العدد 2 السنة 86 الجمعة 4 أيلول 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1
رسالة المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي
الى رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي

وجه المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في 11 تموز الماضي رسالة الى السيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء، حمّلها تصورات ومقترحات في شأن “الاوضاع الصعبة والازمات المتفاقمة التي تعصف بعراقنا العزيز”، وداعيا الى مناقشتها “ لما فيه مصلحة وطننا وخلاصه من دوّامة الإخفاقات والأزمات والفساد الملازمة لنهج المحاصصة”. واشار في هذا الصدد الى ان تجربة الحكم منذ عام 2003 اثبتت “أن اعتماد التقاسم المحاصصي في بناء الدولة جعلها ميدانا للتسابق والصراع بين القوى والكتل السياسية من اجل المواقع والمنافع، وعمل على تشظيها واضعاف تماسكها وأدائها وقدرتها على بسط سلطتها وصيانة السيادة الوطنية”.
واستطردت الرسالة تقول:
“إدراكا منا للأوضاع الصعبة والأزمات المتفاقمة التي تعصف بعراقنا العزيز، وانطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية امام شعبنا، نضع امامكم تصورات ومقترحات، مبدين استعدادنا لمناقشتها معكم لما فيه مصلحة وطننا وخلاصه من دوّامة الإخفاقات والأزمات والفساد الملازمة لنهج المحاصصة. فقد أثبتت تجربة الحكم منذ عام 2003 أن اعتماد التقاسم المحاصصي في بناء الدولة جعلها ميدانا للتسابق والصراع بين القوى والكتل السياسية من اجل المواقع والمنافع، وعمل على تشظيها واضعاف تماسكها وأدائها وقدرتها على بسط سلطتها وصيانة السيادة الوطنية.
اننا بطبيعة الحال ندرك تماما الظروف بالغة التعقيد والصعوبة التي أحاطت بتكليفكم وبتشكيل الحكومة من جانب، والأزمات الحادة الموروثة والجديدة التي وضعت حكومتكم والبلاد أمام تحديات جسيمة من جانب آخر. ولعل أهم هذه التحديات هو وضع البلد على طريق الإصلاحات العميقة والتغيير، والاستجابة إلى المطالب المشروعة التي رفعتها انتفاضة تشرين الشعبية. وقد تضمن المنهاج الحكومي مجموعة من الأهداف والالتزامات التي تعكس هذه المطالب، كإحالة قتلة المنتفضين الى القضاء، والتصدي لوباء كورونا، وتنظيم انتخابات مبكرة نزيهة وشفافة وعادلة، وفتح ملفات الفساد، والتعاطي مع الازمة المالية وترابطها بالبعدين الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق الإصلاح الاداري والمالي، وحصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز مقومات القرار الوطني المستقل.
إن من شأن تحقيق هذه المهمات أن يحدث قطيعة مع المسارات الماضية، التي قادت إلى التدهور المريع في أوضاع العراق، وما يسببه هذا من معاناة شديدة وظروف معيشية قاسية لأقسام واسعة من أبناء شعبنا، ومن توزيع غير عادل للدخل والثروة في المجتمع. ولهذا السبب بالذات يصطدم تنفيذ المهمات المذكورة بعقبات جدية ومقاومة قوية متعددة الأشكال، من جانب قوى وكتل سياسية ومجموعات وشخصيات نافذة في الدولة والمجتمع، ترتبط مصالحها ببقاء الأوضاع على حالها فتناهض أي مسعى جدي للتغيير.
وانطلاقا من متابعتنا الدقيقة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد وقراءتنا لها، ومن قناعتنا الراسخة بان البلاد تقف اليوم على حافة الهاوية، إن لم تكن تتدحرج فيها، نرى ان الأوضاع ستشهد مزيدا من التدهور ما لم يحدث انعطاف نوعي وجوهري في مسار منظومة الحكم. وان مسؤولية وضع البلاد على سكة انجاز هذا التغيير، تقع اليوم على عاتق حكومتكم عبر التنفيذ الجاد للالتزامات الواردة في منهاجها، والاستجابة للمطالبات الشعبية.
************
ناشطون: إن تهاونت السلطات الثلاث فهي شريك اساسي في جرائم الاغتيال!
مطالبات بالإسراع في الكشف عن قتلة الناشطين
بغداد ـ نورس حسن


طالبت مفوضية حقوق الانسان، السلطات الامنية بضرورة الاسراع في الكشف عن مرتكبي جرائم اغتيال الناشطين والمتظاهرين، ووضع حد للعصابات المنفلتة.
ورأى ناشطون ان “السلطات الثلاث ستكون شريكا اساسيا في جرائم الاغتيال تلك، حال تهاونها في الكشف عن القتلة”.

66 محاولة اغتيال
عضو مفوضية حقوق الانسان انس العزاوي، قال أن “المفوضية رصدت حتى شهر آب الماضي، 66 محاولة اغتيال لناشطين مدنيين واعلاميين، ادت الى مقتل 35 شخصا واصابة 16 آخرين، تعرض 15 منهم الى محاولات اغتيال فاشلة”.
واضاف في تصريح لـ “طريق الشعب”، أن “اعضاء المفوضية، وخلال زيارتهم للجهات الامنية، أكدوا حرصهم على ملاحقة المجرمين وفضح كل من ساندهم في عمليات اغتيال الناشطين، اضافة الى اجراء كافة التدابير الامنية لتوفير الحماية الى المتظاهرين”.
وتابع قائلا: “كما ان المفوضية، وخلال لقائها الاخير مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، طالبت بتكثيف الجهود الامنية والاستخباراتية للكشف عن قتلة الناشطين والقاء القبض على عصابات تكميم الافواه وتقديمها للعدالة”.

القاتل لا يحاسب!
الناشط المدني مشرق الفريجي، قال ان “السلطات الثلاث تعودت على رمي التهم جزافا، نحو المجهول، وذلك لتدارك اخفاقاتها في الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين”، موضحا في حديث لـ “طريق الشعب”، ان “مبرر نظرية المؤامرة الخارجية، الذي لا تمتلك السلطات غيره، بات يطرح عادة لامتصاص غضب الشارع، خاصة ان هناك المئات من اللجان التحقيقية شكلت للكشف عن جرائم عدة، لم نشهد نتائجها الى الآن”.
الفريجي لفت إلى ان “السلطات الثلاث متهمة بالمشاركة في قتل الناشطين، وذلك لتهاونها في الكشف عن مرتكبي تلك الجرائم”، مضيفا ان “السلاح المنفلت بات في أيادي الجماعات المسلحة التي تطوف الشوارع في وضح النهار وامام القوات الامنية، ولا يوجد من يردعها، فضلا عن ذلك ان جميع جرائم اغتيال الناشطين صورت بكاميرات عامة، وعرضت على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن في المقابل لم نشهد إلى الآن أي عمليات القاء قبض او محاسبة قانونية للمجرمين”.
وتساءل الفريجي: “لماذا تقوم السلطات بتهميش قضايا جرائم اغتيال المتظاهرين والناشطين، في الوقت الذي تكشف فيه عن جرائم الاغتصاب والقتل العامة!؟”، منبها حكومة الكاظمي إلى أن “الفرصة امامها لرد الاعتبار للشعب العراقي الذي يعاني الامرين منذ سنوات، وان ساحات الاحتجاج تشهد حاليا تنظيما واسعا، وان الثورة قادمة ما دام القهر مستمر”.

مهلة محددة !
من جانبه، ذكر الناشط حسن المياحي، ان “المهلة المقررة للكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين تنتهي يوم 25 تشرين الاول المقبل، وهذا الاجراء أعلن عنه مرات عدة في عموم ساحات الاحتجاج”، مشيرا في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى “وجود مساع لإعادة الثورة، لكن هذه المرة عبر الاحتشاد امام بوابات المنطقة الخضراء، وذلك في حال تهاونت السلطات في الكشف عن المجرمين خلال المدة المحددة”.
ورأى المياحي، ان جميع التصريحات التي صدرت الى الآن من حيث التحقيق في جرائم الاغتيال “مجرد أقوال اعلامية، ولا يوجد شيء ملموس على ارض الواقع. خاصة ان الاحزاب الفاسدة والميليشيات المنفلتة، التي اصبحت منبوذة من قبل الشارع العراقي، لا تزال مسيطرة بسبب امتلاكها السلاح”.
هذا وذكر الخبير الامني حسين علاوي، ان لجان التحقيق التي شكلت من قبل حكومة الكاظمي للكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، لا تزال تواصل عملها، وأن غالبية أعضائها من عناصر الاستخبارات”.
************
راصد الطريق
حذار .. داعش ما زال في الانبار !
محافظة الانبار بمدنها واريافها عانت الامرّين على يد داعش ، وقبله القاعدة. وجراء إجرام هاتين المنظمتين الارهابيتين قتل وهجّر الكثيرون من أبنائها، وتعرضت منازلهم وممتلكاتهم الى التدمير، فيما هم يتطلعون ، اسوة بأهالي محافظات الوطن الأخرى، الى حياة الأمان والاستقرار وتوفر فرص العيش الكريم.
والظاهر ان العديد من القضايا ما زالت تنغص عليهم حياتهم، ومن ذلك ما تناقلته مصادر محلية عن عودة عوائل الدواعش من مخيمات النزوح، مثيرة قلقا واسعا لدى مواطني المحافظة . فهي، كما تؤكد المصادر، تقدم معلومات مضللة الى الأجهزة المعنية، وتستثمر سبل الفساد المعروفة واقذر وسائله، للحصول على كتب التزكية المطلوبة للسماح بعودتها من المخيمات.
وما يستثير استغراب الناس واستنكارهم ان هذه العوائل باشرت حتى ترويج معاملات تعويض لابنائها الذين قتلوا وهم في صفوف التنظيم الإرهابي، ويشمل التعويض منازلهم كذلك، وانهم سرعان ما يقبضون التعويض حتى عنها، في حين لم يحصل المتضررون الحقيقيون على شيء يذكر، رغم الوعود.. وياللسخرية المؤلمة!
*************
ص2
كل خميس
هيبة الدولة ..
هيبة المواطن

جاسم الحلفي

(هيبة الدولة) هي العبارة التي يتداولها المتنفذون بكثافة هذه الأيام، وجميعنا نعلم انها الأكثر تردداً في خطاب الطغاة على مر التاريخ تبريرا لقمع الثائرين على جورهم، وانها مسوغ خبيث لتصفية الحركات الشعبية الاحتجاجية الرافضة للعسف والبؤس. وهذه العبارة ذات الحضور الدائم في الدول الفاشلة، لا نجد لها أثراً في خطاب زعماء الدول الديمقراطية.
ويلاحظ في الخطاب السياسي للمتنفذين خلط في طرح المفاهيم، سواء عن جهل او بقصد التشويش. حيث لا تتلمس عندهم فرقا بين الدولة والنظام السياسي وبين الحكومة والسلطة. وفي الوقت ذاته يتصنعون هيبة لشخصياتهم المنفوخة وكأنهم صنو للدولة ولا يقوم النظام الا بهم، متعمدين في خطابهم الملتبس إحياء الكلمات المحنطة في متحف التاريخ، ومنها قول لويس الرابع عشر ملك فرنسا : (أنا الدولة)، في خلط صارخ بين الدولة والحاكم.
ولو اردنا تفكيك عبارة (هيبة الدولة) لعدنا الى أبسط تعريف قانوني للدولة، وهو انها تتكون من ثلاثة عناصر: الشعب والإقليم (الأرض) والنظام السياسي، وهناك من يضيف عنصراً رابعاً هو السيادة. ونستنتج من ذلك بجلاء ان النظام السياسي هو جزء من الدولة، وانه يتكون من السلطات الثلاث: التنفيذية (الحكومة)، والتشريعية (البرلمان)، والقضائية.
فالدولة هي الاطار القانوني والمعنوي لعناصرها الثلاث، والشعب هو المكون الأكثر أهمية حسب الأوزان النسبية لكل عنصر، اذ ان الدولة تقوم من أجل أمنه ولتأمين عيش كريم له، وهو من يمنح الحكومة شرعيتها ومن ينزعها عنها ان أخلت بالتزاماتها تجاهه، فشرعية وجودها تقوم على رضا الشعب وقبوله بها، لا بالعسف ولا بالظلم .
بناء عليه يسهل ادراك غاية المتنفذين عندما يطلقون تصريحاتهم هذه الأيام بنبرة خوف مفتعل على هيبة الدولة، حيث نكتشف دون عناء أنهم يتقصدون إشاعة الالتباس للضغط على الحكومة، وتهيئة الجو لقمع حركة الاحتجاج. وهذا ما يجدر بالحركة الانتباه اليه، وعدم منحهم أي فرصة لتحقيق مآربهم.
ولا تحتاج حركة الاحتجاج جهداً إستثنائياً لدحض مزاعم المتنفذين، ولتؤكد ان إحتجاجها موجه أساسا لإستعادة هيبة الدولة، التي فرّطت بها طغمة الحكم المتحكمة به. وهي تنطلق هنا من سعيها الى تغيير بنية النظام السياسي، والى إعادة بنائه وفق مبدأ المواطنة وليس المكونات الطائفية كما هو الحال اليوم، والذي انتج الفرقة والتشرذم والانقسام، وأسهم في تفتيت نسيج المجتمع. وهنا مكمن ضعف الدولة وهوانها.
ان حركة الاحتجاج كتعبير عن الإرادة الشعبية الساعية الى إستعادة الدولة عافيتها، هي الأحرص على هيبة الدولة الذي لا بد لإدرتها من نظام سياسي وطني ديمقراطي حقيقي، كفوء ونزيه. وذلك هو المبتغى، وما شعار ( نريد وطن) إلا التجسيد لحلم دولة الحقوق والحريات والضمانات الاجتماعية، الدولة التي لا مجال فيها لحكم الفاسدين، ولا للتحكم من خلف الحدود، الدولة التي توفر الامن وتؤمن للناس العيش الكريم.
لذا فان الاخلال بهيبة الدولة يأتي من المتنفذين الماسكين بالسلطة والمنتفعين منها، من الفاسدين وعصاباتهم المسلحة والمليشيات الخارجة عن القانون، وليس من الشباب المنتفض الذي تدفعه مشاعر الغضب احيانا للتصعيد غير المدروس، والذي لا يشكل ظاهرة عامة، بل ويواجه نقدا وإعتراضا من حركة الاحتجاج نفسها.
وان قلقاً خاصا ينتاب المرء وهو يلاحظ تسرب عبارة (هيبة الدولة) بكل التباساتها الى خطاب الحكومة الرسمي، وجاءت على لسان رئيس مجلس الوزراء في اجتماع المجلس يوم اول أيلول ٢٠٢٠. ويبدو انها لم تنزلق سهوا أثناء الكلام، لكننا لا نريد تصورها فاتحة صفحة جديدة من القمع الحكومي والتضييق على المنتفضين بوجه المحاصصة والفساد.
*********
للمطالبة بتوفير فرص العمل وصرف المستحقات المالية
احتجاجات واسعة للخريجين واصحاب العقود والأجور اليومية
بغداد - علي شغاتي


واصل الآلاف من الخريجين واصحاب العقود والأجور اليومية، في بغداد والمحافظات، في الأيام الماضية، اعتصاماتهم وتظاهراتهم، للمطالبة بتوفير فرص العمل، وصرف رواتب اصحاب العقود والأجور اليومية.

مسيرة واعتصامات في بغداد
شهدت العاصمة بغداد، تظاهرات احتجاجية كبيرة لعدد من الخريجين، فيما تواصلت اعتصامات العدد الآخر منهم.
وقال مراسل “طريق الشعب”، بلال رضا، إن “المئات من خريجي كليات الهندسة، نظموا مسيرة احتجاجية، انطلقت من أمام نقابة المهندسين متجهة صوب مقر مجلس الوزراء، للمطالبة بتوفير فرص العمل، والتقليل من الاعتماد على العمالة الاجنبية، وإقرار قانون لحماية المهندسين”، مشيراً الى أن “المهندسين هددوا بتنظيم اعتصام في بداية الأسبوع المقبل في حال عدم تلبية مطالبهم”.
واضاف رضا، أن “العشرات من خريجي كليات القانون اعتصموا امام بوابة المنطقة الخضراء للمطالبة بتوفير فرص العمل، ورفع معدلات القبول في كليات القانون وتقنين عدد الخريجين في هذا الاختصاص”، لافتا الى “استمرار اعتصام خريجي الهندسة الكيمياوية أمام وزارة النفط، وعدد آخر من الاعتصامات في أماكن متفرقة”.

مطالبات بتوفير فرص العمل
وفي الناصرية، أقدم العشرات من خريجي كليات الإدارة والاقتصاد، على قطع شارع الحبوبي وسط المدينة، لمطالبة دائرة صحة المحافظة بشمولهم بالتعيين المركزي وتخصيص نسبة لهم من درجات الحذف والاستحداث.
وذكر المتظاهر محمد ناصر في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “هذه الخطوة هي تصعيد احتجاجي بسبب التهميش وعدم الاستجابة لمطالبنا”، منوهاً الى أن “اعتصامهم مستمر منذ عدة أسابيع، أمام دائرة صحة المحافظة، ورغم المناشدات العديدة لكنها لم تلق أذانا صاغية”.
يُذكر أن العشرات من خريجي المعاهد والكليات التقنية أغلقوا مداخل شركة نفط ذي قار في تصعيد احتجاجي للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم في الشركة..
في الأثناء، نظم العشرات من اصحاب الأجور اليومية، في دائرة بلدية قضاء الرفاعي، التابع لمحافظة ذي قار، وقفة احتجاجية للمطالبة برفع أجورهم وتوطينها.
وأشار المتظاهر حمزة جبار، في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “رواتبنا قليلة جداً ولا تسد رمق عوائلنا، فصلاً عن عدم تغطيتها تكاليف المعيشة الصعبة، في الوقت الذي نقدم فيه خدمات كبيرة للدائرة”.

تظاهرات للمهندسين في الكوت والديوانية
في غضون ذلك، تظاهر عدد من مهندسي النفط امام مبنى شركة نفط الوسط في مدينة الكوت للمطالبة بتوفير فرص العمل.
وطالب المتظاهر حسنين المشايخي، عبر “طريق الشعب”، بـ” تأسيس شركة نفط واسط أسوة بباقي المحافظات المنتجة للنفط، لتساهم بتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة في مختلف الاختصاصات وخاصة خريجي هندسة النفط”.
من جانبهم، واصل خريجو كليات الهندسة في محافظة الديوانية، اعتصامهم أمام مصفى الشنافية النفطي للمطالبة بتوفير فرص العمل أو درجات وظيفية.
وقدر المعتصم محمد المياحي، في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “عدد المعتصمين حوالي ٢٥٠ مهندسا يواصلون اعتصامهم أمام المصفى، منذ عدة أشهر، دون اية استجابة تذكر”، مطالباً “وزارة النفط والحكومة المركزية بتحمل مسؤوليتها وتوفير فرص العمل للخريجين”.

احتجاجات في المثنى
من جانب آخر، أغلق عدد من موظفي العقود أبواب دائرة صحة المثنى، احتجاجا على عدم صرف رواتبهم منذ ٣ أشهر.
وبيّن المتظاهر مرتضى الحجيمي في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “اغلاق أبواب الدائرة جاء بسبب تجاهل مطالبنا، وعدم التجاوب معها من قبل دائرة الصحة والحكومة المحلية”، مبيناً أن “الوضع المادي لأغلب إصحاب العقود لا يحتمل تأخير صرف الرواتب طيلة هذه المدة”. يُشار الى أن العشرات من المزارعين في المحافظة، تظاهروا أمام مبنى مديرية الزراعة، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية عن تسويق محصول الحنطة، مؤكدين أن الموسم الزراعي المقبل بات مهددا بالخطر بسبب تأخر صرف المستحقات المالية.
************
ص3
دعوة الى حوار في شأن
السبيل الى تفكيك منظومة المحاصصة والفساد
هناك توافق غالب بين المتابعين والمتخصصين، وعموم العراقيين، على أن أزمة البلاد المستعصية ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه من تدهور لولا اعتماد نهج المحاصصة الطائفية – الاثنية في بناء الدولة وادارتها. ويعد هذا أساسا للأزمة العامة البنيوية التي تعصف ببلادنا. وقد اتجهت الأمور الى ما هو أسوأ بعد التشابك والتداخل مع مافيات الفساد المتغلغلة في مؤسسات الدولة، فهيمنت منظومة المحاصصة والفساد على السلطة ومركز القرار السياسي والمالي والإعلامي، وهي تمتلك أذرعها المسلحة خارج منظومة الدولة.
وأخذت القناعة تتزايد بأن التغيير الشامل الذي طالبت به العديد من القوى الوطنية والديمقراطية، ومنها الحزب الشيوعي العراقي، وقوى الانتفاضة وغالبية أبناء الشعب، لابد أن يتجسد هدفه الأساسي في تفكيك منظومة المحاصصة والفساد، المهيمنة والآمرة والناهية.
واذا كان هذا موضع توافق الى حدود كبيرة، تبقى هامة وضرورة الإجابة على تساؤل ملح عن الطرق والآليات والسبل الكفيلة بتفكيك هذه المنظومة المعتمدة من الأقلية الحاكمة والخلاص منها.
عن هذا الموضوع الهام والحساس والراهن تفتح “طريق الشعب” صفحاتها لحوار بناء، وتأمل أن يسهم فيه الكتاب والباحثون والسياسيون والمنتفضون بهدف التوصل الى أنجع السبل لتجنيب بلدنا وشعبنا المزيد من الكوارث والماسي، وتبلور كتلة بشرية ضاغطة لاحداث التغيير المنشود وفتح فضاءات جديدة لخيارات يتطلع اليها شعبنا، تحقق له حياة آمنة سعيدة ومزدهرة، وبناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.
ويسر هيئة تحرير “طريق الشعب” أن تتسلم المساهمات عبر بريدها الالكتروني أو عبر أية وسيلة أخرى مناسبة، وتأمل أن لا تزيد المساهمة عن ألف كلمة، مع الإشارة الى أن الجريدة ستبدأ بنشر ما يصلها من مساهمات اعتبارا من يوم الثلاثاء المصادف ٨-٩- 2020.
نعبر عن امتناننا للمساهمين سلفا، متمنين للجميع العافية والسلامة..
هيئة تحرير “طريق الشعب”
١ أيلول ٢٠٢٠
**********
نواب: للفساد غطاء سياسي وحكومي يحميه
بغداد - طريق الشعب
يعتبر ملف مكافحة الفساد من المهام الكبيرة الملقاة على عاتق الحكومة الحالية، حيث أكد عدد من أعضاء مجلس النواب أن الفساد يتم تحت غطاء سياسي وحكومي، ولن تفلح جهود الحكومة في القضاء عليه دون مساندة من قبل “الاحزاب الوطنية”.

