العدد 177 السنة 85 الثلاثاء 14 تموز 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1
في الذكرى الثانية والستين لثورة 14 تموز
انتصار مشهود نحتفي به ونستلهم دروسه
نحتفل هذه الايام بالذكرى الثانية والستين لثورة (14) تموز المجيدة، الثورة التي أحدثت نقلة نوعية في حياة المجتمع العراقي، ووفرت له فرصة تاريخية للخروج من نفق التخلف والاستبداد والتبعية الى شمس الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم.
كانت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العهد الملكي الرجعي، سيئة الى مديات بعيدة، فالقمع وارهاب الدولة كانا هما السائدان، خاصة في زمن الوزارات التي ترأسها نوري السعيد، فأعتُقل وعذب وشرد اَلاف المواطنين على اختلاف اتجاهاتهم السياسية والفكرية، وجوبهت المظاهرات السلمية بالحديد والنار، وأعدم العديد من أبناء شعبنا العراقي وفي مقدمتهم قادة حزبنا الأماجد “فهد، حازم، صارم” وساد ثالوث الجوع والفقر والمرض حياة العراقيين. وبلغ التفاوت الطبقي في المدينة والريف مستويات كبيرة.
ولم تكتف الأقلية الحاكمة بكل ذلك، فكبلت العراق باتفاقيات جائرة مع الدول الاستعمارية وزجت به في حلف بغداد العدواني، الامر الذي جعلها عقبة كأداء في طريق تطور وازدهار شعبنا، وانتفت في ذات الوقت أية إمكانية لإزاحتها سلمياً.
وانسجاماً مع منطق التاريخ، عندما تفشل محاولات الاصلاح المتكررة، لا بد أن تتقدم الثورة صفوف المشهد السياسي، وتصبح واجباً وطنياً، وهو ما قامت به ثورة الرابع عشر من تموز وقادتها الميامين.
استطاعت الثورة أن تستقطب في عامها الأول ملايين العراقيين الذين انغمروا في نشاطات سياسية – جماهيرية قل نظيرها، وكانوا محرومين منها في العهد الملكي. فانضموا بأعداد غفيرة الى الاتحادات والجمعيات والمنظمات والأحزاب، تعبيراً عن رغبتهم في المساهمة ببناء وطن زاهر وسعيد، وكان الشيوعيون في القلب من حركة الجماهير المليونية، وقادة لفعالياتها ونشاطاتها.
وبفضل هذا الزخم الجماهيري حققت الثورة انجازات غاية في الأهمية، ما زال العراقيون يفخرون بها، وهم في أمس الحاجة لها في الظرف الراهن، كالإصلاح الزراعي، وقانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، وهو أول قانون مدني ينظم العلاقات العائلية في العراق، بعد أن كانت تخضع لشرائع واعراف مختلف الطوائف والاديان، كذلك القانون رقم (80) الذي استعاد الاراضي العراقية من شركات النفط الاحتكارية، وخروج العراق من الاحلاف العسكرية ومن منطقة الاسترليني، وبناء الصناعة الوطنية من خلال الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية المتكافئة مع الدول الأشتراكية، وغيرها الكثير.
لكن ثورة (14) تموز التي فجرها الزعيم الوطني النزيه والغيور على شعبه ووطنه عبد الكريم قاسم، ومعه تلك الكوكبة الرائعة من الضباط الاحرار محترفي حب الشعب والوطن، لم تستطع مع الاسف الشديد تجذير مسيرتها الثورية، وتنامت بمرور الوقت الميول الفردية لقيادتها، فأصابت منها مقتلا في (8) شباط الأسود على أيدي أعداء العراق والانسانية.
واستلهاماً لأهمية وفرادة هذا الحدث الأكثر تميزا في حياة شعبنا ومجتمعنا، لا يسعنا الا التشديد على دروسه وعبره، وأولها ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية ببعديها السياسي والاجتماعي، واعلاء راية المواطنة، ونبذ المحاصصة والطائفية السياسية التي هي أس البلاء، والتي تفضي الى الفساد المالي والاداري والسقوط الحتمي في مستنقع اللصوصية ونهب المال العام والخاص واستحواذ الجهلة وعديمي الكفاءة على الوظائف العامة، وتشبثهم بالسلطة تشبث المحتضر بالحياة.
لنجعل من الذكرى الثانية والستين لهذه الثورة العظيمة حافزاً أضافياً واصيلاً للاصرار على عملية الأصلاح والتغيير، التي يطالب بها الشعب العراقي وأبناؤه أبطال انتفاضة اكتوبر التي ستتجدد بعنفوان اكبر، والضغط بكل الوسائل السلمية، لتحقيق شعاراتها الأساسية في محاسبة قتلة المتظاهرين، وتجريد الميليشيات وكل الخارجين على القانون من سلاحهم المنفلت، ووقف عبثهم بأمن البلاد، وإجراء الانتخابات المبكرة، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس سليمة ووفق رؤية علمية. هذا بالإضافة الى محاربة الفساد والبطالة، والتصدي الحازم لوباء كورونا، وللأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، وعدم تحميل الكادحين وذوي الدخل المحدود اعباءها. كما أن استعادة السيادة الوطنية المنتهكة والحفاظ على استقلالية القرار الوطني العراقي، يشكلان ضرورة لا غنى عنها لأعادة بناء وطننا، ولضمان مصالح شعبنا، تواصلا مع ما أنجزته ثورة تموز الخالدة.
المجد كل المجد للشعب العراقي صانع ثورة (14) تموز وانتفاضة تشرين الباسلة.
النصر حليف العراقيين شاء أعداؤهم ام أبوا.

اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
اواسط تموز 2020
*************
راصد الطريق
دفاع عما
لا يستحق الدفاع

موجة المعارضة والاحتجاج التي أثارها قرار مجلس الوزراء أخيرا تمديد تراخيص عمل شركات الهاتف لثماني سنوات اخرى مقابل تسديد 50 في المائة فقط مما بذمتها من ديون، لم تهدأ. ومن المرجح الا تهدأ، نظرا الى ما ينطوي عليه القرار من اجحاف بحق الدولة والمصلحة الوطنية.
زبائن الشركات المذكورة، وهم كل العراقيين عمليا، ظلوا يتطلعون منذ سنين الى اليوم الذي ستسائلها فيه الحكومة، عما كدست من ارباح فاحشة مقابل خدمات لا أسوأ منها، وتعاقبها على تقصيرها الصارخ الذي حرَمَنا حتى اليوم من نعمات جيل النقال الرابع G4، فيما العالم يدخل فضاء الجيل الخامس G5.. فاذا بالحكومة تصدم الجميع بمكافأة الشركات على ما اقترفت، وتمنحها ثماني سنوات اضافية لتقترف المزيد!
ثم اذا بهيئة الاعلام والاتصالات تأتي لتضاعف الصدمة، بتصديها للتذمر العام العارم من الشركات ومن الاتفاق الجديد معها، وبدفاعها عن كليهما!
الهيئة التي لولا موافقتها الضمنية وإغماضها العين لما تجاسرت الشركات على ارتكاب ما ارتكبت حتى الآن، كان حريّا بها الا تفعل ذلك!
كان يجدر بها .. ان تلزم الصمت!
*********
في الذكرى الثالثة لتحرير الموصل
الشيوعي العراقي: لا للتفريط بالنصر
نعم للإسراع في إعادة النازحين
دعا الحزب الشيوعي العراقي الى الحفاظ على النصر المتحقق على عصابات داعش الإرهابية، عبر إعادة اعمار المناطق المحررة وارجاع النازحين الى بيوتهم، مشددا على ان الانتصار وتحرير الموصل جاء ثمرة تضحيات كبرى قدمتها القوات الأمنية على اختلاف تشكيلاتها وصنوفها، وان من الواجب عدم التفريط به.
وقال عضو اللجنة المركزية للحزب الرفيق طلعت كريم، في تصريح صحفي للمركز الإعلامي للحزب هذا اليوم الجمعة ١٠ تموز ٢٠٢٠، ان تحرير كامل أراضي الموصل من رجس الإرهابيين، الذي تمر ذكراه الثالثة اليوم، جاء كذلك حصيلة التعاون مع الجهود الشعبية الساندة، التي هي محل تقدير دائم واحترام واعتزاز.
وشدد على ان هذه الجهود يجب عدم اهمالها، كما يجب عدم التراخي على الصعيد الامني نظرا الى ما يؤدي اليه ذلك من فسح المجال امام عصابات داعش، لتتوغل مرة أخرى داخل الأراضي العراقية وتعبث بأمن البلد واستقراره.
واكد كريم ضرورة تنسيق عمل القوات الأمنية بمختلف صنوفها، وتوحيد جهودها، وسد الثغرات الأمنية في المناطق المحررة، والاستعانة بالمعلومات الاستخباراتية المتوفرة، وتأهيل القوات المسلحة وتمكينها من أداء واجباتها الدستورية.
ودعا عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ايضا الى وضع حلول ناجعة لمشاكل المناطق المحررة، والإسراع في إعادة اعمارها بعيدا عن الفساد، وتوفير الأجواء المناسبة لعودة سكان الموصل ونينوى والمناطق المحررة كافة، الى مدنهم وقراهم ومنازلهم.
وحيا الرفيق طلعت كريم في تصريحه ذكرى الشهداء الاماجد للكفاح ضد الارهاب، كما حيا الجرحى والمصابين، وجدد الاعتزاز بتفانيهم وبما اجترحوا من مآثر في معركة شعبنا الوطنية ضد الإرهاب.
المركز الإعلامي
للحزب الشيوعي العراقي
١٠ تموز ٢٠٢٠
*************
ص2
كل ثلاثاء
الدولة العميقة تستعرض قواها!

مرتضى عبد الحميد

أول من أسس دولة عميقة في العراق وحمل عارها هو حزب البعث منذ انقلابه الدموي في شباط 1963. ثم طورها بعد عودته الى السلطة عام 1968، خاصة في زمن القائد الضرورة، حيث كانت الأجهزة القمعية هي صاحبة الكلمة الاولى والأخيرة في الملف الامني (باشراف الطاغية طبعاً) أما الوزارات الامنية والحكومة بكاملها وما يسمى بالمجلس الوطني، فلا دور لهم سوى المصادقة على ما يتخذ من قرارات.
وحسب نظرية إعجاب الضحية بالجلاد (وهذا يشمل البعض من ذوي الأيمان المتزعزع بقضيتهم، والمستعدين دوماً للتخلي عن المصلحة العامة صوب الخلاص الفردي) والسعي للتشبه به وتقليده، لجأ الحكام الجدد بعد 2003 الى استلهام هذه التجربة الشاذة (اي الدولة العميقة) فتدرجوا في تكوينها، ونحتوا من صخورها بناءً شامخاً، لم يصادر القرار الأمني فحسب، وإنما القرارين السياسي والاقتصادي أيضا، وجعلوا من حالة اللادولة القاعدة والأساس في الهيمنة على مقدارات الشعب العراقي، ونهب خيراته وجره عنوة الى الحضيض.
وكما تفعل القوارض، لم يتركوا زاوية او جحراً، إلا ودسوا أنوفهم فيه. إقتصادياً إستولوا على الريع النفطي وتقاسموه في ما بينهم، تاركين الشعب يعيش الفاقة والحرمان. وتحكموا بعجلة السياسة فأداروا مقودها كما يشاؤون، وصار عبور الحدود لعبتهم المفضلة! وأمنياً لم يستطع أحد أن ينافسهم، لا من المؤسسات الرسمية، ولا من خارجها. وقد اعتمدوا في عملية توطيد دولتهم العميقة وعدم المساس بها، على ثلاث روافع أساسية، هي سياسة التجهيل أولاً، وما يرافقها من شحن طائفي وتزوير وإشاعة للفساد بشقيه المالي والأداري، فضلاً عن المحسوبية والمنسوبية، وإعتماد الولاءات الحزبية والشخصية في إسناد الوظائف العامة، بدلاً من الكفاءة والنزاهة والوطنية. الثانية تأسيس شبكة واسعة من الميليشيات والمجاميع المسلحة، لحماية مصالحهم الأنانية وديمومة بقائهم في السلطة، بمباركة وإسناد قويين من خارج الحدود. والثالثة تجسدت في التعامل مع الاحتجاجات الجماهيرية بالعنف وإستخدام القوة المفرطة، ناسفين بذلك الدستور العراقي الذي يتمشدقون به ليل نهار، وما فعلوه بمنتفضي اكتوبر البواسل، واستشهاد المئات من خيرة الشباب العراقي، على أيدي حكومة “عادل عبد المهدي” وما يسمى سخرية بالطرف الثالث، مازلنا نعيشه بكل تفاصيله.
ولتكميم الأفواه، ومنع أية مبادرة جماهيرية، وأي إحتجاج على فشلهم الذي لا شبيه له في إدارة الدولة، وتحويلها عملياً الى خيّال مآته، أفردوا لعمليات الاغتيال السياسي والخطف وتغييب الناشطين، حيزاً مهماً في نهجهم الإجرامي المدمر. واللافت أنهم يعملون على إنتقاء العناصر والشخصيات المؤثرة سياسياً وإجتماعياً، والقادرة على استقطاب العراقيين وزرع الامل في نفوسهم، وآخرها إغتيال الأكثر كفاءة وخبرة أمنية وسياسية وحباً للعراق وشعبه، المناضل “هشام الهاشمي” في تحدٍ سافر للحكومة، وللكاظمي تحديداً، واستهتار بكل القيم الأخلاقية والإنسانية.
إن هذا المخطط الجهنمي الذي جعل من تصفية كفاءات العراق وعلمائه ومثقفيه هدفاً له، بدءاً من الطيارين والاطباء والمهندسين والأكاديميين والمثقفين العضويين، وكل من يسعى للحفاظ على العراق وشعبه، كما يحافظ على حدقات العيون، لابدّ من مجابهته بكل الامكانيات المتاحة وإيقافه عند حده، لأنه يهدف الى إضعاف العراق وإفراغه من كوادره وكفاءاته، لتسهل على أعدائه بالتالي الهيمنة عليه، وإستنزاف ثرواته، وحتى كرامته.
وهذا الهدف النبيل والمصيري لن يتحقق، ما لم يقلع السيد الكاظمي عن التردد، ويستند بكل قواه الى جماهير الشعب العراقي، خصوصاً المنتفضون الذين لن يبخلوا بجهد ولا بتضحية لتحقيق ما يصبو إليه العراقيون المكتوون بنيران هؤلاء الإرهابيين.
************
في الديوانية وذي قار وواسط وميسان والنجف وكربلاء
تظاهرات غاضبة تندد بسوء التجهيز الكهربائي وبالفشل المستمر
بغداد – علي شغاتي


شهدت الأيام الأربع الماضية، تظاهرات غاضبة في مناطق وسط وجنوبي البلاد، احتجاجا على النقص الكبير في تجهيز الطاقة الكهربائية.
التظاهرات اندلعت خلال أجواء الحر الشديدة التي رافقتها ساعات تجهيز وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، ما أثار غضب المواطنين واستيائهم، حيث توجهوا في مدن عدة وتجمهروا في الطرق الرئيسية وأحرقوا الاطارات ورددوا الهتافات الساخطة وطالبوا بإيجاد حل جذري لهذه المشكلة الأزلية التي لعب الفساد دورا كبيرا فيها.

تظاهرات غاضبة في الديوانية
وتظاهر أهالي محافظة الديوانية، في عدد من الأحياء السكنية، وأمام مبنى دائرة توزيع الكهرباء احتجاجا على تردي خدمات الطاقة الكهربائية.
وقال مراسل “طريق الشعب” في المحافظة، ميعاد القصير، إن “سكان مناطق الجلبية، وأهل الشط، وحي الجامعة، تظاهروا بسبب تدهور واقع الكهرباء ونقص ساعات التجهيز وعدم اصلاح الاعطال في الشبكة وعدم الاستجابة لشكاوى المواطنين المستمرة”.
وأشار القصير إلى أن “المتظاهرون قاموا بقطع الطريق الرابط بين مركز المحافظة والمناطق الجنوبية بالإطارات المحترقة. بينما قام المحتجون من منطقة أهل الشط، بقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى شارع المواكب الحسينية وسط المحافظة، من خلال حرق الإطارات أيضا”، مبينا أن “متظاهرو منطقة، حي الجامعة، قاموا من جهتهم بقطع طريق السنية الواقع شمالي المحافظة على خلفية عدم إصلاح الأعطال الكهربائية الناجمة عن الحوادث والعوارض التي تحدث في الشبكة الحكومية والتي تتسبب بتردي واقع التيار الكهربائي”.
وبعد ساعات من هذه الأحداث، تجددت التظاهرات خلال الليل، بعدما تظاهر المئات من المواطنين أمام المحطة الكهربائية الكورية في الديوانية، وأحرق بعضهم عددا من الإطارات أمامها”. وقال الناشط المدني في المحافظة، امير حسن، لـ”طريق الشعب”، إن “ساعات تجهيز الكهرباء انخفضت إلى ٨ ساعات في اليوم الواحد، وبعض المناطق لا تحصل على هذه الساعات نتيجة تدهور وقِدم شبكات النقل الكهربائي وعطل المحولات وانقطاع الاسلاك”. وأوضح حسن، إن “فرق الصيانة في مديرية الكهرباء في المحافظة تتعذر عن إصلاح الاعطال بحجة عدم توفر المواد الأولية اللازمة في مخازنها، ما دفع بالمواطنين إلى شراء هذه المواد على حسابهم الخاص بغية الاسراع في اصلاح الاعطال”.
وفي تطور لاحق اقتحم محتجون غاضبون مبنى توزيع كهرباء الديوانية مطالبين بإقالة مديرها، مصطفى الجمالي، من منصبة، وإيجاد الحل اللازم لهذه المشكلة.

وغضب في ذي قار أيضا
وفي غضون ذلك، قطع محتجون في محافظة ذي قار، عددا من الطرق الرئيسية عقب تظاهرات غاضبة رفضت واستهجنت تراجع ساعات تجهيز الكهرباء في المحافظة.
وبحسب مراسل “طريق الشعب” في المحافظة، فأن “العشرات من المواطنين قطعوا الطريق العام المؤدي إلى بغداد، عند الاستدارة القريبة من دائرة المرور، من خلال إشعال الإطارات بسبب تراجع مستوى تجهيز التيار الكهربائي في جميع المناطق رغم ارتفاع درجات الحرارة”.
ونوه المراسل، إلى إن “العشرات من أهالي ناحية الفضلية، قطعوا الطريق الرئيسي الرابط مع مركز المحافظة احتجاجا على نفس السبب”، فيما أشار إلى إن “العشرات من أهالي قضاء الفهود تظاهروا أيضا أمام محطة الخضر التحويلية، ونددوا بتردي واقع التيار الكهربائي”، مطالبين بـ”تأمين حصة عادلة في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وأوضحوا ذلك في اللافتات المطلبية التي رفعوها”.

أهالي واسط يتظاهرون
وفي محافظة واسط، خرج الأهالي في تظاهرات احتجاجية واسعة شملت اغلب مناطق واقضية المحافظة للسبب ذاته. وافاد مراسل “طريق الشعب” في واسط، بـ”انطلاق تظاهرة في ساحة تموز وسط مدينة الكوت احتجاجا على تردي واقع الخدمات في التيار الكهربائي، رافقها حرق للإطارات وقطع للطرق الرئيسية وسط دعوات لأعضاء مجلس النواب الممثلين عن المحافظة إلى التحرك بشكل جدي والعمل على توفير حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية”.
وبيّن المراسل، إن “العشرات من المواطنين تظاهروا أثناء ذلك أمام محطة كهرباء الكوت الرئيسية للمطالبة بزيادة عدد ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية”. وفي الاثناء، نظم العشرات من مواطني قضاء الصويرة، شمالي واسط تظاهرة أمام محطة الزبيدية الحرارية للمطالبة بتحسين واقع الخدمات الكهربائية. وأوضح المتظاهر، علي نعمة، لـ”طريق الشعب”، إن “ممثلين عن الأهالي التقوا بإدارة المحطة لمعرفة أسباب عدم تحقيق وعود وزارة الكهرباء مع الحكومة المحلية بزيادة ساعات تجهيز المحافظة من الكهرباء”. يذكر أن الحكومة المحلية في واسط أعلنت مؤخرا، عن اجتماع عقدته مع وزير الكهرباء وبحضور مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الطاقة، تم خلاله التوصل إلى اتفاق بزيادة عدد ساعات تجهيز محافظة واسط بالكهرباء وبواقع ساعتين تشغيل، مقابل ساعة إطفاء واحدة، وإيقاف العمل بنظام الإطفاء عن بعد.

ميسان والنجف وكربلاء
من جانب آخر، انطلقت تظاهرات حاشدة في محافظة ميسان، شهدت غضبا واسعا من التردي الهائل للطاقة الكهربائية في مناطق المحافظة. في حين طالب أهالي قضاء المناذرة في محافظة النجف، بتحسين الخدمات الكهربائية التي وصوفها بالسيئة جدا والتي بقيت على حالها بسبب الفساد الكبير الذي شهدته وزارة الكهرباء لسنوات طويلة دون محاسبة المقصرين والفاسدين. وطالب أهالي القضاء المتظاهرين بقطع خطوط الطوارئ عن منازل المسؤولين في القضاء. وفي محافظة كربلاء، تظاهر المئات من أهالي، منطقة الجمالية، احتجاجا على ذات الأسباب التي جعلت المتظاهرين يخرجون في مختلف المحافظات.
وبحسب مراسلنا في المحافظة، فأن “المتظاهرون تجمعوا أمام محطة توليد كهرباء الديزلات، وطالبوا بتوفير الطاقة الكهربائية”، معبرين عن “امتعاضهم الكبير، لأنهم لم يحصلوا من المحطات سوى التلوث والضوضاء”.
*************
ص3
الكاظمي: بدأت مرحلة إعادة النظام
في المنافذ الحدودية وسنلاحق الفاسدين
بغداد – طريق الشعب
أكد رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، السبت الماضي، وجود من وصفهم بـ “الاشباح” في الحرم الكمركي يبتزون التجار ورجال الأعمال، مبينا أن مرحلة اعادة النظام بدأت، وتم تخويل القوات الأمنية بفتح النار على العصابات التي عاثت فسادا في المنافذ طيلة السنوات الماضية.

البداية في منفذ مندلي
وقال الكاظمي في تصريح له خلال زيارته منفذ مندلي وفقاً لبيان أصدره مكتبه الاعلامي، واطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “منفذ مندلي من المنافذ المهمة لكنه تحوّل إلى وكر ومعبر للفاسدين، وبدأت مرحلة إعادة النظام والقانون في المنافذ، وهو مطلب الشعب والفعاليات الاجتماعية والسياسية”. وأضاف الكاظمي بحسب البيان، “لقد ذهب وقت هدر الأموال في غير محلها وندشن اليوم مرحلة جديدة، والمنفذ تحت حماية قواتنا العسكرية، ولها الحق بإطلاق النار على كل من يتجاوز على الحرم الكمركي، وسنعمل على أتمتة الجوانب الإدارية في الكمارك لحماية المال العام ومحاربة الفساد”، لافتا إلى وجود “اشباح في الحرم الكمركي يبتزون التجار ورجال الأعمال، ورسالتنا لهم بأننا سنتعقبهم ونخلّص المنافذ منهم. وإن المال هو مال الشعب وليس للفاسدين، ووجهت بحماية الحرم الكمركي والسير بإجراءات الأتمتة وملاحقة الأشباح، وأعطيت صلاحيات للقادة الأمنيين ولمدير المنافذ لمعالجة وضع المنافذ”.
تفقد منفذ المنذرية
رئيس الوزراء تفقد ايضا ضمن جولته، منفذ المنذرية الحدودي في ديالى مع إيران، تزامنا مع وصول قوات عسكرية لتفتيش المنفذ في إطار عملية فرض السيطرة الأمنية عليه لمنع حالات الفساد والتهريب. وخوّل الكاظمي خلال زيارته، القوات الأمنية “إطلاق النار على المتجاوزين على المنافذ الحدودية”، مؤكدا أن “الحرم الكمركي بات تحت حماية قوات عسكرية، وتمت مطالبة رئيس المنافذ لإعداد خطة تأهيل لجميع المنافذ، بحسب فيديو ظهر يتحدث فيه وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء. وفي السياق، أكدت هيئة المنافذ الحدودية، وفق بيان لها، إن “الكاظمي أوضح إن زيارته للمنافذ هي رسالة واضحة لكل الفاسدين وتم اعداد الخطط الكفيلة لمحاربتهم وعلى الجميع التكاتف لإنجاز هذا المطلب”، لافتة إلى أن “رئيس الوزراء منح الصلاحيات لرئيس هيئة المنافذ لمحاربة هؤلاء الفاسدين وملاحقتهم”.

