العدد 184 السنة 85 الثلاثاء 11 آب 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

ص1

تغيير مستحق

تتواصل حالة الاستعصاء واستفحال الأزمة العامة، وعجز القوى المتنفذة عن إيجاد الحلول والمخارج لها. وتتكاثر كل يوم المشاكل مستعصية الحل في إطار منظومة الحكم الفاشلة، القائمة على منهج المحاصصة الطائفية – الاثنية والبناء المكوناتي.

وقد دفعت الأوضاع المتردية في بلادنا وانسداد آفاق تحسنها على يد منظومة المحاصصة والفساد الماسكة بالحكم، مجاميع كبيرة من أبناء شعبنا، خصوصا من الشباب المهمش الباحث عن أبسط مقومات العيش الكريم، إلى ساحات الفعل الاجتماعي والسياسي، ورفض هذه الحالة بأشكال ووسائل متعددة، والتحرك في اتجاه التغيير، وهو ما دلل على تحول ملحوظ في المزاج الشعبي والجماهيري وعلى الانتشار الواضح لعناوين ومؤشرات الحياة المدنية.

ورغم ما قدمت انتفاضة تشرين من معطيات جديدة وما كشفت من عورات النهج المعتمد في إدارة شؤون الدولة، فان هذا لم يدفع القوى المتنفذة الحاكمة إلى اجراء مراجعة  شاملة. فلَم تقدم على إجراء جدي وجوهري لتغيير المنهج والسلوك، وانما قامت بمحاولات للتكيف لا أكثر.

وأعلن عدد من السياسيين على حين غرة، انهم من دعاة الإصلاح. ولكن أي إصلاح، وما مداه؟ هذا ما لم تجرِ الإجابة عليه، ولن تحصل !

ولا شك في ان الأمور لم تعد كما كانت قبل الأول من تشرين 2019، فقد تدفقت مياه جديدة وحملت معها الكثير من المعطيات والمتغيرات. وساهمت الانتفاضة والحراك الشعبي والتظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات الواسعة متعددة العناوين في تشديد الضغط لإدراج عملية التغيير على جدول عمل الحياة السياسية.

فالمنظومة السياسية الحاكمة بمكوناتها المختلفة التي تحاصصت الدولة ومؤسساتها وتقاسمت النفوذ والمغانم وزرعت في مفاصلها عناصر الدولة العميقة وشبكات الفساد، تمادت من دون أي رادع في الاستحواذ على المال العام وتبديد موارد البلاد وثرواتها وإفساد مؤسسات الدولة وتضخيم أعداد منتسبيها وفق معايير الولاء السياسي والانتماء الهوياتي، بعيدا عن معايير المواطنة والعدالة والنزاهة والكفاءة وقواعد الإدارة الرشيدة، وعرّضت البلاد الى تدخلات خارجية سافرة. وفي النهاية أوصلت البلاد إلى شفير الهاوية، إن لم تكن تتدحرج فيها بالفعل، وليس هناك أفق حقيقي لوقف التداعي والانهيار مع استمرار هذه المنظومة في الحكم، وهي التي حصرت السلطة والمال والسلاح والاعلام بيد القلة، على حساب غالبية شعبنا التي تشتد معاناتها ومحنها وتتردى ظروفها المعيشة.

لذا غدا التغيير مطلبا جماهيريا واسعا، وضرورة يفرضها تطور الأوضاع في بلادنا، والحاجة إلى ضمان تطوره اللاحق والحفاظ عليه ككيان وطني موحد. وهو تغيير في المنهج وأساليب الأداء ونمط التفكير، ويعني تبني مشروع وطني ديمقراطي يستجيب لحاجات الوطن والمواطن، ويتصدى للتحديات التي تواجه بلدنا والمنطقة. كما يفتح الآفاق نحو بناء وحدة وطنية حقيقية، ويحفظ سيادتها ويجنبها التدخلات الخارجية وثلم القرار الوطني العراقي المستقل.

ومن الواضح أن التغيير المطلوب لن يتحقق إلا بتغيير موازين القوى السياسية لصالح أصحاب هذا المشروع ومناصريه وداعميه، وأن الوصول إلى ذلك يحتاج إلى حشد طيف واسع من القوى الداعمة، السياسية والمجتمعية، لخطوات إصلاحية جذرية، فيما تبقى البوصلة تؤشر الهدف وهو الوصول إلى تغيير شامل.

إزاء ذلك فان المطلوب بإلحاح من الشيوعيين والديمقراطيين وأنصار الدولة المدنية الديمقراطية العصرية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، ومن سائر أنصار الديمقراطية، ومن تنسيقيات الحراك المدني والشعبي والانتفاضة المجيدة، العمل على جمع وتوحيد الصف، والمزيد من المبادرات والحراك في اتجاه تغيير موازين القوى لمصلحة الغالبية الساحقة من الشعب.

إن الحزب الشيوعي العراقي يسعى بمثابرة عبر مساهمته الفاعلة في الحراك الشعبي والجماهيري متعدد الأشكال، وعبر علاقاته مع مختلف الأوساط الاجتماعية والسياسية، إلى دفع عملية التغيير قدما حتى الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد والطائفية السياسية، وتحقيق الوحدة الوطنية وتدشين بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• من التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في حزيران ٢٠٢٠

**************

كتلة الغضب الشعبي تنمو.. والمعالجات ما زالت  غائبة!

بغداد – طريق الشعب

تنمو كتلة الغضب الشعبي يوما بعد آخر، ونجد لها تعبيراً واضحا في احتجاجات وتظاهرات عديدة تكاد لا تخلو مدينة عراقية منها. وأمام غليان الشارع، تقف المنظومة السياسية بكل قواها المتنفذة، عاجزة عن توفير الحلول والمعالجات لملفات فاقمها  الفساد، وزادت من تعقيدها الصراعات السياسية على المكاسب الضيقة. عشرات آلاف الشباب يعتصمون منذ أسابيع ، مطالبين بفرص عمل، وآلاف الموظفين والعمال يطالبون بمستحقاتهم المتأخرة وحقوقهم المهدورة، بينما يواصل الناس في طول  البلاد وعرضها ، مطالباتهم بالكهرباء والخدمات وحتى البطاقة التموينية التي اختفت منذاربعة أشهر! يأتي ذلك، في وقت زادت فيه معدلات البطالة ، أثر الاجراءات التي اعتمدتها  السلطات الرسمية  بالإغلاق الكلي أو  الجزئي للأسواق والمراكز التجارية للحد من تفشي فيروس كورونا. وحسبَ إحصائياتِ الأمم المتحدة فإنّ أكثرَ من 45 ألف شخصٍ يتخرجون سنوياً في الجامعات والمعاهد في العراق، وفي سنة 2019 وحدها كان هنالك نحو 50 ألف خريج، وتم تعيين نحو ألفين فقط من هذا العدد. وفي آخر تصريحٍ له، أشار المتحدثُ باسم الحكومةِ العراقية إلى أنّ الحكومةَ ليس لديها القدرةُ على تعيينِ أيّ شخص. ويرى مراقبون  أن مواصلة الحكومة للتعيينات على هذا النحو،  يمكن ان يكون اجراء مؤقتا،  ولكنه ليس حلا  ناجعا لازمة البطالة المتفاقمة .  ويرى هؤلاء   بان الحل  يكمن في   العمل الجدي على احياء القطاعات الإنتاجية التي توفر عشرات الالاف من فرص العمل، وهي قادرة ايضاً على خفض نسب الفقر في البلاد التي ارتفعت اخيراً إلى ما يزيد على 40 بالمئة.

**************

فساد وسوء إدارة يتلاعبان بملف البطاقة التموينية خلال الأزمة

بغداد - سيف زهير

تُعتبر البطاقة التموينية، عصب الحياة لملايين المواطنين الذين يعتمدون بصورة رئيسية على مفرداتها رغم تواضعها. وبسبب الفساد والفشل في إدارة هذا الملف من قبل وزارة التجارة والجهات المعنية طيلة السنوات الماضية، يعاني المواطنون منذ ٣ أشهر من عدم توزيع هذه المفردات في ظل الازمة الاقتصادية التي أثّرت بشكل مباشر على الفقراء والكادحين ومحدودي الدخل، ومقابل تخلي الجهات المسؤولة عنهم في وقت المحنة. وأعلنت وزارة التجارة، مؤخراً، تأمينها مبالغ التعاقد مع المناشئ الوطنية لسد متطلبات البطاقة التموينية. وكشفت الوزارة في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، عن “استحصالها مبالغ تصل إلى ٩١ مليون دولار من وزارة المالية لتأمين التعاقد مع المناشئ الوطنية لسد متطلبات البطاقة التموينية وتجهيزها بمفردات جديدة، خاصة وأن التخصيصات المالية للوزارة توقفت منذ أشهر عدة بسبب الأزمة الحالية وعدم إقرار موازنة العام الحالي”.  من جانبها، أشارت المواطنة، أمل حسين، إلى عدم استلامها مادة الطحين والرز منذ شهر ايار الماضي، موضحة إن آخر حصة تم استلامها من مادتي السكر والزيت تعود الى شهر آذار الماضي. وفي السياق، عزا الباحث في الأمن الغذائي، علي عودة، فشل وزارة التجارة في تأمين مفردات البطاقة التموينية إلى سوء الإدارة وتفشي الفساد.

*************

راصد الطريق

الحقائق الضائعة

في ازمة الكهرباء !

تحدث الناطق باسم وزارة الكهرباء الجمعة الاخيرة عن تحقيق وزارته “ لأول مرة إنجازا غير مسبوق بوصول انتاج منظومة الطاقة الكهربائية حاجز ١٩٢٠٠ ميكاواط” وان هذا الإنتاج “ بدأ يشعر به المواطن بشكل واضح “ .

فهل حقا تحسس المواطن ذلك؟! لعله تحسس هبوطا نسبيا للحرارة.. وليس للوزارة فضل في ذلك.

في اغلب المناطق ما زال القطع يتجاوز في العموم ١٢ ساعة يوميا، اذا استثنينا العطلات او انفجار هذه المحولة او تلك.

وفِي بعض المناطق “ماكو” كهرباء، لكنها “اكو” للخطوط الخاصة !

اما “زيادة الإنتاج” التي نسمع عنها سنويا في مثل هذه الأيام ثم تتراجع، فلا قيمة لها مقارنة بما يصل للمواطن فعلا. ثم هناك الفولتية المنخفضة للوطنية حاليا والتي تتراوح بين ٩٠-١٥٠ فولت، فيما يتوجب ان تكون ٢٢٠ فولت .

ونبقى نتساءل: هل الرقم المعلن عن الكهرباء المنتجة حصيلة جهد وطني خالص؟ وماذا عن المستورد من الشمال والشرق والجنوب ؟  وكم حاجة بلدنا فعلا من الطاقة الكهربائية ؟ .

************

ص2

اضاءة

المزيد من الضغط لفرض قانون انتخابات عادل

محمد عبد الرحمن

يصر البعض من القوى المتنفذة على تمرير التعديلات الخاصة بقانون انتخابات مجلس النواب وفقا لما يريد ويشتهي، دون مراعاة لأهمية وضرورة رسوخ التجربة البرلمانية، وإرسائها على أسس سليمة وقوية، وتجنب التغييرات المتعددة في قانون الانتخابات وتفاصيله في كل دورة انتخابية، وفق مقاسات القوى المتنفذة وبما يضمن مصالحها ونفوذها وديمومة سطوتها.

فمنذ 2005 حتى الآن لم يستقر قانون الانتخابات على حال، وفي كل مرة تبحث القوى المتنفذة عن تعديلات مناسبة لها وفقاً لتطورات أوضاعها، صعوداً وهبوطاً، والأساس في ذلك ليس الوطن والشعب بل مصالحها الضيقة الانانية.

ولعل آخر تقليعات التعديل هو الدعوة الى اعتماد الدوائر الصغيرة، وتقسيم المحافظة الواحدة الى دوائر انتخابية، لم يتم الاتفاق بعد على كيفية تحديدها ووفقاً لأية اعتبارات ومعايير. والقوى التي تصر عليها تدرك جيداً ان هذه المقترحات في ظروف بلدنا تكتنفها صعوبات لا حصر لها، ومنها عدم الوضوح في تقسيم المحافظات الى وحدات إدارية معلومة (القضاء والناحية)، والاختلافات الشائكة بشأن بعضها في المناطق المتنازع عليها، إضافة الى عدم وجود إحصاء سكاني دقيق، وعدم الاعتماد في تحديد حتى الدوائر الانتخابية الحالية على أسس واضحة.

ان الإصرار على ذلك، أراد هذا البعض ام أبى، يعرقل إقرار قانون الانتخابات، وهو يشكل هروبا الى امام من استحقاق اجراء الانتخابات المبكرة، التي طالب ويطالب بها المنتفضون وبقية أبناء الشعب، ويتطلعون الى ان تكون أداة لتفكيك منظومة المحاصصة والفساد، وفتح الآفاق لتغيير جدي وملموس في قوام مجلس النواب، بما يجعله يعبر بصدق عن هموم وتطلعات الناس، ويسهم بدوره في عملية الإصلاح والتغيير الشاملة بأفق التحول من دولة المكونات الى دولة المواطنة، وارسائها على أسس احترام حقوق الانسان وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية.

ان ما يتطلع اليه شعبنا هو ان تكون الانتخابات أداة للخلاص من الفاسدين والمرتشين والفاشلين، ولعدم تجديد انتخابهم فيواصلوا ممارساتهم في السلب والنهب وهدر المال العام وتحويل الدولة الى ضيعة لهم ولمريديهم.

لكن هذا لن يتحقق من دون اجبار المتنفذين عليه، وان من وسائل تحقيق ذلك توفر القناعة في صفوف الحراك الاحتجاجي، بأن الدوائر الصغيرة لا تحقق شعار الانتفاضة والحراك في استعادة الوطن، بل على العكس تماماً ففيها تنتفخ الولاءات الفرعية والمناطقية على حساب الوطن والمواطنة. ومن الضروري ايضا ممارسة المزيد من الضغط لإقرار قانون الانتخابات في اسرع وقت، واعتماد المحافظة على الاقل دائرة انتخابية واحدة، وعدم حصول تهاون وتراجع عن الموعد المعلن حكومياً لاجراء الانتخابات.

لقد اكدت التجربة وما زالت تؤكد ان لا بديل عن الضغط الجماهيري لتحقيق المطالب.

***********

أبرزها الكشف عن قتلة المنتفضين ومحاسبتهم

تظاهرات غاضبة تطالب بقضايا خدمية وقطاعية في محافظات عدة

بغداد - طريق الشعب

شهدت بغداد وعدد من المحافظات، مؤخرا، تصاعدا احتجاجيا ملحوظا، للمطالبة بالحقوق المشروعة وتوفير فرص العمل والخدمات الاساسية للمواطنين، فيما عادت الحيوية إلى ساحات الاعتصام في ٣ محافظات والتي شهدت تظاهرات واسعة تطالب بكشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

تظاهرة كبيرة في البصرة

نظم المئات من المواطنين في محافظة البصرة، تظاهرة احتجاجية للمطالبة بكشف أسماء قتلة المتظاهرين وتقديمهم إلى القضاء.

وقال الناشط المدني، سيف مهدي، لـ”طريق الشعب”، إن “التظاهرة انطلقت من ساحة الزعيم عبد الكريم قاسم، وتوجهت صوب دار ضيافة المحافظة، للمطالبة بكشف أسماء المجرمين المتورطين بقتل المتظاهرين، وكذلك لحسم الدعاوى الخاصة بالمتظاهرين، واعطاء حقوق الشهداء والجرحى منهم”.

في واسط أيضا

من جانب آخر، تظاهر المئات من المواطنين في ساحة الاعتصام المركزية في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، للمطالبة أيضا بمحاكمة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم بحق المنتفضين، وإقالة الحكومة المحلية لسوء الأداء وتفشي الفساد.

وأشار المتظاهر عزيز حسين، خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “التظاهرة انطلقت من ساحة الاعتصام الرئيسية في المحافظة صوب السوق المركزي، وطالبت بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحق المتظاهرين العزّل، وإقالة المحافظ ونائبيه بسبب الفساد وسوء الادارة ونقص الخدمات في المحافظة”.

في أثناء ذلك، تظاهر عشرات المواطنين في قضاء الصويرة شمالي المحافظة للمطالبة بإقالة الحكومة المحلية وقائمّقام القضاء.

وأوضح المتظاهر مخلد جبار، لـ”طريق الشعب”، إن “التظاهرة جاءت بسبب الاخفاق والفساد من قبل الحكومة المحلية والقائمقام، في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين في القضاء الذي يفتقر إلى أبسط الخدمات الاساسية من تبليط الشوارع والمجاري الذي توقف العمل بمشروعها منذ فترة طويلة”.

غضب واسع في ذي قار

وفي شأن ذي صلة، توافد الآلاف من المواطنين وعلى رأسهم عوائل شهداء الانتفاضة إلى ساحة الحبوبي مركز الاعتصام الرئيسي في محافظة ذي قار، للمطالبة بكشف ومحاسبة مرتكبي الجرائم من المتورطين بقتل المتظاهرين.

وطالب الناشط المدني، حسين علي، عبر “طريق الشعب”، الحكومة بـ”الكشف عن أسماء المتورطين بقتل أبناء المحافظة ومحاسبتهم، خاصة وأن أغلبهم معروفون. وكذلك فأنه من غير المعقول أن تمر فترة ١٠ أشهر دون اتخاذ أي اجراء بحق هؤلاء القتلة”، محذراً من “تصعيد كبير قد تشهده المحافظة في حال تلكؤ الحكومة عن تنفيذ مطلبهم”. وفي غضون ذلك، أقدم متظاهرون غاضبون، في قضاء الاصلاح التابع للمحافظة على قطع الطريق الرابط بين القضاء ومحافظة ميسان، للمطالبة بإقالة قائم مقام القضاء ومدراء الدوائر الحكومية من المنتمين للأحزاب المتنفذة. وبين الناشط المدني ميثم حسن في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “التظاهرة تأتي على خلفية تردي واقع الخدمات وعدم استجابة إدارة المحافظة لمطالب تظاهراتهم الاسبوع الماضي التي دعت إلى إقالة المسؤولين المحليين في القضاء”، لافتا إلى إن “المتظاهرين قاموا بأغلاق الجسر الرابط بين محافظتي ذي قار وميسان من خلال نصب السرادق واعلانهم اعتصاما مفتوحا حتى تحقيق مطالبهم”.

وفي ناحية العكيكة التابعة للمحافظة أيضا، جدد المتظاهرون تظاهراتهم بعد انتهاء المهلة التي منحوها للمحافظة لإقالة المسؤولين المحليين في الناحية. وأفاد الناشط المدني، علي النواس في حديث لـ”طريق الشعب”،  بـ”قيام المتظاهرين بقطع  الطريق الرابط بين الناحية وقضاء سوق الشيوخ، احتجاجاً على تردي الخدمات وتراجع ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، وعدم استجابة المحافظة لمطالبهم بإقالة المسؤولين المحليين في الناحية”.

فيما، تظاهر العشرات من المحتجين في قضاء الفهود احتجاجا على شحة وتردي نوعية ماء الإسالة في القضاء.

وقال المتظاهر حيدر عويد لـ”طريق الشعب”، إن “القضاء يعاني من أزمة حقيقية في مياه الإسالة في ظل الانقطاع المستمر وتلوث المياه في حال ايصالها للمنازل”، مطالباً وزارة البلديات بـ”الإيفاء بالتزاماتها وإكمال مشروع ماء الاصلاح الكبير وعدم الاكتفاء بالوعود التي لم يتحقق منها شيء يذكر للقضاء التابع لمحافظة ذي قار”.

احتجاجات المثنى

إلى ذلك، نظمت مجموعة من أهالي قضاء المجد في محافظة المثنى، وقفة احتجاجية أمام منزل المحافظ أحمد منفي، للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية في القضاء.

وبحسب مراسل “طريق الشعب”، في المحافظة، فأن “ الوقفة الاحتجاجية للمواطنين ركزت على تحسين الخدمات الاساسية والكهرباء في المنطقة، حيث يشهد القضاء تذبذبا في تجهيز التيار الكهربائي منذ فترة طويلة”، مشيراً إلى إن “أهالي القضاء نظموا عددا من الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات خلال الأيام الماضية، دون أن يستجيب لهم أحد من المسؤولين، ما أجبرهم على التظاهر امام منزل المحافظ”. وفي السياق، تظاهر العشرات من عمال النظافة في مديرية بلدية السماوة، أمام مقر المديرية، للمطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم ٣١٥ لعام ٢٠١٩ والقاضي بتحويل الأجراء إلى نظام العقود، مطالبين بتعديل دوامهم في ظل أزمة كورونا.

وفي الشأن ذاته، تظاهر المئات من ذوي الاجور والعقود أمام بوابة مجلس الوزراء في منطقة العلاوي وسط بغداد.

وأكد مراسل “طريق الشعب”، بلال رضا، إن “المئات من ذوي العقود والأجور، قدموا من مختلف المحافظات للتظاهر أمام بوابة مجلس الوزراء للمطالبة بتطبيق القرار رقم ٣١٥، والخاص بتحويلهم إلى عقود وزارية وتعديل رواتبهم المتدنية جدا”.

***********

تعازي الشيوعي العراقي بوفاة السكرتيرة العامة السابقة  للحزب الشيوعي في الدنمارك

وجه المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي رسالة تعزية برحيل الرفيقة بيتي كارلسون، السكرتيرة العامة السابقة للحزب الشيوعي في الدنمارك التي توفيت في 19 تموز الماضي. وشاركت منظمة الحزب في الدنمارك في مراسم تشييع الرفيقة الراحلة في كوبنهاغن في 31 تموز. 

وجاء في رسالة التعزية «تلقينا بحزن عميق نبأ وفاة الرفيقة بيتي كارلسون .. وفي هذه المناسبة الحزينة نبعث بعميق تعازينا الى عائلة الرفيقة الراحلة والى اللجنة المركزية لحزبكم الشقيق وكل اعضائه ومؤيديه».

واضافت الرسالة «تعرفنا على الرفيقة بيتي خلال الاجتماعات العالمية للاحزاب الشيوعية والعمالية، وايضاً منذ وقت طويل من خلال منظمة حزبنا في الدنمارك. ونتذكر تضامنها الأممي مع شعبنا والشيوعيين العراقيين، ودورها في تعزيز العلاقات بين حزبينا. سيتذكرها رفاقها دوماً لدفاعها المثابر عن مصالح الشغيلة في الدنمارك وإعلاء القيم السامية للاشتراكية والشيوعية». 

**********

ص3

مواطنون: منذ ٣ أشهر لم نستلم شيئا

فساد وسوء إدارة يتلاعبان بملف البطاقة التموينية خلال الأزمة

بغداد - سيف زهير

تُعتبر البطاقة التموينية، عصب الحياة لملايين المواطنين الذين يعتمدون بصورة رئيسية على مفرداتها رغم تواضعها. وبسبب الفساد والفشل في إدارة هذا الملف من قبل وزارة التجارة والجهات المعنية طيلة السنوات الماضية، يعاني المواطنون منذ ٣ أشهر من عدم توزيع هذه المفردات في ظل الازمة الاقتصادية التي أثّرت بشكل مباشر على الفقراء والكادحين ومحدودي الدخل، ومقابل تخلي الجهات المسؤولة عنهم في وقت المحنة.

تأمين مبالغ التعاقد

وأعلنت وزارة التجارة، مؤخراً، تأمينها مبالغ التعاقد مع المناشئ الوطنية لسد متطلبات البطاقة التموينية.

وكشفت الوزارة في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، عن “استحصالها مبالغ تصل إلى ٩١ مليون دولار من وزارة المالية لتأمين التعاقد مع المناشئ الوطنية لسد متطلبات البطاقة التموينية وتجهيزها بمفردات جديدة، خاصة وأن التخصيصات المالية للوزارة توقفت منذ أشهر عدة بسبب الأزمة الحالية وعدم إقرار موازنة العام الحالي”.  وأضاف البيان، أن “الوزارة ستعمل بعد انتهاء عطلة العيد على التعاقد مع المناشئ المحلية لشراء مواد زيت الطعام والسكر، وفقا لتعليمات المجلس الوزاري للاقتصاد، بشراء هاتين المادتين من القطاع الخاص العراقي ودعم المنتوج الوطني”، مشيراً إلى “استمرار جهود الوزارة بتوزيع مادة الطحين، وتم بهذا الخصوص تم تجهيز وتوزيع الحنطة المحلية على المطاحن الحكومية والأهلية، تمهيدا لطحنها وتوزيع الحصة السادسة من الطحين على المواطنين”.

شهور مرت دون استلام؟

من جانبها، أشارت المواطنة، أمل حسين، إلى عدم استلامها مادة الطحين والرز منذ شهر ايار الماضي، موضحة إن آخر حصة تم استلامها من مادتي السكر والزيت تعود الى شهر آذار الماضي. وتابعت حسين في حديث لـ”طريق الشعب”، انه “منذ إعلان الحكومة عن اعفاء المواطنين من استحصال أموال البطاقة التموينية، لم نستلم أي شيء، ما زاد من الاعباء المالية على عوائلنا، وأصبحنا نضطر إلى شراء المواد الغذائية من الاسواق التي بدورها شهدت ارتفاعا كبيرا في الاسعار، في الوقت الذي تأثرت أغلب الاعمال بسبب اجراءات حظر التجوال للوقاية من وباء كورونا”.