لا دور لأعضاء مجلس النواب
قال عضو مجلس النواب، شيروان الدوبرداني، إن “النائب لا دور له على مستوى الرقابة التشريعية، أنا كنائب عن نينوى لا أستطيع محاسبة المدراء والجهات هناك، لأنها تابعة لأحزاب سياسية متنفذة”، مشيراً الى أن “العراق منذ 2013 ليس له حسابات ختامية وهناك محافظات تسلمت اموالاً تكفي لإعمار الوطن العربي وابتلعها الفساد”.
وكشف الدوبرداني في تصريح تلفزيوني تابعته “طريق الشعب”، أن “هناك مبالغ تحولت من وزارة الهجرة والمهجرين الى محافظة كركوك ذهب منها مليارا دينار لقرطاسية مكتب المحافظ”، منوها الى أن “450 مليار من موازنة الهجرة والمهجرين ذهبت لمحافظات ديالى والأنبار ونينوى وصرف منها 135 مليار في نينوى دون أن يعرف مصيرها”.

فساد مستشرٍ
من جانبه، اعتبر رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي، أن كبار المسؤولين والوزراء في العراق يتصرفون بمزاجية واغلب القرارات التي يصدروها تأتي لمجاملة شخصيات معنية، فضلاً عن وجود حماية سياسية لكبار الفاسدين تمنع محاسبتهم، وفقا لقوله.
وأشار العكيلي في تصريح تلفزيوني، الى أن “العراق منذ عام 2003، دائما ما تنحصر الإيفادات بالمقربين وأصحاب المصالح بالاستناد الى الرشوة وهذا ليس شيئا جديدا وذلك لانعدام المساءلة ووجود حماية سياسية لكبار الفاسدين تمنع محاسبتهم”.
وأضاف، أن “هيئة النزاهة معنية بمتابعة ما تنشره وسائل الإعلام وتفتح دعاوى لكل شيء يؤشر وجود فساد ومكاتب المفتشين العموميين كانت تتابع ذلك وتفتح تحقيقات”، مبينا أن “استشراء الفساد سببه غياب الرقابة وعدم محاسبة المتورطين”.
وتابع العكيلي أن “كبار المسؤولين والوزراء في العراق يتصرفون بمزاجية واغلب القرارات تأتي لمجاملة شخصيات معنية ويقومون باستغلال النفوذ لمخالفة القوانين ولابد من محاسبتهم”.

غطاء سياسي للفساد
من جهته، أوضح عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب علي سعدون، سبب عدم محاسبة الفاسدين، طيلة السنوات الماضية.
وذكر سعدون في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “الفساد في العراق، يتم تحت غطاء سياسي لأحزاب وكتل سياسية معينة، وعمليات الفساد، يقوم بها بعض الموظفين التابعين الى جهات وشخصيات سياسية متنفذة، وهذا هو السبب الحقيقي، الذي يمنع محاسبة الفاسدين، واستمرار عمليات الفساد”.
وبيّن ان “الضغوط الدولية، لا تحمي صغار الفاسدين من الموظفين، لكن ربما تأتي لغرض حماية كبار الشخصيات المتورطة بعمليات فساد وغيرها، وهذا أمر وارد جداً، وهو ايضا أحد اسباب عدم محاسبة الفاسدين”، مؤكداً أن “هناك عمليات فساد تتم عبر قرارات حكومية، وليس فقط غطاء سياسي، بل حتى غطاء حكومي من بعض الشخصيات في الحكومة”.

جهود الحكومة غير كافية
وفي الملف ذاته، رأى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، عبد الخالق العزاوي، أن محاربة الفساد وتحجيم نفوذ الأحزاب المتنفذة من قبل رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ستكون مهمة صعبة ما لم تسانده الكتل السياسية.
وقال العزاوي في حديث صحفي تابعته “طريق الشعب”، أن “هناك الكثير من الملفات المعقدة والشائكة التي تنتظر رئيس مجلس الوزراء لحلها ومكافحة الفساد فيها”، مبيناً أن “مهمته في مواجهة الأحزاب المتنفذة والفاسدين ستكون صعبة ما لم تسانده الكتل السياسية الوطنية، ومن دون دعم ومساندة منها سيخفق في مهمته”.
**********
عدم اعتماد اي لقاح دون مصادقة من قبل الصحة العالمية
الصحة تتوقع ارتفاع أعداد المصابين وتؤكد جاهزيتها
بغداد - طريق الشعب
أعلنت وزارة الصحة والبيئة، مؤخرا، قرب صدور قرارات جديدة بشأن الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا خلال الأيام المقبلة. وتوقعت ارتفاع أعداد المصابين بالوباء، نتيجة عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي، فيما جددت الوزارة دعواتها للالتزام بارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي.

قرارات جديدة
قال وكيل الوزارة، حازم الجميلي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، وتابعته “طريق الشعب”، إن “العراق يمر بظروف مالية صعبة، فضلاً عن الوضع الصعب جداً الذي يعيشه الكثير من الجهات مثل المطاعم والمحال الكبيرة، لهذا نحن ندرس هذه المقترحات، لغرض اتخاذ القرار المناسب في الأيام المقبلة”، مشيراً الى “ أن هنالك ارتفاعاً واضحاً في حالات الشفاء، بسبب الإجراءات العلاجية الجيدة، ونسعى إلى تقليل عدد الإصابات”.
وأكد الجميلي أن “عدد الإصابات عندما يبدأ بالانخفاض، سنكون في الاتجاه الصحيح”، مؤكداً أن “الجانب الصحي الوقائي، لا يجوز لنا فيه التخفيف من الإجراءات”.

ارتفاع اعداد المصابين
من جهته، توقع مدير الصحة العامة في وزارة الصحة، رياض الحلفي، ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا نتيجة عدم التزام المواطنين بقواعد التباعد الاجتماعي.
وبيّن الحلفي، في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “القرارات المرتقبة التي ستصدر عن اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، لمواجهة جائحة كورونا لا يمكن الفصح عنها في الوقت الحالي لتفادي ردود الأفعال”، منوهاً الى أن “معدلات الإصابة في البلاد لا تزال ثابتة منذ بداية شهر محرم، لكن نتوقع أن ترتفع الإصابات خلال الأيام المقبلة نتيجة عدم التزام المواطنين بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي”.

التأكيد على الاجراءات الوقائية
من جانبه، جدد المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر الدعوة للالتزام بارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي لمنع انتشار الوباء على نطاق اوسع.
وذكر البدر، في تصريح تلفزيوني، تابعته “طريق الشعب”، أن “المرجعية الدينية كانت واضحة وشددت على الالتزام بإجراء الشعائر عبر ارتداء الكمامات والتزام التباعد الاجتماعي وفق ما شددت عليه وزارة الصحة، والكثير من المجالس والمواكب التزمت بالوقاية”.
وأضاف البدر، أن “كثيرون ممن أحيوا مراسم عاشوراء التزموا بارتداء الكمامة والوقاية الشخصية وأيضاً هناك من لم يلتزم، وهناك فترة حضانة للفيروس، وإن حدثت عدوى فإن نتيجتها ستظهر خلال أيام، من يومين إلى أسبوعين ولا يمكن الحديث عن النتائج حالياً”.

عدم اعتماد أي لقاح
وأشار البدر الى “عدم اعتماد أي لقاح لفيروس كورونا في العالم من قبل منظمة الصحة العالمية او الإتحاد العالمي للقاحات”، مضيفاً أن “العراق يتواصل مع الجهات المصنعة للقاحات في روسيا وبريطانيا واميركا بشكل جدي، وربما خلال أيام أو أسابيع قليلة او أشهر يعلن اعتماد لقاح معين عالمياً”.
وتابع “وزارة الصحة عازمة على استيراد أي لقاح يتم اعتماده رسمياً والأمر يتوقف على النتائج النهائية للتجارب الحالية”، موضحا أنه “بالنسبة للفئات ذات الاولوية التي ستمنح لقاح كورونا أولاً، فهم الكوادر الطبية والقوات الامنية وكبار السن ومن لديهم مشاكل صحية، ونطلق على الجميع فئات الإختطار العالي”.

المناعة المجتمعية
وفي سياق متصل، حدد عضو خلية الازمة في بغداد الرصافة، عباس الحسيني، كيفية الوصول للمناعة المجتمعية في العراق وانتهاء كورونا دون المرور بمناعة القطيع.
ونوه الحسيني في حديث لوكالة بغداد اليوم، الى أن “لقاح فيروس كورونا الفعال لم يظهر الى الآن، أما لو افترضنا ظهوره فأنه سيتم اعطاؤه لـ 20 في المائة من الشعب ويخصص للحالات الخطرة من كبار السن واصحاب الامراض المزمنة والاطفال كوجبة أولى”.
واضاف بـ”ظهور اللقاح تبدأ المناعة المجتمعية في الظهور وتنتقل من شخص لآخر ومع توفير حماية للفئة المخطورة تصبح الأمور طبيعية ويصبح تعايشا مع الفيروس ويبدأ الفيروس بالضمور ثم الانتهاء”، مبينا أن “العراق يمر في مرحلة التفشي العالي للفيروس وارتفاع الأعداد ولازالت الوفيات تشكل تحديا كبيرا”.
**************
ص4
تظاهرات وإضرابات في مستشفيات البصرة
بغداد - سيف زهير


تظاهر عدد من أصحاب العقود والأجور اليومية، في مستشفيات محافظة البصرة، مؤخرا، للمطالبة بتثبيتهم على الملاك الدائم، ورفع أجور عمال الخدمات، وصرف مستحقات الساعات الاضافية التي يقضونها في ردهات المصابين بفيروس كورونا.

تظاهرة امام مستشفى الموانئ
نظم عدد من العاملين في مستشفى الموانئ التعليمي (الوبائي) تظاهرة انطلقت من أمام بوابة المستشفى، لتستقر امام دائرة صحة البصرة للمطالبة بالتثبيت على الملاك الدائم وزيادة الرواتب وتوزيع قطع الأراضي السكنية.
وقال العامل في المستشفى، علي حسان لـ”طريق الشعب”، إن “التظاهرة انطلقت أمام المستشفى، ولكن بسبب عدم سماع مطالبنا من قبل اية جهة حكومية، قمنا بنقلها الى أمام دائرة الصحة للمطالبة بحقوقنا المشروعة”، مشيراً الى أن “المتظاهرون سبق لهم ان نظموا عددا من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية امام بوابة المستشفى دون اية استجابة من الجهات المعنية”.
وبيّن الحساني أن “مطالب المتظاهرين هي زيادة الرواتب الزهيدة للعاملين في المستشفى، وتوزيعها في أوقاتها المحددة دون تأخير، والالتفات لمعاناتنا ونحنُ نواجه الوباء بشجاعة وتفان، ومن غير المعقول أن تتم مكافأتنا بتأخير صرف رواتبنا، التي لا تسد رمق عوائلنا في ظل زيادة متطلبات الحياة، نتيجة للجائحة”.

اضراب جزئي
من جانبهم، أقدم عدد من العاملين في مستشفى البصرة التعليمي (الوبائي) على تنفيذ إضراب جزئي عن العمل احتجاجاً على تجاهل الجهات الحكومية لمطالبهم.
وذكر العامل حسين البزوني لـ”طريق الشعب”، أن “الاعتصام نفذ بنسبة ٧٠ في المائة، من العاملين في المستشفى، وترك عامل وممرض في كل ردهة لتقديم الخدمات الضرورية للمرضى الراقدين في المستشفى”، منوهاً الى أن “الاعتصام هو أجراء تصعيدي واحتجاجي على تجاهل مطالبنا من قبل الجهات المعنية، في الوقفة الاحتجاجية السابقة”.
وأشار البزوني الى أن “مطالب المعتصمين في المستشفى هي زيادة رواتب عمال الخدمة البالغة ١٨٠ ألف دينار فقط، وصرف مخصصات الساعات الإضافية، وتوزيع قطع أراض للعاملين في المستشفى”.
واضاف البزوني أن “عدد كبير من العاملين في المستشفى أصيبوا بفايروس كورونا جراء عملهم في المستشفى، في الوقت الذي وعدت صحة المحافظة كوادرها الطبية بتوفير ردهات وبائية لمعالجتهم، ولكنها لم تف بذلك الوعد”.

المحافظ يصف الاضراب بالخطأ
من جانبه، وصف محافظ البصرة أسعد العيداني، الاضراب عن العمل في الردهات الوبائية في المستشفيات بالخطأ الكبير.
وبرر المحافظ في تصريح صحفي، تابعته “طريق الشعب”، “التأخير في تنفيذ وعود المحافظة بتوزيع قطع أراض سكنية على منتسبي الصحة يعود لتوقف العمل بالدوائر المعنية بسبب جائحة كورونا ما حال دون إتمام عملية إفراز الأراضي التي تعتزم الحكومة تخصيصها للمنتسبين البالغ عددهم ٢٠ ألف”.
وأوضح العيداني أنه “حال الانتهاء من عملية فرز الأراضي المقرر تخصيصها لمنتسبي وزارة الصحة، فسيتم توزيعها في الحال”، معتبراً أن “الاضراب في الردهات الوبائية خطأ كبير، وكان يجب على الموظفين من الجانب الانساني عدم تنفيذ هذا الاضراب”.
************
التربية تقترح التعايش مع الوباء خلال العام الدراسي المقبل والصحة النيابية تنتقدها بشدة
بغداد - طريق الشعب


أثار إعلان وزارة التربية مؤخرا، عن استعدادها لوضع آلية للدراسة الصفية والألكترونية للعام الدراسي المقبل، والتعايش مع وباء كورونا، استغراب لجنة الصحة النيابية، حيث وصف عضو اللجنة جواد الموسوي مخرجات الاجتماع الأخير للوزارة بـ ” غير الموفقة”.
فيما بينت الوزارة أن خطة انطلاق العام الدراسي الجديد اخذت بنظر الاعتبار انتشار كورونا.

اجتماع وزاري موسع
ذكر المكتب الاعلامي للوزارة في بيان، تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، أن “اللجنة المشكلة لإعداد (الفقرة الثانية) حول رؤيةٍ متقدمة للعام الدراسي القادم، عقدت برئاسة مستشار الوزارة علي الزبيدي، اجتماعاً موسعاً ضم عددا من المديريات منها الإشراف والمناهج والتقويم والامتحانات والتعليم العام والتخطيط التربوي والتطوير المؤسسي، بغية اعداد رؤيةٍ متقدمةٍ للعام الدراسي 2020 - 2021 في ضوء الظروف الحالية والمتغيرات المستقبلية وما تفرضه جائحة “كورونا”.

التعايش مع الوباء
واضاف البيان أن “الاجتماع خرج بعدة توصيات أهمها، التعايش مع جائحة كورونا، واخذ الاجراءات الصحية، فضلاً عن تطبيق التباعد الاجتماعي للتلميذ والطالب وعدم الاكتظاظ في الصف الواحد، وترك مسافة مناسبة، وتحديد الطاقة الاستيعابية للصف بـ 15 تلميذا وطالبا فقط، وتكون الحصة الواحدة 30 دقيقة، حسب مقررات خلية الازمة الصحية، وكذلك كيفية تنظيم الدوام والإشراف عليه، هذا وسيتم عرض هذه التوصيات على معالي وزير التربية الأستاذ علي حميد الدليمي بغية المصادقة عليها”.
وتابع البيان، أن “الاجتماع (الخامس) للجنة تناول ايضا الآلية المستخدمة للدراسة الصفية والألكترونية وعملية التدريب السريعة والمركزة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، واستكمال وتعزيز المعرفة السابقة للمواد التي اخذت عام 2019 - 2020، ويلزم أخذ المواد التي تركت بالسنة السابقة في العام القادم مع التدريس والامتحان بها، اضافةً الى وضع المناهج وتكييفها مع الدراسة الألكترونية والصفية”.

مخرجات غير موفقة
من جانبه، انتقد عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية النائب جواد الموسوي، توصيات وزارة التربية حول العام الدراسي الجديد في الجائحة.
وأكد الموسوي في بيان، تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، أن “مخرجات الاجتماع الاخير لوزارة التربية غير موفقة كونها لم تأخذ رأي أية من الجهات الصحية المختصة بمواجهة فايروس الكورونا “.
واستغرب الموسوي “التوصيات التي تتحدث إحدى بنودها حول التعايش مع هذا الوباء المميت”، موضحا أن” هذه القضية ليست من اختصاص الوزارة للحديث بهذه الصورة، حيث أن الجهات المختصة لمتابعة هذه القضية لم تعلن عن التعايش مع الفيروس فكيف لوزارة التربية ومختصيها التربويين أن يخرجوا بمثل هكذا توصيات كارثية قد تقود البلاد الى منحدرات خطرة”.

الافتقار للبنية التحتية
وأشار الموسوي، إلى أن “البت بهذه القضية يعود لوزارة الصحة فضلا عن تقارير وتعليمات منظمة الصحة العالمية WHO والموقف الوبائي والتلقيحي ومتغيراته الانية”، موضحاً أنه، “لا يمكن لوزارة التربية اتخاذ قرار بأمر ليس من اختصاصها خصوصا في ظل معاناة مدارس الطلبة من دوام ثلاثي في الكثير من المدارس، وافتقار اغلب صفوف الطلبة الى وسائل التدفئة او حتى ابسط وسائل حماية الطلبة من البرد القارص مثل زجاج الشبابيك في بعض الاحيان”.

