العدد 178 السنة 85 الجمعة 17 تموز 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1

على طريق الشعب

خطوات

نريد لها ان تتكامل

أقدمت الحكومة المؤقتة في الفترة الأخيرة على إجراءات تخص بسط هيمنة الدولة على المنافذ البرية والبحرية، واتخذت خطوات من شأن تطبيقها السليم والمضيّ بها قدما نحو تحقيق مبررات اتخاذها، ان تؤمّن مصدر دخل جيدا للدولة في وقت انخفضت فيه موارد النفط الخام المصدر الى اكثر من ٧٠ في المائة، مع استمرار تداعيات تفشي وباء كورونا وحالة الانكماش في الاقتصاد وسوق العمل وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ويستلزم المضي في هذه الإجراءات مواجهة الضغوط والعراقيل المحتملة التي ستضعها العناصر والجهات المتضررة، وهي الاجراءات التي تفقدها أموالا طائلة. إذ يشير المختصون الى ان حصة الدولة من واردات المنافذ (يقدر مجموعها بأكثر من عشرة مليارات دولار سنويا) تتراوح بين ١٠و٢٠ في المائة فقط، فيما تذهب الحصص الباقية الكبيرة الى مجاميع مختلفة، منها ما يعمل تحت غطاء شركات معروفة الأسماء ومن يقف وراءها، وقسم آخر يأخذ حصته تحت ضغط السلاح الذي يمتلكه ويستخدمه خارج اطار الدولة ومؤسساتها.

ان هذه الخطوات ملحة وضرورية، والمطلوب أيضا ليس فرض هيمنة الدولة على المنافذ المعروفة والمشخصة فقط، بل كذلك إلغاء المنافذ غير الرسمية، وهي ثغرات يمر منها كل ما هو غير قانوني وغير مسموح به.

من جانب آخر يفترض بهذه الخطوات التي تسير في الاتجاه الصحيح، الا تقتصر على منافذ معينة، برية وبحرية، بل ان تشمل جميع منافذ البلاد، ومع كل دول الجوار، وان تكون للدولة وقوة القانون كلمتها الاولى والفصل فيها.

كذلك يتوجب الالتفات الى الكمارك والى المنافذ الجوية، أي المطارات، والتي تحتاج هي الأخرى الى ان تمتد يد الاصلاح اليها.

ولكي تأخذ هذه الإجراءات مداها، يفترض ان لا تكون مجرد ردة فعل على أوضاع معينة وعلى شحة وارد الدولة حاليا، بقدر ما يتوجب ان تكون ضمن منظومة متكاملة من الخطوات التي تفضي الى اصلاح شامل في المنظومة الإدارية والمالية، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وابعاد الفاسدين والفاشلين عن مراكز القرار، واسناد الوظيفة العامة عموما الى ذوي الكفاءات والإمكانات الفعلية والنزيهة، وعدم تدوير وتجريب المجرب تحت ضغوط الارادات السياسية المتنفذة، وسعيها الى ادامة مصالحها ونفوذها على حساب المصلحة العامة وجوع وفقر ومرض الملايين.

وفِي هذا السياق يبقى مطلوبا، وعلى جدول اعمال الحكومة المؤقتة، الاقدام على خطوات عملية وملموسة لضرب بؤر الفساد، وهي معروفة وملفاتها حاضرة، وان يتم تفعيل نتائج اللجان التحقيقية ونفض الغبار عنها، وتجنب التسويف والمماطلة والتردد وهدر الوقت.

 ان تنفيذ هذه وما يماثلها من الخطوات يتطلب الحزم والإرادة السياسية والإدارة الحكيمة وتوفير مستلزمات نجاحها، وان تأتي في سياق أولويات المواطنين ومطالبهم، وعندئذ ستحظى بدعم واسناد شعبيين، يوفران غطاء للمزيد منها.

************

رائد فهمي: الحكومة مدعوة لتلبية مطالب الشعب ووضع البلاد على سكة الإصلاحات

بغداد – طريق الشعب

أكد الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن العراق يواجه اليوم نوعين من الأزمات الشديدة، ودعا حكومة مصطفى الكاظمي إلى الاستجابة للمطالب الشعبية، ووضع البلاد على سكة الإصلاحات العميقة، وتغيير منظومة حكم المحاصصة والفساد.

وقال الرفيق فهمي في مقابلة لصحيفة “النهار” الكويتية نشرت أمس الأول، أن العراق يواجه أزمات ظرفية ناشئة عن انتشار وباء كورونا، وآثاره الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تشكل تحديات كبيرة.

وإلى جانب الأزمات الظرفية - يضيف رائد فهمي - يواجه العراق أزمات بنيوية على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

ويستطرد إن حكومة الكاظمي مطالبة بالاستجابة للمطالب الشعبية وبوضع البلاد على سكة الإصلاحات العميقة وتغيير منظومة حكم المحاصصة والفساد، وهي المثقلة بتركة السياسات والممارسات الخاطئة والفاشلة للسنوات السابقة، وبمحددات الأزمة الصحية والمالية وفي ظل أجواء التوتر الأمريكي- الإيراني وانعكاساته على الوضع السياسي الداخلي العراقي. 

وأوضح أن الكاظمي ضمّن منهاجه الحكومي مجموعة تعهدات وأهداف تستجيب للمطالب الشعبية، ومن أهمها تنظيم انتخابات مبكرة وتوفير شروط عدالتها ونزاهتها بعيدا عن تأثيرات المال السياسي والسلاح غير المنضبط، كذلك محاسبة قتلة المتظاهرين، واتخاذ خطوات عملية في محاربة الفساد وتحريك ملفات الفاسدين.. وغيرها.

وبيّن إن ما تحقق على الصعيد التنفيذي ما زال محدوداً، ولم يتلمس المواطنون اثرا إيجابيا ملموسا له، بل أن بعض الخطوات كانت غير موفقة ولم تعكس ترتيبا سليما للأولويات، مثل الاستقطاعات من الرواتب التقاعدية، التي تراجعت عنها الحكومة لاحقا.

وأكد أنه رغم قصر المدة التي مضت على تولي الحكومة المسؤولية، ينبغي التشديد  على أهمية أن تكون خطواتها وإجراءاتها التي تنطلق من نوايا وتوجهات إيجابية، مدروسة جيدا بجميع ابعادها، وأن تتم وفق أولويات صحيحة، وأن يجري التمهيد لها جيدا على المستويات السياسية والإعلامية والقانونية، إضافة إلى الآليات العملية للتنفيذ.

(المقابلة بنصها الكامل في عدد قادم)

*************

راصد الطريق

بيضاء راية تموز .. كانت وتبقى

لا جديد في مواقف البعض من ثورة تموز ١٩٥٨. وهم يعاندون رافضين مراجعتها رغم اكداس الحقائق المدللة على أصالة الثورة ببعديها الشعبي والوطني، برغم الثغرات والهفوات التي قد ترافق احداثا كبيرة كالتي حصلت صبيحة ذلك اليوم التموزي العظيم.  

مواقفهم ليست مستغربة، لكن اللافت ان يسعى غيرهم الى كيل تهم باطلة للثورة وقيادتها ومناصريها، وليّ الحقائق واخراجها من سياقاتها، في مسعى لتسويد صفحة الجمهورية الأولى بعمرها القصير كله.

ومؤكد ان هذا غير منعزل عن المشهد العام في البلد، وعن حالة التردي الشامل واختلاط الاشياء وضياع المعايير والقيم.

ومؤكد أيضا ان المكتوين بنار الازمة الشاملة المطبقة يتساءلون وهم يرون صرحا شيد زمن ثورة تموز: لماذا لا نرى مثله اليوم، ومن المسؤول؟ ويأخذ الامر بعدا آخر عند ملايين العراقيين الطيبين الذين اكتووا حتى العظم بنار ٨ شباط الأسود ١٩٦٣، فالتصقت هذه التسمية شكلا ومضمونا به لا بغيره.

وتعرف هذه الملايين جيدا حقيقة الشيوعيين العراقيين ومعدنهم، فتنصح من يسيء اليهم بطلب الستر وبالسكوت، والا فليبرز شهادة سلوك حسن ونزاهة ووطنية، وبراءة الذمة من أموال الشعب المسروقة!

**************

ص2

كل خميس

العشوائيات

سبب تردي الكهرباء؟

جاسم الحلفي

أحد أغرب تبريرات تردي الكهرباء لدى خبراء طغمة الفساد، تم تداوله مؤخرا في مجاميعهم الخاصة، ومنهم من أفشاه همسا، ثم سرعان ما أمسى زعيقا. واستنادا اليه هناك سبب أساسي آخر يحول دون تحسن الخدمات في قطاع الكهرباء، الا وهو “الاحياء العشوائية وساكنوها”.

نعم، هذا ما توصلوا اليه: الاحياء الشعبية هي سبب التدهور في الكهرباء وليس الفاسدين وصفقاتهم المشبوهة، الذين هم المتسببون في أزمة إنتاج ونقل الطاقة الكهربائية وسوء توزيعها. ومرة اخرى: نعم، فقراء العراق وليس اللصوص النهابون هم من يحول دون إنسيابية وصول الخدمة الكهربائية، آمنة، مستقرة، دائمة، الى بيوت المواطنين وأماكن عملهم.

قالت العرب: “اذا لم تستح فأفعل ما شئت”، فمن لا يخجل مما اقترفت أياديه من جرائم نهب المال العام، لن يخجل قطعا من القاء شائن أفعاله على أكتاف الفقراء والمهمشين، الذين لا يجدون لأنفسهم مأوى سوى “مساكن” بنيت على عجل من الصفيح والبلوك، وهي بالكاد تقيهم جهنم أشعة شمس الصيف، في أحياء لا تصل اليها الخدمات الا بالقطارة! 

عبثا ينتظر المرء لحظة إعتراف صادقة، يقدم عليها مسؤول من بين جميع المتسببين بالكوارث التي أغرق بها العراق، وتحمل الشعب جراءها أعباء ثقيلة، ولا أمل يرتجى  من  طغمة أوغلت في غيها، فلا ضمير يردعها ولا قيم إنسانية تحول دون مواصلتها الكذب والتدليس وخداع الناس وتضليلهم.

الفساد يجانب العدل، وإذ لم تبقَ في ضمائر النهابين لحظة صحو واحدة، لا نتوقع قيام أحد منهم بحساب مقدار استهلاك الطاقة الكهربائية في قصر واحد من قصورهم الفارهة مع ملحقاته والحمايات، ليكتشف انها تعادل ما يحتاجه حي كامل من الاحياء العشوائية. فالبيت في الحي العشوائي لا مكيفات للهواء فيه، ولا مبردة حتى،  لذا بالكاد تشغل كهرباؤه مروحية أرضية مع  مصباحين، أي ما لا يتعدى  ثلاثة أمبيرات لا اكثر.

أن وجود العشوائيات وإنتشارها في ظل سوء الخدمات، حيث انعدام الصرف صحي،  وشحة  الماء الصالح للشرب، وتردي الكهرباء، يصاحبه نقص الخدمات الطبية، وهو دليل أدانة لطغمة الحكم، وصورة مجسمة لخزيها، وشريط ينطق بعارها.

لقد غاب عن طغمة الحكم واجب الدولة، التي بددت حكوماتها ميزانيات (إنفجارية) هباء دون ان يرف لها جفن. وبلغ الانفاق على الكهرباء وحدها أرقاما تجاوزت ٦٤ ملياردولار، من دون ان يتحقق شيء يذكر، نظرا لعدم المحاسبة وضياع السؤال عن تلك الأموال الطائلة؟  وحتى الان لا يوجد سجل رصين دونت فيه حركة الأموال وأبواب إنفاقها!

لم تهتم طغمة الفساد بتأمين سكن لائق لسكنة العشوائيات، وتوفير الخدمات الأساسية ومنها الكهرباء، علما ان هذا وذاك حق لهم كما جاء في نص المادة ٣٠ من الدستور: “تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.)

**********

مركز مراقبة الانترنيت:

تجديد رخص شركات الهاتف النقال “إجراء غير مدروس”

بغداد ـ طريق الشعب

عدّ مركز مراقبة الانترنيت في العراق، إقدام هيئة الاعلام والاتصالات على تجديد رخص شركات الهواتف النقالة (زين، آسيا سيل وكورك)، اجراء مباغتا وغير مدروس.

وقال حسام الخطاط، عن المركز، في تصريح لـ “طريق الشعب”، ان “قيمة التراخيص التي تم منحها الى شركات الهواتف النقالة منذ عام 2007 ولمدة 15 سنة، تبلغ 1,250 دولارا للرخصة الواحدة”، مبينا أن “تلك الشركات لم تقم بتسديد مبالغ الرخص، بحجة انها تضررت عام 2014 بسبب احتلال تنظيم داعش الارهابي محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار”.

 وتابع قائلا، انه “بالرغم من ذلك، قامت هيئة الاعلام والاتصالات أخيرا، بناء على قرار غير مدروس، بتجديد رخص هذه الشركات لفترة 5 سنوات. فيما هناك اتفاقيات مبطنة لم يتم الاعلان عنها الى الآن، تقضي بتمديد الفترة الى 3 سنوات اضافية”.

ولفت الخطاط إلى انه “لو كانت الحكومات المتعاقبة جادة في استكمال مشروع الخط الوطني للانترنيت، لساهم ذلك في تدارك جزء كبير من الازمة المالية التي يشهدها العراق اليوم”، مضيفا أن “ترانزيت الانترنيت الذي يمر عبر العراق ليصل الى دول الجوار، كفيل بجلب واردات مالية تصل الى ملياري دولار سنويا”.

وأوضح أن “الفساد المستشري، والذي تساهم في جزئه الأكبر جهات سياسية تعمل في خدمة مصالحها الشخصية، عرقل مشروع الخط الوطني للانترنيت، شأن بقية المشاريع، ولولا ذلك لساعدت إيرادات المشروع في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية الحالية”.

وبيّن الخطاط، أن “المركز، وبصفته جهة رقابية، ناشد الحكومة أكثر من مرة وضع حلول للمشكلات المتعلقة بخدمات الاتصال والانترنيت، وزودها ببحوث ودراسات حول موطن الخلل وسبل علاجه، لكنها لم تستجيب إلى مناشدته، ما اضطره إلى التوجه لمجلس النواب”.

وأوضح بهذا الخصوص، أن “لجنة الاتصالات والإعلام في مجلس النواب، أبدت تعاونها مع المركز، وهي الآن في طور اجراء اللقاءات مع هيئة الاعلام والاتصالات، لغرض اعادة دراسة موقفها الاخير بتمديد عقود التراخيص وإعادة النظرفيه”، مبينا أن “المركز اقترح على اللجنة أيضا، فسح مجال العمل أمام شركات الهاتف الموجودة خارج العراق، أملا بأن تكون خدماتها التي تقدمها للمواطنين، أفضل مما قدمته الشركات التي عملت في البلد لسنوات، والتي لم تكن خدماتها متناسبة مع حجم الأموال التي تجبيها من عملائها”.

  هذا واصدر المركز، أخيرا، بيانا طالب فيه مجلس النواب بالتدخل العاجل لمنع تجديد رخص شركات الهاتف النقال “كون هذه الشركات تتجاوز على حقوق المواطنين الذين يعانون سوء خدمة الاتصال والانترنيت. كما انها مدانة للدولة بمليارات الدولارات”.

ورأى المركز في بيانه، ان قرار تجديد الرخص “غير عادل” بحق المواطن وخزينة الدولة “وفيه غبن واجحاف لحقوق الدولة، وهو واحد من أخطر القرارات التي تستحق كل التدقيق والنقاش الشفاف، لانه يتعلق بمليارات الدولارات التي تجنيها شبكات الاتصال في العراق، وهذا التمرير يثير الريبة و يطرح علامات استفهام كبيرة.

كما ذكر المركز في البيان، انه أجرى مقارنه بين واقع الاتصالات في العراق ودولة الامارات، مبينا ان “عدد المشتركين في خدمة الاتصالات في العراق 38 مليون مشترك، لثلاث شركات، وأن هذه الشركات تدفع 18 في المائة من ايراداتها السنوية للحكومة العراقية، اي ما يقدر بـ 500 مليون دولار في السنة، في حين ان عدد المشتركين في خدمة الاتصالات في الامارات يبلغ 12 مليون مشترك، لشركتين فقط، وهما تدفعان 15 في المائة من إيراداتهما سنوياً للحكومة الاماراتية، وتقدر 2.5 مليار دولار”.

وعن تفاصيل تجديد رخص شركات الهاتف في العراق، أكد انه “تم تجديد كل رخصة لمدة 5 سنوات، بالإضافة الى منح هذه الشركات رخصة الترددات (4 جي)، وأن يتم استيفاء ديونها على دفعتين، الاولى نسبتها 50 في المائة تدفع قبل توقيع الاتفاق، والـ 50 في المائة المتبقية، الدفعة الثانية، تدفع خلال خمس سنوات ومن دون اي فوائد”.

ولفت المركز في بيانه الى ان “مجلس الوزراء لم يوضح في بيانه قيمة عقد ترددات الجيل الرابع”، مبينا أن “التقسيط بلا فوائد غير عادل. وفي وقت كان فيه المواطن ينتظر من الحكومة انقاذه من جشع شركات الهاتف العاملة حالياً، والتي تقدم خدمات دون المستوى المطلوب عالمياً، خرج مجلس الوزراء علينا بقرار يتضمن توصية العاملين في هيأة الإعلام والاتصالات، بتمديد رخص الشركات الثلاث دون مزايدة، وبمبلغ زهيد قياساً بدول الجوار”.

***********

اللجنة العليا تقلص ساعات الحظر

وتعيد فتح المولات والمطارات

بغداد – طريق الشعب

قررت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، أمس، تقليص ساعات حظر التجوال واعادة فتح المولات والمطارات، فيما حددت موعد رفع الحظر كلياً.

وقالت اللجنة في بيان، إنها “عقدت اجتماعا اليوم، وقررت تقليص حظر التجوال من التاسعة والنصف مساءً لغاية السادسة صباحاً، وإعادة فتح المولات مع الالتزام بالشروط الوقائية”. وأضافت، أنها “قررت ايضا رفع الحظر كلياً بعد عيد الأضحى مع الالتزام بالشروط الوقائية، وإعادة فتح المطارات بدءاً من الثالث والعشرين من الشهر الجاري، وفتح منافذ المنذرية وسفوان والشيب أمام التبادل التجاري”، موجهة “هيأة الإعلام والاتصالات بالطلب من المؤسسات الإعلامية بتكثيف حملات التوعية والالتزام الصارم بالوقاية وفكرة التعايش مع الوباء”. وكانت وزارة الصحة أعلنت، امس الخميس، تسجيل 90 حالة وفاة بسبب كورونا وأكثر من 2200 إصابة جديدة، ومع الموقف الوبائي لهذا اليوم، يكون مجموع الشفاء:  54316، مجموع الأصابات :86148، الراقدين الكلي: 28310، الراقدين في العناية المركزة: 382، مجموع الوفيات:  3522.

***********

تهنئة

في مناسبة العيد المندائي الكبير «دهوا ربا - الكرصة» نتوجه بالتهاني الى اخوتنا في الوطن من الصابئة المندائيين، المقيمين داخل العراق وخارجه، متمنين لهم حياة آمنة وكريمة في عراق بلا محاصصة وفساد، يرفل بالسلام والتآخي.

***********

ص3

نائب: تنسيق بين المركز والإقليم ضمن هذه الوجهة

على غرار المنافذ.. الكاظمي يوجه بحماية الموانئ ويتوعد الفاسدين

بغداد – طريق الشعب

أجرى رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أمس الأول، جولة في ميناء أم قصر الشمالي بمحافظة البصرة، في إطار حملة مكافحة الفساد في المنافذ الحدودية، وذلك بعد أيام قليلة من زيارته منفذين حدوديين في محافظة ديالى، وأمره القوات العسكرية بحمايتهما وإطلاق النار على أي عصابة تحاول أن تعيد سطوتها على هذه المنافذ. فيما أكد نائب في البرلمان، عن تنسيق ومباحثات ايجابية بين المركز والإقليم، بشأن ملف المنافذ وكيفية إداراتها أيضا.

الموانئ أيضا

وذكر المكتب الإعلامي للكاظمي في بيان تلقته “طريق الشعب”، أن “مدير عام المنافذ الحدودية قدّم عرضاً مفصلا عن واقع ميناء أم قصر الجنوبي والأوسط والشمالي، والآليات والإجراءات المتخذة لانسيابية العمل هناك، وما تم اتخاذه في ضوء توجيهات رئيس مجلس الوزراء”.

وأضاف البيان، “رئيس مجلس الوزراء وجّه أثناء ذلك بحماية الحرم الكمركي في الموانئ من قبل قوات عسكرية ومنع أي قوة أو جهة تحاول الدخول اليه عنوة، كما وجّه بالحد من الإجراءات الروتينية المعقدة، والعمل على تدوير الموظفين للحد من الفساد، وأكد أن الجميع تحت المراقبة، ولدينا معلومات عن الفاسدين في الموانئ وستتم ملاحقتهم قانونيا”.

وأكد الكاظمي بحسب البيان، أن “الموانئ تعد من أهم المنافذ الحدودية في كل دول العالم، فهي تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، ولا بد من وضع الخطط اللازمة لتطويرها”، مبينا إن “البلد يمر بأزمة مالية واقتصادية، وأهم الإيرادات المالية غير النفطية التي يمكن أن تدعم خزينة الدولة تأتي من الموانئ والكمارك، إلا أننا نواجه اليوم تحديا كبيرا فيما يتعلق بهذين المنفذين، وهي فرصة للحكومة لأن تفرض القانون والنظام فيهما”.

تنسيق مع الإقليم

في الأثناء، أكد عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية، توصل الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى اتفاق حول المنافذ الحدودية.

وقال عضو اللجنة، هريم كمال أغا، في تصريح صحفي، إن “المنافذ الحدودية لها أهمية كبرى من الناحية الاقتصادية وتنظيمها ضرورة ملحة لتعظيم اقتصاد الدولة في إطار الدستور، وتكون المنافذ تحت إدارة وزارة المالية وشؤون المنافذ”.

وأشار أغا، إلى إن “التعامل السابق في المنافذ أضر بالموارد الاقتصادية للعراق”، معتبرا “إعادة تنظيم المنافذ والموارد على أساس إعادتها إلى خزينة الدولة أمر جيد”.

وأضاف النائب “تم التطرق لمنافذ الإقليم خلال الاجتماعات السابقة بين بغداد وأربيل، وقد حصل اتفاق مع إقليم كردستان بوضع خارطة طريق وفق الدستور لإدارة المنافذ بالمرحلة القادمة”، مبينا أن “الاجتماعات التي عقدت بين المركز والإقليم بهذا الشأن كانت جيدة وفي الجلسات السابقة سلم الإقليم إحصائيات كاملة إلى بغداد”، منوها إلى إن “حكومة الإقليم مستعدة للاتفاق مع بغداد حول إدارة المنافذ الحدودية. كما إن وجهة نظر الحكومة الاتحادية والكاظمي هي للوصول إلى اتفاق لإنهاء المشاكل، حيث تم التطرق لآليات دستورية بالاجتماعات السابقة وكانت النتائج إيجابية وهي الآن باتجاه الوصول لاتفاق نهائي”.

***********

تهريب الانترنت يكلف الدولة 10 ملايين دولار شهريا

ونائب يتهم شركات مرخصة

بغداد – طريق الشعب

تحدث رئيس لجنة الخدمات والاعمار النيابية، وليد السهلاني، أمس، عن خسارة خزينة الدولة 10 مليون دولار بسبب تهريب سعات الانترنت، فيما اتهم شركات مرخصة، تقوم بعمليات التهريب.

وقال السهلاني في تصريح صحفي، إن “الأموال المترتبة على خزينة الدولة بسبب السرقات وتهريب هذه السعات تقدر بما بين 8 إلى 10 مليون دولار شهريا”، معتبرا أن “هذه السرقات جعلت من شبكة الانترنيت في عموم العراق ضعيفة”.

وأضاف، أن “تهريب سعات الانترنيت تصل قيمته إلى أكثر من عشرة ملايين دولار شهريا”، مؤكداً أن “عمليات الصدمة التي تنفذها وزارة الاتصالات تتطلب ضرورة الإسراع في نصب بوابات النفاذ الضوئي للحد من ظاهرة التهريب”.

وطالب السهلاني، بـ”محاسبة الشركات التي تقوم بتهريب سعات الانترنيت من وإلى دول جوار العراق”، داعياً إلى “إنهاء عمل هذه الشركات لأنها لا تملك الجدوى الحقيقية وليست حريصة”.

وأكد، أن “عمليات الصدمة التي تقودها وزارة الاتصالات تأتي للحد من تهريب سعات الانترنيت التي تكلف الدولة العراقية مبالغ كبيرة وطائلة”، موضحا ان “عملية التهريب تتم عن طريق نصب أجهزة خاصة (أبراج بالخفاء) لتهريب سعات من الانترنيت إلى مناطق مجاورة أخرى”.

وتابع رئيس لجنة الخدمات أن “هناك مواقع مخفية وأجهزة خاصة تقوم باستلام سعات معينة من الانترنيت من خارج العراق قبل دخولها في الشبكة الرسمية ثم تهرب إلى أماكن ومناطق أخرى”، مضيفا أن لجنته “طلبت من وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات ضرورة الاسراع في نصب بوابات النفاذ”.

وأكمل ان “بوابات النفاذ الضوئي هي المسيطر على سعات الانترنيت وستساعد من الحد لعمليات التهريب والتأثير على الشبكة العامة لخطوط الانترنيت وانعكاساته الاقتصادية على واقع العراق في ظل الأزمة الحالية”.

وقال السهلاني إن “عمليات التهريب متواجدة في محافظات كركوك وديالى ونينوى من قبل مجاميع خاصة تسعى لتمرير سعات الانترنيت دون أن تدخل في الشبكة الوطنية الرسمية العراقية مما يؤدي إلى خفض سعات الانترنيت”.

وانطلقت عمليات الصدمة بقيادة وزارة الاتصالات بتوجيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في محافظتي ديالى ونينوى وبمشاركة هيئة.

**********

الأزمة تتفاقم والحلول ترقيعية

كهرباء البصرة في الحضيض!

البصرة – حافظ الجاسم

تعاني محافظة البصرة، منذ أيام، ترديا في الكهرباء الوطنية، وقلة في ساعات التجهيز، الأمر الذي أرهق المواطنين وزاد من معاناتهم، خاصة في ظل الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، وتفاقم أزمة كورونا وتداعياتها.

وتحدث مواطنون من أهالي المحافظة، إلى “طريق الشعب”، عن معاناتهم المريرة بسبب أزمة الكهرباء، مطالبين الجهات المعنية بوضع حل عاجل لها.

