العدد 183 السنة 85 الجمعة 7 آب 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

ص1

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي:

لتكن الانتخابات المبكرة رافعة للخلاص

من منظومة المحاصصة والفساد

أعلن رئيس مجلس الوزراء تحديد موعد الانتخابات المبكرة يوم السادس من حزيران ٢٠٢١. ويستجيب هذا القرار لمطلب أساسي لانتفاضة تشرين الباسلة إلى جانب كونه أحد التزامات المنهاج الحكومي.

إن الانتخابات المبكرة ليست هدفا بحد ذاته قدر ما يتوجب ان تكون رافعة للخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، وازاحة جميع المسؤولين الذين أوصلوا العراق الى حافة الهاوية، وان تكون معبرا الى حياة أخرى جديدة يستحقها شعبنا بعد ما قدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمعاقين.

إن تأمين البيئة الضرورية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة فعلا تعبر عن آراء وخيارات الناخبين مرهون، إلى حد كبير، بإجراءات وخطوات فعالة في مجالات رئيسة يأتي في مقدمتها الكشف عن قتلة المنتفضين والمتظاهرين والجهات التي أصدرت الأوامر، وليس الاكتفاء بتحديد مرتكبي الجرائم، وفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين، حيتانهم وصغارهم، وإحالتهم الى القضاء ومنعهم بذلك من استغلال مواقعهم ونفوذهم وشبكات فسادهم المنتشرة في مفاصل الدولة ومؤسساتها من أجل إعادة انتاجهم وتدويرهم في السلطة. ويسري ذلك أيضا على تنفيذ تعهد الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة ووضع حد لنشاط الميليشيات والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون ونزع سلاحهم وتقديم من يرفض منهم الى القضاء.

ومع تحديد موعد الانتخابات، بات على الحكومة تحويل وعودها والتزاماتها المنهاجية إلى فعل وخطوات إجرائية خلال المدة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات.

ومن جانب اخر وضع تحديد موعد اجراء الانتخابات الكرة  في ملعب مجلس النواب الذي يتعين عليه ان يستجيب للمطالب الشعبية وان يبادر النواب الى سلوك المسار الدستوري بشأن حل مجلس النواب. وقبل هذا وذاك لابد من الانتهاء من تعديل المادة الثالثة من قانون المحكمة الاتحادية وإقرار قانون الانتخابات.

ان الأسابيع الماضية وما دار فيها من جدل ونقاش  أظهرت للنواب صعوبة تحقيق التوافق والقبول بشأن اعتماد الدوائر الصغيرة، والاشكاليات الجدية أمام تطبيقها في ظروفنا الملموسة، فضلا عن عدم عدالتها، ومن أخذ بها من الدول، رغم تجربتها الديمقراطية العريقة، قد توجه الى التخلي عنها. 

لذا بات ملحا الآن التخلي عن فكرة الدوائر الصغيرة، وعدم إضاعة الوقت في الجدل والنقاش والاستغراق في تقديم مقترحات قد تطمئن مصالح هذه الجهة او تلك، ولكنها لا تحقق العدالة والنزاهة والتمثيل السليم للناخبين، إضافة الى النكوص بالدور الوطني، التشريعي والرقابي لمجلس النواب.

وفي هذا السياق نرى أن اعتماد صيغة القائمة الوطنية الواحدة المفتوحة والباقي الأقوى لتوزيع المقاعد، هو أفضل معبّر عن رأي شعبنا بكل مكوناته، وينسجم مع الرغبات والدعوات إلى إعمال مبدأ المواطنة، وجعل مجلس النواب ممثلاً لكل العراقيين ولمصالح الوطن العليا. كما أن الدائرة الواحدة تمثل الطريقة المثلى لتجسيد مبدأ مشاركة المرأة بنسبة لا تقل عن ٢٥ في المائة.

وأخذا بالاعتبار كل الظروف الملموسة نشدد على اعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة واعتماد الباقي الأقوى أو سانت ليغو بصيغته الأصلية غير المعدلة. 

ان من الشروط الأساسية لانتخابات نزيهة وعادلة وذات صدقية، إضافة إلى اعتماد قانون انتخابي عادل ومنصف:

• وجود مفوضية انتخابات نزيهة ومهنية ومستقلة حقا وقادرة على أداء مهامها في المركز والمحافظات.

• ضوابط ملزمة تنظم الحملات الانتخابية وتفرض سقوفا ورقابة على الأموال التي تنفقها الكتل الانتخابية والمرشحون.

• المنع الواضح والصريح لاستخدام المال السياسي لشراء الذمم والاستعانة بالدعم الخارجي، والتهديد المباشر أو غير المباشر. 

• التطبيق السليم غير الانتقائي لقانون الأحزاب والتنفيذ الحازم لما فيه من قيود ومعايير بالنسبة الى المال والسلاح وغيرها.

• ضمان اشراف الأمم المتحدة والهيئات الدولية ذات العلاقة على العملية الانتخابية في جميع مراحلها حتى اعلان النتائج.

ان مسؤوليتنا الوطنية والسياسية توجب علينا أن نحذر مبكرا من أن عدم تنفيذ المستلزمات أعلاه وبما يؤمن اجراء انتخابات تمثل حقا إرادة الناخبين واحداث تغيير جدي في قوام مجلس النواب، من شأنه أن يقود الى تفاقم السخط والتذمر الشعبي وتزايد اعداد المواطنين العازفين عن المشاركة في الانتخابات وعدم ثقتهم بها، ما ينزع الشرعية السياسية والتمثيلية والأخلاقية عن المؤسسات الناتجة عنها. ومن شأنه أيضا أن يعرض البلاد الى مخاطر جسيمة، وهو ما تتحمل مسؤوليته القوى المتنفذة إن أصرت على عدم تلبية مطالب المنتفضين وغالبية أبناء الشعب وتطلعهم الى اجراء انتخابات حرة نزيهة وعادلة.

إن شعبنا يتطلع لأن تكون الانتخابات القادمة محطة تاريخية لتغيير في موازين القوى لصالح عملية التغيير الشاملة  للخلاص من أس الأزمة العامة والمسؤولين عنها، وعن تحطيم أحلام شبابنا في وطن يحتضنهم ويؤمن لهم العيش الكريم، وأن تؤمن تلك الانتخابات السير على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ومن جديد نؤكد على أنه دون السعي الجاد والحازم لتأمين جميع أركان عملية انتخابية حرة ونزيهة، سيظل العراق أسير منظومة المحاصصة والفساد والأزمات المستفحلة.

 

بغداد

٣-٨-٢٠٢٠

************

راصد الطريق

 متى  تُعتبر التموينية  أولوية؟

 بات الحصول على مواد التموينية هماً يؤرق فقراء شعبنا وكادحيه، رغم انها تدهور  تجهيزها كماً ونوعاً ، فيما لم  تعلن نتائج التحقيقات العديدة  بخصوص التلاعب بآليات تجهيزها والفساد الذي طالها.

فالمواطنون يؤكدون  انهم لم يستلموا الحصة منذ ما يتجاوز اربعة اشهر ،  ويشكون من عدم انتظام توزيع مفرداتها ، ما  يعكس عدم اهتمام الحكومة ووزارة التجارة بمتابعة هذا الملف الحيوي للمواطنين .  

ويحدث هذا رغم  ان البطاقة التموينية تغدو”مادة سياسية انتخابية” لكل من يريد الصعود على اكتاف الفقراء، واكتاف العوائل المحتاجة الى مفرداتها كي تبقى على قيد الحياة .

ومع اضافة الصعوبات المعيشية الناجمة عن انتشار كورونا، وعن غياب فرص ، اصبح من الضروري بل ومن  أولويات الحكومة ان تبادر فورا الى توفير المبالغ المطلوبة لتامينها وضمان توزيعها في وقتها المحدد، ودعم مفرداتها بعناصر جديدة وتسليمها الى المحتاجين  لقاء مبالغ رمزية .  ولتحقيق ذلك يتوجب تفعيل أجهزة الرقابة، وان تتوفر إرادة قوية لتحسينها.

البطاقة التموينية هي قوت فقراء الشعب وكادحيه،  وليس مسموحا التلاعب  بها باية صورة.

**************

كل التضامن

مع الشعب اللبناني الشقيق

الانفجار الهائل المدمر الذي روع بيروت ولبنان، روعنا أيضا وصدمنا بشدة، وإذ نعرب عن عميق تضامننا مع الشعب اللبناني الشقيق، فإننا ندعو الحكومة العراقية والمجتمع الدولي كافة، الى تقديم المساعدات اللازمة للبنان، بما يخفف من هول الكارثة.

نحن، العراقيين، قد خبرنا، لمرات عدة، مرارة تخزين الأسلحة على اختلاف أنواعها في اماكن مأهولة بالسكان. وأدى سوء تخزينها الى تفجرها، ووقوع الكثير من الضحايا المدنيين.

 نقف بقوة مع الشعب   اللبناني، وكلنا ثقة بأنه قادر على تجاوز الكارثة واعادة اعمار ما خربه الحادث الأليم.

للشهداء الخلود ولعوائلهم الصبر الجميل وللجرحى والمصابين الشفاء العاجل.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

٥ آب ٢٠٢٠

***************

ص2

كل خميس

إنتخابات مبكرة .. إنتخابات أبكر

جاسم الحلفي

 بدأت مزايدات طغمة الحكم على موعد إجراء الانتخابات، باصطناع خلافات شكلية بخبث ودهاء، لحرف انتباه الرأي العام عن المستحقات الأساسية للإنتخابات، واولها تهيئة أجواء طبيعة وبيئة صالحة لإجرائها.

 ويتضح جليا ان المتنفذين ما زالوا بعيدين عن الفهم الصحيح لجوهر مطلب الانتفاضة باجراء الانتخابات المبكرة، رغم إنه مطلب واضح لا لبس فيه تغذيه الحاجة الى تغيير موازين القوى لصالح البلد وأهله، على حساب طغمة الحكم المتنفذة التي إستأثرت بالسلطة، وعبثت بكل المقدرات. ولهذا لم يكن في بال المنتفضين تمييز هذا المتنفذ عن ذاك، وتفضيل هذه الكتلة على تلك، بل حمّلوا جميع القوى التي تبنت الطائفية منهجا في الحكم، مسؤولية الفساد والخراب والتخلف  الذي عم وطغى.

ومن هنا جاء أصرار المنتفضين على ربط إسقاط حكومة عبد المهدي بتشكيل حكومة مؤقتة تنفذ مهمات استثنائية، بينها مهمة إجراء الإنتخابات المبكرة لتأمين تمثيل حقيقي للشعب وتجسيد حر ونزيه لإرادته. ولم تكن هذه الرؤية إرتجالية ناتجة عن إنفعال شعبي، بل جاءت تعبيرا عن وعي بضرورة إزاحة طغمة الفساد عن المشهد السياسي، عبر تغيير ميزان القوى لصالح حاضرٍ غير هذا المليء بالبوس والحرمان والفقر وهدر الكرامة. 

وقد تبنى ملايين المواطنين مطلب التغيير في لحظة ثورية عظيمة، ونتيجة إدراك مذهل لأهميته ومتطلباته والصعوبات التي تكتنف طريقه. لذا لم يكن إصرارهم عليه عبثا، وقد قدموا من اجله وما زالوا يقدمون التضحيات الجسام، وهم يتحملون عبء المعاناة وحملات التشويه والضغط وشراء الذمم.

وجاء مطلب الانتخابات المبكرة، بعد كفاح شعبي طويل، إستعملت فيه كل وسائل الضغط والمدافعة والتواصل، واشتدت على صفحاته معارك فكرية وسياسية كانت عناوينها المواطنة بدلا عن الطائفية، والنزاهة مقابل الفساد، وتنويع الاقتصاد بدلا عن إعتماد الريع، والعدالة الاجتماعية سبيلا لردم الفجوة الطبقية الواسعة، الى جانب الحق بالعيش الآمن في وطن يوفر الخدمات.

هذه المطالب التي تضمنتها أوراق المنتفضين وبياناتهم جاءت ضمن سياقات متصلة، تأتي في مقدمتها محاكمة رؤوس الفساد الكبيرة سارقة المال العام والمتلاعبة بالميزانيات والمخفية حساباتها الختامية والمدبرة للعقود الوهمية، كذلك تقديم أصحاب القرار السياسي القاضي بقتل المنتفضين الى القضاء، وعدم قصر المحاكمات على المنتسبين المنفذين، اضافة الى استبعاد المسؤولين عن ذلك من الترشيح وتولي المناصب التشريعية والتنفيذية.

ان اجراء المحاكمات المشار اليها وحصر السلاح بيد الدولة، هما من أسس التهيئة السليمة للانتخابات الحرة والنزيهة، الى جانب إستكمال قانون الإنتخابات وإتمام عضوية المحكمة الاتحادية، وكل ما يتعلق  بتطبيق قانون الأحزاب، مع ضمان رقابة أممية فعالة، فضلا عن أمور أخرى تقع في اطار منظومة المطالب التي لا تقبل التجزئة والعشوائية ولا المساومة والتسويف.

 فاذا لم تقم الحكومة بذلك فلا جدوى من الانتخابات أصلا، ما دام هدف الانتفاضة هو إزاحة طغمة الفساد وطغمة الحكم الفاشلة، وليس إعادة إنتاجهم على رأس السلطة، وتدويرهم  فيها.

************

تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:

خطوة في الاتجاه الصحيح

يتوجب استكمالها

شهد يوم امس الخميس الثلاثين من تموز حدثين لافتين لهما صلة بالمنتفضين والشهداء، الذين سفكت دماؤهم منذ اندلاع انتفاضة الشعب في أول تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩، حتى آخر شهيد سقط مضرجا بدمائه  مساء الاحد ٢٦ هذا الشهر. ففي مؤتمر صحفي كُشف فيه عدد الشهداء الابرار، قال مستشار رئيس الوزراء هشام داود أن الحكومة «وجهت مؤسسة الشهداء بسريان قانونها على شهداء التظاهرات». واضاف ان الحكومة ستعلن عن الجهات المتورطة بالعنف ضد المتظاهرين، بعد معرفة نتائج تحقيق لجنة تقصي الحقائق. ومن جانبه اعلن وزير الداخلية نتائج التحقيق في استشهاد اثنين من المتظاهرين في ساحة التحرير ليلة الاحد الماضي، كاشفا  عن تورط  ثلاثة منتسبين في عمليات القتل باستخدام بنادق صيد، ومؤكدا استمرار التحقيق. وتأتي هذه الإجراءات كخطوات أولية على طريق الاستجابة لمطالب المنتفضين والمحتجين، وتنفيذا للوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها. بيد انها أغفلت  تناول تحديد المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية للحكومات المتعاقبة. 

يضاف الى هذا ان العديد من القضايا ما زالت غامضة، منها تلك التي اعلن عنها وزير الدفاع السابق مؤخرا، ومنها الكشف عن المتورطين الفعليين بعمليات القتل، ومن الذي اعطى الأوامر بهذا الخصوص، ومن هي الجهات التي تقف وراءه. وبالمثل طرحت تساؤلات بشأن استخدام بنادق الصيد في قتل المتظاهرين.

وفِي هذا السياق أيضا لا يبدو كافيا ما اعلنه وزير الداخلية، خصوصا ما يتعلق بكشف دوافع المنتسبين لارتكاب مثل هذه الجرائم، وكيف سُمح لهم بحمل السلاح غير المرخص في وقت تقول الوزارة فيه ان المكلفين بحماية ساحة التحرير مجردون من السلاح ! 

كذلك يبقى التساؤل مشروعا في شأن لجان التحقيق السابقة ومصيرها، وهل لا بد من المباشرة من جديد في تقصي  الحقائق؟ وماذا عن مصير التحقيق الذي جرى في زمن الحكومة المستقيلة، والذي قيل وقتها انه اداري وسيحال الى القضاء لاستكماله؟ فهل حقا احيل الى القضاء؟ واذا كان الامر كذلك، فماذا فعل القضاء بعد مرور  ما يقرب من عشرة أشهر؟

ثم أن نتائج التحقيق في اغتيال الباحث هشام الهاشمي لم تعلن رغم الوعود المعلنة، ورغم مرور عدة أسابيع على الجريمة! 

ان المنتفضين والمحتجين وغالبية أبناء الشعب لا يريدون ان تضيع الحقائق ومعها المسؤوليات، عبر عملية خلط متعمد  للأوراق  وتشكيل للجان واحدة تلو الأخرى، والمزيد من التسويف والمماطلة. بل يلحون على اتخاذ المواقف الواضحة والجريئة وتقديم الجناة الى القضاء لينالوا عقابهم العادل ،ومن دون استثناء لأي سبب كان. ان الحكومة المؤقتة ورئيسها  مطالبان  بالتحلي بالإرادة والجرأة، والمضي قدما نحو الانتهاء العاجل من هذا الملف، والتنفيذ الجدي للالتزامات التي تضمنها المنهاج الحكومي، وهذا  إن تم  يوفر إمكانية إعادة بناء جسور الثقة، والتعويل على دعم واسناد الجماهير للإقدام على خطوات أخرى مطلوبة.  ومن المؤكد ان نجاح الحكومة يرتبط على نحو وثيق بمدى جديتها في الاصطفاف مع المواطنين، وتلبية حاجاتهم وتطلعاتهم عبر مواقف واجراءت ملموسة، في سياق ترتيب الأولويات وتعظيم إمكانية الخروج من منظومة المحاصصة والفساد  التي سادت وهيمنت، وصولا الى ولوج طريق التغيير والإصلاح الشاملين. فهذا الطريق هو المعول عليه في إنقاذ البلد مما هو فيه من سوء وتردٍّ وازمات.

بغداد

٣١-٧-٢٠٢٠  

***********

في اتصال هاتفي مع حنا غريب الأمين العام للشيوعي اللبناني

رائد فهمي يعبرّ عن تضامن الشيوعيين العراقيين

مع الشعب اللبناني بعد انفجار بيروت الكارثي

أجرى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، اليوم الأربعاء 5 اب 2020، اتصالاً هاتفياً مع الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، وعبّر خلاله عن مشاعر التضامن العميق مع الشعب اللبناني في محنته بعد الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت الذي نجم عنه استشهاد عشرات المواطنين واصابة الآلاف بجروح. وقدّم أحر التعازي الى عائلات الضحايا، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل. وأكد الرفيق رائد وقوف الشيوعيين العراقيين مع الاشقاء اللبنانيين وبيروت الجريحة في مواجهة هذه الكارثة الانسانية، والاستعداد لتقديم كل المساعدات الممكنة في هذه الظروف العصيبة. وعبّر في الوقت نفسه عن الثقة بأن الشعب اللبناني قادر على تجاوز هذه النكبة الوطنية بتلاحمه وتكاتفه ليسترد عافيته وينهض قوياً صامداً كما عهدناه دوماً.  من جانبه شكر الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، على الاتصال، وعلى مشاعر التضامن، والتي اكدت، على عمق العلاقات بين الحزبين.

يذكر ان الحزب الشيوعي العراقي أطلق اليوم الأربعاء 5 اب 2020، حملة واسعة لجمع التبرعات لدعم الاشقاء اللبنانيين، فيما عبر المكتب السياسي للحزب في بيان له، عن عميق تضامنه مع ضحايا الانفجار، داعيا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي الى تقديم كل المساعدة الممكنة للشعب اللبناني.

المركز الإعلامي

للحزب الشيوعي العراقي

5 اب 2020

***********

في الذكرى السادسة لمجزرة داعش الإرهابي في سنجار

لابد من نهاية لمعاناة الأيزيديين

قبل ستة أعوام في مثل هذا اليوم، الثالث من آب ٢٠١٤، استفاق أبناء شعبنا والمنطقة والعالم على صدى صرخات أطلقها بنات وأبناء وأطفال وشيوخ الطائفة الأيزيدية في جبل سنجار، بعد تعرضهم لهجوم وحشي مباغت من قبل تنظيم داعش الارهابي وانسحاب القوات التي تحمي المنطقة. لقد أدت جريمة الإبادة الجماعية  والفظائع التي ارتكبها داعش الإرهابي بحق المواطنين الأيزيديين الى استشهاد آلاف الرجال وسبي آلاف آخرين من الأطفال والنساء والفتيات وإخضاعهن الى الاستعباد والعبودية الجنسية والتعذيب والمعاملة المهينة واللاإنسانية، واحراق بيوتهم وقراهم ومزارعهم، فيما توفي الآلاف في الطرق التي سلكوها للنجاة بأرواحهم، وتمسك الكثير من الشباب بالأرض وصمدوا في جبل سنجار.

مضت ست سنوات وما زالت معاناة الايزيديين قائمة فمنهم من لا زال يعيش في مخيمات النزوح البائسة وعدد كبير من النساء والفتيات في سبيهن الداعشي، والأطفال مشردون بلا بيوت ولا تعليم ويعانون الأمرين من شظف العيش. وإذ نعبر في هذه الذكرى المؤلمة عن عميق تضامننا، نطالب الحكومة العراقية وحكومة الإقليم والمجتمع الدولي بالتحرك العاجل والسريع لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية المتواصلة، وتوفير الرعاية النفسية والاجتماعية والمادية للضحايا وتعويضهم وعوائل الشهداء، وكشف مصير المغيبين وتحرير المحتجزين والمختطفين عند الدواعش الإرهابيين، وتفعيل القرارات الدولية ذات العلاقة بتجريم أفعالهم الشنيعة بحق الأيزيديين باعتبارها جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الانسانية وتقديمهم الى العدالة. وندعو الى اعتبار يوم الثالث من آب من كل عام يوماً  لاستذكار جريمة الابادة الجماعية وادانتها والتضامن مع المواطنين الأيزيديين. كما يتوجب الإسراع في تطبيع الأوضاع في المنطقة وإعادة الامن والاستقرار اليها والاسهام الجدي في اعمار القرى والقصبات وتيسير عودة النازحين الى بلداتهم وقراهم وتقديم المساعدات لهم ليبدأوا حياتهم الاعتيادية من جديد. وقبل هذا وذاك يتوجب وقف القصف التركي المتواصل للمنطقة الذي يعرض سكانها الى مخاطر يومية جدية ويحول دون أن يمارسوا حياتهم الطبيعية اليومية.   