الوزارة توضح
من جهتها، أكدت وزارة التربية، أن خطة انطلاق العام الدراسي الجديد اخذت بنظر الاعتبار انتشار كورونا.
وأوضحت الوزارة في بيان، تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، أن “وزير التربية علي حميد الدليمي، التقى يوم الأربعاء الماضي، المدير القُطري لمنظمة اليونسكو بولو فونتاني، ومدير مشاريع اليونسكو سائي اوساوا في مقر الوزارة، للتباحث في المشاريع التي تخدم عمل المؤسسة التربوية والتعليمية، فضلاً عن مناقشة خطة انطلاق العام الدراسي الجديد التي اخذت بنظر الاعتبار انتشار فيروس كوفيد ١٩”.
ونوه البيان الى أن “الوزير قدم شرحاً مفصلاً لمنظمة اليونسكو عن احتياجات الوزارة، مركزاً فيه على تحسين البنى التحتية للمدارس العراقية في التعليم الألكتروني وتدريب الملاكات التعليمية على هذه التجربة خاصةً في ظل تفشي جائحة كورونا ، واعادة اعمار الأبنية المدرسية”، مبيناً أن “الاجتماع تخلله عرض مقترحات من أجل تزويد الوزارة بأجهزة (i pad ) تعليمي لطلبة الصفوف الاولى في المرحلة الابتدائية تُضاف لها المناهج العلمية ويكون التركيز على المناطق النائية للتخلص من مشكلة الانترنيت، علاوةً عن ذلك أهمية دعم التلفزيون التربوي لزيادة انتاج الدروس وتحسين جودته”.
************
ص5-6
رسالة المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي إلى السيد مصطفى الكاظمي
(تتمة الرسالة)
واسهاما منا في الجهد الرامي إلى رسم أنجع السبل والمسارات لمواجهة هذه التحديات، ولأجل التحديد الصائب للأولويات في خطوات وإجراءات الإصلاح والتغيير وترابطها، وتأمين متطلبات تنفيذها ونجاحها، ونظرا لأهمية التخفيف من معاناة الناس وتلبية مطالبهم الملحة، نقدم لكم في ادناه رؤيتنا الى ما يتطلبه ذلك:
أولا: تقديم الرؤية والمنهج
ان من الضروري طرح رؤية واضحة امام الشعب، ومصارحته بما يمكن ان تنفذه الحكومة، وهي حكومة يمكن اعتبارها من الناحية السياسية مؤقتة وذات مهام محددة، تهيئ شروط إقامة انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وعادلة، وفتح مسارات الإصلاح السياسي للخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، وتأمين مجال للتشاور الدائم مع القوى الشعبية والسياسية التي لها مصلحة في التغيير. وفي هذا الشأن طرحت الحكومة أولوياتها في البرنامج الحكومي، وهو أمر جيد وضروري، إلاّ أن ذلك غير كاف ما لم يقترن بخطوات لاحقة تتعلق بآليات التخطيط التفصيلي والتنفيذ والمتابعة، لكل مفصل من المفاصل والميادين التي يشملها الإصلاح، وأن يُحدد تسلسل تنفيذ الخطوات الإجرائية في ضوء نظرة وتحليل شاملين للترابط بين الإصلاحات المطلوبة. ذلك ان النظرة المجتزئة لأيّ اصلاح من دون الوضوح بشأن الخطوات الضرورية التي ينبغي أن تسبق ذلك الإصلاح او تعقبه، يمكن أن تكون نتيجتها الفشل، وردود فعلها معاكسة. لهذا تلزم الحكومة خارطة طريق تفصيلية لتنفيذ الإصلاحات في المجالات السياسية والمؤسسية والاقتصادية وغيرها، مع وجود جهة مركزية مرتبطة برئاسة الحكومة، لمتابعة التنفيذ وتدقيق وتصويب مساراته وتأمين مقومات النجاح لكل خطوة إصلاحية.
وفي هذا السياق تبرز أهمية التداول والتشاور مع القوى والجماعات والشخصيات السياسية والاجتماعية، التي لها مصلحة في التغيير ومواقف واضحة في الدعوة للإصلاح والعمل من اجله، ولا تحوم حولها شبهات التورط في ملفات فساد.

ثانيا: توفير متطلبات نجاح عملية الإصلاح والتغيير
من المعلوم أن الاقدام على اية خطوة جدية باتجاه تنفيذ الإصلاحات الأساسية الواردة في المنهاج الحكومي، وما يترجم النوايا والتوجهات التي تؤكدون عليها في تصريحاتكم ومواقفكم، ستستثير ضدها القوى المتضررة، وهي متنوعة وذات نفوذ وتمتلك عناصر قوة لا يستهان بها، ولها امتدادات متشعبة في الدولة وخارجها. وقد شهدنا خلال الأيام الأخيرة أحداثا وتطورات بالغة الأهمية والدلالة، تؤشر طبيعة ردود الفعل والمعارضة المحتملة، وتقدم دروسا واضحة بشأن أوجه الصواب أو الخلل في الإجراءات المتخذة. ونشير بهذا إلى بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة، كالاستقطاعات من الرواتب والتغييرات التي شملت بعض القيادات العسكرية ورئاسات الهيئات المستقلة، والى عملية البوعيثة، كذلك الاغتيال الغادر للدكتور هشام الهاشمي، والذي يحمل رسائل سياسية صريحة ومضمرة.
ومن أهم ما بيّنته وأكدته هذه الأحداث، أنه ما لم يتم الحساب الدقيق لكل أبعاد وتداعيات أية خطوة وعملية جادة تتخذها الحكومة، وتحديد طبيعة القوى والشرائح الاجتماعية المتضررة او المستفيدة منها، ومدى قوة وقدرات القوى المتضررة، والتحسب المسبق لكل ذلك، فان من المشكوك فيه ان تحقق تلك الخطوات النتائج المرجوة، بل ويمكن إن تكون ذات مردود عكسي على الحكومة وعلى رصيدها الشعبي.
إن عملية التغيير تشتمل على «معارك» عديدة في مواجهة الدولة العميقة ومنظومة الفساد والجماعات خارج الدولة والقانون، وان النجاح في كل منها يتطلب حشد كل القوى الداعمة للتغيير والتي لها مصلحة فيه، وهي كثيرة وقادرة على كسب المعركة، في ما لو احسنت ادارة الصراع واحسن تشكيل جبهة متماسكة لجميع مؤيدي التغيير.
وفي المقابل فإن التردد والتراجع في بدايات المسار يبعثان إشارات ورسائل سلبية إلى الشعب الطامح للتغيير، ويزعزعان الثقة بقدرة الحكومة ورئيسها على وضع منهاجهما ووعودهما موضع التنفيذ.
ونحن ندرك تماما أن موازين القوى بعناصرها المختلفة هي التي ستحسم في المطاف الأخير الموقف، سواء لصالح عملية الإصلاح والتغيير أم ضدها.
وان من رأينا أن يتم النظر الى توازن القوى ليس فقط من زاوية ما تمتلك القوى المتنفذة من مواقع نفوذ قوية في السلطة وبين الجماعات المسلحة، وما تمتلك من مصالح مالية ضخمة واعلام موجه وسطوة في مجلس النواب وامتدادات في مؤسسات الدولة، ومن تغوّل في هذه الميادين، بل كذلك من زاوية موقف الشعب ومطالباته بإزاحة تلك القوى ومحاكمتها. فمصالح الشعب التي عبرت عنها الانتفاضة تتناقض مع مصالح القوى المتنفذة، ولا مجال للمواءمة بينهما. وأكدت انتفاضة تشرين الباسلة أن الشعب يختزن مصادر قوة جبارة، قادرة على فرض الارادة الشعبية، وأن هناك موازين قوى جديدة تتكون لصالح قوى الاصلاح والتغيير.
ومن هنا فإن عناصر النجاح تكمن في القدرة على جمع وتحشيد القوى الخيرة المناصرة للإصلاح داخل الدولة، والمضي في اتخاذ القرارات والإجراءات الإصلاحية الحازمة والمدروسة بعناية وفق خارطة الطريق، وبدعم ضغط شعبي مؤيد للعملية الإصلاحية. وقد بينت تجربة الاحداث الأخيرة إن التأييد الشعبي الواسع تحقق تجاه ما اتخذته الحكومة من إجراءات بوجه السلاح المنفلت خارج الدولة، وازاء التغييرات في القيادات العسكرية وبخصوص أصحاب الدرجات الخاصة ورؤوساء الهيئات المستقلة، خاصة عندما تكون الخيارات مستوفية لشروط الكفاءة والنزاهة والاستقلالية. وفي المقابل عبرت الاوساط الشعبية عن استغرابها وعدم رضاها عن بعض الاختيارات لشخصيات جرى تعيينها أو تكليفها أو عدم محاسبتها.

ثالثا: الإصلاح والتغيير ضرورة وليسا خيارا والزمن ليس مفتوحا
يواجه العراق أزمة بنيوية مركبة على صعيدي منظومة حكم المحاصصة، والطبيعة الريعية غير المنتجة لاقتصاده الوطني. ازمة فاقمتها شدة جائحة كورونا وتداعياتها وانهيار أسعار النفط العالمية، ما أوصل البلد الى حالها اليوم تحاصرها أزمات خانقة. وتسبب هذا في اشتداد معاناة أوساط متزايدة من الشعب، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتهاوي الخدمات العامة وتداعي قدرة مؤسسات الدولة، بحكم واقعها المعروف، على إدارة هذه الأزمات، ناهيك عن ايجاد الحلول لها.
ومما يكتسب اهمية خاصة وملحة في مواجهة هذه الأزمات والتحديات الكبيرة، اضافة إلى ما سبق ذكره من ضرورة الإرادة السياسية والحزم والوضوح في ترتيب الأولويات، أن ترسل الخطوات الملموسة إشارات واضحة لا يشوبها التباس، إلى عزم الحكومة السير على طريق يختلف عن الحكومات السابقة، ومراعاة عامل الزمن، والانحياز الواضح الى الشعب وتبني مطالبه واولوياته، والابتعاد عن المماطلة والتسويف في الاستجابة لها. فليس هناك أفق حقيقي لوقف التداعي والانهيار في إطار منظومة الحكم القائمة على منهج المحاصصة الطائفية، المسؤولة عن تشظي الدولة وضعفها وعن حصر السلطة والمال والسلاح والاعلام بيد القلة.
لقد اقدمت الحكومة على خطوات أتسمت بالجرأة ووجدت صدى شعبيا قويا، إلاّ أن بعضا منها لم يبعث الرسائل المناسبة، وهو بحاجة إلى تصويب والى مراجعة المنطلقات والحسابات السياسية والاقتصادية التي تقف خلفه.
وفي ضوء ما تقدم نرى أن هناك أهدافا والتزامات ووعودا أطلقتها الحكومة، وتؤكدونها في تصريحاتكم، غير قابلة للتأجيل من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وان هناك أخرى تتطلب الشروع، أو على الأقل التوجه الجاد نحو تأمين متطلبات تنفيذها. ومن ذلك ما يلي:
• الكشف عن نتائج التحقيقات بشأن قتلة المتظاهرين والمحتجين، وإحالة المسؤولين عن ارتكابها إلى القضاء، وإزالة الغموض الذي يلف ادعاءات وجود طرف ثالث تعجز الأجهزة الأمنية عن تحديده.
• اطلاق سراح الموقوفين فورا وبدون اي قيد او شرط، والكشف عن المفقودين والمغيبين، واجراء تحقيقات جدية في جميع عمليات الاغتيال التي طالت ناشطين مدنيين واعلاميين وحملة فكر وثقافة، ومن مناصري مشروع بناء الدولة واستعادة هيبتها على أساس المواطنة، وبعيدا عن الانقسامات والعصبيات الدينية والطائفية والقومية والمناطقية والعشائرية. وآخر تلك العمليات اغتيال الباحث هشام الهاشمي.
• تفعيل دور الأجهزة الأمنية المختلفة وضمان انصياعها لأوامر القائد العام للقوات المسلحة في ملاحقة السلاح المنفلت خارج القانون وضبط حركته، وتوفير الحماية لحرية التعبير التي تهدف عمليات الاغتيال والترويع إلى تكميمها.
• المباشرة بضرب رؤوس الفساد ومنظومته، وضرب شبكة المصالح التي تربط كبار المتنفذين مع المفسدين، وإحالتهم الى النزاهة والقضاء، وفتح ملفات الفساد وعدم الخشية من أي فاسد، فهو مهما بلغت قوته ونفوذه ضعيف امام الشعب.
*اعادة القرار الامني حالا الى الجيش والشرطة، وحصر السلاح والعمليات العسكرية بيد الدولة، وتطبيق قانون الحشد الشعبي دون تأخير، وعدم السماح بأي وجود للتشكيلات العسكرية الخارجة عن القانون، أيا كانت مسمياتها وتحت اي مبرر كان. فمن غير الممكن ان تجري اعادة بناء الدولة وان تفرض هيبتها، في ظل تعدد للسلطات وانتشار للسلاح وتجاوز على القانون واضعاف لدور المؤسسات الرسمية.

الانتخابات المبكرة
في الوقت الذي تؤكدون فيه حرصكم على تنظيم انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة، وعلى توفير البيئة الصحية لها لتشجيع أوسع مشاركة فيها ولضمان أن تعكس إرادة الناخب الحقيقية، يتزايد الحديث عن تعذر اقامة الانتخابات حتى في موعدها نهاية الدورة النيابية الحالية. وذلك لأسباب مهمة تتمثل في عدم استكمال تشريع قانونها، وعدم اكتمال هيكلة مفوضية الانتخابات، والنقص في قوام المحكمة الاتحادية، تضاف اليها الكوابح المالية، وعدم وجود احصاء سكاني يحدد عدد سكان كل دائرة انتخابية صغيرة، كما ينص على ذلك القانون الجديد، إلى جانب الحاجة الى التطبيق الدقيق لقانون الاحزاب وابعاد تأثير المال السياسي والسلاح خارج الدولة. لذا فان الحكومة مدعوة للتحرك بشكل ملموس، لتذليل هذه المعوقات حسب تعهدات المنهاج الحكومي، مع علمنا بعدم رغبة معظم القوى السياسية النافذة في إجراء الانتخابات المبكرة.
ومن وجهة نظرنا فان القانون الجديد بحاجة إلى تعديل لصالح اعتبار العراق دائرة واحدة، أو (كخيار آخر) الابقاء على المحافظة كدائرة واحدة. ففي ذلك تجسيد أفضل لمبدأ المواطنة، وضمان لأوسع مشاركة ممكنة، كما انه يوفر مبادئ العدالة، ويحفظ التنوع في المجتمع العراقي، ويؤمن حق الأطياف الأخرى في التمثيل، ويؤمن التمثيل النسوي، ويحفظ تمثيل الشباب بما يناسب حجمهم في المجتمع. ومن جانب آخر ينبغي تأمين اشراف دولي فعّال على عملية الانتخاب.
إن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة وتهيئة مستلزمات إجرائها، تنطلق من ضرورة الاستجابة إلى الصوت الشعبي المتطلع إلى التغيير. والانتخابات تمثل أداة سلمية ودستورية رئيسة لإحداث التغيير.
وبموازاة هذه الخطوات يتوجب على الحكومة مواجهة الأزمات الصحية والاقتصادية والمالية، وتداعياتها وآثارها الاجتماعية الوخيمة. وهذا ما نرى ضرورة مواجهته برؤية إستراتيجية، وليس بمنطق إدارة أزمة عابرة تتطلب حلولا آنية وحسب، لا سيما وأن الكثير منها من شأنه أن يزيد معاناة قطاعات شعبية واسعة، ويعمق ارتهان الدولة للقروض الداخلية والخارجية.

مواجهة وباء كورونا
على الصعيد الصحي بات انتشار الوباء وازدياد عدد الاصابات والوفيات بمعدلات سريعة، يثير قلقا متناميا لدى عموم المواطنين، وينذر بانهيار النظام الصحي الذي يعاني أصلا من مشاكل سوء الادارة والفساد.
لذا تبرز الحاجة إلى مراجعة وتدقيق الإجراءات الصحية الضرورية للوقاية من جائحة كورونا، وتجنب حالة التعدد والتباين في التصريحات، وتوحيد الموقف الرسمي بشأن الاجراءات، وضمان التطبيق الدقيق لها من قبل الجهات المعنية.
ونظرا لضعف التزام نسبة كبيرة من المواطنين بالاجراءات الوقائية، فلا بد من مضاعفة الجهود التوعوية باستخدام وسائل الاعلام المختلفة وبطرق عرض واضحة وجاذبة، مع اشراك المتطوعين من منظمات وأفراد.
ولن يكتب النجاح للخطط المهيئة ما لم ترتبط وثيقا بتوفير متطلبات العيش والحياة لملايين العراقيين، الذين تتقطع بهم السبل عند فرض الحظر سواء كان جزئيا أو شاملا.
فلا بد من أن تتضمن مواجهة الأزمة الصحية إجراءات متكاملة ومتوازنة، تشمل الجوانب الصحية والمعيشية والخدمية، وبضمنها خصوصا تطوير البنى التحتية والضمان الصحي للمواطنين، وتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين ومستحقات الرعاية الاجتماعية.

السيد رئيس مجلس الوزراء الموقر
يقف العراق اليوم على مفترق طرق، وانتم تتحملون المسؤولية في ظروف بالغة الصعوبة والدقة، وعلى خياراتكم وقراراتكم وتوجهاتكم يتوقف ما اذا كان العراق يتوجه نحو الخروج من دوّامة الأزمات وفتح افق واعد للمستقبل، أم يستمر في الانحدار نحو مآلات مفتوحة على أسوأ الاحتمالات، وبضمنها ما قد يعصف بالدولة، وبوحدة البلاد ونسيجها الوطني، وبالسلم الأهلي. لذلك نقول ان نهج الإصلاحات العميقة والتغيير الذي اشّرنا ملامحه ومتطلباته ومحطاته هو طريق خلاص العراق، وان انتهاجه بثبات ووعي كفيل بكسب تأييد شعبي واسع، وباستنهاض وحشد القوى السياسية والاجتماعية بمختلف أطيافها المتطلعة إلى التغيير والإصلاح، من أجل بناء دولة الدستور والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
إن حزبنا يواصل عمله ونشاطه متعدد الأشكال من اجل التنفيذ الفعلي والملموس للإجراءات والخطوات الإيجابية، التي وعدت الحكومة بتنفيذها لتصب في مصلحة الشعب، وتستجيب لمطالب الانتفاضة والمواطنين، وتمهد للانطلاق على طريق التغيير. نحو انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية، وإرساء قواعد دولة المواطنة الديمقراطية.
وتقبلوا خالص التقدير

المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي
بغداد
١١-٧-٢٠٢٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: نرفق برسالتنا هذه ملحقا تفصيليا بالإجراءات المقترحة في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية، ونسخة من التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية لحزبنا في ٧ حزيران ٢٠٢٠.
**************
ص7
ملحق الرسالة
حول الاجراءات المقترحة في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية
إجراءات في خصوص العدالة الاجتماعية
كشفت الازمة المالية والنقدية عمق التفاوت في الدخل والثروة في المجتمع العراقي، وتعاظم الصعوبات الحياتية لمعظم شرائح المجتمع، مقابل مظاهر غنى وترف هائل ونمط عيش باذخ لشريحة اجتماعية ضيقة ذات طبيعة طفيلية، ما يجعل من تحقيق العدالة الاجتماعية مطلبا ملحا، إلى جانب توفير فرص العمل والعيش الكريم، خصوصا للشباب الذين تجاوزت نسبة البطالة في أوساطهم 30 في المائة، فيما تتراوح نسبة مشاركة النساء في قوة العمل بين 13 و 17 في المائة لا اكثر.
لهذا يتوجب ان يكون بُعد العدالة الاجتماعية حاضرا في جميع الاجراءات المالية التي تتخذها الحكومة في مواجهة شحة ايرادات الموازنة، إلى جانب ايلاء اهتمام خاص لتفعيل وحسن ادارة وتنفيذ التشريعات والانظمة المتصلة بها، كالبطاقة التموينية وشبكة الحماية الاجتماعية.
فالبطاقة التموينية تعاني من فساد وسوء إدارة كبيرين، بحيث تقلصت مفرداتها إلى ثلاث أو أربع مواد، وهي لا توزع بانتظام، وإن وزعت فبنوعيات غالبا ما تكون غير جيدة. وفي ظروف الأزمة الخانقة الراهنة، تزداد أهمية التوزيع المنتظم لمواد البطاقة، وضرورة المعالجة الحازمة لعناصر الخلل والفساد في الدوائر االمعنية بها. كذلك الأمر بالنسبة لشبكة الحماية الاجتماعية التي ينبغي ضبط وصول اعاناتها إلى المستحقين، لا سيما الفئات المهمشة في المجتمع.
وعلى الصعيد التشريعي من الضروري حث مجلس النواب على إيلاء الأولوية لإصدار التشريعات الخاصة بقوانين الضمان الصحي، والمتعلقة بتقاعد العاملين في القطاع الخاص، والضمان الاجتماعي، وتوفير الموارد المالية للصناديق ذات العلاقة، وضبط مساهمة ارباب العمل والحكومة إضافة إلى استقطاعات العاملين.

تفعيل مجلس الخدمة الاتحادي
لقد تشريع قانون مجلس الخدمة الاتحادي رقم (4) لسنة 2009 في 06/04/2009 ، وبقي بدون تنفيذ لمدة عشر سنوات ليقر مجلس النواب تشكيله في 28/10/2019 . ورغم تشكيله ، ظل المجلس مهمشا وغير مفعل حتى الآن وتستمر التعيينات والتكليفات تتم وفق المحاصصة والولاءات ما عدا بعض الاستثناءات.

عجز الموازنة العامة
إن معالجة الخلل في الموازنة العامة يمر عبر ترشيد الانفاق العام وزيادة كفاءته الانتاجية في المجالات التي يذهب اليها، واعادة ترتيب اولوياته لصالح قطاعات الصحة والتعليم والخدمات العامة والنشاطات المنتجة. وان من الواجب اجراء مراجعة واصلاح لنظام اعداد الموازنة وسياستها، فطوال السنوات الماضية كانت تخصيصات المشاريع مُبالغا فيها، وتتضمن تضخما في الانفاق على الأثاث والعجلات والايفادات والدورات التدريبية قليلة المردود، ويمكن أن يشمل تقليص الانفاق جميع هذه الأبواب، أضافة إلى الفوارق الكبيرة في الرواتب والمخصصات والامتيازات لصالح موظفي الرئاسات وأصحاب الدرجات الخاصة. كما يمكن إعادة النظر في عدد بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج وفق معايير تشمل مستوى علاقات العراق مع الدول المعنية وحجم المبادلات الاقتصادية والتجارية واعداد الجاليات العراقية.
وفي مجال تنمية الموارد العامة، شخّص كثيرون المجالات والميادين والآليات الكفيلة بزيادة موارد الموازنة العامة، التي تعتمد حاليا على عوائد النفط بنسبة تفوق 90 في المائة. فأمام الدولة مساران لتغطية العجز المتوقع في الموازنة: أما زيادة الايرادات غير النفطية المتأتية من الضرائب والرسوم وأرباح الشركات العامة وشركات الهاتف النقال، أو اللجوء إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي.

