقى ... ثُوار
وأبَد ... مَنعوف
ساحات ..
ألتظاهُر
*************
ص14
انتفاضة تشرين ثقافيا محور خاص
تعد انتفاضة تشرين في ذكراها الأولى ، فاتحة مسار شعبي يدرك حقوقه التي سلبت منه. فما هو دور الثقافة والمثقفين في إغناء هذه الانتفاضة الباسلة ..رأيكم يهمنا وصوتكم يعنينا. توجهنا بهذا السؤال الى عدد من الكتاب والاكاديميين والمثقفين العراقيين والعرب في الداخل والخارج، وتسلمنا اجاباتهم التي ننشرها تباعاً.
المحرر الثقافي
الانتفاضة التشرينية والنبوءة الجواهرية
د. نادية هناوي*
يعد الشعر أنجع أنواع الأدب في تركيز اللحظة واختزالها، تعبيراً عن وجدان اُستفز فكان في ذروة الانفعال، وإحساس مضام اكتوى في لجة الاحتدام. وهذا القانون الفني والجمالي ينفرد به الشعر لوحده، فليس مثل الشعر فن يختصر اللحظة ويختزل التاريخ إزاء أيام عصيبة كأيام الانتفاضة التشرينية التي هي بحق ثورة مطلع القرن الحادي والعشرين، الثورة الوليدة التي أنجبتها ثورة العراقيين الكبرى ( ثورة العشرين).
وإذا كانت الأم التي هي ثورة العشرين قد ثارت على محتل أجنبي واحد؛ فإن البنت التي هي ثورة تشرين تميزت عليها بأن ثارت على طغاة ذوي عتو كُثر الألسن متعددي الصور والهويات متنوعي الأشكال والانتماءات، يخفون وراءهم أنياب ذئاب وحشية. وصحيح أن ليس للبنت أن تفخر على أمها، لكن الأم نفسها تفخر بابنتها وتهلهل وتهلل لها أن التاريخ دوما معها، وهو يسطر لها اليوم كما سطر بالأمس أسماء ووقائع وشخصيات وقصائد وحكايات.
هذه البنت المنتفضة اليوم على خطا أمها الثائرة وقد أثبتت أنها ليست مجرد تمرين في الوطنية ولا استعراض عضلات نفخها البطر والخيلاء؛ وإنما هي درس بليغ من دروس الكفاح الوطني يعلِّمه الشعب العراقي في كل آن لحكامه الذين ما رعوا فيه حقا ولا احترموا له عهدا ولم يقروا له بالشكر والامتنان. وحين نبحث عن شعر نريد به أن نعبر عن كل تلك المشاعر المنتفضة فينا، فلن نجد مثل شعر الجواهري نغما صادحا وساطعا ومعاني حية يتردد صداها في سوح العز والوغى، في التحرير وغيرها، نافرا بشررٍ يتطاير في وعينا فيعمق أملنا بالمستقبل تماما مثل تلك الشرارة التي انطلقت من الحيدر خانة أبان الاحتلال الانكليزي لتكون شرارا يرهص بالثورة الأم( ثورة العشرين) ونبوءة تستحضر( ثورة تشرين) وما سيسقط فيها من شهداء، بهم ينتفض شعبنا بكل عناوينه ومسمياته وأطيافه انتفاضة رجل واحد ولسان حاله يقول : كفى فإن للحليم غضبة لا تسترحم إذا تأججت ونجاعة الشرر الجواهري أنه عرّاف لا تخيب نبوءته ولا يكذب استشرافه؛ بل هو يصيب المرمى في الصميم فلا يستطيع القدر إلا أن يستجيب، وما ذلك إلا لثقته ( أن رقاب الطغاة أثقلها الغنم والمأثم)
وليس في الانتفاضة التشرينية التي فيها فار الدم العراقي ويفور عن بكرة أبيه هدأة بها يستجير من أزيز الرصاص وسيل الدخان ووقع القنابل الصوتية إلا بعد أن يقلب الموازين رأسا على عقب لتكون لصالحه، خائضا غمار الوغى كما خاض أجداده الأوائل، فإما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيظ العدى.