ان أبناء شعبنا من الأيزيديين يستحقون حياة أفضل ينعمون فيها بالأمان والاستقرار وكل مقومات العيش الكريم، ويتوجب تقديم كل الدعم لهم  لتمكينهم من ذلك.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

بغداد ٣-٨-٢٠٢٠

***********

ص3

مطالبات بإقالة المسؤولين المقصرين ومحاسبتهم

تظاهرات العيد: غضب واسع في ٤ محافظات

جراء سوء الخدمات وغياب الكهرباء

بغداد - علي شغاتي

شهد عدد من المحافظات خلال الاسبوع الماضي، تظاهرات احتجاجية غاضبة مطالبة بإقالة المسؤولين الفاسدين في المحافظات وتوفير الخدمات والكهرباء. كما لم تمنع عطلة عيد الاضحى، المواطنين من التظاهر والتعبير عن استيائهم من تردي الواقع الخدمي.

تظاهرات الزبير

وفي محافظة البصرة، تظاهر مواطنون غاضبون في قضاء الزبير، احتجاجا على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

وقال المتظاهر علي سعد لـ”طريق الشعب”، إن “أهالي منطقة الرميلة الشمالية التابعة لقضاء الزبير نظموا تظاهرة احتجاجية ضد الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والاعطال المستمرة في المحولة المغذية للمنطقة”.

وطالب سعد  بـ”صيانة الشبكة الداخلية والمحولات الكهربائية من قبل دائرة الكهرباء في المحافظة، والاهتمام بمنطقتهم أسوة بالمجمعات السكنية لموظفي النفط العاملين في الحقول النفطية”.

وخلال ذلك، قامت مجموعة من المتظاهرين بقطع طريق القضاء عند منطقة “عويسيان” من خلال اشعال الإطارات، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء.

غضب واسع في ذي قار

في غضون ذلك، شهدت محافظة ذي قار احتجاجات واسعة شملت أغلب اقضيتها ومركز المحافظة احتجاجا على الفساد وسوء الخدمات، وللمطالبة مجددا بإقالة المسؤولين المحليين.

وذكر الناشط المدني، حسين علي لـ”طريق الشعب”، إن “محتجين وسط مدينة الناصرية قطعوا أحد الطرق الرئيسية من خلال حرق الإطارات احتجاجا على تردي واقع التيار الكهربائي، وعدم التزام دائرة الكهرباء في المحافظة بجدول معين لساعات القطع والتشغيل”.

وفي ذي قار ايضا، جدد محتجون في قضاء سيد دخيل تظاهراتهم المطالبة بإقالة المسؤولين ومدراء الدوائر بسبب تردي الخدمات. وأشار الناشط المدني حيدر حسبان خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى إن “أهالي القضاء صعّدوا من احتجاجهم خلال قطعهم عدد من الشوارع الرئيسية في القضاء للمطالبة بإقالة جميع المسؤولين في ذي قار، والذي لم تلبيه إدارة المحافظة رغم تكرار التظاهرات بهذا الشأن”. وفي الأثناء،  قطع عدد من المحتجين في قضاء الرفاعي الطريق العام باتجاه محافظة واسط، احتجاجا على تردي واقع الكهرباء، وعدم إيفاء الحكومة المحلية بوعودها بتحسين ساعات التجهيز.

ونوه المتظاهر فلاح علي، خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى إن “الاحتجاجات في القضاء مستمرة منذ عدة أيام، بسبب تنصل الحكومة المحلية عن وعودها بزيادة معدلات تجهيز الكهرباء بواقع ٤ ساعات تشغيل، مقابل ساعتين للانقطاع”.

وفي غضون ذلك، تظاهر المئات من المحتجين في ناحية العكيكة التابعة إلى محافظة ذي قار، للمطالبة بإقالة جميع المسؤولين ومدراء الدوائر على خلفية تردي واقع الخدمات بالناحية.

وقال أحد المواطنين لوكالات الأنباء، إن “المتظاهرين قطعوا مدخل الناحية من خلال حرق الإطارات في تصعيد احتجاجي لتنفيذ مطالبهم”، مشيرا إلى “استمرار التظاهرات الاحتجاجية لحين استجابة إدارة المحافظة لمطلب إقالة جميع المسؤولين في الناحية”.

وفي قضاء الفهود، جدد المتظاهرون مطالبتهم بإقالة جميع المسؤولين في القضاء على خلفية تردي واقع الخدمات ايضا.

وبيّن المتظاهر مرتضى جمعة لـ”طريق الشعب”، إن “المحتجين في القضاء جددوا احتجاجهم للأسبوع الثاني على التوالي للمطالبة بتحسين الخدمات، لاسيما المياه والكهرباء”، منوها إلى أن “تهميش وإهمال القضاء من قبل المسؤولين، دفع بالمتظاهرين للمطالبة بإقالتهم ومحاسبتهم”.

زخم احتجاجي واسطي

من جانب آخر، ارتفع الزخم الاحتجاجي في محافظة واسط للمطالبة بإقالة الحكومة المحلية، وتوفير الخدمات الاساسية. ووفقاً للناشط المدني، عزيز نصار، فأن “تظاهرة احتجاجية انطلقت من ساحة الاعتصام الرئيسية، وتوجهت إلى منازل عدد من أعضاء مجلس النواب عن المحافظة، للمطالبة بإقالة المحافظ ونائبيه”، مشيراً إلى إن “المتظاهرون رفعوا لافتات تنتقد اداء اعضاء المجلس عن المحافظة”. أما في قضاء الصويرة التابع لمحافظة واسط، فقد أغلق عدد من المتظاهرين، مبنى القائمّقامية احتجاجاً على تراجع الخدمات في القضاء.

وأوضح المتظاهر عماد قاسم لـ”طريق الشعب”، إن “المحتجين نظموا وقفة أمام مبنى القائمقامية للمطالبة بتوفير الخدمات واستئناف العمل في مشاريع التبليط والمجاري المتوقفة منذ فترة طويلة”، مبيناً إن “القضاء تحول إلى مدينة يعتليها التراب في فصل الصيف ومستنقع للمياه والطين في الشتاء”.

المثنى والخدمات

وفي سياق الاحتجاجات الشعبية، تظاهر المئات من أهالي مناطق “آل عبس” في محافظة المثنى، للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية.

وبحسب الأنباء الواردة، فأن “المتظاهرون طالبوا بزيادة حصة المنطقة من الكهرباء وتعبيد الطرق وتوفير الماء وتحسين واقع الخدمات بشكل كامل”.

*************

وزارة الصحة: مقبلون على أيام وبائية كارثية

بسبب التجمعات البشرية وغياب الرقابة

بغداد - طريق الشعب

حذرت وزارة الصحة العراقية، مؤخرا، من كارثة تلوح في الأفق بسبب استمرار التجمعات دون رادع وما تسببه من انتقال سريع لعدوى فيروس كورونا، مشيرة الى ان الضعف في تطبيق الاجراءات القانونية بحق المخالفين يعني انتشار الموت في المجتمع. وفي الشأن ذاته، أكدت أطراف نيابية وحكومية وجهات مختصة، إن البلد مقبل على أزمة صحية حقيقية جرّاء ضعف الواقع الصحي وعدم التزام الكثير من المواطنين بالتعليمات فضلا عن الإصابات الكثيرة التي تعرضت لها الكوادر الطبية والتمريضية.

أرقام غير متوقعة

قال وكيل وزارة الصحة، حازم الجميلي، في مقابلة متلفزة تابعتها “طريق الشعب”، إن “أرقام الإصابات والوفيات الحالية غير متوقعة، وكان يفترض أن يتم الالتزام من قبل المواطنين لعبور الأزمة بأربع نقاط، هي ارتداء الكمامة، والوقاية الشخصية، والتباعد الاجتماعي، ومنع التجمعات أو المشاركة فيها”.

وتابع الجميلي “ما حدث من تجمعات في شهر رمضان ومن بعده عيد الفطر هو من ضاعف عدد الإصابات وجعلها تتجاوز الألف والألفين. وسنذهب نحو المجهول ونحو كارثة إذا لم تمنع التجمعات بصورة جدية، فيوميا تحدث الكثير من التجمعات ويجب أن يكون هناك ردع. الاصابات كلما زادت، زادت شدتها، وعدد الوفيات والأيام المقبلة صعبة”.

ونوه الوكيل إلى إن “من يقبض عليهم بسبب تنظيمهم لتجمعات يتم إطلاق سراحهم فيما بعد نتيجة الوساطات وغيرها وهذا ما أدى إلى التمادي في الخروق”، لافتا إلى إن “هناك ضعفاً في تطبيق القرارات الصادرة من لجنة الصحة والسلامة الوطنية”، مبينا “كنا نتمنى إصدار أو تطبيق قرارات ملزمة بحجز او سجن من يدعو لتجمعات ولو لشهر، وللأسف هناك كثيرون غير ملتزمين وتتسبب تصرفاتهم نشر الموت في المجتمع وهذا خطر لا يقل عن الإرهاب”.

وشدد على ان “اصدار قرار بالعودة إلى الحياة الطبيعية غير مطروح بالفترة الراهنة، فالحكومة لم تقل انها سترفع الحظر بعد العيد بل ستدرس الأمر وقرارات اللجنة العليا للصحة والسلامة ملزمة وغير قابلة للنقاش”.

توقعات متشائمة

في الأثناء، رأى عضو لجنة الصحة النيابية، عبد عون العبادي، بأن تسجيل العراق 5 الاف اصابة يوميا بفايروس كورونا امر وارد جدا.

وقال العبادي في تصريح لوكالة “بغداد اليوم”، إن “العراق سجل اول ٤٠ يوما من انتشار فايروس كورونا ألف اصابة فقط، واليوم نسجل ارقاما تزيد عن 2000 اصابة يوميا ما يعطي فكرة واضحة على حجم انتشار الفيروس خاصة مع وجود شرائح واسعة وكبيرة لا تصدق بوجود الوباء رغم التهامه ارواح الالاف خلال الاشهر الخمس الماضية”.

واضاف العبادي، ان “ ظروف العراق في ظل الجائحة صعبة، والفترة القادمة تتطلب فرض حظر جزئي مع تكثيف أكبر واوسع لحملات التوعية والتثقيف ودفع المواطنين للالتزام بالإجراءات الوقائية والابتعاد عن التجمعات بكل عناوينها وبقوة القانون”، لافتا الى ان “الرادع القانوني ما يزال ضعيفا وهذه مشكلة يجب الاعتراف بها”.

واشار العبادي الى انه “على سبيل المثال تايوان والتي تعدادها أكثر من 100 مليون نسمة سجلت 6 حالات وفاة فقط في حين دول أكبر منها سيطرت على الوباء من خلال ثقافة التوعية وهذا ما يجب الانتباه له”، معتبرا “وصول العراق الى مرحلة يسجل فيها ٥ آلاف اصابة يومية، امر وارد، وربما يسجل أكثر من ذلك إذا لم يدرك المواطن خطورة الوباء وسبل الوقاية منه”.

“الحظر لا يحقق أهدافا الصحة”

من جانبه، أكد عضو خلية أزمة الرصافة، عباس الحسيني، أن هدف وزارة الصحة لا يحققه حظر التجوال.

وقال الحسيني لوكالات الأنباء، أن “معطيات الاصابات بفيروس كورونا وارتفاعها وانخفاضها والتزام الناس بالتعليمات، هي من تحدد تمديد الحظر من عدمه”.

واشار إلى أن “الهدف المرجو لوزارة الصحة لا يحققه الحظر الجزئي أو الكلي وانما الحظر الصحي هو المرجو من ذلك وهو ارتداء الكمامات والتباعد المكاني والتزام الناس بالقوانين والضوابط وعدم التجمع”، مبينا أن “غلق المدن والشوارع بالكتل الكونكريتية لا يحقق هدف الوقاية”، فيما لفت إلى إن “اجتماع لجنة الصحة والسلامة العليا، سيكون قبل نهاية الحظر المفروض، اما يوم السبت او الجمعة، لتعلن عن مقرراتها بخصوص استمرار فرض حظر التجوال او الغائه”.

**********

ص4

في الذكرى السنوية السادسة للنكبة

واقع مرير يعيشه الإيزيديون وصراعات سياسية أبقتهم بين النزوح والاختطاف وضياع الحقوق

بغداد -  عبد الله لطيف

مرّت خلال الأيام الماضية، الذكرى السنوية السادسة، لنكبة الإبادة الجماعية التي تعرض لها أبناء المكون الإيزيدي على يد تنظيمات داعش الاجرامية، والتي خلفت اعدادا كبيرة من الشهداء والمختطفين التي كانت حصة النساء الأكبر منها.

وخلال هذه المناسبة المؤلمة، أوضح أبناء هذا المكون في مناسبات مختلفة، أنه رغم مرور ست سنوات على الجريمة الشنيعة، إلا أن الحكومة لم تقدم تعويضاً يوازي حجم النكبة التي تعرض لها المواطنون الإيزيديون، كما أنها لم تشرع بخطوات جادة لانتشال المختطفات ومعالجة الكثير من المشاكل في هذا الملف.

ستة أعوام والمأساة مستمرة

أكد الكثير من المنظمات المعنية بحقوق الإيزديين، أن الإبادة الجماعية التي حصلت، كأنها حصلت يوم أمس، فضررها ما زال رهيبا على الضحايا، بينما لم تقدم الحكومة والمؤسسات المعنية أي تعويض لأبناء هذا المكون المنكوبين، وما تزال الامراض النفسية تسيطر على نفوس ضحايا التنظيم الإرهابي. وبعد مرور ست سنوات، لم تتم محاكمة أي شخص كان سببا فيما حصل، ولم يتم تشريع قانون ينصف الضحايا.

وقال المواطن الإيزيدي، برزان شقو، لـ”طريق الشعب”، أنه “بعد مرور ست سنوات على إبادة الايزديين، لم تفكر الحكومات بتقديم التعويضات لنا، كما لم يتجرأ أي أحد على فتح ملف الايزديين، حيث اهمل هذا الملف من قبل الحكومات والمسؤولين”.

وأضاف شقو: “نحن الإيزيديين ما نزال منذ ست سنوات نسكن خارج ديارنا، وجزء كبير منّا يسكن في مخيمات النزوح ويعانون من ويلاتها والخدمات السيئة التي تقدم هناك”، مبينا أن “كل أبناء هذا المكون يتفقون الآن على مطلب واحد، وهو تحرير ما تبقى من النساء الإيزيديات المختطفات عند الإرهابيين”، فيما دعا الاطراف المعنية إلى أن “تنسق جهودها في سبيل ذلك، علما إن أهالي سنجار ما زالوا يطلقون مناشداتهم من أجل إعادة إعمار المدينة، وتأمين عودة المواطنين اليها للخلاص من قسوة مخيمات النزوح”.

 إهمال حكومي

من جانبه، أكد نائب رئيس مفوضية حقوق الانسان، علي ميزر، لـ”طريق الشعب”، تقصير الحكومة في ملف تعويض الإيزديين، وعدم إعدادها برامج لتأهيل للمتضررين منهم.

وقال ميزر، إن “الحكومة قصّرت تجاه المكون الإيزيدي، ولم تقدم تعويضات مادية ونفسية للمتضررين من هذه النكبة، كما أنها لم تعد برامج تأهيل نفسي للايزيديات المحررات من قبضة تنظيم داعش الارهابي، وكلهن يعيشن في مخيمات بإقليم كردستان”، لافتاً إلى إن “من المشكلات الضخمة نتيجة إبادة الإيزديين هم الاطفال الذين فقدوا ذويهم، حيث يعيشون في ظروف بالغة التعقيد وهم الان يتخذون من منازل اقاربهم مسكناً لهم بعد أن رفضت دور الايتام استقبالهم”.

وأوضح نائب رئيس المفوضية، أثناء حديثه لـ”طريق الشعب”، إن “الحكومة العراقية، وإلى هذه اللحظة، لم تقدم حلولا سياسية لحل أزمة قضاء سنجار الذي تسيطر عليه جهات سياسية عدة، كما أن الصراع السياسي المستمر جعل القضاء غير مؤهل لعودة المواطنين اليه”. 

وبخصوص التعويضات، ذكر ميزر، إن “مفوضية حقوق الإنسان تريد تعويضات منصفة للإيزيديين تتناسب وحجم النكبة التي تعرضوا لها، حيث إن أموالهم نُهبت، ومنازلهم وأراضيهم الزراعية دُمرت بالكامل وكذلك تطالب المفوضية بتعويضات معنوية تخفف من آلام المصيبة”، مضيفاً بالقول إن “الإيزيديون لم يشعروا باهتمام الحكومة بشأنهم، كما وأن الأخيرة لم تقم بالدور المطلوب منها. وبالتالي فأن استمرار الصراعات السياسية في قضاء سنجار، وعدم أتاحة الفرصة لأبنائه للعودة إلى منازلهم، هو استمرار للسياسة الداعشية التي تهدف إلى إبعاد الإيزديين عن مناطقهم، وإبقائهم في مخيمات النزوح، وأن عدم الجدية الحكومية في تقديم الدعم والتعويضات لهم، قد يدفع المزيد من الإيزديين للهجرة إلى خارج البلد، وهذا ما يبتغيه تنظيم داعش الارهابي”. 

أرقام كارثية

وخلّفت الإبادة التي نظمها الإرهابيون بحق المكون الإيزيدي اضراراً كبيرة، حيث اعتبرت منظمات معنية بحقوق الإيزديين، ونشطاء في ميدان حقوق الانسان، إن الابادة هي استهداف مباشر لأبناء هذا المكون.

وفي السياق، ذكر طلال مراد، وهو مدير المكتب الإعلامي لمؤسسة “ايزدي 24”، المعنية بحقوق الإيزيديين، إن “عدد النازحين في مخيمات اقليم كردستان من الإيزديين بلغ 250 ألف نازح، وإن المخطوفين في بداية الإبادة كان عددهم 6700 شخصا، وأما الاشخاص الذين تحرروا من قبضة الإرهاب فبلغ عددهم 3530 شخص، والمتبقون هم قرابة الـ 2800 شخص”.

وبيّن مراد، خلال حديثه مع “طريق الشعب” إن “عدد المقابر الجماعية التي تم اكتشافها، بلغت حوالي 81 مقبرة، وفتحت 17 مقبرة منها وجرى التحقق منها، كما إن المراقد الدينية والثقافية الإيزيدية التي دُمّرت من قبل داعش الإرهابي، فقد بلغت 68 مرقداً، فيما بلغ عدد الاشخاص الذين هاجروا خارج العراق بعد الإبادة 100 ألف شخص. وفي الأيام الاولى من غزو داعش استشهد 1293، بينما وصل عدد الأيتام إلى 2745 يتيما”.

وأشار مراد، إلى إن “المعنيين في مجال الدفاع عن حقوق الإيزديين، ونشطاء هذا المكون، أطلقوا جملة من المطالب، أهمها حث المجتمع الدولي والمنظمات المحلية والدولية على العمل بشكل أكبر، في سبيل إطلاق سراح الإيزديات المتبقيات عند تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى الكشف عن مصير الاشخاص المفقودين”، مطالبا القضاء بـ”التحقيق مع كل من تسبب في إبادة الإيزديين، بما فيهم القادة الأمنيون الذين توجد أدلة بتواطئهم مع الإرهابيين بعد أن قرروا الانسحاب من القضاء دون إنذار مسبق”.  ولفت مراد، إلى أن “أهم المطالب الحالية هي الاعتراف بأن الإبادة على الإيزديين هو استهداف ديني مباشر”، فيما طالب ايضا بـ”عودة آمنة للنازحين وضمان حياة العائدين لمنازلهم، وأن تكون المناطق التي يسكنها الإيزديين تحت إدارة قوات خاصة أيزيدية”.

*********

رغم الأزمة.. اعتداءات على الكوادر الطبية والتمريضية في البصرة وبابل

بغداد - طريق الشعب

اصدرت دائرة صحة البصرة، أمس الأول، بيانا بشأن تحطيم أجهزة طبية في مستشفى الفيحاء بالمحافظة، فيما أكد نائب عن محافظة بابل، تعرض مسؤولون واطباء لاعتداءات متكررة أثناء عملهم لمكافحة وباء كورونا.

ذكرت صحة البصرة، في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، إنه “نستنكر بشدة حوادث الاعتداء على مؤسساتنا الصحية وكوادرها الطبية والصحية والادارية والخدمية من قبل الخارجين عن القانون، حيث شهدت طوارئ مستشفى الفيحاء التعليمي، تعديا جديدا واضحا أسفر عنه تعرض الكوادر الطبية والصحية الى الاعتداء وتحطيم عدد من الاجهزة الطبية والاسرّة من قبل ذوي أحد المرضى المتوفين”.

واضاف البيان، أن “الدائرة تؤكد مرة اخرى رفض هذه التصرفات غير القانونية التي بدورها باتت تشكل عبئا اضافيا على الكوادر العاملة في المؤسسات الصحية في وقت تواجه فيه خطر فايروس كورونا”، مطالبة الحكومة المحلية بـ”ضرورة التدخل العاجل لتوفير الحمايات الفاعلة للمؤسسات الصحية بهدف حماية الكوادر الطبية والصحية والادارية والخدمية من الاعتداءات المستمرة التي يتعرضون لها بين فترة واخرى”.

وفي الأثناء، توقع النائب عن محافظة بابل، حسن فدعم، أن تصل عدد الاصابات بفيروس كورونا أعدادا هائلة، مشيرا إلى إن ما يحدث في محافظته أمر خطير للغاية.

وقال فدعم في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، أنه “قبل عطلة العيد وخلال ايام عيد الاضحى، لم يكن هناك اي التزام في موضوع حظر التجوال في محافظة بابل”، مبينا ان “السبب الرئيس لهذا التراخي هو الحكومة والتي تتحمل المسؤولية الكاملة في ادارة الحظر وعمل المؤسسات الصحية “.

وتابع النائب، ان “مدير صحة المحافظة لا يمتلك اي قدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بملف كورونا، وقد تعرض إلى اعتداء من مجموعة اشخاص، حيث قاموا بإخراجه من دائرته بطريقة مهينة، في ظل صمت الدولة”.