المنافذ الحدودية والكمارك والضرائب
من المعلوم أن العديد من المصادر الإيرادية المهمة للدولة غير متاحة حاليا بسبب خضوعها إلى سيطرة جهات من خارج الدولة، وبسبب تفشي الفساد فيها وسوء الادارة وتخلف آليات العمل، ما يضعها ضمن أولويات الاصلاح المنشود. وينطبق هذا بشكل خاص على المنافذ الحدودية والموانيء ودوائر الضريبة والخدمات البلدية في بغداد والمحافظات.
وفي ظل الأوضاع القائمة على الأرض، لن تكون السيطرة على المنافذ الحدودية وايراداتها أمرا يسيرا، وتتطلب المعالجة حزمة من الاجراءات والخطوات السياسية والفنية والإدارية والأمنية.
فالمطلوب هو تغيير في طواقم إدارة هذه المنافذ، وتكليف عناصر مشهود لها بالنزاهة والكفاءة، والاسراع في الأتمتة والحوكمة الألكترونية في إدارتها، وتوفير حماية أمنية لمرافقها والعاملين فيها وانتزاعها من قبضة الجماعات الخارجة عن القانون والفاسدين، والتوصل الى تفاهمات وحلول بالنسبة لمنافذ اقليم كردستان.
ويجدر التأكيد أنه بدون ضبط المنافذ الحدودية يتعذر تنفيذ سياسة حماية المنتج الوطني، وتطوير قطاعي الصناعة والزراعة، وزيادة المصادر غير النفطية لتمويل الميزانية الحكومية.
ويحتاج الجهاز الضريبي وادارته إلى اصلاح عاجل، يشمل تعزيز إدارته بقيادات إدارية كفوءة ونزيهة، وتخليصه من العناصر المتورطة بالفساد، والتعجيل بإحالة عقود الأتمتة الألكترونية لعمليات الاحتساب والجباية الضريبية وغيرها من الأنشطة الضريبية. ومن الضروري أن يشمل الاصلاح تطوير وسائل مكافحة التهرب الضريبي، واعتماد الضريبة التصاعدية الأكثر عدالة، وتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل الأنشطة والفئات عالية الدخل غير الحكومية، وحصر الاعفاءات بالفئات والشرائح ذات الدخل المحدود والضعيف، والتدقيق في الإعفاءات التي تشمل الانشطة والمواد.
وهناك ايرادات يعتمد استحصالها على توفر الارادة والقرار السياسيين، كإنهاء الفساد في عقارات الدولة ودوائر العقاري ودوائر الضريبة، واسترداد القصور الرئاسية والدور الحكومية من سيطرة المتنفذين، والتصدي الناجع للفساد، واسترداد الأموال المنهوبة واستحصال ديون الدولة على شركات الهاتف النقّال.
ومن الاصلاحات الواجبة ذات الطابع التشريعي، مراجعة وتخفيض الرواتب العالية والمخصصات والامتيازات، وتشريع قانون موحد للرواتب عادل ومنصف، ومراجعة عقود التراخيص بما يضمن مصالح العراق ويؤمّن تجنيبه تبعات التذبذب في أسعار النفط، كذلك إنشاء الصناديق السيادية.
كما يتوجب التدقيق في عمل نافذة بيع العملة في البنك المركزي، ووضع حد لحالات الفساد فيها ولتسرب الأموال إلى الخارج.

معالجة أزمة الكهرباء والمشتقات النفطية
ومن الواجب العمل بصورة مكثفة على وضع نهاية عاجلة لأزمة الكهرباء المستمرة، والكشف عن المعوقات الحقيقية التي تحول دون تطور قطاعها، والتعامل بحزم مع حالات الفساد ومنظومته، وتطبيق العقود مع الشركات العالمية مع التأكد من سلامتها. كذلك الاتفاقات مع دول الجوار التي عقدت مؤخرا.
ويشكل استيراد المشتقات النفطية عبئا كبيرا على الموازنة العامة، ونقطة ضعف استراتيجية في الاقتصاد الوطني، حيث تتوفر عندنا كل مستلزمات الصناعات البتروكيماوية، بما يمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاجها. فتصنيع النفط من الأولويات الاستراتيجية التي تتطلب الاسراع في توفير مستلزمات اكمال مشاريع المصافي قيد الانشاء، وفسح المجال لشراكات سليمة مع القطاع الخاص وبهدف تطويره.

الاقتراض الخارجي والداخلي
يعتبر الاقتراض بشقيه الخارجي والداخلي خيارا غير محبذ، لأنه يرتب أعباء مستقبلية ترهق الموازنة على حساب تمويل الخدمات والاستثمار والرواتب والأجور، خصوصا عندما يستخدم لأغراض تشغيلية واستهلاكية غير منتجة للثروة والدخل. وفي حال الاضطرار، تكون الأولوية للاقتراض الداخلي مع حصر الاقتراض الخارجي بتمويل البرامج الاستثمارية.

مكافحة البطالة وتحريك النشاطات الاقتصادية
لا شك أن البطالة والبحث عن عمل والمطالبة بالتعيينات كانت ولا تزال من الأسباب الرئيسة التي تدفع الشباب إلى مواصلة التظاهر والاحتجاج. وفي ظل الأزمة المالية الخانقة وترهل الدولة، لا يمكن استيعاب المشكلة بإجراءات متسرعة غير مدروسة، عن طريق التعيينات غير الممولة كما فعلت الحكومة السابقة. فإلى جانب التعيينات التي تتيحها حركة الملاك، وعدد محدود من الدرجات الجديدة في بعض القطاعات الخدمية التي تعاني نقصاً، لا بد من إجراءات تشجيعية وتحفيزية، لتنشيط القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية.
وفي ما يلي مقترحات باتخاذ بعض التدابير الضرورية الاخرى:
• قامت الحكومة السابقة بتعيين ما يزيد على 300 ألف متقدم بعقود واجور يومية من دون أن تخصص لها وزارة المالية المبالغ اللازمة، وقد رافق هذه العملية ممارسات فساد وابتزاز للمتقدمين. لذا تندرج ضمن الأولويات تأمين مصادر تمويل رواتب واجور هؤلاء المتقدمين، وزجهم وحسب الاختصاص في مشاريع تقيمها الوزارات او اكمال المشاريع المتوقفة حسب مقتضى الحال، كما يمكن دراسة امكانية نقلهم للعمل في القطاع الخاص او المختلط بالتنسيق مع اتحاد الصناعات العراقي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية لإيجاد الفرص المطلوبة .
• توفير الحماية الفعلية للمنتجات الزراعية حسب المواسم، وتشديد الإجراءات الرقابية والأمنية لمنع التهريب والالتفاف على القرارات الحكومية.
• توفير الدعم للصناعات الغذائية وتشجيع تطويرها وتوسيعها وإقامة المزيد منها.
• تشغيل الشركات الصناعية المملوكة للدولة والتي تم تأهيلها، وإلزام الوزارات ومؤسسات الدولة بشراء المنتوج الوطني المستوفي لشروط الجودة من القطاعين العام والخاص.
• إعادة النظر في شروط الإقراض من طرف المصارف المتخصصة للمستثمرين الصناعيين، التي تمثل اليوم عاملا رادعا للمستثمرين، وتيسير الإجراءات الإدارية وتشديد الإجراءات الرقابية للحيلولة دون ابتزاز المستثمرين ومساومتهم على منح القروض.
• تعاني البلاد نقصا شديدا في الوحدات السكنية، يتراوح في بغداد بين مليون وسبعمائة وخمسين ألفا وثلاثة ملايين وحدة سكنية. ويعتبر قطاع البناء والسكن من القطاعات كثيفة العمالة، ومحركا لعشرات الأنشطة الاقتصادية من خلال الارتباطات الأمامية والخلفية. وقد سبق لمجلس النواب أن صوّت في 11 تموز 2019 على قرار نيابي يقضي بمعالجة أزمة السكن وحل مشكلة العشوائيات، وقد تضمن العديد من المقترحات الملموسة التي يمكن للحكومة النظر في تنفيذها.
• الإسراع في صرف التعويضات للنازحين، والنظر في صرفها جزئيا بشكل حصص من مواد البناء لإعادة بناء المنازل المهدمة.

القطاع النفطي
لقد فشلت الحكومات المتعاقبة في توظيف المورد النفطي لأغراض التنمية الاقتصادية، ولتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، لأنها تعاملت مع المورد النفطي الناتج عن ثروة طبيعية ناضبة، وليس كثروة تحت الأرض يجب تحويلها إلى اصول واستثمارات مادية ومالية وبنى تحتية فوق الأرض. كما جرى التركيز على انتاج وبيع النفط الخام، واهمال عملية تصنيعه ورفع قيمته.
ويتطلب الامر الإسراع في إعادة هيكلة القطاع النفطي ليكون أحد وسائل التنمية الاقتصادية، عبر اعادة النظر في التراخيص النفطية، وتوظيف الريع النفطي لأغراض الاستثمار والتنمية بالدرجة الأساسية، مع التجديد والتحديث التقني، وانشاء صندوق سيادي أو أكثر لأغراض تمويل المشاريع التنموية، أو للتحوط للتقلبات في أسواق النفط العالمية ولحفظ حصة الأجيال القادمة.

التواجد العسكري الأجنبي
ان إنهاء كل تواجد عسكري أجنبي على أرض بلادنا مطلب وطني، وهدف ينبغي العمل الحثيث بثبات وجدية لتحقيقه، بجانب توفير جميع الشروط والمستلزمات التي تمكن العراق من الحفاظ على أمنه وسيادته واستقراره ذاتيا، وتعزيز قدرات قواتنا المسلحة تسليحا وتدريبا وجاهزية.
***********
ص8
لماذا استقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي؟
بقلم الكاتبة الإيرانية عاطفة مرادي
ترجمة عادل حبه
“في حقيقة إن اضطراري إلى العمل بجدية أكبر جعلني أشعر بالقلق لأنني لا أستطيع تحمل ذلك”. كانت هذه كلمات رئيس الوزراء الياباني شنيزو آبي عند إعلان استقالته المفاجئة يوم الجمعة المصادف27 من أيلول. كانت نهاية مفاجئة لشخص يحمل الرقم القياسي لأطول فترة كرئيس وزراء ياباني في العصر الحديث.
ووفقًا لآبي، فإن سبب هذا القرار هو مرض مزمن في الجهاز الهضمي أدى مرة سابقة إلى استقالته من الحكومة في عام 2007. ولكن ما الذي جعل آبي قلقًا لدرجة أنه شعر بالمرض وقدم استقالته؟
يعاني آبي من التهاب القولون المعوي، والذي يثير له الإضطراب والقلق القلق. فمنذ شهر حزيران الماضي، عانى آبي من فقدان 10 كيلوغرامات من الوزن مع زيادة القلق من أبعاد وعواقب أزمة الشريان التاجي وما يترتب على ذلك من تفاقم مرضه.
تعرضت قرارات رئيس الوزراء الياباني البالغ من العمر 65 عامًا خلال هذه الفترة، مثل الدعم المالي المباشر للعائلات وإطلاق مقاطع فيديو لنفسه يحث الناس على البقاء في المنزل، إلى انتقادات شديدة من قبل مجموعات مختلفة وسخر منها مواطنو هذا البلد.
وتراجعت شعبية آبي وحكومته إلى أدنى مستوياتها منذ شهور منذ بداية ولايته الثانية كرئيس للوزراء في عام 2012. واللافت للنظر أن هذا الموقف كان موضع تساؤل بالنسبة له: “لماذا لم نتمكن من كسب دعم الناس، رغم نجاحنا في السيطرة على انتشار الكورونا مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى؟”.
ونقلت وسائل إعلام يابانية عن مصادر داخل الحكومة قولها إن آبي وحزبه قلقون من استمرار تراجع شعبية الحزب في حال بقائه في السلطة، مما يؤدي إلى هزيمتهم في انتخابات العام المقبل. ولهذا السبب، وبناءً على طلب آبي، تم التوصل إلى اتفاق مع الحزب لتسليم السلطة إلى شخصية جديدة من أجل إزحة حزبي المعارضة الرئيسيين في البلاد من التنافس، اللذان شكلا تحالفاً مؤخراً.
وهكذا قدم رئيس الوزراء استقالته، وهو الذي قال ذات مرة: “بقي لي عام واحد من ولايتي وسأبذل قصارى جهدي في هذا العام”، وكانت علامة على القلق الذي يجب على قادة العالم التعامل معه في مواجهة أزمة كورونا.
تراجعت شعبية آبي وحكومته إلى أدنى مستوياتها منذ شهور ومنذ بداية ولايته الثانية كرئيس للوزراء في عام 2012.

تراث آبي
وصل رئيس وزراء اليابان القومي النزعة إلى السلطة قبل ثماني سنوات بوعدين كبيرين. الأول كان إعادة تنظيم اقتصاد البلاد المأزوم. ولقد أوفى بوعده إلى حد ما. صحيح أن الاقتصاد الياباني لم يزدهر خلال هذه السنوات، ولكن بشكل عام وبعد عقدين من الركود، نما الاقتصاد بشكل معتدل ودخل مؤخراً فترة ركود كورونا.
ومع ذلك ، كان آبي مسؤولاً عن إصلاحات مهمة في بلاده: السماح للعمال الأجانب بدخول البلاد، ودعم الاستثمارات الكبيرة وتغيير السياسة النقدية، وإصلاح صناعة السياحة، وتسهيل ظروف العمل للنساء خارج المنزل.
كان وعده الثاني للعالم أكثر واقعية ومثيرة للجدل: فقد اتخذ موقف أكثر عدوانية في السياسة الخارجية، وخاصة ضد الصين. لقد جعلته هذه السياسات وإدارته أقرب إلى الولايات المتحدة، وقادت اليابان إلى إقامة علاقة أفضل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقارنة بأي حليف آخر.
ومن المحتمل أن يكون هذا هو الإرث الأهم لآبي ؛ أنه مع كل أخطائه كان قادراً على تحويل اليابان من دولة جبانة في العالم إلى دولة يمكنها مواجهة التحديات العالمية بثقة. وكانت زيارته لإيران (حزيران 2009) وجهوده للعب دور الوسيط بين طهران وواشنطن من بين الأمثلة على جهود آبي لتعزيز دور بلاده على المسرح.

ماذا سيحدث لليابان بعد آبي؟
أياً كان ما افتقرت إليه خلال رئاسة آبي ، فقد شهدت اليابان الحد الأدنى من الاستقرار في قيادتها. فقبل سبع سنوات من تولي آبي السلطة، أزيح سبعة رؤساء وزراء من مناصبهم. وتشعر العديد من وسائل الإعلام اليابانية بالقلق الآن من أن تترافق الاستقالة مع فترة أخرى من عدم الاستقرار في البلاد.
من الناحية الرسمية سيبقى آبي رئيس وزراء اليابان القادم إلى أن يرشح حزبه الديمقراطي الليبرالي بديلاً عنه لكل من رئاسة الحزب ورئيس الوزراء ، وستستمر الأمور كما فعلوا في الأشهر القليلة الماضية مع الوزير سوجا يوشيهيد.
ولكن من غير المرجح أن يحل يوشيهيد محل آبي. فهناك العديد من الخيارات بين أعضاء الحزب الحاكم القوي في اليابان والتي يمكن ذكرها. ولكن من سيحل محل آبي سيرث في الوقت نفسه مشاكل كبيرة وغير مسبوقة ؛ كالديون المرتفعة وانخفاض عدد السكان والاقتصاد المتعثر منذ عقود. تنبع قدرة الزعيم الياباني الجديد أيضًا من جهود التي بذلها آبي، فهو الذي جعل صنع القرار مركزياً، وأنشأ مجلس الأمن القومي وأفرغ السلطة من البيروقراطيين.
وفي إحدى مقابلات آبي الأخيرة ، قال إنه كان يقرأ كتاب “نابليون” المؤلف من ثلاثة مجلدات من تأليف كينيتشي ساتو، ولكن بعد الانتهاء من المجلدين الأولين، لم يرغب في مواصلة قراءة الكتاب: “لا أعتقد أنني سأقرأ المجلد الثالث. فمن الآن فصاعدا، من المفترض أن يكون كل شيء يدور حول قصة سقوطه”.
في هذه الأيام ، ربما يفكر آبي مع نفسه بمصير شبيه بمصير الزعيم الفرنسي في القرن التاسع عشر.
***********
الحركة الاحتجاجية فرضت اجراء الاستفتاء
اليسار التشيلي يبدأ حملته الإنتخابية من أجل إقرار دستور جديد
رشيد غويلب


قبل شهرين من الاستفتاء لصالح وضع مشروع دستور جديد، بدأت أخيرا الحملة الانتخابية في تشيلي. وسُمح للأحزاب والتنظيمات السياسية بالتعريف بموقفها الرافض او الداعم للدستور النافذ. وبعد 32 عامًا من الاستفتاء، الذي بدأت بموجبه النهاية الرسمية لدكتاتورية أوغستو بينوشيت الفاشية (1973-1990)، تتاح الفرصة ثانية أمام التشيليين في 25 تشرين الأول المقبل للتخلص من دستور 1981، الذي يمثل أخر إرث للديكتاتورية العسكرية.
في 26 آب الفائت تجمع في ساحة إيطاليا، التي غُير اسمها اثناء احتجاجات العام الفائت الى ساحة الكرامة وسط العاصمة سانتياغو، أنصار حملة «أصوت لكرامة تشيلي”. وقدم عدد من ممثلي المنظمات اليسارية بياناتهم الانتخابية. وقال زعيم الحزب الشيوعي التشيلي، غييرلمو تيلير: “نريد انهاء العمل بدستور بينوشيت، الذي ظل نافذا ً منذ سنوات عديدة وحافظ على نظام اقتصادي متعسف وغير عادل”.
لقد نجحت الحركة الاحتجاجية في تشيلي في فرض إجراء استفتاء دستوري، فبعد العصيان المدني في سانتياغو في 18 تشرين الأول 2019، تصاعدت الحركة الاحتجاجية في عموم البلاد، مطالبة بالتغيير وانهاء سياسات الليبرالية الجديدة. وعلى الرغم من إنزال الجيش في الشوارع وممارسة العنف الوحشي ضد المتظاهرين، فإن الضغط على الرئيس اليميني سيباستيان بينيرا أصبح في النهاية كبيرًا لدرجة أجبرته، نهاية العام الفائت، على الموافقة على إجراء استفتاء دستوري.
والآن أصبح بإمكان الناخبين التشيليين التصويت، إذا كانوا يريدون إقرار دستور جديد، وإذ كانت الإجابة بنعم، فما هي الهيئة التي تكلف بأعداد المشروع؟ إذا صوتت الأغلبية بنعم، فسيتم في نيسان المقبل انتخاب جمعية تأسيسية، تناط بها مهمة صياغة المشروع، وفي غضون عام واحد سينظم استفتاء آخر لإقراره.
ومنذ شهور، يدور في البلاد جدل حاد حول تركيبة الجمعية التأسيسية. وهناك خياران؛ الأول „مؤتمر دستوري مختلط”، يتألف من عدد متساو من ممثلي الأحزاب المنتخبين، أي البرلمان الحالي، والثاني جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة. قوى اليسار تدعم الخيار الثاني، لأن الخيار الأول يعني استحالة تحقيق تغييرات حقيقية، بسبب اتخاذ القرار بأغلبية الثلثين. من جانبها تطالب الحركات الاجتماعية بنسبة متساوية للجنسين في تركيبة الجمعية التأسيسية المرتقبة.
وكان من المقرر اجراء الاستفتاء في 26 نيسان الفائت، وبسبب كورونا جرى تأجيله الى الخريف. وتشيلي هي واحدة من البلدان الأكثر تضررا بالوباء، الذي أدى الى أكثر من 400 ألف إصابة وقرابة 11 ألف حالة وفاة. وحسب نقابة الأطباء، فان إمكانية اجراء الاستفتاء ممكنة، بفضل الخبرة المتحققة في التعامل مع الوباء.
ويحق لرئيس الجمهورية وللبرلمان تأجيل موعد الاستفتاء، في حالة اتساع تفشي الوباء. وعمليا تسعى قوى اليمين في الحكومة والمعارضة الى تأجيل الاستفتاء، او إجراء استفتاء محدود، وهي حالة تعدها قوى اليسار غير مسبوقة.
ويأتي الاستفتاء في العام الخمسين لأهم انتصار انتخابي لقوى اليسار كان في 4 أيلول 1970، حيث فاز تحالف “الجبهة الشعبية” اليساري بالانتخابات العامة، وأصبح الاشتراكي سلفادور أليندي رئيسًا للجمهورية. ومثل الحدث بداية لبناء تجربة اشتراكية فريدة.
في 11 أيلول 1973، نفذ الجنرالات بدعم مباشر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انقلابا دمويا على غرار انقلاب 8 شباط 1963 في العراق. وفي خطابه الأخير قبل استشهاده البطولي في القصر الرئاسي، قال اليندي عبر اذاعة ماغالانيس التابعة للحزب الشيوعي. “لديهم القوة وبإمكانهم العودة إلى العبودية. ولكن ليس بإمكان الجريمة والعنف وقف العمليات الاجتماعية”.
وفي 11 اذار مرت الذكرى الثلاثون للنهاية الرسمية للدكتاتورية، التي لا تعني بالضرورة عودة الديمقراطية الحقيقية. وهذا ما أكدته الحركات الاحتجاجية ضد ارث الدكتاتورية الفاشية، والتي حققت نجاحات بفضل استنادها الى ارث نضالي مجيد، واصرارها بروح متجددة على تحقيق الغد الأفضل.
***********
ص9
المياه مقابل الاسواق والطاقة
نبيل رومايا