وانتفاضة العراقيين اليوم ليست مطلبية كما يصفها بعض المراقبين بل هي تغييرية انتشالية تريد أن تقتلع جذور الاضطهاد والفساد من أساساتها كثورة وطنية شعبية عارمة معبرة عن وعي حقيقي بواقع مرير ( ضقنا به ضيق السجين بقيده) كما يقول الجواهري:
لا تيأسوا أن يلح من ليلة
فجر ولم تؤذن بضوء نهارِ
فلئن صليتم من هنأة جمرها
ومشيتم منهن فوق شفارِ
فلابد أن يثب الزمان وتنثني
حكم الطغاة مقلم الأظفارِ
وتجدد الأيام عهد وصالها
من بعد إعراض لها ونفارِ
فهناك سوف يكون من زهراتكم
أصفى معارفها وأطيب حارِ
وهناك سوف يرى الغيمة معشر
أن يمسكوا من خلفكم بغبارِ
فحذار من عقبى القنوط حذار
وبدار للعهد الجديد بدارِ
ولا عجب أن يكون الجواهري شاعرا كونيا تعامل مع كثير من الأحداث العالمية تعاملاً انسانياً واحداً، وهو ما جعل شعره شعراً شمولياً يحضر في كل مناسبة بذات القوة كفعل خلاق ومستمر. ولا غرابة إذن أنْ تتصدر قصائدُ شاعر العرب الاكبر الجواهري لافتات شباب ساحات الانتفاضة ، لاسيما تلك الأبيات المتنبئة بالانتفاضة:
سينهض من صميم اليأس جيل
شديد البأس جبار عنيد
يقايض ما يكون بما يرجى
ويعطف ما يراد لما يريد
والاستشراف المستقبلي هو ما يمنح هذه القامة الشعرية خلودها لتكون لازمة وثيقة من لوازم أي فعل منتفض وثائر. وواحدة من استشرافات الجواهري الخالدة ما كان يضمخ به العشرات من قصائده بخطابات ترنُّ في الآذان قوية وهي تستنهض همم الشباب العراقي، واضعة فيهم الأمل ومحملة إياهم الرسالة في بزوغ غد جديد لن يتحقق إلا بهم. وها هي الأيام تروح وتجيء وقصائده تصدح مخاطبة الجيل الجديد قائلة له :
تقحَّم فمن ذا يلوم البطين
إذا كان مثلك لا يقحمُ
يقولون من هم أولاء لرعاع
فافـــهمهم بدم من همُ
وافهمهم بدم أنهم
عبيدك أن تدعهم يخدموا
وأنت أشرف من خيرهم
وكعبك من خده أكرمُ
ستحضنها من صدور الشباب
قساة على الحق لا ترحمُ
نبوءات الجواهري وخوالده الشعرية التي نستذكرها اليوم هي من وحي ما تهزه فينا الانتفاضة من مشاعر وطنية مثل قوله:
أرى أفقاً بنجيع الدماء تنور واختفت الأنجمُ
وجيلا يروج وجيلا يجيء ونارا إزاءهما تضرمُ
أنبيك أن الحمى ملهب وواديه من ألم مفعمُ
وتعيد النبوءات الشعرية فينا ما يثيره حساد الجواهري من أشباه الشعراء وأنصاف الناظمين بين حين وآخر من ادعاءات بأن شعر الجواهري لم يتبق منه شيء، وأن قصائده ذبلت وانتهى أجلها، وأنه تراجع أمام انجازات الشعر الجديد. فنتساءل كيف ذاك ونحن كلما نقرأ ( أتعلمُ أم أنت لا تعلمُ بأنّ جراحَ الضحايا فمُ ) نقف إجلالا لشاعرية الجواهري التي نجد حساسية فورتها وحماسة كلماتها متجسدة في انتفاضتنا التشرينية الراهنة عاكسة بعين ثاقبة الماضي وهو يستحضر المستقبل تاريخا يقايضه الشعر بالتجدد شاهدا يواكب الوثبات والانتفاضات والثورات، وصوتاً لا يعرف الصمت كهذه الأبيات التي تبعث في نفوسنا الأمل وهي تصف المنتفضين شبابا رافدينيا لا يعرف المستحيل، بهم سيولد عراق جديد غير منتكس ولا متخاذل، يؤذن بضوء نهار:
واستفرش الشعب الثرى ودروبهم
مملوءة بنثارة الأزهارِ
أيه شباب الرافدين ومن بهم
يرجو العراق تبلج الأسحارِ
الحاملين من الفوادح ثقـــلها
ليسوا بانكاس ولا أغمارِ
والذائدين عن الحياض إذا انتحت
كرب ولاذ مكابر بفرارِ
والباذلين عن الكرامة أرخصت
أغلى المهور وأفدح الأسعارِ
ومؤججين نفوسهم وقلوبهم شعلا
يسير على هدها الساري
والحابسين زئيرهم بصدورهم
فإذا انفجرن به فأي ضواري
والقانعين من الحياة رخية
بلماظة ومن الكرى بغرارِ
بهذه الشاعرية التي تؤكد جذوة الانتفاضة التشرينية تخرس الحناجر المتهدلة التي عز عليها الشعر فوقفت تنتقص من صاحب الشعر الجواهري الذي وصفه الناقد عبد الجبار عباس بأنه (صفحة بهية في كتاب الشعر العربي.. سيد التجربة فيما يرزح مئات العموديين عبيدا.. أبو الجماهير ورائدها فيما وقف الصغار أبواقا لها ووعاظا) ص18.