سيطرة الأمن على المنفذين
وفي الأثناء، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، فرض السيطرة على منفذي مندلي والمنذرية الحدوديين مع إيران في محافظة ديالى.
وذكرت العمليات في بيان صحفي، أنه “تم تخصيص قوات نخبة لمسك المنفذين بشكل دائم من أجل مكافحة الفساد. وإن قوات الرد السريع سيطرت على المنفذين وفرضت السيطرة عليهما”.
************
الاتصالات تعزو ضعف الانترنت إلى سببين

بغداد – طريق الشعب
أرجعت وزارة الاتصالات، أمس الاثنين، ضعف خدمة الانترنت في العراق إلى سببين أحدهما التقنيات المستخدمة، في حين أشارت إلى إمكانية تحقيق إيرادات مالية كبيرة في حال الاعتماد على “خطط جريئة”. وقال مدير مديرية البنى التحتية في وزارة الاتصالات علي محمود، إن “الاعتماد على خطط جريئة غير تقليدية لاتخاذ القرارات الخاصة باستعمال تقنيات جديدة، وتفعيل مشاريع الترانزيت، يمكن أن يحقق إيرادات مالية كبيرة للدولة”. وأضاف محمود في حديث ل‍وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن “مشاريع الأتمتة تم التوقيع عليها في زمن الحكومة السابقة، وما زالت قيد الإنجاز”. وفيما يخص ضعف خدمة الانترنت، قال محمود إن أهم الأسباب “التقنيات المستخدمة والأسعار”، موضحاً أن “وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات حددتا معالجات لهذا الموضوع أهمها تخفيض أجور البنى التحتية واستخدام التقنيات الحديثة كتقنية (ftth LTE 4g)”.
**************
من خلال “طريق الشعب”
طلبة الدراسة المسائية والتعليم الموازي في الجامعة المستنصرية يطالبون بتأجيل استيفاء الاجور منهم
بغداد – سيف زهير


ناشد طلبة الدراسة المسائية والتعليم الموازي في الجامعة المستنصرية، مؤخرا، عبر “طريق الشعب”، رئاسة الجامعة، لتأجيل استيفاء الاجور الدراسية منهم، للعام الدراسي الحالي، لحين انتهاء الازمة الاقتصادية التي تسبب بها انتشار وباء كورونا والذي أثر بشكل مباشر على العوائل الفقيرة ومحدودة الدخل. وكشف الطلبة عن معاناة مريرة يعيشونها، تستدعي من رئاسة الجامعة النظر لهم بعين الرحمة والأولوية الاكاديمية، لضمان اكمالهم دراستهم.

بيان يشرح التفاصيل
الطلبة ذكروا في بيان تلقت “طريق الشعب”، نسخه منه، إن “الوباء نال منا واضعف قوتنا وأثّر علينا وضرب مصالحنا ومصالح عوائلنا في كل مكان، وشل حياتنا وغل ايدينا إلى أعناقنا، والمتوفر من مال لدينا قليل لا يسد ما بذمتنا من التزامات أساسية”.
وتابع البيان “الوضع المادي لا يسمح لنا بدفع المستحقات المالية التي بذمتنا (القسط السنوي) في الوقت الحاضر نظرا للظروف التي نمر بها وهي ليست بخافية عليكم. إن أغلب ارباب اسرنا يعملون بأجر يومي وأعمال خاصة تأثرت بشكل مباشر بإجراءات حظر التجوال للحد من تفشي وباء كورونا”، مشددا على “إعادة النظر بقرار إلزام الطلبة بدفع الاقساط الدراسية وتأجيل استيفائها في الوقت الحالي والسماح للطلبة بأداء الامتحانات النهائية، ومراعاة الضغوط النفسية التي يعيشها الطالب في هذا الظرف الحرج. ونتعهد بدفع الاحور الدراسية حال تحسن الاوضاع الاقتصادية في البلاد وعودة الحياة إلى طبيعتها”.

لماذا الضغط على الطلبة؟
وقال الطالب في الجامعة المستنصرية، ذوالفقار علي، لـ”طريق الشعب”، إن “عمادات الكليات تطالبنا بدفع الاجور الدراسية لهذا العام من أجل السماح لنا بأداء الامتحانات النهائية. هذا الأمر يتعذر على أغلبنا كوننا من عوائل محددوه الدخل تأثرت بصورة مباشرة نتيجة تعطل الحياة في بغداد منذ نهاية السنة الماضية نظرا للظروف التي رافقت البلاد والتظاهرات واجراءات حظر التجوال”.
ولفت علي، إلى إن “الطلبة ميسورو الحال قاموا بتسديد ما بذمتهم من أجور دراسية، أما المتبقي وهم الأغلبية، فهم من محدودي الدخل الذين يصعب عليهم تسديد هذه الأجور في الوقت الحالي”.

غبن واضح
وفي السياق، أعتبر الطالب في كلية التربية الرياضية في الجامعة المستنصرية، حسن بدر، أن “المطالبة بتسديد الاجور الدراسية لهذا العام فيها غبن كبير للطلبة وتجاهل للحالة الاقتصادية التي يعيشونها مع ذويهم. وأن أغلب الاعمال الأهلية متوقفة والوضع المادي متعسر جدا خاصة في ظل الالتزامات الجديدة التي فرضتها اجراءات الوقاية”.
ونوه الطالب بدر، خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى إن “الطلبة لم ينتظموا في الدوام سوى أقل من ٣ اسابيع، لذا يتوجب على الوزارة والحكومة أن تراعي هذا الأمر وإصدار تخفيض جديد للأجور يحدد بنسبة معقولة تراعي الاوضاع الاقتصادية في البلد”.

مناشدة
وعلى صعيد ذي صلة، ناشدت الطالبة سجى محمد “رئيس الجامعة المستنصرية بإصدار قرار لتأجيل استيفاء الاجور في الوقت الحالي وتخفيضها بنسبة ٥٠ في المائة للعوائل التي يعيلها المتقاعدين ومن يتقاضى رواتب دون ٥٠٠ الف دينار، فضلا عن تخفيض الاجور بنسبة ٧٥ في المائة للطلبة الذين لا تتقاضى عوائلهم أي رواتب أو إعانة من الدولة، ومراعاة ظروف الطلبة في هذه الاوضاع الصعبة”.
وأضافت سجى محمد لـ”طريق الشعب”: “نحن الطلبة نأمل في هذا الظرف العصيب، أن يستجيب لنا رئيس الجامعة، ويلتفت إلى مطالبنا، كون مواقفه المسؤولة تجاه الطلبة منذ توليه رئاسة الجامعة معروفة “.
****************
ص4
في ذكرى تحرير الموصل.. ما الذي تحقق للمحافظة وأهلها المنكوبين؟
بغداد – عبد الله لطيف


أثناء الخطب السياسية والرسمية التي تليت علينا مؤخرا، بمناسبة الذكرى الوطنية لتحرير مدينة الموصل من تنظيمات داعش الإرهابي، بعد معارك شرسة خاضها العراقيون وقدموا خلالها أغلى التضحيات، يؤكد مواطنون ومراقبون إن هذه المحافظة بقيت محطمة بعد تحريرها ولم يتم انصافها أو التخطيط لإعادة مواطنيها من خيام نزوحهم، فيما بقيت مشاكل كبيرة دون حل، مثل المنازل المهدمة، والبنى التحتية التي لم تشهد جهدا حكوميا رغم مرور سنوات على عمليات التحرير.

مواطنون يعيشون مع الركام

وقال الناشط المدني في محافظة الموصل خطاب وعد، لـ”طريق الشعب”، ان “البنى التحتية والمرافق الصحية في المدينة تعانيان إلى الآن من الاهمال، ولم تتوجه جميع الحكومات إلى إعمارها من جديد. وكذلك الأمر يشمل المستشفيات التي لم يطالها أي إعمار، حيث يذهب المواطن إذا كان بحاجة إلى المستشفى، إلى المشافي التي هي عبارة عن كرفانات، فضلا على إن مستشفى الرشيدية الذي كان مختصا لأمراض معينة تم تحويله الآن إلى مستشفى عام”.وأضاف وعد “في محافظة نينوى هناك خمسة جسور رئيسية، اثنان تم اعمارهما والثالث تحت العمل منذ مدة، والجسران المتبقيان تركا إلى هذه اللحظة دون أي عمل عليهما”، مبيناً إن “المدينة القديمة ما زالت مدمرة بالكامل رغم عودة الناس لها بسبب غلاء وصعوبة المعيشة في المدن التي نزحوا اليها، وهم الآن يسكنون الجانب الأيمن مع الركام والجثث”.

تعامل غير جدي

النائب عن محافظة نينوى بشار الكيكي أكد من جانبه، إن “حجم الضرر الذي لحق بالبنى التحتية في المدينة كبير جداً، حيث بلغ عدد المنازل المتضررة حوالي 38 الف منزل، يضاف اليها كل البنى التحتية الاخرى”.
وذكر الكيكي في حديث خص به “طريق الشعب”، إن “الحكومة لم تتعامل مع قضية الموصل بعد تحريرها بشكل جاد ومنصف، ولم تفكر حتى بتشكيل مجلس إعمار خاص بالموصل، كونها المتضرر الاكبر من الاجتياح الإرهابي”، مشيراً إلى أن “الأموال التي خصصت للإعمار لم تكن بمستوى الضرر الذي تعرضت له المدينة، والآن هي بحاجة إلى دعم أكبر، خصوصاً وأن الجانب الأيمن متضرر جداً نتيجة المعارك الشرسة التي شهدها”.
أما عن مؤتمر المانحين في الكويت، فأوضح النائب، إن “المؤتمر كان عبارة عن عرض لمشاكل العراق والبلدان التي تضررت من الاعمال الارهابية، وكان يمثل دعاية إلى رئيس الوزراء السابق، وعلى أرض الواقع لم نر أي أموال من الدول المانحة”.
نازحون منذ 6 سنوات

وفي سياق الموصل وأزمتها، قال نائب رئيس مفوضية حقوق الانسان، علي ميزر، لـ”طريق الشعب”، إن “نينوى يسكنها 4 مليون نسمة كلهم نزحوا بعد احتلال داعش الإرهابي للمدينة، ومعظمهم عادوا بعد التحرير وتحملوا أعباء عودتهم على نفقاتهم الشخصية”.
وأضاف ميزر، إن “النازحين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم يصنفون إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول يشمل نازحين لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم بفعل جهات سياسية استخدمت اذرعها المسلحة لمنعهم من العودة وهيمنت على منازلهم، خصوصا في ناحية ربيعة وجمار ومنطقة الخازر ومخمور، ويقدر عددهم بنحو 30 الف عائلة. والقسم الثاني وهو قليل العدد، يشمل العوائل التي انتمى أحد افرادها إلى تنظيم داعش الإرهابي، فهؤلاء لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم خوفاً من الثارات العشائرية. وأما القسم الثالث، فهو الأكبر، ويشمل الذين ما زالوا يسكنون المخيمات، وبعضهم لجأ إلى تأجير المنازل في المدينة، وهم ينتظرون تحقيق وعود الحكومة من أجل صرف التعويضات الخاصة بهم”، مضيفاً “لا توجد احصائية عن النازحين الذين لم يعودوا إلى منازلهم ولكن كل مخيمات النازحين في اقليم كردستان والتي تبلغ 31 مخيما، فأن نازحيها من نينوى، بالإضافة إلى سبعة مخيمات في جنوب المدينة”.
************
هل اوهمت هيئة الإعلام والاتصالات الكاظمي بشأن العقود؟!
القانونية البرلمانية تكشف خروقات كبيرة
في تراخيص شركات الهاتف النقال
بغداد – طريق الشعب
أصدرت اللجنة القانونية في مجلس النواب، أمس الأول، بياناً بشأن تجديد التراخيص لشركات الاتصالات، وفيما حددت مجموعة مخالفات قانونية في تمديد العقد، أكد عضو في لجنة الخدمات النيابية إن هيئة الإعلام والاتصالات، أوهمت الكاظمي بشأن العقود وجعلته يوقع عليها رغم الاشكالات الكبيرة التي ترافقها.

قرارات غير صحيحة
وقال نائب رئيس اللجنة، محمد الغزي في بيان تلقته “طريق الشعب”، إن المخالفات القانونية، جاءت كالتالي: “إشكالية تمديد العقد وضبابيته، فعقد رخصة الهاتف النقال له أجل محدد وبانتهائه تتبع آليات إبرام عقد جديد كإجراء المزايدات العلنية وبشكل شفاف ضمن مزاد جديد، وبإيرادات جديدة وفقا لقانون مجلس الأمناء وقراراته. وأن قانون الموازنة لسنة 2019 ألزم هيئة الاتصالات بإيقاف الطيف الترددي لشركات الهاتف النقال في حال عدم تسديدها ما بذمتها خلال ستين يوما من إقرار الموازنة”. فكيف تُجدد عقود رخصة الهاتف للشركات المخالفة قانونا؟، وبدلا من أن تُحاسب لمخالفتها القانونية، أعطيت امتيازات جديدة”.
وتابع الغزي قائلا: “مع ملاحظة أن ما يمكن استحصاله من إيرادات للدولة مقابل حقوق الامتياز فقط يفوق أضعاف مبلغ التمديد، فضلًا عن الإيرادات المفترض تحصيلها من عائدات أرباح تلك الشركات والتي يقدر ما تجنيه خلال ستة أشهر ما يعادل مجمل المبلغ الذي تدفعه عن تمديد الرخصة لثمان سنوات. كما إن المبلغ المطلوب من الشركات مقابل التمديد أقل من مبلغ إبرام العقد قبل ثلاث عشر سنة، علماً أن التمديد لها يمنحها نفس الامتيازات الماضية وامتيازات جديدة”.
ونبه إلى أن “قرار التمديد، يمنح تلك الشركات أطيافا وترددات إضافية، وهو ما سيعطيها مصادر أرباح إضافية دون ان تستحصل الدولة إيرادات إضافية. وأن قرار تمديد العقد مع تلك الشركات تضمن منحها امتيازا جديدا بإطلاق خدمة الجيل الرابع، وهو ما سيوفر أرباحاً إضافية لتلك الشركات من غير قيمة سعرية مضافة لصالح الدولة العراقية. فيما استثنى قرار تجديد التعاقد مع هذه الشركات تعليمات تنفيذ العقود الحكومية من غير وجود مبرر واضح لهذا الاستثناء، مما أعطاها صفة الاحتكار لهذا القطاع الاقتصادي الكبير”، مؤكدا أن “مقدار ما يمكن تحصيله من ايرادات للدولة مقابل حقوق الامتياز فقط يفوق أضعاف مبلغ التمديد”.
وأشار إلى “غياب المسوغات القانونية لمنح الشركات مدة تعويضية تبلغ (3) سنوات، فضلا عن غياب المبررات القانونية لربط موضوع الجيل الرابع بموضوع تمديد العقود”، مضيفا أن “هيئة الإعلام والاتصالات امتنعت ولأكثر من مرة من تزويد الجهات الرقابية التشريعية بنسخ من عقود تراخيص الهاتف النقال، وفي ذلك مخالفة واضحة للدستور العراقي وقانون مجلس النواب وتشكيلاته (13) لسنة 2018 والأمر 65 لسنة 2004”.

“الإعلام والاتصالات توهم الكاظمي”
وفي الأثناء، قال عضو لجنة الخدمات النيابية، علاء الربيعي، إن هيئة الإعلام والاتصالات أوهمت رئيس مجلس الوزراء بشأن عقود رخصة شركات الهاتف النقال وجعلته يوقع على التجديد لها.
وذكر الربيعي في تصريح صحفي، أن “العديد من اللجان النيابية ومن بينها لجنة الخدمات، أوصت رئيس مجلس الوزراء بإلغاء عقود التجديد لشركات الهاتف النقال”، مبينا إن “هيئة الإعلام والاتصالات أوهمت الكاظمي ونقلت له معلومات غير صحيحة عن هذه الشركات والنتيجة كانت موافقته على تجديد العقود”.
وأضاف أن “الغضب السياسي والجماهيري، زاد حيال هذه العقود ولجنة الخدمات النيابية لن تسكت عنها وستلجأ للقضاء والمحكمة الاتحادية وأي جهة من الممكن أن تساعد في إلغاء الرخص الممنوحة لشركات الهاتف النقال”.

ديون الشركات
وفي السياق، كشفت لجنة الاتصالات والاعلام النيابية حجم ديون شركات الهاتف النقال الواجب سدادها واضافتها لخزينة الدولة. وقال رئيس لجنة الاتصالات والاعلام النيابية، نعيم العبودي، في مقابلة متلفزة، إن “حجم الدين على الشركات كالتالي: اسيا سيل 371 مليار دينار ،كورك 375 مليون دولار، زين 162 مليار دينار، ما يعني ان المبلغ الكلي يقترب من مليار دولار وقسم منها مستحق منذ 10 سنوات”، مبينا إن “شركات الاتصال منذ عام 2007 تنازع بهدف عدم دفع الديون والأموال المستحق عليها، وكل قرار قضائي ملزم في بغداد من قبل مجلس الطعن ترد عليه تلك الشركات بالذهاب إلى كردستان للحصول على قرار تمييزي يعطل الدفع، وتواصلنا مع القضاء العراقي بهذا الشأن ورد بعدم قانونية اي اجراء يخالف قرارات مجلس الطعن وان قراراته باتة وملزمة وغير قابلة للطعن والتمييز”.

“غياب الشفافية”
إلى ذلك، كشف النائب محمد شياع السوداني، عن خروق قانونية بتمديد عقود شركات الهاتف النقال، فيما توقع إعادة النظر بالقرار بسبب وجود رفض نيابي كبير له.
وقال السوداني في تصريح صحفي، “في عام 2013 تم منح شركات النقال ترخيص خدمة 3G مقابل مبلغ يزيد عن 300 مليون دولار عن كل رخصة والآن تمنح رخصة خدمة 4G دون مقابل وهذا خرق قانوني، مع وجود بعض الشركات التي لم تدفع ثمن رخصة 3G حتى الآن”، مضيفا إن “مسؤولية ملف متابعة ديون وخدمات شركات النقال تقع على عاتق هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات منذ أول عقد مبرم وحتى الآن، وعلى الرغم من إن الهيئة والوزارة هما الجهة القطاعية، إلا أنهما لم يعتمدا مبدأ الشفافية امام مجلس الوزراء في ملف تمديد العقود”، متسائلا :”اين الدراسات الفنية والجدوى الاقتصادية والدراسة الصحية والبيئية ورأي الوزارات المعنية كالمالية والتخطيط والعمل، وكيف مررت العقود بدون اكمال هذه المتطلبات”.
وبيّن السوداني، إن “العقود الأصلية الخاصة بالتجديد مخفية ولم يطلع احد عليها، لماذا لم تعرض على المجلس الاقتصادي وما هو رأي الدائرة القانونية والفنية من خارج إطار هيئة الاتصالات”.
****************
ص5
البعض يرى أن جوهرها سياسي
أزمة الكهرباء تتفاقم سنويا ومعها معاناة المواطن
بغداد - مهدي العيسى


كثر الحديث عن ازمة الكهرباء حتى صار مملا. فهذه الأزمة صارت تراكم معاناة المواطنين بشكل مستمر، من خلال تمددها وتفاقمها من فصل إلى آخر، ومن سنة إلى أخرى، ما ولد قناعة لدى البعض، بأن لا حل جذريا لهذه المشكلة المزمنة.
من المواطنين من يرى أن هذه الأزمة سياسية بامتياز، الهدف منها استمرارية معاناة الناس. ومنهم من يرى ان الهدف يتمثل في إبقاء المعامل والمصانع، التي تعتمد بشكل أساسي على الطاقة الكهربائية، متوقفة وعاطلة عن العمل، وبالتالي ينقطع الانتاج الوطني ويتم التوجه إلى الاستيراد، الذي تشوبه شبهات الفساد.
في حديث للناطق الرسمي باسم وزارة الكهرباء، خلال حلقة يوم الخميس 9 تموز من برنامج “الجمهورية السادسة” الذي يعرض على قناة “الشرقية”، قال أن مجموع التخصيصات المالية لوزارة الكهرباء خلال الـ ١٦ عاما الماضية، بلغ ٦٢ مليار دولار، منها ٣٠ مليارا تشغيلية و٣٢ مليارا استثمارية.
وأضاف قائلا: “اننا احتسبنا قيمة كل ١٠٠٠ (kv) من الكهرباء، بمليار دولار، في حين اننا نعلم ان شركات عالمية عديدة تقدمت بعروضها سابقا بـ ٨٠٠ مليون دولار لكل ١٠٠٠ (kv)، ومع ذلك يفترض ان لدينا الآن ٣٢ ألف (kv)، لكن واقع الحال يشير إلى ان مجموع الانتاج هو ١٩ ألف (kv) فقط”.
السؤال هو: أين ذهب الفارق في تلك الاموال، استنادا الى ما ذكره الناطق الرسمي!؟
ويشهد العراق اليوم، في غالبية محافظاته، تظاهرات جماهيرية تطالب بعلاج أزمة الكهرباء، التي اشتدت مع ارتفاع درجات الحرارة وبلوغها منتصف درجة الغليان.
وفي لقاءات مع “طريق الشعب”، يتحدث مواطنون بغداديون عن معاناتهم جراء هذه الأزمة، التي أضيفت إليها اليوم معاناة أخرى، ناتجة عن جائحة كورونا وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية.
المواطنة غنية فاضل، وهي من سكان حي الجهاد، تتساءل بألم وحسرة: “إلى من نشتكي، ومن يسمع ويستجيب لشكوانا؟ يا وزارة الكهرباء، هل تعلمين بأن الطاقة الكهربائية تأتي إلى منطقتنا بين ساعتين وأربع ساعات في اليوم فقط، وانها خلال هذه الساعات تنقطع وتعود كل ربع ساعة!؟”.
المواطن ثائر جبار، يرى من جانبه أن الدولة تساهم في المعاناة التي يكابدها المواطن اليوم، من خلال سكوتها عن الظلم الذي يتعرض له، وعدم شروعها بوضع حلول للأزمات”، معتقدا أن أزمة الكهرباء “مقصودة من بعض الجهات الفاسدة، التي ترتبط بأجندات إقليمية ودولية، لا تريد للعراق النهوض اقتصاديا، على اعتبار أن الكهرباء تحرك عجلة القطاعين الصناعيين العام والخاص”.
فيما يلفت المواطن سعد عودة، إلى أن “بعض المسؤولين يطلقون عبارات معسولة، لكنها مجرد أقوال وليس أفعالا. فمثلا يجري الحديث عن النص الدستوري الذي يقول أن المواطنين متساوون أمام القانون بلا تمييز، إلا أن الواقع مختلف. فهل أن سكان المنطقة الخضراء يعانون تردي الكهرباء مثل بقية المواطنين في المناطق الشعبية!؟”.
وترى المواطنة نضال حمزة، أن أزمة الكهرباء مفتعلة وهدفها استمرار استيراد الطاقة الكهربائية من دول الجوار، مقابل مليارات الدولارات التي تذهب لدعم اقتصادات تلك الدول”.
**********
هل تخلت أمانة بغداد عن واجباتها!؟

قاسم عناد

تعاني غالبية الأحياء البغدادية، خاصة الشعبية المزدحمة بالسكان، تكدس النفايات في الطرقات والساحات العامة. وفي هذه الظروف التي يتفشى فيها وباء كورونا الخطير، يرى المواطنون أن أمانة بغداد تخلت عن واجبها القاضي برفع النفايات. فقد انقطعت عجلاتها المخصصة لهذا الغرض، منذ أشهر، عن تأدية واجبها في العديد من الأحياء السكنية، لتحل محلها سيارات أهلية تابعة إلى شركات غير معروفة، تقوم برفع النفايات مقابل أجور تستوفيها من المواطن، تصل إلى 20 ألف دينار شهريا. وبذلك، اصبح أمام المواطنين التزام مالي جديد، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الكثيرون منهم، توفير قوتهم اليومي، بعد أن توقفت أعمالهم جراء قرار الحظر الوقائي. وبسبب عدم قدرة المواطن على دفع تلك الأجور، باتت الشركات الأهلية تمتنع عن رفع النفايات، ما تسبب في تراكمها في مكبات قريبة من المنازل. أهالي بغداد يتساءلون اليوم عن سر تخلي أمانة العاصمة عن واجبها هذا، بدون سابق إنذار، وفي ما إذا كانت الشركات الأهلية متعاقدة معها!
************
مواساة
• اسرة تحرير “طريق الشعب” تعزي الصديق الشاعر عمر السراي بوفاة والده، وترجو له الصبر على هذا المصاب الأليم.
مواساتنا الحارة والذكر العطر دائما للفقيد الراحل.
• تتوجه هيئة تحرير “طريق الشعب” للرفيق الكاتب جواد وادي باحر التعازي وخالص المواساة برحيل شقيقه جبار وادي “أبو ستار”. للفقيد الراحل عاطر الذكرى. والصبر والسلوان لذويه ومحبيه.
• تنعي هيئة الشهيد فاضل البياتي للحزب الشيوعي العراقي نجل رفيقنا العزيز نضال محمد مصطفى الذي وافته المنية أثر اصابته بفايروس كورونا، الذكر الطيب والجميل للفقيد والصبر والسلوان لعائلته.
• تتقدم اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كربلاء بالتعازي الصادقة للرفيق غانم عبد الواحد الجاسور بوفاة ابن خاله الراحل عماد بلور ال دبس شقيق شهيد حزبنا الشيوعي معطي بلورالذي وافاه الاجل أثر اصابته بفايروس كورونا، داعين له بالصبر والسلوان وللفقيد الذكر الطيب دوما.
• تعزي محلية الكرخ الثانية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق اياد علي الحسين بوفاة شقيقته، للفقيدة الذكر الطيب ولذويها الصبر والسلوان.
• تعزي محلية المثقفين في الحزب الشيوعي العراقي الرفيق الدكتور إبراهيم عباس نجاد بوفاة زوجته أثر مرض عضال، للفقيدة الذكر الطيب وللرفيق والعائلة الصبر والسلو ان.
• تعزي أساسية الشهيد محمد الخضري للحزب الشيوعي العراقي في قضاء الخضر/ محافظة المثنى عائلة الشهيد محمد الخضري بوفاة ابنة الشهيد الخضري (سلام)اثر مرض عضال، للفقيدة الذكر الطيب ولعائلتها الصبر والسلوان.
• تعزي محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي الرفيق الباحث نبيل عبد الأمير الربيعي بوفاة شقيقته في مدينة كركوك السيدة فوزية عبد الأمير محمد مال الله الربيعي أثر إصابتها بفايروس كورونا، للفقيدة خالد الذكر وللعائلة الكريمة خالص العزاء.
• تعزي هيئة المقرات للحزب الشيوعي العراقي الرفيق أحمد قلي بوفاة شقيقه الدكتور محمد قلي حسين، نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر، للفقيد الذكر الطيب وللعائلة جميل الصبر والسلوان.
******************
ص6
“مكتبة الطفل” تساهم في مبادرة “نحن معكم”

