العدد 174 السنة 85 الجمعة 3 تموز 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1
على طريق الشعب
في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد البطولية

سبع وخمسون سنة تمر هذا اليوم على التحرك الثوري المجيد للعسكريين الشيوعيين الشجعان في معسكر الرشيد ضد انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، الذي عاث رؤوسه وميليشياته اجراما وفسادا لا سابق لهما في العراق .
فقد اقترن انقلابهم منذ اللحظة الاولى بحملة ابادة جماعية ضد الشيوعيين والديمقراطيين، اعتقلوا خلالها عشرات الآلاف منهم، حتى لم تعد السجون تكفيهم، فأفرغوا العديد من النوادي الرياضية والملاعب وحتى السينمات لتستوعب العدد الهائل من المعتقلين، ومارسوا التعذيب بأبشع صوره، فاستشهد قادة الحزب وكوادره وفي مقدمتهم سكرتيره الرفيق سلام عادل، والآلاف من خيرة بنات وابناء الشعب العراقي. كما استشهد الزعيم عبد الكريم قاسم وقادة الثورة الآخرين، وتحولت الحياة في العراق آنئذٍ الى جحيم لا يطاق، حيث كانت قطعان الحرس القومي، المليشيا البعثية التي كانت تجوب الشوارع والاحياء السكنية ليل نهار، بحثاً عن الاعداء! خاصة بعد صدور البيان رقم (13) الذي أباح قتل الشيوعيين وتصفيتهم دون محاكمة، انتقاماً من دفاعهم عن جمهورية 14 تموز وحماية مكتسباتها، ومن التأييد الشعبي الواسع للنطاق للحزب.
واتسمت السياسة الخارجية لحكومة الانقلاب بالعداء لكل الدول الأجنبية التي رفعت اصواتها احتجاجاً على المجازر البشعة وغير المسبوقة، فضلا عن الادانة الواسعة من قبل الرأي العام العالمي، فكانت حبال العزلة تلتف حول اعناقهم، وأدت في المطاف الاخير الى تفجر الخلافات الشخصية فيما بينهم، والى سقوط حكمهم الفاشي بعد تسعة اشهر لا غير.
في تلك الأيام الحالكة السواد، والكارثة التي حلت بالشعب العراقي، لم يستسلم الشيوعيون، رغم الضربات القاسية والموجعة للحزب وتحطم العديد من منظماته، واستشهاد الكثير من كوادره وأعضائه، فاستمرت بقية المنظمات في العمل وتكونت منظمات جديدة، كما تكون مركز قيادي جديد بدأ يلملم شمل الحزب ويعيد الصلة بمنظماته.
وعلى هذه الخلفية النضالية، وتقاليد الوفاء التي تربى عليها الشيوعيون العراقيون، تحرك أعضاء الحزب العسكريون، وهم من الجنود والرتب الصغيرة، بقيادة البطل العريف حسن سريع، لإنقاذ الشعب العراقي من هؤلاء المجرمين، فعقدوا الاجتماعات ونسقوا مع بعض الكوادر المدنية، وبلوروا خطة الانتفاضة، آخذين بنظر الاعتبار ضرورة التنسيق مع رفاقهم واصدقائهم في المعسكرات الاخرى.
كان المركز القيادي للحزب على صلة بهؤلاء الرفاق، وطلب منهم التريث لحين توفير المستلزمات الكافية للقيام بهذه الحركة الشجاعة، ولضمان نجاحها. الا ان تطور الاحداث وتسارعها، اجبر الثوار على الاسراع في تفجيرها يوم 3 تموز 1963، بالانطلاق من معسكر الرشيد الذي سيطروا على العديد من منشآته ووحداته، واستطاعوا ايضاً اعتقال عدد من كبار قادة الانقلاب، منهم حازم جواد وزير الداخلية، وطالب شبيب وزير الخارجية، ومنذر توفيق الونداوي آمر الحرس القومي وغيرهم، اثناء عودتهم الى بغداد من سهرة ليلية عابثة في سلمان باك. وقد احتفظوا بالمعتقلين دون ان يمسوهم بأذى، على أمل محاكمتهم امام القضاء العراقي، مدللين بذلك على الفروق الجوهرية بين المناضلين والمجرمين.
لكن تناسب القوى العسكرية بين الطرفين الذي كان مختلاً لصالح الانقلابيين، وعدم قدرة الثوار على التنسيق الجيد مع القطعات الاخرى، اضعف امكانيتهم على التمدد واحراز النصر. فانتهت الحركة البطولية بهجوم دبابات الانقلابيين وطائراتهم وقواتهم الاخرى على معسكر الرشيد، واعدام قادة الانتفاضة. وبذلك انطوت صفحة مشرقة من صفحات النضال المجيد للشيوعيين العراقيين، بعد ان هزت أركان النظام الفاشي وحلفائه، وأدخلت الرعب في صفوف جلاوزته، وتركت آثاراً عميقة على وحدة الانقلابيين، وأعادت الأمل الى الشعب العراقي بقرب زوال تلك الزمرة الارهابية، وهو ما حصل بالفعل بعد اقل من أربعة أشهر!
ستظل مأثرة 3 تموز خالدة في ذاكرة الشيوعيين وكل الوطنيين.
مجداً لشهدائها الأبطال، الذين رفعوا راية الحزب والشعب عالياً.
النصر للشعب العراقي، عاجلاً ام آجلاً.
(عن الشهيد حسن سريع والانتفاضة ص7 )
***************************
الأحد القادم.. إضراب عمالي شامل لأصحاب العقود والأجور اليومية
بغداد – طريق الشعب
نظم المئات من أصحاب العقود والاجور اليومية، على مدى الأيام الماضية، حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل أماكن العمل، تحشيداً إلى الإضراب الشامل الذي ينظم يوم الأحد المقبل للمطالبة بتفعيل قرار 315 الخاص بحقوقهم المالية. العاملين بالاجور اليومية والعقود وجهوا الأسبوع الماضي مناشدة إلى كافة الجهات المعنية لتسليط الضوء على معاناتهم والتضامن معهم في الإضراب. وفي الأيام الأخيرة نظموا حملة تحشيدية بين صفوفهم لدعوة جميع المعنيين إلى الالتزام بالإضراب والعمل بشكل موحد للدفاع عن حقوقهم المغبونة رغم ضمانها وفق القرار 315 لسنة ٢٠١٩ الذي يقضي بتحديد قيمة الاجر بما لا يقل عن ٣٥٠ ألف دينار للشهر الواحد، والذي لم تلتزم به المؤسسات. وتحدث العمال الاجراء او المتعاقدين لـ”ريق الشعب” عن معاناة يعيشونها في مؤسساتهم بسبب الأجور الزهيدة وطول ساعات العمل. وجاءت التأكيدات على الإضراب من قبل اصحاب العقود في قطاع وزارة الصحة في مستشفى الشطرة العام، وعمال بلدية الكوت، ومديرية صحة النجف، ومديرية مجاري ميسان، وسط تأكيدات على الالتزام التام بالإضراب والمساهمة بالنضال العمالي الذي يطالب بالحقوق المعطلة. في حين نصت مطالبهم ايضا على إعادة اصحاب الاجازات الاجبارية في كافة الدوائر وتوفير التخصيصات المالية اللازمة لذلك وتطبيق قانون العمل ٣٧ لسنة ٢٠١٥ بكافة الفقرات والامتيازات الخاصة بالقطاع العام، وشمول شهداء العمل بالضمان الاجتماعي والراتب التقاعدي لعوائلهم.
**********
تحية الى الحزب الشيوعي الكردستاني

الرفاق الاعزاء في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني
بسرنا ان نتوجه اليكم، ومن خلالكم الى الرفاق اعضاء اللجنة المركزية ومنتسبي الحزب جميعا، وانتم تحيون الذكرى الـ 27 للاعلان عن الحزب الشيوعي الكردستاني، بالتحيات الحارة والتهاني المخلصة، متمنين لكم السلامة والعافية والنجاح، ولحزبكم الحيوية والنشاط الدائبين والنجاح في نضاله من اجل الحقوق والمصالح المشروعة للكادحين وعامة جماهير الشعب في اقليم كردستان والعراق بأسره.
لقد جاء الاعلان عن حزبكم في مثل هذا اليوم من سنة 1993 استجابة من الحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين الكردستانيين لمتطلبات الواقع الجديد في الاقليم وتطوراته، غداة انتصار انتفاضة آذار 1991 البطولية، وللحاجة الى النهوض بعمل الشيوعيين الكردستانيين وأصدقائهم وتطويره وتعزيز مسيرتهم الكفاحية في الظروف الجديدة، وللذود عن حقوق العمال والفلاحين وبقية الشغيلة والجماهير الواسعة في الإقليم.
واليوم وإذ نشارككم استذكار مناسبة الاعلان وإحياءها، نود تجديد عهود النضال المشترك الذي تمس حاجتنا جميعا اليه اليوم، ونحن نسهم بفاعلية في معركة شعبنا القاسية والمجيدة ضد المحاصصة والفساد والارهاب، ومن اجل الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.
نشد على ايديكم رفاقنا الاعزاء، في هذه المناسبة. والى الامام سوية من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي
30/6/2020
بيان الحزب الشيوعي الكردستاني بالمناسبة ص3
**********************
راصد الطريق
يسرقون ويسرقون
ولا يشبعون !

لم تُسدد شركات الهاتف النقال مبالغ ضريبة المبيعات التي فُرضت على كارتات تعبئة الهاتف النقال منذ 2015 حتى الآن، والمدفوعة من جيوب المواطنين، كما لم تُسلم المبالغ المتراكمة بذمتها “مع استمرار رداءة الخدمة المقدمة” حسب قول احد النواب.
ليس هذا فقط، حيث برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تهريب سعات الانترنت،التي تسببت في هدر كبير للمال العام يقدر بملايين الدولارات سنويا، وفق تصريح مسؤول في وزارة الاتصالات. ومن اجل وضع حد لهذا الهدر انطلقت عملية الصدمة، وشملت محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى. وفِي سياقها أُعلن أنه “سيجري الكشف عن تورط أشخاص وجهات متنفذة في عمليات التهريب، بعد انتهاء الأجهزة الامنية من تحليل المعلومات في “السيرفرات” التي تمت مصادرتها”.
فهل سيتم الإعلان هذه المرة فعلا عن السراق وتقديمهم الى المحاكم، لينالوا جزاءهم العادل؟ وهل ستُفضح الجهات المتنفذة التي تقف وراء ذلك؟ وتلك التي تمارس الضغوط لحماية شركات الهاتف المتهربة من دفع ما بذمتها للدولة، وتشجيعها على التمادي ؟!
**************
ص2

كل خميس
ضربة استباقية

جاسم الحلفي

أثارت الضربة الإستباقية التي نفذتها قوة من مكافحة الإرهاب، بإعتقال ١٤ مسلحاً تابعين لكتائب حزب الله، جدلا واسعا.
فهناك من إعتبرها الأكثر جرأة من جانب قوات الأمن العراقية ضد فصيل مسلح قوي تدعمه طهران. وهناك من إعتبرها فخا وقع فيه رئيس الوزراء، وتم جرّه فيه الى معركة جانبية، غايتها عرقلة التوجه الذي لوّح به نحو ضبط المنافذ الحكومية، وإعاقة تنفيذ التنقلات في مواقع المسؤولية، الهادفة الى تخليص مؤسسات الدولة من إمتدادات ما بات يعرف بالدولة العميقة. فيما عدّها آخرون عملية جس نبض من طرف الحكومة، لمعرفة ردود الفعل على بدء معركة حصر السلاح بيد الدولة، وضبط حركة الفصائل المسلحة.
ونعرف جميعا مآل الأحداث بعد ذلك، من نشر صور المسلحين كمنتصرين غداة الافراج عنهم من قبل قاضي الحشد (لعدم كفاية الأدلة)، وإحتفالهم باحراق العلم الأمريكي والدوس بالأقدام على صورة رئيس الوزراء وحرقها، إيغالا في “بهدلة” هيبة الدولة، التي افرج قاضيها عنهم في اطار صفقة بين قادة الحشد والحكومة، تومّن مخرجا يحفظ وجه الحكومة، وما حدث خلال ذلك من إنتشار المسلحين داخل المنطقة الخضراء، وتحشدهم حول بعض المؤسسات السيادية احتجاجا على اعتقال المسلحين. فقد قضى الاتفاق بتسليم المسلحين الى أمن الحشد، وبعدم مقاضاتهم امام قاضي الإرهاب تنفيذا لقانون مكافحة الإرهاب، نظرا الى كون المخطط الذي كانوا ينوون تنفيذه يقع ضمن المادة 4 إرهاب. حيث أكدت المعلومات الإستخبارية لمصادر الدولة أن المجموعة بصدد تنفيذ أربعة هجمات عسكرية على اهداف حيوية، هي الخضراء والسفارة الامريكية ومطار بغداد الدولي ومرقد الإمامين الجوادين، كما ذكر بيان “قيادة العمليات المشتركة العراقية”.
ولم يتوقف الجدل، وامتد ليشمل جهة إرتباط هؤلاء المسلحين، وهل هي ضمن تشكيلات الحشد الشعبي الخاضعة في تسلسلها العسكري المركزي، بموجب قانون الحشد، الى القائد العام للقوات المسلحة، وهو رئيس الوزراء وفقا للدستور. ام انهم لا يخضعون للهيكلية العسكرية الرسمية، بإعتبارهم من محور المقاومة المعروف بارتباطه بولاية الفقيه، وضمن التشكيلات العسكرية التي تعمل خارج حدود ايران؟
ان المؤمل الآن ألا يشجع مآل هذا الحدث التمرد على سلطة الدولة وهيبتها، وان لا يكون سابقة في السعي الهادف الى إضعافها. بل المطلوب ان تكون تداعياتها عوامل محفزة لإنهاء كل تشكيل عسكري خارج المنظومة العسكرية للدولة، ومنع أي تحرك عسكري خارج السياقات المعنية للدولة.
إن حفظ السلم الاهلي واحترام السيادة لا معنى لهما دون احتكار السلاح من قبل الدولة. لذا فان ضبط حركة المسلحين ونزع السلاح والحد من انتشاره، أولوية غير قابلة للتأجيل، ولا بد من خطوة جادة شجاعة في هذا الاتجاه، خطوة كاملة حتى نهايتها تعقبها خطوات أخرى تتوالى وتتراكم، وتوفر العزم المؤدي الى إعادة هيبة الدولة. مع الادراك أن أية خطوة في اتجاه ضبط حركة المسلحين ونزع السلاح والحد من انتشاره، لن تمر بسهولة. فالعابثون بأمن الدولة سيقاومونها ويضعون امامها العوائق والعراقيل، ويحولون بذلك دون نهوض العراق من كبوته.
**********
باسم جميل انطوان لـ “طريق الشعب”:
امام العراق فرص صناعية تدعم الموازنة وتغني عن الاستيراد
بغداد ـ نورس حسن

قال الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، ان الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه العراق اليوم، يتطلب منه تطوير قطاعه الانتاجي الصناعي وحمايته، وذلك من خلال ايجاد منافذ مالية متعددة داعمة للاقتصاد والموازنة، مضيفا في حديث لـ “طريق الشعب”، ان “التخلص من الاقتصاد الريعي، الذي يشكل اكثر من 93 في المائة من موازنات العراق السنوية واكثر من 98 في المائة من صادراته و99 في المائة من العملة النادرة التي تدخل البلد، بات ضرورة ملحة، فضلا عن أهمية اعادة تفعيل القوانين الاقتصادية المشرعة وتشريع قوانين اخرى مساندة”.

قوانين لا بد منها
وذكر انطوان، ان “قانوني حماية المنتج الوطني وحماية المستهلك، وقانون التعرفة الكمركية وقانون التنافسية ومنع الاغراق السلعي، جميعها شرعت عام 2010 وتم اقرارها من قبل مجلس الوزراء في حينها، لكن لم يتم تطبيقها الى الآن”، مشيرا إلى ان “هذه القوانين تعتبر الاداة الحقيقية لتطوير الانتاج الوطني الصناعي، الذي يشكل اليوم 1.5 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، بسبب توقف المشاريع الصناعية، بعد ما كان في السابق يشكل 18 في المائة”.
وتابع قائلا، انه “لغرض النهوض بالقطاع الصناعي، لا بد من الاقدام على مجموعة اجراءات، في مقدمتها تنفيذ القوانين الاقتصادية المشرعة واعادة النظر في قانون الاستثمار للخروج بصيغة تلائم حاجة البلاد من المشاريع الاستثمارية، فضلا عن تشريع قوانين اخرى، كقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.

اجراءات صناعية عاجلة
لغرض النمو الاقتصادي في اسرع وقت، من أجل تفادي الازمة الاقتصادية الراهنة التي يمر بها العراق، رأى انطوان، ان “العراق يمتلك الكثير من الامكانات الاقتصادية الصناعية التي اهملت بعد سقوط النظام المباد، بإمكانه الآن العمل عليها واعادة تفعيلها من جديد، عبر تقديم بعض التسهيلات والاجراءات الرادعة”، موضحا أن من بين تلك الإمكانات الصناعية، معامل صناعة الالبان “التي تحظى منتجاتها باستهلاك كبير من قبل المواطن، لكنها تعاني في الوقت نفسه الاغراق السلعي من قبل دول الجوار، وعلى الحكومة وضع حد لذلك”.
وأضاف قائلا: “كما ان هناك صناعات يعتبر العراق من الدول المتقدمة فيها، كصناعة الجلود، فضلا عن صناعات غذائية كمعامل انتاج معجون الطماطم والعصائر. وهذه ايضا تعاني الاغراق السلعي”، لافتا إلى أهمية “صناعة المواد الانشائية التي تدخل في البناء، والصناعات الهندسية، والصناعات البتروكيمياوية. وهذه الصناعات بحد ذاتها تدر ثروة مالية كبيرة على العراق، اذا ما قام بتفعيلها من جديد، خاصة انه بلد نفطي”.
وتابع قائلا أن “جميع هذه الصناعات معاملها جاهزة للعمل، لكنها بحاجة الى اعادة تفعيل، وهي كفيلة باستيعاب اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل”.

صناعات تغني عن الاستيراد الخارجي
وأضاف الخبير الاقتصادي انه “من الخطوات المهمة ايضا، اعادة تفعيل الصناعات المتوفرة موادها الاولية محليا، والتي تغنينا عن الاستيراد الخارجي، اضافة الى انشاء معامل في المناطق التي تتوفر فيها المواد الاولية، كمحافظة الأنبار التي تتوفر فيها مادة السليكا والرمال، الداخلة في صناعة الزجاج”.
وتحدث انطوان عن اجراءات تنظيمية وادارية اخرى كفيلة بحماية الصناعات المحلية ودعمها، موضحا أن من أبرز تلك الإجراءات “ضبط المنافذ الحدودية. وهذه لا تتحقق الا بوجود جهاز اداري كفوء يتمتع بالشفافية والمهنية والنزاهة، اضافة الى وضع منهاج للاستيراد السنوي يبنى على ثوابت، كتحديد حاجة البلاد الى كميات المواد المستورة، وكم يتوفر منها محليا”.
وتابع قائلا انه “من الضروري أيضا، أن يتمتع المكلف بعمليات الاستيراد، بالخبرة والاختصاص. اذ ليس من المعقول تكليف شخص مختص في استيراد منتجات غذائية، باستيراد ادوية واجهزة طبية”.
واشار انطوان الى ان هناك اجراءات اخرى لدعم الصناعة المحلية، تتعلق بـ “تشجيع القطاعات الحكومية على شراء المنتجات المحلية وتفضيلها على المستورد، وضرورة دعم المصانع بالطاقة، كالكهرباء والوقود، والعمل على اجراء عمليات الاحصاء الصناعي والبشري، وذلك بالتعاون بين وزارتي الصناعة والتخطيط”، مبينا أن “هذه الاجراءات تقودنا الى وضع خارطة صناعية استثمارية، وبالتالي بناء مشاريع صناعية وليس مولات تجارية تعمل على طرح بضاعتها بأرخص الاسعار عبر تبييض الاموال وتهريبها. فيجب جعل السوق العراقي سوقا استهلاكيا إنتاجيا”.