المواطن جبار سعد، قال انه “منذ الايام الماضية واجهنا مشكلة الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي.. تلك المشكلة التي اعتدنا على مواجهتها كل عام في مثل هذا الوقت، مع ارتفاع درجات الحرارة”، لافتا إلى انه بالرغم من تكرار هذه الأزمة سنويا، إلا أن الحكومة لم تضع حلا لها.

وطالب سعد، الحكومة بالإسراع في معالجة مشكلة الكهرباء، ووضع خطط استراتيجة بهذا الصدد، مبينا أن أعباء الأزمة تقع على كاهل المواطنين، خاصة ذوو الدخل المحدود الذين لا يستطيعون الاشتراك في خطوط المولدات الأهلية.

أصحاب المولدات يستغلون الأزمة

في الوقت الذي تقل فيه ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية، يستغل بعض اصحاب المولدات الاهلية حاجة الناس الى الكهرباء، ويلجأون إلى رفع سعر الأمبير. كل ذلك يتم في ظل غياب الرقابة الحكومية.

وفي هذا الشأن، يطالب المواطن عباس كرم، الجهات الحكومية بمراقبة عمل المولدات الأهلية، وتحديد سعر ثابت للأمبير يتلاءم مع الظروف الاقتصادية للمواطنين، خاصة الفقراء وذو الدخل المحدود، مشددا على ضرورة معالجة مشكلة الكهرباء الوطنية “سيما ان العراق يتملك من الموارد البشرية والمادية ما يؤهله لتزويد جميع محافظاته بالكهرباء، وتصدير الفائض منها إلى دول الجوار” – على حد قوله.

موظفو عقود الكهرباء بلا رواتب

وفي ظل تردي الظروف المعيشية للكثير من العائلات، جراء أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، لا يزال موظفو العقود في دائرة كهرباء البصرة بلا رواتب منذ ما يزيد على الأربعة أشهر. وبهذا الصدد يذكر المواطن عمار حاجم، ان “عدم تسليم موظفي العقود في دائرة كهرباء البصرة رواتبهم الشهرية، اضطر البعض منهم، خاصة في قسم الصيانة، إلى مطالبة المواطنين بدفع المال مقابل تصليح الأعطال التي تحدث في محولات الأزقة والمناطق السكنية.

مسيرة احتجاجية في قضاء الزبير

ونتيجة لتردي وضع الكهرباء وانقطاعاتها المستمرة، نظم العشرات من أهالي قضاء الزبير، صباح الثلاثاء الماضي، مسيرة احتجاجية انطلقت من “فلكة ثويني” في “سوق سوادي”، الى دائرة الكهرباء في مركز القضاء.

 وطالب المحتجون بزيادة ساعات تجهيز الكهرباء، ووضع حلول سريعة لمشكلة الانقطاعات المستمرة وضعف الطاقة في العديد من الأماكن السكنية.

**************

ص4

في التغذية  و بيع وشراء المواد وتهريب الممنوعات وغيرها

مصادر في سجون بغداد

تكشف آليات فساد واسع يمارس يوميا

طريق الشعب – خاص

كشفت مجموعة مصادر تعمل داخل السجون في بغداد، آليات وطرق الفساد والاستغلال التي يمارسها المستثمرون بحق السجناء، فيما تبقى المساحة مفتوحة للعمل أمام تجار المخدرات داخل السجون، فضلا عن تفاصيل مثيرة أخرى تحدث أمام أنظار المسؤولين، بما فيها ظاهرة بيع الهواتف على السجناء بمبالغ خيالية، وغيرها.

جشع وفساد

ويقول مصدر مطلع على سجون دائرة الاصلاح العراقية، إن “أسعار كل البضائع الموجودة في الحانوت التي يحتاجها المسجونون، تبلغ ضعف سعرها عشر مرات. حيث يصل سعر علبة البسكويت إلى خمسة آلاف دينار داخل السجن، وكذلك قداحة النار التي يصل سعرها إلى 11 الف دينار”.

ويضيف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، في حديث مع “طريق الشعب”، إن “إدارة الحوانيت داخل السجون، تحال إلى مستثمر خارجي يعمل تحت إشراف مدير القسم، وهكذا تسير الامور في باقي الأقسام في السجون. علما إن ارتفاع اسعار البضائع تكون أمام انظار مدراء السجون ولا نعلم أين دون مدير دائرة الاصلاح العراقية؟”، مشيراً إلى إن “ارتفاع اسعار البضائع بهذه الطريقة يشكل عبئا على النزيل في السجن المضطر للشراء من الحانوت، والسؤال المطروح هو من المستفيد من هذا الموضوع. ولا بد من التأكيد على إن جهات عديدة تشارك المستثمرين هذه الأرباح”.

 

فساد في عقود الأغذية

مصدر آخر، تحدث عن وجود فساد كبير يحصل داخل السجون تشترك به جهات حكومية.

وأوضح المصدر الذي يعمل داخل أحد السجون ورفض الكشف عن أسمه خشية الملاحقة أو المضايقة، إن “وجبات الطعام الثلاث التي تقدم إلى النزيل، لا تتجاوز قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وهي بسيطة جداً بكميتها”، مضيفاً إن “وجبة الافطار تتكون من  قطعة خبز صغيرة وبيضة واحدة، وفي الغداء كمية قليلة من الرز ومرق خال من اللحوم، والعشاء يتكون من تفاحة مع قطعة خبز صغيرة أو بطاطا مسلوقة”.

ويوضح المصدر، إن “لكل سجين مخصص مالي يومي يبلغ 11 الف دينار، في حين إن قيمة هذه الوجبات لا تتجاوز ثلاثة آلاف دينار أو أقل. وبالتالي فان هناك مبالغ طائلة مفقودة، خصوصاً وإن عدد المسجونين في العراق يبلغ حوالي 54 الف شخصا، وتبلغ الأموال المفقودة يوميا حوالي أكثر من 400 مليون دينار، تدخل في جيوب الفاسدين وبعض المسؤولين المتعاونين معهم”.

يُذكر إن “وزارة العدل هي المسؤولة عن عقود الطعام مع المستثمرين والشركات المعنية، لتجهيز سجون دائرة الاصلاح العراقية”.

آلية تسويق المخدرات

وتنمو من جانب آخر، ظاهرة بيع المخدرات داخل عدد غير قليل من السجون. والظاهرة هذه بشكل مؤكد ليست بعيدة عن سطوة واستثمارات الفاسدين.

ويوضح مصدر مطلع داخل سجن الكرخ، لـ”طريق الشعب”، إنه “تم الكشف مؤخرا عن شبكة تدير بيع المخدرات بين النزلاء، وكان يديرها نزيل تم الحكم عليه بأحكام ثقيلة وهو من المجرمين الخطرين في هذا السجن”.

ولفت المصدر إلى إن “النزيل هذا يقوم بالتنسيق مع مكتب صيرفة خارج السجن بالتعاون مع ذويه. ويقوم كل من يرغب من السجناء بتعاطي المخدرات، بشرائها من خلال إيداع مبلغ من المال في مكتب الصيرفة بمساعدة أحد ذويه ايضاً. حيث إن السجين المستهلك للمادة المخدرة يتحجج بذرائع مختلفة لإقناع ذويه بإيداع المبلغ المطلوب. ويقوم صاحب الصيرفة فيما بعد بإبلاغ السجين المروج للمخدرات باستلامه المبلغ وبالتالي يقوم تاجر المخدرات بإيصالها للسجين المستهلك وهم في داخل السجن”.

ويتحدث أحد الموظفين في السجون  لـ”طريق الشعب”، إن “السجناء يعانون من عدة ويلات، أهمها ضعف الخدمات.

ويضيف قائلا: “بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانعدام اجهزة التبريد، مات أحد السجناء قبل اسبوعين تقريباً بسبب شدة الحر واكتظاظ القاعات”، مضيفا “يتم بيع الهواتف على السجناء من قبل المنتسبين بمبلغ يصل إلى ألف دولار، حيث يشترك مجموعة سجناء في الهاتف الواحد”.

ويؤكد المصدر الذي لم يكشف عن أسمه، إن “أمن السجون بين حين وآخر يقومون بجولة تفتيشية ويصادرون اجهزة السجناء من دون محاسبة المسؤولين عن بيعها”.

**********

مواساة

• بمزيد من الأسى والحزن تنعى محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي عقيلة الرفيق هادي نهام الخفاجي، الرفيق الذي واكب عمل حزبنا منذ شبابه الباكر ولا زال لصيقا بالحزب داعما له بما يستطيع رغم تقدمه في السن، للفقيدة الذكر الطيب ولرفيقنا العزيز خالص العزاء.

• بمزيد من الأسى والحزن تنعي هيئه الاطباء في محلية المثقفين للحزب الشيوعي العراقي بوفاة عقيلة الرفيق الدكتور ابراهيم عباس، وهو شقيق اللاعب الدولي المرحوم جمولي، للفقيدة الذكر الطيب وللعائلة جميل الصبر والسلوان.

• تعزي محلية المثنى للحزب الشيوعي العراقي عائلة صديق الحزب الشخصية الوطنية المهندس احمد فزاع طاهر (ابو أزل) مدير بلديات محافظة المثنى الأسبق، للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان .

• ببالغ الحزن والأسى تنعى المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق النصير علي حسين الحسيني وهو واحد من رفاق المحلية الذين ناضلوا وقارعوا النظام الدكتاتوري في جبال كوردستان، وتعرض خلال نضاله الطويل الى الاعتقال والتعذيب الذكر الطيب للفقيد والصبر والسلوان لعائلته.

**********

وزارة التربية نفت احتساب المعدل التراكمي

تأكيدات رسمية: امتحانات “السادس الإعدادي” ستجري في موعدها وستكون سنة عدم رسوب

بغداد – طريق الشعب

نفت وزارة التربية، مؤخرا، قبولها مقترح احتساب المعدل التراكمي لطلبة السادس الإعدادي، فيما أكدت مع لجنة التربية النيابية أن موعد الامتحانات ما زال نفسه وسيقام في اليوم الثامن من شهر آب القادم.

الامتحانات في الموعد

ووفقا لبيان وزارة التربية، فأن “أي قرار باحتساب المعدل التراكمي لطلبة الإعدادية غير صحيح وننفيه، ونحذر من ضعاف النفوس الذين يبتغون اضعاف همة طلبتنا تجاه اداء الامتحانات الوزارية”.

وأضافت الوزارة، أن “ما أثير في بعض مواقع التواصل الاجتماعي من وجود قرار باحتساب المعدل التراكمي لطلبة المرحلة الإعدادية غير صحيح. والموضوع تم حسمهُ في وقتٍ سابق من قبل اللجنة الدائمة للامتحانات، مع تحديد الثامن من آب المقبل موعداً لامتحانات السادس الاعدادي بكافة فروعه”، داعية الطلبة إلى “استثمار الفرصة وبذل المزيد من الجهد لتحقيق أعلى نسب النجاح، واعتماد الأخبار والقرارات الرسمية من المواقع الرسمية التابعة لها، وعدم تصديق الإشاعات المغرضة ممن يبتغون ارباك العملية التعليمية في البلاد، واضعاف معنويات الطلبة تجاه أداء الامتحانات الوزارية”.

سنة عدم رسوب؟

وفي الأثناء، كشفت عضو لجنة التربية النيابية، هدى جار الله، عن موقف لجنتها من اعتماد المعدل التراكمي لطلبة السادس الإعدادي فيما تحدثت عن حصول اتفاق مع وزارة التربية بخصوص الامتحانات النهائية.

وقالت جار الله، في تصريح صحفي، إنه “تم الاتفاق مع لجان الامتحانات في وزارة التربية على اعتبار هذه السنة سنة (عدم رسوب)، للصف السادس الإعدادي”، مشيرة إلى أن “الامتحان قائم بموعده في الثامن من آب”.

وبينت النائب، إن “ اللجنة ناقشت اعتماد المعدل التراكمي ولكن الوزارة ارتأت ان الموضوع صعب تنفيذه ولا ينصب في مصلحة الطالب”، لافتة إلى إن “تمديد موعد الامتحانات او تأجيلها لا يصب في مصلحة الطالب”.

التركيز على الدراسة

وفي السياق، دعا عضو لجنة التربية النيابية، عباس الزاملي، الطلبة لعدم الالتفات إلى التصريحات المختلفة التي تحاول تشتيت انتباههم عن التركيز على واجباتهم، وأكد لهم إن الامتحانات ستقام في موعدها المحدد.

وقال الزاملي في تصريح صحفي لوكالات الأنباء، أنه “بالنظر لوجود تصريحات كثيرة تخص طلبة السادس الإعدادي، وما يخص المعدل التراكمي، فإننا نهيب بالطلبة بان الامتحانات ستكون في وقتها المقرر بالثامن من شهر آب المقبل”، مبينا ان “وزارة التربية لديها كافة الاجراءات بالتنسيق مع خلية الازمة لترتيب وضع الطلبة من الجانب الصحي، وتوفير كافة المستلزمات للحفاظ على سلامة حياة الطلبة، واجراء الامتحانات هو امر ضروري جدا ومهم جدا كونه يحدد مصير طلبة السادس الإعدادي”.

***************

ص5

شيوعيو النجف يغيثون مرضى “كوفيد 19” بالأوكسجين

النجف - احمد عباس

استجابة لمقترح قدمه سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد فهمي، وزعت اللجنة المحلية للحزب في محافظة النجف، أجهزة واسطوانات أوكسجين على العشرات من المرضى المصابين بفيروس كورونا.

يأتي ذلك في سياق مبادرة “نحن معكم” التي أطلقها الحزب لمساندة الكوادر الصحية في حربها ضد فيروس كورونا.

وبالتنسيق مع عدد من المنظمات المدنية والجهات الصحية، وفرت اللجنة المحلية، بإشراف نائب سكرتيرها الرفيق أحمد عباس، 60 جهازا لإعطاء الأوكسجين، و12 اسطوانة أوكسجين، ووزعتها على أكثر من 50 عائلة لديها مصابين بالوباء.

وقد تم نصب الأجهزة للمرضى، تحت إشراف طبي متخصص.

وفي سياق ذي صلة، أعربت اللجنة المحلية عن شكرها إلى الخيرين المساهمين في مبادرة “نحن معكم” في النجف، والذين تبرعوا بالمال لشراء أجهزة واسطوانات الأوكسجين، وهم كل من السادة مكي السلطاني، عبد مسلم السلطاني، حامد الصراف، عدي ابو طبيخ، المهندسة الزراعية سعدية راهي، ابو علي الخفاجي، محمد الدخيلي، باسم بلال، عبد علي وهب (ابو شجن)، داود مله سلمان، صباح الخفاجي، عمار بلال، التقنية زهراء عبد الله بلال ود . سوادي الفضلي.

هذا ونظمت اللجنة المحلية زيارة ميدانية تفقدية إلى “فرقة الإمام علي” القتالية التي تساهم في دفن الموتى من ضحايا كورونا. كما زارت مركز الأورام السرطانية ومديرية الدفاع المدني ورئاسة صحة النجف وقسم العمليات والإسعاف الفوري في “مستشفى الحكيم”.

إلى ذلك تواصل اللجنة المحلية توزيع السلات الغذائية على العائلات المحتاجة، ورفد ساحة اعتصام النجف، يوميا بقوالب الثلج. فيما يقوم “فريق سيرجيو ديميلو”، بتعفير الدوائر الحكومية والمدارس.

************

سلات غذائية إلى فقراء الفضل والشيخ عمر

بغداد – طريق الشعب

وزعت لجنة عزيز محمد الأساسية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الأولى، الاثنين الماضي، سلات غذائية على نحو 50 عائلة متعففة وعاطلة عن العمل، في منطقتي الفضل والشيخ عمر.

يأتي ذلك في سياق حملات التكافل الاجتماعي، التي يواصل الحزب تنظيمها لمساعدة العائلات التي توقفت أعمالها بسبب قرار الحظر الصحي وتداعيات أزمة كورونا.

وجاءت هذه السلات، تبرعا من بعض الخيرين.

شيوعيو الكاظمية

يوزعون سلات غذاء

بغداد – طريق الشعب

تواصل المنظمات التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الكرخ الأولى، شأن بقية منظمات الحزب في بغداد والمحافظات، حملات التضامن والتكافل الاجتماعي مع العائلات الفقيرة، التي انقطعت بها سبل الرزق جراء أزمة كورونا وتداعياتها. منظمة الحزب في مدينة الكاظمية، وزعت اليومين الماضيين، سلات غذائية على عائلات متعففة في مناطق البحية وأم النومي والسميلات والأنباريين وشاطئ التاجي، في المدينة.

وشارك في حملة التوزيع هذه، سكرتير اللجنة المحلية للحزب في الكرخ الأولى، الرفيق أبو علي المشهداني.

وفي السياق، وزعت منظمة الحزب في الصالحية، أخيرا، وجبة فطار على مجاميع من العمال الموجودين في منطقة علاوي الحلة، ووجبة أخرى وزعتها على المعتصمين في ساحة التحرير.

**********

مبادرة “نحن معكم” في قضاء شط العرب

البصرة – طريق الشعب

في سياق مبادرة “نحن معكم”، زار وفد من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في قضاء شط العرب بمحافظة البصرة، أخيرا، المركز الصحي في القضاء.

 ووزع الوفد على العاملين في المركز، من أطباء وممرضين وغيرهم، مستلزمات طبية. كما قدم إليهم باقة ورد تثمينا لجهودهم الكبيرة في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.

************

الشيوعيون يوزعون سلات غذائية على فقراء السيدية

بغداد – طريق الشعب

وزعت اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي واللجنة المحلية للحزب في الكرخ الثانية، أول أمس الأربعاء، سلات غذائية على عدد من العائلات المتعففة في منطقة “شقق السيدية” ببغداد.

وتأتي هذه الحملة استمرارا لحملات التكافل الاجتماعي، التي دعا الحزب، كل تنظيماته إلى تنفيذها، عبر جمع التبرعات المالية، وتقديم المساعدات للعائلات المتضررة جراء أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

وضمت السلات لحوما وبقوليات ومعجون طماطم، وغير ذلك من المواد الغذائية.

********

شيوعيو المنصور

يتضامنون مع كوادر الصحة

ضمن نشاطات مبادرة “نحن معكم”، شكلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المنصور/ اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، فريقا جوالا قام بتعليق لافتات تعرّف بالمبادرة، التي أطلقها الحزب لدعم الكوادر الصحية في حربها ضد وباء كورونا.

وعلق الفريق اللافتات على جدران العيادات الشعبية في منطقة الوشاش، والمركزالصحي في حي الطوبجي.

كذلك وزع الفريق على المواطنين، الكثير من الكمامات الطبية.

وفي سياق ذي صلة، شكلت منظمة الحزب في الصالحية، فريقا مماثلا، قام بتعليق لافتة الحملة على واجهة المستوصف الصحي في منطقة علاوي الحلة.

كما وزع الفريق عشرات الكمامات على المواطنين.

*************

شيوعيو الحلة يوزعون مستلزمات طبية

الحلة – طريق الشعب

تواصل اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، تنظيم حملات المساعدة في سياق مبادرة “نحن معكم”، التي أطلقها الحزب لدعم الكوادر الصحية المتصدية لوباء كورونا.

ووزعت اللجنة المحلية، الثلاثاء الماضي، مستلزمات طبية على الكوادر الصحية في مستشفى بابل للولادة بمدينة الحلة.

وتضمنت المستلزمات، 500 “كانيولا” للأطفال، و550 زوجا من القفازات المعقمة، و40 “كاون” وقائي، فضلا عن 5 منظمات أوكسجين.

في كركوك

الشيوعيون وأصدقاؤهم

يوزعون كمامات وقفازات

كركوك – فارس علوان

شكلت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كركوك، بالتعاون مع عدد من المنظمات المدنية الصديقة المساهمة في مبادرة “نحن معكم”، فريق عمل قام بتوزيع مستلزمات وقاية صحية على المواطنين.

وتجول الفريق الذي ضم شيوعيين وأعضاء في اتحاد الشبيبة الديمقراطي ورابطيات من رابطة المرأة العراقية، في منطقة المجيدية بمركز المحافظة، ووزع على المواطنين ومنتسبي القوات الأمنية والباعة، كمامات وقفازات طبية.

وفي حديثه مع جمهور واسع من الناس، قدم الفريق إرشادات صحية لمواجهة فيروس كورونا، ودعا إلى أهمية الالتزام بتعليمات الوقاية، حماية للفرد والعائلة والمجتمع.

وساهمت السيدة نادية، وهي ناشطة مدنية تشرف على ورشة لخياطة الكمامات، بالتبرع بعدد من الكمامات إلى مبادرة “نحن معكم”.

*********

ص6

السياسة الإدخارية وضرورة مراجعتها

ابراهيم المشهداني

تعرض العراق كسائر دول العالم الى ازمة صحية خطيرة لم يشهدها منذ عشرات السنين، تتمثل بجائحة كورونا، غير ان حجم آثارها تختلف من بلد الى اخر، بحسب واقع وطبيعة النظام الاقتصادي السائد، ولكون الاقتصاد العراقي يتسم بالضعف فيما يتعلق بالمتغيرات الكلية التي تشمل الاستهلاك والادخار والاستثمار والدخل القومي والناتج المحلي الاجمالي واسعار الفائدة جعلته يترنح أمام هذه الجائحة الخطيرة.

 ومن الواضح ان هذه الجائحة قد تركت تأثيراتها على كل تلك المتغيرات، فقد طغى النمط الاستهلاكي على الإنفاقين الحكومي والخاص على حساب الادخار والاستثمار وتطوير البنى التحتية والانشطة الانتاجية الوطنية.

 ولعل المتغير المهم الذي سنتوقف عنده، هو الادخار، وبصورة أعم السياسة الادخارية التي لم تحظ بما يكفي من الاهتمام من قبل الحكومة أولا ومن السلطة النقدية ثانيا، وقد انعكس ذلك بوضوح على قلة السيولة النقدية لدى الدولة وجهازها المصرفي، فأحرجها في مواجهة الرواتب والنفقات الضرورية الأخرى وخاصة في مواجهة هذا الوباء الخطير وانقاذ حياة العراقيين من خلال توفير مستلزمات العلاج ومتطلبات العيش لمن لا يملك مصدرا ثابتا للدخل.

وجزئية الادخار هذه والتي تمثل استثمارا استباقيا  ترتبط بعنوان  أوسع، الا وهو التراكم المالي التي يعاني منه العراق والذي كان يعاني من اشكاليات ثلاث؛ الأولى تتعلق بالإنفتاح على حركة رؤوس الأموال، والثانية تتعلق بظاهرة الاكتناز التي تشكل 70 في المائة من حجم الكتلة النقدية المتداولة في السوق ومقدارها 41 تريليون دينار عراقي في عام 2016، وخطورة هذه الاشكالية تتمثل في تعطيل رؤوس الاموال في حركة الاقتصاد بسبب المناخ الاستثماري المتردي وتخلف الجهاز المصرفي وسوء خدماته في تحفيز عملية الادخار، واما الإشكالية الثالثة فتتمظهر بتركز رأس المال بيد الطغمة المالية المهيمنة على السلطة والجهاز المصرفي، وجل ثروتها وتراكماتها المالية تأتي عبر المضاربات المالية والمتاجرة العالية الربح الضعيفة القيمة المضافة وحالة عدم المساواة العميقة في توزيع الدخل والثروة .

ان تنشيط حركة الإيداعات وخاصة الثابتة منها، وكذلك تنشيط حركة الاستثمار يتطلبان مراجعة السياسة النقدية في ضوء الظروف المستجدة. فان الإقبال الواسع على القروض الصغيرة يجعل مستوى اسعار الفائدة مرتفعا، وهذا من الناحية النظرية يكون حافزا للادخار وسحب الكتلة النقدية الكبيرة المكتنزة لدى المواطنين، ولكن اسعار الفائدة الواقعية بالنسبة للإيداعات سواء الثابتة او التوفير منخفضة، وهنا تخرج عن منطق السوق الذي يحدده العرض والطلب. لهذا السبب تصبح السياسة الادخارية في العراق عاملا فاقد الحيوية في مواجهة الأزمة الاقتصادية خصوصا في زمن الكورونا.

وبناء عليه فإن بعضا من عملية الإصلاح الاقتصادي يتطلب مراجعة السياسة الادخارية عبر الفائدة، كأداة في تنظيم عملية الادخار وتحسين الخدمات المصرفية، ونقترح في هذا المجال ما يلي:

1. إعادة النظر بالسياسة النقدية في الجهاز المصرفي عبر أسعار الفائدة لتكون أداة ناجعة في سحب الكتلة النقدية المكتنزة لدى الأفراد والعائلات، وتنشيط الادخار وتحسين الخدمات المصرفية، لتحويل الكتلة النقدية المدخرة الى قطاع الاستثمار من اجل تحريك عملية التنمية المستدامة.

2. تعزيز الوعي الادخاري لدى الأفراد والعائلات ورجال الاعمال عبر سياسة مصرفية شفافة، وتقديم التسهيلات الكافية للمودعين والتخفيف من الاجراءات الروتينية بغية تعزيز الموثوقية بالجهاز المصرفي.

3. من اجل تحويل عملية الادخار الى حركة استثمارية من الضروري التأكيد على شفافية التشريعات المتعلقة بالاستثمار بعيدا عن الغموض لمنع الاجتهادات الخاطئة في تفسير النصوص بما يعرقل عملية الاستثمار.

***********

ما هكذا تورد الأبل يا سعدى

مزاحم الجزائري

لا زالت اشكالية تجديد الحكومة لرخص شركات الهاتف النقال مثار جدل واستهجان واسعين في الأوساط الشعبية، والفعليات السياسية، ووسائل الاعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشوبها من الغموض والضبابية الشيء الكثير.

ففي الوقت الذي تعاني فيه الحكومة من ضائقة مادية خانقة جرّاء انخفاض اسعار النفط وتناقص كمياته المصدرة، وتفشي وباء كوفيد 19 وما يتطلبه من مستحقات مالية، كان لزاما عليها ـ بعد أن قبلت التحدي بشجاعة ـ أن تمضي قدما بمعالجة الاختناقات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية الواحدة تلو الأخرى، خاصة والشارع ينظر بعين التشكك والربية لمفردات برنامجها المعلن، بسبب التجارب المريرة مع الحكومات السابقة. وكان أمامها من المعالجات الممكنة الكثير للتخفيف من وطأتها والحد من تداعياتها، كاللجوء ـ مثلا ـ إلى مسك واردات المنافذ الحدودية ـ الرسمية وغير الرسمية ـ لما تدرّه من ايرادات لا يستهان بها، أو الشروع بفتح أيّ ملف من ملفات الفساد الكثيرة المطروحة أمامها.

