العدد 169 السنة 85 الثلاثاء 16 حزيران 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1
تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:
نستنكر الانتهاك التركي السافر المتكرر لسيادتنا الوطنية
عاودت تركيا مساء امس الاحد ١٤ حزيران ٢٠٢٠ الاعتداء على العراق، منتهكة سيادته وحرمة اجوائه واراضيه . فوفقا لتصريح رسمي عراقي توغلت ١٨ طائرة تركية الى عمق ١٩٣ كم داخل الأراضي العراقية، مستهدفة مخيمات لاجئين قرب مخمور وسنجار. فيما فصّلت وزارة الدفاع التركية بوقاحة مبيّنة ان طائراتها استهدفت مواقع في سنجار وقرجيك وقنديل والزاب وأفشين باستيان وهواكورك.
معلوم انها ليست الاعتداءات التركية الأولى وقد لا تكون الأخيرة في ظل موقف اللامبالاة والتراخي الرسميين من جانب الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، والاكتفاء بوصف ما حصل بانه " عمل استفزازي " حسبما جاء في بيان قيادة العمليات المشتركة العراقية .
ان ما حصل هو عدوان سافر مدان ومستنكر، وخرق فظ للسيادة، وتدخل شائن في الشؤون الداخلية لبلدنا، وضرب بعرض الحائط لعلاقات حسن الجوار والقانون الدولي. عدوان لا يتطلب الاستنكار فقط، وابداء الاستعداد للتعاون مع تركيا حسبما قالت قيادة العمليات المشتركة، وانما اتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الوقحة مستقبلا، واللجوء الى مختلف الطرق السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لتحقيق ذلك، ولاجبار تركيا ايضا على سحب قواتها من أراضينا .
نؤكد من جديد اننا ننظر الى سيادة بلدنا ككل لا يتجزا، وهذا يوجب ادانة أي انتهاك لها ومن أي طرف او جهة او دولة أتى.
ونحن إذ ندين العدوان الغاشم، نطالب الحكومة ومجلس النواب وحكومة الإقليم بالعمل الجاد، بالاستناد الى الجماهير والانحياز لها ، على معالجة كل ما يضعف قدرات وإمكانات وطننا ، ويشجع الاخرين على التمادي والتطاول والاستهتار بحقوق العراق وسيادته، وترويع مواطنين من الاطياف كافة.

بغداد
١٥-٦-٢٠٢٠
*************
كتب المحرر السياسي :
المنظومة العسكرية - الأمنية والضرورة الملحة لاصلاحها

يكتسب هذا الموضوع أهميته بالنظر الى الأوضاع الداخلية التي يمر بها البلد، وما يحيط به من تطورات إقليمية ودولية، وما تتطلبه مستحقات التصدي الى داعش والإرهاب ودحرهما، والدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله وصيانة مصالح الشعب.
والإصلاح المطلوب كضرورة وطنية يشمل توجهات ومقاربات عدة، تتعلق بتطوير القوات العسكرية والأمنية، ورفع كفاءتها وقدراتها وامكاناتها وجهوزيتها وتدريبها، وان يشمل ذلك مختلف الصنوف والتشكيلات، إضافة الى مواصلة تسليحها وملاقاة الجديد وتنويع مصادر السلاح.
ومن جانب آخر تبرز مهمة إعادة بناء المنظومة كامر ملح، وان يتم ذلك على أساس عقيدة وطنية قوامها الإخلاص للوطن والولاء له وليس لاي عنوان اخر، الى جانب ادراك منتسبي المنظومة العميق لمهامهم الدستورية، ومواصلة التوعية بذلك بما يقود الى قناعة راسخة، بانها ليست أداة قمع للمواطنين، بل على العكس تماما. وهذا يتطلب المزيد من التدريب وإقامة الورش التطبيقية بشأن الدستور وما يتضمن من حقوق وواجبات. كذلك الاطلاع الجيد على لوائح حقوق الانسان، والانطلاق أولا وأخيرا من حقيقة ان المواطن وكرامته وحقوقه مصانة وغير قابلة للانتهاك تحت أي مسمى، بما في ذلك حقه في التعبير السلمي عن مواقفه وآرائه، وفِي الاحتجاج والتظاهر.
وتتطلب إعادة بناء المنظومة أيضا تخليصها من الفاسدين والمرتشين و"الفضائيين"، وابعادها عن المحاصصات عَلى اختلاف أنواعها، وعن الولاءات لهذه الجهة السياسية او تلك، واسناد المسؤوليات فيها الى العناصر الكفؤة والمهنية والنزيهة والمخلصة والوطنية، والمستعدة للتقيد باحكام الدستور والقوانين.
وتتطلب خطوات الإصلاح العمل الفوري على انهاء مظاهر التجاوز على الدستور والقانون، وانهاء أي تحرك خارج سياق منظومة الدولة الرسمية والسياسات التي ترسمها السلطتان التنفيذية والتشريعية، وان يصار في نهاية المطاف الى التطبيق الفعلي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، وانهاء أي وجود للتشكيلات المليشياوية على اختلاف تسمياتها وعناوينها.
ويتوجب على القائد العام للقوات المسلحة ايضا أن يتحمل مسؤوليته كاملة في السيطرة وتوجيه المؤسسات العسكرية والأمنية على اختلاف صنوفها وتشكيلاتها، لإنهاء التجاوزات والخروقات التي تهدد السلم الأهلي والسيادة الوطنية، وتصادر دور الدولة، وفي التحكم بالقرار العملياتي فيها.
ويتوجب ان تقود هذه الإجراءات والخطوات الى جعل منظومات الدولة العسكرية والأمنية، لا غيرها، مسؤولة عن حفظ الامن والنظام، وعن التعامل مع المتظاهرين والمحتجين والمعتصمين، وابعاد الحمايات الشخصية والمليشيات وسواها عن هذه المهمة، وان يكون قرار التعامل ووجهته نافذا وساري المفعول على صعيد بغداد والمحافظات.
ان من شأن مهنية المنظومة العسكرية – الأمنية وانضباط منتسبيها وتقيّدهم بمهامهم الدستورية، كذلك وحدة القرار في عملياتها ومركزيته، ان تؤدي الى طمانة المواطنين وتسهم في تحقيق الاستقرار، وتبعث الى العالم رسائل تؤشر استعادة الدولة هيبتها وسلطتها وقوة القانون.
****************
المنافذ: طلبنا تحركاً عسكرياً لمواجهة العصابات .. ننتظر جهاز مكافحة الإرهاب!
متابعة "طريق الشعب"
قدّمت المنافذ الحدودية، أمس الاثنين، مقترحاً إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لإرسال قوات أمنية لمواجهة أي تدخل من قبل العصابات والخارجين عن القانون.
وقال رئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي في مقابلة مع وكالة الانباء العراقية (واع)، إن "هيأة المنافذ قدمت مقترحا إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بخصوص إرسال قوات أمنية معززة لأمن المنافذ، لغرض ضمان عمل الكوادر العاملة في داخل المنفذ الحدودي وإشعارهم بالعمل في بيئة آمنة ولمواجهة أي تدخل خارجي من قبل بعض العصابات الخارجة عن القانون".
وأضاف، أنه "لغاية الآن لم يتحرك جهاز مكافحة الإرهاب، وننتظر انتشاره في المنافذ العامة بعد توجيهات القائد العام"، نافياً كذلك انتشار قوات جهاز مكافحة الإرهاب في منافذ الإقليم أو في غيرها.

خطط لزيادة الإيرادات

وأشار إلى أن "هيأة المنافذ الحدودية تسعى في ظل الأزمة المالية الراهنة إلى العمل على زيادة الإيرادات الحكومية، بما يدعم خزينة الدولة الاتحادية، وانها وضعت خططًا مدروسة لأن تأخذ الهيأة دورها على وفق ما حددته لها القوانين والتعليمات، في الإشراف والرقابة والتدقيق والتحري الأمني وتطبيقها بصرامة، للكشف عن حالات الفساد والتهريب
بالتعاون المشترك مع الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية".
إحالة المخالفات إلى القضاء

ولفت إلى أن "الهيأة تعمل على عدم التدخل في اختصاص عمل الدوائر الأخرى العاملة في المنفذ الحدودي"، مبينا أن "وحدة الإدارة مرتبطة بقيادة المنفذ الحدودي، وان المسؤول الرئيس في ذلك هو مدير المنفذ، ونعمل جاهدين على التقيد بالسياقات التي حددها القانون، وإجراءاتها التنفيذية هي إحالة المخالفات التي ترصد من قبلنا ومن عناصر قسم البحث والتحري، إلى الجهات القضائية".
وأوضح الوائلي أن "الإيرادات المتحققة من التبادل التجاري وحركة المسافرين، وبضمنها الرسوم الكمركية والضريبية، تؤول كما حُددت بقانون الموازنة الأتحادية: 50 بالمائة منها تذهب إلى المحافظات التي توجد ضمن حدودها منافذ حدودية، والـ 50 بالمائة الأخرى تذهب إلى الخزينة المركزية في وزارة المالية. أما ما يخص حجم الإيرادات المالية اليومية والشهرية، فيقع رصدها على عاتق الهيأة العامة للكمارك، كونها الجهة المسؤولة عن استيفائها والتصريح عنها".

التدخل السياسي

وبيّن، أن "الحديث عن تدخلات سياسية في عمل المنافذ مبالغ فيه، ولا توجد أية سيطرة تذكر في أي منفذ، كون المنافذ تخضع لسلطة الحكومة الاتحادية ومعززة بالقوات الأمنية على اختلاف اختصاصاتها".

منافذ إقليم كردستان

وبشأن منافذ إقليم كردستان أوضح الوائلي أنه "بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم (13) لعام 2019 والذي تضمن ربط منافذ الإقليم بهيأة المنافذ الحدودية الاتحادية، وتوحيد كافة الإجراءات الكمركية بين الجانبين بما يضمن الحفاظ على المنتج المحلي ودعمه، والإلتزام بالروزنامة الزراعية ومحاربة سياسة إغراق السوق بالمنتجات غير الضرورية ، فان الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم على تواصل مستمر لإنهاء هذا الملف، وهناك اجتماعات مستمرة والحلول موجودة".

عمليات التهريب

ولفت الوائلي إلى أن "المنافذ الرسمية الاتحادية مسيطر عليها بشكل تام، وإن وجد تهريب فالمسبب الرئيس له هو امتداد الحدود الطويلة مع دول الجوار، ما يتطلب تضافر الجهود الأمنية وخاصة قيادة قوات حرس الحدود، للقيام بواجباتها في الحد من التهريب".
وأشار إلى أن "توقف حركة الطيران والتجارة في كل دول العالم، أثر سلبا في انخفاض مستوى الإيرادات في المنافذ الحدودية كافة".
************
الزراعة والمنافذ
وطماطتنا المغدورة!

افادت مصادر رسمية ايرانية اخيرا ان العراق تَصدّر قائمة مستوردي الطماطم الايرانية في الاشهر الماضية، وانه استورد خلال فترة 20 آذار الى 20 ايار الماضيين ما يفوق 125 ألف طن منها، بقيمة تزيد على 57 مليون دولار.
حدث هذا بعد اعلان وزارة الزراعة في بغداد اواخر 2019 قرارا بايقاف استيراد 17 منتجا زراعيا، بينها الطماطم، نظرا للاكتفاء ذاتيا في انتاجها.
وحدث بعد الاعلان رسميا اوائل آذار، عن إغلاق الحدود مع ايران في مسعى لمنع انتقال فيروس كورونا منها الى العراق.
احدى الفضائيات طلبت قبل يومين من المتحدث باسم وزارة زراعتنا توضيحا لما يجري، وهل ان الوزارة غيرت رأيها وسمحت باستيراد الطماطم وسواها؟ فنفى المتحدث اولا أي تغيير في قرار الوزارة، واكد ثانيا انها لم تمنح أية اجازة استيراد للطماطم!
وتبقى الاسئلة حائرة: كيف اذن دخلت عشرات آلاف الاطنان من المحصول الى الاراضي العراقية؟ وكيف سُددت او تسدد عشرات ملايين الدولارات ثمنا لها الى الجارة ايران؟ ومن لطماطتنا ومحاصيل فلاحينا الاخرى ازاء المنافسة الضارية؟ ومن .. من المسؤول عن ذلك كله؟
راصد الطريق
************
قراران اقرّهما اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
(4-7 / 6 /2020)

تحية لأيادي الشيوعيين
وهي تمنح الخير للمحتاجين
مرة أخرى يجسد الشيوعيون قيمهم الانسانية. ففي ظل ظروف اشتداد الأزمات في البلاد، وتفاقم معاناة الملايين من الفقراء والكادحين، والحرمان من أبسط حقوق حياة الانسان، وعلى الرغم من وباء كورونا وعواقبه وقيود حظر التجوال، هبّ الآلاف من بنات وأبناء حزبنا في بغداد وفي سائر مدن العراق، ليحولوا الاستعدادات لاحياء الذكرى السادسة والثمانين لتأسيس حزبنا في الحادي والثلاثين من آذار منطلقا لممارسة ذات دلالات عميقة. فمنذ ذلك الحين وعلى مدى الفترة الماضية انغمرت منظمات حزبنا في سائر أرجاء الوطن بعمل متفانٍ اتسم بالتحدي، والروح الانسانية العالية، والرغبة في العطاء، والتعبير عن التضامن مع المحتاجين، وتقديم ما يمكن أن يخفف من معاناة الفقراء والكادحين ممن أوقفت ظروف وباء كورونا مصادر رزق الكثير منهم، الشحيحة أصلاً.
وقد استقبلت ممارسة توزيع السلال الغذائية على عشرات الألوف من المحتاجين، فضلاً عن عمليات التعفير في البيوت والمناطق وتوزيع مواد التعقيم والكمامات والقفازات وأدوية الأمراض المزمنة والملابس وكسوة العيد ... ناهيكم عن حملات التبرعات والتكافل الاجتماعي التي قامت بها منظمات عديدة في الوطن وفي الخارج، وكذلك أصدقاء لحزبنا، استقبلت بمشاعر العرفان والاعتزاز من جانب من قدمت لهم هذه المساعدات الانسانية.
وكانت هذه الممارسة مدرسة نضالية جديدة لتدريب الشيوعيين الشباب على التواصل مع الجماهير وتفهم معاناتهم والسعي الى تلبية مطالبهم.
ان الاجتماع الاعتيادي الكامل للجنة حزبنا المركزية، المنعقد خلال الفترة من 4 إلى 7 من حزيران 2020، اذ يمجد ذكرى من قدموا أرواحهم في غمرة تحدي وباء كورونا ومن راحوا ضحية هذا الوباء، واذ يشيد بدور الكوادر الطبية والصحية المميز في مكافحة الوباء، فانه يتوجه بتحايا الاعتزاز العميق بمنظمات حزبنا وكل رفيقاتنا ورفاقنا وسائر أصدقائنا ممن ساهموا في هذا الفعل النبيل والممارسة الخيّرة، وقدموا أمثلة ساطعة على السجايا الانسانية الرفيعة، وعكسوا، مجدداً، المواقف السامية لأصحاب الأيادي البيضاء تجاه كادحي شعبهم.