قامت إيران مؤخرا بقطع مياه نهري “سيروان والزاب الأسفل”، مما سيؤدي الى الحاق ضرر كبير بالعراق، ويتطلب الامر تحركا سريعا من الحكومة وعبر الجهات المعنية لضمان حق العراق في مياه الأنهر القادمة من إيران.
ونهرا سيروان والزاب الأسفل ينبعان من إيران ويدخلان حدود العراق في محافظة السليمانية.
وتقوم إيران منذ حوالي ثلاث سنوات على الأقل بخفض تدفق مياه الأنهر المتجهة إلى العراق أو قطعها بالكامل خلال فصل الصيف، وهو ما يتسبب بضرر للمحاصيل الزراعية ونقص في المياه الخام لمحطات التصفية.
ويؤثر قطع مياه النهرين بشكل كبير على المخزون المائي لسدي “دربنديخان ودوكان” بمحافظة السليمانية وعلى المواطنين والزراعة في حوض النهرين، وتلك الأنهر والمشاريع التي تعتمد على مياة السدين، فيما سيترك ذلك اثره على منسوب المياة في نهر دجلة أيضا .
ويشكو العراق منذ سنوات من قلة تدفق المياه في الأنهر التي تدخل البلاد جراء نقص تساقط الأمطار في موسم الشتاء فضلاً عن قطع إيران وتركيا للمياه.
وبدأت تركيا بتشغيل سد إليسو المثير للجدل من أجل توليد الكهرباء للمنطقة، مما أدى الى تشريد نحو 80 ألف شخص من 199 قرية، وأثر على إمدادات المياه لنهر دجلة.
وتشكل الأمطار 30 في المائة من موارد العراق المائية، بينما تشكل مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70 في المائة بحسب المديرية العامة للسدود في العراق.
وقد انخفض مستوى المياه في خزان سد الموصل إلى أكثر من 3 مليارات متر مكعب مقارنة بمستوياته قبل أعوام بعد تشغيل تركيا لسد إليسو.
إن تفاقم مشكلة التصحر وجفاف البيئة وخسارة الاراضي الزراعية ستشكل كارثة اقتصادية واجتماعية وانسانية كبيرة في العراق، وستسبب في هجرات واسعة من الريف الى المدن، وصراعات بين المحافظات والمناطق حول ملكية المياه والانهر، مع نقص كبير في مياه الشرب والزراعة والصناعة والخدمات الأخرى .
ولم يمر العراق في تاريخه بمرحلة يهدده فيها التصحر والجفاف لوجود الرافدين الكبيرين وروافدهما وخزانات كبيرة للمياه، ولكن السياسات المدمرة للنظام السابق، وعدم اهتمامه بالاتفاقيات المائية الدولية مع دول الجوار، أفقد العراق الكثير من حقوقه، مستغلة وضع العراق الضعيف وعزلته الدولية في تلك الفترة، ومستغلة عجز الحكومات الاحقة وعدم المطالبة بالحقوق المائية للعراق من دول الجوار بسبب الصراعات الداخلية ووقوف هذه الكتل السياسية او تلك الى جانب هذه الدولة او تلك.
وإذا استمرت الحالة كما هي فأن مؤسسات البحوث الدولية ومنها “المنظمة الأوروبية للمياه” تتوقع ان يخسر العراق موارده المائية بشكل كامل بحلول عام 2040.

المياه مقابل السوق والطاقة
بلغ حجم التبادل التجاري الرسمي بين العراق وإيران نحو 12 مليار دولار سنويا، وتسعى إيران الى زيادته ليبلغ 20 مليار دولار في الفترة القادمة.
وبلغ حجم التبادل التجاري الرسمي بين العراق وتركيا نحو 16 مليار دولار سنويا، بارتفاع من 13 مليار دولار في عام 2018.
وهذه هي الأرقام الرسمية في التبادل التجاري بين العراق وجارتيه، ولا تشمل السوق السوداء والتهريب والذي ممكن ان تضيف المليارات من الدولارات لهذه الأرقام.سنويا.
وهذه الارقام تجري باتجاه واحد حيث لا يصدّر العراق شيئا يذكر إلى إيران وتركيا.
ان العراق سوق كبير للبضائع والمنتجات الإيرانية والتركية في وقت تمر به الدولتان بضائقة اقتصادية عصيبة، والعراق يشكل حيزا واسعا في التخفيف من هذه المعاناة. لقد أن الأوان ان ينظر الى هذه المعادلة بشكل يضمن مصالح العراق، ( فـالسوق مقابل المياه بالنسبة الى ايران ) (والسوق والطاقة مقابل المياه بالنسبة لتركيا) ممكن ان تكون توجهات اقتصادية عراقية صائبة.
إن إيران وتركيا لا يهمهما مصلحة الشعب العراقي ويقومان بقطع المياه والاعتداء على أراضينا في أي وقت يشاءان، اما آن الأوان للعراق أن يقف بحزم ضد هذه الاعتداءات ويطالب بحقوقه مستغلا حاجة تركيا وإيران للسوق العراقية، ام إن الالتزامات الطائفية للبعض والسياسات الفاسدة للأحزاب الحاكمة ستقف امام هذه المطالبات.
ومن هذا المنطلق على العراق الدخول في مفاوضات سريعة مع دول الجوار وتثبيت حقه كمصب مائي، والاستعانة بالأمم المتحدة والمؤسسات الدولية القضائية لتثبيت حصصنا المائية. والبدء بشكل سريع بدراسات ومشاريع طموحة لبناء مخازن وسدود على الانهار العراقية للحفاظ على المياه التي تصب في شط العرب والاستفادة منها داخليا وتحويلها الى المناطق الزراعية وتوسيع الرقعة الخضراء.
لقد مرت بلاد الرافدين الممتدة في عمق التاريخ بالكثير من الازمات. وعبر الاف السنين يستمر الرافدان في العطاء لضمان استمرار الحضارات والاجيال، فلنحمي أنهارنا ومياهنا فالحياة منهم.
************
قطار بغداد بين حلم البغداديين و وعود المتنفذين
خليل ابراهيم العبيدي


في عام 1985 أعلن بأن الحكومة ستباشر بإقامة مترو بغداد، ومضت الأعوام، ورحل النظام والمترو لم يقم، وفي عهد حكام الكتل المتنفذة تحدث الكثير من المسؤولين عن إقامة مترو بغداد، ومضت الأعوام والمترو في أحضان الحلم والإعلام. واليوم نسمع بمشروع قطار بغداد المعلق على آمال البغداديين، فقد نشرت صحيفة الصباح الرسمية بعددها الصادر يوم الاثنين المواق 24 اب عام 2020 خبرا عن قيام تنسيق حكومي بين وزارتي التخطيط والنقل لإقامة مشروع قطار بغداد المعلق بطول 22 كم يبدأ من الكاظمية حتى سوق الشعب المركزي، وبسعة 30 ألف مسافر في الساعة، وبمدة عمل 16 ساعة يوميا، وله 14 محطة.
نود قبل كل شيء ان نذكر الوزارتين المنسقتين بالمثل (لتگول سمسم كبل متلهم)، اي لا تصدق قبل ان ترى، والسؤال، هل التنسيق الحكومي مدعاة للإعلان؟ لقد سمعنا سابقا، بأن الحكومة اتفقت مع شركة كورية لبناء قطار معلق يبدأ من ساحة 83 عند بداية مدينة الصدر، وسمعنا، أيضا، بإقامة مترو بغداد يبدأ من الأمين شرق بغداد ويعبر نهر دجلة إلى الكرخ وصولا الى الدورة، وسمعنا وسمعنا، وانتظرنا، ويئسنا وبتنا لا نصدق بوعود اي مسؤول حكومي.
ان بلدان العالم لا تعلن عن إقامة مشاريع الخدمات لأنها صارت عملا روتينيا ملحا لا يحتاج إلى إعلان ولا ترويج وأنها من مستلزمات ادامة الحياة لا الترفيه منها، أما المعلن عنه فهو الاستثنائي الذي يعد من باب الترف الاجتماعي العام، والذي بحق يعد منجزا حكوميا.
ان الفرق بينكم يا مسؤولي العراق وبين مسؤولي العالم يكمن في ناحيتين الأولى، هو أنكم متخلفون بخطوات بعيدة جدا عن تطور العقلية الإنسانية ودرجات تعايشها مع الاشياء، وان ما ترونه أنتم انجازا هو عمل يقع ضمن مستلزمات ادامة الحياة، والثانية انكم انفسكم تدركون جيدا انكم غير مؤهلين لإقامة حضارة لأنكم لم تعودوا على تماس مع هذه الحضارة، ناهيكم عن فساد النوايا وقلة الحيلة.
لو أجرت وزارة التخطيط، على سبيل التجربة، مسحا شاملا لرأي العراقيين حول هذا الإعلان لوجدت أن نسبة المشككين لا تقل عن ال 90 في المئة، وان العشرة المتبقية هي لمن يتمنى أن يقام مثل هذا المشروع.
سادتي ان العمل الحكومي لا يقوم على الدعاية وتسفيه عقلية المتلقي، انما هو تخطيط مسبق لكل نواحي الحياة وفق خطة متكاملة، ثلاثية او رباعية او خمسية او عشرية او طويلة الامد، وهنا لا نود ان نشاطر وزارة التخطيط خبرتها في هذا المجال، ولكننا اردنا ان نذكرها أنها كأي جهاز من اجهزة الدولة ، لم تعد وزارة للتخطيط كما كانت في الستينات السبعينات، ولا نود التذكير بالوزراء الأكفاء الذين تعاقبوا هذه الوزارة، فيما نود ان نذكر وزارة النقل ان تكون عند حسن ظن المسافر والمتنقل، فلقد تراجع طيراننا الذي كنا نفتخر به من الاعماق في الخمسينات والستينات وكنا نتعالى على الخطوط الاخرى فيما يخص اللياقة والنظافة وحداثة الطائرات.
ان المواطن لم يعد قادرا على تحمل الإعلان عن المشاريع، انما ينتظر ان يرى مترو بغداد قد دشن، وان يرى القطار المعلق وقد اشرأبت الأعناق زهوا به، او ترى أجيالنا القادمة وزارة التخطيط وهي تضع النموذج الأحسن لمدارس تصنع قادة حقيقيين، او على الأقل نرى شعبنا قد اكتفى من الماء الصالح للشرب او ومضة كهرباء ترفع عنه ظلام هذا العهد الذي أهمل حتى ريل مظفر النواب..
*************
ص10
لن نتخلى عن جورج عبد الله
أمام منزل السيدة فيروز أول من أمس، وفي شارع مار مخايل خلال زيارته الأولى، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يلعب دور الرئيس «المتواضع»، الذي لا يهاب السير بين عامة الناس، وتحدي الإجراءات الأمنية ليستمع إليهم، يضمّهم ويقبّلهم. ولكن ماكرون «الماكر»، أراد سماع ما يطرب أذنيه فقط، إذ لا مكان للأصوات الاعتراضية، حتى ولو كانت تصرخ باسم قضية إنسانية. هكذا، كان ماكرون يجلس في قصر الصنوبر يستقبل «زوّاره»، فيما القوى الأمنية تقيم الحواجز منعاً لوصول أصدقاء المناضل جورج إبراهيم عبد الله إلى المقر، ثم تتهجم عليهم بوحشية بعد أن يتمكنوا من إزالة العوائق وترجعهم إلى حدود الجامعة اليسوعية على طريق المتحف. قضية عبد الله قضية سامية، ليس حصراً لأنها تخص مناضلاً وطنياً مسجوناً في فرنسا منذ 36 عاماً، خلافاً لأي نص قانوني، بل لأنها واحدة من قضايا عديدة عرّت كذب الشعارات الفرنسية في ما خص حقوق الإنسان واستقلالية السلطة القضائية وسيادة البلد الأوروبي.
منذ الخامسة عصراً، تجمع يساريون ووطنيون وعائلة المعتقل في السجون الفرنسية، للمطالبة بالإفراج عنه. شكلت القوى الأمنية حاجزاً بشرياً، مانعة إياهم من الدخول إلى قصر الصنوبر، قبل أن يتطور الأمر إلى مواجهة محدودة. ومن هناك، ألقيت كلمة للمعتصمين أكدوا فيها أنه «مع كل كارثة يتبين لنا أن السلطة اللبنانية خاضعة لإملاءات خارجية. لا شرعية لسلطة تترك مواطناً لها في الأسر. لن نترك قضية جورج عبد الله ولن نتوقف عن المطالبة بتحريره».
التحرك الرمزي أتى في وقت غابت فيه هذه القضية عن لقاءات المسؤولين مع ماكرون. فلبنان الرسمي، الطامح إلى حماية فرنسا في ملفات عديدة، قرر أن يطوي قضية عبد الله حتى لا «تشوّش» على ما عداها. ولكن هناك من أراد أن يخبر الرئيس الفرنسي بأنه لا أهلاً ولا سهلاً به، إلا للمطالبة بجورج الذي حكم بالسجن المؤبّد سنة 1987. ومنذ الـ 1999 استوفى شروط قانون العقوبات الفرنسي المطلوبة للإفراج عنه. ومنذ الـ 2003، يعرقل الإفراج عن جورج، إلى أن أعلنت الخارجية الأميركية سنة 2013: «لا نعتقد أنه يتعيّن الإفراج عن عبد الله». فكان قرار استمرار الاعتقال التعسفي تنفيذاً لأوامر أميركية - إسرائيلية، لبتها، صاغرة، السلطات الفرنسية.
ــــــــــــــــــــــــــ
“الأخبار” اللبنانية – 2 أيلول 2020
***********
ولماذا الدولة المدنية؟
حسن خليل*


بين إعلان قيام دولة “لبنان الكبير” وإعلان قيام “الدولة المدنية” في هذا “الكبير”، مائة عام من الزمان. هي جملة نطق بها رئيس البلاد بالأمس. وإذا تمعنا أكثر في المضمون نجد، ومن موقع المتفائل، بأن طرح هذه النقلة النوعية بطبيعته جيد، لكن، كيف لهذه الفكرة أن تنمو في مزارع المذاهب والطوائف ورعيانها، كيف لها أن تطرح ثماراً، فيما الخطاب المذهبي “يلعلع” مواقف وانقسامات وحتى رصاصاً؛ يجرف معه معزوفة “العيش المشترك” والتنوع ويكسر جناحي الطائر اللذين يطير بهما هذا “الفريد”. كيف لهذه الفكرة أن تعطي أُكلاً، فيما الفرز بلغ حدّ التصنيف “الحضاري” وحب الحياة والتبرؤ ممن يعاكسهما، وهو بالمناسبة يقيم معهم، وتحت الخيمة نفسها. كيف لهذا المصطلح أن ينمو في مستنقعات الفرز والضم والهويات القاتلة، وليس ثمة من يعقل ويتوكل ويقول كلمة سواء، ممن يطمح برغد الدنيا أو من يراهن على الآخرة.
خيراً فعلت يا فخافة الرئيس بطرحك هذا الشعار ولكن، وهنا تكمن العلّة؛ كيف لحوار مع زعماء الطوائف وأسيادها أن ينتج دولة مدنية؟ هو سؤال لا بدّ من طرحه، فالجواب هنا معروف. قيام الدولة المدنية ليست مجرد ردة فعل على فعل معاكس، وليست آلية ضغط لفرض موضوع ما أو لتسهيل مهمة معينة؛ هي، قبل هذا أو ذاك، مسار سياسي واجتماعي وقانوني يمس طبيعة النظام السياسي المعمول فيه في لبنان وجوهره ووظيفته. هي، اسقاط الطائفية السياسية واقتلاعها من جذورها، هي، قانون وطني للانتخابات النيابية خارج القيد الطائفي، هي، قانون للأحزاب على أساس وطني، في التركيبة والبرنامج والمنتسبين، هي، قانون مدني للأحوال الشخصية، وهي، أيضاً، الجامعة الوطنية والمدرسة الرسمية والمناهج الموحدة.... واللائحة تطول لتمحى قرناً من الزمن تأصلت فيه المذهبية والطائفية وتجذرت في تربة عصيّة على الاصلاح.
خيراً فعلت يا جنرال، ولكن، كيف لمن تريد أن تستشيرهم، من خلال حوار جامع، أن يعطوك ويعطوا الشعب اللبناني دولة مدنية ستطيح بامتيازاتهم، وتذهب بمصدر قوتهم والذين ما انفكوا يحكمون بها باسم الأرض والسماء، فبوابات الخلاص من آثام الحياة مفاتيحها بأيديهم، يمنحونها صكوك غفران لمن يشاؤون ومن غير حساب. كيف لهم، والمرء تيجدهم مستنفرين مثيرين للفتنة حين تطل في منطقة ما، فيستحضرون من التاريخ أبشع ما فيه. كيف لهم أن يعطوا موافقة على أمر، فيما لو طبّق لكانت أكثريتهم في السجن ولأسباب مختلفة. كيف لهم أن يباركوا انتقالاً سلساًّ، من دولة المزارع، والذين هم أسيادها، فرادى أو مجتمعين، إلى أخرى تقوم على المواطنة، وهم اليوم ينتفضون غضباً عندما يُذكر اسم فاسد من ملّتهم مطلوب للعدالة، يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويضعون الحرم المذهبي عليه مانعين مس شعرة من شعره، مستنفرين عدتهم وعديدهم من سياسيين ورجال دين ودنيا وآخرة، وإذا استوجب الأمر فشوارع الطوائف جاهزة لتلقف كرة النار تلك، فترى جمهور الفقر يتصارع بعضه مع البعض الآخر، وإذا سألت أحدهم عن السبب، فمن المؤكد بأنك لن تنال منه جواباً واضحاً أو موحداً، فالغريزة كانت المحرك.
ليس الأمر بهذا التعقيد؛ فثمة مسار أسهل وأفعل: أنتم، تملكون أكبر كتلة نيابية، فلتضع مشاريع القوانين المناسبة والمطلوبة لهذا الانتقال “السلمي” إلى دولة المواطنة، ووفق الأطر المعمول بها اليوم، وإذا كان هناك ثمة من يعارض، استنجدوا “بشعب لبنان العظيم” وسيلبي النداء. أحرجوا الجميع وبالعلن، وليتم الفرز على هذا الأساس. ساعتها يمكننا وبسهولة معرفة من يعرقل، وعليه اتركوا للشعب المحاسبة وإنزال العقاب. وهنا يستقيم المنسم وتعتدل الكفة، فالفرز الحقيقي متى تمّ وبوضوح، تصبح المواجهة أجدى وأنضج، وربما، أسهل.
هي مائة عام من العمر بلغها هذا “اللبنان”؛ فيها من الخيبات كثير، ومن المحطات المضيئة بعض يُعتد به، عاش حروباً وتوترات ومناكفات، استمر ككيان ولكن لم يبن دولة ولا سلطة ولا قانونا ولا سيادة، ولم يحرز أي استقلال، وكما لم ينجز أي نقلة نوعية في بنية نظامه السياسي وطبيعته ووظيفته. نعم لم تبن تلك الدولة المنشودة، لكن غيابها، ربما أعطى لهذا البلد نقاطاً مضيئة يتشرف بها كل مواطن حر وشريف؛ نعم ردّ الشعب اللبناني على غياب الدولة وتقصيرها في الدفاع عن لبنان بوجه العدو الاسرائيلي، بحجة “القوة في الضعف” – التي كانت سائدة كموقف رسمي اعتمده السلطات الرسمية – بمقاومة وطنية امتدت على مساحة القرن من عمر البلد، بدأت في وجه الانتداب نفسه واستكملت في وجه عصابات الهاغانا ووصلت إلى المواجهة المباشرة مع الاحتلال عندما اجتاح أكثر من نصف مساحة الوطن، وأنجزت التحرير من دون قيد أو شرط. نعم لقد ردّ الشعب اللبناني على الحرمان والانحياز الذي مارسته تلك المنظومة المتحكمة، فكانت المبادرات الشعبية، وبشعارات التضامن والتضافر والعمل المشترك، منارات لفّت حدود الوطن من جهاته الأربع. لقد كانت الشوارع مسرحاً لمئات آلاف الحناجر تصدح للعلم والخبز والحرية. هذا بعض من فيض ما فعله الشعب اللبناني، المتروك من هيكل قيل عنه في يوم من الأيام أنه “دولة”.
ونحن نلج المئوية الثانية، هل يصبح طرح الدولة “المدنية” بديلاً عن تلك “المذهبية” وبداية لمسار جديد؟ نأمل ذلك، لكن الشك يحوم وبقوة، الاعوجاج الحاصل يلزمه كثير من الوقت كي يتم إصلاحه.
العطب بلغ النخاع الشوكي، إذن لا بدّ من زرع آخر، ربما بدأت ارهاصاته منذ 17 تشرين الأول، سنبني على المتيسر منه، ولنبدأ مسير جلجلة القرن القادم... ثمة رهان لا يزال قائماً، وفي الجعبة بقية من سهام... سنصل إلى الهدف وإن طالت المدة لبعض الوقت...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو المكتب السياسي، مسؤول العلاقات السياسية في الحزب الشيوعي اللبناني
موقع الحزب الشيوعي اللبناني – 31 آب 2020
***********
ص11
إرث سيد قطب تناقض دائم
وباب مفتوح لعودة “الحلم العثماني”
في 29 آب 2020، يكون قد مر 54 عاماً على إعدام سيد قطب، الأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسس منهج الجهاد العنيف، تاركاً إرثاً ضخماً من الكتابات والأفكار المتنافرة، فثمة الكثير من الأمور الجدلية التي تتعلق بقصة حياة ذلك المفكر الإسلامي الذي بدأ شاعراً وناقداً أدبياً ذا نزعة قومية، ثم سرعان ما تحول إلى النقيض مع انضمامه إلى جماعة الإخوان عام 1953، كما أن هناك جانباً آخر يتعلق بعلاقته بالقوى الغربية التي تضمنت التعاون وتلقي الأموال من بريطانيا وأميركا وفي الوقت نفسه تكفير الغرب.
العثمانية الجديدة
في شباط الماضي، أصدر ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كتاباً بعنوان “سيد قطب بين غلوّ محبيه وظلم ناقديه”، يدافع فيه عن المُنظر التكفيري ويعتبر ما خلفه من كتب وأفكار ميراثاً عالمياً وقال إنه “من الممكن النظر إلى خواطره على أنها إلهامات من الله سبحانه وتعالى.” وهو ما يأتي كجزء من مساعي “العثمانيين الجدد” إلى إحياء منهج قطب وإرثه.
يعتقد مراقبون وباحثون في حركات الإسلام السياسي أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسير على منهج قطب؛ فبحسب سونر كاغابتاي، مدير برنامج البحوث التركية لدى معهد واشنطن، يعود الأمر إلى سبعينيات القرن الماضي، إذ إن توجهات أردوغان تتوافق بشكل وثيق مع أيديولوجية الإسلام السياسي.
ويقول الباحث التركي إن هذا النوع من الإسلام السياسي (حركة قطب) الذي نضج في السبعينيات في تركيا وأطلق عليه اسم حركة “النظرة الوطنية”، لم يملَّ قط من تصنيف العالم من حيث العداوات الدينية. وهذه الموضوعات القديمة نفسها شقت طريقها إلى خطاب أردوغان. ولا يرى الرئيس التركي وكوادر حزب العدالة والتنمية الحاكم سوى أولئك الذين يعتنقون الإسلام السياسي على أنهم يمثلون إرادة الشعب، فضلاً عن كونهم الورثة الحقيقيين لتركيا، حتى أنهم يعتبرون جماعات المعارضة “وكلاء” لجهات فاعلة خارجية تتآمر لتقويض أجندة أردوغان لاسترداد مجد تركيا.