وأردف “ايضا حصل اعتداء في احدى المؤسسات الصحية بالمحافظة، وقام عدد من الاشخاص بالتعدي على كادر طبي كان يشرف على الردهة الوبائية، وهو ما يؤكد وجود فوضى أمنية وادارية، وانفلات ينذر بخطر كبير”، متوقعا ان “يرتفع عدد الاصابات بفيروس كورونا خلال الايام المقبلة لوجود كثير من المرضى ممن يحجمون مراجعة المستشفيات ويختلطون”.

وحذر من ان “غياب الجهود الحكومية المبكرة، سيضع العراق بوضع صعب جدا خلال الموجة الثانية من الوباء”.

************

ص5

معاناة وإصابات ووفيات بين صفوفهم خلال العمل

ذوو الأجور والعقود في المستشفيات يطالبون بتطبيق قرار ٣١٥ الحكومي لضمان حقوقهم المهدورة

بغداد - سيف زهير

جدد العاملون بصفة أجر يومي، في المستشفيات والمؤسسات الصحية، مؤخرا، مطالباتهم بتفعيل قرار مجلس الوزراء رقم ٣١٥ لسنة ٢٠١٩، وتحويلهم إلى عقود وزارية، فيما دعوا وزارة الصحة للالتفات إلى معاناتهم والمخاطر الكبيرة التي يتعرضون لها.

تظاهرة جديدة في البصرة

وتظاهر عدد من العاملين بنظام الاجور اليومية والعقود في مستشفى الموانئ التعليمي في البصرة، أمام بوابة المستشفى للمطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بمعالجة أوضاعهم وصرف مستحقاتهم المالية بأثر رجعي من تاريخ صدور الأمر الإداري القاضي بتحويل الأجراء إلى عقود وزارية وإرجاع المجازين إجباريا إلى الوظيفة.

وقال الموظف في المستشفى حسين فالح لـ”طريق الشعب”، إن “مطالبنا قانونية، وتنص على تطبيق قرار حكومي يضمن حقوقنا في ظل المعاناة والمخاطر التي نتعرض لها نتيجة إصابة اعداد كبيرة من العاملين في المستشفيات بفايروس كورونا”.

وطالب فالح بـ”توفير الضمان الاجتماعي للعاملين، وضمان حقوق العقود المتوفين أثناء الخدمة، والالتفات للخطورة التي يتعرض لها العاملون بصفة الاجور والعقود أثناء قيامهم بواجباتهم، خصوصا وأن الكثير منهم أصيبوا بالوباء، ما تسبب في وفاة عدد منهم”، فيما دعا إلى “حصر درجات الحذف والاستحداث للعقود وتعيينهم حسب الاقدمية، كون اصحاب الاجور والعقود عملوا سنوات طويلة باجور زهيدة تتراوح ما بين ٩٠ ألف دينار إلى ١٨٠ ألف دينار، وبدون حق الإجازات أو العطل. كما إن وعود المسؤولين بصرف مكافئات تشجيعية او مبالغ خطورة ما هي إلا أحاديث استهلاكية”.

مناشدات في واسط

من جانبهم، ناشد العاملون في المؤسسات الصحية في محافظة واسط، وزارة الصحة بتفعيل القرار.

وأوضح الأجير اليومي، في مستشفى الزهراء التعليمي، مرتضى المياحي، لـ”طريق الشعب”، إن “عدد كبير من العاملين في المستشفى بصفة أجر يومي قرروا ترك العمل بسبب ضعف رواتبهم مقابل الخطورة التي يتعرضون لها، كون المستشفى مخصص لحجز ومعالجة المصابين بوباء كورونا”.

واضاف المياحي، إن “عدد العاملين بصفة أجير يومي في المحافظة يبلغ حوالي ألف عامل، ويتعرضون للخطر المباشر نتيجة تماسهم مع المصابين، ما تسبب في إصابة اعداد كبيرة منهم”، معتبراً إن “أكبر مكافأة من الممكن للحكومة تقديمها لهم هي بتطبيق قرارها رقم ٣١٥ لسنة ٢٠١٩، والقاضي بتحويل العقود والاجراء إلى عقود وزارية، وحصر درجات الحذف والاستحداث لهم”.

أجور زهيدة

من جهته، أكد عامل الاستعلامات في مستشفى الصدر التعليمي في النجف، جاسم الشبلي لـ”طريق الشعب”، “إن الاجراء اليوميين العاملين في مستشفيات المحافظة يتقاضون أجور زهيدة لا تتناسب مع حجم المهام الملقاة على عاتقهم، فهم يعملون بدوام كامل وبدون اجازات، في المقابل رواتبهم تتراوح ما بين ١١٠ ألف دينار الى ١٤٠ ألف دينار”، منوهاً إلى إن “هذه الاجور لا تسد أبسط متطلبات الحياة في ظل ارتفاع الاسعار، علماً ان أغلب العاملين يعيلون عوائل كبيرة”.

واستغرب الشبلي “المماطلة والتسويف في تطبيق قرار اتخذته الحكومة بنفسها”، متسائلا عن “الهدف من اصدار قرارات لا تطبق، والتلاعب بمشاعر الفقراء الذي يبحثون عن أمل ينقذهم من واقعهم المأساوي”.

خطاب نيابي للحكومة

وفي السياق، وجه نائب رئيس مجلس النواب حسن الكعبي، مؤخراً، خطاباً رسميا إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يتضمن وضع “خارطة طريق” لحل مشكلة العقود والاجور اليومية.

وطالب الكعبي بحسب الوثيقة الصادرة عن مكتبه، الكاظمي بـ” وضع خارطة طريق واضحة وشفافة لإنهاء هذه المشكلة في الوزارات غير المرتبطة بوزارة، وبدون أي استثناءات مخالفة للقوانين النافذة”، مضيفاً أن “مجلس النواب مستعد للتنسيق التام لوضع حل نهائي وجذري لمشكلة العقود والاجور من خلال ٣ ثلاثة اجراءات وهي الحذف والاستحداث أو شمولهم بقانون الضمان الاجتماعي، أو أي اجراء يسهم في معالجة هذا الملف”.

************

رئاسة الجمهورية ترحب بالانتخابات المبكرة

 وتدعو لضمان نزاهتها

بغداد - طريق الشعب

عدّ رئيس الجمهورية، برهم صالح، مؤخرا، الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة، جزءا أساسيا من متطلبات الإصلاح السياسي المنشود، وهو استحقاق وطني أفرزه الحراك الشعبي. فيما أكدت رئاسة الحكومة العمل على ضمانة نزاهة الانتخابات وتوفير المناخ الآمن والسليم لها، فضلا عن ضرورة انجاز التعداد السكاني وتقليص نفقات العملية الانتخابية الى ٦٠ في المائة، وتوفير المتطلبات الضرورية الاخرى.

ترحيب رئاسي

وقال صالح، في بيان رئاسي اطلعت عليه “طريق الشعب”، أنه “تم التداول بموضوع الانتخابات المبكرة في الاجتماع الأخير للرئاسات الثلاث الذي جمعنا مع رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وتم التأكيد على ضرورة الالتزام بإجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة.

وأضاف صالح بحسب البيان، إننا “نرحب بإعلان رئيس مجلس الوزراء في مقترحه لموعد إجراء الانتخابات المبكرة، والذي جاء التزامًا بما تعهد به البرنامج الحكومي”، مشددا على “أهمية العمل الجاد من أجل تحقيق هذا الالتزام الحكومي بأسرع وقت ممكن”.

وبين الرئيس صالح، أن “أزمة العراق السياسية لا تحتمل التسويف، وظروف المعاناة التي يمرّ بها شعبنا تتطلب قرارًا وطنيًا شجاعًا نابعًا من استحقاق الشعب وحقه في اختيار حكومة وطنية مستقلة ومتماسكة عبر انتخابات حرة ونزيهة”، مضيفا أن “الحلول الناجعة تنبع من المواطن وقراره المستقل بعيدًا عن التلاعب والتزوير والتأثير على خياره الانتخابي، كي يمكّن البلد من الانطلاق نحو الإصلاح البنيوي المنشود”، داعيا مجلس النواب إلى “استكمال قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن، وإرساله إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه والشروع بتنفيذه”.

تعهد الكاظمي

قبل ذلك، تعهد رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، بمنح كل القوى المتنافسة، الحماية والرعاية المتساوية لخوض انتخابات لا يؤثر فيها سلاح منفلت، ولا تزوّر فيها إرادة الشعب، ولا تصنع نتائجها إلا خيارات شعبنا العراقي الحرة، داعيا الى أن ينتظم الشباب والأحزاب السياسية والمفكرون والوجهاء، والاستعداد لإحداث نقلة نوعية وانتشال العراق من فوضى الصراعات إلى الأمن والازدهار والتنافس السياسي الشريف.

شرطان أساسيان!

وفي السياق، حدد أحد مستشاري الكاظمي شرطين أساسيين لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها.

وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الانتخابية، حسين الهنداوي، في تصريح صحفي اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “الانتخابات المبكرة في العراق يجب أن يتوفر قبلها شرطان أساسيان، هما إجراء تعداد سكاني، وتقليص النفقات المخصصة للإنتخابات بنسبة ٦٠ في المائة لإجرائها في موعدها المحدد”.

وأوضح، أن “المناقشات حول موعد الانتخابات لم تنتهِ، فهي تعتمد على الكتل السياسية والبرلمانية وخلافاتها وطموحاتها، فهناك من صوت على قانون الانتخابات ويريد الآن تغيير القانون، ورئيس الوزراء التقى بمفوضية الانتخابات، والأخيرة طلبت فترة زمنية أقل من هذه الفترة، لذا لا يوجد أي مبرر للتخلي عن هذا الموعد”، لافتا إلى أن “هناك موازنة خاصة للانتخابات عند موعد أي انتخابات دستورية، وهذه السنة قدرت المفوضية حاجتها إلى نحو 250 - 300 مليون دولار، والحكومة ملزمة بتوفير هذه النفقات، لكنها طلبت تقليص هذه النفقات بنسبة ٦٠ في المائة وهنالك امكانية كبيرة لتقليص النفقات، من خلال تقليص نفقات انتخابات الخارج والاعتماد على المطابع المحلية في قضايا القرطاسية الاعتيادية وليست الحساسة”.

وتابع المستشار،  أن “التعداد السكاني لم يحسم منذ 20 سنة في العراق، وهناك حاجة قصوى لإجرائه، وهذا الامر لم يحصل لغاية الان، لكن هناك بيانات لوزارات التجارة والتخطيط  والداخلية تعوض عن هذه المسألة، فالتعداد مطلوب، لكنه لن يؤجل الانتخابات، وقد حدثت عدة انتخابات ولم يكن هناك تعداد سكاني”، منوها إلى أن “قانون الانتخابات النافذ الآن هو المصوت عليه نهاية عام 2019 وتقريباً 7 أشهر انتهت على صدور هذا القانون، مستدركاً أنه لم يكتمل، فهو يعتمد على الدوائر المتعددة والترشيح الفردي، فكل دائرة تحتاج إلى تحديث عدد الناخبين الموجودين في كل دائرة والمنطقة الجغرافية المحددة لهذه الدائرة أو تلك”.

***********

ص6

وصل الحال إلى استيراد الهواء!

نقص الأوكسجين يهدد مرضى كورونا

بغداد – وكالات

لا تزال معضلة نقص الأوكسجين الطبي في العراق، قائمة تزامنا مع تفشي فيروس كورونا، الأمر الذي يهدد الكثيرين من مرضى “كوفيد 19”.

ويذكر اختصاصي التخدير د. محمد صلاح، أن الأوكسجين الطبي يعطى للمرضى الذين تنخفض لديهم نسبة الأوكسجين الطبيعي في الدم إلى ما دون 95 في المائة، ما يشير إلى أن الرئة لا تستطيع توفير نسبة كافية منه لديمومة عمل أعضاء الجسم، الأمر الذي قد يؤدي إلى الموت في حالات متقدمة.

ومنذ أكثر من شهرين، تفاقمت مشكلة نقص الأوكسجين في العديد من المستشفيات العراقية، التي يرقد فيها مرضى “كوفيد 19”، ما أدى إلى وفاة العديد منهم.

ويوضح د. صلاح، في حديث صحفي، أن “الأمراض التنفسية المتقدمة والمعقدة كفيروس كورونا، تتسبب في تهرئ الرئة وعدم عملها بالصورة المطلوبة لاستخلاص الأوكسجين من الهواء. وهنا تأتي أهمية الأوكسجين الطبي الذي يعطى للمصابين بالفيروس، لغرض تعويض النقص الناجم عن إصابة الرئة”.

معامل الأوكسجين في العراق

يقول مدير الدائرة الفنية في وزارة الصناعة والمعادن، ناصر إدريس، ان جميع المحافظات العراقية تضم معامل حكومية لإنتاج الأوكسجين، لافتا في حديث صحفي، إلى أن بغداد تضم قرابة 7 معامل منها.

ويؤكد أن الوزارة افتتحت الشهر الماضي 4 معامل أوكسجين جديدة كانت متوقفة منذ فترة، مبينا أن العراق استورد شحنات أوكسجين من الكويت، لإغاثة المصابين بفيروس كورونا.

من جهته يلفت عضو اتحاد الصناعات العراقية، عمار الحيالي، إلى أن العراق يضم نحو 12 معملا لإنتاج الأوكسجين، موضحا أن 8 منها متوقفة عن العمل بسبب عدم وجود طلب محلي عليها، وقيام وزارة الصحة باستيراد الأوكسجين من دول الجوار.

ويضيف في حديث صحفي، أن أزمة الأوكسجين التي تواجهها المستشفيات العراقية الآن، مع تفشي فيروس كورونا، تعود إلى سوء إدارة وزارتي الصحة والصناعة للأزمة، وعدم تشجيع الصناعة المحلية.

فيما يعزو الوكيل الفني لوزارة الصحة، حازم الجميلي، أسباب الأزمة إلى زيادة الطلب على الأوكسجين، فضلا عن الإمكانيات المحدودة للمصانع المحلية المتخصصة في إنتاجه، مشيرا في حديث صحفي، إلى أن وزارة الصحة، وبالتعاون مع وزارة الصناعة، استطاعت توفير كميات كبيرة من الأوكسجين للمستشفيات “لكن المشكلة لا تزال قائمة مع تزايد الطلب على الأوكسجين بسبب ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا”.

منظومات أوكسجين قديمة!

من جانبه، يقول المهندس المتخصص في الأجهزة الطبية، حسن علي، ان المستشفيات العراقية برمتها، تعتمد على طريقين في توفير الأوكسجين الطبي، هما القناني والمنظومات.

ويؤكد علي، في حديث صحفي، أن هناك الكثير من المشكلات التي تعتري منظومات الأوكسجين في المستشفيات “فجميعها قديمة، خاصة تلك الموجودة في مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية، ما يؤدي إلى توقفها عن العمل بسبب تهري الصمامات ومقابض التحكم”.

وعن آليات توفير الأوكسجين الطبي في العالم، يوضح علي أن “الدول باتت تعتمد على تقنية حديثة ورخيصة في توفير الأوكسجين، تتمثل في جهاز صغير لا يتجاوز حجمه نصف متر مربع، يعمل على معالجة الهواء وعزل الأوكسجين عن النيتروجين، ومن ثم تزويد المريض بالأوكسجين”.

ويشير إلى أن سعر هذا الجهاز لا يتجاوز 1500 دولار كحد أقصى، لافتا إلى أن “وزارة الصحة، لم تستطع توفير قطعة منه!”.

وفيات بسبب نقص الأوكسجين

سجلت المحافظات والمدن العراقية العديد من الوفيات نتيجة نقص الأوكسجين الطبي، وتأتي مدينة الناصرية في المقدمة.

ويكشف مصدر طبي، في حديث صحفي، أن أزمة نقص الأوكسجين في الناصرية، بدأت منتصف حزيران الماضي، بعد ارتفاع معدلات الاصابة بالفيروس، مضيفا أن ما لا يقل عن 50 مصابا توفيوا في مستشفيات الناصرية خلال شهر واحد نتيجة عدم توفر الأوكسجين.

إلى ذلك، يقول ناشط من مدينة الناصرية، أن أزمة نقص الأوكسجين في مستشفيات العراق ترجع إلى “الفساد وتحكم شخصيات حزبية متنفذة بملف الأوكسجين الطبي في البلاد”، مضيفا أن “العراق كان قد استورد قبل نحو 10 سنوات، العديد من مصانع إنتاج الأوكسجين، إلا أنها ظلت حبيسة المخازن”.

************

قوانين تقاعدية طابعها التمييز

وعدم التنفيذ!

مهدي العيسى

بات من المؤكد في كل دول العالم المتمدنة، أن القوانين التي تشرع، يتم إلزام المؤسسات التنفيذية بتطبيقها دون تأخير، أو تدخل قرار تنفيذي شخصي يهدف الى حذف اوتغيير مضمون مادة قانونية، اجتهادا. إذ يجري العمل بالقاعدة القانونية التي تؤكد أن لا اجتهاد في مورد النص.

 ويلاحظ المتتبع ان معظم القوانين التقاعدية العراقية التي صدرت بعد ٢٠٠٣، تتميز بأمور عدة، أبرزها التمييز بين المتقاعدين انفسهم. وهذا واضح ويعيه الجميع رغم انه يتقاطع مع المادة ١٤ من الدستور التي تنص على: “العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز”.

لكن لو عدنا الى قوانين التقاعد تلك، لوجدنا أن قانون التقاعد رقم ٢٧ لسنة ٢٠٠٦ وتعديله الاول رقم ٦٩ لسنة ٢٠٠٧، قد ميزا المتقاعدين، عندما قسماهم كمسمى وشمول، إلى قسمين، هما “المتقاعدون القدامى”، أي المحالين على التقاعد قبل نفاذ القانون وتعديله. وهؤلاء غير مشمولين بالقانون أعلاه، الذي قال بصريح العبارة: “اما المتقاعدون المحالون الى التقاعد قبل نفاذه فتستمر دائرة التقاعد بصرف مبالغ مقطوعة”.

 قانون التقاعد رقم ٩ لسنة ٢٠١٤، ميز هو الآخر المتقاعدين من حيث الشمول والاستحقاق. اذ نص على شمول بعض فقراته، المتقاعدين المحالين على التقاعد بعد نفاذه، وحرم المحالين قبل نفاذه، من بعض الامتيازات.

وتتميز قوانين التقاعد العراقية أيضا، بكونها تشرع وبعض موادها لا تنفذ. مثال على ذلك، التعديل الاول رقم ٢٦ لسنة ٢٠١٩ من قانون التقاعد الموحد، والذي شرع على عجالة دون دراسة وافية، واعتبره اختصاصيون من أسوأ القوانين. فهو تعامل مع المتقاعدين من مواليد ١٩٥٧ و١٩٥٨ و١٩٥٩ و١٩٦٠ عموما، والكوادر الطبية والهندسية والاكاديمية والفنية خصوصا، على أنهم ارقام فقط، دون معرفة ما سيؤول إليه ذلك على مستوى سير العمل في البلد. واليوم برهنت جائحة كورونا على خطأ هذا الإجراء، نظرا للحاجة الملحة للكوادر الطبية والصحية وغيرها، اضافة إلى ما لحق بهذه الكوادر من حيف وظيفي من حيث المدة القانونية التي تمت مصادرتها عند تخفيض السن القانوني، ماديا ونفسيا.

لكن للامانة نقول، أن هناك مادتين قانونيتين فيهما جانبا إيجابيا يضع حدا للتمييز بين المتقاعدين، هما المادتان 13 و١٤ من قانون التعديل، اللتان تمنحان تاركي العمل راتبا تقاعديا يساوي 75 في المائة من الحد الأدنى للراتب التقاعدي، والبالغ 400 ألف دينار.

إلا أن المادة 14 لم تنفذ رغم مضي سبعة اشهر على تشريع القانون، فيما صرفت على ضوء المادة 13، هويات تقاعدية للكثيرين من المشمولين بها، وقسم منهم تسلموا راتبا لثلاثة أو أربعة شهور، غير انه تقرر إيقاف صرف الرواتب بدون سابق إشعار، وبعد الاستفسار تبين ان ايقاف الصرف جاء بقرار محكمة التمييز. وإن صح ذلك، من حقنا التساؤل: إلى ماذا استندت المحكمة عندما أصدرت هذا القرار، وأين كانت طيلة الفترة التي صرفت فيها هويات التقاعد، والرواتب أيضا؟

إذا كان هناك مانع قانوني لنفاذ المادتين المشار إليهما، أليس من الاصوب مفاتحة البرلمان من قبل المحكمة، والاعتراض حول النقطة التي استوقفتها لغرض التصحيح، وانقاذ العائلات التي بقيت دون مورد مالي في هذا الظرف الاستثنائي الصعب!؟

اتساءل ويتساءل معي الملايين: هل يوجد مبرر قانوني يوقف تنفيذ هاتين المادتين، إذا ما علمنا ان المشمولين بهما، هم من اصحاب الدخول المحدودة، بل المحدودة جدا.. فهل يعقل هذا في زمن الديمقراطية!؟

*********

مواساة

بمزيد من الحزن والالم ينعى الاستاذ معاذ عبد الرحيم اخاه الراحل الأستاذ نوري عبد الرحيم المدرس المتقاعد والأديب والشاعر والناشط السياسي اليساري، فقد توفي مساء الثلاثاء بسبب مرض عضال . رحمه الله برحمته الواسعة وأنا لله وانا اليه راجعون.

• تعزي محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي الشاعر الكبير موفق محمد بوفاة شقيقته التي خرجت من هذه الاسرة ذات التاريخ الوطني الزاهر المعمد بالتضحيات الجمة والمواقف الكريمة، للفقيدة الذكر الطيب دوما ولشاعرنا الكبير واسرته خالص العزاء وجميل الصبر والسلوان.

• بألم وحزن عميقين تنعى منظمة سوق الشيوخ للحزب الشيوعي العراقي الرفيق عدنان شريف كاظم الذي وافاه الأجل اثر نوبة قلبية، والفقيد عم الرفيق جواد كاظم، الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان للرفيق جواد والعائلة الكريمة.