امام التدهور المتسارع وانهيار المنظومة الصحية
ضرورة إجراءات عاجلة لإنقاذ مايمكن إنقاذه!
منذ اكثر من أربعة اشهر وجائحة كورونا تجتاح العالم، حاصدة ارواح مئات الآلاف من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية.
ولم نكن نحن في العراق بمنأى عن هذه الكارثة الصحية، حيث عانت على وجه الخصوص الطبقات الكادحة والفقيرة وشرائح الاجراء اليوميين والكسبة، ممن يعيلون اسرهم بكد عملهم اليومي.
ورغم كل الظروف الصعبة بل والكارثية، وتهالك البنى التحتية الصحية والخدمية نتيجة 17 عاما من الفساد وسود الادارة، تبذل كوادرنا الصحية اقصى طاقاتها مجترحة المآثر في محاولاتها التصدي للوباء والوقاية منه وعلاج المصابين، ما ادى الى اصابة العشرات منهم وسط العجز عن تعويضهم، وسد النقص الحاصل في المستشفيات والمرافق الصحية الاخرى.
والى جانب هذا نلاحظ بأسف وألم عدم الالتزام باجراءات الحظر الشامل، وعدم القدرة على فرض التقيد بها، وقصور التدابير الحكومية ذات الصلة على مختلف الصعد، وتجاهل شروط الوقاية الشخصية والمجتمعية ومتطلبات فرض الحظر الشامل في حال ارتأت الجهات المختصة اللجوء اليه. والسؤال الأهم هو: ما هي التدابير التي استعدت الحكومة لاتخاذها من اجل تضييق دائرة الخطر الداهم على كافة المستويات، واولها المستوى الصحي والمستوى الاقتصادي، وعدم ترك الأمور على عواهنها، والعمل على اشاعة الادراك بالترابط المتبادل بين وعي المواطن وتأمين حقوقه الاساسية.
اننا إذ نشهد التداعي في اوضاع المستشفيات والمرافق الصحية، بعد ان تجاوز عدد الإصابات 10 آلاف بكثير، ما يعكس فشل السياسات المعتمدة، الصحية والاقتصادية والأمنية وغيرها، نرى ان من واجب الحكومة المؤقتة ومؤسساتها اتخاذ إجراءات هامة عاجلة، من بين تدابير اوسع نطاقا:
1- اعتبار خدمة الكوادر الصحية ضمن خط الصد الأول خدمة ممتازة لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد
2- إعادة النظر في رواتب المتقاعدين من الكوادر الطبية والصحية والتمريضية.
3- مناقلة المبالغ المستقطعة من مختلف القطاعات، لغرض توفير مستلزمات الوقاية للكوادر الصحية، وعدم اهمال احتياجاتهم بل واعتبارها أولوية، حفاظا على حياتهم ولضمان استمرارهم في أداء واجبهم الإنساني والأخلاقي .
4- الاستفادة القصوى لوزارة الصحة من كافة الاختصاصات الطبية والإدارية المتوفرة في مواجهة جائحة كورونا.
5- زيادة التخصيصات المالية من قبل الحكومة لوزارة الصحة، وتأمين تمويل طوارئ لمواجهة الجائحة استثناءً من القانون.
6- زيادة حملات التوعية والتثقيف بمخاطر الوباء، وتوسيع حملات التعفير اليومية خاصة في المناطق الشعبية.
*************
ص2
النزاهة البرلمانية تعلق على استعادة 41 مليار دينار بشأن عقد تأمين التربية

بغداد – طريق الشعب
علقت لجنة النزاهة النيابية، أمس، على استعادة 41 مليار دينار بشأن عقد تامين وزارة التربية.
وقالت اللجنة في بيان انه "بجهود وتكاتف اللجنة مع رئاسة المجلس وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية قدمت في وقت سابق ملف عقد التامين الذي ابرمته وزارة التربية مع احدى الشركات، للقضاء العراقي، والذي تم اعتباره هدرا للمال العام وتضييع لحقوق الموظفين".
واضافت ان "القضاء اصدر قراره اليوم باستعادة قيمة العقد البالغة 41 مليار دينار، مع استمرار الاجراءات التحقيقية مع المتهمين الرئيسيين في القضية بضمنهم وزيرة التربية السابقة وعدد من وكلاء الوزارة".
*********
كل ثلاثاء ...
هل وفرنا مستلزمات الحوار الاستراتيجي؟

عملية الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية، تتطلب اولا وقبل كل شيء وحدة الموقف الوطني سياسياً واجتماعياً، لأنها قضية مفصلية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بحاضر العراق ومستقبله، وجوهرها إستكمال السيادة الوطنية للدولة العراقية، المنتهكة جهارا نهاراً من الامريكان والايرانيين والاتراك وغيرهم. ولهذا يفترض أن يكون الحوار مدعاة للأجماع الوطني، وبعيداً عن المصالح الطائفية والقومية والحزبية الضيقة كما يحصل الان مع الاسف الشديد.
في مقال كتبه الصحفي الراحل "محمد حسنين هيكل" قبل ربع قرن تقريبا، وكانت الفضائيات قد ظهرت تواً ووظفت ضمن ما كان يعرف آنذاك بالإمبريالية الاعلامية، ذكر أنه كان حائراً في ما تفعله بعض الفضائيات، خاصة "الجزيرة" وشبيهاتها، وماهية المعايير التي تستند إليها في سياساتها الاعلامية؟ ويضيف أنه سأل كثيراً من الساسة والاعلاميين الأمريكيين أثناء زياراته المتكررة الى واشنطن، دون أن يحظى بجواب مقنع، لكنه إكتشف بعد سنوات، أنها "جزء من استراتيجية اعلامية جديدة تهدف الى تفتيت الرأي العام الداخلي والدولي، وإضعافه الى أبعد الحدود، وبالتالي إفشال أي إجماع حتى على القضايا الوطنية والمصيرية، والذي كان سائداً في تلك الفترة، وذلك من خلال طرح الرأي ونقيضه، لزرع التشويش والضبابية لدى المواطن. فما تقوله في الصباح تمحوه بعد الظهر، ليمحى ثانية في الليل، وبالضد منه تماماً، مع هامش واسع لشتم أمريكا والدول الرأسمالية الأخرى.
وقد نجحت هذه السياسة نجاحا مبهراً، وأصبحت سمة العديد من وسائل الاعلام على الصعيدين المحلي والعالمي، ولدينا في العراق طبخة إبتكرتها القوى المتنفذة، والفاسدة منها على وجه الخصوص، هي مزيج من النفاق السياسي الانف الذكر والمحاصصة، تطميناً لمصالحها الذاتية الغارقة في بئر الجشع والجهل والعفن الفكري، وتبعاً لمصالح دول أخرى لا تريد للعراق خيراً أو إزدهاراً!
رياح المحاصصة المسمومة، لم يسلم منها حتى الوفد العراقي المفاوض في هذا الحوار، ويطالب بعض ممثلي المكونات الثلاثة بأن تكون لهم حصصهم في تشكيلة الوفد! بل إن أحدهم صرح في أكثر من محفل، أن الحكومة إرتكبت خطيئة كبرى عندما لم تشرك مكونه وحزبه في الحوار، مما سيؤدي الى فشل الوفد وعدم قدرته على انجاز المهمة المكلف بها.
إن الانقسام السياسي والاجتماعي الحاصل الآن حول الحوار الاستراتيجي، والمفتعل جملة وتفصيلاً، سيؤثر سلباً على أداء الوفد، الذي يجب أن يركز أساساً على المصالح الجذرية للعراق، ويحفظ له سيادته الوطنية على أراضيه ومياهه وأجوائه، وعلى قراره الوطني المستقل، وكل مقدراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورفضه المطلق لكل وجود أجنبي سواء كان جاراً أو بعيداً، ولا يكون ساحة لتصفية حسابات الطامعين فيه، أو لحروب بالوكالة، ودون التفريط بالدعم الدولي في التدريب والجهد الاستخباري والغطاء الجوي، وكل ما من شأنه القضاء على "داعش" وسائر الارهابيين، بالإضافة الى مجالات الدعم والمساعدة الاخرى.
إذا أردنا أن نحقق ما يصبو إليه شعبنا العراقي والمنتفضون البواسل، وكل من يعّز عليه العراق ويرفض مصيره البائس الذي أوصله إليه عديمو الكفاءة والضمير، فلا بد من دعم الوفد واسناده، وممارسة الرقابة عليه، لشل ميول المساومة إن وجدت لدى بعض اعضائه، ولا بأس في المطالبة بتعزيزه على اساس الكفاءة والخبرة والوطنية، وليس على أساس المحاصصة المخجلة التي يطالبون بها. كما ان على الحكومة أن لا تكتفي برعايتها ودعمها للوفد، وتوفير كل ما يحتاجه، بل عليها أيضا أن تمارس الشفافية والمصارحة مع الشعب أولا بأول حول ما يجري وما يتم التوصل إليه.

مرتضى عبد الحميد
***************
آراء متباينة في شأن جدواها
اللجنة الحكومية لمتابعة أداء المحافظين
بغداد – طريق الشعب
اثار القرار الذي اصدره مجلس الوزراء، مؤخرا، بشأن تشكيل لجنة حكومية لمراقبة أداء المحافظين في المحافظات ومعالجة الفساد في ملف الخدمات، جدلا واسعا حول امكانية قيامها بالواجبات المكلفة بها، بعيدا عن التأثيرات والضغوط السياسية، وتقديم التوصيات الكاملة بشأن أداء المحافظين والدوائر التي تشهد تلكؤا ملحوظا. فضلا عن امكانية رئيس الوزراء بازاحة أي محافظ، في ظل المحاصصة وما يشهده البرلمان من اشكالات رقابية كثيرة.
خطوة صحيحة ولكن!

المحلل السياسي، احسان الشمري، اعتبر اللجنة الحكومية خطوة صحيحة إلى الأمام لغرض تصحيح الأخطاء السابقة وتركاتها الثقيلة في الكثير من الملفات المهمة.
الشمري أوضح لـ"طريق الشعب"، إن "اللجنة وضعت خارطة حددت معايير العمل التي سيتم الاستناد اليها في تحديد أداء الحكومات المحلية في المحافظات"، لافتا إلى انها "سوف تظم ممثلين عن هيئة النزاهة والرقابة المالية لمتابعة الخروقات المتعلقة بعمليات هدر المال العام، ومن ثم تقييم عمل المحافظين والدوائر التابعة إلى الحكومة الاتحادية".
وتوقع المحلل السياسي، إن "عمل اللجنة سيكون مهنيا وتخصصيا وسيتم تقييم المحافظين ورفع توصية بعد ذلك إلى رئيس الوزراء ليقيم طبيعتها ويمررها إلى البرلمان، خصوصا وأن بعض المحافظات شهدت اخفاقا كبيرا وصراعات سياسية عطّلت تقديم الخدمات للمواطنين"، مبينا أن "رئيس الحكومة اذا رصد الاخفاق فمن حقه رفع التوصية او التقرير إلى مجلس النواب لاتخاذ القرار اللازم من قبل أعلى سلطة في البلاد".
وأكد الشمري، إن "المحاصصة السياسية ومحاولات المتنفذين قد تكون حجر عثرة في عجلة هذا التوجه الحكومي، ولكن يمكن تجاوز ذلك على أقل تقدير في المحافظات التي تشهد تظاهرات ضد الفساد والتردي الخدمي، التي من الممكن أن توفر مساحة كافية لاتخاذ القرار"، مؤكدا إن "الحكومة ستخلي مسؤوليتها بعد أن ترفع تقريرها إلى البرلمان بشأن الفساد والتقصير".

إمكانية إقالة المحافظين

من جانبه، أكد الأكاديمي، مزهر الساعدي، إن الحكومة تواجه مأزق بشأن أداء المحافظين، فهنالك فوضى قانونية ظهرت الان بعدما الغيت مجالس المحافظات التي كانت مخولة بالاقالة، حيث ان الكاظمي لا يستطيع سوى ان يقدم توصياته إلى مجلس النواب.
وقال الساعدي لـ"طريق الشعب"، أن "الفراغ القانوني يعرقل من محاسبة المقصرين من المحافظين، كما أن السؤال الأهم حاليا، يتعلق بكيفية اختيار بديل المحافظ لو تمت اقالته، لأن الإقالة حصرت حاليا بيد اعضاء مجلس النواب الممثلين عن المحافظات، فهم بامكانهم الاجتماع كنواب محافظة والتصويت على اقالته، بعد ان الغيت مجالس المحافظات التي كانت تملك مثل هكذا قرار"، منوها إلى أن "توصية رئيس الوزراء بشأن إقالة أي محافظ مقصر يمكن الطعن بها من النواب".
وأعتبر الأكاديمي، ما أسماه بـ"بدعة ايجاد مجلس تنسيقي للمحافظين ومجالس المحافظات لسد الثغرات القانونية المتعلقة بالغائها، هي حصيلة تراكمات الاخطاء القانونية والدستورية التي أدت بنا إلى هذه التعقيدات"، داعيا إلى "تشريع قانون لانتخاب المحافظ بشكل مباشر بعدما الغيت مجالس المحافظات التي كانت هي المعنية باختياره، من أجل تحديد الجهات التي تكون مختصة بمساءلة أي محافظ، سواء كانت تنفيذية أم تشريعية، والأفضل أن تكون المساءلة من الحكومة على اعتبار أن عمل المحافظ تنفيذي"، فيما أوضح أن "الفوضى القانونية مستمرة وكبيرة، والقرارات تصدر بشكل فردي مثلما حصل في حزمة اصلاحات العبادي الترقيعية التي اصدرها بعد الضغط الجماهيري الكبير، لذا فالحاجة ماسة إلى حلحلة الأمور القانونية وتشخيص مهام كل جهة في الدولة والابتعاد عن العشوائية والتشابك".
وارتباطا بذلك، علق الخبير القانوني، زهير ضياء الدين، قائلا: "القرار الذي اصدره مجلس النواب القاضي بحل مجالس المحافظات واعطاء الصلاحيات للمحافظين، خوّل رئيس الوزراء أن يقدم اقتراحا بشأن إقالة أي محافظ لم يقتنع بأداءه بشرط أن تتم العملية عبر مجلس النواب ولا طريق غير ذلك"، معللا الأمر بأن "المحافظ منتخب ويجب أن تكون إقالته عن طريق مجلس النواب، أما الحديث عن امكانية اتخاذ القرار من قبل الكاظمي فهو ممكن في النظام الرئاسي فقط".

تشكيك بنتائج اللجنة

وعلى صعيد ذي صلة، أكد المتظاهر في محافظة الديوانية، حسن المياحي، أن اللجنة ستتعرض إلى ضغوط المحاصصة والمتنفذين، ولا يمكن الأعتقاد مسبقا بقدرتها على تقديم نتائج شفافة وحقيقية.
وذكر المياحي لـ"طريق الشعب"، إن "وزير الداخلية، رئيس اللجنة، أتصل بنا بعد تظاهراتنا الأخيرة التي قطعنا خلالها طريق الحمزة، وأبلغنا بحضوره خلال يومين إلى المحافظة للاقتراب من تلبية مطالب المتظاهرين، ووعد بمحاسبة الفاسدين، لكننا نرى ونعلم أن التدخلات ستكون قوية على نتائج اللجنة"، معتقدا ان "الحل الأمثل هو أن يقدم المتظاهرين المشرحين الذين يستحقون أن يديروا عمل المحافظة واختيار محافظ من ضمنهم يتمتع بالنزاهة والخبرة وامكانية تقديم الخدمات الحقيقية، ويكون قادرا على ضرب ملفات الفساد التي تمول اقتصاد الأحزاب الفاسدة".
وبشأن تصريحات نواب المحافظة التضامنية مع المتظاهرين المطالبين باقالة او استقالة المحافظ، دعا المياحي النواب إلى "تقديم كتب رسمية موقعة من قبلهم تؤكد تضامنهم وتطالب باقالة المحافظ، حتى يثبتوا حسن نيتهم ونتأكد من أنهم لا يجاملون مشاعرنا فقط وفي الخفاء يبتزون رئيس الوزراء بشأن عمل اللجنة وتقديم حقيقة المحافظ الحالي".