وأضافت المواطنة “نحن ننتقد عجز الحكومة عن الايفاء بالتزاماتها في توفير مفردات البطاقة التموينية البائسة. حيث لم نعد نستلم سوى ٤ مواد منها بعد أن كانت تصل في السابق إلى ١٠ مواد أو أكثر”، منوهة إلى أن “أغلب المواد التي تجهز للمواطنين من قبل وكلاء الحصة التموينية أما تكون تالفة أو غير صالحة للاستهلاك البشري، ولا نعلم الخلل أين، فالوكلاء يرمون السبب على وزارة التجارة”.

فساد وإدارة فاشلة

وفي السياق، عزا الباحث في الأمن الغذائي، علي عودة، فشل وزارة التجارة في تأمين مفردات البطاقة التموينية إلى سوء الإدارة وتفشي الفساد.

وقال عودة لـ”طريق الشعب”، إن “الأموال المخصصة للبطاقة التموينية في موازنة العام الماضي تقدر بترليون و٧٠٠ مليون دينار عراقي، وهذا الرقم باستطاعته تأمين مفردات البطاقة التموينية بصورة جيدة ومنتظمة للمواطنين، في حال التعامل معه بصورة شفافة ونزيهة”، لافتا إلى إن “عدم انتظام توزيع مفردات البطاقة التموينية ليس بالجديد، وهو نتيجة طبيعية لتحكم الفاسدين والمتنفذين في هذا الملف منذ سنوات، وسط تجاهل الجهات الرقابية لمحاسبة هؤلاء، بسبب اشتراكها معهم في هذه الجريمة التي ترتكب بحق المواطنين”.

وشدد الباحث على “ضرورة مراجعة هذا الملف ووضع حد للفساد وسوء الادارة في وزارة التجارة، ومعاقبة الفاسدين ورفع يد المتنفذين عن قوت الشعب والمتلاعبين بمصيرهم وأمنهم الغذائي”، داعيا إلى “تشديد الرقابة على بعض وكلاء الحصة التموينية الذين يقومون باستبدال بعض المواد الجيدة بأخرى تالفة أو رديئة نتيجة لتواطؤ بعض موظفي الوزارة من ضعاف النفوس”.

************

الشيوعيون في ضيافة قائد عمليات الفرات الأوسط

كربلاء – طريق الشعب

زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، الأحد الماضي، قائد عمليات الفرات الأوسط اللواء الركن علي الهاشمي. وجاءت هذه الزيارة تلبية لدعوة وجهها قائد العمليات إلى اللجنة المحلية، من أجل مناقشة بعض القضايا المتعلقة بالوضع الأمني في المحافظة، ومجريات الحركة الاحتجاجية المطلبية. واستقبل اللواء الهاشمي، الوفد في مكتبه الرسمي بالترحاب، متلقيا منه التهاني في مناسبة عيد الأضحى، وهدية تذكارية في مناسبة تسنمه منصبه الجديد، كقائد لعمليات الفرات الأوسط. كما أثنى على المواقف الوطنية للشيوعيين، ونضالهم المتواصل منذ عقود، في سبيل كرامة وطنهم وشعبهم.  سكرتير اللجنة المركزية الرفيق سلام القريني، الذي تقدم الوفد، أعرب من جانبه عن شكره إلى قائد العمليات على الدعوة، متمنيا أن يكون الجيش دائما، مساندا لتطلعات أبناء الشعب وأمنياتهم في تحقيق الدولة المدنية التي سالت من أجلها دماء شباب انتفاضة تشرين. وأكد القريني في حديثه: “اننا كشيوعيين، نواصل انحيازنا التام لأبناء شعبنا في حراكهم الاحتجاجي، الذي نشكل جزءا منه”، مشددا على أهمية تحقيق الأهداف الأساسية للانتفاضة، وعلى محاربة الفاسدين وقتلة المتظاهرين.  هذا وضم الوفد إلى جانب القريني، كلا من عضو لجنة الرقابة المركزية الرفيق إبراهيم حلاوي، وعضوي اللجنة المحلية الرفيقين صباح الحمد ومرتجى إبراهيم.

/************

رفعوا لافتات كُتب عليها “الهندسة تحتضر”

اعتصام مفتوح للمهندسين في كركوك

للمطالبة بفرص العمل

بغداد – طريق الشعب

أعلن خريجو كليات الهندسة، مؤخراً، في محافظة كركوك، بدء اعتصامهم المفتوح، لمطالبة شركة نفط الشمال بتوفير فرص العمل لهم. وأكدوا أن للشركة أماكن شاغرة للتوظيف، ألا إن الأخيرة أوضحت إنها قدمت طلبات التوظيف، ولكن وزارة النفط لم ترد عليها حتى الآن.

طلبات التعيين لم تر النور

وقال المهندس سيف فاضل لـ”طريق الشعب”، وهو أحد المشاركين في الاعتصام، ان “المشاركين في الاعتصام من كافة الاختصاصات الهندسية، وخرجنا بتظاهرات منذ نهاية العام الماضي، وكنا نتظاهر في الشهر مرة واحدة، حيث كنا نصدق وعود المسؤولين الذين كانوا يقولون انهم ينتظرون تعليمات تصل من العاصمة تخص توفير فرص العمل لنا”.

وأوضح فاضل، انه “بعد عيد الأضحى قررنا ان نبدأ اعتصاما مفتوحا لتحقيق مطالبنا وتوفير فرص العمل لنا في وزارة النفط وشركة نفط الشمال، خصوصاً والشركة الآن بحاجة الى موظفين جدد، بعد ان احيلت مجموعة كبيرة من موظفيها الى التقاعد”.

واضاف اننا “قدمنا طلبا الى شركة نفط الشمال، وحسب حديث المدير العام للشركة، فأنهم قد أرسلوا طلبنا الى وزارة النفط، الا أن الأخيرة لم ترد عليه الى الآن”.

وأكد فاضل، انه “قبل ثلاثة ايام ازداد الغضب من قبل الشباب نتيجة عدم الاهتمام بهم وحاولوا اقتحام مقر محافظة كركوك، تدخلت بعدها القوات الأمنية لتقنعهم بالعودة للتظاهر السلمي فقط”، مضيفا “لا نريد وعودا ترقيعية من قبل المسؤولين، وننتظرهم ان يوفروا لنا فرص العمل والشباب عازمون على البقاء”.

وحاولت “طريق الشعب” لمرات عدة، الاتصال بشركة نفط الشمال للاستفسار منهم حول اسباب عدم توفير فرص العمل للشباب رغم حاجة الشركة للموظفين بحسب ما قاله المعتصمون، إلا ان الشركة لم ترد على الاتصالات.

“الهندسة تحتضر”

ويؤكد المهندسون ان معظمهم قد تخرجوا من كلياتهم قبل 9 او 10 اعوام ولم يحصلوا على عمل يناسب شهاداتهم. وحمل الشباب لافتات كتب عليها “الهندسة تحتضر .. تهميش بلا تعيين بلا حماية بلا ضمان”. وذكر مهندس اخر يدعى هزار رضا لـ”طريق الشعب”، ان “المعتصمين يقدر عددهم  حوالي 500 شخص من اعمار متفاوتة وكلنا تخرجنا من كلية الهندسة، قابلنا المحافظ الاسبوع الماضي واكد لنا انه سوف يقابل وزير النفط يوم الاحد الماضي للنظر بطلب التعيين الذي قدمناه على ان يرافقه شخص من الاعتصام ممثلا عن المجموعة، ولكن مرت الايام من دون ان يفعل المحافظ شيئا”.  ولفت هزار، الى ان “اعضاء مجلس النواب الذين انتخبناهم لم يقدموا شيئا لنا وغضوا ابصارهم عن مظلوميتنا، ولذلك قرر الشباب عدم العودة الى منازلهم الى حين توفير فرص العمل لنا جمعياً، وكل الشباب يعيشون واقعاً اقتصادياً مريراً ويتحملون اعباء فساد من تولى ادارة ملف المحافظة في السنوات الماضية”.

***********

ص4

نتائج التحقيق في نفوق الاسماك غير مقنعة

هور الدلمج محمية وطنية على الورق

والحكومة غير مهتمة

بغداد ـ نورس حسن

اوردت بيانات حكومية اسبابا مختلفة لنفوق الاسماك في اهوار العراق، وهي اسباب لا يجدها سكان الاهوار قريبة من الواقع، ويحمّلون وزارتي الزراعة والصحة والبيئة مسؤولية التدهور البيئي وحتى الامني في الاهوار عموما، وبضمنها هور الدلمج.

الناشط في اهوار الجبايش رعد حبيب الاسدي قال لـ “طريق الشعب” ان ظاهرة نفوق الاسماك لم تلاحظ فقط في هور الدلمج، وانما هي “موجودة ايضا في اهوار الجبايش والعمارة والبصرة، وان سببها هو جشع الصيادين الذين يستخدمون السموم في صيد الاسماك”. واضاف “ ان الحكومة شريك اساسي في إهدار كميات كبيرة من الثروة السمكية، فهي التي سمحت بدخول المواد السامة واستخدامها للصيد”.

واوضح الاسدي ان “في مناطق الاهوار الكثير من محلات بيع المبيدات السامة، وان بعض الباعة يعرضونها على الارصفة بصورة غير قانونية وغير مرخصة. فالقانون لا يسمح ببيعها الا من قبل المختصين سواء من مهندسي الزراعة او الاطباء البيطريين. ولكن ضعف الرقابة اتاح لغيرهم فرصة بيع هذه المنتجات الخطرة على الانسان والبيئة”.

واضاف ان ارجاع سبب موت الاسماك الى ارتفاع درجات الحرارة لا اساس له “ وانما هي جرائم تقع بفعل فاعل عبر تعمد رش المبيدات السامة، التي لا تسبب نفوق الاسماك وحسب وانما تبيد جميع الاحياء الاخرى في الاهوار بما فيها البكتريا النافعة”.

وبيّن ان “هذا السلوك الاجرامي يسرّع عملية القضاء على الكثير من الحيوانات المهددة بالانقراض، ما يولد تأثيرات سلبية على البيئة”.

وشدد الناشط  على واجب وزارتي الزراعة والصحة والبيئة “القيام بدورهما في الرقابة الدورية في مناطق الاهوار، خاصة وانها تعتبر مراكز اقتصادية وسياحية مهمة، وإخضاع اماكن بيع الاسماك الى رقابة مشددة، ومحاسبة المخالفين لشروط الصحة في عمليات الصيد، سواء عبر استخدام الكهرباء او السموم”.

ولفت الى ان “علوة الجبايش مثلا تعاني من سيطرة جهات متنفذة، تبيع الاسماك بطرق غير صحية”، كما اكد “ضرورة  مراقبة محلات بيع المبيدات وغلق غير المرخصة منها، فضلا عن  ضبط الحدود”.

وفي ما يتعلق بمشكلة هور الدلمج قال حبيب الاسدي انها لا تقتصر على جرائم ابادة الاسماك، “فهناك جرائم اخرى ترتكب داخل الهور، بضمنها عمليات تهريب واستغلال للثروات الطبيعية من قبل جماعات تساندها عناصر حكومية وعشائرية”.

واشار الى  ان هور الدلمج “ مستثمر منذ سنة 2003 من قبل “شخص له من يدعمه”، ويدعي ان له قرضا بذمة حكومة صدام حسين لم تسدده له، وانه لهذا يقوم باستغلال ثروات الهور لمصلحته الخاصة”، وان الحكومة لا دور لها في الهور و”لا تسمح حتى لوسائل الاعلام بالتصوير داخله دون موافقة المستثمر”.

واشار الى ان هناك اضرارا اخرى يتعرض لها الهور، منها تهريب الاسماك المهددة بالانقراض الى دول الخليج، والابادة التي تتعرض لها الطيور بفعل الصيد الجائر”.

ولفت الناشط البيئي الى ان اسلحة الصيد اليوم متاحة للجميع، وبوسع حتى الاطفال اقتناءها نظرا الى رخص ثمنها. واوضح ان سعر بندقية الصيد داخل الاهوار لا يتجاوز 100 الف دينار، وسعر اطلاقتها 100 دينار”لهذا يستطيع حتى الاطفال شراءها، وقد ارتكبوا بالفعل عمليات قتل باستخدامهم بنادق الصيد”.

وتطرق الاسدي في حديثه الى اجراءات حكومية غير مطبقة في الواقع، “فمثلا اعلنت وزارة الصحة والبيئة منذ سنوات ان هور الدلمج محمية طبيعة وطنية، وهذا يعني انه محمي من قبل الحكومة، لكن الواقع مختلف تماما لكون المستثمر هو الآمر الناهي، وهو المتحكم حتى بارزاق سكان الهور انفسهم، بل وسعى الى منع الفرق الحكومية من دخول الهور لاجراء عمليات الفحص والرقابة البيئية”.

 واختتم الاسدي حديثه قائلا ان “من المخجل ان يتحدث المسؤولون عن ازمة مالية واقتصادية، ففي العراق الكثيرالذي يمكن ان يغنينا عن الاعتماد الكلي على الثروة النفطية، لكن المشكلة في ادارة البلاد التي يغلب عليها الفساد والجشع”.

جدير بالاشارة ان وزارة الصحة والبيئة سبق ان اعلنت هور الدلمج محمية طبيعية وطنية، تمهيدا لادراجه ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو.

من ناحية اخرى أبلغ المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف “طريق الشعب” ان الوزارة “لا تمتلك اية صلاحية للتدخل في هور الدلمج المستثمر منذ عام 2003، تحسبا لدخول عصابات الارهاب اليه”. وقال ان  “المستثمر يتحمل مسؤولية كل ما يقع داخل الهور”. 

وقدم النايف تبريرا آخر لعملية الاستثمار بالقول ان “الهور عبارة عن محمية طبيعية لتربية الحقول والاسماك، وهو كالبحر المفتوح ليس من السهولة السيطرة عليه في ظل الامكانيات المحدودة للوزارة، التي وجدت ان عملية الاستثمار هي الحل الامثل لوضعه”.

وحول اسباب جريمة نفوق الاسماك اخيرا قال المتحدث باسم الزراعة “انها جرت في منطقة 10 كيلومتر من هور الدلمج، نتيجة تلوث مياه النهر الثالث بالنفايات وتدفق المياه الثقيلة من محافظة بغداد، فضلا عن كثافة القصب والصيد الجائر الذي يجري ضمن الهور باستخدام السموم والمفرقعات، وان هذا كله ادى الى اختناق الاسماك ونفوقها”.

واشار النايف الى انه كان برفقة وزير الزراعة خلال زيارته الجمعة الماضية الى هور الدلمج، وانهم لم يلحظوا وجود اسماك نافقة بعد ان جرفها جريان الماء.

واستطرد ان سكان الهور لم يطالبوا بأي تعويضات، وان مطالبهم اقتصرت على توفير الامن من قبل الشرطة النهرية التي يفتقر اليها الهور.

وبخصوص الاستيراد والبيع غير القانوني للمبيدات السامة حمّل النايف المنافذ الحدودية المسؤولية مشيرا الى ان هناك سلعا ضخمة تُهرّب او تدخل الى العراق بطرق غير رسمية عبر المنافذ الحدودية او منافذ الاقليم بفعل ضعف الرقابة، فكيف الحال بالنسبة للمواد السامة ذات الاوزان الخفيفة؟”.

من جانبه حمّل المواطن عبد الله علي من اهالي هور الدلمج  وزارة الزراعة مسؤولية النفوق المفاجئ لكميات كبيرة من الاسماك. وقال لـ”طريق الشعب” ان  وزارة الزراعة تدعي ان النفوق نجم عن تلوث الماء، ولكن” لماذا نفقت الاسماك بشكل مفاجئ في يوم واحد، خاصة ونحن نعاني من التلوث منذ سنوات؟”.

وبيّن ان سكان هور الدلمج يعتمدون في ارزاقهم على صيد الاسماك، وان نفوقها المفاجئ حرم الكثير منهم من دخلهم الشحيح “وفي مقابل ذلك جاءت نتائج التحقيقات من قبل الجهات المعنية غير مقنعة ابدا”، وان هذا كله سيتكرر” طالما استمر الاهمال الحكومي وغياب الرقابة“.

***********

لماذا رفضت حكومة الكاظمي إرسال موازنة 2020؟

بغداد – طريق الشعب

في ظل التحديات المالية التي تواجهها حكومة مصطفى الكاظمي بعد انخفاض أسعار النفط، والخسائر الكبيرة التي تكبدها العراق والعالم جراء تفشي جائحة (كوفيد-19)، ترفض الحكومة، حتى الآن، إرسال مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة لسنة 2020، لغرض تمريرها.

ويقول عضو اللجنة المالية النيابية لوكالة «ألترا عراق»، إن «مجلس النواب طالب الحكومة بإرسال مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة للبلد لسنة 2020، حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي، إلا أنها رفضت ذلك».

 وبين، أن «الحكومة أخبرت رئاسة البرلمان بأنها لا تستطيع إرسال مشروع موازنة 2020 للتصويت عليه على اعتبار أن العجز المالي وصل فيه إلى أكثر من 50%»، لافتًا إلى أنها «الموازنة أنفقت كميزانية تشغيلية بالكامل (رواتب وأجور)».

ورأى، أن «واردات موازنة 2020 كانت قليلة بالتالي تقديمها للتصويت سيؤثر على اقتصاد الدولة»، موضحًا أن «الحكومة باشرت في إعداد مشروع قانون الموازنة لسنة 2021 من أجل إرساله إلى البرلمان منتصف تشرين الأول/أكتوبر».

وعن الأزمات الاقتصادية التي يواجهها البلاد قال كوجر، إن «المشكلة تكمن في سوء الإدارة، فغالبية الساسة الذين تصدوا للحكم يجهلون إدارة الملف الاقتصادي ولم يفكروا في خلق احتياطي استثماري».

فيما يرى رئيس ديوان الرقابة المالية الأسبق عبد الباسط تركي، أن «استبعاد إقرار قانون الموازنة العامة، يمثل غيابًا لإجازة التصرف بالمال العام، لذلك يجب على الحكومة إصدار موازنة 2020، وعلى البرلمان المصادقة عليها مهما تكن سلبياتها فهي أقل ضررًا من عدم إصدارها».

يشار إلى أن وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي، قال في وقت سابق، إن وزارته تعمل على التحضير لموازنة عام 2021.

************

ص5

مراكز اتصال مشتركة لملاحقة الإرهابيين في مناطق عدة

تنسيق عالي المستوى بين “المركز والإقليم” لملء الفراغات الأمنية

بغداد - طريق الشعب

كشفَ المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، والمتحدث باسم العمليات المشتركة، تحسين الخفاجي، أمس الأول، عن قرب القيام بعمليات أمنية مشتركة مع قوات البيشمركة لضبط الحدود وتفعيل المجال الاستخباري ضد داعش وملاحقة عناصره الارهابية وملء الفراغات الأمنية في بعض المدن، من خلال تعاون مشترك بين حكومتي المركز والاقليم.

تنسيق المركز والإقليم

قال رسول في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “هناك اجتماعات وتفاهمات أمنية بين قيادة العمليات المشتركة وقوات حرس حدود إقليم كردستان، تركزت على بحث التعاون والتنسيق في ما يتعلق بالقيام بعمليات عسكرية مشتركة في بعض المناطق التي تؤشر فيها معلومات استخبارية عن وجود خلايا لفلول عصابات داعش الإرهابية، فضلاً عن تبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الارهاب والتهديدات الأمنية المختلفة، لا سيما ما يتعلق بضبط الحدود مع بعض الدول لمنع تسلل العناصر الإرهابية”.

وأضاف المتحدث، أنّ “الاتفاقات تمخضت عن إنشاء مراكز تنسيق مشترك بين قيادة العمليات المشتركة والاجهزة الامنية في اقليم كردستان، تضم عدداً من الضباط من ممثلي الجيش العراقي وحكومة الاقليم للتنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية ومتابعة خلايا عصابات داعش الإرهابية، إضافة الى ملء الفراغات الأمنية في بعض المدن”، لافتا إلى أن “المناطق التي يتم فيها التعاون المشترك تبدأ من ديالى وخانقين ومناطق كركوك والمناطق الأخرى التي أشِّر فيها نشاط لعصابات داعش الإرهابية”.

وأكد اللواء رسول أن “عصابات داعش تهدد جميع المناطق بما فيها مناطق اقليم كردستان”، مردفاً أنّ “الحكومة العراقية تركز على قضية ضبط الحدود وخاصة مع الجارة سوريا، وهناك خطة من قبل قيادة العمليات المشتركة ووزارتي الداخلية والدفاع للاستمرار بتدعيم الملف الحدودي، وتزويدها بتكنولوجيا المعلومات والتقنية الحديثة”.

العمليات المشتركة: توصلنا لنقاط مهمة

وفي السياق، أكد المتحدث باسم العمليات المشتركة، تحسين الخفاجي، الاقتراب من القيام بعمليات أمنية مشتركة مع قوات البيشمركة لضبط الحدود وتفعيل المجال الاستخباري ضد داعش.

وقال الخفاجي في تصريح صحفي، إن “اجتماعاً على مستوى عالٍ جداً عقد نهاية تموز بين قيادة العمليات المشتركة ووزارة البيشمركة، حيث تم التوصل لعدة نقاط، وبقيت بعض الجزئيات للاجتماع المقبل نهاية الشهر الجاري، لتطبيق العمل بما تم التوصل إليه”.

واضاف الخفاجي، أن “البيشمركة طلبت بعض الوقت لمناقشة بعض الفقرات مع مراجعها، وبعد ذلك سيتم عقد اجتماع سواء في بغداد أو أربيل لوضع البنود للبدء بتطبيق الاتفاق”، منوهاً إلى “عدم وجود نقاط خلاف، وهنالك اتفاق على النقاط الرئيسة لملء الفراغات بين الجانبين والتعاون في ضبط الحدود والمجال الاستخباري ضد داعش، والعمل على إنشاء مراكز مشتركة في عدة مناطق والقيام بعمليات عسكرية مشتركة ضد التنظيم”.

وحول هذه العمليات، ذكر الخفاجي أنها “تعتمد على التهديد المعادي وإشراك البيشمركة بتخطيط مشترك، كما أن للبيشمركة علما بأي عملية يتم القيام بها ضد تنظيم داعش، ومع الاستشعار بخطر في منطقة ملامسة للإقليم، يكون هناك عمل مشترك، وقد تم البدء في مرحلة التخطيط والمشاورات، وفي القريب العاجل ستكون هنالك عمليات مشتركة مع البيشمركة”.

وبشأن المناطق التي يشن فيها عناصر التنظيم هجماتهم، لفت الخفاجي إلى أنها “مناطق تمتاز بعدم وجود قوات، لا من حرس الإقليم ولا من الاتحادية، استغلها داعش للانطلاق لتهديد القوات والمواطنين”، مبيناً أنه “في اجتماع أربيل تم الاتفاق على أغلب الأمور، ومنها مناطق مراكز الاتصال المشتركة للتنسيق في العمليات العسكرية والمعلومات الاستخبارية، ومنع أي حالة إرباك، ووزعت هذه المراكز في ديالى وكركوك والموصل ومخمور”، فيما وصف النقاش مع إقليم كردستان بـ”الإستراتيجي بعيد المدى، وهو دائمي، ويعتمد على وحدة العراق”.

وفي وقت سابق، كشف الأمين العام لوزارة البيشمركة الفريق جبار ياور، عن مساع لتشكيل مركز للتنسيق بين البيشمركة والقوات العراقية في ديالى وكركوك ونينوى لتنفيذ العمليات الأمنية المشتركة.

وقال ياور في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية، إن “الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا للتنسيق والعمل العسكري والأمني بين وزارة الدفاع الاتحادية والبيشمركة كان مثمرا، وبحث مواضيع مهمة جدا منها كيفية التعاون والعمل المشترك خاصة العمليات المشتركة ضد بقايا داعش في بعض المناطق خاصة في ديالى وكركوك ومناطق قره جوخ”.

وأكد ياور، “الوصول الى تفاهمات حول موضوع إنشاء مراكز للتنسيق والعمل المشترك، وتمت مناقشة آلية هذه المراكز”.

**********

الشيوعي العراقي يهنئ الشيوعيين البريطانيين

بالذكرى الـ100 لتأسيس حزبهم

احتفل الشيوعيون البريطانيون في الأول من آب الجاري بالذكرى المئوية لتأسيس حزبهم. وفي هذه المناسبة وجهت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي رسالة تهنئة عبّرت فيها عن الاعتزاز بالدعم الذي قدمه الحزب الشيوعي البريطاني للشعب العراقي وقواه الوطنية الديمقراطية وتضامنه الثابت مع نضالها من اجل التحرر والاستقلال والديمقراطية وضد انظمة الاستبداد والدكتاتورية والقمع والارهاب على مدى عقود. وفيما يلي ترجمة لرسالة التهنئة: 

الرفاق الاعزاء

نبعث اليكم بأحر تهاني الشيوعيين العراقيين في الذكرى الـ100 لتأسيس الحزب الشيوعي البريطاني.

