العدد 9 السنة 86 الثلاثاء 29 أيلول 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص2
بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق انتفاضة تشرين المجيدة
الى العمل المثابر لتحقيق اهداف الانتفاضة كاملة
اضطَرّت الأوضاع المتردية في بلادنا وانسداد آفاق معالجة الازمات على يد منظومة المحاصصة والفساد القابضة على الحكم منذ ٢٠٠٣، الملايين من أبناء شعبنا، نساء ورجالا، خصوصا من الشباب والطلبة، إلى التوجه نحو ساحات الحراك الاحتجاجي، رافضة واقعها المأساوي بأشكال ووسائل متنوعة، وساعية الى التغيير الذي غدا ضرورة ملحة.
وارتباطا بهذا شهدت بلادنا منذ 2011 حركات واعتصامات احتجاجية جماهيرية وقطاعية متنوعة في اساليبها، بلغت مداها الواسع في انتفاضة تشرين ٢٠١٩ المجيدة، التي تحل هذه الأيام الذكرى السنوية الاولى العطرة لانطلاقتها.
وغدت الانتفاضة بحق، بما اجترحته من مآثر وبطولات، انتفاضة الشعب التوّاق الى حياة مختلفة، حياة افضل: مزدهرة مستقرة وآمنة.
لقد فرضت انتفاضة تشرين الوطنية، التي كانت المساهمة البارزة والاساسية فيها للشباب والطلبة والنساء، بفضل دماء المنتفضين والمحتجين وتضحياتهم الجسام وشجاعتهم وبطولتهم واصرارهم وثباتهم، متحدّين صنوف القتل العمد والاغتيال الوحشي والافتراء وإلصاق التهم الكاذبة الملفقة بهم، فرضت حقائق وافرزت معطيات جديدة في واقع بلادنا السياسي. وهي وإن لم تحقق كامل اهدافها بعد، أنجزت الكثير من الخطوات على الطريق لإنقاذ الوطن مما هو فيه من سوء وتردٍّ، ولتفكيك منظومة المحاصصة والفساد، ومن ذلك فرض استقالة حكومة عادل عبد المهدي، والتوجه نحو اجراء انتخابات مبكرة، وإدخال تغييرات في المنظومة الانتخابية. كما انها اضطرت عناصر ودعاة الطائفية الى الانزواء منبوذين.
وشددت الانتفاضة على اعلاء شأن المواطنة وعودة الوطن الى بناته وابنائه، وعززت الثقة بقدرة المواطن على انتزاع حقوقه من بين انياب المتنفذين الفاسدين. كما انها دفعت الحكومة، أخيرا، الى اتخاذ بعض الإجراءات بشأن ملفات فساد، طالت مسؤولين في الدولة ورجال اعمال.
والملاحظ اليوم بجلاء ان عوامل وأسباب اندلاع انتفاضة تشرين ما زالت قائمة، بل ان جوانب عدة منها تفاقمت بسبب تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية والصحية وسوء الخدمات العامة، وبسبب تفشي وباء كورونا وبطء إجراءات مكافحة الفساد خاصة ملفاته الكبيرة، واستمرار امتهان الدولة، وتغوّل المليشيات، وتواصل فوضى السلاح المنفلت، الى جانب تعمق أجواء عدم الثقة جراء حالة الاستعصاء السياسي والمماطلة والتسويف من جانب القوى المتنفذة والمتحاصصة، وعدم الجدية في توفير أجواء مناسبة ومستلزمات ضامنة لإجراء انتخابات مبكرة عادلة.
ان هذا كله، اضافة للحاجة الماسة الى دفع الحكومة نحو المضيّ بحزم وثبات لتنفيذ منهاجها الخاص بمحاربة الفساد ومحاسبة قتلة المنتفضين ونزع السلاح المنفلت، يجعل من نهوض الحركة الاحتجاجية وتجددها وتعاظم زخمها، امرا ممكنا وقائما وضروريا، وقد يأخذ أشكالا متعددة غير مسبوقة. وذلك ما نشهد بوادره الآن في العديد من الفعاليات والنشاطات في محافظات الوطن المختلفة.
ان تحقيق اهداف الانتفاضة كاملة يتطلب، بين أمور أخرى، مراجعة مسؤولة لمسارها واستخلاص العبر والدروس من تجربتها، لجهة ردم الثغرات ومعالجة النواقص، وتأمين صحة وسلامة الشعارات المرفوعة وواقعيتها، والابتعاد عن العدمية في المواقف، والبحث الجدي في تنسيق الخطوات والشعارات والأساليب النضالية، وفي انبثاق الأطر القيادية الجماعية في كل ساحة، وعلى امتداد ساحات الاحتجاج والاعتصام في ارجاء الوطن، فضلا عن ضرورة اليقظة والحذر من محاولات قوى الفساد والمحاصصة، الهادفة الى حرف الانتفاضة عن أهدافها وسلميتها.
وفِي هذا السياق يتوجب على الشيوعيين والديمقراطيين وسائر أنصار الديمقراطية والحياة المدنية، واخوتهم من تنسيقيات الحراك المدني والشعبي ومن نشطاء الانتفاضة، العمل المثابر على جمع وتوحيد الصفوف، والارتقاء الى مستوى التحديات، ودفع الأمور الى نهاياتها المرجوة، لإحداث انعطافة في المشهد السياسي لمصلحة غالبية الشعب المكتوي بنار الازمات، ولجعل الانتخابات القادمة أداة حقيقية للتغيير المنشود، والخلاص من حكم الأقلية ومنهج المحاصصة، وبناء دولة مدنية ديمقراطية على أسس المواطنة والعدالة الاجتماعية والقانون وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين.
وفِي ذكرى الانتفاضة المجيدة فان السلطات الثلاث، والحكومة على الخصوص، مُطالبة بالاستجابة لمطالب المنتفضين والمحتجين، وفِي مقدمتها كشف قتلة المئات من إخوتهم الاماجد، والمسؤولين عن إعطاء الأوامر بالقتل العمد، وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل. كذلك تهيئة المتطلبات التشريعية والسياسية والأمنية لإجراء الانتخابات المبكرة بصورة عادلة ومنصفة، وفي موعدها المحدد والمعلن، ووضع حد لأعمال القمع والقتل والاغتيال وملاحقة الناشطين، اضافة الى حل المليشيات وانهاء فوضى السلاح وحصره بيد مؤسسات الدولة الدستورية، والاهتمام بعوائل الشهداء ورعايتها وتطبيق قرار الحكومة في هذا الشأن بصورة سليمة وسريعة. وقبل هذا وذاك حماية المنتفضين والناشطين، وضمان ممارستهم حقهم الدستوري في التظاهر والاحتجاج والتعبير.
ان حزبنا الشيوعي العراقي اذ يحيي مع أبناء شعبنا ذكرى انتفاضة تشرين، ويمجد شهداءها وتضحياتهم ويتضامن مع عوائلهم، ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، يجدد انحيازه الكامل الى أبناء شعبنا والمنتفضين ومطالبهم العادلة، ويقف معهم مساندا وداعما ومشاركا في حراكهم السلمي، من اجل دحر منظومة المحاصصة والفساد، وإحداث التغيير المنشود بفرض إرادة الشعب، والسير معا نحو غد افضل، غد وضّاء آت لا ريب.
مجدا للذكرى العطرة لانتفاضة شعبنا
مجدا للشهداء
والنصر المؤزر لشعبنا

اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
26-9-2020
************
اضاءة
نمجد الانتفاضة بمواصلتها وادامة زخمها

محمد عبد الرحمن
نستقبل بعد غد الخميس الذكرى العطرة الأولى لانتفاضة تشرين ٢٠١٩بمشاعر الفخر والاعتزاز والعزم والإصرار على المطاولة، فالسكون في زمن التردي لا يعني الا الخنوع والاستكانة .
جلّ المنتفضين كان وما زال من الشباب، الذي لم يعد يطيق ما يجري امام ابصاره من مهازل وكوارث وتدمير ممنهج للشعب والوطن، وتحويل العراق عن عمد وقصد الى دولة فاشلة. لذا جاء الرد على لسان المنتفضين واضحا: “نريد وطن” وهو ما يؤشر حالة الاغتراب الكبير لقطاعات شعبية واسعة، وسعيها لاسترداد الوطن، وتطلعها الى مستقبل افضل، ورفضها القاطع الصريح لمنظومة ثنائي المحاصصة والفساد، وما بينهما من تعشيق وتخادم.
وقد اغرقت انتفاضة شعبنا بالدماء، وجرت مجابهتها بعنف وقسوة قل نظيرهما وساهمت فيهما قوى متعددة، مجهولة معروفة. والى جانب القتل العمد وكاتم الصوت والقناص والاغتيال والخطف والتغييب القسري،اطلق المرعوبون من غضبة الشعب حملة سخّروا لها إمكانات كبيرة ، داخلية وخارجية، لتشويه حقيقة المنتفضين وأهدافهم. حيث لجأواالى التزوير والكذب وإلصاق التهم الباطلة بهم. فهم بنظر الخائفين على عروشهمومصالحهم “أوباش” و”قردة “ وما شابه، وهم “مرتزقة ومندسون وبعثيون وينفذون مؤامرة أمريكية وبريطانية وإسرائيلية..”. ولا يزال هذا التشويه للحقيقة متواصلا بطرق واشكال عدة، حيث نقلت تسريبات وأخبارمنشورة عن بعضهم القول، ان من بقي في ساحات الاعتصام اليوم هم من افراد العصابات بنسبة تزيد عن ٩٣ في المائة!؟ فهل سمع المنتفضون ذلك، وأيّ رد منتظر منهم بعد غد، في الأول من تشرين الاول، لإسكات هؤلاء مرة واحدة واجبارهم على العودة الى جحورهم؟
وللمفارقة، وحتىالسبت الماضي عند مناقشة موضوع الدوائر المتعددة المراد فرضها في القانون الجديد لانتخابات مجلس النواب، يواصل من أشهروا العداء، قولا وفعلا، للانتفاضة، القول بانهم مؤيدونلمطلب المنتفضين في تبني الدوائر،ويتناسون حقيقة ان الانتفاضة طالبت بالتغيير الشامل، وان الوجوهالكالحة والفاشلة والفاسدة التي سكتت او قبلت ضمنا بقمع الانتفاضة، هي المستهدفة أساسا في عملية التغيير التي يراد لها ان تطال المنهج والسلوك والأداء، إضافة الى الوجوه.
ان الانتفاضة، رغم الهفوات والثغرات هنا وهناك، ستبقى معلما بارزا في تاريخ بلادنا المعاصر، وقد أنجزت وحققت الكثير، وهناك الكثير ايضا الذي عليها إنجازه.فالواجب يقول بعدم الوقوف في منتصف الطريق او القبول باجراءات جزئية وانصاف حلولسرعان ما يتراجع عنها المتنفذون، وهو ما حصل مرات سابقا.
ولمواصلة السيرعلى طريق الانتفاضةالمجيد والمجرب، وتعظيم فعلها وزخمها، يتوجب توفير شروط ومستلزمات افرزتها تجربة الانتفاضة ومسيرتها ذاتها، وفِي المقدمة منها ضرورة الحذر من خلط الأوراق، والتمييز الواضح بين من يشارك ويساهم ويدعم المنتفضين ومطالبهم، وبين من يسعى الى قطع حتى الهواء عنهم.
************
ص3-5
في الذكرى الأولى لانطلاقة انتفاضة تشرين الباسلة
رائد فهمي:المنتفضون سجلوا صفحة مجيدة في تاريخ بلدنا
عشية حلول الذكرى الأولى لانطلاق انتفاضة تشرين أجرت “طريق الشعب” حوارا مع الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ألقى فيه أضواء على تجربة الانتفاضة ومسيرتها وما حققته من منجزات، وموقف الحكومة الحالية منها ومدى استجابتها لمطالب المتظاهرين. وتحدث الرفيق السكرتير، من بين أمور أخرى، عن دور الشيوعيين في الانتفاضة، وعن آفاقها وامكانيات إحداث التغيير المنشود. وفي ما يلي نص الحوار:

طريق الشعب: في البدء هل من كلمة الى المنتفضين ونشطاء الحركة الاحتجاجية في مناسبة حلول الذكرى الأولى لانتفاضة تشرين المجيدة؟ برأيكم ماذا حققت الانتفاضة؟
فهمي: تحل علينا هذه الأيام، الذكرى الاولى لانطلاق انتفاضة تشرين الباسلة، وفي هذه المناسبة لا يسعنا الا أن نحيي المنتفضين الذي تحدوا القوى الحاكمة المتنفذة، وطرحوا مطالب أبعد ما تكون عن الفئوية، مطالب اكتسبت بعدا شعبياً ووطنياً، وعبرت عن معاناة مريرة لشرائح واسعة من المجتمع. ومن بين هذه المطالب محاسبة الفاسدين وتوفير فرص عمل وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.
وقوبل المنتفضون بالحديد والنار والقمع الدموي، وقدموا المئات من الشهداء والالاف من الجرحى، لكنهم تميزوا باصرار وجرأة وشجاعة تثير الاعجاب وتكاد تكون غير مسبوقة.
هذا الحدث الكبير يدخل ضمن تأريخ العراق المعاصر باعتباره اهم حدث شعبي منذ تأسيس الدولة العراقية، خاصة ونحن شهدنا انتفاضات أخرى في تاريخ البلاد الحديث.
علينا أن نقف ونرفع قبعاتنا اعجابا بهؤلاء المنتفضين، فيما الشهداء سيبقون ذكرى ومثالا ملهما لشعبنا والشعوب الاخرى.
لقد سجل المنتفضون بحروف مضيئة صفحة مجيدة من صفحات تاريخ العراق الحديث، وهذه الصفحة ستتداولها الاجيال عبر السنين وهي تقدم الدرس الكبير الذي لا شك سيكون ملهما لاجيال من الشباب.
إن الانتفاضة وما حققته وما كان ينبغي ان تحققه، لايزال حاضراً على الرغم من مرور سنة على انطلاقتها الاولى، وما تزال الكثير من القضايا التي طرحت تكتسب نفس الراهنية والطابع الملح الذي اضطر الناس الى الخروج بتلك الاعداد الكبيرة.
اليوم، ونحن نحتفي بالذكرى الأولى للانتفاضة، نكبر الانجازات التي تحققت وهي غير قليلة؛ من اسقاط حكومة ودفع البرلمان والسلطات التنفيذية الى احداث تغييرات ربما كانت غير ممكنة التحقيق سابقا، كتعديل المنظومة الانتخابية، سواء ما يخص قانون الانتخابات أو المفوضية، ونبذ افكار ومواقف دعاة الطائفية. وفي هذا الجانب سدد المنتفضون ضربة كبيرة عزلت الطائفيين والفاسدين وكشفت جميع عوراته، وما ارتكبوه من موبقات بحق الشعب والوطن.
وضخ المنتفضون كما هائلا من الشجاعة والاقدام لدى الشعب العراقي بصورة عامة، وعززوا الثقة بالقدرة على انتزاع الحقوق والتصدي للظلم وفساد المنظومات الحاكمة.ورغم كل ما انجز، وهو كثير جدا، ما يزال هناك الكثير من الاهداف التي لم تتحقق بعد.
نعم هناك ما جرى تحقيقه او ما تم الشروع بالعمل على تحقيقه، كتلك الاهداف التي تم وضعها في المنهاج الحكومي سواء ما يتعلق بمحاسبة قتلة المتظاهرين، والسيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الجهات المعنية في الدولة، واصلاح ما يتعلق بالفساد ومنظومة المحاصصة بابعادها المختلفة، فضلا عن الاهداف الوطنية كتعزيز استقلالية القرار العراقي .. جميع هذه المطالب كانت ضرورية وملحة، الى جانب مطالب انصاف العاطلين من الشباب والنساء وتخفيف تداعيات الازمة الاقتصادية على المواطنين وضمان انسيابية توزيع البطاقة التموينية وتحسين مفرداتها وتوفير فرص عمل لهم في سياق الكفاح من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
ولابد هنا من الإشادة بالدور البارز والبطولي للشباب وكذلك النساء، وهذا الامر بحد ذاته له ابعاد عديدة منها اجتماعية. واعتقد أن هذه البعاد ستتكشف خلال السنوات القادمة، فتأثيرات ذلك ليست ظرفية او آنية وانماعميقة. ومما له دلالة عميقة أن بعد العدالة الاجتماعية حاضر بقوة في المطالبات الشعبية. ونلحظ وجود المطالب الملحة والمشروعة خاصة ما يتعلق بالعيش الكريم، إلى جانب المطالب السياسية ذات العلاقة بمنهجية المحاصصة ومنظومة الفساد وتقاسم السلطات والاحتكار السياسي لها.
هذه الانتفاضة بقدر ماهي حدث كبير، هي ايضاً نقطة انطلاق جديدة ومواصلة للضغط على السلطات الحاكمة والمتنفذة من اجل تحقيق الاصلاحات التي ينشدها شعبنا، ومنها تلك المتعلقة باجراء الانتخابات المبكرة، التي من المفترض ان تجري وفق سياقات سلمية ودستورية، وكذلك الاجراءات التي ينبغي ان تتخذ ازاء محاربة الفساد واصلاحات النظام الاداري وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاسبة قتلة المنتفضين.