• تنعى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء الرفيق سعدون مهدي ( ابو مجد) احد رواد حزبنا المناضل الذي وافاه الاجل بعد اصابته بفايروس كورونا، بفقده خسرنا رفيقا رائعا ظل ملتصقا بحزبه، له الذكر الطيب دوما ولعائلته ورفاقه الصبر والسلوان.

وتنعى أحد محاربيها القدماء الرفيق سعيد وهيب زيارة العضو في منظمة الحزب في الهندية بعد مكابدة طويلة مع المرض، لفقيدنا الذكر الطيب دوما والصبر والسلوان لعائلته ورفاقه٠

• تتقدم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بلغاريا بأحر التعازي والمواساة لرفيقنا الفنان الكبير اديب القليجي ورفيقتنا الفنانة الكبيرة وداد سالم بوفاة ابنهما (ياسر) نتيجة مرض مفاجئ،

نتمنى للعائلة الصبر والسلوان وللفقيد الذكر الطيب والسكينة الابدية.

• تعزي هيئة المقرات للحزب الشيوعي العراقي الرفيق جراح صكر (أبو ثائر) بوفاة شقيقته الرفيقة أم أحمد، اثر اصابتها بفايروس كورونا، والفقيدة كانت من شيوعيات السبعينات في منظمة الشعلة، وبعد سقوط النظام واصلت نشاطها في منظمة العزيزية، للفقيدة الذكر الطيب، ولرفيقنا أبو ثائر والعائلة الكريمة جميل الصبر والسلوان.

• يعزي الانصار الشيوعيين في بغداد رفيقهم جراح صكر (ابو ثائر) عضو رابطة الانصار الشيوعيين في بغداد بوفاة   شقيقته الرفيقة ام احمد، للفقيدة الذكر الطيب وللعزيز أبو ثائر والعائلة الصبر والسلوان.

• تعزي محلية الرصافة الثالثة للحزب الشيوعي العراقي الرفيق العزيز سلمان حميد كاظم (ابو احمد الرياضي) بوفاة والده أثر مرض عضال، للفقيد الذكر العاطر دوما ولرفيقنا وعائلته الكريمة الصبر والسلوان.

• تنعى لجنة قضاء قلعة سكر للحزب الشيوعي العراقي الرفيق كاظم كزار الذي رحل عنا بشكل مفاجئ،  دوام الذكر الطيب للرفيق الراحل وجميل الصبر والسلوان لأهله ورفاقه.

***********

ص7

300 ألف لبناني في عداد المشردين

بعد الانفجار الهائل.. العالم يتحرك لنجدة لبنان

متابعة “طريق الشعب”

لم يتمكن اللبنانيون بعد من استجماع قواهم من هول الفاجعة التي حلت بهم. ففي غمرة الأزمة الاقتصادية الخانقة وتفشي فيروس كورونا والمشاكل السياسية المعقدة، يأتي انفجار بيروت وكأنه ضربة قاضية لهذا البلد الصغير. لكن رغم حجم الكارثة، فإن التآزر الدولي والمساعدات التي بدأت تصل وفرق الإطفاء والإغاثة القادمة من عدة دول ومبادرات التضامن الإنسانية لا تزال توحي، ولو بأمل ضئيل، بأن الشعب اللبناني لم يترك وحيدا لمصيره.

بدأت المساعدات وفرق الإغاثة القادمة من دول عدة في الوصول إلى لبنان في مسعى لإنقاذه بعد الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ عاصمته بيروت وقضى على ملامح واسعة من المدينة. بعدما هرعت دول العالم إلى عرض مساعداتها وتقديم تعازيها إثر الانفجار.

الدول سارعت للمساعدة

من جهة أخرى، أرسل كل من العراق والجزائر والكويت طائرات محملة بالمساعدات الطبية. وأعلنت مصر وقطر عن إرسال مستشفيات ميدانية إضافة لمساعدات أخرى.

وأمر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأربعاء بتجهيز مستشفى عسكري ميداني لإرساله إلى لبنان.

علاوة على ذلك، تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان “تقديم مساعدات إنسانية في جميع المجالات، ولا سيما في المجال الصحي”.

وأشارت السلطات الهولنديّة إلى أنّها أرسلت 67 عامل إغاثة إلى بيروت بينهم أطباء ورجال شرطة وإطفائيون. وأرسلت إيطاليا الأربعاء أربعة عشر إطفائيا متخصصا في تقييم الأخطار الكيميائية والبنى المتضررة.

ما الذي نعرفه عن الانفجار؟

وقال علماء الزلازل أن ضغط الانفجار الذي حدث بمرفأ بيروت مساء الثلاثاء يعادل زلزالا بقوة 3,3 درجات على مقياس ريختر. وأدى الانفجار لاقتلاع النوافذ في مطار بيروت الدولي على بعد تسعة كيلومترات من الموقع. وقالت السلطات اللبنانية إن هذا الانفجار الهائل ناجم عن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ ست سنوات في مستودع “خطير” بالميناء.

وأظهرت لقطات الفيديو، كرة نارية كبيرة جدا، تصاعدت بشدة فوق صوامع تخزين حبوب كبيرة، ثم سحابة صعدت للسماء تلتها موجة أكبر عبرت المدينة بأكملها.

وبات 300 ألف شخص في عداد المشردين ببيروت حسبما أعلن محافظ العاصمة مروان عبود. وبحسب الحصيلة الأخيرة فإن الانفجار قد أودى بحياة أكثر من مئة شخص وأسفر عن إصابة نحو 5000 شخص.

وأعلن وزير الصحة اللبناني الأربعاء إن عدد قتلى الانفجار الكبير الذي وقع الثلاثاء في بيروت ارتفع إلى 135 وإن عدد المصابين بلغ نحو 5000 فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.

فيما أشار الصليب الأحمر اللبناني إلى أن فرقه لا تزال تقوم بعمليات البحث والإنقاذ في المناطق المحيطة بموقع الانفجار. وتم تسجيل الإصابات في جميع أنحاء ومناطق المدينة، إذ تطاير زجاج المباني في مناطق عديدة، وسقط على السكان.

وقال محافظ بيروت مروان عبود الأربعاء “أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن”، مشيراً إلى أنه يقدر كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، بانتظار أن يصدر عن المهندسين والخبراء التقارير النهائية. وقال “نحو نصف بيروت تضرر أو تدمر. إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها”.

وكان هذا أقوى انفجار تشهده بيروت، وهي مدينة لا تزال تحمل ندوب الحرب الأهلية التي دارت رحاها قبل ثلاثة عقود وتعاني أزمة مالية شديدة تمتد جذورها إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية. وقال المدير العام للجمارك اللبنانية بدري ضاهر لتلفزيون (إل.بي.سي.آي) الأربعاء إن الجمارك أرسلت ست وثائق إلى السلطة القضائية للتحذير من أن المادة تشكل خطرا. وأضاف “طلبنا إعادة تصديرها لكن هذا لم يحدث. نترك للخبراء والمعنيين بالأمر تحديد السبب”. وقال مصدر آخر قريب من موظف بالميناء إن فريقا عاين نترات الأمونيوم قبل ستة أشهر حذر من أنه إذا لم تُنقل فإنها “حتفجر بيروت كلها”.

***********

بعد رفع حصانته البرلمانية

في إيطاليا .. زعيم الفاشيين الجدد في قفص الاتهام

رشيد غويلب

رفع مجلس الشيوخ الإيطالي في 30 تموز الفائت، الحصانة البرلمانية عن وزير الداخلية الإيطالي السابق، وعضو مجلس الشيوخ   ماتيو سالفيني للمرة الثانية، خلال هذا العام بسبب ملف انقاذ اللاجئين. وهذا يمهد الطريق لمحاكمة أخرى ضد زعيم حزب “ ليغا” (الرابطة) الفاشي الجديد. ويواجه الزعيم الفاشي تهما بمصادرة الحريات عمدا، وإساءة استخدام السلطة.  كان سلفيني، بصفنه وزيرا للداخلية، قد قام قبل عام، بحجز سفينة الإنقاذ الاسبانية “اوبن آرم” (الذراع المفتوح)، وعلى متنها عشرات اللاجئين، لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا في عرض البحر.

وفي وقت مبكر من شباط الفائت، كان مجلس الشيوخ قد رفع حصانة سالفيني في قضية مماثلة، متعلقة باحتجاز سفينة خفر السواحل “جريجوريتي” وعلى متنها 131 لاجئًا.  وستبدأ محاكمته في هذه القضية في 3 تشرين الأول المقبل، وفي حالة ادانته في التهم الموجه اليه، فسيواجه عقوبة بالسجن لمدة 15 عاما، مع منعه من ممارسة النشاط السياسي لفترة تحددها المحكمة.

وبينما يستخدم سالفيني القضايا المثارة ضده، باعتبارها استهداف سياسي، لزيادة رصيده الانتخابي، تشير تقارير وسائل الإعلام الأخيرة الى الظروف السيئة في مراكز تجمع اللاجئين، وحالات الهروب الجماعي للاجئين من مواقع الحجر الصحي، التي لا ترتقي حتى الى مستوى السجون في بلدان وسط أوربا، وخصوصا في صقلية ومبيدوسا.

وأعربت عمدة مدينة صقلية، إيدا كارمينا، عن تفهمها لحالات هرب اللاجئين بسبب “الاختناق الذي يهددهم بالموت في ظل الحرارة والقيود التي لا تطاق”، ودعت السياسية التي تنتمي لـ «حركة الخمس نجوم» الحكومة والمفوضية الأوروبية إلى التحرك، في حين تريد وزيرة الداخلية الإيطالية المستقلة، لوسيانا لامورغيز، التعامل مع الوضع بواسطة “سيطرة أقوى” على مراكز اللاجئين وإرسال الجيش إلى صقلية. وترتبط الظروف البائسة في جنوب إيطاليا، إلى نقص الدعم من روما والاتحاد الأوروبي، وكذلك بسبب سياسات الحكومة المحلية في صقلية، التي يقودها، منذ عام 2017، تحالف يميني متطرف فاشي يتكون من „فورزا إيطاليا” بزعامة رئيس الوزراء الإيطالي السابق، والشخصية الأكثر فسادا، سيلفيو برلسكوني وحزب “فراتيلي دي إيطاليا” بزعامة جورجيا ميلونيس، وحزب الرابطة بزعامة سالفيني، والتحالف يدعم سياسة الأخير العنصرية المكشوفة ضد اللاجئين والأجانب عموما، وذلك سارع هذا التحالف لإعلان التضامن مع سالفيني.

ولذلك، دعا المدعي العام السابق، غيراردو كولومبو، في جريدة “لريببوبلكا” (الجمهورية) اليومية، إلى سياسة مختلفة للاجئين تتبناها أوروبا بدلاً من تركها لليمين المتطرف: “سيأتي ملايين اللاجئين إلى أوروبا من إفريقيا. ولا يمكن لإيطاليا واليونان معالجة المشكلة وحدهم”، وأشار إلى ليبيا، حيث يعيش اللاجئون “في معسكرات على غرار معسكرات الاعتقال النازية” التي يجري فيها اغتصاب النساء الوافدات الى هناك. وسيؤدي تغير المناخ والنمو السكاني والحروب الى قدوم ملايين اللاجئين، الذين يتعين استيعابهم في المستقبل “لأنه لا يمكن لأحد إيقافهم”. وفي النهاية طالب المدعي العام السابق: “ الاتحاد الأوروبي بتقديم برنامج عالمي”.ويدعي سالفيني أنه قام بواجبه لمصلحة مواطنية، وكتب على تويتر: “ كوزير عملت مع الحكومة بأكملها للدفاع عن بلدي”.  وكان سالفيني وزيرا للداخلية ونائب لرئيس الوزراء في فترة حزيران 2018 – أيلول 2019، في حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي من حركة 5 نجوم، بعدها غادر الفاشيون الجدد التحالف الحكومي، ليقود الحكومة تحالف جديد بين رئيس الوزراء والحزب الديمقراطي الإيطالي. وتعمل الحكومة الحالية على الغاء القوانين ذات الطابع العنصري والمعادية للأجانب التي كان لسالفيني دورا رئيسيا في تمريرها، وياتي ذلك تجاوبا مع رفض منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والكنائس لهذه القوانين. ومنذ سنوات وملف سياسة الهجرة موضوع نقاش ساخن في إيطاليا، بسبب تدفق اللاجئين اليومي بواسطة قوارب صغيرة الى السواحل الإيطالية قادمين من ليبيا وتونس عبر البحر الأبيض المتوسط.

************

ص8

هيلا .. هيلا يابو جريدة !

عبد الرضا المادح

كان الجو جميلاً، فالشمس ساطعة والحرارة تجاوزت العشرين قليلاً، فخرجت امارس رياضة المشي، الذكريات لم تتركني اتمتع بالطبيعة لوحدي، فنبشت بصور وافلام قديمة محببة لنفسي من فترة بداية السبعينات من القرن الماضي، ووجدت نفسي ادندن بكلمات من اغنية “ هيلا يابو جريدة “ فقررت أن اكتب بعضا من ذكرياتي مع جريدة طريق الشعب، وبسبب الفاصل الزمني الكبير الذي أنهك الذاكرة ونسيان كلمات الاغنية، فتحت المرجع الاكبر حجي كَوكَل وكتبت “ هيلا يابو جريدة “ فظهرت امامي بلاوي، وقلت ملعون الوالدين كَوكَل ابد ما ينسى!

مما ظهر فلم يوتيوب لفرقة الطريق تؤدي الاغنية بلحن الفنان طالب غالي وكلمات الشاعر كاظم السعدي، استمعت للأغنية مستمتعاً وسارحاً مع امواج الذكريات الجميلة ورقصة الهيوة التي كنت أتميز بأداها في الحفلات مع فرقة الطريق البصرية، فجأة توقفت ذكرياتي الراقصة وارتبكت حركات قدميّ ، عندما وقعت عيناي على صفحة الكَوكَل وعبارة “ هيلا يابو جريدة “ عنوان لمقال كتبه العزيز (عمار علي ) بتاريخ 30 اذار 2012، فسارعت لقراءته وكان مقالاً جميلا، ثم وقعت في حيرة، فأنا قد قررت كتابة مقال بنفس العنوان عندما كنت اتمشى قبل أن يخبّث علي الكَوكَل، فقد يعتبره ( سرقة ) للعنوان، ثم قلت هذه مبالغة، فالقلوب سواجي تلتقي، واسم الاغنية واحد لا يتغير، فقررت ابقاء نفس العنوان بتغيير بسيط ، فحقوق الخمط مكفولة والخطا مرجوع للطرفين!

عدت لمسلسل ذكرياتي ودندنت “ هيلا يابو جريدة ... هيلا كلنه نريده ...” وكيف كان الرفيقات والرفاق ينتظروني يومياً لأستلام حصتهم منها، فعند اشتداد هجمة نظام البعث الأرهابي على تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في البصرة منتصف عام 1978 اصبح بيع وشراء الجريدة بصورة علنية مخاطرة كبيرة، ولذا لجأت تنظيماتنا الى توزيع الجريدة عبر التنظيم أي بشكل سري، ولكوني عضو اللجنة القيادية الحزبية لمعهد التكنلوجيا والمكلف بأدخال الجريدة بصورة علنية للمعهد قبل الهجمة ، كُلفت ايضاً بعملية استلامها وتوزيعها على الهيئات الحزبية يوميا ً، العملية خطرة ومتعبة وتتطلب تحمل تكاليف التنقل، حيث كان مصروفي اليومي متواضعا جداً وبفضل من شقيقي الأكبر الموظف والمعيل لعائلتين براتبه المتواضع ومساعدة أخوتي الآخرين .

 فكرت بافضل طريقة للتوزيع، حيث طلبت أن تُشخّص رفيقة أو رفيق من كل هيئة، اتصل بهم مباشرة لترتيب المواعيد معهم، عددهم حوالي سبعة ولا يجوز اللقاء بهم يومياً مجتمعين بل على انفراد، بعد تفكير وجدت الحل الأمثل، بأن التقي بهم في مركز المدينة وفي سوق المغايز مساءً تحديداً، حيث يكون الزحام على اشده ويصعب على عناصر الأمن ملاحظة ما يجري، وجعلتهم ينتظرون في مسافات متباعدة وبأوقات مضبوطة، قبل ذلك كان علي وبعد خروجي من الدوام في المعهد، أن اذهب الى البيت بواسطة باص المعهد للعشار ثم استقل سيارة اجرة والعملية تستغرق حوالي الساعة ، في البيت ابدل الزي الطلابي بملابس اخرى ثم استقل دراجتي العتيقة وانطلق بسرعة بأتجاه مقر المحلية للحزب قرب السينالكو، دخول المقر ( ليس زي الخروج منه  !) فسيارة الأمن قد تنتظر للاعتقال، عناصر الأمن كانوا يراقبون ويصورون مقر الحزب من بيت مقابل له، بعد استلامي 65 نسخة انطلق عائداً الى البيت بسرعة وكنت اناور مستغلاً الشوارع الفرعية، العملية تستغرق ذهابا وايابا بالدراجة حوالي ساعة ونصف، في البيت أقوم بتقسيم الجرائد الى مجاميع ولفها بجرائد (الثورة) وغيرها، ثم استقل سيارة أجرة الى العشار، حيث تتم عملية التوزيع بسرعة، بيتنا كان يقع أمام مديرية الأمن القديمة بحوالي تسعين متراً، والحارس يرى باب بيتنا المكشوف لرقابتهم!

في إحدى المرات ركبتُ سيارة الأجرة، وركب بعدي اثنان من عناصر الأمن الخارجين توا من المديرية وجلسىا على المقعد الخلفي بجنبي وبرز مسدساهما تحت قميصيهما! وضعت كيس الجرائد بين قدمي ولكنه كان كبيرا وواضحا للعيان، كان الموقف حرجاً ولكني جلست بهدوء، وهما لم ينتبها لذلك حتى وصولي الى العشار!

هكذا هو اعتزازنا بالجريدة وننتظرها كمن ينتظر حبيبته ونجازف بحياتنا لإيصالها الى الرفاق والناس، واليوم الجريدة الورقية توقفت للأسف، والنسخة الالكترونية يوزعها المسؤول بضغطة زر وهو في بيته! فهل فقدت العملية صفاتها النضالية؟! 

توزيع الجريدة يعني الجهود والمشقة ومشاعر الخوف والفرح، وهنا تكمن حلاوة وقيمة النضال الحقيقي! انها ذكريات جميلة.

**********

على من يطلق الرصاص؟!

حسين علوان

لقد تأخرت كثيرا يا رئيس الوزراء بإطلاق الرصاص نحو قتلة الشعب الحقيقيين أولائك المجرمين المأجورين (المرتزقة) المجندين والمدربين والمتماهين مع اجندات دول للإبقاء على عملائها  متصدرين للمشهد السياسي والقيادي في البلاد.!

نعم تأخرت يارئيس الوزراء على الشعب الذي كان ينتظر منك الضرب بقوة وأن تبادر فورا لجمع السلاح وحصره بيد الدولة!

ولكنك تأخرت فسالت دماء الأبرياء من الشبيبة الثائرة في ساحات الانتفاضة لا لأجل شيء سوى أستعادة وطن مسروق من فئة ضالة ومارقة .!

فعلا تأخرت ولم تُقدم على أية خطوة أو أجراء يحدد حركة العصابات المنفلته المالكة للسلاح الذي يضاهي سلاح اجهزتك الأمنية بدون ترخيص أو واعز قانوني يجيزلها امتلاكه سوى التمرد على الدستور وقوانين الدولة التي تتبوأ هرمها الأول اليوم، وهي مسؤوليتك المهمة في ذلك .!

نعم تأخرت والوقت في علم السياسة مهم في اتخاذ القرارات الملائمة للأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد وهي اوضاع غاية في التعقيد والصعوبة لكنها ليس مستحيلة ان كنت عازما حقا وذاهبا فعلا الى التغيير الحقيقي لمغادرة أدران نظام المحاصصة المقيت، والتوجه بخطوات واثقة نحو بناء بديل يؤمن للناس العيش بدون دماء او قتل او رعب او تهديد اوفقر او مرض او جوع .! كن مع الشعب وتطلعاته والنجاح المؤزر سيكون حليفك  ..!

هل تعلم يا سيادة الرئيس ان للبطولة ميادين عديدة وأنت مؤهل لدخولها جميعا لما تمتلكه من صلاحيات وأوامر وأجهزة امنية فاعلة واسناد شعبي واسع ان أقدمت على البديل الحقيقي. البديل الصحيح وانت أعلنت بانك (الشهيد الحي) فماذا تنتظر كي تبادر بالعزم والشروع بأهدافك وتنفيذ برنامجك الحكومي الذي طرحته وبدون تردد بل وبهمة الشجعان!

وأن لم تستطع فصارح شعبك وأعلن مَن وبالأسماء من هم الذين لا يريدون لك التقدم والنجاح في تنفيذ ما تسعى اليه من أصلاح وتغير فالحياة موقف والوعد موقف .!

كن واثقا من أرادة شعبك واسناده اليك وأقدم بخطى واثقة وبقوة حديدية ( قوة الشعب ) وستجد كل الحلول سهلة التنفيذ وستهزم المجرمين الفاسدين والفاشلين  أن أردت النجاح لك ولشعبك !

***********

ملئت  قلوب الناس قيحا

سامي سلطان

لا شك أن اغلب المراقبين للشأن العراقي وأنا  منهم،  تتراود  إلى اذهاننا العديد من الامثال الشعبية التي نتداولها نحن العراقيين في حياتنا اليومية وهي تعبر وبالصميم عن طبيعة معاناتنا اليومية نتيجة انعدام الأمن والاستقرار  ونتيجة للانفلات الأمني وتفشي الجريمة المنظمة للعصابات المليشياوية  المدججة بالسلاح والمال والمسنودة من الخارج  ، ونتيجة لاستمرار تطوير  وإعادة إنتاج نفس الوجوه الكالحة الماسكة بمقاليد الحكم والتي جاءت في غفلة من الزمن بمباركة المحتل  فأمعنت في اذلال الشعب ونهب ثرواته وعاثت بالأرض فسادا، ولانعدام ابسط شروط الحياة الآدمية حيث انعدام  الخدمات وخصوصا في هذا الوقت بالذات الذي يكتوي ابناء الشعب بنار الحر الجهنمية، في وقت ينعم المسؤولون   وأبناؤهم  بالنعيم وكأن ثروات البلاد اصبحت ملكهم الخاص دون غيرهم .