في هذه المناسبة، التي تكتسب اهمية خاصة في حياة حزبكم الشقيق، نحيي تاريخ النضال والتضحيات للشيوعيين البريطانيين وتفانيهم في إعلاء القيم السامية للشيوعية وكفاحهم المثابر من اجل مستقبل اشتراكي. وعلى امتداد مئة سنة، إزاء تحدٍ سياسي وايديولوجي هائل في مواجهة واحدة من أقدم القوى الرأسمالية والامبريالية في العالم، رفعوا عالياً الراية الحمراء للاشتراكية والشيوعية والماركسية. ويقدم هذا التاريخ اليوم مثالاً ملهماً للشيوعيين البريطانيين وحلفائهم في الحركة العمالية والمجتمع لتشديد نضالهم في الدفاع عن حقوق الشغيلة والشعب البريطاني ومن اجل تحقيق بديل يساري شعبي. كما انه مثال ملهم لجيل الشباب في بريطانيا فيما يبحث عن بديل لنظام رأسمالي مفلس يلقى الإدانة بعدما تكشفت العيوب المتأصلة فيه وفشله في مواجهة جائحة كورونا ونتائجها الكارثية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والتي ستترك آثارها على حياتهم لسنوات طويلة قادمة. واليوم، اكثر من أي وقت مضى، اصبح دور الحزب الشيوعي والقوى التقدمية، في بريطانيا وفي ارجاء العالم، لا غنى عنه كملهم ومرشد للعمل من اجل التغيير. انه ضروري لبناء مستقبل افضل، من اجل مجتمع خالٍ من الاستغلال وكل اشكال الاضطهاد والعنصرية والفاشية والحروب والفقر والمرض، ويضمن الحرية والحقوق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويرسي أسس الاشتراكية.

الرفاق الاعزاء

وانتم تحتفلون بهذه الذكرى المئوية، يتذكر الشيوعيون العراقيون بفخر دور الحزب الشيوعي البريطاني في تقديم الدعم الأممي والتعبير عن التضامن مع المناضلين ضد الفاشية والحرب وفي بناء حركة السلام العالمية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مشاركة الشيوعيين البريطانيين في “الألوية الأممية” ونضالهم الباسل ضد فاشيي فرانكو في اسبانيا. وأحد الأمثلة الأخرى مساهمتهم في النضال ضد نظام الفصل  العنصري (الأبارتايد) في جنوب افريقيا.

كما ساند الحزب الشيوعي  البريطاني حركات التحرر الوطني في النضال ضد الاستعمار البريطاني ومن اجل الحرية والاستقلال الوطني. واكتسب هذا التضامن اهمية خاصة بالنسبة الى الشيوعيين العراقيين في النضال المرير لنيل الاستقلال الحقيقي بعد ان وقع العراق تحت الاحتلال البريطاني في 1917. واستمر هذا النضال حتى ثورة 14 تموز 1958 التي اطاحت بالنظام الملكي الرجعي الذي كان تابعاً لبريطانيا.

ويتذكر الشيوعيون العراقيون بفخر العلاقة التي تطورت مع الحزب الشيوعي البريطاني خلال الأربعينات من القرن الماضي. فقد سعى بقوة الى إنقاذ حياة الرفيق فهد (يوسف سلمان يوسف)، مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي وقائده، عندما حُكم عليه بالاعدام بعد اعتقاله في 1947. وتحت ضغط هذه الحملة العالمية جرى تخفيف الحكم الى السجن مدى الحياة. ولكن بسبب الدور الذي لعبه حزبنا الشيوعي في الانتفاضة الشعبية (وثبة كانون) ضد معاهدة بورتسموث في 1948، جرى إعادة محاكمته مع اثنين من رفاقه في المكتب السياسي، وحُكم عليهم بالاعدام ونُفّذ الحكم في 14 شباط 1949. 

وفي اعقاب الانقلاب الفاشي الدموي في 8 شباط 1963، المدعوم من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي آي أي)، الذي جرى فيه تصفية آلاف الشيوعيين ومؤيديهم جسدياً، ساند الشيوعيون البريطانيون مرة أخرى حملة تضامن عالمية لفضح حمام الدم ووقفه. 

كما قدم الشيوعيون البريطانيون دعماً حيوياً لحملة التضامن التي انطلقت في بريطانيا في 1979 بعد تصاعد حملة القمع التي شنها نظام صدام البعثي الفاشي ضد الشيوعيين والديمقراطيين. وتواصل هذا الدعم التضامني للشعب العراقي على مدى اكثر من عقدين عاني خلالها شعبنا كوارث الحرب العراقية – الايرانية والعقوبات الاقتصادية بعد غزو صدام للكويت. وشارك الشيوعيون العراقيون في التظاهرات المناهضة للحرب، الى جانب الشيوعيين البريطانيين، عشية الحرب والاحتلال الامريكي للعراق في 2003، تحت شعار “لا للحرب .. لا للدكتاتورية”. واستمرت أواصر الصداقة والتضامن بين حزبينا خلال السنوات اللاحقة على الرغم من النضال الصعب الذي خاضه حزبنا والقوى الديمقراطية في ظل ظروف معقدة ضد الاحتلال والطائفية السياسية والفساد والارهاب، ومن اجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، ولبناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية.

ايها الرفاق الاعزاء

بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد حزبكم، نغتنم هذه الفرصة للتعبير مرة أخرى عن تقديرنا لتضامنكم الأممي مع شعبنا والديمقراطيين والشيوعيين العراقيين.

نحيي بحرارة كل أعضاء الحزب الشيوعي البريطاني ومؤيديه، ونتطلع الى تعزيز وتطوير العلاقات التاريخية والروابط الأممية بين حزبينا في النضال المشترك من اجل الحرية والسلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية. 

مع أحر تحياتنا الرفاقية

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

30 تموز 2020

************

ص6

مختصون: تشريع قانون العنف الأسري بات ضرورة ملحة

بغداد ـ طريق الشعب

طالب برلمانيون وجهات معنية بحقوق الانسان، مجلس الوزراء بـ “ضرورة ارسال مسودة قانون مناهضة العنف الاسري، في أسرع وقت، الى مجلس النواب لغرض التصويت عليها”، موضحين أن ذلك يأتي “نظرا لارتفاع حالات العنف التي تتعرض لها الفئات الاضعف مجتمعيا، خاصة بعد التداعيات الاقتصادية التي سببتها جائحة كورونا، وأثرت على الكثير من العائلات محدودة الدخل”.

في هذا الشأن قال الخبير القانوني هادي عزيز، لـ “طريق الشعب”، ان “تشريع قانون مناهضة العنف الاسري، اجراء لا بد منه”، مبينا انه “على الرغم من توفر نصوص قانونية بهذا الصدد، لكنها لا تتمكن من تغطية وقائع العنف كافة، وبالتالي ألزمتنا الحاجة الى الخروج بقانون جديد للعنف الاسري”.

وتابع قائلا، انه “منذ عشر سنوات شكلت لجنة - وهو كان احد أعضائها - لوضع فقرات المسودة القانونية لمناهضة العنف الاسري”، مشيرا إلى أن اللجنة قدمت حينها المسودة الى مجلس النواب “لكنها واجهت معرقلات من قبل العناصر التي تتبنى الخطاب الديني - السياسي، اضافة الى هيمنة العقلية الذكورية، ما حال دون المضي بتشريع القانون الى الآن”.

 ولفت الخبير القانوني الى ان “هناك معلومات تفيد بأن مجلس الوزراء الحالي صوت على مسودة قانون لمناهضة العنف الأسري، ألغي منها الجانب العقابي. وفي حال تم ذلك فعلا، فإن لا قيمة للقانون، بسبب غياب الرادع”.

واشار الى انهم يأملون من مجلس النواب “التصويت على مسودة القانون الذي قدم في حينه من قبل اللجنة المختصة، اضافة الى السعي لتشكيل سلطات تنفيذية قادرة فعلا على تنفيذه”.

إلى ذلك شددت عضو مفوضية حقوق الانسان، فاتن الحلفي، على أهمية تفعيل وإنفاذ قانون وطني لمكافحة العنف الأسري، يستوفي المعايير الدولية. عادة ذلك “خطوة لا غنى عنها لوضع حد للانتهاكات الاسرية، والمساهمة في القضاء على جميع اشكال التمييز والعنف ضمن الاسرة العراقية”.

وطالبت الحلفي مجلس النواب بـ “وضع مسودة مشروع القانون على جدول اعماله في اقرب وقت ممكن، والتصويت عليها”. 

سكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل، رأت من جهتها ان “خطوة التصويت على قانون مناهضة العنف الاسري جاءت متأخرة. اذ كان من المفترض ان يتم تشريع القانون منذ سنوات، أسوة ببقية الدول”.

وبخصوص ابرز الاسباب التي ادت الى عدم تشريع القانون، ذكرت مروكل لـ “طريق الشعب”، ان “هناك الكثير من الاصوات النشاز ترتفع عند لحظة وصول القانون الى التشريع، فتدخله في مشاحنات الشريعة الدينية والقرارات الفردية، ما يؤدي الى اعادة النظر في مسودته، وبالتالي عرقلة تشريعه”.

هذا ودعت لجنة المرأة والاسرة والطفولة البرلمانية، في بيان صدر عنها أخيرا، الامانة العامة لمجلس الوزراء إلى “الإسراع في إرسال مسودة مشروع القانون الجديد من أجل التصويت عليها داخل أروقة اللجنة، وذلك وفق اختصاصها التشريعي والقانوني والمهني. وبالتالي يتم رفع القانون إلى رئاسة مجلس النواب لإدراجه ضمن جدول أعمال الجلسات القريبة المقبلة، والتصويت على تشريعه وإقراره”.

كما دعت اللجنة في بيانها، إلى “تنظيم حملة تضامنية شعبية واسعة لدعم مشروع القانون الجديد، من أجل التصويت عليه في أسرع وقت ممكن، نظرا للارتفاع المضطرب والمخيف في حالات العنف الأسري بسبب الظروف التي تمر بها البلاد عموما، والعائلات العراقية خصوصا، جراء جائحة كورونا وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأسر”.

واكدت اللجنة في الوقت ذاته، أن أبوابها مفتوحة امام مقترحات المنظمات المدنية والناشطات النسوية، في شأن مسودة القانون “الذي سيكون له دور مهم في الحد من العنف الأسري، وسيساهم في حماية أفراد الأسرة جميعا في ظل إحصاء أعداد كبيرة وخطيرة لحالات العنف الأسري”.

عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية، يسرى رجب، ذكرت ان لجنتها وجهت في وقت سابق مطالبات عديدة الى الجهات ذات العلاقة لتقديم مشروع القانون الى مجلس النواب، من أجل توفير الحماية لجميع أفراد الأسرة وليس للمرأة فقط.

وقالت أن “الدستور العراقي، وفق المادة 29 منه، أوجب على الدولة توفير الحماية للأسرة، بوصفها أساس المجتمع، لا سيما الأمومة والطفولة والشيخوخة. كما منع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع”.

واضافت رجب أن “السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانطلاقاً من هذا النص الدستوري، يتوجب عليهما التعاون في سن القوانين التي توفر الحماية للأسرة والمجتمع”.

وشددت على “ضرورة عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب وفق أحكام المادة (58/ أولاً) من الدستور، لمناقشة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري والإسراع في إقراره، وذلك بعد تسجيل العديد من حالات العنف داخل نطاق الأسرة خلال فترة الحجر الصحي”.

*************

ناشطون يرونه غير كاف لإنهاء الظاهرة

مشروع قانون العنف الاسري على طاولة البرلمان

بغداد – عبد الله لطيف

ارسل مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، أخيرا، نسختين من مشروع قانون العنف الاسري الى مجلس النواب، لغرض إقرار القانون والتصويت عليه. وفيما طالبت ناشطات نسويات لجنة المرأة البرلمانية، بإجراء تعديلات على النسختين، من أجل الخروج بصيغة أفضل، أكدن ان القانون سوف يحد من انتشار ظاهرة العنف الاسري.

بداية جيدة

سكرتيرة رابطة المرأة العراقية، شميران مروكل، قالت لـ”طريق الشعب”، ان “مشروع قانون العنف الاسري الذي اُرسل الى مجلس النواب، جيد بصيغته الحالية، وهو سوف يحد من العنف الذي انتشر بالتزامن مع حظر التجوال الصحي. فهذا الحظر فرض انعكاسات سلبية داخل العائلات، ادت الى ازدياد حالات العنف”.

وتابعت قائلة، انه “اذا ما تم تفعيل القانون بالشكل الصحيح، وتمت التوعية به، فبإمكانه ان يخفف من حالات العنف، ويكون سنداً للمرأة والاسرة”، آملة أن يصادق مجلس النواب عليه.

واضافت سكرتيرة الرابطة ان “تشريع القانون وحده غير كاف. فنحن نحتاج الى جهد مضاعف من اجل توعية الناس به وبفقراته، خصوصاً للشرائح المهمشة التي تتعرض للعنف بصورة مستمرة”، مشيرة الى ان “المجتمع يتحرج من الابلاغ عن حالات العنف. اذ لا تزال الضحية تمتنع عن الابلاغ عن العنف الذي تتعرض له داخل المنزل، بسبب الأعراف والتقاليد”.

وطالبت مروكل، الجهات المعنية بـ “توفير آليات سهلة لتطبيق هذا القانون، اهمها تحديد ارقام هواتف لتقديم الشكاوى ضد الجناة، وتخصيص جهات ضامنة لتطبيق القانون”.

وتشهد المنازل العراقية حالات عنف كثيرة معظمها تبقى حبيسة الجدران، ولا تصل الى الرأي العام او إلى المنظمات المعنية، حيث يتردد معظم المعنَفين عن الابلاغ عن حالات العنف او الذهاب الى مراكز الشرطة لتقديم الشكاوى.

دمج نسختي مشروعي القانون

الى ذلك، طالبت الناشطة في حملة “لأسرة آمنة”، مروة عبد الرضا، لجنة المرأة البرلمانية بـ “دمج نسختي مشروعي القانون المقدمتين من مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، وذلك للخروج بصيغة قانون يخدم الاسرة العراقية”، موضحةً ان “النسخة التي ارسلت من مجلس الوزراء تحتوي على نقاط ليست موجودة في النسخة التي ارسلت من رئاسة الجمهورية، والتي احتوت على فقرات حول الايواء الطارئ وصندوق دعم الضحايا”، مبينة أن “لجنة المرأة ابلغتنا بأنها سوف تحاول دمج النسختين للخروج بصيغة تلائم المجتمع العراقي”.

وتابعت قائلة في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “القانون جاء بتفاصيل عمومية، ولم يتعمق في التفاصيل الجوهرية التي بإمكانها تغيير الواقع”، موضحة أن “القانون الحالي أمن وجود دار ايواء للمعنفات، والابلاغ عن حالات العنف، وتشكيل محكمة مختصة بقضايا العنف الاسري، عدا ذلك لم يات بشيء مهم، ولم يفرض اي عقوبات على الجناة، ما يبقي على محاسبتهم وفق قانون العقوبات العراقي”.

ولفتت عبد الرضا الى ان “تشريع القانون لن يوقف الانتهاكات بحق الاسرة، لكنه سوف يحد من ظاهرة انتشار العنف داخل المنازل. وعلى المستوى الآخر لا يزال المجتمع او المعنفون يترددون عن الابلاغ عن حالات العنف، وان مفهوم العنف الى الآن لم يتضح لديهم. فلا تزال العائلات تفسر ضرب الاطفال بأنه جزء من التربية والتقويم”.

ماذا بعد التشريع؟

يتفق الكثيرون من ناشطي المجتمع المدني والمنظمات المدافعة عن المرأة والاسرة، على ان تشريع قانون مناهضة العنف الاسري غير كاف لايقاف العنف نهائياً، وبالتالي فإنهم امام تحديات كبيرة لانهاء وجود العنف من خلال فعاليات توعوية مختلفة.

وقالت الناشطة النسوية ايناس جبار، لـ”طريق الشعب”: “اننا نعي جيدا ان خطوة تشريع قانون العنف الاسري هي الاولى في مشروع الحد من ظاهرة العنف. فالقانون وحده لن يوقف العنف، اذ ان المهمة الاكبر ستكون في ما بعد الإقرار من ناحية التوعية بالقانون وضمان ايصال مفاهيمه للجميع، والتثقيف بإجراءات تقديم الشكاوى من قبل الضحايا للجهات المعنية، فضلا عن آليات توفير الحماية للضحية”.

وبينت ان “منظمات المجتمع المدني مطالبة الآن بمضاعفة جهودها لتغيير النظرة المجتمعية للعنف، من كونه حقا موروثا الى جريمة يحاسب عليها القانون. لهذا فالتحدي كبير امام المنظمات والناشطين والجهات الحكومية المختصة، والأمر يحتاج الى تضافر جميع الجهود لتحقيق بيئة آمنة خالية من العنف”.

************

ص7

توفير الوقود مجانا للمولدات الأهلية.. 

الحكومة تؤكد واصحاب المولدات ينفون

والمواطن هو الضحية!

عامر عبود الشيخ علي

كلما تتسع ازمة الكهرباء يزداد جشع اصحاب المولدات، ما يفاقم من معاناة المواطنين، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة صيفا.

وتشكل المبالغ الكبيرة التي يدفعها المواطن لأصحاب المولدات، عبئا كبيرا على عاتقه، يزيد من معانته المعيشية. وبالرغم من قرارات مجلس الوزراء ومحافظة بغداد، بتحديد سعر الامبير، إلا ان اغلب اصحاب المولدات لا يلتزمون بالتسعيرة، في ظل غياب الرقابة الحكومية.

بغداديون عديدون أعربوا لـ “طريق الشعب”، عن استيائهم من عدم التزام اصحاب المولدات بالسعر المحدد، واجبارهم المشتركين على دفع مبلغ كبير مقابل الأمبير الواحد، شهريا.

المواطن محمد حسن، وهو من سكان حي الغزالية (الهياكل) - المحلة 446، أوضح من جانبه انه “قبل أسابيع، وبسبب الوضع الاقتصادي الصعب وتردي الكهرباء الوطنية وازدياد عدد الاصابات بوباء كورونا، قرر مجلس الوزراء أن يخفض اصحاب المولدات سعر الأمبير الواحد الى 5 آلاف دينار شهريا، مقابل تزويدهم بحصصهم من الوقود مجانا، لكن عند تسديدي اجور الاشتراك لهذا الشهر، طلب مني عامل المولدة دفع 20 ألف دينار للأمبير الواحد”.

وتابع قائلا انه “عندما اخبرت عامل المولدة بقرار الحكومة خفض سعر الأمبير مقابل تزويد المولدات بالوقود مجانا، أجابني بأن هذه المولدة غير مشمولة بحصة الوقود، وانهم يشترون الكاز من المحطات. كما حذرني من عدم دفع المبلغ، كونهم في هذه الحال سيضطرون إلى قطع خط الكهرباء التابع لي، ووقتها لن ينفعني أن أقدم شكوى إلى الجهات الحكومية، لعدم وجود رقابة حقيقية!”.

اما الموظفة عبير سلمان، فقد قالت انه “استبشرنا خيرا عندما حددت الحكومة سعر الأمبير بـ 5 آلاف دينار للخط العادي، و8 آلاف دينار للخط الذهبي، إلا اننا تفاجأنا عند تسديد مبلغ الاشتراك الشهري، بعدم خفض صاحب المولدة سعر الامبير. فقد أجبرنا على دفع 17 ألف دينار للامبير الواحد، بذريعة ان المولدة اهلية ولم يصرف لها وقود مجاني”.

وأضافت قولها، أن “أغلب المولدات الموجودة في منطقتنا وبقية المناطق، أهلية وغير مشمولة بحصة الوقود حسب ادعاء اصحابها، وبهذا ضاعت الحقيقة والمواطن هو الذي يتحمل اعباء ارتفاع سعر الأمبير، في ظل عدم وجود بدائل أخرى”.

عامل في إحدى المولدات الأهلية، عبر عن تعاطفه مع المواطنين الذين ازدادت معاناتهم الاقتصادية بعد رفع سعر الأمبير إلى 20 ألف دينار، مبينا أن “هذا السعر مبالغ فيه، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وتوقف أعمال غالبية المواطنين جراء جائحة كورونا وقرار الحظر الوقائي”.

ويستدرك العامل في قوله ان “مصاريف المولدة كثيرة. فهي تستهلك كمية كبيرة من الوقود”، مؤكدا أن مولدتهم غير مشمولة بحصة الوقود المجانية.

فيما أشار عامل آخر، زميل للأول، إلى أن “الحكومة لو وفرت لنا بالفعل، الوقود المجاني، لالتزمنا بسعر الأمبير المحدد من قبلها، لكن تلك القرارات لم تكن سوى شعارات! ولذلك، وتلافيا للدخول في مشكلات مع المشتركين، علقنا لافتات على مولداتنا، كتبنا عليها أن المولدة غير مشمولة بحصة الوقود المجانية”.

المواطن ابو رشا، وهو من سكان مدينة الكاظمية – المحلة 423، ذكر من جهته أن أصحاب المولدات في مدينتهم التزموا بالتسعيرة المحددة، واستوفوا من المشتركين 8 آلاف دينار شهريا، مقابل الأمبير الواحد لاشتراك الخط الذهبي”، مثمنا الموقف الإنساني لصاحب المولدة في محلتهم، الذي تنازل للمواطنين عن مبالغ الاشتراك خلال الشهر الذي ظهرت فيه أولى الإصابات بفيروس كورونا، والذي طبق فيه الحظر الشامل.

*************

سعر الأمبير وصل إلى 25 ألفا!

إلى متى يستمر جشع أصحاب المولدات؟

بغداد – ماجد مصطفى عثمان

يعاني سكان مناطق جانب الكرخ من بغداد، جشع بعض أصحاب المولدات الأهلية، الذين قاموا خلال الفترة الأخير برفع سعر أمبير الكهرباء كثيرا، حتى وصل إلى 20 و25 ألف دينار في الشهر الواحد، بذريعة أنهم يشترون الكاز التجاري، كون الدولة لا تجهزهم بحصصهم المقررة منه.وأثقل هذا الارتفاع «غير المبرر» في سعر الأمبير، كاهل المواطنين في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، التي ساءت كثيرا هذه الفترة جراء أزمة كورونا.  وكان مجلس محافظة بغداد، قد أصدر قبل فترة، قرارا حدد فيه سعر أمبير المولدة لشهر آب الجاري، بـ 8 آلاف دينار، وذلك بالنسبة للمولدات التي تعمل من الساعة 12 ظهرا حتى الساعة 5 صباحا، و12 ألف دينار بالنسبة للمولدات التي تزود المواطنين بـ»الخط الذهبي»، الذي يعمل على مدار اليوم، على أن تقوم الدولة بتجهيز جميع المولدات بحصصها من الكاز. لكن للأسف، أن قسما كبيرا من أصحاب المولدات، لم يلتزم بهذا القرار. سكان الكرخ يناشدون عبر «طريق الشعب»، الجهات المسؤولة وضع حد لجشع أصحاب المولدات، ومحاسبة المخالفين منهم، مراعاة للمواطنين الذين يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة جدا.

***************

مواساة

*تعزي المختصة المندائية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق د. احمد نوري جابر بوفاة والدته، وهي ام الشهيدين أمين وسعد نوري جابر، للفقيدة الذكر الطيب  ولروحها السلام ولرفيقنا والعائلة الكريمة جميل الصبر والسلوان. 

*رفيقات ورفاق منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هولندا وبلجيكا يتقدمون بالتعازي الحارة للرفيق الدكتور احمد نوري جابر، برحيل والدته ام الشهيدين امين وسعد، لروحها الطاهرة السلام والذكر الطيب للفقيدة ، ولرفيقنا والعائلة الصبر والسلوان.

*تعزي محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي الرفيق عدي الاسدي بوفاة ابن عمه عماد، للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

*بمزيد من الحزن والألم ينعى الرفيق جواد وادي رحيل السيدة بتول احمد الخضري (أم حازم) شقيقة الشهيد الرفيق محمد احمد الخضري وقرينة الصديق ستار جبار الساعدي والتي كانت من مناضلات رابطة المرأة في الستينات في الديوانية وامها كانت المناضلة أم محمد نزيلة سجون البعث عام 1963 في السجن المركزي، للفقيدة الذكر الطيب وللصديق أبو حازم والعائلة الصبر والسلوان.

**********

مواطنون من ديالى يشكون تذبذب توزيع الحصة التموينية

بعقوبة – علي الورد

أصبح موضوع المفردات التموينة، من حيث عدم الانتظام في توزيعها ورداءتها وقلتها، مشكلة حقيقية بالنسبة للفقراء والمحتاجين، ما يتطلب وقفة جادة من الحكومة لمعالجة هذه المشكلة، التي تمس معيشة المواطن.

يقول المواطن قيس محمد، وهو من أهالي محافظة ديالى، انه “منذ سنوات ونحن نعاني قلة مواد الحصة التموينية ورداءتها. فلم نتسلم منذ فترة طويلة سوى الرز والسكر والزيت، وهذه لا تأتي دفعة واحدة، انما بصورة متفرقة”.

فيما يتساءل المواطن مصطفى علي، وهو من أهالي ديالى أيضا، عن سبب عدم الانتظام في توزيع المفردات التموينية، خاصة خلال هذه الظروف الصعبة، وعن إجراءات الحكومة في هذا الشأن “وهي ترى الوضع الكارثي الذي يعيشه المواطن.. أما كان الأجدر بها أن توفر الحصة التموينية، وتضيف إليها المزيد من المواد الغذائية!؟”.