خطوة للتسويف

أما المتظاهر في محافظة النجف، زيد الشبيبي، فأوضح من جهته أن تشكيل اللجان هو تسويف للمطالب ولطالما سمع المتظاهرين بها منذ سنوات.
وأضاف الشبيبي لـ"طريق الشعب"، إن "النتائج واضحة سلفا للحكومة ان ارادت تقييم المحافظين. والمتظاهرين في النجف عندما يؤكدون على ضرورة اقالة المحافظ، فهم يوضحون أن حجم الفساد في المحافظة يبدأ من مكتبه وصولا إلى كافة الدوائر المرتبطة به"، مستغربا من "تشكيل لجنة لتدقيق الأداء، بينما الفساد وسوء الخدمات شاهد موثوق لا يمكن نكرانه، يستدعي البدء فورا بفتح هذه الملفات ومحاسبة المقصرين الذين اصبح فشلهم لا يخفى".
**********
طالبوا بتأجيل استيفائها حتى العام المقبل
طلبة: نسبة التخفيض لأجور الدراسات المسائية والموازية غير كافية
بغداد – طريق الشعب
اعتبر العديد من طالبات وطلبة الجامعات، أمس، أن قرار التخفيض للأجور الدراسية الذي اقرته وزارة التعليم للدراسات الموازية والمسائية، غير كافي بتحديده بـ ٢٥ في المائة، ويجب أن يصل إلى ٥٠ في المائة وفق التخويل الذي وضعته الوزارة على عاتق ورغبة الجامعات، مبينين أن التخفيض لم يجري في بعض الجامعات رغم أنه أمر حكومي واجب التنفيذ.

كليات ترفض التخفيض

وقال الطالب في كلية الهندسة في جامعة الكوفة، حسين عودة لـ"طريق الشعب"، إن "الكلية ترفض تخفيض الاجور الدراسية بنسبة ٢٥ في المائة والتي اقرت من قبل وزارة التعليم، وحصرت تخفيضها بطلبة المرحلة الاولى فقط بحجة ان الكلية خاطبت الجامعة وهي بانتظار تفسير قرار الوزارة رغم وضوحه وصراحته". وأردف علي "أنا من طلبة المحافظات الذين يسكنون الاقسام الداخلية وقد قمت بدفع اجور السكن في الاقسام الداخلية في بداية العام الدراسي والبالغة ٢٥٠ الف دينار رغم اني لم اسكن فيها سوى لشهر واحد"، مطالبا رئاسة الجامعة بـ"الالتفات الى معاناة الطلبة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب وزيادة نسبة التخفيض الى ٥٠ في المائة، وهي مخولة بذلك من قبل الوزارة".

ضائقة ارهقت المواطنين

من جانبه، أكد الطالب في جامعة بغداد، محمد أحمد، والذي يدرس التمريض، أن "التخفيض بنسبة ٢٥ في المائة غير كافً ولا يتناسب مع الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الفقراء والكادحين، فإجراءات حظر التجوال أثرت بشكل مباشر على دخل عوائلنا ولهذا نحن لا نستطيع تسديد الاجور".
وبين أحمد أن "الجامعات تطالبنا بالتسديد وفي حال تخلفنا عن ذلك فأنها تهددنا بالمنع من اداء الامتحانات النهائية ونحن في حيرة من امرنا في الوقت الحالي"، مناشدا مجلس الوزراء بـ"إصدار قرار بتأجيل دفع الاقساط لهذا العام وتخفيضها بنسبة ٥٠ في المائة نظراً للضائقة المالية التي يعاني منها جل العراقيين والالتفات الى معاناة ذوي الدخل المحدود من المتقاعدين والمشمولين بصندوق الرعاية الاجتماعية والكادحين".

جباية دون خدمة!

من جهتها، اوضحت طالبة التعليم الموازي في كلية التربية - الجامعة العراقية، حنين ستار، انها "انتقلت في بداية العام الحالي من جامعة تكريت الى الجامعة العراقية، وبحسب الضوابط المعمول بها للنقل بالنسبة لطلبة التعليم الموازي فأن الطالب مجبر على دفع مبلغ اضافي بغية النقل، وعليه دفعت مبلغ ٥٠٠ الف دينار الى جامعة تكريت.
وأضافت ستار لـ"طريق الشعب"، لقد "اكملت اجراءات النقل ودفعت مبلغ السكن في الاقسام الداخلية البالغ ٥٠٠ الف دينار لتأتي بعدها احداث الاضرابات الطلابية وظروف حظر التجوال"، لافتة إلى أن "الجامعة حاليا تطالب بدفع ما قيمته ٧٥ في المائة من اجور الدراسة في الكلية".
واعتبرت الطالبة أن "الامر غير منطقي، ففي الوقت الذي تتقشف الدولة برواتب الموظفين والمتقاعدين وتعطل الملايين عن العمل بسبب اجراءات حظر التجوال، تطالب بدفع الاجور الدراسية كاملة، علما أن طلبة الموازي لا يفصل بينهم وبقية القبولات الصباحية سوى درجة أو اثنان فقط على المعدل".

تخفيض لا يلبي الطموح

إلى ذلك، قالت طالبة التعليم الصباحي الموازي في كلية طب الاسنان - جامعة تكريت، غدير غازي، إن "قسطها السنوي يبلغ ٧ ملايين و٥٠٠ الف دينار، قامت الجامعة بتخفيضه بنسبة ٢٥ في المائة استنادا الى قرار الوزارة"، معتبرةً ان "التخفيض جاء بنسبة لا تلبي الطموح كون القسط الدراسي مبالغ به ونحن من الطلبة المتفوقين الذين لا تفرق معدلاتهم عن معدلات الطلبة المقبولين في الدراسات الصباحية المجانية سوى اجزاء من الدرجة الواحدة على المعدل"، مشيرةً الى ان "طلبة التعليم الموازي يحصلون علي تخفيض يتراوح بين ١٥-٢٠ في المائة من الاجور الدراسية من قبل وزارة التعليم العالي".
وطالب غازي الوزارة بـ"إصدار تعميم لتأجيل استيفاء الاجور الى العام القادم كونها من طلبة المحافظات الجنوبية وعانت الامرين طيلة العام الدراسي الحالي بسبب صعوبة تنقلها اثناء فترة التظاهرات نظراً لانتظام جامعة تكريت بالدوام وعدم تنفيذ الاضراب فيها".
***********
استهانة كبيرة تستوجب اجراءات رادعة
تجمعات بشرية غير ضرورية تسمح بالمزيد من انتشار الوباء
بغداد - سيف زهير
شهدت الايام الاخيرة تزايدا ملحوظا في عدد الاصابات والوفيات في فايروس كورونا الانتقالي. الجهات المعنية قدمت ارقاما متزايدة واوضحت مخاطر الوضع الراهن الذي يتطلب جهودا مشتركة بينها وبين المواطنين، ولكن ما يجري حاليا وعلى الرغم من التردي الصحي والمشاكل التي تتعلق بالجانب الحكومي، الا ان مشكلة ليست بالهينة ظهرت متمثلة بعدم اهتمام اعداد كبيرة من المواطنين بمخاطر الفايروس واصراراهم على التجمع والاحتكاك غير الضروري.

عدم مسؤولية
واستهانة بالمخاطر

يقول الممرض، حسن عبد الصمد، إننا "كممرضين نعمل دون انقطاع وبجهود عالية واصيب الكثير منا خلال العمل ونحن متقبلين للأمر لأنه واجبنا والمرحلة الحالية هي من مهامنا التي يجب ان نقاتل فيها كالجنود خلال معارك التحرير، ولكن المحزن بالأمر ان اصابات كثيرة نعلم بحدوثها بشكل غير مبرر اثناء التجمعات والملتقيات والمقاهي والخروج غير الضروري الى الشارع".
ويؤكد عبد الصمد، إن "هؤلاء المصابين نتيجة عدم احترامهم التعليمات يعرضون الجميع الى الخطر ويجب ان تقوم القوات الامنية باعتقالهم، خصوصا وان الامر يحتاج الى انتشار واستنفار امني واسع يتم العمل خلاله كحالة انذار امنية قصوى، فلا استهانة بعدو لا يتم رؤيته، بينما يقوم بعضنا بمساعدته على الدخول في بيوتنا بكل سهولة"، معتبرا "الوضع الحالي خطر جدا ومقبل على انهيار صحي تام قد يتجه بنا الى ما يسمى بمناعة القطيع".
تحدي القرارات

المنتسب في وزارة الداخلية، امجد باسم، يوضح أن هنالك تحديا من بعض المواطنين بشكل سافر لا يمكن تحمله.
ويلفت باسم، وهو يقف في احدى النقاط الامنية بالعاصمة لضبط حظر التجوال، الى ان "الكثير من المواطنين يتحدون قرارات وزارة الداخلية وخلية الأزمة، ويصل الحال ببعضهم الى رفع العوارض التي نضعها لقطع الشوارع امام اعيننا وكأننا غير موجودين، وهذا ما يدعونا الى فرض التعليمات عليهم فورا"، مستغربا "استهانة المخالفين بأرواح الناس وعدم احترامهم كل القيم والاخلاقيات التي تدعو للحفاظ على حياة الناس".
ويتابع القول "هنالك تجمعات كبيرة في المقاهي والمطاعم الشعبية ما زالت تساهم في انحدار الوضع الصحي ولم يتم السيطرة عليها رغم كل الجهود، ولا حل الا بالشروع بعملية امنية تتعامل بحزم مع كل التجمعات غير الضرورية وتقوم بنشر نقاط المراقبة داخل المناطق الشعبية وليست بالشوارع العامة كإجراءات روتينية".

الى متى الاستهانة ؟

المواطن عبد الله محمد، والذي توفي والده بالفايروس، يقول ان جميع الجهات الحكومية والمعنوية تنصح للالتزام بالتعليمات وتجنب التجمعات غير الضرورية ولكن دون جدوى.
محمد يشدد على ان "المراجع الدينية والحكومة بكافة مؤسساتها والمنظمات العالمية وكل العالم يحذر من خطورة التجمع ولكن هنالك من لا يحترم كل ذلك وبأعداد ليست بالقليلة، تدلل على وجود ازمة وعي واخلاق انعكست بكل وضوح في الازمة الراهنة"، محملا الجهات الامنية "مسؤولية ترك التجمعات في المقاهي وغيرها دون محاسبة والاكتفاء بالتفتيش او المحاسبة في بعض الطرق العامة والسيطرات التي لا تشهد اي زحام سكاني".
المصاب بالفايروس والذي تعافى منه، حسين محنا، يكشف عن سبب اصابته ويقول: "اصبت بالفايروس نتيجة زيارة احد الاقرباء القادمين من السفر الى منزلي، حيث تبين ان الرجل حامل للفايروس ونقل العدوى لجميع من لامسهم".
ويشير محنا الى انه "تعلم من هذا الدرس جيداً، حيث شاهد وعاش ألم المصابين بنفسه وكان شاهداً على وفاة أكثر من شخص مصاب بالمرض نتيجة تفاقم حالتهم الصحية"، داعيا "المواطنين الى تجنب الزيارات ولقاءات والتجمعات غير الضرورية فأنها تساهم بشكل كبير في نقل العدوى خاصة مع ارتفاع عدد الاصابات الذي ينذر بانهيار القطاع الصحي بسبب ضعف الامكانيات وتردي المستشفيات وخدماتها".
************
ص3
تعامل مجحف رغم كفاءة عملها وكلف انجازها المناسبة
وزارة النفط تستثني "شركة الحفر" العراقية
وتحيل حقوق الاستخراج إلى الشركات الأجنبية!
بغداد – علي شغاتي
يؤكد مسؤولون وعاملون في شركة الحفر العراقية، أن عقود الحفر التي تبرمها وزارة النفط، تذهب غالبيتها إلى الشركات الأجنبية، على حساب الخبرة والقدرة المحلية ذات النتائج المميزة.
الجدل بهذا الشأن تجدد مؤخرا بعدما أعلن أحد أعضاء البرلمان وجود محاولات لتدمير هذه الشركة العراقية وإفلاسها وتفضيل الشركات الأجنبية عليها في العقود. إضافة إلى ما يرويه عاملين في هذه الشركة من تجاهل واضح، ويكشفون عن تفاصيل كثيرة.
تعامل مجحف

مصدر مسؤول في شركة الحفر العراقية رفض كشف هويته يقول انه "بسبب قرار تخفيض الصادرات النفطية بسبب انهيار اسعار النفط، قامت شركات جولات التراخيص بتقليص اعمالها وايقاف التعامل مع شركتنا، في الوقت الذي استمرت في التعامل مع شركات الحفر الاجنبية"، لافتا الى ان "شركة نفط البصرة والتي تمثل الجهد الوطني قامت بتقليص العمل معنا ايضا وحددت الشركة ببرج واحد لكل حقل، قبل ان تتراجع عن ذلك بحجة عدم الحاجة الى هذا البرج".
ويضيف المصدر "الشركات الاجنبية استمرت بالعمل، بينما توقفت اعمال الشركة العراقية بعد تهميشها، حيث اثر ذلك بشكل مباشر على العاملون فيها الذين استقطعت جزء من رواتبهم نتيجة عدم الوصول الى خط الشروع المحدد بـ٣٠ برج، في حين ان الابراج العاملة في الوقت الحالي هي ١٣ برج وسيتم تقليصها في الاشهر المقبلة الى ٨ ابراج"، داعيا الى "تطوير عمل الشركة ودعمها من خلال تحديد حصة ثابتة من بيع كل برميل نفط تساهم في حفره الشركة، او تحديد حصة ثابتة من اعمال الحفر لشركات جولات التراخيص".
عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، عدي عواد، يرفض وفق بيان له "تعامل الحكومة ووزارة النفط المجحف مع شركة الحفر العراقية ومحاولة تدميرها وإفلاسها من خلال إيقاف ابراجها عن العمل".
ويرى عواد، أن "وزار النفط تتعامل مقابل هذا الاجحاف بمرونة مع شركات جولات التراخيص (سيئة الصيت) وتتجاهل الشركة العراقية، رغم ما يتعرض العاملين فيها لمخاطر كبيرة تتمثل بدرجات الحراة العالية في المناطق الصحراوية، وطبيعة العمل والمواد المستخدمة فيه".
مشكلة العلاقة

تشخيص النائب وحديثه قد يكون من ناحية الرأي الرقابي لمجلس النواب، ولكن التفاصيل التي يوضحها العاملين في الشركة لها ابعاد أخرى.
الموظف الفني في شركة الحفر العراقية، أحمد طه، يقول أن "المشكلة أساسا، تكمن في علاقة الشركة مع وزارة النفط، فالأخيرة تعطي عقودا لحفر الآبار واستصلاحها إلى الشركات الأجنبية رغم وجود شركة وطنية كفؤة. علما أن كثيرين يعتبرون إحالة العقود إلى الشركات الاجنبية تقف خلفها رغبة الحصول على الكومشنات".
ويوضح أن "هذا الاجحاف أثّر بقوة على قوت العاملين والموظفين ورواتبهم التي تم استقطاع مبالغ كبيرة منها، فيما تم تسريح عدد ليس بالقليل من اصحاب العقود، وتأثر الجميع بالإجراءات المتخذة وأصبح مستقبل الشركة مهددا".
طه لا يكتفي عند هذا الحد ويضيف قائلا: "حسب كلام المدير العام للشركة والمسؤولين فيها، فأن الفترة القادمة قد تكون سوداوية، لأن وزارة النفط تتحدث عن عدم وجود عقود للحفر، ومقابل هذه المعطيات، فأن خطتنا للعام المقبل ستتضمن حفر بئر واحد فقط، والموقف سيكون صعبا لأن الشركة تعتمد على التمويل الذاتي لتوفير رواتب الموظفين".