لقد ملئت  قلوب الناس قيحاً، فثار على الكتل الحاكمة ورفضها من خلال مقاطعته الانتخابات الأخيرة والتي لم  تصل نسبة المشتركين فيها الى العشرين في المائة ،  وتُوج  هذا الرفض والغضب الشعبي في انتفاضة تشرين أكتوبر المجيدة،  التي قدمت اكثر من 750 شهيدا وبحدود خمسة وعشرين الف مصاباً.

من بين الامثال الشعبية التي تحاكي معاناة ابناء شعبنا نورد التالي :

 ( نفس الطاس ونفس الحمام -  تيتي  تيتي مثل ما رحتي اجيتي -  لاحظت برجيلها ولا اخذت  سيد علي - من هل المال حمل اجمال)  وغيرها من الامثال الكثيرة،  للدلالة على  انعدام الثقة بالطبقة السياسية التي التحفت بالدين كغطاء لفسادها وعملت على تطويعه لخدمة اغراضها الدنيئة، كما يدلل على أن ليس هناك من جديد يلوح في الافق القريب ما دام   الماسكون  بالسلطة   اعتمدوا الطائفية البغيضة اسلوبا مفضلا للحكم وهم  يتفننون في اختراع الأساليب الملتوية  للبقاء فيه مدة اطول بالرغم من حجم الخراب والدمار الذي تسببوا به،  والأعداد الهائلة من الشهداء  والمغيبين واستمرار  حالات الخطف والاغتيال وغيرها من الأساليب الدنيئة التي لا تجلب لأصحابها إلا العار والمهانة،  والكل يعرف ومثل ما يگول المثل “ لو دامت لغيرك لما وصلت إليك  “ ،  فأن التاريخ سوف لن ولم يرحمهم وأن طال الزمن،  وسيكون حسابهم عسيرا،  ولهم بما حصل للطواغيت من قبلهم عبرة أن اعتبروا.

**********

ص9

شهادات حية عشية اندلاع ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة

صادق الجواهري

خلال الأشهر الاولى من عام 1955 وصلت الى سجن بعقوبة الانفرادي وكان للتو قد أنهى السجناء هناك اضرابا عن الطعام، مطالبين بتنفيذ مطالبهم المشروعة لتأمين مستلزمات الحياة اليومية والكف عن المعاملة السيئة للسجناء من قبل ادارة السجن، وقد تحققت تلك المطالب بفضل العرائض والمذكرات وتنظيم المظاهرات لعوائل السجناء، التي كان حزبنا الشيوعي العراقي ينظمها ويشرف عليها.

لقد كان السجن عبارة عن غرف صغيرة على جانبين تمتد طولاً على مسافة سبعين مترا وفي وسطها قاعة، ويفصل الجانبين ممر ضيق.

تم استقبالي  من قبل رفاقي السجناء ومن  ثم انفرد بي الرفيقان  المحاميان الشيوعيان،  الشهيد توفيق منير والفقيد عبد الستار ناجي  كي يعرفا  سبب حكمي ومدته،  اخبرتهما أنني  محكوم بستة اشهر،  اثر عثور الشرطة اثناء مداهمة البيت على كتاب تأريخ الحزب الشيوعي البلشفي ورواية الفولاذ سقيناه،  وبينت لهما أنني  أنهيت من مدة محكومتي ثلاثة أشهر في موقف النجف،  فقالوا اذًا ينبغي استئناف الدعوى،  قلت لهم ،  لم يبق وقت طويل لإنهاء محكوميتي،  إلا أنهم  اصروا على الاستئناف، وهكذا  قدموا طلبا بهذا الأمر،  وبعد فترة وجيزة  استدعيت الى محكمة الاستئناف في الحلة إذ تطوع للدفاع عني ضمن لجنة الدفاع عن العدالة،  المحاميان موسى صبار وجواد عبد الحسين  الى جانب الدفاع الذي أعده لي الشهيد توفيق منير، وبهذا قررت محكمة استئناف الحلة الغاء الحكم واطلاق سراحي،  إلا أن شرطة النجف لم  تلتزم بذلك ولم تطلق سراحي بل ارسلتني الى معسكر الإعتقال في الشعيبة كجندي مكلف كوني طالبا مفصولا، وصلت  المعسكر الذي  يضم أكثر من مائتي  طالب مفصولين بسبب نشاطهم السياسي ضمن صفوف اتحاد الطلبة أو أنصار السلام أو ممن انتهت محكومياتهم في مناطق اخرى،  وكان الجميع محسوبين على الحزب الشيوعي العراقي،  عدا طالب واحد كانت  ميوله  قومية وهو معاذ عبد الرحيم من الناصرية،  والذي كان مهذبا ومنسجما معنا.

طلب آمر المعسكر مني الحضور بعد ان أمضيت فترة لم تتجاوز شهرا، وقال لي، أن محكمة التمييز أعادت الحكم عليك، وبالتالي عليك ان تدخل السجن مرة اخرى لإنهاء الحكم، قُلت: انا سياسي وعليكم نقلي الى السجن الذي خرجت منهُ، قال لا يمكن ذلك فأن قوانين الجيش تقضي هكذا، بأن أقل من سنة لابد ان تقضيها بضيافتنا.

كان السجن عبارة عن قبو تحت الأرض فيه فتحات صغيرة للتهوية، وضم السجن حوالي 15 موقوفاً بتهمة الانتساب للحزب الشيوعي العراقي، بقضية كانت معروفة آنذاك باسم قضية عريف رمضان وكانوا ينتظرون محاكمتهم وقد تحدثت مع عريف رمضان من اجل سحب اعترافاته.

بعد انتهاء مدة الحكم تقرر هروبي من المعسكر، وفعلاً هربت أنا والرفيق حسين العامل من معسكر الاعتقال في “ الشعيبة في البصرة “ حيث توجهنا بعد ذلك الى بغداد، وحال وصولي الى هناك ارتبطت بالحزب ضمن خلية مكونة من ثلاثة رفاق، سكنت مع الرفيق عباس الطباطبائي في بيت عائلة مسيحية كادحة، وأوجد لي الرفاق عملا كمحاسب في معمل حدادة في ساحة السباع.

قبل الثورة تكررت المواعيد واللقاءات الخاطفة بالرفيق سكرتير خليتنا، وفي  صباح يوم 14 تموز استيقظت كعادتي لتهيئة الفطور المكون من الخبز والشاي وفتحت الراديو وإذا بي اسمع اناشيد وأغاني ترددها اذاعة القاهرة وصوت العرب ثم  تلاوة  قائمة بإحالة ضباط كبار على التقاعد وبيان الثورة الذي اعلن قيام الجمهورية العراقية ونداء الذهاب الى حيث مقر العائلة الحاكمة  في قصر الرحاب،  ركبت  دراجتي “الماتورسكل” حيث  كنا نستخدمها في تنقلاتنا،  وفي طريقي  الى هناك شاهدت الناس على أسطح المنازل يتبادلون الأحاديث وتجمعات صغيرة هنا وهناك،  عبرت جسر مود “الاحرار حالياً” حيث شاهدت تجمعات قرب تمثال مود، و لم انتبه الى الإذاعة،  وأخيرا  وصلت قصر الرحاب وشاهدت الدخان في الطابق العلوي من القصر،  وهنا  لا يمكن وصف مشاعر الفرح،  الى جانب هذا انتابتني حالة من  الذهول وعدم التركيز،  اقتربت من احد ضابط الصف وكان حاملاً  رشاشته بيده وسألته،  هل أنها ثورة ؟  قال نعم أنها ثورة، قلت له هل جماعتنا هم من فجروها؟ أجاب نعم جماعتنا، تساءلت مع نفسي، في طريق عودتي، من هم جماعتنا؟.

 لم اذهب الى البيت  يومها ، إلا اني  توجهت الى ساحة السباع حيث يتمركز العمال، ولقناعتي بأن  الثورة تريد دعما جماهيريا، وهناك وجدت في الساحة عددا من  الرفاق كان من بينهم الشهيد علي الوتار وكليبان صالح وبطرس ماربين،  وقد تعرفت عليهم في السجون، وهم  يعبؤون ويحرضون العمال على التظاهر، تحركت جماهير ساحة السباع باتجاه شارع الشيخ عمر وكانت الجماهير تنضم اليها  تباعاً،  ثم توجهت الى شارع غازي “ الكفاح حالياً “ لتلتحم بمظاهرة أخرى،  والمدهش ان الشوارع امتلأت بالشعارات  التي تجسد ما تضمنه بيان الحزب قبل الثورة،  حيث التأكيد على الجبهة والاتحاد الفدرالي،  الخروج من ميثاق حلف  بغداد،  وإطلاق الحريات الديمقراطية،  اطلاق سراح السجناء السياسيين،  وهذا ما  تضمنه بيان 12 تموز الذي اطلعني على مضمونه الرفيق علي الوتار،  و لم يتسن لي استلامه، كما أن بيان الحزب الذي صدر  يوم الثورة دعا الى دعم الثورة و الى تأليف لجان الدفاع عن الجمهورية،  وتنظيم فصائل المقاومة،  كما بعث برقيات التأييد،  والى ضرورة تجنب ابراز شعارات متطرفة تمجد هذا الزعيم او ذاك،  ثم  توجهت المظاهرة الى شارع الملك فيصل “ الوثبة “ وشارع الرشيد باتجاه وزارة الدفاع وهناك بدأ الفرز الواضح  للشعارات يظهر ومنذ اليوم الأول، فالجماهير تهتف “ اتحاد فدرالي صداقة سوفيتية”  ومجاميع صغيرة تهتف وحدة وحدة لا شرقية ولا غربية وترفع صور جمال عبد الناصر.

قبل إعلان منع التجول توجهت الى بيت الرفيق سكرتير الخلية لاستلام التوجيهات إلا أنهُ لم يكن موجودا في البيت حينها، فقمت بانتظاره حتى عودته حيث أخبرني بالكثير من التطورات وموقف الحزب، وحدثني عن برقية التهنئة التي وجهها الرفيق سكرتير الحزب الى مجلس السيادة ورئيس الوزراء وبيان الحزب وكذلك بيان الحزب في 12 تموز، ثم طلب مني المبيت عندهم لسريان منع التجول.

لقد توسعت قاعدة الحزب الى حد كبير بدرجة لم يكن كادر الحزب قادرا على استيعاب الرفاق الجدد الذين انتموا اليه، لذلك أصبح المرشحون قبل الثورة أعضاء.  بعد فترة من الزمن تم ترحيلي من تنظيم الأسواق التجارية الى تنظيم الميكانيك،  كعضو لجنة تابعة اصبحت فيما بعد  متفرعة وقد  وصل عدد أعضاء الخلية الواحدة  مثلاً  في ساحة السباع الى خمسين رفيقا، حيث تقوم بعقد اجتماعاتها  على سطح بعض  البنايات،  كما بدأ  تشكيل النقابات والإتحادات والروابط  ولجان الدفاع عن الجمهورية وفصائل المقاومة الشعبية وتبوأ رفاقنا المواقع القيادية فيها،  ونتيجة لزيادة اعداد طالبي الانتماء للحزب  أوقف الحزب الترشيح لعضويته،  لكي لا يغرق الحزب بالفئات والشرائح من غير العمال والفلاحين .

كان حزبنا من أبرز المساهمين الاساسيين في التهيئة لإندلاع ثورة 14 تموز المجيدة وعمل على انجاحها بكل الوسائل، وهيَأ الأجواء المناسبة لها من خلال نشاطه في جبهة الاتحاد الوطني التي كانت عبارة عن تحالف سياسي وطني عراقي تأسس في عام 1956، الى جانب حركة الضباط الاحرار الجريئة.

لقد تحقق في السنوات الاولى للثورة الكثير من الانجازات على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كان من ابرزها صدور قانون العمل وقانون الاحوال المدنية الذي يعد من أكثر القوانين تطورا على صعيد المنطقة،  حيث أنصف المرأة،  الى جانب قانون رقم 80 لعام 1961 والذي استعيدت بموجبه معظم الأراضي العراقية غير المستثمرة التي كانت تحت امتياز الشركات النفطية ،  أضافة للمنجزات الآخرى التي تمس حياة الفقراء والمعدمين حيث تم توزيع الاراضي عليهم مجاناً وفي مدن خططت بشكل عصري بدلاً من الصرائف والأكواخ البائسة التي كانوا  يسكنوها، إلا أن الدوائر الاستعمارية واجهزة مخابراتها وعملاءها من القوى الرجعية التي خانت الوطن،  تمكنوا من اسقاط الثورة في 8 شباط الأسود عام 1963 وتسليمها الى عملائهم الذين اعلنوا بلسان رئيسهم علي صالح السعدي  بانهم جاءوا بقطار امريكي وبدأت حمامات الدم منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا.

المجد والخلود لشهداء ثورة تموز الخالدة والخزي والعار لعملاء الاستعمار والصهيونية.

**********

ص10

المناضل الشيوعي نجيب علوان الأسدي في ذاكرة صديق

نبيل عبد الأمير الربيعي

من أبناء الديوانية الكرام، هو نجيب علوان فرج الأسدي، ولد في مدينة الديوانية عام ١٩٤٧م، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة فيها، تزوج من ابنة الوجيه الحاج عبد الأمير الحاجم، ورزق منها من الاولاد (ظافر وعلوان ونجيب وثلاث بنات). من أسرة وطنية اعتنقت الفكر الشيوعي اربعينات القرن الماضي، كان شقيقه البكر المهندس والمقاول طه علوان أول من اعتنق الفكر الماركسي، ومن المشاركين في انتفاضة عام 1948م و1952م و1956، وهو أحد أعضاء اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في مدينة الديوانية منذ ثورة تموز 1958م ولغاية شباط 1963م.

تعرفت على الراحل نجيب علوان الأسدي من خلال لقائنا قرب محله في سوق الديوانية الكبير ومن ثم عملي كعامل في محله منذ سنة 1975 ولغاية عام 1979م، حتى الالتحاق بالدراسة الجامعية في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد.

أول ما لفت نظري من أدبه وإنسانيته، كونه الداعي للخير والمحب للناس جميعاً، وتفيض المحبة من خلال علاقاته فيضاً، يؤثر صدقه ووفاءه ومروءته في المقربين منه، فهو لطيف في وده ولا يعرف التبجح والاستعلاء شأنه شأن الذين طهرت نفوسهم من الخبائث، فهو من أهل الخير، ومن أجمل ما تحلى به نجيب هو الصدق، والبعد عن الخداع والغش والمجاملة الكاذبة، أو أن يثني على أحد ويؤيد فكرة لا يؤمن بها، أو يجاري عناصر الأمن والبعث بداعي المجاملة، وإنما هو مجامل ضمن الحدود والأخلاق التي توجب أن يكون الانسان بشوشاً لطيفاً متواضعاً.

كان يثق بي ثقة عالية بسبب تقارب الفكر والمبادئ، منها إيداعه أسراره، ورؤيته لمستقبل التحالف بين البعث والحزب الشيوعي، فهو غير مطمئن  لهذا التحالف، فضلاً عن اسرار امكانياته المالية، فكان يكلفني بالذهاب إلى مصرف الرافدين في الديوانية للسحب والايداع في حسابه الجاري، علماً إنني عامل أعمل بأجر شهري لديه.

لذلك خُلق أبو ظافر صريحاً، والخُلق الذي يرفع عنه التحدي والتعالي، أما أن غضب أبو  ظافر فهو لطيف يَنمّ عن نفس وديعةٍ وذات طيبة رائعة. في محلاته لبيع الأحذية في سوق الديوانية الكبير عمل الكثير من العمال، منهم من هاجر ومنهم من اكمل دراسته واصبح استاذاً جامعياً، ومنهم من بقي ولم يطور حالته المادية، اتذكر منهم رعد محمود القولجي ومصدق جلال غريب (مقيم حالياً في روسيا/ الاتحاد السوفيتي سابقاً) وعماد عبد الكريم عبد المهدي (ابن شقيقته) والدكتور مازن مكي (استاذ في المعهد التقني في النجف الأشرف) وحسن حسين الحمداوي  (صاحب محلات للألبسة الجاهزة في سوق الديوانية الكبير) وأنا. .....

عند خروجي من دائرة أمن البلدة التي موقعها في بناية المحافظة القديمة، وعودتي إلى مقاعد الدراسة ومن ثم العمل، كان أبو  ظافر يشجعني على أن لا يؤثر اعتقالي على سلوكي ونفسيتي، واستمر العمل في محله، كان يزودني بجريدة طريق الشعب السرية بعد انفراط عقد التحالف، وكراس (مناضل الحزب) السرية الخاصة بالأعضاء، كانت هناك الثقة العالية المتبادلة بيننا، يعتبرني أخاه الأصغر في تعامله، كان في كل مناسبة عيد هديته لعماله بدلة رجالية نختار قماشها من محلات حاتم الدعمي رحمه الله، وخياطة ولده عبد الأمير الدعمي، فضلاً عن اختيارنا لأفضل وأغلى الأحذية دون أن يطالبنا بثمنها.

بمرور الأيام ازدادت أواصر الأخوة والصداقة بيني وبينه، وعلى مر الأيام كان الاعجاب بخلقه الرفيع الكريم، ولم ينقطع التواصل عندما كنت أدرس في بغداد، فكان مروري لزيارته ايام الجمع من كل اسبوع، وكنت أتتبع اخباره.

كان لعناصر الأمن في المدينة الدور في محاولة جذبه للتعاون معهم إلا أنه يرفض ذلك، فلم يتركوا أبا ظافر لحاله كونه شخصية وطنية يسارية ومن عائلة شيوعية، كان الضغط عليه بين الترهيب والترغيب لغرض اسقاطه سياسياً في التعاون معهم، كان يرفض ويرفض دون خوف من العواقب حتى مطلع التسعينات، استدعي لمديرية أمن البلدة في بناية المحافظة يوم ١/ ١١/ ١٩٩٠م، كان مفوض الأمن سمير ابو ردام هو من استدعاه لأمن البلدة وطلب منه التعاون ورفض ابو ظافر رفضاً قاطعاً التعاون، فقدموا له قهوة فيها سم الثاليوم وهذه طريقتهم في تصفية المعارضين لهم ولفكر البعث، وعند خروجه من الأمن الساعة ١٢ ليلاًبعد انتظار ولده قرب مديرية أمن البلدة (محلات باتا) اخذه الى داره، وعند الساعة الخامسة فجراً سقط مغشياً عليه، استدعى ابنه البكر ظافر على إثر سقوطه صديق العائلة الدكتور كاظم رضا الخالدي، فنقل إلى بغداد لغرض العلاج لخوف أطباء الديوانية معالجته، وبعد احدى عشر يوماً من بعد تاريخ اعتقاله  غيبه الموت عنا  (هذا ما بلغني به ولده البكر ظافر)

رحم الله اخي العزيز أبا  ظافر، كان أخاً وصديقاً وفياً وعزيراً.

************

‏مظهر مصطفى الحلاوية الاقتصادي والمصرفي العراقي في ذمة الخلود

عادل حبه

في صبيحة يوم الأربعاء المصادف الخامس عشر من تموز عام 2020، أفل نجم المصرفي والاقتصادي العراقي البارز مظهر مصطفى الحلاوي في العاصمة الأردنية عمان، بعد معاناة من مرض عضال، عن عمر ناهز السادسة والثمانين. ولد الفقيد في مدينة بغداد يوم الثاني والعشرين من أيلول عام 1936. درس المرحلة الابتدائية في المدرسة الجعفرية الابتدائية في صبابيغ الآل، ثم تدرج في المراحل الدراسية لينتقل إلى الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية. وبعد حصوله على شهادة البكالوريا، تقدم للدراسة في جامعة بغداد، كلية التجارة والاقتصاد، عام 1956، وأكمل الدراسة الجامعية في عام 1959-1960، وحصل على درجة البكالوريوس بدرجة جيد جداً مما أهله للحصول على بعثة دراسية في الاتحاد السوفييتي. وما أن شرع بالدراسة لنيل شهادة الدكتوراه حتى أصيب بمرض عضال في الغدد اللمفاوية مما اضطره إلى مغادرة موسكو والانتقال إلى العاصمة البريطانية لندن للمعالجة، ومن ثم إكمال دراسته العليا لنيل شهادة الماجستير في العلوم المصرفية.

انخرط الفقيد مظهر مصطفى الحلاوي في مطلع شبابه في النشاط الوطني والديمقراطي، وشارك في نشاط المنظمة الطلابية السرية والمحظورة من قبل

الحكم الملكي “اتحاد الطلبة العراقي العام”، ثم شارك في نشاطات الحركة الوطنية والديمقراطية. وعلى غرار طموح الشبيبة العراقية والجيل الصاعد آنذاك لحيازة المعرفة والثقافة والوعي والتنوير لنقل العراق العزيز إلى ركب التقدم والتنوير والاستقرار، شارك الفقيد في عام 1956 في تحرير مجلة “السينما” لصاحبها كامران حسني مخرج الفلم الشهير “سعيد أفندي”، إلى جانب الصحفي والشاعر صادق الصائغ والصحفي محمد كامل عارف وعبد الله حبه وآخرون، حيث ساهم الفقيد في ترجمة المواد التي تحتاجها المجلة إضافة إلى متابعته لآخر الأخبار المتعلقة بالفن السينمائي في العالم.