وبالثورية الشعرية تكون نبوءات الجواهري واستشرافاته أبية، وهي تقهر الزمان حافرة في الذاكرة مجدا لا يطاله غفران ولا نسيان، جامعة بين مسألتين قلما نجدهما مجتمعتين في شاعر وهما تمازج السياسي بالشعري تمازجا لا يحاكي لكنه يجسّد. وبما يجعل اللحظة التاريخية راهنية، والراهن الشعري تاريخيا، بكل ما يعنيه ذلك من موهبة وجرأة وتمرد بين جموع ثائرة كالجموع المليونية العراقية التي نقمت على القهر ورفضت العجز بالنجابة والعراقة والإباء، ناقمة متحدية وثابة، لتكون الانتفاضة انعطافة مضافة إلى تلك الانعطافات التي شهدها تاريخنا القديم والحديث، مغيّرة عقارب الساعة وجاعلة إياها تسير بحسب إرادتها، ومن خوالد الجواهري في ذلك قوله وكأنه يصف انتفاضة العراقيين اليوم:
والداهنات دماؤهم لمم الثرى
والمؤنسات شواطئ الأنهار
والناحرين من الضحايا خير ما
حملت بطون حرائر أطهار
وليس التعبير عن حساسية مرحلة مصيرية جديدة باليسير، لأن الكلمات تفر منك وأنت تريد واحدة بها تعبر عن دواخلك وما فيها من مشاعر جياشة لا حدود لسعتها، ولا مساحة يمكن لها أن تلمها. وليس مثل الشعر قول به تجد ما كنت متحيرا في التعبير عنه بكلمة تختزل ما هو كثير وتعمق ما هو أصيل مصيبة في المقتل ما تريد أن تقوله ومعززة ما تحمله في داخلك من قيم. هكذا هو الشعر نسغ حي يصدح بالثورة، ثورة الشعب الذي سلب الفاسدون الدجالون ثرواته بعد أن أراقوا دماءه قطرة قطرة. فلا بد إذن من زلزال يقلب المقادير على رؤوس المنتفعين والمتواطئين. وها هو الشباب الثائر يعيش انتفاضته التشرينية مستحضرا ثورته العشرينية ومعهما كل الرموز الرافدينية التي اختصرها الشعر بجمال وعذوبة، راسما المستقبل وقد انقلع الشر وبان الخير واستطاع الشعب أن يبني قاعدة حياته الجديدة قوية صامدة بسواعد شبابه وشيبه.
فالانتفاضة التشرينية وثبة ميمونة وثورة عارمة وتظاهرة فذة على كل أشكال الخنوع والتذلل. إنها جذوة ثائرة ليس لها خمود وستظل مستمرة مستعرة هادرة ترنو إلى أمام، مقدمة لنا كل يوم صوراً عظيمة للتضحية ودروساً قيمة في الجمال؛ فحسبنا وحسب العرب بذلك فخراً.