وما يثير دهشتنا واستغرابنا في معرض هذا الحديث، أن تفاجئنا وسائل الاعلام بموافقة رئاسة مجلس الوزراء على تجديده رخصة الهاتف الجوال على الشركات ذاتها، الشركات التي طال التذمر والشكوى من سوء إدائها، وتلكئها بسداد ديون للدولة بذمتها، تأخّر دفعها لسنوات دونما مبرر.

إنّ المتابع لهذه الاشكالية، يلحظ بوضوح تام، أنّ ثمة هدر متعمد للمال العام باد للعيان في العقد المبرم، وتهاون مبهمة أسبابه مع هذه الشركات، ولا أحد يعلم ما الغاية منه! وإذا كانت الأعمال لا تقاس بالنوايا الطيبة، بل بالتوجهات المدروسة والسليمة، فما بالك إذا كانت هذه النوايا نفسها يشوبها الغموض وتلفها الضبابية؟ وإذا كان معرض القول ينبثق من مقامه؟ فما مقاميّة القول هنا؟ هل تجديد العقد لثمان سنوات أخرى قرار صائب يصب في مصلحة البلاد ويتسق مع التوجهات الداعية إلى الاصلاح والتغيير؟ خاصة والحكومة الآن تواجه تحديات حقيقية لا تحسد عليها، والمتربصون بها لا يعربون عن عصيانهم وتمردهم لاشتراطاتها علانية، بل ويفتعلون المشاكل والتحديات بغية عرقلة توجهات الحكومة وحرفها عن مساراتها الصحيحة. وعلى ضوء ذلك لم يكن أمام الحكومة التي تواجه تحديات لا يمكن احصاؤها سوى اللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي، في محاولة لمعالجة واحدة من أهم الاشكاليات المعقدة وهي الإيفاء بدفع مستحقات الموظفين، والمتقاعدين، وذوي الرعاية الاجتماعية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يكون للحكومة دين ممتاز على جهة مقصرة في إدائها، ومتلكئة في دفع مديونيتها وخدمة الأنترنيت لازالت عاجزة عن تحميل أجوية الطلبة الجامعيين في امتحاناتهم للفصل الثاني لضعفه ويعني هذا فشلهم في الاختبار، فضلا عن فشلها في تلبية حاجات المستخدمين للأنترنيت بالصورة المطلوبة، فلم التهاون معها؟ وما سبب استيفاء نصف الديون، وجدولة المتبقي بدون فوائد؟

وإذا كان هناك ثمة تقصير حاصل في التعاقد السابق، بسبب شبهات فساد، أو بسبب تدني الكفاءة الفنية المطلوبة في الجيل الثالث، أو في قصور متعمد للجهات الراعية له، فهل سيكون بمقدورها أن تنهض بخدمة الجيل الرابع؟ ألم يكن من الأولى بالحكومة وهي في (شدّة مالية) أن تسترجع ديونها أولا؟ ومن ثمّ تطلق الرخصة الرابعة للشركات المنافسة! وما الضير في أن تتكفل وزارة الاتصالات ـ وهي من الوزارات العتيدة في العراق ـ بهذه المهمة وليدها الخبرات والكادر الطويل العريض، وهذا يكفل للحكومة الوقوف بوجه التحديات الضاغطة عليها ولو إلى حين، لأنّ عوائدها تعدُّ موردا مهما لخزينة الدولة.

إنّ التجديد لرخصة هذه الشركات ـ يعني فيما يعنيه ـ مكافأة لتلاعبها بحقوق المواطنين، المتمثل برداءة خدماتها، وارتفاع اسعارها ـ بالقياس إلى دول الجوار ـ وهو تثمين لدورها العابث، وتفريط واضح بمصالح الناس واحتياجاتهم، جرّاء عدم احترامها لتعهداتها المبرمة في عقد الاتفاق السابق، ما يتطلب من الحكومة ايقاف العمل بالعقد الجديد، والسعي لإيجاد مخرج يضمن مصالح   البلاد، ويلبي حاجة المواطن.

**********

ص7

في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد

استقالة الحكومة التونسية بعد ضغوط النهضة

متابعة – طريق الشعب

قدمت الحكومة التونسية استقالتها إلى الرئيس التونسى قيس سعيد.

 وذكرت وسائل إعلام تونسية، أن رئيس الجمهورية  طلب من إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة التونسية وحكومته تقديم استقالتهم.

وفى وقت تتعقد الأزمة السياسية فى تونس بعد تصاعد الخلاف بين حركة النهضة ورئيس الحكومة عقب إعلانه عن نيته إجراء تعديل وزاري، رداً على دعوة النهضة إجراء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، قررت الحركة، فجر الأربعاء، سحب الثقة من إلياس الفخفاخ.

ووفقا لما أوردته وسائل اعلام عربية، فان ذلك  جاء ذلك في ختام اجتماع طارئ لمجلس شورى حركة النهضة، حيث اتهمت رئيس الوزراء  بشبهات الفساد،  وما اسمته بتضارب المصالح ، رغم عدم صدور نتائج التحقيق بشأنها حتى اليوم.  ويذكر أنه خلال الأيام الماضية، شهدت الساحة السياسية في تونس أحداثاً متسارعة.

وتصاعد الخلاف بين الفخفاخ والرئيس قيس سعيّد من جهة، ومع حركة النهضة من جهة أخرى، على خلفية دعوة الأخيرة إلى مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، في ظل شبهات تضارب مصالح تلاحق الفخفاخ منذ أسابيع.

وقدم عدد من الكتل البرلمانية،  إلى مكتب ضبط مجلس نواب الشعب، لائحة سحب ثقة من الفخفاخ، وقعها 105 نواب عن كتل حركة النضهة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وعدد من المستقلين.

و اندلعت حرب برلمانية بين الأحزاب التونسية حيث  يدعو احدها الى سحب الثقة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، في حين يدعو اخرون  الى سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، على وقع الخلاف المتصاعد  بينه وبين حركة النهضة التي قررت الذهاب إلى البرلمان لسحب ثقتها منه.

ومن شأن استقالة الفخفاخ قطع الطريق على النهضة التي ضمنت الأصوات اللازمة لسحب الثقة من الفخفاخ وبالتالي تعود إليها مبادرة تعيين رئيس حكومة جديد، حيث يكون لرئيس الجمهورية أحقية أن يختار من جديد الشخصية الأقدر لخلافة رئيس الحكومة المستقيل، وفق ما تنص عليه المادة  98 من الدستور التونسي، وجاء في الفقرة الأولى من هذه المادة «تُعَدّ استقالة رئيس الحكومة استقالة للحكومة بكاملها، وتقدم الاستقالة كتابة إلى رئيس الجمهورية الذي يعلم بها رئيس البرلمان».

وقال الفخفاخ خلال اجتماعه بممثلي المنظمات الوطنية في البلاد، إن تونس لم تعد تحتمل مزيدا من الإرباك والمناورات السياسية، مشيرا إلى ضرورة إنجاز الاستحقاقات الاجتماعية العاجلة بعيدا عن الصراعات الحزبية.

وفى أخر تصريحات  الفخفاخ  قبل استقالته قال: تعرضنا إلى مساع حثيثة من قبل حركة النهضة غايتها إدخال تعديلات جوهرية في طريقة عملنا.  وأضاف رئيس الحكومة التونسية، أن تصرفات حركة النهضة أضعفت انسجام الحكومة.

وتابع الفخفاخ ، أن دعوة حركة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة تعتبر انتهاكا صارخا للعقد السياسي الذي يجمعها مع مكونات الائتلاف الحكومي، لافتا إلى أن دعوة حركة النهضة تشكل استخفافا بالاستقرار الحيوي لمؤسسات الدولة وباقتصاد البلاد المنهك.

وقال رئيس وزراء تونس إن حركة النهضة أجهضت جهود الحفاظ على الائتلاف الحكومي . وأضاف ؛  أن تدخلات النهضة أربكت عمل حكومة تونس وقوضت الاستقرار.

************

بلغاريا:  استمرار الاحتجاجات

ضد الحكومة

متابعة – طريق الشعب

استمرت الاحتجاجات في بلغاريا ، وتظاهر آلاف الأشخاص ضد الحكومة لليوم  الرابع على التوالي. وفي العاصمة صوفيا ، تجمع المتظاهرون أمام البرلمان مطالبين باستقالة رئيس الوزراء المحافظ بويكو بوريسوف. وقد اندلعت الاحتجاجات بسبب حملة تفتيش طالت  المقر الرسمي للرئيس رومين راديف. واعتقل ضابط في  مكافحة الفساد ومستشار أمني للرئيس بهدف استجوابهما. وتم التفتيش على خلفية اتهامين بـ "الفساد" و "خيانة أسرار الدولة". ولام رئيس الجمهورية رئيس الوزراء  على تصرفات المدعي العام ضد موظفي مكتبه. وفي خطاب تلفزيوني له يوم السبت ، اتهم الحكومة بممارسة تسلكات  "مافيوية" وطلب منها  الاستقالة.

**********

المانيا: تهديد قيادات يسارية بالقتل!

متابعة – طريق الشعب

اكدت قيادة حزب اليسار الألماني ورئاسة كتلته البرلمانية فشل السلطات الأمنية في حماية  الناشطين اليسارين. وكان عدد من  الشخصيات القيادية في الحزب قد تلقت تهديدات بالقتل من منظمة نازية معروفة ب"القومية السرية"، وشملت التهديدات كل من نائبة رئيس الحزب ورئيسة كتلة الحزب في ولاية هسن جانين فيسلر، ورئيسة الكتلة البرلمانية في ولاية برلين آنا هلم، وعضوتي  كتلة الحزب في البرلمان الاتحادي مارتينا رينر وهلين ارفيم سومر. وكذلك  الفنان المعروف  إيديل بايدر والمحاميية سيدا باساي - يلدز ، التي مثلت  عوائل ضحايا المنظمة النازية السرية  في محاكمات ميونيخ التي شغلت الراي العام الألماني في السنوات الأخيرة.

وكان رئيس شرطة ولاية هسن قد استقال من منصبه على اثر فضيحة تجسس الشرطة على معلومات شخصية تخص القيادية اليسارية جانين فيسلر، ارتباطا بوجود شبكات نازية في مؤسسة الشرطة.

وقد اعتبر حزب اليسار استقالة رئيس الشرطة غير كافية، وطالب باستقالة وزير داخلية الولاية، وتنظيف مؤسسات الجيش والشرطة من النازيين الجدد

********

التعديل الوزاري في السودان

تراجع عن حكومة الكفاءات  وبروز المحاصصات الحزبية

الخرطوم - قرشي عوض

تقدم عدد من وزراء الحكومة الانتقالية باستقالاتهم فيما اقيل آخر، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين تراجعا عن حكومة الكفاءات، التي وعدت قوى الحرية والتغيير ان لا تجعلها عرضة للمحاصصات الحزبية. وجاء هذا بعد ان تراجع بعض الاحزاب عن العهد الذي قطعه على نفسه، واعلن رغبته في شغل حقائب وزارية وفي ان يكون له تمثيل في مجلس السيادة. ما يعتبر نوعاً من الضغط الذي تمارسه الحاضنة السياسية على رئيس الوزراء.

 وهذا بالرغم من ان بعض الوزراء المقالين والمستقيلين كانوا مثيرين للجدل، ومنهم وزير المالية الذي قوبلت سياساته المنحازة للمؤسسات العالمية باستهجان من بعض قوى الثورة، ممثلة في لجان المقاومة وتجمع المهنيين واللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير. كذلك وزير الصحة المقال، والذي حاول تطبيق نوع من سياسات القطاع العام في مجال الصحة، الذي تسيطر عليه مافيا الدواء والمستفيدين من خصخصة الخدمات الصحية في العهد المباد. وقد وجهت ضده حملة في وسائل التواصل، وصفته بانه غير متعاون مع طاقمه الوزاري المكون في معظمه من عناصر النظام السابق. فجاءت اول اشادة بهذا الاجراء الرئاسي في المجال الصحي من قبل وزير الصحة السابق بولاية الخرطوم، الذي افرج عنه موخراً وحاصرت الجماهير منزله عقب خروجه من السجن باعتباره من سدنة حكم البشير.

لكن جهات اخرى ترجع التعديلات الى ما اعتبرته انجازاً تم في ملف السلام، بعد ان وقعت حركات متمردة مع الحكومة على اتفاق في جوبا بالاحرف الاولى، وعادت على اثره فصائل الجبهة الثورية الى الخرطوم لاستئناف المفاوضات داخل ارض الوطن. وهو اجراء كاد ان يصل الى اتفاق شامل، لولا ان عطلته احداث فض الاعتصام الدامية ببعض مدن اقليم دارفور. فانسحبت اثرها حركة تحرير السودان، احد فصائل الجبهة، من المفاوضات وطالبت باستئنافها في جوبا. ليعود المبعوث الجنوب سوداني الى بلاده نهاية هذا الاسبوع.

وبرغم هذه التعقيدات لم يستبعد المراقبون التوصل الى اتفاق سلام خلال الايام المقبلة. وهذا يقتضي افساح المجال للقادمين الجدد. وقد راجت انباء عن مطالبة الجبهة الثورية بعدد من الوزارات ومقاعد في مجلس السيادة، لكن ياسر عرمان كبير المفاوضين في الجبهة الثورية اعلن انهم لم ياتوا من اجل الوزارات، وانهم يعملون من اجل تحقيق السلام وعدم تجدد القتال.

من جانبها انقسمت قوى الحرية والتغيير حول الموقف. فقد صرحت قيادات في كتلة نداء السودان المكونة للتحالف في تغريدات لها بان التغيير الوزاري كان بعلمهم وبالتشاور معهم، وارجعوه الى ضعف الوزراء المقالين. فيما اعلنت احزاب من كتلة البديل الديمقراطي ان قوى الحرية والتغيير لم تتم استشارتها في الخطوة، وان رئيس الوزراء تصرف بمحض ارادته، وهو تصرف وصفته بالخاطيء.

 لكن المربك انه وفي هذا الوقت اعلنت احزاب من الكتلتين الدخول في تحالف جديد. واذا كان الاجراء في حد ذاته لا يتعارض مع لوائح قوى الحرية، وقد سبق لاحزاب اخرى ان دخلت فيه، الا ان حدوثه في هذا التوقيت يضع خطوطاً تحت عملية التعديل الوزاري. خاصة وان بعض تلك الاحزاب يصفها المراقبون بانها باتت مسيطرة على الحكومة، وتشكل اهم حلقات الضغط التي تؤثر في قرارتها الى جانب حلقة اخرى تسميها الصحافة بحلقة (المزرعة)، جلها من مفصولي الحزب الشيوعي وبعض الشخصيات المتحلقة حول رئيس الوزراء..

وتحتمل الخطوة تفسيرات اخرى،  وقد اشار البعض الى انها ربما تعكس تقارباً بين مكونات السلطتين العسكرية والمدنية برعايه اقليمية، وان بعض مكونات قوى الحرية والتغيير على علم به. خاصة وان وزيرة المالية المكلفة، التي عملت في مؤسسات مالية اقليمية ودولية مثل البنك الدولي وشركة ارامكو للنفط، كانت حسب بعض التسريبات قد اشادت بقوات الدعم السريع لمداهمتها مخازن تتبع احد عناصر النظام القديم، فيها معدات لمحطات توليد كهربائي بالخرطوم. كما توقف بعض الناشطين على الفيسبوك عند ردة فعل رئيس الوزراء تجاه احداث فض اعتصامات هذا الاسبوع في دارفور، واشاروا الى انها لم تكن في مستوى الحدث، وان بيان الحكومة كان باهتاً وينطوي على ارضاء للمليشيات التي ارتكبت المجزرة.

هذا الى جانب ان وزير الصحة المقال كان غير مرضي عنه من بعض القيادات العسكرية والمدنية في مجلس السيادة، وقد طلبت من حمدوك اقالته عدة مرات، في خطوة حدت منها تحركات لجان المقاومة.

*********

ص8-9

آن الأوان لإنصاف الثورة المغدورة ورموزها

عادل حبه

لا يختلف المنصفون والباحثون الاكاديميون حول تحديد هوية ثورة 14 تموز بكونها ثورة سياسية - اجتماعية من طراز رفيع، بل في عداد أبرز الثورات الوطنية الاجتماعية التي حدثت في القرن العشرين. فهذه الثورة تعد سياسية لكونها غيرت جذرياً من هوية البناء السياسي للنظام شبه الاقطاعي وشبه المستعمر الذي كان قائماً في العهد الملكي، وحولته إلى نظام جديد لصالح الفئات الاجتماعية التي لها مصلحة في سيادة البلاد وازدهارها ورفع الغبن عن مواطنيها المظلومين اجتماعياً وطائفياً وقومياً. وفسحت الثورة المجال لكل العراقيين في ممارسة حقهم في الانخراط الواسع في النشاط السياسي. كما إن هذه الثورة أجرت تعديلاً جذرياً في علاقات العراق الدولية لينحاز إلى قوى التحرر الساعية إلى بناء علاقات دولية عادلة وديمقراطية، ورفض المنظومة الاستعمارية ومنظومة الأحلاف العسكرية التي سممت العلاقات الدولية، وبناء العلاقات الدولية على أساس المصالح المشتركة بين الدول بغض النظر عن هويتها السياسية والاجتماعية وليس على الوصايات والانتدابات.

كما إن ثورة تموز تعد ثورة اجتماعية. فقد ألغت النظام شبه الاقطاعي، الذي ساد ريف العراق وألحق الظلم بغالبية الفلاحين، من خلال توزيع أراضي الدولة والأراضي التي سطا عليها الاقطاعيون في العهد الملكي، وحدّت من نفوذهم عبر إلغاء المنظومة التشريعية التي تكرس سطوة هذه الفئة الاقطاعية في الريف العراقي. وهذا هو أهم، بل وفي مقدمة ما أنجزته هذه الثورة الاجتماعية بتحرير جزء كبير من السكان ، الفلاحون، من حالة التهميش والتبعية والظلم. كما حققت هذه الثورة الاجتماعية أهم منجزاتها في إنصاف وتحرير نصف سكان العراق، أي المرأة العراقية، من طائلة التهميش والتمييز واللامساواة والتجهيل، من خلال تشريع قانون الأحوال الشخصية. كما شرعت الثورة باتخاذ خطوات جادة لمعالجة التمييز الطائفي والعرقي والقومي الذي أعتمد في بناء الدولة في العهد الملكي، عندما أكدت الثورة في دستورها المؤقت على أن العراقيين سواسية أمام القانون وشراكة العرب والأكراد في هذا البلد. وعلى هذا الاساس شرع بتوزيع مناصب المسؤولية على أساس الكفاءة وليس على قاعدة الهيمنة الطائفية أو العرقية. وشرعت الثورة بتنفيذ أوسع حملة في تاريخ العراق لمحو الأمية ونشر وتوسيع التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي والشروع بحملة لبناء شبكة واسعة من المدارس والمؤسسات التعليمية، وتوسيع البعثات الدراسية إلى الخارج. وبادرت الثورة بحملة هي الأوسع في تاريخ العراق للتخفيف من أزمة السكن وإزالة السكن العشوائي المهين والمخجل في أطراف المدن الرئيسية وخاصة في بغداد- الشاكرية. وخلال أقل من خمس سنوات من عمر الثورة جرى بناء العشرات من المشاريع الاقتصادية الضخمة التي أصبحت القاعدة الأساس لأية نهضة صناعية في البلاد. وأخذت الثورة على عاتقها مهمة الوقوف بوجه الفساد والمحسوبية والرشوة عن طريق تعيين عراقيين خبراء وإكفاء في المناصب الحساسة مما يسر للحكم أن ينجز خطوات جذرية ومنجزات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة جداً. كما وفر هذا الطاقم النزيه الفرصة لتحقيق حلم العراقيين في تحرير الاقتصاد العراقي والحد من سيطرة الاحتكارات النفطية أو القيود المالية الأجنبية بسبب ارتباط العملة العراقية في العهد الملكي بالاسترليني. هذه المنجزات التي تحققت خلال عمر قصير لم تحققها أية من الحكومات التي تولّت المسؤولية في العراق.

والقائمة تطول لتعداد ما أنجزته الثورة وفي أقل من خمس سنوات، هذه المنجزات التي لو كتب لها الاستمرار لتحول العراق إلى دولة النموذج في الشرق الأوسط. لقد كان من الطبيعي أن يولّد هذا الحدث الكبير بعمقه السياسي والاجتماعي استنفاراً عدائياً وردود فعل سلبية داخلية واقليمية وخارجية من قبل القوى التي لا ترى لها مصلحة في هذه الانعطافة في مسيرة العراقيين وبناء دولتهم الجديدة. وهكذا مدت هذه القوى الجسور مع القوة الاجتماعية والسياسية التي أزاحتها ثورة 14 تموز المجيدة، ناهيك عن مد الجسور مع القوى الخارجية التي وقفت عائقاً امام بلداننا في التحرر والبناء والتقدم. فالتيار القومي المتطرف في العراق انقلب على كل طروحاته التي أعلنها قبل ثورة تموز، ليمد الجسور داخلياً مع قوى الرجعية والارتداد، وخارجياً مع القوى التي كانت عائقاً أمام تحرر العراقيين وبناء دولتهم المستقلة المزدهرة، من شركات النفط إلى الأجهزة الأمنية للولايات المتحدة وبريطانيا ودول الجوار التابعة لهما. وأصبح كل هم هذا التيار هو الدخول في صفقات مشبوهة خارجية، وحبك المؤامرات والانقلابات العسكرية ضد النظام الجديد وبذرائع قومية أو دينية كاذبة، وبدعم من قوى عربية ودولية للأجهاز على الحكم الجديد بغض النظر عن هوية وشروط هذا الدعم. وشاركت تيارات دينية متطرفة هي الأخرى في هذه الحملة ودخلت في تحالفات مع التيار القومي العربي الطائفي المتطرف.

لقد كان الغدر ونكران الجميل هو القاسم المشترك لكل تلك القوى القومية والدينية المتطرفة التي ساهمت في إجهاض هذا المنجز التاريخي للشعب العراقي وإغراقه بحمامات الدم. فقد قوبلت مقولة الزعيم عبد الكريم قاسم «عفا الله عما سلف» بعد محاولة اغتياله من قبل حزب البعث، بالمزيد من التآمر وإغراق العراق بدوامة العنف ونزف الدماء. فهذا الحزب تحول بسرعة بعد ثورة تموز من حزب سياسي إلى مجموعة من البلطجية والشقاوات الذين تحركهم هستيريا التطرف القومي والديني بعد أن تسلطت عليه أكثر قوى التخلف في بلادنا. وهكذا إرتهن هذا الحزب لأجندات مشبوهة لإرادة قوى إقليمية وخارجية. وهذا ما يؤكده اعتراف بعض قادته والوثائق الكثيرة التي نشرت في الآونة الأخيرة. ولم تلق ثورة 14 إلاّ «نكران الجميل والعقوق» من محيطنا العربي، التي لم تهتد بالمثل العربي « وما جزاء الإحسان إلاّ بالإحسان»، وهو الداء الذي أبتلت به النخب المتطرفة القومية العربية. فقد بادرت حكومة الثورة إلى أرسال الكثير من أسلحة الجيش العراقي الغربية المنشأ إلى جيش التحرير الوطني الجزائري لمقارعة الاستعمار الفرنسي، بعد أن بادرت الثورة إلى إعادة تسليح الجيش العراقي بأسلحة شرقية المنشأ. كما أقدمت الثورة وإداراكاً منها لمظلومية الشعب الفلسطيني على تأسيس «جيش التحرير الوطني الفلسطيني» وتسليحه بالأسلحة الغربية التي كان يتسلح بها العراق في العهد الملكي. وبدلاً من أن تبادر غالبية النخب الجزائرية والفلسطينية برد الجميل للمبادرة العراقية، إلاّ أنها ناصبت العداء الشديد للثورة العراقية واتهام زعمائها بأفظع وأرخص الاتهامات، من عمالة عبد الكريم قاسم لبريطانيا وتهمة «قاسم العراق» وحرق القرآن من قبل أنصار الثورة إلى حد اتهام زعيم الثورة «بالجنون» وعلى لسان «زعيم القومية العربية» جمال عبد الناصر في خطاباته وأجهزة دعايته المغرمة بالأكاذيب والتهريج، والتي تعفف الزعيم عبد الكريم قاسم ولم يرد عليها ولو لمرة واحدة. وقامت منظمات فلسطينية مسلحة حتى بالتسلل إلى العراق، وقد أعتقل بعض قادتها في بغداد من الذين مازالوا على قيد الحياة، لتدريب المتآمرين على حرب الشوارع والمشاركة  في أعمال العنف ضد العراقيين، بالرغم موقف الثورة التضامني المشرف من الشعوب العربية وخاصة الشعب المغربي وقضية استقلاله واستقلال وسيادة جميع الشعوب العربية.

إن نكران الجميل لم يقتصر على من مدت يد الثورة لهم من العرب، بل طال حتى بعض العراقيين الذين عانوا ما عانوا من المنهج الطائفي الذي سارت عليه جميع حكومات العهد الملكي. فمن المعلوم إن الثورة وجهت ضربة قوي للنهج الطائفي وراحت تعالج الآثار المشينة لهذا النهج. وفتحت الثورة الأبواب أمام العراقيين وبشكل متساو لتولي المناصب الحكومية. وهذا مكسب كبير قد زعزع الأسس

لهذا المنهج الضار بوحدة وسيادة العراق، وأصبح جميع العراقيين سواسية أمام القانون، وليس هناك من يحتل المرتبة الثانية في سلم المواطنة، وسمحت لمن بقي في العراق  من المواطنين العراقيين اليهود بعد تهجيرهم من الحصول على الحق في الدراسة في المعاهد العلمية العراقية والعمل في مؤسسات الدولة بعد أن حرموا منها في العهد الملكي بذريعة قيام دولة إسرائيل. ولكن من الغرابة أن سعت بعض الرموز الدينية إلى تجاهل كل هذه الخطوات الإيجابية، فناصبت الثورة العداء بفعل ضغوط إقليمية من شاه إيران، ومدت الجسور مع أقطاب التمييز الطائفي في الداخل ليدخلوا في حلف غير مقدس للإطاحة بالحكم الوطني في انقلاب شباط الأسود. وتكرر نفس المشهد عندما تورطت قيادات في الحركة القومية الكردية، بالرغم من الموقف الإيجابي للثورة من الحركة القومية الكردية حيث قامت بدعوة المرحوم الملا مصطفى البارزاني للعودة إلى الوطن، بفعل ضغوط بعض المتطرفين القوميين وأوساط اقطاعية كردية تضررت من قانون الإصلاح الزراعي وحررت الفلاح الكردي من عسف الأغوات، باللجوء وبدون ترو وتبصر وتدقيق في العواقب بسرعة إلى إشهار السلاح عند أول خلاف مع قيادة الثورة، مما أوقعها لاحقاً في دوامة الارتهان لأطراف إقليمية ودولية ومد الجسور مع انقلابيي شباط الأسود في عام 1963. وعاد هذا الارتهان البالغ الخطورة بأفدح الأضرار على الشعب العراقي بكل مكوناته وعلى قضية الأكراد العادلة بالذات في اتفاقية الجزائر عام 1975 التي مثلت انهياراً سياسياً وأخلاقياً بالارتهان إلى قوى إقليمية ودولية.