مدن صناعية
ويرى انطوان ان “امام العراق ايضا فرصة لإنعاش اقتصاده الصناعي في اسرع وقت، من خلال استكمال بناء المدن الصناعية التي وصلت إلى نسب انجاز متقدمة، والعمل على رفدها بمعاهد تدريبية للعاملين ضمنها، وذلك لتحقيق اكتفاء ذاتي يغنينا عن الاستعانة بالعمالة الاجنبية”.
**********
تهنئة للشيوعي الصيني

الرفاق الأعزاء في المكتب السياسي
للحزب الشيوعي الصيني المحترمون

تحية طيبة
يسرنا في مناسبة حلول الذكرى ال ٩٩ لتاسيس الحزب الشيوعي الصيني ان نتقدم اليكم باحر التحيات والتهاني، متمنين لكم دوام التقدم والازدهار .
وبودنا ان نشير الى اننا نتابع باعتزاز النجاحات الكبيرة التي يحققها الشعب الصيني بقيادة حزبكم الشقيق ، ولاسيما في هذه الظروف وما حققتموه من تقدم على صعيد مكافحة وباء كورونا وتقديمك المساعدات الأممية السخية الى الشعوب الأخرى ومنها شعبنا العراقي.
ان نجاحاتكم الاقتصادية والاجتماعية هي حافز إضافي للشعوب الأخرى للسير على طريق البناء والاعمار والتقدم الاجتماعي .
في المستقبل نتطلع أيضا الى تعزيز الصداقية والتعاون بين شعبينا وحزبينا لما فيه خيرهما ، وسائر شعوب العالم.
تقبلوا منا خالص الاعتزاز والتقدير

المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
حزيران ٢٠٢٠
***********
ص3
برلماني يقدرها بـ 48 بالمئة..
وزارة العمل: نسبة الفقر تبلغ 34 بالمئة
بغداد – طريق الشعب
كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن تزايد نسبة الفقر في البلاد بسبب جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط. فيما قدر برلماني نسبة العائلات العراقية التي اصبحت تحت خط الفقر بـ 48 في المئة.
وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي، في تصريح لوسائل اعلامية حكومية، إنه “وعقب انتشار فيروس كورونا في عموم دول العالم والذي ادى الى انخفاض اسعار النفط عالميا، انعكس الامر سلبا على زيادة نسبة الفقر في البلاد، اذ ارتفعت من 22 الى 34 بالمئة، مرجحا ان يحدث ذلك ازمات اقتصادية وصحية”.
وبين الركابي، ان “الوزارة تسعى الى تجاوز الازمة من خلال التعاون مع مختلف الجهات الدولية لايجاد حلول سريعة لزيادة معدلات الفقر والبطالة، اضافة الى الاجراءات التي تقدمها الدولة للشرائح التي ترعاها الوزارة من خلال توزيع المنح بين المواطنين من اصحاب الدخل المحدود الذين تضرروا من اجراءات فرض حظر التجوال الوقائي”.
وافاد بأنه “سبق ان رفع طلبا لمجلس الوزراء برفع سقف الاعانة الاجتماعية وتوسيع الشمول لمستحقي الاعانات الاجتماعية وذلك بشمول اعداد اضافية من المستفيدين والاشخاص ذوي الاعاقة، فضلاً عن قيام الوزارة بحملة تفتيشية موسعة للشركات الاستثمارية لتسجيل بيانات العمال العراقيين والاجانب ليتم شمول العمالة المحلية بقانون الضمان الاجتماعي”.
من جانبه، قال عضو لجنة الصحة البرلمانية ، غايب العميري ، إن نسبة العائلات العراقية التي أصبحت تحت خط الفقر تقدر بـ 48 في المئة ، داعيا للانتباه لهذه النسبة الكبيرة عند فرض الحظر الصحي الشـــامل .
وقال العميري ، إن فرض الحظر ضروريٌ ، ولكنْ على ان يكون حظراً امنيا وصحيا في آن واحد ، مبيناً أن تطبيق الاجراءات يجب أن يكون مرافقا مع توفير المقومات المعيشية للعوائل الفقيرة ، واعطاءِ منح مالية طارئة .
هذا وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط في العراق ، أن نصيب الفرد من الناتج المحلي للفصل الأول من العام الحالي انخفض بنسبة بلغت اكثر من 12 في المئة .
*********
فلاحو ديالى يتهمون جهات نافذة بالوقوف وراء تدمير محاصيلهم
ديالى – طريق الشعب
اتهم رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية في محافظة ديالى، رعد مغامس التميمي، يوم أمس، جهات نافذة بالوقوف وراء تدمير محاصيلهم الزراعية وخسارة 5 مليار دينار اثر ذلك. وقال التممي لوكالة (بغداد اليوم)، إن “فلاحي المحافظة خسروا نحو 5 مليارات دينار بسبب حيتان فاسدة”، مبينا أن “وجود معابر حدودية غير رسمية في اقليم كردستان مع دول الجوار تتدفق منها المحاصيل الزراعية دون اي التزام بقوانين دعم المنتج المحلي زاد من الطين بلة في ديالى من خلال قيام حيتان فاسدة باغراق الاسواق بتلك المحاصيل بذريعة انها محاصيل مزروعة في الاقليم لكن الحقيقة انها مستوردة من خلال معابر غير رسمية”. واضاف أن “الحديث عن حماية المنتج المحلي الزراعي في ديالى وهم”، لافتا إلى أن “فلاحي المحافظة وبسبب الانهيار المتكرر للأسعار خسروا من قرابة 5 مليار دينار خلال الموسم الحالي”.
واشار التميمي الى ان “ما يحدث هو فعل مقصود هدفه قتل الزراعة في ديالى كما قتلت في محافظات اخرى”.
*******
في الذكرى السابعة والعشرين
لإعلان الحزب الشيوعي الكوردستاني
أصدر الحزب الشيوعي الكردستاني، بيانا في مناسبة الذكرى السنوية الـ 27 لاعلان قيامه ..
ادناه نص البيان:
الى عوائل الشهداء
الى شغيلة الفكر واليد!
الى حاملي راية المساواة والعدالة الاجتماعية والاشتراكية!
في الـ 30 من حزيران من عام 1993 تحققت إرادة الشيوعيين الكردستانيين في تطوير منظمتهم العريقة (منظمة إقليم كوردستان للحزب الشيوعي العراقي) نوعياَ وتحويلها الى حزب وطني كوردستاني مبني على أسس طبقية وديمقراطية هو الحزب الشيوعي الكردستاني، كامتداد للمسيرة النضالية لشيوعي كوردستان من أجل قضيتهم الوطنية الكردستانية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والاشتراكية، المسيرة التي تمتد الى أكثر من ثمانية عقود، قدموا خلالها مئات الشهداء من أجل الشعب والوطن.
في هذا العام، حيث تصادف الذكرى السنوية الـ 27 لإعلان إنبثاق الحزب الشيوعي الكردستاني، يمر شعب كوردستان وشعب العراق عموما بمرحلة حساسة جداََ، حيث تُرسم مخططات وتجري تدخلات الدول الاقليمية. فتركيا تغزو بقواتها العسكرية وإيران تقصف بمدفعياتها محولين المنطقة الى ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية المتصاعدة، والتي تترافق مع استمرار حكومة بغداد الاتحادية في عدم تطبيق الدستور وتزايد التعقيدات في القضايا العالقة بينها وبين حكومة إقليم كوردستان، ومواصلة سياسة التعريب في المناطق الكوردستانية خارج سلطة الإقليم وإستعادة إرهابيوا داعش لنشاطاتهم وقيامهم بحملات إبادة للكاكائيين، في وقت مازالت فيه قضايا ومصير الائيزيديين قائمة دون حل
. كل هذا يجري في الوقت الذي تتراكم فیه القضايا وتتعمق الأزمات التي تلقي بآثارها على شعب كوردستان وشعب العراق، ومنها الأزمة الاقتصادية والأزمة الناجمة عن انتشار فايروس الكورونا، والتي عمقت من أنعدام ثقة الشعب بسلطات الإقليم والعراق، الذي يدفع فقراءه وكادحوه دوماَ ثمن أخطاء حكوماتهم
. إن الأسباب الرئيسية للأزمات ولهذا الوضع المتردي تعود إلى تلك السياسات المنتهجة التي نجمت عن انعدام المؤسساتية وعدم القدرة على دفع رواتب الموظفين وانخفاض المستوى العلمي والاستخفاف بالقيم الوطنية وتبييض الأموال المسروقة من الثروات الوطنية، والسكوت أمام احتلال نظامي إيران وتركيا، الذين بهجوماتهم العسكرية يخرقون يومياَ سيادة وطننا، ويقتلون السكان ويحرقون الأرض .
مع تشكيل المجلس الوزاري الجديد لحكومة إقليم كوردستان، ومن منطلق تفعيل النضال الجماهيري الديمقراطي المدني السلمي، اختار حزبنا سياسة المعارضة اليسارية الديمقراطية، من أجل التصدي للاقتصاد الريعي والسياسات الفاشلة المتراكمة في المجال الاقتصادي حيث سياسة الخصخصة المطلقة في كل المجالات وانعدام المؤسساتية واستمرار ظواهر الحكم بإدارتين وتدخل الحزب في العمل الحكومي، وهذه السياسات تضع جميع مصالح شعب كوردستان في خطر.
اليوم، في ذكرى إعلان انبثاق الحزب الشيوعي الكوردستاني، نؤكد على سياستنا الراسخة ونعلنها لجماهير شعبنا بأن السياسة المطبقة من قبل الائتلاف الحاكم لا توفر مستلزمات الإصلاح، بل تنشغل بالقضايا الداخلية الثانوية على الصعيد السياسي والبرلماني والحكومي وسائر المؤسسات، لهذا فأن النتائج المترتبة على هذه السياسة، مواصلة الفساد في الواردات والصرفيات و تراكم الديون بعشرات الترليونات من الدنانير واغتناء أقلية طفيلية على حساب أكثرية شعبنا من الفقراء ومحدودي الدخل.
يعتقد حزبنا، إن الخروج من هذه الأزمات يتطلب تغيير السياسات الحالية، وخطوتها الأولى تتمثل بالعودة إلى إرادة الجماهير ووضع برنامج واقعي مناسب لتحقيق مطالب كادحي كوردستان، الذين لم يساوموا يوماَ على قضيتهم الوطنية الكوردستانية، ولم يبخلوا في الإيفاء بتضحياتهم عبر التأريخ من أجلها. كما ينبغي ان تكون الحلول المطروحة للقضايا القائمة بين حكومة إقليم كوردستان وحكومة بغداد الاتحادية على أُسس الدستور وبشكل شفاف وحضاري، كي يتم بذلك التصدي لخطاب الكراهية ضد شعب كوردستان وضد كيان إقليم كوردستان. كما يتطلب ذلك العمل المشترك مع القوى الديمقراطية والمدنية ووضع الرأي العام العراقي أمام حقيقة الأمور، وعدم المساومة على حقوق شعب كوردستان المشروعة
. في ذكرى إعلان انبثاق حزبنا، نكرر عهدنا وإصرارنا أمام شعبنا على أن نكون مدافعين حقيقيين عن حقوق عمال وفلاحي وكادحي شعبنا، مؤكدين على مواصلة عملنا في التصدي للفساد والاحتكار والبطالة. ومن أجل هذه الأهداف نواصل نضالنا الديمقراطي المدني بين الجماهير، واثقين من أن النضال من أجل مشروعنا الوطني والطبقي بحاجة الى دعم الجماهير، لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية للشعب وكادحيه
. الخلود لشهداء حزبنا
المجد للحزب الشيوعي الكوردستاني

المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني
أواخر حزيران 2020
******************
ص4
اصوات برلمانية طالبت بتطبيقه ايضا
خريجو كليات العلوم الطبية يطالبون الصحة بتطبيق قانون التدرج الطبي
بغداد – علي شغاتي


يواصل خريجو كليات العلوم اعتصامهم لليوم الخامس عشر امام وزارة الصحة ويفترشون الأرض تحت لهيب الشمس الحارقة للمطالبة بتوفير فرص العمل لهم وانصافهم من خلال تطبيق القانون الذي شملهم بالتعيين مع الكوادر الطبية.

حقوق مغبونة ولائحة مطالب
وأصدر المعتصمون بيانا جاء فيه: “ها نحن خريجي كليات العلوم قد أكملنا اليوم الخامس عشر معتصمين ومفترشين الأرض امام وزارة الصحة بالرغم من درجات الحرارة العالية. نطالب بأبسط حقوقنا التي حرمنا منها بعدما شُملنا بقانون التدرج الطبي الذي بقي معطلا بسبب وزارة الصحة ووكلائها ومدرائها العامين”.
وأضاف البيان “مطالبنا قانونية ويجب على الدولة أن تحترم القانون وتطبقه”، لافتا إلى إن “وزارة الصحة تطبق قانون التدرج الطبي على شرائح دون اخرى بالرغم من شمول الجميع بنفس القانون”، مبينا أن أهم المطالب هي “اصدار تعليمات قانون التدرج الطبي بأسرع وقت وقبل اقرار الموازنة، اقرار النسبة المئوية المخصصة للعلوم في قانون التدرج والتي يجب أن يحددها الوزير وفقا لما منصوص في القانون، اصدار كتب رسمية الى دوائر الصحة في المحافظات بشأن نسبة الـ ٢٥ في المائة من درجات الحذف والاستحداث المخصصة للعلوم وفقا للقانون، تضمين لجنة الصحة والبيئة درجات التعيين المركزي للعلوم ضمن موازنة ٢٠٢٠، الموافقة على التعيين بصفة عقود وزارية لحين اقرار الموازنة وباثر رجعي”.
ودعا المعتصمون وفق البيان، إلى “زجهم مع أبطال الجيش الأبيض لمواجهة جائحة كورونا وتعزيز الجهود الطبية التي يحتاجها العراق في الوقت الحالي”.

شمول غير مفعل
من جانبه، ذكر ممثل خريجي كليات العلوم، احمد خلف، أن “كليات العلوم (الاقسام الصحية) لم تكن في السابق مشمولة بالتعيين المركزي على وزارة الصحة ومنذ عام ٢٠١٥ نحن نعمل على تعديل قانون التدرج الطبي رقم ٦ لسنة ٢٠٠٠، وتم التعديل في نهاية عام ٢٠١٩، ونشر في جريدة الوقائع العراقية ونص التعديل على اضافة كليات العلوم الى القانون، ومنذ ذلك الحين ولغاية الان ونحن ننتظر تطبيق القانون من قبل وزارة الصحة لكنها لم تنفذ منه شيئا رغم ان القانون الزم الوزير بإصدار تعليمات تطبيق القانون حال نشره في جريدة الوقائع وان يوضح المعلومات والنسبة والآلية”.
واضاف خلف “أطلقت استمارة التعيين للمهن الطبية والصحية المشمولين معنا بنفس القانون في حين تم اقصاؤنا ولا نعرف الاسباب حول هذا الاجراء. علما أن الوزارة تقدم حججا واهية، وتقول إن الأوامر الجامعية لم تصل لغاية الآن رغم أن الأوامر تصدر سنويا ويمكن مخاطبة الجهات المعنية لتزويدها بها، بينما تقول ايضا ان الوزير لم يمض على عمله سوى شهر واحد”، مبينا “عقدنا اجتماع مع وزير الصحة واوعز بتشكيل لجنة تضم ٣ من ممثلي المعتصمين وموظفي الوزارة، إلا إن مقترحات الوزارة غير منطقية ولا تعطي حلولا منطقية وتحاول التسويف من خلال اقتراح تعديل القانون مره اخرى رغم أنه ينص على تعيين خريجي كليات العلوم حسب وزارة الصحة وبنسبة ٢٥ في المائة من درجات الحذف والاستحداث في الوزارة”، مطالبا بـ”تطبيق القانون وعدم العودة إلى الحديث عن التعديل من جديد لأنه غير صحيح”.

الحكومة ملزمة
وفي المقابل، أكد النائب، محمد الخالدي، إن الحكومة ملزمة بتطبيق قانون ٦ لسنة ٢٠٠٠ المعدل (قانون التعيين المركزي) للكوادر الطبية والصحية والساندة وشمول الاختصاصات التي تم التصويت عليها بتعديل القانون (العلوم والإحصاء الحياتي وكل الاختصاصات التي ذكرت بالقانون).
ودعا الخالدي في تصريح صحفي، إلى “تعيين هذه الاختصاصات الطبية والصحية والساندة سريعا لأنها خط الصد الأول لمواجهة فايروس كورونا”، لافتا إلى أن “قانون الاقتراض المصوت عليه في مجلس النواب العراقي ضمن حقوقهم بوضوح”.
*********
البنك المركزي
يتوقع صرف الرواتب
بداية الاسبوع

بغداد – طريق الشعب
أعلن البنك المركزي، أمس، عن تفاصيل مساهمته في مواجهة الازمة المالية، فيما توقع صرف رواتب الموظفين بداية الاسبوع المقبل.
وقال مدير عام المحاسبة في البنك احسان شمران للوكالة الرسمية ان “البنك المركزي له دوراً كبيراً في مواجهة الازمة المالية الراهنة، مؤكداً اعادة خصم سندات لصالح وزارة المالية بنحو 8 تريليونات دينار”.
واضاف ان “هذه السندات ستمكن الوزارة من تأمين رواتب الموظفين للاشهر تموز واب وايلول”، لافتا الى ان “البنك سهل على وزارة المالية عملية تسديد الدين لمدة 10 سنوات”.
وتابع ان “وزارة المالية اجرت مباحثات مع البنك المركزي وبعض المصارف لاعادة خصم هذه السندات”، مبينا ان “البنك اجتمع مع المالية والمصارف وقام بخصم هذه المبالغ واودعها في حسابات الرافدين والرشيد وهيأة التقاعد”.
ولفت الى “ايداع مبلغ 4 تريليون و300 مليار دينار في حسابات المصارف منذ الاربعاء الماضي”، لافتا الى ان “المالية بامكانها ان تستلم الاموال من المصارف”.
ورجح “صرف رواتب الموظفين في بداية الاسبوع المقبل”، مشيرا الى ان “البنك المركزي يقف الى جانب الحكومة لاسناد المالية العامة من أي ازمة قد تواجهها”.
وتوقع شمران، “انفراج الازمة المالية بتعافي اسعار النفط العالمي”، مبينا ان “الدولة تعمل باتجاه تحسين الموارد المالية العامة من خلال تفعيل الضرائب والجمارك بالاضافة الى موارد النفط”.
************
الحلفي تخاطب الكاظمي
بشأن العنف ضد المتظاهرين
بغداد – طريق الشعب
وجهت عضو مجلس مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي، رسالة عاجلة الى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والمسؤولين عن توفير الحماية للمتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المشروعة.
وقالت الحلفي رسالتها التي تلقت “طريق الشعب نسخة منها، أنه “نتابع وبأسف بالغ ما جرى خلال اليومين الماضيين من حالات استخدام للقوة واعتداء على تجمعات لخريجي كليات العلوم السياسية امام مبنى وزارة الخارجية، المطالبين بحقوقهم المشروعة في تامين فرص وظيفية لهم اسوة بأقرانهم من باقي التخصصات الاخرى”. مضيفة: وقبلها ماحدث لحملة الشهادات العليا وقد وردت الينا مناشدات عديدة منهم، تطالب بحقهم المشروع الذي كفله الدستور العراقي وفق المادة (16) والتي نصت على الحق في تكافؤ الفرص لجميع العراقيين بما فيهم ابناءنا الاعزاء.
وابدت الحلفي اسفها الكبير لتكرار الاعتداءات عليهم من قبل القوات الامنية المحيطة هذه التجمعات، “وهو امر غير مقبول ودليل على وجود جهات لا تريد الاستقرار وتسعى إلى إبعاد الوصول إلى حلول وتنفيذ المطالب”.
واضافت الحلفي: نحن اذ نمارس مهامنا المكلفين بها في متابعة حقوق الانسان في العراق، فأننا نتساءل عن خطط الحكومة للاستفادة من طاقاتهم وفتح الحوار معهم بدلاً من تعنيفهم، لا سيما وان التعامل غير القانوني مع المطالبين بحقوقهم المشروعة وفق القانون والدستور، يعكس صورة سلبية للعالم عن التعامل مع المتظاهرين السلميين واعادة لصفحة من المفترض انها طويت وجاري البحث في نتائجها السلبية وتأثيراتها على المدى البعيد في تامين وكفالة حقوق الانسان في العراق.
وطالبت الحلفي بتشكيل لجان تحقيقة لما حصل من انتهاك بحقهم ومحاسبة المقصرين
*********
أكثر من 20 قرية في ديالى
تدخل مرحلة «عطش قاتل»
بغداد – طريق الشعب
أكد مسؤول حكومي في محافظة ديالى، أمس، أن أقدم حوض زراعي في المحافظة، دخل مرحلة أسماه بـ “العطش القاتل”.
فيما أشار إلى صعوبة الحصول على المياه في حوض “الندا”. وقال مدير ناحية مندلي بالوكالة (شرق بعقوبة)، مازن الخزاعي لوكالة (بغداد اليوم)، إن “حوض الندا في أقصى شرق ديالى يضم أكثر من 20 قرية زراعية مترامية الاطراف، دخل مرحلة العطش القاتل، ووصلت أوضاعه الانسانية المتردية الى حدود قاسية جدا، وتصلنا يوميا عشرات نداء الاستغاثة بسبب العطش الحاد والمستمر منذ أسابيع طويلة، لدرجة أن الحصول على المياه يعد مهمة صعبة جدا”.
وأضاف، أن “التجاوزات على قناة مندلي خلقت مأساة إنسانية، خاصة من بعض المتجاوزين على الحصص المائية”. مشيراً إلى “وجود هناك محاولات متواضعة لإنقاذ القرى من خلال إرسال حفارات لتعميق، في محاولة لدفع المياه صوب الحوض الزراعي لتأمين مياه الشرب على الاقل، لكن الأمر يحتاج أسابيع لاكتمال العمل، إضافة الى زيادة الحصص المائية”.
وأوضح، أن “الوسيلة الوحيدة لإنقاذ قرى حوض الندا، هي إيقاف التجاوزات فورا، والالتزام بالحصص المائية”، متسائلا بالقول: “أيهما اهم، حياة الانسان ام زراعة محاصيل هي بالأساس ممنوع زراعتها ضمن الموسم الزراعي ومنها الشلب”.
ويعد “الندا” أقدم حوض زراعي في ديالى، ويضم أراضي واسعة ومترامية، ومعروفة بخصوبتها العالية لزراعة مختلف المحاصيل الزراعية.
*************
ص5
هل يمكن للحكومة تنظيم العملية وانصاف جميع الأطراف؟
محنة حقيقية تواجه المؤجرين إبان الأزمة الاقتصادية
بغداد – عبد الله لطيف

نقل عدد من المواطنين، شكواهم إلى “طريق الشعب”، بشأن مبالغ الايجار للعقارات والمحال التجارية التي يشغلونها، وبقاء هذه المبالغ على غلائها دون أي تخفيض، رغم الازمة المالية والطبية التي اوقفت العمل وأضرت بالمصالح الاقتصادية.

مشكلة حقيقية
وقال المواطن، عمر الجنابي، وهو من سكنة منطقة حي الجهاد “بعد أن توقفت عن العمل منذ منتصف الشهر الثالث، أصبح من الصعب عليّ تأمين قوت عائلتي اليومي، فكيف يمكن أن اقوم بتأمين إيجار المنزل الذي أسكنه ويبلغ 450 ألف دينار”.
الجنابي أكد “إصرار مالك المنزل على اخذ الايجار كاملا طيلة الشهور الثلاثة الماضية ورفضه حتى أن يخفض نسبة معينة منه”، مبينا إن “الحكومة تواصل إعلانها الحظر الجزئي أو الكلي للتجوال لمنع تفشي فايروس كورونا، لكنها لم تفكر في كيفية قدرة المواطنين على توفير التزاماتهم المادية الشهرية، وهذا ما يجري مع ملايين الكادحين حاليا للأسف الشديد، وأنا شخصيا قمت بصرف كل ما أملكه خلال الأشهر الماضية ولا أعلم كيف سيكون الحال خلال الأيام القادمة”.

من يمنع الجشع؟
أما المواطنة، شيماء حميد، وهي من سكنة منطقة، بغداد الجديدة، فتوضح إنها “تملك منزلا في أحد الأحياء القديمة تؤجره لأحد المواطنين بينما هي تسكن بيتنا مؤجرا في المقابل”.
وذكرت حميد “قررت في نهاية شهر آذار اعفاء المستأجر من دفع ايجاره تضامناً مع وضعه المعيشي الصعب، ولكني فوجئت بطلب صاحب المنزل الذي اسكنه على دفعي الايجار كاملا، وبعد أن تفاوضت معه وافق على تقليل ايجار شهر آذار بنسبة 35 في المائة، الا انه عاد في شهر نيسان وطالب ان اعطيه الايجار كاملا، وهذا جعلني بين موقفين متناقضين، الأول مساعدتي لمواطن يسكن بيتي، والآخر مطالبتي بدفع الايجار كاملا للبيت الذي أسكنه”.
وأوضحت المواطنة، إن “صاحب المنزل يطالبني بالدفع الكامل رغم أنه من ميسوري الحال ولكنه يبدو جشعا. ولم يبق أمامي حل سوى أن اطالب المستأجر الذي يشغل منزلي أن يدفع لي الايجار كاملا، وبالتالي فأن فكرة التضامن اصبحت في مهب الريح”، داعية الحكومة إلى “عدم البقاء متفرجة وتنظيم شكل معين يتم على اساسه وبالتوافق بين جميع الاطراف حل مشكلة الايجارات وفق الوضع الراهن ومراعاة ما يمر به البلد والمواطنون”.