المواطنة أم سعد، تذكر أنه “في السابق كانت الحصة التموينية سندا للعائلات، خاصة الفقيرة، أما الآن فقد أصبحت موادها قليلة جدا”، مبينة أن مشكلة عدم توزيع الحصة التموينية بانتظام، صارت تؤرق المواطن، وأدت في الوقت نفسه إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاساسية في السوق، ما أثقل كاهل العائلات الفقيرة. إلى ذلك يقول وكيل الحصة التموينية، نزار عبد الكريم، وهو من محافظة ديالى، أنهم كوكلاء يعانون قلة المواد التموينية التي تصلهم، أو عدم وصولها في الأساس، بالرغم من كونهم يدفعون أبدال الإيجار شهريا عن المحال التي يستأجرونها لخزن البضاعة وتوزيعها، والتي تصل إلى 250 ألف دينار للمحل الواحد.

**********

ص8

معالجة الاختلالات

في الاقتصاد

لا تحتمل التأجيل

ابراهيم المشهداني

التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي المنعقد للفترة 4-7 من شهر حزيران الماضي خلص بعد نقاش مستفيض وتحليل لطبيعة الازمة الاقتصادية المستعصية، من بين العديد من الاستنتاجات، الى ان الاقتصاد العراقي يعاني من اختلالات عميقة في البنية الاقتصادية التي انعكست في النمط الاستهلاكي الذي طغى على الانفاقين الحكومي والخاص على حساب الادخار والاستثمار.

  ولكي لا استغرق في البحث في ما لا تحتمله المساحة المحددة لكتابة هذا المقال سأكتفي بالتعرض لبعض المفردات الواردة في التقرير المذكور ومنها الانفاق الحكومي والخاص واتجاهات هذا الانفاق. فالبيانات المتوافرة تشير الى ان مجموع الايرادات للعملة الاجنبية للفترة من عام 2005 والى عام 2017 قد بلغت أكثر من 706 مليار دولار، أنفق منها أكثر من 703 مليار دولار في القطاعين الحكومي والخاص، وتشير بعض البيانات ان إنفاق القطاع الخاص يربو على 350 مليار دولار تم شراؤه من نافذة البنك المركزي.

ومن الواضح ان الانفاق الحكومي قد ذهب بمعظمه الى الانشطة التشغيلية في عمل الحكومة ولم يكن نصيب الانفاق الاستثماري الا النزر اليسير، فلم يزد خلال عشر سنوات أكثر من 360 مليار دولار منها 222 مليار دولار على مشاريع استثمارية لم تنفذ، ومن ذلك يتبين ان النفقات الاستثمارية كانت مخيبة للآمال.

ومن جانب اخر فان تنامي الاستهلاك وتحوله الى طابع اجتماعي لا يضعف الا مستوى الادخار الداخلي بمرور الوقت، كما ان تدفقات العملة الاجنبية الى الداخل لا تقوي سوى الطلب الداخلي الكلي لسد احتياجات الاستهلاك وفي ذات الوقت تؤدي الى تآكل فرص الادخار وتدهوره أكثر فأكثر. والى جانب ذلك فان السياسات النقدية للجهاز المصرفي تسهم وبدرجة كبيرة في هذا التآكل الأمر الذي قاد الى تعاظم ظاهرة الاكتناز الذي يشكل 41 تريليون من الكتلة النقدية المتداولة في السوق.

ونرى ان امام الحكومة المؤقتة مهمة وضع الأسس المتينة لعملية اصلاح اقتصادي جذري ينقذ الاقتصاد الحالي من ظاهرة الاختلالات التي تفتك به وفق رؤية علمية واقعية بعيدة عن التنظيرات التي لم تثبت صحتها على ارض الواقع وفق تشريع يلزم هذه الحكومة والحكومات اللاحقة بالتنفيذ، ونقترح في هذا المجال ما يلي:

1. اعادة النظر في السياسة الإنفاقية لتأخذ في الاعتبار التوجه لعملية تنمية مستدامة تقوم على اساس تنويع اقطاعات السلعية والخروج من شرنقة السياسة الريعية.

2. السير في تعظيم الموارد المالية التي استهلتها الحكومة بعدد من الخطوات وتقليص سياسات الاقتراض الى أدنى حدودها في حال الضرورة القصوى ولأغراض التنمية حصرا.

3. الانتهاء من حالات التردد في مكافحة الفساد ومحاصرة رموزه وايقافهم من الاستمرار في مصادرة الثروة والتلاعب بقوة الشعب وتهريب الأموال بمختلف اساليب غسيل الأموال.

**************

الواح الخلايا الشمسية

بدائل واعدة لتجهيز الكهرباء

د. عدنان يوسف رجيب

يتمكن كثير من المواطنين الحصول على الطاقة الكهربائية من داخل بيوتهم عند إستخدام ألواح الخلايا الشمسية Solar Panelsالتي يمكن تصميمها وتركيبها على سطوح البيوت (والمحلات في المدينة). وهذه طريقة ناجحة رخيصة ومفيدة.

تكنولوجيا إنتاج الكهربائية

يمكن الإستفادة من الطاقة الضوئية للشمس، وبأستخدام المواد شبه الموصلة، مثل السيليكون (التي هي أساس عمل الخلية الشمسية Solar Cell) لإنتاج الكهرباء، حيث يمكن إستخدامها في البيوت والمحلات والمزارع وغيرها.

وطريقة العمل هي بتعريض هذه الخلية الشمسية (و تسمى كذلك بالخلية الشمسية الفولتية الضوئية (solar photovoltaic  لضوء الشمس، عن طريق أستخدام الألواح الشمسية Solar panelالكهربائية، وهي الألواح الزرقاء الظاهرة في الصورة أدناه.  

فوائد وصفات النظام الفولت –

ضوئي  PV Solar System

يمكن الإعتماد على إنتاج القدرة الكهربائية لهذا النظام، وهو يعتبر نظيف بيئيا (بدون تلوث للبيئة)، ونظام ملائم في تزويد الطاقة الكهربائية لمستخدمين عديدين: في البيوت والمصانع والمزارع وغيرها.

أما الكفاءة (النجاعة) Efficiency  لخلايا الالواح  الشمسية (الضوئية)، فهي قليلة، وقد تصل هذه الكفاءة لحوالي 32% من حيث الإستفادة من الطاقة الضوئية الشمسية لتحويلها الى كهرباء.

اما تكلفة هذه الألواج الشمسية فانها كانت في السابق غالية نسبيا وانخفضت بالتطور التكنولوجي. لكن لكون إن الأجهزة والمواد تبقى في الإستعمال لعدة سنوات، فإن هذا ما يقلل من نسبة التكلفة عند الإستخدام خلال السنوات القادمة.

ولذا يفضل أن يجري تصميم سقوف البيوت (أو المحلات الأخرى) بنظام ألواح الخلايا الشمسية، في إستخدام الفولتية الضوئية الشمسية Solar Photo Voltaic. ويكون هذا متضمنا تركيبات كهربائية مختلفة (بضمنها بطارية لخزن الطاقة الفائضة). أما الأجهزة التي يتم تشغيلها في البيوت بالكهربائية،  فهي تشمل:

المصباح الكهربائي والتلفزيون والثلاجة والكومبيوتر، وربما مبردة صغيرة، ومثيلاتها.

ضرورة إستخدام نظام الفولت ضوئي

إذا كانت كفاءة هذه الألواح الشمسية غير كافية لإنتاج القدرة الكهربائبة المطلوبة  لتشغيل كل الأجهزة المستعملة في البيت، فإن هذه الألواح الشمسية يمكن أن تفي بقدر جيد نسبيا من إحتياجات البيت من الكهرباء. ومن هنا يفضل جدا إستخدام نظام خلايا الألواح الشمسية، هذا، لإنتاج الكهرباء.

وإن الميزة الهامة لإستخدام هذه الألواح الشمسية هي في التخلص من الإعتماد على الكهرباء الحكومي أو على أصحاب المولدات الأهليين.  والفائدة هنا هي في عدم إنقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي لا يحصل سوء وتأخر لنشاطات الإفراد في بيوتهم ومحلاتهم و شركاتهم.

كذلك هناك رخص مالي (نسبي) لتلكفة إنتاج الكهرباء في البيوت، عنه في الدفع للدولة أو لأصحاب المولدات، التي عادة تكون لقاء مبالغ عالية نسبيا. هناك أسعار للألواح الشمسية، مثلا في بريطانيا، وهي عدة باوندات لانتاج مائة واط.  وتقدم تجارب في دبي تكلفة أقل من هذه بكثير لإنتاج كيلو واط – ساعة. وهذه التكلفة هي أقل بكثير مما يكلفة إنتاج كيلو واط – ساعة عن طريق الغاز ومشتقات النفط. 

وهنا لابد أن تقوم العوائل العراقية نفسها بالإستفادة من الألواح الشمسية وتوظيبها على سطوح بيوتها لانتاج الكهرباء، حيث الشمس ساطعة بضوئها الجميل، والذي يستمر لساعات طويلة خلال اليوم (خاصة في الصيف).

مسؤولية الدولة

 تتحدد مسوؤلية الدولة في تقديم الخدمات للمواطنين. وهنا فإن مساعدة العوائل ماليا لشراء معدات الألواح الشمسية هي ضرورة هامة، من أجل التغلب على عسر الكهرباء وحصول المواطن عليهى. وهذه المساعدة الهامة سوف لا تكلف الدولة كثيرا.

كما ينبغي  أن يجري الإهتمام بقيام الجامعات العراقية والجهات العلمية بالمساهمة والمساعدة في عملية نصب وتشكيل الألواح الشمسية في البيوت. وذلك عند قيام الجامعات بإشراك طلبة الأقسام الهندسية في توظيب الألواح الشمسية في بيوت المواطنين، ويعتبر هذا النشاط ضمن مشاريع الطلبة الدراسية. ولابد هنا من فتح مجال صناعي عام في العراق.

استخدام الألواح الشمسية عالميا     

هناك دول عديدة يقوم فيها الأهالي بإنتاج احتياجاتهم من الكهرباء من سطوح بيوتهم بواسطة الألواح الشمسية، وهذا يوفر لهم المال والسيطرة على حاجتهم الى الكهرباء دون اللجوء للدولة.  فلنكن نحن في العراق مثل بقية هذه ألدول .

بدأت عدد من الدول مثل المانيا والصين والولايات المتحدة بالاعتماد على نظام الألواح الشمسية كمصدر بديل للطاقة، لإيصال الكهرباء الى الأماكن المنعزلة والتي يصعب تزويدها  بالكهرباء. ثم قامت فرنسا و المانيا والمملكة المتحدة بإنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية. وتوجد دول عديدة في العالم تستخدم هذه الألواح الشمسية. والإنتاج، مثلا، يزيد على (جيجا واط) في دول مثل تايلند، هولندا وسويسرا . كما إن إيطاليا والمانيا واليونان لديها تغطيه لسعة 7% و 8% من الكهرباء.

ويمكن الاطلاع على تجارب دول اخرى. الجزائر مثلا تستطيع توليد طاقة كهربائية تصل إلى 170 تيرا واط - ساعة سنويا. وتمتلك المغرب معدل إشعاع  شمسي عالي، وهي تسعى لإقامة محطة توليد بمقدار 2,000 ميجا واط من الطاقة الشمسية خلال عام 2020. كما وصلت  مصر الغنية بالطاقة الشمسية إلى انتاج 4.5 ميجاوات. أما  الأردن فإن معدل إشعاعها الشمسي عالي، وتقريبا 15% من البيوت تستخدم الطاقة الشمسية ولتسخين المياة. وتم إنشاء محطة صغيرة للطاقة الشمسية في اليمن.  وبدأ طلاب المدارس بالاهتمام بتكنولوجيا الطاقة الشمسية فقاموا بصنع وتطوير مراوح ومصابيح شمسية تعمل لحد 12 ساعة. وتستخدم الكثير من  دول العالم الآن الإلواح الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية.

إن كل هذا يدعو الى أن يقوم المواطنون العراقيون بالتوجه لإستخدام الألواح الشمسية في انتاج الطاقة الكهربائية في البيوت، والتخلص من الكهرباء التي تقوم الحكومة بتزويدها. وسيكون الإنتاج الكهربائي ممكناً ورخيص نسبيا إذا كان مثلا  الألف واط - ساعة يكلف مبالغ زهيدة نسبيا. وهذه الألف واط تكفي، نسبيا، لتشغيل أجهزة عديدة في البيت يحتاجها الفرد آنيا.

************

ص9

الحكومة البريطانية تشدد الإجراءات ضد اللاجئين

متابعة – طريق الشعب

تبنت الحكومة البريطانية إجراءات مشددة ضد "الهجرة غير الشرعية" عبر القناة الإنكليزية. وعينت وزيرة الداخلية ضابط البحرية السابق دان أوموني رئيسا لمجموعة عمل للحد من تدفق اللاجئين. وقالت: ان "عدد حالات عبور القوارب الصغيرة غير الشرعية مرعب"، و"نحن نعمل على جعل هذا الطريق غير مربح". وفي الآونة الأخيرة، استفاد المزيد والمزيد من اللاجئين من هدوء البحر لعبور القناة الانكليزية. ومنذ بداية العام، منعت السلطات الفرنسية ما لا يقل عن 810 لاجئا من العبور.

تواصل الاحتجاجات

في بلغاريا

متابعة – طريق الشعب

تواصلت السبت الاحتجاجات ضد الحكومة البلغارية لليوم الحادي والثلاثين على التوالي. وشهدت العاصمة صوفيا احتجاجات جديدة، حيث نصب المحتجون الحواجز  والخيام في 3 تقاطعات كبيرة، وفي مدينة فارنا الواقعة على البحر الأسود وفي بلوفديف في الجنوب. نظمت احتجاجات ضد المباني غير الشرعية بالقرب من سوزوبول على البحر الأسود في كل مساء منذ 9 تموز يطالب آلاف المتظاهرين باستقالة الحكومة القومية المحافظة. ويتم فضح الفساد وتأثير الاوليغارشيه والإدارة غير الفعالة في أفقر دول الاتحاد الأوروبي

فنزويلا:

إدانة مرتزقة أمريكان

متابعة – طريف الشعب

 بعد الغزو الذي أحبطته القوات الفنزويلية في أيار الفائت، تمت إدانة اثنين من المرتزقة الأمريكيين المتورطين في غزو فنزويلا. واعترف لوك دينمان وإيران بيري بمسؤوليتهما وبارتكاب جرائم التآمر وتجارة الأسلحة غير المشروعة والإرهاب، وفق لما نشره المدعي العام الفنزويلي طارق وليام صعب يوم الجمعة على تويتر. وعلى هذا الأساس، حكم عليهما بالسجن لمدة 20 عامًا. وستستمر محاكمة المتهمين الـ 22 المتبقيين. وكانت عدة زوارق سريعة قادمة من كولومبيا قد نزلت بالقرب من مدينة ماكوتو، ونزل قارب آخر في اليوم التالي. وتم القبض على جميع الطواقم، بما في ذلك دينمان وبيري. وقد شارك العشرات

**************

تحديات تواجه الحكم المحلي في السودان

الخرطوم - قرشي عوض

باشر ولاة الولايات السودانية الجدد مهامهم بعد اداء القسم الاسبوع الماضي، وسط تحديات كبيرة قد تهدد مستقبل الفترة الانتقالية في البلاد، نظرا الى ان  ازمة نظام الحكم تكمن اصلاً في اطرافه، حيث اندلعت الثورة. وذلك رغم حرص الاحزاب السياسية على تمثيل نفسها في هذا المستوى من الحكم، نظراً لتمركز عناصر النظام القديم في اسفل الجهاز الاداري.

فمن المتوقع ان تحدث تصفيات كبيرة في الخدمة المدنية، بسبب اعتقاد القيادة السياسية ان رموز النظام المنهار هناك اعاقوا اداء السلطة خلال السنة المنصرمة، استنادا الى ان هناك تعيينات كثيرة تمت وفق عقود خاصة، عن طريق التمكين الحزبي لعناصر المؤتمر الوطني الملغى، والتي لم تخضع لشروط الخدمة.  

ان التحول الاداري المتوقع حدوثه، ورغم انه سوف يضرب اوكار الفساد وقد يساعد في تخفيف حدة الازمة المستحكمة، لكنه لن يسعف حكومات الولايات في التصدي لمهامها، بسبب وجود عوائق تدعمها الطبيعة الهيكلية للحكم، التي لم تتغير من حيث القوانين والنظم الادارية.

وعلى سبيل المثال كانت الحكومة السابقة قد تراجعت عن فيدرالية الموارد التي حددتها اتفاقية السلام عام 2005، بعد تعديل الدستور في اعقاب انفصال الجنوب.  فعاد مركز السلطة مسيطراً على كل الايرادات التي يتم تحصيلها وفق التوجيه 15  الصادر عن المالية الاتحادية.  وبموجبه لا تنال الولايات غير البند الاول من الميزانية المتعلق بالمرتبات، فتلجأ الى فرض الاتاوات واصدار الاوامر المحلية والغرامات المرافقة لها، مما يثقل كاهل المواطن الذي يدفع في الحقيقة كما هائلا من الضرائب، دون مقابل ينعكس في الخدمات. وهذا التعديل في الدستور لم تتراجع عنه حكومة الفترة الانتقالية، التي يظهر جلياً انها سوف تعتمد في تقديم الخدمات المجانية خاصة الصحة والتعليم على العائد الذي تجنيه من رفع الدعم عن القمح والوقود.

 وهذا الى جانب مشكلة الاراضي، التي تعتبر المورد الحقيقي في الولايات، حيث كانت تملكها المجتمعات المحلية وفق الاعراف التي لم يستوعبها التشريع الحديث، خاصة في مناطق النزاعات. وقد طبق عليها قانون 1994 الذي يجعل رئيس الجمهورية المتحكم الاول في اراضي السودان، وينوب عنه والي الولاية ومعتمد المحلية. وهذا دون تمييز بين الملك الحر والارض التي تملكها الدولة بشرعية الفتح الاستعماري ،  كمفهوم لم يتغير طيلة العهود الوطنية، بالنظر الى عدم انجاز مهام ما بعد الاستقلال.

 وفي السودان جهات كثيرة لايحفل اهلها بالعلمانية او علاقة الدين بالدولة، لكنهم يرون ان الحكومة اخذت اراضيهم واعطتها لمستثمرين من جنسيات اجنبية ومحلية. ورداً على ذلك حملوا السلاح. لذلك لن يستطيع ولاة الولايات تحقيق السلام في ظل وجود السياسة المركزية الحالية المتعلقة بالاراضي. ولابد من اشراك المجتمعات المحلية في استغلال الارض سواءً عن طريق التنمية او الاستثمار. ولكن السادة الولاة سافروا الى اماكن عملهم ليطبقوا نفس السياسات والقوانين التي اججت النزاع. وكان في مقدور مجلسي السيادة والوزراء المنوط بهما التشريع في ظل غياب المجلس التشريعي، وضع قانون للحكم الاتحادي وتشريع للاراضي، يحق للبرلمان المرتقب ان يعيد النظر فيهما اذا رأى ذلك.

وتتمثل آثار هذا القصور في النشاط الذي تمارسه الادارة الاهلية، التي لعبت دوراً كبيراً في عمليات النهب والفساد المتعلقة بالاراضي. فهي رسمياً تمثل المجتمع المحلي، وكانت تمنح الارض وتحجبها وفق توجيهات الحكومة. لذلك يقود زعماؤها  حملة ضد السلطة الجديدة بدعم من بعض مكونات الحكومة، لا لشيء سوى انهم يخشون فقدان الامتيازات التي ظلوا يتمتعون بها طوال  الفترات السابقة.  وهذا يفسر انتشار الصدامات ذات الطابع العرقي مؤخراً، في مناطق  كانت تقع خارج دائرة الصراع المسلح طوال تاريخ السودان الحديث.  وتتبع الحكومة الحالية نفس النهج القديم بعقد المصالحات القبلية ودفع الديات، هرباً من مواجهة الاسباب الحقيقية للمشكلة، المتمثلة في النقص الاداري والتشريعي في مستوى الحكم المحلي،  لتعود النزاعات تنفجر من جديد وفي مناطق مختلفة.  والى جانب هذا هناك تضخم الجهاز الاداري الذي يبتلع الميزانية على ضآلتها. فالولايات فيها حكومات ووزراء بكامل امتيازاتهم واحتمالات فسادهم، في مقابل مهام كان يقوم بها في الماضي البعيد ضابط اداري في بلديات المدن الكبرى، وطاقم موظفين يتبعون للخدمة المدنية ويخضعون لشروط الخدمة فيها دون ارهاق مالي كبير.

لهذا فمن المتوقع ان يدخل كثير من الولاة الجدد في مواجهات مع مكونات الثورة، خاصة منها لجان المقاومة.

*******

في الذكرى الخامسة والسبعين لتدمير هيروشيما ونكازاكي

اليسار الياباني يدعو الى عدم النسيان

ويحذر من كوارث مقبلة

رشيد غويلب

شهدت مدينتي  هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين يومي الخميس والأحد على التوالي إحياء ذكرى ضحايا القصف النووي الأمريكي في 6 و9 آب  قبل 75 عاما. وبسبب وباء كورونا، كان الاحتفال أصغر من المعتاد. وفي الساعة 8.15 صباحًا وقف المشاركون دقيقة صمت على صوت جرس السلام، في جو صيفي حار. في ذلك اليوم من عام 1945، ألقت القاذفة الأمريكية “إينولا غاي” أول قنبلة ذرية، أطلق عليها اسم “ليتل بوي”، على المدينة الواقعة جنوب غرب اليابان.

وجرى الاستذكار هذه المرة في أجواء يسودها خوف متزايد من تجدد سباق التسلح، واحتمال وقوع حرب جديدة. ولهذا دعا عمدة هيروشيما كازومي ماتسوي العالم إلى الاتحاد ضد جميع التهديدات، سواء كانت أسلحة نووية أو وباء كورونا. يجب على “المجتمع المدني” أن “يرفض الأنانية القومية”.

ووفقًا لمعهد الأبحاث الياباني الأمريكي “مؤسسة بحث تأثيرات الإشعاع”، فقد قتل ما بين 90 - 166 ألف مواطن جراء العدوان الأمريكي، نتيجة التفجير والحرائق والإشعاع الذري. ولا يزال العديد من الناجين من الابادة يعانون من العواقب حتى اليوم. وفي السنين الماضية يبدأ حفل الاستذكار الرسمي في حديقة السلام، بمشاركة قرابة 50 ألف، بينهم عدد من الناجين من القصف النووي، وبعد دقيقة الصمت، يجري إطلاق حمائم السلام البيضاء. ويدعو العديد من المتحدثين مثل رئيس الوزراء الياباني إلى مزيد من الإجراءات لتعزيز  السلام في العالم، ويتم وضع أكاليل من الزهور على النصب التذكاري للضحايا.

 والسادس من آب هو أيضًا اليوم الذي يأتي فيه الهيباكوشا (الناجون من ضحايا القنبلة الذرية) إلى المدينة لينقلوا معايشتهم وتجاربهم ومعاناتهم. وفي وقت لاحق من مساء اليوم، يوضع قرابة 10 آلاف فانوس عائم بجوار نصب السلام التذكاري قرب أنقاض مبنى غرفة التجارة والصناعة السابقة، وهي البناية الوحيدة التي تحملت قوة العصف.  والفوانيس العائمة هي لاستذكار الضحايا الذين ألقوا بأنفسهم في النهر القريب، بسبب آلام الحروق التي لا تطاق وماتوا فيه.

وعلى الرغم من الاستذكار والتكريم، يتناقص عدد اليابانيين الذين يحيون ذكرى ضحايا هيروشيما وناكا زاكي. ولا يعرف حتى 30 في المائة من السكان المحليين بدقة أيام واوقات الجريمة. ويتزامن هذا مع التغيير الذي تشهده السياسة الخارجية اليابانية. لقد اعتادت طوكيو على ربط ابتعادها عن العسكرة بأهوال الحرب وجريمة القصف النووي. ولكن، ومنذ اعتماد سياسة عسكرة السياسة الخارجية من قبل رئيس الوزراء الحالي شينزو آبي، أصبح تاريخ هيروشيما وناكا زاكي أقل أهمية بالنسبة لليابان الرسمية. اما بالنسبة لقوى اليسار وحركات السلام في اليابان فتظل جريمة قصف المدينتين دالة مركزية في تحديد الموقف من السلام والحرب.

وتلعب حركات السلام القريبة من الحزب الشيوعي الياباني والحزب الديمقراطي الاجتماعي دورا محوريا في نشر قيم السلام والتضامن. ويناضل المجلس الياباني لمناهضة القنابل النووية والهيدروجينية (غينسويكيو)، القريب من الحزب الشيوعي، من أجل المزيد  من الاهتمام بتعريف الرأي العام. ويقوم وبالتعاون مع منظمات أخرى بتنظيم مؤتمر عالمي يعقد في هيروشيما وناكازاكي، تتاح فيه الفرصة لأكثر من   5 آلاف ناشط للمشاركة في الندوات والطاولات المستديرة وورش العمل. وتتم دعوة سياسيين ونشطاء من دول أخرى. سيأخذ المؤتمر هذا العام شكل ندوات عبر الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك ينظم المجلس مسيرة سلام تحظى باهتمام في عموم اليابان، يشارك فيها قرابة 100 ألف مواطن.  ومن جانبها تنظم الجمعيات القريبة من الديمقراطيين الاجتماعي المعروفة بـ “هيباكوشا” فعاليات مماثلة في هيروشيما وناكازاكي.

واستفادت الحركة المناهضة للأسلحة النووية في اليابان من بيئة مواتية، بعد تأسيس الشبكة العالمية لـ „الغاء 2000” في عام 1995، والتي تضم أكثر من الفين منظمة يمثلون أكثر من 90 بلد، مما ساعد على تأييد ياباني أكبر لمطلب نزع الأسلحة النووية.