طريق الشعب: على مر الأشهر الماضية، استمرت الحركات الاحتجاجية وتنوعت، فما هو رأيكم بتعامل حكومة الكاظمي معها، وبمدى استجابتها عموما لمطالب المتظاهرين؟
فهمي: حكومة السيد الكاظمي هي حكومة محددة بمهمات آنية، ومطلوب منها وضع اهداف محددة وانجازها، كتلك التي تتعلق بالانتخابات المبكرة ومحاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة، وانصاف عوائل الشهداء، وغيرها من الخطوات التي تعد جزءا من مطالب الانتفاضة.
الان الموقف الذي سجل على الحكومة هو ان الكثير من الأهداف، وقد جاءت في المنهاح الحكومي، لم تجد لها ترجمة عملية وافية على ارض الواقع، وبشكل خاص تلك التي تتعلق بمحاسبة قتلة المتظاهرين، وان كانت هناك بعض الخطوات الايجابية، منها اطلاق عمليات تعويض ذوي الشهداء والاعلان عن عدد شهداء الانتفاضة.
من حيث المبدأ هناك بعض الإجراءات، ولكن هناك، في الوقت نفسه، بعض التساؤلات المرتبطة بما تم القيام به حتى الان. فهل جرت بشكل كامل وسليم؟ وهل ان الإجراءات الروتينية ستستثني البعض او تعمل على تقليص عدد المشمولين بها؟
وفي هذا الصدد ايضا نوه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال تصريحاته بأن الاجراءات التي اتخذتها حكومته هي تمهيد للخطوات اللاحقة، ولكن الزمن يلعب دورا حاسما، لاسيما في ما يتعلق بملف قتلة المتظاهرين الذي تأخر حسمه كثيرا، بينما لا يزال نشطاء جدد يضافون إلى قوائم الشهداء.
اضافة الى ذلك، هناك ملف السلاح المنفلت وعمليات الاغتيال والخطف الجارية على الرغم من تسليط الاهتمام على حالات معينة منها. في هذا الصدد نحن نؤكد على أنه ليس فقط من نفذ الجريمة يجب أن يحاسب، وانما ايضا من أعطى الأوامر بذلك.
فالمعطيات تقول بان جميع القضايا المذكورة أعلاه ملفات لا يزال العمل عليها دون المستوى المطلوب وبطيئا.
وفي ميدان مكافحة الفساد، يعد ما تم تحقيقه حتى الان خطوة بالاتجاه الصحيح ، لكن يجب ان تتواصل، وان ينال من يسمون بالحيتان الكبيرة جزاءهم العادل.
ويتوجب ان نشير الى أننا لا نريد ان نبخس ما تم تحقيقه في هذا الجانب، ولكن ما لم تجر محاسبة من تسبب بإراقة الدماء، والخراب الحاصل في البلد، سيستمر التصور بأن ما تم إنجازه يدخل في باب السكوت عن ملفات اكبر.
إن قوى المحاصصة، في حالة تراجع امام الضغط الشعبي وهي تحاول امتصاص زخم الحراك الجماهيري، ولكن حالة تراجعها تأتي في إطار الحفاظ على مصالحها، وليس من اجل الاستجابة للتغييرات المطلوبة.
من جانب آخر، كان هناك، في الفترة الاخيرة، تحسن نسبي في الموقف من الاحتجاجات، فالتعامل معها لم يكن مماثلا لتعامل الحكومة السابقة، ولكن المهم، وفِي كل الأحوال، هو حماية المنتفضين.
فالاعتداءات على المحتجين اليوم لم تجر من قبل الاجهزة الرسمية المعروفة، بل من قبل عناصر تطلق عليهم تسميات المليشيات، تقوم بعمليات الخطف والتهديد، وهي الى الان تتحرك بحرية. في هذا الجانب، لم تحقق الحكومة النجاح المنشود، الأمر الذي سيكون له ردود فعل وتاثيرات سلبية على الملفات الأخرى، خاصة تلك التي تتعلق بضمان نزاهة وعدالة الانتخابات المبكرة وحماية حق حرية التعبير وغيرها.
نحن ندرك جيدا ان هذه الملفات بالغة التعقيد، حيث هناك قوى متنفذة على جميع المستويات السياسية، تقف وراء ما حصل من تدهور في بلادنا، لذلك فالصدام مع تلك القوى امر وارد جدا، وقد تترتب عليه تداعيات صعبة خاصة وان مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية تعاني من الترهل والضعف والتاثيرات السياسية عليها. لهذا فالحرب على الفساد والسلاح المنفلت تحتاج الى ادوات فاعلة، على الرغم من وجود اجراءات من قبل الحكومة لتحسين هذه الادوات.
من جانب آخر، تعاني البلاد اليوم من ازمة اقتصادية ضاغطة تحول دون القدرة حتى على تأمين الرواتب، فضلاً عن الوضع الامني وتحدياته، وكذلك الاعتداءات والتدخلات الخارجية القائمة. لذلك نحن نقول ان الحكومة مطالبة بان تكون اكثر حزما وثباتا، وان تستمد القوة والعزم والتأييد من الحركة الجماهيرية، وعليها ان لا تخشى تصاعد الحراك الشعبي في الأيام القادمة، لكونه قوة داعمة ودافعة لعمليات التغيير، شرط ان يكون الحراك سلميا بالطبع.
ونرى أيضا ان مد الجسور مع القوى الحقيقية التي لها مصلحة في التغيير، وهي تتكون من اطياف شعبية مختلفة، اضافة الى قوى سياسية تطالب بالتغيير، يشكل عامل قوة ودفع باتجاه تحقيق التغيير المنشود.
أن جميع الخطوات المذكورة هي حلقات في طريق تحقيق مشروع التغيير، وليس التغيير المرتجى ، فالتغيير بحاجة الى خلق موازين قوى جديدة.

طريق الشعب: هل يمكن تقديم تصور أكثر تفصيلا عن موقف الحزب من الانتخابات المبكرة؟
فهمي: الانتخابات المبكرة وسيلة سلمية ودستورية وديمقراطية للمساهمة في عملية التغيير المشروع، لأجل ان تكون ارادة الشعب والناخب هي الحاضرة وتنعكس في تركيبة مجلس النواب المنتخب.
وهذا الامر لم يكن قائما في الانتخابات السابقة، بسبب اعمال التزوير، ولوجود القانون الانتخابي غير العادل وغير المنصف، فضلاً عن غياب الاستقرار الأمني، ووجود معدلات عزوف عالية جدا.
يراد من الانتخابات المبكرة ان تحقق الهدف المطلوب.. وهذا يستلزم ان تتوفر لها عدة اشتراطات، منها انه يجب أن تكون المنظومة الانتخابية جيدة، ونقصد بالمنظومة الانتخابية، القانون الانتخابي العادل والمنصف ومفوضية انتخابات تتمتع بالكفاءة والنزاهة بعيدا عن المحاصصة وعن تدخلات الكتل السياسية المتنفذة، ويتوفر اشراف حقيقي داخلي ودولي. ومن الواضح جدا في هذا الجانب أن هناك مشكلة ثقة، وهناك مؤسسات ما تزال غير جاهزة لتأمين كل مقومات ومتطلبات الانتخابات الحرة والنزيهة كما ينبغي.
وهناك ايضاً خشية من تزوير البطاقة الالكترونية والبايومترية والتي ينبغي ان تعتمد، ونحن ندرك جيدا أن أحد الاعتراضات على البطاقة أنها لم توزع الى الجميع خاصة وأن هناك مواطنين نازحين، وبالتالي قد يحجب حق الانتخاب عن اعداد كبيرة من المواطنين، ولكن يجب ان يعالج هذا الوضع عبر توفير الموارد البشرية والمادية وكذلك تسهيل عملية التوزيع.
كما نؤكد على توفر ضوابط ضرورية، اذ انه من الواضح جدا ان الانتخابات تتعرض الى مؤثرات كبيرة كالمال السياسي والبيئة الامنية، فضلا عما يخص التطبيق السليم لقانون الأحزاب، ذلك أنه ينبغي عدم السماح للاحزاب المسلحة بالمشاركة، اضافة الى الاحزاب التي تدعو الى الطائفية.
المواد في قانون الاحزاب المتعلقة في هذا الشأن لم تفعل، ويفترض تفعيلها اذ يجب ان تكون طبيعة القوى المشاركة منسجمة مع الدستور، اضافة الى أن العديد من التنظيمات لها ايرادات مالية غير واضحة.
كما ان هناك فاسدين وقتلة مجرمين يمتلكون اموالا باهظة وكبيرة جدا تستخدم في تمويل الحملات الانتخابية.
ويجب أن نذكر أنه اذا مضت الحكومة بثبات في الكشف عن ملفات الفساد وتقديم الفاسدين الى القضاء، وفي حالة تحقق ذلك، فان الحكومة عمليا ستبعد العناصر والقوى المتنفذة في الحكومة وخارجها عن الانتخابات. هناك ملفات فساد كبرى، ويجري الحديث عن تورط شخصيات سياسية وإعلامية ورجال اعمال .
الكثير من تلك الامور لم تعمل الحكومة على تحقيقها، ويعتقد كثيرون أن استمرار الامور على هذه الوتيرة يخلق صعوبات أمام توفير شروط ومستلزمات ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة. وهناك من يشكك حتى في امكانية تحقيق الانتخابات في موعدها المحدد.
فقانون الانتخابات لم ينجز بعد، والقوى البرلمانية تحاول صياغته وفق مقاساتها، بحيث أنها تستفيد من تعدد الدوائر، التي تصمم وفق المصالح. بالتأكيد ان الوقت يمضي ويصبح من الصعب او حتى من المتعذر تحقيق الانتخابات في وقتها المحدد. هذا التعطيل ليس ذا بعد فني وحسب وانما يتضمن ايضا بعدا سياسيا.
ان تلك القوى التي تخشى من اجراء انتخابات تكون غير قادرة على التلاعب بها وتوجيهها وفق مصالحها، تسعى الان لضمان العديد من العناصر والمؤثرات التي تحت يدها بحيث تؤمن إعادة انتاج نفوذها وهيمنتها.
لذلك فالانتخابات المبكرة هي عنوان لتناقضات وتحديات عملية التغيير، فمن يريد الانتخابات ان تكون محطة مهمة نحو التغيير فانه سيدخل، لا ريب، في صدام مع قوى تخشى من هذا الامر، وتريد ان تجعل الانتخابات مجرد مناسبة فقط لاعادة انتاج نفسها، ذلك هو عنوان للصراع السياسي الكبير، والاقتصادي الاجتماعي.
نحن اليوم نتحدث عن مشهد ظواهره وتجلياته سياسية ولكن هو في العمق يعبر عن مصالح مختلفة ومتناقضة للنخب السياسية المتنفذة والمحتكرة للحياة الاقتصادية.
فالكثير من المواقع الاقتصادية اليوم هي محتكرة من قبل عدد محدود من القوى تستخدمها للسيطرة على الاسواق وللاستحواذ على ثروة البلاد فضلا عن تواطئها وتشابكها مع الدولة ومنظومات الفساد.
اذن، فالأزمة اليوم هي ازمة سياسية واقتصادية واجتماعية تهمين على كل مفاصل الدولة، لذلك فان الصراع حول الانتخابات ومحاولة فرض تصور بوجود إشكاليات فنية يتم في الاساس توظيفه لأغراض سياسية.
الانتخابات يجب ان تتحقق وفق الاشتراطات التي تحدثنا عنها، وفي حالة عدم تحققها، سيكون التشكيك فيها مقدما أمرا وارد الحدوث، وسينعكس ذلك على المشاركة في الانتخابات.
واليوم يجري التركيز على الدعوة للمشاركة الواسعة، وذلك لان العزوف عن المشاركة يؤمن للقوى المهيمنة والمتنفذة ان تأتي بممثليها بعدة طرق، سواء كانت شرعية او غير شرعية وبالتالي تتمكن هذه القوى من الاستحواذ على المناصب.
واليوم يتحقق التغيير عبر المشاركة الواسعة، وعلى من كانوا عازفين عن الانتخاب أن يشاركوا فيه، لكن ذلك لا يتحقق إلا وفق آليات توفر الضمانات نحو التغيير للافضل.
وفي حالة عدم توفر الضمانات، فأن هذا سيقود الناس إلى مواقف انعزالية، وربما تتكرر حالة العزوف وترتفع المطالبات بالمقاطعة، ونحن نريد ان نتجنب هذه الامور من خلال عمل الحكومة ومجلس النواب بشكل جدي لتوفير مستلزمات الانتخابات العادلة والنزيهة.

طريق الشعب: هل تعتقدون ان إمكانية التغيير متوفرة في الوقت الراهن؟
فهمي: ان التغيير مطلوب وضروري، فمنظومة الحكم والياته المعتمدة والادارة الاقتصادية للموارد قادت البلاد الى مسلسل من الازمات، واوصلتها الى مرحلة الافلاس، فضلا عن نسب الفقر والبطالة المرتفعة، والوضع الامني المتردي والسلاح المنفلت الى حد كبير، وهناك ازمات في مختلف الجوانب.
إذن الحاجة ملحة الى التغيير، وتتطلع إليه شرائح مجتمعية مختلفة. والانتفاضة كانت تعبيرا عن هذه الحاجة، ومطلب التغيير له قاعدة اجتماعية واسعة، والتغيير يتحقق وفق متطلبات ذاتية وموضوعية.
الموضوعية منها هي ما يتعلق بالازمة الشاملة ومنظومة الحكم نفسها، التي تعجز عن ادارة الوضع واستمراره كما كان في السابق. فقسم من الأوساط والقوى الماسكة بالسلطة تضعف او تفقد القدرة على المواجهة، وهناك جملة من العوامل التي تؤدي الى اضعاف القدرة على الاستمرار في العمل كالسابق، ونحن نشاهد بعض الملامح في هذا الشأن.
ولكن مع ذلك هناك الكثير من القوى لديها بعض الادوات والوسائل والامكانيات كي تبقى محافظة على مكانتها ومصالحها، ويمكن لها ان تتآزر وتتكاتف في هذا السبيل.
في الجانب المقابل هناك القوى التي تريد التغيير لكنها هي الاخرى لم تستكمل الشروط التي تؤهلها لأحداث التغيير، خاصة ما يتعلق بالارادة والتصميم والاقدام على مبادرات لتحقيق المطالب المشروعة، وهناك ايضا امور تتعلق بقيادة هذه العملية.
علينا ادراك حقيقة ان التغيير معركة قد تكون سياسية او جماهيرية، وان الجانب المقابل منظم اما كاحزاب او دولة لها توجهات محددة.
ان هكذا معارك لها قوانينها الخاصة كالهجوم والتراجع والتشدد في مواقف معينة وطرح الاولويات، وجميع ذلك بحاجة الى درجة من التنسيق والتوحيد بين الأطراف ذات المصلحة في التغيير.
وبما أننا نعول على الحراك الاجتماعي، فلابد أن نشير إلى أن هناك اشكالية في قيادة الحركات الاحتجاجية، ونعتقد أنه يجب ان تكون هناك قيادة تنبثق من داخل الحركة، تستوعب التنوع في الحركة الاحتجاجية، ويجب ان تتوفر آليات لمركزة القرار وصياغة الرؤى المشتركة، وان تتبلور منها اهداف واضحة وشعارات سليمة، فضلا عن الاتفاق على اشكال التحرك والعمل.
كما ان هناك بعض المفاهيم والتصورات التي تمت ملاحظتها في بداية الحركات الاحتجاجية، اما الان فهناك إدراك يتراكم بان هذه المفاهيم تشكل فعلا نقاط ضعف، منها الاستخفا بأهمية التنظيم، في حين ليس بالامكان اليوم قيادة هذا النوع من الصراع في ظل غياب التنظيم.
المواجهة يجب ان تكون منظمة، اليوم هناك ادراك بضرورة التنظيم وهناك الكثير من المجاميع داخل الحركات الاحتجاجية متجهة لتشكيل احزاب ومجاميع منظمة، وهذا حق مشروع، في حين كانت ترفع شعارات رافضة لهذا.
اضافة الى ان الحركة الاحتجاجية يجب ان تكون منفتحة وقادرة على التمييز بين العدو والصديق، وبالتالي المنظومة المفاهيمية يجب ان تكون مرشدة وتساعد في هذا التشخيص، اذ ان هناك شعارات رفعت ساهمت في خلط الاوراق وحالت دون التمييز بين الصديق والعدو.
الجانب الاخر المهم، هو ان القوى الرئيسية الفاعلة في الانتفاضة، حسب متابعة متواصلة لذلك، إضافة الى بعض الدراسات الاولية، تتكون في الأساس من فئات تعمل خارج منظومات الدولة كالكسبة والعاملين غير المنظمين، ومعهم أيضا مجموعة الشباب الخريجين اضافة الى جمهرة واسعة من النساء.
هؤلاء الذين يعانون من التهميش هم القوى الرئيسة التي كانت ذات وجود مؤثر وقوي في الانتفاضة، وهي تتسم بالجرأة والثبات. ولكن عندما نتحدث عن تغيير واسع وشامل ربما تبرز الحاجة الى ان تتوسع القاعدة الاجتماعية.
فعندما تلكأت الحكومة في توفير الرواتب، وعندما تعطلت عملية صرف رواتب التقاعد، أحدث ذلك تذمرا لدى الموظفين، وهؤلاء يشكلون بين 15 – 20 مليون مواطن مع عوائلهم.
والكثير من هؤلاء اذا كانت مصالحهم مؤمنة قد لا يشاركون في الانتفاضة، وهذا يفسر لماذا تعمل الحكومة ليل نهار من اجل تأمين الرواتب، ولكن لا نجد الحرص ذاته على مجاميع المواطنين الذين هم خارج منظومة الدولة، ولا يعتمدون عليها في توفير مداخيلهم وقوتهم اليومي.
هذه الانتفاضة يجب ان تجتذب الفئات الاخرى من المجتمع كالنقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والمجاميع الأخرى التي تمثل شرائح اجتماعية مهمة. وهذه المجاميع الكبيرة عندما تدخل الى ساحات الاحتجاج ستعمق المضامين وتوسع القاعدة وصولا الى تحقيق عملية التغيير.
ويتوجب ايضا ان تتم استمالة منتسبي جهاز الدولة الكبير نحو عملية التغيير، فما نتطلع اليه لا يتحقق الا من خلال ضغط كبير، مثل ذلك الذي أجبر حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة ، ولكنه جاء بتغيير ضمن منظومة القوى المتنفذة مع الاخذ ببعض الاعتبارات الجزئية التي لا تمس الجوهر.
هذه القوى يجب ان تكون قادرة على توفير البديل وهذا يحتاج الى تحقيق الشروط التي ذكرناها. وبوسعنا أن نخلص الى أن الإمكانات متوفرة موضوعيا ولكنها تحتاج الى التشكل والتكامل.
نحن نقول ان المطلوب الان هو تسليط ضغوط على اصحاب القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية، باتجاه تنفيذ المطالب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وعنصر الضغط يتم عبر توسيع القاعدة الاحتجاجية، وان تدار هذه العملية بكفاءة اكثر، والاعتقاد الان انه في الحركة الاحتجاجية هناك تفاعل في هذا الشأن.
ونشير الى انه من المهم ان لا تقتصر الحركات الاحتجاجية على ساحات الاحتجاج وحدها، فالقوى المضادة عندما وجدت ان هناك مواقع محددة ركزت جهودها لاحتوائها ومحاصرتها.
ويدور الحديث، اليوم، عن مواجهة مجتمعية، ولا يجوز حصرها في مواقع محددة، فهناك مطالب واسعة تطلق من قبل المواطنين، اقتصادية واجتماعية وقطاعية، في احتجاجات للطلبة والفلاحين والخريجين والفئات المهنية المختلفة، ومن المهم ضبط ايقاعاتها وجعلها تصب في روافد عملية التغيير.