الحكومة لا تملك الصلاحيات
ولم يمض الوقت الطويل على مطالبة مقرر خلية الأزمة النيابية، جواد الموسوي، مجلس الوزراء والخلية نفسها إلى اعتماد قرار بتخفيض جميع الايجارات للأملاك الخاصة بنسبة 50 في المائة من باب التكافل الاجتماعي خلال هذه الظروف القاهرة والطارئة.
وفي المقابل، أكد المحامي، حسين حبيب، إن “الحكومة لا تملك صلاحيات لإصدار أي قرار يفرض على اصحاب العقارات التنازل او تخفيض قيمة الايجارات”.
وأقترح حبيب أن “تقوم الحكومة التي تستمر بأخذ الضرائب من أصحاب الأملاك المؤجرة، بتقديم التسهيلات وأن لا تأخذ الضرائب منهم خلال الأشهر التي تضررت فيها مصالح الناس، مثل اعفاء اصحاب العقارات من تسديد فواتير الماء والكهرباء، على أن يقوموا مقابل ذلك بمراعاة جدية للمؤجرين والتوصل الى حل بشأن الايجارات التي ارهقتهم كثيرا”.
**************
رئيس الوزراء يجتمع مع رئيس المنافذ الحدودية

بغداد – طريق الشعب
كشف رئيس هيأة المنافذ الحدودية، عمر عدنان الوائلي يوم أمس، تفاصيل اجتماعه برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقالت الهيأة في بيان إن “رئيس هيأة المنافذ الحدودية عمر عدنان الوائلي شارك في الاجتماع الخاص لمناقشة واقع المنافذ الحدودية والسبل الكفيلة للارتقاء بأدائها بما يحقق تنفيذ استراتيجية البرنامج الحكومي وتعزيز إيرادات الدولة في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها بلدنا، والذي عقد برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.”
واضاف البيان أن “الوائلي بين ان الإجتماع مع رئيس الوزراء كانت له مخرجات مهمة بالاتفاق على جملة من الإجراءات اللازمة لأحكام السيطرة على آلية العمل في المنافذ الحدودية وايجادالخطط الكفيلة لزيادة مستوى الإيرادات والتشديد على منع أي تدخل خارجي غايتها العبث بمقدرات الدولة وايجاد بيئة آمنة للعاملين في المنافذ الحدودية”.
وتابع ان “توجيهات رئيس الوزراء كانت دقيقة وعملية بتأكيده على اختيار العناصر الكفؤة من الموظفين العاملين في المنافذ الحدودية من ذوي الخبرة ويتسمون بالنزاهة والمهنية لأداء عملهم وتحقيق الأهداف المرجوة من خلالهم”.
ولفت إلى أن “هنالك جملة من القرارات المهمة التي ستصدر تعزيزاً لعمل هيأة المنافذ بأحكام سيطرتها الصارمة من خلال صلاحياتها القانونية في الإشراف والرقابة والتدقيق والتحري الأمني على كافة الدوائر العاملة في المنافذ بما يحقق توجهات الحكومة ودعم الموازنة الاتحادية من خلال تعظيم الإيرادات”.
***********
اعتصموا أمام الوزارة وطالبوا بفرص عمل
خريجو العلوم السياسية: نفترش الأرصفة وأقرباء المسؤولين يمرحون في مؤسسات “الخارجية”
بغداد – سيف زهير

يقف العشرات من خريجي دراسات العلوم السياسية، منذ ١٥ يوما معتصمين أمام بناية وزارة الخارجية في منطقة العلاوي وسط العاصمة للمطالبة بتوفير فرص العمل لهم.
الاعتصام يأتي مع تأكيدات على تحويل هذه الوزارة والمؤسسات التابعة لها إلى وسائل للمتعة والاستجمام لأبناء وعوائل المسؤولين، على حساب أهل الاختصاص الذين يعانون البطالة وانعدام الفرص واقصى درجات التهميش.

المحاصصة فشل لا ينتهي
تهميش الخريجين أصبح أمرا معتاد يمكن سماعه أو رؤيته في نظام المحاصصة الذي يشهد سنويا تخرج اعداد هائلة من الطلبة وهم يحملون اختصاصات لا تجد لها فرصة في سوق العمل بسبب التشوه الاقتصادي وغياب التخطيط الاستراتيجي وانعدام الحس الوطني من قبل أصحاب القرار لخلق بيئة دراسية تجد من يلبي حاجتها وفق المنفعة المتبادلة وتنمية القدرات.
المفارقة في هذه العملية، هو أن اصحاب شهادات العلوم السياسية هم الأكثر ضررا وتهميشا لأنهم غير مرغوب بهم ضمن شروط التعيين، فضلا عن رفضهم من قبل هذا النظام السياسي وتحويل السفارات والملحقيات والدوائر والمؤسسات القريبة من تخصصاتهم، إلى تجمعات عائلية في حالات كثيرة، يجوب خلالها أبناء المسؤولين واقاربهم والموالون لهم اروقتها بدون وجه حق وبعيدا عن المتخصصين في العلوم السياسية واقسامها المهمة.
غياب الانصاف
وبحسب تقديرات المختصين، فأن عدد خريجي كليات العلوم السياسية في العراق يقارب الـ ٤٠ ألف، اغلبهم عاطلون عن العمل نتيجة عدم ادراجهم في حسابات اي مؤسسة او وزارة لغرض تشغيلهم.
وارتباطا باعتصام خريجي العلوم السياسية أمام وزارة الخارجية، يقول الخريج، براق عاصم، إن “التعيين هو جزء من المطالب التي قدمناها منذ العام الماضي بخصوص وضعنا وبقية الخريجين على وجه العموم”، مبينا إن “المطالب نصت على تفعيل مجلس الخدمة الاتحادي، والقضاء على الفساد في التعيينات، وتنفيذ التوصيف الوظيفي لخريجي كليات العلوم السياسية، وتفضيلهم بالتعيين في السلك الدبلوماسي كونهم المتخصصين في الأمر”.
ويضيف عاصم، إن “العمل هو حق لكل مواطن على الدولة، ومطالبتنا بالتعيين هو لأن اختصاصاتنا تدخل في صلب العمل الحكومي في ظل عدم وجود مؤسسات خاصة تعنى بالعلوم السياسية”، داعيا “الحكومة الى مراجعة السياسات الخاطئة في تفويج الاف الخريجين كل عام إلى جحيم البطالة”.

من الذين يُعيَّنون في الخارجية؟
الخريجة المعتصمة، فريال سعد، تتساءل بشأن عدم قيام الدولة ووزارة الخارجية في توظيف زملائها ضمن هذا الاختصاص وتقول: “التعيينات في وزارة الخارجية تتم وفق المحسوبية والمنسوبية وتشمل اختصاصات بعيدة عن عملها، وذلك لرغبة المسؤولين بتوظيف ابنائهم وبناتهم واقاربهم في الوزارة رغم انهم لا يحملون شهادات في العلوم السياسية او تكون بعيدة جدا عن هذا التخصص، في الوقت الذي نبقى نحن نتظاهر ولا أهمية لنا في هذه المعادلة”.
وتطالب سعد الحكومة وهيئة النزاهة بـ”مراجعة ملف التعيينات في الوزارة التي تمت خارج الضوابط، ومعرفة الفائض عن الحاجة من الذين تم تعيينهم في السلك الدبلوماسي وهم يحملون شهادات في الفقه والزراعة والآداب وغيرهم من الذين لا يملكون الكفاءة ولا امتياز لهم سوى قرابتهم من المسؤولين”، معتبرة “تحول الوزارة إلى ورث تتناقله العوائل السياسية المتنفذة تضمن لها السياحة والسفر والأموال”.

اختصاص معطل
خريجو العلوم السياسية استبشروا خيرا بتحديد الوصف الوظيفي لهم أثر تصويت مجلس النواب على القانون رقم ٧٧ لسنة ٢٠١٧ ولكن لم يتم العمل به لغاية الآن.
لذا يعلق، عبد المحسن كريم، وهو يحمل شهادة الماجستير في العلوم السياسية ويقول: “اختصاصنا من أهم الاختصاصات في العالم وتلعب مخرجاته دورا حيويا في معالجة السياسات وتصويب الاخطاء في المؤسسات، الا إن الدولة ورغم ارتكابها الاخطاء التي ساهمت بتدهور الوضع في البلاد ترفض الاستماع والاستفادة من اصحاب الاختصاص وتتجاهلهم بشكل لا يصدق”، مستغربا “عدم نفاذ وتفعيل قانون رقم ٧٧ لسنة ٢٠١٧ الخاص بالتوصيف الوظيفي لخريجي العلوم السياسية، واعتماده من قبل مؤسسات الدولة”.
*************
ص6
العجز في المساكن والسياسة السكنية
في العراق، الأسس والتحديات
د. رعد موسى الجبوري

تناول الجزء الاول معاناة العراقيين الذين يعيشون الظروف السكنية القاسية والانتهاك الفادح لحقوق الانسان، وضرورة وضع واتباع سياسة خاصة بالاسكان.
سياسة الإسكان تدابير تتخذها المؤسسات الحكومية والهيئات السياسة الاقتصادية والاجتماعية للتأثيرعلى توفير المساكن للمواطنين، فهي سياسة لبناء مساكن جديدة وسياسة لادارة مخزون المساكن المتوفر. ومهمة سياسة الاسكان تأمين السكن الذي يتوافق مع أهدافها، ومهمة سياسة ادارة مخزون المساكن ضمان استخدام وصيانة وإدارة المخزون السكني المتوفر وفقا لأهداف هذه السياسة، والترابط قوي بين سياسة الإسكان وسياسة الأراضي وسياسة التنمية الحضرية والتخطيط المكاني وحماية البيئة.
تنشأ الحاجة إلى سياسة إسكان نتيجة واقع ارتفاع تكاليف البناء والاستخدام والادامة للمساكن لتأمين حياة جيدة لاصحاب الدخل المحدود والذين هم الغالبية العظمى، فلا يمكن توفير السكن المناسب دون تدخل سياسي يلبي متطلبات العرض من ناحية النوعية والكمية.
وسياسة الإسكان ضرورية للسيطرة على اختلال التوازن في الموارد الذي يؤدي الى تكوين أسواق غير مسيطر عليها للسكن. فسوق الإسكان سوق غير مثالي، يتكون من عديد من الأسواق المحلية غير المتجانسة نوعيا. فعدم مرونة العرض، وانخفاض شفافية السوق، ومحدودية الحركة المكانية والقابلية المالية عند شرائح واسعة من السكان تسبب اختلالات جزئية ايضا. ان العرض المفرط للمساكن الكبيرة والغالية لن يكون مناسبا لتلبية طلب ذوي الدخل المتوسط والمنخفض على المساكن المتوسطة والقليلة الكلفة. ومن هذه السياقات، تنشأ الحاجة إلى سياسة تهدف إلى التأثير على هيكلية عرض المساكن.

اهداف سياسة الإسكان
الهدف الرئيسي لسياسة بناء المساكن -بغض النظر عن النظام الاقتصادي- هو تزويد المساكن لأكبر عدد ممكن من المحتاجين وفقا لمستويات المعيشة السائدة في المجتمع. و تتغيرالمعايير، المحددة لمفهوم حياة “صحية” مرضية وفسيولوجية واجتماعية ولحجم المساكن وطرزها، مع الزمن ومع تغير الوضع الاقتصادي ووفقا لأهداف السياسة الحضرية والإسكانية السائدة، فمن المستحسن:
أولاً: وضع مبادئ توجيهية لسياسة الإسكان باشراك أكبر قدر ممكن من المواطنين،
وثانياً : منح المواطنين نطاقا واسعا من البدائل والخيارات في التملك او الايجار.
ويجب وضع سياسة ادارة الاراضي لمنع احتكار الأراضي والسيطرة عليها، ومنع المضاربة واستغلال مالكي الاراضي، وتوفير أراضي جاهزة للبناء لأغراض بناء المساكن والمنشئات ليست معزولة عن أهداف سياسة الإسكان بل تخدمها.
وعلى سياسة الإسكان تحقيق هدف مزدوج:
فأولاً، اقتصادية الحفاظ على وتحديث وتوزيع المخزون السكني.
وثانياً، السعى إلى حماية المستأجرين من فقدان مساكنهم وحمايتهم من الزيادات في أسعارالمساكن والايجارات.

التمويل الوطني للاسكان
ان بناء أو شراء منزل يعتبر أكبر استثمار مالي منفرد تقوم به معظم العوائل على الإطلاق. ومن منظور الاقتصاد الوطني سيمهد تمويل الإسكان القدرة على تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة لعموم البلد ويقوم بتشغيل مجموعة واسعة من القطاعات الفاعلة اقتصاديا في المجتمع.
للاسف نلحظ إن قطاع التمويل الإسكاني في العراق لا يعمل بشكل جيد حاليا، فمن المهم التمييز بين تمويل بناء المساكن التجاري عالي المخاطر، وبين تمويل الرهن العقاري، وهو أقل خطورة ويمكن أن يحفز الطلب على المساكن الجديدة والقدرة على تملك القائمة.
وفي الوقت الحاضر لا يوجد تمويل منظم للرهن العقاري في العراق، فالحاجة ماسة لوضع نظام يحول الحاجة للسكن إلى طلب فعال على المساكن من خلال تمويل الرهن العقاري طويل الأجل، ومن خلال قروض قصيرة إلى متوسطة الأجل لتحسين المساكن.
ولم تلعب البنوك التجارية الخاصة دوراً رئيسياً في تمويل الإسكان، ولا سيما لاقراض كبار المودعين ولتوفير السيولة النقدية للشركات الناشطة. فقد أصبحت البنوك التجارية، في كثير من البلدان، وسيلة رئيسية لدعم تمويل الرهن العقاري، إما من خلال ودائع التوفير أو رأس مال المستثمرين على شكل أسهم وسندات.

الدعم الحكومي
ولم يحقق الدعم المالي الحكومي المقدم حاليا اهدافه بدقة ولم يُنفذ بشكل صحيح. إن شروط الإقراض الحالية لكل من المصرف العقاري وصندوق الاسكان العراقي مدعومة بشكل كبير. وهذا من شأنه أن يسمح باستهداف الأسر ذات الدخل المنخفض. ومع ذلك، فمن أجل الحصول على قرض، يجب أن يكون لدى المقترضين سند ملكية لقطعة أرض مخدومة، وعلاقة عمل مضمونة لمدة سبع سنوات على الأقل، ومخطط لمنزل منفصل، ولذلك كان معظم المستفيدين من هذه القروض من اصحاب المداخيل فوق المتوسطة والمرتفعة، ولم تحظ معظم الأسر ذات المداخيل المعتدلة والمنخفضة، وهي الفئات ذات الحاجة الأكبر للسكن، بالتأهل للحصول على قروض.
ويجب أن يستند نظام التمويل الإسكاني على قانون شامل، ينص على الإنفاذ من خلال حبس الرهن، وإعادة التملك، وإعادة بيع الضمانات، ولكن العراق لا يمتلك قانونا شاملا للرهن العقاري.
المصرف العقاري وصندوق الاسكان العراقي لديهم المؤهلات التفصيلية لمنح القروض، لكن القروض نفسها يجب أن تعطى بموجب عقود قروض قابلة للتنفيذ قانونيا، يتم فيها تحديد شروط السداد وجداول الإطفاء والإجراءات الواجب اتخاذها عند التأخر والتخلف في سداد القرض. وليس من المؤكد ان تستند طلبات القروض لكلا المؤسستين إلى نموذج طلب قياسي شامل، كما ويجب ان تصل المعلومات الهامة بوضوح وبلغة موحدة لجميع المقترضين.

توفر الخدمات
نتيجة رداءة الخدمات المقدمة حاليا وانقطاعها (الماء والكهرباء) وانخفاض القدرة المحلية (الصرف الصحي، والطرق)، فالحاجة ملحة ومستمرة لتحسين الخدمة التي تقدمها البنية التحتية الحالية. وعلى مقدمي الخدمات الاستمرار بتوفيرها فهذا أحد أسس عملهم، ويجب مواكبة الطلب المتزايد مع تطورالاقتصاد والاستجابة للطلب الكبير المكبوت على الإسكان.
هناك ثلاثة سياقات أخرى تشكل فيها البنية التحتية عائقا أمام تطويرالإسكان في المناطق الحضرية:
- الأرض المخدومة بالفعل ولكنها بحاجة إلى تحسينات كبيرة في تقديم الخدمات،
- الأراضي المخصصة رسميا والتي يمكن تطويرها، ولم يتم توفير البنية التحتية لها بشكل كافٍ،
- الأرض التي تم تطويرها بشكل غير رسمي ولم تتم خدمتها (العشوائيات).
ان عدم توسيع نطاق الخدمات لتشمل المناطق القائمة، غير المخدومة والنامية، يعرقل بناء المساكن ويسبب اختناقات في إنتاجها.
المخزون السكني
حالة ثلث الى نصف مخزون المساكن في المناطق الحضرية في العراق سيئة وتحتاج إلى إعادة تأهيل كبيرة وبعضها غير صالحة للسكن. وهناك مشكلة كبيرة في خسائرالمساكن القديمة نتيجة التقادم الطبيعي في المناطق الحضرية التاريخية. فمن الضروري الحفاظ على الابنية التراثية في بغداد والمدن الأخرى. صحيح أن الحفاظ على الموروث التاريخي كنظام هدفه أوسع من مسألة الإسكان في حد ذاتها، ولكن لأن معظم المباني التاريخية هي منازل، فمن المهم أن يتم ربط سياسة الإسكان بالسياسات الرامية للحفاظ على الموروث التاريخي.
وهنا يشكل السكن الإيجاري تحدياً إدارياً، فحوالي 90 بالمائة من الملاك لا يستثمرون في صيانة أو إعادة تأهيل ممتلكاتهم على الإطلاق، اضافة الى رداءة الخدمات المقدمة للمساكن، فنصف العوائل تشكو من ضعف التزويد بالمياه وربعهم من نوعية المياه نفسها.

المساكن المستأجرة
ان تنشيط قطاع المساكن المستأجرة ضمن مجموعة متنوعة من الاجراءات سيكون موردا مهما يضيف المرونة المطلوبة إلى تشكيلة نظام الإسكان الشامل في المناطق الحضرية. ويشهد سوق الإيجار اليوم اختلالا بسبب النمو البطيء والسلبي في العرض في السنوات الأخيرة، مع تحول في الطلب نتيجة انخفاض الدخول وعمليات تهجيرالعديد من الأسر. وأدى تحديد سقف الإيجارات إلى قمع الأسعار بشكل مصطنع عند مستويات أقل من قيمة السوق، فاصبحت الإيرادات غير كافية لضمان توفير صيانة ملائمة. ويعاني المخزون الإيجاري المملوك للحكومة من مخاوف مختلفة. فالعديد من هذه الوحدات تقع في مباني شاهقة مما يعني صيانة معقدة ومكلفة. ولاتتناسب الإيجارات المنخفضة مع القيمة الأساسية للعقار وكلفه الجارية. و الدعم الضمني لايستهدف فئات الدخول المنخفضة والفئات الضعيفة، مما يؤدي إلى تشويه سوق الإيجار بشكل عام وإلغاء فرص توليد الإيرادات لتوسيع وصيانة المخزون السكني.

مواد البناء
تتوفر لدى العراق قدرة لتلبية احتياجاته من مواد البناء، الا إن صناعة مواد البناء المحلية غير منتجة حاليا. فالعاملون في القطاعين العام والخاص يعانون من البنية التحتية القديمة ونقص المواد الاحتياطية وعدم كفاية التزويد بالكهرباء وصعوبات النقل وعواقب النهب الذي جرى، اضافة للإهمال في سنوات الحصار والعقوبات الدولية، وهذا ساهم في الحد من الكفاءة التشغيلية والإنتاجية، وزادت الحاجة إلى استيراد المواد الأساسية مثل الأسمنت والأجزاء المصنعة مثل النوافذ ومستلزمات السباكة والمعدات الكهربائية، فيجب تنشيط صناعة البناء المحلية.