************

ص10-11

                نحو المؤتمر الوطني  الحادي عشر

قراءة للتقرير السياسي الصادر عن اجتماع ل.م المنعقد في 4ــ7 حزيران 2020

جاسم علي هداد

عقدت اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي اجتماعها الاعتيادي في 4 ــ 7 حزيران 2020، بعد إن تم عقد الاجتماع الاستشاري في 29/5/2020، والذي حضره أعضاء اللجنة المركزية وسكرتاريو المحليات في بغداد والمحافظات، ومسؤولو لجان الاختصاص، وأعضاء لجنة الرقابة المركزية. وقد صدر عن الاجتماع الاستشاري بلاغ، تم التأكيد فيه على أهمية بدء منظمات الحزب عملية التحضير للانتخابات المبكرة القادمة، دون أن يشير الى تحالفات الحزب، وبشكل خاص تجربة سائرون، التي لما تزل تجربة حية، لم تمض عليها سوى أشهر قلال وحيث لم يتسن لمنظمات حزبية كثيرة أن تعطي رأيا فيها.  كما تم عقد اجتماع سكرتاريي منظمات الخارج في 2/6/2020، والذي كان بحضور سكرتير اللجنة المركزية للحزب، وأعضاء المكتب السياسي، وعدد من أعضاء اللجنة المركزية، ومسؤول اعلام الخارج، ومسؤول العمل الفكري لمنظمات الخارج. وقد ثمن الاجتماع دور هذه المنظمات في حملات التضامن والدعم المادي لحملة السلات الغذائية.

ناقشت اللجنة المركزية في اجتماعها، العمل القيادي للحزب/ ونشاط منظماته في المجالات السياسية والتنظيمية والفكرية والإعلامية والثقافية والجماهيرية والعلاقاتية/ والتقرير المالي الإداري/ وتوجهات الحزب بشأن الانتخابات المبكرة. ولعل من أبرز مخرجات الاجتماع:

1. المصادقة على نتائج المؤتمرات الحزبية المحلية لجميع المحافظات.

2. قرار بإطلاق عملية التحضير للمؤتمر الوطني الحادي عشر، وتشكيل اللجان المطلوبة لإعداد وثائقه، والرغبة في عقده في وقته المحدد وفقا للنظام الداخلي للحزب. وهذا يعني ان المؤتمر يتم عقده في أوائل كانون الأول 2020، أي ان المدة الباقية حوالي خمسة أشهر وهي مدة غير كافية لأعداد الوثائق ودراستها من قبل رفاق وأصدقاء الحزب وجماهيره، لذا اقترح تأجيل عقد المؤتمر لمدة ستة أشهر، لتهيئة مستلزمات نجاحه بشكل جيد.

3. بدء عملية التحضير للانتخابات المبكرة.

4. التطورات السياسية في البلاد.

أولا: الحكومة المؤقتة

تشكلت الحكومة بعد مخاض عسير، وبعد فشل مكلفين اثنين في هذه المهمة، ولم يتم اعتماد نفس الأساليب السابقة للمحاصصة الحزبية في هذا التشكيل فحسب بل امتدت المحاصصة لتصبح مناطقية. وتم تحديد مهام هذه الحكومة في التحقيق مع قتلة المتظاهرين والتصدي لوباء كورونا وفتح ملفات الفساد وتعزيز دور المنظومة العسكرية والأمنية، وتنقيتها من ضباط الدمج والذين ليس لديهم شعور بالمواطنة، وحصر السلاح بيد الدولة وحل التشكيلات الميليشياوية. وبديهي أن يتطلب تحقيق ذلك عملا جادا وإجراءات ملموسة وحسن إدارة الملفات وترتيب الأولويات. وكان موقف حزبنا صائباً حين أعلن بأنه سيؤيد ما هو إيجابي ويقف ضد ما هو سلبي فيها.

ثانيا: الحركات الاحتجاجية

لم تزل قائمة أسباب اندلاع الحركات الاحتجاجية، بل أضيفت لها أسباب وعوامل جديدة منها زيادة نسبة البطالة الى حوالي 40% (وفق ما افاد به وزير التخطيط الجديد في لقاء تلفزيوني)، وعدم توفر السيولة النقدية لتغطية رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية، وجائحة كورونا التي رمت بثقلها على أصحاب الكدح اليومي، وهم بالملايين، ممن يعانون من تقصير الدولة في تقديم المساعدة لهم. ومع الأسف فأن سوح الحراك الاحتجاجي يسودها التلكؤ بسبب الظروف التي فرضتها الكورونا، وكذلك حالة الانقسام وعدم التنسيق، الذي تفتقر له غالبية الساحات، ذلك التنسيق والتعاون سواء بين الساحات نفسها او بين المحافظات، الذي يلعب دورا مؤثرا في قطف ثمار هذه الحركات الاحتجاجية التي قدمت ثمنا باهظا، من شهداء جاوز عددهم 700 وجرحى ومعوقين جاوز عددهم الالاف. ويؤكد الحزب انحيازه التام الى الانتفاضة السلمية ومطالبها، وهو موقف سليم ويجب الإلتزام به.

ثالثا: أزمة كورونا وتداعياتها

يثير التزايد المريع في اعداد المصابين القلق، وهناك تهديد جدي بالخروج عن السيطرة. ولقد كشفت جائحة كورونا هشاشة الوضع الصحي وهزالته، وهناك ضرورة ملحة للتطبيق الفاعل للإجراءات الصحية والتزام المواطنين بها، مع التأكيد على الدولة بتوفير متطلبات العيش لملايين المواطنين، الذين تنقطع سبل عيشهم عند الحظر الكلي او الجزئي، وهناك تقصير واضح من قبل الدولة، ومقابل هذا القصور تبدو حملات التكافل الاجتماعي المغيث الوحيد عمليا للمتضررين. ولقد ثمن اجتماع اللجنة المركزية مبادرات منظمات الحزب داخل وخارج الوطن في حملات السلات الغذائية.

رابعا: اجراء الانتخابات المبكرة

ان ما تضمنه التقرير من إجراءات قانونية لضمان انتخابات عادلة ونزيهة، صائبة جدا وتتطلب نضالا مريرا من اجل فرضها، لاسيما وان القانون الأخير للانتخابات مخالف للدستور الذي نص في المادة 49 أولا على ان النائب يمثل الشعب العراقي بأكمله، بينما قانون الانتخابات المقر من قبل مجلس النواب اعتمد نظام الدوائر المتعددة الصغيرة، والفوز بأعلى الأصوات وليس بنسبة 50 في المائة + 1، وهذا يعني ان السلاح والمال والعشيرة ورجل الدين سيكونون هم اللاعبون الأساسيون في هذه المهزلة.

ورغم ان حزبنا يرى ان اعتماد صيغة العراق دائرة انتخابية واحدة هو الخيار المعبر عن إرادة الشعب، ويتماشى مع منطوق الدستور، فأنه يتفق مع اعتماد المحافظة دائرة انتخابية واحدة، وتوزيع المقاعد حسب الطريقة النسبية والباقي الأقوى كخيار مفضل، أو اعتماد سانت ليغو بصيغته الأصلية غير المعدلة، تماشياً مع الظروف الحالية وما تشهده من توازن للقوى.

وقد أشار التقرير الى ضرورة توجه منظمات الحزب للتحضير للانتخابات المبكرة، دون أن يشير الاجتماع الى آليات هذا التحرك، وهل سيدخل الحزب بقائمة منفردا، ام هناك تحالف معين، وكيف يمكننا أن نستفيد من تجاربنا الانتخابية السابقة، وذلك لعدم تكرار اخطائنا السابقة، فمن المهم تشكيل إدارة انتخابية جديدة تأخذ على عاتقها وضع الخطط والفعاليات الانتخابية الناجحة.

خامسا: تغيير مستحق

لم يعد الأصلح ليجدي نفعا مع الوضع في العراق، بل هناك ضرورة ماسة للتغيير، كما عبرت عنه الجماهير بحراكها، وهذا غير ممكن التحقيق بدون الضغط الجماهيري، والذي اثبت جدواه بإسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وبدون تزايد الضغط الجماهيري لن يتحقق شيء، طالما ان رئيس الوزراء ليس لديه كتلة برلمانية تقف خلفه وتؤازره، فعليه الاعتماد على الكتلة الأكثر عددا وهي الجماهير.

ان الطغمة الفاسدة الحاكمة أوصلت البلاد إلى شفير الهاوية، إن لم تكن تتدحرج فيها بالفعل، وليس هناك أفق حقيقي لوقف التداعي والانهيار مع استمرار هذه المنظومة في الحكم، فهذه الطغمة شرّعت نهب المال العام في إطار فلسفة المال مجهول المالك يحق الاستيلاء عليه، وان النفط حلال سرقته وبيعه لأنه كالمطر النازل من السماء ليس له مالك، والنفط يخرج من الأرض وأيضا ليس له مالك. وامام حزبنا فرصة تاريخية بالانحياز التام كما أكد الاجتماع لصالح الحركات الاحتجاجية وتبني مطالبها العادلة.

سادسا: تحالفات الحزب وعلاقاته: تحالف سائرون

لحزبنا خبرة طويلة في التحالفات باعتباره أقدم حزب في الساحة العراقية، ولكن مع الأسف نقع بين الحين والآخر في مطبات، يكون دفع الثمن فيها باهظا، وآخرها تجربة التحالف مع سائرون، والتي سارت فيه قيادة الحزب، مع الأسف الشديد وراء وهم وسراب حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. ورغم إن الموقف الأخير للحزب كان واضحا من ان تحالف سائرون لم يعد قائما، فإن قيادة الحزب لم تبادر للانتقاد الذاتي لما لحق بالحزب من اضرار نتيجة السير وراء هذا الوهم، وأتمنى أن يتناول ذلك المؤتمر الحادي عشر للحزب. اما ما يخص التيار الديمقراطي، فتجربة الحزب غنية جدا في هذا المجال، فكم بذل الحزب جهودا مضنية مع شخصيات ديمقراطية، ولكن عندما اشتد عودها تنمرت على الحزب وتولد لديها طموح بتشكيل حزب مهمته مناكدة الحزب ومنافسته بتمثيل القوى الديمقراطية. أرى إعادة النظر بهذا التوجه وعدم خسارة الجهود مع شخصيات ليس لها ثقل جماهيري بل تمثل نفسها وهي واجهة لدكاكين سياسية، والتوجه بدل ذلك الى الاتحادات والنقابات والعمل على تشكيل تيار ديمقراطي مجتمعي.

سابعا: الوجود العسكري الأجنبي

لاشك ان موقف الحزب واضح في رفضه الوجود العسكري الأجنبي، وبناء قواعد عسكرية لقوات اجنبية في بلادنا، ويرى ان انهاء كل تواجد عسكري اجنبي مطلب وطني، ولكن ان يكون وفقا لتهيئة مستلزمات خروج هذه القوات، وفي مقدمتها تعزيز قدرات القوات المسلحة تدريبا وتسليحا وجاهزية، وحصر السلاح والعمليات العسكرية بيد الدولة.

ثامنا: من اجل تعزيز القوات المسلحة ودحر داعش

من اجل تحقيق الانتصار على قوى الإرهاب، يتطلب إعادة بناء الجيش العراقي في ضوء العقيدة الوطنية والولاء للوطن، ورفع إمكانيات القوات المسلحة تسليحا وتدريبا وجاهزية، وتنقيتها من ضباط الدمج وأعاده هيكلة القوات المسلحة بتشكيلاتها المتعددة. كما ويرتبط بذلك العمل على إعادة الهيبة للدولة، وعدم السماح للتشكيلات الميليشياوية، والتصدي لعصابات الجريمة المنظمة، وعصابات السطو المسلح، والدكات العشائرية.

تاسعا: الأوضاع في اقليم كردستان والعلاقة بين حكومته والحكومة الاتحادية

صائب جدا الإشارة الى حاجة الإقليم الى تعزيز الممارسة الديمقراطية وحرية التعبير وضمان حق الاحتجاج السلمي، فلا زالت هناك إدارتان تتحكمان في الإقليم وتتقاسمان المال والسلاح والنفوذ وموارد النفط والمنافذ الحدودية وغيرها، بعيداً عن تحقيق العدالة الاجتماعية بين سكان كردستان.

عاشرا: نحو سياسة اقتصادية بديلة

كشف انخفاض أسعار النفط عالميا، بما لا يقبل الشك، فشل السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، ان كان لها سياسات تسير عليها، فلقد تركز اعتماد البلاد على النفط كمصدر أساسي بحيث يشكل 95% من تمويل الموازنة العامة. وطيلة السنوات السبع عشرة لم يجر تطوير البنى التحتية والأنشطة الإنتاجية الوطنية. وقد شخص التقرير ضرورة تبني سياسة تنويع مصادر

الدخل الوطني، وتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية والسياحية، وضبط موارد المنافذ الحدودية والكمارك، واعتماد الضريبة التصاعدية، وإنشاء الصناديق السيادية. كذلك مراجعة مسألة الرواتب العالية والمخصصات والامتيازات وتخفيضها، وتشريع قانون موحد للرواتب عادل ومنصف، ووقف الهدر والبذخ على كافة المستويات، والتصدي الناجع للفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، ومراجعة عقود التراخيص بما يضمن مصالح العراق ويؤمّن تجنيبه تبعات التذبذب في أسعار النفط. كما يتوجب التدقيق في عمل نافذة بيع العملة في البنك المركزي، ووضع حد لحالات الفساد فيها ولتسرب الأموال إلى الخارج، والعمل بصورة مكثفة على وضع نهاية عاجلة لأزمة الكهرباء الدائمة، ولقضية استيراد المشتقات النفطية في الوقت الذي تتوفر فيه عندنا كل مستلزمات الصناعات البتروكيماوية، بما يمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاجها.

حادي عشر: مستجدات إقليمية

لحزبنا موقف واضح وثابت في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله البطولي ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصحيح جدا ما جاء في التقرير من أن إدارة ترامب وحكومة نتنياهو ستمضيان قدما في تنفيذ خططهما وتحاول فرضها، ما لم تعالج حالة الانقسام الفلسطيني أولا، والتشرذم العربي ثانيا. فصفقة القرن هي النسخة الثانية من وعد بلفور المشؤوم. كما تم الإعراب عن التضامن مع انتفاضة الشعب اللبناني ضد سياسة التجويع. وفي السودان اعتبر الحزب الشيوعي السوداني، ان الثورة تمر في منعطف خطير، وطالب باستكمال هياكل السلطة بإعلان مجلس النواب. وفيما تزداد النزعة التوسعية للسياسة التركية والتي يقودها الحالم بالسلطنة الإخواني اردوغان، لتشمل سوريا وليبيا، يستمر في عدوانه على العراق، ويتغول في معاداته للشعب الكردي وحقوقه.

ثاني عشر: مستجدات دولية

شهد العالم ازمة صحية هزت اركانه، وولدت ازمة اقتصادية عالمية، واعتبرته الأمم المتحدة اكبر تحد يواجه العالم منذ الحرب العالمية الثانية، كما كشفت عن الوجه القبيح للنظام الرأسمالي، الباحث عن الأرباح والغير مهتم بسلامة الأرواح، وأظهرت أنظمته الصحية عجزها عن توفير متطلبات أساسية للوقاية والرعاية الصحية، نتيجة سياسة الخصخصة التي شملت قطاع الصحة العامة، وتجاهلها لمبدأ ان الرعاية الصحية احد حقوق الأنسان الأساسية.

ثالث عشر: مهماتنا في الفترة القادمة

وقد ذكر التقرير بصواب ودقة مهمات الشيوعيين في الفترة القادمة. ولي بهذا الصدد الملاحظات التالية:

1. أرى بخصوص إعادة بناء التيار الديمقراطي، التركيز على التوجه لاستنهاض منظمات المجتمع المدني (اتحادات، نقابات) والعمل على بناء تيار ديمقراطي مجتمعي.

2.  فيما يخص الاستعداد والتهيؤ للانتخابات المبكرة، أرى استطلاع الرأي العام الحزبي، حول آلية المشاركة، بقائمة منفردة، أم ضمن تحالف ما، ودراسة جدوى المشاركة في ظل نظام انتخابي غير عادل، ومعروفة مسبقا نتائجه.

ملاحظة: ان تقرير اللجنة المركزية قد عالج موضوعة تحالف سائرون من جوانب عدة،

والمهم هو استخلاص العبرة والتجربة منه ، فقد أشار التقرير،   مثلا،  الى ان :

 تحالف  سائرون تجربة مهمة  في تاريخ بلادنا السياسي ، وجديرة  بالتوقف  الموضوعي عند كافة جوانبها والتي مثلت  لقاء نوعيا بين أطراف مدنية واُخرى إسلامية التوجه ساهمت في تبديد بعض التصورات الخاطئة والمواقف الاقصائية الشائعة  في اقسام شعبية غير قليلة من المجتمع إزاء المدنيين ، والشيوعيين على وجه الخصوص ، وفي كسر بعض الحواجز السياسية والثقافية  والنفسية القائمة بينهم وبين المتدينين، وفي السعي الى   تكريس ثقافة القبول بالاختلاف في الفكر ، إذ قام تحالف سائرون بالأصل  على أساس احترام الاستقلالية الفكرية والسياسية لكل طرف، والعمل على أساس المشتركات السياسية التي تضمنها برنامج التحالف. 

 وبينت التجربة انه هناك قضايا معينة، يمكن التنسيق والتعاون بشأنها، من دون دفع ذلك الى اطر تحالفية والتي تحتاج الى مقاربات أخرى، لها علاقة بمنهج الأداء السياسي وطبيعة الأطراف ونمط ادارتها، ولا يكفي في هذا الشأن تشابه المنحدر الاجتماعي لطبيعة جمهور القوى المتحالفة.

ولم يمنع التحالف في اطار سائرون الحزب من مواصلة جهوده من اجل تطوير التعاون والتنسيق مع القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية والسعي لتحقيق وحدة عملها.

*************

مع تنظيم انتفاضتنا ضد تقديس عفويتها

محمود سعدون

منذ الأول من تشرين الاول 2019 وحتى الان سطرت الجماهير العراقية اروع البطولات والتضحيات من اجل عراق آمن مستقر بعيدا عن نهج المحاصصة الطائفية والانتقال نحو البديل المدني الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات والقانون والحريات والعدالة الاجتماعية، لكن بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على الانتفاضة صار من المهم بل والضروري جدا التفكر في تنسيقها وتوحيد صفوفها.

 وبخصوص انتفاضة تشرين فقد تفجرت جميع التناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في وقت واحد، وجاء ادراكها لضرورة اعادة بناء وتشكيل هوية وطنية عراقية معاصرة جامعة لكل الهويات الفرعية، هوية وطنية قائمة على اساس دولة المواطنة والقانون والحريات، وقد لا يختلف اثنان على ان النقطة الاساسية في الانتفاضة هي عفويتها لحظة انطلاقها، حيث نلاحظ عدم وجود تنظيم فيها يشير الى قيادة سياسية ذات مشروع ورؤية متكاملين، باستثناء اشكال تنظيم محدودة. وهذا يترك آثاره على افاق الانتفاضة ومشروعها .اذ أن عفوية الانطلاق ليس في الجوهر غير الشكل الجنيني للوعي، وليس من الممكن ان تستمر بعفويتها وتشظي قواها  لأن قوة انتفاضتنا تكمن في يقظتها ، وان ضعفها يكمن في عدم كفاية وعي ومبادرة منتفضيها في التنسيق والتنظيم  وفي التشديد على سلميتها ، كونه شكل النضال المتاح في ظل هذه التطورات التي عصفت بالبلد ، فقد جاءت انتفاضة تشرين  انعكاسا لواقع متردٍ وسيئ  ولتناقضات احتدمت وتراكمت، ولهوّة سحيقة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، ولغياب العدالة الاجتماعية واحتكار السلطة.

وإذا تعمقنا في جوهر الأمر، وإذا طرحنا جانبا النزاعات الشخصية، يجب علينا الآن كمنتفضين التفكير في شكل تنسيق وتنظيم الانتفاضة، لان التنظيم بالنسبة للمنتفضين هو السلاح الوحيد الذي نملكه بأيدينا في نضالنا امام طغمة الفساد والمحاصصة.

 اذن على الحراك الآن، رغم كل الخلافات الثانوية ان يهتم بمسألة التنظيم بقدر من التجانس يجعله كتلة لا يستهان بها، فالتجربة الثورية والمهارة التنظيمية امران يكتسبان اكتسابا، وحسب المرء ان يعي النواقص، وهو ما يعادل في العمل الثوري أكثر من نصف اصلاح الخطأ. لكن المصيبة تكمن في ان الوعي هذا أخذ يخبو، متجها نحو الخضوع الذليل امام العفوية وتقديسها، رافضا كل شكل من اشكال تنظيمها، وعلى انتفاضتنا ان لا تقيد يدها، ولا تقيد نشاطها باي شكل او اسلوب يوضع سلفا من اشكال او اساليب النضال، عليها ان تعترف بتنوع اشكال احتجاجها، كالإضرابات والتظاهرات المناطقية والقطاعية، والتصعيد السلمي لها.

الى اين نسير في انتفاضتنا؟

لقد تعاظم نهوض الجماهير واتسع باستمرار واطراد ، وهو فضلا عن انه لم يتوقف في الأماكن التي بدأ فيها ، اخذ يشمل مناطق جديدة وفئات جديدة من السكان ممن تضرروا بسبب الادارة السيئة للحكم والتفريط بخيرات العراق ،هذا الأمر يضع على عاتقنا  ان نفكر في كيفية اشراك مختلف الفئات الاجتماعية الممكنة والضرورية لأحداث التغيير المطلوب، بعد كل المشاكل الموجودة سابقا واضيفت لها مشاكل أخرى،  من المرجح بل والأكيد ان تتجدد انتفاضتنا، بالتالي  ينبغي الدعوة لخلق تنسيقية قادرة على جميع القوى لقيادة الانتفاضة، لا بالاسم وحسب بل بالفعل ايضا، اي ان تكون مستعدة على الدوام لتأييد كل احتجاج وكل  غليان سلمي ، وللاستفادة من هذه الاحتجاجات والغليان الجماهيري  في زيادة وتعزيز زخم الانتفاضة لحسم معركتنا امام قوى الفساد والطائفية،  ان كل يوم نؤخر فيه تنظيم صفوفنا يسبب لنا متاعب أشهر وتضحيات جمة، وربما ادى تأخرنا الى فقدان قضيتنا الهادفة الى التغيير الجذري، واذا لم نستعجل وننظم انفسنا اليوم، فسيرسم مصيرنا من رسم ماضينا، ستقرر مصيرنا الطغمة الفاسدة المبنية على اساس المحاصصة الطائفية.  لذا يتطلب منا تنسيق الجهود لمواجهة هذه الطغمة الفاسدة، مما يتطلبه هذا الحال هو خلق قيادة حكيمة وجريئة لا تتردد ولا تضيع الفرص بحجة انتظار الفرص الجديدة، وعدم افساح مجال العمل امام الصياحين ومنمقي الجمل، الذين يؤخذون ويفتتنون بالثورية ((البراقة)) العاجزين عن القيام بعمل ثوري دائب، عاقل، موزون، يحسب الحساب لأصعب الاطوار الانتقالية.

  قد تكون هذه الخطوات كفيلة بتحقيق مطالب الانتفاضة التي اكدت وشددت على اتمامها منذ الأيام التي تلت انطلاقها، وهي التغيير الجذري عبر الانتخابات البرلمانية المبكرة  بأشراف اممي فاعل ووفق قانون انتخابي عادل ومفوضية مستقلة، كذلك الكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل، وعلينا ان نتذكر دائما ونحن نفكر بتنسيق انتفاضتنا هو ان لا نقطع الطريق بأنفسنا امام انفسنا أي نرفض كل اشكال التنسيق والتعاون فيما بيننا الى  ان تتحقق كل مطالب انتفاضتنا، فالنجاح بأيدينا، وعلينا ان لا نفرط به ابدا.

**********

ص12

العولمة الرأسمالية والدولة الوطنية الديمقراطية

فاخر جاسم

تثير موضوعة السلبيات الاقتصادية والسياسية للعولمة بصيغتها الرأسمالية على الدولة الوطنية في البلدان النامية، كثيراً من الاهتمام من الباحثين والمفكرين نظرا لتأثيراتها المباشرة على تخريب كثرة من الدول الوطنية ومنها عدة دول عربية، كما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان. ويستغل لهذا الغرض تعطش المواطن إلى الديمقراطية الحقيقة والتخلص من الاستبداد، فيجري الترويج من قبل أنصار الليبرالية الجديدة من المثقفين والسياسيين في كثرة من الدول الوطنية إلى الاستعانة بالقوى الخارجية.

إن الوقائع الفعلية للتدخل الخارجي لنشر الديمقراطية، أدت إلى نتائج عكسية بعيدة عن تمنيات الداعين للتدخل الخارجي لحل النزاعات الداخلية بين قيادة الدولة الوطنية الاستبدادية والقوى الوطنية المكافحة من أجل التغيير. وهذ ما يحاول الدكتور لطفي حاتم تناوله في كتابة الجديد، المعنون: العولمة الرأسمالية والدولة الوطنية الديمقراطية، الذي صدر مؤخرا.  من اجل إعطاء ملموسية لرؤيته، قسم الباحث كتابه إلى ثلاث أقسام، الأول، يبحث فيه الرأسمالية المعولمة وبنيتها السياسية، والقسم الثاني، الدولة الوطنية والطائفية السياسية، والقسم الثالث، الرأسمالية المعولمة وكفاح اليسار الديمقراطي.