بغداد – مروة فاضل

نظمت مكتبة الطفل العراقي في مدينة الثورة (الصدر)، الأربعاء الماضي، زيارات إلى أهالي الأطفال المنتسبين إليها، لغرض توعيتهم بمخاطر فيروس كورونا وسبل الوقاية منه.
يأتي ذلك في سياق مبادرة “نحن معكم”، التي أطلقها الحزب الشيوعي العراقي لدعم المؤسسات الصحية في الحرب ضد وباء كورونا.
المكتبة التابعة إلى رابطة المرأة العراقية، قدمت عبر وفدها الزائر، للأطفال وأهاليهم، نبذة تعريفية عن مرض “كوفيد 19” الذي يسببه فيروس كورونا، ملقية الضوء على أعراضه ومخاطره وطرق الوقاية منه والتعامل معه.
وشدد الوفد على أهمية التعامل مع هذا الفيروس الخطير بجدية، وعدم التراخي في الوقاية منه، من أجل الحد من انتشاره.
كما وزع على الأطفال كمامات وقفازات وقائية، وعلى أهاليهم نسخا من جريدة “نضال المرأة” الصادرة عن الرابطة.
**********
في سياق مبادرة “نحن معكم”
تجهيز مستشفيي الحلة ومرجان بمستلزمات وقاية
الحلة - طريق الشعب
جهزت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، الثلاثاء الماضي 7 تموز، مستشفى الحلة التعليمي بمستلزمات صحية وقائية، من كمامات وقفازات ومعقمات، وذلك في سياق مبادرة “نحن معكم” التي أطلقها الحزب لدعم الكوادر الصحية في حربها ضد كورونا.
وكانت اللجنة المحلية قد زارت في وقت سابق، عددا من المستشفيات في مدينة الحلة، لمعرفة احتياجاتها من مستلزمات الوقاية الصحية.
وسلم شيوعيو الحلة، المستلزمات إلى مدير المستشفى ومعاونه الإداري، وفي الاثناء كان المسؤول الإعلامي لشرطة بابل وأعضاء من خلية الأزمة في المحافظة ومسؤولان من الصليب الأحمر، حاضرين. وقد ثمن الجميع هذه المبادرة.
وفي يوم الخميس الماضي 9 تموز، زار وفد من اللجنة المحلية “مستشفى مرجان” في مدينة الحلة، ووزع على كوادرها الصحية مستلزمات وقائية.
وقالت اللجنة المحلية في حديث لـ “طريق الشعب”، انها ستوزع في الأيام القادمة، مستلزمات على بقية المستشفيات في محافظة بابل.
*******
الشيوعيون يوزعون الورد على الكوادر الطبية

بغداد – طريق الشعب
ضمن نشاطات مبادرة “نحن معكم”، زار وفد من خلية الشهيد علي اللامي، التابعة إلى لجنة المثقفين المحلية في الحزب الشيوعي العراقي، إخيرا، مستشفيات الشيخ زايد والجملة العصبية ومدينة الطب في بغداد.
والتقى الوفد بالكوادر الطبية التي تتصدى لوباء كورونا، وقدم لها باسم الحزب الشكر والعرفان على جهودها، ووزع عليها الورد.
***********
شيوعيو الديوانية يزورون المستشفى التعليمي
الديوانية – طريق الشعب
زار وفد من لجنة العلاقات التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة الديوانية، الخميس الماضي، مستشفى الديوانية التعليمي، وذلك في سياق مبادرة “نحن معكم”، التي أطلقها الحزب لمساندة المؤسسات الصحية في الحرب ضد وباء كورونا.
مدير المستشفى د. صباح الزاملي، استقبل الوفد وتعرف من خلاله على مبادرة الحزب الهادفة إلى دعم المؤسسات الصحية ومساندة الكوادر الطبية في تصديها للفيروس، ورفع الوعي الصحي بين المواطنين في سبيل الحد من الإصابات، إلى جانب توزيع المستلزمات الصحية الوقائية على كوادر الصحة والمواطنين.
وثمن د. الزاملي مبادرة الحزب ومواقفه الوطنية طيلة مسيرته النضالية، معربا عن سعادته باللقاء، وداعيا في الوقت ذاته إلى مواصلة توعية المواطنين بمخاطر الفيروس، وسبل الوقاية منه.
************
شيوعيو الكرخ الأولى يشكرون الكوادر الطبية
بغداد – طريق الشعب
شكلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدنية الحرية/ اللجنة المحلية في الكرخ الأولى، أول أمس الأحد، فريق عمل قام بنشر لافتات تتضمن عبارات شكر وعرفان للكوادر الطبية التي تحارب وباء كورونا.
يأتي ذلك ضمن نشاطات مبادرة “نحن معكم”، التي أطلقها الحزب لدعم المؤسسات الصحية المتصدية للوباء.
وعلق الفريق اللافتات على جدران العيادات الشعبية في منطقة الحرية الأولى، والمستوصف الصحي في حي دورالضباط. فيما وزع على الكوادر الطبية والمواطنين، كمامات وقفازات وقائية.
*************
ص7
من اركان العملية الانتخابية ومن ضمانات صدقيتها وجدواها
قانون الأحزاب السياسية الرقم (36) لسنة 2015
زهير ضياء الدين


صوت مجلس النواب مؤيدا قانون الأحزاب السياسية الرقم (36) لسنة 2015 في يوم 27 آب 2015، بعد اكثر من ثماني سنوات مرت عليه مهملا مركونا في ادراج المجلس. وحدث التصويت بفضل المناخ الصحي الذي وفرته التظاهرات آنذاك التي عمت انحاء العراق، وجاء القانون متضمنا العديد من العناصر الإيجابية رغم بعض النواقص الأساسية التي ظهرت فيه.
من الجوانب الإيجابية التي احتواها القانون، تمكين الأحزاب السياسية من الطعن امام القضاء في قرارات دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية، ومن خلال الهيئة القضائية التي يتم تشكيلها في محكمة التمييز، إضافة الى ارتباط دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية بالمفوضية العليا المستقلة للأنتخابات، بدلاً من وزارة العدل التي تشكل جزءً من السلطة التنفيذية. يضاف الى ذلك ان القانون نص في مادته (5/ ثانياً) على عدم جواز تأسيس الحزب او التنظيم السياسي على أساس العنصرية اوالإرهاب او التكفير او التعصب الطائفي .
ومن بين الجوانب السلبية التي تم تأشيرها في القانون، رسم التسجيل الذي يتوجب على الحزب تسديده والبالغ خمسة وعشرون مليون دينار! كذلك استبعاد احد النصوص المهمة الواردة في مشروع القانون، والذي يوجب عدم تعارض مبادئ وأهداف الحزب وبرامجه وما يمارس من نشاطات مع “مبادئ حقوق الانسان ومبدأ الوحدة الوطنية”.
وحيث ان القانون يتضمن العديد من النواقص ومن المواد التي تتعارض مع العمل الديمقراطي، فقد تم الطعن في دستورية العديد من تلك المواد امام المحكمة الاتحادية العليا، من قبل مجموعة من الناشطين والمهتمين بالشأن العام.
وكان بين المواد المطعون فيها في تلك الدعوى 3/ اتحادية/2016 وطلب الحكم بعدم دستوريتها، المادة (9) الفقرة (سادساً) التي تشترط في مؤسس الحزب ان يكون حاصلاً على شهادة جامعية أولية او ما يعادلها، نظرا لتعارض هذا مع احكام الدستور. كذلك الفقرة (ثانياً) من المادة (22) من القانون، التي تحمّل رئيس تحرير صحيفة او مجلة الحزب مسؤولية ما ينشر فيها، لتعارض ذلك مع المادة (19) من الدستور التي تنص على شخصية العقوبة.
ومن بين المواد المهمة التي قررت المحكمة بناء على الدعوى المذكورةعدم دستوريتها، المادة (44) من القانون التي قضت في شأن الإعانة المالية التي تقدمها الدولة للأحزاب السياسية المسجلة، ان توزع نسبة 20 بالمائة منها على الأحزاب المسجلة جميعا بالتساوي، بينما توزع الـ 80 بالمائة الباقية على الأحزاب التي لديها مقاعد في مجلس النواب وحسب مقاعد كل حزب. واعتبرت المحكمة الاتحادية ان التوزيع بهذه النسب يشكل أثراءً للأحزاب الكبيرة الممثلة في مجلس النواب، وإفقاراً لبقية الأحزاب.
وبالرغم من ان قرار المحكمة الاتحادية يعتبر باتاً ونهائيا، الأ ان مجلس النواب لم يشرع حتى الآن تعديلاً للقانون تنفيذا للحكم المذكور.
كما انه بالرغم من صدور قرار المحكمة المذكور، يبقى العديد من مواد القانون الاخرى يشكل نقاط ضعف فيه، وان من الواجب تعديلها كي يمكن الوصول بالقانون الى المستوى الذي يجسد الديمقراطية في حياة البلد، والذي يجعله يشكل مع كل من قانون الانتخابات والمفوضية العليا المستقلة للأنتخابات، مرتكزاً اساسياً ومنظومة متكاملة لإجراء انتخابات ديمقراطية تلبي طموح الشعب .
اما ابرز النصوص وجوانب الضعف التي ما زالت تطبع قانون الاحزاب وتتطلب التعديل فمنها المادة 11 من القانون التي تشترط ان يتضمن طلب تسجيل الحزب قائمة بأسماء (ألفي شخص) كحد ادنى، مما يتعارض واحكام المادة (14) من الدستور.
وقد رفضت المحكمة الاتحادية الطعن في الفقرة (7) من المادة (24) من القانون، التي تنص على واجب الحزب تزويد دائرة الأحزاب السياسية بجميع التحديثات في نظامه الداخلي وفي عضويته وجوانب وجوده الاخرى، ومثله الطعن في الفقرة (8) من المادة (24) نفسها، والتي تنص على وجوب اعلام دائرة الاحزاب بنشاط الأحزاب وعلاقاتها، مما يشكل تدخلا في شؤونها ورقابة ثقيلة عليها. وان من الممكن الاستعاضة عن ذلك بقيام ممثلين عن الدائرة المذكورة بزيارات مقرات الأحزاب، والاطلاع على الجديد في نشاطاتها وعلاقاتها وعضويتها وغير ذلك.
وهناك مادة مهمة اخرى جرى الطعن في دستوريتها امام المحكمة الاتحادية، لكن هذه ردت الطعن، وهو يتعلق بالفقرة (أولا) من المادة (36) التي نصت على انه ( عند استلام التبرع يتم التحري عن هوية المتبرع وتسجيله في سجل التبرعات الخاص بالحزب). كذلك الفقرة الثامنة من نفس المادة، التي نصت على ان (يتم نشر أسماء المتبرعين في جريدة الحزب). ومن الواضح ان تطبيق هذه النصوص يشكل عبئا على الاحزاب وعملية تخويف للمتبرعين، وان بالامكان تجاوز ذلك عبر زيارة مقرات الاحزاب مباشرة والاطلاع على ما هو مطلوب.
ومن بين النصوص التي ردت المحكمة الطعن فيها، الفقرة الثانية من المادة 37 من القانون، التي تنص على ان (تمنع كل التبرعات المرسلة من الأشخاص او الدول او التنظيمات الاجنبية). وكان الطعن فيها يقوم على حقيقة ان هناك اعدادا كبيرة من العراقيين المقيمين خارج العراق والمرتبطين بأحزاب في الداخل، ويتوجب استثناؤهم كحد ادنى من احكام هذه المادة. علما ان المحكمة ردت ايضا الطعن في دستورية المادة (41) من القانون، التي تقضي بعدم قبول أموال عينية من أي حزب او منظمة او شخص او جهة اجنبية الا بموافقة دائرة الأحزاب، وتمنع الحزب من ارسال أموال تبرعات الى منظمات موجودة خارج العراق الا بموافقة دائرة الأحزاب. فهذا يعتبر تقييدا لحرية الحزب وعمله.
كذلك ردت المحكمة الطعن بالفقرة (9) من المادة (46) التي تنص على ان يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد عن سنة، كل شخص يمارس العمل الحزبي من دون تسجيل تنظيمه، مما يخالف القانون. وقد تم تبرير الطعن في هذه المادة بالاشارة الى ان العقوبات يجب ان تقتصر على ما يخص الجانب المالي وتجنب العقوبات السالبة للحرية.
ومن بين المواد السالبة للحرية، التي ردت المحكمة الطعن في دستوريتها، المادة (50) من القانون التي تنص على ان ( يعاقب مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات المسؤول الحزبي الذي يرسل اموالاً الى خارج العراق من دون موافقة دائرة الأحزاب)، مما يشكل قمعاً غير مبرر. كما ان المادة (53) التي تم رد الطعن فيها ايضاً، نصت على ان (يعاقب بغرامة مليون دينار أو ثلاثة ملايين دينار لمن يخالف احكام هذا القانون) فهذه المادة فضفاضة في نصها ويمكن تكييفها على ابسط الحالات، مما يشكل قمعاً للعمل الحزبي.
في الختام نعيد تأكيد ان في قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 بصيغته الحالية، وباعتباره يمثل احد الأركان الأساسية للعملية الانتخابية، العديد من النواقص التي تجعله قاصراً عن أداء دوره المطلوب. وهذا يتطلب الضغط من اجل اجراء مراجعة شاملة للقانون، لتخليصه من النصوص السلبية التي يتضمنها، ولإغنائه وجعله أكمل وأفضل اسهاما في خلق حياة ديمقراطية، تتيح اجراء انتخابات نزيهة يستطيع الشعب من خلالها ايصال ممثليه الحقيقيين الى مجلس النواب.
************
مفهوم السيادة في القانون الدولي العام
جبار محمد مهدي السعدي *

أن اجتماع العناصر الثلاثة الشعب والاقليم والتنظيم السياسي لا يكفي بحد ذاته لقيام الدولة فلابد من وجود معيار قانوني يميز الدولة عن غيرها من الوحدات الادارية والفيدرالية والاقليمية؛ وعلى هذا الاساس ذهب الفقه التقليدي الى أن هذا المعيار هو السيادة، ومن ثم أدخلها الفقيه الفرنسي (جان بودان) كنظرية في الفقه القانوني وعرَّفها بانَّها (السلطة العليا والمطلقة للملك لا يقيدها إلا الله والقانون الطبيعي) في حين يرى الفقيه هوبز أن (صاحب السيادة لا يتقيد حتى بالدين) وظلَّت فكرة السيادة المطلقة متسلطة حتى اوائل القرن العشرين حيث تطور مفهومها لتصبح مقيدة بقواعد القانون الدولي؛ وتتمثل السيادة في مظهرين الاول مظهر داخلي: مبناه حرية الدولة بالتصرف في شؤونها الداخلية وفرض سلطانها على اقليمها؛ والآخر مظهر خارجي مبناه استقلال الدولة بإدارة علاقاتها الخارجية بدون ان تخضع لأية هيمنه؛ وانتقدت نظرية السيادة من جانب الفقه الحديث، وظهرت عدة نظريات لاستبدالها بمعيار آخر كان ابرزها المعيار المستمد من نظرية الاستقلال التي اقترحها الاستاذ (شارل روسو) والتي تفيد بان الدولة تتمتع باختصاص مانع وجامع وحر في اقليمها، وهذا يعني عدم جواز أن تمارس السلطة في إقليم دولة ما إلا دولة واحدة تحصر بذاتها جميع الاختصاصات وتباشرها بكل حرية، وتسمح لها بالتدخل متى ارادت في سائر مظاهر الحياة البشرية ولا يحد من هذا التدخل سوى التزاماتها الدولية وحقوق رعاياها؛ والواقع انَّه على الرغم من مهاجمة التيارات الحديثة لفكرة السيادة فان الاتفاقيات الدولية العالمية والإقليمية لا تزال تجعل من احترام السيادة الوطنية قاعدة اساسية ونص عليها عهد العصبة وميثاق الامم المتحدة الذي قام على اساس وجودها، والمساواة بين جميع الاعضاء في نطاق الهيئة عدا حالات استثنائية وأكدتها محكمة العدل الدولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*جامعة ديالى – كلية القانون والعلوم السياسية
**************
ص8
مجدا ذكرى ثورة 14 تموز 1958 الوطنية !
يوسف أبو الفوز


في يوم الرابع عشر من تموز 1958، اندلعت ثورة الجيش والشعب الوطنية، التي فجرها الضباط الاحرار وأحتضنتها الجماهير منذ ساعاتها الأولى في سرعة مذهلة لتحولها الى ثورة شعبية. كان قيام الثورة وانتصارها تتويجا لنضال طويل وصعب، خاضه الشعب العراقي، جسد فيه وحدته بعربه وكرده وقومياته الأخرى، في طموح مشروع للتحرر من الحكم الملكي ـ الاستعماري، لتأتي الثورة من بعد عقود من بطش واستبداد هذا النظام المرتبط والتابع للسياسة الاستعمارية، والمستند الى تحالف مكشوف من قوى الاقطاع والقوى الظلامية الرجعية وكبار الرأسماليين والموظفين والعسكريين.
منذ الساعات الأولى، أغاض إنطلاق الثورة قوى الاستعمار والإمبريالية، وحلفاءهم من الأنظمة الرجعية في المنطقة، السائرة بركابها، فكان الإنزال البريطاني في الأردن والامريكي في لبنان وإعلان القوات التركية حالة التأهب القصوى، ولكن الإنذار السوفياتي الواضح قطع الطريق عليهم، فأعلن بانه لن يترك الثورة لوحدها، ولن يسمح بالقضاء عليها، وأجرى مناورات وتعبئة عسكرية عند الحدود التركية، وفعلت بلغاريا الشعبية الامر ذاته عند الحدود التركية، والتفت جماهير الشعب وقوى “جبهة الاتحاد الوطني” لدعم الثورة وحمايتها.
كانت ثورة 14 تموز ، ثورة ديمقراطية، أرست في أشهرها الأولى نظاما ديمقراطيا، واطلقت طاقات الجماهير في عملية التغير والبناء، فأقدمت في فترة زمنية قصيرة على الكثير من الإنجازات التاريخية والمصيرية : الخروج من حلف بغداد العدوني وبالتالي أعلان موته، الخروج من منطقة الإسترليني المرتبط بقوى الاستعمار في خطوة لدعم الاقتصاد الوطني، إصدار قانون الإصلاح الزراعي في ضربة جريئة لقوى الاقطاع ، رفع شعار الوحدة العربية الكردية وتضمين ذلك في الدستور المؤقت كشركاء في الوطن، اطلاق حرية تأسيس النقابات والاتحادات المهنية وأيضا اصدار القانون 80 لاستثمار ثروات البلد خصوصا النفط، وانتزاع 99,5 من الأراضي الخاضعة لامتيازات الاحتكارات النفطية، وغيرها من الإنجازات التي دفعت جماهير الشعب للإيمان بالثورة والالتفاف حولها.
ان ثورة الرابع عشر من تموز، شكلت منعطفا مهما في تاريخ العراق المعاصر، كونها جاءت ثمرة تراكم للكفاح المتواصل لجماهير الشعب وقواه الوطنية التقدمية، وفي مقدمة ذلك الشيوعيون العراقيون وحزبهم، الذي تصدر نضالات الشعب وقادها في المعارك الوطنية والاجتماعية، وسجل صفحات مشرقة لا يمكن لاحد انكارها، وحيث قدم قادته المؤسسون الخالدون: يوسف سلمان يوسف (فهد) وزكي بسيم ومحمد الشبيبي، حياتهم قربانا على مذبح الشهادة، لأجل وطن حر ينعم فيه الشعب بالكرامة والسعادة، وبذل الحزب قبيل الثورة جهدا استثنائيا من اجل تقارب الاحزاب السياسية لتشكيل تحالف وطني يعزز المستلزمات الذاتية للثورة بعد نضج شروطها الموضوعية.
وإذ أثارت الإجراءات الحاسمة وانجازات الثورة الرعب عند فلول الاقطاع والقوى الرجعية والظلامية المتضررة، مدركين كون قيام الثورة جاء ضربة موجعة لمواقع حماتهم الإمبرياليتين في المنطقة، وبالتالي أعاق مخططاتهم، فتحرك الجميع لإحياء تحالف شرير وتنسيق العمل، بشكل سري وعلني، بدعم وتوجيه مباشر من مراكز المخابرات الدولية، سواء الامريكية أو الفرنسية، كما بينت الوثائق التي كشفت لاحقا. وتمهيدا للانقضاض على الثورة، عملت القوى المضادة للثورة، التي وجدت لها مواقع مهمة في أجهزة الدولة، ببراعة شريرة، في إثارة الخلافات بين الاحزاب السياسية، وداخل قيادة الثورة نفسها، ونجحت في دفع قيادة الحكم للدخول في صراع مسلح مع قيادة الحركة الكردية. أضعف كل ذلك زخم تقدم الثورة وأدى لتراجعها، ومع تزايد أسلوب نهج الحكم الفردي لقيادتها ما تسبب في انعزالها عن الجماهير، مع بروز الموقف السلبي من إطلاق طاقات الجماهير والقوى الديمقراطية واليسارية، فجعل القيادة تتخبط في نهجها ويغيب عنها الوضوح في أهدافها، مما شجع قوى النظام القديم لاستعادة بعض من أماكنها وقوتها. ووجدت القوى المضادة وشركات النفط الغربية، في حزب البعث العفلقي المطية التي ركبوها لينفذوا من خلالها انقلابهم الأسود الدموي في 8 شباط 1963 لوأد الثورة وأغتيالها واعدام قادتها، في مقدمتهم الزعيم عبد الكريم قاسم، والعديد من الضباط الشيوعيين. وكانت مصادر الحزب الشيوعي العراقي بينت لاحقا أنه في الأيام الثلاث الأولى من الانقلاب تم قتل وتصفية أكثر من خمسة آلاف شخص من أعضاء الحزب ومؤيديه، كرد انتقامي لدور الحزب الشيوعي في دعم ثورة تموز وانجازاتها، وكانت إذاعة سرية ـ حسب شهادة الملك حسين للكاتب محمد حسنين هيكل ـ تبث قوائم بأسماء الشيوعيين، حصلت عليها وكالة المخابرات المركزية الامريكية من ضابط سابق في العهد الملكي، كان يعمل في مكتب بهجة العطية سيء الصيت.
كانت ثورة الرابع عشر من تموز حدثا عظيما في تاريخ شعبنا ووطننا، غير التأريخ، وان التقييم المنصف لها يتطلب التوقف بمسؤولية امام نجاحاتها واخفاقاتها لاستخلاص الدروس المهمة، ليكون ردا شافيا على من يعتقد ان “ما كان لها ان تقع”، و”ان نظام صدام الديكتاتوري جاء نتيجة لها”، متغافلين عن ان النظام المقبور ما هو الا نتيجة لنظام قوى الردة التي انقضت على منجزات ثورات 14 تموز، الذين اغتالوا الثورة وجاءوا بقطار امريكي، حسب اعترافات قادة انقلاب 8 شباط، ليعيدوا العراق بشكل أو آخر الى عهد ما قبل الثورة.
ستبقى شعلة ثورة الرابع تموز منارا لكل الخيرين من أبناء شعبنا، ولم تستطع كل محاولات النظام المقبور من محو ذكرى الثورة من تقويم الاحداث التاريخية.
المجد لشهداء الثورة ومناضليها الابطال، وفي مقدمتهم الشهيد سلام عادل، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ورفاقه الميامين.
***************
ص9-10
المشروعية التاريخية لثورة 14 تموز الخالدة
جاسم الحلوائي