طريق الشعب: ماذا بشأن دور الشيوعيين في انتفاضة تشرين، وهل من كلمة توجه اليهم في الذكرى الاولى، سيما وان الانتفاضة في طور التجدد؟
فهمي: الحزب الشيوعي له موقف ثابت من تطورات الأوضاع في العراق، وأكده خلال الانتفاضة، وهو منحاز كليا الى مطالب المواطنين، الفقراء والكادحين ومحدودي الدخل، الذين يعانون من الظلم والتهميش والفقر وشظف العيش
والشيوعيون شاركوا ويشاركون في الانتفاضة باشكال مختلفة، فهم داعمون ومساندون للانتفاضة، وتوجوا ذلك بالاسناد السياسي، كما عبرت عنه استقالات ممثليهم في مجلس النواب ومجالس المحافظات، تضامنا مع الانتفاضة واحتجاجا على قمع الحكومة المستقيلة.
والشيوعييون المنظمون واصدقاؤهم، ساهموا ويساهمون بفاعلية في جميع اشكال الحراك الاحتجاجي سواء في الساحات الرئيسية، او في الفعاليات الاحتجاجية والمطلبية التي تحدث في المحافظات، وانا أؤكد بان الشيوعيين حاضرون في جميع الحركات الاحتجاجية التي جرت في المحافظات.
الى جانب ذلك، فان الشيوعيين لعبوا دورا اساسيا في ظل تفشي وباء كورونا، وهو ما حال دون تحقيق تجمعات احتجاجية، اذ ساهموا في توفير المساعدات الممكنة وفي التوعية والتثقيف وتقديم الدعم سواء للمصابين او للعوائل محدودة الدخل التي أضرتها اجراءات الحظر.
الان، والى جانب هذا العمل النضالي، هم أيضا يعملون على توحيد صفوف المحتجين ومن اجل بلورة المشتركات على صعيد الرؤى والاهداف والمطالب واشكال العمل المختلفة، وهم دائما لهم دور ايجابي وفعال في هذا الاتجاه. ويعملون ايضاً، على رفع اليقظة ازاء محاولات النيل من الانتفاضة.
والشيوعيون يدركون انه لا يمكن تحقيق التغيير التام، مالم يحدث تغيير في موازين القوى في البلاد. وهذا الحراك الاحتجاجي والشعبي ، والذي في مقدمته الانتفاضة الباسلة ، كفيل بلعب دور كبير، وقد لعب هذا الدور فعلا، ولا يزال بامكانة لعب دور متنام كبير في تغيير موازين القوى الحالية، وذلك على صعيد التغييرات المؤسسية المتمثلة بمجلس النواب وعلى الصعيد السياسي أيضا.
وسيستمر الشيوعيين على هذا النهج في إداء دورهم الفاعل وهم يعملون على ان تستمر الانتفاضة بالأشكال السلمية. وفِي هذا السياق يشددون على مسؤولية الحكومة الدستورية في توفير الحماية للتظاهرات السلمية واحترام حق حرية التعبير.
ويعمل الشيوعون على تحقيق تفاعل مع كل صيغة تنظيمية توحيدية ممكن ان تنشأ عبر التنسيق. ان توسيع القاعدة الاجتماعية والمساحة الاحتجاجية هما عنصران مهمان، خاصة وان غالبية الشعب العراقي متضرر من نهج المحاصصة الطائفية والاثنية ومنظومات الفساد، وبالتالي فان عمليات اشراك اكبر قطاعات ممكنة في عملية التغيير بأشكال مختلفة، امر مطلوب.
والشيوعييون أيضا يتفاعلون مع اية خطوة ايجابية تصدر من السلطات، وهذا يعني اننا ليس لدينا موقف رفض مطلق اتجاه اي خطوة تصب في عملية التغيير وتقربه .
ولكننا ندرك تماما أنه بغياب ارادة حازمة وثبات وإصرار، مع تواجد قوى اخرى تكبح هذا الحراك ، فأنه من الصعب حتى تحقيق المنهاج الحكومي، خاصة وان القوى الكابحة والمعرقلة تملك ما تملك من نفوذ وأموال وإعلام .
ان الرهان على تعزيز الحراك الاحتجاجي الشعبي وتطويره وتنميته، بحيث يكون عنصرا ضاغطا يفرض اجندة التغيير على الساحة السياسية، ويعمل على تحقيق التغيرات المطلوبة على الاصعدة المؤسسية والتشريعات وعلى مختلف الاصعدة الاصلاحية في بناء الدولة، ان هذا هو المعول عليه في تحقيق عملية التغيير.
ونحن اليوم نعمل في هذا الاتجاه ونحاول توسيع دائرة المشتركات وايجاد اوسع اصطفاف في هذا الشأن.
في المطاف الأخير، فأن البلاد بحاجة إلى دولة ذات مواصفات مدنية، خاصة وان جميع الاهداف التي تذكر تتحدث عن مضامين الدولة المدنية من عدالة اجتماعية ومحاربة فساد ودولة قانون وضمان للحريات، وجميع هذه العناوين هي مكونات لمشروع الدولة المدنية الديمقراطية.
والدستور العراقي، على الرغم مما يسجل عليه من مآخذ وثغرات، يحوي الكثير من الابواب والمواد التي تذهب باتجاه الدولة المدنية.
اذن الدستور العراقي بشكله الحالي قادر ان يستوعب قيام الدولة المدنية الديمقراطية. وحتى الارادة الشعبية وما عبرت عنه خلال الاحتجاجات، ومنها الشعار الذي رفعه المتظاهرون (نريد وطن)، لا تعني الا نبذا للطائفية السياسية والمناطقية والعسكرة والعناوين الفرعية .
المنتفضون طالبوا بمجتمع يؤمن العدالة الاجتماعية وتكافوء الفرص ومبدأ المواطنة. هذه هي العناوين التي خرج بها الشعب العراقي، فجميعهم رفعوا وبعفويتهم مطالب الدولة المدنية الديمقراطية.
**************
ص6
انتفاضة تشرين .. تأملات
اقتحام آخر .. للسماء ذاتها !
1-3
رضا الظاهر

إذن، فقد مر عام على أيام تشرين، العابرة جسور التحدي .. المفعمة بالأمثلة الملهمة .. والمتطلعة الى غد العراق الوضاء ..
ذلك التراكم الكمي للسخط عبر سنوات المعاناة المريرة، وقد أعقبت عقوداً من الاستبداد والحروب والحصار والانحطاط الروحي، أدى الى تحول نوعي في الحراك الاجتماعي .. من شرارة ذلك السخط المتعاظم اندلع لهيب الانتفاضة ونهض الأمل المتقد، دوما، مثل جمرة تحت رماد بلاد لا تعرف أن تستكين .. وكيف لها أن تستكين وقد سالت في دروبها دماء الضحايا، وامتلأت شوارعها بملايين من “مقتحمي السماء”، حملة الرايات الخفاقة، مطلقي الأصوات الصادحة، التي تجول في بلاد الرافدين، وقد تألقت جذوتها، وتحولت الى شبح ترتعد أمامه فرائص اللائذين بالنظام القديم ..
صيرورة مفتوحة الآفاق
هذا، إذن، هو اقتحام آخر للسماء ذاتها .. تمرين الكفاح الذي لن يكون الأخير ..
وحين نحتفي، اليوم، بهذا الحدث الجليل، المتواصل والمتعاظم، فاننا لا نتوقف عند حدود الاستذكار، بل نمضي الى حيث يتعين استثمار هذا الحدث الجاري بعنفوانه، لتقديم اجاباتنا على أسئلة حارقة، وتحقيق غاياتنا بالوسائل الثورية السلمية، ونحن نعرف أن أمامنا طريقا طويلا لا يخلو من الأشواك والانعطافات، لكنه طريق تنيره أمثلة الشهداء الملهمة، والرؤية الواضحة، والاصرار على الوصول الى تلك الضفاف ..
والانتفاضة التي اندلعت في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، وبلغت ذروة في الخامس والعشرين منه، هي صيرورة مفتوحة الآفاق، يصعب الجزم بما ستؤول اليه مصائرها، وتحديد استنتاجات نهائية بشأن عواقبها الاجتماعية والثقافية، مع أنها أسقطت حكومة، وأخلّت بتوازن اجتماعي سياسي، بحيث بات من المتعذر العودة الى الأوضاع التي كانت سائدة قبل اندلاعها، وقدمت، بذلك، دلالة عميقة ودرسا بليغا، من بين دلالات ودروس كثيرة، على أن ارادة الشعب قادرة على الاطاحة بعروش الاستبداد واجتراح المآثر.
ولعل من بين سمات هذه الانتفاضة، التي يمكن النظر اليها باعتبارها ممارسة كفاحية مميزة (سنعود الى هذه السمات والدروس الغنية في موضع لاحق)، أنها قدمت مؤشرات واضحة على تحول نوعي في الوعي السياسي للمجتمع، وخصوصا في أوساط الشباب والنساء والمثقفين، وسط استعداد شعبي أشمل للمشاركة في الانتفاضة.
ومن الجلي أن الانتفاضة لم تنبثق من عدم، وانما جاءت حصيلة لتعمق الأزمة الاجتماعية بتجلياتها المتنوعةعلى خلفية صراع المصالح من أجل السلطة والثروة والنفوذ. ويصح القول إن الانتفاضة ليست وليدة الصدفة المتلازمة مع العفوية، ذلك أن العوامل الموضوعية هي التي خلقت وعمقت الأزمة الناجمة عن فشل نظام المحاصصة وتفشي الفساد وسوء الادارة ونمط التفكير المتخلف والتدخلات الاقليمية والدولية.
كل هذا دفع الملايين الى مزيد من القناعة بأن طريقة الحكم القائمة عاجزة عن حل معضلات البلاد المستعصية، وانقاذها من الانحدار المأساوي المروع. وغدا واضحا، منذ البداية، أن لا امكانية لاصلاح الأوضاع، ناهيكم عن تغييرها، دون حركة جماهيرية واسعة، متعددة الأشكال الكفاحية، ضاغطة على السلطة من أجل الاستجابة لمطالب المنتفضين العادلة.

موقفنا من الحراك
أما موقف حزبنا الشيوعي من الحراك السياسي الاجتماعي الاحتجاجي فلا يتحدد وفقا لردود الأفعال والاجتهادات الظرفية، وانما “يستند (كما أوردت افتتاحية “طريق الشعب” في عددها ليوم 24 آب 2020) الى مرتكزات مبدئية فكرية وسياسية راسخة، والى قراءة وتحليل دقيقين للأزمة البنيوية المتفاقمة لمنظومة الحكم، القائمة على المحاصصة الطائفية والقومية، حاضنة الفساد وخراب الدولة، ولسبل الخلاص منها، والانطلاق نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، المدنية الديمقراطية، والتي يضطلع فيها الضغط الجماهيري والحراك الاجتماعي والسياسي بدور رئيس في تحقيق ارادة التغيير لمنظومة المحاصصة والفساد”.
وانطلاقا من هذا التحليل ساهم حزبنا في الحركة الاحتجاجية منذ بدايتها في شباط 2011، وعند اندلاع نسختها الجديدة في تشرين أول الماضي أعلن حزبنا انحيازه التام لمطالبها العادلة، مشاركا فيها ومدافعا عنها.

في ضوء المنهجية الماركسية والخبرة الثورية
تعلمنا الماركسية أنه حين تبدأ أعداد غفيرة من الناس بالنشاط فان أول من يؤخذوا على حين غرّة هم ليسوا أولئك الذين كافحوا زمنا مديداً، بل الحكام الغافلون، ذلك أن الطبقة الحاكمة أقنعت نفسها بأن المقاومة مستحيلة، على عكس الثوريين القادرين على التنبؤ بالأحداث والمستعدين لها. وهذا غالبا ما يميز ما يسميه ماركس “الثورة الجميلة”، أي اللحظات الأولى للثورة التي يبدو أنها توحد غالبية المجتمع في النضال ضد النظام القديم، وهو ما تجلى عندما اندلعت انتفاضة تشرين بكل عنفوانها، بحيث بدا أن المجتمع كان، بأسره، موحدا وراء شعار واقعي بسيط: “نريد وطن” !
كما تعلمنا الخبرة الثورية أن دخول الجماهير الحراك بصورة عفوية لا يجعل تنظيم الصراع أقل ضرورة، بل، على العكس، يجعله أكثر أهمية والحاحا. وقد دار في الماركسية نقاش مديد حول المشاركة في الثورات العفوية. وكانت وجهة نظر ماركس تؤكد أن المشاركة ضرورية حتى وإن كان جليا أن الثورة فاشلة، لأن الهدف هو “تدريب الشعب على الثورة”، والارتقاء به الى خوض معركة ظافرة.
هذا ما فعله ماركس حيال كومونة باريس (18 آذار 1871) التي يجب أن تظل دروسها ماثلة أمامنا ونحن نقيّم انتفاضة تشرين، وعلينا أن نستعيد، على الدوام، هذه الخبرة التاريخية التي لا غنى عنها.
وعلى الرغم من أن كومونة باريس لم تستمر اكثر من 72 يوماً، حيث سقط آخر مقاتليها يوم 28 أيار، الا أنها استطاعت، في هذه الأيام القليلة، أن تقدم أغنى الدروس حول مهمات الاطاحة بالنظام القديم وتحرير المجتمع. وأظهرت الكومونة كيف أن البرجوازية لا تلقي السلاح بل تحارب بكل ضراوة أية محاولة لبناء المجتمع الجديد.
لم تقف البرجوازية مكتوفة الأيدي وهي ترى الكومونة تهدد سلطة رأس المال، ورأت أن عليها أن تتحد لمواجهة هذا الخطر، فاتحد أعداء الأمس، بسمارك وتيير، لمواجهة عمال باريس.
أما السبب الرئيسي لهزيمة الكومونة فيكمن في عدم وجود تنظيم مستقل للعمال، بينما كانت أفكار بلانكيوبرودون حول وهم خلود الملكية الصغيرة مهيمنة.
فما هي خلاصة خبرة كومونة باريس ؟ وكيف تجلت بطولة ثوار الكومونة ؟
كان ماركس، كما أشرنا، قد حذر عمال باريس في خريف عام 1870، أي قبل الكومونة بأشهر عدة، من أن أية محاولة لاسقاط الحكومة ستكون حماقة دفع اليها اليأس. ولكن عندما فرضت المعركة الفاصلة وغدت الانتفاضة واقعاً حيّا ماركس الثورة البروليتارية بمنتهى الحماس رغم نذر الشر. ولم يصر ماركس على اتخاذ موقف متحذلق لادانة الحركة “باعتبارها جاءت في غير أوانها”، كما فعل الماركسي الروسي بليخانوف عندما كتب في تشرين الثاني 1905 مشجعاً نضال العمال والفلاحين، ولكنه أخذ يصرخ بعد كانون الأول 1905 على طريقة الليبراليين “ما كان ينبغي حمل السلاح”.
ولم يكتف ماركس بالتعبير عن الاعجاب الحماسي ببطولة ثوار الكومونة الذين “هبّوا لاقتحام السماء” حسب تعبيره، بل رأى في هذه الحركة الثورية، على الرغم من إخفاقها في تحقيق غاياتها، خبرة تاريخية ذات أهمية عظمى، وخطوة عملية أهم من مئات البرامج والمناقشات.
ووضع ماركس نصب عينيه مهمة تحليل هذه التجربة واستخلاص الدروس منها، وإعادة النظر في أفكاره على ضوئها. وكان “التصحيح” الوحيد الذي رأى ماركس ضرورة ادخاله على “البيان الشيوعي” مستوحى من الخبرة الثورية لكومونة باريس.
وفي آخر مقدمة للطبعة الألمانية الجديدة من “البيان الشيوعي”، والتي تحمل توقيع المؤلفين: ماركس وانجلز، بتاريخ 24 كانون الثاني 1872 يقول المؤلفان إن برنامج البيان الشيوعي “قد عفا الزمن على بعض تفاصيله”. ويضيفان: “لقد أثبتت الكومونة شيئاً واحداً، على وجه الخصوص، وهو أن الطبقة العاملة لا تستطيع، ببساطة، أن تستولي على آلة الدولة الجاهزة وتسخرها لخدمة أهدافها الخاصة”.
وهذه الفقرة الأخيرة اقتبسها المؤلفان من كتاب ماركس (الحرب الأهلية في فرنسا). وهكذا اعتبر ماركس وانجلز أحد الدروس الرئيسية لكومونة باريس يتمتع بأهمية عظمى حملتهما على ادخاله كتصحيح لـ (البيان الشيوعي).
**********
ص7
في مناسبة مرور عام على الانتفاضة
ناشطون ومتظاهرون يستعدون لتنظيم تظاهرات حاشدة
بغداد - سيف زهير


شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تحشيدا واسعا لتنظيم تظاهرات كبيرة تحيي الذكرى السنوية الأولى على انطلاقة الانتفاضة الشعبية. وجاء التحشيد ايضا، خلال التظاهرات القطاعية والمطلبية التي استمرت طيلة الأشهر الماضية، تأكيدا على عدد تحقيق المطالب الرئيسة واستمرار الاغتيالات والفساد وتفاقم أزمة البطالة بين الخريجين والعاطلين.