العشوائيات
في السنوات الأخيرة، حدثت زيادة كبيرة في العشوائيات، بما في ذلك احتلال مباني عامة، نتيجة الحروب وما نتج منها من نزوح داخلي. أن العشوائيات في العراق تشترك في صفة تطورها خارج اطر القانون: فاما السكان لايملكون حقوق استخدام الأرض، أو تم البناء دون ترخيص رسمي.
وعلى السياسة العراقية الاستجابة لواقع هذه العشوائيات واخذها بنظر الاعتبار، بتخطيط للشوارع وتوفير شروط العيش الصحية ( الماء والكهرباء والنفايات). واتباع سياسة شاملة تجاه العشوائيات باعتماد نهج ينظر الى كل حالة على حدة.
*********
ص7
الشهيد حسن سريع بطل انتفاضة معسكر الرشيد
جاسم علي هداد


ولد الشهيد حسن سريع ( الاسم الصحيح: حسن سلمان محسن الزيرجاوي، ولقب بـ (حسن سريع) لقدرته الكبيرة على المشي السريع). في مدينة السماوة عام 1937، في عائلة فلاحية وترعرع في كوخ من القصب. ابعد ابوه وكل العائلة (بقرار اقطاعي) الى مدينة شثاثة (عين التمر) في كربلاء، اكمل دراسته الابتدائية، وبسبب ظروف عائلته الاقتصادية انتسب الى الجيش العراقي متطوعا في مدرسة قطع المعادن في معسكر الرشيد ببغداد، وصار نائب عريف ومعلما بنفس المدرسة، والتحق باحدى المدارس المسائية لإكمال دراسته واقام في حي الشاكرية.
مدبر ومنفذ وقائد انتفاضة معسكر الرشيد في 3 تموز 1963. قام بتهيئة مكان اختباء المنفذين في وحدته، ثم اعتقل ضابط خفر المعسكر وقام بتوزيع السلاح على المنتفضين. ابت روحه النضالية وشرفه العسكري ان يخضعا لسيطرة القتلة انقلابي 8 شباط، فاعد وبالتعاون مع عدد من رفاقه خطة انتفاضة المعسكر. قبل مغادرته الاجتماع الاخير في الساعة الثانية عشرة والنصف (ليلة تنفيذ الانتفاضة)، في ذلك الكوخ الصغير في منطقة (كمب ساره) الذي احتضنه ورفاقه الثوار، اقسم الشهيد حسن سريع (نقسم بتربة هذا الوطن ان نحرره من رجس المجرمين). قال عنه الفقيد نعيم الزهيري الذي شاركه زنزانته: كان حسن ذا شخصية فذة ، الكل يحترمه في وحدته العسكرية ويستمع اليه بتقدير حتى المراتب الذين هم اعلى منه رتبة، وقد تميز بقدرة فائقة على الحوار والاقناع، بعد اعتقاله وفي زنزانته تميز حسن سريع بضبط الاعصاب والهدوء، ولم يفقد ثقته بشعبه وحزبه. وكان يذود عن رفاقه امام المحكمة الصورية بقوله: انا المسؤول الاول عن الحركة، واتحمل كافة عواقبها، وقد ارغمت الاخرين على حمل السلاح، انهم ابرياء. في المحكمة العسكرية ساله رئيس المحكمة شاكر مدحت السعود: لماذا قمتم بهذه الحركة؟ اجاب البطل حسن: ردا على ظلمكم وثارا لشهدائنا في انقلاب 8 شباط.
وسأله هل تريد ان تصبح رئيس للجمهورية وانت النائب عريف؟ اجابه: ما اردت ان اكون رئيسا للجمهورية او ضابطا كبيرا في الجيش انما اردت ان اسقط حكومتكم !! ما اردت شيئا لنفسي. ما اردت غير تخليص العراق من زمرتكم، كنت اريد اطلاق سراح الضباط المعتقلين ظلما واسلمهم المسؤولية، وساله رئيس المحكمة ايضا: شلون شديتوا النجمات ، شلون بكيفكم ؟ فاجابه حسن: كيف صار عبد السلام عارف من عقيد الى مشير برمشة عين، ونحن شديناها مؤقته، فساله السعود وماذا كنتم ستفعلون؟ اجاب حسن: نسلمها للحزب. وماذا بشان الذين اعتقلتموهم؟ فاجاب: كنا سنحاكمهم. وقف برباطة جاش وشموخ شيوعي وهو يستمع الى حكم الاعدام الصادر بحقه من المحكمة العسكرية الصورية، وتم تنفيذ الحكم فيه في 31 تموز 1963، وعند تنفيذ الحكم به ترنم بصوت مسموع:
السجن لي مرتبة والقيد لي خلخال والمشنقة يا شعب مرجوحة الابطال
واستشهد ابنا بارا لحزبه وشعبه العراقي. ترك وراءه زوجته وطفلة عمرها ستة أشهر.
المجد والخلود للبطل حسن سريع ورفاقه وستبقى انتفاضة معسكر الرشيد عنوانا وفنارا تنير الطريق للثائرين من اجل وطن حر وشعب سعيد.
***********
تنظيمات البصرة العسكرية
ودورها في انتفاضة معسكر الرشيد
عبد القادر العيداني *


تحل هذه الأيام الذكرى الـ 57 لانتفاضة معسكر الرشيد، في 3 تموز 1963، التي خطط لها ونفذها فتية من العراقيين، من أبناء القوات المسلحة المسحوقين بنار الدكتاتورية الفاشية، التي اضطهدت القوى الوطنية، خاصة الحزب الشيوعي، واعتَقلت وعذَبت بوحشية حتى الاستشهاد. وقد شمل ذلك قادة الحزب الشهداء سلام عادل وحسن عوينة ومحمد حسين أبو العيس وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي (أبو سعيد)، والآلاف من الذين ضحوا بحياتهم من أجل مبادئهم والغد المشرق الزاهر.
ومن هؤلاء الابطال من قاموا بالانتفاضة الباسلة بقيادة نائب العريف حسن سريع، المولود في السماوة ابن “صرائف الشاكرية” في بغداد، التي سكنت فيها عائلته.. ابن الشعب الجائع، والذي أطلق الرصاصة الأولى اعلاناً ببدء ساعة الصفر في معسكر الرشيد، حيث كان ضمن خطط الثوار كسر أبواب السجن رقم 1 في المعسكر، والذي كان يضم اكثر من 500 ضابط وطيار من خيرة ضباط الجيش العراقي، ممن كانوا قد اعتقلوا بسبب وطنيتهم وتصديهم لانقلاب 8 شباط الدموي، الذي تم بغطاء امريكي للاجهاز على ثورة 14 تموز ومكتسباتها الكثيرة.
عند اطلاق الرصاصة الأولى في الساعة الرابعة من فجر 3 تموز، شرع الثوار بتنفيذ الواجبات الملقاة عليهم. إذ يقوم بعضهم بالسيطرة عَلى الباب الرئيس الشمالي للمعسكر، بينما تسيطر مجموعة أخرى على الباب الجنوبي القريب الى السدة الترابية، التي تجاور منطقة بغداد الجديدة. كذلك يقوم ثوار آخرون بقطع خطوط الهاتف، ويتجه غيرهم الى محطة الكهرباء المحاذية للمعسكر، حيث توجد أجهزة لاسلكي متطورة.
ولم يكتب للانتفاضة النجاح بسبب ضعف التجربة وعفوية الثوار وجهل اكثرهم بواجباتهم، إلى جانب تخاذل الجنديين المكلفين بالسيطرة على باب المعسكر الشمالي، وقيامهما بأخذ التحية العسكرية للدبابة التي كان يقودها رئيس الجمهورية عبد السلام عارف، فضلا عن عدم تجاوب الضباط السجناء في كسر أبواب السجن، والتضارب في المواعيد المحددة للقيام بالانتفاضة - حيث كان السجناء مبلغين بأن يوم الانتفاضة هو 5 تموز وليس 3، ما أدى الى عدم معرفة الحقيقة - كذلك لم ينفذ الجنود في معسكرات التاجي والوشاش وأبو غريب ومعسكر محمد القاسم في البصرة، إضافة الى وحدات عسكرية آخرى، واجباتهم.
ان السبب في تقديم موعد التحرك من قبل ثوار المعسكر يومين، يعود الى سماعهم بأن السلطات سترسل السجناء المحتجزين في المعسكر الى سجن “نقرة السلمان”، فدفع ذلك إلى تعجيل الموعد، ما اربك الوحدات الأخرى.
وجابهت حكومة البعث، المنتفضين بالحديد والنار، وارسلت قادة الانتفاضة الى ميادين الرمي بالرصاص بعد محاكمات صورية، وفي مقدمتهم الشهيد حسن سريع.
اما عن دور التنظيمات العسكرية في البصرة، فقد سبق وان أجرينا حوارا - نشر حينه في مجلة “الشرارة” النجفية - مع الشيخ الراحل موحان شيخ صالح الفريجي، الذي قال: “كنت عسكرياً في الفوج الثالث من اللواء الخامس عشر، وموقعه في معسكر محمد القاسم في البصرة، وعند سماعنا بأنباء انقلاب 8 شباط 1963، اتصلت بآمر الفوج الذي كان وطنياً، وهو العقيد مصطفى القره غولي، من اجل استعدادات تنظيماتنا الشيوعية في المعسكر، والتهيؤ للتحرك ضد الطغاة، لكنه لم يتجاوب معنا، ما ادى ببعض الضباط البعثيين الى اخذ زمام المبادرة والسيطرة على معسكرنا. وقد كان يوجد ضمن تشكيلنا العسكري طائرات ميك 17-21، حيث تم الاتصال ببعض الطيارين للتوجه إلى بغداد وضرب المتآمرين هناك”.
وأضاف قائلا: “كانت خطتنا الثانية هي الايعاز الى تنظيماتنا الحزبية في القاعدة البحرية، وذلك للسيطرة على الطواقم البحرية التي لديها اجهزة لاسلكي متطورة، ممكن تحويلها الى اذاعة بث لتنظيم المقاومة ضد الانقلابيين. كذلك كانت لدينا وحدة عسكرية في منطقة الهارثة، تضم اذاعة تشويش، ممكن تحويلها الى اذاعة بث، لكن بسبب تسارع الاحداث لم نستطع تنفيذ هذه المهام”.
وتابع قوله: “بعدها تم العمل لإعادة التنظيم الحزبي العسكري، والاتصال ببعض المنقطعين. وقد رتبنا تنظيمنا على شكل خيطي بالاتصالات الفردية. حيث كنت انا برتبة نائب ضابط ورئيس عرفاء الوحدة العسكرية. اذ تم الاتصال ببعض الوحدات العسكرية في العمارة والناصرية للقيام بثورة في المنطقة الجنوبية، بالتعاون مع التنظيم المدني للحزب في البصرة، واتصلنا حينها بالحركة الكردية بواسطة جنود اكراد في المعسكر، أرسلنا معهم رسالة شفهية الى المرحوم مصطفى البارزاني عبرنا فيها عن استعداداتنا للثورة. وكان جوابه: ستجدوني في بغداد حال سماعي بالثورة، وربما اصل قبلكم إلى هناك مع القوات المسلحة”.
وأردف الشيخ: “اما عن مساهمتنا في انتفاضة معسكر الرشيد. فقد كانت الاخبار التي تصلنا عن طريق العسكريين المنقولين، تفيد بأن هناك مساعي للقيام بالثورة في الايام القادمة القريبة، وهذا يتطلب منا التهيؤ والاستعداد للمساهمة من خلال تنظيماتنا العسكرية، لكن للأسف، لم نسمع بالانتفاضة الا من خلال الراديو، بعد ان قدم الثوار موعدها يومين، ما أربك موقفنا ونشاط الاستخبارات العسكرية، حتى تم اعتقالنا - حيث كنا اكثر من مائة مناضل - بسبب هروب احد العسكريين الى ايران، وإلقاء القبض عليه في الحدود، ليدلي بمعلومات عنا. فاعتقلنا وحكم على بعضنا بالإعدام شنقاً، وكنت بين هؤلاء”، مبينا انه “بعد انقلاب 18 تشرين 1963 بيوم واحد، تم الحكم على تسعة ابطال بالإعدام شنقاً حتى الموت، و15 آخرين بالسجن المؤبد و21 مناضلاً بالحكم 15 عاما و49 بالحكم مدة 7 سنوات، وآخرين تم الحكم عليهم بين 5 سنوات وسنة واحدة، وبقينا في زنازين الطغاة حتى انقلاب 1968، وعلى إثر العفو خففت الأحكام وأطلق سراحنا”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
• باحث في شؤون “نقرة السلمان”
***************
ص8
مآثر المرأة العراقية .. في ثورة العشرين
مزاحم الجزائري

 

كان للمرأة العراقية دور مؤثر في ثورة العشرين، فكانت تحرضّ الرجال وأبناءها على القتال، ومنهن من حملن السلاح وتقدمن الصفوف أسوة بالرجال، فضلا عن دورها مسعفة، وناقلة للجرحى، وتوفير الماء والغذاء للمقاتلين. إلا أنّ الدور الفاعل الذي سجله التاريخ لها، هو إثارة الهمم، وإيقاظ العزائم، وشدّ أزر الرجال بالهوسات والـﮕفلات.
قالت الشاعرة (نازي بنت حاﭼم) وهي من عشيرة الظوالم، وقد استقبلت الشيخ شعلان أبو الجون الذي أطلق اول رصاصة في الثورة ومعه سبعون بطلا اقتحموا المعركة وسيطروا على جسر السوير:
شعلان اجاها اوصحت شوباش
خله الرميثه امجضعه الشاش
العـج غـطاهـا والـثـره افـراش
ﮔرﮔـه اوسيك اوباجي الاوبـاش
اولا هاب مـن مـدفع اورشاش
والـلـي يـخـلّد امـتـه عـاش
ويتجلى الدور التحريضي بأبها صوره في موقف الشاعرة (صافية) زوجة عطية آل دخيل ووالدة جبل آل عطية رئيس عشائر الاﮔرع، بعد أن تراجعت عشائر الجبور والبو سلطان من قضاء الهاشمية أمام ضغط قوات الاحتلال، حين وقفت في طريق المتقهقرين، كاشفة عن شعرها، وهي تحضّهم على الثبات وتستنهض فيهم قيم الرجولة ، وتنادي بأعلى صوتها:
لا يل الجبور والبو سلطان
نــايـف وفــارس آلـــ جريـان
وشخيتر الهيمص او غضبان
وابن براك راعي الفخر سلمان
من تشب يوم الحرب نيران
هزيمتكم خيانه الهذي الاوطـان
اشلون اتواجهون ابهاي عربان
عـار عـلى يعـرب او ﮔحـطان
تبـﮔـه زلمها إببين نسوان
فما كان من الثوار إلا أن يقوموا بهجوم مضاد أوقع في صفوف القوات البريطانية العديد من القتلى والجرحى، مما اضطرهم إلى الانسحاب صوب مدينة الحلة.
أما الشاعرة (شزنة بنت حالوب) من عشيرة البو سلطان، فهي تتغنى بمآثر ولدها وبطولاته، وما الحق بالعدو من خسائر فادحة بالأرواح في معركة (بنشّه)، وهي قرية محاذية لمدينة الحلة، بعد أن أبلى بلاء حسنا، وتقول:
الله يا دﮔّـة بنشّــه
يـوم اولـدي للجيش طشّــه
حالوب أهـو او للزرع حشّــه
مجرشه وللصوجر تجرشه
خـلاهـا لشّــه فـوﮒ لشّــه
حــوم او عــلى الـــدانه تـعشّه
او لو بطش كلها تعرف بطشه
يـا سـوجــر اشـبلشـك بـلشـه
ﮔمت اتـحارـش بينـه حرشـه
واطـيتـنه اذنــك الـطرشـه
وهذه الشاعرة (صافية البو عبيد) من عشيرة الأعاجيب في الرميثة ترثي ولدها في معركة جسر السوير، فتقول:
ابني المضغته البارود
ابني البيه كل الزود
ابني اللي يجيد الجود
وهو لزّام تاليها
ابني اللي يوج النار
ابني المايحمل العار
ابني يموت دون الدار
والعتبة اليصل ليها
ولا يقف التحريض على القتال عند حدود معينة، فالجميع معنيون بالمشاركة ما زالت القضية متعلقة بالوطن، ولن يكون بمنأى عنها أقرب الناس. فهذه (ضويه) من بني احـﭼيم تخاطب زوجها وكان شيخا، وقد تبادر إلى ذهنها إنّ الغلبة ستكون إلى جيش الاحتلال، وإنّ كارثة ستلحق بالثوار، فاندفعت تخاطب زوجها وتستحثه على القتال، لكونه وجد في كبره عذرا بعدم المشاركة في القتال، وهي تقول:
يـلمـــا تـهـز عزمـك هـزايـز
يـلـنـفـتخـر بـيــك أو نـنــابـز
شــوف الــربـع ﮔـامت تــبارز
او هــاي الـفـعـايل الك حــافز
انـهـض لـعـد خـصـمـك او ناجز
من تـنـﭽـتل بالـخـلـد فـــايـز
عـيـب عـلـيـك اتــﮕول عـاجـز
المرأة وانتفاضة تشرين:
كان للمرأة العراقية حضورا لافتا ومؤثرا في انتفاضة تشرين التي انطلقت في الأول من تشرين الأول 2019. وإذا إنماز حضور المرأة في ثورة العشرين بالنوع، فإن مشاركة المرأة في انتفاضة تشرين اتسمت بالنوع والكم. وبالرغم من الأساليب البشعة التي سعت الأطراف إلى توظيفها من أجل اجهاض التظاهرات وشيطنتها، وفي الأخص دور المرأة فيها. ومع تفاقم عمليات الخطف والتهديد، ارتفعت مناسيب المشاركة ، وتزايدت وتائر التواصل، حتى أن بعضهن هجرن بيوتهن واطفالهن، وافترشن سوح التظاهرات وهنّ يقدمن كلّ ما تصل إليه اياديهنّ لطوابير المتظاهرين في اوقات الطعام، واهتم بعضهنّ بنظافة الساحات، في حين تبنى البعض الآخر غسل ملابس المتظاهرين، وبات في حكم يقين الجميع أنهنّ رقم صعب لا يمكن تجاوزه في المستقبل. ورغم العنف المفرط المستخدم ضدهنّ، فهنّ لم يحملنّ سوى اصواتهنّ والأعلام العراقية. ولم يقتصر حضورهن على بغداد، بل لهنّ حضور مهم في البصرة، والعمارة، والناصرية، والكوت، والسماوة، وبابل، والديوانية، والنجف. وتعرضت المرأة لصنوف الأسآة. ومن منا لا يتذكر مقطع الفديو الذي تناولته الفضائيات لرجال أمن يتصدون بالضرب والشتائم لطالبات ثانوية خرجن متظاهرات في أحدى مناطق بغداد، ولم يتوقف الأمر عند هذه الحدود، فالعديد منهنّ ضحين بحياتهن جرّاء مشاركتهن في التظاهرات، نذكر على سبيل المثال: الشهيدة (هدى خضير)، والشهيدة (سارة طالب)، والشهيدة (جنان الشحماني)، والشهيدة (زهراء لوسي) اللواتي امتدت لهن يد الغدر والخيانة.
وكان لتظاهرات 13 /شباط/ 2020 النسوية الأثر الكبير في احتساب المرأة ايقونة لتظاهرات تشرين، التي شاركت فيها: ربات المنازل، وطالبات الثانويات المعاهد والكليات، وتربويات، وموظفات، وطبيبات، ومهندسات، وهن يرددن: (هايه بناتك يا وطن هايه) و(أصوات المرأة ثوره) و(المرأة ليست عوره، بل ثوره) يتجلى فيها الاصرار، والمواصلة، والتحدي.

المرأة والقيم الابداعية:
لعبت المرأة العراقية دورا تشاركيا لم نألفه منذ عقود، وكان لها ولذوي القمصان البيض مكان الصدارة في الحراك الجماهيري، واصبح تدافعهنّ المتنوع من مختلف الطوائف والأديان والأعمار صفة مائزة وسمت شارع التظاهرات، وتحولت سوح التظاهر إلى مراكز للتحدي والإلهام، ومثّلت الجداريات التي تشيد بروحية النساء العراقيات تمثيلا مرئيا بارزا لدورهن في الاحتجاجات، أما الاعمال الفنية التي دبجتها أنامل النساء فقد أصبحت مرآة لعمق مشاركتهن، وصدى لما يعتمل في صدورهن من مشاعر ورؤى، ومسعى فاعل لاستعادة هويتهن الوطنية، ومحاولة جادّة لمشاركتهن في كتابة تاريخ العراق المعاصر، وأدى هذا الفعل السياسي إلى جانب الأسباب الأخرى إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي.
وبالرغم من التخوف المشروع لهواجس اولياء الأمور على سلامتهنّ، تزايدت اعداد النسوة في التظاهر باطراد. واصبح لمشاركتها دورا فاعلا في دعم الحراك وديمومته سياسيا وفكريا، غير آبهات بما يترقبهن من كواتم صوت، وخطف عشوائي ومنظم. وصار لحضورهن صدى في الفعل الإبداعي والفني، بعضه سنتلمسه في النتاجات الأدبية القادمة، وبعضه تلمسناه في الشعر، لأنّ الشعر أسرع استجابة لمتغيرات الحياة من الأجناس الأدبية والفنية الأخرى، وقد مثّلّ حضورها في الاغنية العراقية فعلا عاطفيا وانسانيا بليغا، وكان لأغنية حسام الرسام (العراق)، ورحمه رياض (راجع آخذ حقي) حضورا ملحوظا في سوح التظاهر. أما أغنية (عراق الهيبة) التي أداها محمد السالم وأحمد السلطان، فكانت من الأغاني الحماسية التي رافقت الموجة الأولى من التظاهرات. وفي الجولة الثانية، كان لأغنية (البيكيسي) لجلال الزين وغزوان الفهد، أثرا في تعزيز الدور الحماسي للتظاهر، واغنية (اليوم الـﮕذلة اتسولف خلي اعـﮕالك للدﮔات) للمطرب أحمد الشمري، وهي من الاغاني التحريضية التي وضّفت فيها (الهوسة) توظيفا موفقا.
وإذا كانت رحمة رياض أول صوت نسائي غنى للتظاهرات، فهناك أصوات واعدة اسهمت في هذا التوجه المسؤول، منهن: إسراء الأصيل، وجوان حسن، وغيد، وغيرهنّ.