بعد رجوعه إلى العراق في الستينيات، عمل في عدد من المصارف والبنوك العراقية، ومارس هذه المهنة الحساسة بكفاءة وجدارة وتجرد وبيد بيضاء، وتدرج فيها إلى أن أصبح مدير فرع بنك الرافدين في العاصمة البريطانية لندن. وأسس لاحقاً وأدار مصرف الخليج التجاري، ثم أنتخب رئيساً لرابطة المصارف العراقية الخاصة، وأبدى الكثير من الملاحظات حول علاقة الدولة بالمصارف الخاصة، فقد عارض قرار فرض وصاية البنك المركزي العراقي على البنوك الخاصة باعتبار أنه سيؤثر سلبياً على المصارف الخاصة وتراجع ثقة المواطن بها. وضع الفقيد عصارة جهده وفكره في العمل المصرفي وإغناء المكتبة بمؤلفاته ومنها كتاب “التفاوض المصرفي “الذي يطرح قضية التفاوض في المصارف من وجهة نظر علمية وعملية وعلاقة العمل والشراكات بين المصارف وبين الزبائن وإنشاء شركات ومشاريع والتطوير الداخلي للمصارف والتوسع الخارجي ونمط إدارة المصارف. كما ألف كتاب “العلاقات العامة والمزايا التنافسية في المصارف، وترجم كتاب فن وعلم التفاوض” لمؤلفه هاوارد رايفا، وترجم كتاب “ مقدمة في الصيرفة لمؤلفه فيليب مولينو. ولم تقتصر اهتماماته على الجانب المهني بل خاض ميدان العلوم الاجتماعية وألف كتاب “خواطر في الغربة” وترجم كتاب “التاريخ والسياسة من الحرب الباردة إلى الوفاق الدولي لمؤلفيه كولن باون وبيتر موني، إضافة للمساهمات والمقالات والكتب الأخرى التي ألفها.

لقد خسر العراق بفقدانه شخصية مهنية رفيعة ونزيهة، شخصية ذو خلق رفيع وشخصية وطنية حملت هم العراق وتطوره واستقراره وحفظ كرامة مواطنيه. نم قرير العين إيها العزيز بسلام في مثواك الأخير في الغربة، ولعائلة الفقيد وآل حلاوي ولبنات الفقيد وزوجته آيات من الصبر والسلوان.

**********

الشهيد شدهان خلف السرياوي .. لن ننساك

احمد عبد علي القصير

تعرفت على الشهيد شدهان خلف واستمرت العلاقة معه  لفترة عام واحد ليس الا .  التقيته في مساء بارد جدا أواخر كانون الثاني عام ١٩٧٩ برفقة الفلاح الشيوعي النادر ، الشهيد طالب باقر “ ابو رياض “ ، أحد القادة المتواجدين ميدانيا و “ الفعليين “  لمنظمة الفرات الأوسط للحزب الشيوعي العراقي بعد  أنفراط عقد الجبهة  الوطنية . التقيته في بيت طيني في احدى مناطق “ المچرية “ . كان في عقده الأربعيني .

قدم الشهيد طالب باقر أحدنا للاخر  :

أبو علي “ وتلك كنيتي التي حملتها سنين طويلة “ ، وأبو غنية ، وتلك كنية الشهيد شدهان خلف السرياوي .كان فلاحا فارعا وبمعيته بندقية “ برنو “ لا تفارقه، ولا يفارقها أبدا .

كان قليل الكلام ويفضل الصمت في أغلب الاحيان ، مع أستعداد دائم لتقديم أي خدمة ممكنة لرفاقه وبنكران ذات نادر .

أفترقنا بعد ثلاثة أيام ، مع ملاحظة كانت تلح علي تمثلت في تلك العلاقة الغريبة التي تربط “ ابو غنية “ بجهاز الراديو الذي لا يفارقه! …

ابديت ملاحظتي تلك الى الشهيد “ ابو رياض “ ، لأعرف السبب :

أبو غنية لا يجيد القراءة والكتابة، هو فلاح مثلي ، وكلانا لم تتسن لنا الفرصة للذهاب الى المدرسة . وكما كان والدك الشهيد عبد علي هو الذي فك لي الحروف ، فسيكون “ أبو غنية “ هذه المرة في عهدتك كمعلم له لتساعده بتعلم فك اسرار اللغة  ! ...

وعقدت مع نفسي اتفاقا :

وافقت حتما لانه من الصعب أن اجد  “ معلم ريف عراقي “ بمواصفات هذا الفلاح الفراتي الذي يعرف سر الارض ومكنونات البشر من الفلاحين .

كنت أستلم منه نشرة لما يدور في عالمنا على مدار الساعة بعد ان توطدت علاقتي به الى حد كبير .

كان وقادا وحذرا بطبعه وضليعا بطرق الريف وظلمة ليله وكمائن القتلة التي لا تعد .

لكن هناك  حكاية أخرى :

ففي شتاء عام ١٩٨٠ ، داهمت قوة كبيرة من قطعان الأمن والجيش اللاشعبي وكرا للرفيق مع زميله ووالد زوجته مراد الملامه  في مكان غير بعيد عن “ قرية البو سرية “ التابعة لناحية الكفل ، ولتبدأ ملحمة مقاومة مسلحة كانت جديرة بالرفيقين .  فقد قاوما حتى نفدت الطلقة  الأخيرة  وليستشهدا ويسجلا صفحة ناصعة من سفر حياتهما الشجاعة .

ستبقى أيها الفلاح الشيوعي الشهم  “ ابو غنية “ ، في الضمير حيا.

العار للقتلة ومصادري حياتك المفعمة بحب الناس والوطن والمجد لك ولرفاقك الشهداء .

***********

ص11

النظام المأزوم وقاعدة التغيير

ساري زين الدين

سادت مرحلة ما بعد الطائف سمة أساسية للبنية السياسية اللبنانية وآليات عملها وهي اعتماد الطرف المسيطر (البرجوازية اللبنانية) في هذه البنية على الخمول السياسي للطرف النقيض (الفئات المتضررة). إلا أنه رغم ذلك فإن الحالة الثورية في لبنان ليست غائبة في ظلّ تخبّط أطراف السلطة وعدم قدرتها على إعادة إنتاج نظام سيطرتها بأدواته التقليدية وبات طرح القطع التام مع هذا النظام طرحاً واقعياً ومَهمة ملّحة. من هنا ضرورة إعادة النظر نقدياً بطبيعة المرحلة الراهنة وتوصيف الأزمة الحالية.

انسداد الأفق التاريخي أمام النظام

تروّج السلطة اللبنانية في ظلّ التخبّط الذي يصيب مكوّناتها إلى فكرة رجعية تماماً توضح توصيف السلطة للأزمة، وهي أنّ الأزمة الراهنة ليست إلّا محطة عابرة كأزمات النظام الماضية والحل اقتصادي بحت، كـ “حلولها” من باريس ١ إلى سيدر، وهو العودة إلى الجهات الدولية للحصول على دولارات لإعادة تنشيط الاقتصاد اللبناني المدولر. إلّا أن ما تعيه السلطة اللبنانية وتحاول إخفاءَه هو أزمة ركيزة النظام السياسي اللبناني، أي الطائف. ولعلّ الحكومة الجديدة خير دليل على ذلك إذ انهارت أمام عيون أهل السلطة ديمقراطيتهم الخاصة، أو ما يُسمّى بالديمقراطية التوافقية، و بالتالي الشكل الذي من خلاله سيطرت للبرجوازية اللبنانية على الدولة من ٣٠ سنة و تمكّنت من اتّباع سياساتها النيوليبرالية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه. واقع الحال أن هذا النظام أرساه ميزان قوى دولي مضى عليه الزمن وبالتالي فإن المنظومة السياسية مأزومة بحكم موازين القوى الجديدة دولياً و تراجع لنفوذ المركز الغربي في المنطقة والخسائر التي تكبّدها وهو الداعم الأول لنظام السيطرة الطبقية للبرجوازية اللبنانية.من جهة أخرى فإن التناقض الأساسي الذي يحكم موضوعياً كلّ بنية اجتماعية، أي التناقض الاقتصادي، وصل إلى حدّه الأقصى إذ إن البرجوازية اللبنانية فاقمت هجومها الطبقي واستغلالها للمجتمع بفئاته المسحوقة. فبغضّ النظر عن الشكل “الملطف” للعمل المأجور في لبنان باعتبار أن البنية الإقتصادية اللبنانية ريعية الطابع وبالتالي طبيعة الطبقة العاملة المشتّتة في القطاعات الخدماتية، وصلت البرجوازية اللبنانية إلى حدِّ انها تعدّت حتى على المبدأ الأساسي للعمل المأجور الذي أنتجته تاريخياً. فالعامل اللبناني بات غير قادر على إعادة تجديد قوة عمله بعدما باتت السلة الغذائية الأساسية أعلى من الحدّ الأدنى للأجور بأربع أضعاف.

البديل السياسي والمجال العالمي الجديد

بغضّ النظر عن ما حقّقته الانتفاضة الشعبية من ١٧ تشرين إلى اليوم، من إسقاط ورقة الحريري إلى الضغط على المصارف، فإنها ما زالت في حالة الخمول السياسي، أو على الأقل في وضعية دفاعية أمام هجوم طبقي ممنهج على الفئات الشعبية الخاضعة. و بقاؤها على هاتي الحال ليس إلّا دفع نحو المزيد من الفوضى العارمة.

وصحيح أنّ قوى السلطة مأزومة ولكن يجب الاقرار أيضاً أن قوى التغيير ليست في أفضل حالاتها، ذلك أن خطابها السياسي ينحو باتجاه اعتبار التناقضات المحلية وحدها التي تشكّل أساساً لاي تغيير سياسي وهذا ما يخالف برأيي أسس النظرية الماركسية اللينينة. إن الارتباط البنيوي بين منظومة النهب الداخلية (من الطغمة المالية إلى رعاياها في اجهزة الدولة) بمنظومة النهب الإمبريالية يضع خطوة ضرورية أمام أي حركة سياسية ممكن أن تنبثق من الحركة الشعبية : قطع العلاقة مع منظومة النهب الإمبريالية المتمثلة برأس المال المالي العالمي وأدواته و بخاصة الدولار الذي باتت حصته من الاحتياطات النقدية العالمية تسجّل تراجعاُ ملحوظاً بحسب آخر إحصاء للبنك الدولي.

فتغيير نظام سيطرة منظومة النهب الداخلية لا يحصل من دون هذا القطع. ومن هنا فصعود قوى عالمية (كروسيا والصين تحديداً) و تعاظم نفوذها، يدفعان نحو هذا القطع لكسر السيطرة الأميركية الأحادية على العالم، هو في صلب مصالح الحركات الشعبية في لبنان والعالم لتخطو نحو التحرّر من نير النهب والاستغلال. إنّ الدعم الذي تقدّمه هذه الدول، والمتمثّل بدفعها نحو الحلول السياسية (من سوريا الى اليمن و ليبيا.. الخ) ليس إلّا فرصة أمام قوى التغيير الجذري لتقوم بدورها التاريخي بتأمين بديل عام لهذا النظام.

خلاصة

محصّلة كلّ ما ذُكر، هي، أن ما هو ضروري اليوم هو كسر النظرة النمطية للأزمة الراهنة باعتبارها أزمة اقتصادية كالأزمات السابقة والذهاب نحو توصيف أكثر دقّة للأزمة باعتبارها أزمة نظام اقتصادي - سياسي عاجز عن إعادة تجديد نفسه، وأزمة نمط الانتاج الريعي الذي لا يمكن تخطّيه من دون القطع مع نظام النهب العالمي (على رأسه الولايات المتحدة الأميركية).. و بالتالي من الملّح الدفع نحو التغيير الشامل لمجمل العلاقات التي كانت تحكم البنية الاجتماعية اللبنانية. من هنا ضرورة أن نعي بأن هذا التغيير لا يحصل ما دامت الحركة الشعبية في حالة دفاع سياسي وفي غياب للرؤية الشاملة لدى قوى التغيير والتي من دونها (أي الرؤية).. تبقى الحركة الشعبية مكبوحة و مسدودة الأفق. إضافة إلى ذلك، كما أن النظام الذي أرساه الطائف أتى بدفع من ميزان قوى دولي كان سائداً، فتغييرهذا النظام وولادة الجديد التاريخي محلياً يتطلب توصيفاً دقيقاً وعلمياً للمرحلة الراهنة للمجال العالمي بميزان قواه الجديد والاستفادة من هذا المجال لصالح عملية التغيير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة “النداء” 31 تموز 2020

**************

ذي أتلانتك: هل أسس ترامب مكارثية جديدة؟

عفاف محمد

يتحدث الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي بيتر بينارت عن مستقبل الإرث الترامبي في حال خسارة ترامب المحتملة في الانتخابات القادمة، ويشرح في مقاله المنشور في موقع مجلة «ذي أتلانتك» وجود فريقين مختلفين على تعريفِ ماهية ما أسماه «الترامبيّة» وما يمثله منهج هذا الرئيس في تاريخ السياسة الأمريكية.

إرث ترامب

أشبه مثال على ما يتجه إليه مصطلح الترامبيّة هو «المكارثيّة» الذي أصبح مصطلحا مرادفا لمعنى التعصّب الهستيري (المكارثية تنسب إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي اسمه جوزيف مكارثي، وتشير إلى الممارسة التي انتهجها مكارثي في أربعينات القرن الماضي، وتقوم على اتهام الخصوم السياسيين بوجود صلة تربطهم بالمنظمات الشيوعية، دون إثباتات كافية تدعم الادعاء).

جدلٌ حول معنى الترامبيّة

من سينُعت بالترامبيّة وما سيعنيه هذا الإرث أو المصطلح؟ من هذه الأسئلة تبدأ الاختلافات بين حزبين من الناس. فمن جانب نجد الأشخاص الذين يعرّفون الترامبيّة على أنها شكل من أشكال التعصب، بتعبير آخر: عدم احترام القواعد المشكّلة لأساس الديمقراطية الأمريكية. ومن جانب آخر هناك الأشخاص الذين يعرّفون الترامبية على أنها شكل من أشكال القمع، وهو تعبير على حقيقة أن القواعد المؤسسة لبناء الديمقراطية الأمريكية مشبعة بالتحيز العرقي والجندري والطبقي. سيشكل الجدل بين مؤيدي هذين الرأيين العلاقة ما بين اليسار الناشط والوسط السياسي لسنوات قادمة وفقا للكاتب.

يمكن ملاحظة الإرهاصات الأولى للموقف المعادي لترامب – الترامبيّة باعتبارها تعصبا – في الرسالة التي نشرتها مجلة هاربر مؤخرا تحت عنوان: «رسالة حول العدالة والنقاش المفتوح»، والتي خلّفت وراءها جدلا كبيرا وقد حملت توقيع 150 من الكاتبات والكتاب في الولايات المتحدة وبريطانيا من بينهم المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، والروائي سلمان رشدي، والكاتبة مارغريت آتوود وغيرهم من أسماء بارزة.

في هذه الرسالة يصف المؤلفون ترامب بأنه «تهديد حقيقي للديمقراطية»، وحليف «للقوى المعادية لليبرالية». ويعبرون فيها عن قلقهم من أن الميول المعادية لليبرالية غدت تنمو على اليسار أيضا، والذي بات يخلق «نوعا خاصا به من المعتقد (الدوغما) أو القسريّة» والذي يهدّد الاحتواء الديمقراطي. لا يدّعي المؤلفون أن التعصب اليساري يشكل تهديدا خطيرا مثل شعبوية اليمين، لكن المعنى الضمني – وفقا لتلخيص الكاتب – أن الترامبية ليست مجرد ظاهرة يمينيّة حصريا.

في المقابل لا يعرّف التقدميون المؤثرون الترامبيّة على أنها تعصب، بل على أنها نوع من القمع، ويعني ذلك بالضرورة منطقة أولئك المتمتعين بامتيازات عرقية، أو جندرية، أو طبقية.

وبالتالي فإن اعتبار مفهوم الترامبية داء يتجاوز حدود الطبقة الاجتماعية، والعرق، والجندر، والأيديولوجيا – وهو ما يعبر عنه، ليس من السياسيين الجمهوريين فحسب، بل من الأشخاص ذوي البشرة الملونة أيضا ضمن غرف الأخبار والجامعات – هو كلام فارغ.

يدور النقاش حول معنى الترامبيّة في رسائل المثقفين والمفكّرين، لكن إذا ما خسر ترامب قد تنتقل هذه المناقشات إلى واشنطن. فوفقا لتوقعات الكاتب، سيصطدم الديمقراطيون المصرّون على التغيير الجذري مع المحافظين القادرين على صدّه، ومن ثم سيطالب التقدميون بعد ذلك – وقد بدأوا بهذا بالفعل – بتغييرات هيكلية تسمح لهم بإلغاء أو تجاهل «فيتو» اليمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

“ساسة بوست”  26 تموز 2020 (مقتطفات)

*************

ص12

جاك بيديه: الصراع الإيكولوجي

هو شكل من أشكال الصراع الطبقي

د. ماهر الشريف

ضمن السلسلة التي أطلقتها منذ أسابيع تحت عنوان: “التفكير في عالم جديد”، أجرت صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي “لومانيتيه” حواراً، في السادس من تموز/يوليو الجاري، مع الفيلسوف الفرنسي جاك بيديه.

وجاك بيديه هو واحد من الفلاسفة الماركسيين البارزين في فرنسا؛ عمل منذ سنة 1998 أستاذاً في قسم الفلسفة في جامعة باريس العاشرة، وأصبح منذ سنة 2003 أستاذاً فخرياً فيها. وكان قد أصدر مع رفيقه الفيلسوف جاك تكسييه، في سنة 1986، مجلة فصلية بعنوان: “ماركس الراهن”، استمرا في إدارتها سوياً حتى سنة 2006. كما أشرف في سنة 1995، بالتعاون مع جامعة باريس العاشرة، على تنظيم مؤتمر علمي بعنوان: “ماركس الدولي”، انعقد بصورة دورية حتى سنة 2006، وأتيحت لي فرصة المشاركة في واحد من هذه المؤتمرات. واشتّهر بيديه على الصعيد الدولي، إذ دعي بوصفه أستاذاً زائراً إلى نحو ثلاثين جامعة في أوروبا، وأميركا الجنوبية وأميركا الشمالية واليابان. ونسج في السنوات ألأخيرة علاقات مع قسم الفلسفة في جامعة فودان-شنغهاي، ومع جامعة بكين.

ومن مؤلفاته: “هم” و”نحن”، خيار بديل للشعبوية اليسارية (2018)؛ الليبرالية، الاشتراكية والشيوعية على الصعيد الكوني. إعادة تأسيس الماركسية (2011)؛ ماركسية أخرى لعالم آخر (مع جيرار دومينيل، 2007)؛ شرح وإعادة بناء رأس المال (2004)؛ جون رولز ونظرية العدالة (1995).

وقد صاغ محرر صحيفة “لومانتيه” سؤاله إلى جاك بيديه على النحو التالي: إن جائحة كورونا لم تسقط علينا من السماء، وإنما هي مؤشر “كارثة” كان من الممكن تلافيها منذ زمن، وكي يتم تجاوز كارثة يتوجب معرفة أسبابها، والماركسية ترجع “الكارثة” ليس إلى الإنسان بوصفه إنساناً، وإنما إلى ميكانيزمات اجتماعية محددة، إلى “الرأسمالية”، بيد أن أنصارها يردون علينا  بأن الرأسمالية هي “شيء رائع، على الرغم من جميع فظاعاتها، إذ هي وفرت لنا التلفاز، والهاتف الذكي، والطائرة والأدوية”. 

وجواباً عن السؤال، يلجأ بيديه إلى مصطلحات ثلاثة هي: طبقة، جندر، ومصطلح حديث هو ((colonialité))، ويقول: في الواقع ليست “الرأسمالية” هي التي حملت “التقدم” إلينا. فهذا التقدم لا يعود إلى معجزة “السوق”، وإنما إلى قدرة التنظيم والتعاون الهائلة التي تطورت بالارتباط معه، أكان ذلك داخل المؤسسة الإنتاجية، عبر ابتكار السيرورات الصناعية، أو خارجها، عبر الإدارة، والتعليم  والبحث العلمي... إلخ. وسيكون من العمى أن ننسب إلى “الرأسمالية” كل هذا النتاج المتراكم بفعل العقل الاجتماعي المشترك. فرأس المال ليس في حد ذاته سوى منطق القوى الاجتماعية التي سيطرت على السوق. وقد أظهر ماركس ذلك: فرأس المال لا يهدف سوى إلى الربح، وكل رأسمالي محكوم عليه ان يحقق ربحاً أكبر من المنافس، وإلا سيختفي. ويتوجب على الرأسمالية بالطبع أن تنتج السلع والخدمات، لكن هذه ليست وظيفتها.

إنها في حد ذاتها، وأكثر من أي وقت مضى، في ذروتها النيوليبرالية، عمياء في استخدامهما، وفي تأثيرها على البشر وعلى الطبيعة، إذ هي تدمر الطبيعة.

ويقدّر بيديه أن آليات السيطرة- الاستغلال، هي وحدها التي تدمر الطبيعة، الأمر الذي يجعل النضال من أجل التحرر الاجتماعي والنضال الإيكولوجي شيئاً واحداً. فكل تراجع يلحق بجشع رأس المال (مثلاً ان تفرض 35 ساعة عمل في الأسبوع حتى سن الستين) أو كل تراجع  يلحق  بالسلطة النخبوية (مثلاً أن يكون في وسع جميع الطلاب الالتحاق بالمدارس نفسها) هو انتصار بيئي على قوى تدميرية.

ويضيف أن الرأسمالية  تقيّد رغباتنا. فهي، من أجل تشغيل الآلة (العمياء) كي تحقق ربحاً، تخلق بصورة مستمرة سلعاً  جديدة من شأنها أن تزيد من حدة الرغبة في التباهي لدى الحصول عليها. ولكن ليست الرغبات هي التي يتوجب كبحها، وإنما يتوجب تحديد الاحتياجات الحقيقية والمستدامة بيئيًا. وهذا ممكن فقط  بفضل القوة الناشئة من الأسفل، تلك التي تتجسد في عامة الناس، لدى المحرومين من الامتيازات ومن مصالح الملكية الرأسمالية ومن تسميات النخبة. إن الصراع البيئي هو أولاً وقبل كل شيء صراع طبقي.

وبشأن مصطلح الجندر، يعتبر بيديه أن الأمر نفسه ينطبق على علاقات الجندر. فالنضالات النسوية، التي تحوّلت نحو المساواة المدنية والاقتصادية، والتي ترمي إلى الحط  من شأن السلطة الذكورية، السلطة الهرمية التي يحتل فيها الذكر درجة السلم الأولى، ومن الاستغلال الرأسمالي  في الوقت نفسه، هي في جوهرها نضالات إيكولوجية. فالنساء مدعوات ليكن حارسات الحياة، وحارسات أماكن الحياة في الوقت نفسه.