جهود مهمشة وعقود مشبوهة

ويشدد الموظف على أن "المصالح الحزبية، والصفقات المشبوهة، تقف خلف محاولات التأثير على عمل الشركة بغية تحقيق المكاسب من خلال إبرام العقود مع الأجنبي التي تحوم الشبهات حولها". ويؤكد أن "شركة الحفر العراقية، هي الوحيدة التي استمرت بالعمل بقدرة 100 في المائة منذ بداية أزمة الوباء، ورغم جهود منتسبيها تم استقطاع جزء من رواتبهم بذريعة أن الشركة أصبحت خاسرة لعدم حصولها على عقود جديدة للحفر"، لافتا إلى أن "العاملين في الشركة يحاولون منذ مدة اللقاء برئيس لجنة النفط والطاقة النيابية، أو وزير النفط أو المسؤولين في الوزارة ولكن دون جدوى".

افضلية محلية واضحة

لشركة الحفر العراقية ثلاثة فروع، أولها في بغداد وهو الرئيسي، أما الثاني فيقع في برجسية البصرة، بينما الثالث في عرفة كركوك، وكانت قبل عام 2003 تستفيد من كافة عقود حفر الآبار النفطية والمائية، ولكن بعد تغيير النظام، تعاقدت وزارة النفط مع شركات نفط الجنوب والشمال والوسط ووزعت خلال ذلك عقود الحفر إلى الشركات الأجنبية، وأصبحت الشركة العراقية جزء بسيط من العملية وتم تهميشها.
يقول ذلك الموظف في الشركة، كاظم راضي، ويؤكد "تفوق امكانيات الشركة العراقية على المنافس الأجنبي باستثناء الأبراج، فللشركة خبرات كبيرة وجميع الآبار التي عملت عليها سلمتها لوزارة النفط بنسبة انجاز 100 في المائة، بينما يشهد عمل الشركات الأجنبية الحوادث والتعثر في الانجاز ومشاكل فنية أخرى".
ويضيف راضي، أن "شركتنا تضع نسبة مئوية متحركة على استخراج البرميل. فلو كان سعر البرميل 100 دولار مثلا، فأن الشركة تأخذ نسبة 10 في المائة، أي 10 دولارات، وتنخفض النسبة مع أي انخفاض، خلافا للشركات الأجنبية. فلو فرضنا أنها تأخذ 5 دولارات على البرميل الذي يهبط سعره إلى 5 دولار، فأنها ستأخذ المبلغ كله ككلفة استخراج".
وينوه الموظف راضي، إلى "وجود عقود في دول الخارج تنص على مشاركة شركات الحفر الكلفة خلال الظروف القاهرة، ولكن الشركات الأجنبية حاليا تأخذ كلفتها الكاملة خلال الأزمة الاقتصادية"، مبينا أن "كلفة البرج الأجنبي يعادل كلفة أربعة أبراج عراقية جيدة، فمسؤول الموقع للبرج الأجنبي يتقاضى 10 الاف دولار، بينما العراقي أقل من 3000 الاف، والحفار الأجنبي يتقاضى 8000 دولار، بينما العراقي 2000 دولار، وهذه الأرقام دقيقة ومعروفة".

شركة ناجحة

وبشأن الحديث عن كفاءة الشركة وقدرتها على المنافسة الأجنبية، يؤكد الخبير النفطي، حمزة الجواهري، أن الحديث الذي يجري حاليا بشأن وضع شركة الحفر العراقية، ناتج عن سوء الإدارة العامة لمؤسسات البلد وعدم تكامليتها بالشكل الصحيح.
الجواهري يعتبر أن "الشركة العراقية قد تكون أضعف من غيرها من بعض النواحي، لكنها قادرة على القيام بأعمالها بشكل مقبول وبدرجة جيدة جدا وتنجر المهام المطلوبة منها، وهي تمتلك معدات وأبراج جيدة، ولديها كادر كبير يعمل بجهود عالية"، مشيرا إلى أن "كادر الشركة يعمل دون تعقيدات وينتج فوق مستوى الوسط من ناحية الأداء، وبأسعار أفضل من الاستخراج الأجنبي وهذا هو المطلوب".
**********
الجامعة العربية تدين القصف التركي والعملية العسكرية شمال العراق
بغداد – وكالات
دانت الجامعة العربية ، أمس، القصف التركي والعملية العسكرية شمال العراق.
وقال بيان صادر يوم امس الإثنين، عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن "مجلس الجامعة كان قد تبنى قراراً في مارس الماضي يُدين التدخلات التركية المستمرة في شمال العراق تحت عنوان (اتخاذ موقفٍ عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية)، وأن الدول العربية وافقت بالإجماع على هذا القرار ولم تتحفظ عليه سوى دولةٍ واحدة، حيث تضمن القرار إدانة للتوغل التركي في الأراضي العراقية ومطالبة الحكومة التركية بسحب قواتها فوراً دون قيدٍ أو شرط، باعتباره اعتداءً على السيادة العراقية، وتهديداً للأمن القومي العربي".
وأضاف البيان أن "القرار أكد أيضاً على “مساندة الحكومة العراقية في الإجراءات التي تتخذها وفق قواعد القانون الدولي ذات الصلة والتي تهدف إلى سحب الحكومة التركية لقواتها من الأراضي العراقية، ترسيخاً لسيادة حكومة العراق على كافة أراضيه”.
ونقل البيان عن الأمين العام لجامعة الدول العربية قوله إن “التدخلات العسكرية التركية في الأراضي العربية، سواء في سوريا أو ليبيا أو العراق، أصبحت مصدر قلق ورفض واستهجان من الدول العربية جميعاً، وأنها تعكس أطماعاً توسعية لدى تركيا تنتمي إلى ماضٍ بعيد، ولم يعد لها مكانٌ في عالمنا المعاصر”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة استنكرت الغارات الجوية التركية شمال البلاد، وقالت إنها تعد “انتهاكا صارخا للسيادة”.
وقالت قيادة العمليات إن 18 طائرة تركية اخترقت الاجواء العراقية مساء الأحد بعمق 193 كم مِن الحدود التركية داخل الأجواء العراقية واستهدفت مخيم للاجئين قرب مخمور وسنجار .
وقالت في بيان “هذا التصرف الاستفزازي لاينسجم مع التزامات حسن الجوار وفق الاتفاقيات الدولية ويعد انتهاكا صارخا للسيادة العراقية”.
وأكدت قيادة العمليات المشتركة إنه “يجب إيقاف هذه الانتهاكات احترامًا والتزاما بالمصالح المشتركة بين البلدين. وندعو الى عدم تكرارها”. وأوضحت أن “العراق على أتم الاستعداد للتعاون بين البلدين وضبط الأوضاع الأمنية على الحدود المشتركة”.
من جانبها أعلنت تركيا أن حصيلة العمليات العسكرية في شمال العراق، كانت تدمير 81 هدفا لحزب العمال الكردستاني، في إطار عملية “المخلب-النسر”.
وفي وقت متأخر من ليل الأحد، أطلق الجيش التركي، عملية “المخلب-النسر” العسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، وانطلقت الطائرات الحربية التركية من مدن ديار بكر وملاطيا.
والعام الماضي أدانت وزارة الخارجية العراقية العمليات العسكرية التركية على أراضيها، واعتبرتها خرقا لسيادة العراق.
************
تحت وطأة كورونا وتداعياتها المعيشية
ارتفاع أجور الأطباء وأسعار الأدوية يثقل كاهل الفقراء والكادحين
بغداد – ماجد مصطفى عثمان
الطب قبل كل شيء مهنة إنسانية، كونها تتعلق بصحة الإنسان وحياته. وهناك العديد من الأمثلة على مدى اهتمام بعض الأطباء في مرضاهم، ومتابعة علاجهم خدمة للإنسانية، قبل التفكير بما سيحصلون عليه من أموال لقاء جهودهم الكبيرة، وفي المقابل، وللأسف، هناك أطباء أصبحوا يتاجرون بأرواح الناس ويستغلون المرضى الذين يراجعون عياداتهم الخاصة، فيعالجونهم لقاء أجور باهظة لا تتناسب مع الحالة الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها المواطن العراقي اليوم، خاصة في ظل فرض حظر التجوال بسبب تفشي وباء كورونا.
وشملت موجة الغلاء التي اجتاحت الشارع العراقي، أجور فحص الأطباء (الكشفية)، وأسعار الأدوية في الصيدليات، حتى وصلت الأسعار إلى مستويات غير معقولة في ظل غياب دور الجهات الرقابية، وعدم وضع تسعيرة محددة، ما يضطر المواطنين، وبالأخص الفقراء وذوو الدخل المحدود والكسبة، إلى مراجعة المراكز الصحية والعيادات الشعبية، التي تكون أجور الفحص فيها مناسبة، إلا أن المواطن، وبعد أن يواجه ضعف الخدمات وعدم توفر بعض الأدوية والعلاجات الضرورية في تلك المؤسسات الحكومية، سيعود مجددا إلى العيادات والصيدليات الخاصة، ويقع في قبضة جشع أطباء وصيادلة، أصبحوا أثرياء على حساب الفقراء والكادحين.

اطباء ام تجار؟

بغداديون عديدون تحدثوا إلى "طريق الشعب" عن معاناتهم المريرة جراء غلاء أجور الأطباء وأسعار الأدوية.
عدنان جاسم، وهو متقاعد، يشير إلى أن الطمع والجشع دفعا بالكثيرين من الأطباء نحو التخلي عن شرف المهنة، حتى باتوا يتعاملون مع المراجعين بعقلية تاجر، موضحا أنه "عند مراجعتنا قسما من الأطباء، نجد أمامنا في صالة الانتظار بين 20 و25 مراجعا، وأحيانا أكثر، وهنا سنشعر بالصدمة، بعد أن ندرك أن الطبيب يضطر إلى استقبال كل مريضين أو ثلاثة مرضى سوية في غرفة الفحص، وهذا سيربكه ويفقده القدرة على التركيز. كما أنه يسبب إحراجا للمريض الذي لا يرغب في أن يطلع غير الطبيب على مرضه".
ويتابع قائلا انه، في المقابل هناك أطباء لا يستقبلون يوميا سوى 10 أو 15 مريضا، كي يتمكنوا من فحصهم بشكل دقيق، وصولا إلى الشفاء التام.
ويلفت جاسم إلى مشكلة أخرى تتمثل في قيام بعض الأطباء بإدراج أكثر من اختصاص طبي إلى جانب أسمائهم المكتوبة على اللافتة الإعلانية، فيكتبون: "الطبيب فلان اختصاصي صدرية وباطنية وجلدية وأطفال..."، بينما المفروض أن يكون الطبيب متخصصا في حالة مرضية واحدة، مضيفا أن "هناك صفقات غير مشروعة تبرم بين أطباء وأصحاب صيدليات ومذاخر طبية، من أجل تجريب أدوية جديدة بديلة على المرضى، ما يؤدي إلى مضار صحية، وقد حدث ذلك لي عندما استبدل طبيب راجعته، أحد الأدوية التي أواظب على تعاطيها كعلاج لحالة مرضية، بآخر لم أكن استخدمه سابقا، ما سبب لي حساسية في جميع أعضاء جسمي".

فساد في العيادات !

من جانبها، تقول أم سلوان(موظفة)، أنها راجعت، قبل أيام، أحد أطباء الأطفال في منطقة المنصور، لفحص حالة مرضية يعانيها طفلها، موضحة أنها وجدت أن رقم تسلسلها بين المراجعين هو 46، ولكون حالة طفلها حرجة جدا ولا تتحمل التأخير، اضطرت إلى التوسل بسكرتيرة الطبيب لتعطيها رقم تسلسل أقل كي تتمكن من الدخول إلى الطبيب بأسرع وقت، إلا أن السكرتيرة اشترطت عليها أن تدفع مبلغ 15 ألف دينار "رشوة" يضاف إلى أجر "كشفية" الطبيب والبالغ 25 ألف دينار!
وتؤكد أم سلوان انها اضطرت إلى دفع المبلغ كي تدخل إلى الطبيب على الفور، مضيفة أن ما زاد الأمر تعقيدا، هو قيام الطبيب بإجبارها على شراء الدواء من إحدى الصيدليات المجاورة، والذي بلغت تكلفته 65 ألف دينار.
تتساءل أم سلوان: أين نقابتا الأطباء والصيادلة من هذا الارتفاع البالغ في أسعار الفحص الطبي والأدوية، الذي ألقى بحمله الثقيل على كاهل المواطنين في ظل الظروف المعيشية الصعبة!؟
المواطن عبد الرزاق هاشم، وهو مشرف تربوي متقاعد، يذكر من جهته أن هناك اتفاقيات عمل تبرم بين أطباء وأصحاب صيدليات أهلية، موضحا أن صاحب الصيدلية يتعهد بتوفير مقر لعيادة الطبيب، ودفع بدل الإيجار عنه، مقابل أن يجبر الأخير مرضاه على شراء العلاج من صيدليته، من خلال كتابة أسماء الأدوية على الوصفة الطبية بلغة مشفرة لا يفهمها سوى صاحب الصيدلية المعني، وهذا الأمر يضطر المريض إلى شراء الدواء من هذه الصيدلية، والذي قد يكون بسعر أقل في صيدلية أخرى.
ويضيف هاشم أن هذه الاتفاقات تمثل تقاسم أرباح بين الطبيب والصيدلاني، ضحيته في كل الأحوال، المواطن الفقير، الذي يضطر إلى شراء دواء بسعر قد يفوق سعره الحقيقي بكثير.
المواطن بهاء أحمد، وهو موظف، يشير إلى ان تردي الواقع الصحي في العراق بشكل عام (باعتراف المؤسسة الصحية المتمثلة في وزارة الصحة) كانت له تداعيات خطيرة على صحة المواطنين وأحوالهم المعيشية "فالمواطن، وبالنظر إلى تردي الخدمات في المؤسسة الصحية الحكومية، يضطر إلى مراجعة العيادات الخاصة، وهنا يقع ضحية جشع بعض الأطباء والصيادلة"، موضحا أن تكلفة الفحص في المختبرات الأهلية، ومراكز السونار والايكو والمفراس والرنين وغيرها، باهظة جدا، لا يقوى على توفيرها المواطن، خاصة من أبناء الطبقات الفقيرة والمعدمة.
ويرى أحمد أن من واجب وزارة الصحة أن تولي العيادات الشعبية والمراكز الصحية اهتماما كبيرا وجديا، كي توفر الرعاية الصحية الجيدة للمواطنين. كما يتوجب عليها توفير أدوية الأمراض المزمنة ( الضغط والسكري وأمراض القلب)، كون المرضى المسجلين في تلك العيادات، لا يحصلون أحيانا على حصتهم من الدواء كاملة، فيضطرون إلى شراء الكمية المتبقية من الصيدليات الأهلية، وبأسعار باهظة.
وكمقارنة بين المستشفيات الحكومية والأهلية، يقول أحمد أنه يفضل مراجعة المستشفيات الأهلية، وذلك لأمور عدة تفتقر إليها المستشفيات الحكومية في بعض الأحيان، منها توفر الدواء، ووجود أطباء بجميع الاختصاصات، إلى جانب جودة الخدمات الصحية المقدمة، مستدركا "لكننا يجب أن لا ننسى أن أصحاب الدخل المحدود والفقراء لا يمكنهم مراجعة المستشفيات الأهلية، كونهم لا يستطيعون تغطية تكاليف العلاج فيها".