ملاحظة لابدّ منها:
تحاشت قوات الاحتلال البريطاني التعرض لأية مرأة عراقية وهي تشارك في المعارك الحربية، أو قريبة منها المس بها، أو التعرض لها، ولم نعثر، بحكم قراءتنا، للدراسات، والمؤلفات، والبحوث العراقية أن تعرض بعضها لهذا الموضوع ولو تلميحا.
أما في انتفاضة تشرين ،فالحمد لله، لم يتورّع أبناء جلدتنا من ممارسة الأفعال المخلة بالشرف والأخلاق من شتم، وإساءة، وضرب، وترويع، واختطاف، وقتل.
وفي الوقت الذي انخرطت في المرأة في ثورة العشرين في الفعاليات العسكرية، فإنّ المرأة التشرينية رفعت العلم العراقي ونادت بشعار (انريد وطن)، وكان هذا كافيا، بنظر الطرف الثالث لتحمل هذا القدر الواسع من القسوة، والعسف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
دور الشاعرات الشعبيات في ثورة العشرين: علي الخاقاني: مجلة التراث الشعبي، العددان (4،5) 1965: 2.
**************
ص9
قراءة اولية في نتائج الانتخابات البلدية في فرنسا
حزب ماكرون يتراجع والخضر افضل الفائزين
رشيد غويلب


شهدت فرنسا الاحد الفائت الجولة الثانية للانتخابات البلدية. وجاء تحقيق حزب الخضر لنتائج تعتبر تاريخية في مسيرته السياسية، ليطرح من جديد اسئلة جدية، بامكانية عودة معسكر اليسار لحكم البلاد في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومعروف ان احزاب اليسار الفرنسي قد عاشت في السنوات الثلاث الماضية سلسلة من الهزائم الانتخابية، مقابل صعود اليمين بشقيه الليبرالي الجديد، وكذلك المتطرف.
واستطاع حزب الخضر ان يعزز مواقعه في مدينة غرونوبل الجنوبية. وان ينتصر في مدن ليون، ستراسبورغ، تور، بيزانسون، بواتيي إضافة إلى بوردو التي كانت تعد قلعة لليمين التقليدي منذ 73 عاما. و بهذا يصبح الحزب ، القوة السياسية الأولى في البلاد، ويستكمل بذلك سلسلة انتصارات حققتها احزاب الخضر في اوربا، مستفيدة من الصعود العالمي لملف حماية البيئة.. ومن جانب آخر نجح الحزب الاشتراكي في الاحتفاظ بادارته لمدن : باريس، نانت، مونبوليي، رين، ديجون إضافة إلى بلديات في الجزر التابعة لفرنسا.
بالمقابل تكبد حزب “الجمهورية إلى الأمام” بزعامة الرئيس الفرنسي ماكرون خسارة كبيرة في هذه الانتخابات، رغم فوز رئيس الوزراء إدوار فيليب، الذي لاينتمي لحزب الرئيس في مدينة لوهافر الساحلية. لقد اعتمدت نجاحات الحزب الحاكم على شخصيات تتولى مناصب مؤثرة، وليس اعتمادا على قدرات الحزب، الذي بدا بلا قواعد حقيقية. ومن جانب آخر احتفظ الحزب الجمهوري بمواقعه في بلديات المدن المتوسطة. وانخفضت مقاعد “التجمع القومي” (الفاشيون الجدد) من 1438 (2014) إلى 840 (2020)

تحالفات يسارية
ومهم جدا الإشارة الى التحالفات والتفاهمات التي تحققت بين الخضر والاشتراكيين والشيوعيين، وحركة فرنسا الابية بزعامة ميلنشون، وكانت الرافعة التي وقفت وراء هذا النجاح، وقطعت سلسلة انتصارات اليمين الانتخابية، وما كان بدونها ان يفوز الخضر في مدن مثل بوردو أو مرسيليا، التي ظلت حكرا لليمين. ولم تجد نفعا تحالفات اقطاب اليمين التقليدي في الحد من تراجعه. وجاءت النتائج لتشكل حافزا مهما لتجميع قوى اليسار، وتعزيز عملها المشترك في المعارك الانتخابية المقبلة.
ولم يعد اليمين المتطرف خيار الناخبين الساخطين على الأحزاب التقليدية، وصار بامكان معسكر اليسار ان يقدم اطر مشتركة قادرة على جذب الناخبين من جديد.
الشيوعيون: نتائج مقبولة ولكن!
واشار متابعون يساريون ان مساء الانتخابات لم يكن سارا بالنسبة للحزب الشيوعي الفرنسي، فعلى الرغم من احتفاظ الحزب باكثر من من 200 عمدة بلدية، واستعادة عدد قليل آخرمن البلديات. لكن استمرار خسارته لادارة بلديات “الحزام الأحمر” التي احتفظ بها الحزب لعقود طويلة، تشكل مؤشرا سلبيا ومؤسفا بالنسبة لانصاره. ولم يستطع الشيوعيون الاحتفاظ ببلدية سانت دينيس الملاصقة لباريس ، وكذلك مدينة السكك الحديدية سانت بيير دي كور ، حيث عقد مؤتمر تاسيس الحزب الأسطوري . ولم تلعب نتائج الجولة الأولى للانتخابات دورا مؤثرا في نتائج الجولة الثانية. من جانب آخر فشلت حركة “فرنسا الأبية” مرة اخرى في مسعاها في الانفراد عن قوى اليسار، والأعتماد على قواها الذاتية.
يذكر ان نسبة المشاركة في التصويت كانت منخفضة 40 في المائة، وليس واضحا ان هذا الانخفاض جاء بسبب وباء كورونا، او استمرارا لسخط الناخبين على السياسات التقليدية.وكان معظم الفائزين من الشباب، البعدين عن اعباء المؤسسات السياسية التقليدية.و يمكن لعمد المدن الجدد من الخضر أن يثبتوا كفاءتهم، ليكونوا جديرين بقيادة اليسار في انتخابات 2022 الرئاسية. كما ان غياب امكانية التصويت البريدي، ادى الى انخفاض نسبة الناخبين الأكبر سنا.
**************
صراع فوق الهضبة الاثيوبية
سد النهضة وناره المستعرة
الخرطوم - قرشي عوض
دخلت قضية سد النهضة الاثيوبي طوراً جديداً ينبي باستبدال التفاوض باساليب سياسية جديدة، بعد ان احالتها مصر الى مجلس الامن، واعلان اثيوبيا على لسان مسؤولين كبار فيها عن اصرارها على ملء السد في شهر يوليو الحالي، مما يعتبره الاخرون تهديداً لامنهم القومي الذي اعلنوا جاهزيتهم للدفاع عنه.

مواقف الدول الثلاث.
تنطلق اثيوبيا من حقها الطبيعي في التحكم في مواردها وسيادتها الوطنية على ارضها. وتلتزم بقواعد لملء الخزان مع مراعاة حقوق الشركاء وفق اعلان المباديء الذي تم توقيعه بينهم في 2015، والذي اقر حق اثيوبيا في التنمية مع ضمان عدم تضرر دولتي الممر والمصب. وتطالب مصر بملء الخزان على مراحل حتى لا ينخفض منسوب النيل بشكل مفاجيء، في حين تتمسك اثيوبيا بالملء الفوري.
بالنسبة لاثيوبيا يشكل سد النهضة فرصتها الوحيدة لمحاربة الفقر. فهو من ناحية يوظف 8500 شخص على مدار 24 ساعة، ويشغّل 16 توربينا ، تنتج 6 الاف ميغاواط من الكهرباء، تسد احتياجات الاستثمار والبنى التحتية، ويصدر المتبقي الى بعض الدول الافريقية. فهو اكبر مصدر للطاقة في القارة.
ويحرم السد مصر من خمسة مليارات متر مكعب من المياه، ويدخلها في جفاف بعدد سنوات الملء. كما يفقدها مليون وظيفة، وتخسر بسببه 1,8 مليار دولار وكهرباء بقيمة 300 مليون دولار.
لذلك عبر وزير خارجية مصر امام مجلس الامن عن رفض بلاده تهديد امنها المائي بسبب سد النهضة. ومن المقرر الآن استئناف المفاوضات الثلاثية على مستوى اللجان الفنية بغية الوصول الى اتفاق خلال اسبوعين، وتأجيل البدء بملء الخزان الى ما بعد التوقيع على اتفاق.

هشاشة سياسية:
وتعيش الدول الثلاث مجتمعة اوضاعاً صعبة. فاثيوبيا تواجه اضطرابات تتصدرها قومية (الارومو)، وقد تجددت الثلاثاء اثر اغتيال ابنها المغني الشعبي الشهير (هوند يسا). وفي السودان خرجت مسيرات في نفس اليوم لاستكمال ثورة ديسمبر. اما مصر فتواجه في سيناء تحركات التنظيمات الاسلامية، فيما تستعد لاحتمالات انفجار حدودها الغربية في اي وقت، عقب تدخل تركيا في الازمة الليبية. كما تخضع اقتصادات الدول الثلاث لاعادة هيكلة، وتعيش على وعود باستثمارات ومنح الخارجية، مما يدخل القضية في قلب التنافس الدولي على الموارد والنفوذ في القارة.
وبمجرد طرح مصر القضية في مجلس الامن، هبت واشنطن داعمة لها. وقالت وزارة الخزانة (وليس الخارجية) الامريكية ان واشنطن سهلت اعداد اتفاق بشان ملء وتشغيل سد النهضة، بمساهمة فنية من البنك الدولي وبموجب اعلان المبادي الموقع بين الدول الثلاث.
لكن صحيفة اثيوبية وصفت الموقف الامريكي بانه (دنيء) ومنحاز لمصر، وقللت من اهميته “اذا كف الاثيوبيين عن التناحر فيما بينهم، واظهروا الوحدة”. وحمّلت الصحيفة السياسة الامريكية الخارجية مسؤولية قيام حرب في افريقيا حول المياه.
وكانت اثيويبا قد امتنعت عن ارسال ممثل لها الى مفاوضات عقدت في واشطن في شباط الماضي. و قال وزير الخارجية الاثيوبي في آذار ان “الارض ارضنا والماء ماؤنا والمال مالنا ولا احد يستطيع ان يمنعنا من ملء وتشغيل السد”.
وعلى العموم يتطلع المراقبون الآن الى استئناف المفاوضات الثلاثية على مستوى اللجان الفنية، بأمل التوصل الى اتفاق خلال اسبوعين، يبدأ بعدها ملء خزان السد بموجب الاتفاق الأصلي.
**********
ص10
أزمة كورونا تعيد مكتسبات النساء
50 عاما إلى الوراء
لبنى بادي

تهدد الجائحة والكارثة الاقتصادية التي تسببت فيها بضرب مكاسب عقود من النضالات في سبيل تحرر النساء. لا يمكن للرأسمالية في عصر الأزمات أن تقدم سوى تخريب الإصلاحات. لذا فمن أجل القضاء على الاضطهاد، نحن بحاجة إلى الاشتراكية “.
يصادف هذا العام الذكرى السنوية الخمسين لإصدار قانون المساواة في الأجور، الذي ينص على منع التمييز بين الرجال والنساء فيما يتعلق بشروط وظروف العمل. لكن أزمة كوفيد 19 في طريقها لضرب القسم الأكبر من المكاسب التي حققتها النساء على مدى السنوات الخمسين الماضية على كل المستويات.
تعرضت خمسة عقود من المكاسب إلى التخريب في غضون أشهر. وهذا ليس بسبب التراجع عن القوانين نفسها، بل لأن الرأسمالية في الأزمات تعمل على استرداد التنازلات. وإذا كان من الممكن محو 50 عاما من التقدم في غضون شهرين، فإن هذا يوضح فقط مدى هشاشة تلك الحقوق في ظل الرأسمالية.

إجبار النساء على العودة إلى المنزل
تعرضت ملايين نساء الطبقة العاملة للطرد وأجبرن على العودة إلى العمل المنزلي، مع ما يصاحب ذلك من زيادة في العنف المنزلي. خلال الأسبوع الثاني من الإغلاق، قفز عدد المكالمات على الخط الوطني لمساعدة ضحايا العنف المنزلي بنسبة 25% أعلى من المتوسط، وبحلول الأسبوع الثالث صار أعلى بنسبة 49% من المعتاد.
وفي غضون ذلك تعتبر الأمهات أكثر عرضة لفقدان وظائفهن بشكل دائم أو للاستقالة، بنسبة 47% مقارنة مع العمال الآخرين، و14% أكثر عرضة للفصل المؤقت. لن تكون هذه التراجعات مؤقتة، إذا أخذنا في الاعتبار أن القطاعات التي يُتوقع أن تتعرض لأشد ضرر في عالم ما بعد كوفيد 19 هي الخدمات وتجارة التقسيط، وكلاهما يعتمدان أكثر على العمالة النسائية.

الأزمة والتراجعات
لقد كانت أزمة كورونا حادثا، لم يكن بوسع الحكومات توقعه. لكن هذه الأوضاع سببها القوانين التي تحكم الرأسمالية؛ عقود التقشف وضرب متعمد للخدمات الطبية والسكن الاجتماعي وخدمة رعاية الأطفال، كلها نتاج لنظام قائم على الربح، والذي تسبب في رمي عبء هذه الكارثة الطبيعية بشكل مؤلم للغاية على كاهل نساء الطبقة العاملة.
كان على نساء الطبقة العاملة أن يكافحن من أجل كسب حقوقهن وبناء حياتهن المهنية. لكن هذه الأزمة تسلط الضوء على حقيقة أنه على الرغم من “التقدم” الذي تم إحرازه، فإنه لم يتغير أي شيء جوهري في الطبيعة القمعية والاستغلالية لهذا النظام. إنه ببساطة غير قادر على تأمين أي تقدم دائم للطبقة العاملة. وللخروج من الأزمة التي يمر بها النظام، سيعمل الرأسماليون على ضرب كل الإصلاحات السابقة.

الاشتراكية والتحرر
في ظل الرأسمالية لن تحقق النساء أبدا المساواة الحقيقية. ومن أجل تحقيق أي تقدم دائم، نحن بحاجة إلى اقتصاد مخطط ديمقراطيا يمكنه أن يرسي الأساس المادي لإنهاء عدم المساواة والقمع. اقتصاد لخدمة مصلحة الأغلبية، وليس أرباح الأقلية.
في ظل الاقتصاد المخطط سيتم تخصيص الموارد اللازمة لخدمات الرعاية، وسيوجه البحث والتمويل لأجل القضاء على أعباء العمل المنزلي. وسيتم توفير خدمات الرعاية الصحية، مثل الإجهاض، في كل مكان.
وبدلا من دفع قطاع الرعاية الصحية، باسم الربح، إلى نقطة الانهيار، والذي عندما ينهار تكون نساء الطبقة العاملة أكثر من يعاني، سوف يتم ضخ ما يكفي من الاستثمارات في جميع أنظمة الرعاية بحيث لا يمكن لأي كارثة أن تهدد الحق في الوصول إلى الخدمات الأساسية.
ستكون النساء مستقلات اقتصاديا عن الرجال. وفي حالة العنف المنزلي، سيتم تزويد النساء بالسكن في مكان آخر وتمكينهن من الدعم الكافي. وعندما سيتم القضاء على الأساس المادي لعدم المساواة والقمع ستبدأ أسس الشوفينية والتحيز الجنسي وجميع أشكال التعصب في التلاشي، لتختفي في النهاية.
إن النضال من أجل حقوق النساء -النضال من أجل المساواة - هو نضال من أجل تحرر البشرية جمعاء: نضال من أجل الثورة الاشتراكية!
تهدد الجائحة، والكارثة الاقتصادية التي تسببت فيها، بضرب مكاسب عقود من النضالات في سبيل تحرر النساء. لا يمكن للرأسمالية في عصر الأزمات أن تقدم سوى تخريب الإصلاحات. لذا فمن أجل القضاء على الاضطهاد، نحن بحاجة إلى الاشتراكية “.
ـــــــــــــــــــــــــــ
موقع حزب الشعب الفلسطيني – 29 حزيران 2020 (بتصرف)
***********
بيونسيه تطالب الأمريكيين السود
بالتصويت "كما لو كانت حياتنا تتوقف على ذلك"

متابعة "طريق الشعب"
حثّت نجمة الغناء الأمريكية بيونسيه مجتمعات السود على الإقبال على التصويت في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وذلك خلال مشاركتها في حفل توزيع جوائز "بي إي تي" التي تمنح للسود في مجالات الموسيقى، والتمثيل، والرياضة، تكريماً لأعمالهم الإنسانية.
وقالت النجمة التي أهدت جائزتها إلى المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد: "أنتم اليوم تثبتون لأجدادنا أن نضالهم لم يذهب سدى".وأضافت: "أشجعكم على اتخاذ الإجراءات والاستمرار في تغيير وتفكيك نظام عنصري وغير متكافئ... يجب أن نصوّت وكأن حياتنا كلها تعتمد على ذلك، لأنها بالفعل كذلك".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بي بي سي – 29 حزيران 2020

*********
الاحتجاجات الأمريكية: من هم اللصوص الحقيقيون؟
إليوت داونز

إن اللصوص الحقيقيين في الولايات المتحدة ليسوا أولئك الذين يقتحمون متجرا فاخرا لسرقة بنطال أو حذاء أو لعبة لأبنائهم، بل لقد بُنيَت الرأسمالية الأمريكية بالكامل على السرقة. الفقراء يسرقون سرقات تافهة بينما الأغنياء فاحشو الثراء، أولئك الذين بنوا ثرواتهم على تاريخ من الاستغلال والاستعباد، يسرقون كلّ يوم وعلى نحو ممنهج.
تصاعدت السرقات أثناء جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي تبعتها. وبحسب تقرير مشترك بين مجموعة “أمريكيون لعدالة الضرائب” ومعهد دراسات السياسة الأمريكي، فقد تضخمت ثروة مليارديرات الولايات المتحدة في الإجمالي بمقدار 434 مليار دولار منذ اندلاع الجائحة في منتصف مارس. في الوقت الذي دُفع فيه عشرات الملايين من العمال الأمريكيين إلى صفوف البطالة ليجدوا أنفسهم فجأة حائرين أمام تكاليف طعامهم أو إيجارات منازلهم، تتدفق مئات المليارات من الدولارات إلى أغنى أغنياء العالم.
أحد هؤلاء، وهو جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون وأغنى رجل في العالم، قد ازدادت ثروته بمقدار 30 مليار دولار. اضطر تعساء الحظ الذين يعملون في مخازن بيزوس أثناء الجائحة للاعتصام لمجرد الحصول على إجازات مرضية مدفوعة، بالإضافة الى أدوات حماية طبية أساسية، وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي في مواقع العمل. ورصد نشطاء أكثر من 1000 حالة مصابة بفيروس كورونا حتى الآن في مخازن أمازون، وهي نتيجة مباشرة لسياسة “الربح بأيّ ثمن” التي يتبعها الملياردير الأمريكي ويصنع بها ثروته.
على الرغم من الاضطراب الذي أصاب سلاسل الإمداد العالمية، استفاد أيضا فيل نايت، الشريك المؤسس لشركة نايكي، من الكارثة ليجني أرباحا تقدر بـ 10 مليارات دولار في الشهرين الأخيرين. اعترف نايت مسبقا أن منتجات نايكي قد أصبحت مرادفا لأوقات العمل الإضافية القسرية، والأجور المنخفضة إلى حد الاستعباد، والتعسف ضد العمال. لكن على الرغم من محاولاته لغسل صورة الشركة، يدين نايت بثروته التي تقدر بـ37.7 مليار دولار لتلك الممارسات التي ينأى بنفسه عنها.
لا ينتهي الأمر عند هؤلاء الاثنين، فورثة الثروة الهائلة لشركة وول مارت للبيع بالتجزئة، أليس وجيم وروب وولتون، قد شهدوا زيادة في ثرواتهم تقدر بـ 3.6 مليار دولار لكل منهم. وحين تزايدت المبيعات عبر الإنترنت، انقض أعداء النقابات العمالية هؤلاء بشراسة لجني ثمار هذه الزيادة. لم يرض هؤلاء بأن يعيش موظفوهم على أجور بالكاد تقيهم الموت جوعا، وتتجه الشركة الآن لإلغاء الزيادة البائسة -دولاران اثنان- التي منحتها لبعض موظفيها مع بداية الجائحة.
تعتمد إمبراطوريات تجارة التجزئة، مثل الشركات المملوكة لبيزوس ونايت وعائلة وولتون، بشكل كامل على هؤلاء المجبَرين على العمل في ظروف خطرة ومهينة في المتاجر والمخازن والمصانع. وهؤلاء الرأسماليون الطفيليون يكدّسون ثروات طائلة عن طريق نهب فائض القيمة الذي يصنعه العمال الذي يستغلونهم.
هذا ما تحدث عنه كارل ماركس حين كتب: “رأس المال هو العمل الميت الذي يعيش كمصاصي الدماء فقط بامتصاص العمل الحي، وكلما عاش أكثر امتص عملا أكبر”. قبل أن نتهم الفقراء المحتجين بالإضرار بالمجتمع بسبب أعمال العنف والسرقة، علينا أن نتذكر تشبيه كارل ماركس؛ رأس المال هو مصَاص الدماء يعيش على حساب العامل الفرد وحياة المجتمع الذي يعيش فيه. مهما عظم قدر السرقة والعنف من المحتجين في شوارع الولايات المتحدة اليوم، لا يقارن ذلك بالجرائم اليومية للرأسمالية. هؤلاء المحتجون “اللصوص” لا يدمّرون المجتمع، بل انهم يستردون أجزاء صغيرة مما سُرق منهم. وجل ما نتمناه أن يستردوا ما تبقى في القريب العاجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع (الاشتراكي) – 23 حزيران 2020
*************
ص11
أنجيلا ديفيس:
علمنا أن دور الشرطة كان حماية التفوق الأبيض
أنجيلا ديفيس .. الناشطة المخضرمة في مجال الحقوق المدنية تتحدث بشأن نشأتها في أمريكا، وفرصة حركة “حياة السود مهمة” وما يلهمها لمواصلة النضال.
نحن في عام 1972، وأنجيلا ديفيس تجيب على سؤال حول ما إذا كانت توافق على استخدام العنف من قبل الفهود السود. إنها تجلس خلف جدران زنزانة في سجن ولاية كاليفورنيا، ترتدي سترتها الحمراء مع شعرها الأفريقي وسيجارتهاالمشتعلة، تحدق بالمحاور السويدي وترد مباشرة:
“تسألني هل أوافق على العنف؟ لا معنى لذلك. وهل أوافق على البنادق؟ لقد نشأت في برمنغهام، ألاباما. قُتل بعض أصدقائي المقربين جدا بقنابل - قنابل زرعها عنصريون. أتذكر، منذ أن كنت صغيرة جدا، صوت انفجارات القنابل في الشارع واهتزاز المنزل ... لهذا السبب، عندما يسألني أحدهم عن العنف، أجد أنه أمر لا يصدق، لأنه يعني أن الشخص الذي يطرح هذا السؤال ليس لديه أي فكرة على الإطلاق عما مرّ به السود وعاشوه في هذا البلد منذ اختطاف أول شخص أسود من شواطئ أفريقيا”.
تفسّر ديفيس الرموز خلال مشاهدة المقطع القصير. لقد تم تخليدها في الفيلم الوثائقي (شريط القوة السوداء) The Black Power Mixtap في عام 2011، وتم نشر مقاطع من المقابلة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة في مينيابوليس، الامر الذي أثار احتجاجات عالمية ضد عنف الشرطة. تتم مشاركة كتابها لعام 1981 بعنوان “النساء والعرق والطبقة” على نطاق واسع كقراءة أساسية لأي شخص يرغب في التعرف على طريقة كونه مناهضا للعنصرية فعليا، جنبا إلى جنب فيلم (النار في المرة القادمة) The Fire Next Time لجيمس بالدوين، والسيرة الذاتية لفريدريك دوغلاس.
تبلغ ديفيس الآن 76 عاما، تتحدث عبر منظومة الزوم من مكتبها في كاليفورنيا. فهل تشعر الآن أنه بعد سنوات عديدة، من الممكن إجراء تغيير ذي معنى؟ تجيب ديفيس: “حسنا، بالطبع، قد يكون الأمر مختلفا. لكن هذا غير مضمون”. إنها نبرة حذرة ومفهومة من ديفيس، التي شاهدت كل شيء منذ تمرد واتس وفيتنام إلى فيرجسون والعراق. “بعد لحظات عديدة من الوعي الدرامي وإمكانيات التغيير، أنواع الإصلاحات التي تم إجراؤها في أعقاب ذلك حالت دون تحقيق الاحتمالات الراديكالية”.
إنها، بشكل عام، تشعر بمعنويات قوية بعد الاحتجاجات الضخمة التي أثارتها وفاة فلويد. وعلى الرغم من أن احتجاجات واسعة النطاق كانت في السنوات الأخيرة حتى عام 2014 - بعد وفاة مايكل براون، وآخرين بما في ذلك تامير رايس، وساندرا بلاند، وإريك غارنر - تعتقد ديفيس أنه في هذه المرة تغير شيء ما. هذه المرة، بدأ البيض يفهمون.
“لم نشهد أبدا تظاهرات متواصلة ومتنوعة بهذا الحجم”، تقول ديفيس، “لذا أعتقد أن هذا هو ما يمنح الناس قدرا كبيرا من الأمل. سأل كثير من الناس سابقا، ردا على شعار “حياة السود مهمة”، “ولكن ألا يجب أن نقول حقًا أن جميع الأرواح مهمة؟” الآن أخيرا بدأوا يفهمون الأمر، أنه طالما أن السود لا يزالون يعاملون بهذه الطريقة، طالما ظل العنف العنصري على ما هو عليه، فلن يكون هناك أحد بأمان”.
إذا كان أي شخص مؤهلا لإجراء تقييم للوضع الحالي، فهي ديفيس. لقد أمضت خمسة عقود في حملة فكرية من أجل العدالة العرقية، ومع ذلك فإن القضايا التي تابعتها، إصلاح السجون، وتمويل الشرطة، وإعادة هيكلة نظام الكفالة، كانت تعتبر حتى وقت قريب متطرفة للغاية بالنسبة للفكر السياسي السائد. كان هناك شعور بأنها بقيت متجمدة في زمن ما، أنها تنتمي إلى ما كان يسمى في الستينيات بالأناقة الراديكالية وكأن أفكارها قد عفا عليها الزمن. في زاوية شخصية مكتوبة في عام 2016، سأل أحد المحاورين في وول ستريت جورنال الزملاء عما إذا كانوا يعرفون من هي ديفيس، لا أحد تحت سن 35 عاما عرفها.
ربما أصبحت ديفيس رمزا للعدالة الاجتماعية بعد 50 عاما من بلوغها الصدارة، لكنها تصر على أنها تستمد الكثير من الجيل الجديد من المحتجين والمفكرين السياسيين. تقول: “أرى هؤلاء الشباب أذكياء للغاية، وتعلموا من الماضي وطوروا أفكارا جديدة. أجد نفسي أتعلم الكثير من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما. وهذا مثير بالنسبة لي. وهذا يجعلني أرغب في الاستمرار بالنضال”.
“أعتقد أنه من المهم حقا أن نشير إلى أنه على الرغم من اتساع رقعة الاستجابة الجديدة، فإن الصراعات ليست جديدة”. لا تريد ديفيس أن يتم الآن تجاهل تأثير التنظيم المجتمعي وورش العمل التعليمية وبنوك الطعام، العمل الشعبي الذي قاده الفهود السود في الستينيات. وتضيف: “لقد تكشفت الصراعات منذ فترة طويلة، ما نشهده الآن يعرض بالعمل الذي يقوم به الناس والذي لم يحظ بالضرورة باهتمام إعلامي”.
تستشهد ديفيس بعسكرة الشرطة الأمريكية بعد فيتنام، وإمكانية إصلاح السجون بعد انتفاضة سجن أتيكا في عام 1971، والتي لم تتحقق، على الأقل ليس بالطريقة التي تخيلتها هي. ارتفع عدد السجناء في الولايات المتحدة من حوالي 200 ألف وقت أتيكا إلى أكثر من مليون سجين بحلول منتصف التسعينيات. وتقول: “بالنظر إلى تلك الفترة، أدركنا أن الإصلاحات ساعدت بالفعل على تعزيز المؤسسة نفسها وديمومتها. وهذا هو الخوف الآن”.
ما هي النصيحة التي ستقدمينها لحركة “حياة السود مهمة”؟ تجيب ديفيس: “إن أهم شيء من مكاني هذا، هو البدء في التعبير عن الأفكار حول ما يمكننا القيام به بعد ذلك”.
هذا بالطبع سؤال كبير وتصعب الإجابة عليه في خضم الاحتجاجات المتزايدة حول العالم. هناك شيء واحد توضحه ديفيس هو أن لحظات مثل حرق مقر شرطة في مينيابوليس أو إزالة تمثال إدوارد كولستون في بريستول ليست هي الإجابة النهائية.
وتقول عن إزالة التمثال: “بغض النظر عما يعتقده الناس عن ذلك، فهذا لن يحدث تغييرا حقا. بل إن ما يغيّر هو التنظيم. إنه العمل. وإذا استمر الناس في القيام بهذا العمل، واستمروا في تنظيم مناهضة العنصرية وتوفير طرق جديدة للتفكير في كيفية تحويل مجتمعاتنا، فهذا ما سيحدث الفرق”.
ــــــــــــــــــ
(الاتحاد) الحيفاوية – ترجمة: بشار يحيى – 26 حزيران 2020
*********
العنصرية: متلازمة الأنظمة الرأسمالية
المدعية الإنسانية !
زين بريدي