ـــــــــــــــــــــــــ
* باحثة وناقدة اكاديمية
************
ص15
عوامل استمرار الانتفاضة قائمة
حسين فوزي*
ظن البعض أن انتفاضة 2011 أمكن تطويقها بالوعود وبعض الإجراءات الأمنية وشراء ذمم البعض، لكن ما حدث بعدها بأربعة اعوام، وأخيرا انتفاضة تشرين 2019، تؤكد أن واقع معاناة العراقيين لا يمكن تخديره، ولا يمكن إسكاته سواء بالإجراءات الأمنية أو شراء ذمم البعض، فمعاناة غالبية ذوي الدخل المحدود، من الموظفين، والكسبة، إلى جانب بطالة الشباب، وانعدام الإحساس بالأمن، وشعور العراقيين بالإهانة الكبيرة من اسلوب استصغار العديد من أطراف الجوار والتدخل في الشأن الوطني العراقي، كلها عوامل موضوعية لاستمرار الانتفاضة، والسيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء مصيب حين يقول بأنه لم يعد في وسع احد أن يحصر العراقي في قمقم، بفعل تطور وسائل الاتصال، إلى جانب التراث الثقافي لحضارة العراق، والقيم التي دعا إليها الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حين ردد “الساكت عن الحق شيطان أخرس”.
فالعراقيون، بغض النظر عن مذاهبهم ومعتقداتهم، يجدون في الإمام علي (عليه السلام) قدوة لهم في التعامل مع معطيات الحياة والسلطة، لذلك نجد ان أغلب جماهير العراقيين من الشرائح الشعبية للمجتمع، إلى جانب المثقفين والعسكريين الوطنيين، هم مشروع استشهاد، كما كان سيدنا علي ابن أبي طالب، المقتدي بمربيه ومعلمه سيدنا النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم).
إن جماهير الانتفاضة، وهي شريحة واسعة، تزداد اتساعاً وفعالية، بفعل صفيح الأزمة اللاهبة اقتصاديا وصحياً وشبابياً وسكنيا، ما زال في نفسها بعض الصبر، بانتظار ما تحققه حكومة السيد الكاظمي، مؤيدة كل خطوة إيجابية، بدءاً من مساءلة العديد من المسؤولين من الدرجات الوظيفية الدنيا، متطلعة إلى أن يتصاعد سقف المساءلة إلى كبار المسؤولين الذين هدروا المال العام لتسمين الأقرباء والمحسوبين وشراء الذمم، واسترجاع أموال العراق المنهوبة.
كل هذا من جانب، ومن الجانب الأخر، فأن العراقيين لن يقبلوا في زج العراق بمعارك لحساب الغير، ولن يقبلوا بسلطة تتجاهل موازين القوى الدولية والإقليمية، مما يؤدي إلى زج البلاد في معارك خاسرة جديدة بعد الحرب على إيران، وغزو الكويت، وما ترتب عليهما من حربين كارثيتين. فالتجربة علمت العراقيين أن السكوت عن النهج المغامر وأوهام القوة يعني تدمير حاضر الوطن ومستقبله.
إن كل ما يطرحه السيد رئيس الوزراء من أفكار إيجابية موضع قبول، لكن المسألة ليست ما يقال إنما ما يتحقق على ارض الواقع، ومن المؤكد أن الكاظمي يواجه مقاومة شرسة غير معلنة من الماسكين خفية للكثير من زمام السلطة، لذلك فأن الخطوة المطلوبة حالياً هي حراك جماهيري يدعم مسيرة الإصلاح التي أعلنها الكاظمي، ومع كل تقدم يتحقق في فك قبضة القوى المتسلطة.
عليه ينبغي على جماهير الانتفاضة طرح شعارات ومطالب قابلة للتحقيق، وفي الوقت نفسه احترام حق الإنسان في المعتقد وحرية التعبير، حتى إن كانت طروحاته تختلف مع قناعات الجماهير الساخطة، والحرص على أن يكون القانون وحده الفيصل في المساءلة لكل من خان الأمانة أو عدم الكفاءة في معالجة مشاكل البلاد.
وفي الوقت نفسه على الحكومة الانتصار أكثر فأكثر لإرادة الشعب وتطويق السلطة الخفية وتصفيتها بالاستجابة للمطالب المشروعة، بعكسه فأن الطوفان قادم، بالأخص في ظل عمليات السلاح المنفلت التي لا تحترم المواطن ولا الالتزامات الدولية للعراق.