هناك من يعتقد بأنه كان من الممكن للعراق أن ينمو ويتطور سلميا ولو ببطء دون ثورة 14 تموز 1958. ويعتقد حملة هذا الرأي أن ذلك كان أفضل للعراق من “الانقلاب العسكري” في 14 تموز، لكون هذا الحدث أدخل العراق في دوامة الانقلابات العسكرية والعنف. ولكن مجرى تطور الأحداث والظروف التي أحاطت بالبلاد، داخلياً وإقليميا وعالمياً، لاسيما خلال العقد الأخير قبل ثورة 14 تموز تفند الرأي المذكور. فالأقلية الحاكمة في العراق آنئذ، كانت تشكل حجر عثرة أمام طبيعة ووتيرة التطورات المطلوبة موضوعياً من النواحي السياسيةً والاقتصاديةً والاجتماعية في العراق. وقطعت تلك الأقلية السبل السلمية على القوى الوطنية، التي تنشد التغيير وتحمل مشروعا تقدميا، من أن تلعب دورها في تطوير البلد. واستخدمت تلك الأقلية العنف ضد أي تحرك جماهيري بما في ذلك التحركات المطلبية كإضرابات العمال وتمردات الفلاحين السلمية. وسأحاول هنا الإشارة إلى ملامح تلك الفترة بإيجاز.
لقد شهدت البلاد في خمسينات القرن الماضي نهوضاً وطنياً عاماً عكس نفسه في الاستعداد الجماهيري لخوض النضالات المطلبية والسياسية، والنزوع القوي نحو الاستقلال الناجز للعراق ورفض جميع الاتفاقيات المكبًّلة لحريته مع الدول الاستعمارية. وكانت الظروف الدولية مشجعة، وتمثل ذلك بانتصار الثورة الصينية وحصول الهند واندونيسيا والعديد من الدول الآسيوية الأخرى على استقلالها. وعلى الصعيد الإقليمي، نالت سوريا ولبنان استقلالهما، وأممت إيران نفطها، وسقط النظام الملكي الموالي للاستعمار في مصر، وتصاعدت حركة السلام العالمية، وظهرت كتلة عدم الانحياز. في مثل هذه الظروف كانت الأقلية الحاكمة في العراق تسبح ضد التيار، وتسعى بكل قواها إلى ربط العراق بالأحلاف العسكرية الاستعمارية. وقد حققت الفئة الحاكمة ذلك بانضمامها إلى حلف بغداد، بعد بطشها بالشعب وقواه الوطنية. وبذلك فضحت نفسها أكثر فأكثر باعتبارها فئة موالية للاستعمار.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فإن أول ما نشخصه هنا هو تعمّق التمايز الطبقي في المجتمع خلال السنوات السابقة لثورة 14 تموز في كل من الريف والمدينة على السواء. ولكن هذا التمايز اتخذ في الريف أبعاداً أوسع، وأفرز نتائج أخطر امتدت آثارها إلى المدينة، لأن تعاظم الفقر الذي حاق بالفلاحين، دفع بمئات الألوف منهم إلى ترك ديارهم والهجرة إلى المدينة حاملين معهم إليها كل أوضاع المجتمع الريفي الفقير المتخلف... وكان العامل الأول في إفقار الفلاحين هذا قد نبع عن اتساع عملية استيلاء الملاكين الكبار على الأراضي الزراعية.
وجرت العملية المذكورة نتيجة لسياسة الحكومة التي كان يهمها، خاصة في السنوات الأخيرة من عمرها، تطمين مصالح الإقطاعيين الذين باتوا أحد أعمدة النظام الأساسية. فشرّعت الكثير من التشريعات لتحقيق تلك السياسة، حتى بلغ التفاوت بين ملكية الأرض الزراعية، ما بين الفلاحين والملاكين، حداً لا مثيل له في أي بلد في العالم. إن 3 في المائة فقط من مجموع مالكي الأراضي الزراعية في العراق كانوا يملكون ثلثي الأراضي الزراعية في عام 1958. أما في مصر وسوريا فكانت النسبة تبلغ 35 في المائة و36 في المائة فقط من الأراضي الزراعية بيد الملاكين الكبار. وكان هناك ثمانية ملاكين عراقيين فقط بحوزة كل واحد منهم أكثر من مائة ألف (100000) دونم. إن من يملك عشرة هكتارات (الهكتار يساوي أربعة دوانم) فما فوق في الهند يُعد ملاكاً كبيراً. وكذا الحال في مصر فمن كان يملك 162,2 دونما فأكثر يُعد هو الآخر من الملاكين الكبار. وكانت حصيلة هذه السياسة تعاظم إفقار الفلاحين. ولم تستوعب الزراعة آنذاك وفي أغلب أشهر العام سوى 50 في المائة من الأيدي العاملة في الريف. ونتيجة لهبوط إنتاجية العمل في الزراعة العراقية، لم يحصل المنتجون المباشرون ما يسد رمقهم. وكان ذلك سبباً في تعاظم إفقار الفلاحين وبؤسهم المريع، فاضطروا إلى الهجرة بأعداد كبيرة صوب المدن، لاسيما الكبيرة منها.
أثار تأميم صناعة النفط في إيران عام 1951 حماسة الجماهير الشعبية للمطالبة بتأميم النفط العراقي. وأخذت الصحف تنشر البرقيات والعرائض الجماهيرية المطالبة بذلك. وعند مصادقة البرلمان الإيراني على قرار حكومة مصدق، طالب عشرون نائبا أن يحذو البرلمان العراقي حذو جاره. ومن أجل الالتفاف على هذه الحركة قامت الحكومة العراقية بالاتفاق مع شركات النفط ببعض الإجراءات الجزئية لتبديد زخم المطالبة، ولكن دون جدوى.
في شباط 1952 وقعت الحكومة اتفاقاً جديداً مع شركات النفط يقضي بأن تدفع الشركات إلى الحكومة العراقية ستة شلنات ذهبا عن الطن الواحد من النفط الخام. وطبقا للحسابات التي تجريها الشركات، زعم الطرفان أن حصة الحكومة باتت تعادل خمسين في المائة من صافي الأرباح التي تحصل عليها الشركات. وألزمت الاتفاقية المذكورة الشركات بتصدير 30 مليون طن من النفط الخام سنويا. وقررت الفئة الحاكمة رصد 70 في المائة من عائدات النفط لمجلس الاعمار، الذي غرس الانكليز والأمريكان عناصرهم فيه باسم الخبرة والاستشارة منذ ظهوره للوجود في عام 1950. وجاءت استشارتهم بتوجيه الأموال للقطاع الزراعي بالأساس. وليس بهدف الارتقاء بأساليب الزراعة وزيادة إنتاجيتها، وإنما إلى العمل فقط على توسيع الأراضي الزراعية بدعوى أن استصلاح المزيد من الأراضي وتوزيعها على المزارعين الصغار سيحسن من شروط عمل الفلاحين لدى الملاكين الكبار ويخفف من وطأة البطالة. لكن الأراضي المستصلحة في ظل سياسات الحكم الموالية للملاكين الكبار كانت تقع في أيدي هؤلاء في النهاية. ورغم كل ما أنفق من أموال طائلة في هذا القطاع فإن قيمة الإنتاج الإجمالي للقطاع الزراعي تراجعت من 39 في المائة من الناتج القومي الإجمالي للبلاد إلى 30 في المائة في عام 1958.
وحُرم القطاع الصناعي من أموال مجلس الاعمار بحجج مختلفة، في مقدمتها، عدم تمكن الصناعة الوطنية من منافسة الصناعة الأجنبية المستوردة إلا في ظل سياسة حماية شديدة ستؤدي إلى الاحتكار، وبالتالي زيادة أسعار المنتجات الصناعية المحلية، ومن شأن ذلك تدمير موارد البلاد وعرقلة تقدمها. ولكن ما لم يفصح عنه هؤلاء الخبراء، إنهم بتأكيدهم على تجنب الحماية، إنما يدافعون عن مصالح الشركات الاحتكارية الأجنبية، التي ظلت تحتكر معظم تجارة التصدير والاستيراد حتى ثورة 14 تموز بالتعاون مع بعض التجار المحليين الكبار. وأدى هذا الموقف من الصناعة الوطنية إلى أن يكون نموها بطيئاً ولا يتناسب مع إمكانيات ومتطلبات تطويرها، حيث لم يشتغل في الصناعة سوى 264 ألف شخص قبل ثورة 14 تموز 1958.
ومع تنامي الإنفاق الحكومي وشركات المقاولات، وأغلبها أجنبية، وتزايد الطلب على السلع الاستهلاكية والإنتاجية، تنامى عدد الذين يتعاطون التجارة بالجملة والمفرد. ومما له دلالته في هذا الصدد هو تأسيس العديد من الغرف التجارية الجديدة في الخمسينات إلى جانب غرف بغداد والبصرة والموصل، وذلك في كل من مدن العمارة والنجف وكربلاء والحلة وكركوك والناصرية. وبلغ عدد المسجلين في جميع الغرف التجارية 9423 تاجراً قبل ثورة 14 تموز. ويشير كل ذلك إلى نمو البرجوازية التجارية ونمو وعيها الطبقي. وشكل الصناعيون في الفترة موضوعة البحث اتحادهم الخاص بعد أن كانوا ينتمون إلى الغرف التجارية سابقاً.
وارتباطا بكل هذا ومع تزايد الدور الذي باتت تلعبه الدولة في مختلف المجالات اتسع الجهاز الحكومي وأدى هذا، إلى جانب عوامل أخرى، إلى اتساع التعليم بكل مراحله.
على أي حال، أدى الإنفاق الواسع على مشاريع مجلس الأعمار في بلد كان يشكو في الأساس من ضعف قدراته الإنتاجية، إلى ارتفاع كبير في الأسعار. وواجه المستهلكون والمنتجون على السواء دوامة التضخم النقدي الذي عانى منه الكادحون آنذاك بوجه خاص، وكان ذلك أحد أسباب التوتر في قلب المجتمع.
في صيف عام 1954 أصبح نوري السعيد رئيساً للوزراء من جديد. وقد أصدر من 22 آب إلى 12 تشرين الأول جملة من المراسيم التعسفية التي اشتهرت باسم (المراسيم السعيدية). كانت هذه المراسيم معادية لأبسط الحقوق الديمقراطية ومخالفة لدستور البلاد. وكانت باكورة هذه المراسيم مرسوم حل المجلس النيابي، الذي لم يعقد سوى جلسة واحدة انتخب فيها رئيسه. ولم يحظر نوري السعيد نشاط الأحزاب المجازة فحسب، بل حلّ جميع الجمعيات المجازة بمختلف أنواعها وأغراضها أيضاً، وألغى امتيازات جميع الصحف. وأجاز فقط ثلاث صحف موالية للحكومة. وألزم نوري السعيد السجناء الشيوعيين الذين ينهون محكومياتهم بإعطاء براءة من الشيوعية والتعهد بخدمة الملك وإلا ستسقط عنهم الجنسية العراقية! وأقدمت حكومته فعلا على إسقاط الجنسية عن عدد من الشيوعيين والديمقراطيين، ومن بينهم المحاميان المشهوران توفيق منير نائب نقيب المحامين وكامل قزانحي، وتم تسفيرهما إلى تركيا. كما أسقطت الجنسية عن عدد من الوطنيين ممن كانوا خارج البلاد وهم عزيز شريف وصفاء الحافظ وكاظم السماوي وعدنان الراوي.
وبادرت حكومة نوري السعيد بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف القوى الوطنية. وفصلت عددا كبيرا من أساتذة الجامعات والمدرسين والمعلمين والموظفين والطلبة ذوي الميول الوطنية والديمقراطية وحجزتهم في معسكرات تحت عنوان أداء الخدمة العسكرية. وباتت (البراءة) من الشيوعية مطلوبة للقبول في الكليات حتى ولو كان المرء قومياً! وأضحى جلياً بأن كل هذه الإجراءات هي مقدمة وتمهيد لربط العراق بالأحلاف العسكرية الامبريالية. وعلى إثر تلك الإجراءات بدأت الحركة الوطنية الديمقراطية تعاني من التراجع. لقد كانت الحركة الوطنية في جزر، فلم تتمكن من التصدي الفعّال لإحباط مساعي الحكومة لعقد الحلف.
إن سياسة نوري السعيد قد عزلت العراق عن شقيقاته العربيات، وراح السعيد يتآمر ضدها على المكشوف، مما وسع السخط وعمّقه ضد الحكم الرجعي. ومن مؤشرات ذلك تحول إضراب قصابي الموصل، احتجاجاً على زيادة الضرائب، إلى إضراب عام شمل المدينة كلها ودام أسبوعا كاملاً، حيث عبر الموصليون فيه عن تضامنهم مع مصر التي أممت قناة السويس، وعن حقدهم على حكومة نوري السعيد وحلف بغداد. وقد واجه الحكم الاستبدادي الإضراب السلمي بإعلان حالة الطوارئ، وشن حملة واسعة من الاعتقالات شملت عددا من المحامين والنواب السابقين. وحُكم على 200 من أبناء المدينة بالسجن، وأرسل قسم منهم إلى سجن نقرة السلمان الصحراوي.
وفي يوم 16 آب 1956، اليوم الذي حدده الامبرياليون لعقد مؤتمر لندن لتقرير طريقة الانتقام من مصر جراء إقدامها على تأميم قناة السويس وضرب مصالحهم الإستراتيجية في المنطقة، عمّ الإضراب بغداد والموصل والرمادي والحي والحلة ومدن عراقية أخرى، رغم كل أساليب الحكومة الوحشية لإفشال الإضراب. وساهم في الدعوة للإضراب إلى جانب الحزب الشيوعي كل من الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي. وخرجت الجماهير بمظاهرات تحمل الأعلام العربية وشعارات التضامن مع مصر. فقابلتها الشرطة بالرصاص واعتقلت أكثر من عشرين متظاهراً. وطُوقت السفارة المصرية لمنع دخول المتطوعين للدفاع عن مصر، وطالب زبانية السلطة المعتقلين بشتم الرئيس عبد الناصر. وكان الإضراب استجابة لدعوة اللجنة المركزية العربية التي تشكلت في دمشق، وقد عم الإضراب في نفس اليوم العديد من الدول العربية.
وعندما حصل العدوان الثلاثي على مصر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في 29 تشرين الثاني 1956، تأججت المشاعر الوطنية والقومية لدى الشعب العراقي. ولكن الحكم الرجعي واصل مواقفه المنافية لأبسط مستلزمات التضامن القومي، فقطع علاقته الدبلوماسية مع فرنسا ولم يقطعها مع بريطانيا المعتدية. فزاد هذا الموقف من تأزم الأوضاع، فاجتمعت الأحزاب الوطنية والقومية، الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي وعدد من الديمقراطيين المستقلين، لدراسة الموقف، وقررت تشكيل قيادة موحدة لقيادة النشاطات الاحتجاجية ضد العدوان وضد الحكم الرجعي. وفي إطار النشاط الطلابي تكونت لجنة طلابية عليا للتضامن مع الشعب المصري. وقد أشرفت هذه اللجنة على تعبئة الطلبة وقيادة مظاهراتهم.
اندلعت انتفاضة تشرين الثاني 1956 لنصرة مصر وكانت حركة التحرر الوطني العربية في أوج نهوضها. وخرجت الجماهير الشعبية العراقية في مظاهرات احتجاجية عارمة على العدوان ولنصرة مصر الشقيقة، وهتفت بسقوط حكومة نوري السعيد وحلف بغداد. وقد عمت المظاهرات ثلاثين مدينة من جنوب العراق إلى شماله مرورا بوسطه. وكانت واسعة جداً في النجف، وساهمت فيها مختلف الفئات الاجتماعية بما في ذلك رجال دين بارزون. وقد استمرت المظاهرات في البلاد مدة شهرين، وتوّجت بانتفاضة الحي الباسلة. جوبهت المظاهرات من قبل حكومة نوري السعيد بالأحكام العرفية وتعطيل الدراسة في الكليات والمدارس وبالقمع العنيف. وسقط الكثير من الضحايا، وتعرض حوالي عشرة آلاف طالب للفصل والإبعاد والسجن، وأرسلت المحاكم العسكرية المئات من المناضلين إلى السجون.
كانت السلطات تتحسس، وهي على حق، من أي شعار، حتى ولو كان شعارا قومياً عاما مثل “يعيش جمال عبد الناصر” لأنه ينطوي على عداء لحلف بغداد وحكومة نوري السعيد. وقد لعب الشيوعيون دوراً فعالاً، إن لم نقل طليعياً، في المظاهرات. وكان أول شهداء الانتفاضة الكادر الشيوعي الباسل عواد الصفار عضو لجنة منطقة بغداد الذي استشهد في العاصمة، واخرهم الشيوعيان البطلان عطا الدباس وعلي الشيخ حمود اللذان أعدما في ساحة الصفا التي تقع وسط مدينة الحي والتي كانت تنطلق منها المظاهرات، بعد أن قمعت الطغمة الحاكمة انتفاضة المدينة الباسلة مستخدمة حتى الأسلحة الثقيلة.
كانت الأحزاب السياسية حتى انتفاضة تشرين 1956 عازمة على إجراء التغيير في الحكم سلميا. وقد نصت وثيقة الكونفرنس الثاني للحزب الشيوعي العراقي، الذي يمثل الجناح اليساري في الحركة الوطنية، الصادرة في 1956 على اعتبار المعركة “ذات طابع سلمي غالب”. وكانت هذه الانتفاضة ثالث انتفاضة خلال ثمانية أعوام، ولم تتمكن من تحقيق تغيير في طبيعة الحكم. وإن تمكنت الجماهير الشعبية من التنفيس عن مشاعرها في الانتفاضتين الأوليتين وتحقيق بعض المكاسب الجزئية، فإن الأجهزة القمعية التي تضاعفت قوتها آنذاك بفضل ازدياد عائدات النفط، وبفضل خبرة خبراء حلف بغداد، لم تسمح بتحرك جماهيري واسع في العاصمة بغداد، حيث قمعت بقسوة شديدة وبالرصاص جميع المبادرات النضالية. وقد استخدمت الحكومة الحديد والنار لقمع انتفاضتي النجف والحي. وإذا ما ناور النظام في الانتفاضتين السابقتين ولجأ إلى إجراءات تنفسية وتخديرية، فإنه لم يكتف بعدم لجوئه لذلك فحسب، بل تهجم نوري السعيد في خطابه رداً على الانتفاضة بعنف وصلافة. وقد ختم خطابه مردداً باستهتار الهوسة المعروفة (دار السيد مأمونة)، ليستفز المشاعر الوطنية والقومية ويدفع جميع القوى الوطنية إلى اليأس من إمكانية إجراء التغيير سلمياً. وهكذا لجأت الأحزاب السياسية إلى الجيش فوجدته جاهزاً للعمل. فتشكلت اللجنة العليا للضباط الأحرار في كانون الأول 1956. وكانت نواة هذه المنظمة قد تأسست في أيلول عام 1952، أي بعد انقلاب جمال عبد الناصر بشهرين.
كان الجيش العراقي شديد التأثر بما يجري في المجتمع العراقي. وكانت الأجواء السائدة في داخله أكثر إثارة للاستياء لأسباب ذاتية وموضوعية. فمن المعروف أن الجيش العراقي يعتمد على الخدمة الإلزامية، وإن قاعدته من الكادحين والفقراء الأكثر معاناة من سوء الأوضاع، حيث يتهرب أبناء الميسورين من أداء الخدمة بدفع البدل النقدي أو بالتحايل على القوانين مستغلين الفساد الإداري. أما بالنسبة للضباط فإن إجمالي سلك الضباط ينحدر من أصول تعود إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وكان للأوضاع وللأحداث الوطنية والقومية صداها وتفاعلاتها في الجيش، كانتفاضات الشعب المتتالية منذ 1948، واستخدام الجيش لقمع انتفاضات وتحركات الجماهير الواسعة منذ عام 1952، أي تحويل الجيش إلى قوة بوليسية سياسية لتصفية الخصوم السياسيين. وتواطؤ الحكام وخياناتهم في حرب فلسطين، ونجاح الضباط بقيادة جمال عبد الناصر للاستيلاء على السلطة عام 1952 وبدء الثورة المصرية، وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر وموقف الحكومة العراقية المهين للمشاعر القومية من العدوان، بعزلها العراق عن العالم العربي بحكم ارتباطها بحلف بغداد. كما يمكن أن يضيف المرء عوامل موضوعية أخرى كان لها صداها وتأثيرها في الجيش، مثل صفقة الأسلحة التي تلقاها المصريون من الاتحاد السوفيتي وبكميات هائلة لا يمكن مقارنتها بما حصل عليه نوري السعيد من حلفائه، والاتحاد مع الأردن عام 1958، كرد هاشمي على تأسيس الجمهورية العربية المتحدة، والذي لا يخدم سوى الأسرة الهاشمية المعزولة، في حين يرهق العراق مالياً.
ولم يأت تحرك الجيش لقلب نظام الحكم في 14 تموز، ولا تأسيس منظمة الضباط الأحرار بقرار من الأحزاب الوطنية. فقد كان لتأسيس المنظمة ظروفها الموضوعية والذاتية الخاصة بها. وقد تأسست المنظمة وترعرعت قبل أن تلتفت الأحزاب الوطنية إلى استخدام الجيش كرأس رمح لإسقاط النظام.
وهكذا نرى أن نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد لم يقف عائقاً أمام تطور البلد فحسب، بل وقد سد كل السبل أمام القوى الوطنية والتقدمية من أن تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية. ومن هنا اكتسب سقوط النظام وبالعنف مشروعيته التاريخية.
**************
ص11
ثورة 14 تموز 1958
اسباب سياسية واقتصادية وتاريخية
رعد موسى الجبوري


حققت ثورة 14 تموز 1958 طموح الشعب العراقي في التقدم والرفاه والازدهار والتخلص من الظلم نتيجة فساد النظام الملكي الذي سلطه الانكليز على الشعب لينهبوا ثرواته ويستعبدوه.
يعود تاريخ اهتمام بريطانيا بالعراق والخليج العربي الى زمن حملة نابليون على مصر عام 1798. حينها توقعت العبقرية العسكرية الفرنسية أن سيطرتها على المنطقة تبدأ عن طريق قطع الممرات بين اسطنبول وبغداد، وهكذا ادرك رجال الدولة الإنجليزية ان وأد مشروع السيطرة على طريق السكك الحديدية عبر الاناضول، الذي بدأه الالمان، في المهد، حاجة اساسية يجب إنجازها.
فشرعت انكلترا بترسيخ نفسها في الخليج العربي لادراكها الأهمية الاستراتيجية للمنطقة لحماية مستعمراتها في الهند، فسمت شركة شرق الهند ممثل لها مقيم في بغداد لحماية مصالحها في نفس العام الذي غزا فيها جيش نابليون مصر. وقامت بريطانيا بتعيين قنصل لها في بغداد. ولم تمر سنة 1880 حتى بدأت القوى الاوربية الاخرى بتعيين قناصلها في بغداد، وفي نفس السنة التي اصبح فيها المقيم الانكليزي موظفا في حكومة الهند تم ضمان حق الملاحة في الفرات لشركة الاخوة لنج، وهم ثلاثة اخوة استقروا في بغداد كتجار، ومنحوا الحقوق الحصرية للملاحة في شط العرب والانهار الموصلة الى بغداد بما فيها دجلة من قبل الحكومة العثمانية عام 1860.(1)
كتب الكولونيل ميد، المقيم السياسي البريطاني في بوشهر، كتابا سريا بصدد الكويت: «تمتلك الكويت ميناء رائعا، واذا اصبحت محمية لنا، ستكون بدون شك احد اهم مواقعنا في الخليج العربي. إضافة لامكانية زيادة ذلك. في المستقبل بعد انجاز خط سكة حديد الاسكندرية وبورسعيد سيكون بامكاننا حماية هذا الخط. تجارة الكويت مع البصرة ناجحة كما هي مع نجد وسورية. واذا اصبحت الكويت تحت حمايتنا سيتم توجيه ضربة للقرصنة وتجارة العبيد. وبهذا يمكننا القول ان وضع الكويت تحت الحماية البريطانيا سيعني تمركز مصالح سياستنا الدولية في الخليج وفي مياهه».(1)
كتبت غيرترود بيل، لاحقا المستشارة البريطانية، وهي تصف لقاءها برئيس مهندسي مشروع خط سكة حديد برلين بغداد مايسنر باشا في الموصل، في رسالة الى والدها في 28 اذار (مارس) 1914 :
«والدي العزيز، جاء مايسنر عصرا ليصطحبني. النخلات يملن على ضفاف دجلة وعلى مياه النهر المرتفعة ترى اسطولاً من الزوارق القديمة. امواج دجلة الغرينية والنخيل وصوت عربي يغني، وسط هذا الشرق القديم تشاهد قاطرات حديثة والمانا قصيري الشعر ذوي عيون زرقاء بخطواتهم السريعة الثابتة ذات الطابع العسكري، اني ارى جنوداً من الغرب قد اتو ليغزوا، ولكن سلاحهم هو التكنولوجيا»(1)، هكذا نظر الانكليز الى دخول التكنولوجيا الاوربية للبلاد ومخاطرها على تجارتهم ومصالحهم.
وفي مؤتمر سان ريمو تقاسمت فرنسا وبريطانيا تركة الدولة العثمانية ووزعت الحصص النفطية بينها وكانت لبريطانيا الحصة الاكبر.
ثم قام الانتداب البريطاني باثقال الميزانية العراقية، اذ فرض استلاب 40 في المائة من الميزانية لرواتب جيشه وموظفيه ولقاء المعدات التي يوردها للعراق. وتم استيراد موظفي الدولة من الاجانب الهنود بشكل خاص (2)
ومُنحت الامتيازات لشركات النفط الاجنبية بشروط مجحفة ولم تحصل الدولة العراقية الا على الفتات من عوائد النفط، فحصلت شركة النفط التركية TPC (أكبر ماليكها الحكومة البريطانية) على امتياز للتنقيب عن النفط وتم حرمان العراق من واردات نفطه.
بالرغم من ان مؤتمر سان ريمو سمح للعراقيين بتملك 20 في المائة من الشركة إذا أرادوا أن يستثمروا فيها، إلا أن شركات النفط نجحت في مقاومة الجهود العراقية للمشاركة، بالرغم من ضغوط الحكومة البريطانية لقبول مساهمين عراقيين. وفي 1929 تغير اسم شركة النفط التركية TPC إلى شركة نفط العراق (IPC).
قاوم العراقيون هذا الاستغلال المجحف، لكن غيرترود بيل اشارت الى الإدارة المدنية البريطانية، بانه لابد من اسكات القوى الوطنية التي تقود الراي العام العراقي التواق للتحرر والمناهض للهيمنة البريطانية، من خلال إعطاء العراق شكلا من اشكال الحكم الذاتي المرتبط بالإمبراطورية البريطانية للحؤول دون تطور النزعة الوطنية المتعاظمة لدى العراقيين. وبعد ثورة العشرين سلك البريطانيون سياسة ارضاء الثوار وتنفيذ بعض مطاليبهم والتهيئة لانشاء مجلس تأسيسي مهمته انتخاب ملكٍ للعراق وصياغة دستور والشروع بإنشاء بعض المؤسسات.
فقال الرصافي في وصف الحكومة صنيعة الانكليز حينها:

قال جليس يوم مرت بنا
مَن هذه الغادة ذات الحجاب؟
قلت له: تلك لاوطاننا
حكومة جاد بها الانتداب
تحسبها حسناء من زيها
وما سوى «جُنبول» تحت الثياب
ظاهرها فيه رحمةٌ
والويل في باطنها والعذاب
مُصابنا أمسى فظيعا بها
يا رب ما أعظم هذا المصاب

وكبل الانكليز الدولة العراقية الناشئة بمعاهدات واتفاقيات جائرة عل حساب قوت الشعب العراقي واعمار بلاده. ولكن انتفاضات العراقيين تواصلت ضد الحكم الجائر وازداد قمع السلطة للشعب المطالب بحريته ولقمة عيشه.
وبتغير الوضع السياسي في المنطقة واهمها اجراءات رئيس الوزراء الايراني مصدق، اقترح البنك الدولي على السلطة اتخاذ بعض الاجراءات للتخفيف من الضغط فتم انشاء مجلس الاعمار عام 1950. وشُكل هذا المجلس لترسيخ تبعية الاقتصاد العراقي للاقتصاد البريطاني فلم يخطط لمشاريع صناعية تخفف من اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط، ولكن نضال الشعب العراقي تطور وتبلورت قواه الوطنية ووضعت اهدافها وعزم الشعب على التغيير الجذري وانهاء القيود والاحلاف الاستعمارية وبناء اقتصاد مستقل.
وخصص المجلس مبلغ قدره 31 مليون دينار لتنمية الصناعة الوطنية ولكن ماصُرف فعلا من هذا المبلغ كان 5,4 مليون دينار فقط أي مايعادل 17,4 في المائة من المبلغ المخصص وبهذا الفشل بقيت الصناعة والتنمية متخلفة وبقيت هذه المشاريع حبرا على ورق، وفشل ما سمي بمجلس الاعمار. (4)
ولم يشهد العراق خلال المرحلة الاولى من تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد عام 1921 حتى قيام ثورة 14 تموز أي تقدم ونجاح في مجال البناء والاعمار بسبب البرامج والادارة الحكومية الفاسدة واتباع سياسة اقتصادية خاضعة لمصالح الانكليز والفئات المرتبطة بهم، مما ادى الى أوضاع سياسية واقتصادية غير مستقرة في العراق وساهمت قلة الموارد الاقتصادية التي كانت تحصل عليها خزينة الدولة العراقية من واردات النفط نتيجة نهب الشركات الاجنبية في تردي الوضع المعاشي للفئات الفقيرة ودون المتوسطة. ولم تتجاوز المبالغ المصروفة في مجال البناء والاعمار منذ عام 1932 وحتى عام 1950 الستة وثلاثين مليون دينار عراقي، وهذا يعكس ضعف عملية التنمية الاقتصادية في العراق خلال عقدي الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي.
لم يكن ضباط الجيش العراقي، بعيدين عن القوى الوطنية الفاعلة في المجتمع العراقي، ومن اهمها الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديموقراطي واحزاب اخرى، وتربطهم بها علاقات مباشرة او غير مباشرة. فقام الكثيرون منهم بتشكيل خلايا وتنظيمات داخل الجيش لتغيير نظام الحكم الجائر ولكسب استقلال البلد السياسي والاقتصادي ولتنميته اجتماعيا. فخططت احدى هذه التنظيمات في جلولاء والسعدية لتغيير السلطة وتحويلها الى جمهورية وطنية مستقلة، وكان اقدم ضابط رتبة في هذا التنظيم هو الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم والذي اصبح اول رئيس وزراء للجمهورية العراقية.
«في 14 يوليو 1958، اندلعت ثورة ضباط شباب بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم انبثقت من داخل الجيش العراقي الملكي وسرعان ما تطورت لاحقا إلى ثورة أطاحت بالنخب المحلية وقضت على النفوذ الأجنبي.... انهت الإمبريالية الغربية، على الأقل في مظاهرها المباشرة، وحولت الحياة العامة في العراق إلى اتجاهات جديدة.» (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
(1) رعد موسى الجبوري، السكك الحديد (تاريخ - اقتصاد - حروب)، 2016 دار العلوم العربية مصر
(2) Peter Sluglett, Britain in Iraq Contriving King and Country, 2007, I.B.Tauris & Co Ltd
(3) Robert A. Fernea and Wm. Roger Louis, The Iraqi Revolution of 1958 The Old Social Classes Revisited,(1991) I.B.Tauris 8c Co Ltd, London
(4) ليث عبد الحسن الزبيدي، ثورة 14 تموز في العراق، مكتبة اليقضة في بغداد، 19
************
ص12-13
ثورة 14 تموز في وثائق الخارجية البريطانية
ترجمة وإعداد: سلم علي *


نعيد على هذه الصفحة من ملفنا المكرس لذكرى ثورة 14 تموز 1958، نشرعرض مكثف لقسم من وثائق وزارة الخارجية البريطانية، ذات الصلة بتلك الثورة وما يتعلق بها من ردود فعل ومواقف وتطورات، شهدتها الايام والاسابيع التي اعقبت اندلاعها.
ولا يكاد عدد هذه الوثائق يصل الى عشرين، وهي تقتصر في تواريخها على شهري تموز وآب من ذلك العام (15 تموز – 14 آب)، ثم انها في معظمها مرسلة الى وزارة الخارجية البريطانية من سفارات بريطانيا ودبلوماسييها في بغداد وبعض العواصم الشرق اوسطية الاخرى.
لكنها وثائق ذات قيمة في ما تقدم من معلومات، بعضها غير معروف عموما، عن ذلك الحدث الكبير الذي هز في حينه المنطقة (والعالم بدرجة معينة) وفي ما تسهم في إلقائه عليه من ضوء من زوايا مختلفة.
وقد نشر عرض الوثائق هذا اول مرة في مثل هذا الشهر من سنة 1997، على صفحات العدد 31 (السنة الثالثة) من مجلة «رسالة العراق» التي كان يصدرها اعلام الخارج للحزب الشيوعي العراقي.

«طريق الشعب»
*رسالة بعنوان «سرّي» من القنصل البريطاني في البصرة (15 تموز 1958)
- تشير الرسالة الى ان «دراسة ما تبثه اذاعة بغداد تكشف عدم وجود زعماء اكراد وقبائل رئيسية في الفرات، ضمن المهنئين بالحكومة الجديدة .. وان هذا قد يكون مهماً اذا استطاع نوري (السعيد) ان يلجأ اليهم».
• برقية من السفير البريطاني في بغداد (20 تموز 1958):
- تتضمن البرقية «بعض المقترحات المناسبة»، من ضمنها (في النقطة 9 - ب) ان يجري التحرك «على مستوى العمل اليومي هنا لإدامة واستثمار كل علاقات الصداقة الممكنة، وبقدر نجاحنا على هذا الصعيد سيتحقق ذلك على حساب عبد الناصر والشيوعيين. وينبغي لنا بالتأكيد ان نتجنب الردود السلبية على الادارة (الحكم الجديد – المترجم) والتي ستدفعها الى احضان عبد الناصر والشيوعيين».
- وتشير البرقية في النقطة (10) الى عدد من المسائل التي ستبقى ازاءها علامة استفهام على المدى الأبعد، ومن ضمنها ان «دور الشيوعيين لا يمكن ان يُقيّم بعد، باستثناء كونهم سيبذلون ما بوسعهم لاستغلال الوضع».

• وثيقة «عاجل / سري» (22 تموز 1958) – من «مقر الطوارىء» للسفارة في بغداد الى وزارة الخارجية البريطانية:
- تشير الى ان السلطة العراقية قامت خلال اليومين الاخيرين بإزالة «كل الشعارات الشيوعية والبعثية» التي كتبت على الجدران في انحاء بغداد. وانهم رفعوا لافتة امام القنصلية البريطانية التي تعرضت الى النهب والحرق تقول: «كان يجب ان لا تتصرفوا بهذه الطريقة. هؤلاء الناس هم ضيوفنا واصدقاؤنا». وتلاحظ الرسالة ان صور عبد الناصر تنحسر بشكل ملحوظ، وان الجنود يتم استبدالهم في هدوء برجال الشرطة.
- وتضيف الرسالة انه «يبدو ان المعتدلين يعززون أنفسهم بهذه الأشكال وغيرها» وان مؤشرات الصداقة (تجاه البريطانيين) تتزايد.
• وثيقة (27 تموز 1958) - عن لقاء مع (وزير الارشاد) محمد صديق شنشل:
- يشير السفير الى ان اثنين من موظفيه التقيا بمحمد صديق شنشل، وزير الارشاد، في منزله صباحاً لمدة ساعتين، «وكان ودياً للغاية».
- بين النقاط الرئيسية التي ثبتها شنشل حسب الوثيقة ان «النظام الجديد ليس شيوعياً، وهو يشجع فعلاً على الملكية الخاصة. لكنهم لا ينوون ان يجعلوا من الشيوعيين في العراق شهداء بسجنهم، انما سيبقونهم تحت المراقبة، ولديهم بالفعل معلومات مفصلة عنهم». وحسب وجهة نظر شنشل فانهم (أي الشيوعيين) «ضعفاء ولا يشكلون خطراً في الوقت الحاضر .. وان سياسة النظام تهدف الى جعلهم غير مؤذين بإزالة أسباب التذمر، أي بتنفيذ برنامج اصلاح اجتماعي وبتوزيع الارض على الفلاحين».
- «.. شدد شنشل باستمرار على ان النية الحازمة للنظام الجديد بمقاومة الشيوعية، ستتعزز بشكل كبير اذا كان الغرب مستعدا للتعاون معه».
- «.. وقال شنشل ان النظام لا ينوي أن يسمح بتأسيس احزاب سياسية في الوقت الحاضر. وانه وزملاءه يؤيدون اقامة نظام ديمقراطي حقيقي، لكن يرون ان تطبيقه ليس عملياً خلال الفترة الانتقالية الراهنة».
- «.. اعتذر شنشل عن لهجته العنيفة في الاحاديث التي كان أجراها مع افراد من موظفي السفارة قبل الثورة. وقال انه، بصفته سياسيا معارضا، كان من الطبيعي ان يتحدث بلهجة أكثر عنفاً مما هو الحال كوزير مسؤول..».

• وثيقة (28 تموز 1958) - عن اللقاء مع (عضو مجلس السيادة) محمد مهدي كبة:
- «كان كبة في منتهى الود، وكان موقفه مطابقاً تماماً لموقف شنشل .. وأكد على المصلحة المتبادلة بين العراق والغرب، خصوصاً بريطانيا، واهمية ان يستمر النفط في التدفق».
- «بصدد الشيوعية، قال ان العرب ليست لديهم أية نية في استبدال أحد اشكال الامبريالية بشكل آخر. ولفت الانتباه الى انه في الوقت الذي يرغب فيه القوميون العرب ان يبقوا حقاً محايدين، فان السوفييت خبراء في التخريب، وحالما يُفتح لهم الباب فانهم سيسعون ويعملون ضد الاستقرار وضد استمرار نظام ليبرالي معتدل. أظهر كبة انه شخصياً مدرك لهذا الخطر الى حد ما، لكنه واثق بأن السلطات العراقية ستكون قادرة على منع مخاطر التخريب، وانها لن تعطي فرصاً للدبلوماسيين السوفييت ودبلوماسيي الدول التابعة لهم للتدخل بالضد من مصلحة الدولة العراقية».

• وثيقة (9 آب 1958) - عن لقاء مع كامل الجادرجي:
- «أعرب عن أمله في انه سيكون في الامكان إعادة الحريات الديمقراطية بعد فترة لن تكون طويلة، وانه سيعمل من اجل هذا الهدف. وهو يدرك ان هذا ليس ممكناً على الفور، لكنه عبّر بقوة عن وقوفه ضد دكتاتورية عسكرية وحكم الحزب الواحد. وكان واضحاً انه لا يريد ان يُحكم العراق بنفس الطريقة مثل مصر ..».
- «.. الجيش أحدث الآن تغيرات يزعم الجادرجي انها كانت ثورة وليست انقلاباً، لأن الشعب كان يدعم الحركة ..».

• وثيقة (7 آب 1958) - عن لقاء مع عبد الرحمن البزاز:
- تشير الوثيقة الى ان البزاز صديق قديم لعبد السلام عارف، «ويُشاع انه سفير محتمل في لندن».
- يصف البزاز عبد السلام عارف بأنه، رغم كونه قوميا متشددا، فإنه «مسلم ورع ومعادي للشيوعية». وأشار الى ان خطبه الشديدة اللهجة ترجع الى حماسته ارتباطا بنجاح الثورة، ولا ينبغي ان تؤخذ على محمل الجد. وقال البزاز ان عارف «سيهدأ خلال بضعة اسابيع».
• رسالة من السفارة البريطانية في واشنطن (26 تموز 1958)
- تتضمن الرسالة معلومات من السفارة الامريكية في بغداد، نقلاً عن «مصدر موثوق» حول تغييرات في تركيبة مجلس الاعمار .. وان المجلس لن يقصر العطاءات على الدول الغربية بل سيفسح المجال لمجهزين ومتعاقدين من «الكتلة السوفيتية».

• برقية السفير البريطاني السير مايكل رايت (2 آب 1958) حول «الاعتراف بالنظام الجديد في العراق»:
- تتناول البرقية لقاء السفير البريطاني مع وزير الخارجية ورئيس الوزراء ومهدي كبه، وتذكر ان الرئيس انضم اليهم .. وان السفير نقل «الإشعار بالاعتراف» من قبل حكومته، وردود الفعل على ذلك.
- في النقطة (6) من البرقية، يشير السفير الى انه كان ينوي ان يثير القضايا المتعلقة بأعمال العنف التي وقعت في اول يومين من الثورة، وبمعاملة الاشخاص الذين ينتظرون المحاكمة، لكن لأسباب «لن اتناولها بتفصيل في هذه البرقية، كان لدي ما يجعلني أرى ان القيام بذلك بحضور الوزراء الاربعة معاً لن يخدم القضية». واضاف «انا اتابع هذه النقاط مباشرة وبشكل غير مباشر بوسائل اخرى، وسأعود اليها مرة أخرى».
• بيانات اصدرتها جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة:
- «نداء الى الشعب البريطاني»، وبيان باسم اللجنة التنفيذية للجمعية بتاريخ 27 تموز 1958.
- ورسالة (23 تموز 1958) تحمل توقيع المرحوم الدكتور رحيم عجينة (الذي كان يومها رئيس الجمعية) عن «اجتماع لمواطنين عراقيين في المملكة المتحدة» يدعو الحكومة البريطانية الى الاعتراف بالجمهورية وسحب القوات الاجنبية من لبنان والاردن.

• رسالة من السفارة العراقية (سفارة ما يسمى بـ»الاتحاد العربي» في حينه) في لندن (18 تموز 1958):
- الرسالة تحمل توقيع (طارق العسكري)، القائم بالأعمال في السفارة، الى وزير الخارجية البريطاني سلوين لويد، جاء فيها:
- «يشرفني أن احيطكم علماً بأنه بلغني ان طلبة من قوميات مختلفة يعقدون اجتماعات في كل انحاء لندن تأييداً لضباط الجيش الذين تمردوا لتوهم في منطقة ضمن الاتحاد العربي. وقد أشعرت قائد شرطة العاصمة (لندن) لتوفير حماية كافية لتأمين سلامة العاملين في السفارة ولمباني وارشيف السفارة. واتوقع اتخاذ اجراءات فاعلة وفورية لهذا الغرض».

• صورة برقية مرسلة من اربيل (6 آب 1958)
تحمل البرقية توقيع (سعيد عزيز) عن 463 توقيعاً من ابناء المدينة (اربيل)، وهي موجهة الى رئيس الوزراء البريطاني. وفيما يلي نصها:
السيد هارولد ماكميلان – لندن، انكلترا
«نحن سكان كردستان العراق، نؤيد جمهوريتنا بأرواحنا ودمائنا. انها ثمرة كفاح الاكراد والعرب لزمن طويل.»
- برقية أخرى الى ماكميلان من «الشعب الكردي في كردستان العراق» .. تأييداً للجمهورية ولإسقاط النظام الملكي .. والاستعداد «للقتال جنباً الى جنب مع اشقائنا العرب».
- وتحمل البرقية «3500 توقيع وبإسم 10 آلاف متظاهر».
- هناك تعليق (بخط اليد) من قبل احد المسؤولين في الخارجية البريطانية على البرقيتين، يعبّر فيها عن «شكوك في ان السلطات (العراقية) التي دفعتهم الى ارسالهما غير واثقة تماماً من ولائهم».
- وبرقية تأييد أخرى للثورة، تؤكد «الاحتجاج على أي نوع من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية».

• رسالة من السفارة البريطانية في اسطنبول (18 تموز 1958)
- حول الشائعات عن وجود معارضة للحكم الجديد بين الاكراد، واحتمال لجوئهم الى الانفصال وإقامة «نوع من دولة حكم ذاتي في المنطقة التي يطلق عليها الآن كردستان العراق».
- وتتناول الرسالة ردود الفعل المتوقعة على مثل هذا الاحتمال، من قبل الحكومة التركية (والايرانية) والقلق الذي سيتولّد لديهما من «إحياء الفكرة القديمة بخصوص إقامة دولة كردية مستقلة»، تفاقمها مخاوف من الروس وعبد الناصر.
- ومثل هذا الاحتمال «قد يغري الحكومة التركية بأن تنظر في احتلال الاقاليم العراقية المحاذية للحدود التركية لمنع أي تحرك في اتجاه الاستقلال الكردي».
- .. «وقد يؤدي مسلسل الافكار عندذاك بالأتراك الى إعادة فتح «مسألة الموصل» التي لم تُنس ابداً هنا (أي في انقرة – المترجم)، بهدف استثمار الوضع المرتبك وإعادة ترتيب الحدود لتتضمن اقليم الموصل ..».
- ثم تشير الوثيقة الى ان «كل هذه الافكار هي بالطبع ضبابية وفي مصاف التكهن تماماً في هذه المرحلة. وليس لدينا اطلاقاً أية أدلة على ان الاتراك يخططون للقيام بأي من الخطوات المذكورة اعلاه».
- وفي النقطة (5) تقول الوثيقة: «واضح انه اذا امكن، كما يجب ان نأمل، إعادة الوضع في العراق الى ما كان عليه، فان احتمالات من النوع المشار اليه اعلاه ستشكل تعقيداً مزعجاً. من جهة اخرى، اذا تطورت الاوضاع بشكل سيء، لا شك انه سيكون هناك الكثير عندها مما يدعو الى ضمان انتقال حقول النفط الشمالية الى تركيا، وان يحرم عبد الناصر من هذه الثروة العراقية الثمينة «.

• في تعقيب (بخط اليد) من موظفين في قسم المشرق في وزارة الخارجية البريطانية (28 تموز 1958) جاء ما يلي:
«لا يبدو ان هناك أي أساس فعلي للافتراض بأن هناك معارضة من نوع منظم للنظام الجديد في العراق».

• وفي تعقيب آخر (بخط اليد) بتاريخ 7 آب 1958:
«اعتقد ان الاحتمال مستبعد جداً ان يُقدم الاتراك على أية مغامرات عسكرية ضد شمال العراق من دون دعم محدد من الولايات المتحدة، كضمان ضد أي تحرك مضاد من قبل الاتحاد السوفيتي. وبشكل خاص سيحتاج الاتراك، من اجل مهاجمة العراق، الى غطاء جوي امريكي ..».

• رسالة من السفارة البريطانية في بغداد (14 آب 1958)
مرفق بها تقرير مطول يحمل توقيع السكرتير الثاني (بالفور) في السفارة بتاريخ 8 آب 1958:
يتضمن التقرير معلومات نقلها الى السفارة شخص اسمه (ويليام امين)، وهو من اصل كردي يحمل الجنسية البريطانية ويعمل موظفا في السفارة البريطانية في طهران. وكان موجوداً في السليمانية لزيارة عائلته عند اندلاع الثورة. وارتأت السفارة ان تنقل ملاحظاته عن الاوضاع الى لندن:
- ادعى امين ان الاكراد تلقوا نبأ قيام الثورة بعدم اكتراث وان وقتاً طويلاً مضى قبل ان يرسلوا تهاني او وفودا الى بغداد، رغم ان الشيخ لطيف (شقيق بابا علي، الوزير في أول حكومة بعد الثورة) كان بين اوائل السجناء السياسيين الذين اطلق النظام الجديد سراحهم. واضاف ان ما يقلق الاكراد هو احتمال انضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة .. وانهم في هذه الحالة سيشكلون اقلية اصغر في دولة عربية اكبر.
- ونقل ان من المطاليب التي يُشاع انها قدّمت الى السلطة الجديدة اثناء زيارة عبد السلام عارف الى السليمانية ولقائه بعض الزعماء الاكراد، انه ينبغي تسليم سعيد قزاز وبهجت العطية ليتم اعدامهما في المدينة، بسبب الكراهية الكبيرة لهما وسط الاكراد.
- وخلال تواجد امين في بغداد حيث اقام مع اصدقاء عرب، سجّل ملاحظات بينها ما سمعه في 7 آب 1958 في فندق سميراميس من ضابط اسمه (احمد)، يفترض انه من المقربين لرئيس الوزراء، عن حدوث خلاف بين قاسم وعارف بشأن مسألة انضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة، حيث يتبنى قاسم موقفاً محترساً بينما يريد عارف الانضمام فوراً.
- وفي رسالة السفارة البريطانية المرفقة بالتقرير يوجد تعقيب حول ما تضمنه من نقاط كثيرة مثيرة للاهتمام .. يشير، بخصوص موقف الاكراد من الانضمام الى الجمهورية العربية المتحدة، الى انه «من المؤكد في كل الاحوال ان الحكومة الجديدة ستخلق لنفسها مشاكل ما لم تتعامل باحتراس شديد مع الاكراد والاقليات القومية الاخرى».

• رسالة من السفارة البريطانية في طهران (14 آب 1958)
- تتحدث الرسالة عن وجود قلق كبير (في طهران) بشأن كردستان وتأثير «الدعاية العربية» (عقب ثورة 14 تموز) على الاكراد الايرانيين. وتشير الى ان الحكومتين الايرانية والتركية تتبادلان الرأي بهذا الخصوص. وتُسخّف الرسالة فكرة مزعومة للجنرال بختيار حول احتمال ان يطلب اكراد العراق وسوريا الانضمام الى ايران، نظراً الى أن اوضاع اكراد العراق افضل بكثير بالمقارنة مع الاكراد الايرانيين.
- وتشير الوثيقة الى برقية من السفارة البريطانية في انقرة وما تطرقت اليه من احتمالين: نشوء دولة تابعة كردية، وانضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة. (الاحتمال الأول يرتبط بتحريض العرب لأكراد تركيا وايران على التمرد على حكامهم) .. وتتناول الوثيقة الموقف الايراني من الاحتمالين.