قبل الخوض في أزمة العاملات الأجنبيات المتراكمة منذ سنوات عديدة، وقبل البحث في النظرة اللبنانية الدونية للمساعدات المنزليات، لا بد من التذكير بأن مآسي كثيرة حدثت على خلفية العنف ضدهن، وقد شهدنا في عدة مرات إما تعنيفهن أو انتحارهن بسبب سوء المعاملة التي يتعرضن لها في بعض المنازل.
ومع حلول جائحة “كورونا” على لبنان، كان للعاملات الأثيوبيات “حصة الأسد”، ولكن ليس من ما تدعي العائلات إعطاءهن: “بياكلوا قبلنا”، منشتريلن أحلى تياب” (مع العلم أن مأكلهن وملبسهن ليس بكرم أخلاق بل من حقوقهن الطبيعية)، بل حصة الأسد من الأسى والمعاناة و” التّعتير”.
فمن جهة “كورونا” والحجر المنزلي وما حمل من ازدياد حالات العنف، ومن جهة أخرى أزمة سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية والارتفاع الجنوني لسعر الصّرف، الأمر الذي صعّب دفع رواتب العاملات المنزليات فزاد ذلك من مأساتهن في “سويسرا الشرق” أزمة جديدة، وذكرى سوداء جديدة.
في مشهد مقيت، في صورة أقل ما يقال فيها أنها “مزرية”، جلست العاملات الأجنبيات على الأرصفة بعد أن تم طردهن من المنازل، مع العلم أن بعضهن لم ينل حقوقه المتراكمة، ولم يستطع الحصول على كامل مستحقاته. وطبعا لا وجود لقانون يحمي العاملات الأجنبيات في دولة “كل مين إيدو إلو”.
ومن أبرز شروط عودتهن إلى بلادهن أن يكون الحجر المنزلي عند الوصول إلى أثيوبيا على نفقتهن الشخصية. مع العلم أن تكلفة الليلة الواحدة هي 50 دولار أميركي، يعني مجموع التكاليف بغض النظر عن سعر التذكرة هو 700 دولار أميركي، أي ما يساوي مدخرات 3 أشهر كاملة بأفضل تقدير.
وفي مشهد مقزز، يدل على النظرة الفوقية المقرفة لبعض المواطنين اللبنانيين، قام بعض الشبان بالتحرش اللفظي، وعرض المال على العاملات اللواتي افترشن الطريق مقابل “خدمات جنسية”، مستغلين الحالة المحزنة، والفقر والتشرد الذي تعاني منه هؤلاء النساء.
أمامنا حالتان مختلفتان في بلدين مختلفين أيضا ولكن النظام واحد، والعنصرية المستترة واحدة. في لبنان مجتمع يدّعي الحضارة والرقي والتقدمية، في بلد لا وجود فيه بالأساس لقانون أو مرسوم يحدد فيه ما يحمي الحد الأدنى من حقوق العمال الأجانب. يعامل ذوي البشرة السوداء على أنهم بشر من درجة ثانية، أو من الفضاء الخارجي. وفي الولايات المتّحدة الأميركية، بلد الحريات الكاذبة، دولة تتغنى وتتفاخر بكونها المدافع الأول عن حقوق المغبونين في العالم، يتعرض فيها ذوو البشرة السوداء وغيرهم من أصول غير “قوقازية” للعنف بشكل يومي خلف الكواليس من قبل السلطة نفسها التي تلعب دور “حامي الضعفاء” دوليا.
تختلف أشكال العنصرية وتتعدد الممارسات التي تهين الإنسان وكرامته، ولكن هذه الظواهر لطالما وجدت، وستبقى حاضرة في مجتمعاتنا ما دامت المنظومة العالمية الحالية سائدة اقتصاديا واجتماعيا والتي فيها يستعبد “القوقازي” الأفريقي، ويستبد صاحب رأس المال من هم تحت رحمته، لتبقى الإنسانية عبارة عن شعارات رنانة لا وجود لها إلا في بعض البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة.
ـــــــــــــــــــــــــ
النداء – 19 حزيران 2020 (بتصرف)
*************
ص12
ماركس - لينين وبعض الذكرى
ناصر حسين

في الثاني والعشرين من نيسان لهذا العام 2020 حلت الذكرى السنوية الخمسين بعد المائة لميلاد لينين. وفي الخامس من ايار حلت الذكرى الثانية بعد المائتين لميلاد ماركس. كارل ماركس الهولندي الاصل الالماني الولادة والتجنس والنشأة تخصص في دراسته الجامعية بعلم الفلسفة وكانت رسالته العلمية حول فلسفة ابيقور الذي كان ماديا وهذا ما ساعد على ان يكون كارل ماركس ماديا أصيلا. واستوعب الجدل من الجدل اليوناني.
في المانيا درس ديالكينك هيغل فوجده قاصرا ولقد كان هيغل مثاليا في تفكيره فتحول الى معسكر الفورباخية كما يذكر انجلز في مؤلفه (مادية فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية ). وفوجئ هنا بان مادية فورباخ قاصرة ايضا نصفها مادي والنصف الاخر مثالي كما ان فورباخ لم يكن جدليا في منهجه.
ولهذا لا يمكن القول بان ماركس جمع مادية فورباخ مع ديالكنيك هيغل جمعا ميكانيكيا فأعطانا (المادية الجدلية).
في حاشية كتبها انجلز لمؤلفه (مادية فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية) ورد النص التالي:
( انا لا استطيع ان انكر انني اشتركت بصورة مستقلة الى حد ما قبل واثناء تعاوني خلال اربعين سنة مع ماركس سواء في تثبيت النظرية التي نتكلم عنها ام في وضعها على الاخص ولكن الجزء الاكبر من الافكار الاساسية الموجهة وخاصة في الميدان الاقتصادي والتاريخي ولاسيما فيما يتعلق بصياغتها الواضحة النهائية انما هي جميعها ترجع الى ماركس وما اسهمت به انا كان بإمكان ماركس ان يفعله بكل سهولة بدوني – ربما باستثناء ميدانين او ثلاثة من الميادين الخاصة ولكن ما فعله ماركس ما كان في استطاعتي انا ان اقوم به ابدا ان ماركس كان اعلى منا جميعا وكان يرى ابعد واوسع واسرع منا جميعا ان ماركس كان عبقريا اما نحن فكنا على اكثر تقدير – موهوبين ولولاه لكانت نظريتنا بعيده جدا عما هي عليه اليوم ولهذا فأنها تحمل بجدارة اسمه). وأـذكر جيدا ان احد معارفه كتب عنه يقول ( كان ماركس يسبق عصره بمائة عام ).
لينين كتب عن ماركس في مؤلف له مترجم الى اللغة العربية عنوانه (ماركس , انجلز والماركسية) قائلا ما معناه ان ماركس اعتمد ثلاث مصادر اسماها بالمصادر الثلاث في مقالته المعنونة ( مصادر الماركسية الثلاث واقسامها المكونة الثلاثة) وكانت الفلسفة الكلاسيكية الالمانية , الاقتصاد السياسي الانكليزي, الاشتراكية الفرنسية.
وقد اضاف سلامة كيلة الى هذه المصادر الثلاث مصدرا رابعا وهو حسب رايه (تطور الفكر البرجوازي اللبرالي). يمكن بهذا الخصوص الرجوع الى مؤلف لينين المشار اليه ومؤلف سلامة كيلة المعنون (من هيغل الى ماركس- موضوعات حول الجدل المادي ).
في الذكرى المائتين لميلاد ماركس كانت لي مساهمة في الملف الذي اصدرته جريدة طريق الشعب واتذكر ان الملف الذي اصدرته بتلك المناسبة جريدة المدى, تضمن ما نشر لي في ملف طريق الشعب بالنص وبكامله.
لذا لا اريد العودة الى ما كتبته سابقا هنا اريد التركيز على تمييز ماركس بين الاماني والتصورات والرغبات و بين منطق الحياة الموضوعي المستقل عن البشر. عام 1848 كما معروف كانت هناك ثورات عمالية في المانيا وفرنسا وغيرها من بلدان اوروبا وقد اخذت طابع اقامة المتاريس في الشوارع في مواجهة القوات الحكومية التي تمكنت في نهاية المطاف من السيطرة على الاوضاع وافشال تلك الهبة الثورية .
بعد عامين تجددت الثورات في اوروبا وقد تحدث ماركس عن ثورات 1850 بالتفصيل وطرح وبطهارة ثورية نقدا ذاتيا لأنفسهم معطيا بذلك درسا بليغا لكل الثوريين في العالم.
كتب ماركس يقول عن ثورات 1850 على ما اتذكر لقد اعطتنا الحياة درسا بليغا، وصفعتنا صفعة قوية واثبتت لنا (كم كنا واهمين عندما تصورنا ان ثورات 1850 ستكون نسخة طبق الاصل من ثورات 1848) فبدلا من الشارع ونصب المتاريس , كانت الثورات ثورات قصور استهدفت رفع العقبات بوجه تطور الرأسمالية وازدهارها وتوسعها افقيا بحيث وصلت الى حدود روسيا).
كان ماركس ديالكنيكيا, يؤمن بعكس الميتافيزيك انه لا سكون في الحياة , بل هناك الحركة ولا سرمدي في الوجود غير الحركة . وطبيعي ان الحركة في استمراريتها تطرح جانبا ما شاخ من ظواهر حياتية وتفرز الجديد بعد الجديد. وهذا ما حدا به وبأنجلز ان يؤكد ان البيان الشيوعي الاول – المانيفسيت ( قد شاخ في بعض مواقعه) واوضحا في المقدمة التي كتباها ووقعاها سوية للطبعة الالمانية للبيان الصادر عام 1872 والمنشورة في الكتاب الاول للمختارات ( رغم ان الظروف تبدلت كثيرا خلال السنوات العشرين الاخيرة فالمبادئ العامة في هذا البيان لا تزال بلا جدال محافظة حتى اليوم على كل صحتها وان كان يجب ادخال بعض التعديل على عدد من الفقرات. ان البيان نفسه يوضح ان تطبيق هذه المبادئ يتعلق دائما وفي كل مكان بالظروف والاوضاع التاريخية في وقت معين فلا تعلق اهمية قائمة بذاتها على التدابير الثورية المذكورة في نهاية الفصل الثاني. ونحن لو عمدنا الى انشاء هذا المقطع اليوم لاختلف في اكثر من نقطة عن الاصل. وقد شاخ هذا البرنامج اليوم في بعض نقاطه نظرا للرقي العظيم في الصناعة الكبرى خلال السنوات الخمس والعشرين الاخيرة وما رافق هذا الرقي من تقدم الطبقة العاملة في تنظيمها الحزبي, ونظرا للتجارب الواقعية التي تركتها ثورة شباط اولا, ثم على الخصوص كومونة باريس حين كامت السلطة السياسية لأول مرة بين ايدي اليروليتاريا لمدة شهرين ).
ومعلوم ان لينين في استعراضه لتجربة كومونة باريس ذكر ان ماركس (سار الى جنبها يقترح عليها ويتعلم منها).
لقد كانت تجربة ثورات 1848وثورات1850 وفيما بعد كومونة باريس فرصة ثمينة لماركس كي يرى الفكر في التطبيق في الممارسة، للتوثق من صحة التعاليم وكيف تشذب فيخرج منها ماشاخ وتخطته الحياة ويضاف اليه ما استجد من وقائع ودروس.
ماركس كما معلوم طرح في المانيفيست عن رفع ايرولتياريا الى طبقة سائدة ولكن كيف؟ هذا ما تركه للحياة لتوضح كيف؟ اما في مؤلفه الثامن عشر من برومير لويس يونابرت) وعلى ضوء تجارب ثورات 1848 و1850 كتب عن ان اليرولتياريا في ثورتها (تقوم بتحطيم جهاز الدولة الذي بنته البرجوازية لنفسها) وكما ورد في المقدمة المشار اليها للمانيفيست ( ان الطبقة العاملة لا يمكن ان تكتفي بالاستيلاء على جهاز الدولة القائم واستخدامه في غاياتها الخاصة). وبذلك احرز تقدما هاما على ما طرح في المانيفيست . ولكن ما هو البديل ؟ لم يطرح شيئا عن البديل . ان البديل طرحته الجياة في الفترة التي استلمت اليرولتياريا فيها السلطة ولمدة شهرين هي ايام كومونة باريس.
لقد جاء مؤلف ماركس ( الحرب الاهلية في فرنسا) ليوضح تجربة كومونة باريس عام 1871. في هذا المؤلف استعرض ماركس الاجراءات التي اتخذتها الكومونة وفي النهاية جاء وبالنص (يسألونك عن دكتاتورية اليرولتياريا... انها هي دكتاتورية اليرولتياريا). ومعلوم ان ماركس في رسالة بعث بها عام 1852 الى يوسف فايديمير فهمه لدكتاتورية اليرولتياريا)( ليست غير ممر الى القضاء على كل الطبقات والى المجتمع الخالي من الطبقات ). وقد استعرض لينين في مؤلفه ( الدولة والثورة) هذا التطور في فكر ماركس وطرحه لهذه المسالة الحيوية وهي تتعلق بمسالة السلطة ن خلال رصده الدقيق لحركة الواقع الموضوعي وتطوراته المستقرة ومن المفيد لدى الرجوع الى ( الدولة والثورة ) الرجوع ايضا الى مقالة لينين المعنونة (مصائر مذهب كارل ماركس التاريخية) والمنشورة في الكتاب الاول من مختارات لينين.
اجل ماركس اعتبر كومونة باريس سلطة دكتاتورية البرولتياريا بعد عرضه لما انجزتهه الكومونة في مؤلفه (الحرب الاهلية في فرنسا) وبالإمكان العودة اليه هنا اتذكر ان ابرزها كان الغاء الجيش والاستعاضة عنه بالشعب المسلح , تخفيض الرواتب للموظفين الى مستوى رواتب العمال والانتخاب المباشر للموظفين... الخ.
وللزيادة في الوضوح اختتم انجلز المقدمة التي وضعها المؤلف ماركس (الحرب الاهلية في فرنسا) بالفقرة التالية:
( في الآونة الاخيرة شرع رعب ناجم من كلمتي دكتاتورية اليرولتياريا يستبد من جديد بالتافهين الضيقي الافق الاشتراكيين الديمقراطيين . هل تريدون ان تعرفوا ايها السادة المحترمون كيف تبدو هذه الدكتاتورية , انظروا الى كومونة باريس . فقد كانت دكتاتورية اليرولتياريا وفي نفس المقدمة التي كتبها انجلز عام 1891 ورد ( لقد كان على الكومونة ان تعترف منذ بداية الامر بانه على الطبقة العاملة – وقد جاءت الى الحكم انها لا تستطيع ان تستمر في تصريف الامور بواسطة جهاز الدولة القديم وانه ينبغي على الطبقة العاملة لكي لا تفقد ثانية الحكم الذي ظفرت به آنفا ان تطيح بجهاز الاضطهاد القديم جميعه الذي كان يستخدم سابقا ضدها).
هذا ما طرحه ماركس بخصوصها. لقد ارد منها بناء المجتمع الخالي من الطبقات, المجتمع الشيوعي الذي وصفه بنفسه بانه ( مجتمع الاناس الاحرار المتساوين , المجتمع الذي تتدفق منه الخيرات المادية كالمسيل).
ومن الضروري الاشارة هنا الى توصية ماركس وانجلز عن ضرورة التعامل مع الماركسية على انها مرشدا للعمل وليست رافعا هيكليا).
ماركس غادر الحياة في 14اذار 1883 وقد ارخ لينين لهذه الوفاة في مؤلفه (ماركس انجلز والماركسية) بالقول:
(في الثاني من كانون الاول سنة 1881 ماتت زوجته . وفي14اذار 1883 رقد ماركس في كرسيه رقادا اخيرا هادئا ودفن مع زوجته وخادمتهما الامينة هيلين ديموت التي اصبحت كانها احد اعضاء العائلة وذلك في مقبرة هايفات في لندن)
******************
ص13
الصالحي:
الفلسطينيون يهمّهم وقف الضم وليس توقيته وتجزئة مراحله

متابعة “طريق الشعب”
استضافت إذاعة “مونت كارلو الدولية” مساء الاثنين، الرفيق بسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتمحور اللقاء الذي جاء قبل ٢٤ ساعة من الموعد الذي حدده رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمباشرة مخطط الضم على الارض، وعقب تصريحات بني غينتس وزير ”الأمن” الاسرائيلي الذي اعتبر أن الأول من تموز ليس موعدا مقدسا لتنفيذ المخطط.
جاء في ردود الصالحي:
* ما يجري داخل الائتلاف الحكومي في اسرائيل، هو تعبير عن التحايل الجاري بين حكومة الاحتلال والادارة الامريكية حول تجزئة تنفيذ مخطط الضم وتوقيته واللعب على المعارضة الدولية. وهذا كله جزء من عملية حملة التضليل التي يديرها نتنياهو من خلال غينتس وغيره.
* الائتلاف الحكومي الاسرائيلي يقوم على اتفاق يتضمن الضم والموافقة على “صفقة القرن” التي تشمل ذلك أساسا، ولكن هناك اجتهادات حول الآليات وكيفية تمرير هذا المشروع دون أن تكون هناك معارضة رسمية عربية أو دولية. لا يوجد لديهم خلاف حول جوهر الموقف ومخطط الضم، انما حول كيفية قطع الطريق على رد الفعل الفلسطيني والخشية من حالة انتفاضة شعبية واسعة. وبالتالي الخلاف حول ذلك هو تكتيكي لامتصاص ردود الفعل.
* ما يعنينا نحن الفلسطينيين ان هناك مرحلة انتهت بالكامل، والمطلوب وقف الضم وإنهاء الاحتلال عن أراضي الدولة الفلسطينية وخطوات فعلية جدية من أجل التقدم لإنهاء الاحتلال، فالقضية ليس في مواعيد وشكل الضم وانما في انهاء الاحتلال ويجب تركيز كل الجهود لتحقيق ذلك.
* الفلسطينيون يهمهم وقف مخطط الضم وليس توقيت وتجزئة مراحله، والقضية والمهمة الاساسية إنهاء الاحتلال وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.
موقع حزب الشعب الفلسطيني – 30 حزيران 2020
***********
يا متضررو العالم من العنصرية اتحدوا !
هادي زاهر