انتفاضة مستمرة
يقول المتظاهر، قصي الزهيري لـ”طريق الشعب”، إن “الاستياء الشعبي بلغ ذروته تجاه الفشل والفساد المستمر ونجاة القتلة من المحاسبة بعد عام كامل على انطلاقة الانتفاضة”. ويشير الزهيري وهو من متظاهري بغداد، الى أن “أسباب التظاهر ما زالت هي نفسها بل تفاقمت أكثر، حيث أن التظاهرات المركزية للانتفاضة لم تهدأ قليلا إلا بسبب جائحة كورونا التي عصفت بالعالم بينما بقيت التظاهرات القطاعية مستمرة في موازاتها وأكدت أن الانتفاضة مستمرة واخذت اشكالا احتجاجية متعددة”، مبينا ان “أي شيء مهم لم يتحقق للمنتفضين، فالقتلة لم تتم محاسبتهم مطلقا رغم وعود الحكومة بذلك، بينما بقيت المحاصصة الطائفية تلعب دورها المعهود في تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب الخاصة والاستمرار بتدمير البلد”. ويؤكد المتظاهر، على أن “المتظاهرين الان يستعدون لتنظيم فعاليات احتجاجية كبيرة بمناسبة العام الأول على انتفاضة تشرين تأتي للتأكيد على اهمية تحقيق مطالبها التي تنص على الاصلاح الجذري وليس الحلول الترقيعية”.

قتل مستمر
من جانبه، يكشف المتظاهر من محافظة البصرة، محمد القريشي، عن “استمرار عمليات القتل والاختطاف والتغييب دون أي رادع حكومي تجاه المجرمين الذين يقفون خلف هذه العمليات”. ويوضح القريشي لـ”طريق الشعب”، أن “التظاهرات التي ستنطلق قريبا بمناسبة مرور عام كامل على الانتفاضة، ليست محاولة احتفالية عادية، بل هي للضغط على الحكومة من اجل فتح ملف الاغتيالات والترهيب التي مورست بحق المنتفضين، فالبصرة بقيت تسجل ارقاما دامية جديدة والقتلة يتجولون علنا في الشارع ويقتلون، كما حصل من استهداف لرجال ونساء ناشطين في الحركة الاحتجاجية ولم يفعلوا اي شيء سوى مطالبتهم بخدمات ومستقبل أفضل لهم ولأبناء محافظتهم المنكوبة”. ويبين القريشي ان “الحكومة الحالية تقف امام مفترق طريق، حيث اتوقع عودة الزخم الاحتجاجي الى نفس بدايته الهائلة، لذلك يجب ان تفي حكومة الكاظمي بتعهداتها وتقوم بمحاصرة سلاح القتلة وتقديم نتائج ملموسة الى المواطنين لطمأنة الشارع بخصوص جميع التعهدات الحكومية التي بقيت حبرا على ورق باستثناء بعض الاجراءات التي نعتقد انها ترقيعية ولكسب الوقت”.

غضب متنام
في المقابل، يرى المتظاهر من محافظة الديوانية، حسن بدن، أن “الاحداث التي مرت خلال هذا العام، اوضحت للجميع مدى تورط الاحزاب المتنفذة بالفساد والخراب، وكشفت اللثام عن الغموض الذي كان يشوب رؤية البعض بسبب الانتماءات الطائفية مثلا، فشاهدنا كيف ان جميع هذه القوى المتنفذة ومن مختلف انتماءاتها، تحالفت واعلنت حربها على المنتفضين لتكشف عن خبث نواياها وتورطها بالفساد وسيول الدماء وكل مظاهر الخراب الذي عم المدن العراقية”. ويضيف بدن لـ”طريق الشعب”، ان “التحشيد لاستعادة تشرين مجددا، ليس غريبا او غير متوقع، فالغضب الشعبي تضاعف خلال العام الماضي، والبؤس ما زال موجودا، وليس لنا سوى ان نتظاهر مجددا للتأكيد على مطالبنا التي رفعناها وتغيير الوجوه الكالحة التي تمرست بالسلطة خلف السلاح وبالأموال المنهوبة، لذا فإننا مقبلون على غضب جماهيري حاشد يعيد لتشرين زخمه الذي ينتظره العراقيون بعد مرور ايام صعبة رافقت جائحة كورونا وأجّلت مؤقتا التظاهرات التي ستعود مجددا”.
**********

طلبة الانتفاضة: سنحيي ذكرى انطلاقة الاحتجاجات ونكمل دورنا فيها
بغداد - طريق الشعب
لعب طلبة المدارس والجامعات خلال احداث الانتفاضة دورا كبيرا في ادامة الزخم الاحتجاجي ومواجهة قوى الفساد والمحاصصة الطائفية. وشاركت جموع الطالبات والطلبة في موجهم الأبيض لمساندة المنتفضين في حراكهم المجيد، معلنين عن اضراب شامل للدوام، ومقدمين تضحيات كبيرة. وبالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الاولى لانطلاقة الانتفاضة، استطلعت “طريق الشعب”، آراء الكثير من طلبة الانتفاضة بهذه المناسبة وسألتهم بشأن تجربتهم وامكانية عودة الزخم الجماهيري من جديد.

احتجاج طلابي مشروع
يقول الطالب في جامعة الكوفة، زين العابدين محمد، إن “الإضراب الذي نفذته الكوادر التعليمية والتدريسية، والطلبة خلال الانتفاضة، جاء لمساندة مطالب المنتفضين المشروعة، واحتجاجا بنفس الوقت على المناهج التدريسية المتخلفة. حيث بالنسبة للمدارس، يؤكد اولياء أمور الطلبة، صعوبة المواد والمسائل التي لا تتناسب مع الأعمار العقلية لأبنائهم، وشكوا ايضًا من تراجع مستوى التعليم في العراق في وقت لا تزال فيه البنية التحتية لقطاع التربية في اسوأ حالاتها منذ سقوط النظام السابق عام 2003”.
ويضيف محمد “مقابل كل ذلك الفشل، وتزامنا مع انتفاضة العراقيين، حشّد الناشطون وأولياء الأمور والطلبة، لتنظيم تظاهرات تطالب بتحسين التعليم وبناء مدارس ومؤسسات تعليمية قبل الشروع بتغيير المناهج، غير أن وزارة التربية قالت في بيان إن (المؤامرة التي احيكت من اجل النيل من التعليم باءت بالفشل)، وهذا المنطق يبين عقلية المتحكمين بهذا الملف المهم”، مبينا أن “بعد عام مرَ على هذا الحدث أكدت أحداث انتفاضة تشرين أن الطلبة أصحاب قرار ورؤية إصلاحية من اجل النهوض بواقعهم وواقع العراق بأكمله. وهم بذلك يجددون دعمهم للانتفاضة التي دخلت عامها الأول بكل فخر وبطولة”.

شجاعة كبيرة
من جانبها، تبيّن الطالبة في الجامعة العراقية، سرور فياض، أن “القمع الذي واجه المنتفضين، استفز مشاعر الطلبة الذين خرجوا للشوارع وقلبوا موازين القوى بعد ان أصبح السلاح المنفلت يميلها لكفة القتلة والفاسدين في لحظات حرجة”.
وتوضح فياض، إن “الحديث عن تفاصيل تلك المرحلة أصبحت معروفة وتم تقييمها كثيرا، والأهم من ذلك الآن هو ان الطلبة ما زالوا مع انتفاضتهم التي أحيوها وزينوها بقمصانهم البيضاء، وفي مناسبة الذكرى السنوية الاولى للتظاهرات، ادعو جميع اخوتي واخواتي الطالبات للمشاركة الاحتجاجية والمطالبة بالكشف عن القتلة والمجرمين وفتح هذا الملف بالكامل قبل اي ملف اخر، لان تحقيق أي انجاز فيه سيقدم رسالة من الحكومة تفيد بصدق نواياها وتنجيها من غضب الشارع الذي سيعود خلال ايام ليصب ناره على رؤوس الفاسدين المتورطين بسفك الدماء”.

ازمة جديدة قادمة للفاسدين؟
في المقابل، يشدد الطالب، مهدي صباح، وهو من طلبة السادس الاعدادي الذين انهوا امتحاناتهم مؤخرا، على أن “الفاسدين امام ورطة جديدة، فهنالك اعداد ضخمة جدا من طلبة السادس الاعدادي الذين كانوا مرتبطين بشكل أو بآخر بدراستهم، سيدخلون الجامعات ويغدون أكثر تحررا وفي عقولهم اصرار شديد على تصفية الحساب مع المجرمين الذين قتلوا المتظاهرين في سوح الاحتجاج”.
ويلفت صباح الى ان “مواجهة هؤلاء ستكون من خلال اعادة الروح للانتفاضة وتقويتها، وهنالك تنسيق شبابي على مواقع التواصل الاجتماعي لإعادة هذا الاحتجاج المشرف الى قوته الكبيرة”، معتبرا أن “أي مطلب لم يتحقق وعلى أقل تقدير ما زال النظام التعليمي مترديا وفاشلا وبهذا فأن مقومات الاحتجاج ما زالت موجودة”.
************
ص8
ساحة التحرير .. منصة لاسترجاع الوطن
نورس حسن


جانت عندي شغله بجامعة بغداد خلصتها، وبيني وبين نفسي كلت ارجع للبيت اخلص شغلي. من وصلت لباب الجامعة سمعت صوت يصيح “بعد نفر وتقبط للتحرير”. ماكدرت اقاوم وصعدت. وبالطريق اتذكرت ايام التظاهرات اللي جانت بيها الناس تمشي مسافات بعيدة، لان الحكومة ماخلت تقاطع اذا ماغلقته بحجة حماية المتظاهرين.
تذكرت شهامة ابو التكتك اللي صار ايقونة التظاهرات: هو المسعف الناقل للمجروحين اسرع من الاسعاف، وهو اللي يوصل الناس من نقاط القطوعات للتحرير: “اصعد حجي توصيلة ابلاش”، بهذه الكلمات كان ينادي على المواطنين خاصة كبار السن منهم.
من وصلت للتحرير اتذكرت ايام التظاهرات، والناس خلية نحل كلها تصيح: “نريد وطن”. وتذكرت هيبة دخول افواج طلاب المدارس والجامعات. وتذكرت النساء اللي تطبخ وتخبز وتنظف وتهتف. تذكرت الفنانين وهم يرسمون على حيطان التحرير. تذكرت الشباب اللي نظموا نفسهم بشكل فرق لمكافحة الدخانيات، وهمّه يصيحون وطنه واحنه نبنيه”.
تذكرت دمعة الجندي على الشهيد والجريح. تذكرت صرخة الام والحبيبة والاب، واخذتني العبرة ورحت يم اقرب رصيف بالتحرير اباوع على الشارع البي الناس الفقره وخيم المتظاهرين على ابواب ان تفتح من جديد.
رجعت للحاضر الهادئ الكئيب. صرت كبال المطعم التركي اللي جان يابختهاليصعد لطوابقه العاليه. وصلت لجسر الجمهورية وتذكرت القنابل الدخانية والرصاص الحي اللي جان يستقر باجساد الشباب، وجم صديق وصديق راح لأن جان يطالب بوطن.
ساحة التحرير، ساحة الفقراء، ما راح تبقى حضن لذكرياتنا وبس. بيهه راح نعيد انتفاضتنهونجددهه، مو بس حتى ناخذ ثار الدم الزكي اللي سفحوه القتلة وبعد يسفحوه، لكن حتى نحقق الحياة الكريمة اللي احنه لليوم محرومين منهه، وحتى نستعيد الوطن اللي باكوه الفاسدين من عدنه .. وليهسه معرتين بيه ويمكن يخنكوه بس لا يرجعوه لأهله، إحنه بنات الشعب وابناءه..
************
تظاهرات غاضبة تطالب بالعمل في محافظات عدة
بغداد - طريق الشعب
جدد الخريجون الجامعيون الذين يتظاهرون منذ شهور، احتجاجاتهم في عدد من المحافظات، خلال اليومين الماضيين، للمطالبة بتوفير فرص عمل، فيما أغلق بعضهم بوابات عدد من المنشآت النفطية احتجاجاً على تجاهل مطالبهم.

تظاهرات للخريجين في البصرة وذي قار
في محافظة البصرة، جدد خريجو كليات الهندسة تظاهراتهم، امام شركة نفط البصرة للمطالبة بتوفير فرص عمل.
وقال المتظاهر حسين فالح لـ”طريق الشعب”، إن “التظاهرات مستمرة منذ اسبوعين من قبل خريجي كليات الهندسة في مختلف الاختصاصات للمطالبة بتوفير فرص عمل”، مبيناً إن “الوعود التي يطلقها المسؤولون في المحافظة او الشركة هي للاستهلاك الاعلامي وهي كاذبة ولم يتحقق منها أي شيء”.
في الاثناء، نظم عدد من حملة الشهادات العليا في مستشفى الصدر التعليمي في المحافظة، وقفة احتجاجية تضامنية مع مطالب الاطباء المضربين عن العمل.
وذكر الموظف في المستشفى احمد عيسى في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “الوقفة تأتي للتنديد بتسويف مطالب الاطباء المقيمين، وعدم تنفيذها، خاصة ان اغلب مطالبهم هي توفير الاودية والمستلزمات الطبية وهذه مطالب لا تقتصر على الاطباء فقط، انما تسهم في تقديم خدمة أفضل للمواطنين”.
من جانب آخر، أستمر اغلاق شركة نفط ذي قار، من قبل محتجين يطالبون بتوفير فرص العمل.
وبيّن المتظاهر محمد العكيليلـ”طريق الشعب”، إن “عدد من خريجي المعاهد التقنية والهندسة والادارة والاقتصاد في المحافظة، واصلوا اغلاق مبنى شركة النفط للمطالبة بتوفير فرص عمل، فيما يواصل عدد اخر من الخريجين اغلاق مصفى المحافظة للسبب ذاته”، مشيراً الى “وجود درجات وظيفية في الشركة والمصفى يجب منحها للخريجين بدل ذهابها للمتنفذين”.

تظاهرات للمهندسين في الديوانية والسماوة
من جهتهم، تظاهر العشرات من المهندسين، امام مبنى ديوان محافظة المثنى، للمطالبة بتوفير فرص عمل في مصفى الشنافية. وأفاد مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، بأن “العشرات من خريجي كليات الهندسة تظاهروا امام مبنى ديوان المحافظة للمطالبة بإيفاء الحكومة المحلية لوعودها لهم بتعيينهم في الشركات النفطية في المحافظة”.
وفي سياق احتجاجات المهندسين، نظم عدد كبير من المهندسين، وقفة احتجاجية في ساحة الاحتفالات وسط مدينة السماوة، للمطالبة بتوفير فرص العمل في المشاريع الاستثمارية ودوائر الدولة.
وأشار المتظاهر خالد جبر في حديث لـ”طريق الشعب”، الى “وجود أكثر من ٥٠٠ مهندس في المحافظة من مختلف الاختصاصات، يتظاهرون منذ فترة طويلة، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم، وزجهم في المشاريع الاستثمارية، او دوائر الدولة، دون اي استجابة من الحكومة المحلية، او الجهات الرسمية الاخرى”، منوهاً الى “استمرار تظاهراتهم بشكل اسبوعي في الوقت الحالي للضغط على المسؤولين من اجل تلبية مطالبهم”.

وقفة احتجاجية في النجف
وفي النجف، نظم عدد من الاطباء البيطريين، وقفة احتجاجية استنكروا خلالها تعرض زملائهم المعتصمين في بغداد، للاعتداء من قبل القوات الامنية.
وأفاد مراسل “طريق الشعب”، نعمة ياسين، بأن “نقابة الاطباء البيطريين وبالتنسيق مع مديرية المستشفى البيطري وعمادة كلية الطب البيطري في جامعة الكوفة، نظموا وقفة احتجاجية بمشاركة عميد الكلية ومدير المستشفى، احتجاجا على تعرض زملائهم المعتصمين امام وزارة الزراعة للاعتداء من قبل القوات الامنية”، مؤكدين على “مساندتهم في انتزاع حقوقهم المشروعة في توفير فرص عمل لهم وتعديل قانون التدرج الطبي”.