لكن يظل التحدي الكبير الذي يواجه جماهير الانتفاضة هو عدم ترتيب الأسبقيات في المطالب، عدم التمييز بين ما يؤدي إلى خطوات حقيقية لتلبية المطالب المشروعة وما بين ما لا يكون في الطريق الصحيح نحو الهدف، إنما هو في باطنه حرف لمسار الإرادة الجماهيرية، مثل المطالبة بنظام انتخابي قائم على أساس المركز الانتخابي الأصغر، فيما تؤكد التجربة أن الدائرة الانتخابية الواحدة المفتوحة لكل العراق هي الحل الأفضل لضمان حضور القوى الشعبية التي يحاول المتسلطون تطويقها بالمال والنفوذ والتهديد والقتل أحيانا.
كذلك الوعي بأن عملية انقاذ البلاد ينبغي ان تتم بكل الطاقات الخيرة، وهذا يستدعي عدم تجاهل وجود أطراف عديدة ممن تقلدوا المسؤولية بنزاهة وكفاءة وحرص، لا ينبغي تجاهل خبراتهم ولا إقصائهم عن المشاركة في البناء بحجة انهم تقلدوا مسؤوليات سابقاً...
كما أن القول باستبعاد الحزبيين عن المسؤولية هو إقصاء خطير لا يميز بين حزبيين نزيهين حريصين وبين متحزبين خانوا مبادئ أحزابهم والشعب، ولا يميز بين أحزاب لم يعرف عنها سوى النزاهة والتضحية وأحزاب تاجرت بالدين والوعود لكنها كانت وستظل بؤر فساد مستشري.
ــــــــــــــــــــ
* كاتب وصحفي
**************
محطات ثقافية
السلوك الاحتجاجيفي العراق
عن الجمعية العراقية لعلم النفس السياسي وبالتعاون مع جامعة الكوفة، صدر حديثا كتاب (السلوك الاحتجاجي في العراق ـ الديناميات الفردية والجماعية) شارك فيه (12) باحثة وباحث من داخل العراق وخارجه وقام بتحريره : د.فارس كمال نظمي، الكتاب يظهر الصلة النشوئية لموجات الاحتجاج العراقي التي حدثت في بغداد والمحافظات والفرات الاوسط وبمحركات التعبئة والتنظيم. ساهم في ابحاث الكتاب كل من بشرى جميل الراوي ـ بندكت روبن ـ جاسم محمد الحلفي ـ جاسم محمد عيدي ـ زهراء علي ـ شيرين شمس الدين ـ علي طاهر الحمود ـ علي عبد الهادي المعموري ـ فارس كمال نظمي ـ لؤي خزعل جبر ـ مازن حاتم ـ محمد محمود العزاوي.
••••••
طريق الانتفاضة
لماذا تثور الطبقات الشعبية
بهذا العنوان صدر كتاب جديد للمفكر الماركسي الفلسطيني سلامة كيله وفيه يعرض للكراسات الماركسية التي سعت لتقديم النظرية الماركسية لجمهور محلي واسع.
المؤلف سبق ان اصدر (13) كراسا ماركسيا مماثلاً.
*************
الانتفاضة
من أجل وطن حر وحياة كريمة
علي صبري*
انتفاضة تشرين لا تختلف عن كل الثورات التي حدثت في العالم وغيرت وجه التاريخ. لكل ثورة محطات تمر بها حتى تصل إلى مرحلة الانفجار ، وقد توهم ساسة الفساد والخراب، أن تشرين ستكون كسابقاتها من التظاهرات التي حدثت في الأعوام 2011 وما تلاها ، وان المنتفضين سيعودون إلى بيوتهم بحلول الظلام، ولم يكن في حسبانهم أن الثورة قد وصلت إلى محطتها الأخيرة (الانفجار)، وان المنتفضين قد قرروا الوصول إلى أهدافهم مهما كانت التضحيات.