قد لا يختلف تعريف العنصرية من مكان إلى آخر، وهي نرجسية جماعية إذا جاز لنا التعبير، توحّد مجموعة بشرية تشعر بسموها وترفعها عن الآخرين لتندفع في ممارساتها إلى الأمام وبدون فرامل، تدهس كل من يأتي أمامها دون أي اعتبار إنساني، معتقدة بأن من حقها السيطرة على الآخرين والتلاعب بمقدراتهم.
في بلادنا تمارس العنصرية ضد أصحاب الأرض وفي أمريكا ضد أصحاب البشرة السوداء، وفي هذا السياق أتذكر قولا مأثورا للزعيم مارتن لوثر كينغ: “الظلم في مكان ما يمثل تهديدا للعدل في كل مكان”. ونضيف بأن ظلم الولايات المتحدة لشعوب العالم قاطبة والتي تقتل في كل مكان ولا تمتثل للقرارات الدولية وتمنح ما ليس لها لمن تريد وتفرض الحصار على الشعوب وتمنع مرور المواد الغذائية والطبية، هو شجع الجريمة على نطاق الكرة الأرضية كلها.
ولو عدنا لممارسات السلطات القضائية في بلادنا تجد مثلا أنه عندما يقتل مواطن يهودي مواطنا عربيا تستبق السلطات الحكم وتوفر للقاتل شهادة طبية تشير بأن القاتل يعاني من اضطرابات نفسية لا تؤهله للمثول أمام المحكمة، كما حدث مع سائق الشاحنة اليهودي الذي قتل جنديا درزيا يخدم في جيش احتلالها، ولو كان القاتل مضطربا نفسيا كان يجب أن يمنع من أن يقود شاحنة وفقا للقانون، وهكذا كما يقول مثلنا الشعبي ما في عند المحتلين “لحية ممشطة” والكلام المعسول ما هو إلا طبطبة على أكتاف البسطاء، والأمثلة كثيرة.
وقبل أن نقفز إلى الولايات المتحدة نلاحظ بأن المتورط في قضايا الفساد يعزز العنصرية في نفوس شعبه للتغطية على الموبقات التي ارتكبها، كما أننا نلاحظ ومن خلال مجالات عملنا بينهم مدى العنصرية المتفشية خاصة عندما يكون هناك خلاف بين العرب، نسمعهم يقولون “دع” أحدهما يقتل الآخر.
وطبعا، “إن خلت بلت”، هناك قوى ديمقراطية في البلاد ولكن صوتها الهادر يبقى خافتا! وذلك بسبب تفشي العنصرية المهيمنة على الأجواء، من هذه الأصوات النقية صوت زعيم الحزب الشيوعي السابق ماير فلنر الذي طعن في ظهره في محاولة لاغتياله، وصوت البروفيسور زئيف شتيرنهيل الذي فارقنا قبل أيام، وكان (مجهولون) قد وضعوا عبوة ناسفة على مدخل بيته، وصوت الكاتب العبري التقدمي جدعون ليفي، وكنت قد اقترحت على مترجم الكتاب الكاتب أمين خير الدين قبل صدوره تسمية الكتاب “عارنا في فلسطين” على خطى “عارنا في الجزائر لـ”جان بول سارتر”، إلا أن المترجم أعلمني بأن الكاتب قرر غير ذلك، وصوت البروفيسور يهودا شنهاف أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة تل أبيب ومعهد لير في القدس والذي يقول: “نحن لا نحب أن نفكر عن أنفسنا أننا عنصريون وأن العنصرية هي جزء لا يتجزأ من حياتنا”.
لا نريد أن نطيل مكوثنا هنا، ونطير إلى الولايات المتحدة حيث ما زالت المظاهرات مستمرة بعد مقتل جورج فلويد الذي كان القشة التي قصمت ظهر الجمل، وهنا لا نستطيع إلا ان نعود إلى العظيم مارتن لوثر كينغ زعيم السود (1929- 1968) الذي استطاع بعمره القصير أن يشحن المضطهدين ذوي البشرة السمراء وغيرهم بالعزيمة والجاهزية النضالية.
لم يشأ مارتن أن يحارب العنصرية بالعنصرية وقد حاول الرئيس ليندون جونسون شراء صمته ضد الحرب الإجرامية على فيتنام، إلا أنه رفض كل الاغراءات، وقد حدّد موقفه هذا في “خطبة الحلم” الشهيرة، فبعد عدة محاولات لاغتياله أدرك بأن نهايته قد اقتربت من هنا أراد أن يودع أنصاره فقال في خطبته:
“لا تقولوا بأني حصلت على عشرات جوائز، منها جائزة “نوبل” قولوا بأن مارتن سعى إلى تكريس حياته خدمة للآخرين، وقد حاولت أن أطعم الجائع وان أغطي العريان”.
وهنا يلتقي قول مارتن أعلاه مع قول غاندي العظيم: “أعتبر نفسي مسؤولا عمّا في الدنيا من مساوئ لم أحاربها”.
وأخيرا، لقد امتدت المظاهرات المعادية للعنصرية في الدول المتنفذة، وتم إزالة تماثيل ورموز العنصرية في عواصم ومدن كثيرة من العالم، ولكن ماذا عندنا، هل كانت هناك محاولات لمحاربة العنصرية بالزخم المطلوب، هل تم إيجاد صيغة لربط محاربة العنصرية في أمريكا والدول الاخرى مع محاربة العنصرية في اسرائيل التي تزداد يوميا وتتسرب إلى كل المنافذ الحياتية؟ وهل سننسّق شيئا ما للتصدي لما هو مقبل؟
الاتحاد (الحيفاوية) – 28 حزيران 2020 (بتصرف)
**********
ربع البريطانيين يكابدون لتوفير لقمة العيش
في خضم أزمة كورونا
متابعة “طريق الشعب”
يواجه شخص من بين كل أربعة راشدين في المملكة المتحدة مشقّة في الحصول على طعام يقدرون على تحمل نفقاته في خضم وباء فيروس كورونا، ما يجعلهم عرضة للجوع واحتمال سوء التغذية، وفق تحذيرات تقرير بحثي جديد.
وقد أجري البحث بالتعاون بين جمعية “فيد بريتن” (إطعام بريطانيا) الخيرية و”مختبر العيش الصحي” التابع لجامعة “نورث آمبريا”. ويشير إلى أن صعوبات تسديد الفواتير وتوفير الطعام باتت الآن تشمل مجموعة أوسع من العائلات، إلى جانب تلك الأشد فقراً، وذلك ناجم في الغالب عن فقدان الدخل أو مشكلات في نظام المعونات الحكومية.
تلك النتائج، المبنية على مسح شمل 1004 مشاركين، تظهر أن قرابة 25 في المئة من البالغين الذين لديهم أطفال يهتمون بهم، كانوا يأكلون كميات أقل من الطعام خلال الوباء قصد إطعام أبنائهم. وكذلك حاول نصفهم تدبّر أمرهم عن طريق شراء مواد غذائية أرخص لا يختارون شراءها في العادة، فيما ترتفع هذه النسبة إلى تسعة من أصل كل عشرة بالغين ممن يعيشون في الأسر الأشد فقراً.
وذكر أندرو فورسي، مدير جمعية “إطعام بريطانيا” الخيرية، أن “هذا المسح يكشف الجهود التي يبذلها ملايين الناس في بلادنا من أجل إطعام أنفسهم وعائلاتهم أثناء الجائحة. كذلك يظهر المشقة المتزايدة التي يواجهها عدد كبير جداً منهم في إنجاز ذلك، بينما يسعون إلى الحفاظ على كرامتهم واستقلاليتهم واكتفائهم الذاتي”.
وأضاف أنه بات من الواضح بشكل متزايد الآن أن مجموعة أوسع من العائلات، إضافة إلى تلك الأشد فقراً، تكافح في سبيل تسديد الفواتير وتأمين الطعام، وتعرّض نفسها للجوع وربما سوء التغذية، بسبب اجتماع الدخل المنخفض مع العزلة التي تعقب عادة فقدان الدخل، إضافة إلى مشكلات في نظام الإعانات الحكومية.
في سياق متصل، ذكرت البروفيسورة غريتا ديفيتر، مديرة “مختبر العيش الصحي” أن النتائج قدّمت صورة “مخيفة” عن النسبة المرتفعة من الراشدين ممن يعيشون غياب الأمن الغذائي في المملكة المتحدة.
اندبندنت عربية – 29 حزيران 2020
*******************
ص14
قراءة
فلاح رحيم: “صوت الطبول من بعيد”
صبري الحيدري


لا يمكن لنا تقديم ورقة جرد دقيقة حول ما كُتب من روايات أو قصص قصيرة عن الحرب العراقية الإيرانية 1980 ـ 1988، ولكننا نقول باطمئنان إن الأغلب الأعم وهو كثير بلا شك كُتب بعجالة تفتقر إلى التروي في موضوع كبير اسمه الحرب. كما أنه كتب بعاطفة جياشة كون البلد الذي يخوض الحرب ماض إلى المجهول.
إن كل الحروب التي عاشها العالم هي تفريغ وخراب تام للبنى والمجتمعات من صلات حميمة وإنسانية، يكون فيها الإنسان الذي يتعرض لشراسة الحرب “جندياً” مشاركاً هو وقودها الآن أو بعد حين، هو الضحية الجاهزة الكاملة لمشعلي هذه الحروب، المالكين لزمام المال والقابضين بيد من حديد على السلطة والإنسان، الإنسان بوصفه روحاً وجسداً وتطلعاً وحياة.
رواية “صوت الطبول من بعيد” للروائي فلاح رحيم هي الرواية الاستثناء التي خرجت بعد أكثر من ثلاثة عقود، خرجت بعيداً عن الانتصارات والملاحم والصولات لتؤسس صورة خوف ودمار وهزائم وخيبات لم تتوقف حتى الآن! على صعيد الواقع المعاش، على صعيد العمل، الحب، الأمل، الحلم في فضاء من اللاتوقع والغرابة التي تهدد حاضر الإنسان ومستقبله. هذا الواقع الصعب (الحرب العراقية الإيرانية) يقاومه فلاح رحيم عبر لغة يفجرها كنصال حادة في وجه الحرب، يقاومها بالحياة والحب والعشق والأمل والموسيقى، وبأصوات الطبول الأتية من بعيد، طبول الأسلاف (عمر الخيام) في مفتتح الرواية الذي يبارك الهوى والمتعة واللذة وصحبة الراح!
تتحرك الرواية على وفق عدة مسارات أو ثنائيات ضدية الأهم فيها:
الموت / الحياة
الحرب / الحب
القبح / الجمال
اللامعنى / البحث عن معنى
تبدأ رواية “صوت الطبول من بعيد” مع صعود نجم الديكتاتورية في العراق عام 1980 ومغادرة “سليم كاظم” معسكره في البصرة/ أم قصر بعد إكماله الخدمة المقررة في الجيش. يصل مدينة بغداد وفي منطقة علاوي الحلة يشتري رغيف خبز حار من الفرن، مراقباً حركة الخباز المنقطع إلى مهمته النبيلة، يأخذ الرغيف، وعبر انثيالات حميمة يخاطب الخبز الذي يصفه بالرمز المقدس، وكأن سليم يبحث عن دفء أكبر من دفء الخبز وحرارته يفتقده في حياته، يتحسسه الآن عبر قطعة الخبز الطازجة (ص 15). بعد أيام يعمل مترجماً في شركة “سيمودكس” في الرمادي ليلتقي بالشقراء البولندية بيانكا رمز الحياة والجمال والحيوية، المتزوجة من أوليك مدير الشركة. بينها وبين زوجها علاقة فاترة وجفاء واضح سيغطيه سليم التواق إلى الدفء والحب الذي يعاني ضغطاً يعيشه من قبل السلطة الديكتاتورية التي تطارده كونه ينتمي إلى حزب يساري محظور في العراق.
لا نفهم بوضوح ملامح علاقة الحب بين سليم وبيانكا إلا بالرجوع إلى مشروع الروائي فلاح رحيم وخاصة روايته “حبات الرمل ... حبات المطر” وعلاقة الحب المعقدة بين سليم وهدى الطالبة معه في قسم اللغات الأوربية التي أحبها. وقد جرى التعامل مع هدى برفعها إلى مصاف الإله المعبود عبر لغة تفيض بالأفكار والنزعات الصوفية. الآن سليم مع بيانكا حيّان وراغبان في الوصل، يغترفان المتعة سوية وينصهران بها، عكس هدى التي لم يمسسها مرة واحدة كونها الحب الذي يسمو إلى ما فوق الرغبات والشهوات، فيما تكون بيانكا هي موضع الرغبات الحارة والحس المباشر و”الحب” أيضاً والحياة نفسها.
بعد ثلاثة أشهر على تسريح سليم من الجيش تُستدعى مواليده 1956 لخدمة الاحتياط ويساق بعد فترة تدريب قصيرة إلى جبهات القتال، فالحرب العراقية الإيرانية قد اشتد سعيرها وهناك مدن (خرم شهر، عبدان، ديزفول) تسقط كل يوم على جبهة نار تمتد أكثر من 1500 كيلومتر.
تكشف لنا اليوميات التي كتبها سليم في الخطوط الأمامية لجبهة ديزفول في القسم المسمى “أيامٌ تتطايرُ كالغبار” عن واقع الحرب الكريه بكل إشكالياته، يشدها خيط واحد من انعدام حس الروابط الإنسانية بين الجنود الذين هم كذلك تواقين لحياة أفضل للخروج من مأساة الحرب، أو هي ـ اليوميات ـ تكتب لكي تخفف حالة التوتر النفسي وحتى العقلي لفهم ما يدور ويهدد وجود الإنسان (هنالك من يُقدم على الانتحار من الجنود لقسوة أيامها، ص193) هذه اليوميات قالت ما هو مسكوت عنه مما لم تقله روايات الحرب العراقية الإيرانية.
إن الرائد صبحي والنقيب خالد والجنود هاشم وخضير وماجد وقاسم وعبد وشمخي وويس وآخرين، المقذوقين في الخنادق والملاجئ وعلى السواتر وفي العراء والتراب وفي وحشة المكان والنفي بعيداً في أرض لا يحبونها بغية إقصائهم من الحياة ذاتها، كل هذه الحيوات يطاردها الروائي فلاح رحيم عن طريق بطله سليم كاشفاً عما لم يُجهر به سابقاً من الخوف والضعف والانكسار والهشاشة إزاء موت يتربص بهم الواحد بعد الآخر. فالرائد صبحي وتمسكاً منه بحياته يحرص على إدامة ملجئه بأكوام من التراب معززا سقفه بـ 500 طابوقة (في إشارة إلى أنه يبني قبراً له) بالرغم من أن ملجأه يقع في مكان أسفل مواضع الجنود، ص173. ويأمر جنوده أن يبنوا له مرافق صحية تقع في واد يجبنبه إصابة العدو، ص 181 (ولا يمكن أن نفهم هذا التصرف الكاريكاتيري إلا برصّ الخوف أطناناً! بالرغم من أنه يشير إلى بعد نرجسي في حب الذات). وعريف عبد وتمسكاً بالحياة وانتقاماً من جنديته وخاكيه إن جاز التعبير، فتاريخه العسكري مضطرب، هرب عدة مرات وسُجن، يحلو له الحديث عن هروبه الذي امتد ثلاث سنوات ويذكر تلك الأيام بفخر كأنه كسر رقماً قياسياً، نراه يتنازل عن صنفه (مثبت معلومات) ليصبح مراسلاً للحفاظ على حياته، ص 181 لظنه أنه بذلك يكون في مأمن من الموت إذا ما لاذ بظل ضابط! والعريف هاشم المائل إلى الصمت لأنه مشغول دائماً بالتقاط صوت نسمة ندية نشطة أو طنين أجنحة ذبابة حول رأسه يعتقد أنها فحيح قذيفة هاون أو متوسط أو ثقيل يبتعد عنه، ص184. إنها مزيج من حكمة وسخرية لا تتوفر إلا في هذه الحرب التي دامت ثماني سنوات.
يعيش كل هؤلاء الأشخاص أعلاه في مواضع كأنها القبور الدارسة فهي مظلمة منحوتة في جدار الساتر لا تقدم أماناً وعيشاً إلا للقوارض والسحالي الصغيرة. ليس فيها منفذ للهواء لأنها أمكنة عدوانية وغريبة. تضيق الملاجئ والمواضع بنفسها وبالجنود التي أرهقها الخوف والحر والعرق وسوء التغذية. إنهم ينامون وينتفضون بحركات عصبية كلما اشتد القصف، حتى الطبيعة القاسية يصفها سليم “إنها جميلة لمن يزورها سائحاً لا فأراً محارباً” ص 191. ويقول عن الجنود الذين معه “هنالك أصحاب طيبون هنا لكنك في المحصلة النهائية تكره كل ذلك ولا تجد له طعماً لأن الطبيعة تضمر لك الموت وطيبة الأصحاب مشوبة بتوتر أعصابهم كما أنها لا تمت بصلة لسحر الأنوثة المفتقد.”
ص 191
هنالك أيضاً مسرات صغيرة إلا أنها كبيرة تسمح بها الحرب وهي تصدر عن الجنود أنفسهم، فثمة منهم من يلعب على الرهان بالتعود بمحاولة إصابة كعب الزمزمية بالحجارة، أو سليم الذي يسمع صوت ليلى مراد وهي تغني “أنا أحبك وأفضل أحبك” فتأخذه المقدمة الموسيقية إلى مديات خارج مكانه الترابي. وعندما يغسل سليم رأسه بالماء والصابون بعد مرور عشرين يوماً داخل طبقات من العرق والغبار ثم يغسل جسده حتى يصبح كالريشة في خفته، تصبح هذه الممارسة من الممارسات التي يصعب تكرارها، ص185، أو عندما ينام ولا يزعجه أحد، هي مسرة لا توصف لأنه حقق رغبة تأتي بعد تعب طويل. وهناك مسرة رائعة تضاف إلى سليم وهي أكبر المسرات المفقودة في الجيش. يكتشف ثقباً صغيراً في موضعه يسمح بدخول الشمس، لنطالع ما يقول: “هذا الثقب الصغير يسمح أثناء النهار بدخول شعاع خيط حاد من الشمس إلى قلب عتمة الموضع يبقى مسقطه يتنقل مع حركة الشمس الأزلية حول تلك الحفرة الخانقة.” ص301 يكبر هذا الثقب ويتسع ليتمكن سليم من خلاله قراءة الروايات فيقرأ رواية “عشيق الليدي تشاترلي” للورنس فيرى من خلال الثقب جسد كوني يتناسخ مع جسد بيانكا المفتقدة في هذا التيه الأعمى من جبهة الحرب الشرقية. بيانكا ذات الجسد الايروتيكي التي يسترجعها سليم كي يمارس معها فعل الحياة النابض بديمومة البقاء على قيد الحياة مهما كلف الأمر، بيانكا الحاضرة داخل مستويات السرد زمانياً ومكانياً، وتكاد تحتل النص كله كحبيبة وعشيقة، هي أيضاً هدى التي ضيعها سليم عبر مثالية مفرطة، لذا ستكون هي حواء التحدي لسليم/آدم (الفصل العاشر من القسم الأول/ فاصل غريب) لتثمر هذه العلاقة (اللعبة كما يسميها سليم) عن وصال جنسي حميم ومتدفق بين سليم وبيانكا لتعود الحياة إليه وإلى جسده (القسم الثاني/ أيام تتطاير كالغبار/ الفصل الثاني المروي على لسان الراوي وسليم مختفياً وحاضراً في السرد).
مع موت كريم ـ شقيق سليم ـ المأساوي والذي لم يأت في أوانه عمرياً تخفت الرواية عن قصد، ويتحول بطلها المركزي/ الثوري / اليساري/ المثقف/ القارئ/ المترجم سليم إلى كتلة حطام حقيقي وهو يزور قبر شقيقه في مقبرة وادي السلام. ثم يأتي طرده من بيت أوليك وعلى لسان الأخير على مرأى من بيانكا التي فشل معها في اتصال جنسي. كانت الرواية قد أرهصت لموت كريم عندما ضاعت خرزة واحدة من مسبحة الأب وبحثت عنها شقيقته إنعام دون جدوى لتقدم المسبحة ناقصة واحدة ص 67 ـ 70.
قامت رواية “صوت الطبول من بعيد” على ثيمة الحرب والتجربة الذاتية في فضاء متعدد الأمكنة (العمارة، بغداد، الرمادي) ولها زمان ثابت تحكمه ديكتاتورية فردية بغيضة تتحكم بمصائر الناس وحياتهم على مدى الحروب التي أكلت لحم ودم الأبناء والتي عبرت عنها قصيدة “فيتنام” للشاعرة البولندية تشمبورسكا ص261 حيث لا تعرف الأم سوى أبناءها. ومن قبل غنت فيروز “أنا ما بدي الأوطان ... أنا بدي الأولاد”. أغنية فيروز منعتها السلطة في أيام الحرب العراقية الإيرانية ولم تذع. تلك هي الحرب، تزدري كل شيء جميل وثمين وعزيز علينا.
أقف مبهوراً أمام الروائي فلاح رحيم وأمام رويته هذه “صوت الطبول من بعيد” التي تناصت شعرياً مع أبيات عمر الخيام ص6 وأثمن نصه السردي في كشف حقيقة مؤلمة ودموية من تاريخ العراق الحديث. نص استطاع بجهد مبدعه أن يتخلص من التقريرية العاطفية وأن يقدم حيوات هي سيرية بلا شك، حفر بها عميقاً وغاص معها لينتزع لنا نصاً يتناول قبح سنوات ثقال مرت على العراق، نصاً يضاف بامتياز وفي الصدارة إلى السردية العراقية الحديثة.
************
ص15
كتب جديدة
* “جموح النص وفروسية الناقد: شجاع مسلم العاني في مضامير النقد” عنوان كتاب جديد للناقدة د. نادية هناوي صدر حديثاً عن دار الشؤون الثقافية – بغداد.
كما أصدرت كتاباً آخر بعنوان “نحو نظرية عابرة للأجناس في بنية التجنيس والتمثيل”
عن دار غيداء – الأردن.
*********
إرادة الفقر في رواية “الفقراء” لـ دوستويفسكي
فراس زوين