****************
ص9
تظاهرات في الناصرية للكشف عن مصير سجاد العراقي
الحراك الاحتجاجي يتصاعد مع حلول الذكرى السنوية الاولى للانتفاضة
بغداد - طريق الشعب
تزامناً مع اقتراب الذكرى السنوية الاولى، لانطلاق انتفاضة تشرين المجيدة، كثّف المتظاهرون نشاطهم الاحتجاجي، للتأكيد على المطالب الرئيسية للانتفاضة، والتي أبرزها اقرار قانون للانتخابات منصف وعادل، وتشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات، ومحاسبة قتلة المنتفضين، فيما تظاهر المئات من المحتجين في الناصرية، للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط المدني المختطف سجاد العراقي.

ما مصير سجاد العراقي؟
في الناصرية، تظاهر المئات من المحجين امام مقر شرطة المحافظة للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط المدني المختطف سجاد العراقي.
وقال الناشط المدني علي النواس لـ”طريق الشعب”، إن “المئات من المحتجين انطلقوا في تظاهرة من ساحة الحبوبي صوب مقر شرطة المحافظة، للمطالبة بالكشف عن مصير الناشط المدني المختطف سجاد العراقي، وإطلاق عملية أمنية للعثور عليه وتحريره واعتقال الخاطفين”.
من جانبه، كشف قائد شرطة ذي قار، العميد حازم الوائلي، الأحد الماضي، عن أخر تفاصيل قضية تحرير المختطف في المحافظة سجاد العراقي.
وذكر الوائلي في حديث صحفي تابعته “طريق الشعب”، أن “عمليات البحث عن سجاد مستمرة وتدقيق المعلومات ومتابعتها مع اغلب الاتصالات المتوفرة لدى الدوائر الأمنية”، مبيناً إن “قيادة شرطة ذي قار، شكلت فريق عمل أمني برئاسة الدوائر الأمنية والاستخبارية وشعبة إجرام الخطف”.
وأضاف مبينا، ان “القوات الامنية توصلت للشخص الذي اختطف سجاد وصدر بحقه أوامر قبض وهنالك عمليات جارية للبحث عنه”، مؤكداً إن “الأنباء التي تحدثت عن تصفية سجاد غير صحيحة وعملية تحريره قريبة”.

وقفة احتجاجية في الديوانية
من جهتهم، نظم عدد من المتظاهرين وقفة احتجاجية، في ساحة الراية، مركز الاعتصام الرئيسي محافظة الديوانية.
وأشار مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، الى أن “عدد من الناشطين في المحافظة نظموا وقفة احتجاجية في ساحة الراية وسط المحافظة، للتأكيد على المطالب الرئيسية للانتفاضة، وهي اجراء الانتخابات المبكرة بموعدها، واقرار قانون منصف وعادل للانتخابات، وتشكيل مفوضية مستقلة بهذا الشأن، والكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم وفقا للقانون، وحصر السلاح بيد الدولة واحترام سيادة البلد”.
وتابع القصير، أن “عدد اخر من المحتجين نظموا وقفة احتجاجية، أمام مديرية البلديات للمطالبة بإقالة مديرها محسن شبر من منصبه”، مشيرين الى “وجود شبهات فساد مالي واداري تطال مدير البلدية حسب قولهم”، فيما طالبوا “استبداله بشخصية نزيهة وكفؤة”.

وقفة اخرى في واسط
وفي سياق الوقفات الاحتجاجية، نظم العشرات من المواطنين في مدينة الكوت مركز محافظة واسط، وقفة احتجاجية لرفض الربط السككي مع دول الجوار.
ووفقاً لمراسل “طريق الشعب”، علي جبار، فأن “عدد من المحتجين نظموا وقفة احتجاجية في ساحة تموز، مركز الاعتصام الرئيسي في المحافظة، لرفض مشروع الربط السككي مع الكويت وإيران، لما له من أثار سلبية على اقتصاد البلد”، مطالبين الحكومة بـ “سرعة تنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير، وعدم الرضوخ للضغوطات الخارجية، وارادة الفاسدين والمتنفذين في داخل العراق”.

حملة لتنظيف ساحة التحرير
وفي ساحة التحرير، نظم العشرات من المعتصمين حملة لتنظيف ساحة التحرير، تحضيراً لأحياء ذكرى اندلاع الانتفاضة.
وأفاد مراسل “طريق الشعب”، بلال رضا إن “العشرات من المعتصمين في داخل الساحة أطلقوا حملة لتنظيف وتزيين ساحة التحرير، بمناسبة مرور عام على اندلاع الانتفاضة”، موجهين، “دعوة للمتظاهرين للحضور بكثافة في الأول من الشهر المقبل”.
**************
جرحى انتفاضة تشرين
يشكون أوضاعهم الصحية الصعبة وينتقدون اجراءات الحكومة بشأنهم
بغداد - علي شغاتي


رغم مرور عامٍ كاملٍ على انطلاقة الانتفاضة الشعبية الباسلة ضد قوى الفساد والمحاصصة الطائفية، إلا أن عددا كبيرا من المتظاهرين الجرحى، ما زالوا يعانون من صعوبات ومعرقلات في تلقي العلاج اللازم الذي تفتقد له المستشفيات في البلد. وشكا المتظاهرون الذين تعرضوا لأشرس حملة قمعية، تقصير الحكومة تجاههم، رغم إعلانها عن تكفلها بعلاجهم، مؤكدين عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج الباهظة في الخارج، أو المستشفيات الاهلية.

تكاليف باهظة للعلاج
يقول المتظاهر المصاب، علي وسام لـ”طريق الشعب”: “تعرضت للإصابة في عيني بواسطة سلاح الصيد الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المتظاهرين، أثناء مشاركتي في الاحتجاجات في شباط الماضي، حيث كان هذا الحادث تحديدا قرب ساحة التحرير. ونقلت على إثرها الى مستشفى ابن الهيثم للعيون وأجريت لي عملية عاجلة لاستخراج الشظية، وطلب من أهلي جلب عدسة لغرض زرعها نتيجة تضرر عيني بصورة بالغة”.
ويضيف وسام، إن “العدسة لم يتم زراعتها ولم يقدم لي سبب ذلك، وتم تبليغي للخروج من المستشفى، وبعد اجرائي لعدد من الفحوصات في العيادات الخاصة تبين أن هناك ضررا في شبكية العين يتطلب اجراء عملية جراحية كبرى خارج العراق، او في محافظة اربيل لغرض اعادة بصري من جديد ولكني لم اتمكن من اجرائها نتيجة تكلفتها المادية الكبيرة، وقرارات منع السفر والحظر بسبب جائحة كورونا”، مشيراً الى إن “هذه الاجراءات منعتني من الوصول الى اربيل لغرض العلاج في احدى مستشفياتها”.

انتقادات للحكومة
ورغم اعلان مجلس الوزراء في آب الماضي تشكيل لجان في داخل وزارة الصحة لمتابعة الوضع الصحي لجرحى الانتفاضة، وإحالة الذين يتعذر علاجهم داخل البلاد إلى الخارج، إلا أن مصابين كثر أوضحوا ان الاهمال ما زال مستمرا نحوهم.
من جانبه، يوضح المتظاهر، احمد خلف، المصاب في منطقة الرقبة، إن “إصابتي خطيرة جداً وتعذر استخراج (الصجم) من رقبتي نتيجة خوف الاطباء من فقداني للنطق، كونها قريبة من الاوتار الصوتية، وبقيت على هذه الحالة منذ اصابتي في ساحة التحرير في كانون الاول من العام الماضي”.
ويشير خلف في حديث لـ”طريق الشعب”، الى إن “بعثة حقوق الانسان في الامم المتحدة تواصلت معي في منتصف شهر آب الماضي، وزودتهم بالمعلومات والتقارير الكاملة للإصابة ووعدوني بنقلها للحكومة بالسرعة الممكنة، ولكن الاخيرة لغاية الآن لم تتواصل معي، رغم اعادة اتصالي ببعثة الامم المتحدة التي اخبرتني بأنهم زودوا الحكومة بالمعلومات الكاملة عن اصابتي”، مبيناً إن “الحكومة لم تقدم يد العون لي رغم المناشدات العديدة لوزارة الصحة والمنظمات الانسانية في النظر لحالتي الصحية”.
وفي السياق، يقول مصدر مطلع في بعثة الامم المتحدة لـ”طريق الشعب”، رافضا الكشف عن هويته، إن “البعثة قامت من خلال فرقها برصد وتوثيق اغلب حالات الاصابات في صفوف المتظاهرين، وجمعت المعلومات الكاملة عنهم وزودت الحكومة بمعلومات تفصيلية عن اعداد الجرحى وحالاتهم الصحية، فيما وعدت الحكومة بالتكفل بعلاجهم على شكل وجبات”.

مطالبات برعاية وتعويض المصابين
من جهته، يطالب المتظاهر المصاب، مهدي حسن، عبر “طريق الشعب”، الحكومة بـ”الالتزام بواجبها الاخلاقي في رعاية جرحى التظاهرات وتقديم الرعاية التامة لهم، وتقديم التعويضات لهم نتيجة الضرر الذي لحق بهم جراء الممارسات التعسفية التي تعرضوا لها في ساحات الاحتجاج، او في المستشفيات من قبل عناصر الاجهزة الامنية التي كانت تلاحقهم وهم يرقدون في داخل المستشفيات”.
ويشدد حسن، على “ضرورة عدم افلات الجناة والمتسببين في معاناتهم من العقاب، وكشفهم للرأي العام ومعاقبتهم وفقا للقانون، الذي يعتبر جزءا من رد الاعتبار لضحايا الاحتجاجات”.
*************
ص10
ما ان اندلعت تظاهرات الأول من تشرين الأول 2019 في ساحات الاحتجاج في بغداد حتى تردد صداها خارج الوطن، وحظيت بتضامن واسع متعدد الأشكال من قبل الجاليات العراقية وأحزاب وشخصيات سياسية.. على هذه الصفحة بعض أصداء هذا التضامن.

حزب اليسار السويدي يحيي المحتجين ويدعم مطالبهم
كتب هوكان سفنيلينك *
منذ يوم الثلاثاء، خرج الآلاف المواطنين في العراق إلى الشوارع للاحتجاج على الفقر والبطالة والفساد المستشري في البلاد. وهذه المظاهرات هي الأضخم خلال عدة سنوات، ويقودها جيل شاب سئم من عجز السياسيين عن تحقيق التطور الاقتصادي المطلوب.
ان حزب اليسار السويدي يحيي هذه الاحتجاجات، ويدعم مطالب المحتجين بالإصلاحات السياسية والاجتماعية. ويسعدنا أن نرى الشعب العراقي، الذي تحمل الكثير من تبعات الحروب و من المعاناة، قادر على مواصلة النضال من أجل مستقبل أفضل.
ففي نفس الوقت يزداد القلق من استخدام القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين والتي راح ضحيتها 44 مواطنا على ايدي رجال الامن والشرطة وبالرصاص الحي الذي صوب نحو الحشود المتظاهرة. اِن التظاهر السلمي من اجل التغيير السياسي هو احد حقوق الانسان وينبغي عدم بانتهاكه تحت اي ظرف. كما ان قطع خدمة الإنترنت هو اجراء مقلق للغاية.
لذلك، نطالب بوقف العنف ضد المحتجين على الفور، ويجب على القوى السياسية أن تأخذ مطالب المحتجين المشروعة على محمل الجد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو البرلمان السويدي
والناطق باسم حزب اليسار السويدي
***********
تضامنا واحتجاجا.. مئات العراقيات والعراقيين يحتشدون امام السفارة العراقية في كوبنهاغن
كوبنهاغن - داود أمين

بدعوة من تنسيقية التيار الديمقراطي في الدانمارك، والتي دعا فيها الى تنظيم وقفة تضامنية احتجاجية، امام السفارة العراقية في كوبنهاكن، يوم الثلاثاء الثامن من تشرين الاول الحالي، في ضوء الأحداث الاخيرة للحراك الجماهيري، والاعتداء الوحشي والبربري من قبل القوات الأمنية، ضد المتظاهرين السلميين في عشر محافظات بينها العاصمة بغداد، والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء وألوف الجرحى والمعتقلين.
وقد لبى الدعوة المئات من العراقيات والعراقيين من مختلف القوميات والأديان والحافظات العراقية، وقد زينت أكفهم الاعلام العراقية والشعارات الوطنية، التي تدعو الى السلام والتعايش ورفض العنف والارهاب والفساد، ووقف الإجراءات القمعية ضد الشباب.
وكانت قد زينت الشموع المشتعلة وباقات الورد الملونة جانباً من أرضية الوقفة.
عريفة الوقفة الاحتجاجية دعت الحاضرين الى المشاركة بترديد نشيد (موطني) مع بث تسجيلي حي للنشيد، بعدها دعت الى دقيقة صمت حداداً على ارواح الشهداء الأبرار، الذين سقطوا من الحراك الجماهيري الأخير. ثم دعت الزميل سعد ابراهيم منسق التيار الديمقراطي في الدانمارك الى القاء كلمته، والتي جاء فيها (نقف اليوم مع شعبنا وما يتعرض له من اغتيالات واعتقالات بسبب موقفه المشرف من خلال التظاهرات والاعتصامات، والتي راح ضحيتها خيرة شاباتنا وشبابنا، على يد نظام المحاصصة الطائفية المقيت، جئنا هنا لنعلن تضامننا الكامل مع شعبنا الحبيب، وضد استخدام القتل والعنف غير المبرر).
وبعدها تم تقديم الشاعر احمد الثرواني، حيث قرأ مقاطع رائعة من قصائد شعبية وفصحى تُلهب الحماس وتشيد بالمنتفضين الشباب، بعدها جرت قراءة شعارات الوقفة الاحتجاجية، من قبل الشابة تمارا، وردد المحتشدون معها (من حقنا: دولة مدنية/ دولة ديمقراطية/ دولة علمانية/ دولة مواطنة / دولة قانون/ دولة ضمان اجتماعي/ ان نعيش بحرية/ ان نتمتع بصحة وتعليم/ ولا للبطالة/ لا للفساد/ لا للإرهاب/ لا لإيران/ لا لأمريكا).
بعدها قدم ممثل منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدانمارك كلمة الحزب في الوقفة الاحتجاجية، مشيراً فيها لمساندة الحزب للنضال الجماهيري السلمي، ولهبة الشباب الاخيرة، وإدانته لاجراءات السلطة وارهابها وقتلها للمتظاهرين، كما تلي البيان الأخير للحزب الشيوعي العراقي، والداعي الى تشكيل حكومة من كفاءات وطنية نزيهة، قادرة على تنفيذ مطالب الشعب، وتقود البلد الى شواطئ الامان والاستقرار وحقن الدماء، وتوفير لقمة العيش الكريم للمواطن. ثم قرأ احد الزملاء مذكرة مرفوعة للرئاسات العراقية الثلاث، رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وموقعة من ١٦ تنسيقية للتيار الديمقراطي العراقي في الدانمارك وهولندا وكندا وستكهولم وفرنسا وبلغاريا وبريطانيا وألمانيا ويوتوبوري وجنوب السويد والنرويج ونيوزلندا وأمريكا.
***********
الحزب الشيوعي الاسترالي يتضامن
مع شعبنا العراقي

التقى ظهر اليوم 13 /10 /2019 في مقر اتحاد نقابات عمال البناء في ولاية غرب استراليا اعضاء من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بيرث استراليا مع نظرائهم في الحزب الشيوعي الاسترالي والذي ضم الرفيق فيني ميلوني رئيس الحزب الشيوعي الاسترالي والرفيقة إليزابيث هيلم النائب الأول لسكرتير الحزب والرفيق كريستوفر كروج عضو اللجنة المركزية للحزب. تم التداول في اللقاء بشأن التطورات الاخيرة في العراق والانتفاضة الشعبية.. ولقد ابدى الرفاق في الشيوعي الاسترالي امتعاضهم ونددوا بالاعتداءات الغاشمة والعنف المفرط من قبل القوى الأمنية على المتظاهرين.
واعرب الحزب الشيوعي الاسترالي عن التضامن مع الشعب العراقي في نضاله من اجل تطبيق حقوق الانسان والتغيير الاجتماعي والسياسي الذي ينشده ... وقد مثل منظمة الحزب الشيوعي في استراليا كل من الرفاق خليل الباوي، عبد الواحد جاسم، ذياب مهدي آل غلآم.