إن ما يحتاجه العراقيون اليوم هو إعادة الاعتبار لهذه الثورة المجيدة ومثلها ورموزها، ومن الذين ضحوا بحياتهم من أجلها ومن أجل رفعة العراق العزيز وشعبه. فرموز هذه الثورة كانوا مثالاً للنزاهة التي انتهكت حتى النخاع في العقود الأخيرة، وكانوا رمز الوطنية الحقة التي استبيحت على يد جلادي العراق من حكام البعث وفلوله. فبدلاً من إنصاف هذه الثورة ورجالتها، يجري البحث عن وقائع وحوادث وانتهاكات بالحديث عن «مجازر» وعنف و «سحل» لإلصاقها بالثورة ومسيرتها، في حين أن من فقد حياته في ذلك الحدث لم يتجاوز عدد أصابع اليد، ولا يمكن مقارنة هذه الضحايا بضحايا ثورات أخرى مثل الثورة الفرنسية وثورات أخرى كانت حافلة بالضحايا. وعلى الباحثين الذين يفتشون عن هكذا انتهاكات ويفبركون الإتهامات ضد ثورة تموز، أن يتحلو بالحقيقة التاريخية ويسعوا إلى التخلي عن الإتهامات الزائفة ضد من ساهم بالدفاع عن هذا الحدث الكبير في حياة العراقيين، وأن يعملوا بصدق الباحث الأكاديمي الموضوعي لرفع الغبن عن الضحايا من ضباط تموز البواسل الذين هم من خيرة ضباط الجيش العراقي، ورفع الغبن عن الأحزاب الوطنية التي قدمت الضحايا الكبيرة والغالي والرخيص لحماية هذا المنجز التاريخي للعراقيين، من الذين انتهكت أعراضهم ونواميسهم ونفوسهم وأملاكهم عند هبوب السحب السوداء في شباط عام 1963. فإن ثورة 14 تموز ومجدها لا يحتاجان إلى قرار وزاري عابر أشبه بالاستجداء يقضي بإعتبارها عطلة رسمية، بل يحتاج إلى تشريع من قمة المؤسسة التشريعية بإعتباره يوماً وعيداً وطنياً أجمع عليه العراقيون في 14 تموز عام 1958، وإرجاع كل هويتها وعلمها وشعارها وتعريف المواطن العراقي بأهدافها وقيمها. فالعراقيون بغالبيتهم احتفظوا ومازالوا يحتفظون في ضمائرهم ووجدانهم بقيم ثورة تموز المجيدة، رغم المحن والتشويه والتزوير والعواصف الصفراء التي عصفت ببلاد الرافدين. وعلى من ساهم في وأد هذا الوليد العراقي الأصيل، وبعضهم يتصدر الآن مقاليد السلطات في بلادنا، أن يعتذروا لهذا الشعب الجريح ولهذه الثورة المغدورة، وبذلك يزيلوا عن كاهلهم تلك الذنوب التي ستبقى عالقة بهم إن لم يكفروا عنها.  إننا الآن  وفي هذا الظرف العصيب الذي يمر به العراق، بحاجة لقيم هذه الثورة المجيدة  من أجل الخروج من نفق الطائفية ومحاصصتها والفساد الخطير وآثاره المدمرة والتلكؤ والعرقلة في إعادة بناء الوطن واللهاث وراء المكاسب الحزبية بدلاً حل المشاكل الخطيرة التي يعاني منها المواطن العراقي في الخدمات والأمن، فنحن بحاجة إلى تلك القيم من أجل إعادة عجلة الاقتصاد بالدوران والخروج من الركود الفعلي الذي يمثل حاضنة مناسبة لقوى الارتداد والرجعية والإرهاب.

*************

بمناسبة الذكرى 62 لثورة 14 تموز

حدث ما زال الشعب يفتخر بمنجزه

طارق داود الجنابي

شهد العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 العديد من الانتفاضات والاحتجاجات ضد ظلم وطغيان الحكومات المتعاقبة، وقد ولد هذا التراكم الثورى والغليان تحول نوعيا اسفر عن ثورة 14 تموز عام1958 التي قلبت موازين القوى لصالح الشعب العراقي وتطلعاته من اجل حياة كريمة وطن حر لا تتحكم فيه الارادات الاستعمارية.

ومن هذه الاحداث: وثبة كانون عام 1948 ضد حكومة صالح جب، وانتفاضة واضراب عمال نفط كاورباغى في كركوك 1946، انتفاضة ال زريج فى ميسان والبصرة 1952

مظاهرات ضد معاهدة بورتسموث وحلف بغداد 1955

احتجاجات على العدوان الثلاثي على مصر1956

انتفاضة الحى اسقاط حلف بغداد عام 1956

هذا الحراك الجماهيري ترك أثره على الجيش العراقي خاصةً بعد هزيمة الجيوش العربية فى حرب فلسطين1948 و التي كانت لها ردة فعل عنيفة وسط الضباط الوطنيين من بينهم عبد الكريم قاسم وبدء نشوء لجان تنظيمية للضباط الأحرار فكانت في أغلب معسكرات الجيش تنظيمات لمختلف الاتجاهات، و كان للأحزاب السياسية دورها بتعبئة الجماهير، فلقد اعلنت جبهة الاتحاد الوطني بالعراق 1956 التي اتفقت الأحزاب فيها على اسقاط النظام الملكي واعلان الجمهورية، لكنها لم تتفق على المرحلة اللاحقة لنجاح الثورة.

واستعد الحزب الشيوعي بإبلاغ قواعده وكادره بوجود مظاهرات مرتقبة ولما سمعت الجماهير البيان رقم واحد هرعت الى الشوارع لدعم وتأييد ثورة الشعب.

لقد ارعب انتصار ثورة الشعب الوطنية الأصيلة القوى الاقليمية من “شاه ايران” و”عدنان مندرس” تركيا، وملك الأردن حسين بن طلال، وانزلت امريكا طائرات وجنود في الأردن ونزلت في لبنان قوات من الأسطول السادس بطلب من رئيس وزرائه “كميل شمعون”، وهنا تدخل الاتحاد السوفيتي لحماية الثورة الوليدة.

لقد حققت الثورة انتصارات عديدة منها:

قانون الغاء الملكية واعلان الجمهورية، قانون الاصلاح الزراعي، وتحرير الفلاحين من الأقطاع برقم 30 لسنة 1958، قانون الكسب غير المشروع على حساب الشعب رقم 15 لسنة 1958 ، سن الدستور العراقي المؤقت برقم 15 لسنة 1958 وفيه المادة السادسة:( يقوم الكيان العراقي على اساس التعاون بين المواطنين كافة باحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم، ويعتبر العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ويقر الدستور حقوقهم ضمن الوحدة العراقية)، وقانون الأحوال المدنية الذى ساوى بين المرأة والرجل برقم188 لسنة 1959 ،وقانون تحديد مناطق استثمار الشركات النفطية الأجنبية رقم 80 لسنة 1961 ، والغاء قانون العشائر المدنية والجزائية بالمرسوم56 لسنة 1958، واصدار قانون الجمعيات واجيزت 700 جمعية في عام 1961

ومن الانجازات المهمة الأخرى للثورة غلق القواعد الأجنبية والتنويع بتسليح الجيش العراقي، الخروج من حلف بغداد، والخروج من منطقة الاسترليني، واعتماد سياسة عدم الانحياز وعدم الدخول في الأحلاف العسكرية.

لقد تفجر الوعي السياسي بعد الثورة لدى الجماهير الشعبية الواسعة في معرفة حقوقها وواجباتها وتم اطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحرية الرأي والعمل النقابي. بالإضافة الى الغاء الأبعاد الطائفية والعرقية فى ممارسات الدولة والغاء التمييز الطائفي.كما دعمت ثورة 14 تموز الثورتين الجزائرية الفلسطينية، وساهم العراق مساهمة نشطة في منظمة اوبك، و تم التوقيع على اتفاقية صداقة مع الاتحاد السوفيتي.

وهذا مختصر للمشاريع المنجزة بزمن حكومة ثورة 14 تموز 1958 المجيدة:

بناء 2334 مدرسة، بناء مستشفيات كبيرة بالمحافظات ، بناء مدينة الطب ببغداد، بناء 16000مستوصف ، تحقيق 44 مشروع اسكان ، بناء 3 سدود اروائية كبيرة، و شق 10 مبازل، تشيد 80 معاملا ومصنعا و25 معامل طحين، 3 مزارع و16 محزرة حديثة ، بناء 23 جسرا كبيرا، وبناء فنادق وكازينوهات حديثة، تأسيس 875 جمعية تعاونية ، انشاء ميناء ام قصر والميناء العميق ام العمية، بناء سايلوات حبوب، بناء ملعب الشعب، انشاء معرض كولبكيان، فتح قناة الجيش وتوزيع الأراضي والوحدات السكنية للمواطنين كزيونة واليرموك ومدينة الثورة والشعلة وفى المحافظات، وتسيير القروض من المصرف العقاري، بناء مطار بغداد الدولي، إنشاء سد دربندى خان، وهنالك العديد من مشاريع البنى التحتية منها تبليط الشوارع.

اما اسباب اخفاقات الثورة فهى لا تقارن بإنجازاتها بالكم والنوع.

يبقى الزعيم عبد الكريم قاسم، شخصية وطنية عسكرية غير سياسية و نزية أحبّ الفقراء، وتعاطف معهم، فاحبوه لبساطته وإخلاصه للعراق الاّ انه ارتكب أخطاء سياسية كبيرة فلم يشرك الحزب الشيوعي العراقي في حكومة الثورة رغم دعمه لها، بل زاد من التضييق عليه وزج مناضليه في السجون. وكذلك تساهله مع أعداء العراق والثورة رغم جرمهم المشهود وقرارات محكمة الشعب بحقهم الاّ انه اخطأ بعبارة (عفا الله عما سلف ) كما أنه ابعد الضباط الشيوعيين المخلصين من المراكز الحساسة بالجيش وخاصةً كتائب الدبابات حول بغداد والتي كان معظم امرائها من البعثيين والقوميين والمتآمرين وكذلك قوة حماية دار الاذاعة والتلفزيون وقاعدتي الحبانية الجوية واللواء الثامن فيها وقاعدة كركوك الجوية التي انطلقت منها الطائرات لتقصف وزارة الدفاع في انقلاب 1963، وابعد المخلصين من العسكريين الى كردستان حيث كانت اغلب قطعات الجيش تقاتل الأكراد.

**********

ص10

أربعة أخطاء متعمدة لتشويه ثورة  14 تموز !

علي بداي

الشعوب المتحضرة الحية، تحترم تأريخها فلا تسمح لأحد بتشويهه فتزييف التأريخ هو إعدام ذاكرة شعب. وهناك من يشوه ثورة 14 منطلقاً من أربع معلومات خاطئة متعمدة وهناك من يكررها دون محاسبة ضمير:

الخطأ الأول: ثورة تموز هي التي فتحت عهد الانقلابات وحكم العسكر

كلا، هذا غير صحيح ، اول من فتح عهد الانقلابات والاغتيالات هو بكر صدقي عام 1936. ثمانية انقلابات عسكرية حدثت في العهد الملكي ولكن ثورة تموز نجحت لأنها إستقبلت بتأييد شعبي لامثيل له بأعتراف المستشرق “مكسيم رودنسون” والمؤرخ “حنا يطاطو” والفيلسوف “ برتراند راسل” وعشرات الكبار. ثم أن معظم مؤسسي الدولة العراقية كانوا جنرالات في الجيش العثماني، نوري السعيد نفسه وهو رئيس الوزراء 14 مرة كان جنرالاً. كما أن 50% من فترة العهد الملكي كانت في حالة الحكم العرفي العسكري.

الخطأ الثاني : ثورة تموز كانت دموية ولذلك لايصح إعتبارها عيداً وطنياً

كلا، ياجماعة، العهد الملكي قمع إضرابات عمال كركوك بالرصاص ، أنهى إحتجاج المساجين في الحي وبغداد بالبنادق، دك قرى الآشوريين والكرد بالطائرات، واجه مظاهرات الجسر السلمية بالرصاص، علق سياسيين مدنيين غير مسلحين على المشانق بساحات بغداد، ومع ذلك فالحقيقة تقول ان عبد الكريم خطط لابعاد العائلة الى الخارج على الطريقة المصرية مع الملك “فاروق” أما الذي إقترف جريمة قتل العائلة المالكة فهو النقيب عبد الستار سبع العبوسي وهو ليس من تنظيمات ضباط الثورة، وقد تصرف فردياً بدوافع قومية انتقاماً لضباط حركة مايس 1941 الذين أعدمهم عبدالإله. انظر لفرنسا كيف تحتفل بعيدها الوطني يوم 14 تموز رغم أنه كان يوماً دموياً. باريس عاصمة النور، مدينة حقوق الانسان وثورتها التي رفعت شعار حرية أخاء مساواة لم يمنعها من الاحتفال بهذا اليوم كعيد وطني أن الجماهير الثائرة قتلت “دي لوني” مدير سجن الباستيل وسحلته وطافت براسه معلقاً على الرماح في شوارع باريس..فهناك فرق بين السبب والنتيجة..الظلم يشرعن العنف. قبل ان تجرّم عنف المظلوم حاسب تهور الظالم فالسبب هو الذي يصنع النتيجة لا العكس!

الخطأ الثالث: النظام الملكي كان نظاماً ديموقراطياً

كلا، هذه مغالطة، الديموقراطية كانت ممارسة نخبوية شكلية ومحصورة بين العوائل الارستقراطية والإقطاعيين. روى أحدهم للدكتور علي الوردي: إنه سمع ذات يوم، في موسم من مواسم الانتخابات، بأن برقية وصلت من بغداد لمتصرف لواء تأمره بانتخاب شخص معين. وقد ذهب هو وجماعة معه لتهنئة الشخص المحظوظ، فقبل الشخص منهم التهنئة، رغم أن الانتخابات لم تحن وكانت في طور الاعداد! أيد هذه الرواية أحمد مختار بابان في مذكراته، وإعترف أنه هو الذي كان متصرفاً في لواء البصرة والذي شكل الوفد لتقديم التهنئة لذلك النائب. وفي عام 1954 جرت في عهد حكومة أرشد العمري انتخابات برلمانية، ورغم كل الغش، فازت أحزاب المعارضة الوطنية بـ 11 مقعدا من مجموع 131 مقعد، فلم يطق نوري السعيد هذا العدد القليل من المعارضين، إنقلب على زميله أرشد العمري، وعطَّل البرلمان، وشكل الحكومة برئاسته، وأعلن الأحكام العرفية فاية ديموقراطية تلك؟

الخطأ الرابع: كل إنجازات ثورة تموز كانت مخططة في العهد الملكي

كلا، هذا غير صحيح. عاش العهد الملكي 38 سنة وعاشت ثورة تموز 4 سنوات ونصف، ولكن الذي نفذ في عهد الثورة يتجاوز مئات المرات ما بني في عهد الملكية. الناس لاتأكل من المخططات. أنظر المشاريع على الورق و التي خططت في عهد المالكي والجعفري وما تلاهما..ما الذي تحقق منها؟

أخيراً، لو ان حركة تموز فشلت لأعدمت الملكية كل الضباط الاحرار مثلما فعلت مع حركة الصباغ ، مقابل ماذا؟ ما المكاسب الشخصية التي جناها قادة الثورة؟ هل أثروا؟ هل ملكوا الاراضي والمزارع؟ هل عين عبد الكريم ابن أخيه وزيراً؟ هل سجل وصفي طاهر او المهداوي او ماجد أمين إقتصاد البلاد باسماء عوائلهم؟ هل تقاسم الضباط الاحرار الكعكة مثل جماعة حنان ومشعان وبرزان وطالبان؟ حكومة تموز هي أول وآخر حكومة عراقية تدك اسوار الطائفية والعشائرية وتنسفها من الاساس..بدلاً من رد الجميل يجلس البعض مكرراً ترديد ما يشاع وكله مبني على خطأ.

**********

لا بديل عن 14 تموز يوما وطنيا للعراق

خليل ابراهيم العبيدي

يحاول البعض ان يتجاهل اليوم الوطني لجمهورية العراق، يوم قيام الثورة في الرابع عشر من تموز عام 1958، أو ان يحاول البعض الاخر ان يشكك بأهمية هذا اليوم في مسار وحياة الشعب العراقي مستغلا تتابع الاجيال او التقادم الزمني، بل وان بعضهم يحاول استبدال هذا اليوم بيوم آخر، حتى وصل بذلك البعض ان يعد يوم الاحتلال الامريكي يوما وطنيا  لهذا البلد العريق في الوطنية وحب الذكريات المنقوشة في العقول العراقية. وقد لوحظ أيضا اهمال رسمي متعمد لهذا اليوم الذي تغيرت فيه تماما صورة العراق بعد ان تحول إلى جمهورية تصدت حكومتها من دون كل حكومات العراق المتعاقبة لكل مشاكل العراقيين التي كانت قائمة انذاك، ولمن لم يشهد تلك  الفترة،  نقول ان من حق كل العراقيين ان يذكروا ذلك اليوم بكل فخر للمكاسب التي حققتها الثورة والتي لا زالت أغلبها شاخصة للعيان، فلقد امتلك الاقطاعيون حتى يوم الثورة اكثر من 80  في المائة من الأراضي الزراعية، وكان الفلاح يعمل وفق قانون اللزمة الزراعية التي لا يحق بموجبه للفلاح ترك العمل في مزرعة الاقطاعي، وكان الفلاح يعمل بأجر الكفاف، مقابل ترف الشيوخ الاقطاعيين وتسكعهم في بارات وملاهي بغداد.بعد ان اعترف النظام الملكي بالإقطاع وملكيته للأراضي الزراعية بموجب القانون رقم 50 لسنة 1932، فجاءت ثورة تموز بقانون الإصلاح الزراعي الذي فتت ملكية الأرض لصالح الفلاحين ، ومن حق الشعب العراقي وقواه التقدمية ان يفخر كل منها بالثورة التي حررت الدينار العراقي من منطقة الاسترليني وأبعدت العراق عن الأحلاف الاستعمارية ومنهما حلف المعاهدة المركزية “السينتو” كما وضعت الثورة القاعدة الصناعية للعراق وذلك بإنشاء المصانع الكبرى لإنتاج شتى السلع التي يحتاجها المجتمع وفق الاتفاقية التي أبرمتها الثورة مع الاتحاد السوفيتي انذاك، وقامت بمد السكك الحديدية ، وانشاء  مصلحة المبايعات الحكومية لبيع السلع الإستهلاكية بأسعار مخفضة للفقراء، ونفذت أكبر مشروع إسكان في تاريخ العراق الحديث، ومنها مشروع إسكان مدينة الثورة لأصحاب الصرائف المنتشرين بين الدور السكنية والعشوائيات في بغداد. وقد قامت حكومة الثورة بإرسال الزمالات والبعثات الدراسية الى الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية، وفي المجال الدولي ساهمت  حكومة الثورة في انشاء  منظمة اوبك بالتنسيق مع الدول المنتجة للنفط حيث تم عقد مؤتمر هذه  الدول في بغداد للفترة من 10 - -14 أيلول عام 1960، واعتبرت كل من دولة العراق وفنزويلا والسعودية والكويت وقطر دولا مؤسسة لهذه المنظمة (OPEC) والتي فيما بعد ضمت إندونيسيا والجزائر والغابون وليبيا وغيرها من الدول، وبفعل جهود ثورة تموز نرى ان هذه المنظمة تلعب دورها اليوم في تنظيم أسعار النفط لصالح الدول المنتجة. وفي ضوء تلاعب الشركات بمصالح العراق النفطية قامت حكومة الثورة بتشريع قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي تحددت بموجبه الأراضي المسموح فيها للتنقيب عن النفط و استخراجه بعد ان فشلت المفاوضات مع الشركات الاجنبية العاملة بخصوص نهبها لأموال الشعب العراقي وتم انشاء الشركة الوطنية لتسويق النفط.

 كما قامت  الثورة بالتشجيع على قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ومد ثورة الشعب الجزائري بالمال والسلاح للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي.  واليوم ونحن نستذكر هذه الثورة يجب ان لا نغفل القانون رقم 15 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 16 لنفس العام إلا وهو قانون الكسب غير المشروع على حساب الشعب، قانون من أين لك هذا،، الذي سبق المنادون  بهذا القانون اليوم ب62 عاما . لقد حاربت الثورة كل من استغل المال العام . واليوم العراق يحاول أن يصل إلى صيغة قانون يشابه ذلك القانون، أليس من حقنا أن نفخر بتلك الثورة ومنجزاتها، أليس من حقنا ان نقول لمن يتغاضى عن هذه الثورة وذكراها، أنكم جاحدون، كما كان انقلابيو شباط جاحدين بحق هذه الثورة وأهدافها التقدمية، وسيظل تموز وحرارته يمد تلك الثورة بطاقتها الوطنية والتقدمية التي لا يمكن تجاهلها او نسيانها على مر الاجيال.

************

ص11-12

مساهمة في ملف «الثقافة الجديدة»

عن ثورة 14 تموز في ذكراها الستين

عبد الرزاق الصافي

الشخصية الوطنية والاجتماعية

والقيادي السابق في الحزب الشيوعي العراقي

(1)

بدايةً بودي تثمين (الثقافة الجديدة) على مبادرتها هذه، خصوصاً وانها تهدف الى “التحريض على تقليب الأوراق من جديد، وتقديم قراءات جديدة” عن الحدث الكبير في تاريخ العراق الحديث، ثورة 14 تموز 1958. وطرحت العديد من الاسئلة، التي تشكل الاجابة عليها، بمجموعها، وربما بإضافة اسئلة اخرى، الهدف من طرح الموضوع. وليس من شك ان الاجابة المطلوبة لا تكفيها ثلاثة آلاف كلمة، ولذا من الطبيعي ان يقتصر الأمر، في هذه الحدود، على بعض الاسئلة، وباختصار نسبياً.

اول الاسئلة: هل ما حدث في ثورة 14 تموز 1968 كان انقلاباً ام ثورة؟ وأجيب بأن كان ثورة. ذلك ان نوري السعيد، بعودته الى رئاسة الحكومة في صيف 1954 بضغط شديد من السفيرين الانجليزي والامريكي على الوصي عبد الاله، سد كل الطرق التي يمكن استخدامها لاجراء التغيير الذي ينشده الشعب، والتخلص من السيطرة الاستعمارية المتمثلة بحلف بغداد، والنظام شبه الاقطاعي الذي يسود البلاد. واجرى “انتخابات” مزيفة جعلت مجلس النواب يخلو من أية معارضة. خصوصاً بعد فوز المعارضة الوطنية بعشرة مقاعد في البرلمان، المكون من 136 مقعداً! الأمر الذي دفع السيد نجيب الصائغ، وكان يومها سفيراً في وزارة الخارجية، الى سؤال نوري السعيد، هل من المعقول ان يخلو مجلس النواب من معارض واحد، في حين انه كان يحوي في عشرينات القرن العشرين بضعة عشر نائباً، وكذلك في سنوات الثلاثينات والاربعينات والنصف الأول من الخمسينات.

لقد كان الشعار الذي وضعه الرفيق فهد في الاربعينات “قووا تنظيم حزبكم، قووا تنظيم الحركة الوطنية” وتحقق في العام 1948 وأمكن بواسطته إِشعال وثبة كانون الثاني 1948 التي اسقطت وزارة صالح جبر، ومعاهدة بورتسموث التي اراد الاستعماريون الانجليز فرضها على العراق، بدلاً من معاهدة الذل والعبودية، معاهدة 1930.

هذه الوثبة الوطنية التي عمل نوري السعيد على الرد عليها واعلان الاحكام العرفية، بذريعة حماية مؤخرة الجيش الذي زُعم ان بعض وحداته اُرسلت الى فلسطين لمنع قيام اسرائيل، وفقاً لقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، في حين انه كان في الواقع لمنع الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الوطنية المستقلة استناداً الى نفس القرار، بدليل ان قيادة الجيوش العربية التي اُرسلت الى فلسطين كانت بقيادة الجنرال البريطاني كلوب باشا (ابو حنيك). وأجرى نوري السعيد انتقامه الاجرامي من الحركة الوطنية بالاحكام العرفية الاجرامية ضد مجموع الحركة الوطنية، وإعدام قيادة الحزب الشيوعي العراقي: الرفاق الأماجد يوسف سلمان (فهد) ومحمد زكي بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم) الذين اقتيدوا من سجن الكوت، حيث كانوا يقضون محكومياتهم، الى محكمة عرفية عسكرية اصدرت احكامها التعسفية الاجرامية بإعدامهم، وتنفيذ حكم الاعدام الاجرامي في 14 شباط 1949.

ورغم الجراح التي عاني منها الحزب الشيوعي  العراقي واصل الاهتداء بشعار “قووا تنظيم حزبكم، قووا تنظيم الحركة الوطنية”، وقيادة انتفاضة خريف 1952، التي اسقطت وزارتين خلال أقل من اسبوع، واضطرت الفئة الحاكمة، وعلى رأسها الوصي عبد الاله ونوري السعيد، الى اللجوء الى الجيش واقامة حكومة عسكرية بقيادة رئيس اركان الجيش نورالدين محمود، والقيام بأوسع حملة اعتقالات في تاريخ العراق، حتى ذلك الوقت، شملت كل قادة الاحزاب الوطنية العلنية وحلها، واعتقال مئات الشيوعيين.

لقد جئت في بداية المقال على ما جرى في صيف 1954 على يد نوري السعيد، وكونه سد الطريق السلمي لاجراء أي تغيير في العراق، وهو ما كان يتبناه الحزب الشيوعي حتى خريف 1956، الأمر الذي حمل الحزب على تصفية الانقسام في صفوف الحركة الشيوعية، والعمل على تشكيل الجبهة الوطنية الموحدة التي ضمت حزبنا الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي، الجبهة التي سعى حزبنا الى ضم الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) الذي كان يمثل الحركة القومية الكردية يوم ذاك إليها، غير ان الحزبين القوميين العربيين الاستقلال والبعث رفضا ذلك، مما حمل الحزب الشيوعي على التحالف مع الحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني لضم جهوده الى الجبهة. وكان اعلان الجبهة في ربيع 1957. وشكل هذا الاعلان تجسيد وحدة الحركة الوطنية.

ورافق ذلك تحرك الضباط الاحرار بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، الذي كان على صلة بحزبنا وبالجبهة الوطنية.