سري
وثيقة معنونة «سري» بتاريخ (25 تموز 1958) .. تفيد بأن طارق العسكري، القائم بالاعمال في السفارة العراقية في لندن، التقى السفير الاردني وطلب منه ايصال رسالة الى الملك حسين تتضمن الطلب منه «ان يوقف المحاولة التي تجري من عمان لإثارة القبائل في العراق ضد الحكومة الجديدة هناك..».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العراقي
*************************
ص14
14 تموز و الوحدة الفورية الاندماجية
د. عقيل الناصري


كان شعار الوحدة الفورية الإندماجية أو الإتحاد الفيدرالي بمثابة (القشة التي قصمت ظهر البعير) بالنسبة إلى ثورة 14 تموز، وتفتيت جبهة الإتحاد الوطني وهي تمثل القاعدة الإجتماعية المادية للثورة !! وذلك عندما رفع حزب البعث شعار الوحدة الفورية، وكان هنالك مرجعان تاريخيان وهما:
1 - اللجنة العليا لحركة الضباط الأحرار فقد ناقشت موضوع الوحدة وتوصلت الى نتيجة مشروطة مفادها: إذا تمت مهاجمة العراق من قبل دول حلف بغداد أو أمريكا أو بريطانيا، تعلن الوحدة الفورية مع العربية المتحدة.
2 - ولم تذكر جبهة الإتحاد الوطني في بيان تأسيسها بصدد مشروع الوحدة الفورية، “... بينما كان الاتفاق في جبهة الإتحاد الوطني على ( السير في ركاب التحرر العربي) فقط، ولم تكن الوحدة الفورية الكاملة من الأهداف الواجبة التحقيق بعد الثورة مباشرة، كما أن أطرافا مهمة لم تكن تؤمن بالوحدة الكاملة ولا تدعو لها إلا بعض الأحزاب والفئات...”.
قرار جبهة الاتحاد الوطني الداعي إلى الارتباط بالجمهورية العربية المتحدة بإتحاد فيدرالي. فما الذي دفع بعد الثورة إلى الانقلاب على موقفه ويندفع إلى الإلحاح على الوحدة الفورية؟؟... لقد أظهرت المظاهرة الهائلة التي نظمها دعاة الاتحاد الفيدرالي في 5 آب 1958 (وليس 7 أب كما وردد في بعض المصادر) من الاحزاب العربية والكردية، أن جماهير الشعب الغالبة هي مع الاتحاد الفيدرالي وليست مع الوحدة الكاملة والفورية. بيد أن القوميين على اختلاف فصائلهم، قد ركبوا رؤوسهم، وما عادوا يقيمون وزناً لرأي الجماهير... “.
كان رفع شعار(الوحدة الاندماجية الفورية) بمثابة العامل الأرأس في تفتيت الجبهة، كما أسلفنا، وأثارت الصراعات المقترنة بالعنف السياسي بين الأحزاب السياسية للجبهة ذاتها والجماهير الشعبية، ذات الوعي الاجتماعي المنخفض بصورة عامة.
ويقول عزيز سباهي إلى أن التوجيه العام للحزب الشيوعي العراقي قبل 14 تموز (التأكيد على المطالبة بحكومة تنتهج سياسية وطنية وإقامة اتحاد فيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة).
ومن هذا يتضح أن شعار الحزب الشيوعي بشأن المطالبة بالاتحاد الفيدرالي لم يكن طارئاً، أو جاء رداً على شعار رفعه الآخرون، وإنما جاء عن تقدير دقيق للأوضاع التي تمر بها البلدان العربية، ولم يصدر كرد فعل آنيّ على هذا أو ذاك من الداعين إلى الوحدة الفورية كما يذهب إلى ذلك بعض المؤرخين. وجاء حتى قبل أن يُكتب للثورة النصر. ولم يكن رده انفعالياً قصد المناكدة، كما يصورة البعض. ولم ينفرد الحزب الشيوعي العراقي لوحده بالدعوة إلى الاتحاد الفيدرالي مع الجمهورية العربية المتحدة. إذ كان حزبا الوطني الديمقراطي والاستقلال قد أوردا في المنهاج الذي وضعاه بصورة مشتركة للحزب الذي تقرر أن يجمع بينهما (المؤتمر الوطني)، والذي أرفقاه مع الطلب الذي تقدّما لإجازة الحزب في 16 حزيران 1956، الدعوة إلى الفيدرالية... “.
أن كل الأحداث والتطورات العربية منذ ذلك الوقت حول موضوع الوحدة يجب معالجته معرفياً أولاً قبل طرحه سياسياً، وإن البناء الثقافي والنفسي والاقتصادي وتخفيف العصبيات القطرية والعشائرية والأسرية ووعي الخصوصيات القطرية شروط لا بد منها لأية خطوة وحدوية ناجحة وراسخة.
إن رؤية التيارات الاشتراكية- القومية- الاسلامية تجلت في الممارسة السياسية بعد اعتلاء القوى القومية لسلطة الدولة السياسية في عدد من البلدان العربية وما انتجته من: تفتيت الوحدة الوطنية من خلال تغليب الرؤى البرنامجية المثالية على المصالح الوطنية وربط تحقيق الوحدة العربية بسياسة الاضطهاد السياسي للقوى الوطنية الأخرى؛ تأمين مصالح الطبقات الفرعية –البرجوازية الكمبورادورية– البرجوازية العقارية -شرائح من البرجوازية المالية واهمال مصالح الطبقات الأخرى، وبهذا المجرى جرى اضعاف مفهوم الوطنية العراقية بعد سيادة المصالح الطبقية الفرعية؛ اختزال مفهوم الوطنية العراقية برؤى برنامجيه قومية مثالية)..
إن معارضة حزب البعث للإتحاد الفيدرالي، وإصراره على الوحدة الفورية، لم تنبع كلها عن قناعة فكرية مبدئية، كما أنها لا تدل على رغبة حقيقية في التقدم، لأنها لا تقيم وزناً إلى الشروط الموضوعية من حيث الأنتباه إلى التباينات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي لا تقيم وزناً أيضاً إلى وعي الشعب وقناعته، ورغبته في التمتع بالحريات الديمقراطية بعد أن طال حرمانه منها. ومن حق المرء أن يبدي شكوكه ازاء الدوافع التي تدفع بمشيل عفلق إلى الحقد على الشيوعية، ويصطنع من مسألة الوحدة ذريعة لتأليب القوى عليها، وهو الذي يرطن بالاشتراكية وبمعاداة الاستعمار أيضاً...
ويقول يفغني بريماكوف:”... لم يكن تفكير القوميين الثوريين الذين جاءوا للسلطة في بعض الدولة العربية متشابها مؤيدا بشكل مطلق للوحدة العربية. وكان شعار(وطنية البلاد) في الممارسة فوق القومية العربية، ولم تكن هذه صفة مميزة لمصر وحدها فقط، بل لجميع الانظمة العربية البرجوازية الصغيرة... “ وثبتت التجربة فشل بقية المنظرين للوحدة العروبيين والإسلاميين مثلما فشل دعاة “العالمية الاشتراكية”. وتم تكريس واقع “الدولة الوطنية...”.
ـــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- عزيز سباهي، عقود من تاريخ، الجزء 2، ص. 343، مصدر سابق.
- عزيز سباهي،عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، ج.2، ص. 337، منشورات الثقافة الجديدة، دمشق 2003.
- يفغني بريماكوف الشرق الأوسط المخفي والمعلوم، ص. 57، دار اسكندرون 2006 دمشق.
***********
ثورة 14 تموز والتداول السلمي للسلطة
د. إبراهيم إسماعيل


من أكثر ما يستخدم للطعن بثورة 14 تموز عام 1958 في العراق، كونها إنقلاباً عسكرياً، أفتتح حقبة طويلة من هيمنة العسكر على الثروة والحكم في البلاد، وإغلاقهم السبل أمام التداول السلمي للسلطة! ورغم إن ساحة المرددين لهذه الطعون تستقبل كل يوم، ببغاوات جديدة وأنصاف سياسيين ومؤرخين، تقدمهم الحياة السياسية البائسة والتدني المريع في الوعي وسيادة الجهل والأوهام، فإن تصحيح الأمر وقراءة التاريخ بعين محايدة ومنصفة يعد مهمة أصيلة للوطنيين والديمقراطيين، لأن كل ما جرى لم يكن إنقلاباً عسكرياً، مّهد لحدوث الكوارث من خلال إضفاء “الشرعية الثورية” على تدخل العسكر في السياسة، بل ثورة وطنية تحررية، كادت أن تفتح، إن لم توأد، الطريق امام تقدم العراق ورخائه.
وإذا كان من البداهة أن يعتبر الحدث إنقلاباً مأساويا، إذا ما نظرنا اليه بشكل مجرد، أي على أساس قيام مجموعة من الضباط بإنجاز الأمر لوحدهم والإجهاز على نظام “دستوري برلماني”، يملك فيه ملك شاب، تاركاً الحكم لسلطة إكتسبت شرعيتها من صناديق الإنتخابات، فإن أول نظرة فاحصة ومنصفة لما سبق وتلى الثورة، يبدد بسرعة هذا الوهم، حيث لم يكن ما حدث صبيحة الرابع عشر من تموز أول تدخل واسع للعسكر في السياسة وتحكمهم بالسلطة والثروة، لأن الحكم الملكي نفسه لم يكن سوى تحالف أقامه المستعمر البريطاني بين حفنة من الضباط الشريفيين (نوري السعيد وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وغيرهم) وبين رؤساء العشائر (بعد تحويلهم الى طبقة من الإقطاعيين لا يتجاوز عديدها الأربعة الأف فيما تتجاوز ملكيتها 70 % من الأراضي الزراعية إثر توزيع اراضي الدولة عليها بما عرف بالأراضي الأميرية الممنوحة باللزمة)، وفيما بعد مع فئات من التجار والمصرفيين ورجال الأعمال المهتمين بتوفير الأسواق الجديدة والثروات الأولية للتوسع الرأسمالي، بلغت ملكية 23 شخصاً منهم على سبيل المثال، 56 % من مجموع الرأسمال التجاري والصناعي المشترك والخاص في البلاد.
كما لابد من الإشارة أيضا الى أن صعود مجموعة جديدة من الضباط العراقيين من غير الشريفيين، قد أدى الى استغلال واضح للجيش في فرض التوجه السياسي، وهو ما تمثل في إنقلاب بكر صدقي عام 1936 وإنقلاب الكيلاني والعقداء الأربعة عام 1941، وفي إستخدام العسكر لقمع إنتفاضات ووثبات الشعب بشكل دموي وبشع أعوام 1948 و1952 و1956، وفي الجرائم التي ارتكبوها ضد الآثوريين والكرد وفلاحي الفرات الأوسط! وهنا يصبح جلياً إن قبول هذه التدخلات وإعتبارها محمودة، ورفض ما حدث في 14 تموز، إنما هو كيل بائس بمكيالين!
لقد كان حدث 14 تموز، تلاحما بين جميع القوى السياسية الفاعلة في البلاد، وأذرعها وركائزها في المؤسسة العسكرية، وبين نخبة من الضباط الأحرار، هم أبناء جيل كامل من الطبقة الوسطى والبرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة، جيل أجترح مآثر نضالية لا حصر لها من أجل الحرية والعدالة، وما مساهمة 100 ألف مدني في دعم 3000 عسكري سوى مثال حقيقي على ذلك التلاحم، الذي حول التحرك العسكري الى تغيير ثوري جماهيري.
كما لم يغلق 14 تموز باب التداول السلمي كما يزعمون، لأنه وببساطة شديدة، لم يمارس النظام الملكي، طيلة أربعة عقود أي شكل ديمقراطي من أشكال التداول السلمي للسلطة، بل دأب على ممارسة شكل بدائي ومضحك لليبرالية، كان الملك وخاله فيه يحكمان ويملكان في آن واحد!
ولم تكن نتائج الإنتخابات القرقوزية قادرة على التحكم في تشكيل الحكومات وتغييرها، أو إخضاعها لرقابة البرلمان، أو إلزامها بالتشاور مع المعارضة ناهيك عن منظمات المجتمع المدني، فيما كانت تلك الحكومات هي القادرة على حل المجالس النيابية متى ما شاءت، ولنا في حل برلمان عام 1954، لفوز عدد محدود من النواب الوطنيين بعضويته خير دليل على فساد “ديمقراطية” ذلك النظام، الذي افتقدت تجربته ليس فقط لإنتخابات حرّة، بل وأيضا لحرية الصحافة والتنظيم واختيار المجالس المحلية وللتصرف الشفاف بالدخل القومي والثروة الوطنية وللحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، وهي بمجموعها أسس أصيلة لتحقيق تداول سلمي للسلطة في أي بلد.
وتأسيساً على كل هذا، يعد التغيير الثوري في 14 تموز المحاولة الأولى لإرساء أسس ديمقراطية سياسية واجتماعية في العراق، تمهد لقيام تداول سلمي للسلطة، من خلال بلورة هوية عراقية جامعة، وإنجاز جملة من المتغيرات السياسية والإقتصادية والاجتماعية، كالاستقلال السياسي وتحرير الثروة الوطنية، ورسم معالم أولية لتنمية وطنية مستقلة، وإنشاء العشرات من المنظمات الجماهيرية والجمعيات، وتدشين حملات وطنية شاملة للتحديث والتنوير. وكان تردد القيادة العسكرية للثورة وتصاعد النزعة الإستبدادية لديها وتمزق صفوف أنصار الثورة وقيام حلف غير مقدس بين أعدائها ضدها، كافياً الى وأد التجربة وغلق الباب على طموحات الناس في الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
*************
ص 15
أغنيات.. للثورة
داود أمين


وصلني مؤخراً كتاب (أغنيات ...للثورة ) وهو ديوان شعر للشاعرة العراقية( حياة النهر ) ويضم الديوان عشرون قصيدة بينها ١٣ قصيدة من الشعر الحر، وسبع قصائد عمودية، والقصائد جميعاً، وكما مبين من التواريخ المؤشرة إزائها، كتبت بين عامي ١٩٥٣ و ١٩٦٠.
في الديوان ١٢ قصيدة كتبت بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام ١٩٥٨، وثمان قصائد كتبت قبلها، ورغم علاقتي بالشعر، ومنذ اكثر من خمسين عام، لكن المؤسف إنني لم يسبق لي الاطلاع على نتاج الشاعرة! رغم أن هذا الديوان هو الثالث لها، إذ سبق لها ان أصدرت عام ١٩٥٨ ديواناً بعنوان(الغد المشرق) وكان الشاعر بدر شاكر السياب قد كتب مقدمته، كما صدر لها ديوان ثالث عن دار المدى بعنوان ( سد مأرب )، كما صدرت للشاعرة رواية عام ١٩٧٨بعنوان( الشاهد ) تتناول سيرة حياة وإعدام الرفيق الشهيد( طالب عبد الجبار ) عام ١٩٦٣.
الشاعرة( حياة النهر ) هي إبنة الشخصية الوطنية المعروفة حسن النهر، أحد مؤسسي حركة أنصار السلام، وهي شقيقة الشيوعية الباسلة( أمنة النهر ) وشقيقة الفقيد( شامل النهر )،احد قادة اتحاد الطلبة العراقي، والذي اعتقل في وثبة كانون عام ١٩٥٢، وتوفي في العام الماضي، وهي ايضاً شقيقة الشهيد ظافر النهر وأخيه، الذين اعدمهما البعث بسبب إنتمائهما للقيادة المركزية، وهي ايضاً شقيقة الصحفي والمناضل المعروف نصير النهر.
الشا عرة كانت عضواً فعالاً ونشطاً في الحزب الشيوعي العراقي، وهي ايضاً من مؤسسي رابطة المرأة العراقية، وكانت زوجة للرفيق عبد الرزاق غصيبة، وهو احد الضباط الأحرار الذين ساهموا في قيام ثورة الرابع عشر من تموز. والمؤسف أن الشاعرة نقلت الأن ، بسبب الشيخوخة إلى إحدى دور المسنين في كندا، وهي في شبه غيبوبة!
أما ديوان( أغنيات ...للثورة ) الصادر عام ١٩٦٠،.
وكانت أول قصيدة فيه مؤرخة بعد يوم واحد من قيام ثورة تموز، اَي في ١٥ تموز ١٩٥٨، وهي عمودية في ٤٢ بيتاً:
قم حيها حيي الأشاوس ثاروا .... قم حيها ثوارها أحرارُ
قم حيي ثورة شعبنا وفصيله .... المقدام وانظر للخنى ينهارُ
و في ١/٨/١٩٥٨، كتبت الشاعرة قصيدة اخرى بعنوان( تحية للشهيد ) أهدتها ( الى روح كل شهيد في سبيل الوطن المقدس)
تباركت من فاحم صامد .... وحييت من باسل خالدِ
وبوركت فيك النهوض المجيد .... فيالك من ناهضٍ ماجدِ
وبعد ايام اَي في ١٨/٨/١٩٥٨، كتبت الشاعرة قصيدة حرة بعنوان( أغنية للشعب ) جاء فيها( مع الفجر للشعب كنت اغني/ وكان نشيدي عصارة روحي / بأعماق ذاتي/ ومن دم قلبي ومن عبراتي/ ومن أغنياتي/ نسجت لثورتنا الرائعة/ بروداً من النور من أغنياتي/ وفِي عتمات الدجى والرياح تئز/ نثرت قصيدي على الربوات/ لكل الحزانى وللجائعين .).
وفِي ٦/١٠/١٩٥٨،تكتب الشاعرة قصيدة بعنوان( فجر الحياة ) ومنها:
يا إبنة الرافدين جدي وزيدي .... زال بعد الصراع ليل العبيدِ
إن فجر الحياة لاح فحيي .... خير فجرٍ من الحياة جديدِ
يشجب الظلمة البغيضة شعبٌ .... بات حراً بأرضه فأعيدي
مجده الغابر المضيء وسيري .... بركاب الأحرار عبر النجودِ

وفِي ٣٠/١/١٩٥٩، كتبت لرفيقها وزوجها( عبد الرزاق غصيبة) قصيدة حرة بعنوان ( حنين ) إستهلتها بهذا الإهداء( الى رفيقي عبر طريق الحياة الشاق، الى عبد الرزاق )
( أحن إليك حنين الطيور لأوكارها/ حنين الصغيرلاحضان والده الغائب/ حنين المُتيمِ عند مجيء الظلام/ إذا هزه الشوق للصاحب/ احن إليك ... وما دمت مثلي تحب البشر/ تحب الحقيقة ثم تموت / لتبقي على وجهها الناصع البهي السمات / الى ابدٍ مشرق القسمات/ احبك ..
وفِي ١٠/٦/١٩٥٩، كتبت الشاعرة قصيدة حرة بعنوان(ثورتنا لكل الورى) جاء فيها( من دمنا كانت ومن لحمنا/ومن صراع عار دام/ ومن نضالات اماسينا/ من عري أطفالنا/وبؤس ايام مضت يعرفها شعبنا/ عبر ليالينا/ فمن ترى يبخسنا حقنا؟.
وفِي عام ١٩٦٠ كتبت الشاعرة قصيدتين، الاولى في٢٠/٣/١٩٦٠،وعنوانها( الحصاد) والثانية في ١٨/٥/١٩٦٠، وهو تأريخ أخر قصائد الديوان، وعنوان القصيدة( إنتظار) والواضح انها ايضاً موجهة لزوجها البعيد عنها.
اما القصائد الثمان التي كتبت قبل ثورة تموز، اَي بين أعوام ١٩٥٣و١٩٥٧، فكانت بمعدل قصيدتين لكل من أعوام ٥٣ و٥٤ و٥٦، وقصيدة واحدة لعامي ٥٥ و١٩٥٧، ومضامين هذه القصائد عموماً تناولت نضالات الشعب العراقي والشعوب الاخرى، فقصيدة ( حدثيني) وهي حرة ومؤرخة في ٢٢/٧/١٩٥٣،فقد قيلت عن مجزرة سجن بغداد المركزي، التي قامت بها شرطة نوري السعيد في ١٨/٧/١٩٥٣، والتي استشهد فيها ثمانية سجناء وجرح العشرات، ومنها( حدثيني يادهاليز السجون/ حدثيني بحديث ذي شجون/عن اباة مخلصين /عن كماة نابهين /عن بطولات ستبقى عبرة للثائرين/عن جراح ملئت ماء وطين.)
اما في عام ١٩٥٤، فقد حملت القصيدة الاولى عنوان( أعراس فيتنام)، اما القصيدة الثانية فكانت بعنوان( بطولات كالاساطير ) وهي مهداة لضحايا الإرهاب الأسود في ايران.

اما في ١٩٥٦، حيث ضم الديوان قصيدتين، كانت الاولى بعنوان( في نقرة السلمان) وهي عمودية في ٣٤ بيتاً، والقصيدة الثانية كانت بعنوان(امجاد وبطولات) وهي حرة وتتحدث عن المناضلة الجزائرية( جميلة بوحيرد).
وفِي عامي ٥٥ و١٩٥٧، فقد ضم الديوان قصيدة واحدة لكلا السنتين، وكانت قصيدة عام ٥٥ وهي حرة بعنوان(الى شبيبة العالم ). اما قصيدة عام ١٩٥٧ فكانت عمودية وهي بعنوان (صراع مع الظلم ) وكتبت اثناء الهجوم الوحشي على الطلبة المتظاهرين لنصرة مصر وجاء فيها:
ثوى تحت أنقاضها وانطوى .... وغاب اسمه من سجل الورى
وظلت كراريسه والدواة .... معفرة من تراب الثرى
وظل على الارض منديله .... مدمى تضوّع منه الشذى
***************
ما علق بالذاكرة
عن ثورة 14 تموز 1958
وائل المرعب


صادف، إني كنت في الحلة ـ وأنا صبي صغيرـ لحضور حفل زواج شقيقتي
الكبرى، حين أذيع البيان الأوّل فجر يوم 14 تموز بصوت عبد السلام عارف
فخرجتُ الى الشارع بدافع الفضول، ومعرفة ردود أفعال الشارع
الحلّي وقد فوجئتُ بأن ساحات وشوارع الحلة الرئيسية قد غصّت بالألاف من
الجماهير وهم يرفعون صورة (جمال عبد الناصر) لجهلهم بصور وأسماء قادة
الحركة ويطلقون الهتافات المؤيّدة لها .. وعند عودتنا بعد يومين الى بغداد شاهدنا الاحتفالات في كل المدن والقرى والقصبات التي على الطريق، وكانت بغداد قد خرجت عن بكرة أبيها الى الشوارع مؤيدة للحركة وهذا ما حصل أيضاً في الموصل حيث كان أبي هناك وكل محافظات العراق دون استثناء كما وصلتنا الأخبار تباعاً.
وقبل قيام ثورة 14 تموز بعدة أشهر، كان والدي يصطحبني معه الى مقهى
( شريف وحداد) الواقع عند بداية شارع النهر في منطقة حافظ القاضي ، وهو يعتبر ملتقى وجهاء بغداد ورجال السياسة من الوطنيين وكان صاحب المقهى رجلاً يسمّى (رشيد مطلك) الذي تربطه بوالدي علاقة قديمة جدا و اتضح فيما بعد إنه حلقة لوصل بين جبهة الاتحاد الوطني التي تشكّلت في شباط 1957 من الأحزاب ( الشيوعي ـ الوطني الديمقراطي ـ الاستقلال ـ البعث ) ومع تنظيم الضباط الأحرار خاصة فرع منصورية الجبل برئاسة الزعيم عبد الكريم قاسم آمر اللواء 19 الذي كان يتردد دائما على (شريف وحداد) ويجتمع مع (رشيد مطلك)، كما أتذكر الى الآن بعض جلاّس هذه المقهى من الوجوه الوطنية كمصطفى علي، وعبد الفتاح إبراهيم، وحسن النهر، وداود خماس، ونوري روفائيل، والفنان المعروف عزيز علي وغيرهم الكثير .. حتى أضحت مقهى (شريف وحداد) هي المطبخ الذي نضجت على ناره فكرة الثورة.
وقد اتضح أن الحركة في 14 تموز قد خطط لها تنظيم الضباط الأحرار لوائي
(19 و20) بالتفاهم والتنسيق مع الأحزاب المنضوية في جبهة الاتحاد الوطني
وبما لا يقبل الشك أن 14 تموز هي ثورة حقيقية نالت تأييد عموم الشعب وقواه الوطنية كما نالت تأييد القوى الوطنية بالمنطقة، والدول الشيوعية المتزعمة حينها اغلب حركات التحرر في عموم دول العالم.
فتحية لثورة 14 تموز الخالدة وتحية إجلال لقائدها الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم
*************
ص16
المرأة
وثورة الرابع عشر من تموز
مزاحم الجزائري