محنة الفقراء

جاسب زوير، وهو عامل بناء، يتحدث من جانبه عن التكاليف المالية الباهظة التي يدفعها المواطن في حال مراجعته العيادات الخاصة، موضحا أنه راجع مرة أحد أطباء الجملة العصبية في عيادته الخاصة، ووقتها بلغت الكشفية 40 ألف دينار، وأجور التحاليل في المختبر التابع إلى الطبيب، بلغت 50 ألف دينار، فيما بلغ سعر الدواء 70 ألف دينار.
ويتابع حديثه قائلا أن الطبيب طلب منه بعد ذلك إجراء فحص الرنين المغناطيسي، فتوجه إلى المستشفيات الحكومية، لكنه وجدها مزدحمة مكتظة في ظل "المحسوبيات والوساطات"، ما اضطره إلى إجراء الفحص في عيادة خاصة، مقابل مبلغ 200 ألف دينار، وبذلك كلفته هذه "الرحلة العلاجية" 360 ألف دينار، وهو عامل فقير الحال لم يستطيع توفير هذا المال إلا بعد أن استدان من بعض معارفه!
إلى ذلك تذكر المواطنة سحر عبد الجبار (ربة بيت)، إن أكثر العيادات والمراكز الصحية الحكومية لا يوجد فيها أطباء أسنان، سوى واحد، وهذا في الغالب يقوم بقلع أسنان المرضى بدون بنج (مخدر)، لعدم توفر هذه المادة، مضيفة أن "حشوات" الأسنان غير متوفرة أيضا في تلك المؤسسات، ما يضطر المريض إلى مراجعة العيادات الخاصة، ودفع مبالغ كبيرة لا تناسب وضعه المعيشي وحالته الاقتصادية.
وتوضح المواطنة سحر أن أجر قلع السن في العيادة الأهلية يبلغ 25 ألف دينار، وسعر "حشوة الجذر" يبلغ نحو 90 ألف دينار، بالإضافة إلى أجر المعاينة الذي يصل إلى 25 ألف دينار، مشيرة إلى أن هذه الأسعار قد تختلف بين منطقة وأخرى، لكنها في جميع الأحوال مرتفعة.
وتتابع قائلة انه عند مناقشة الطبيب حول أسباب ارتفاع تلك الأسعار، يبدأ بالشكوى من غلاء المواد الأولية وارتفاع بدل إيجار عيادته وغير ذلك، متسائلة: "هل يجوز أن يتحمل المواطن الفقير والمعدم كل ذلك، في الوقت الذي يستطيع فيه طبيب الأسنان، دفع نفقاته لشهر كامل بإيرادات يوم واحد من العمل!؟".

تحت رحمة تجار الدواء

وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار الأدوية والعلاجات في الصيدليات الأهلية، تتحدث الصيدلانية د. أزهار سامي قائلة انه في السابق كان الدواء يحدد بتسعيرة توضع فيها نسبة أرباح معينة، وأن الصيدليات كانت تتسلم حصص الدواء بشكل منتظم، أما اليوم فقد أصبح الدواء "تحت رحمة التجار". إذ تبرم اتفاقات بين مذاخر وصيدليات، لبيع الأدوية بدون وضع تسعيرة محددة، ما أصبح بيع الدواء عبارة عن تجارة مربحة كأي تجارة أخرى.
وتضيف أن صيدليات عديدة تدار من قبل ممرضين أو من غير الاختصاصيين، وهؤلاء يصرفون أدوية من دون دراية ومعرفة علمية، بعد أن يقوموا باستئجار إجازة ممارسة مهنة من أحد الصيادلة، مقابل مبلغ يصل بين 750 و900 ألف دينار شهريا، على أن يحضر هذا الصيدلي إلى الصيدلية، فقط في حال وجود لجان تفتيش، ليوهمها بأنه هو الذي يدير الصيدلية.
وتتطرق د. أزهار إلى مشكلة ارتفاع أبدال إيجارات الصيدليات بحسب المناطق، فضلا عن تكلفة خط مولدة الكهرباء وغير ذلك من المصاريف المتفرقة، مشيرة إلى أن تلك التكاليف تجبر صاحب الصيدلية على استيفاء أرباح كبيرة من بيع الدواء.
كما تتحدث عن جشع بعض أصحاب المذاخر الدوائية الأهلية، الذين يحتكرون أصنافا معينة من الدواء لبيعها بأسعار باهظة، خاصة أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية التي لا تتوفر في الغالب في المستشفيات الحكومية.
مواطنون كثيرون، يناشدون عبر "طريق الشعب"، الرقابة الصحية ونقابتي الأطباء والصيادلة، وضع حد لجشع البعض من العيادات الطبية والصيدليات والمختبرات الصحية الخاصة، والذي ألقى بظلاله على كواهل الشرائح والطبقات الفقيرة، في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية المريرة الراهنة.
************
ص4
نظرة موجزة في الموازنات العراقية والواقع المرير
د. حيدر عبدالامير الغريباوي *
1) بلغت ميزانية الحكم الملكي منذ (1921 -1958) ما يقارب (500 الف دينار عراقي- 170 مليون دينار) خصص منها 70 في المائة لمجلس الاعمار تمثلت بتنفيذ عشرات المشاريع الاستراتيجية في شتى القطاعات منها حسري الائمة والجمهورية وكانت كلفة جسر الأئمة (مليون وربع مليون) دينار وكلفة جسر الملكة عالية (الجمهورية) (ستمائة الف دينار
2) عندما استلم صدام نظام الحكم عام (1979-2003) كانت الميزانية ما بين (21-32) مليار دولار يذهب 80في المائة منه الى التصنيع العسكري علماً أن “ميزانية العراق قبل الاحتلال كانت 3.2 مليار دولار فقط، حسب آلية النفط مقابل الغذاء وكان البلد محاصراً”
3) موازنات بعد 2003 والواقع المرير.
نستعرض في الجدول ادناه موازنات العراق للمدة من 2003 -2019 كالاتي:

السنوات/ الموازنة
2003 / 14 مليار دولار
2004 / 18 مليار دولار
2005 / 26 مليار دولار
2006 / 34 مليار دولار
2007 / 42 مليار دولار
2008 / 70 مليار دولار
2009 / 74 مليار دولار
2010 / 75 مليار دولار
2011 / 84 مليار دولار
2012 / 101 مليار دولار
2013 / 126 مليار دولار
2014 / 138 ملياراً
2015 / 105 مليار دولار
2016 / 95 مليار دولار
2017 / 67 مليار دولار
2018 / 77 مليار دولار
2019 / 112 مليار دولار

4) مجموع الأموال المخصصة بموجب الموازنات السابقة تكون 1512 تريليون بما يعادل بما يعادل 1258مليار دولار امريكي. وهو رقم يعادل موازنات دول عربية مجتمعة للفترة نفسها
5) مجموع موازنات حكومتي المالكي بلغت 562.3 مليار دولار، بمعزل عن النفقات الفعلية والفائض منها
6) لو قمنا بعملية حسابية بسيطة لوجدنا أن ما دخل للعراق من عملة صعبة منذ عام 2003 – 2012 هو بحدود 538 مليار دولار بالإضافة إلى الدعم المالي والمادي والعيني الذي وصل إلى العراق منذ عام 2003؟؟ ولو قسمنا هذا المبلغ على العراقيين جميعا باعتبار أن العراق 30 مليون فرد لوجدنا أن حصة الفرد العراقي الواحد بحدود 17.933.333 مليون دولار ؟؟؟
7) التقديرات تشير إلى أن قيمة الهدر المالي الذي تكبده العراق بفعل عدم وجود حسابات ختامية بلغ 175 مليار دولار للسنوات التي تلت عام 2011 وحتى الآن.
صرحت بعض اللجان البرلمانية أن نسبة الهدر في موازنات العراق تقدر بـ 25في المائة من قيمة الموازنة، وهي الأموال التي تبدد في الصرفيات غير الضرورية والإنفاق المفتعل الذي لا حاجة له، أو من خلال سرقة تلك الأموال من خلال مستندات صرف غير حقيقية
8) تفاقمت نسبة الفقر من 9في المائة عام 2004 إلى 17في المائة عام 2019 ان كان معدل الفقر في العراق وفقاً لخط الفقر المحدد 3.2 دولار في اليوم في حين ترتفع نسبة الفقر الى 57في المائة اذا ارتفعت نسبة الاحتساب الى 5.5 في المائة حسب تقارير البنك الدولي.
في ما يتعلق بالخدمات العامة، فيحصل العراقيون على ست ساعات من التغذية الكهربائية فقط حالياً، بينما كانوا يحصلون عام 2004 على 12 ساعة.
9) ارتفعت نسبة المناطق التي لا تحصل على المياه النظيفة من 18في المائة في عموم العراق عام 2003 إلى 41في المائة عام 2016. في حين تبلغ درجة الإجهاد المائي في العراق 3.7 من 5 وفق مؤشر الإجهاد المائي، لتدرج ضمن قائمة الدول المُصنفة بأن لديها "خطورة عالية" فيما يتعلق بالشح المائي ومخاطره. ويتوقع المؤشر العالمي أنه بحلول عام 2040 ستصبح بلاد الرافدين أرضًا بلا أنهار بعد أن يجف نهرا دجلة والفرات تمامًا.
10) الهلال الخصيب" الذي يمتد من العراق وسوريا إلى لبنان والأردن وفلسطين - وهو مصطلح قديم يطلق على حوض نهري دجلة والفرات، والجزء الساحلي من بلاد الشام- سيفقد كل صفات الخصوبة، وقد يختفي قبل نهاية القرن الحالي بسبب تدهور إمدادات المياه من الأنهار الرئيسية. وكان عالم الآثار الأمريكي جيمس هنري برستد قد أطلق هذه التسمية على هذه المنطقة لكونها منطقةً غنيةً بالمياه وتمتاز تربتها بالخصوبة التي تتيح الزراعة فيها بسهولة ويسر
11) انخفض متوسط نصيب الفرد من المياه الصالحة للشرب في العراق الى 397 لترًا في اليوم، بفجوة عن الحصة الواجب توافرها (وهي 450 لترًا في اليوم) تبلغ 53 لترًا في اليوم، وفق تقرير خطة التنمية الوطنية العراقية.
ازدياد التركيزات الملحية من 320 جزءًا في المليون إلى 500 جزء في المليون بالنسبة لنهر دجلة، ومن 540 جزءًا في المليون إلى 930 جزءًا في المليون لنهر الفرات.
12) بلغت البطالة معدلات قياسية، لتصل إلى 29في المائة عام 2018، بعدما كانت 11في المائة عام 2005. ويشهد العراق، وفق تقرير حديث للبنك الدولي، واحدة من أدنى نسب العاملين الى السكان في المنطقة، حتى بين الرجال
13) أما في مجال التعليم، فقد ارتفع عدد النقص في المدارس من 2076 مدرسة في عموم العراق عام 2004 إلى ستة آلاف و480 مدرسة عام 2016.
14) تراجعت حصة الفرد العراقي من الرعاية الصحية بواقع سرير واحد لكل 39 عراقياً عام 2004 إلى سرير واحد لكل 120 عراقياً اليوم. وبحسب تقارير خاصة أعدتها وزارة التخطيط العراقية
15) صرح عبد الهادي الطائي، المفتش السابق في وزارة المالية العراقية والمستشار الحالي في سوق بغداد للأوراق المالية، إن نحو 450 مليار دولار من أصل 1000 مليار دولار سرقت وأودعت بحسابات مسؤولين وسياسيين خارج البلاد في دول عدة أبرزها لبنان وطهران ودبي وتركيا وسورية وأميركا اللاتينية
16) 95 في المائة من العراقيين ما زالوا يعيشون على خدمات وبنى تحتية تم إنشاؤها في الفترة التي سبقت عام 2003 (الغزو الأميركي للبلاد)، من بينها الطرق والجسور ومحطات الكهرباء والمياه والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات وحتى المناطق الترفيهية. إلا أن هذه الخدمات تراجعت بفعل تقادمها والتلاعب بمخصصات صيانتها.
17) وضح عادل عبد المهدي (وزير النفط كان في حكومة المالكي)، أن المستوى الأول للفساد هو الفساد الشخصي، الذي يقدر البعض أنه يستهلك ما نسبته ثلاثة بالمئة من مجموع تلك الموازنات، ونوه وزير النفط الى ان "مشروع مارشال لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، قد بلغ 15 مليار دولار للأعوام 1947-1951، وهذا مبلغ يعادل بالقيمة الحالية 148 مليار دولار، أي تقريباً موازنة العراق، غير المقرة، لعام 2014 فقط".
18) أن عام 2015 هو العام الوحيد خلال 17 عاما الذي شهد تقديم الحسابات الختامية في وقتها نهاية العام المالي وبصورة سليمة.
19) أعلنت النائب ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية ان هناك اكثر من 6000 مشروع وهمي. وبينت إن 85 في المائة من تقديرات الموازنات الاتحادية لم تحققها الحكومات المتعاقبة بسبب سوء إدارتها والفساد الذي يعشعش في الدولة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* دكتوراه اقتصاد - وزارة التجارة
************
نحو اعادة تقويم السياستين المالية والنقدية