يبدأ الباحث االقسم الاول، بتحديد سمات المرحلة التاريخية للرأسمالية المعاصرة، بنقاط عدة من أهمها، الأولى منها، سيادة الليبرالية الجديدة، كفكر سياسي اقتصادي يجري الترويج له لخدمة المصالح الأساسية للشركات الاحتكارية والدول الرأسمالية الكبرى والثانية، كثرة من التناقضات الداخلية والخارجية تلازم التشكيلة الرأسمالية المعولمة، يحددها الباحث بالنقاط التالية:

1. التناقضات بين العمل والرأسمال وتتجلى تلك التناقضات بالنزاعات الطبقية حول العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للثروات الوطنية؛

2. التناقضات بين النزعة الوطنية لقوى اليمين المتطرف في الدول الرأسمالية الأوربية وميول العولمة الهادفة إلى بناء التكتلات الدولية الخاضعة للسيطرة الأمريكية؛

3. تناقضات حادة بين الدولة الرأسمالية الكبرى والدول الوطنية حول السيادة الوطنية والتنمية المستقلة ومقاومة ميول التبعية؛

4. تناقضات بين الدول الرأسمالية الكبرى حول السيطرة على الأسواق والمواد الخام واستغلال العمل الرخيص في الدول الوطنية.

وتناول الباحث في القسم الثاني، موضوعات كثيرة، منها العولمة الرأسمالية والطائفية السياسية ومخاطر الطائفية السياسية على إثارة النزاعات الداخلية في الدول الوطنية، مستشهدا بدور الاحتلال الأمريكي للعراق في إحداث تغييرات في بنية الدولة العراقية لصالح بناء دولة المكونات الطائفية ـ العرقية وسيطرة الإسلام السياسي على السلطة مشيرا إلى ان هذه السيطرة ادت إلى اعاقة التطور الديمقراطية وبناء دولة فاشلة، وهذا يرجع إلى عاملين، الاول، غياب الرؤية السياسية والفكرية لدى احزاب الإسلام السياسي حول التنمية الوطنية والشرعية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة أدت إلى صراعات اجتماعية ـ سياسية مستمرة، الثاني، تفضي سيادة أحزاب الإسلام السياسي الطائفي في الحياة السياسية إلى إعاقة تطور النزاعات الاجتماعية، بعد تحولها من صراعات طبقية إلى صراعات طائفية وحصرها بآليات ضبط أيديولوجية طائفية.

 في القسم الثالث، يناقش الباحث موضوعات عن الرأسمالية المعولمة وكفاح اليسار الديمقراطي، وهنا يشير الباحث إلى الأسباب التي أدت  إلى تراجع قدرة الدولة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وغيره من الدول  الاشتراكية في تلبية الحاجات الأساسية المواطنين وبالتالي سهولة انهيار الاشتراكية بسبب غياب الدعم الشعبي لها، ويجملها بنقاط أساسية منها، سباق التسلح مع الدول الغربية الأمر الذي الذي كلف مبالغ كبيرة  وأدى إلى اعاقة نمو وتطور التشكيلة الاشتراكية، ومنها، نمو البيروقراطية في قيادة  الأحزاب الاشتراكية بحيث أصبحت طبقة فوق الدولة والمجتمع وما ترتب على ذلك من ركود اجتماعي وسياسي عطل حركة تطور الحزب والدولة والمجتمع، وعدم تطور الديمقراطية السياسية، وبالتالي اضعاف كيان الدولة الاشتراكية، وفتح الطريق امام تنامي النزعة القومية الانفصالية، الامر الذي أدى إلى توفير الظروف المناسبة للانقضاض على التجربة الاشتراكية. لقد تفاعلت العوامل السابقة فأدت إلى أزمة اجتماعية اقتصادية لا يمكن حلها بدون اصلاحات جذرية في طبيعة النظام، فاستغل التيار” الإصلاحي “ ذلك لإسقاط التجربة الاشتراكية.

لقد أدى إنهيار التجرية الاشتراكية إلى تأثيرات سياسية وفكرية ومعنوية  على  التيار اليساري الاشتراكي في العالم ، خاصة في مضامين الفكر الاشتراكي، فيما يتعلق بالسلطة السياسية وكيفية تغييرها وطبيعة القوى القادرة على اقامة دولة العدالة والمساواة والديمقراطية، الامر الذي أدى كما، يقول الباحث، إلى البحث عن مضامين  سياسية واجتماعية جديدة تعطي أجوبة لكثرة من الأسئلة المثارة منها، على سبيل المثال، هل قوى اليسار الاشتراكي قادرة لوحدها على صياغة التوجهات الفكرية والسياسية القادرة على مقاومة سياسية الرأسمالية المعولمة؟ هل تستطيع قوى اليسار الاشتراكي تحديد أساليبها الكفاحية بمعزل عن القوى والتيارات المناهضة لمشاريع الهيمنة الدولية على الدولة الوطنية؟ هل التحالفات الاجتماعية التي يدعو لها اليسار الإشتراكي قادرة على اقامة أنظمة العدالة والمساواة؟

 ولكي تستطيع قوى اليسار الاشتراكي توحيد كفاح القوى الاجتماعية والسياسية المناهضة للعولمة الرأسمالية، عليها ان تبلور رؤية فكرية جديدة تتمثل بالتركيز على المهام الآنية الوطنية والديمقراطية  والإبتعاد عن برنامج الثورات الاشتراكية، حسبما يرى الباحث، حيث يعزز هذا التوجه من  إمكانية القوى الوطنية الديمقراطية للعمل على  منع الدول الوطنية من التفكك وتجاوز الطائفية السياسية من خلال برنامج يعتمد على الركائز التالية:

 الاولى، الحفاظ على الدولة الوطنية باعتبارها الرافعة الأساسية للتحولات الاجتماعية وصيانة حقوق الإنسان وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي؛

الثانية، بناء الدولة الوطنية على قاعدة الديمقراطية، وما يتطلبه ذلك من رسم نهوج وطنية من قبل الأحزاب الوطنية تتضمن الكفاح من أجل تطور البلاد الاقتصادي والسياسي؛ 

الثالثة، تعزيز الوحدة الوطنية من خلال التفاهمات الطبقية والاجتماعية التي تقوم على الاستجابة للحقوق القومية والمذهبية لكافة مكونات التشكيلة الاجتماعية، إضافة إلى تحقيق قدر معقول من العدالة في توزيع الثروات الوطنية؛

الرابعة، ينبغي ان تستند التوازنات الاجتماعية على التعاون الوطني بين الطبقات الاجتماعية الوطنية المنتجة، عبر الغاء مبدا الأقصاء والتهميش لبعضها البعض.

 الخامسة، التعامل مع الظروف التي تخلقها العولمة الرأسمالية من خلال اقامة العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

تأتي أهمية الموضوعات التي يناقشها الدكتور لطفي حاتم من راهنية الإشكاليات التي تواجه العديد من الدول الوطنية التي أما تحولت إلى دول فاشلة ينتشر فيها الفساد المالي والإداري، فاصبحت غير قادرة على تلبية الحاجات الأساسية لمواطنيها، على الرغم من الموارد الاقتصادية الكبيرة التي تملكها، أو دول رفضت قياداتها اجراء الاصلاحات السياسية والاجتماعية فوقعت فريسة الحروب الأهلية، كما يجري في العراق وافغانستان وليبيا وسوريا واليمن وغيرها. حدث كل ذلك بفعل تدخل الدول الرأسمالية في النزاعات الاجتماعية الوطنية وتوجيهها بما يخدم الهيمنة عليها. ورغم وضوح النتائج الكارثية التي نتجت عن التدخل الخارجي، ما زال، تيار الليبرالية الجديدة، في كثرة من الدول الوطنية، الذي  يدعي انه يعبر عن أهداف القوى الجديدة التي ترفض الأنظمة الاستبدادية، يدعو إلى الاستعانة بالتدخل الخارجي لاقامة الديمقراطية. إن هذه الرؤية تلتقي في الواقع العملي مع توجهات العولمة الهادفة إلى نقل البلدان العربية من التبعية السياسية ـ الاقتصادية إلى الإندماج بصيغة الالحاق تماشياً والمصالح الاستراتيجية للدول الكبرى، وهذا ما أكدته الوقائع الفعلية التي تدحض الحالمين بالديمقراطية التي تجلبها الدولارات والدبابة الأمريكية.

أن موضوعات الكتاب محاولة من الباحث لطفي حاتم، لتقصي تأثيرات التشكيلة الرأسمالية المعولمة على الدولة الوطنية الديمقراطية من خلال دراسة الوقائع الفعلية التي نتجت عن تدخل دول الرأسمالية الكبرى   في الشؤون الداخلية للدول الوطنية واستخلاص رؤى فكرية يمكن أن تستفيد منها القوى الوطنية الديمقراطية الساعية إلى بناء دول وطنية قادرة على مواجهة مخاطر العولمة المعاصرة.

 أخيرا، إن الموضوعات التي تناولها الكتاب بروح علمية نقدية، تفتح حوارا علمياً أمام الباحثين والمفكرين والسياسيين الساعين للبحث عن السبل الكفيلة بالوصول إلى ديمقراطية حقيقة تحافظ على السيادة الوطنية وتحقيق قدرا معقولا من العدالة الاجتماعية في بلدانهم.

***********

ص13

من يحكم العالم اليوم؟

عبد الرزاق دحنون

قامت عالمة الاقتصاد البريطانية السيدة نورينا هيرتز بتشريح جسد النظام الرأسمالي العالمي في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ونشرت نتائج هذا التشريح في كتاب حمل عنواناً لافتاً (السيطرة الصامتة، الرأسمالية العالمية وموت الديمقراطية) وقد صرحت علناً أنها سعت الى أن يكون هذا الكتاب نصيراً للشعب والديمقراطية والعدل الاجتماعي. وتريد من خلال كتابها هذا أن تمتحن التبرير الأخلاقي لتلك الرأسمالية التي تشجع الحكومات على بيع مواطنيها، وتسعى إلى أن تظهر كيف أن السيطرة الصامتة التي يمارسها أصحاب رأس المال على الحكومات والهيئات الاجتماعية تعرّض الديمقراطية للخطر.       

تؤكد المؤلفة أن كتابها لا يراد منه أن يكون ضد اقتصاد رأس المال. إذ من الواضح أن الرأسمالية أفضل نظام لصنع الثروة. وقد عملت التجارة الحرة وأسواق رأس المال المفتوحة على إيجاد نمو اقتصادي غير مسبوق استفاد منه معظم سكان العالم، إن لم يكن جميعهم. كما أنها لا تنوي أن تمجد الحكومات، مع قناعتها أن على الدول أن لا تفقد الدور الاجتماعي الذي وجدت من أجله، لاسيما الآن حيث تنطمس الحدود بين النشاط التجاري والحكومة، وتنعدم القيادة السياسية ذات الإرادة الصلبة، مما يؤدي إلى اتساع الهوة بين من يملك ومن لا يملك.

من جهتي أشكر الكاتبة لأنها استطاعت كسر هذا الصمت ولا أطالبها بما لا تستطيع. فلو ذهبت أبعد من ذلك لتعرضت للنهش من قبل وسائل الإعلام التي يسيطر عليها أصحاب رأس المال. وهذه السيدة الاقتصادية بريطانية الجنسية وتعرف قواعد اللعبة جيداً. هذا هو عالم السيطرة الصامتة، العالم صبيحة العقد الأول من الألفية الجديدة، حيث أيدي الحكومات تبدو مقيدة، واعتمادها على الشركات في ازدياد، والمؤسسات الصناعية والتجارية هي التي تتولى عملية القيادة.

لقد تسارع نمو هذه الشركات مع نهاية الحرب الباردة بشكل هائل، وأصبحت الشركات الكبرى تتحكم بمصائر الدول. ورغم عدم اعتراف الحكومات بهذه السيطرة فإنها تجازف بتحطيم العقد الضمني بين الدولة والمواطن الذي هو أساس المجتمع الديمقراطي. وقد امتدت هذه السيطرة عبر الولايات المتحدة إلى أوربا الغربية، وشملت دول أمريكا اللاتينية والشرق الأقصى حيث غدا الناس أقل ثقة بالمؤسسات الحكومية الآن مما كانوا عليه قبل عشرات السنين. ويتجلى هذا في تراجع نسب المقترعين في الانتخابات العامة، وقد لا يكون من العجيب أن يدير جمهور الناخبين ظهورهم لسياسات تقليدية حتى في بلدان تعلن بأن الديمقراطية هي واحدة من أعظم إنجازاتها عندما تكون الحكومة فيها غير مستعدة أو غير قادرة على أن تتدخل إلى جانب مصالح مواطنيها.

لم يشهد التاريخ الحديث مثل الهوة الحالية التي تفصل بين الفقراء والأغنياء، ولا هذه الأعداد من المستبعدين، أو الذين لا نصير لهم. وتتجاهل الحكومات مواطن الضعف في هذه الرأسمالية التي تسهم في إفقار قسم كبير من الناس وتدفع بهم نحو البؤس والفاقة. وهذه الحكومات يزداد عجزها عن معالجة نتائج أنظمتها بسبب إجراءات السياسة التي تطبقها. ولم تستطع الحضارة الغربية، حتى الآن وبعد مرور ثلاثة قرون، أن تستوعب تنويرية الفكر الأوروبي التي سبقت الثورة الفرنسية. وهذه الثورة لم تكن إلا صدى واحدا مما كان ينتظر أن تتركه كتابات فولتير وروسو وغيرهم من منوّري القرن الثامن عشر. ألا نرى من يحكم العالم؟ هل هم تلاميذ روسو وفولتير أم أحفاد شارلمان وريتشارد قلب الأسد؟

إننا نقف اليوم، تقول الكاتبة، في مفترق طرق حرج. فإن لم نعمل شيئاً، وإذا لم نتحدى السيطرة الصامتة، وإذا لم نمتحن نظام اعتقادنا، وإذا لم نعترف بذنبنا في خلق نظام العالم الجديد هذا، فإن كل شيء سيذهب هباء. إن الوصول إلى عالم أفضل شيء ممكن، عالم مساواة أكثر وعدالة أوفر وديمقراطية أوسع. إن أوضاع من حرموا من الحقوق الانتخابية الحقيقية نتيجة سيطرة أهل الثروة والجاه على مقاعد البرلمان واستخدامها من أجل مصالحهم الخاصة تكشف عن فقدان البرلمان دوره الحقيقي. وإن أولئك الذين آثروا أن يتحدثوا نيابة عن هؤلاء المحرومين فقدوا ثقة الشعب نتيجة فسادهم. وبالتالي سنحتاج إلى وضع آليات جديدة لمساعدة الناس على محاربة الظلم كجزء من أعادة بناء أوسع للمؤسسات التي تمثلهم. ويجب إعطاء جميع الناس أينما كانوا في الريف أو المدن الحقوق الأساسية من أجل حياة كريمة. يجب ضمان حقوق العمال والفلاحين كالصحة والسلامة والرعاية الاجتماعية في العمل، وألا يطرد العامل من عمله أو يستغنى عنه دون مكافأة كافية ليعيش حياته عزيزاً في مجتمعه.

********

حلول وسط !

حسين مروة

ليس شيء يصح أن يعلَّق عليه اسم “الجدل البيزنطي” في هذا البلد وفي هذه الأيام، كهذا الجدل الذي يدور منذ أيام، أو أسابيع، في أوساط “المعارضة”...

وأول مظاهر “البيزنطية” في هذا الجدل، أن “المعارضين” المتجادلين لم يستطيعوا، بعدُ، أن يعرفوا ماذا “يعارضون” ومن ذا “يعارضون”!

ونحن نسأل الآن مع هذا الشعب الحائر بأمرهم، ونسأل هؤلاء المعارضين أنفسهم: ماذا “يعارضون” ومن ذا “يعارضون”؟

كل فريق في حلقة هذا “الجدل” يرى في “المعارضة” معنىً لا يراه غيره، وكل فريق يحس “للمعارضة” صدىً في نفسه يحس الآخرون غيره، وكل فريق تداعب “المعارضة” طموحه بأنامل تختلف عن أناملها التي تداعب طموح غيره ... تختلف لوناً وشكلاً وجمالاً وسحراً..

وحين يعجز”المتجادلون” أن يتفقوا على معنى واحد “للمعارضة” وعلى إحساس واحد “بالمعارضة”، وعلى مطمح واحد تنطلق إليه “المعارضة”... وحين يعجز “المتجادلون” أن يقيموا “للمعارضة” غرضاً واحداً ومنهجاً واحداً وأسلوباً واحداً ... وحين يعجز “المتجادلون” أن يفرض فريق على فريق غرضه ومطمحه وإحساسه ... حينذاك ماذا يصنعون؟

أيتركون “المعارضة”، وهي غاية لهم بذاتها؟ أتراهم “يفختون الدف ويتفرق العشاق” ويذهب كل منهم في سبيله “يغني على ليلاه” وحده؟

لا، كيف يصنعون ذلك، و”المعارضة” هي قوام وجودهم الحاضر؟ كيف يصنعون ذلك و”المعارضة” هي “الورقة الأخيرة” الباقية في أيدي بعض “اللاعبين” منهم، وهل تنفع “الورقة” دون اجتماع “اللاعبين” معاً على “مائدة اللعب”؟

لا بدّ، إذن، من المعارضة، ولا بدّ “للمعارضة” من “أقانيمها” الأربعة أو الخمسة، ولا بد “للأقانيم” هذه أن تكون “جبهة واحدة “، وما دام هذا كله لا يتحقق إلا باجتناب “المسائل الأساسية التي تشكل نقطة الاختلاف الرئيسية”، فلتكن “المساومة” ولينزل، إذن، كل فريق في حلقة “الجدل” عن “جزء” من معنى “المعارضة” في ذهنه، وعن “جزء” من منهجه في “المعارضة”.. ولتكن هناك ـ إذن ـ “نقطة التقاء” ولتكن “الحلول الوسط” ـ إذن ـ بدل الحلول الكاملة لمشكلة البلد!

وبعد هذا يريدون من البلد إضراباً عاماً ... فعلام يضرب البلد؟ ماذا يعارضون، ومن ذا يعارضون؟ ما منهج “الجبهة المتحدة “، ما مطاليبها؟ ما هدفها، كيف تريد الإصلاح أن يكون ومن ذا يقوم منهم بهذا الإصلاح؟

الشعب، أيها “المعارضون”، يريد الخلاص حقاً، يريد الإصلاح حقاً، يريد الانعتاق من نظامه الحاضر حقاً، ولكنه يعرفكم أنتم بالذات: يعرف أنكم من “أسباب” قوته وسلطانه وطغيانه، ويعرف أن “الحلول الوسط” ليست هي سبيل الخلاص والإصلاح والانعتاق، وإنما هي سبيلكم أنتم “لاستلام” الحكم أو الاشتراك بالحكم ...

* نشرت هذه المقالة في جريدة “الحياة” البيروتية، زاوية “أدب” بتاريخ 5 أيلول 1952

***

وفي مكان آخر وبتاريخ متقدم آخر (25 أيار 1960)، كتب الشهيد حسين مروة مقالة في جريدة “النداء” بعنوان: إصلاحات “ثورية” ووسائل غير ثورية ! تلقي ضوءاً واضحاً حول قضية الإصلاح ونوعية الإصلاح، هذه مقتطفات منها:

... أما “الإصلاحات الثورية بوسائل غيرِ “ثورية”، فتلك مهزلة “فرسان” الاستعمار يدربون بها كلَّ “الأحصنة” في كل مكان ... إنها إرادة “الفارس” الذي يستبدل “حصاناً” بـ “حصان”!.

لكن الشعوبَ قد عرفت بتجاربها العديدة، أن “المهزلة” الماكرة هذه، تنطوي دائماً على مأساة .. والمأساة فاضحة مفضوحة دائماً ..

الشعوب تريد إصلاحات ثورية .. هذا صحيح.

غير أن الشعوب تعرف أيضاً، في هذا الزمان، أن شعار”الإصلاحات الثورية بوسائل غير ثورية” ليس يعني، ظاهراً وباطناً، سوى إرادة مبيّتة عند الحكام الرجعيين ومن يمتطي ظهورهم من المستعمرين، قصد أن يسلبوا الشعوب حرياتها الديمقراطية، وينتزعوا ثوريتها بالسطوة الإرهابية والقمع البوليسي والأساليب الفاشستية ..

هكذا كان شعار “الاشتراكية الديمقراطية التعاونية” مثلاً ..

“الإصلاحات الثورية بوسائل غير ثورية” أشبه بقول من يقول لك: “سأضيء بيتك بسراج من غير ضياء” ! ..

وكما نضحك ونغضب معاً من هذا القولِ الأخير، تضحك الشعوب وتغضب اليوم، وتتظاهر معبّرة عن ضحكها وغضبها، وتبارك سائر الشعوب الثائرة الأخرى ضحكها وغضبها ...

ــــــــــــــــــ

مجلة “النداء” 31 تموز 2020

*********

ص14

الإطاحة بالتماثيل مقدمة

كيف تتذكر أفريقيا رموز الحقبة الاستعمارية؟

في سياق احتجاجات “حياة السود مهمة”، التي توسعت عالميا، أزالت بلجيكا تماثيل للملك السابق ليوبولد الثاني، الذي وصف المؤرخون حقبته الاستعمارية بالأكثر دموية، عندما كان يدير الكونغو وثرواتها باعتبارها ملكيته الخاصة من بروكسل.

لكن تجربة ناميبيا التي استعمرتها ألمانيا عام 1884 كانت مختلفة، فعلى مدى قرن كامل ظل تمثال الجندي الراكب على جواده بارزا في عاصمة ناميبيا وندوهوك بجوار الكنيسة المسيحية الألمانية حتى عام 2013، عندما استبدل بتمثال من البرونز لسام نجوما الرئيس المؤسس لناميبيا المستقلة كما نعرفها اليوم.

ويرمز النحت الصخري لجندي شتوتزتروبه - وهم الاسم الرسمي لقوات الاستعمار الألماني في أفريقيا- والذي يمسك البندقية بيده ويحدق إلى الأمام، إلى القوة الإمبريالية في المستعمرة السابقة لألمانيا في جنوب غرب أفريقيا منذ إقامته عام 1912.

ووقعت إبادة هيريرو وناما في جنوب غرب أفريقيا بين عامي 1904 و1908، وتوصف بكونها أول إبادة جماعية في القرن الـ 20، واعتبر كثير من المؤرخين أن هذه المجازر كانت إرهاصات لإبادة اليهود من قبل الرايخ الثالث إبان الحرب العالمية الثانية.

ويكرم النصب التذكاري الجنود والمدنيين الذين لقوا حتفهم على الجانب الألماني خلال أحداث قمع انتفاضة هيريرو وناما.

وتقول أنا- ماريا براندستيتر، وهي خبيرة ألمانية في علم الأعراق البشرية، في إشارة إلى أمثلة مشابهة في الكونغو والكاميرون إن “النصب في أفريقيا لا يتم إسقاطها في الغالب، بل إزاحتها”.

جنوب أفريقيا والسنغال

ولدى البروفسور سراج رسول من جامعة ويسترن كيب في جنوب أفريقيا رأي مماثل، ويقول إن “العديد من النصب يعاد تعريفها، حيث يعاد تكريس مواقعها السابقة”.

ويضيف “كل مجتمع يمضي خلال ذلك بطريقته الخاصة”.

غير أن سراج رسول ينظر إلى سقوط تمثال سيسل رودس في كيب تاون بعد مظاهرات طلاب في المدينة الساحلية بجدية، وقال “كان بمثابة قتل مجازي للشخصية الاستعمارية”.

ولكنه يقول إن آثار رودس الاستعماري ما زالت موجودة. ويضيف “هناك حاجة لإعادة التفكير في مسألة النصب، الأمر ليس مجرد إطاحة الناس للنصب”.

ونجحت حملة “رودس يجب أن يقع” التي بدأت كحركة احتجاج مطلع عام 2015، في إزالة تمثال في جامعة كيب تاون يحيي ذكرى سيسل رودس، الذي كان رئيس وزراء مستعمرة الكاب البريطانية في جنوب أفريقيا في نهاية القرن الـ 19.

وتتحدث براندستيتر أيضا عن شكل آخر للتعامل مع الميراث الاستعماري، وتقول إن “تذكّر الحقب الاستعمارية مهم، مثل تذكر عملية تصفية الاستعمار، ولكن هناك صور مختلفة من الماضي أيضا بين الدول والمجتمعات المختلفة”.

والتفكير في يتعلق بالتجربة الاستعمارية في أفريقيا اختزال للتجارب المختلفة للمجتمعات، وفقا لما تقوله براندستيتر، وتضيف “ليس من شأن أوروبا أن تقرر أي التجارب كانت ذات أهمية، وأيها لم تكن”.

وفي السنغال -على سبيل المثال- غُيّر اسم ميدان على جزيرة جوري للعبيد السابقين. ويقول دودو ديا من معهد جوري في إشارة إلى الرجل الأسود الذي مات في الولايات المتحدة أثناء احتجاز الشرطة له إن “ميدان أوروبا السابق سمّي ميدان الحرية والكرامة الإنسانية، كتكريم لجورج فلويد”. وبسبب تاريخ الجزيرة، فإن اسمه السابق “ميدان أوروبا” كان “مثيرا للجدل والتناقض إلى حد كبير”.