وبخصوص مصطلح (colonialité)، الذي يدل على مجموع علاقات السيطرة الاجتماعية الناجمة عن توسع الرأسمالية في الأطراف، والتي تشكّل العنصرية أحد نتاجاتها، يرى بيديه أن هذه الـ (colonialité) باتت تميّز النسق- العالم الحديث، وإمبرياليته التأسيسية. فالدول- الأمم لم توجد كما هي الآن سوى بفعل استملاك أراض من قبل جماعات محددة. ونظراً لعدم التساوي في قوة هذه الدول- الأمم، فهي مدفوعة إلى الغزو من قبل القوى التي تهيمن عليها، وهي تقوم بتدمير ما تنجح في الاستيلاء عليه، بحيث باتت حروب اليوم التي يشنها المجمع العسكري الصناعي هي الشكل المكتمل لهذه الـ (colonialité). إنها صيغة “إنتاج- تدمير من أجل الغزو”، وهي مرتبطة بشكل وثيق بالرأسمالية.

ويخلص بيديه إلى أن المعركة البيئية، التي ستكون غدنا السياسي، تدور بصورة كاملة ضمن هذه السلسلة الثلاثية الحلقات من النضالات من أجل التحرر: طبقة - جندر- (colonialité).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع “حزب الشعب الفلسطيني” 18 تموز 2020

***********

اعلان مبادئ بناء المجتمع

موفق جواد الطائي*

في جهود استعادة الأمل والفرص لجميع العراقيين ولتنسيق السعي  المخلص  بين المؤسسات الحكومية والمدنية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني والمصممين والمنفذين للمجمعات السكنية تشكل المبادي التالية  الحد الأدنى من الأسس التنموية وحسب مرجعية الأمم المتحدة   نرى الالتزام  بالمبادئ الأساسية التالية لبناء المجتمع:

1.أهدافنا هي ليست بناء الوحدات السكنية فقط، وانما الأحياء. وليس فقط بناء المدارس، وانما تعليم الأطفال. ليس فقط زيادة الدخل، وانما خلق الجمال وإنهاء وضع بيئتنا المزري .

2.لتحقيق رؤيتنا لتطوير مجتمعات حضرية قوية ومستدامة، يجب ايجاد فرص عمل ووظائف، وزياده الإنتاجية، والأجو، ورأس المال والمدخرات، والأرباح، والمعلومات، والمعرفة، والتعليم، ويجب ان لا يتسبب ذلك في التلوث والنفايات والفقر.

3.إن الحلقة المفرغة المتمثلة في تركيز الفقر واليأس والضيق المالي التي ابتلي بها معظم مدن العراق والعالم اليوم تضعف قدرة المناطق الحضرية على التنافس في الاقتصاد العالمي.

4.تمثل المجتمعات الفقيرة فرصة اقتصادية غير مستغلة للبلد بأكمله، وكلنا نعمل معا لفتح الأسواق الأجنبية للسلع والخدمات، ونحتاج أيضا إلى العمل معا لفتح الحدود الاقتصادية للمجتمعات الفقيرة هنا في العراق.

5.لا يتمثل دور برامج شبكة الأمان الاجتماعي في الحفاظ على الأفراد أو العائلات أو المجتمعات في حالة اعتماد دائم، بل إنشاء إطار من الدعم والحوافز والقواعد الواضحة حتى يتمكن الناس من مساعدة أنفسهم وترك أنفسهم خارج نطاق المساعدة الحكومية.

6.يكمن الحل الأفضل عندما يخطط أولئك الذين يعيشون المشكلة مع الآخرين الذين لديهم سبيل مشترك في حلها، ليس لأنها مهمة مجردة ولكن لأنها مصدر قلق شخصي.

7.لن يتم تعزيز مهمة تعزيز المجتمعات بشكل قابل لقياس التطوير عن طريق استبدال بيروقراطيات الحكومة المركزية، بيروقراطية في 18 محافظة يمكن أن تكون جامدة ومتجاوبة. اللامركزية وتفويض السلطات التي لها معنى للشعب العراقي ستعطيهم أدوات في مجتمعاتهم، في الأماكن التي يعيشون فيها وحيث يمكنهم فعل شيء حيال وظائفهم وأطفالهم ومدارسهم وسلامتهم وفق الإرادة الذاتية الشفافة .

8.باستخدام التكنولوجيا الحديثة، أصبح من الممكن الآن جلب الموارد الوطنية للمجتمعات بطرق تدفعها أهداف وخطط واستراتيجيات المجتمعات نفسها، ويمكننا القيام بذلك بكفاءة أكبر وبهدر أقل وبعيون واضحة على الموارد المالية .

9.تلعب الحكومة المركزية في الدول الريعية دورا أساسيا وملائما في التمسك بالمُثل الوطنية التي قد يكون من الصعب الحفاظ عليها محليا، خاصة في ما يتعلق بمكافحة التمييز وتوفير صوت لأكثر الفئات ضعفاً بيننا.

10.في العراق، الطبقة الوسطى قليله والفقراء كثر. العراق لديه القدرة على إنهاء عزلة الفقراء ومعالجة تراجع مجتمعاتنا الحضرية، علينا الآن تطوير حكومتنا وشعبنا على الادارة الذاتية.

ــــــــــــــــــــ

*معمار أكاديمي

**********

ص13

سيناتور أميركي: العبودية شر لا بد منه

متابعة “طريق الشعب”

وصف سيناتور عن ولاية أركنساس الأميركية العبودية بأنها “شر لا بد منه” بُنيت على أساسه الأمة الأميركية.

وقال السيناتور الجمهوري، توم كوتون، في مقابلة مع صحيفة محلية إنه رفض فكرة أن الولايات المتحدة بلد عنصري بشكل منهجي حتى النخاع. ويطرح السيناتور كوتون تشريعا يهدف إلى منع التمويل الفيدرالي عن مشروع لصحيفة نيويورك تايمز تم تأسيسه العام الماضي بغية مراجعة النظرة التاريخية للعبودية.

وأعربت مؤسسة المشروع عن غضبها لصدور هذه الملاحظات. وتأتي هذه التطورات في ظل تنامي حركة “حياة السود مهمة”.

وأثار موت جورج فلويد احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. واشتبك المحتجون والشرطة مرارا في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون خلال الأيام الأخيرة. وتصاعدت المواجهات في أعقاب صدور قرار مثير للجدل عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يقضي بإرسال عناصر فيدرالية لتنفيذ القانون إلى المدينة.

وينص الدستور الأميركي على أن حفظ الأمن من اختصاص الولايات وليس من مسؤوليات الحكومة الفيدرالية.

عاصفة في نيويورك تايمز

والسيناتور كوتون أحد الأصوات المنتقدة بشدة للاحتجاجات التي تشهدها مختلف الولايات الأميركية، منذ مقتل فلويد، وقد وصفها في مقال رأي لصحيفة نيويورك تايمز بأنها “انغماس في العنف” وأيد تهديد دونالد ترامب باستخدام الجيش الأمريكي لإخماد الاضطرابات.

وتعرض مقال كوتون لانتقادات واسعة، ووقَّع أكثر من 800 موظف في صحيفة نيويورك تايمز رسالة نددوا فيها بنشر المقال، قائلين إنه انطوى على معلومات خاطئة. واعتذرت الصحيفة لاحقا، قائلة إن المقال لم يستوف معاييرها التحريرية. ونتيجة لذلك، استقال محرر شؤون الرأي، جيمس بينيت.

ما الذي قاله السيناتور كوتون؟

قال السيناتور كوتون لصحيفة “ديموكرات-جازيت” في أركنساس: “علينا أن ندرس تاريخ العبودية ودورها وتأثيرها في تطوير بلدنا لأننا إذا لم نفعل ذلك لن نفهم بلدنا”. وأضاف “كما قال الآباء المؤسسون، كانت العبودية شرا لا بد منه أقيم على أساسها الاتحاد، لكن الاتحاد بُني بطريقة “وضعت العبودية في مسار انقراضها النهائي” كما قال أبراهام لنكولن.

وطرح السيناتور كوتون، الخميس، مشروع قانون “إنقاذ تاريخ الولايات المتحدة” الهادف إلى وقف تمويل مبادرة عام 1619، القائمة على أساس تدريس التاريخ الأميركي منذ بداية جلب العبيد على متن السفن إلى الولايات المتحدة في آب من تلك السنة.

وفازت المبادرة بجائزة بوليتزر العام الماضي وتسلمتها مؤسستها الصحفية نيكول حنا-جونز، الصحفية البارزة في نيويورك تايمز، لكنها تعرضت للانتقاد من قبل عدة محافظين في الولايات المتحدة، إذ وصف السيناتور كوتون المبادرة بأنها “دعاية يسارية”.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

“بي بي سي” 28 تموز 2020

*************

السودان مجددا

فريدة النقاش

تتلاحق الأحداث في السودان بإيقاع يكاد يكون مرئياً، وذلك بعد أن نجح الشعب السوداني وطلائعه في إزاحة نظام الفساد والاستبداد المتوشح بالدين، ورفع الحكم الجديد شعارات الدولة الوطنية بديلا عن المشروع الديني المزيف .

هاتفني أصدقاء حول ما كتبته في العدد الماضي في ”الأهالي” مرحبة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجديدة بصدد الحريات العامة، وإزاحة الطابع الديني الزائف لحكم البشير والإخوان المسلمين لصالح المواطنة .

ويرى هؤلاء الأصدقاء، والذين يمثلون، في ظني، قطاعاً لا يستهان به من المهتمين بالشأن العام، يرون أن كل ما جرى اتخاذه من إجراءات وخطوات في إتجاه الديموقراطية ليس كافياً، كما أنه ليس مكافئاً لما بذله الشعب السوداني من عطاء وتضحيات على مدى أكثر من ثلاثين عاماً في ظل الحكم المتلفع بالدين .

وتدلنا شواهد كثيرة ـ إذا ما دققنا في مجريات الصراع الدائر على أشده في السودان حول مستقبل الانتفاضة الشعبية تدلنا أن القوى الرجعية التي تعتبر أن خسارتها مؤقتة، تعد العدة لاستعادة الوطن إلى حاضنتها الممتدة عبر الحدود حيث ينشط التنظيم الدولي للإخوان المسلمين مستخدما كل الأسلحة في سعيه لوقف تدهور مشروعه الذي يفقد مواقعه الكبرى تباعاً من مصر إلى تونس وفي ليبيا إلى السودان، بينما يدور الصراع على أشده تحت رعاية الحلم المجنون لرجب طيب أردوغان الذي يسعى لاستعادة الخلافة الإسلامية، ولا يخجل من إعلان ميوله الإستعمارية، بل ويمارسها عملياً .

وما من أحد فينا، لا هؤلاء الأصدقاء، ولا أنا، في وضع يسمح لنا بتقديم النصائح لمن أنجزوا هذا العمل المجيد، وأطاحوا بالبشير وزمرته، وهم يدافعون ببسالة وإصرار عن آمال الشعب السوداني وطموحاته .

ومع ذلك يحق لنا، ونحن نقرأ التجارب التاريخية المشابهة أن نذكر بنتائجها ودروسها، مع ملاحظة أن كل برنامج عمل هو ناقص بالضرورة، لا لقصور فيه، وقد يكون القصور موجودا، وإنما أساساً لأن الواقع يتغير كل يوم، وتبرز للفاعلين فيه معطيات جديدة تترتب عليها مهمات إضافية تستجيب لطموحات الملايين التي كانت قد جعلت هذا العمل المجيد متمكناً، ولذا ضمن المفترض أن يعبر عنها مثل هذا البرنامج، فهو بالأحرى برنامجها نظرياً على الأقل .

ومن الضروري، وفي هذا السياق، أن يكون واضحاً أمام أعيننا الفرق بين الثبات على المبدأ من جهة، وبين التعامل من جهة أخرى مع كل ما هو مستجد في الواقع الذي يشهد هذا التغير الدائم، فلا يضطر الفاعلون إلى اتخاذ الموقف ذاته في مواجهة كل الأوضاع بصرف النظر عن خصائصها وملابساتها الجديدة، ذلك أن مثل هذا السلوك سوف يؤدي حتماً إلى الجمود متضمناً إساءة أيضاً إلى المبدأ ذاته، مع تراجع القدرة على المواجهة العملية للواقع الجديد بمتغيراته، وتنشأ في هذا السياق عزلة وغربة عن الواقع كثيرا ما جرى إتهام قوى “اليسار” بالوقوع فيها لأنها تضع المبدأ فوق الممارسة، وتتراجع فعاليتها للحد الأدنى، فتفلت منها إمكانية إحداث التغيير الجذري الذي تنشده، وظلت دائماً تناضل من أجله .

وينطبق هذا الأمر على كل القوى التي أسهمت في إطلاق شرارة الانتفاضة دون أن تتعامل بحسم ورؤية واضحة مع المعطيات الجديدة للحالة الاقتصادية والاجتماعية، رغم أنها تعرف جيدا أن المطلب الأولى والأصيل للملايين هو تغيير هذه الحالة التي تبدو ثابتة في أزمنة الركود، ولكنها ما تلبث أن تتحرك بفعل الحراك الجماهيري الذي يمهد للانتفاضة ويصنعها .

وعادة ما تكمن القوى المعادية للانتفاضة، والتي غالبا ما تتشكل من كبار ملاك الثروة في البلاد، وهي تمتلك من الأسلحة المحرمة ما يفوق بكثير أسلحة الجماهير بدءا بمؤسسات الدعاية والثقافة التي لا تكتفي بالتبشير، ولكنها تتجاوزه إلى الفعل في ميدان الإنتاج، الفني سينمائياً ومسرحياً وكتابة وموسيقى، وهي تصارع في هذا الميدان تحديداً ضد الأفكار والرؤى التي تنتجها قوى التغيير غالباً بأدوات بدائية.

وهكذا فإن الوعي الجماهيري يبقى هو الساحة التي يبدو أنها مفتوحة للجميع، وواقع الأمر هو أن من يهيمن عليها هو من يملك الثروة ومن ثم الأدوات، فما أقرب السلطة إذن لأصحاب الثروة لا في السياسة والاقتصاد فحسب، بل أيضاً في الوعي الجمعي والرؤى والأفكار .

نعود إلى بداية هذا الموضوع حول نقصان البرنامج، ونسجل أن برنامج قوى الانتفاضة والتغيير في السودان بطابعه العملي الخالص قد فاته أن يعير اهتماماً جديا لا لفعالية القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة الأصيلة في التغيير فحسب، وإنما فاته أيضا أن يتوقف أمام ما وضعناه بمطلبها الأصلي ألا وهو إعادة توزيع الثروة القومية، حتى تنتزع القوى الجديدة زمام السلطة المحتملة من أيدي كبار الملاك، وفي نفس الوقت تتعامل بنفس الحسم والجدية مع مسألة الوعي الجمعية الذي عملت قوى الرجعية عبر السنين على تشويهه .

وفي هذا السياق هناك فرصة سائحة طالما ارتبطت ولادتها باللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب، ألا وهي يقظة الوعي الجمعي الذي تتجلى له حقائق الصراع وقواه بأوضح ما يكون، وهذا درس قدمته تجارب الشعوب بإنتفاضاتها وثوراتها، إذ تتغير مكونات الوعي الجمعي بين ليلة وضحاها حين تكتشف الجماهير ما كانت لا تعرفه عن إمكانياتها الهائلة في مواجهة من يمارسون استغلالها وتزييف وعيها مما يؤدي إلى فقدان الثقة، والسقوط أحياناً في اليأس واللامبالاة .

ومن المؤكد أن الشعب السوداني ـ وهو ”الأسطى” في فن إنجاز الانتفاضات يدرك الآن كل هذه الحقائق وهو يسعى إلى تغيير واقعه البائس .. وسوف ينتصر .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

“الأهالي” 29 تموز 2020

***********

ص14

عادل كاظم .. شط كبير

بدءاً من مسرحيته ( الطوفان ) حتى آخر ما كتبه .. رواية ( الشط الكبير ) في جزئين ، مروراً بمسرحية ( تموز يقرع الناقوس) ومسلسل ( الذئب وعيون المدينة )و ( النسر وعيون المدينة) ، ظل الكاتب المسرحي الراحل عادل كاظم وفياً لقيمه ومبادئه وافكاره التقدمية ورسالته الانسانية في الكتابة الجادة والرصينة . من هنا وجدنا في ( طريق الشعب الثقافي) تخليد ذكراه وتأكيد حضوره الفاعل عن طريق هذه الصفحة المكرسة لشخصيته وعطائه الابداعي الذي كان له صداه العميق في الاوساط الثقافية والاجتماعية على حدٍ سواء.

المحرر الثقافي

*************

عادل كاظم ورؤى المخرجين

أ.د. عقيل مهدي يوسف*

حين ناقشني أساتذة المسرح في بلغاريا، عن مسرحية “ الطوفان “ التي كتبها (عادل كاظم) ضمن متطلبات الدراسة التخصصية أبدى كل من البروفيسور (تينيف) والناقدة (بانوفا) إعجابهم بالمعالجة الدرامية والاخراجية لهذا النص.

يبدو لي أن سرّ هذا الأعجاب يكمن فيما يتوفرون عليه من (ثقافة إشتراكية) تنتمي الى قيم الشعب وليس إلى مصير فرد طاغية، وهم يرون في هذا النص إن البنية الفوقية تمثّلت بكهنة المعبد وتراتيلهم وطقوسهم التي غاب فيها المنطق الإنساني ، حيث استطاع المصمم “ فاضل قزاز “ أن يبني معماراً فوقياً مهيمناً بتسلطه على من يسكن في القعر الأسفل من هذا التكوين، وهم بشر مستلبون يعانون الفقر والمرض والإضطهاد.

إن هذا النص هو ضرب من تكييف ملحمة كلكامش القديمة مع الواقع السياسي الراهن في ما يخص علاقة سلطة الدكتاتور بالبيئة الإجتماعية  وصراعاتها الطبقية. وهي حسب تنظيرات (بليخانوف) عبارة عن تجلّي لتصادم الميتافيزيقيا مع المادية المقترنة بإطارها التاريخي. وقد إتخذ (عادل) المسرح أداة كاشفة عن جدل الفن والواقع الملموس على وفق منهج (الواقعية الإشتراكية) في الفن  والذي يخص بشكل أساس مفهوم البطل الإيجابي من ناحية أو في اعتمادها على (التغريب) البرختي من ناحية أخرى  فضلاً عن وجود بعض المؤثرات في التجربة الدرامية عنده بملامح من مسرح العبث والوجودية.

وقد نجد صدى للتراجيديا الاغريقية في مسرحية (أوديب ملكاً) لـ”سوفوكليس” حين يفقأ عينيه كما فعل سائس الخيل في مسرحية (الحصار) حيث يفقأ عينيه أيضاً بطريقة تراجيدية حتى لا يرى (بغداد) مستباحة من قبل المحتلّ العثماني  أو مثلاً في مسرحية (الخيط) نجد أشخاص مثل (شعيط ومعيط) وهما يذكّراننا بمسرحية (بيكيت) “ في انتظار غودو “. ومن التغريب البريختي مثلاً أن نرى حضور التاريخ مع زمن معاصر في مسرحية (المتنبي) وقد تمثّلا براو قديم هو (أبو العلاء المعرّي) مع آخر (معاصر) وقدما معاً  مفتتحاً العرض.

إن (ابراهيم جلال) المخرج تفاعل مع ثقافة النهج البرختي حيث تم تنميط (الجوقة) بأداء متجانس وكأنّها تمثّل كتلة واحدة وليست مجموعة منفرطة من أفراد في حركاتها وتعبيرها وإيقاعها كالّذي يحصل في تجارب المسرح الغربي الحديث. وبصورة بصرية تحوّل البعد الدرامي من أدبيته البيانية والشعرية الى (مشهدية) ملموسة يتفاعل فيها الصوت والمؤثرات التابعة له مع ذلك الشكل المنحوت بإتقان بصري وحضور مجسّم في فضاء الخشبة وتحولاته في رحلة الذهاب والإيّاب ما بين الأمكنة والأزمنة، وامتزاج الداخل بالخارج، والحاضر بالماضي، كما نرى تحقق ذلك في (المتنبي) منذ ولادته الى وفاته وإرتحاله من الكوفة الى بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، ومن ثم في رحلته الى كافور الأخشيدي في مصر،وصولاً الى مصرعه مستعرضاً ما مرّ به من علاقات بين ملوك وأمراء وبين الجوقة التي تمثّل الشعب في وحدة تصميمية جامعة، يتخذ فيها البطل المتنبي المركز أو البؤرة الجاذبة للأطراف المحيطة، مثل المناظر والأضواء والتكوينات في رؤية بصرية متخيلة حفّزتها ثقافة المؤلف، وما قام به المخرجون من تأويلات خلاّقة لنصوصه ويبرز بشكل استثنائي المبدع (ابراهيم جلال) الذي بات عرّاباً ومرشداً ومعلّماً للمسيرة الإبداعية وتبني المؤلف (شفرة) جمالية كان يصنع ترميزاتها المخرج بجدارة إخراجية متميزة لا يقدر الكثير على محاكاة اسلوبيتها، حتى ان المؤلف، حاول أن يمارس اللعبة الاخراجية بوصفه مخرجاً للمرة الأولى في مسرحية (حب وخبز وبصل)، لم يلقَ تلك الاستجابة في جانبها الخاص والمؤثر كما لدى ابراهيم.

ومن بين من اجتذبتهم نصوص  عادل كاظم  كبار مخرجينا أمثال : “سامي عبد الحميد” و“بدري حسون فريد” و”محسن العزاوي” و“أديب القليه جي” الذي قدّم نص (الغضب) لعادل و(المنتقم) الذي اعده عن قصة لـ (تشيخوف)، وبعد ذلك تبعهم جيل من المخرجين الشباب، مثل (غانم حميد) في إخراج نص (المومياء) و“ محسن علي” في نص (الرأس).