تقلبات قطب
بالعودة إلى فصول الجدل في حياة سيد قطب، نجد له إرثاً مختلطاً من الليبرالية والتطرف الديني الشديد؛ إذ مرت حياة قطب بثلاث مراحل رئيسة انتقل فيها من الليبرالية إلى التدين ثم التطرف وتكفير الآخر حتى أنه تبرأ من أعماله السابقة على تحوله الإسلاموي.
واحدة من الأمور التي تسلط الضوء على ليبراليته الأولى هو ما يتعلق بنظرته إلى المرأة، فلقد نشر قطب مقالاً في صحيفة الأهرام، في تموز 1938 يدافع فيه عن حرية المصطافين في ارتداء ملابس السباحة ويقول “إن (المايوه) لا يجذب ولا يثير، وإن أثار شيئاً فهو الإعجاب الفني البعيد بقدر ما يستطاع عن النظرة المخوفة المرهوبة”. لكن في إطار تحوله الفكري عاد بعد سنوات من كتابة هذا المقال ليقول إن “المرأة دورها يتلخص في الزواج ورعاية الأسرة والأبناء بسبب التكوين العاطفي والذاتي للمرأة الذي يمنعها من تولي منصب مسؤول. ولضمان سلام البيت واستقراره، يُطلب من المرأة تجنب الزينة والاختلاط بالرجال لتلافي الفتن والإغواء والفتنة”، بحسب ما جاء في دراسة عن المرأة في خطاب سيد قطب نشرتها مجلة الدراسات العربية في عدد صيف عام 2000.
ويشير نادر رزق، الباحث في الشأن الإسلامي في مقال في مجلة “حفريات” التابعة لمركز دال للأبحاث، إلى أنه لا يمكن فهم سيد قطب، بخاصة في السنوات الأخيرة من حياته، من دون التعريج على التقلبات الفكرية التي عاشها الرجل، وانعكست على كتاب “في ظلال القرآن” نفسه، الذي مرّ بعملية تنقيح مقصودة لآرائه السابقة، بل والتبرؤ منها كما صرّح، حتى وصل بالكتاب “تقريباً” إلى الصورة التي يريدها، بعدم مجاراة الجاهلية في شيء من تصوراتها، ولا في شيء من أوضاعها.
وتشير أليسون بارجتر في كتابها “الإخوان المسلمون: من المعارضة إلى السلطة”، إلى أنه لم ينبع من “الجماعة” سوى “مفكر حقيقي” واحد وهو المُنظِّر الراديكالي سيد قطب، بينما لم يترك المرشدون الأعلى بما فيهم حسن البنا إلا قدراً ضئيلاً من الأعمال الأدبية. وهنا يوضح سعيد شعيب، الباحث في الشأن السياسي ومؤسس المعهد الكندي للدراسات الاسلامية، أن المهارات الفردية التي كانت يتمتع بها سيد قطب سمحت له بالتحول إلى زعيم روحي تستقي منه حركات الإسلام السياسي منهجها، إذ منحته البعد الفلسفي لمشروع الاستعمار القائم على الدين ومنحه الشرعية الدينية، فضلاً عما لديه من ميول زعامة.
قطب الذي ولد في أسيوط وحصل على بكالوريوس التربية، حيث عمل مدرساً بين 1933 و1939، سافر إلى الولايات المتحدة ضمن بعثة دراسية عام 1948، حيث حصل على ماجستير في علوم التدريس من جامعة نورث كولورادو، لكنه عاد محملاً بأفكار وآراء مختلفة تجاه الغرب. ويعتقد بعض الباحثين، بحسب ما جاء في مجلة الدراسات العربية، أنه خلال الفترة التي قضاها قطب في الولايات المتحدة بين عامي 1948 و1951 صُدم بتحيز الأميركان ضد العرب ودعمهم غير المحدود لدولة إسرائيل الوليدة ومادية الغرب، ما شكل المرحلة التالية من حياته الفكرية والتي أعرب فيها عن رفضه الليبرالية العلمانية والتي رأى فيها فشل الماركسية والرأسمالية في توفير الرفاهية والكرامة الإنسانية.

التقرب مع الإنجليز والأميركان
ويشير حسام سويلم في مقال للمركز العربي للبحوث والدراسات، إلى أنه في كتابه “حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمين وعبدالناصر” الصادر عام 1987 ص 29-31، أدلى محمد حامد أبو النصر المرشد السابق للإخوان المسلمين باعترافات خطيرة حول اتصالات حسن البنا والإخوان المسلمين بالاستخبارات البريطانية إذ قال: “إن حسن البنا كان يلتقي في بلدته منفلوط بضابط الاستخبارات البريطاني باتريك، والميجر لاندل”، وإن حسن البنا أرسل بنفسه رسالة باللغة الإنجليزية سلمها أبو النصر إلى الميجر (لاندل) في منفلوط، وإن الوزير البريطاني المسؤول عن الشرق الأوسط ومعه سفير بريطانيا في مصر ووفد من السفارة زاروا المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة، وقابلوا الإمام حسن البنا، وعرضوا معونة مالية كبيرة وسيارات وتبرعات أخرى للجماعة”، ورحب البنا بأي دعم من الإنجليز.
وبحسب مقال بحثي نشره موقع المرجع التابع لمركز دراسات الشرق الأوسط، مركز أبحاث مقره باريس، للباحث حامد المسلمي في آب 2018، فإنه في أثناء الحرب العالمية الثانية بدأت بريطانيا تموّل جماعة الإخوان وبعض الروابط والجماعات الإسلامية الأخرى لمساندتها. ووفق الوثائق الرسمية التي رفعت بريطانيا عنها السرية، فإنه حدث أول اتصال بين بريطانيا وجماعة الإخوان عام 1941، وفي 18 أيار 1942 عقد اجتماع في السفارة البريطانية مع أمين عثمان باشا رئيس وزراء مصر ونوقشت العلاقة مع الإخوان وفيه اتفقا على أن تتولى الحكومة المصرية سراً دعم الإخوان مع الدعم البريطاني، كما أن الحكومة المصرية ستدخل عملاء موثوقاً بهم في صفوف الإخوان لتراقب الأنشطة عن كثب، كما ستتعاون الحكومة البريطانية بالمعلومات مع الحكومة المصرية في هذا الشأن.
وبحسب سويلم ففي عام 1953 (وهو العام نفسه الذي انضم فيه قطب إلى جماعة الإخوان رسمياً) وبعد ثورة الجيش في يوليو 1952 حاول المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي التقرب من الأميركان، طبقاً لما تشير إليه وثائق لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس – اللجنة الفرعية الخامسة، موعزاً لهم “بقدرة الجماعة على الإطاحة بعبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر من السلطة، الا أن هذا الأمر يتطلب دعماً كبيراً”.
ويقول المسلمي إنه في شباط ونيسان 1953 بدأت اللقاءات الرسمية بين حسن وتريفور إيفانز في السفارة البريطانية، في الوقت الذي كانت الحكومة المصرية تتفاوض مع بريطانيا لجلاء قواتها تماماً ونهائياً عن مصر، واتهمت الحكومة المصرية جماعة الإخوان بأنها تعرقل مفاوضات الجلاء وتعطلها، وقد ألقي القبض على الإخوان متلبسين بجريمتهم، ومع اقتراب المواجهة بين عبد الناصر وبريطانيا، أشعلت جماعة الإخوان الحرب ضد عبد الناصر، وصلت إلى محاولة اغتياله في حادث المنشية 1954.
ـــــــــــــــــــــــــــ
“اندبندنت عربية” – 29 آب 2020 (مقتطفات)
***********
ص12
قاومن الظلم والتعذيب والقهر
قصص أبرز 4 مناضلات ضد العبودية
آية جودة


بدأت أول حركة لمناهضة العبودية في عام 1791، ورغم أنه في ذلك الزمن البعيد كانت الأفضلية والتركيز موجهين دائما إلى الرجال، إلا أن هناك نساء ناضلن من أجل نيل الحرية.
وسواء كن من العبيد سابقا أم لا، فإن أفعالهن أثرت في حركة تحرير العبيد، وما يزال العالم يذكرهن حتى يومنا هذا؛ لبطولتهن ودعمهن للحرية دائما.

ماريا ستيوارت
ولدت ماريا ستيوارت عام 1803 لأسرة حرة سوداء؛ لكنها فقدت والديها بعمر الخامسة، وأجبرت على العمل في خدمة أسرة بيضاء البشرة لمدة 10 سنوات، ولأنها لم تكن من العبيد فقد تركت الأسرة بعمر الـ 15، واستقلت بعملها وعلمت نفسها القراءة والكتابة.
تزوجت “ماريا” عام 1826، وعاشت مع زوجها في راحة مادية حتى وفاته عام 1829، وفقدت في ذاك الوقت كل الامتيازات المادية مما أعادها مجددا للعمل في المنازل لإعالة نفسها. لكن بمرور الوقت أصبحت “ماريا” أكثر وعيا بالدين المسيحي، ومنه قررت الاهتمام بتحرير العبيد لكونه أمرا غير إنساني، وبحلول عام 1831 وتكوين جماعات تدعو إلى إنهاء العبودية، انضمت إليهم “ماريا” لتصبح بقدرتها على الكتابة والصياغة واحدة من أهم الأعضاء.
وكانت أول امرأة أميركية تلقي خطبا حماسية على الملأ، في الوقت الذي كان دور المرأة بالكامل مهمشا، سواء كانت بيضاء أو سوداء البشرة، ولذا قوبلت بالهجوم الشديد على جرأتها بهذا الشكل، حتى من الذين كانوا مساندين للقضية. تركت “ماريا” مدينتها، وعملت بالتدريس لفترة من الوقت، مع استمرار عملها في الاحتجاج على أوضاع أصحاب الأصول الأفريقية، وفي عام 1861 أسست مدرسة للأطفال الهاربين من الاستعباد خلال الحرب، واستمرت في نضالها من أجل أن ينال الجميع حريتهم، وأن يتساووا في الحقوق. ألقت “ماريا” العديد من المحاضرات ونشرت بعض الكتب، وتوفيت عام 1879 بعد أيام قليلة من نشر كتابها الأخير.
فرانسيس إيلين واتكينز هاربر
ولدت فرانسيس إيلين واتكينز هاربر عام 1825 لعائلة سوداء حرة؛ لكن ببلوغها 3 أعوام توفي والداها، فتولى أقاربها تربيتها، وقد كان عمها ناشطا في حركة مناهضة العبودية، فتعلمت على يده القراءة والكتابة، ودرست في مدرسته التي أنشأها لأصحاب الأصول الأفريقية.
بعمر 13 توجب عليها البحث عن عمل، فعملت مساعدة لأسرة بيضاء تملك متجرا لبيع الكتب، وهناك استغلت “فرانسيس” كل وقت فراغها في قراءة الكتب، حيث سمحت لها العائلة مالكة المتجر بذلك، وبعمر 21 عاما كتبت أول قصيدة شعرية. بعد ذلك تركت العمل في المتجر، وانتقلت إلى مدينة أخرى حيث عملت كمعلمة؛ لكن أثناء وجودها هناك تغيرت قوانين المدن، وأصبحت فجأة مهددة بالقبض عليها، وبيعها لتجار الرقيق. مع عدم قدرتها على العودة لعائلتها، قررت “فرانسيس” تكريس كل جهودها لمحاربة العبودية، وبمساعدة أصدقاء عمها بدأت الكتابة لصالح الصحف المناهضة للعبودية، وبعدها أصبحت “فرانسيس” واحدة من أهم الكاتبات في الولايات المتحدة، ومتحدثة مدافعة عن حقوق الإنسان وتحديدا ذوي البشرة السوداء والنساء، وذلك حتى وفاتها عام 1911.

هارييت توبمان
ولدت هارييت توبمان في حياة العبودية، لذا فإن تاريخ ولادتها الدقيق غير معروف بالضبط، لكنه على الأرجح بين عامي 1820 و1825. عانت “هارييت” منذ طفولتها من التعذيب بمختلف أنواعه، تسبب هذا التعذيب في علامات دائمة في جسدها، كما عانت بسببه من نوبات صرع وصداع نصفي حاد؛ لكن كل ذلك لم يوقفها عن محاولاتها الدائمة لمساندة العبيد الذين تلقاهم في طريقها ويحتاجون للمساعدة. قررت “هارييت” في عام 1849 الهرب من العبودية برفقة أخويها اللذين قررا العودة طوعا عندما أعلن الملاك عن جائزة مالية لمن يعيدهم؛ لكن هذا الأمر لم يثنِ “هارييت” التي أكملت طريقها للحرية، وفور وصولها إلى مدينة آمنة بلا عبيد، قررت العودة مجددا لمالكيها السابقين؛ لكن لإنقاذ أسرتها وأصدقائها، وبالفعل عبر ما يقارب من 20 رحلة، استطاعت “هارييت” تحرير ما يزيد عن 300 عبد وإرشادهم إلى الحرية. آمنت “هارييت” بالكفاح المسلح، لذلك عندما قامت الحرب الأهلية الأميركية، شاركت فيها كجندي حامل للسلاح، لتصبح أول قائدة لمجموعة مسلحة، وشاركت في تحرير أكثر من 700 شخص من العبودية. استمر كفاح “هارييت” حتى بعد إلغاء العبودية بموجب الدستور الأميركي، لتشترك في المطالبات بإعطاء حق التصويت في الانتخابات للمرأة، وبعد وفاتها في عام 1913، أصبحت “هارييت توبمان” رمزا للحرية.

سوجورنر تروث
ولدت سوجورنر تروث في ظل العبودية عام 1797 تقريبا. وخدمت لدى أكثر من عائلة، وتنقلت 4 مرات، حيث تعرضت لمختلف أنواع القمع والتعذيب. تزوجت من أحد العبيد وأنجبت 5 أبناء.
بحلول عام 1827 هربت من الاستعباد مع طفلتها الصغيرة كلاجئة لإحدى العائلات الداعية لتحرير العبيد، وبالفعل اشتروا للطفلة حريتها من العائلة المالكة لها، كما استطاعوا إنقاذ ابنها البالغ 5 سنوات من الاستعباد. تركت “سوجورنر” المدينة وانتقلت إلى مدينة نيويورك، وهناك حولت ديانتها إلى المسيحية وأصبحت متحدثة دينية، وفي ذاك الوقت قابلها بعض ممثلي منظمات مناهضة العبودية، الذين أقنعوها باستغلال شعبيتها الدينية في الحث على إنهاء العبودية في البلاد. قررت “سوجورنر” توكيل أحد الأشخاص لكتابة قصة حياتها؛ لأنها كانت أمية، وبفضل هذا الكتاب نالت بعض الشهرة، التي قررت ممثلات عن منظمات حقوق المرأة استغلالها، وبالفعل بدأت “سوجورنر” التوعية بحقوق المرأة أيضا. ظلت “سوجورنر” تلقي خطبها مع مساعدتها الدائمة على تحرير العبيد الذين تستطيع تحريرهم، وكان لها دور بارز في الحرب الأهلية، حيث كانت تحث الرجال على الانضمام للجيش الاتحادي، وبعد الحرب ساعدت العبيد الذين نالوا حريتهم أخيرا على إيجاد عمل وبناء حياة جديدة حرة. وظلت حتى آخر أيامها تحاول نيل المزيد من الحقوق للعبيد السابقين وتغيير الدستور الأميركي لصالحهم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
“الجزيرة نت” – 26 آب 2020
***********
ص13
كاظم غيلان.. رائحة الشعر
شوقي كريم حسن