ابراهيم المشهداني
يتفق ذوو الاختصاص ان من بين حلول الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تجتاح العراق منذ عقود السعي الجاد لتحقيق الحد الأقصى من الكفاءة الانتاجية في استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة وتحقيق الاستقرار الدائم لتلافي تلك الازمات ،فضلا عن تحقيق الحد الأقصى من المساواة في توزيع الدخول على قاعدة العدالة الاجتماعية . فهل اسهمت السياسات المالية والنقدية في تحقيق هذه الاهداف النبيلة بكل ابعادها ؟
يمكن اعتبار مشكلات السياسات المالية والنقدية من ابرز المؤثرات على مسار التطور في الراهن والمستقبل على الصعيد الاقتصادي خصوصا والاوضاع الاجتماعية عموما . ففي عام 2011 على سبيل التذكير توجه كل من وزارة المالية والبنك المركزي العراقي بطلب الى البنك الدولي لا جراء كشف كامل على الحالة المالية والنقدية في العراق وبالفعل صدر تقرير من البنك الدولي تضمن مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات تشمل القطاع المصرفي الحكومي والاهلي بالإضافة الى بلورة مجموعة من الحلول الهادفة الى معالجة الازمات الراهنة وتجاوزها معتبرا ان القطاع المصرفي يشكل الثغرة الاكبر في الحالة المالية والنقدية .
وبالإضافة الى المذكرة المشتركة لوزارة المالية والبنك المركزي الصادرة في عام 2006 التي ركزت على الانفصام الملحوظ بين المصارف الحكومية التي تشرف عليها وزارة المالية وهي ستة مصارف في ذلك الوقت والمصارف الاهلية التي تجاوزت الاربعين في الوقت الحاضر التي يشرف عليها البنك المركزي التي يفترض ان تكون مهمتها الاكبر دعم القطاع الخاص والنهوض بمشاريعه في الاقتصاد الحقيقي وتوفير المناخات الملائمة للاستثمارات الخاصة المحلية والاجنبية وتمكينها من ممارسة حرية المنافسة لبناء تجربة اقتصادية جديدة في العراق لكن بدلا من ذلك انصرف اهتمامها الى اسلوب المضاربة والتوجه للاستفادة القصوى من نافذة البنك المركزي التي تجعل من غير المنطقي الاطمئنان الى الكميات المتغيرة من الاحتياطي النقدي الذي يرتفع وينخفض تبعا لتذبذب اسعار النفط المقيدة بالأزمات الاقتصادية العالمية وبالتالي فلا توجد نظرية اقتصادية في العالم ولا قواعد اقتصادية تحول دون الاستفادة من هذا الاحتياطي المتكاثر في معالجة التنمية الاقتصادية ومعالجة ازماتها .فيما تستمر المصارف الاهلية بالتحايل على نافذة البنك المركزي وهدر اموالها عن طريق التهرب الضريبي المترتب على بيع العملة والتي تشكل (10) تريليون دينارا سنويا لا يدفع منها سوى تريليون واحد.
واذا عرفنا ان ابرز معضلات الادارة المالية تتمثل بحجم الديون الداخلية والخارجية بالرغم من وجود فائض حقيقي متوافر لدى الوزارة ولكن الموازنات السنوية تعاني من عجز سواء كان مخططا او حقيقيا .بالإضافة الى عدم القدرة على السيطرة على المنافذ الحدودية التي تقدر مواردها ب (10) مليارات دولار سنويا لم يصل الى الخزينة الحكومي منها سوى مليارين ونصف حسب التقديرات المعلنة وان 90 في المائة منها يذهب الى جيوب الفاسدين . بالإضافة الى عدم القدرة على ضبط النظام الضريبي وهي مشكلة قديمة حديثة .وكل تلك الموارد تذهب الى انفاق فوضوي فاقد القيمة الاقتصادية.
ان السيطرة على الموارد المالية ليس بالأمر المستحيل اذا ما توافرت الارادة الحقيقية عبر حزمة من التدبير والاجراءات نذكر منها ما يلي:
1- السيطرة على الكتلة النقدية المكتنزة خارج السوق والتي تقد ب 34 تريليون دينار من خلال سعر الفائدة دون ان يؤدي ذلك الى حالات تضخمية في السوق وادخالها في عمليات التنمية عبر الاستثمار الادخاري.
2- احكام السيطرة على المنافذ الحدودية من خلال ابعاد الاحزاب والمليشيات المهيمنة عليها عبر الاجراءات الرادعة وابعاد العناصر الفاسدة المصحوبة بتنشيط ادوات الرقابة عبر حوكمتها وفي ذات الاتجاه الى مراجعة شاملة للنظام الضريبي وتخليصه من الفساد المواكب له منذ سنين طويلة من خلال السيطرة على اوعيتها ,
3- الابتعاد عن الهالة الاعلامية التي تمارسها الاجهزة الحكومية في اقناع قوى الاحتجاج بهدف احتوائها التي غالبا ما تصطدم بالتشريعات النافذة التي تستغل في ايقاف الاجراءات الحكومية حتى الموثوقة منها وضرورة دراسة هذه الاجراءات بصورة معمقة مصحوبة بتشريعات مقترحة لتسهيل اقرارها في البرلمان .
**************
قرأنا لكم
أسعار النفط سترتفع
أنس بن فيصل الحجي
اجتمعت دول "أوبك" و"أوبك+" ، السبت الماضي، وأقرت تمديد خفض الإنتاج في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) ليشمل يوليو (تموز)، مع التشديد على ضرورة التزام الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية، وتعهد الدول التي تجاوزت حصصها الإنتاجية في مايو ويونيو بالتعويض مستقبلاً عن طريق القيام بتخفيضات إضافية في في يوليو وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).
وأتى هذا الاجتماع بعد ارتفاع كبير في أسعار النفط نتيجة الانفتاح الجزئي أو الكامل لاقتصادات الدول المختلفة بعد الحجر المفروض بسبب فيروس كورونا، حيث ارتفع الطلب على النفط بشكل كبير أيضاً، ربما بنحو 4 ملايين برميل يومياً، وبعد إغلاق عددٍ كبير من الآبار في كل من الولايات المتحدة وكندا.
وفي يوم الأحد أعلنت "أرامكو" عن أسعار خاماتها الرسمية لشهر يوليو، حيث رفعت أسعار النفط الخام لكل عملائها، لكن أكبر زيادة كانت من نصيب عملائها في آسيا، وكانت الزيادة هي الأكبر في التاريخ. وبعد ذلك أعلنت "أدنوك" الإماراتية رفع أسعارها، ويُتوقع أن تقوم الكويت والعراق بالإعلان عن رفع الأسعار أيضاً. ومع افتتاح الأسواق ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ.
ثم عقد يوم أمس، الإثنين، المؤتمر الصحافي المتعلق بالاجتماع، الذي تم فيه التأكيد على التزام الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية. وأكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في المؤتمر التزام الدول الأعضاء بحصصها الإنتاجية، وأن التخفيض الطوعي الذي قامت به الرياض في يونيو الحالي سينتهي مع نهاية الشهر، وسيتم زيادة الإنتاج واستخدام هذه الكمية لمقابلة الزيادة في الطلب المحلي على النفط خلال موسم الصيف.
ومع نهاية اجتماع "أوبك" تواردت أنباء عن عودة ضخ النفط في ليبيا من حقل "شرارة" بمقدار 30 ألف برميل يومياً، على أن يصل إلى كامل طاقتة الإنتاجية خلال ثلاثة شهور. وقبل المؤتمر الصحافي تواردت أنباء عن بداية الضخ في حقل "الفيل" النفطي إلى ميناء "مليتة".
وبعد المؤتمر انخفضت أسعار النفط بأكثر من 3 في المئة بعد توارد أنباء مفادها أن شركات النفط، التي أخلت منصات الإنتاج والحفر قبل يومين بسبب إعصار كرستنبل في خليج المكسيك، ستعود خلال يوم أو اثنين إلى هذه المنصات لعدم وجود أي دمار فيها.
ومع تحسن أسعار النفط بشكل كبير في الأسبوع الأخير، بدأت الشركات الأميركية بفتح الآبار التي أغلقتها أو خفضت إنتاجها، إلا أن بعض المناطق ما زالت تعاني من فروق سعرية كبيرة، الأمر الذي يعني أن الأسعار ما زالت فيها منخفضة، وليست هناك رغبة في إعادة فتح الآبار فيها.

أسواق النفط في الشهور المقبلة

ما سبق مختصر لأهم العوامل التي أثرت في أسعار النفط خلال فترة بسيطة من الزمن، ويوضح مدى تشابك وتعقد الأمور في أسواق النفط. وهذا يعني أن توقع أسعار النفط في هذه الفترة صعب جداً، لهذا سيتم التركيز على اتجاهات الأسعار بدلاً عن مقدارها.
هناك العديد من العوامل التي تسهم في رفع أسعار النفط خلال الشهور المقبلة، أهمها انتعاش الطلب على النفط مع انفتاح الاقتصادات العالمية، بغض النظر عن كورونا. وسيرتفع الطلب على النفط وستتحسن الأسعار حتى لو حصل ركود اقتصادي عالمي، لأن حالة الركود أفضل بكثير من حالة الحجر في ظل كورونا.
وهناك العديد من الأدلة على ذلك، أهمها انحفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة، رغم أن الأرقام المنشورة مبالغ فيها لأسباب فنية، وزيادة مبيعات السيارات بشكل كبير في الصين، وعودة الزحام إلى ما كان عليه تقريبا قبل كورونا في عدد من المدن الضخمة حول العالم. وما يعزز نمو الطلب على النفط هو انخفاض استخدام المواصلات العامة واللجوء إلى السيارات الخاصة خوفاً من عدوى كورونا وللحفاظ على التباعد الاجتماعي. وزيادة استخدام السيارات الخاصة ستزيد الطلب على البنزين بشكل يعوض جزئياً الانخفاض في الطلب على وقود الطائرات، لأن العودة إلى مستويات ما قبل كورونا تتطلب وقتاً أطول من العودة إلى استخدام السيارات.
كما انخفض المخزون العائم، بحيث اختفى أغلب الفائض الذي خزنته الشركات للاستفادة من الفروقات السعرية الزمنية، وذلك بسبب زيادة الطلب التي أدت إلى تلاشي هذه الفروق السعرية. أما المخزون التجاري فإنه مرتفع جداً، لكن يُتوقع أن ينخفض بشكل كبير ابتداءً من الشهر المقبل.
أما على جانب العرض، فهناك تطورات مهمة تسهم كلها في رفع أسعار النفط، أهمها تخفيض دول "أوبك+" الإنتاج الذي سيتقلص إلى 7.7 مليون برميل يومياً ابتداءً من أغسطس (آب) المقبل إلى نهاية العام، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج النفط عالمياً، بسبب انخفاض الاستثمارات الذي نتج عن الانخفاض الكبير في أسعار النفط. ولعل أهم انخفاض سيأتي من الولايات المتحدة، رغم قيام الشركات بفتح الآبار التي أغلقتها في الأسابيع الماضية.
فمعدلات نضوب آبار النفط الصخري عالية، وقد تصل إلى 65 في المئة في السنة الأولى. وقد استطاع المنتجون الأميركيون زيادة الإنتاج عن طريق استثمار المزيد، وحفر المزيد، وإكمال المزيد، فتم التعويض عن معدلات النضوب وزيادة، فاستمر إنتاج النفط الأميركي في النمو حتى أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم.
الآن انخفضت استثمارت الشركات بين 20 و55 في المئة، ومع هذا الانخفاض، وفي ظل أسعار النفط المنخفضة، توقفت عمليات الإكمال، وانخفض عدد الحفارات بشكل كبير لدرجة أن عدد الحفارات في تكساس الآن الأقل منذ عدة عقود، وعدد الحفارات في كل من حقلي "إيغل فورد" في جنوبي تكساس و"باكان" في داكوتا الشمالية في مستويات تاريخية متدنية.. هذا يعني أنه لن يتم التعويض عن معدلات الهبوط العالية، بالتالي فإن إنتاج النفط الأميركي سينخفض بشكل ملحوظ.
ويثير الكثيرون فكرة أن أنشطة النفط الصخري ستعود كما كانت مع ارتفاع أسعار النفط، وأن ما حصل في عام 2016 من بداية زيادة كبيرة ومستمرة في الإنتاج ستتكرر. هذه الفكرة غير منطقية الآن لأسباب عدة، أهمها وفرة رأس المال في عام 2016 ورغبة المستثمرين في الاستثمار في الصخري، وهذا عكس الوضع الحالي. كما أن أسعار الغاز والغازات السائلة كانت أعلى من الآن بكثير. أي منتج في مناطق الصخري يهمه أسعار النفط والغاز والغازات السائلة في الوقت نفسه.
وانهيار أسعار الغاز والغازات السائلة يعني أن ارتفاع أسعار النفط لن يكرر سيناريو 2016. الذي سينعش الصخري هو ارتفاع أسعار خام تكساس فوق 45 دولاراً للبرميل، مع زيادة أسعار الغاز والغازات السائلة 40 في المئة على الأقل من المستويات الحالية، وهو أمر لا يُتوقع أن يتحقق حالياُ بسبب وفرة الغاز.
خلاصة القول، أسعار النفط سترتفع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"اندبندنت عربية" 9 حزيران 2020

**************
ص5
التمييز والقيود الاجتماعية
يعيقان مساهمة المرأة اقتصاديا

أصبح العنف ضد المرأة وباء لا يقل خطورة عن وباء كورونا في عدد ضحاياه وأماكن انتشاره. فما تتعرض له المرأة العراقية اليوم من انتهاكات واعتداءات جسدية وجنسية، وعنف متنوع، يمثل تجاوزا سافراً على حقوقها المشروعة في حياة حرة كريمة.
ان مظاهر الغبن والقهر والتبعية التي تعرضت لها المرأة طيلة القرون والعقود المنصرمة، شديدة جداً، ولا بد من تجاوزها بسرعة وحيوية عبر التركيز على تعليم المرأة وزيادة وعيها وثقافتها، وإعطائها مجال اكبر للمشاركة في الحياة الاجتماعية، والعمل على مكافحة البطالة المنتشرة بشكل خاص بين النساء، وضمان حق المرأة في العمل في جميع المجالات دون استثناء، فضلا عن ضمان حصولها على أجر مساو لأجر اخيها الرجل في العمل المماثل.
كما انه، من الضروري توفير مستلزمات عمل المرأة وفق حاجاتها كامرأة وأم ومربية ومنتجة في آن واحد، وتأمين مستلزمات رعاية الطفولة وتخفيف العبء عن المرأة، وتأمين تسهيلات الدولة لرعاية العائلة.
إن وضع حد لجميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات، ليس حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وحسب، بل أن لهذا الأمر تأثيرا مضاعفا في جميع مجالات التنمية الأخرى. فقد بات تمكين المرأة اقتصاديا وتعزيز المساواة بين الجنسين أمرا مهما لتسريع التنمية المستدامة، وهذا يتطلب أيضا الاستفادة القصوى من دعم المنظمات الدولية ذات الشأن في ترسيخ مبدأ رفض كل أشكال العنف والقسوة ضد النساء.
إن اتفاقية العمل الدولية رقم 190 لعام 2019، الصادرة عن منظمة العمل الدولية في شأن القضاء على العنف والتحرش فى عالم العمل، تعد من أهم الاتفاقيات التي تفيد جميع الأفراد في المجتمع. فهي تخاطب الرجال والنساء، وتساهم في القضاء على ظاهرة التحرش وخلق بيئات عمل آمنة للمرأة. كما أن للمادة الخامسة من هذه الاتفاقية دورا مهما في القضاء على جميع أشكال العمل الإجباري أو الإلزامي، علاوة على دورها في القضاء الفعلي على عمالة الأطفال والتمييز، وتعزيز العمل اللائق.
لذا يتطلب من جميع المنظمات النسوية والمجتمعية والنقابات والاتحادات المهنية، القيام بحملة وطنية لمطالبة الحكومة بالتصديق على الاتفاقية المذكورة، ووضعها حيز التنفيذ في أقرب فرصة ممكنة.
ان تردي الواقع الاقتصاد العراقي حالياً وهشاشة البنى الانتاجية وضعف وتأثر التطور في الاقتصاد وانتشار الفقر والبطالة وانعدام العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل والموارد، كل ذلك اثر سلبا على التمكين الاقتصادي للشعب عموما والنساء بالذات. ونتيجة لضيق سوق العمل في العراق وضعف انتشار التعليم بين الإناث والتحيز المجتمعي غير الرشيد ضد تشغيل النساء لإعطاء الأولوية للرجال في الحصول على فرص العمل، كل ذلك أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين النساء، خاصة المتعلمات منهن.
كما شهد العراق في الآونة الأخيرة انسحاب الدولة عن بعض المفاصل الاقتصادية والخدمية، والحد من التشغيل في الإدارة الحكومية، وهو قطاع التشغيل المفضل والحامي لحقوق النساء، ما تسبب في تبلور ظاهرة خطيرة تتمثل في توافر رأس مال بشري مؤهل بين النساء، يعاني معدلات بطالة أعلى من المتوسط.
فضلا عن ذلك، ان تمييز المرأة عن الرجل في اجور العمل المماثل، ساهم هو الآخر في إضعاف المرأة من الناحية الاقتصادية، وعلى سبيل المثال التفاوت وعدم المساواة في رواتب العاملين في القطاع الخاص. إذ نجد ان هناك "هضماً" للحقوق بشكل غير مُنصف. فالراتب الشهري للعامل المتقاعد الرجل، يعادل نحو 250 دولارا، فيما يبلغ راتب المرأة العاملة المتقاعدة ما يعادل ٢٠٠ دولار، رغم توفر نفس الشروط في الراتب ومدة الخدمة.
ولا يقتصر تهميش المرأة على التميز وتدني العامل الاقتصادي الحكومي، انما هناك نساء تفرض عليهن قيود مجتمعية تحول دون مشاركتهن في ميادين العمل المختلفة.
واخيرا، اقول ان المرأة تشكل نسبة 49 في المائة من سكان العراق مقابل 51 في المائة يشكلها الرجال، أي ان النساء يشكلن نصف المجتمع تقريبا، إلا أن هذه النسبة بحد ذاتها لا تشكل قيمة إن لم يكن لها وزن اجتماعي واقتصادي، وحتى سياسي. وبالرغم من أن المرأة العراقية أحرزت تقدما هاما في مجالات عديدة، لعل في مقدمتها التعليم والعمل الاجتماعي وغيرها، إلا أن معدل نشاطها الاقتصادي ما يزال متدنيا.