•••••••

الحزب الشيوعي النمساوي يتضامن
مع المتظاهرين

في رسالة باسم الدكتور ميركوميسنر، سكرتير الحزب الشيوعي النمساوي اعرب فيها الحزب عن ادانة الممارسات القمعية للأجهزة الامنية العراقية ضد المتظاهرين العزل الذين يتظاهرون ضد الفساد والبطالة وانعدام الخدمات مثل مياه الشرب والكهرباء .
واكد الحزب في رسالته تضامنه مع الجميع، ومع الحزب الشيوعي العراقي.
الدكتور ميركوميسنر
سكرتير الحزب الشيوعي النمساوي
*************
من صفحات التضامن الأممي
أحزاب شيوعية وعمالية تتضامن مع الشعب العراقي
بمبادرة من حزبنا المشارك في اللقاء الأممي للأحزاب الشيوعية والعمالية المنعقد بأزمير في تركيا في الفترة من 18 – 20 تشرين الأول عام 2019، حيث كانت انتفاضة تشرين في ذروتها، عبر ما يزيد على 50 حزبا شيوعيا وعماليا عن التضامن مع شعبنا وانتفاضته الباسلة. نعيد هنا نشر النداء التضامني:
نحن ممثلي الأحزاب الموقعة، المشاركة في اللقاء الأممي الـ 21 للأحزاب الشيوعية والعمالية المنعقد في أزمير بتركيا (18، 19، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2019)، نعبر عن تضامننا مع الشعب العراقي، وندعم المطالب المشروعة لانتفاضته الشعبية ضد نظام المحاصصة الطائفية والفساد، ومن أجل دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية.
اننا ندين بشدة القمع الدموي للتظاهرات السلمية التي بدأت يوم الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2019 في بغداد ومحافظات أخرى، حيث شاركت جماهير غفيرة، جلهم من الشباب، في الاحتجاج ضد نظام الفساد السياسي والفقر والبطالة. وقد استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع. وأسفر ذلك عن قتل ما يزيد على 150 وجرح ما يزيد على 6 آلاف، فضلاً عن مئات المعتقلين.
ندعو الى وقف فوري لقتل المتظاهرين السلميين، واطلاق سراح جميع المعتقلين، وانهاء حملات الاعتقال التي تستهدف النشطاء. ان أولئك المسؤولين عن مصرع العشرات من الشباب يجب أن يواجهوا العدالة. ويتعين اجراء تحقيق مستقل للكشف عن هذه الجرائم. ويجب الكف عن جميع التضييقات بحق وسائل الاعلام، واحترام الحق الدستوري في التجمع وحرية التعبير.
نحن ندعم كفاح القوى الديمقراطية العراقية من أجل الاصلاحات السياسية الجذرية وانهاء نظام المحاصصة الطائفية ومكافحة الفساد. يجب تلبية المطالب المشروعة للمحتجين وللشعب العراقي عبر اجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لمعالجة الفقر والبطالة وتحسين أحوال الصحة والتعليم.
نجدد دعمنا لكفاح الشعب العراقي من أجل الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهو ما يشكل أساسا لضمان السيادة الوطنية للعراق واستقلاله الناجز.
**************
ص11
مصر ولبنان والعراق: انتفاضات شعبية متشابهة؟
د. عمر الديب*

الشعوب العربية ليست على ما يرام. الحروب والاحتلال والاستغلال الطبقي والفقر والبطالة والتهجير والقتل والإرهاب والعقوبات والمذهبة والأصولية والقمع والاستبداد تلاحقها من كل صوب. منطقة تختزن ثروات نفطية هائلة، وموارد بشرية وأراضٍ ومساحات ومضائق وممرات وموقع جغرافي تكفي أن تصنع منها قطباً دوليّاً صاعداً لديه ما يكفي من الموارد والإنتاج لتأمين الأمن الاجتماعي والسياسي، وفرص العمل والتعليم والصحة والسكن والاستقرار لكل أبنائها. لكن، هيهات.
ولا بد للازمة ان تنفجر
كما كل التناقضات التي لا تجد حلولاً لها، لا بدّ لتلك الأزمة أن تنفجر، وأن تنعكس انتفاضات شعبية مستمرة على هذا الواقع المزري، وهذا ما يحصل اليوم. تعيش العديد من دول المنطقة موجةً جديدةً من انتفاضات الغضب الشعبي التي تأتي كردة فعل على الواقع المعيشي الحالك. ها هم الملايين ينزلون إلى شوارع مصر والعراق ولبنان والسودان والأردن والجزائر وغيرها لا لشيء إلّا للتعبير عن ذاك الألم والشعور بالمهانة والذلة وانتقاص الكرامة من هذا الواقع.

ثلث المصريين في فقر مدقع
مصر أمّ الدنيا التي كانت بوصلة المنطقة ورافعة العمل السياسي فيها، صارت مصر التي تنتظر صندوق النقد الدولي كي يمنّ عليها بقروض ميّسرة مقابل حزمة من الشروط و”الإصلاحات”... حكمها “مبارك”، نيابةً عن المؤسسة العسكرية طويلاً، ومن بعده حاول أن يحكمها “مرسي” والإخوان، لكنّ مصر انتفضت على الأول وقاومت قمعه بالحديد والنار، ثم خرجت على الثاني فأقصته دون تردد، لينتهي بها الأمر بالنظام الجديد - القديم عبر حكم السيسي نيابةً عن المؤسسة العسكرية مجدداً. حملةٌ من الوعود الرنانة والأحلام الوردية رافقت حكمه، وكذلك رافقته ممارسات متجدّدة من كمّ الأفواه وترويض المعارضة وإسكات أي صوت منتقد، وتم الإمساك بالإعلام تماماً. 60 ألف مواطن مصري على لوائح الإرهابيين المطلوبين للدولة بينهم شيوعيون ويساريون تهمتهم أنهم... إخوان! هرول النظام نحو الصناديق المانحة، فهو يريد المال لإطلاق بعض المشاريع وإيهام الناس أنّ الوضع على ما يرام، وأن الأزمة أخيراً وجدت حلّها. المال الخليجي أتى بوفرةٍ، وبشروط سياسية ... مال صندوق النقد الدولي أتى منه 12 مليار دولار، ومعه حزمه من الشروط ...
100 مليون مصري يعيش 33% منهم الآن في حالة فقر مدقع حيث يعيشون بأقل من 48$ شهريّاً بحسب أرقام المؤسسات الإحصائية الرسمية، فيما تقدر جهات دولية وصول نسبة الفقر عموماً إلى حوالي 60% أي 60 مليون مواطن مصري. لم تعد الأكاذيب تجدي نفعاً، ولا أبواق السلطة وإعلاميوها. الناس الموجوعة سوف تخرج على الحاكم، سواء أعجب ذلك المفتين والضباط أو لم يعجبهم. إرهاصات أولى ظهرت في مصر في الأسابيع الماضية، ولا شكّ أن حاجز الخوف والترهيب يكسر من جديد، ولعلّ الشارع يريد أن يعلي صوته ليقول أن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير، وأن حلم المصريين أن تعود مصر رافعةً للعمل الوطني كما للتغيير المنتظر.

نظام المذلة والافقار في لبنان
لبنان مختبر آخر لسياسات اللبرلة وضرب القطاعات المنتجة والاستدانة من أجل تمويل حاجات الخزينة التي يذهب جزء كبير منها سرقة لمصلحة أرباب السلطة. لبنان “عايش بالدين”، لكنّ هذه الوصفة لها حدودها التي لا بدّ ولا مجال إلا أن تنفجر إذا لم تكن الاستدانة من أجل التنمية والاستثمار والإنتاج. وبالفعل، ها هي تنفجر اليوم. لقد أدى اتفاق الطائف الذي عقد بتسوية سورية سعودية أميركية إلى إرساء معادلة جديدة في تقاسم السلطة، والتي قادها الثلاثي المستقبل وأمل والاشتراكي. ولتسهيل سيطرتهم كان لا بد من إقصاء المعارضة وإسكات صوتها ومصادرة النقابات عبر التزوير في الاتحاد العمالي العام، وصولاً إلى السطوة الأمنية وشراء الذمم. انهارت التسوية القديمة عام 2005، ثم أنتجت تسوية جديدة في العام 2007 أدت إلى تحويل ثلاثي الحكم إلى سداسي مع دخول القوات اللبنانية وحزب الله والتيار الوطني الحر بشكل فعال إلى جنّة الحكم وبقرته الحلوب، وبشكل أساسي بينهم التيار الوطني الحرّ. تغيرات كثيرة حصلت في الوجوه والأسماء والقيادات والأحزاب الحاكمة، لكن المضمون ظلّ واحداً. نموذج اقتصادي ريعي يقوم على الاستدانة لتمويل العجز، ويضع مقدرات الدولة كلها في خدمة مصالح رأس المال الريعي من مصارف وشركات عقارية كبرى وغيرها. ووسط هذا النموذج، تحول زعماء الميليشيات الذين ربحوا الحرب وركّبوا التسويات إلى رأس مال جديدٍ طفيلي قام على حساب المال العام فراكم مليارات الدولارات من النهب المنظم لخزينة الدولة وصناديقها ومشاريعها وتلزيماتها. تركز التحالف بشكل صلب ومتين بين رأس المال الريعي المتأصل وبين رأس المال الطفيلي الصاعد، فأنتجوا نظامنا اللبناني المستمر حتى اليوم. انتصارات جبارة تاريخية يسطّرها الشعب اللبناني في المقاومة ضد الاحتلال، ترافقها هزائم نكراء أمام نظام الاستغلال الرأسمالي. عمقت سياسات الأحزاب الحاكمة الفروقات الطبقية بشكل صارخ بين اللبنانيين، وبفضل النموذج الريعي صار 1% من الحسابات المصرفية يستحوذ على أكثر من نصف الودائع، أي على ما يقارب 90 مليار دولار، فيما اللبنانيون يكافحون صبح مساء لتأمين مسكن يأويهم ومدرسة لأولادهم ومستشفى لأهلهم، وبالكاد يجدونها. كما في مصر، 35% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، ومليون لبناني هاجر دون عودة خلال العقود الثلاثة الأخيرة بحيث من الصعوبة أن تجد بيتاً في لبنان لم يهاجر منه أحد أبنائه إلى أربع جهات الأرض بحثاً عن الأمل والخبز والكرامة. هذا هو نظام المذلة والإفقار، نظام السرطنة والقتل البطيء، نظام الاستغلال الطبقي والتهميش الاجتماعي، نظام الانهيار الاقتصادي الحتمي الذي لا إنقاذ منه إلا بالتغيير الجذري الشامل لهذه السلطة، ونظامها، وأحزابها الحاكمة.

“خراب العراق” بدل “خراب البصرة”
العراق ليس الجحيم، حتماً. لكن بالنسبة لفقرائه الذين لم يروا إلا القتل والحصار والقهر والاستغلال والقمع منذ عقود حتى اليوم، قد يكون يبدو لهم كذلك. فبعد عقود من الاستبداد الوحشي تحت حكم النظام السابق، والعقوبات الدولية التي قتلت مرضى العراق وأطفاله جوعاً ومرضاً، جاءت الحرب وجاء الاحتلال الأميركي المدعوم من أساطيل دول حلف شمال الأطلسي لتترك وراءها مئات آلاف القتلى وبلداً منهكاً ومدمّراً. ضربوا المثال سابقاًبـ”خراب البصرة”، وربما صار اليوم واجباً تعديل المثل الشعبي واستبداله بـ”خراب العراق”... منذ سنوات طويلة عاد إنتاج البترول العراقي كي يكون من الدول الأكثر إنتاجاً في العالم، لكن أين مال النفط العراقي؟ حتماً لن تجده في جيوب مواطنيه، ما خلا القلّة الحاكمة الفاسدة التي راكمت عشرات المليارات من الدولارات في حساباتها الخاصة فيما شعبها لا يجد القوت في بيته. خرج شعب العراق اليوم شاهراً سيفه. إنتاج نفطي هائل وأموال تفوق 60 مليار دولار سنوياً من عائداته، فيما الكهرباء لا زالت غير موجودة حتى اليوم، والبطالة في أوجّها، والفقر يقضّ مضاجع الملايين المنهوبين. البلاد في حالة صراع سياسي مستمر، والتوظيف السياسي لأي تحرك هو أمر متوقع ... لكن العبرة تكمن، بجميع الأحوال، في أنّ هذا النظام قد جلب الفوضى واللاستقرار، وأمن شروط النهب المنظم، وكرس الاستغلال وعمّق الانقسام، وأنتج رأسماليةً طفيلية تختزن عشرات المليارات من المال العام فيما البؤساء مهمشون على قارعة الحياة. خرجت الانتفاضات الشعبية، كردة فعل طبيعية متوقعة على هذا الحال، وهو أسوأ الأحوال. إنّ الصرخةٌ في وجه الظلم والهيمنة والنهب والفساد والاستغلال، سوف تجد الكثيرين ممّن يريدون استثمارها أو تحويرها أو خنقها في مهدها، لكن هل لها أن ترى من يسمعها ويلاقيها ليحمل لواءها؟
تتشابه المعطيات والظروف على امتداد منطقتنا، كما الوضع في مصر ولبنان والعراق، حيث تجثم على صدور الشعوب أنظمة تقوم بحماية النهب والاستغلال الداخلي والخارجي، لتبني قصوراً من ذهب، وحسابات مصرفية من 9 أصفار، على حساب الملايين الذين يئنّون ألماً ومهانةً ومذلّة.
انتفاضة الفئات المهمّشة والمستغَلّة في كل البلدان العربية، التي نراها اليوم وتلك الآتية في المستقبل، هي النتيجة المنطقية والحتمية لهذا الوضع القائم، ولن يكون حلّها إلا في التغيير الجذري والشامل لواقعنا السياسي الراهن، وهذا هو الدور المأمول من قوى التغيير والتقدّم والتحرّر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني مسؤول العلاقات الخارجية
“النداء” – 10 تشرين الأول 2019 (مقتطفات ضافية)
************
ص12
الانتفاضة الجماهيرية في السودان وآفاق تطورها
فتحي الفضل

استندت انتفاضة ديسمبر 2018 على التجارب الماضية لحركة الجماهير المقاومة للأنظمة الدكتاتورية في السودان ودول الجوار، بإيجابيات وسلبيات تلك الهبات الشعبية. وكان لتجربتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985 وجودهما ودورهما الواضح في مواجهات الجماهير مع نظام حكم جماعة الاخوان المسلمين الذي اختطف الحكم عبر انقلاب سنة 1989.
ومنذ تسنم عمر البشير السلطة في عام 1989 الى ازاحته في 2019 لم تهدأ شوارع المدن من المظاهرات والمواجهات بين الجماهير وقوات الامن...
نتاج النهج الرأسمالي
السؤال الذي طرحته جماهير شعبنا وحزبنا هو: هل يمكن ان تتعايش بلادنا مع النهج التنموي التابع للرأسمالية العالمية، والاستمرار ضمن التقسيم الدولي للعمل في اقتصاديات زراعية متخلفة، أم النضال من أجل الانعتاق وفك التبعية والسير في طريق التحرر السياسي والاجتماعي، وبناء الدولة الحديثة العلمانية الديمقراطية التي تفتح الطريق أمام القوى المنتجة صاحبة المصلحة في انهاء مهام مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وبناء دولة تمثل النقيض للطبقة والشرائح الطفيلية الخاضعة للمعسكر الرأسمالي؟ ...
إن الازمة التي عشاها وتعيشها البلاد هي نتاج سياسات السير في الطريق الرأسمالي وفي خطى الاستعمار الحديث بعد الاستقلال، واستمرار ان يكون السودان مصدرا للمواد الخام، وموفرا للأيدي العاملة الرخيصة، وسوقا لمنتجات البلدان الرأسمالية. وتمت عملية الانصياع التام والوقوع في قبضة المعسكر الرأسمالي بدخول البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كمشرفين دائمين على الاقتصاد السوداني ولتنفيذ شروطهما بالحرف الواحد...

بين مشروعين
اشارت دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في يوليو 2018 الى انه في تقديرنا ان الظروف الموضوعية قد ضجت للتغيير والخلاص من النظام الشمولي المعبر عن الفئات البرجوازية الطفيلية المرتبطة بتنظيم الاخوان المسلمين الدولي. وأكدت الدورة نفسها أن الصراع قد بدا واضحا بين مشروعين، وان هذا الصراع مستمر منذ ستة اشهر دون انقطاع. الاول هو مشروع “الهبوط الناعم” الذي يحاول فرضه المجتمع الدولي والاقليمي بقيادة الولايات المتحدة، والرامي الى اجراء تسوية تستند الى اصلاحات شكلية على النظام وقمته...
المشروع الآخر هو الذي طرحه الحزب الشيوعي، وتبنته قوى الاجماع الوطني، وقُبل بتعديلات من كل قوى المعارضة، وانعكس بصورة وأخرى في اعلان قوى “الحرية والتغيير”. ومنذ بداية الحراك الجماهيري في 19 ديسمبر 2018 فرضت الجماهير المبادئ الاساسية لذلك المشروع الذي يسعى لبناء اوسع جبهة للجماهير من اجل اسقاط النظام وتفكيكه وتصفيته واستعادة قومية اجهزة الدولة وتصفية الدولة العميقة... كما اكدت دورة اللجنة المركزية في يوليو، ان هبة يناير 2018 وصعود الحركة الجماهيرية في نضالها لإسقاط النظام وما تلاها من تطورات قد قادت الى ترميم وحدة عمل المعارضة ونشاطها المشترك، ودخلت البلاد في خضم ازمة ثورية.

الأولوية في نشاط الحزب
ان التقدم في طريق الثورة الشاملة يستدعي في المقام الاول تحقيق الوحدة الفكرية والتنظيمية للحزب، وتدعيم دور فروع الحزب وبناء التحالفات الاستراتيجية وسط العمال والزراع والمثقفين والطلاب والشباب والنساء. يتم تنفيذ هذه الواجبات ليس بمعزل عن الجماهير، بل من وسطها ومعها وبها، وذلك في معركتها اليومية ومقاومتها التي لا تهدأ.
وكان ذلك هو الأولوية في نشاطنا الحزبي، واصبح تصاعد النشاط الجماهيري عبر شهور الانتفاضة عاملا مساعدا في ارتفاع قدرات الحزب في الدفاع وحماية نفسه والمشاركة الفعالة في الحراك المتنوع لحركة الجماهير وبناء ادواتها الاساسية المختلفة في لجان المقاومة، وفي السكن ومكان العمل والدراسة. وتدعيم القيادات المدنية وربطها بشبكة مع كل المستويات لتصل في النهاية الى المركز الموحد لقيادة الحراك المتمثل في قوى الحرية والتغيير واللجنة التنسيقية.
دخل حزبنا وقوى المعارضة الجذرية معارك انتفاضة ديسمبر، وهم اكثر وضوحا وتنظيما. وساعد ذلك ان تمكنت الهبة العفوية في بداية الانتفاضة ان تلتقط تدريجيا الشعارات والاهداف الرئيسية التي طرحها حزبنا وحلفاؤه. وهكذا تحولت مطالب الانتفاضة من المطالب الاقتصادية البحتة: الحد الادنى من الاجور، وتوفير الخبز والوقود والدواء، الى المطالبة باسقاط النظام. وبمرور الوقت اصبح خط الحزب الجماهيري تعبيرا وقوة وسط الجماهير الثائرة. وكانت شعارات الانتفاضة الاساس: حرية، سلام. وكذلك الثورة ـ خيار الشعب ـ هي التعبير الشعبي للمشروع الذي تبنته قوى المعارضة.