هذا الإصرار جعل ساسة الخراب يعيدون النظر في طريقة احتواء هذه الانتفاضة. لجأوا إلى أكثر الأساليب خسة في قمع المتظاهرين، سواء كان بالرمي الحي المباشر أو استخدام قنابل الغاز والخطف والاغتيالات، وفي تشويه سمعة وأهداف المنتفضين تارة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المأجورة، وتارة في دس عناصر لهم بين المنتفضين لأحداث الفوضى. إلا أن انتفاضة تشرين كانت أقوى من كل ذلك، ورغم كل التضحيات التي قدمها شباب الثورة لم تتراجع خطوات التصعيد من أجل وطن حر وحياة كريمة أن تشرين لم يكن حراكا وطنيا من أجل الحرية حسب، بل إنه ولأول مرة يخرج فيه الشعب بجميع شرائحه من عمال وكسبة وموظفين وطلاب وعاملين، نساء ورجالا وشيوخا ومن جميع الأديان والمذاهب، يحملون شعارا واحدا لا غير، إلى جانب شريحة المثقفين الذين كان لهم دور كبير في تنظيم وإدارة زخم التظاهرات ونشر الوعي وكتابة البيانات، والتصدي إعلاميا لكل من حاول الإساءة للثورة ونحن نكتب هذا، ما زالت الثورة مستمرة حتى تحقيق كل أهدافها، وما زالت قوى الفساد والخراب متمسكة بخرابها وفسادها، والنصر آت بهمة الأحرار.
ـــــــــــــــــــــــ
* كاتب سيناريو
**********
لماذا ؟
لماذا تعمى بصيرة عدد من المتحدثين في الفضائيات عن حقيقة انتفاضة تشرين بحيث يشير بعضهم الى ان المنتفضين (مغرر بهم) وان شهداء الانتفاضة (ضحايا) الى جانب عدد من الاتهامات الاخرى .
ترى هل يبصر هؤلاء حجم البطالة والامية والامراض وانهيار الامن والبنى الاجتماعية والاقتصادية في جميع الميادين ثم هل يعرف هؤلاء كم هي اعداد الشهداء والمختطفين والمعتقلين والمعوقين والجرحى من المنتفضين ؟
************
ص16
أمثولتك تبقى حية !
المحطات التي قطعها الصحفي الشيوعي الراحل عدنان حسين كانت كثيرة، جديرة بأن تضاء.. والدروب التي سار فيها مكافحا ضد الدكتاتورية، وملتزما بقضية الشعب، هي دروب الحرية التي كان فيها أبو فرح من ألمع الصحفيين الشجعان.
كانت بصماته واضحة في جميع المؤسسات التي عمل فيها، ويضم أرشيف النقابة الوطنية للصحفيين، التي أسسها وترأسها لسنوات، ملفات تنير تلك البصمات.
اليوم اذ نحتفي، نحن رفاقك في “طريق الشعب”، بذكرى رحيلك قبل عام، نثق بأن أمثولتك ستبقى حية !
***********
لا تأسف لما ألقيته من البيض الفاسد على وجوههم
يوميات عدنان ابن القضية
عبد المنعم الأعسم
أكذب لو قلتُ اني اعرف كل شيء عنك، ربما يعود الامر لي، إذْ لا احب تفتيش دفاتر اصدقائي الخاصة، من جانب، ولم يكن قد دار في بالي اني سأرثيك، يوما، والتذكير بمحطات عمرك، من جانب آخر، فيما كنا قد قضينا عقودا كثيرة من عمرنا متجاورين، في المكان والقضية والمهنة. مكانٌ عالٍ يتطلع الى السحب الممطرة، وقضيةٌ تفننت في صياغة ملاحم الثبات بمواجهة العواصف، ومهنةٌ اتحدت بوصايا حمورابي عن العدالة.
اعرف انك وُلدتَ في عائلة توزع المناشير، وينزل رجالها السجون، ويخشاها حراس السلطة.. ومنذ صباك شددتَ الحزام، واخذت طريق “المدحتية-بغداد” الى الجامعة وعلوم الصحافة، فقطفت جمّار المهنة من قلب نخلتها، ثم تكللت مسيرتك بان كتبوا عنك: رئيس تحرير “المدى” ومؤسس النقابة الوطنية للصحفيين، وكاتب العمود الاشهر: شناشيل.