نوارة احمد
********
تجارب نسوية في مناطق شعبية
المهمّشات أكثر المتضررين من إجراءات الحظر الصحي
بغداد ـ نورس حسن
بالرغم من تفشي فيروس كورونا وما يشكله ذلك من خطر على الصحة العامة، إلا أن نساء كثيرات أجبرتهن الظروف المعيشية الصعبة على الاستمرار في مزاولة مهن كن يزاولنها قبل أزمة الوباء، كبائعات للخضار أو لمنتجات الألبان وغير ذلك، ما يضعهن في دائرة خطر الإصابة بالفيروس.
وبين تلك النسوة، أخريات أجبرهن العوز المالي، الذي تفاقم هذه الأيام بسبب الجائحة وتداعياتها الاقتصادية، على العودة إلى مهن كن قد زاولنها خلال الحصار الاقتصادي أبان حكم النظام الدكتاتوري المباد. فيما اضطرت نساء عديدات إلى ترك أعمالهن كمربيات للأطفال في دور الحضانة ورياض الأطفال الأهلية، إذعانا لقرار الحظر الوقائي وتعليمات التباعد الاجتماعي.
المواطنة قبيلة ام مصطفى (72 عاما)، وهي بائعة "قيمر" في سوق منطقة الزعفرانية ببغداد، تذكر أنها خلال فترة حظر التجوال واظبت على العمل يوميا في السوق، مع الالتزام بإجراءات الوقاية الصحية من خلال استخدمها "فوطة" رأسها كقناع للوجه بديل عن الكمامة الطبية.
وبلهجتها الشعبية البسيطة، تتحدث أم مصطفى لـ"طريق الشعب" عن ظروف عملها قائلة: "يا يمه الناس بطلت تشتري كيمر وتكول عليه غالي.. وكتنا صعب واحنا عايشن على النحصله باليوم، والصيدليات استغلت الوضع وسوَّت الكمامة الوحدة بـ 750 دينار، بعد مجان الباكيت بالفين دينار ومحد بحالهن، واني كمت الفن فوطتي على وجهي واخلي فليساتي اعيش بيهن وليدات ابني افضل ما أصرفهن على الكمامات".
وتتابع القول: "اليوم كلمن يحود النار الكرصته ومحد يفكر بحال الناس الفقره وشلون اتدبر امورها! الحكومة ما موفرتنّه شي، حتى الحصة التموينية صارلها اربعة اشهر ماكو، وفوك كل هذا يردون من عدنا نكعد ببيوتنا الكلها خرايب، عمي كورونا ولا هالعيشة الغبرة!".
وتشكو أم مصطفى قلة مبيعاتها اليومية في فترة الحظر الصحي، لافتة إلى أنها مسؤولة عن رعاية اطفال ابنها الذي يعاني اصابة تعرض إليها بسبب حادث إرهابي حصل سابقا في منطقة الباب الشرقي، ما جعله غير قادر على العمل.
وتبين انها وابنها المقعد يتقاضيان راتبين من الرعاية الاجتماعية، تضيف إليهما ما تحصل عليه من مردود مالي بسيط مقابل بيع "القيمر"، لغرض تدبير متطلبات المعيشة.
اما بائعة الخضار سعاد رشد، التي تقيم في حي عشوائي بمنطقة الزعفرانية، فهي تعمل في سوق ناحية جسر ديالى جنوبي بغداد.
تقول سعاد لـ "طريق الشعب"، بلهجتها الدارجة: "يا يمه ما يجبرنا ع المر غير الامر منه!" – في إشارة إلى مرارة العيش وصعوبة العمل في السوق خلال الظرف الوبائي الراهن.
وتضيف قائلة: "بركبتي اربع بنات وصبيان اثنين.. أبوهم توفه من سنين ومن يومه اني مسؤولة عنهم، اريد أربيهم واعلمهم وما اريد يحتاجون الأحد"، متابعة حديثها بالقول: "جنت اشتغل خبازة وخياطة بالبيت وكدرت الم شكم فلس واشتريت هذا المكان بالسوك بـ 3 ملايين علمود ابيع بي مخضر".
وتوضح سعاد قائلة: "من صار الحظر خفت على نفسي، وكلت اذا صار بيه شي منو الجهالي بعدي؟ فبقيت بالبيت بس رجعت اخيط واخبز للجيران، وعلمت وحدة من بناتي ع الخياطة، علمود تعاوني بالعيشة بأيام العطل الدراسية".
من جهتها، تقول حوراء علي (28 عاما)، انها قبل فرض حظر التجوال كانت تعمل في روضة أهلية بمنطقة الزعفرانية، لكن بعد قرار الحظر، قامت صاحبة الروضة بتسريح غالبية العاملات، بعد أن طالبن بأجور عملهن الشهرية، موضحة أن مديرة الروضة اعتذرت عن صرف أجور العاملات لعدم توفرها، على اعتبار أن الروضة أغلقت خلال الحظر وانقطع الأطفال عنها، وبالتالي بات أهاليهم لا يدفعون بدل الاشتراك.
وتبين في حديث لـ "طريق الشعب"، أنها كانت تعتمد على الراتب الذي تتقاضاه من الروضة لتسديد بدل الإيجار الشهري للمنزل الذي تسكن فيه مع زوجها وأطفالها، والذي يبلغ 400 ألف دينار، موضحة انه خلال الشهور الأخيرة، وبسبب أزمة كورونا وتداعياتها، قام صاحب المنزل بخفض بدل الإيجار إلى النصف، فاستطاعت تدبير المبلغ بمساعدة أحد أخوتها، فيما حرص زوجها على مواظبة العمل، كعامل بناء بأجر يومي بالكاد يكفي لتغطية متطلبات المعيشية.
المواطنة سهاد ام عبد الله (38 عام)، توفي زوجها قبل عام بصورة مفاجئة، أثناء استراحته بعد يوم عمل طويل.
تقول أم عبد الله في حديث لـ "طريق الشعب"، أنه بعد وفاة زوجها أصبحت الحياة صعبة، كونه المعيل الوحيد لها ولأطفالها الـ 6. إذ سببّ موته "صدمة إلى الآن نتذوق آثارها بمرارة" – على حد تعبيرها.
وتتابع قائلة: "بعد وفاة زوجتي عدت إلى بيت أهلي، الذين بادروا إلى بناء منزل يؤويني أنا وأطفالي، على أرض "تجاوز" قريبة من دارهم، وصاروا يعينوني"، مشيرة إلى أنها عملت كعاملة نظافة في إحدى المدارس الأهلية بمنطقة الزعفرانية، لكن الأجور التي كانت تتقاضاها قليلة جدا، ولا تصرف سوى خلال الشهور الدراسية من العام.
وتضيف قولها أنها باشرت الترويج لمعاملة الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، إلا أن المعاملة لا تزال قيد الإنجاز إلى الآن.
وعن كيفية تدبير أمورها المعيشية خلال فترة الحظر الوقائي، تذكر أم عبد الله أن أهلها تكفلوا بتوفير معظم متطلباتها هي وأطفالها. كما انها تعمل في صناعة المعجنات وبيعها بمساعدة صاحب محل تجاري في منطقة الزعفرانية.
***********
الأمم المتحدة:
70 في المائة من طواقم مكافحة كورونا من النساء