صراع بين قوى التغيير وقوى الثورة المضادة
في هذا الاطار يمكننا رؤية وفهم الصراع الدائر في السودان. انه صراع بين قوى التغيير الجذري (القوى الوطنية والديمقراطية داخل وخارج قوى الحرية والتغيير) وبين قوى الثورة المضادة. فما تريده الجماهير الشعبية وقواها الوطنية والديمقراطية هو السير في طريق مختلف عن طريق الثلاثين عاما الماضية. وبالتالي السؤال عن ما هي السلطة التي تقود البلاد في مثل هذا الطريق؟
انقلاب العسكر الذي ازاح رأس النظام، كان ولا يزال هدفه الرئيس هو تصفية الانتفاضة من محتواها، وتمهيد الطريق لتنفيذ مشروع الهبوط الناعم. فالمجلس العسكري والطغمة الحاكمة هي امتداد طبيعي للنظام السابق. لذا فالخلافات ليست حول اقتسام السلطة 8/7 أو 7/7 أو 5/5 او من يرأس المجلس الرئاسي، انما الخلافات هي حول مستقبل السودان وبناء سودان ديمقراطي مدني، يسع الجميع.
بالنسبة لنا نحن كحزب رفضنا التفاوض مع المجلس العسكري من ناحية المبدأ، باعتباره امتدادا للنظام القديم، ويسير في نفس الطريق. نحن نسمع ضجيجا، ولا نرى طحيناً منذ 11 ابريل 2019 من قبل قادة الانقلاب، فالمجلس العسكري رغم اشادته بـ”ثورة ديسمبر”، الا انهم يوجهون كل افعالهم واقوالهم لضرب المعارضة الجذرية وحزبنا.
افعال المجلس العسكري هي الدليل على موقفه المعادي للشعب والانتفاضة. فأعداد الشهداء منذ 11 ابريل ارتفعت بشكل واضح، والجرائم التي ارتكبت ضد قوى المعارضة من ضرب وتعذيب واعتقال وقتل واغتصاب تزيد ولا تنقص. العداء ضد الحزب والاتجاهات الجذرية في قوى الحرية والتغيير في ارتفاع مستمر. تحولت العاصمة ومدن السودان الكبرى الى ثكنات عسكرية بوجود الاسلحة الثقيلة في الشوارع، وكأن المجلس العسكري في حالة حرب ضد الشعب.
ابرز جرائم المجلس العسكري ضد الانتفاضة كان في تخطيطه وتنفيذه لفض الاعتصام السلمي امام مبنى القوات المسلحة بالقوة المفرطة. ونتج عن ذلك استشهاد 118 شابا وشابة. وتم التقاط 38 جثة من نهر النيل، وتم اغتصاب 37 شابة و12 شابا في يوم 3 يونيو. ورغم اعتراف المجلس بالمسؤولية، إلا ان بعض اطرافه تحاول التملص، وتدعي ان تلك العملية كانت “فخا” وقع فيه المجلس! ورغم فض الاعتصام إلا ان قوى الحرية والتغيير قد رفعت من برامجها التعبوية، وبدأت من جديد مظاهرات الاحياء اليومية. وترمي القيادات الميدانية الى تصعيد النشاط، كيما يصل الى مستوى عال يوم 30 يونيو، يوم الانقلاب المشؤوم في عام 1989.

استثمار الوضع الثوري
ان حزبنا يرى ان الطريق لاسقاط النظام يمر عبر بوابة التوجه الى الجماهير والتواجد بينها والالتصاق بها، وتمليكها كل الحقائق. فما زالت الامكانيات متوفرة لتحويل الوضع الثوري الذي تعيشه البلاد الى ثورة؛ ففي ظل التحولات العميقة التي صدعت وكسرت البنى السابقة، بنى الدولة، وبنى المجتمع السياسية تنشأ خطورة ظهور حالة فراغ يمكن ان تؤدي الى العودة الى الوراء في حالة تردد الثوار ومهادنتهم. بكلام آخر احتواء الانتفاضة، وبالتالي حصر النشاط السياسي في حدود معينة.
ان الوضع الثوري الذي نعيشه هو مخاطرة مفروضة موضوعيا، فرضها نضوج العامل الموضوعي وانفجاره. وعلى القيادة الحالية، ومن ضمنها حزبنا، ان تشحذ اسلحتها وتتصدى لقيادة الوضع الثوري وقيادته نحو اهدافه في التعيير الجذري. فللحركة الجماهيرية اسلحتها المجربة في شكل الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لهزيمة النظام وتفكيكه وتصفيته.
كشف النهوض الجماهيري خلال الستة اشهر الماضية عن ضرورة تحسين الصلة مع الجماهير والالتصاق بها والتعلم منها والتفاعل الايجابي مع تطلعاتها المشروعة والتصدي لقيادتها عبر الاقناع والابداع. كما ظهرت قوى من الشباب الثائر خاصة من النساء في القيادات الميدانية ولجان المقاومة. من المهم مساعدتها وتقديم كل العون لها، كيما تلعب دورها كاملا في الانتفاضة وفي مستقبل البلاد. هذه المجموعة هي قلب الحراك وتساعد في تدعيم امكانيات الانتصار على اعداء الثورة.
الوضع الآن وإمكانيات تطور الانتفاضة الى ثورة ناجحة باستلام السلطة وتنفيذ برنامجها (برنامج الانتفاضة - المحرر) يعتمد على تدعيم وتمتين وحدة المعارضة وبناء التحالفات الاستراتيجية والديمقراطية وسط العمال والمزارعين، وتدعيم وحدتهم، كيما يلعبوا دورهم كاملا في بناء التحالف العريض وقيادته.
بجانب ذلك، ندعو الى اوسع تضامن عالمي، تلعب فيه الاحزاب الشيوعية الدور الاساسي، في دعم نضال شعبنا وحزبنا، من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني
عن مجلة “الثقافة الجديدة” – تموز 2019(مقتطفات ضافية)
*************
ص13
القصيدة الشعبية في خضم الانتفاضة

بيت الشمس...!!

الى الذين يكرهون الشمس...!!

ناظم السماوي

رادو...يحبسون الشمس...!!
بس ما...لگو...زنزانة...!!
ترهم للحبس...!!
ومن عطشو هاي الشمس...!!
ما...شربت الماي النگس...!!
إشگد...حاولو...نبتعد...!!
عن درب الشمس...!!
گنالهم...أيام...المزبن...گضن...!!
ونگضت أيام الحبس...!!
وهسه الشمس...!!
سكنت إبيتأحبابهه...!!
بالأندلس...!!
٢٢/آب/٢٠٢٠
***********
شمتانين

حمزة الحلفي

كصت بينه السيوف..
وذبح ترس العين
شمتانين؟؟
فضوهه المنايا تحوك بالساعات
واحلوك الشوارع تاكل الميتين
شمتانين؟؟
شوارعنه حمر صابغهه لون الدم
وسره اعلى الموت شوف اشلون مصطفين
شمتانين؟؟
بغداد العروس اتحولت تابوت
ورجالات الحكومة جنهم معرسين
موفاض الصبر وانتو ولا عالبال
وعلى حب الكراسي صرتو نجارين
شمتانين؟؟
اغيوم الحرب تمطر جمر عل الناس
وانتم روس تمشي بناس متغطين
شمتانين؟؟
حوارات الموائد والسمج مسكوف
وبصحون المصايب احنه متعذبين
تموت اطفال عدنه برهبة البارود
وانتو اطفالكم بالغرب محروسين
بعد بسكم حملنه من الصبر اطنان
وتسجيل الصبر ماينكتب مرتين
لاحت والحلوكاطشرت بالريح
وضاعت من دربهم باثر زين وشين
تكولوناتفقنه وهي حسبة يوم
جاوينه التوافق كلكم متنكين
ياعمي الجرح مايمض بالمنشار
بس ياذي الخشب من ينشطر نصين
صلوها اعلى قبله الشعب فاضت بيه
بعد هي تلوج بينه الواحد وتسعين
طز بكل سياسة التعبد الدولار
العراق يموت اكعد هز ضميرك زين
***************
بغداد ماتنطفي

سامي عبد المنعم

بغداد ماتنطفي ...
ولا صوتها إيموت
مثل الهوه ..
إبكل حيّز إتفوت
مثل الشموس التضوي البيوت
مثل المحبه ...
تنبت إبكلگلب بسكوت
مثل الشمع ..
تبچيبلا صوت
بيها الگهاوي ..
والمضايف والفناجين
بيها العشگسولة مجانين
بيها إنكتب ..
أوّل حرف بالبردي والطين
بيها النخل والشعر والليل سهران
بيها الحصيري يمشي سكران
بيها الچفافي أشكال وألوان
بيها أبو گاطع ..
للصراحه صار عنوان
إبكل بيت من چلماته نيشان
بيها القصايد ..
والأغاني والمواويل
بيها الضوه وبيها الشناشيل
بيها ( النواسي ) ..
شايل الكاس
بغداد ...
ماطخت أبد راس
وما حسّبت فد يوم تنداس
من يگدر ..؟
إببغدادناإيعيل
بس الورد والياس والهيل
*************
الصبي اليافع
الى الشهيد (سائق التكتك) عبدالله وليد مويح
علاء الماجد

يا خيتي يا ام عبدالله
هذا ابنچ ربات الوطن يا خيتي
ربات الهور والدله
هذا نجمة ليل تضوي ادروب
حته گلوبنه
لهذا الوطن بالكلفة تندله
هذا ابنچصعد للغيم
صعدت روحه مشتاگه
والوطن ينده انجومه
يصيح بويه امنين ابوسك
وانته قندون العرس ومزوگازواگه
صافي صفات الفضه يا ريان
يل خدك ولا خيط الشمس من ينطيمشراگه
هذا بصدره شبت نار
وحشم كل اخوته يريد يأخذ ثار
هذا من الرميثة .. وصولة الانبار
من بصرة الطيبه وسارية ذي قار
من زلم التهدعالطوببالمگوار
صهيل اخيولهالشگره رعد كزار
حوافرههتلهلب نار
وفوگاسروجالكحيلات..
ما ينشاف..
بس سيف العراقي وحملة الكرار
* * *
هذا ابساحة التحرير
يذكر ثورة العشرين
ويرسم للوطن نجمات
تتجسد هلال
بملحمة (تشرين)
*************
المو كدهه ايتكتر يبتعد ليغاد
ليلى البهادلي


راح ارسم نخل وارسم عليه اعثوك
واصيحن وين يامن جان يتمنه
وراح ارسم حديقهمكركشه بنعناع
وزغران البنات ابمي يرشنه
وراح ارسم جبل والهور والشلال
وهدير االماي اسمعه الحد المسنه
ورسملك طفل يركص الصوت الناي
وثوبه احمر او وجهه امزاعل الونه
ورسملك صحاري امحملاتاورود
وانشدهن الماي منين جابنه
ورسملك سجن وافتحلك البيبان
واكلك كضت باب الفرج صار النه
ورسملك سمه ومطرزه بنجوم
ورسملك كمر جن ليلة الحنه
ورسملك بلابل والقفص.مكسورمابي باب
يشتاقن يزورنه
وارد ارسم كصيبه ابصفهه احط جناغ
اتصيح بصوت ابد مافارك الحنه
وراح ارسم ابوي العامل التعبان
واصيحنياخواتيالجايحيينه
وارسملك مسايل واكف عللباب
بس رافع شعار العوز مو النه
ورسملك عراق مجتف من سنين
وكومن للحزام ابساع حللنه
الحارس مو امين وباك كل البيت
متعودين لازم نتهم الجنه
المو كدهه ايتكتر يبتعد ليغاد
انريدالمايفرق شيعه وي سنه
تره البايع ضميره الوطن ماينباع
تمر اسنين اله وهم تطلع الونه
*********
ص14
جمر وندى من منى سعيد

عن دار سطور في بغداد، صدر مؤخراً كتاب جديد للكاتبة والصحفية الزميلة منى سعيد (جمر وندى / فصول من سيرة ذاتية). الكتاب يقدم المسيرة النضالية والصحفية للكاتبة مع رفيق حياتها المناضل الشهيد سامي العتابي.
منى سعيد، سبق وأن كرمت من قبل جريدة “طريق الشعب” التي عملت وزوجها فيها ورافقوا مسيرتها.
***********
انتفاضة تشرين / نصوص

بدمائهم الزكية، ومواقفهم النبيلة، واقدامهم الباسلة..
سمو ارادة شعب يضئ الدروب للاجيال القادمة.
هنا.. نقدم هذا المحور الادبي عن شهداء انتفاضة تشرين المجيدة.

المحرر الثقافي


دم على الوجوهوالقمصان والأصابع
سعد جاسم* / كندا - خاص

فراديسٌ ...
تزهو بالفتيانِ الفقراء
والصبايا المقهورات :
ساحاتُ التحرير
*
{ إِرحلوا
أَيُّها الفاسدون }
شعبٌ يصرخ
*
برصاصٍ حي
وقنابلَ مُسَيّلةٍ للدموع
يتساقطُ المتظاهرونَ العُزّل
*
دمٌ على الوجوهْ
دمٌ على الأَصابعْ
دمٌ على القمصانْ
*
إِختطافٌ
تغييبٌ
مشاهدٌ دموية
*
الى السماءِ تصعدُ
بلا سلالمَ
أَرواحُ الشهداء
*
جرائمٌ مُتَعَمَّدَة
وليستْ حوادثَ عرضية
أَسبابُ القَتْلِ والمذابح
*
مُلثَّمونَ
مأْجورونَ
ومُستوردونَ
وغامضونَ
يغتالونَ فِتْيةَ البلادِ
وشيوخَ الثورةِ الفقراء
*
عربةُ إنقاذ
رمزٌ وطني
التكتك
*
مليئةٌ بالجثث
ثلاجاتُ الموتى
ممنوعُ الاقتراب
*
حتى العصافير
وحماماتُ السلام
لم تَسْلمْ من غازاتِ القتلة
**
نكايةً بالجوعِ والحرمان
أُمهاتُنا الصابرات
يوزّعْنَ أَرغفةَ قلوبهن
على المتظاهرين
*
رغمِ العواصفِ والظلام ؛
ومطرِ الرصاصِ المُطَهَّرْ
بالدمِ والدموع
وبرغمِ دخانِ الغضب
والاحتجاجِ والنفير
وعلى الرغمِ من سكاكينِ ومخالبِ
وحوشِ الغدرِ والكراهية
ومآربِ ودسائسِ ودساتيرِ
فقهاءِ الطوائفِ والكتبِ البالية
برغمِ هذا كلِّهِ
أُمهاتُنا وأَخواتُنا وبناتُنا
يُسْعِفْنَ إِخوتَهُنَّ الجرحى
ويُخْلَيْنَ ابناءَهُنَّ الشهداء
المخنوقينَ بغازاتِ الوطنْ
*
بدلاً من مكافحةِ الشَغَب
يكافحونَ الشعب
القتلةُ القساة
*
غداً ...
وبلا خَوْفٍ أَو تَراجعٍ
سَتُشْرقُ شمسُ الحرّية والخلاص
من جباهِنا
وقلوبِنا وأَصابعِنا ؛
ومن نوافذِنا المُشرعةِ
على أُفقٍ ناصعٍ
وشاسعٍ ونظيفٍ
من الأدخنةِ المُلَوّثة
وغيومِ الكراهيةِ
وغربانِ الشؤمِ
واللعنةِ السوداءْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر عراقي – مقيم في كندا
**********
السومريون


علي رياض تايه

نمت على ضِفة التاريخ ضحكتهم
نمت دموعا حصدناها رياحينا
هم الذين إذا جار الزمان بهم
لا يعرفون إلها غير موطنهم
السومريون
مرّت حكومات وَوَلّت
لم يخافوا أحدا
هم أنبياء خالدون
يمضغون الفقر حتى يشبعون
كل من في الكون اضناهم سبات
إلّاه..
ذاك السومريّ
خلّفت يمناه في الأكوان نايا
مانحا للأرض طعم المتعبين
ناقشا الحانَ صبرٍ وحنين
عازفا طور الونين
“يُمّه يا يُمّه يا حْبيبه يا يُمّه “
بهذيچ الجنّة، الناي يتمايل غنج بين الصرايف
وبدمعته تشوف لمعه
لمعة المشحوف لَنّ ينتشي بخزرة شفايف
لا يفقهون كتابا غير تشرينا
وفي النهاية لا جيل يزاحمه
يبقى العراق
وهذا قول صافينا*
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*الشهيد صفاء السرّاي.
***********
الشيوعيون
عبدالامير العبادي


جلست عند بوابات الملك
قال:
اخبرت هامان ان يطاردهم
يعلقهم على الاشجار
وعلى ابواب الفقر
لقد تحركوا بالمدن لانهم
يوزعون رسائل الانبياء
وخلفاء العدل والانصاف
يعجنون درر العدل بالخبز
كي تداوي جراح الجياع

الشيوعيون
ينبتون من كهوف الله
ورؤاهم كتب احبارها
رسمتها اكف السماء
يحملون معهم قصاصات
اجمل من الحرير
يفرون يجمعون
حمامات وغزالات
هذه ليست ازمنتهم
ليست ازمنة الحراس النبلاء

الشيوعيون
ان ولدوا .. حبلهم السري
يبدأ من السماء
لينتهي بالارض
ولادتهم مباركة من الالهة
ولادات ليست قيصرية
لهم اكف مفتوحة
تنثر من المهد ورود وسلام