وضوح
كنتَ واضحا، سخيا في اشاعة الامل والدراية.. كان التحدي لعبتك المفضلة، حتى حين تدثرت بملاءة السرير البيضاء، وبدوت مثل شجرة مبحوحة النشيد، وتصبرت على مرارة الجُرع ودورات فقدان الوعي.. كان ذلك قبل ان يخذلك، ويخذلنا، قلبك، وتعطي الاشارة للموت: ها انا اقبل التحدي.
عندما اتحدث عن وضوحك، عدنان، يلزم ان اتحدث كيف كنت شديد الثقة بعطاء الايام المقبلة التي نعطيها اسم المستقبل، وكيف كنت تسخر من اولئك الذين يتسلقون اسوار السلاطين، ومن اي نوع من انواع قطع الغيار الصلبة تتعامل في شناشيلك، وما لم تكتبه هو انك لم تولد لتتسلى بالكتابة، بل لتكافح بها من اجل وطن نقي، مثل دمع العين.
رسالة
في بغداد حمّلني رفاق عدنان رسالة له، وانا اغادر الى لندن.. ومن على سريره في المستشفى، قال لي، وهو يبتسم: اقرأها رجاء.. فكانت.. ما يلي:
رفيقنا العزيز.. تحية رفاقية حارة
رفاقك.. إذ اجتمعوا اليوم، يعبرون لك عن تمنياتهم القلبية بالشفاء العاجل، والعودة الى مكانك بينهم، مساهما شيوعيا ناشطا في اثراء العمل الثقافي والسياسي، ويؤكدون اعجابهم واعتزازهم بشجاعتك في مواجهة العارض المرضي ومواصلتك التزام الكتابة الجريئة والمنحازة لقضية العدالة والحرية وحقوق الشعب بالعيش الكريم ومواجهة الفساد والاستبداد.
اننا نعبر لك عن ثقتنا العالية بانك ستنتصر على هذا العارض وتنهض اكثر قوة وصحة وشفاء..
اقبل محبتنا جميعا.
(بغداد 20/3/2019)
احتباس
عدنان، نحن نعيش احتباس الدموع، لكثرة ما فقدنا من الاصدقاء، وبينهم اصدقاء كنت تحبهم.. والحال، فان الحياة لم تمنحنا الوقت الكافي لنقول لها كم احببناكِ..
اقول لك، وقد أمضيت عاما بجوار الورد والصمت: لا تأسف لما القيته من البيض الفاسد على وجوه الساسة الذين رسموا صورة العراق بالسخام.. لا تأسف !
*********
لم يمر عام على غيابك ياعدنان!
أفراح شوقي
يخبرني أحد الاصدقاء أن الذكرى السنوية الاولى لرحيل الاعلامي والكاتب عدنان حسين ستحل بعد ايام قليلة، ويسألني بعدها هل ستكتبين شيئأ عنه؟ حاولت ترتيب جواب سريع بالموافقة وانهاء المكالمة وانا اغوص في ذات الافكار التي طالما شغلت بالي .. كيف سأتخلص تماما من ذلك الوعد الذي قطعته لعدنان امام مجموعة من الاصدقاء .. في وقت بداية ازمته الصحية ...اتفقنا ان نجتمع في بغداد، ونحتفل معاً بتجاوز ازمته الصحية أولا، وعودتي الى وطني الذي احلم به ثانياً...
مازلت اتذكر تماما كلماته القليلة في المشفى، بل احفظها عن ظهر قلب .. كان مصرا على ان يكون مرحأً وقويا مثلما هو دائما .. قال لي: أفراح انا بخير، انها طريقة الاطباء دائما لايتركون احدا دون ان يكملوا معه كل الاجراءات الوقائية ولذلك انا اكره المستشفيات .. ضحكت معه وقلت له: اعترف انك كبرت وهذه علامات الشيخوخة . قال ورنين ضحكته الواهنة (بسبب المرض) يسبقه: سأكون أصح منك وسترين من شاخ منا..
كنت اشعر انه ليس بخير .. شعور حاربني وحاربته .. وكنت اعول على صلابته وروحه المعنوية الكبيرة التي تسلح بها وهو يواجه ظروفا حياتية اصعب، وكذلك على فرصته باجراء الفحوصات في احد مشافي لندن. وكنت اتابع بعض مراحل علاجه مع ابنته فرح .. البنت التي تخطت شجاعتها شجاعة ابيها/ وهي تحكي لي تفاصيل تلقيه العلاج، وتبعث لي صور خروجه من المشفى وهو بصحة افضل ..