أرشيف تاريخي

وفي ناميبيا، دعا ممثلو جماعة الهيريرو وناما العرقيتين إلى إزالة النصب الاستعمارية كلية. ويقول مفاوض عرقية الهيريرو وكبير مسؤوليها ماناس كريستين زيروا لوكالة الأنباء الألمانية “أعتقد أن كل التماثيل الاستعمارية يجب أن تزال وتوضع في المتاحف العديدة في ناميبيا، إنها تمثل وتمجد أولئك الذين احتلوا شعبنا، وليس لها أي معنى بالنسبة لشعبنا بالمرة”.

ولكن هذه التماثيل لها قيمة تاريخية بالنسبة للمؤسسات التعليمية، وفقا لما يقوله زيروا، الذي يشارك في المفاوضات بين ألمانيا وناميبيا بشأن اعتذار وتعويضات عن الإبادة الجماعية للهيريرو وناما. وفي ناميبيا، بدأت عملية إعادة تسمية الشوارع منذ فترة طويلة، بهدف مساعدة الدولة على تطوير هويتها.

ومن منظور أوروبي، يبدو أن هناك بعض التناقضات في الجهود المحلية التي تهدف إلى تذكر الماضي. على سبيل المثال، ترتدي عرقية الهيريرو أزياء أثناء احتفالات الذكرى تشبه تلك التي كان يرتديها قامعوها السابقون. ويقول خبير الأعراق الألماني جودوين كورنيس - الذي درس ميراث ناميبيا الاستعماري- “في الحقيقة، هي أزياء مختلطة: ألمانية وبريطانية وتعديلات فردية عديدة”.

واعتبرت الفيلسوفة من أصل ألماني حنّه أرندت عام 1951 أن الإمبريالية الأوروبية لعبت دورا حاسما في تطوير الشمولية النازية والإبادات الجماعية المرتبطة بها.

ـــــــــــــــــــ

“الجزيرة” 23 تموز 2020

**********

ظاهرة الفقر تطفو

على سطح النفط العربي

خليل أندراوس

خلال هذه المرحلة، مرحلة انتشار جائحة كورونا، تتعالى وتيرة التحذيرات من ازمة اقتصادية عالمية طاحنة بما في ذلك منطقة الشرق الاوسط وخاصة دول الخليج العربي والسعودية.

فصندوق البنك الدولي يحذر من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة نتيجة الازمة الاقتصادية التي يمر بها العالم وتمر بها منطقة الشرق الاوسط، وهذه التطورات لا بد ان تؤدي الى تأجيج الاحتجاجات والمظاهرات والاضرابات والاعتصامات من قبل شعوب الدول المختلفة. وما يجري في اسرائيل والولايات المتحدة اكبر مثل على ذلك، فنتيجة للاجراءات الوقائية والحجر الصحي بسبب وباء فيروس كورونا المستجد يتعمق عجز الميزانيات في كل دول العالم بما في ذلك دول رأس المال العالمي – الامبريالي. ولكن عجز الميزانيات في الدول الفقيرة، دول الجنوب، سيكون اعمق واخطر على اقتصاد هذه الدول بل على حياة ووجود هذه الشعوب بسبب تخلف وتأزم الخدمات الصحية والتي ستزيد من نسبة الامراض والوفيات بمرض فيروس كورونا المستجد، وأمراض أخرى.

وبموجب تقرير صندوق النقد الدولي من المتوقع ان تنكمش الاقتصادات التي تعتمد بالاساس على الطاقة، في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 7,1% أي اقل بـ 4.4% من التوقعات السابقة قبل ظهور وباء كورونا المستجد. بالاضافة الى ذلك فقدت اسعار النفط نحو ثلثي قيمتها مع تراجع الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، ومن المتوقع ان تخسر الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الاوسط حوالي 270 مليار دولار من عائدات النفط والوضع سيكون اكثر تضررا وكارثيا في الدول التي تعاني من حروب وصراعات داخلية سببها سياسات الولايات المتحدة واسرائيل ودول الخليج والسعودية، ومثال على ذلك ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا ولبنان.

فالانكماش الاقتصادي في هذه الدول سيكون اعمق واكثر كارثيا، وستصل نسبته الى 13%. وبموجب تقرير صندوق البنك الدولي فان نصيب الفرد (وليس نصيب طبقة رأس المال الكومبرادوري – الوسيط لهذه الدول والتي تعاني من الفساد داخل هذه الطبقة ومؤسسات دولها)، من الناتج المحلي الاجمالي في تلك الدول يتراجع من 2900 دولار في 2018 – 2019 الى 2000 دولار فقط هذا العام. وهذا سيزيد ويعمق التحديات الاقتصادية والانسانية القائمة في هذه الدول وسيعمق ازمة الفقر والبطالة المرتفعة معدلاتها اصلا في هذه الدول. وهذه الازمة ستؤدي الى اشتعال الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في هذه الدول وخاصة اذا جرى رفع وتعميق اجراءات الحجر الصحي والاغلاق، وتعاظم الفقر وعدم المساواة داخل هذه الدول أي الدول العربية خاصة، وهو ما يخلق تحديات وأزمات في مجال المحافظة على الاستقرار بالنسبة للحكومات والنظم الاستبدادية لهذه الدول.

ولا بد ان نذكر بان جائحة كورونا جعلت ظاهرة الفقر تطفو على سطح النفط، سطح ثراء آل سعود ومن حولهم من اصحاب رؤوس الاموال والشركات العابرة للقارات ودول رأس المال العالمي، فالناتج القومي للسعودية يقدر بـ 653,2 مليار دولار وهذا الامر يجعل السعودية تأتي في المركز العشرين في قائمة الاقتصادات الاكبر على مستوى العالم وهذا يجعل السعودية تتربع على "عرش" قائمة الدول العربية الاكثر ثراء.

وتتصدر السعودية قائمة المصدرين العالمية، ورغم انخفاض سعر برميل البترول في الآونة الاخيرة الا ان ذلك لم يغير من كون السعودية الرابح الاكبر من البترول، حيث ان تكلفة انتاج البترول السعودي هي الارخص على الاطلاق، بسبب استغلال الايدي العاملة الوافدة من العديد من دول العالم ومنها العربية والاسلامية.

ولكن غنى هذه الدولة التي تسيطر عليها طبقة رأس المال الكومبرادوري الوسيط لا تعني بالضرورة غنى جميع سكانها بل بالعكس، هناك طبقة عاملة وشرائح اجتماعية تعاني من البطالة والفقر، وما يسمى بالتقارير والاحصائيات الاقتصادية بمتوسط الدخل ونسبتها في السعودية 23.550 دولار لكل فرد سنويا، ما هي الا آلية "ماكرة" متوحشة يستخدمها اقتصاديو العالم الرأسمالي العالمي ومؤسساته مثل صندوق البنك الدولي، بهدف اخفاء نسبة الفقر في دول رأس المال الغربي ودول النفط لاخفاء الفوارق بين الاغنياء والفقراء في هذه الدول ودول العالم اجمع، حيث يتمتع عدد قليل من الافراد بغنى فاحش، فمثلا في السعودية حسب معلومات وقائمة مجلة فوريس هناك 13 سعوديا في قائمة اغنى اغنياء العالم ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

"الاتحاد الحيفاوية" 7 آب 2020 (مقتطفات)

************

ص15

هيروشيما وناغازاكي: شهادات لناجيات

من القنبلة الذرية

يوما السادس والتاسع من آب حلت الذكرى الخامسة والسبعون لقصف الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية مع نهاية الحرب العالمية الثانية.

وتشير الحصيلة التقديرية للوفيات المسجلة إلى أن القصف أسفر عن مقتل نحو 140 ألف شخص من بين سكان هيروشيما البالغ عددهم 350 ألفا، وقد قتل أيضا 47 ألفا على الأقل في ناغازاكي.

وقد أدى القصف إلى وضع نهاية سريعة للحرب في آسيا باستسلام اليابان لقوات الحلفاء في 14 آب 1945. غير أن البعض يرى أن اليابان كانت على أي حال على شفا الاستسلام.

يُعرف هؤلاء الذين نجوا من القصف بـ”هيباكوشا”، وهم الذين عانوا من تداعيات مدمرة في المدينتين؛ كان من بينها التسمم الإشعاعي والصدمات النفسية.

أجرت لي كارين ستو، وهي مصورة صحفية مختصة برواية قصص النساء اللاتي شهدن أحداثاً مهمة في التاريخ، مقابلات مع ثلاث نساء لديهن ذكريات حية عن القصف الذي وقع قبل 75 عاما.

تيروكو يوينو

كانت تيروكو في الخامسة عشرة من عمرها حين نجت من قصف هيروشيما بالقنبلة الذرية في 6 آب عام 1945.

وقت وقوع القصف كانت تيروكو في الصف الثاني بمدرسة التمريض التابعة لمستشفى الصليب الأحمر بهيروشيما. وبعد سقوط القنبلة، اندلعت النيران في سكن الطلبة بالمستشفى، وقد حاولت تيروكو المساعدة في إخماد الحريق، غير أن العديد من زملائها الطلبة لقوا حتفهم.

وكل ما تبقى لديها من ذكريات عن الأسبوع الذي تلا القصف هو أنها كانت تعمل ليل نهار في معالجة المصابين بجروح بالغة بينما لم يكن لديها، هي وآخرون، سوى القليل من الماء دون طعام.

وبعد تخرجها، واصلت تيروكو العمل في المستشفى حيث ساعدت في إجراء عمليات جراحية كان من بينها عمليات ترقيع للجلد. خلال تلك العمليات كان يتم استئصال جزء من فخذ المريض لترقيع المناطق التي أصيبت بندوب نتيجة الحروق. تزوجت بعدها من تاتسويوكي وهو ناج آخر من القنبلة الذرية. وعند حمل تيروكو بطفلهما الأول، ساورتها الشكوك حول ما إذا كان الجنين سيولد سليماً، وإن كان كان سيبقى على قيد الحياة.

وقد وُلدت ابنتها توموكو بصحة جيدة، الأمر الذي أعطى تيروكو الشجاعة لمواصلة العناية بأسرتها.

تقول تيروكو “لم أذهب إلى الجحيم من قبل، وبالتالي لا أعلم كيف يبدو، لكنه على الأرجح هو ما عشناه. لابد ألا يتم السماح لشيء كهذا بأن يتكرر”.

وتضيف “هناك أشخاص يقومون بجهد كبير من أجل القضاء على الأسلحة النووية. أعتقد أن الخطوة الأولى تكمن في إقناع قادة الحكومات المحلية باتخاذ موقف. ومن ثم يتعين علينا التواصل مع قادة الحكومة الوطنية، ثم العالم بأسره”.

تقول توموكو ابنه تيروكو “قال الناس إنه لا يمكن للحشائش أو الأشجار أن تنمو هنا لمدة 75 عاما، لكن هيروشيما عادت من جديد مدينة تكسوها الخضرة والأنهار. بينما ظل هيباكوشا (الناجون من القصف)يعانون من آثار الإشعاع”.

وتضيف “بينما ذكريات هيروشيما وناغازاكي آخذه في التلاشي من عقول الناس، نقف نحن عند مفترق طرق. المستقبل بين أيدينا. السلام سيكون ممكناً فقط إذا ما تحلينا بالخيال وفكرنا في بعضنا البعض وأوجدنا سبيلاً للتحرك وواصلنا العمل دون كلل من أجل تحقيقه”.

كما تضيف كونيكو حفيدة تيروكو “لم أشهد الحرب أو القنبلة الذرية، ولا أعرف هيروشيما سوى بعدما أُعيد بناؤه. يمكنني فقط أن أتخيل. أستمع إلى ما يقوله الهيباكوشا، أدرس حقائق القصف بالقنبلة الذرية بالدليل.

“في ذلك اليوم احترق كل. الناس شيء في المدينة ، الطيور، الحشرات، الحشائش والأشجار وكل شيء. مات الكثير من الناس ممن دخلوا المدينة بعد القصف من أجل المشاركة في جهود الإنقاذ أو البحث عن أقاربهم وأصدقائهم. بينما عانى الناجون من أمراض”.

وتقول “حاولت أن أوطد صلاتي ليس فقط بالهيباكوشا في هيروشيما وناغازاكي، بل كذلك بعمال المناجم، وسكان الماطق القريبة من تلك المناجم، والأشخاص العاملين في مجالات في تطوير واختبار الأسلحة النووية وهؤلاء الذين عانوا من أمراض بسبب التجارب النووية”.

إيميكو أوكادا

كانت إيميكو في الثامنة حين أسقطت القنبلة الذرية على هيروشيما. قتلت شقيقتها الكبرى ميكو وأربعة أخرون من أقاربها. ضاع الكثير من صور إيميكو وعائلتها، بينما بقيت تلك التي كان يحتفظ بها أقاربها من الناجين، ومن بينها صور لشقيقتها.

تقول إيميكو “غادرت شقيقتي المنزل ذلك الصباح قائلة أراك لاحقا! كانت في الثانية عشرة ومفعمة بالحيوية”.

“لكنها لم تعد أبداً. لا أحد يعلم ماذا حدث لها. بحث عنها والداي في كل مكان، لم يعثرا على جثتها، لذا ظلا يقولان إنه لابد وأنها حية في مكان ما”.

وتضيف “كانت أمي حاملاً في ذلك الوقت لكنها أجهضت. لم يكن لدينا ما نأكله. لم نعلم شيئاً عن الإشعاع الذري، لذا كان نلتقط أي شيء دونما تفكير فيما إذا كان ملوثاً أم لا. لانه لم يكن هناك طعام، كان الناس يسرقون. كان الطعام هو المشكلة الأكبر. الماء كان شحيحاً. هكذا اضطر الناس للعيش وقتها. لكن هذا تم نسيانه”.

تمضي إيميكو قائلة “ بعدها بدأ شعري يتساقط، وأخذت لثتي تنزف. كنت منهكة طوال الوقت، كان على أن استلقي دوما. لم يكم لدى أحد فكرة عن الإشعاع. وبعد اثني عشر عاماً تم تشخيص إصابتي بفقر الدم اللاتنسجي(فشل نخاع العظم انتاج خلايا كافية لتجديد الدم)”.

“في كل عام حين تأتي أوقات تكون فيها السماء داكنة الحمرة عند الغروب، تتحول وجوه الناس إلى اللون الأحمر. لم أكن استطيع أن أتغلب على ذكرى الغروب يوم الانفجار الذري. لثلاثة أيام وثلاث ليالٍ كانت المدينة تحترق. أكره الغروب. حتى الآن مازال الغروب يذكرني بالمدينة المحترقة”.

“مات الكثير من الهيباكوشا دون أن يستطيعوا الحديث عن هذه الأشياء، عن مرارتهم بسبب القصف. لم يستطيعوا الكلام. لذا أتكلم”.

“يتحدث كثيرون عن السلام في العالم، لكنني أريد الناس أن يتحركوا. أريد أن يبدأ كل شخص في فعل ما يستطيع. عن نفسي، أود أن أفعل شيئاً يجعل أبناءنا وأحفادنا الذين هم مستقبلنا أن يعيشوا في عالم يستطيعون فيه أن يبتسموا كل يوم.

رايكو هادا

رايكو هادا كانت في التاسعة من عمرها حين أسقطت القنبلة الذرية على مدينتها ناغازاكي صباح 9 آب. في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم انطلقت صافرة تحذير من غارة جوية، فبقيت رايكو في منزلها. وبعد سماع صافرة الآمان توجهت إلى معبد قريب كان الاطفال الصغار يتلقون فيه دروسهم بدلاً من الذهاب للمدرسة بسبب صافرات الإنذار المتكررة. وبعد أربعين دقيقة من الدراسة داخل المعبد، أمر المدرسون الطلبة بالمغادرة، فعادت رايكو إلى بيتها.

تمضي رايكو قائلة “وصلت إلى مدخل البيت، واعتقد انني خطوت خطوة واحدة داخله، ثم حدث كل شيء فجأة. باغتني ضوء ساطع. كانت الألوان مزيج من الأصفر والأخضر والبرتقالي. لم يكن لدي الوقت لأخمن ماذا يحدث. ثم تحول كل شيء إلى اللون الأبيض. شعرت وكأنني تُركتت وحيدة. بعدها سمعت دوي عالٍ ثم فقدت وعيي.

“عدت لوعيي بعد فترة. كان معلمنا قد دربنا على أن نتوجه إلى مخبأ في حالة الطوارئ، فبحثت عن أمي داخل المنزل ثم ذهبا إلى مخبأ داخل الحي. لم أصب بخدش واحد. أنقذني جبل كونبيرا، لكن الوضع كان مختلفاً بالنسبة لأولئك الذين كانوا على الجانب الآخر من الجبل، لقد عانوا من ظروف مروعة”.

“عبر الكثيرون جبل كونبيرا إلى منطقتنا. أناس بعيون جاحظة، شعورهم مدمرة، شبه عراة، تتدلي جلودهم من الحروق”.

“حملت أمي المناشف والملاءات من المنزل وهرعت مع نساء الحي تقود الفارين إلى قاعة كلية قريبة حيث يمكنهم الاستلقاء”.

“طلبوا الماء. فأخذت إناء مكسوراً وذهبت للنهر لأغترف الماء كي يشربوا. لكنهم بعد أن تناولوا رشفة ماء ماتوا واحداً تلو الآخر. كنا في فصل الصيف. وبسبب الديدان والرائحة العفنة كان لابد من حرق الجثث على الفور. وتم تكديس الجثث في مسبح الكلية وحرقها جميعاً”

“كان من المستحيل أن نحدد هوية هؤلاء الاشخاص. لم يموتوا كما يموت البشر”.

“آمل ألا تمر الأجيال القادمة بتجربة مشابهة. علينا ألا نسمح باستخدام الأسلحة النووية. الناس هم من يصنعون السلام. حتى إن كنا نعيش في بلدان مختلفة ونتحدث بلغات مختلفة، فإن أملنا في السلام واحد”.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

“بي بي سي” 6 آب 2020

***********

ص16

يا بيروت ..

عبد الرضا المادح

في المساءِ

عادت النوارسُ للمرفأ

تبحثُ عن دفءٍ

وغذاء

تتأبط ساريةَ المراكبِ

وتنتظرُ

شمسَ الفجرِ

بلا رجاء ...!

صوتٌ ارعبَ الموجَ

فتطايرَ الريشُ

الى كل الأرجاء

غطى سماءَ البحرِ

وصخرةَ الرَوشةِ

وكلَّ الأحياء

واصطبغَ بدماءِ

الأموات والأحياء

فصدحت اغاني فيروز

تلملمُ الجراحَ

تنشُر الأملَ

لتعود بيروت

عروس الشرقِ

يتغنى بها الشعراء ...!

***************

نقد

اطلالة على مساحة مشغولة

قراءة في قص جورجينا ميخائيل

ياسين النصير

المساحة التي أعنيها بالإشتغال هنا، هي الوقائع الإجتماعية التي خلفتها الحروب على الناس، هذه المساحة عُلّمت بمسافات ونقاط وخطوط، توزعت عليها الشخصيات والأحداث والوقائع، نحن إذًا بصدد عالم يتشكل عبر وعينا به، هذا العالم مشترك بين فنان يمتلك أدوات فنية يراه من خلالها، ومجموعات كبيرة من الناس تعيش هذا الواقع وتدرك مأساته وأبعاده، وتحتوي المساحة الاجتماعية الاثنين معا: الفنان والقراء، وهما يعيان الأبعاد التي تشكلها أحداث الواقع المعيش. فنجد القصص تطرح رؤية فنية لهذا العالم، ونجد مجموعات الناس تطرح هي الأخرى رؤية للعالم المعيش نفسه، القصص هي الرسالة المشتركة التي تتشكل من رؤية الاثنين للعالم، ومن ثم فهمه ووعيه، وبالتالي لتكوين رؤية واعية لما يجري.

وسنجد القصص كلها تجسد هذا الوعي سواء ما كان منه ممكنًا وما كان منه فعلًا مباشرًا. فالفنان هو الذي يشكل الوعي للرؤية الفاعلة لما يجري، بطرحه موضوعات هي من صلب الحياة المعاشة التي خلفتها الحروب، فتصبح القصص أدوات ورسالة للتغيير، وسيطرح والقراء الوعي الممكن الذي من خلال تجارب الماضي يتم تشكيل موضوع المعرفة المساهم فهم ما يجري الآن، ومن ثم تكوين وعي جماعي مهمته التغيير. كل عمل فني يتجه نحو واقعه حتى لو كان مغرقًا بالذاتيّة، وكل جماعة “تسعى لفهم واقعها انطلاقًا من ظروفها المعيشية والاقتصادية والفكرية والدينية والتربوية”في البنيوية التكوينية.د. جمال شحيد ص 55. فالقاص أو الشاعر لا يمكن أن ينتج عملًا فنيًا بمعزل عمّا يحدث في الواقع، ولذلك نجد تضافرًا بين الفنان وواقعه، خاصة إذا كانت التجربة لأمرأة تمثل نساء أعمّ صفة من فرديتها، وإذا كان الواقع عراقيًا أُشبعت شخصياته وأحداثة بمشكلات متراكمة ومنفتحة على الأسوأ.” كل حدث اجتماعي يستدعي في بعض جوانبه عملية وعي وإنَّ كل وعي هو أولًا تصور يتطابق نوعًا ما مع هذا الجانب من الواقع أو ذاك” كما يقول غولدمان في الماركسية والعلوم الاجتماعية.

لو أمكننا ادخال مجموعة قصصية للتعليم الثانوي لأخترت هذه المجموعة، كمرحلة متقدمة في فهم الكيفية التي تبنى بها قصة قصيرة بمنحى اجتماعي ناجح، ودافعي وراء ذلك يكمن في أن الطريقة التي بنيت فيها قصص هذه المجموعة، تؤسس فهمًا عامًا لكيفية كتابة قصة ناجحة، وفي الوقت نفسه نشكل كيفية الرؤية الفنية الواعية لما حدث في الواقع العراقي. فالشخصية المحورية، والبيئة الاجتماعية التي تحيط بالجميع، ثم التدرج في بنية المبنى ومتن القصة القصيرة، والوضوح التام لأغراض القصة القصيرة: وحدة الإنطباع، محورية الشخصية، تنامي الحدث الواقعي، تغريب الحالة والبحث عن أفق يوضح مقاصد التأليف، الأقتصاد اللغوي، كلها عناصر اجتماعية وفنية بدت القاصة متمكنة منها، فأحداث القصص من البيئة المحلية، وتكاد مساحتها أن تكون واسعة، لأن منطقة عينكاوه تمثل العراق كله، وأفقها واستجلابها لأمكنة وازمنة أخرى يوسع من دلالتها، فجعلت من أحداثها قصصًا اجتماعية ونفسية واسعة، وهذا يعني ثمة اكتفاء ذاتي بما ينتجه الواقع المحلي من أحداث. ما نحتاجه هو تحديث الدال، الأمر الذي يُحدد ويُجدد الرؤية للواقع وللفئات الإجتماعية، ومن ثم جعله محورًا فنيًا لاستيعاب ما يجري، ففي أية شريحة إجتماعية يمكنك أن تجد المجتمع العراقي كله. ورغبتي في تعميم هذا الأسلوب من القص الواقعي الفني  تتلخص في ثلاثة أسباب :

 السبب الأول: لما تتسم به القصص كلها دون استثناء من بساطة فنيّة عميقة، وأحداث شعبية معاشة، وبنية تكوينة شاملة لا تخص شخصيات معينة ولا أوضاعاً وأحداثاً شخصية، إنَّما تخص علاقة الإنسان بالواقع الإجتماعي، علاقة يتشكل منها موضوع المعرفة الإنسانية، فالواقع لا يرتبط بالشخصيات من دون هدف، لأن الشخصيات في النص، عندما تدخل في علاقة معرفية مع واقعها، تتجاوز الفلسفة والسياسة والأخلاق من أجل كشف ما في الواقع من التباسات وشقوق وخبايا. هذه القصص تكشف هذا المستوى من العلاقة مع الواقع بطريقة سردية ميدانية مباشرة، وهي إذ تسلط الأضواء على عدد من المشكلات والأوضاع التي تعيشها المرأة، تكشف عن أن السرد ليس مجرد تتبع أوصاف للحدث، إنَّما هو خلق -عبر قضايا تبدو أنها فردية- بنيّة اجتماعية داخل النص وخارجه. إنَّ  نظرة القصص الشمولية تحقق وعيًا ممكنًا حسب رؤية غولدمان للإنتاج الثقافي، هذا الوعي هو ما يجب أن يتسلح به الناس عندما يجابهون بمحن كبيرة. بحيث يمكن للقارئ والمتعلم أن يعيد تصوره لما جرى بطريقة أكثر مسؤولية. فالقصص تنبهنا إلى مسؤوليتنا الأخلاقية والاجتماعية تجاه مواضيع نشترك جميعًا في صياغتها: الحب-الحرب- الهجرة- المحلة- الأسرة- الوطن- الإرهاب- النضال- العزلة- العزوبية- الرسائل- الوطنية- الصداقة- التعارف، أيام الدراسة...الخ، وعلى الرغم من أن هذه المواضيع مألوفة ومعاشة، إلا أنَّ تنفيذها جعلها أمثلة لحكاية شعبية غرائبية متداولة وتشكل حافزا اجتماعيًا دالًا على الوعي المستلب الذي تمارسه القوى المهيمنة، وقد تم تنفيذ هذا الوعي الفني بلغة مركبة زمنيًا، أي أن الحاضر يستدعي الزمنين الغائبين- الماضي والمستقبل- ليعجنهما في بوتقة الحاضر، بحيث لا تفلت من القصة نأمة أو شاردة عن هدفها.