ارتبط نشاط المرأة العراقية منذ نشوئه بمجمل فعاليات الحركة الوطنية العراقية، ونضالات الشعب العراقي، المتطلع لحقوقه، والمتعطش لحرياته الديمقراطية، ومن أجل الاستقلال الوطني الناجز، القائم على نظام ديمقراطي تسوده العدالة وتعمّه المساواة.
ولا غرابة حينما نرى، أنّ الرعيل الأول من النساء المناضلات، ممن تعرضن للملاحقة، والاضطهاد، والسجن، كنّ في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، وفي الأحزاب الوطنية والديمقراطية. وليس مصادفة عندما نعلم، أنّ من اولى هذه المنظمات ذات الطابع الجماهيري، هي: (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة)، والتي تحول أسمها فيما بعد إلى (رابطة المرأة العراقية) والتي جرى تشكيلها سرا في العام 1952. ومنذ تأسيسها انغمرت هذه المنظمة في النضال من أجل إتاحة الفرصة للمرأة في العمل والتعليم، ومن أجل اقرار وتشريع قانون تقدمي للأحوال الشخصية يكفل لها بعض حقوقها المهضومة.
وقد تكلل نشاط المرأة العراقية المعمّد بالتضحيات، وأثمر نضالها الدؤوب والمتفاني، باعتبارها ركن اساسي من اركان الحركة الوطنية العراقية، عن مكاسب وانجازات يشار لها بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز، بعد أن أصبح للحريات الديمقراطية هامشا لا يستهان به. وقد تجسد هذا الجزء الحيوي من بين المكتسبات الوطنية والاجتماعية المتحققة وفق التحولات الجديدة، بتشريع قانون للأحوال الشخصية، ينصف المرأة مما لحقها من ضيم، يعدّ في واقع الأمر من أفضل القوانين في الدول العربية، باستثناء قانون الاحوال الشخصية في تونس، لما تضمنه من توجهات عصرية كفل لها حقها في التعلم والعمل، والمساواة في الأجور مع الرجال، وتوسيع دورها في الانتاج ورفد الحياة الاجتماعية، ورعاية حقوقها في اختيار زوجها، وضمان حضانتها لأطفالها عند الطلاق وغيرها من المكاسب.
ففي العقود التي سبقت تشريع هذا القانون، جرت محاولات عديدة لتعديل بعض الفقرات ذات العلاقة بالأحوال الشخصية في الدستور الأول النافذ في 15 / آذار / 1925، إلا أنّ الفشل كان حليفها. فقد ظلّ القضاء الشرعي العراقي قبل صدور القانون الجديد في احكامه موزعا بين المصادر الفقهية وفتاوى مذاهبه الخمسة ودياناته المتعددة، إلا أنّ قانون (188) لسنة 1959، جاء موحدا للأحوال الشخصية، وسعى إلى الجمع بين المشتركات التشريعية فيها، وبين ما هو معمول به في التشريعات الشخصية في البلدان الاسلامية، وبين المقاربات المستحدثة في القضاء الشرعي العراقي.
إنّ من أهم توجهات قانون (188) سعيه لإرساء شكلا من أشكال التوازن الأسري والاجتماعي، وهذا التوازن لم يكون بمنأى عن تشريع منصف وإنساني يأخذ بعين الاعتبار ما هو متسق مع المفاهيم العصرية، التي تنظر بعين الرضا والاحترام للأمومة، والطفولة، والمجتمع، لذا حرص المشرع على الأخذ بما هو مشترك بين المذاهب الخمسة والمتسق فيها مع المصلحة الزمنية، أما ما يتعلق بقضايا اليهود والمسيحيين، فقد ترك لهم حرية العمل على وفق ما تمليه عليهم تشريعاتهم الدينية.
والحق يقال، لقد أنصف هذا القانون المرأة العراقية بقضايا عديدة، منها: توحيد سن الزواج، وتقييد تعدد الزوجات، ومساواة الذكور والإناث في الإرث، والمساواة في قضايا الطلاق والزواج والشهادة في المحاكم. وليس مستغربا في أن يقف مناهضو هذا القانون موقفا معارضا له، باعتباره متعارضا مع الشريعة الإسلامية. لذا فإنّ انقلابي شباط هرعوا من الوهلة الأولى إلى إجراء (تعديلات) على القانون وبالأخص المادة ذات الصلة بالإرث.
وفي العام 2003، أجري سبعة عشر تعديلا على القانون، بعضها لا يخلوا من الوجاهة، والبعض الآخر مختلق. ولم يتوقف الأمر عند هذه الحدود، فقد سعى مجلس الحكم إلى إلغاء القانون رقم (188) في كانون الأول من العام 2003، إلا أنّ القرار جوبه بمعارضة شديدة من داخل المجلس وخارجه، أدت في النهاية إلى إلغاءه.
إنّ من المهام الأساسية التي تواجه قوى الحداثة والتغيير، لا العمل على المحافظة على هذا القانون، والوقوف بوجه القوى الساعية إلى الالتفاف عليه وتفكيكه، وإنما العمل على إجراء تعديلات عليه تثريه، وتغني توجهاته، تعديلات تأخذ بنظر الاعتبار التغيرات المجتمعية الهائلة التي طرأت على الحياة في غمرة ستين عاما، تتماهى مع طبيعة الحقوق التي تتسق مع الإنجازات التي ضفرت المرأة بها في البلدان الأكثر حضارة. وهذا يضع أمام قوى الحداثة والتغيير، المتمثلة بالأحزاب اليسارية،والديمقراطية، ومنظمات المجتمع المدني، إلى تمكين المرأة من ممارسة دورها في الحيات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، واتاحة المشاركة الفاعلة لها في المؤسسات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وحتى في المفوضيات المستقلة والتي تراجع إداء بعضها كثيرا بالقياس إلى العقد الأول من هذا القرن والشروع ببلورة رأي ضاغط، ورافض لمنظومة الكوتة النسائية في مجلس النواب، والتوجه لإصدار تشريع يتصدى للعنف الأسري المتفاقم ضد المرأة العراقية.
***********
النجف في الأيام الأولى لثورة تموز


صالح العميدي


لم تكن ثورة 14 تموز ١٩٥٨ حدثا طارئا فرضته ظروف آنية، بل كانت ثمرة نضال طويل شاق ومرير خاضه الشعب العراقي، واستمر سنين طويلة مليئة بالتضحيات، حافلة بالآلام في سبيل الاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية.
جماهير النجف شأنها شأن أبناء شعبنا الآخرين، لم تتخلف عن واجبها في الدفاع عن مصالح الشعب والوطن، فشاركت في الانتفاضات والهبات ضد الاستعمار والاستبداد والتخلف، وفي نصرة الشعوب المقهورة.
كانت الأجواء الفكرية والسياسية والاجتماعية في مدينة النجف قبل 14 تموز 1958 مهيأة للتغيير المنشود، وهو إسقاط الحكم الجائر وسياساته القمعية وارتباطاته بالدوائر الاستعمارية، فضلا عن مشاعر الغضب السائدة نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة ومعاناة الجماهير من شظف العيش، ومن طغيان القوى الرجعية المتمسكة بالعادات والتقاليد البالية، وبصورة خاصة النظرة الدونية للمرأة . فكان يوم الثورة يوما فاصلا بين العبودية والحرية. وفي هذا اليوم كان لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في النجف دوركبير في تعبئة الجماهير لتأييد الثورة، فنظمت أول تظاهرة جماهيرية خرجت عصر يوم الثورة، كان الرفيق الراحل رضا عبد ننه خطيبا فيها. تحدث عن معاناة الشعب العراقي أيام السلطة الملكية الغاشمة، وعن الأمل في الثورة لانتشال العراق، وتحقيق الأهداف المرجوة. وكان للطلبة دور بارز في تلك التظاهرة. كما كانوا سباقين في فتح مقر لاتحادهم (اتحاد الطلبة).
وفي الأيام الأولى أيضا تأسست هيئة تحضيرية لنقابة المعلمين برئاسة تقي الصراف، وفتح مقر للجنة أنصار السلام برئاسة الدكتور خليل جميل، ومقر مؤقت لاتحاد الشبيبة الديمقراطي برئاسة عبد الرزاق المطلق، ومقر لرابطة المرأة برئاسة نعيمة الدجيلي، ومقرات لعدد من النقابات العمالية، مثل نقابة عمال الميكانيك ونقابة عمال النسيج.
وهكذا اتسعت نشاطات المنظمات الحزبية والديمقراطية والمهنية مع اتساع التأييد الجماهيري لها وبشكل سريع، خاصة وهي تتبنى شعارات تعكس صميم حاجات الناس ومطالبهم.
وعقدت هذه المنظمات مؤتمرا شعبيا، جرى التأكيد فيه على ضرورة تحقيق أهداف الثورة وواجب حمايتها من الاعداء. وقرر المؤتمرون تنظيم تظاهرة لأهالي النجف أمام وزارة الدفاع في بغداد تأييدا للثورة. وتم ذلك فعلا في الخامس من آب 1958، وشاركت في التظاهرة جماهير غفيرة من مختلف شرائح المجتمع النجفي، من نساء ورجال، عمال وكسبة، طلاب ورجال دين، جرى نقلهم بسيارات أجرة كبيرة تبرع سائقوها بنصف الأجور، وتحملت النقابات والاتحادات والمنظمات بقية الأجور ومصاريف أخرى.
وامتلأت ساحة وزارة الدفاع والشوارع القريبة منها بالجماهير، وخطب الزعيم عبد الكريم قاسم فيها وشكرها على المشاعر الوطنية، مؤكدا أن هذا ليس غريبا على النجف مدينة الإمام علي (ع)، مدينة المناضلين.
نعم، النجف التي كانت وتبقى منارا للأحرار والمناضلين من أجل حرية الأوطان وكرامة الانسان.
************
ص17
ثورة 14 تموز والآمال التي علقت عليها
مصطفى محمد غريب


كان لثورة 14 تموز 1958 واقع مشرق، بشر منذ البداية بالخير والتقدم في انتقال السلطة من الملكية شبه الاقطاعية الى سلطة تتداخل فيها مقومات وتأثيرات الطبقات الأخرى البرجوازية الوطنية والبرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة « شغيلة اليد والفكر» المتمثلة بالنقابات العمالية والثقافية وتنظيماتها السياسية، وهذا التوجه خلق آمالاً واسعة في بناء العراق على أسس دولة مدنية ديمقراطية تتحرر من ربقة الاستعمار البريطاني وغيره، وتتجه لبناء علاقات جديدة مع المحيط العربي والإقليمي والدولي الجاد، ولإنهاء الهيمنة العسكرية على السلطة، وتحقيق الانتقال الى السلطة المدنية، وفسح المجال لقيام أحزاب وطنية وديمقراطية بدون استثناءات، ثم العمل لتطوير القضايا المهمة في الصناعة والزراعة وتطوير القطاع الخاص والمختلط ومؤسسات الدولة، كي يجري تنفيذ المهمات الوطنية الداخلية منها، قضية الفقر والبطالة، وحل ازمة السكن، وتحسين الأوضاع الخدمية والصحية والتربوية، أي تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.
إضافة الى مهمات أخرى، تنحصر في وضع حجر الأساس لبناء جديد والتخلص من تركة الماضي المؤلم، الذي أنتج الكثير من الفوارق والمآسي بما فيها إقامة نظام امني هاجسه محاربة القوى الوطنية والديمقراطية، وزج المئات من المناضلين في السجون والمعتقلات والقيام بحملات القمع والاضطهاد والتعذيب والاعدامات، التي طالت كوكبة من الوطنيين والديمقراطيين والشيوعيين، فثورة تموز حققت تلك المهمات التي تعتبر فاتحة لعصر جديد من العلاقات والبناء، إلا ان هذه المهمات تعطلت لأسباب عديدة منها:
1 ــــ الاصرار على بقاء السلطة بيد العسكر، وبخاصة قيادته التي قامت بالتخطيط والتنفيذ لثورة 14 تموز 1958
2 ـــ تفتت الجبهة الداخلية، والمعني جبهة الاتحاد الوطني، بسبب توجهات البعث بالاعتماد على قوى الردة والرجعية وفلول الاقطاع والملكية ودعم خارجي.
3ـــ التذبذب البرجوازي الصغير والتهاون مع قوى الردة والرجعية والقومية المتطرفة، ثم الارتداد والانتكاسة ومحاربة القوى الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي، وزج المئات في السجون والمعتقلات وإصدار أحكام الاعدامات بواسطة المجلس العرفي العسكري ورئيس المحكمة العسكرية العقيد شمس الدين عبد الله.
4 ـــ التآمر البعثي والقومي المتطرف مع القوى الرجعية وفلول الاقطاع والنظام الملكي، وبدعم من القوى الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا .
5 ـــ الموقف العدائي للجمهورية العربية المتحدة آنذاك وتقديم الدعم اللوجستي المختلف للقوى المتآمرة، وفي مقدمتها حزب البعث العراقي والجبهة القومية.
ثم تحققت الردة الرجعية الدموية بانقلاب 8 شباط 1963، حيث تمت إعادة العراق الى حالة عدم الاستقرار، والعودة الى سياسة الترهيب والفساد والفوضى والقتل العشوائي، وقيام الحرب على الكرد في كردستان العراق، وإنهاء الأمل في الانتقال بالثورة من العسكرة الى المدنية وبناء دولة دستورية وطنية وديمقراطية. وتعطلت هذه المهمات حتى بعد قيام انقلاب 18 / تشرين / 1963 بقيادة عبد السلام عارف وإقصاء البعث العراقي من السلطة ومجيء القوى القومية التي ادعت انتماءها الى الوحدة العربية ودولتها القومية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، فلم تتحقق لا الوحدة العربية ولا بقاء الجمهورية العربية المتحدة، ثم ضياع كل فلسطين والكثير من الأراضي العربية بالاحتلال الإسرائيلي في 1967 .
واستمرت التداعيات نحو عدم الاستقرار والهيمنة على السلطة بالرغم من فشل مشروع القوى القومية لإقامة الوحدة العربية والتضامن العربي، وكانت النتيجة الأخيرة ما أفرزه انقلاب 8 شباط الاسود 1963 في اجهاض امل تحقيق مهمات ثورة 14 تموز، ثم قيام الانقلاب الثاني في 17 / تموز / 1968 بقيادة حزب البعث وتحالفه مع القوى الاستعمارية والرجعية .
كل الحقبة التاريخية التي استمرت 35 عاماً كانت عبارة عن سلسلة من التراجعات عن المهمات الوطنية، وعلى الرغم من بعض التطورات التي حدثت في البداية، لكن سرعان ما انتكست نحو الدولة البوليسية الدكتاتورية والحروب الداخلية والخارجية، بما فيها الحرب في كردستان واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً حتى قيام الاحتلال الأمريكي البريطاني واسقاط النظام الصدامي السلطوي.
لقد كانت ثورة 14 تموز 1958 بحق نقلة نوعية من اجل التطور والبناء ولو تركت تواصل مسيرتها على وفق أسس قانونية ووطنية بدون التآمر البعثي القومي الاستعماري الإقليمي ، لكان وضع العراق أفضل وأكثر تقدماً ورفاهية وبدون هذا التخلف والتبعية والاحتلال.
**************
هل كان قاسم كفؤا
لقيادة الدولة العراقية؟
عبد جعفر


تفصلنا اكثر من ستة عقود عن ثورة 14 تموز ، ودور قائدها الشهيد عبد الكريم قاسم.
واليوم نتملس عبر شهادات المعاصرين لهذا الحدث، مكر التاريخ في تقويم مجايليه، وأن كان الأمر يصيبنا بالإحباط والخيبة، وتهدم الصورة المرسومة لزهو أيام صاخبة، ورجالها الأبطال الذين نراهم في وقتنا بدون رتوش أو هالة القدسية أو المحبة.
ففي شهادته عن قاسم يكشف لنا عبد اللطيف الشواف الذي شغل وزارة التجارة في عهده عام 1959 جوانب مهمة عن حياة الزعيم، في كتابه الموسوم (عبدالكريم قاسم وعراقيون أخرون.. ذكريات وانطباعات).
فالكاتب يقول الحقائق من باب كشف آلية العمل الذي ينتهجها قاسم في إدارة الحكومة وهو القادم من الثكنة العسكرية، ولم يعرف عنه العمل السياسي والمعرفة العميقة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. وهي ليست حالة فردية فقط بل حالة أكثر قادة الحركة الوطنية العراقية المناضلين الذين ولم تتح لهم الظروف ان يرتفعوا في مستواهم الثقافي والمعرفي الى مستوى التضحيات التي قدموها.
يكشف الشواف ان اجتماعات مجلس الوزراء تتم في الهزيع الأخير من الليل ويتم فيها بالكاد ( إنجاز البت في البرنامج الإداري للمجلس كمسائل الإيفادات، والترفيعات والتعيينات والمخصصات، أما المهام الموضوعية والتشريعية والنظر في دراسة والمصادقة على مشاريع القوانين والأنظمة والتقارير الهامة فكان التأخير يلحقها من جلسة الى أخرى).
ويصبح النظر في السياسيات الأمنية والدفاعية والاقتصادية التي يتعذر النقاش فيها تعتمد على خطابات الزعيم الارتجالية و(من اختصاص الجهات – غير المسؤولة مثل الصحف والتجمعات السياسية المختلفة الى حد الاقتتال).
ويشير عدنان عباس وهو احد قيادات الحزب الشيوعي السابقة في كتابه (هذا ما حدث) الى (إن تشكيل المقاومة الشعبية كان بقرار من الزعيم وهي تشكيل نظامي ارتباطه وتدريبه وتسليحه مناط بالجيش العراقي ).
بعد ان استنفذ الزعيم الغرض من تشكيلها اصدر قراره بحلها وتحمل الحزب الشيوعي الأخطاء التي ارتكبت من خلال تشكيلها).
ولقاسم وجه اخر هو حبه لتقديم الخدمات للفقراء واعمار العراق ونموه الزراعي والصناعي والى التغيير الدستوري أيضا، ولكنه اعتمد على الأجهزة السابقة والقمعية والحكام العسكريين أمثال احمد صالح العبدي وشمس الدين عبدالله والقوى الانتهازية أمثال عراك الزكم الذي سيطر على الجمعيات الفلاحية. وبدأت القوى القمعية في مطاردة الديمقراطيين والشيوعيين واغتيالهم والحكم على بعضهم بالإعدام.
كما أن العديد من وزرائه والعسكريين من حوله اخذوا بتوريطه في حربه ضد الاكراد، ولكن قاسم لم يكن مقتنعا فيها رغم انه حاول كما يشير الشواف اللجوء الى تبريرات (شتى تنطوي على مماحكات لفظية او على تبريرات تاريخية او شخصية لتفسير موقفه).
ولكنه يشير أيضا الى ان عينيه بدأت تدمع في احدى جلسات وانه بكى لفرط ..لأن حكومته وهو شخصيا قد فشلا في الاستجابة لإحدى النقاط الجوهرية من شعارات الحركة الوطنية العراقية حول القضية الكردية).
ويذكر انه زج بالعديد من انصار السلام في كردستان في السجون والمعتقلات.
ويشير الشواف الى ان رغبة قاسم في اعلان الدستور الدائم وإعادة النظر بمجلس السيادة والصلاحية التشريعية لمجلس الوزراء اعاقها أعوان قاسم نفسه .
والشيء نفسه يقال حول علاقات العراق العربية في زمنه والموقف من الكويت واستقلالها.
وحتى على الصعيد الثقافي، ترى الناقدة فاطمة المحسن في كتابها (تمثلات الحداثة في ثقافة العراق) كانت الوعود التي يقدمها قاسم للشعب أقرب إلى رغائب كانت تكمن في أدب وفن وفكر الجمع الثقافي مهما اختلف تصوراته عن تفاصيلها.
وبدت كلمات من خطاباته وهي توضع في مجلة (المثقف) التي تصدر عن اتحاد أدباء العراق، أقرب الى توجيهات ينبغي أن تحفر في ذاكرة الثقافة العراقية.
وتؤكد (انه لا يمكن أن يقاس حدث تاريخي مثل (14 تموز) بمقاييس الحاضر، مقاييس الشاهد التاريخي الذي عرف مآلات الثورة).
ويبقى الحكم للتاريخ، لهذا الزعيم الذي احبه الفقراء، وأحبهم أيضا ولكنه دونه الخبرة والرجال والظرف التاريخي الذي لم يسمح له ان يحقق ما يريد، فالتاريخ بأبسط تعريفاته هو الوقت.
وقاسم الذي حملته الثكنة العسكرية الى السلطة، لم يكن يعرف أن مهمته انتهت بإسقاط النظام الملكي.
كما أن القوى الوطنية التي ألتهت بالإحتراب بينها، لم تستطع ان تقوم سلطة الجنرال، أو تزيحه وتعيده الى ثكنته.
************
ص18
مناصفة

للشاعرة الاذربيجانية المعاصرة مايا بادالبيلي
ترجمها عن الروسية – أ.د. ضياء نافع/ موسكو- خاص

اتقاسم كل شئ مناصفة معك –
القمر والنجوم ,
والليل في السكون,
وشعاع الشمس
في الصباح ,
والدفء لنا معا
سيكون..
*
اتقاسم كل شئ مناصفة معك –
يوم الربيع ,
و نسمات الهواء
في الفضاء ,
*********
نقد
قصة “من الطارق؟”
نشرنا الجمعة الماضية، قصة الاستاذ عائد خصباك “من الطارق؟” واليوم ننشر المقال النقدي المتعلق بها.