لكن تقارير الاطباء تقول عكس ذلك .. مرت ايام ثقيلة انقطع عدنان فيها عن الكلام وبعض الاصدقاء يتحدثون عن تراجع صحته .. كنت اسجل له مقاطع صوتية قصيرة بطلب من ابنته لانه يسأل عن اصدقائه لكن لا يتمكن من الحديث معهم .. يتفاعل مع اصواتنا ..
لم يمهلنا الوقت طويلا لاقرا في الفيسبوك اعلان وفاة عدنان حسين ..
موقف عصيب، وانت لا تستطيع ان تكون الاقرب لمن تحبهم في اوقات شدتهم. دار عويل طويل بين جدران غرفتي واسترجعت كل ايام عملنا في بغداد، اوقات الاعداد لتأسيس النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين، والدفاع عن قوانين وتشريعات تخص الاعلام العراقي بعد عام 2003 .. خضنا معا حروب تسقيط من قبل المستفيدين من نظام صدام في التصدي لحرية الصحافة والاعلام، واستنفدنا الكثير من الوقت ونحن نعدل قوانين ونقدم مشاريع لاخرى تحمي حقوق الصحفيين وحرية وصولهم للمعلومة.. عموده اليومي الاشهر في جريدة المدى (شناشيل) كان مصدر أرق للسياسيين المتهمين بالفساد ويثير قضايا مهمة مازال بعضها ساخنا والوطن غارق في محنته .. وكل ماكتبه عدنان طيلة سنوات مازال صالحا للنشر والاستعادة مع بقاء ذات الحكومات الفاشلة التي قادت البلد نحو مزيد من الخراب والتراجع ..
خلال تعرضي للاختطاف على أيدي عصابات السلطة كتب عدنان حسين عمودا حمل عنوان (هذا الصمت الحكوميّ مريب !) قال فيه “ان عدم وجود اي خبر عند الانكليز يعني خبرا جيدا، لكن هذه القاعدة لا تتوافق مع حال زميلتنا الصحافية المخطوفة أفراح شوقي، فالخبر الجيد الوحيد هو أن تكون مطلقة السراح، عائدة بسلام إلى عائلتها وبخاصة طفليْها.. أيّ خبر غير هذا هو خبر سيّئ للغاية. واستطرد يقول: “ماذا عن دور الأجهزة الأمنية والقضائية لدولتنا؟.. كلّ اللوم يتوجب أن يُوجّه إليها، اذ لم يكلّف أحد من وزارة الداخلية أو قيادة عمليات بغداد أو أجهزة المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني أو حتى الخليّة التي أمر رئيس الحكومة، القائد العام للقوات المسلحة، بتشكيلها، نفسه ليقول للرأي العام كلمة بخصوص قضية الاختطاف والإجراءات المتخذة لملاحقة الخاطفين. وحتى جهاز الادّعاء العام الذي كان من المفترض أن يبادر هو أيضاً لمتابعة القضية ظلّ في حال السبات المعهودة عنه، ما يبقينا في حيرتنا الدائمة حيال هذا الجهاز: ما هي مهمته بالضبط؟..”
رحل عدنان قبل ان يعرف مهمة ذلك الادعاء العام، امام كل دعاوى الفساد والجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب، وامام كل حالات الاختطاف التي تعرض لها ناشطون وصحفيون ومواطنون ...
لم يمر عام على غيابك ياعدنانلاأنك باق في قلوب محبيك ومتابعيك وطلبتك من الاعلاميين الذين كنت تشرف على دوراتهم التدريبية في (المدى) والنقابة الوطنية .. اقدر حجم حزنهم على غيابك وانت من رعيت الكثير منهم في بداياته الصحفية ورسمت له اطر الاعلام المهني الصحيح..
لم يمر عام على رحيلك ياعدنان .. أنت موجود بيننا .. قلمك وكتاباتك وآراؤك وحبك للوطن جعل وجودك ملتصقا بنا كل حين ..