ان رواية “الفقراء” هي الرواية الأولى للكاتب الروسي الكبير فيديور دوستويفسكي الذي انجزها عام ١٨٤٦ والذي اثبت من خلالها براعته ونبوغه المبكر، وعلى الرغم من ان هذا العمل الادبي لم يظهر كل امكانياته الا انه قد افصح عن عمق الرؤيا وبراعة السرد الادبي الكاشف للذات الإنسانية بكل انحناءاتها وتعقيداتها، ولعل دهشة (بيلنسكي) وهو احد اهم النقاد في تاريخ روسيا بعد ان قرأ مسودة هذه الرواية وقوله لدوستويفسكي “ هل تستوعب حقاً أيها الشاب كل تلك الحقيقة التي كتبت عنها ؟ لا انت لن تقوى على ادراك ذلك وانت في العشرين من عمرك ،،، انما هو الالهام الفني، تلك الموهبة المستمدة من الأعالي هي التي الهمتك ،، فاحترم فيك هذه الموهبة ،، ستصبح كاتباً كبيراً “ هذا اول تنبؤ لنبوغ هذا الكاتب وعلو شأنه في عالم الرواية والادب العالمي ذات يوم .
قد تكون هذه الرواية هي الأولى في تاريخ الادب التي تناولت أسلوب الرسائل في طرح مضمونها وبناء حبكتها الدرامية، من خلال الرسائل متبادلة بين الموظف البسيط الأربعيني (ماكار دييفوشكين) والفتاة اليتيمة (فرفارا ماتوشكا) وهي شابة في مقتبل العمر مات ابواها بظروف مأساوية واضطرها العوز والفقر ان تدخل في رعاية امرأة ميسورة الحال تربطهما صلة قرابة بعيدة، ولم تتوان هذه المرأة للحظة من اللحظات عن تقريعها، والتمنن بإحسانها وعطفها، وتذكيرها بأنها قد آوتها وامها بعد وفاة والدها، مما دفع (ماتوشكا) الى ترك هذه المرأة مختارة حياة الفقر والعوز والفاقة على حياتها المليئة بالإذلال وانتقاص القيمة، وفي تلك الاثناء يتكفلها ( ماكار دييفوشكين) الموظف الذي لا يمنعه فقره المدقع وشحة ما لديه من مال عن رعايتها والاهتمام بها وتلبية احتياجاتها المادية بكل ما يملكه ويستطيع، بل انها حين تمرض يقوم طائعاً ببيع ملابسه ويقترض اموالاً بفوائد كبيرة خوفاً على صحتها ،، وقد يفاجأ القارئ اذا علم انه مع كل هذا الاهتمام والتضحيات لا يكاد يراها، بل انه لا يجرء ان يزورها في المكان الذي تسكن فيها مخافة النمائم وقول الناس على الفتاة التي يحبها كما لو كانت ابنته، ومن جهة أخرى فأنه ينفق اخر قرش يملكه عليها.
ان عذابات بطلنا (ماكار دييفوشكين) لم تكن قط بسبب فقره المدقع ولا بسبب اسماله الرثة والبالية، ولا حذائه الممزق الذي يظهر نصف قدمه، بل كانت بسبب بؤسه وشعوره بالأذلال وخسارته احترام الناس وتقديرهم، وان يرى نفسه اهون من حشرة في اعين من حوله، واحساسه ان لا فرق بينه وبين أية ذبابة، بل ان دخول الذبابة الى أية غرفة قد يثير الاهتمام والانتباه اكثر مما يثيرها دخول رجل فقير معدم كحالته الى هذه الغرفة نفسها، فلم يكن الرجل يمانع ان يكون فقيراً لكنه يرفض ان يكون بائساً وان يهان بسبب هذا البؤس، وقد يخسر الانسان كل شيء وهو لايزال انساناً، اما ان خسر ذاته واحترامه بين أبناء جنسه فلن يكون سوى حشرة !! وهذا ما صوره لنا دوستويفسكي بمنتهى الروعة في احدى صفحات هذه الرواية حينما يفرح (ماكار) بشكل كبير جداً لا من اجل المال الذي يقبضه من صاحب العمل (على الرغم من حاجته الملحة اليه)؛ بل لان صاحب العمل صافحه بيده كما يصافح أي انسان محترم وذا قيمة!
وسر اهتمام دوستويفسكي بالفتاة عن طريق شخص فقير فقراً مدقعاً بالكاد قادر على كفالة نفسة وتلبية حاجاته بعد ان امتص الفقر لحمه وطحن المجتمع عظمه؟ يعود الى كلمة لدوستويفسكي في روايته الخالدة “الجريمة والعقاب” حيث يجيبنا (مارميلادوف) احد شخوصها بقوله “ لا بد لكل إنسان من أن يجد ولو مكانا يذهب إليه ، لأن الإنسان تمر به لحظات لا مناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما. وهذه الفتاة هي المكان الذي كان يذهب اليه بمعنى انها انتماءه والانسان الوحيد الذي يهتم بأمره ، بل انها الهدف من وجوده ورغبته في الحياة، وكان هذا جواب (ماكار) عندما ارسلت له (ماتوشكا) تقول بانها لا تفيده بشيء وانها ليست اكثر من عالة تثقل عليه حياته، فكان جوابه “ ماذا عسى يقع لو سافرت؟ لسوف امضي الى شاطئ نهر نيفيا وينتهي الامر (ينتحر) نعم هكذا ستجري الأمور، يا فارنكا ، يافارنكا ، ماذا تريدين ان اصبح بدونك ؟ اه يا فارنكا يا حياتي يا روحي اتراك تتمنين لي ان تحملني عربة موتى الى مقبرة فولوكوفو في يوم قريب وان تسير وراء نعشي امرأة فقيرة شحاذة بأسمالها البالية الخلقة وحدها في الجنازة ،،، انه لأثم ،،، انه لأثم شهد الله انه لأثم ان تقول ما قلته يا ماتوشكا”. وانما أوردت المقطع كاملاً لروعته وجمال أسلوبه ولأنه يختصر كل الرواية ، ولعل هذه هي النهاية المكتوبة عن بطلنا بعدما يتقدم لها رجل ثري في الخمسين من عمره كانت تجمعهما علاقة سابقة فتختار قبول عرضه بالزواج والسفر بعيدا، على الرغم من الفوارق الكثيرة بينهما، هرباً من واقعها الى واقع قد يكون اسوأ واكثر قسوة، تحت ضغط فقرها وبؤسها وسمعتها التي بدأت تصبح حديث الناس، ليبق الرجل الذي كان لها الاب والصديق والمعين وحيداً بلا معنى للحياة ولا هدف للوجود، وحيث أيامه الأخيرة التي قد لا يصحوا فيها من سكره وحزنه .
*********
في المعنى
الترميز والجنس الفاضح

محمد حياوي

مازلت أعتقد أن اللجوء للترميز في الكتابة هو نوع من أنواع الضغوطات النفسية لدى الكاتب، أو من مخلفات عقد الخوف والاضطهاد والقمع الذي مارسته وتمارسه عليه الأنظمة والأعراف والتقاليد ومنظومة المحظورات العتيدة التي تربينا عليها جمعياً في فترة من الفترات، وقد تدفع تلك العقدة بالبعض للتطرف في استغلال أجواء الحريّة حالما تتوفر له، بسبب الفرار أو الانتقال للعيش في الغرب.
ولا أدري لِمَ يلجأ البعض للترميز في الوقت الذي تتوفر لدية الحريّة لقول ما يشاء. فالرواية على سبيل المثال، لا تحتمل الترميز، لأنه يصادر عفويتها التي تُعد شرطاً مهماً من شروط الإبداع البحت، ومازلت أذكر بعض العبارات أو التوصيفات التي كانت تعجّ بها بعض روايات ستينات القرن العشرين كرمزية للتحايل على حظر تناول موضوعة الجنس على سبيل المثال، أو انتقاد الحكّام أو الدين وما شابه، عبارات من مثل “فشعر بقطيع من الخيول يجري في عروقه والدماء تتفجّر على صخرته”، في وصف العملية الجنسية، أو “نجح أهل الحي أخيراً في القضاء على عمّ زيدان، صاحب الدكّان الذي طالما امتص دماءهم”، في التعبير عن التخلص من السلطة الغاشمة، وهكذا، مثل هذه الرموز أصبحت غير مناسبة في عصرنا الحالي ولا تخدم تلقائية السرد وصدقيته.
فالرواية، من وجهة نظر الكثير من النقّاد يجب أن تكون فادحة في صراحتها وتتجه لأهدافها مباشرة من دون أن تثقل على القارئ بالرموز والإحالات وتشغله في عملية تفكيكها أو حلّها وتُدخله في متاهات مُعقّدة. لكن في المقابل فهم البعض من الكتّاب، لا سيما هؤلاء الذين يعيشون في الغرب، قضية الحريّة على أنّها تمرّد من نوع ما ومحاولة لسدّ النقص والتعويض عن مراحل القمع والإرهاب الفكري الذي مارسته عليهم الأنظمة في السابق، فراحوا يتمادون في وصف العملية الجنسية على سبيل المثال بطريقة مكشوفة تثير الاشمئزاز في النفوس، واختفت عندهم الحدود بين الفعل الروائي الإبداعي والمستلهم للمشاعر والعلاقات الإنسانية، والإيروتيكية.
وطالما أن الرواية كالحياة تماماً وهي انعكاس صادق لها، فلا يمكن تخيّل حياة كاملة من دون جنس، إلّا أن قضية الإيغال في وصف تفصيلات العملية الجنسية كما لو كانت مشهداً إيروتيكياً مبتذلاً قد تسيء للعمل كله وقد تدفع القارئ للاشمئزاز بدل التفاعل مع عملية القراءة.
إن عملية تجسيد العلاقات الجنسية بشكل فاضح، قد يفقدها خصوصيتها الإنسانية، كما أن المشهد الإيحائي للممارسة الجنسية قد يكون أكثر إثارة وتأثيراً على المتلقي من الوصف الإيروتيكي الفاضح، وقد يعد البعض الإيغال في وصف الممارسة الجنسية في الرواية أو في الأدب بشكل عام نوعاً من أنواع التعبير عن الحريّة المطلقة والتمرد ومحاولة إثبات الذات، أو ادعاء الفحولة والدونكيشوتية إن جاز التعبير، وقد تستهوي مثل تلك التوصيفات شريحة معيّنة من القرّاء المقموعين جنسياً أو الذين يعانون من الكبت والحرمان، لكنّها في المحصّلة قد تؤدي إلى تبديد قدسية العلاقة الإنسانية الخاصّة جداً بين الرجل والمرأة من جهة، وتسقط النص في ابتذال غير مبرر في أحسن الأحوال من جهة ثانية.
ولا يعني هذا اللجوء إلى الترميز السطحي المباشر الذي تحدثت عنه في بداية المقالة، لكن على الكاتب أن يدرك تماماً معنى العلاقة بين المرأة والرجل وطبيعتها وقدرة الإيحاء الساحقة في التأثير على القارئ، إلّا في حالة سعي الكاتب نفسه لكتابة رواية إيروتيكية بالأساس، وفي هذه الحالة قد نجد له العذر بشكل أو بآخر، لكنه في جميع الأحوال سيفقد شرط التلقائية في كتابته.
**********
مومياء
راقية مَهْدِيّ


كَثِيرًا مَا أظنُّ
أن بَيَاضَ الشَّعْرِ
أكثرُ حَيَاةً
وَذُخْرًا بالألوانِ
أَصْحَابَهُ كَهَنَةُ النَّهَارِ
يَعْتَقِدُونَ
أَنَّهُمْ يُهذِّبونَ الشَّمْسَ
ينشرونَ الضَّوْءَ
عَلَى ممراتِ الأزمنةِ
بِخُطُوطٍ هيروغليفيةٍ
أَسْرَارُهُم فرعونية
يَنقشونً الْحِكْمَةَ الشّائخةَ
مومياواتُ القَصائدِ
يَستدرجونً
جَسَدَ الْعُتمَةِ
بتمتمةِ الْأَسَاطِيرِ
وَتَعَاوِيذِ الزعزعةِ
يُخَادِعُونً الظَّلَامَ
يَتَزَوَّجُونَ اللَّيْلَ عُرفياً
رؤوسُهم مزدحمةٌ
بالتكهُّنِ عَنْ نِهَايَةِ
حَرْبِ الطَّوَاحِين
وبدايةِ هُدْنَةٍ لِعجافِ الْمَوَاسِمِ
عجباً أَيُّهَا الْكَهَنَةُ
كَيْف تَحْمَلُون كُلَّ
هَذِه الْأَحْلَامِ عَلَى
يَابِسِ الْخَشَبِ ؟ !
تُدمِنونَ إِشْعَالَ الْبَخُورِ
وَإِغْلَاقَ النَّوافِذِ
فَلَا العقلُ يستطيعُ
إستيعابَها . .
وَلَا الليلُ
إستطاعَ أنْ
يَسْكُنَهَا . .
حدَّ
الإختباءِ .
***********
ص16
“العراقية الاسترالية”

ثقافية، فنية واجتماعية تصدر في سيدني في كل اربعاء، وتصلنا في اليوم نفسه من رئيس تحريرها موفق ساوا ونائبته هيفاء متي.. مشكورين. عدد الاربعاء الاول من تموز 2020 حمل في صدر صفحته الاولى عنوان: العراقية الاسترالية في ساحة التحرير.. كيف اصبح الوعي قائدا لثورة تشرين.
النجاح والعطاء الدائمين لـ”العراقية الاسترالية”
************
تمثال لـ “نورس آسيا”
عند مدخل ملعب كربلاء
كربلاء – وكالات
كشف نائب رئيس الهيئة الادارية لنادي كربلاء الرياضي، عبد الأمير هويدي، الاثنين الماضي، عن نية إدارته نصب تمثال لكابتن المنتخب الوطني العراقي بكرة القدم ونادي الزوراء، الراحل أحمد راضي.
وقال هويدي في حديث صحفي، انه “بالتعاون مع رابطة جمهور كربلاء، محبي الكابتن الراحل احمد راضي، وفي خطوة من جانب إدارة النادي لرد بعض من الدين لاسطورة الكرة العراقية ونورس آسيا، الذي رفع علم العراق في مختلف المحافل الدولية، سيتم نصب التمثال في مدخل ملعب كربلاء الاولمبي، الذي يعد من اكبر وافضل الصروح الرياضية في العراق، فضلا عن كونه محطة لاستقبال الوفود الرياضية العربية والعالمية”.
*************
تظاهرة في العزيزية تطالب بإغاثة الفقراء والكادحين

الكوت – شاكر القريشي
شهد مركز قضاء العزيزية في محافظة واسط، صباح أخيراً، تظاهرة جماهيرية حاشدة، تنديدا بضعف الأداء الحكومي في ظل جائحة كورونا. وطالب المتظاهرون بعلاج مشكلة نقص الخدمات الأساسية، وأعربوا عن سخطهم من توقف العمل وانقطاع رزق الكادحين العاملين بالأجر اليومي، جراء قرار الحظر الوقائي. وضمت التظاهرة المئات من أهالي العزيزية وناحيتي الدبوني والزبيدية، الذين تجمعوا بداية قرب المكتبة العامة في مركز القضاء، ثم انطلقوا، باتجاه مبنى القائم مقامية. واستقبل قائم مقام العزيزية، د. محمد رضا العتبي، اللجنة المفاوضة عن المتظاهرين، وقدمت اللجنة إلى القائم مقام، حزمة من المطالب، أبرزها توفير سلات غذائية للعائلات المتضررة من قرار الحظر، وصرف مستحقات الفلاحين للموسم الحالي.
**********
ساحات النضال، تأريخ مشرف
ساحة ١٤ تموز في الكوت
كمال يلدو


تمثل ساحة ١٤ تموز واحدة من اهم الشواهد الحضارية لمدينة الكوت، حيث تقع عين المشاهد على أربعة عشر عمودا خرسانياً تنتصب افقيا في الساحة، كلُّ منها يمثل غزالاً منحنياً لشرب الماء. كما وتجتمع حولها خمسة شوارع رئيسية هي شوارع النسيج، المحافظة، العامل، المهندسين وحي ١٤ تموز، وتشتهر بالكثافة العالية لحركة المركبات، و تقع في منتصف الطريق الرابط بين محافظتي بغداد وذي قار، علما إن سكنتها يتذكرون كيف كانت الاكشاك والكازينوهات تزينها وما حولها في عقد السبعينات من القرن الماضي .
تشغل الساحة حيزاً على شكل دائرة قطرها ٧٠ متراً، وتنساب المياه من وسطها عبر نافورة دائرية الشكل وتغطي مختلف اجزائها لتكوّن ما يمثل نبعاً، وهو ما كان يُرمز لثورة ١٤ تموز المجيدة في حينها. لقد ترك متصرف الكوت الاستاذ أنور ثامر بصمته على معمار المدينة حينها، حيث كانت الساحة التي افتتحت عام ١٩٦٣، كما انجز في عهدهِ قاعة الادارة المحلية والمكتبة المركزية وغيرها من المشاريع المهمة .
اختار ابناء مدينة الكوت ومحافظة واسط (فلكة ١٤ تموز) مركزاً لتظاهراتهم الاحتجاجية منذ العام ٢٠٠٧، حينما خرجوا احتجاجا على تردي الاوضاع الامنية والخدمية وفساد مجلس المحافظة، وضعف الكهرباء وانعدام فرص العمل خاصة للخريجين او اعادة تشغيل معامل وورش المحافظة المغلقة، ومنذ ذلك الوقت تحولت الى ايقونة للاحتجاجات والتظاهرات ، وهم يعتبروها شاهداً على صمود ابناء وبنات المحافظة وشجاعتهم في مواجهة الحكومات على اختلاف مشاربهم . ولعل واحدة من الصور الرائعة التي فرزتها مظاهرات وانتفاضة ١ تشرين أول هي مشاركة الاهالي لأبنائهم المتظاهرين والدعم اللوجستي بالمؤونة والطعام والخيم والحفاظ على أمنها من محاولات كسر الاعتصام والتظاهر، لكنها بالمقابل فإن هذه الساحة اصبحت تمثل أمل ابناء الكوت ومحافظة واسط بالخلاص من نظام المحاصصة والسرقات والتزوير وتحقيق دولة العدالة وفرص العيش الكريم للمواطنين.
ووفاءً من ابناء الكوت لانتفاضة تشرين الباسلة وأبطالها وشهدائها فقد ازيح الستار مؤخرا عن نصب برونزي يخلد مآثرهم وسط ترحيب واعتزاز ابناء المحافظة بهذه المبادرة التي تمثل حبل السرة الواصل بين بغداد وسوح الحرية الشقيقة الاخرى.
مجدا لشهداء المحافظة وجرحاها والمغيبين ، وتحية لأبناء وبنات الكوت التواقين لحياة افضل، جنبا لجنب مع بغداد والمحافظات الشقيقة المنتفضة.
************
نقطة ضوء
المثقف التقليدي والمثقف العضوي
طه رشيد
حدد المفكر الايطالي غرامشي في دراساته وكتاباته حول الثقافة والمثقفين، وجود المثقف داخل السيرورة التاريخية ودوره ووظيفته بالنسبة للطبقات الاجتماعية. وكان غرامشي يعتقد ان كل انسان يمكن اعتباره مثقفا بما يحمل من فكر ومعارف وتقاليد. وقسّم “ المثقف “ الى نوعين، هما المثقف التقليدي والمثقف العضوي.
والمقصود بالمثقف التقليدي ذاك الذي يرتبط بالطبقات الزائلة او في طريقها الى الزوال. وهنا غرامشي يتحدث عن وجود طبقات واضحة المعالم كتلك الموجودة في بيئته” ايطاليا” في النصف الاول من القرن العشرين، وهناك قوى صاعدة من طبقتي العمال والفلاحين يمكن لها ان تحل محل الطبقة البرجوازية او الراسمالية وتقيم حكما جديدا لطبقة جديدة.
اما المثقف العضوي فهو الذي يقوم بمهمة تاريخية تستند على اعادة انتاج الوعي عند المتلقي، من اجل ان يساهم هذا الاخير بالتغيير المنشود لما فيه مصلحة البشرية.
وفي بلاد لم يتضح فيها بعد التمايز الطبقي بمعناه التاريخي كبلادنا، حيث تتلاشى الحدود احيانا بين الطبقات لتظهر شرائح مجتمعية فيها بعض ملامح الطبقة، يكون دور المثقف اكثر تعقيدا! فالعشائرية والطائفية والمناطقية والحزبوية يمكن ان تنتج مجاميع من البشر تتلاشى فيها حدود الطبقة او الشريحة، وتشكل هذه “ عصا غليظة” في دولاب حركة المجتمع في اتجاه دولة مدنية، فيها فصل للسلطات وتحتكم لدستور عادل يستند على المواطنة والعدالة الاجتماعية، بعيدا عن قانون الغاب الذي يسحق الفقير والشرائح الكادحة والمهمشة.
هنا يبرز النوع الثاني من “ المثقف” الذي اسماه غرامشي بالعضوي ودوره التاريخي بعدم الانزلاق في “مطبات” التزمّت العشائري على حساب الدولة، او الترويج للطائفية او المناطقية على حساب التآخي والعيش المشترك بين مختلف المكونات في بلد “موزائيكي” ملون كقوس قزح!
هنا نتساءل كيف يستطيع المثقف العراقي ان يتعامل مع المهام الصعبة التي تواجهه يوميا في الشارع او في العمل او المدينة وان يعبر “السراط المستقيم” دون ان تنزلق قدمه ويحسب على المثقف التقليدي؟!
بمعنى آخر: كيف يستطيع ان يكون مثقفا” عضويا” ؟ أي ان يكون مؤثرا في حركة مجتمعه لاجل سعادة الناس وامنهم واطمئنانهم، دون خوف من عشيرة مدججة بالسلاح او طائفة لا ترى الحقيقة الا في مذهبها او منطقة ترى نفسها هي “ الاصل “ والبقية فروع ناتئة قابلة للزوال!
تاريخنا القريب على الاقل يحدثنا عن مثل هذا المثقف ونستطيع ان نشير الى ابرز من كان “عضويا” من خلال انتاجاته الابداعية، التي حفظها له التاريخ وتبناها الشعب، بغض النظر عن الانتماءات الطارئة، لكون تلك النتاجات لم تنظر للعراق الا لكونه خريطة كاملة من اعالي الجبال الى شط العرب ومن حدوده الشرقية، المبتلية بانواع عديدة من الالغام، الى تخوم الصحراء المترامية على اطراف حدوده الغربية.
العراق يزخر بمجموعة كبيرة من هؤلاء المثقفين العضويين: الشهيد يوسف سلمان يوسف ( فهد). الفنان الخالد جواد سليم. الشاعر الكبير مظفر النواب. العالم عبد الجبار عبدالله. العلامة مصطفى جواد. الاديب والاعلامي البارع شمران الياسري (ابو گاطع).
.. واترك القائمة مفتوحة ليكملها من يرغب !
***************