كيف يمكن لرجل، جاء محملاً بانغام حناجر ميسان التي تطلق نواحات الارواح ليل نهار، ما ان تحط رحالها عند رفيف طيور (الغاق)، ونداءات طائر (الكرسوع) ، ليالي تمنح الصبا، غرابة ترقب، ومساحات بشسع الامتدادات المائية من التأمل، ومحاولات صياغة الحاضر من جديد، كيف لمثل هذا الولد الذي شب على غايتين مهمتين، لم الفقر؟ ولم يهيم الناس عشقاً بتدولات نغمية يسمونها شعرا؟
كيف لمثل هذا، حين يقرر المجيء الى حيث الصخب، ان لا يحمل بين ثنايا روحه رائحة خاصة به، اسميتها يوماً رائحة الشعر، يدمن الاحاديث التي تتحدث عن معمار الشعر العراقي ومهندسه الامثل، مظفر النواب، مثلما يدمن نداءات روحه التي انزاحت بخوف صوب عذابات اولئك الذين كان يرى احلامهم وهي تجف وتتلاشى، اتعس وحشات الروح، هذا الفعل الذي كان كاظم غيلان ، النحيف مثل قصبة، يقف امامه معلناً عجزه، ثمة لحظات تهرب من بين ملامح القصيدة، حتى تبدو شوهاء، نافرة، ومع هذا النفور الذي رافق المحطات الاولى من الشعر الدارج العراقي، تمكن كاظم غيلان، وهو المدون لكل منجزات الجيل السبعيني وما تلاه، من تجاوز عقبة وجوده، يشعر متلقيه، وهو يقدم له زاداً جمالياً معرفياً ، خال من المنبرية ودوافعها، مختلفاً في هذا القصد، عن ربعه ومن هم اعتق، الشعر الدارج العراقي، مرتكزه الاساس منبريته، الا القليل منه، الذي لا يصلح لغير قراءات فردية متأملة وكاشفة، ودقيقة البناء والتصور، وهذا ما تمكن منه غيلان، اذ راح ينشأ جمالياته النصية، من خلال ثيم انسانية، قد لا تتوافر على خصوصية محلية، لكنها انسانية بشكل واضح، لم يغادر غيلان، الاشتغالات النوابية، وإن حاول، فظل لصيقاً بها، او هو الاقرب اليها، حد الهيام، والتفحص، والتبشير في محطات عمرية كثيرة، تتفحص نص غيلان، بصبر نفسي ، فتكتشف خلوه من محنة اللهجات الجنوبية، التي تداخلت وتدخلت في بناءات النص الدارج، بسيط ، سلسْ، يجنح الى هدوء لهجة التحضر، وضروراتها التي تقترب من الشعر المكتوب بالفصحى، يرسم غيلان حركة نصه من خلال توفير كم من الثيم التي تصدم متلقيه، وهو يشخص عموميتها، لكنه وبحدة التكوين، يتراجع، مسلماً ان هذه الثيم قد فقدت اعتياديتها لتتشكل من جديد داخل الخطاب الشامل للنص، ثيم غيلان تستمد روحها من خلال تأملاته، التي ينفرد بها، هو المتفحص، المدقق، العلوي الاختيار، لا تأخذه سفليات القول الشعري، ولا يكترث او يتابع سوى التجارب التي يجدها مناسبة لتطوير ذائقته الارثية، التي اصبحت مرجعاً مهماً وكاشفاً للكثير من اجيال كتاب النص العراقي الدارج، راح غيلان يتخذ دور الكاهن المبشر، المريد الذي يحاوطه تلاميذ المدرسة النوابية، تغريهم حافظته، فيشدون الرحال من خلاله الى عوالم تلاشت ، او في طريقها الى التلاشي، لم ظل كاظم غيلان ، المتيم النوابي، نائيا عن استخدامات النواب اللفظية، المركبة، والغريبة، والعصية على الفهم لدى الكثير من متلقيه، وهو الاقرب من النواب الى تلك اللهجات وصورها المطمومة داخل شفرات دلالية خاصة جدا؟ لم انزاح النص الغيلاني، نحو خيار وسط، هو الاقرب لروح المدينة وتحضرها، اهو المؤثر المنافس الثاني، واقصد بهما كاظم اسماعيل الكاطع، وعريان السيد خلف، وفي نصوص غيلان بعض من موجودات الكاطع الذي عزل نصوصه بالتمام عن منحوتات النواب؟
قد تكون محنة غيلان وانكساراته الاجتماعية والسياسية، هي التي دفعته الى ان يكون وسطا، يمشي مؤرخاً مع الجميع، ولكنه وبعزلته النفسية، الواضحة داخل منجزه الجمالي، يمشي لوحده، مع الكثير من التحفظات والابتعاد عن الضجيج، تمسك بقواه المعرفية، ولم يهدرها يوماً عند منبر هتافي، ظل سليل المنتج الشعري العراقي العام، يرسم مدورات حسب الشيخ جعفر، ويقيم صرحاً قريباً من مفازات سعدي يوسف، وتلك مهمة اتعبت غيلان كثيراً، بل اوصلته لمرات عدة الى اتخاذ الصمت وسيلة احتجاجية معرفية عالية التأثير، وسيظل غيلان بطيء التعامل مع البياض، غير هياب من ملاحقات الزمن، اذا ما استهوته موضوعة، وراودته فكرة، راح يخطط لها، ويؤدلجها شعرياً، ويقلبها على اكثر من وجه، ثم يعرضها على ما يعرف من تجارب، واذا ما استقرت روحه، وشم رائحة الشعر، راح يملأ البياض، برسومات ثيمية ملونة، يحاول من خلالها الوصول الى الغايات والمقاصد.
************
فضاء شعبي
عريان السيد خلف والاسقاط الطبقي المكتنز بمدلولاته السياسية

علوان السلمان

النص الشعري الشعبي على امتداده التاريخي حمل هموم الواقع وتناقضاته فكشف عن براعة فنية مع توهج لهجته المتداولة والقريبة من الوجدان بتدفق وانسيابية عذبة محركة للذاكرة ومشكلة اضافة خلاقة يزهو بها الفكر الانساني..اذ هناك مناجاة الذات والواقع باقتصاد لغوي دال على البوح باعتماد اسلوب التراكم الدلالي للتناقضات الحاصلة داخل نسيج النص المنتج .. المشبع بقدرته التعبيرية المستنطقة للحظة الشعرية مجتمعيا عبر نسق لغوي مكتمل المعنى..كما في قول الشاعر عريان السيد خلف )الشجر يثبت شجر..والخاوية تطيح)..وله:
الموت من يحصد الوادم...باكه..باكه
الصوت من يصحه اعله ظالم..باكه ..باكه
فالصورة الشعرية عند الشاعر تعتمد صراع الاضداد مبنى ومعنى..اضافة الى اعتماد الانزياح اللغوي وتجاوز المألوف بتوظيف الاسلوب البلاغي كالجناس كما في(باكه..باكه) اذ تعني الاولى الموت بصيغة جماعية..اما الثانية فتعني الصحوة والانتفاض ضد السارق لحقوق الاخرين وممتلكاتهم..وهناك الطباق كما في(الموت والصوت) ..اضافة الى المجاز والتشبيه والاستعارة.. لتحقيق الشعرية المستفزة والنابشة لذاكرة المستهلك(المتلقي) للكشف عن ابعاد النص سياسيا واجتماعيا واقتصاديا معتمدا المفردات الشعبية المتداولة والموغلة ببعدها التاريخي ومنحها بعدا معرفيا وثقافيا معاصرا..حتى ان هذه القصيدة (كبل ليلة يبو محيسن) شكلت منعطفا في التجربة الشعرية العريانية خصوصا ومجمل التجربة الشعرية عموما..
جان اول بيت ضحكه
وجان ثالث بيت رجفه
وجان رابع بيت عين
فالشاعر هنا يخلق توازنا ما بين الفكرة والصورة الماسكة بالسياق النصي والمتميزة بالعمق الدلالي المنبثق من خزين الذاكرة الشعرية المنتجة لنصها وهي تعالج واقعا مأزوما..اضافة الى انبعاث قوة الايحاء في رسم المفردة الشعرية التي تكشف عن الاسقاط الطبقي عبر رؤى اجتماعية مكتنزة بمدلولاتها السياسية..
هذا يعني ان الشاعر الشعبي كشف عن قدرة فكرية منتجة وحضور فاعل ومتفاعل مجتمعيا من اجل وجود انساني يشعر بالسعادة في وطن حر متحرر وينسى شكواه (الناس بالجله دفت وآنه ارجف بنص تموز)..عبر نسج شعري يعتمد مضمار الحداثة الشعرية التي اسسها مظفر النواب باعتماد التعالق بين اللهجة اليومية والاساليب البلاغية والفكرة الفارشة لروحها على ىامتداد الجسد النصي الحاضن للصورة الشعرية..
************
شتحمل يا وطن يا قبلة الكون
مأمون النطاح

ما ظلت مروءة ابعض الوجوه
ذيول وعل الحراير صاروا ابطال
كون القتل حُرَّة تقتله الأنفاس
وفوگ الارض ما تمشي هل الاشكال
يل حجرچ كرامة تناطح الكون
وكاروكچ حنان ومصنع اجيال
من العفَّة گـــلايد تارسة الجيد
يا مصنع حشيمة تهز الجبال
تِديرَمتْي بصبغ لون الشواجير
وتكحَّلْتي بدمع فوگ الجسر سال
هلا بحسّ العراقية وصلاوات
صوتچ تفگ بالهلهوله چَتّال
يظل اسمچ علم بمتون الايام
وغيرچ على الهامش خاتل وضال
يا دجلة الروت من مايها الگاع
وجهچ عالفرات مبيِّن اهلال
شتحمل ياوطن يا قبلة الكون
وعليك تكالبت انياب الارذال
***********
تنيتك


سامي عبد المنعم


تنيتك .. والامل مدفون بالروح
وعلى المامش .. عشت وياك عمرين
أشلّن فد جرح تتفتگ إجروح
خلص عمري إبهواك إشهور وسنين
مثل طير الرگص عالگاع مذبوح
أكابرچذب وأحبس دمعة العين
أخاف إتگول ها شبساع ملّيت
جبتلك من صبر أيوب صبرين
بعدني إمسايسك رغم العذابات
وهذني إجروحك البيّه نياشين
نطرتك والگلب مليان زنجار
وضنيتك إتحس همومي وتلين
تحملت السهر والاه والويل
لجل عينك گلت تكرم ألف عين
أثاريك إبعذابي حيل ترتاح
وتسمع ونتي مثل التلاحين
مجبور آنه أجرعك وأكتم إهموم
ولو دچني الوكت بحشاي رمحين
دخيلك بس أريد شلون أنساك
وتدري إبسولتي سولة مجانين
على فرگاك ممكن أصبر أيام
ولو كل يوم عندي إيعادل سنين
تبقه إنته جرح بالروح للدوم
ولجل عينك أداري الزين والشين
************
ص14
العائدون
من الموت
شينوار إبراهيم

عدتُ من الموت
أسيرُ وَحيدًا ... بائسًا
تؤلمُني الخَطواتُ ...
أصارعُ مَخاوفي
الضّبابَ المَجهولَ ...
في ذاكرتي
أحمِلُ أسماءً بدونِ حُروف
أوجاعًا بلا أشلاء ...
أبحثُ عن جثّتي المَفقودةِ
في المقابرِ الْجَماعيّة ...
عن قاتلي
بين الملفّاتِ الضّائعة
في حَقائبِ عاهراتِ الأرضِ ...
عن صَرخاتِ حَفيداتِ الشّمسِ
بينَ مَخالبِ الذّئابِ ...
صَدى نِداءاتِ القاصِراتِ
في 3. أوكوست
أيامًا حُفِرَتْ بأظافرِ المُغْتَصَبات
في ذاكرةِ التاريخ
لقد ماتَ كلُّ شيء
حتّى الإنسانيّة ...
بَدَأتُ أخافُ حتّى من ظلّي
من حجمِ انكساري ...
هذه الحياةُ تُؤلِمُني
بصمتُها القاتل ...
سأعودُ إلى الموتِ ثانيةً
الألَمُ يَنهَشُ في جَسَدي الميت
لا أقوى على الهَرَب ...
لا أملكُ القوّةَ على البُكاء ...
دفنتُ قلبي هناك
بعيدًا عن جَسَدي ...
لا أحَدَ يَعلَمُ بِنَزيفِ حُزني
فأنا أزيدي ...
مُجَرّدَ رقمٍ في سجلِّ الحِسابات ...
**********
“بعد فوات الأوان”
مسرحية مجهولة لـ يوسف العاني
صباح المندلاوي


بادرت مجلة “الثقافة الجديدة” مشكورة لإصدار مسرحية “بعد فوات الأوان” للرائد المسرحي الراحل يوسف العاني الى جانب ملف عن مسيرته الذاتية والفنية وبأقلام: عادل حبة، د. جبار خماط، د. عقيل مهدي، د. سعد عزيز عبد الصاحب، روميو يوسف، كافي لازم، طه رشيد.
عادل حبة أظهر هذه المسرحية الى النور، بعد احتفاظه بها لعقدين من الزمن. المسرحية كتبت في فترة حساسة ودقيقة، في اعقاب انقلاب الثامن من شباط الدموي عام 1963، وفي معتقل البتاوين ببغداد، لتكون شاهداً على الخراب والدمار الذي اصاب العراق وكبل ابناؤه بالكثير من القيود والاغلال والاصفاد.
(الأب) يكشف عن وجهه البشع والقبيح، ينفرد بالقرار ويضيق الخناق على أنفاس العائلة، يتدخل في شؤونهم ويجبرهم على اتخاذ ما لا يقتنعون به، مستبد، متسلط، امي، صلف، مغرور، تسبب في إلحاق الأذى والضرر بأبنائه.. سلوكه عدواني وفظ، يحرم ابنه الكبير (عدنان) من الزواج من الانسانة التي أحبها والتي تعرف عليها في الكلية، بحجة ان والدها (منير ثابت) لا يروق له ويثير حفيظته ويلصق به من التهم والنعوت الكثير.
لا تلبث ان تتزوج من رجل آخر تكرهه.. ومن ثم تنتحر فيشعر (عدنان) انه وراء كل تلك المآسي والجرائم، لولا تردده وامتثاله لأوامر ابيه لما حدث ما حدث. يسوء وضعه الصحي وتتدهور حالته الصحية..
حوارات الاطباء التي توحي بأنه قد وصل مرحلة يصعب فيها الشفاء.. أي بعد فوات الأوان. عندها ينقلب الأب رأساً على عقب، يحاول ان يتعظ مما حدث.. ويبدي من التساهل والود والتنازل امام ابنه (عدنان) لكي يغفر له ما حدث وانه مستعد ان يعيد النظر في تصرفاته، بل انه مستعد ان يفعل أي شيء من اجل ان يبقى (عدنان) على قيد الحياة.
لم يكن الأب في تصرفه القاسي مع ابنه الاكبر (عدنان) لوحده، وانما مع ابنه الأصغر (خالد) ايضاً يوم جمعته علاقة حب بريئة بجارته (غنية) وهي فتاة صغيرة ومهذبة.. فما كان من الأب الا ان يطردها من منزلهم للحيلولة دون تطور هذه العلاقة مع ابنه - الأبكم والأصم- (خالد). وهنا نواجه ازمة جديدة وشائكة يوم تمارس الام اقصى سلطاتها لتعنيف غنية، تستعين الام بشقيقها – أي خال غنية – ليتدخل في الأمر، وليصطحبها الى بيتهم كإجراء احترازي مؤقت للابتعاد عن خالد ونسج علاقة عاطفية. لكن الام لا تلبث طويلا حتى تسترجع غنية من بيت اخيها ولتكون تحت سطوتها.
لغة القمع والارهاب هي السائدة من خلال حوارات الاب المتسلط والام المتسلطة، وهي إيحاءات تنطوي على التأويل وبالإمكان اسقاطها على السلطة الحاكمة الجائرة آنذاك.
ان التغيير المفاجئ للأب من كونه قاس ورعديد وقاصٍ للآخرين الى أب مسالم وهادئ ووديع بمجرد دخول ابنه عدنان الى المستشفى واحتضاره، لم يكن يبعث على القناعة لعدم وجود الممهدات والاشارات لمثل هذا التحول الخطير، كي يتنازل الاب متوسلاً في آخر المطاف، للإبقاء على ابنه حياً.
وكان الأولى ان يستمر الصراع مفتوحاً بين الأب والإبن وبين الأم وغنية، وتتوهج فيه المحاكمات والسجالات والحوارات لإدانة كل ما هو غير انساني وحضاري ويراد له ان يفرض بالقوة على ابناء شعبنا او أفراد العائلة الواحدة.
ولعل ثمة ملاحظة اخرى لا بد منها: عند زيارتنا انا والرفيق مفيد الجزائري وزير الثقافة، وكان يوسف العاني أثر وعكة صحية ألمت به، قد اخبرنا انا والأستاذ مفيد الجزائري عند تفقد احواله بأن لديه مسرحية لم تنشر بعنوان “اويلاخ يابه” وقد كتبت في اعقاب الثامن من شباط 1963 وتتناول نضالات الشيوعيين والديمقراطيين وصمودهم وتحديهم في سجون السلطة آنذاك، وهي لدى السيد حمدي التكمجي في عمان – يومها لم يكن قد توقف قلب التكمجي بعد – دعانا الى طباعتها او اخذت طريقها للعرض. وهذا سر اكشفه للمرة الاولى.
وقد ظهر كتاب فخم بتصميمه ومحتواه بعنوان “يوسف العاني فنان الشعب” ومزين بأحلى الصور لما قدمته فرقة المسرح الفني الحديث، كانت هذه المسرحية المعنونة “اويلاخ يابه” في مقدمة الكتاب وهي مسرحية شعبية تعكس بطولات الشيوعيين وبسالتهم في مواجهة الفاشست.
********
ذاكرة
عبد الله بن الدمينة الأكلبي وشعر الكتمان
خالد جواد شبيل


عرفت شاعرنا من خلال “المعلم الجديد” وما كنت قد بلغت الحُلم، وفُتنت به وحفظت قصيدته القصيرة الذائعة “ألا يا صَبا نجد..” التي حدا بها الركبان لخفتها وجمالها، وغنّاها مطربو المقام العراقيون على مقام “الصبا” لتوافق في مطلعها “صبا” وإسم المقام.. والقصيدة فيها حزن وكذلك “الصبا” الذي أعده و”المخالف” والسيكاه من أكثر المقامات العراقية حزنا ًوتوجعا..
هو إذن شاعر أموي اسمه عبدالله بن الدُمينة الأكلبي، والدُمينة أمُّه وهي من بني سلول، وأكلب هي قبيلته من ربيعة.. ولد في نجد وهي موطنه ولم تأتنا سنة مولده..وهو شاعر أموي بارز وفارس مِقدام ومُقاتل في الجيش، وُصف بأنه وسيم حسَن الصورة، لكن هذا العسكري رقيقٌ مرهف الحس، عذب اللغة، صافي الديباجة حتى ليحسب القارىء المتمعن الفطِن أن شعر هؤلاء العذرين يتشابه في ديباجته ونسيجه، وأنه قد غُربل من التراث الشعري الذي سبقه من مفرادات الشعر الجاهلي الثقيلة الصعبة.. فاستحال الى حرير ناعم لاعقدة فيه، جميل الوقع في موسيقاه على المسامع .. واضح المعاني صادق العواطف، تسمع القصيدة منه وتود أنها لو طالت فإن وجدتها قد قصرت رحتَ تعيدها وتعيدها دون أن تمل أو تكل!!
وحين أحاول استذكار الشعراء من يقاربه منهم فأجد الشاعر العباسي العباس بن الأحنف (103- 192ه/750 – 809م) ، الذي سبق أن كتبت عنه وعن كَلَف الشاعرة الدكتورة الأنيقة عاتكة وهبي الخزرجي التي نالت الدكتوراه من فرنسا في شعره..
فهو مثله نجدي وإن اختلف العصر ونأى، شبيهٌ لابن الدمينة في الأناقة والعفة في الغزل، والوسامة خِلقة ً، وهومثيله شعراً، في حُسن السبك وسِمة الجزالة ورقِّة اللفظ وصفائه ووضوحِ المعاني وبلاغة التركيب وتتالي الصور ناهيك عن صدق المشاعر.. أذن لنسمع ابن الأحنف:
أبكي الذين أذاقوني مودتَهم – حتى إذا ايقظوني للهوى رَقَدوا
واستنهضوني إذا ما قُمتُ منتصِباً – بثِقل ما حمّلوني بالهوى قَعَدوا
جاروا عليّ ولم يوفوا بعهدِهمُ – قد كنتُ أحسَبُهم يوفون إن عهِدوا
لأخرُجنَّ من الدُّنيا وحبُّهمُ – بين الجَوانحِ لم يَشعُرْ به أحدُ