واتذكر ان الشهيد سلام عادل قال انه عرض على عبد الكريم قاسم ان يقوم الحزب بالتحرك المسلح ضد النظام، وأن يتلقى الدعم من حركة الضباط الاحرار. غير ان عبد الكريم قاسم رفض ذلك قائلاً: انه هو من سيتولى البدء بالتحرك طالباً من الحزب وجبهة الاتحاد الوطني دعمه بالتظاهر.

وهكذا كان. وعندما اُذيع البيان الأول للثورة في 14 تموز 1958، هبّ الشعب عن بكرة أبيه، فامتلأت شوارع بغداد، والعديد من مدن العراق، منذ الساعات الأولى من الصباح، بالمتظاهرين دعماً للثورة.

الأمر الذي يعني ان ما جرى ذلك الصباح لم يكن انقلاباً عسكرياً بمعزل عن القوى السياسية المنظمة في جبهة الاتحاد الوطني، وعن برنامجها الوطني. وكان تركيب الوزارة الاولى التي اعلنها عبد الكريم قاسم تضم ممثلين عن قوى جبهة الاتحاد الوطني كلها، عدا الحزب الشيوعي العراقي، وإن ضمّت وزيراً يسارياً ماركسياً معروفاً هو الفقيد ابراهيم كبه.

كما ان ما أقدمت عليه حكومة الثورة، منذ اليوم الأول لتوليها السلطة، وفي اسابيعها الأولى من خطوات تكشف عن كونها ثورة وطنية ديمقراطية وطابعها المعادي للامبريالية والاقطاع، وخصوصاً قانون الاصلاح الزراعي – رغم نواقصه – ومساهمة الفلاحين في تطبيقه، قبل الأجهزة الحكومية، وانطلاق الحركة النقابية العمالية، ومنظمات الشبيبة والطلبة وانصار السلام وغيرها.

الأمر الذي يجعل ما جرى في 14 تموز 1958 في العراق يختلف عما جرى من انقلابات عسكرية في مصر وسوريا وغيرها، التي اتخذ بعضها طابعاً معادياً للامبريالية وتبنى بعض ما تطالب به الحركة الوطنية الديمقراطية في البلد المعين فيما بعد.

(2)

ما هو دور عبد الكريم قاسم والضباط الاحرار في إنجاح الثورة، وايضاً في المآل المأساوي لها؟

ان دور عبد الكريم قاسم كان دوراً أساسياً في إنجاح الثورة، وفي المآل المأساوي لها ايضاً.

ذلك انه رفض منذ البداية ان تكون المبادرة للقوى السياسية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، في البدء بالثورة – كما سبق وذكرت – وأصر على ان تكون المبادرة من قبل الجيش. وليس كل الجيش، او كل الضباط الاحرار، بل ان يكون هو المبادر، مستخدماً العقيد عبد السلام عارف، دون الضباط الاحرار الآخرين. اذ لم يشكل مجلساً لقيادة الثورة برئاسته، ولم يتح للضباط الاحرار الآخرين تشكيل تنظيم، بل اعتمد في تشكيل الحكومة (الوزارة) على قوى جبهة الاتحاد الوطني برئاسته، واستصدار دستور مؤقت لا يقيده بشىء، مما ترك المجال ليكون زعيماً أوحداً للبلاد. ولا بأس من التذكير، في هذا المجال، بأن عبد السلام عارف هو أول من اطلق شعار “ماكو زعيم الاّ كريم”، الذي تلقفته الجماهير وعارضت به مساعي عبد السلام عارف، وكل القوميين من اتباع عبد الناصر والبعثيين، الذين رفعوا شعار الوحدة، بشعار “اتحاد فدرالي صداقة سوفيتية، عاش نصير السلام عبد الكريم قاسم”. هذا الشعار الذي رددته جماهير الحزب الشيوعي في اول مظاهرة جماهيرية للرد على شعار الوحدة الذي رفعه البعثيون بتحريض من ميشيل عفلق، في الخامس من آب 1958 على ما اتذكر.

واتذكر ايضاً اني كنت المكلف حزبياً، وكنت يومها في قيادة منظمة بغداد، بإطلاق المظاهرة الجماهيرية، التي انطلقت في 5 آب 1958 من حديقة الملك غازي في الباب الشرقي حتى وزارة الدفاع. وخرج عبد الكريم قاسم اكثر من مرة لالقاء خطب قصيرة. هذه المظاهرة التي قدّر عدد المشاركين فيها من قبل وسائل الاعلام بربع مليون متظاهر. الأمر الذي اعتبره الفقيد كامل الجادرجي أمراً مبالغاً به، كما يذكر الفقيد عامر عبد الله، لأن شارع الرشيد بطوله وعرضه مع ساحة وزارة الدفاع لا يمكن أن يتسع لأكثر من 150 ألف متظاهر. وعندها، كما ينقل عامر عبد الله، انه قال للجادرجي “150 ألف. هَم أنعم الله”.

كما ذكر هاني الفكيكي ان البعث، وكان هو من قيادته يومذاك، قرر تحشيد قواه للتظاهر في مدخل وزارة الدفاع، قائلاً “عندما ذهبنا الى وزارة الدفاع، وجدنا ان الشيوعيين وانصارهم ملأوا الساحة”.

لم نكن ندرك في ذلك الصراع الحاد الذي اشعله يومذاك القوميون، وفي مقدمتهم عبد السلام والبعثيون، من جهة، والشيوعيون والديمقراطيون من جهة اخرى، خطورة انشقاق القوى الوطنية، والصراع فيما بينها على مسيرة الثورة، حرصاً منا على تطويرها، ولم نكن نصغي لبعض الأمور التي تحمل المخاطر الجدية على الثورة، وعلى الحياة الديمقراطية والحزبية.

من ذلك مثلاً، ما نقله حلاق عبد الكريم قاسم، الذي يحتل محله مدخل دربونة العمّار في شارع الرشيد مجاوراً لمحل عمل احد اقاربي، حيث نقل الحلاق انه شكا لعبد الكريم الضجة التي تثيرها الاحزاب في صراعاتها، عندما ذهب لحلاقة الزعيم في وزارة الدفاع، الذي قال “انتظر، لن تبقى الأمور هكذا”. بما يعني انه لن يدع الاحزاب المتصارعة! وقد ظهر أثر ذلك بعد أقل من سنة، في اعقاب احباط مؤامرة الشواف في الموصل بطرح شعار تجميد الحياة الحزبية، الذي حظي بتأييد الشخصية الوطنية الديمقراطية، وزير المالية يومذاك الفقيد محمد حديد. هذا الشعار الذي اعتبره حزبنا مؤامرة عليه، وعلى الحريات الديمقراطية.

ولابد في هذا السياق من ذكر السلوك المتطرف الذي انغمر فيه رفاقنا في الموصل، وقيامهم بدور سلطة، وتشكيلهم محكمة حاكمت المتآمرين، ونفذت ببعضهم حكم الاعدام. الأمر الذي ردت عليه القوى اليمينية والرجعية، فيما بعد، باغتيال مئات الشيوعيين وتشريد عوائلهم في ظل سكوت سلطات عبد الكريم قاسم وتغاضيها عن جرائمهم.

كما ان دور عبد الكريم قاسم وبعض الضباط الأحرار في المآل المأساوي لثورة 14 تموز 1958 كان دوراً أساسياً، سواء في إصراره على الانفراد بالسلطة والحيلولة دون إقامة نظام ديمقراطي يعتمد على انتخاب الشعب لممثليه في السلطة، الأمر الذي عزله عن اوساط متزايدة بدرجة أن يضطر قطب الحزب الوطني التقدمي محمد حديد الى الاستقالة من الوزارة، مما أبكى عبد الكريم قاسم، دون ان يحول الى تغيير نهجه الخاطىء في “العفو عما سلف” وتمكين المتآمرين من تولي مناصب خطيرة في الجيش، بإسم التوازن، تمكّنهم من الاقلاب عليه.  واكثر من هذا انهيار أحد هؤلاء المتآمرين، واعترافه له بالمتآمرين الآخرين. وتملك قاسم الغرور الى درجة الامتناع عن إبعادهم عن المراكز الخطيرة التي يحتلونها، منتظراً تحركهم ليضربهم! متوهماً انه من الممكن تكرار ما حدث في الموصل من قمع انقلاب عبد الوهاب الشواف، الذي تعاون مع القوميين والبعثيين وعملاء عبد الناصر لتحقيق تآمره.

وكان سلوك عبد الكريم قاسم بعد بدء انقلاب 8 شباط 1963 تكملة لنجه الخاطىء المدمر الذي سمح بقيام الانقلاب ونجاحه. وذلك بصم أذنيه عن خطاب الألوف من الجماهير المحتشدة في وزارة الدفاع التي منعت اول دبابة من دبابات الانقلابيين من الوصول الى مقر  قاسم، وكانت تهتف “باسم العامل والفلاح يا زعيم اعطينا سلاح”، معتبراً ان اعطاءها السلاح يعني حرباً اهلية. متناسياً ان الحرب الاهلية قامت بالفعل، وان السلاح ظل بيد المتآمرين فقط، وحُرمت منه الجماهير الشعبية، التي اوقع بها الانقلاب الكثير من الضحايا البريئة. ومن ثم عشرات الألوف ممن اعتقلوا وعذّبوا واغتيلوا تحت التعذيب من القوى الوطنية الديمقراطية وفي مقدمتهم الشيوعيون.

ولا بأس من ذكر ما كشف عنه مؤخراً لأول مرة هذا العام، أحد انصار قاسم من انه – أي قاسم – رفض الاستماع الى طلب ممثل الاتحاد السوفيتي في بغداد يومذاك للاتصال بالزعيم وعرض مساعدته في مجابهة الانقلاب!

كما ان دور الضباط الاحرار كان مهماً في إنجاح الثورة، ذلك انهم وقفوا الى جانب تحرك قاسم ودعموه في البداية، بأمل ان يستعين بهم في قيادة أمور البلد. غير ان الكثيرين منهم خابت آمالهم عندما شهدوا انفراد عبد الكريم قاسم بالسلطة، فمال بعضهم الى العمل الانقلابي ضده بالتعاون مع عملاء الاستعمار، وعملاء عبد الناصر كما كشفت الاحداث.

(3)

ما هو البعد الديمقراطي في الثورة، ولماذا اخفقت في بناء نظام سياسي ديمقراطي؟

سبق لي ان كتبت في هذا الموضوع مقالاً في (الثقافة الجديدة) في العدد 289 الصادر في تموز – آب 1999، أعادت المجلة نشره في العدد 390-391 تموز 2017 في باب نصوص قديمة. وكان المقال بعنوان “في ذكرى ثورة تموز، الفرصة الضائعة لإقامة الديمقراطية”.

استميح القارىء لاقتباس بعض فقراته لعلاقتها بالسؤال المطروح في بداية هذا المقال. وإن كان في هذا بعض التكرار لما سبق في الجزء الاول في هذا المقال.

بعد استعراض نضال الشعب العراقي في سبيل اقامة النظام الديمقراطي بدءاً بثورة العشرين ووثبة كانون الثاني 1948 وانتفاضة تشرين 1952 وانتخابات 1954، التي افلحت فيها المعارضة الوطنية بمختلف تياراتها، بما فيها الشيوعيون، عندما وحّدت صفوفها في الانتخابات وفازت بعشرة مقاعد في البرلمان المكون من 138 مقعداً، وعودة نوري السعيد لتولي رئاسة الوزراء في اعقاب هذه الانتخابات بضغط فظ ومباشر من السفيرين البريطاني والامريكي على الوصي عبد الاله، لحل البرلمان بعد عقد جلسة واحدة فقط، وتعطيل اكثر من مئة صحيفة وغلق الاحزاب، بما فيها حزب نوري السعيد نفسه، والجمعيات وتعطيل النقابات العمالية واسقاط الجنسية عن عدد من المناضلين الوطنيين، وفي مقدمتهم الشيوعيون، وغيرها من الاجراءات التعسفية المعادية للديمقراطية وحريات الشعب، وقمع تطلعه للديمقراطية. “وبذلك – يقول المقال – سدّت الفئة الحاكمة الملكية الطريق على أي تغيير سلمي للسلطة نحو الديمقراطية، يؤمّن للشعب حقوقه الديمقراطية في حكم نفسه عن طريق ممثليه المنتخبين بارادته الحرة”.

كان الحزب الشيوعي العراقي حتى خريف 1956 يتمسك بالطريق السلمي لإحداث التغيير الديمقراطي الذي ينشده الشعب والقوى الوطنية الديمقراطية، وهو ما جرى الاتفاق عليه بين اطراف جبهة الاتحاد الوطني التي قامت في اعقاب انتفاضة 1956 دعماً لمصر الشقيقة في إقدامها على تأميم قناة السويس، والوقوف بوجه العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الصهيوني.

غير ان ما اقدمت عليه الفئة الحاكمة بقيادة نوري السعيد وعبد الاله من وحشية سافرة من قمع تطلع الشعب الى الديمقراطية جعلت الحزب يتبنى ضرورة استخدام القوة لإزاحة النظام الملكي، والبحث عن امكانية التعاون مع الضباط الاحرار بقيادة عبد الكريم قاسم لتحقيق ذلك.

ويقول المقال المشار اليه “وقد أجمعت القوى الوطنية في جبهة الاتحاد الوطني والجيش على ضرورة اسقاط الحكم الملكي، واقامة حكومة وطنية ديمقراطية تُخرج العراق من حلف بغداد، وتحافظ على استقلال البلاد وتتضامن مع الشقيقتين مصر وسوريا قبل قيام الوحدة بينهما، وبالتعاون مع الجمهورية العربية المتحدة بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا. ولم تحوِ برامج جبهة الاتحاد الوطني والضباط الاحرار أي شعار يدعو الى وحدة اندماجية بين العراق والجمهورية العربية المتحدة بعد تحريره من حلف بغداد والحكم الممالىء للامبريالية”. يستطرد المقال الى القول: “ولذا كان من المفروض ان تنشغل القوى الوطنية المتحالفة في جبهة الاتحاد الوطني، بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958، التي شكلت هذه القوى قاعدتها السياسية العريضة، وعبأت الجماهير لاستقبال تحرك الضباط الوطنيين الاحرار بقيادة عبد الكريم قاسم في 14 تموز 1958، بذلك الموج المتعاظم من ابناء الشعب بمختلف ميولهم واتجاهاتهم السياسية الوطنية، وان تنشغل بإقامة النظام الديمقراطي، من حريات ديمقراطية وومؤسسات دستورية كمهمة أولى، تمهد لانجاز المهمات الاخرى لتعزيز استقلال البلاد والخروج من حلف بغداد، وإنهاض الاقتصاد الوطني والقضاء على نفوذ الاقطاعيين وتجريدهم من سيطرتهم على الاراضي الزراعية، التي هي ملك الشعب، والنهوض بالتعليم، والوضع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للغالبية الساحقة من ابناء الشعب”.

“غير ان ما حصل هو غير هذا مع الأسف، اذ انشغلت القوى الوطنية، منذ البداية، بالخلاف حول الشعار الذي رفعه حزب البعث العربي الاشتراكي بتحريض من عفلق وإصراره، وعبد السلام عارف، الداعي الى الوحدة الاندماجية والفورية مع الجمهورية العربية المتحدة. الأمر الذي اضطر القوى الديمقراطية – وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي – الى طرح شعار الاتحاد الفدرالي”.

“وكان الدافع لطرح الشعار هو تفادي فرض وحدة اندماجية بقرار فوقي تتخذه مجموعة صغيرة من الضباط والعاملين في الحقل السياسي،، على الضد من ارادة الشعب، يلغي وجود الجمهورية العراقية الفتية ويكبح تطلع شعبنا الى اقامة نظام ديمقراطي يتمتع فيه بحرياته الديمقراطية، ويؤمّن الحقوق القومية للشعب الكردي عن طريق الحكم الذاتي، والحقوق الادارية والثقافية للتركمان والاشوريين والكلدان”.

كما يقول المقال “ولذا فان شعار الاتحاد الفدرالي هو، بمعنى ما، يعكس التطلع لإقامة نظام ديمقراطي وحياة حزبية شرعية في ظل الحريات الديمقراطية .. الخ”.

“ومن المؤسف ان هذا الخلاف لم يبق في حدود الصراع الفكري حوله، والعمل على كسب الجماهير الى جانب هذا الشعار او ذاك بالطرق الديمقراطية، بل تعداه الى الانتقال للتخطيط لانتزاع السلطة من عبد الكريم قاسم، التي كانت تحظى بتأييد شعبي هائل، وسلوك طريق التآمر لتحقيق ذلك، ومجابهة ذلك بالعنف المبالغ فيه وغير المبرر في بعض الاحيان، الذي ساهم فيه الحزب الشيوعي العراقي باسم “الدفاع عن الثورة” و”صيانة الجمهورية”.

“وأدت النوازع الفردية للحكم لدى قاسم وتخوفه من تنامي نفوذ القوى اليسارية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي، الى مزيد من الاجراءات المعادية للديمقراطية، والاستعانة بعناصر وقوى تنتمي الى الحكم الملكي البائد واللجوء الى لعبة التوازن التي كانت تعني إطلاق أيدي القوى الرجعية والمعادية للديمقراطية، وسياسة “عفا الله عما سلف”. ولم تكن هذه القوى، رجعية كانت او قومية، تعرضت للتنكيل المبالغ فيه بسبب نشاطاتها التآمرية مستعدة للقبول بأقل من القضاء على حكم قاسم وتصفية الحزب الشيوعي العراقي.”

“وزاد الأمر سوءاً وتعقيداً اندلاع الصدامات في كردستان، التي بدأتها عناصر اقطاعية معادية للاصلاح الزراعي (مرتبطة بايران)، ومن ثم انضم الحزب الديمقراطي الكردستاني اليها واعطاها طابعاً قومياً يطالب بالحقوق القومية للشعب الكردي، وتحولت الى حرب مدمرة.”

“وهنا كان ايضاً الشعار الذي رفعه الحزب الشيوعي العراقي (السلم في كردستان) ونظّم من اجله العرائض الجماهيرية بعشرات ألوف التواقيع، والمظاهرات الضخمة، التي أدت ببعض المشاركين فيها من المناضلين المعروفين والوجوه الثقافية الى السجون تنفيذاً لأحكام مجالس عرفية نصّب فيها قاسم عناصر معادية له وللديمقراطية تطبيقاً لسياسة التوازن التي أشرنا اليها سابقاً.”

“أقول هنا ايضا كان هذا الشعار (السلم في كردستان) يستهدف تخليص الوطن من كارثة الحرب ضد الشعب الكردي وتمهيد الاوضاع لنضال اكثر فعالية من اجل الحد من تسلط عبد الكريم قاسم على السلطة، وبناء حياة ديمقراطية صحيحة، تتيح العمل السياسي لكل القوى السياسية في البلاد في ظل الحريات الديمقراطية وسيادة القانون وتشريع دستور دائم للبلاد.”

ويخلص المقال الى القول: “غير ان الوعي في الحركة الوطنية ككل، بكل فصائلها، مع تفاوت في درجة مسؤولية كل فصيل عما حدث، كان دون المستوى المطلوب لإنجاح الثورة في تحقيق مهمة اقامة النظام الديمقراطي المنشود.”

“ولم يكن هذا بمعزل، بطبيعة الحال، عن التمسك بالمصالح الطبقية الضيقة من قبل البورجوازية الوطنية العراقية، ورغبة العناصر القومية في التحكم بمسيرة الثورة دون سند جماهيري، بل بالاعتماد على تدخلات القوى الخارجية ودعمها، وفي مقدمتها قيادة عفلق والقوى الناصرية. وكذلك حقد العناصر الرجعية والدوائر الامبريالية على ثورة 14 تموز، ومساعيها الحثيثة (أي مساعي هذه العناصر والدوائر) لإثارة الفرقة بين قوى الثورة وتفجير الصراعات فيما بينها، واستغلال الثغرات الخطيرة في نهج حكومة عبد الكريم قاسم للتآمر عليها وإنجاح انقلابها المشؤوم في 8 شباط 1963. هذا الانقلاب الذي وجّه أكبر ضربة للحركة الديمقراطية في العراق، ما زالت آثارها بادية للعيان حتى الآن.” (أي في العام 2018 وليس فقط تاريخ كتابة المقال في تموز 1999).

وهكذا يمكن القول بكل ثقة ان تجربة ثورة 14 تموز 1958 تجربة غنية جداً بايجابياتها، اذ كانت حصيلة وحدة نشاط قوى المعارضة الوطنية، وحققت لشعبنا الكثير من المنجزات، وبسلبياتها الخطيرة، وفي مقدمتها احتراب القوى التي فجّرتها فيما بينها، وتضييعها فرصة اقامة النظام الديمقراطي الذي ينشده الشعب وفتحها الطريق لتولي الدكتاتوريات التي اوصلت وطننا وشعبنا الى الوضع الكارثي الذي يعاني منه الجميع.”

(4)

ما هي العوامل والقوى الخارجية الداعمة للثورة والمناهضة لها؟ النشاط الامبريالي ودوره في عرقلة الثورة والوصول الى غايتها في تحرير العراق من الهيمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

بودي الاجابة عن هذين السؤالين باختصار جهد الإمكان التزاماً بالحجم الذي حددت هيئة التحرير. 

كانت القوى الامبريالية قد خططت للسيطرة على العراق، وكبح نشاط القوى الوطنية الهادف الى تحريره منها. ولذا اقامت حلف بغداد الذي ضم العراق وايران وتركيا وباكستان وبريطانيا العظمى. وكانت الولايات المتحدة الامريكية تدعمه، دون ان تكون عضواً رسمياً فيه شكلاً.

ولهذا فقد اقدمت الولايات المتحدة الامريكية على إنزال قواتها العسكرية في لبنان، وبريطانيا على إنزال قواتها في الاردن فوراً، بعد نجاح الثورة في العراق، خشية انهيار الحكم في هذين البلدين تحت تأثير انتصار الثورة العراقية في 14 تموز 1958. وواصلت بعد ذلك العمل على إضعاف الحكم الجديد الذي جاءت به الثورة، ومنعه من تعميق نهجه الثوري وتعزيز منجزاته ما امكنها ذلك.

في حين وقف الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية والصين والحركة العمالية والتحررية العالمية الى جانب الثورة. وجرى تحذير تركيا من قبل الاتحاد السوفيتي من القيام بأي عمل معادي للثورة.

هذا الموقف الذي قوبل بحماس وامتنان كبيرين من جانب الجماهير العراقية تجسد بحمل سيارة السفير السوفيتي بمن فيها عندما توجه لتقديم اوراق اعترافه بالحكم الجديد، إعراباً عن ذلك، دع عنك ما قدمه المعسكر الاشتراكي، وفي مقدمته الاتحاد السوفيتي، يومذاك، من مساعدات سياسية واقتصادية وعسكرية دعماً للثورة وحكومتها ومساعدتها على انجاز المهمات التي تواجهها على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري.

فإلى جانب الإعراب عن الوقوف بحزم لحماية الثورة والوضع الجديد، وتقديم المساعدات الاقتصادية ودعم ما اقدمت عليه حكومة الثورة من تأميم كل الاراضي التي كانت خاضعة لامتيازات شركات النفط الاستعمارية عدا التي كانت قيد الاستثمار الفعلي من قبل هذه الشركات، كان عقد اتفاقيات التعاون الاقتصادي التي دعمت الاقتصاد العراقي دعماً كبيراً في اكثر من مجال.

اما عن دور النشاط الامبريالي في عرقلة الثورة في الوصول الى غايتها في تحرير العراق من الهيمنة السياسية والاقتصادية الاجنبية والتآمر لإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم، فبودي أن أشير، اقتصاداً بالوقت، الى كتاب “التدخل السري للولايات المتحدة في العراق خلال الفترة 1958 – 1963، جذور تغيير النظام في العراق الحديث بدعم من الولايات المتحدة الامريكية”. وهو اطروحة اكاديمية بقلم الباحث ويليام زيمان، وترجمة عبد الجليل البدري – 2013. الكتاب الذي “يسلّط الضوء على التعاون الوثيق بين حزب البعث ووكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي آي أي) للإطاحة بحكومة عبد الكريم قاسم وتصفية منجزاتها، وخاصة ما يُعرف بالقانون رقم (80) الذي سحب امتيازات التنقيب عن النفط في الاراضي العراقية من الشركات الاجنبية خارج ما كانت تستثمره فعلاً. وهو ما سبق ان جئت على ذكره قبل قليل.

وهدف البحث الذي ضمّه الكتاب هو “تبيان حقيقة الدعم المادي الذي تلقاه حزب البعث ومن وكالة المخابرات المركزية، سواءً قبل وبعد الانقلاب، او في فترات مختلفة خلال السنوات الخمس من حكم قاسم، وقيام الوكالة بعمليات سرية ضد العراق”.

وأشار الكتاب الى كتاب حنا بطاطو “الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق” والى تأكيدات العاهل الاردني الملك حسين بأن وكالة المخابرات المركزية التقت مراراً مع حزب البعث. والى ما اخبر هاشم جواد وزير الخارجية ايام قاسم المؤلف “بأن وزارة الخارجية العراقية كانت لديها معلومات عن وجود تواطؤ بين البعث ووكالة المخابرات المركزية (سي آي أي). وفي عام 1987 نشرت ماريون وبيتر سلاكليت كتابهما (العراق منذ 1958)، وهو عبارة عن تاريخ كامل يلخص ضلوع الولايات المتحدة في الانقلاب البعثي عام 1963.

ويذكر المؤلف ويليام زيمان ان الفلسطيني سعيد ك. ابو ريش يُعد من اكثر المؤلفين إحاطة بموضوع التدخل الامريكي في العراق خلال الفترة الممتدة من 1958 الى 1963، فان كتابيه (صداقة وحشية: الغرب والنخبة العربية) الصادر عام 1997، و(صدام حسين: سياسة الانتقام) الصادر عام 2000 يعترفان بما ورد في بحوث كتاب سابقين مثل مالك المفتي وحنا بطاطو ومحمد حسنين هيكل وماريون وبيتر سلاكليت. ونضيف ما حصل عليه من مقابلات عديدة مع مسؤول الشرق الاوسط في وكالة المخابرات المركزية خلال عام 1963، وهاني الفكيكي عضو قيادة البعث خلال عام 1963 والعديد من الامريكان والعراقيين الآخرين.

ولا يفوتني ان أورد ما صرح به علي صالح السعدي، القائد البعثي، الذي قال “جئنا الى السلطة بقطار امريكي”.