الشيوعيون
مسلات العدل
كتبوها بما تبقى من حبال
مشانقهم
هم الان يتناسلون اشجارا
ليكونوا ظلاٍ لمن لا ظل لهم

الشيوعيون
أول من تختارهم كهوف الله
لتحميهم من بطش الطغاة
غدا يأتيهم البراق يحملهم
للجنان ،ليعطروا الاخرين
بعطرهم
*********
ص15
شرود

طالب حسن
1
بعد كل حرب
وأنا أفيق من موتي
أسأل أول عابر سبيل
هل سمعت عن وطن
يبيع ذاكرته ؟
2
إرتعاشة ليل طويل
هذا القلب المعلق
بخيوط غيابك
3
لا احد يموت من الفراق
عناقنا في الحلم
سحابة ماطرة
4
الوقت يمر بطيئا
لدرجة ان يترك خلفه
الكثير من الذكريات اليابسة
5
كلما رأيتك
تتثاقل خطاي
كأن الدروب كلها
ترضع من عطرك
6
بذورك يانعات
لذا تحتفظ بها الشمس
لنهار آخر
7
أيها البئر
لم يطلق الصباح بشارته
لأن قميص يوسف لم يجف بعد
من دماء إخوته
8
رعوية جدا هذي البلاد
تختار دائما المخاض المر
والسكن قرب الحرائق
9
كلما حاولت إختصار وجعك
يتهشم الصوت
ويحتويني الصدى
أنا المسمار المعلق
في خشب توابيتك
10
هل كان للنسيان ذاكرة
وأنثى الحواس تقشر يومها
بقصيدة من مرارة الكلام ؟

11
منذ ألف عام
والرحيق المر للأساطير
يملأ فمي

12
حزنه
شدو ناي قديم
يعلو ويهبط
في سراب من مرايا الرخام

13
الفرح شحيح
وهذه البلاد سئمت
من موتها المتكرر
*********
شامخة هاماتهم في الموت كالفرسان

علي حنون العقابي

عشاقٌ في وَضْحِ الغرامِ وقد تركوا الرؤى على الطاولةِ
القَوا موازينَهم في الغيابِ
مثلما يُلقي المتصوِّفُ في خلوتِهِ شطحاتِ الكلامِ
عشاقٌ عبروا كلَّ الشُبُهاتِ بهمَّتِهمْ
مرهفون في العشقِ الذي صارَ أعلى مراتبِ الزُّهدٍ
ضاعوا في الأغاني
حدَّ انبعاثِ الصحوِ في زفيرِ العواصفِ
لاشيءَ يَقِدُّ قمصانَهم غيرُ هذا الطيشِ في الشهبِ
فهم أبناءُ القلقِ المطوقِ بالجسارةِ والغبارِ
لا يؤجِّلون المزاجَ الرديَفَ لهذا الاسى
وإنما يستعرضون ملامحَ الخصومةِ في الجدلِ
كانوا إذا أصابتُهم غيبوبةُ النسيانِ
يسترِدُّون خزائنَ العَهدِ الازليِّ
حتى يبلغوا الفيضَ المسيَّجِ بالكمالِ
***
عشاقٌ لم يرحلوا أبعدَ من مَرمى القصائدِ
حاضرون دائماً في الإحتدامِ الشفيفِ،
بالكلام الرشيق ما شاء به القلبُ
لم يكن الليلُ عندَهم محضَ مشورةٍ في السكونِ
بل كان فرصةً أخرى للسطوعِ
أفرَغوا الوساوسَ على مسمعِ الأقاليمِ البعيدةِ
أجازوا لأنفسِهِمْ هذا التامُّلَ قبل أنْ يُمِسَّهم اليأسُ
مفعمونَ بالأحلامِ التي تتَّسِعُ لبراعمِ الوجْدِ
لا يسألون عن قيودِ الحاضرِ المضطَرِبِ بينَ أسلاكِ الحروبِ
ولا عن السجالِ في الشعائرِ
فهم يعرفون غدَهُم حين يَعُمُّ النداءُ في عذوبتهِ
لذلك ختموا ألواحَهم على حَجَرٍ منسيٍّ منذُ ذلكَ العهدِ
هم المعنيون بهذا الحُبِّ وما يحملُ الوردُ من الأسرارِ
لم يتراجعوا أبداً عن النشيدِ في زحمةِ الطبولِ .
***********
إذا متنا نحن الفقراء

سالم سالم

من الطارق
انا.... انت
ماذا تريد... ياأنا
أريد العودة اليك
اذهب فقد خسرتك
ذات حرب
2
اذا متنا نحن الفقراء من يحمى الاخرين
اذا متنا نحن الفقراء
من يصفق للممثلين
اذا متنا نحن الفقراء
من يلمع وجوه الشعراء
ذوو الأربطهالأنيقه
اذا متنا نحن الفقراء
بمن سيتسلي الذباب
في هذا الوطن
3
أماه كنا صغارا
نلعب مع العصافير
وحينما كبرنا
اصبحنا نصطادها بالبنادق
4
أعتذر ياولدي
فأنني خائف
الليل بندقية تعوي
باحثة عنا
وانا أحفر بجدار
الحزن عن ثقب
لأرى ضوء القمر
5
شكرا الهي
لأنك ابقيتني حافيا
كي لايلتف حولي
ماسحو الاحذية
**********
قصة قصيرة
يوم تخلى عني والدي
عبدالزهرة حسن حسب


كان عمر حيدر ست سنوات حين سمع للمرة الاولى كلمة رافضي ، لم يكن عقله بمستوى النضج الذي يسمح له معرفة ابعاد الحقد الدفين في هذه الكلمة، فلم يعرها اهتماماً ولم تستقر في خلايا الذاكرة، حدث ذلك يوم الجمعة لابد ان يكون كذلك لان حيدر تذكر يومها أنه كان قلقاً وغير مرتاح ، وهذا لم يحصل الا يوم الجمعة.
اليوم جمعة وسيزور والدي عمر صديقه محسن الحيدري محملاً بالهدايا والحلويات والمشروبات الغازية، ولتضييع الوقت حتى اللحظة التي يرى فيها حيدر محسن الحيدري، يترجل من سيارة التاكسي ويلوح له بقبعته الجوزية، اخذ يلعب بكرة قدم صغيرة، من سوء حظه دخلت الكرة للمطبخ واستقرت في قدر المرق، ووقعت قطرات على يدي امه عائشة. امسكته من كتفيه وبوجه غاضب وعيون تتطاير شرراً حاولت ان تضربه لكنها تراجعت امام الدموع المنسابة على خديه وقالت: هذا جزاء عنايتي بك وسهري طول الليل الى جانبك وإرضاعك قبل ان تبكي طلباً للممة وحرصي الدائم على ان تكون انظف اولاد المحلة، طفل غبي لام رافضية .
الاعوام ٢٠٠٦م و٢٠٠٧م هي اسوأ الاعوام في تاريخ العراق الحديث ، حيث الطائفية بلغت ذروتها، ولم تعد الطائفتان الاكبر تقبل التعايش مع بعضهما، ورفع كل منهما شعار اما نحن او انتم، وترجم هذا الشعار الى سيارات مفخخة تنفجر في اكثر الاماكن ازدحاماً، الاسواق الشعبية، مجالس العزاء، بين المصلين عند خروجهم من الجامع او الحسينية ولم ينس اصحاب المفخخات سيارات اطفال الروضة كما حصل في محافظة البصرة، ومن جانب اخر السيارات المدججة بالسلاح تجوب شوارع يختارها من في السيارة وتعود الى انطلاقها محملة بالجثث قتلوا على أساس الهوية. ارعب عمر ما يحدث في البلاد وقف وقال :
علي اتخاذ ما يلزم لانقاذ حياة حيدر من القتل المؤكد، علي ابعاده من هذا المكان، آخُذه الى صديقي محسن الحيدري، ولكن ماذا سأفعل بقلبي الذي يملأه حبه، وماذا اقول لزوجتي عائشة التي رعته ثلاثة عشر عاماً، بالتأكيد سيكون عصي عليها نسيانه، استدرك وقال : هذا يهون دون ذبحه امام عيني.
ركب سيارته والى جانبه حيدر وانطلق بها نحو مدينة الصدر حيث بيت محسن :
خذه يا محسن .
ما الذي حصل يا عمر ؟
اسمه حيدر وأخاف ان يذبح امام عيني
الى هذا الحد وصلت الامور عندكم يا عمر ؟
ربما الاشهر القادمة تكون اسوأ
اذن اخبره الحقيقة
اسمع يا حيدر انا لست والدك وعائشة ليست امك واليك الحكاية
انا امر الفوج الثاني من اللواء الثالث ووالدك ضابط معي نشأت بيننا علاقة صداقة حميمية وتجاوزت الحدود المألوفة وعندما ماتت والدتك عند ولادتك حملك والدك محسن الينا وقال : ليس لدي من يعتني به، ولا اخفي عليك سراً دخولك الى بيتنا صاحبته السعادة الى حياتنا بعد ما كانت علاقتنا الزوجية مهددة بالانفصال، لان زوجتي لا تنجب اطفالاً، واليوم ارجعك الى والدك الحقيقي لان وجودك في بيتنا يهدد حياتك .
احتضن حيدر والده عمر وأحاط رقبته بيديه الاثنتين وبعيون دامعة قال : هل تزورنا يا والدي في مدينة الصدر ومعك ماما ؟
لا, لا نريد ان نذبح على الرصيف كالخراف .
ركب سيارته دون ان يلوح لهما بيده ، اعتبرهما ماضٍ يجب ان نسيانه، اما حيدر فلم يستوعب ما سمع وبقى يتابع السيارة حتى توارت عن الانظار.
***********
ص16
في ذكرى العرس الجديد للنضال الوطني العراقي
الشاعر عمر السراي يستذكر أخاه
شهيد انتفاضة تشرين الشاعر علي نجم اللامي
مع اقتراب موعد الذكرى السنوية الاولى لاندلاع انتفاضة تشرين الشعبية المظفرة في الاول من تشرين الاول، عاود الدم الاسبوع الماضي اضطرامه في عروق الشاعر عمر السراي – احد رافعي رايتها الاوائل، فاطلق العنان لقدميه المتحرّقتين شوقا مثله الى مهدها وعرينها، الى ساحة التحرير في قلب القلب العراقي الموشح باسم بغداد.
وهناك، في الساحة المخضبة بدم الوطنية العراقية النبيل المغدور.. سجل الشاعر السراي بكاميرا فيديو ما اراد له قلبه ان يقول:
على نفس الخطى وفي نفس الطرق، ومع اقتراب ذكرى انطلاق ثورة الشباب، ثورة الوطن، ثورة الشيوخ، ثورة النساء، ثورة العراق..
من ساحة التحرير، ساحة الابطال، هنا في هذه الازقة التي قطعها الادباء وقطعتها شرائح المجتمع، تحت نصب الحرية، نصب جواد سليم..
اليوم نستذكر شهيدنا الاديب علي نجم اللامي بعد ان طبعنا مجموعته الشعرية “خلف الضجيج وطن” ووزعناها الى خيمتنا والشباب المتواجدين “الادباء نبض الامة”، وخيمة “ثوار تحرير العراق”، الخيمة التي كان الشهيد يجلس فيها ويجلس معنا في خيمتنا خيمة الادباء.
اليوم نستذكر علي نجم اللامي الشهيد الشاعر، اليوم نقف وقفة حرية لنبشر بوجود حياة جديدة ومشرقة، الثورة التي سوف تستمر.
*****
اقرأ قصيدةً من قصائد علي نجماللامي تحت نصب الحرية:
الليلةُ.. سابكي كثيرا
في كلِ مرةٍ
يُطعنُ غدرا
وفي كلِ مرةٍ
خوف انفراطَ العِقد
يشربُ نزفَ المراراتِ .. صبرا
ويعذرُ السكين!
يتكئُ على دجلة
ملاذا
كلما جزَ القحطُ سنبلهُ
وينهضُ رغيفَ خبز
من تحت ركام الحزنِ
يشرئبُ حلما
خذلتهُ النوايا
وأثخنتهُ المآرب بالجراح
يحدقُ مخذولاٍ
بوطنٍ ينزفُ خيبةً
مُذ غدت الآلهة خنجرا
بخاصرةِ الجياع
*****
الرحمة لروحك يا علي نجم اللامي.
الادباء ضمير الامة ونبض الوطن، وهذه الساحة لن تكون خالية ابدا. سوف تشرق من جديد الى ان يبزغ الوطن، ونطرد كل الوجوه الكالحة، ونستفتح وطنا جديدا يحترم القلوب.
الرحمة لروحك يا علي نجم اللامي..
هذه مجموعتك الشعرية ستظل تحت نصب الحرية، لكي تعلن الحرية دائما.

من ساحة الحرية
في الرابع والعشرين من ايلول
عمر السراي
محبة وسلام لكم
سيظل الادباء ضمير الشعب ونبض الوطن.

من صفحة الشاعر اللامي الشهيد
على فيسبوك

4 تشرين الثاني
اليوم الرابع على التوالي وحجرة منامي حديقة الامة.
قَسَما بدجلة والشباب الثائر لن ارجع الى البيت او اترك ساحة التحريرالا بانتهاء مهام الثورة.

13 تشرين الثاني
خطوة اخرى .. ونعتلي صهوة الحلم .. صامدوووون حتى النهاية

17 تشرين الثاني
مزقت ثياب الخوف
ارجت عزمي للضياء
وفركاس اقدام السائرين
نحو الشمس
يعرف جرحي
يعرف اني
ما خذلت الجرح
ما خنت الطريق.
تزودت بآهات الجياع
بكحل الدمع على رمش الصغار
بغربة اللحن في مدن النحيب
وكتبت بدم الجرح نشيد حياة
فالوطن أسَرّني:
حطّمْ قيود الخوف
يتهاوى الطغاة

17 تشرين الثاني
لن نرجع للبيوت الا بتابوت. او تتحقق مطالب الناس.
************
ليس مجرد كلام
خلف الضجيج وطن

عبد السادة البصري
ونحن نستذكر الانتفاضة علينا أن نستذكر الشاعر علي نجم اللامي، أحد شهدائها، وهو يرسم الصرخة التي أخذت تتردد في الساحات، والتي أضحت شعاراً لكل متظاهر يطالب بحقه في العيش الكريم على أرضٍ دافع عنها هو وأخوته وآباؤه وأجداده، يوم أطبق الظلام على سمائها وهجمت خفافيشه تريد امتصاص دمها، في مجموعته الصادرة حديثا عن اتحاد الأدباء والكتاب في العراق !
نزل وبين شفتيه صرخة كانت مكتومة ،والبركان قد انفجر وأخذ يقذف بحممه على رؤوس الفساد وسارقي أعمار الشباب ومَنْ ذاقوا مرارة الحرمان واليتم والقهر والجوع!
إنهم يريدون وطناً. يعني حضناً دافئا، وقلباً طيبا ، وروحاً سامية خلّاقة، وشموخاً ، وإنسانية، وحنانا ، وراحة، وعيشاً رغيدا، وسكناً لائقا، وفرص عمل، وأمناً وأماناً. أحلامهم لم تتعدّ الأرض التي ولدوا عليها، وسمعوا عنها الحكايات الكثيرة من جدّاتهم وأمهاتهم. وحينما فتحوا عيونهم وعرفوا أن هذا الحلم سراب انتفضوا صارخين: نريد وطناً !
كم هي مؤلمة حقاً هذه الصرخة، حين تسمعها من فم شابٍ او فتاةٍ لم يبلغا الحلم بعد؟!
لم يبصروا شيئا من الوطن الذي سمعوا وقرأوا عنه، فأحسّوا بضياعهم، وضياع كل شيء جميل في حياتهم. واجهوا الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيّل للدموع بصدور عارية، مرددين قول الشاعر محمود درويش : مَنْ ليس له وطن ، ليس له كفن !
لأجل أن يمسكوا بحبل نجاة قبل أن تغرق السفينة نهائيا خرجوا للساحات يطلبون وطناً.. وطناً يليق بهم ويليقون به، وطناً يحنو عليهم ويضمهم بين جناحيه قبل أن يتشردوا لاجئين في بقاع الأرض !
الآن وبعد مرور عام كامل على هذه الانتفاضة، علينا أن نستذكر شهداءها وجرحاها ، والثمار التي قُطِفت منها ، رغم أنها ليست بالمستوى المطلوب ، لكنها أثبتت أن الصوت الهادر بالحقّ يخترق كل حاجز وستار ويزلزل العروش !
علينا أن نستذكر أول صرخة مدوّية في البصرة، حيث تظاهرات الماء والكهرباء والخدمات وفرص العمل ، التي انطلقت بواكيرها عام 2011 مرورا بعام 2015 و2018 وصولا إلى 2019، وكم شهيد سقط مضمّخاً بدمه من اجل ذلك. البصرة كانت رأس النفيضة دائماً بانتفاضاتها ضد الفساد والفاسدين، لأنها البعير الذي يحمل ذهباً ويأكل عاقولا!
ولنقل أن المسؤولية الكبرى تقع على مَنْ يقود البلاد والسلطة العليا أولاً، ومشايخ القوم وعليّتهم ثانياً، وكل ذي عقلٍ حليم ثالثاً. عليهم أن يعوا المسؤولية وأن لا تذهب دماء الشباب سدىً، ويأخذوا بتصحيح كل ما أودى بالبلاد إلى الخراب، كي يشعروهم أن ثمّة وطناً يقيمون فيه، بعيداً عن الحرمان والقهر والمطاردات وسفك الدماء البريئة.
علينا أن نعيد لهم الإحساس بوطنٍ حرٍ يعيشون على أرضه بسلام وسعادة وهناء!