ياسين النصير


أبدا بمقولة عامة مستخلصة من تجربتي الشخصية مع المكان، كلما فكر القاص بالأمكنة تفكيرًا زمنيًا اكتشف فيها امكانية أن يخلق منها شخصيات جديدة، قد لا تكون مثل هذه النتيجة ملائمة للبعض، خاصة أولئك الذين يأتون بشخصيات من المجتمع ويسكنوها المكان، كما لو أن المكان عباءة يلبسونه لها، ثم يبدأون برواية العلاقات المختلفة مع أشياء المكان، ويسمون ذلك قصة. فنقرأ كلمات عن افعال اليدين والعينين والقدمين وهي تجوس المكان لتصلح هذا أو لتنقل ذاك وتعد هذا حدثًا، أو لتستبدل هذا بذاك، حياة روتينية للشخصيات عندما تجد نفسها في الأمكنة، في حين أن التجربة الابداعية ترشدنا إلى أن الأمكنة هي التي تسكن الشخصيات، وأن الشخصيات تصرف جل عمرها كي تكستشف نفسها من خلال الفعل المكاني في داخلها، لأن الأمكنة اقدم من الإنسان فتاريخ الإنسان متضمن الأمكنة. ولو أعدنا قراءة الأدب وفق هذه النظرية لوجدنا أن تاريخ الشخصيات ليس هو ما مرت به من أحداث فقط، بل هو ما صنعته الأمكنة لها من أحداث. ثمة اقتران وتاثيرمتبادل. والسؤال من يسكن من؟ بيت البحر لايفكر إلا بالبحر، وبيت الجبل لا يفكر إلا بالجبل، الفن التشكيلي كشف هذه العلاقة بين السكن والطبيعة، وهكذا يؤثر المكان في بنية الشخصية. السيدة هالكة ريشتر التي تسكن في سكن ملحق بجوارالمستشفى، كانت بحياة يومية منتظمة، محسوبة الوقت والحركة، ليست هي حياة السيدة فقط، بل هي حياة الأمكنة نفسها، لولم يكن هناك عمل يشترط نظامًا لما وجد مكان يضبط ايقاعه. هذه المرة سيكون المستشفى مكانًا للإصلاح، كما يقول فوكو، وحقل إنتاج للتغيير كما يشير بورديو لأمكنة الحقول، المستشفى يعالج الأمراض، فهو سلطة، وانه يفرض نوعًا من السلوك الغذائي والصحي، وفي الوقت نفسه يرتهن بالتقاليد والأعراف التي تعين هويته. لذلك يحتاج إلى تنظيف دائم وتغيير في سلوك من يسكنه، هكذا اعطى القاص أهمية لأن تكون المستشفى مكانًا للتغيير وليس مكانا للسكن فقط، وأن من ينظفه ويعيد تكوينه وجماليته، ليس من أهل الدار، إنما من اللاجئين الآسيويين، الذي يملكون روح العمل والأختباء خلفه، الامر الذي يميز الامكنة بما تفرزه على حالتين: حالتها الداخلية وقد خضعت يوميا لتغيير عبر التنظيف، وحالة من يسكنها أن تكون مشمولة بالتغيير أيضًا. وكما يبدو يتسرب العجزلشخصيات الأمكنة، بينما يتجدد المكان باختفاء الشخصيات التي تتواكب معه، فالتغيير يزحف على الماضي كله بما فيه الإنسان. قد تكتفي القصة بهذا الحد من التأويل، على حضارة أوربية بها حاجة إلى التغير بوساطة امكنة العلاج، ولكن هذه المرة ليست بالطرق التقنية والعسكرية والرأسمالية، إنما ببث الروح في اوصال مؤسساتها العلاجية، وتغيير ما كان سائدًا فيها وفي حياة الناس وبعث الامل لأن يكون الطارق على الباب هو حلم المستقبل. ألم تفكر السيدة هالكة ريشتر بذلك؟
بالتأكيد أن من يقرأ هذه القصة يشعربمتعة استثنائية، ثمة شخصية وان حددت باسم وهوية عمل، تتجاوز الأسم لتصبح انموذجًا لكائنات بشرية تجد في المشاركة مع الآخرين، طريقة لفهم الذات، ذاتها الدفينة في أمكنتها، حقيقة ثمة صعوبة أن نتعرف على ذواتنا من دون فعل صادم، هذه السيدة التي تمتهن الطب، وترعى المرضى، مما يتيح لها أن تتعامل مع أناس في منتصف الطريق إلى النهاية،(بين المرض والصحة)، كفيلة بأن تكون رؤيتها متوازنة، نحن لا نلمس عن تعاملها مع المرضى غير مايقوله الراوي عنها، في حين نلمس لغتها التجسيدية مع غرفتها وملحقاتها وأشيائها المرتبطة بجسدها، ارتباطا حميميا، لكنه ليس ذلك الارتباط الذي لايمكن تبديله، وهذه الموضعة الحاضرة من حياتها يكثر فيها فعلا الماضي والحاضر، أما المستقبل فقد غاب في اشيائها التقليدية، وهو ما حفز العامل الآسيوي ان يوجه نظره لتغيير مواضع هذه الأشياء، بما فيها حمالات صدرها واشيائها الداخلية، فلامسة الجسد حسيا جزء من مهمات العلاج. إذا فالقصة حكاية عن أمرأة عاشت سنوات مع زوجها ثم طلقت منه، وبعد طلاقها أعادت لبيت الزوجية روحه ورممته وأحدثت فيه تغييرات: فجددت الحديقة والنافورة والطلاء، والارضية الزرقاءن وستائر النافذة، هذا الترميم علاج جسدي لها، يرتبط بمهنتها، حيث بدت للقارئ انها دقيقة في مواعيدها، منتظمة في سياقات حياتها، تحسب الزمن كأي كائن غربي يهتم به ويحوله إلى راسمال، الأمر الذي يكشف عن انسجام بين نظامين: نظامها الذاتي وهو ما صرفت حياتها لتفعيله ،ونظامها الاقتصادي كمهنية في المستشفى. فالدقة سيدة الرياضيات النفسية والاجتماعية، وأصبحت مجالًا لأن يرى القارئ هذه النظام لا يقتصر على الميدانين النفسي والعملي لها، بل يشمل المكان والأثاث، الجسد المفرد والجسد يوم كان، ومتعلقا الستائر(الثياب)، وانتظام الضوء،(الزمن) وأوقات التأمل،(الرغبة في العودة الى بيتها القديم) ودقة استثمار المفردات اللسانية،( تنظيم العلاقة معها) والخطوات العملية،(دقة في الموعد ولبس الجوارب واعداد فنجان القهوة والنظرإلى الساعة). وكأنها كائن بذكاء صناعي يروم تلقين البشر حقيقة أن الحياة ليست إلا تأمل متوازن بين أزمنة شخصية في الأمكنة المعاشة.
بمجيء المنظف، وهو بالتأكيد تعبير رمزي عن “المكنسة”، وفي مكان هو “المستشفى” سيشهد علاقتين: تنظيف وتغيير، ولان فن القصة القصيرة مركز، ومقتصد، ربط المؤلف عبر المكنسة، بين هالكة ريشتر والمستشفى، إن تجديد المكان يتطلب تجديد العاملين فيه، هذه الرغبة لا تنفذ باحالة العاملين على التقاعد، بل بالتغييرات الداخلية التي ترتبط بالجسد، شأن التغيير المنتقل من علاج الجسد إلى الاهتمام بكساء الجسد، لذا اقترنت الأشياء الجديدة التي تشتريها السيدة هالكة ريشتر ، بمجيء العامل كي يراها، لكن العامل اختفى وبقيت آثاره كلمات تتداولها الألسن، شأنها شأن الفلسفة، لايمكن أن ياتي الفيلسوف لكل مكان كي يقول أن الكرة الأرضية متحركة، إنما يتداول الناس هذه المقولة، ةتصبح حقيقة تكتب على ابواب علماء الفلك.هكذا اخفى الكاتب صورة المنظف وبقي فعل التنظيف، وهو ما يجعل الاشياء الساكنة في أفول حتى لو اشتريتها اليوم من السوق. إذن كان كل شيء كما هو في انتظام، إذا لما يكتب القاص عنها هذه الحكاية؟ لو كانت هالكة ريشتر في مجتمع غير أوربي، لما أثارت إلا نوعًا من التأمل، ربما لرشحت إلى منصب مدير المستشفى لانتظام حياتها ودقة عملها. في عالمنا الشرقي غالبًا ما تنهض القوى المختفية في الشخصيات بفعل صدمة، عشنا حياة تغيب فيها دواخلنا عن امكنتنا ونهتم بمظاهرنا، وتكون بعد الخمسين عجائز، لأن الوعي بالزمن الذي مرَّ، وحده من يسند اللغة، هذا ليس تحليلًا سايكولوجيًا لشخصية السيدة ريشتر، ولكن الشخصيات القصصية الناجحة تلك تكون على وشك الأفول، أنها في حالة “نصف حياة- نصف موت”، حتى لو كانت في الخمسين ، فرتابة العالم تفرض زمنية ذاتية على الشخصية، وعليها أن تبني بلغة أخرى وجودها من جديد، فالمستشفى تتحول من علاج جماعي إلى علاج ذاتي، لن تكون هذه المرة لغتها خاصة بها، بل أصبحت لغة زميلاتنها أيضا، حيث مرَّ عامل التنظيف/التغيير، عليهن، ثم اختفى، ثمة استغراب معاكس للإستشراق، ياتي هذه المرة من المهاجرين، فهذه المجالات تفتح مسافة للشخصيات كي تتأمل أن ما مر بها، ليس ثابتأ، وفي الوقت نفسه تفتح مجالًا للآخر كي يمارس دوره في التغيير، لم تعد الشخصية القصصية مجرد صوت فردي، بل اصبحت صوتا لقضايا غير مألوفة، فالشخصية الأوربية لا تعاين ذاتها من خلال افعال وقضايا الآخرين، دائمًا ما تلجأ لتاريخها وتحولاتها الدراماتيكية كي ترى انعكاس العالم في داخلها، ثم تعيد تشكيل ذاتها من جديد، لأن العالم لم ينته بعد، هذه المابينية للمسافة واحدة من جدليات (إعرف نفسك) السقراطية ولكن بزمن يكون العلاج فيه ليس للمرضى، أنما للشخصيات التي لم تتغير. ويبقى الباب منتظرًا من يطرقه، عندما يكون ثمة ضوء دائم يتسرب من تحته معلنًا وجود حياة يقظة وراءه. وعودة إلى جملتي الاستهلال- فضلت السيدة هالكــه ريشتر البقاء في غرفتها صباحـًا إلى آخر دقيقة متاحة لها، وأخر جملة في القصة- يبدو أن السيدة العجوز لم تأو إلى فراشها بعد!. يكون المكان/المستشفى، هو الحدث الذي يحسسنا بثيمة ضوء اليقظة الدائم.
*************
مازلنا احياء ..

حمزة فيصل المردان


مدخل : الصورة بالقلوب
البيوت اصبحت سجونا
بعد ان كانت مأوى…
* الامال تقعى
والظلال تمرّ ثقيلة
امام باب الاماني
يكتنفها غموض اللحظة العذراء
لا اوجاع تمشي
ولا يتأخر ضوء غطتّه ظلمة
انّه الشاعر
يفصح عن ازمة
فهي لا تشبه الشيزوفرينيا في شيء
ولا دوار الرأس في فكرة التجنّي
يتخلّل الوضع
بضع ضحكات ممطوطة الوجه
ضاعت على فراش التوجّس الاعمى ،
من نافذة الروح ينظر
يقولها ، مازلنا احياء
وهذا هل يكفي لنواصل مسيرتنا
التي أرجاتها كورونا هذا العام
تعطّلت قطارات الافكار
واجدبت الذاكرة
على صوت مخيف
( ابقوا في البيت اسلم )
امتزجت الحروف برائحة الحتف القادم
من وراء الحدود ،
الايّام ينتشلها فراغ مقيت
الردّ مثلوم النبرة
للصورة الف معنى
لا مدخل ينفعنا لنتّكل عليه
ابواق الخطر خرجت من نواقيسها
بينما الشاعر يحثّ الخطى
لاقتناء حقيبة جديدة
يزجّ بها ولهه لقصيدة يتمنى ان تكون على مقاس العالم
ليخلصهم من الجائحة ،…
التي تسعى في كل الاتجاهات
يديها ماتحمله الحتوف
وخطاها أسمال الوجع
وهدفها الخراب
************
ص19
كتاب جديد ومثير :
في الاغتيالات
كتابة / توني رينيل
ترجمة / أحمد فاضل


الاغتيال مرفوض ومدان، بوصفه جريمة خارج القانون، ووسيلة تعتمد العنف لتصفية الخصوم، بدلاً من الحوار معهم. وفي هذا الكتاب رصد ومراجعة لأعمال العنف تاريخياً ومعرفياً..
المحرر الثقافي

يجمع أكثر من مائة جريمة قتل سياسي ، من يوليوس قيصر إلى غاندي ، ومن لينكولن إلى كينيدي وتروتسكي إلى أسامة بن لادن
في عام 1979 كان النائب السابق كينيث بيكر يجلس في مكتبة مجلس العموم البريطاني ، عندما سمع الانفجار وشعر بالصدمة حيث انفجرت قنبلة زرعها الجيش الأيرلندي السري على بعد ياردات لتفجير زميله النائب إيري نيف ، الذي كان يقود سيارته وبعد خمس سنوات ، كان بيكر آنذاك قد أصبح وزيراً في حكومة ماركريت تاتشر ، قد غادر إلى لندن قبل ساعات فقط من الانفجار الذي دمر فندق جراند برايتون خلال مؤتمر حزب المحافظين ، لأنه كان من المقرر أن تظهر على التلفزيون في ذلك الصباح تاتشر ، الانفجار تسببت في مذبحة ، فقد فيها بيكر إجمالاً ستة أصدقاء وزملاء آخرين قتلوا على مر السنين على أيدي المناوئين الأيرلنديين ، وليس من المستغرب إنه موضوع أبهره ، ولهذا السبب قام بتجميع هذه الخلاصة.
يبرز في هذه الحوادث جملة الدسائس وسوء التقدير والشر الكامن في النفوس ، وفي كثير من الحالات لعب الحظ دوراً كبيراً في عدم نجاحها ، فلو لم يكن الحارس الشخصي الوحيد لأبراهام لينكولن قد ذهب لتناول المشروب في الحانة ، تاركاً الرئيس في المسرح من دون حراسة لما أغتيل ، ولو أن سائق الأرشيدوق فرانز فرديناند فقط لم يتخذ منعطفاً خاطئاً في شوارع سراييفو عام 1914 ليدخل آخر مقفل ، لما أطلق قاتله الرصاص عليه.
هذه المصافة بدت مختلفة في كلا الاتجاهين ، ففي أحد شوارع باريس قام مدرب خيل نابليون بونابرت وسائق عربته ، بالإنحراف يميناً حيث تمكن من تفادي الانفجار الذي أودى بحياة ثمانية أشخاص وأسقط 45 منزلاً ، تاركاً الإمبراطور سالماً ، كما غادرت السيدة تاتشر الحمام في جناحها الفندقي قبل ثوان فقط من انفجار قنبلة الجيش الجمهوري الايرلندي في الحمام أعلاه مباشرة ، ولو كانت قد أمضت جزءاً أطول فقط هناك ، لكانت قد ماتت في الانفجار .
ولم لم يكن الناشط الحقوقي مارتن لوثر كينغ قد خرج إلى شرفة غرفته في الموتيل الذي نزل فيه ، من أجل سيكارة لما قدم نفسه كهدف للمسلح جيمس إيرل راي .
يحتاج كل قاتل محتمل أن يعرف أن هذا كان دائماً عملاً محفوفاً بالمخاطر ، وأن هناك الكثير من الأخطاء أكثر من الضربات ، فقد نجت الملكة فيكتوريا من سبع محاولات في حياتها ، أما الرئيس الفرنسي ديغول فقد تعرض إلى ما لا يقل عن 31 محاولة اغتيال .
أما حامل الرقم القياسي في محاولات الإغتيال.. كان الملك المثير للجدل من ألبانيا ، الذي استهدف بين عامي 1928 و 1939 51 مرة دون نجاح ، وفي إحدى المرات أمسك بمسدسه وأطلق النار على مهاجمه .
بيكر ، الذي اشتملت مسيرته السياسية الطويلة على فترات مثل وزير البيئة ووزيراً للتربية والتعليم ووزير الداخلية قبل نقله إلى مجلس اللوردات ، يلخص بإيجاز كل اغتيال ويبحث عن خيط مشترك بينهما ، ويخلص إلى أن بعض القتلة كانوا يحملون ضغينة شخصية ، أمثال جون بيلينجهام ، الذي قتل رئيس الوزراء سبنسر بيرسيفال في ردهة مجلس العموم عام 1812 ، أو القناص لي هارفي أوزوالد ، الذي قتل الرئيس جون ف . كينيدي في عام 1963 ، قبض عليهما ، أما في العصر الحديث ، فتميل عمليات الاغتيال إما من قبل مجموعات من الإرهابيين السياسيين أو الدينيين المتشددين ، أو من قبل الحكومات نفسها ، في هذه الفئة الأخيرة يشير إلى تسمم المنشق الروسي ألكسندر ليتفينينكو في لندن ، وقصف الصحفية البريطانية ماري كولفين من قبل سوريا وقتل أسامة بن لادن ، على يد القوات الخاصة الأمريكية في منزله في غارة شاهدها من البيت الأبيض عبر وصلة فيديو الرئيس باراك أوباما ، هنا يميل القتلة إلى الاعتقاد بأن أفعالهم ستغير العالم إلى الأفضل ، وأن تدخلهم العنيف في التاريخ سوف يفيد البشرية ، بل هناك استثناءات ملحوظة من التكهنات المعقولة ، أنه إذا لم يكن فرانز فرديناند قد مات في سراييفو ، فقد تكون الحرب العالمية الأولى لم يشهد العالم قيامها ، ولو توغلنا بعيداً لوجدنا شكسبير أول شخصية أدبية رئيسية يستخدم الكلمة نفسها في مسرحية “ماكبث” من أجل الاستيلاء على التاج ، حيث يقتل “ماكبث” ملك اسكتلندا ، ولكن في النهاية يقتل نفسه ، علاوة على ذلك ، غالباً ما تزيد الأمور سوءاً ، قتل بروتوس يوليوس قيصر لإنهاء الاستبداد ، لكنه نجح فقط في إرساء أرضية لاستبداد وريثه الأكبر الإمبراطور أغسطس .
أما في الثورة الفرنسية ، اشتهرت شارلوت كورداي بغرس السكين في السياسي المتطرف جان بول مارات وهو يجلس في حمامه على أمل إنهاء العنف ، ولكن هذا فتح الطريق لخلفه روبسبير الذي أرسل بإرهابه 17000 شخص إلى المقصلة ، وعلى مر القرون كانت الاغتيالات الفاشلة هي التي لها تأثير أكبر على الأحداث ، إن موت نابليون المبكر في عام 1800 كان سيغير مسار التاريخ الأوروبي بشكل جذري ، لذا ، أيضاً كان يمكن للحرب العالمية الثانية أن تنتهي بسرعة ، لو قُدر لهتلر أن يموت إذا ما نجحت الهجمات عليه في قبو لخزن البيرة في ميونيخ عام 1939 وفي عرين الذئب في عام 1944 ، ولا شك أن محاولة اغتيال ستالين وماو كان سيسر معارضيهم ، لكنهما كانا أكثر حذراً بالتخلص من خصومهم بحيث لم يحصل أي قاتل على هذه الفرصة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
عن صحيفة “ديلي ميل” البريطانية
************
قصص قصيرة جدا

علي الحديثي


حرية
أحزنه منظر طير يرفرف بجناحيه داخل قفص، أتى بمقص طويل، أدخله من بين القضبان، قصّ جناحَي العصفور.. أخرجهما من بين القضبان.. قصّ رجليه.. أخرجهما بالطريقة نفسها.. قصّ رأسه وسحبه بقوة حتى تهشم قليلا، ظلّ جسد الطير داخل القفص.. فرح الرجل وهو يحرره.. ألقى القفص الذي لم يزل يضم جسد الطير في البحر... وهو يخاطب أعضاء الطير المنفصلة عن بعضها (منحتك الحرية.. فحلقي كما تشائين)..

ارتداد
الفأس التي تهجّم بها على شجرة البرتقال لأنها لم تمنحه تفاحة.. سقطت على رأسه..

استبدال
تساقطت اوراقها من ضربات الفأس على جذعها.. استغاثت بالحطاب.. تتوسله استبدال عصا الفأس.

 

أحلام بالية
استللت خيوطاً من قطعة أحلامي البالية.. خطت بها جفوني.. لم يبق لي بعدها إلاّ العيش في الأحلام.. أو أن أمزق عيني..

وجه محطم
وقفت أمام المرآة، أبحث عن نفسي فيها، لم أرَ شيئاً، غضبت، مرّرت يدي، اخترقت وجهي، اشتد غضبي، لا شيء أمامي سوى المرآة أحطمها، فتناثرتْ فوق الأرض مصبوغة بدم أفكاري السوداء.. حينها رأيت وجهي..

استنجاد
عصفوران تشاجرا حول بناء عشهما... استنجدا بقط جائع..

لا شيء
دخلت السوق، أبحث عن «لا شيء».. سألت الباعة.. وجدت عندهم «كل شيء».. لم أجد عندهم «لا شيء».. بعتهم مما عندي و»لا شيء» عندي...

عادة
من عادتي أن أرى مرآتي نظيفة.. لذا لم أمسحها إلاّ بعدما أنظر لنفسي فيها..
************
كتب جديدة

صدر عن دار الرواد المزدهرة- بغداد، الكتب الآتية:
• «العولمة الرأسمالية والدولة الوطنية الديمقراطية» عنوان كتاب للدكتور لطفي حاتم. وكان المؤلف قد أصدر عدة كتب تعنى بالشأن السياسي العراقي.

• «دور وتأثير الأجهزة الأمنية والمخابراتية على حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين». تأليف فيصل الفؤادي. الكتاب يتحدث عن انصار الحزب الشيوعي العراقي وتجربتهم النضالية الفريدة ابان الثمانينات ضد قوى السلطة الدكتاتورية السابقة. وللأستاذ الفؤادي اربعة كتب سابقة تؤرخ لنضال الشيوعيين وكفاحهم المسلح المضاد للطغيان.

• «القادم الى الضوء» تأليف سلام مهدي القريني. تقديم: محمود بدر عطية. الكتاب يسجل يوميات ومحن وتجارب عاشها المؤلف وكتب عنها بلغة حية رشيقة ونشرها من قبل في «طريق الشعب» و «الثقافة الجديدة» المؤلف متخصص في علوم الاحياء المجهرية، الا انه شغوف بالكتابة، واصدر في هذا الميدان ستة كتب.

• كما صدر للزميل طه رشيد كتابان جديدان هما: «احذر أيها المتفرج» و «المشهد الثقافي البغدادي» والمؤلف/ مؤلف وممثل مسرحي ومترجم عن الفرنسية، وعاش عدة سنوات مغترباً عن العراق. ثم عاد في العام 2012 واصدر كتابه الأول «نقطة ضوء عراقية».
***********************
ص20
كلكامش الانجليزي

صدر عن دار المأمون للترجمة والنشر التابعة لوزارة الثقافة صدر العدد الفصلي الثاني لسنة 2020 من مجلة “كلكامش” باللغة الانكليزية. يتضمن العدد الصادر إلكترونياً موضوعات متنوعة في مجالات الميثولوجيا والفن التشكيلي والسيرة الذاتية و البحوث والدراسات الخاصة بالترجمة واللغة والنقد و الشعر والقصة القصيرة، مع عروض بأهم الكتب في الساحة الثقافية العراقية. ترأس تحرير المجلة السيدة سناء محمود المشهداني.
***********
من شعارات الحزب الشيوعي العراقي في الذكرى ٦٢
لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ المجيدة


• المجد لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ الخالدة
وقادتها الاماجد

• ثورة تموز حافز لتعظيم زخم الانتفاضة وضغط الحركة الاحتجاجية

• متى نرى قتلة المنتفضين وراء القضبان؟

• نطالب بانتخابات مبكرة وفقا لقانون عادل

• ندين انتهاك سيادة العراق من أي طرف كان

• لا بديل عن حصر السلاح بيد الدولة

• نعم للدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية

• كل الجهد الوطني للتصدي لوباء كورونا

• تحقيق التغيير الشامل ضرورة ملحة

• لا لتحميل المواطنين تبعات الازمة
*********
جولة إعلامية راجلة في ساحة الأندلس

بغداد – طريق الشعب
نظمت هيئة المقرات في الحزب الشيوعي العراقي، صباح أمس الأول الأحد، جولة إعلامية راجلة في ساحة الأندلس وسط بغداد.
ووزع المشاركون في الجولة، على المواطنين وأصحاب المحال التجارية، مئات النسخ من بيان الحزب الصادر في مناسبة الذكرى 62 لثورة 14 تموز 1958.
***********
ساحات النضال، تاريخ مشرف
ساحة التحرير – بغداد
كمال يلدو


كانت الساحة الاولى التي شهدت إنطلاقة التظاهرات المنددة بالفساد ونظام المحاصصة وسرقة المال العام منذ شباط ٢٠١١، واستخدمت السلطة الغاشمة شتى الاساليب في قمعها او الحد من توسع رقعتها إن كان بقطع الطرق المؤدية لها او باستخدام الغازات المسيلة للدموع ثم إدخال العصابات وقطاع الطرق اليها لإرهاب المتظاهرين، ناهيك عن استخدام العصي والسلاح الابيض والاختطاف والترهيب والاعتقال وحتى التغييب. لم تتوقف المظاهرات التي اتخذت طابعا اسبوعياً (كل يوم جمعة) حتى حل يوم الاول من تشرين اول / اكتوبرـ 2019 فلبست الساحة ثوبا ثوريا ونزلت مئات الالوف من الشباب وكل شرائح المجتمع مضافا اليها الطلبة والمشاركة الفعالة للمرأة مطالبين بإسترداد الوطن من ايدي السراق (نريد وطن!)، فكتبت تأريخا جديدا تعمد بالشهداء والجرحى والمعتقلين، وتحولت الساحة ونصب الحرية الخالد وحديقة الامة، بوابة العراقيين نحو اقتلاع نظام المحاصصة والسرقة والتزوير، وأشعلت روح التحدي لدى المحافظات الاخرى .
تقع الساحة في مركز بغداد، فهي تطل على جسر الجمهورية ونهر دجلة والمنطقة الخضراء من جهة، وهي ملتقى اهم شوارع العاصمة، شارع الرشيد، والجمهورية والكفاح والنضال والسعدون، وتحيطها العمارات والشركات والمؤسسات الحكومية المهمة وهي تجاور احياءً فقيرة تعج بالكادحين والفقراء مثل، البتاويين وكمب الارمن والباب الشرقي وكل المساكن المطلة على الشوارع المؤدية اليها.
سطر الشباب والشابات ملاحم بطولية ودخلت عبارات جديدة في قاموس الثورات العالمية (التك تك) ، (عمارة المطعم التركي) ، جسر الجمهورية) ، (خيم الاعتصام)، (فرق الاسعاف)، (الحياة التعاونية والطعام المجاني) حتى ان الكثيرين صاروا يقولون: لو أردت ان ترى العراق الحقيقي بكل فئاته وشرائحه وقومياته وأديانه ، تعال للتحرير !
مجداً مكللا بالغار لشهداء انتفاضة تشرين ولأبطالها الميامين الرابضين هناك متحدين كل صنوف الارهاب طوال ستة اشهر بلا خوف ولا كلل ولا ملل، بإنتظار تحقيق مطالبهم العادلة في ازاحة احزاب الفساد والتزوير وتحقيق وطن لائق بالشباب وكل شرائح المجتمع العراقي.
**********
ليس مجرد كلام
رغم الحظر، والرعب من الجائحة، الاّ إنه كان يسير في الشارع يدندن باغنية لفيروز، وهو يتصبب عرقاً.. في الجانب الاخر اطفال شبه عراة يلعبون بمياه آسنة وكأنهم في مسبح.. على البعد جلس شيخ عجوز يمسح وجهه ورأسه بمنديل وهو يتذمر من شدة الحر، وهناك امرأة تمسك “مهفة” خوص تهفهف بالهواء يمينا وشمالا.. رضيع يبكي، وقطة تموء، والمراوح تشكو السكون!
مرضى وعمّال بناء وكلاب تلهث واشجار تنوء بحملها.. الكلّ في شغل شاغل وأزمات لا تنتهي، والكلّ يتأفّف ويلعن الفساد والفاسدين!
الكلّ يتذمّر ويتضوّر ويتأوّه ويتوجّع وينفث دخان حريقٍ اشتعل في قلبه!
بين الدخان وهذه القلوب ثمّة سلكٌ معطوب...سلكٌ يشكو الاهمال، وآخر يشكو الافلاس، وثالث يشكو ظلم ذوي القربى.. والكهرباء تبقى الحلم المؤجّل دائما!
حلمٌ لم يكتمل بعد، فالسيناريو يحتاج الى لمسات اخرى.. والاستوديوهات لم تفتح ابوابها بعد، والمخرج يتنزّه على شواطيء دجلة المليئة بالقمامة والجثث.. يحكي عن مأساة مياه شط العرب التي امتزجت باللسان الملحي القادم من الخليج، واشجار الحنّاء التي ما انفكت تعاني الظمأ.. والكلّ في شغل شاغل!
شاغلهم الوحيد هو الكهرباء مثلما يقال، وجوّ البصرة لاهب.. لا يتحمله ايّ كائن الّا الذين عجنوا من طين هذه المدينة ــ من (دهلتها) تحديدا ــ وذاقوا اصناف العذاب طيلة السنوات الماضية .. ولكن الى متى؟! الى متى؟؟ الى متى...؟؟!!
الكهرباء صارت هاجسا مؤرّقا.. وقلقا لن يبتعد عنّا ابدا.. في البيت، في الشارع، في المستشفى، في المؤسسة الحكومية، في السوق، في المقهى.. والادهى والامرّ في المدارس ايام الامتحانات ايضا..
و(حبيّتك بالصيف .. حبّيتك بالشتي).. بين الحب والحقيقة ثمة هواجس وخواطر ومتاعب وحكايات وآلام لا حصر لها ..!