ويذكر الكتاب الكثير من الوقائع والشخصيات العاملة في وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي)، وعلاقاتها ونشاطاتها في اصطياد البعثيين، مما لا داعي للتفصيل فيه في هذا المجال. ولكني لا استطيع ان استبعد شهادة قائد بعثي سوري، اذ ورد في الكتاب ما يلي: “وبصرف النظر عن طريقة الـ (سي آي أي) في اصطياد البعثيين العراقيين فقد وصل نبأ لقاءاتهم الى القادة البعثيين في دمشق، واحتدم الجدل بين البعث السوري والبعث العراقي. ويروي القائد البعثي جمال الاتاسي، الذي كان وزيراً في الحكومة السورية وقتذاك تلك النقاشات قائلاً:

“عندما اكتشفنا هذا الأمر، بدأنا بمناقشتهم (أي البعثيين العراقيين – الكاتب عبد الرزاق) وكانوا يبررون تعاونهم مع وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) والولايات المتحدة بأنه لغرض اسقاط عبد الكريم قاسم والاستيلاء على الحكم. كانوا يقارنون ذلك بكيفية وصول لينين بقطار الماني للقيام بثورته قائلين انهم وصلوا بقطار امريكي”.

اكتفي بهذا القدر عن الدور الامريكي خشية الإطالة، اذ لابد من ذكر دور بريطانيا باختصار، اذ يذكر المؤلف ان “تنسيب عملاء الى وكالة المخابرات الامريكية هي طريقة اخرى ساعدت بها بريطانيا في انقلاب 1963 في العراق”. ويقيناً انها ليست الطريقة الوحيدة التي قامت بها بريطانيا في العمل ضد الثورة العراقية وضد حكومة عبد الكريم قاسم.

اكتفي بهذا المقدار، حرصاً على عدم تجاوز الحد الذي حددته هيئة التحرير لحجم المقال، آملاً ان اكون قدمت مساهمة متواضعة في ملف الثقافة الجديدة لمناسبة الذكرى الستين لثورة 14 تموز 1958 المجيدة.

************

ص13

لهذا السبب.. يكرهون عبد الكريم قاسم

أ. د. قاسم حسين صالح

الضدّ في الحكم يظهر قبحه الضدّ، والضدان هما حكّام الخضراء وعبد الكريم قاسم، وما بينهما هو الأخلاق. وبمنطق سيكولوجيا الشخصية فان الأنسان يشعر بالنقص حين يكون الآخر افضل منه في صفة أو اكثر، وتشتد حدّة هذا النقص حين يكون هذا الانسان شخصية عامة او قائدا في السلطة.

 ولقد تابعت حكومات ما بعد التغيير من (2005) فلم اجد رئيس حكومة او رئيس حزب او كتلة يذكر عبد الكريم قاسم بخير، بل أن حكّام الخضراء لم يحيوا ذكرى استشهاد عبد الكريم قاسم في انقلاب شباط 1963 الدموي وكأن ذلك اليوم كان عاديا لم يقتل فيه آلاف العراقيين، ولم يحشر فيه المناضلون بقطار الموت، ولم يسجن فيه مئات الآلاف. والمفارقة أن الطائفيين يحيون ذكرى مناسبات تستمر (180) يوما ولا يحيون ذكرى يوما واحدا استشهد فيه قائد من اجل شعبه.. فلماذا؟!

ان اي عراقي غير طائفي سيجيبك بسطر يغني عن مقال:(لأن سمو اخلاقه ونزاهته وخدمته لشعبه.. تفضح فسادهم وانحطاط اخلاقهم وما سببوه للناس من بؤس وفواجع).

نعم. قد نختلف بخصوص عبد الكريم قاسم كونه عقلية عسكرية يعوزه النضج السياسي، ولك ان تدين شنّه الحرب على الكرد عام (61)، واستئثاره بالسلطة ، ومعاداته لقوى عروبية وتقدمية وما حدث من مجازر في الموصل، واصطناعه حزبا شيوعيا بديلا للحزب الشيوعي العراقي الذي عاداه رغم انه ناصره حتى في يوم الانقلاب عليه (8 شباط 1963). ولك ان تحمّله ايضا مأساة ما حصل لأفراد العائلة المالكة، وتصف حركته بأنها كانت انقلابا وضعت العراق على سكة الأنقلابات. ولك ايضا أن تتغاضى عن انصافه الفقراء واطلاقه سراح المسجونين السياسيين وعودة المنفيين وفي مقدمتهم الملا مصطفى البرزاني الذي استقبله اهل البصرة بالأهازيج.. ولكن، حتى أبغض اعدائه، لا يمكنهم أن يتهموا الرجل بالفساد والمحاصصة والطائفية والمحسوبية والمنسوبية.. وتردي الأخلاق، مع أن قادة النظام الحالي رجال دين، وان رسالة النبي محمد كانت اخلاقية بالدرجة الاساسية (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وأن عليهم ان يقتدوا بمن خصه الله سبحانه بقوله(وانك لعلى خلق عظيم).. فيما عبد الكريم قاسم ليس له اهتمامات بالدين. فلم يطل لحية وما لبس عمامة.

والحقيقة التي تسكن اعماق قلوب حكّام الخضراء أنهم يكرهون عبد الكريم قاسم، لأنه يمثل انموذج الحاكم القدوة من حيث نزاهته. فالرجل كان يعيش براتبه ولا يملك رصيدا في البنك، ولهذا لم يجرؤ في زمانه وزير او وكيله او مدير عام على اختلاس او قبول رشوة او التحايل على مقاولة. وما كان اهله او اقرباؤه يحظون بامتيازات، فشقيقه الأصغر كان نائب ضابط في الجيش العراقي، وبقي بتلك الرتبة طيلة مدة حكم أخيه عبد الكريم قاسم. وما كان للرجل قصر او بيت لرئيس الجمهورية، بل كان ينام على سرير عادي بغرفة في وزارة الدفاع. ولقد منحه العراقيون لقب (ابو الفقراء).. لأنه بنى مدينة الثورة لساكني الصرائف في منطقة الشاكرية، ومدنا اخرى في البصرة واكثر من 400 مدينة جديدة وعشرات المشاريع الاروائية، فيما حكّام الخضراء حولوا الوطن خرابا ، وافقروا 11 مليون و400 ألف عراقي بحسب وزير التخطيط في (2020)، وسرقوا 840 مليار دولارا بحسب (بومبيو)، وأن ما فيهم نظيف يد بشهادة مشعان الجبوري :(لابو عكال ولا ابو عمامه ولا الافندي ولا لجنة النزاهة كلنا نبوك من القمة للقاعده).. ووصف مرجعيتهم الدينية لهم بانهم في الفساد.. حيتان !

ولهذا فهم يخشون احياء ذكراه لأن الناس ستعقد مقارنة بين ما صنعه من اعمارفي أربع سنوات وبين ما صنعوه من دمار، وأخرى تخزيهم في اربعة اضعاف مدة حكمه!. فمعظم الذين جاءوا بعد التغيير كانوا لا يملكون ثمن تذكرة الطائرة، وصاروا يسكنون في قصور مرفهة ويتقاضون رواتب خيالية، وعزلوا انفسهم لوجستيا بمنطقة مساحتها (10) كم مربع محاطة بالكونكريت وبنقاط حراسة مشددة سرقت احلام العراقيين وجلبت لهم الفواجــع اليوميــة، وأوصلتهم الى اقسى حالات الجزع والأسى.. ولهذا فهم ينؤون عنه.. لأن المقارنة ستفضي بالناس الى احتقارهم. والمخجل ان كثيرين منهم صاروا محتقرين شعبيا ، وآخرين صاروا سخرية في وسائل التواصل الأجتماعي.. ولا يخجلون!

 وحكّام الخضراء فعلوا من القبائح ما يجعلهم صغارا امام فضائل عبد الكريم قاسم.. اقبحها أن الفساد في زمنه كان عارا فيما صيّره الطائفيون شطارة، واصبح العراق في زمنهم افسد دولة في المنطقة، حتى بلغ المنهوب من قبل وزراء ومسوؤلين كبار ما يعادل ميزانيات ست دول عربية مجتمعة!، وراحوا ينعمون بها في عواصم العالم دون مساءلة.

وصار رئيس الجمهورية ورئيس الوزرارء والوزراء يعينون ابناءهم وبناتهم مستشارين لديهم.. لا ليقدموا خبرة هم اصلا لا يمتلكونها، بل ليحصل من هو في العشرين من عمره على راتب يعادل اضعاف راتب استاذ جامعي.. دكتور وبروفيسور.. بلغ الستين!، فيما كان عبد الكريم قاسم يعتمد معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة، ومبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في اغلب اختياراته.. مثال ذلك:ابراهيم كبة (اقتصاد)، محمد حديد (مالية) فيصل السامر(ارشاد)هديب الحاج حمود (زراعة) ناجي طالب(شؤون اجتماعية)... نزيهة الدليمي(بلديات).. وهي اول وزيرة في تاريخ العراق. واختياره عقلا اكاديميا عبقريا درس على يد آينشتاين لرئاسة جامعة بغداد التي تاسست في زمنه.. الصابئي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله، برغم معارضة كثيرين، قالوا له كيف تعين هذا الصابئي.. فأجابهم :(عينته رئيس جامعة وليس خطيب جامع).. فيما اعتمد الطائفيون مبدأ الانتماء الى الحزب والطائفة في المواقع المهمة بالدولة وان كان لا يمتلك كفاءة ولا خبرة ولا نزاهة.

وكان العراق في زمانه.. دولة، فيما صار بزمن سادة الخضراء دويلات، بل ان كل وزارة في الحكومة هي دويلة لهذا المكون السياسي او ذاك، وما كانت فيه دولة عميقة او ميليشيات. وكان عبد الكريم محبّا للعراق ومنتميا له فقط، ولهذا كانت المواطنة، بوصفها قيمة اخلاقية، شائعة في زمنه بين العراقيين، فيما انهارت بزمن الطائفيين، وصار الناس يعلون الانتماء الى الطائفة والقومية والعشيرة على الانتماء للوطن.. وتلك اهم وأخطر قيمة اخلاقية خسرها العراقيون.. ولهذا فان الطائفيين يكرهون عبد الكريم قاسم، لأن احياء ذكراه توحّد الناس ضدهم.. ولأن الضد الجميل في الأخلاق يبرز الضد القبيح في الأخلاق.

وتبقى حقيقة.. أن عبد الكريم قاسم برغم مرور ستين سنة ونيف فانه باق في قلوب العراقيين الذين نسجوا عنه الاساطير، فيما حكّام الخضراء سوف لن يبقى لهم ذكر، ومؤكد ان العراقيين سيلعنون معظمهم بعد مماتهم.

14 تموز 2020

*********

السفير البريطاني قبل 3 أشهر من ثورة 14 تموز 1958

حول الوضع في العراق:

قمع سياسي كامل

تمت الاطاحة بالنظام الملكي المدعوم من بريطانيا في ثورة 14 تموز 1958 واقيمت جمهورية برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم. وتعرضت السفارة البريطانية في بغداد، التي كانت تعرف بأنها القوة الفعلية وراء العرش، الى النهب وقتل أحد البريطانيين. ووصف مسؤولون في السفارة الثورة في تقاريرهم الى لندن بأنها “ثورة شعبية “تقوم على “مشاعر مكبوتة من الكره والاحباط، تتغذى على تطلعات قومية لم تلبّ، وعداء لحكومة اوتوقراطية، وسخط من الهيمنة الغربية، واشمئزاز من فقر متفشي”.

وكان النظام الملكي الذي دعمته بريطانيا من بين الأنظمة الأدنى شعبية في الشرق الاوسط، وكان البريطانيون يدركون جيداً سماته القمعية. فقد أشار تقرير لوزارة الخارجية البريطانية، على سبيل المثال، الى ان “الثروة والسلطة بقيتا متركزتين في أيدي حفنة من ملاك الارض وشيوخ العشائر الاغنياء الذين كانوا يحيطون بالبلاط”.

وقبل ثلاثة أشهر من ثورة 14 تموز 1958، كتب السير مايكل رايت، السفير البريطاني في بغداد، الى وزير الخارجية سلوين لويد قائلا ان “الوضع الدستوري في العراق يشبه الى حد بعيد ما كانت عليه المملكة المتحدة عند صعود جورج الثالث الى العرش”. فالسلطة السياسية تتمركز في البلاط، ويمكن للملك أن يعين ويعزل رؤساء الوزراء كما يشاء، بينما “لا يمكن للمعارضة ان تنظم اجتماعات عامة او تعبر عن معارضتها للنظام في الصحافة”.

كما لفت رايت الى ان “كفاءة جهاز الأمن العراقي تزايدت مادياً في السنة الاخيرة، ويعود الفضل في ذلك الى حد كبير الى المساعدة البريطانية بالتدريب والمعدات”. ووصف الوضع القائم آنذاك بأنه “قمع سياسي كامل”.

ثم عبر السفير البريطاني عن معارضته للديمقراطية بقوله ان “إرخاءً كاملاً للقيود الحالية على حرية التعبير بالاقتران مع انتخابات حرة كلياً” من شأنه ان “ينتج فوضى وربما ثورة”. وأوصى فقط بالسماح بتشكيل احزاب سياسية.

وبضربة واحدة، أطاحت ثورة 14 تموز الوطنية والشعبية بنظام موالٍ لبريطانيا كان يمثل دعامة رئيسة لسياستها في الشرق الاوسط. الأسوأ من ذلك ان مخططي السياسة البريطانية أقروا بأن عبد الكريم قاسم كان يحظى “بشعبية كبيرة جداً”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كتاب للباحث البريطاني مارك كرتس

https://www.iraqicp.com/index.php/sections/orbits/750-8-1963

************

ص14-15

ثورة 14 تموز 1958 المجيدة

محمود سعدون

في حوالي الساعة السادسة والنصف صباح الرابع عشر من تموز عام 1958 اذيع بيان رقم واحد معلنا عن قيام ثورة 14 تموز المجيدة والتي خرجت الجماهير العراقية بمظاهرات بلغت مئات الالوف من المتظاهرين دعما لها، هكذا دخل تحرك الضباط الاحرار في الرابع عشر من تموز 1958 التاريخ، باعتباره ثورة مجيدة تعد أكبر انتصار حققه الشعب العراقي في تاريخه الحديث. وإذا أردنا تحليل يوم 14 تموز المجيد، فان على المرء ان يضع احداث 14 تموز في اطارها التاريخي الطبيعي، وان ينظر نظرة اوسع في فهم السياق التاريخي للثورة.

نظرة تاريخية

بعد الحرب العالمية الاولى واحتلال العراق من قبل بريطانيا 1914 وتأسيس الدولة العراقية عام 1921 الذي صمم نظاما سياسيا مستقلا في الظاهر تابعا وخاضعا في الجوهر للنفوذ البريطاني، اعطى للتاريخ العراقي قبل الرابع عشر من تموز الهيمنة الكاملة على البلد من قبل بريطانيا سياسيا واقتصاديا وعسكريا للإمكانيات التي تتمتع بها بريطانيا آنذاك من استراتيجية لفرض طابع اقتصادي معين واخضاع الزراعة والصناعة وبناء دولة جديدة على النحو الذي ارادته بريطانيا في تبعية العراق لها.

ومما لا شك فيه ان تخلف الاقتصاد العراقي قبل 14 تموز خلف مجموعة من المظاهر في الحكم الملكي الخاضع للإنكليز،  ففي “عام 1957 بلغت نسبة الاستيراد من بريطانيا 24 في المائة والصادرات اليها 28في المائة  وبلغ الدخل القومي لكل فرد في العراق بعد الحرب العالمية الثانية (20 - 30) باون استرليني بينما بلغ في بريطانيا (101) باون  وامريكا (109) باونات، فيما يسكن ثلث عوائل العراق غرفة واحدة و 200 الف عائلة تسكن الصرائف و300 الف عائلة تسكن بيوتا من الطين” (1)  هذه الارقام التي تبين حجم الكارثة التي يعانيها الشعب الراقي في ظل الحكومة الملكية، بالإضافة الى تردي الجانب الصحي وانتشار الامراض مثل (التراخوما و الملاريا والدزاننتريا بالإضافة الى السل الرئوي) فيما بلغت نسبة الأطباء (طبيب عراقي لكل 5800) مواطن وتهبط هذه النسبة في البلدان المتقدمة للفترة نفسها ( طبيب لكل 2000) مواطن ، وبلغ عدد المستشفيات العامة والاهلية عام 1957 (122) مستشفى فقط، وبلغ عدد السكان الفاعلين (58  في المائة ) اي ان 42 في المائة من السكان خارج النشاط الاقتصادي الانتاجي، اما على الجانب الاخر فقد بلغت نسبة الأمية عام 1957 الى 95% في المائة من السكان .

لم تكن ثورة 14 تموز العمل الثوري الأول للشعب العراقي

 للتخلص من الملكية والاستعمار والوضع المأساوي انف الذكر، فقد شهد العراق قبل ثورة تموز احداثا مهدت اخيرا للظفر بالثورة وانتصارها. ففي عام 1948 كانون الثاني اندلع حراك جماهيري واسع ضد معاهدة بورتسموث،  بعد تصريح وزير الخارجية فاضل الجمالي الذي اشاد باتفاقية عام 1930 بين العراق وبريطانيا، فقوبل هذا التصريح باستهجان كل القوى الوطنية، وألهب مشاعر الطلبة في الكليات والمعاهد فتظاهروا في الخامس من كانون الثاني العام 1948 واصطدموا بالشرطة التي استخدمت الهراوات والاسلحة النارية لتفريقهم، وكان للحزب الشيوعي العراق الدور البارز في هذا الحراك، فقد حدد الرفيق فهد التكتيكات التي يجب على الحزب السير عليها بالمحافظة على وحدة صفوف الحركة الوطنية والابتعاد عن الخلافات، كذلك تنشيط الحركة بين العمال وربط حركتهم بحركة الطلاب ودفعهم للنضال من اجل القضايا الوطنية العامة.  وبفضل هذه الوثبة الغت الجماهير معاهدة بورتسموث واسقطت وزارة صالح جبر الموغلة بعدائها للشعب، وظلت تمارس ضغطها بإحساس النصر الذي حققته في تلك الايام المجيدة.

“اما انتفاضة تشرين الثاني عام 1952 فقد كانت استمرارا لوثبة كانون الثاني، وكانت للانتفاضتين حقائق مادية فعالة ومسببات واحدة”(2) حيث انطلقت صباح يوم 22 تشرين الثاني مطالبة بأسقاط الوصي عبد الاله وحكومة مصطفى العمري، فأعلنت الاحكام العرفية بقيادة نور الدين محمود الذي كلف بتشكيل حكومة جديدة، وما هي الا ساعات قليلة حتى حلت احزاب المعارضة واعتقل قادتها وأمر بأجراء اعتقالات في كل انحاء بغداد ، لتتجدد صباح اليوم التالي  تظاهرات تشجب دكتاتورية الجاسوس الانكليزي نور الدين محمود، ولم تهدأ التظاهرات حتى المساء عندما فتحت قوات الجيش النار على الحشود في حي باب الشيخ وقتلت ثمانية عشر منهم وجرحت اربعة وثمانين .

ولم تكن هذه الانتفاضة الأخيرة قبل ثورة 14 تموز فقد شهد البلد انتفاضات وحراكا سياسيا انتهى بالظفر بثورة 14 تموز المجيدة، قد لا يسعنا المكان لذكرها هنا لكن سنمر عليها مرورا قبل تناول ثورة تموز.

تمهيدا لثورة 14 تموز 1958 بعض من الحراك السياسي

“جرى تشكيل لجنة التعاون الوطني أواخر العام 1947  التي قادت التظاهرات الشعبية ايام وثبة كانون الثاني العام 1948، وضمت ممثلين عن الحزب الشيوعي العراقي وحزب الشعب والجناح التقدمي في الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الديمقراطي الكردستاني”(3)، وفي الاول من ايار 1951 نظم الحزب  الشيوعي العراقي مظاهرات عمالية في شارع الشيخ عمر قادها الشهيد طالب عبد الجبار، الكادح الشيوعي من باب الشيخ، وكان ذلك تحديا للنظام بعد حملته الارهابية في عام 1949  التي طالت قيادة الحزب بالإعدام والتي ظن يومها ان الحزب لن ينهض على قدميه قبل مرور عشر سنوات على حد تعبير مدير الشرطة العامة آنذاك، لكن في خريف 1951 الف الحزب مجلسا مركزيا لنقابات العمال، واصدر في بداية 1952 جريدة سرية تتحدث باسم العمال اسماها (اتحاد العمال)، واعقبتها الجبهة الوطنية الانتخابية التي خاضت انتخابات المجلس النيابي في ربيع 1954 ايام وزارة ارشد العمري الثانية، ومنذ 1954 نشط الحزب الشيوعي لإيجاد ركائز ثابتة له في الجيش، ونجح في تكوين منظمة (اتحاد الضباط والجنود الاحرار). ونجح كذلك في اقامة علاقات راسخة له مع (منظمة الضباط الاحرار) التي صار يقودها منذ عام 1956 الزعيم عبد الكريم قاسم. وساهم الحزب

الشيوعي في تشرين 1956 في انتفاضة شعبية عمت عديدا من المدن في العراق ولا سيما النجف والحي، لمساندة مصر ضد العدوان الذي شنته انكلترا وفرنسا واسرائيل، تلك الانتفاضة التي جابهتها وزارة نوري سعيد بالحديد والنار والإجراءات القمعية التي اسفرت عن قتل المتظاهرين في الشوارع والكليات والمدارس الثانوية.

“وفي شباط 1957 نجح الحزب الشيوعي العراقي في اقناع الاحزاب الوطنية القائمة آنذاك في تكوين (جبهة الاتحاد الوطني) وتألفت من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي، ونظرا الى ان بعض الاحزاب رفضت مشاركة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) في الجبهة اقام الحزب الشيوعي تحالفا ثانيا بينه وبين البارتي”(4). ساعد تكوين جبهة الاتحاد الوطني في نهوض الحركة الوطنية وتحفيز الشعب لأسقاط الحكم الرجعي.

وقدد حددت جبهة الاتحاد الوطني اهدافها بعد الاعلان عن تشكيلها في التاسع من اذار 1957 وكانت هذه الاهداف هي.

“تنحية نوري السعيد وحل المجلس النيابي، والخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلدان العربية المتحررة، مقاومة التدخل الاستعماري بشتى اشكاله ومصادره، وانتهاج سياسة عربية مستقلة اساسها الحياد الايجابي، إطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية، الغاء الادارة العرفية، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين والموقوفين السياسيين.”(5)

صبيحة 14 تموز وحسم المفاهيم

منذ عام 1956 نشط الضباط الاحرار لتحقيق مشروعاتهم ومحاولاتهم لتنفيذ الانقلاب للإطاحة بالحكم الملكي، لكنهم كانوا يؤجلونها المرة بعد الاخرى، اما لعدم كفاية القطاعات العسكرية المتوفرة لتنفيذ العملية، او لان الثلاثة الكبار الذين يتزعمون النظام (الملك والوصي ونوري سعيد) لا يوجدون سوية حين التنفيذ.

لم تكن الساعات الاولى من 14 تموز ثورة بالمفهوم الواضح والذي نحمله حتى يحولها تدخل الجماهير الواسعة لتأييدها من انقلاب عسكري الى ثورة حقيقة، “فمنذ لحظة اعلان ((الثورة))(*) في الصباح الباكر ومع النداءات التي كان يطلقها عبد السلام عرف من الاذاعة لدعم ((الثورة)) انطلقت الجماهير الشعبية في كل مكان وفي جميع انحاء البلاد، وهي تعلن عن فرحتها بالثورة، وعن عزمها على اسنادها وحمايتها،(6) وبعد اذاعة البيان الأول انطلقت الجماهير الشعبية فور سماعها البيان الاول الى الشوارع وهي تجمع ما بين الفرح العارم بالثورة والسخط على الحكام السابقين، وقد عرقلت هذه الحركة اي اعمال مضادة معادية ممكنة بسدها الشوارع والجسور لا في بغداد وحسب بل في المدن اخرى ايضا، والأهم من هذا هو انه كان للجماهير، بفضل عنفها، تأثير نفسي هائل، اذ انها زرعت في قلوب مؤيدي الملكية الخوف واسهمت في شل  ارادتهم ، كما يعلق حنا بطاطو . نعم لقد انتصرت القطاعات العسكرية بقيادة منظمة الضباط الاحرار في اسقاط النظام الرجعي العميل، وكان للحزب الشيوعي الدور البارز فيها بالإضافة لكل القوى الوطنية، فقد كان يعرف موعد انطلاق هذه القطاعات وغرضها، لذلك عبأ كوادره استعدادا للأمر، وأصدر توجيهاته الخاصة بهذا الشأن، ولهذا ما ان أعلن عن بدء الحركة، حتى انطلقت الجماهير الى الشوارع في بغداد والمدن الاخرى، وتحول الانقلاب العسكري الى ثورة هائلة، قضت على رموز النظام السابق واقامت الجمهورية.

 يقول حنا بطاطو» لا يكفينا ان ننظر الى الوراء، ويجب الا يقتصر حقل الرؤية عندنا على ما سبق احداث 14 تموز ان يشمل ايضا ما تلاها. والواقع ان ألقاء نظرة سريعة على الاثار اللاحقة يكفي لجعلنا نعرف اننا امام ثورة اصيلة، ولم يكن لظاهرة سياسية سطحية ان تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف، او لتثير المخاوف او الآمال بهذه الجدية خلال سنتي 1958 – 1959 ،  والواقع ان 14 تموز اتى معه بأكثر من مجرد تغيير في الحكم”.(7)

فقد دمرت الثورة السلطة الاجتماعية لأكبر المشايخ ملاكي الاراضي ولكبار ملاكي المدن، وتعززت حياة العمال في المدينة وحياة الفلاحين في الريف بإصدار قانون الاصلاح الزراعي والغاء الاقطاع، وقامت بتشريع قانون الاحوال الشخصية الذي بموجبه اعاد الاعتبار للمرأة العراقية، واقر القانون مساواة المرأة مع الرجل في الميراث، كما تسلمت الرفيقة نزيهة الدليمي منصبا وزاريا لتعتبر اول وزيرة عراقية، بل اول امرأة تستلم منصب الوزارة في العالم العربي.

لقد كانت ثورة الرابع عشر من تموز ذروة نضال جيل كامل من الطبقات الوسطى والوسطى الدنيا والعاملة، واوج ميل ثوري كامل متشرب في الاعماق، كانت له تعبيراته التي تمثلت بانقلاب 1936 والحركة العسكرية 1941 والوثبة 1948 والانتفاضة 1952 ثم انتفاضات 1956.

ولهذا دخل تحرك الضباط الاحرار الوطنيين في الرابع عشر من تموز 1958 التاريخ باعتباره ثورة مجيدة تعد أكبر انتصار حققه الشعب العراقي في تاريخه الحديث.

ـــــــــــــــــــــــ

الهوامش 

1 - فرحان قاسم - 14 تموز معركة المفاهيم – جريدة طريق الشعب العدد 229 تموز 2016.

2 - حنا بطاطو - العراق- الكتاب الثاني الحزب الشيوعي – دار قبس – ص 329.