وترى القصيدة قصيرة مركزة كسلُاف عبِق، لتشي بمبدأ هام وهو: أن القصيدة لا تقاس بطولها.إنما بمعانيها وعواطفها ولفظها وصورها ....
عبد الله بن الدمينة، توفي مغدوراً سنة 130 هجرية ، وظلت قصيدته في الحنين والشوق للمحبوب، تتكتم على اسم حبيبته ..
نتناول القصيدة الذائعة لابن الدمينة التي لا يُذكر إلا ويتبادر الى الذهن قصيدته الملتاعة:
ألا يا صَبا نجدٍ متى هِجتَ من نجدِ – لقد زادني مَسراك وجداً على وَجدِ
أإن هَتفت ورقاءُ في روْنق الضحى - على فَننٍ غضِ النبات من الرندِ
بكيْتُ كما يبكي الوليد ولم أكن – جليداً وأبديتُ الذي لم أكن أُبدي
وقد زعموا أن المُحبَ إذا دنا – يملُّ وأن البُعدَ يشفي من الوجدِ
بكلٍ تداوينا ولم يشفِ ما بنا – ألا إن قُربَ الدار خيرٌ من البعد
ألا أن قُرب الدار ليس بنافعٍ – إذا كنتَ من تهواه ليس بذي ودِّ
في قصيدته الصادقة بوح شريف وإخبار صادق، فالحب من طرف واحد، لم يجعل المحبوب مَلوماً ولا ناكثَ عهدٍ بل ظل الشاعر محبا وصادقا ونبيلا في مشاعره.. الموسيقى صادحة تكثر في الدالات والقافات وهي أصوات متفجرة ثم ليونة اللفاءات واللامات .. قتتنوع الاصوات وتتفاعل لتكون موسيقى شجيه منسابة أليفة..واللغة تجمع بين السهولة وانتيالات أحاسيس الشوق ولواعجه تجعلها تدخل القلب والذاكرة معاً.
**************
ص15
اتحاد أدباء العراق.. عطاء دائم
مثلما رفض المثقف العراقي الوطني والحقيقي والحر مضامين التجربة الفاشية للنظام السابق، سواء باللوذ بالمنافي أو تحمل ويل المعتقلات أو الاستشهاد أو الصمت أو الكتابة بلغة تشفير مقصودة اكتنزت بالرفض، كذلك سيقاوم الأدباء اليوم مشروعات العمالة والمحاصصة والنظرة الضيقة، منطلقين من موقف اتحادهم الذي يعتزّون به، ويَسْمُون بقلعته الوطنية الباسلة التي لم تنجرف، ولم تهادن من أجل تزويق صورة الخراب.
لقد حمل الاتحاد شعار (كلّ يوم خطوة إلى الأمام) من أجل مشهد تنويريّ مهنيّ عراقيّ مميّز، لتحقيق أهدافه على المستويات كلها، ابتداء بالموقف الوطني الذي حمله أمانةً في عنقه، وهو يدين تصفية رموز البلد، وتهديد وقمع الناشطين، فصار الاتحاد حاضنة لأكثر من ثمانين منظمة وتجمّع ورابطة من شمال الوطن إلى جنوبه لاستصدار بيان إدانة وشجب ضد القتل بدم بارد، من دون تريك ساكن من قبل المسؤولين المتنفذين، وسيستمر مشروع رفض الظلم ويستمر الوقوف مع تظاهرات الشعب والحرص على حماية الأرواح البريئة بقوة وعزم، وليس انتهاءً برفض الاتحاد التطبيع مع إسرائيل والوقوف مع الشعب الفلسطيني.
وامتدت الخطوات للشأن الاجتماعي بمتابعة الزملاء من المرضى، وتفقد أحوالهم وزيارتهم في بيوتهم ومشاركتهم افراحهم واتراحهم والسعي بجدّ وإخلاص لمتابعة حوائجهم.
كما يشكل الجانب الثقافي والإبداعي الحجر الأساس في أنشطة الاتحاد المبرمجة عبر الأماسي التفاعلية والندوات المتخصصة التي قاربت مائة جلسة في شهر آب 2020، فضلاً عن إصدار الصحف والمجلات الدورية وطبع الكتب وتوزيعها.
هذا وقد شكلت جائحة (كورونا) مثابة انطلاق إنسانية عظيمة في تكثيف التحرّك في المتابعة تحقيقاً لشعار (اتحادك في بيتك) فكانت مناشط اتحادنا الكبير -مركزا ومحافظات- علامات عافية وتقدم في إنجاز مهامه، وأكّدت مصداقية توجهاته الكبيرة في إصدار (39) كتابا في هذا الشهر وسيواصل إصداراته في الأشهر القادمة.
• استمرار الجلسات التفاعلية للاتحاد، باتحاداته ومكاتبه وأنديته ومنتدياته، من خلال مشروع (#اتحادك_في_بيتك)
• نعى الاتحاد بحزن مرير الأدباء الراحلين:
- الكاتب والسيناريست عادل كاظم، القاص موفق هاشم الشديدي، الكاتب والسارد والمترجم أحمد الباقري، الأديب والفنان خالد إيما، الأديب الشاعر عبد الزهرة لازم شباري، الشاعر سعد الشلاه، الشاعر والناقد أ.د.عبد الكريم راضي جعفر، الشاعر أحمد جاسم محمد، القاص والروائي سلام نوري.
من جهة أخرى ادان الاتحاد الإبادة المجرمة للأيزيديين على يد داعش الإرهابي في ذكراها السنوية.
وتضامن مع شعب لبنان وأدبائها بعد مأساة انفجار المرفأ في بيروت.
وواصل إصدار مجلته مجلة (الأديب العراقي) وجريدة (الاتحاد الثقافي)
ومجلة (ميشا) للأطفال.
واستذكر الاتحاد الأمين العام السابق الشاعر إبراهيم الخياط، بالذكرى الأولى لرحيله.
وشارك الاتحاد مع ثمانين منظمة وطنية بتنظيم حملة لوقف القمع والاغتيالات والتهديد والخطف الذي يطال الناشطين والمتظاهرين.
اتحاد الأدباء والكتاب في العراق
*************
قصة قصيرة
طير منكسر
علي حداد*


لم يكتب لها شيئا سوى انه لايستطيع أن يعود اليها في الوقت الحاضر .. وانه يعرف تماماعذاب الانتظار ولوعته وما يسببه لها من ألآم وحزن لكن ما باليد حيلة..انه العشق لأمرأة أخرى ...
طوى الرسالة بعناية ووضعها في مظروف أزرق لامع ثم كتب العنوان وحشرها في جيب سترته الخضراء المقلمة بالاسود.. وشق طريقه نحو مبنى بريد مدينته القديم...
ابتسمت الموظفة العجوز في وجهه ثم سألته .. وابتسامة حلوة زينت وجهها
_ رسالة أخرى ؟
_ نعم
_ حرام عليك أن تدعها هكذا معلقة
_ أعذريني لا استطيع
وظلت أبتسامة شاحبة قلقة معلقة على شفتيه حتى وهو يخرج مسرعا. . سألتها الموظفة الشقراء بأستغراب
_ أهي الى زوجته ؟
وابتسمت ابتسامتها الحلوة ذاتها وكادت ان تتسع لتكون ضحكة لكنها
_ نعم منذ ان هربت مع عشيقها الشاب النحات وهو يكتب لها يوميا ..واحيانا في اليوم رسالتين أو ثلاثا
صعقت الشقراء وأطلقت آهة طويلة وهي ترى الموظفة ترمي بالرسالة في سلة المهملات
2
عندما كانت تخرج الى مكان ما ..كانت تترك له قصاصة صغيرة تخط عليها بخط نسائي جميل ودقيق
- حبيبي خرجت الى السوق مع أختك فضيلة >او
- ذهبت الى الصالون مع زينب ..حبيبي سأتأخر ثلاث ساعات
وحين تعود من مشوارها كانت احيانا تجده وقد ترك لها قصاصة حاول كثيرا ان يخطها بشكل جميل ودقيق
- حبيبتي لم اجد شيئا في البراد ..سأتغدى مع صديقي النحات
أو
- أختي فضيلة مريضة سأمر بها ومن هناك اعرج على النحات ربما نتعشى سوية
وذات يوم ربيعي مشمس وجد قصاصة صغيرة خطت على عجل وبخط مرتبك وغير دقيق
- حبيبي أعذرني أرجوك فأنا حزينة من أجلك لا تنتظرني بعد اليوم أبدا فأنا ونحاتك الوسيم هاجرنا بعيدا مثل طائرين مهاجرين ...وداعا
3
في احدى المقابر وحين ماتت أخته فضيلة .. كان يعاود زيارة قبرها وجد امرأة عجوزا تبكي قبرا ..عليه صورة شاب..لكنها صورة بدت قديمة جدا , فتقدم منها على أطراف أصابعه وسأل العجوز بحيرة:
- أهو ابنك ؟
- كلا .انظر الى سنة استشهاده .. أنه خطيبي ...
- خطيبك ؟
- نعم وما زال
- أه ..ألم تتزوجي يا خالة ؟
- لم يهو قلبي غيره
وحين قرأ التأريخ صعق ..فقد استشهد عام 1948 في فلسطين..
ابتلعته الحيرة وهو ينظر اليها.. وتاهت الكلمات في فمه أن قصاصة صغيرة يتركها على شاهدة القبر لا تكفي ابدا لأحتواء هذا الانفعال ..طرد زوجته والنحات من رأسه وهو يمد يده ليساعد العجوز على النهوض ..كان يرى إلى عينيها كأنما لم تنشفا من الدموع بعد ...كانتا مثل طائرين...بقيا بلا وطن ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* قاص وروائي عراقي وليس الباحث د. علي حداد
*********
حين تكون الأنهار إناثا


رند الربيعي


الأنهار إناث
عشقها الربُّ
فصيرها أثداءً تدرُّ الحبَّ
أبناءَ
حين تتعالى أصواتُ
حرائقِ روحٍ تذوي كهمهمات غيم متسلل
في سماء الرغبة
تتماثل أناشيد أيماءات الدهشة
مسافةَ نصٍّ هرم
لتنكسر أضلاعُه مخمورةً
في جسد فضاء الضباب
وسخونة الأبواب المنصهرة
تحت أقدامهنَّ
وهنَّ يتمرنَّ على رقصة
تشتعل الأرض
بتراتيل صوتك المقدس
على سواحل عتمة الافق.
وطيش الجنائز
موسيقى لا تكفي
لغلق الأزرار ...
في حادث ولادتهنّ.
ألأنهارُ
شاهدة تجيدُ
إلتقاطَ احلام الملائكة.
**********
غربة مطر...
سعاد العتابي


م..
ط..
ر..
مطرْ..
نثيثُكَ أيقظَ الشوارعَ والأرصفة
من حلمٍ بخطواتِ غريبٍ
يتسكّعُ خِلسةٍ بين الأزقّة
يستجمع قطراتِك
يبحث فيها عن رسائلَ
لا يجيدُ قراءتَها إلّا هو
يَبكيها
حين تسحقُها أقدامُ المارّينَ
يهيّجُ مدادُها نواحَ أنفاسِه
وطعمَ الحبيبِ...!
مطر.. مطر.. مطر
سخيٌّ بحزنك كوطني
تنبت ألفُ سنبلةٍ من دمعك
وتغسل ألفَ شهيدٍ
وما بين سنبلةٍ وشهيدٍ
ألفُ ألفِ كونٍ من التّيهِ
بين الوجوه المتشابهة المختلفة
بين الأزمان الهاربةِ من أزمانها
بيــن...!!
مطر.. مطر
أَلْمَحُ في بريقِ قطراتِكَ عصورًا من القلقِ
أسمعُ لذرْفِكَ نحيبَ شهيدٍ لم تأوِهِ أرضٌ
وبكاءَ الأشجارِ والأنهارِ لرحيلِ السُّحبِ
مطر...
كلّ زمنٍ بين طيّاتِ سطورهِ وجعٌ
زهراتُ البنفسجِ تتوسَّمُ جلدَهُ عِنْوةً
والشمس تبدو حانيةً حينَها
والليالي الحالماتُ
تستجمع نُجيماتِها لتحظى ببعض حبٍّ
قبلَ أوانِ الرحيلِ...
م..
ط..
ر....
************
ص16
خان الشابندر

صدرت في بغداد عن دار الرواد المزدهرة الطبعة الرابعة من رواية الكاتب العراقي محمد حيّاوي “خان الشّابندر”، وهي طبعة خاصّة بالعراق بعد طبعتين سابقتين من دار الآداب في بيروت وطبعة ثالثة في تونس عن الدار التونسية للكتاب، بالإضافة إلى طبعتين جديدتين ستصدار في كل من دمشق عن دار التكوين وطنجة عن دار فاصلة. الطبعة العراقية الجديدة ستكون متوفرة في مكتبات المتنبي خلال أيّام.
*********
توزيع افتتاحية “طريق الشعب” في منطقة حسون اغا
بغداد – طريق الشعب
شكلت اللجنة الأساسية للحزب الشيوعي العراقي في الصالحية - اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، أول أمس الأربعاء، فريقا جوالا جاب شوارع منطقة حسون اغا وأسواقها.
ووزع الفريق على المواطنين وأصحاب المحال التجارية والعاملين في معامل النجارة والموبيليا في المنطقة، نسخا من مقال “طريق الشعب” الافتتاحي المعنون “الحزب الشيوعي العراقي وانتفاضة تشرين والحركة الاحتجاجية”.
كما تبادل الفريق، الحديث مع العمال حول حقوقهم المشروعة، حاثا إياهم على المطالبة بها من خلال نقابتهم، ومؤكدا في الوقت ذاته، وقوف الحزب، دوما، مع الطبقة العاملة، ودفاعه عن حقوقها.
***********
حث العمال على اتباع التعليمات الوقائية
اتحاد نقابات عمال النجف يشكر “الإسعاف الفوري”
النجف - احمد عباس
أعرب اتحاد نقابات عمال النجف عن شكره وتقديره إلى “الإسعاف الفوري”، خط الصد الأول المعني بمكافحة وباء كورونا، وذلك على جهوده المتواصلة في حماية صحة أبناء المحافظة ومساعدتهم في الوقاية من الفيروس الخطير.
وخلال الفترة الأخيرة، قام “الإسعاف الفوري”، بالتنسيق مع عضو الاتحاد ورئيس نقابة الزراعة والمواد الغذائية في المحافظة، رياض الجبوري، بتنظيم حملة مسح عشوائي للعمال المتواجدين في “علوة المخضر”، وذلك لمعرفة في ما إذا كان بينهم مصابون بفيروس كورونا.
الاتحاد، دعا من جانبه جميع العمال والمواطنين الآخرين، إلى الالتزام بالتعليمات الوقائية، وارتداء الكمامات والقفازات. كما قام الاتحاد، منسقا مع “غرفة تنفيذ قرارات خلية الأزمة”، بالاتصال بالعمال في أحياء عدن والحرفيين والصناعي، وحثهم على الالتزام بشروط الوقاية الصحية. من جانب آخر، وزع الاتحاد، بواسطة رئيسة نقابة النسيج، أزهار البديري، 50 سلة غذائية على عائلات فقيرة.
**********
مسرح الطفل في ذي قار
آمال قائمة وأحلام في مهب الريح!
ذي قار – وكالات
على الرغم من الاهتمام الشحيح بمجال مسرح الطفل بمحافظة ذي قار، الا أن أحلام الهواة والمهتمين تطايرت أخيرا بعد موجة كورونا، حيث كان مسرح الطفل يلفظ أنفاسه الأخيرة، بسبب الإهمال وعدم الاهتمام به من قبل الحكومات المحلية، والذي يرى فيه مسرحيون بالمحافظة أنه قد تراجع وانحسر بسبب ذلك.
ويكشف مسرحيون وفنانون عن خيبة آمالهم فيما يحصل بمجال مسرح الطفل بالمحافظة، في الوقت الذي كانت فيه ذي قار رائدة بمجال المسرح منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لكن هذه الخيبة يعزيها الى غياب الوعي والثقافة المسرحية الخاصة بالأطفال، مع الأوضاع السياسية التي تخيم على كل شيء ومنها مسرح الطفل.

عدم استيعاب
يقول الفنان والمسرحي أحمد حسان، بأن “المسرح عانى من الاهمال بصورة عامة ومسرح الطفل بصورة خاصة، عندما تحاول أن تقدم عملا مسرحيا للطفل، فإنك ستواجه مشاكل لا يمكن حصرها، منها عدم وجود الكادر الفني اللازم لتقديم المسرح بصورة صحيحة، والاهمال الحكومي أصبح واضحا في اهمال هذا المسرح المهم”.
ويضيف حسان وهو مختص بمجال مسرح الطفل، لـوكالة “ناس”، أن هناك “عدم استيعاب الآباء والأمهات لدور هذا المسرح في تنمية الطفل وبنائه نفسيا وفنيا وعلميا؛ لان مسرح الطفل يقوم بتحويل الحياة بفنونها وعلومها وكافة مجالاتها إلى عروض مسرحية مشوقة تعليمية للطفل”.
ويتابع، “توجه الأطفال أنفسهم إلى الهاتف النقال حيث أصبح شغل الطفل الشاغل الان، ولا يمكن مجاراة ما يقدمه الهاتف النقال من قبل مسرح الطفل؛ لعدم وجود إمكانيات وانتاج يحققان طموح العاملين فيه، وتم طرح الطفل كموضوعة لعدة مهرجانات ولكن في حقيقة الأمر لا تعدو هذه المهرجانات اكثر من كونها فعالية آنية غير مدروسة؛ بسبب التزاحم والتسابق حول جمع المعجبين والناشرين بغض النظر عن المادة التي تم تناولها”.
وخلال السنوات الماضية، شهدت ذي قار حركة مسرحية لافتة، لكنها سرعان ماخفتت وتراجعت فيها المهرجانات المسرحية بشكل عام، سيما المهرجانات المسرحية المتعلقة بمجال الطفل، والتي تشهد هي الأخرى تراجعا واضحا على الرغم من قلتها.

ذي قار بلا مسارح
واحد من أهم المشكلات التي يعاني منها المسرح في العراق عموما، كما يتحدث بحسرة الكاتب المسرحي البارز، علي عبدالنبي الزيدي، هو شبه غياب لمسرح الطفل ولا يكاد يذكر إلا بحدود نادرة جدا، وتفتقر المؤسسات الرسمية والفرق الأهلية وسواها لموضوع التخطيط لمسرح طفل حقيقي وخلق جمهور من الأطفال يكون النواة لمتفرج قادم وواعي ومتواصل مع الحياة المسرحية”.
ويقول الزيدي، إنه “لا أحد يفكر بهذه الطريقة في العراق إلاّ بحدود افراد ينصب اهتمامهم بمسرح الطفل كتابة واخراجاً وهذا الاهتمام من قبلهم يأتي لأنهم يشعرون بأهمية هذا المسرح رغم أنهم ينظرون له بعيون غير متفائلة مستقبلاً، الأمر الآخر اذا سحبنا الموضوع للمحافظات ومنها محافظة ذي قار هي أصلاً لا قاعة مسرح نموذجية تصلح لعروض الكبار ولا فرقاً معنية بهذا النوع من العروض”.
ويضيف، “لا يوجد وعي مسرحي بهذا السياق على الإطلاق، والقاعة الوحيدة في الناصرية هي قاعة النشاط المدرسي وقد بُنيت في الخمسينيات وهي لا تصلح لكل العروض المسرحية بالتأكيد، وهذا أمر مخجل نضع المسؤولية دائماً على الحكومات المحلية المتعددة، والبنى التحتية للمسارح تلعب دوراً مهماً في تنشيط حركة المسرح في كل مكان من العالم”.
**********
نقطة ضوء
الكاتم.. حوار من طرف واحد !
طه رشيد
مات “لفريد نوبل” في العاشر من هذا الشهر عام 1896، وهو يشعر بندم كبير لاختراعه “الديناميت” لذلك خصص معظم ثروته لجائزة تهتم بالانجازات الانسانية في العلوم والثقافة والادب، وسميت بـ “جائزة نوبل”.
والمعروف عن الديناميت بانه يُحدث “فرقعة” كبيرة تصاحب الانفجار تعصف بالاشياء حولها وتصم الاذان، بعكس سلاح اخر لا صوت له ولكنه يمتلك فعلا دنيئا ومشينا لأنه لا يستهدف الا حياة الانسان الا وهو “الكاتم”!
ولغويا تتفق معاجم اللغة العربية على ان الكاتِم: اسم فاعل جاء من كَتَمَ، وكَاتِمُ السِّرِّ: أَمِينُ السِّرِّ.
اما مُسَدَّسٌ كَاتِمُ الصَّوْتِ فهو مُسَدَّسٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الرَّصَاصُ وَلاَ يُحْدِثُ صَوْتاً، لكن الجَلَبَة تضج بها القلوب والمدن بعد معرفة هوية الضحية!
تم اختراع كاتم الصوت على يد العالم “هيرام مكسيم” سنة 1908 وعلى الرغم من تطور كواتم الصوت الا انها لم تخرج على فكرة مكسيم الاساسية، وهي “تصفية” من نختلف معه او يختلف معنا لا بالحوار والسجال والنقاش بل باستخدام سلاح جبان الا وهو “ كاتم الصوت”.
وفي الغالب فان استخدام هذا السلاح لم يكن برغبة شخصية من قبل مستخدميه المباشرين، بل بأوامر من قيادات عليا، في هذه التشكيلة او تلك، لتنفيذ عملية اغتيالات لا تثير بلبلة او ضجة واخفاء هوية المنفذ!
النظام السابق نفذ العديد من عمليات الاغتيال، اما عن طريق حوادث السير او اعتقال الضحية علنا، وزجها في احد سجونه الرسمية او السرية، وتعريضها لتعذيب مميت.
اما اليوم، وفي ظل العملية السياسية الجديدة، فان الخطورة على اصحاب كلمة الحق والاصوات المرتفعة والمشاريع الوطنية لا تاتي من الحكومة، بل من “أطراف” خارجها تستخدم كواتمها في وضح النهار مستفيدة من هذا الخراب الذي سببه الفساد والمحاصصة وانفلات السلاح، وهي لها مصالح وامتدادات في داخل كل الحكومات السابقة، ويمكن لها ان تهدد اليوم اي مواطن واي مسؤول في الدولة، ولم يكن تصريح رئيس الوزراء الكاظمي اعتباطا حين وصف نفسه بـ “الشهيد الحي”!
وتساقط الشهداء في مختلف المدن العراقية بهذا السلاح الجبان لان صاحبه لا يعرف الحوار ولا يحتمل الكلمة الشجاعة!