ولو حاولنا مقاربة نص (الحصار) المتماسك في بنيته الدرامية، في تجربة المخرج (بدري حسون فريد) الذي قام بتوظيف بُعُد تعبيري مؤثر حين ابتدأ العرض بعزف مباشر حيّ من قبل عازفين موسيقيين، تُقرع فيه الطبول وتصدح آلات نحاسية هادرة عند بدء افتتاح العرض، ويدخل بالتزامن من بين صالة المتفرجين (المنادي) و(الطبّال) ببعد برختي، لكسر تقليد الجدار الرابع، وهم يترنمون بأصواتهم مع تقنيات جمالية فوق الخشبة، حيث يظهر كرسيّ الوالي (داوود باشا) العثماني، وحين تتابع الإضاءة هذا الوالي في مشهد جديد يجلس على كرسيه وهو يلعب (الشطرنج)- مثّل الدور (ابراهيم جلال) - غافلاً عمّا يتهدد (بغداد) من خراب، وكأنه مثل (نيرون) يعزف على قيثارته وروما تحترق.

كان ابراهيم جلال  أول من اجتهد في المسرح العراقي في تقديم الإسلوب الاخراجي البرختي، مطبقاً ذلك على أكثر من نص لعادل كاظم، ولم يكتفِ (عادل) بالتأليف فقط، بل إنه حاول أعداد مسرحية (دائرة الطباشر القوقازية) تحت عنوان (دائرة الفحم البغدادية) التي قُدمت لمرّة واحدة، ومُنعت بحجة ترويجها لآيدلوجية بريخت الشيوعية.

قدّم ابراهيم عند تعامله مع نصوص عادل لأول مرة، مسرحية (عقدة حمار) التي مثّل فيها أيضاً لأول مرة (عادل كاظم) بعد ان كان قد مثّل مع القليه جي، وأخرج (مقامات أبي الورد) التي اتخذت موضوعها من التاريخ الاسلامي الوسيط في بغداد ببعد برختي أيضاً، يرصد مجريات ثورة الشعب ضد المحتل.

وتعامل مخرجون آخرون مثل (سامي عبد الحميد) مع نصوص عادل، بإخراج مسرحية (الخيط) وكأنها تدور في اجواء (بيكيت) العبثية ولكن كانت النقاشات التي يخوضها جرّار الخيط، تمثّل ما يودُّ عادل ان يطرحه على شكل أسئلة ليُحفّز التعاطف مع المسحوقين الممثلين ب: شعيط وصاحبه: معيط.

ونرى في الجانب الآخر شخصية (أبو فلانة) الذي يحرّك دمى السلطة وكأنه يتلهى في خيوط لعبته السلطوية.

قام د. طارق حسون، بتأليف موسيقى العرض، بإبتكار من تلحينه.

أما في (نديمكم هذا المساء) الذي أخرجه (محسن العزاوي) فهو يخص سيرة (جعفر لقلق زادة) بإسلوب احتفالي كوميدي مثّله سامي عبد الحميد مضفياً على شخصية “لقلق زادة” صفة الوعي الوطني والنضالي، ضد الاحتلال الانجليزي.

أما مسرحية (الأسود والأبيض) التي أخرجها ابراهيم جلال، فهي تخص أحد الظرفاء، تدور أحداثها بأجواء فانتازية، ويرتحل البطل الرئيس من بغداد الى الهند والسند بطريقة مرتجلة مثّلها مقداد عبد الرضا وكنتُ واحداً من بين الممثلين.

لقد ترك عادل كاظم نصوصاً جديدة وكذلك أضفى لمسات جديدة على نصوصه القديمة، ولا ننسى مسلسلاته في التلفزيون، مثل (حكايات المدن الثلاث) التي مثلتُ فيها دور الشاعر (عبد المحسن الكاظمي)، و(الذئب وعيون المدينة)، و(النسر وعيون المدينة)، و(الايام العصيبة) وهي تعكس التاريخ الوطني للعراق.

يقول عادل: “ان حرّيتي الإبداعية تقترن بإكتشاف ذاتي وتحوّلاتي الثقافية“  كما أخبرني في آخر لقاء جمعني معه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب ومخرج وناقد مسرحي، عميد كلية الفنون الجميلة بغداد -سابقاً

************

ص15

رحيل عادل كاظم والصعود الى مسرح الغياب المر

د. جواد الاسدي*

سأسميه جيخوف العراق لحنكته في الحفر البسيكولوجي والروحي لشخصياته المسرحية التي تتسلق الريبة والهاوية وجحيم مايدور حوله في الطوفان المستمد من ملحمة كلكامش ووضع الشخصيات في نشيج ندبي وانهيارات لحفرة عميقة الغور يسقط فيها الحشود المحتضرة لبلاد تضع رقبة اولادها على دكة ذبح ونزيف تاريخي بلا كلل ولا ندم ولا معاودة أسئلة الوجود البهيمي الذي كتبه ويكتبه السياسيون المواربون القتلة..

(تموز يقرع الناقوس) مسرحية تحذو حذو (الطوفان) في اعادة طرح سؤال المذبح الدموع وشهية القتل التي امتاز بها العراقيون على مدى التاريخ وربما كان عادل كاظم هو الكاتب المسرحي العراقي، هو نفسه كاتب المخاضات والتفجع  والشخصيات العدمية المعلق مصيرها على حبل مشنقة نصبت هنا وهناك لرقبة الاجيال الفتية التي تحلم باستعادة كتابة البلاد التي تتوسل الحرية والجوع للبوح الحر وللرغيف الحار ومغادرة البهيمية المفرطة وشهية تحول الناس الى قطيع بغريزية دموية.

وعادل كاظم ابدا كان يعيد طرح سؤال العتمة والخوف المر وانحسار المناخ اللين والطري والذهاب بالبلاد الى حفرة موتى واسعة وحفاري قبور يزدادون يوما بعد يوم ليهيلوا التراب على بلاد الرافدين بتاريخها الملحمي واساطيرها وشعريتها.

وعادل كاظم غاب في ظروف عسيرة وقاتمة شأنه شأن كل فنانينا الكبار ممن نذروا اعمارهم الى خشبة المسرح أولئك الملهمين الخلاقين المغيبين في مناخ العمى السياسي والثقافي المكسور المثلوم الذي يوارى التراب وبسرعة خاطفة على اجسادهم دون اي عودة لاحياء موروثهم العظيم وهذه محنة ان تمسح الاجيال المتعاقبة ما حققه الأوائل من ابتكار وخلق والدولة هنا بأميتها وعماها الجمالي تكرس هذا الدفن المقصود للتنوير الذي صنعه مبدعينا العظام وعادل كاظم من بينهم.

ـــــــــــــــــــ

مخرج وكاتب مسرحي

*********

عادل كاظم .. يقرع الناقوس

صباح المندلاوي*

فجر الأحد الفائت 2 آب 2020 فجعت الأوساط الأدبية والفنية برحيل الكاتب المسرحي الكبير عادل كاظم بعد مشوار طويل حافل بالعطاءات والابداعات.  وبرحيله يتهاوى نيزك مسرحي كبير اتحفنا بالكثير من الجمالية والمتعة والفصاحة والبلاغة والبيان والقيم الثورية التي لامست وجدان انساننا المعاصر ليتحدى الظلم والطغيان والفساد والاستبداد وليرسم غده الاجمل والأبهى.

وهذا ليس بمعزل عن خزينه الفكري والثقافي .. لقد بدا من سن مبكرة يتابع ويطالع وبشغف كل ما يقع تحت يده من كتب تغوص في اعماق التاريخ وتنقب في خلفياته وحيثياته وبما يعزز الصراع الذي يذكي ويفعل ويلهب وتائر النهوض بالمجتمعات.

تستوقفه الاساطير فيتأملها ويستلهم منها الكثير، وها هو تموز ما أروعه يحث الخطى ليقرع الناقوس منتشياً .. يبعث الأمل والتفاؤل.

ها نحن وجهاً لوجه امام “الطوفان” المستلة من اسطورة كلكامش، طوفان الجوع والفقر والثورة وهو يعصف بالقصور العاجية للملوك والكهنة وبأحلامهم وأوهامهم.. فما اروع ذلك الطوفان.

كنا طلبة اكاديمية الفنون الجميلة- السنة المنتهية عام 1971- 1972 وبحدود ستين طالباً وطالبة، المشرف على دورتنا ومخرج المسرحية الاستاذ المبدع الرائد ابراهيم جلال يخطر بباله ان يختارنا لنؤدي دور الكومبارس في هذه المسرحية - عامة الشعب-.

ويا لها من مشاركة وتجربة لا تنسى مع هذا المخرج العملاق الذي كان يتفنن في ضبط ايقاع المسرحية وكما لو انها سمفونية لا مثيل لها، تعبق بالتحدي والمواجهة وتفضي الى انهيار عالم قديم ينخره العفن والتخلف.

اذكر باعجاب بالغ حتى هذه اللحظة، كلا من الفنانين الرائعين: الفنان الرائد الراحل بدري حسون فريد وهو يؤدي دور الكاهن بإلقائه الصوتي الساحر على الخشبة وبهيئته المتميزة، كذلك الفنان الرائد المبدع سعدون العبيدي –اطال الله بعمره- وهو يؤدي دور الراعي سموقان، فيبهرنا بإلقائه الصوتي الجميل، وكما لو انه يعزف في مسمار سحري وبمنتهى الوضوح والجمالية والجاذبية كانا يترجمان حقا ما أبدعه الكاتب من صور شاعرية وثراء في اللغة واحساس عالٍ بالجمال، فيأخذ طريقه الى الآذان والقلوب وبكل انسيابية وسلاسة ويا لها من دقائق ولحظات لا تتكرر.

بعد انتهاء عرض المسرحية الاخير ومن على خشبة المسرح القومي في كرادة مريم، كتبت مقالة نقدية حول هذا العمل المسرحي اخذت طريقها الى النشر في مجلة “الثقافة” وبعنوان “الطوفان وحتمية انتصار الانسان”. وتتوالى نصوصه المسرحية الاخرى لتعكس ارتباطاً وثيقاً بتطلعات ومعاناة المغلوبين على امرهم، ولتنتصر للدفاع عن قضايا المحرومين والمعدمين والمهمشين والمقهورين.

ترى هل ننسى “المتنبي” وقبلها “الكاع” و“الموت والقضية” و“نديمكم هذا المساء” و“دائرة الطباشير البغدادية” التي جرى اعدادها وتعريقها عن مسرحية “دائرة الطباشير القوقازية” لبريشت، وهذه المسرحية الاخيرة المعرّقة عرضت ليلة واحدة ومنعت من قبل السلطات الحاكمة.

وقد لا يعلم الكثيرون انني كنت وراء مقترح ترشيحه الى البرلمان وضمن قائمة “اتحاد الشعب” نظراً لما له من مكانة اجتماعية ومنزلة فذة في الوسط الفني جراء ما ابدعته قريحته من مسلسلات مشهورة لا تزال محفورة في ذاكرة الناس ونذكر منها “النسر وعيون المدينة” و“الذئب وعيون المدينة” و“حكايات المدن الثلاث” وغيرها الكثير من المسرحيات، وما زلت اذكر جيداً اثناء تجوالي في شارع المتنبي صباح الجمعة 26/ 2/ 2010 واذا بالراحل الكتبي نعيم الشطري يلعلع صوته منادياً ومروجاً لقائمة “اتحاد الشعب”.

- انتخبوا قائمة اتحاد الشعب.

- انتخبوا الكاتب المسرحي الكبير عادل كاظم.

لترقد روحيكما بسلام وطمأنينة.

وقد تشرفت بزيارة فارس الكلمة الحرة والشريفة الى نقابة الفنانين العراقيين وعلى ضفاف دجلة بتاريخ العاشر من حزيران 2010.

ورحنا نقلب اوجاع المسرح العراقي، ونؤشر أبرز المعوقات التي تحول دون الارتقاء به.

نتذكر شقيقه ماهر كاظم الذي اعدمته السلطة في بغداد بوصفه معارضاً لها. ونتذكر الرواد الكبار وافضالهم علينا، نتذكر الفنانة المسرحية الرائدة زينب يوم مثلت في “تموز يقرع الأجراس” دور (شركالي).

اعتزازاً به وبدوره المشرف في فرقة المسرح الفني الحديث والمسرح العراقي – انقل له رغبتي وكم اتمنى ان يبادر المركز العالمي للمسرح لتكليفكم بكتابة كلمة يوم المسرح العالمي ولتأخذ طريقها الى مسارح العالم، وهو أقل من القليل ازاء ما قدمتموه. كم كانت فرحتنا كبيرة يوم ألقى الكاتب المبدع سعد الله ونوس كلمة يوم المسرح العالمي في اليوم ذاته.

في 9 حزيران 2014 وبعد اعلان نتائج انتخابات نقابة الفنانين العراقيين وفوزي بمنصب النقيب، ابادر وبالتنسيق مع الشعبة المسرحية في النقابة لإقامة حفل تكريم للكاتب المسرحي المتفرد عادل كاظم وفي موقع النقابة في الباب الشرقي، ألقيت خلالها الكلمات التي تليق بابداعه وتنصفه. وفي ختام الجلسة اهديته درع النقابة تكريماً وتثميناً لجهوده المبذولة في اثراء الساحة المسرحية بنصوص درامية رصينة ومتميزة كانت لها اصداؤها الايجابية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* فنان وكاتب مسرحي نقيب الفنانين العراقيين – سابقاً

***********

ص16

حوارات

الصحافي المعروف ابراهيم الحريري اصدر كتابا جديدا بعنوان “حوارات” ويتضمن ثلاثة حوارات اجراها في اوقات مختلفة من العقود الماضية مع ثلاثة شخصيات شيوعية، هم الرفاق حميد مجيد موسى، وزكي خيري وعزيز سباهي.

يقع الكتاب في 190 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن ملاحق من مواد ذات صلة وتعقيب على أحد الحوارات. وقد صدر عن دار الرواد المزدهرة.

الشيوعيون يواصلون توزيع السلال الغذائية والكساء للمحتاجين

طريق الشعب

يواصل الشيوعيون في مختلف مدن البلاد ومناطقها، حملاتهم لمساعدة الفقراء والكادحين على تجاوز الظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا بسبب جائحة كورونا وتداعياتها والأزمة الاقتصادية.

سلال غذائية في المحمودية

في مناسبة حلول عيد الأضحى، وزعت لجنة شاكر محمود الأساسية للحزب الشيوعي العراقي، الخميس الماضي، خمسين سلة غذائية على عائلات متعففة في قضاء المحمودية جنوبي بغداد.

السلال التي ساهم في توزيعها سكرتير اللجنة الأساسية الرفيق سعدون كاظم غاوي ورفاقه رحيم غزاي ومبدر حميد سيف وماجد علي عمران وعلي حسين هومي، تضمنت رزا وزيتا ولحما ومعجون طماطم. وجاءت هذه السلال تبرعا من أصدقاء الحزب في منطقة “عرب جاسم”.

شيوعيو المنصور يكسون الفقراء

وضمن حملات التكافل الاجتماعي التي يواصل الحزب الشيوعي العراقي تنظيمها، وزعت منظمة الحزب في المنصور/ اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، ملابس العيد على عدد من العائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود.

وشكلت المنظمة لهذا الغرض، فريقا تطوعيا من سكرتيرها وعدد من رفاقه، قام بتوزيع الملابس على عائلات في مناطق الوشاش وحي السلام (الزراعي) ومنطقة التجاوزات في حي الإسكان الغربي.

وأعربت العائلات التي شملها التوزيع، عن شكرها إلى الشيوعيين على مبادرتهم هذه، وعلى وقوفهم إلى جانب أبناء شعبهم خلال الظروف الصعبة.

من شيوعيي كربلاء.. سلال غذائية

كما زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، السبت الماضي، “مدينة الحسين الطبية”، مهنئا في مناسبة عيد الأضحى.

وكان في استقبال الوفد، وكيل مدير المدينة، د. أنور الدهان، الذي رحب به وأثنى على مبادرات الحزب الداعمة للملاكات الصحية في حربها ضد كورونا.

وخلال الزيارة، وزع الوفد سلات غذائية على نحو ثلاثين عاملا من ذوي الأجر اليومي، الذين يعملون في ردهات المرضى. فيما وزع هدايا على عدد من الممرضين المتميزين، العاملين في الأقسام الطبية المعرضة للخطورة.

كما زارت اللجنة المحلية، في سياق ذي صلة، مستشفى الأطفال التعليمي، ووزعت سلات غذائية على عدد من العاملين فيه.

وضم وفد اللجنة المحلية كلا من سكرتيرها الرفيق سلام القريني، ورفيقيه مرتجى إبراهيم، عضو اللجنة المحلية، وإبراهيم حلاوي عضو لجنة الرقابة المركزية.

*********

شيوعيو بابل يواصلون إغاثة مرضى كورونا

الحلة – طريق الشعب

للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، من خلال فريقها الطبي التطوعي (فريق الأمل)، إغاثة المرضى المصابين بفيروس كورونا.

ونظم الفريق خلال الأيام الأخيرة، زيارات منتظمة إلى العديد من المرضى المحجورين في منازلهم بمدينة الحلة، مقدما لهم الرعاية الصحية، وموفرا المستلزمات الطبية الضرورية، كأجهزة التنفس وقناني الغاز والمعقمات والأدوية.

وفي السياق، أعربت اللجنة المحلية عن شكرها إلى جميع الرفاق والأصدقاء، الذين تبرعوا بالمال لشراء المستلزمات الطبية إلى المرضى.

**********

ناقشوا جملة من قضايا الراهن

شيوعيو المحمودية ينظمون جلسة حوارية

بغداد – طريق الشعب

نظمت لجنة شاكر محمود الأساسية للحزب الشيوعي العراقي/ اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، صباح السبت الماضي، جلسة حوارية حول جملة من القضايا الراهنة. الجلسة التي احتضنتها قاعة مقر منظمة الحزب في قضاء المحمودية، شارك فيها عدد من الشيوعيين وأصدقائهم. المحور الأول الذي تمت مناقشته في الجلسة، هو تحالفات الحزب، وما يتعلق بقيام بعض القوى السياسية بوضع العراقيل أمام الإصلاح، خشية من فقدان امتيازاتها. أما المحور الثاني، فقد تناول الوضع الصحي المتردي في البلد، والذي كشفت عن هشاشته جائحة كورونا.  كما جرى التطرق إلى ظروف البلد الاقتصادية، ومشكلة ازدياد نسبة الفقر بسبب غياب فرص العمل، فضلا عما يتعلق بمعاناة ذوي الدخل المحدود في ظل أزمة كورونا. وفي سياق الجلسة التي أدارها سكرتير اللجنة الأساسية الرفيق سعدون كاظم غاوي، تم الاتفاق على إطلاق حملة توعية صحية، تجري فيها دعوة المواطنين إلى عدم التهاون في ارتداء الكمامات والقفازات الوقائية، والالتزام بتعليمات التباعد الاجتماعي.

*************

نقطة ضوء

اعتذار عبود

والمرأة العجوز!

طه رشيد

لم يجد صديقي عبود بُداً من القبول بالممثلات اللاتي كن من نصيبه (كنَّ اسوء ثلاث ممثلات شكلا وصوتا ولفظا واداءً) للعمل في مسرحيته، وهي اطروحة تخرجه، بمطلع سبعينيات القرن الماضي، في اكاديمية الفنون الجميلة. وكانت اللجنة المشكلة من كبار الفنانين، آنذاك، إبراهيم جلال وجعفر السعدي، سامي عبد الحميد، بدري حسون فريد، قاسم محمد...

كان “ عبود” معروفا بقفشاته وسرعة بديهيته الهزلية. صعد عبود ليلقي كلمة المخرج (وكانت كلمة المخرج ضمن سياق الامتحان ويحسب لها جزء من درجة النجاح حالها حال اختيار الممثل/ الطالب المناسب للشخصية في هذه المسرحية او تلك)، صفق له زملاؤه المشاهدون، اخرج ورقة كبيرة من جيبه، سرعان ما دعكها واعادها الى جيبه الثاني. ارتجل عبود بالحاضرين، لجنةُ واساتذةً وطلاباً، كلمة مختصرة جاء فيها: “ خرج الامير ومعه خادمه للصيد، وفي الطريق قال الامير لخادمه اذا اصطدت ارنبا فلك الارنب وإن اصطدت غزالا فلك ارنب. انا الخادم”!

وغرقت القاعة، اساتذة وطلابا، في الضحك لاعتذار صديقنا، بطريقة ذكية عن سوء “ شكولات” ممثلاته!

الاعتذار من شيمة الكبار، افرادا ومجاميع، شرط ان يكون في محله، كما فعل عبود، والا ينقلب ضده! حتى لو تراكم الغيظ بوضعك او بوضع وطنك الى الدرك السفلي من القهر والالم! وبكلمة أكثر وضوحا: الوضع الحالي الذي يمر به شعبنا لا نحسد عليه نتيجة تراكمات سياسية قاتلة اعتمدت المحاصصة وعاثت فسادا خلال أكثر من خمسة عشر عاما وتحول الوطن الى مكان غير قابل للعيش الكريم لفقدانه المنظومات الحياتية الاساسية!

ماهو موقف “ المثقف” مما يجري؟ ما المطلوب منه؟ ماذا عليه ان يفعل؟ او ليس “ تبصير” الجمهور يُعدُّ من المهام الارأس للمثقف الوطني؟!

لا اعتقد ان المثقف يحتاج الى ندب حظه او البكاء على اطلال تاريخ مضى عليه قرون ولا الاعتذار من الجلادين الذين حكموا وطنه قبل هذه الحقبة ووقف ضدهم في يومٍ ما، فهم لا يستحقون بالمطلق الاعتذار، وليس النظام السابق هو المقصود بل كل الحكومات التي حكمت العراق منذ ١٩٦٣ وليومنا هذا فهي لا تستحق الاعتذار!

والاسوأ لا يبرر السيء مثل ما السيء لا يبرر الاسوء. ومقارنة العجوز العراقية بين نظام صدام والوضع الحالي هو الجواب الشافي حيث قالت: صدام وجهه” امصخم” والجماعة بيضوه!

ليس غريبا ان تكون المرأة العجوز اكثر ذكاء من ذلك المثقف في تشخيصها لانها صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير المنشود!