3 - عبد الرزاق الصافي – من ذاكرة الزمن – دار المدى – الطبعة الاولى 2010 – ص 97

4 -  عزيز سباهي وعبد الرزاق الصافي - الحزب الشيوعي العراقي.. معالم على الطريق – دار الرواد المزدهرة 2017 الطبعة الثانية.

5 - عبد الرزاق الصافي – من ذاكرة الزمن – دار المدى – الطبعة الاولى 2010 – ص 99

6 - عزيز سباهي – عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي – الجزء الثاني – ص262

7 - حنا بطاطو – العراق – الكتاب الثالث – الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار – منشورات دار قبس – ص116

(*) كلمة الثورة بين قوسين يدرجها عزيز سباهي في كتابه عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، ليوضح بانها اصبحت ثورة بعد ان ساندتها الجماهير وايدتها

********

العامل الاقتصادي في ثورة 14 تموز المجيدة

عادل عبد الزهرة شبيب

هنالك جملة من العوامل المختلفة التي تراكمت وتمخض عنها قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، منها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها. وتلك العوامل قد نمت في رحم العهد الملكي نفسه. والثورات عادة هي نتيجة تراكمات ومظالم واحتياجات سياسية واجتماعية واقتصادية، وكما تقول الماركسية فإن التراكمات الكمية تؤدي الى تحولات نوعية.

ومن العوامل التي سنركز عليها هنا هي العوامل الاقتصادية كتردي الأحوال المعيشية والاجتماعية، فقد عجز النظام الملكي عن تلبية احتياجات الجماهير وتحسين احوالها المعيشية حيث كان النظام مرتبطا بالمصالح البريطانية في العراق وبالضد من مصالح الشعب العراقي، وكان هم بريطانيا هو الحاق العراق بالسياسة البريطانية وجعله تابعا لها ومنفذا لاستراتيجياتها بربطه بالعديد من المعاهدات (1922، 1930، 1848، حلف بغداد.. وغيرها).

كان النظام الملكي قائما على الاقطاع ومعتمدا عليه حيث كان الشيوخ الاقطاعيون يهيمنون على الاقتصاد من خلال هيمنتهم على البرلمان والحكومة. ومارس الاقطاعيون سياسة الظلم والاضطهاد ضد الفلاحين وعملوا على تجويعهم وربطهم بالديون التي عجزوا عن تسديدها، وكان الاقطاعي يفرض على الفلاح عشرات الأشكال من الاضراب والرسوم . وقد شكل سكان الريف العراقي آنذاك نسبة % 70 من الشعب العراقي يعيشون حياة بائسة تتميز بالفقر والجهل والمرض وغياب العدالة الاجتماعية بسبب ظلم واضطهاد الاقطاع لهم مما ارغم الملايين منهم على ترك الزراعة والريف والهجرة الى المدن، الى بغداد والمدن العراقية الاخرى.

وفي فترة العهد الملكي في العراق فإن ابرز ما يمكن ملاحظته هو تعمق التمايز الطبقي في المجتمع العراقي في كل من الريف والمدينة على حد سواء وامتدت آثار التمايز الطبقي الى المدينة بعد تعاظم الفقر الذي لحق بمئات

الألوف من الفلاحين الذين اضطروا الى ترك ديارهم والهجرة الى المدينة حاملين معهم كل سلبيات المجتمع الريفي الفقير المتخلف والعادات العشائرية . وكان العامل الأول في افقار الفلاحين هذا قد نتج عن اتساع عملية استيلاء الملاكين الكبار على الأراضي الزراعية بدعم من النظام الملكي، حيث جرت هذه العملية نتيجة لسياسة الحكومة التي كان يهمها تطمين مصالح الاقطاع الذين اصبحوا احد اعمدة النظام الملكي الأساسية. فقد قامت الحكومة بتشريع الكثير من التشريعات لتحقيق تلك السياسة الى درجة ان (3 في المائة) فقط من مجموع مالكي الاراضي الزراعية في العراق كانوا يملكون ثلثي الأراضي الزراعية وكان هناك ثمانية ملاكين عراقيين فقط بحوزة كل واحد منهم اكثر من مائة الف دونم . وقد صادر الاقطاع كل حقوق الفلاحين.

وبعد اكتشاف النفط في العراق عام 1927 هيمنت الشركات النفطية الأجنبية على الاقتصاد العراقي والتي لعبت دورا كبيرا في تقويض الاقتصاد العراقي لا سيما بعد ربط الاقتصاد العراقي بالكتلة الاسترلينية ما ادى الى تضخم العملة العراقية وغلاء الأسعار.

وكان 80 في المائة من مردودات النفط تذهب الى جيوب الشركات الاحتكارية ولا يتبقى اكثر من 20 في المائة من الموارد النفطية وهي حتى لا تكفي مرتبات البلاط الملكي ووزاراته، لذلك اعتمد النظام على الجباية وفرض الضرائب وسلب الفلاحين وكل المكونات السكانية من خلال العمل الشاق حيث كان يعمل ما نسبته 75 في المائة من السكان كفلاحين عند الاقطاع لزراعة الحنطة والشعير من اجل تصديرها للخارج وجني الأرباح منها لجيوب الاقطاع والسلطة. كما تفشى الفساد المالي والاداري لدى النخبة السياسية وانتشار المحسوبية، وكانت البلاد تغرق في الفقر والجهل والمرض وغياب العدالة الاجتماعية وتعيش تحت رحمة نظام اقطاعي ظالم مصادر لحقوق الفلاحين.

اما القطاع الصناعي في العراق فقد حرم من اموال مجلس الاعمار بحجج مختلفة وظلت الشركات الأجنبية تحتكر معظم تجارة التصدير والاستيراد حتى ثورة 14 تموز وبالتعاون مع بعض التجار المحليين الكبار.

لذلك فإن تدهور الاقتصاد العراقي وسيطرة الشركات الأجنبية عليه وعلى موارده المالية والاضطهاد والظلم الذي مارسه الاقطاع ضد غالبية الشعب العراقي والتخلف وانتشار الفقر والجهل والمرض وتفشي الفساد والمحسوبية دفعت بالعراقيين المضطهدين الى تأييد ودعم الثورة عند انطلاقتها حيث فتحت الثورة آمالا جديدة لفقراء العراق ومعدميه الذين عانوا من الفاقة والحرمان وغياب العدالة الاجتماعية وتبعية النظام الملكي الحاكم للمحتل البريطاني الذي ربط العراق بمعاهدات والتزامات ابعدت العراق عن استقلال قراره السياسي وموارده الاقتصادية . لذلك وبسبب الأوضاع المزرية وغياب العدالة الاجتماعية بسبب طبيعة النظام الملكي شبه الاقطاعي فقد هب ضحايا الاضطهاد، ضحايا جوع الاضطرار للتخلص من النظام الظالم الذي سلبهم الحرية والكرامة والحياة الانسانية متمسكين بثورة الرابع عشر من تموز وداعمين لها والتي كانت تمثل المنقذ لهم والأمل الجديد.

*********

ص16

وثيقة الـ 500 تنذر بـ”خريف الديمقراطية الغربية”

2-2

إميل أمين

من أهم الكتب العالمية التي ناقشت أزمة  الديمقراطية الغربية المعاصرة، يأتي كتاب عالمي الاجتماع البولندي زيغمونت باومان، والإيطالي كارلو بوردوني،  وعندهما أن أزمة الديمقراطية التي يعيشها العالم الغربي، هي ليست أزمة موقتة  على الإطلاق.

يلفت العالمان البولندي والإيطالي الانتباه إلى مصطلح جديد ومثير في الوقت عينه، “الاستبداد الديمقراطي”، ويشيران إلى أن الجماهير التي خرجت سعياً للديمقراطية، وضد الاستبداد، قد طرأ عليها متغير جديد، فهي باتت مترابطة في ما بينها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى أنها باتت مقاومة لمختلف أشكال السلطوية، بما في ذلك ما يسمى “الاستبداد الديمقراطي”.

الطبقية عدو الديمقراطية

لقد أفرز التمايز الطبقي، وسوف يفرز لاحقاً، المزيد من الحركات السياسية الخارجة عن الكادر الحزبي التقليدي، والذي يمضي عبر الأطر الديمقراطية  التقليدية، مثل الانتخابات بأنواعها برلمانية كانت أو رئاسية.

كانت اللبنة الأولى في تجذير قيمتي بروتاغوراس (487 ق.م -420 ق.م) زعيم الفكر السوفسطائي في القرن الخامس، وهما (الاحترام المتبادل والعدالة)، قد وضعت عام 1648 مع ظهور معاهدة ويستفاليا إلى النور، تلك التي أنهت حرب الثلاثين عاماً في أوروبا، والركن الرئيس فيها كان عدم الاعتداء والاحترام للدول ذات السيادة، الأمر الذي تم خرقه في العقدين الأخيرين، وتحت أكثر من مسمى، كمحاربة الإرهاب على سبيل المثال، فقد أسقطت أنظمة، وتم تفكيك دول وهدم مؤسسات الحكومة، وأبنيتها  التحتية، ما جعل الرفض للنموذج الديمقراطي الغربي يتأتى من جانبين، من الخارج، وما حدث في العراق نموذج لا يزال أثره السيء  يلاحق التجربة الأميركية  التي فشلت في الوفاء بوعودها بعد عقدين من الغزو تقريباً.

ومن الداخل حيث بدأت الأنساق القومية والعنصرية، ناهيك عن الشعبوية يعلو صوتها رافضة التكلس السياسي تحت لافتة الديمقراطية، ومتحررة من آليات الانتخاب، في أميركا وأوروبا، والنظر لها بوصفها أطراً من القيود، وأصفاداً مكبلة للتغيير الزماني والمكاني، ومن هنا كانت الحركة خارج الأفق والمجال الديمقراطي التقليدي، حيث الأحزاب هي البوق الوحيد المعبر عن الإرادات السياسية. لقد دخلت الديمقراطيات الغربية في حالة من حالات “السيكولائية الاجترارية “، إن جاز التعبير، أو الجمود الأرثوذكسي السياسي، ولهذا يلاحظ أستاذ العلوم السياسية  في جامعة “ديول” بولاية نورث كارولينا الأميركية، البروفيسور هربرت كيتشليمت، في كتابه “تحولات الديمقراطية الاجتماعية في أوروبا”، أن الأحزاب السياسية تتغير بالضرورة وبانتظام، وأن قدرتها على التأثير، تتوقف على استجابتها  للظروف، وأن نجاح الديمقراطية بمكوناتها الحزبية، يحتاج إلى تطور رسالتها  الحزبية، وبناء ائتلافات انتخابية جديدة وليس بالضرورة الالتصاق بالنظام التاريخي  للحزب الواحد منفرداً... هل من أسباب أخرى تجعل الديمقراطية نموذجاً غير جاذب في عيون الغربيين؟

فوكوياما وغياب الصدمة

لم يكن حديث الديمقراطية وأزمتها بعيداً من فوكوياما، وقد وصفها في رؤيته “الشمولية”، عن الإنسان ونهاية التاريخ، بأنها لا يمكن لها أن تنهار، وإنما تتآكل... لماذا؟

الجواب نجده في طيات كتابه الأحدث الصادر منذ أكثر من عام قليلاً تحت عنوان “الهوية: مطلب الكرامة وسياسة الاستياء”.

يعطينا فوكوياما طرف الخيط عن تشظي النسيج المجتمعي الأميركي، وكيف أن العنصرية والطبقية، وربما عن قريب المحاصصة المذهبية، والتوجهات اليمينية، كلها باتت تفت في عضد “النسق الديمقراطي” الأميركي.

الأمر المهم الآخر الذي يلفت إليه فوكوياما، هو غياب “الصدمة”، وكأنه هنا يستعيد ما قاله كارل ماركس عن العنف، وكونه، “قابلة التاريخ”، فالغربيون عامة والأميركيون خاصة قد استمرأوا في نظر البعض حالة السلم المجتمعي، والاستقرار الاقتصادي، وغاب المنافس الذي تمثل طويلاً في الاتحاد السوفياتي، والشيوعية  كنظرية تقدمية.

هل يقودنا هذا التحليل إلى القول إن الديمقراطية الليبرالية تحمل قنابلها الموقوتة في أحشائها، وأن الغرب يتمخض الآن بها؟

الجواب يمضي عند فوكوياما في سياق الحتمية التاريخية لتغليب المؤسسة الديمقراطية الحكومية، على الانتماءات الدينية والعرقية، وهذه هي الإشكالية في زمن الشعبوية الجديدة التي تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية.

الترمبية ومصير الديمقراطية

والشاهد أن سطور “خريف الديمقراطية”، لا يمكن لها أن تتوقف أبداً عند السطور المتقدمة، إذ لا بد لها لكي تكتمل في عقل القارئ من أن تمضي في قراءة معمقة  أخرى مع “الترمبية” التي باتت تجسد “الأسلوب البارانوياتي”، بحسب الكاتب والصحافي الأميركي ستيفان سيبيل.

يحاجج المفكر فوكوياما بأن النظام السياسي الأميركي ما قبل ترمب كان “عديم الأهلية”، ويعزي ظهور ترمب، وقد وصفه بأنه حاكم مستبد، إلى شلل النظام السياسي الحالي، ويخلص إلى أن أميركا بصورتها الحالية، ونظامها المتداعي، قد أصبحت رهينة بيد النخب الأوليغارشية ذات النفوذ، والمصابة بالشلل بسبب عدم قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية رئيسية تنقذ الحياة الديمقراطية.

الديمقراطية الأميركية في مأزق، والليبرالية من ورائها تترنح، وعلى غير المصدق الرجوع إلى تقارير مجلس الاستخبارات القومية الأميركية الأخيرة، والتي تتوقع تفكك النظام الليبرالي العالمي خلال السنوات المقبلة، مع ما يترتب على ذلك من آثار جيوسياسية خطيرة ومثيرة.

هل ترمب أحد الأسباب المسرعة بأزمة الديمقراطية في العالم برمته وليس في الغرب فقط؟

كيف لدولة - إمبراطورية أن تعلو فيها، أخيراً، أدوار الجنرالات، على صوت الرئيس، وترتفع فوق كراسي السياسيين؟

وكيف لرئيس منتخب مثل ترمب أن يهدد بالبقاء في البيت الأبيض إن خسر الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبراً أنه قد تم تزويرها، فيما يهدد جو بايدن المرشح الديمقراطي المنافس له باستخدام القوات المسلحة لطرده من البيت الأبيض؟

 ثم وربما هذا يكون من الأهمية بمكان، كيف كشفت أزمة تفشي “كوفيد -19” عن الوضعية الكبرى واليد العليا للمؤسسة العسكرية الأميركية، مقابل المؤسسات المدنية الأخرى، إلى درجة رفض وزير الدفاع نشر القوات المسلحة في الشوارع كما رغب بذلك ترمب، ما يعني بصراحة انقلاب على تراتبية الحكم الأميركي.

وهو أمر يدعو إلى أن نضعه تحت المجهر في الأيام المقبلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“اندبندنت عربية” 2 تموز 2020 (بتصرف)

*************

أوكسفام تحذر من تفاقم أزمة الجوع عالميا

مع تفشي كورونا

متابعة “طريق الشعب”

حذرت منظمة أوكسفام الخيرية من أن وباء كوفيد-19 يعمق أزمة الجوع في المناطق المعرفة ببؤر الجوع في العالم - ومن بينها ثلاث دول عربية، هي اليمن وسوريا والسودان - ويتسبب في ظهور بؤر جديدة للجوع حول العالم.

وقالت المنظمة في تقرير أصدرته تحت عنوان “كوفيد -19 يؤجج الجوع في عالم جائع” إن عدد الوفيات من الجوع المرتبط بالوباء قد يبلغ بنهاية العام قرابة 12 ألف وفاة يوميا، أي ربما ضعفي من سيقضي عليهم الوباء.

وأورد التقرير بيانات تضم عشر مناطق من بؤر الجوع الشديد في العالم من بينها ثلاث دول عربية.

والمناطق العشر هي اليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وفنزويلا والساحل غربي الصحراء وإثيوبيا وجنوب السودان وسوريا والسودان وهاييتي.

وقال التقرير إن الوباء قد يكون القشة التي تقصم ظهر البعير بالنسبة لملايين البشر الذين يعانون من آثار النزاعات، والتغير المناخي، واللامساواة، والنظام الغذائي المتدهور، مما تسبب في إفقار الملايين من منتجي الغذاء والعمال فقرا مدقعا.

وأوضح التقرير أن البطء المفرط في عجلة الاقتصاد العالمي إلى جانب القيود الشديدة على حركة التنقل في العالم قد أسفرت عن خسارة رهيبة في فرص العمل خلال الأشهر القليلة الماضية، وأضاف أن الملايين بدون دخل أو معونة بطالة لا يقدرون على شراء ما يقيم أودهم.

ونقل التقرير عن منظمة العمل الدولية تقديرها أن عدد الوظائف التي فقدت بسبب الوباء بلغ 305 ملايين وظيفة بدوام كامل، مما قد يفقر من قد يصل تعدادهم إلى نصف مليار نسمة، وأن أشد المتضررين من ذلك هم النساء والصغار.

وأشار التقرير إلى التباين بين مقدرات هؤلاء الناس وأوضاع غيرهم في القمة، ممن لا يزالون قادرين على جني الأرباح، ويقول إن ثمان من أكبر شركات الطعام والشراب في العالم قد دفعت لمساهميها ما يزيد على 18 مليار دولار منذ يناير/كانون الثاني الماضي بينما كان الوباء يستشري في أنحاء العالم.

وأضاف التقرير أن هذا المبلغ يساوي عشرة أضعاف ما طلبته الأمم المتحدة في التماس يتعلق بمواجهة أزمة كوفيد-19 من تبرعات لدرء خطر الجوع عن العالم.

وقال التقرير إنه بينما يتوجب على الحكومات العمل لكبح هذا المرض الفتاك، فإن أوكسفام تدعوها أيضا إلى حل أزمة الجوع وبناء أنظمة غذائية أكثر إنصافا وأشد متانة واستدامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“بي بي سي” 9 تموز 2020

***********

ص17

مفكرون ضد ثقافة الإلغاء

نشرت “هاربرز ماغازين” يوم 7 تموز الجاري على موقعها الإلكتروني رسالة مفتوحة بعنوان “رسالة عن العدالة والنقاش المنفتح”. وصل عدد الموقعين على الرسالة إلى 150 شخصية من الأسماءِ البارزة في عالم الأكاديميا والأدب والفن والمجتمع. رأى هؤلاء في رسالتهم أن “التبادل الحر للمعلومات والأفكار الذي يمثل شريان حياة المجتمع الليبرالي صار خاضعا للتضييق بشكل يومي”.

تأتي هذه الرسالة في لحظة حرجة بالفعل في تاريخ حركة حرية الفكر والتعبير عن الرأي التي تتعرض اليوم لضغط متزايد. تتأزم هذه الضغوط بشكل مطرد بسبب التوتر الناتج من عودة صعود الشعبوية والتفوق الأبيض الذكوري وتغول النيوليبرالية الاقتصادية في وجه انتفاضات جديدة تعم مناطق مختلفة من العالم، مطالبة بالمساواة والعدالة ومراجعة الماضي.

توجه الرسالة تحية خاصة إلى هذه الانتفاضات التي تطالب “بإصلاحِ قوى الشرطة، ومساواة أكبر في الإدماج المجتمعي، خصوصا في التعليم العالي والصحافة وأعمال الخير والفنون.” ولكن في فورة هذه المطالب المحقة، قد تتفاقم المظلوميات منتجة تشنجا يصل حد إقصاء أي صوت لا يتماشى كليا مع ما ينادي به الشارع، ضاربة بهذا جوهر الحركة وأساس انطلاقها. وبالطبع لا تفوّت الرسالة فرصة تصويب سهم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي “يمثل تهديدا حقيقيا للديموقراطية”، إذ ترى فيه “حليفا قويا” لقوى اللاليبرالية التي تكسب أرضا حول العالم. ومع ذلك، يؤكد الموقعون أن “على المقاومة ألا تسمح لنفسها بأن تتحجر متخذة لنفسها نسختها الخاصة من العقيدة والإرغام، وهو ما يمارسه بالفعل ديماغوجيو اليمين المتطرف”. فبحسب الرسالة، لا يمكن تحقيق إدماج ديموقراطي شامل إلا من خلال انتقاد مناخ التعصب الذي بدأ يستقر لدى الأطراف كافة. وعلى الرغم من أن التواقيع على الرسالة جمعت كوكبة من الأسماء من مختلف التّوجهات والمجالات وعلى رأسهم المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، والروائية الكندية مارغريت أتوود، وعالم الاقتصاد السياسي فرنسيس فوكوياما، والناشطة النسوية والكاتبة غلوريا ستاينم.

إن الطريق لهزيمة الأفكار السيئة يمر عبر الكشف عنها وعبر النقاش والإقناع، وليس عبر محاولة الإسكات أو تمني ذهاب تلك الأفكار بعيدا.

كما برزت انتقادات عديدة حيال ما تطرحه الرسالة من إشكاليات لجهة القمع والإسكات، في حين أن الموقعين عليها هم/هن من أبرز الشخصيات الفكرية والأكاديمية والفنية القادرين على إبداء الرأي على أي منصةٍ يختارونها.

ولكن هذا بالضبط ما يحاول كاتبو الرسالة والموقعون عليها الإشارة إليه: المشهد الفكري يتغير بطريقة هائلة باتجاه تقييد حرية التعبير عن الأفكار، كما الوصول إليها، حتى ولو كان ذلك على سبيل الأرشفة أو المعرفة أو الدراسة. حيث “يتعرض المحررون للطرد عند نشرهم مواد جدلية، ويجري سحب الكتب في حال الادعاء بعدم أصالتها، ويمنع الصحافيون من الكتابة في مواضيع معينة، ويخضع أساتذة الجامعات للتحقيق في حال اقتبسوا أعمالا أدبية في صفوفهم…” مع إحالة إلى أحداث وقعت بالفعل خلال الأشهر الماضية بحسب نيويورك تايمز.

ولا ننسى أن بعض خدمات الستريمنغ (التمييز) بدأت، إثر جريمة قتل جورج فلويد وما تلاها من تظاهرات، بسحب أعمال سينمائية وتلفزيونية معينة، بينها أفلام خالدة مثل “ذهب مع الريح”، من أجل اقتطاع بعض اللقطات أو إضافة عبارات إلى مقدمة العمل تخلي مسؤولية الشركة عن المحتوى، وتؤكد عدم مناصرتها لأي تصوير للشخصيات جرى بطريقة قد تسيء لأيّ كان.

كما أن المنصات ليست مفتوحة دوما على مصراعيها أمام جميع الموقعين على الرسالة، ومنهم روائيون تعرضوا للتهديد ومنعت كتبهم من التداول في بلادهم نفسها كسلمان رشدي، مؤلف “آيات شيطانية”، والروائي السوري خالد خليفة على سبيل المثال.

تهدف الرسالة، أولا وأخيرا، إلى إبراز طيف واسع ومتنوع من الأصوات والخبرات والأفكار التي تتحد لتدعم منظومة من المبادئ التي لا يختلف الناس عليها وفقا لكلام واضعها الرئيس، توماس تشاترتون ويليامز، الكاتب في هاربرز ماغازين، مع صحيفة واشنطن بوست.

تفادت الرسالة إيراد مصطلح “ثقافة الإلغاء” لوصف ما يحصل في البيئات السياسية والاجتماعية هذه الأيام، إلا أن العبارة تطل من بين السطور بشكل جلي. فسيادة منطق “الصوابية السياسية” باطراد أدى أخيرا إلى فرض نوع من الانسجام الإجباري في صفوف المفكرين، وأخذ الشائكة أو التعبير بحرية عن أفكارهم حيالها. سوى أنّ السكوت عن طرح مشكلة ما لا يعني حلها، كثيرون يتفادون المواضيع ولا يعني اندثارها بفعل هذا السكوت. “إن الطريق لهزيمة الأفكار السيئة يمر عبر الكشف عنها وعبر النقاش والإقناع، وليس عبر محاولة الإسكات أو تمني ذهاب تلك الأفكار بعيدا. نحن نرفض أي اختيار زائف بين العدالة والحرية اللتين لا يمكن وجود إحداهما دون الأخرى. ككتّاب، نحتاج ثقافة تترك لنا مجالا للتجريب والمخاطرة وحتى الخطأ ”وبحسب الرسالة التي تختم بقولها على لسان موقعيها: “فإن لم ندافع عما يعتمد عليه عملنا، فعلينا ألا نتوقع أن يدافع عنه العامة أو الدولة لصالحنا.”

ـــــــــــــــــــــــــ

*ترجمة: يامن صابور

موقع “أوان” 9 تموز 2020

*************

فرنسيات يتظاهرن رفضا لتعيين وزير

متابعة “طريق الشعب”

شاركت مئات المواطنات الفرنسيات في تظاهرة، أمس الجمعة، في وسط باريس، وذلك احتجاجا على تعيين جيرالد دارمانين وزيرا للداخلية، فيما يخضع لتحقيق في مزاعم ارتكابه جريمة اغتصاب.

وكان دارمانين (37 عاما)، الذي ينفي كل الاتهامات الموجهة إليه، قد عُيّن في منصب وزير الداخلية في تعديل وزاري، الإثنين، وكان يشغل من قبل منصب وزير الميزانية.

المتظاهرات طالبن باستقالته الفورية، ولوحن بلافتات تصف الحكومة بالتفرقة على أساس الجنس ومعاداة المدافعين عن حقوق المرأة. يأتي هذا الاحتجاج بعد تجمع أصغر خارج مقر وزارة الداخلية الثلاثاء شارك فيه عشرات السيدات.

بحسب مصدر قضائي فإن قاضيا أسقط الدعوى المرفوعة بحق دارمانين قبل عامين، لكن محكمة استئناف باريس أمرت في الشهر الماضي بإعادة فتح التحقيق في مزاعم الاغتصاب بحقه. وتقول الحكومة إن التحقيق في أمره لا يعد سببا كافيا لمنع تعيينه.

وكالات 11 تموز 2020

************

الى النضال تحت راية

مشروع التغيير

لبلاد مقبلةً على استحقاقات صعبة. اليأس والجوع يدقّان أبواب فئات واسعة، والنظام وسياساته تقتل المجتمع ببطء وثبات. تسلّل الموت إلى الموجوعين، فهزم الأمل فيهم، وأرداهم ضحايا. الخوف والترقّب والحذر يتسيّدون الموقف، وجرعات الأفيون التي يبثّها زعماء أحزاب السلطة لزرع الآمال الكاذبة أو للتخويف من الأسوأ، ليست إلّا إحدى أسلحة المعركة المفتوحة بين شعبنا، وبين هذه الطبقة التي امتصّت كلّ تعبه وإنتاجه وأحلامه.