السبب الثاني: أن كاتبتها أمرأة، هي القاصة جوجينا ميخائيل، القليل منا يعرفها أنَّها كاتبة قصة واقعية غارقة في الاجتماعية الذاتية، تلك البقعة من السرد التي تتحول شخصية المرأة فيها إلى صوت جماعي يتحدث عن الناس المندمجين ضمن مجموعة اجتماعية عُطلت عن الفعل، فالذكريات تثقل كلماتها، وتملأ مساحات السرد الرسائل والاتصالات وثمة وعد بالبروق والرعود والأمل، بحيث يصبح التلفون أداة ثقافية تؤكدها الشخصة من خلاله هويتها المعاصرة.

فالحياة إذا ما فهمت جدليًا، تتضمن نصوصها أنموذجًا وجوديًا يعبّر عن البعد التاريخي للمرحلة، والقصص تؤكد هذا المنحى. هذه القاصة ببساطة لغتها وموضوعاتها، تغور بعيدًا في ثنايا الأنثى، لتجعل منها أنموذجًا إنسانيًا كونيًا. فهي لا تتولى السرد كذات مؤلفة، إنما تستعير لغة الأنثى بتفاصيل يومية وحسية، لأن البناء الفني لقصصها بناء أحداث اجتماعية وإن كانت نافذتها المرأة، لذلك تكون الشخصية الساردة قد استعارت صوت الأنثى الجماعي. وأنت تنهي قراءة المجموعة تجد بطلات القصص ومن استدعتهم الذاكرة من الشخصيات يعيشون بيننا، وفي الجوار منا، فالوعي الفردي للقاصة وجد طريقة للوعي الجماعي عبر شخصيات عاشت الأحداث وتعمقت بها، فشكلت وعيًا نقديًا عنها، فكانت القصص خطابًا لمجموعة فاعلة وليست حكايات حدثت في زماننا. كم هو حزين هذا الواقع اليومي المُغَرَّب، بحيث تجد شريحة صغيرة تستنطقها القاصة، يمكنها أن تفجر ينبوعًا من الأحزان لمجموعة من الناس، الثراء كل الثراء في وعي التجارب الواقعية وفهمها، خاصة تلك التي لا ترى إلا بالعين الفنية الناقدة.

وبما أن البطلة في القصص كلها امرأة كما أسلفنا، وعمرها بين الأربعين والخمسين، -أي مرحلة الوعي الناضج بما يجري-لم تكن المرأة في القصص متلقية، ولا منسحبة، إنَّما فاعلة، مما يعني أنَّها الشخصية التي تراقب الأحداث وتفرزها وتكون عنها رأيًا، فالنصوص تعبر عن كبت لاشعوري دفين للأنثى.

السبب الثالث: يضعك السارد في خضم الأحداث ومن خلالها يعيد تشكيل الزمن أي ما يسمى “بتقنية الولوج إلى الحدث” وهذه التقنية تدع الحدث يتكلم فيقل الشرح والتفاصيل، القصص شرائح حياتية نابضة بالمألوف الغريب، ودائمًا تجد ثمّة (مرآة) تحتضنها الشخصية عندما تجد نفسها أنها ازاء موقف جديد، (المرآة) واحدة من الأقنعة التي تلجأ إليها الشخصية لتعيد ترتيب لسانها وبناء حدثها. القصص تؤشر إلى أن الشخصية النسائية متعلمة وخريجة وواعية، ولها اهتمامات سياسية تقدمية، وتعميم وعيها بالمشكلات يعني تأليف خِطاب اجتماعي، من مهمته تنبيه الآخرين إلى عمق المأساة عندما لايجد الإنسان وطنًا أو بيتًا أمنًا ، أو حبًا مكتملا لا تقطعه هجرة ولا تنقصه إراداة، هذا الخِطاب الذي يبدو أنه يومي ومألوف، يعبّر عن هوة عميقة في بنية الكائن الحي عندما يجد نفسه مقذوفًا للحياة من دون وعي. فالمرأة البطلة في مرحلة التجاوز، تجاوز المراهقة والانعكاسات الجنسية البسيطة لما حدث، فتتحول إلى أداة معرفية، توسس وعيا فاعلا، يمكنها من خلاله أن تؤشر إلى ظاهرة أجتماعية متأصلة، لذلك يكون الاختبار الأصعب، هو تحديد موقفها هل هي مع رغباتها؟ أم مع الظروف التي يمر بها العراق؟، فالمرأة وهي تتجاوز ما عاشته ووعت تجارب الماضي-ماضيها في الأغلب-بنت تصوراتها المحبطة على أمل تشكيل وعي جماعي ممكن من أجل التغيير، فكل ما كانت تخطط له ذوبته الحروب في قضايا ثانوية أدت إلى تشظي الأسر والعلاقات والأصدقاء، وها هو العالم يتوزعهم في بلدان نائية ليزيدهم تشظيًا وأغترابًا، وتبقى تلك الرغبة الدفينة في تكوين بيت، أسرة، تجمع، زواج، علاقة إنسانية متكافئة، لغة تلّم هذا الشتات، القصص مساحات لتبادل الرأي الواعي للقاصة وللقراء.

 ضمن هذا الإطار الواسع للتصور الفني والثقافي، ينهض الزمن-الزمن العراقي-ثيمة محورية يتقاسم مع محن وحياة البطلة أيامها ولغتها وهمومها، فالحب يختلط بالهجرة، والحرب تختلط برسائل الحب، وتصبح المحلة المكان الكوني الذي تدور فيه رحى الأمنيات القديمة والحديثة، هذا التكوين الناضج للبطلة اتاح للقاصة راحة أسلوبية من أنَّ أية شعيرة فكرية أو ممارسة جسدية أو ذكريات، عبارة عن مجموعة صور وذكريات تؤشر إلى استلاب قتعجزالكلمات أن تعبر عنها. ولا أخشى القول أنَّ البطلة هي القاصة، بفيض تجربتها ومشاعرها ولغتها واجتماعيتها ورغباتها، هذه الإنسانة التي تتشكل في كل قصة من مواد جديدة، تظهر كعشتار بصور أنثوية عديدة، واذا ما اضفتها لما يتشكل في الواقع من حرمان واستلاب تجد جماعة نسائية واسعة تشكل وعيا ممكنا للتغيير يكون”الحكي” طريقة تعبيريةعن كل ما مرت به الحكاية التي لم  تُغلق نهايتها، ولم يبدأ استهلالها بعد، حكاية تبدأ من منتصف الطريق – الاربعينيات- فتعود لتراث الحب والعشق والدراسة والقفشات الطلابية والحريات الأسرية والاجتماعية، ثم تقفز للمستقبل حيث أمنية ببناء عشها المتعدد الأبواب والأسرة، وها هي بين زمنين – الماضي والمستقبل- لاتفقد فيهما رونقها ولا شبابها ولاصوتها ولا ذاكرتها، فثمة مرآة كونية تصطحبها لتعاين تجاعيد وجهها ووجه واقعها، ومن ثم لتعديلهما بمساحيق الزمني المؤمل، القاصة/ المرأة/ الأنثى، ممتلئة بالماضي وممتلئة بالمستقبل أيضًا، ولذلك تكون لغتها جامعة لكل الأزمنة، لا تشعر أن الفعل الماضي يثقل عليها ولا الفعل المستقبلي يشده إليها، فـ” الآنية” ممتلئة بالأزمنة ، ووجودها وحده من يعين بوصلة الوعي بأن السرد يمكنه أن يشكل حكاية اجتماعية ممكنة الوعي.

***********

ص17

نص

الصورة: تحفظني/ تزوِّرني

رعـد فاضل

(1)

 كلّ ما هو منعكسٌ حبيسُ الصّورة التي ينعكس فيها سواء على وجه ماء أو في مرآة أو أيّ عاكس آخر. من هنا أليست صورة الشّيء المنعكس قد فقدت هويّتها الأصلَ لحساب ما أصبحت عليه، لحساب الصورة بوصفها منعكسةً، ذلك أنّ الصورة الأولى حقيقيّة، فيما الثانية شبه ذلك، أي مزيّفة لأنّها قد تحوّلت إلى منظر أصبح صاحبها نفسُه يرى إليه كما سواه من النّاظرين منعكِساً؟. كلّما نظرت إلى صورتي في الماء أشعر أني مبتلٌّ، وإن كان زمن هذا النّظر شتاء أشعر بالبرد، وإن كان ماء نهرٍ أشعر أنّي طافٍ وقد أوشِك على الغرق!. أمام هذا المنظر ستسخر الفيزياء وفي الوقت نفسه سيثنّي التأمّلُ عليه، ذلك أنّ الصورة المُتأمَّلة ((ليست مأخوذة من العالم، فهي هنا تتخطّى العالم إلى ما بعدَ ما هو مدركٌ حسّياً)). إنّه التأمل بوصفه صوراً معكوسةً في منظر تتطلّب منّا نحن أصحابَها النّاظرين إليها(إلينا) طاقةً شعريّة سيكولوجيّةً لقراءتها، إذ إنّ كلّ من يتمتع بقدرة عميقة على التّخيّل هو بمعنى من المعاني خبير نفسٍ حقيقيٌّ وإن لم يكن في واقع التخصّص كذلك.

(2)

الصورة الورقية ((حقيقيّة)) لأنها غير قابلة للتّلاعب بها، فيما تلك الرقميّة مزيّفة كونها مفتوحة دائماً على التغيير حذفاً واضافة، كونها قابلة أبداً للتّزوير، فقد أجد رأسي يوماً مركَّباً على جسد آخرٍ لغيري، أو أُكسى بأزياء ما أو تُجرى لوجهي عمليات تغيير تجميلاً أو تقبيحاً، وقد أجدني يوماً فرانكشتاين أو هولاكو، أو شيخ عشيرة بكوفيّة وعقال (كما حلا مرّةً لأحد الأصدقاء أن يفعل ذلك بي)، وقد أجدني سجيناً وراء قضبان أو بين أحضان امرأة لا أعرفها، حتّى تلك الشّخصيات كلّها لم تعد هي كما أنا لم أعد أنا لأنّني وتلك الشّخصيّات قد زُوِّرنا، لم يعد لصورنا الحقيقيّة وجود شخصيّ حقيقيّ نُعرف به، أي لم نعد نحن وإنّما صرنا أشباهنا، بل صرنا ملعوباً بنا، شُوِّهنا (الرأس لي والجسدُ لغيري، أو العكس)، لقد عُبِث بنا تماماً بعد أن أصبحت صورنا مَزيدةً ومشروعاً مفتوحاً على كلّ تبديل أو تنقيح.

الصورة الورقية ((بصمة)) للمصوِّر تشير إليه مهما تقادم على صوره الزّمن كما البصمة الأدبيّة أو الفلسفيّة أو الفنيّة لكاتب أو فيلسوف أو تشكيليّ ما، إلى جانب بصمةٍ لـقَسَمات وجه ما وجغرافيا جسد ما غير قابلة للتحريف، وتظلّ أمينة على زمن تلك القسمات والجغرافيا بالنسبة إلينا نحن المُصوَّرين، بصمةٍ  بنت زمنها بل وليدةُ آنيّتها، لقد ((كانت الفوتوغرافيا فنّاً ووسيطاً))، طبعا ليس من الناحية السّيميولوجيّة بوصفها علامة أو دالّةً حسب، وإنّما من ناحيتها العضويّة أيضاً كونها جزءاً حيويّاً من كيميائيّة وجودنا منذ أمد بعيد.

***********

قصة قصيرة

تكنوقراط

سامي عبد علي

أقلقته التظاهرات التي عمت البلاد والتي تطالب بزيادة الانتاج المحلي للاحزمة الحاملة للكروش على  الرغم من التعويض في انتاج الروبوت الماهر في الطبخ ورش الحدائق

ارتفع سقف المطالب بانتاج الترانزستور الخاص بالغيتار الكهربائي .. التذمر واسع . افتضح امر الحكومة في التأخير الحاصل في بناء الجسر الرابط بين القارات مع زوال مشكلة تصادم القطارات.

خلع زيه وتخلى عنه .. وشاح ابيض ينهمر على قامة هزيلة منحنية وشعر حليق .. نظارتان مدورتان وعصا رفيعة .. همس بداخله

«وداعاً عم غاندي .. أنا ابحث عن زي تكنوقراط»

سقطت انظاره على جريدة مهملة .. اطال التحديق في صورة «ستيف جوبز» .. بدلة سموكن سوداء وبيده تفاحة حمراء .. كل مساحة عقله احتلتها الفكرة .. انها فرصته السانحة. لم تبق الا خطوة واحدة للفوز بالمنصب .. سارع بارتداء بدلة السموكن وأحكم شد ربطة عنقه امام المرآة.علاه الغرور. طار من الفرح .. «غداً يبدأ زمان جديد».

بعد الغد .. وقف امام كاميرا فضائية وبيده برتقالة .. الكاميرا تدور في زوايا مكتبه. صور مؤطرة لشهادات عليا من ثلاث جامعات عالمية .. صورة ضمته مع اينشتاين واخرى مع نوبل ومدام كوري وصورة مع غاغارين .. هو رجل من طراز (VIP) .. الكاميرا ترغمنا أن نقرأ لوحة معلقة «هذا من فضل ربي».

استعار كلمات هشة. باهته . رخوة . من قاموس التكنوقراط لم تنسى ان تأخذ نصيبها من المكياج اللغوي وتلبس زيها الدبلوماسي وتطاير منها غبار النفاق وعهر السياسة فقد كان يعيش غباء العصر .. بدأ الثرثرة

- س .. مخترع oraing 7الذي سيمكن الحكومة من تحقيق برامجها في انتاج المستحضر الذي سيطيل الاعمار ومستحضر اخر يغير نوع الجنين .. اتعهد أن ازرع لكم اسناناً الكترونية وازرع لكم اشجاراً الكترونية وعدسات تمكن من فضح الكراهية لدى الاخر .. وسأجعل الشوارع هي التي تتسكع في احذيتكم .. سترقصون وتضحكون بطريقة الكترونية .. سأ ...

اخرج منديله ومسح خيطاً من العرق تدحرج على جبهته واعتذر عن ضياع اللحظة

- الحكومة تتراجع بدورها عن الزيادة الحاصلة في اسعار المأكولات في مطاعم القمر تعلن الغاء القوانين التي تقيد الحريات في الصلاة المختلطة بامامة النساء فالصلاة ستكون على وفق البرامج الحديثة .. نرجو منكم فقط ايقاف الحملة الاعلامية المنددة بفشل مشروع انتاج الحطب الذي يتدفأ عليه العشاق .. عاش الالكترون . عاش التكنوقراط . عاشت الذرة.

لم ينس أن يخبئ الأقنعة القديمة في الخزانة بعيداً عن الانظار وعدة صور ضمته مع الحلاج .. ابن سينا  . آدم سميث . جيفاراً . هادي العلوي.. كلها تداعت وانقرضت مع الايام واصبحت من مدخراته .. هي كل قوته في زمن القحط. ولم ينسى ان يلف بقماش أبيض قناع نبي اهداه له تكنوقراط اخر.

*********

صباح الخير حبيبي

للشاعر فنجنسو  رومانيوولو

ترجمها عن الايطاليه: عبدالوهاب الدايني

صباح الخير حبيبي

كم اتمنى لو اصرخ عاليا

إلى أن تتقطع أوتار حنجرتي

  (احبك)

حتى تقرع نبضات

قلبي المضطرب

بايقاع منسجم

أستيقاظ صمتك

 ربَما لا أملك كل ذلك الذي أريد

لكن احب

كل هذا الذي أملك

مثل النقاء

َمن مداعباتك

الحلوة

والصادقة

أين العذاب

الذي يكون مخلدا

وعهد ألثقة

بالحب

نتبسم في مسيرنا

أنغمار من الحاضر

ومن الماضي

كتابة مستقبلنا

مع دراية

عن كم عاش

واحب.

ربما لا يعرف الجميع

أن تحب يعني أنك

 عائش

مثل الزهور

عندما تستلم

ضوء النهار

تتفتح اوراقها

لأشعة الشمس

أنا افتح لك قلبي

حتى أعطيك منه

صباح الخير حبيبي..

**********

ص18

“الغجر شرخ في ذاكرة الزمن”

عن دار الرواد المزدهرة صدر كتاب “الفجر في ذاكرة الزمن/ دراسة تاريخية اجتماعية” تأليف جاسم محمد علي الساعدي.

وفي رحلته مع الغجر يشير المؤلف الى انها رحلة يلفها الضباب واللا مكان، وهم يعانون الاضطهاد، كونهم بلا هوية وبلا وطن ويعيشون على هامش الحياة.

************

شيوعيو المثنى يزورون مستشفى الحسين التعليمي

السماوة - عبدالحسين ناصر السماوي

زار وفد من محلية المثنى مستشفى الحسين التعليمي في السماوة صباح يوم امس الاثنين، والتقى بمدير المستشفى وكوادر ردهة العزل. واطلع الوفد على الإجراءات الصحية والوقائية آلتي يقوم بها كوادر ردهة العزل.وقدم الوفد الكمامات للمستشفى كما وأبدى استعداده للتعاون مع المستشفى لتزويدها بقناتي الأوكسجين لمرضى كورونا. وثمن الوفد بطولات الجيش الأبيض من الكوادر الطبية والتمريضية في معالجة المصابين بفايروس كورونا اضافه الى الإجراءات الوقائية التي نقوم بها الكوادر الصحية في تعقيم المناطق والاحياء السكنية في المحافظة. وشكر مدير المستشفى ومسؤول ردهة العزل وفد محلية للحزب الشيوعي في المثنى ودعمهم مرضى كورونا بالمساعدات.

•••••

محافظة عراقية

واحدة تنتج 3 ملايين بيضة خلال شهر

كربلاء – طريق الشعب

أعلنت مديرية زراعة محافظة كربلاء، أمس، إنتاج 3 ملايين بيضة خلال شهر واحد، فيما رجحت تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المحاصيل الزراعية والحيوانية في الموسم القادم.  وقال مدير شعبة زراعة عون التابعة للمديرية، مهدي حسن الجنابي، في تصريح إن “المحافظة استطاعت ان تنتج ثلاثة ملايين بيضة خلال شهر واحد من خلال عمل ثلاث شركات عملاقة في المحافظة”، مشيراً إلى “تحقيق الاكتفاء الذاتي للمنتوج في المحافظة”.  من جهة اخرى بين الجنابي، أن “المحافظة حققت ارتفاعاً ملحوظاً في كميات إنتاج محصولي الحنطة والشعير، من خلال الحملات التي أطلقتها شعبة زراعة عون في مكافحة عنكبوت الغبار على شجرة النخيل وحشرة ذبابة الفاكهة والبحر المتوسط والياسمين وحشرة الخوخ، حيث شملت تلك الحملة مساحات تصل الى آلاف الدونمات”.  وأضاف، “نتوقع أن تحقق محافظة كربلاء الاكتفاء الذاتي من محصولي الحنطة والشعير  خلال الموسم القادم بعد زراعة مناطق شاسعة منها”. 

*************

حملة “نحن معكم” الشيوعية.. تستمر من القوش حتى كربلاء

بغداد – طريق الشعب

يواصل الشيوعيون العراقيون، حملة “نحن معكم” التي أطلقها الحزب قبل أشهر للمساهمة في جهود التخفيف من تداعيات ازمة كورونا والازمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وفي ما يلي ابرز الانشطة والفعاليات التي نظمها الشيوعيون في اطار الحملة خلال اليومين الماضيين:

توزيع كمامات في القوش

في سياق مبادرة “نحن معكم”، شكلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ناحية ألقوش بمحافظة نينوى، فريقا جوالا جاب شوارع الناحية وأزقتها، موزعا الكمامات على أكثر من 100 عائلة. 

وشمل توزيع الكمامات، بالإضافة إلى العائلات، العديد من سائقي الشاحنات القادمين من بغداد، الذين اتضح إصابة بعضهم بفيروس كورونا.

وحث الشيوعيون، المواطنين على الالتزام بتعليمات الوقاية الصحية. وشددوا على أهمية ارتداء الكمامات والقفازات وتعقيم اليدين باستمرار فضلا عن تجنب التجمعات البشرية، متمنين الشفاء العاجل للمرضى.

وكانت جولة توزيع الكمامات هذه، هي الثانية التي ينظمها شيوعيو ألقوش ضمن مبادرة “نحن معكم”.

فريق الأمل في بابل

وفي محافظة بابل واصل فريق الأمل التطوعي لمحلية بابل للحزب الشيوعي العراقي المشكل من مجموعة من الرفاق والاصدقاء العاملين في المجال الصحي، واصل حملته في معالجة المواطنين في مركز الحلة وحتى ساعات متأخرة من الليل حيث قدم لهم ما يحتاجونه من علاج ومعقمات وإجراء الفحوص ومعرفة حالة المصاب. وإلى جانب الفريق الطبي شكل فريق آخر لتعفير بيوت المصابين وتقديم الارشادات الصحية لهم، فيما واصل فريق التعفير الآخر عمله في تعفير بعض الأحياء في مناطق مختلفة من المدينة. وكان الفريق الطبي قد نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أرقام الموبايلات التي يمكن الاتصال بها في أي وقت لتقديم ما يستطيعون تقديمه من مساعدات.

دعم الجيش الابيض

كما قام مجموعة من الشبيبة الشيوعية في كربلاء، بتنفيذ الحملة الثانية لدعم الجهود الكبيرة التي يقدمها الجيش الابيض في مواجهته جائحة كورونا. شملت الحملة تعليق لافتات بحجم كبيرة امام رئاسة دائرة صحة كربلاء واخرى امام مبنى مدينة الحسين الطبية تضامنا مع الكوادر الطبية والصحية. كما التقى فريق اخر من اتحاد الشبيبة في الهندية بمدير المركز الصحي في الصوب الكبير وقدم له وللكوادر الطبية الشكر والعرفان.

************

ليس مجرد كلام

ولا عزاء.. للبطاقة التموينية!

عبد السادة البصري

في ستينيات القرن الماضي، كنت أشاهد أبي كل شهر وبعد استلامه الراتب يذهب الى محل بيع المواد الغذائية ــ كان لكل عائلة في ذلك الوقت دكان خاص تتعامل معه، وكان الرجل الذي نتسوق منه (الراشن) كل شهر هو جاسم محمد جوهر. و(الراشن) هو احتياجات البيت من المواد الغذائية بكل أنواعها.

أذكر انه كان أكثر من مرة يأخذني معه وتحديداً في السبعينات لأساعده في جلب (الراشن) من دكان (ابن جوهر). لم نشعر وقتها بالحاجة لشيء لأن الحصة التي يشتريها أبي تكون كاملة جداً، وإذا نقصت مادة ما نذهب لدكان صاحبنا (ابن جوهر) ونشتريها.. بالدَين طبعاً، لأن الحساب يكون بعد استلام الراتب القادم دائماً.

مرت الستينات والسبعينات على هذا النحو، وجاءت الثمانينات بحربها التي لا معنى لها سوى نزيف الدم والخراب الذي عمَّ مدينتي ومدناً أخرى، ونزوحنا القسري بعيداً عن بيتنا الأول.

وجاءت التسعينات بحصارها المفروض تآمراً من قبل النظام الفاشي المقبور مع مَن ادّعوا محاصرته، فقد كان حصاراً على الشعب المسكين المأخوذ بالنار والحديد. فجاءت البطاقة التموينية التي أنقذت بعض العوائل من غائلة الجوع والعوز للمادة الغذائية، التي رغم شحّتها وارتفاع سعرها آنذاك كانت تسدّ بعض النقص الحاصل في احتياجات البيوت. ورغم ما لها وما عليها كانت العوائل تنتظرها بفارغ الصبر، وهناك مَن كان يبيع حصّته من السكّرمثلا ليؤمّن حليبا لأطفاله، وآخر يبيع الشاي ليشتري علاج مرض مزمن، وهكذا دواليك!

وحينما سقط النظام الفاشي إلى غير رجعة استبشر الناس خيراً، وانتشرت أخبار حول البطاقة التموينية وما ستحتويه من مواد وصلت إلى أكثر من (41 مادة غذائية) بضمنها السجائر والمشروبات وغيرها، ما أشاع الفرح والسعادة بين الناس فتنفّسوا الصعداء لاعنين أيام الحصار والأمراض التي أكلت الأخضر واليابس، وأذبلت وروداً وعصافير.

لكن الفرحة لم تدم، إذ ظهر ان كلّ ما قيل كان مجرد شائعات، وبدأت مواد الحصة التموينية بالتناقص شيئاً فشيئاً، وبان تذمّر العوائل مرة أخرى نتيجة هذا النقص!

واليوم نستلم في شهر الطحين فقط، وفي آخر الرز والزيت، وفي ثالث السكّر دون بقية المواد، إضافة إلى استقطاع مبلغ عن كل فرد يستلمه الوكيل. والأدهى من كل شيء ما نسمعه عن فساد هذا المسؤول وجلبه مواد منتهية الصلاحية، وسرقة ذاك المسؤول لمبالغ الحصة التموينية بصفقات مشبوهة وتهريبها خارج البلاد، ما بدّد الفرح وأصاب الناس بالقنوط.

وما زال الوضع حتى هذه اللحظة على حاله وأكثر. فنبقى منذ أكثر من 17 سنة نفتقد البطاقة التموينية ومفرداتها، التي انتقلت كأرصدة في بنوك أوربية وخليجية، مردّدين (الذكر الطيب) لها، ومتناسين أنها الركن الرابع للمستمسكات الرسمية، التي أصبحت أيقونة نعلّقها في أعناقنا!