العقوبات الاقتصادية لن تطال سوى هذا الشعب. لن يجوع زعيم أو حاكم لا في لبنان ولا في المنطقة. لن يخسروا مصادر فسادهم ونهبهم وأدوات قمعهم. العقوبات لن تترك إثراً إلّا على جيوب الفقراء وفي بطونهم. سيدفعون الثمن مرّتين: أمام استغلال الطبقة المتنفّذة في بلادهم وأمام العقوبات المجرمة الآتية من خلف البحار.

لا يمكن الفصل بين شكلي المواجهة. هي واحدةٌ في مضمونها ضد النظم السائدة التي أفقرت شعوب بلادنا العربية وأذلّت كرامتها، وضد نظام العنجهية والغطرسة الذي يريد أن يتحكّم برقاب العالم. في هذه المسألة تحديداً، في لبنان كما في كلّ العالم، لا خيار ولا بديل إلّا اليسار الحقيقي بفكره الاشتراكي وبمشروعه السياسي المستقلّ للتغيير الجذري في إدارة بلاده كما في إدارة العالم.

الأمل لن يكون إلّا بالنضال والعمل، مع الناس وبينهم ومن أجلهم، لبناء قاعدتنا الشعبية، حيث لنّ يحكّ جلدنا إلّا ظفرنا، وكلّ الرهانات على مشاريع الغير لن يفيد إلّا الغير نفسه. إلى النضال دوماً تحت راية مشروع التغيير الجذري الشامل نحو التحرّر الوطني والسياسي والاجتماعي.

“النداء” اللبنانية 10 تموز 2020

**************

ص18

فضاء شعبي

نص الصورة

الشعرية الشعبية

علوان السلمان

 

تسافر للشمس

تحصد ضوه للناس

ترجع محد متانيك  /علي الشباني

...مع تعدد انماط الكتابة الشعرية تعددت سبل التلقي..والنص الصوري الوامض تأسيس قائم على الاضاءة الشعرية والايجاز الجملي الدال فكريا ووجدانيا..والذي يعد ابداعا حداثيا وليد حركة التجريب وحصيلة المتغيرات الحضارية والثقافية وما طرحته حركة الحد الادنى(كتابة مختصرة لحياة مختصرة).. وقد شمل هذا كل انواع الشعرية(فصيحها وعاميها)..كنتاج عميق المعنى.. موجزالعبارة.. متناه الصورة ببناء فني يعتمد التكثيف والايجاز والاختزال والحذف والاضمار مع دفقة اسلوبية ادهاشية مفاجئة تحمل مغامرة المعنى بتوظيف الفاظ موحية بعيدة عن الضبابية والغموض..

جان عيد الله وجودك

عيد مثلك..

حلو من كل الزوايا بلونك..  / احلام الزيدي

فالنص بصورته المكثفة يكشف عن تمازج معنيين متداخلين..اولهما حسي..وثانيهما ذهني..بتشكيل بصري يتحرك وحركات الذات وتحولاتها الشعورية المحتضنة لقضايا الانسان..فضلا عن توظيف المنتج (الشاعر) شكل من اشكال الانزياح الشعري الناجم عن موقف انفعالي يباغت المستهلك(المتلقي) ويستفزه بصوره التي تكشف عن عمق دلالي لانها تجعل من اللهجة  اليومية فكرا والمرئي تخييلا..

 يا خطار عيني

هاكثر مغتاظ

من رمش لرمش

زعلان تتمشه/ عريان السيد خلف

فالشاعر يتماهى والنص عبر حوار ذاتي(منولوجي) مستفيق على خطاب متوهج لايعرف اليأس ليشعر الذات الآخر انه(لايأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس)..من خلال الالفاظ التي يوظفها في حقلها الدلالي الخالق لنصه المحتشد بالصور ذات الايحاءات النفسية..

احزر جم جرح بالروح

والله جروحي لو تعرف عددهن

جا كلت بوياي

بس انت صدك مجروح  / جمعة الحلفي

  فالنص يتميز بتراكيبه الجملية الموحية ضمن نسيج شعري مهدرج يعتمد الوحدة الموضوعية التي تلملم وحداته التي خلقت خطاب الذات ومناخاتها بروح درامية للتعويض عن الغربة وايجاد حالة من التوازن بينها والعالم الموضوعي باعتماد رؤية حسية تتنفس الحياة وتكشف عن ذات مأزومة باقتصاد في الالفاظ والايقاع والصور والفكرة التي تخلق الدهشة...

**********

خلاصة العراق وتنور خبزه

«مره ومره» بحنجرة التنومة

احمد كريم الموسى

ذات يوم بصريّ، لاتبخل به الشمس بتفقد معشوقتها البصرة، ولم يؤخّر احد موعد اللقاء الأزلي للفراتين، كان طاهر القلب سلمان، مع موعد آخر سوف يوثق به حكاية نبض جديدة وطالما تمايلنا مع نبضاته من قبل عندما أكد ان الحب أمر مفصلي  في، (لو تحب لو ما تحب) وتسلل هذا القانون لقلوبنا بسهولة كبيرة، كيف لا، وهو الذي عبّدَ الطريق لقلوبنا مسبقا عندما “عَبر على اجفاننا بحلم” في (انت العزيز أتغيرت)،

المكان البصرة، ولأنها “بالنيات”*، اشتعلت آبار العشق بقلب طاهر سلمان، لتغدو ابراج “الشعيبة” امامها اعواد ثُقاب، عشقٌ لا مفر من حدوثهِ ولا مفر من موتهِ، إما الأولى لأنه اتقدَ وفات الأوان، وإما الثانية، استمراره أصعب من تغيّر مسار شط العرب، بعد ان قطع العشق اشواطا وكادت دجلة تعانق طاهر سلمان، جاءت موجة مالحة حالت بين هذا اللقاء، وأي موجة انها موجة عنيفة لايمكن صدها ولايمكن خداعها، موجة عمرها مئات الأعوام وملحها راسخ بالكتب وعقول الناس، استسلم طاهر للحقيقة بأن معشوقته من قوم عيسى، انتصر الملح، تماما كما ينتصر على  عذوبة شط العرب الآن، أستسلم لليقين الذي تبين أنه يعرفه منذ المنبع في (حبيتك وانه ادري بدربي وي ادروبك ما يتلاگن).

كل هذا الصدق المكتنز بهذهِ المعاناة، حمّلة امانة ثقيلة (لجعفر الخفاف) ومثلما عرفنا الخفاف أمينا على ما تجود به البصرة، وكيف صاغ (لسيتا هوكوبيان) العذوبة، جاء هذه المرة ليصوغ الوجع بتنقلاته اللحنية المعهودة، كأنه كان يتلصص على قصة حب من قريب، كأنه كان ساعي البريد بين طاهر ومعشوقته لعله انتحل شخصية العاشق، ليعود بعدها ويبصم ويثبت امانته، اعاد الأمانة لأهلها، كأنه وقف عند (الگرمة) وقال: ياشط العرب هذه دموع عاشق صغتها قلادة من نحيب ولم اجد حنجرة تكفي لهذا الحزن الا حنجرة ولدكم، (حنجرة التنومة) ليصل رياض احمد وهو يدفع بمشحوفه الحزين، ليطوق عنقه بها، ويغص بحزنها ويصرخ حبيناااااااااك، ليغير الفراتان جريانهما حينها، وكأنهما يحملان برقية عاجلة لقمة جبل بعيد. ليبدأ ذوبان عذب جديد لعله يغسل ذلك الملح العالق بالقلوب.. ربما يفعل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (لايوصلك البحر الى البصرة، بل يوصلني او تأتي البصرة انشاء الله، ان البصرة بالنيات).

 مظفر النواب

********

من لگيتك

علي الجبر

من لگيتك

غنّت بروحي عصافير

المحبّه واشتهيتك

وطگطگ بگلبي هرش

نعناع من عطره

سگيتك

وجبت كل الورد

وبدربك نثرته

وياس من دمعي

وعصرته

ودوّريتك

ولبّست ليلك گلايد

وصغت لنجومك قصايد

ولملمتني وخالي جيتك

ومن لگيتك

چن لگيت سنين عمري

الراحن ويه الراح

وبكلّي هويتك

وچن فرح خضّر بصدري

وافتديتك

************

ما أرثيك

إلى روح  فنان الشعب فؤاد سالم

سامي عبد المنعم

ما أرثيك

ما أرثيك ...

أغنيلك مواويل

لأن بس بالغنه يرتاح گلبك

يبرحية البصرة وخلگ هندال

رسمت الطيب كله إبگلب شعبك

صوتك چان عالي إبعلو الجبال

و إبكل مرجلة وفيت حزبك

جسدت الرجولة إبعزم خيال

ما طخيت راس أو خنت ربعك

شديد أو حازم إبوكت الشديدات

أو لو شفت الفقير إيسيل دمعك

مجبورآنه أودعك وأعلگ شموع

أوفوگ الماي يبقه إيضوي شمعك

إنتهت قصة غربتك نام وإرتاح

 الحد الموت ما غيرت طبعك

***********

حلم ثاني

فاروق كنا

أنتهت قصة عُمرنا

وأبتدت رحلة عَذاب

وخلص حِلم الشوك بينا

وبدت لوعات الغياب

ننتظر دكات كَـلبك

تهدي وتبّطل العِتاب

يا وَطن ها شنهو كُـلي

مو غريب .. ليش العناد

صرت مشلول أبمشيتك

تعرج وبعكازك تباتْ

أنت يا اول الفرحَة

نسيت تمشي بكل ثبات

عود والتاريخ يحجي

عنك  بأرض السَواد

بنيت إنسان وحضارة

وفتَحت دور العباد

يمته ترجع يا حلمنا

تزهو وتعيش بسلام

تجمع بفرحة أهلنا

وتعيش بالحُب والأمان

*************

ص19

حمال

في ساحة الطيران

علي كاظم

اقتل كل يوم..

لي خمسة اولاد سيصبحون

 حمالين .. بعضهم سيقتل مثلي

وبعضهم سيموت جوعاً ..

أنا حمال في  ساحة الطيران

لن تثبت ولاءك إلا بقتلي

لن تثبت وجودك إلا بقتلي

أنا الحمال لا شيء عني

في الاخبار..

أنا الحمال لا أملك من العراق غير حصة الغذاء التي لا تصلح إلا لي

أنا الحمال بدمي الرخيص تكبرون

أنا الحمال لم يعد موتي سداً أمام نهضة العراق

أنا الحمال الشهيد نجوت من الحياة معكم بأعجوبة..!

************

تأبين متأخر كالعادة إلى فؤاد سالم

للأغاني حضور في الحواس والذاكرة.. وللأداء بشخصياته الوطنية؛ انتماء الى الشارع العراقي المأخوذ بالألحان والكلمات والأداء. هنا.. نص يقطف من الغناء اشجانه وبوحه العميق.

المحرر الثقافي

ليث الصندوق

- دو -

كلّ صباح

يُلقيه الحرّاسُ من القلعة موثوقاً للبحر

فتحوّل جثتَهُ الأمواجِ إلى ألحان

توقظ رائحةُ الدمّ الصخّابةُ في عشْب البحر الرغبةَ في الرقص

ومن الدوّامة يصّاعدُ كبخار الفجر صُداحٌ مجروحٌ

هل صوتُكَ هذا ؟

أم صرخاتُ الغرقى المعجونة من الآف الأعوام بطين القيعان ؟

أم هو صوتُ تكسّرِ ألواحِ الشمس بأسنان الحيتان ؟

**

ومساءً تقذفُهُ الموجةُ للقلعة ثانية

ليُعيدَ على أسماع الحرّاس مواويلَ الحرمان

- ري -

في آفاق لم تثقبْها أنفاسُ القنّاصة

كنتَ إذا ما أغرتكَ الريحُ وطرتَ بعيداً

تركتكَ وعادتْ تتنفّسُ روحُكَ عِطرَ العشّار

**

إعتدتَ على الطعناتِ

فما عادتْ توجعُكَ الطعنات

وعلى الجلاّد تعوّدتِ الأبوابُ

فهيَ لمرآهُ بلا طَرْقٍ تُفتحُ عن بُعدٍ

أصبحَ لفحيح الجَلاّد مذاقُ فناجين الأقدار

تترقّبُهُ كحبيبٍ غائب

فإذا ما طالتْ غيبتُهُ

أرسلتَ إلى الغابة بحثاً عنه المنشار

- مي -

كانوا يُرعبون ما في جوفكَ من طيور وأسماك

يُلقون سنّاراتهم في جوفك

فتعود محمّلةً بالقبلات

كانوا مرعوبين

يرون إليك تُحلق فوقهم

فتتفكك أجسادهم مثل قِطع الميكانو

لقد جردوا صوتك من جواز السفر

فظل يتنقل

متخذاً رُتبهم العسكرية منصّات انطلاق

بينما كانوا يُطرَدون من أسِرّة نومهم

وأيديهم تحمي رؤوسهم من صفعات الشمس

عندما فشلوا في اقتحام أسوارك

كلفوا الموت بإدارة المعركة

ومنحوه صلاحيات مطلقة

يومئذ كنت منهكاً

لكثر ما هرّبتَ إلى القمر من آهات العاشقين

صار الموت يتقدم من سريرك على حذر

مخافة أن تباغته بلحن جديد

يتقدم خطوة

ويتراجع خطوتين

وأنتَ تصرخ في وجه :

لماذا الجُبنُ

وفي ترساناتكَ كلّ هذه الأسلحة

- فا -

كلّ صباحٍ

تدفعُ عن نبضات القلب ضرائبَ للشيطان

ألأفقُ يضيقُ

فتوسِعُهُ بإزالة سدّادتِ قناني الخمرِ

وتحريرِ الغيلان

لكن حين تضيق على العنق الأنشوطةُ

تتحوّلُ أسرابُ الطير بفيكَ إلى ذؤبان

- صول -

يخفق بجناحيه فلا تُفلتُهُ الريحُ

يهمسُ للغاباتِ

فتُنضجُ أنفاسُ اللحنِ عَراجينَ النيران

ولكي يُنقذَ صرختَهُ قبلَ تفتتها في أملاح النسيان

سيعودُ مساءً

يضفر أمواج المدّ حبالاً

وبها يتسلق أسوارَ الأمل الحجرية

وينام إلى صبح الموت التالي في ذاكرة الحيتان

- لا -

لم يكُ يسترضي الموتَ ، ولا يستبطئهُ

بل يستمتع كان برشف الكأس المرّة

وكما تُخفي صرختَها في لحم ضحاياها العُقبان

خدعَ الحراس

فأخفى اللحن بأحداقِهُمو الصمّاءَ

وأخفى الكلماتِ بحشواتِ الأسنان

- سي -

منذ قرون غادرتَ البصرة

لكنك حتى في موتكَ تشتاقُ إليها

والبصرةُ ما عادتْ في سُفن التجار دوارقَ طيبٍ

رابعةُ العدويةُ إعتكفتْ لله

والسيّابُ تخلى عن حِصّتِهِ للموت بنُزْل الأقنان

والطاغيةُ حسيرُ الرأس تخلى عن سُفرته

لطغاةٍ بعمائِمَ من خِرَقِ الأكفان

يُلقيه الحرّاسُ من القلعة موثوقاً للبحر

فتحوّل جثتَهُ أوتارُ الأمواجِ إلى ألحان

توقظ رائحةُ الدمّ الصخّابةُ في عشْب البحر الرغبةَ في الرقص

ومن الدوّامة يصّاعدُ كبخار الفجر صُداحٌ مجروحٌ

هل صوتُكَ هذا ؟

أم صرخاتُ الغرقى المعجونة من الآف الأعوام بطين القيعان ؟

أم هو صوتُ تكسّرِ ألواحِ الشمس بأسنان الحيتان ؟

ومساءً تقذفُهُ الموجةُ للقلعة ثانية

ليُعيدَ على أسماع الحرّاس مواويلَ الحرمان

- ري –

في آفاق لم تثقبْها أنفاسُ القنّاصة

كنتَ إذا ما أغرتكَ الريحُ وطرتَ بعيداً

تركتكَ وعادتْ تتنفّسُ روحُكَ عِطرَ العشّار

إعتدتَ على الطعناتِ

فما عادتْ توجعُكَ الطعنات

وعلى الجلاّد تعوّدتِ الأبوابُ

فهيَ لمرآهُ بلا طَرْقٍ تُفتحُ عن بُعدٍ

أصبحَ لفحيح الجَلاّد مذاقُ فناجين الأقدار

تترقّبُهُ كحبيبٍ غائب

فإذا ما طالتْ غيبتُهُ

أرسلتَ إلى الغابة بحثاً عنه المنشار

- مي -

كانوا يُرعبون ما في جوفكَ من طيور وأسماك

يُلقون سناراتهم في جوفك

فتعود محمّلةً بالقبلات

لكنهم كانوا مرعوبين

يرون إليك تُحلق فوقهم

فتتفكك أجسادهم مثل قِطع الميكانو

لقد جردوا صوتك من جواز السفر

فظل يتنقل

متخذاً رُتبهم العسكرية منصّات انطلاق

بينما كانوا يُطردون من أسِرّة نومهم

وأيديهم تحمي رؤوسهم من صفعات الشمس

وعندما فشلوا في اقتحام أسوارك

كلفوا الموت بإدارة المعركة

ومنحوه صلاحيات مطلقة

يومئذ كنت منهكاً

لكثر ما نقلت على ظهرك إلى القمر من مواد البناء

صار الموت يتقدم من سريرك على حذر

مخافة أن تباغته بلحن جديد

يتقدم خطوة

ويتراجع خطوتين

وأنتَ تصرخ في وجه :

لماذا الجُبنُ

وفي ترساناتكَ كلّ هذه الأسلحة

- فا -

كلّ صباحٍ

تدفعُ عن نبضات القلب ضرائبَ للشيطان

ألأفقُ يضيقُ

فتوسِعُهُ بإزالة سدّادتِ قناني الخمرِ

وإطلاق الغيلان

لكن حين تضيق على العنق الأنشوطةُ

تتحوّلُ أسرابُ الطير بفيكَ إلى ذؤبان

- صول –

يخفق بجناحيه فلا تُفلتُهُ الريحُ

يهمسُ للغاباتِ

فتُنضجُ أنفاسُ اللحنِ عَراجينَ النيران

ولكي يُنقذَ صرختَهُ قبلَ تفتتها في أملاح النسيان

سيعودُ مساءً

يضفر أمواج المدّ حبالاً

وبها يتسلق أسوارَ الأمل الحجرية

وينام إلى صبح الموت التالي في ذاكرة الحيتان

- لا -

لم يكُ يسترضي الموتَ ، ولا يستبطئهُ

بل يستمتع كان برشف الكأس المرّة

وكما تُخفي صرختَها في لحم ضحاياها العُقبان

خدعَ الحراس

فأخفى اللحن بأحداقِهُمو الصمّاءَ

وأخفى الكلماتِ بحشواتِ الأسنان

- سي -

منذ قرون غادرتَ البصرة

لكنك حتى في موتكَ تشتاقُ إليها

والبصرةُ ما عادتْ في سُفن التجار دوارقَ طيبٍ

رابعةُ العدويةُ إعتكفتْ لله

والسيّابُ تخلى عن حِصّتِهِ للموت بنُزْل الأقنان

والطاغيةُ حسيرُ الرأس تخلى عن سُفرته

لطغاةٍ بعمائِمَ من خِرَقِ الأكفان

************

ص20

بينها السماوة وكربلاء والكرخ  الاولى والثانية والفضل من بغداد

الشيوعيون واصدقاؤهم في مدن العراق وحواضره

أحيوا ذكرى ثورة 14 تموز

بغداد – طريق الشعب

شهدت مدن وحواضر العراق هذا الاسبوع فعاليات ونشاطات احتفالية مختلفة، اقامتها منظمات الحزب الشيوعي العراقي احياء للذكرى الـ 62 لثورة 14 تموز 1958 المجيدة، وكتب لنا عنها مراسلونا في بعضها.

ففي الكرخ الاولى ببغداد، جرت نشاطات ميدانية مختلفة روعيت فيها اجراءات السلامة الصحية والتباعد الاجتماعي. حيث قامت فرق جوالة تابعة لمنظمات الحزب في مدينتي الحرية والكاظمية، بتعليق لافتات بشعارات تمجد الذكرى كما وزعت البيان الصادر عن الحزب بالمناسبة.

وجرت فعاليات مماثلة للشيوعيين في المنصور والصالحية والشعلة وفي مناطق الوشاش والاسكان الغربي.

وفي كربلاء اقامت اللجنة المحلية للحزب حفلا في المناسبة بمشاركة حشد من شبيبة الحزب. وتحدث في الحفل سكرتير اللجنة الرفيق سلام القريني والرفيق خليل الشافعي عن الثورة وقواها المحركة وفي المقدمة الحزب الشيوعي، وعن النضالات التي سبقتها ضد النظام الملكي القمعي  المرتبط بالاستعمار، كذلك عن منجزات الثورة خلال سنواتها الاربع.

وشهد الحفل في ختامه تسليم بطاقة عضوية الحزب الى مجموعة من الاعضاء الجدد الشباب، وقد سلمها اليهم الرفيق الشاب مرتجى ابراهيم عضو اللجنة المحلية.

وفي السماوة علق الشيوعيون في الاماكن العامة لافتات كبيرة تحمل شعارات الحزب تمجيدا للذكرى، بينها لافتة علقت امام مقر اللجنة المحلية للحزب في المحافظة، واخرى عند مدخل سوق السماوة المسقف، وغيرها عند تقاطع منطقة الشرقي والغربي.

وفي منطقة الفضل ببغداد أحيت الذكرى لجنة عزيز محمد الاساسية التابعة للجنة المحلية للحزب في الرصافة الاولى، باقامة حفل ختان لاطفال العائلات الفقيرة. وقد ضج المكان بافراح عائلات عشرة اولاد صغار.

ومن المحمودية وأبو دشير كتب لنا مراسلنا مهدي العيسى عما قامت به في المناسبة لجنة شاكر محمود الأساسية في قضاء المحمودية ولجنة سلام عادل الأساسية في منطقة أبو دشير وكلاهما تتبعان اللجنة المحلية للحزب في الكرخ الثانية، عن النشاطات الميدانية التي جرت في مناسبة ذكرى ثورة ١٤ تموز المجيدة. وكان من اهمها تعليق اللافتات بالشعارات التي تمجد الثورة وتحيي ذكراها السنوية الـ 62.

**********

المحلية العمالية تزور المناضل هادي الطائي

عامر عبود الشيخ علي

زار وفد من اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي صباح الاحد الماضي، المناضل هادي الطائي مؤرشف ثورة 14 تموز المجيدة في منزله في منطقة الحرية للاطمئنان على صحته، وقدم له باقة ورد تقديرا ووفاء لجهوده ومسيرته المتفانية.

ونقل الوفد تحيات قيادة الحزب متمنين للطائي الصحة والسلامة. واستذكر الطائي من جانبه مشاركته مع شباب الثورة في اسقاط تمثال الجنرال مود عند قيام ثورة، كما تحدث عن مسيرة الاول من ايار 1959 المليونية، وعن انقلاب 8 شباط الاسود واعتقاله وتعذيبه مع رفاقه من الشيوعيين. ومن جانبه شكر الطائي قيادة الحزب واعضاء المحلية العمالية على مبادرتهم وتواصلهم المستمر معه.

***********

في كوبنهاغن.. زيارة للرفاق والاصدقاء الراحلين

لبى عدد من رفاق واصدقاء منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الدنمارك الاحد الماضي دعوتها لزيارة  مقبرة (شيلو) في العاصمة كوبنهاغن، ووضعوا باقات الزهورعلى قبور الرفاق والاصدقاء العراقيين الراقدين فيها. وتحدث بعض المشاركين عن الراحلين وخصالهم وعطاءاتهم، كما استذكروا احبتهم الراقدين في مقابر اخرى بعيدة.

**********

نقطة ضوء

عشريتان سوداوان !

طه رشيد

مع حلول القرن الحادي والعشرين بدأ تراجع واضح في تداول الصحافة الورقية، مما سبب افلاس صحف كبرى في العديد من دول العالم. منها مثلا صحيفة “ فرنسا المساء / France Soir” التي حاول انقاذها امير روسي شاب ( 24 عاما يدعى الكسندر بوكاتشيف وهو ابن ملياردير روسي قريب جدا  من “ پوتين”) واشتراها في مطلع عام 2009. ولكن هذا الشاب لم يستطع انتشالها، بسبب التقدم الكبير في التكنولوجيا والتوسع في استخدام الصحافة الالكترونية، بالرغم من كونها صحيفة واسعة الانتشار .

  ولوحظ ايضا تراجع في الانشطة الثقافية بشكل عام، وبالاخص في البلدان العربية التي تتفاوت فيها نسب “ الضمور “ الثقافي والفني! يقابل هذا الوضع اتساع مخيف لانتشار الامية والخرافة والثقافة التكفيرية المدمرة لكل القيم الانسانية، من خلال حشر “المقدس” في اية ظاهرة اجتماعية!

فحين تقول مسرح يجيبك احدهم : هذه “بدعة” غربية وغريبة عن مجتمعاتنا، وكل بدعة “ضلالة” وكل ضلالة في النار!

ولا يتوانى هذا المتحدث عن استخدم عشرات “ البدع” التي جاء بها الغرب من الطيارة والسيارة والتلفزيون والتلفون والكومبيوتر وغسالة الملابس والصحون، وصولا لاستخدام ربطة العنق ومساحيق التنظيف والعطور!

وينسى المتحدث او يتناسى، عن عمد، ان حياة شعوبنا اصبحت منذ فترة ليست بالقصيرة، اشد قسوة من جهنم!

ولم يساعد “الربيع العربي” في تحسين هذا الوضع، بعد ان كان مؤملا ان يفتح نوافذ على حياة  جديدة تتسم بالجمال والتالق والابداع، فاذا به يفتح ابوابا على انفاق جهمية يترصد فيها “ديناصورات” بعثوا للحياة خطأ،ً لينقضوا ويقضوا على آخر امل لنا بعيش كريم آمن، فيه الخبز والكتاب الذي نختار!

وفي مشاهد مسرحية تراجيدية يتكشف لنا حجم المؤامرة التي تتشكل اطرافها من اولئك “الديناصورات” الارهابية ومجاميع  الفاسدين وتجار الحروب، الذين لا يجدون مصالحهم الا في الازمات التي يفتعلونها لشعوبهم!

وجاءت “ كورونا” لتسقط ورقة التوت عن هؤلاء، وتكشف لنا هزال انظمة طفيلية تركت شعوبها تحترق في ظل بنى تحتية متهرئة على مختلف المستويات.

لكن التاريخ علمنا ان الشعوب لا تموت، وان الاجيال اللاحقة ستكنس تلك الانظمة آجلا او عاجلا! وستشرق الشمس مجددا ملوّحة بالقصائد والاغاني والموسيقى والمسرحية واللوحة التشكيلية، وكل ما يعطي للحياة معنى ويجعلها اجمل وابهى!