بغداد ـ طريق الشعب
أفادت "هيئة المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، بأن النساء تشكل ما يقرب من 70 في المائة من طواقم التمريض في المرافق الطبية حول العالم، موضحة في تغريدة لها على موقع "تويتر"، تابعتها "طريق الشعب"، أن هذا الأمر يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وطالبت الهيئة عبر تغريدتها، بـ "ضرورة المساواة بين الجنسين من خلال توفير الدعم للنساء اللاتي يواجهن فيروس كورونا"، مضيفة أنه "يجب أن نضع في صلب أولوياتنا توفير الدعم المراعي لاعتبارات النوع الاجتماعي، للنساء اللائي هن في الخطوط الأمامية لمواجهة وباء كورونا العالمي".
***********
رابطة المرأة الكربلائية تحتفل باليوم العالمي للطفل
كربلاء – طريق الشعب
أقام فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة كربلاء، السبت الماضي، حفلا في مناسبة اليوم العالمي للطفل، الأول من حزيران.
الحفل الذي احتضنه منزل في أحد الأحياء الكربلائية الفقيرة، حضره جمع من الأطفال وعائلاتهم.
سكرتيرة فرع الرابطة، صبيحة هاشم، بعد أن رحبت بحضور الحفل، تحدثت عن اليوم العالمي للطفل، وقالت أن الرابطة تسعى من خلال هذه المناسبة إلى لفت نظر المجتمع الدولي نحو المخاطر الجمة التي تتعرض لها الطفولة اليوم، بسبب العنف الأسري، فضلا عن الإرهاب الذي لا يزال يضرب بقوة مناطق مختلفة من العراق، بسبب هشاشة الوضع الأمني.
وتابعت قائلة أن ضحايا الإرهاب، غالبا ما يكونون من الحلقات الأضعف، أطفالا ونساء وشيوخا.
بعدها قدم الأطفال الحاضرون، الذين بلغ عددهم أكثر من 30 طفلا، أسماءهم إلى الرابطيتين جميلة وهناء، اللتين وزعتا عليهم من جانبهما، هدايا تضمنت لعبا وحلوى. كما التقطتا معهم صورا تذكارية.
وفي ختام الحفل أعربت سكرتيرة فرع الرابطة، عن الشكر والتقدير إلى صاحبة البيت الذي ضيّف الحفل، السيدة أم مصطفى.
*********
منظمتان دوليتان: كورونا قد يزيد من عمالة الأطفال في العراق
بغدادـ طريق الشعب
أصدرت منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونيسيف، أخيرا، بيانا مشتركا أوضحتا فيه أن "جائحة كورونا ممكن ان تزيد عدد الاطفال الفقراء المهددين بخطر الالتحاق بعمالة الاطفال في العراق".
وقالت المنظمتان في بيانهما، ان "استمرار جائحة كورونا في حرمان الاسر من العمل، يزيد من نسب الفقر في العراق، وبالتالي يفاقم مخاطر إجبار الاطفال والمراهقين من الفئات الهشة، على العمل"، مبينتين انه "في العراق، وقبل فرض إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، كان 7.3 في المائة من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 5 و17 عاما، منخرطين في اشكال متنوعة من العمل، بما في ذلك الاعمال الخطرة والمستغلة لهم". ولفتتا الى ان "الاطفال ينتمون الى الصفوف الدراسة وليس الى ميادين العمل، وان آثار الاضطرار الى العمل في سن مبكرة، تكون مدمرة وطويلة الأمد".
وأشارت المنظمتان في بيانهما، إلى ان "العراق تعهد في وقت سابق بحماية الأطفال، من خلال توقيعه على اتفاقية الامم المتحدة لحقوق الطفل، التي تؤكد حماية الاطفال من كافة اشكال الاستغلال، لا سيما عمالة الأطفال. كما انه صادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن أسوأ أشكال عمالة الأطفال، رقم 182 لعام 1999، والتي تعتبر اتفاقية اساسية في مكافحة عمالة الاطفال".
***********
العزل المنزلي يكشف للرجل حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة
بغداد ـ طريق الشعب
وجدت نساء كثيرات أن العزل المنزلي للوقاية من فيروس كورونا، ساهم في تعريف الرجل بحجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة في إدارة الشؤون البيتية، والتي كان يجهلها بسبب غيابه عن المنزل معظم الوقت.
يأتي ذلك في وقت اعتاد فيه متصفحو مواقع التواصل الاجتماعي، على تناقل أخبار ومقاطع فيديو وصور تكشف عن زيادة مستوى العنف ضد المرأة والطفل في ظل تطبيق الحظر الوقائي. فيستنكر الكثيرون منهم هذه السلوكيات، ويطالبون، بإلحاح، بتشريع قانون مناهضة العنف الأسري.
المواطنة نادية علي، تقول لـ"طريق الشعب"، ان "زوجي كان يصر على التقليد الاجتماعي الذي يرى أن الشؤون المنزلية تقع جميعها على عاتق المرأة، معتقدا انها واجبات بسيطة ولا تتطلب مشاركة الرجل، ومتناسيا كونها مهاما يتطلب إنجازها ساعات عمل متواصلة، ودون انقطاع".
وتتابع مستدركة: "لكن بعد إجراءات الحظر الصحي، اجبر زوجي على مشاركتي في تدبير بعض الامور المنزلية، وبدأ يتساءل كيف أن المرأة تنجز كل هذه المهام يوميا دون كلل أو ملل!".
وتضيف نادية أنه "في بداية الحظر انصب اهتمام زوجي في ترتيب الحديقة والزراعة، حتى صار يتصفح موقع يوتيوب بحثا عن أفكار لتزيين الحدائق، ليقوم بتنفيذها. وخلال شهر رمضان لعب دورا أساسيا في مساعدتي في إعداد مائدة الطعام".
المواطنة رسل سامي، تذكر من جهتها لـ"طريق الشعب"، ان زوجها في بداية الحظر بدا غير مهتم، على أمل ان الفترة ستنتهي في غضون ايام قليلة، مستدركة "لكن بعد تمديد الحظر فترة تلو اخرى، خضع لأمر الواقع، وبدأ يشارك في الاعمال المنزلية واللعب مع الاطفال، الذين تعرفوا لاول مرة على الشخصية الثانية لوالدهم الذي اعتادوا على غيابه عن المنزل لأيام، نظرا لالتزامات العمل".
وتضيف قائلة، ان زوجها استاذ جامعي في محافظة واسط، وهي تسكن مع اطفالها في بغداد، مشيرة إلى أن "الأطفال قبل الحظر، كانوا يجدون أباهم رجلا قليل الحديث، مهتما فقط في البحث العلمي والالتزام العملي، حتى تفاجأوا خلال الحظر الصحي، بأنه يلعب معهم ويمارس الرياضة ويتابع التلفاز، إضافة إلى قيامه بمساعدتي في الكثير من الأمور المنزلية، وانجازه أمور أخرى كانت مؤجلة".
وبخصوص العنف المنزلي ترى رسل أن "تلك الجرائم نابعة عن طبيعة تربية الرجل ومستوى الضغوط التي يتعرض لها في الحياة"، مضيفة أن "حالات العنف الأسري تنتشر غالبا داخل العائلات التي تعاني الفقر والضعف الاقتصادي، ما يولد ضغطا كبيرا يؤدي في بعض الاحيان الى سلوكيات اجرامية، لا تتعرض لها الزوجة فحسب، انما قد يشمل ذلك الطفل والام والاب والاخت والاخ وغيرهم من افراد العائلة".
وتستدرك في حديثها: "لكن تلك الضغوط لا تبرر جرائم العنف الأسري"، مشددة على ضرورة أن تسارع الجهات الحكومية إلى تشريع قانون يحمي من العنف الاسري، ووضع حد لهذه الجرائم "التي كنا نسمع عنها بين فترة واخرى قبل فرض حظر التجوال، والتي أصبحت اليوم ضمن الاحداث الرئيسة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي".
اما المواطنة عذراء اشرف، فهي تقول: "فوجئت في احد ايام شهر رمضان، بزوجي وهو يغسل صحون الإفطار، التي تتذمر المرأة من غسلها في العادة، نظرا لكثرتها، أو لأنها تشكل عبئا آخر يضاف إلى تعب الصيام وإنجاز أمور المنزل خلال النهار".
وتذكر ان "مسؤولية المنزل كبيرة وشاقة ومتعبة، وغير مدركة لدى معظم الرجال، الذين جعلهم الحظر الصحي أكثر تواضعا، ليشاركوا المرأة في إدارة الشؤون المنزلية".
من جانبها، تقول المواطنة اوراس ابراهيم، ان والدها واخوتها كانوا قبل الحظر، حال عودتهم من عملهم إلى المنزل "يتذمرون سريعا، ولا يبادرون حتى إلى مسح شيء سكبوه على الارض مثلا، فيكلفون إحدى البنات في المنزل بتلك المهمة، على اعتبار أنها من واجب المرأة وليس الرجل".
وتضيف قائلة ان "حظر التجوال غير مفاهيم أبي وأخوتي ازاء مسؤوليات المرأة ومهامها. فقد وجدت والدي في أحد الأيام معترضا على قيام شقيقي بتسخيري لتأدية واجب ما. فأمره بأن ينفذ ذلك الواجب بنفسه".
وتلفت أوراس إلى ان "الاعراف العشائرية حجمت من مشاركة المرأة في الكثير من النشاطات الثقافية والفكرية، وجعلت دورها الأبرز في إدارة مهام المنزل"، موضحة أن "هناك نساء كثيرات يعنفن داخل منازلهن من قبل الاب أو الاخ أو الزوج، وحتى الابن. كما ان هناك نساء تفرض عليهن قيود تعجيزية، حتى صار الرجل يتدخل في امور تتعلق بالمرأة نفسها، كأن يحجم علاقاتها مع صديقاتها. فهناك رجال لا يفلحون بشيء غير مراقبة نسائهم وتقييدهن والشك في كل خطوة يخطونها سواء داخل المنزل أم خارجه".
ولم يكن هذا الرأي فقط لنساء عراقيات غُيب عمدا قانون يحميهن من جرائم العنف الأسري، فالناشطة النسوية فلورانس توما، مؤسسة مجموعة "المرأة والمجتمع" عام 1985 في كولومبيا، صرحت أخيرا لوكالة "أخبار المرأة"، بأن "العزل الصحي على الرجال امر صعب جدا، كونه على الأرجح، أمرا جديدا بالنسبة لهم".
ورأت السيدة توما، وهي أم لابنين، أن للعزل "تأثيرا إيجابيا" على صعيد الرجال، لا سيما أنهم "أدركوا" حجم الأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر التي تقوم بها النساء!
وقالت: "لقد غير العزل حياة النساء كثيرا والرجال أيضا. لكن له معنى مختلفا لدى الرجل عما لدى المرأة التي عزلت على مدى قرون. فالأنثى عندما بدأت بالخروج وغزو الشارع، طلب منها الرجل العودة إلى المنزل!".
وأضافت قائلة: "ربما لا يراود كل النساء الشعور نفسه مثلي. لكنني أنتمي إلى جيل ناضل لكي يكون له اعتبار في الشارع، ويكون له صوت.. ناضل من أجل ان تتمكن المرأة من الخروج والسهر من دون أن تكون برفقة رجل بالضرورة".
وأكدت توما أن "العنف داخل العائلات، ارتفع ثلاث مرات، ولم تتخذ الحكومات أي إجراءات سياسية أو توعوية تحفظ للنساء حقوقهن".
لكنها استطردت: "لا بد أن تظهر آثار إيجابية، خصوصا عندما نرى أن الرجال أدركوا، على الأرجح، معنى (اقتصاد الرعاية)، أي تخصيص ساعات من العمل غير مدفوع الأجر لرعاية الآخرين ورفاههم، ولتنظيف المنزل".
وختمت ضاحكة: "أمضت النساء وقتهن في تنظيف العالم على مدى قرون. وأظن أن الرجال أدركوا ذلك الآن قليلا. حتى ابني نيكولا اتصل بي في اليوم الثالث من العزل وسألني: أمي كيف أنظف المراحيض؟ أجل أرى أن ثمة إيجابيات!".
**************
ص6
تجارب مهمة في الانتصار على وباء كورونا
ولاية كيرالا الهندية تقدم درسا شيوعيا الى بلدان العالم
رشيد غويلب
عندما تتناول وسائل الاعلام التقليدية الحكومات التي تتعامل مع كورنا بشكل جيد، او مقبول ، عادة ما يشار الى كوريا الجنوبية وتايوان ونيوزيلندا وألمانيا. ويتم تجاوز إدارة الصين الناجحة للازمة ، والصين هي البلد الاول التي ضربها الوباء بقوة، ولكن بعد حجر صحي فاعل، وحزمة من الاجراءات، وقدرات طبية وفنية متميزة، وصلت اعداد الإصابات اليومية الجديدة الى اقل من العشرات، ومنذ اسبابيع وصل العدد الى اقل من 10 اصابات اسبوعيا.
اما فيتنام ، التي كانت أول دولة في العالم تهزم فيروس كورونا الجديد ، فلم بشر اليها احد. تحسن وضع جميع المصابين، ولم تسجل حالة وفاة واحدة . استفادت فيتنام من تجربتها في التعامل مع وباء السارس عام 2003. وكانت الحكومة على معرفة بحجم خطورة المشكلة ، وبعد أن تم العثور على 6 اصابات فقط في البلاد ، كانت فيتنام واحدة من أوائل الدول التي أعلنت أن الفيروس وباء ، وطبقت على الفور أشد تدابير الاحتواء والعزل. حتى ان منظمة الصحة العالمية ، التي عادة ما تكون حذرة ، أشادت بالاداء الفيتنامي: "الاكتشاف والعزل المبكرة والعلاج النشط عوامل مهمة للغاية. عمل فيتنام المبكر أوقف انتشار المرض وأنقذ آلاف الأرواح." في حين تسبب الفايروس باثارة الخوف والذعر في جميع انحاءالعالم. لقد شهدت فيتنام،منذ اوائل اذار الفائت، عملا جادا ، وتم احتواء الوباء.
تعلموا من ولاية كيرالا الهندية

ومن البلدان التي نجحت في مكافحت الوباء ولاية كيرالا الواقعة في جنوب الهند، والتي يحكمها الشيوعيون، ويبلغ تعداد سكان الولاية 35 مليون نسمة. حتى 25 ايار الفائت، تم عزل قرابة 140الف مواطن ، معظمهم في المنازل. وسجلت حالة 964 مصاباً بالكورونا ، توفى منهم، حتى الان 6 فقط . وهذا هو نفس عدد الوفيات في تايوان، الغنية جدا، والتي يقل عدد سكانها بـ 12 مليون نسمة، ويشار لنجاحها باستمرار في المؤسسات الاعلامية السائدة.
ويعود نجاح كيرالا في الانتصار على كورنا الى استثمار حكومة الولاية الشيوعية منذ عقود في قطاعات الصحة والتعليم ، ومكافحة الفقر وبناء مجتمع قوي ، فالولاية تملك قرابة الفين مستشفى عام وخاص ومراكز لرعاية المصابين بكورونا، وكلها تعمل بشكل جيد وفي جميع المناطق. بالإضافة إلى ذلك هناك مجالس قرى توفر للأشخاص المعزولين الرعاية والمعلومات، وتضمن الالتزام بالاجراءات المقرة، وعدد لا يحصى من العاملين في القطاع الصحي، الذين يتابعون الصلات بالمصابين وحياتهم اليومية. وكذلك مئات من مرافق المساعدة المحلية التي يتم فيها توفير سكن وغذاء للعمال المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل . ويحصل الأطفال حاليًا على وجبات مدرسية يتم ايصالها إلى منازلهم ، في حين يتلقى اشد السكان فقرا مساعدات اجتماعية صغيرة.
وما يميز ولاية كيرالا عن ولايات الهند الفيدرالية الأخرى: استمرار الشيوعيين في حكم الولاية منذ خمسينيات القرن العشرين. ويراس حكومة الولاية حاليا بيناراي فيجايا من الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) ويقدم افضل الادارة للسكان: ادنى مستوى للامية، وأدنى معدل وفيات بين الرضع ، وتوفر 2,9 في المائة من أسرة المستشفيات لكل 1000 نسمة،في حين تبلغ النسبة 0,5 في عموم الهند فقط.

قاتلة الفيروس

وتقول وزيرة الصحة والشؤون الاجتماعية وتنمية المرأة والطفل في الولاية شالاجا، والتي يفضل سكان الولاية مناداتها بـ"المعلمة"، ان ما ساعد الولاية في مكافحة الوباء هو:"انهاء الحكومة الشيوعية، منذ عام 1957 ظاهرة الاحياء الفقيرة في الولاية، ، ومنع قوانين إلإصلاح الزراعي اجبار فقراء الفلاحين على الهجرة من الريف، وتمكين السكان من الحصول على الأراضي الزراعية". وتقديرا لجهود الوزيرة في مكافحة كورونا تلقت اعترافا عالميا، فهي اليوم تحمل لقب "قاتلة فايروس كورونا".
لقد تم تشكيل "فريق الاستجابة السريع"، قبل أسبوع من تأكيد الاصابة الأولى. وعندما بدأت اجراءات الحجز ومنع التجوال في ووهان الصينية في منتصف كانون الثاني ، بدأ عمل طاقم من الموظفين الإداريين والصحيين في ولاية كيرالا: تم إنشاء أكثر من 600 مركز محلي ، وتبنى المسؤولون شعار: "تابع سلاسل العدوى". وجرى ايصال احدث المعلومات بمستوى واحد الى ابسط درجات القواعد الوظيفية ، وتم تدريب الطوااقم الطبية على نطاق واسع، والتركيز على حمايتهم. وكان يجرى عزل احترازي للمجموعات الضعيفة صحيا.
واستفاد العاملون في مجال الإدارة والصحة من الخبرة التي توفرت في عام 2018 ، نتيجة النجاح في مكافحة وباء "نيباه" وهو فايروس ينتقل من الخفافيش إلى البشر. وتقول الوزيرة"لقد كنا مستعدين للفايروس. لقد ساعدتنا تجرتنا مع فايروس "نيباه" كثيرًا. لقد شكلنا على الفور مجموعات خبراء ؛ واحدة للتحضير اللوجستي ، وثانية لمتابعة الاتصالات ، وأخرى للمراقبة ، وحتى مجموعة لمتابعة الصحة النفسية".
بدأت كيرالا الاستعداد للحالات بمجرد أن سمعت عن تفشي فيروس جديد في ووهان ،و قبل وقت طويل من إعلان الحكومة المركزية عن أية اجراءات. وتضيف الوزيرة "كنا على يقين من أن الفايروس سيأتي إلى ولاية كيرالا لأن العديد من طلاب الملايو كانوا يدرسون في جامعة ووهان. وعندما اعلن بيان منظمة الصحة العالمية في 18 كانون الثاني أن الفايروس المحتمل ينتشر في ووهان – ولم تعلن منظمة الصحة العالمية حينها حالة الوباء. بدأت تحضيراتنا هنا بعد استشارة الخبراء". وتضيف ان "قطع سلسلة انتقال العدوى من خلال الحجر الصحي والعزل، الذي هو المفتاح الاساسي. ونقوم بإجراء المراقبة والرصد واجراء الفحوصات الفورية ورصد حالات الالتهاب الرئوي. نهجنا متعدد الجوانب ، بدلاً من التركيز فقط على الفحوصات التقليدية". ويعتمد الطب المحلي البديل الموروث من السكان الاصليين لا كبديل للعلاج الطبي الحديث المستند الى العلم، بل لا غراض تعزيز نمط الحياة واساليب الرعاية الداعمة.
لقد حقق النهج الثابت والمتواصل نجاحا سريعا. و بعد الحالات الأولى في نهاية كانون الثاني كان هناك حتى نهاية شباط فترة هدوء، ثم جاءت موجة العدوى الثانية، بعد تجاهل مراقبة عائلة عادت من إيطاليا . ولكن اجراءت العزل الشديدة مكنت الولاية من السيطرة على ما حدث، ومن خلال تطبيق شعار "كسر سلسلة العدوى" ، تم تنفيذ حملة ضد الفايروس حتى ادنى مستوى محلي. وتم تنشيط مراكز الاتصال بالمواطنين مرة أخرى للامتثال للحجر الصحي الالزامي ومتابعة ذلك بشكل يومي.

مرحلة صعبة

وتقول الوزيرة ان المرحلة الحالية "اصعب بعض الشيء من غيرها"، فمنذ السابع من أيار يعود المواطنون إلى الولاية من المناطق الساخنة عن طريق البر والبحر والجو. لقد اصبح الخط البياني في السابق مستقيما، ولكنه الآن يرتفع مرة أخرى". لقد بدأت الهند بإعادة العمال المهاجرين من السعودية وبلدان الخليج في واحدة من أكبر حملات العودة في العالم. وكان هذا السيناريو معروفا بالنسبة لحكومة الولاية،لذا تم اخذ الاستعدادات اللازمة، لاستقبال العائدين. وجرى تحديد 10 – 15 نافذة للاستقبال في مطارات الولاية، واتخذت اجراءات مماثلة في الشوارع وفي السكك الحديدة للسيطرة على العائدين، ولكن هناك من يدخل الولاية من خارج نقاط السيطرة، عبر الغابات مثلا.
ومتابعة للتفاصيل تقول الوزيرة"ندير كل شيء من خلال اللامركزية". "إن نظام الادارة الذاتية المحلي لدينا قوي على مستوى القرية أو البلدة الصغيرة. لقد طلب رئيس وزرائنا من كل محطة في الادارة الذاتية تشكيل لجان لفحص أولئك الذين يأتون إلى هذه المحطات. كذلك تقوم الادارة الذاتية بتنظيم الحجر الصحي في المنازل ايضا".
كيف ستتعامل ولاية كيرالا مع الركود الاقتصادي؟ لا يزال الامر غير معروف. وفي ضوء تجربة الولاية يمكن القول بثقة ستسيطر على الوضع بشكل أفضل من ولايات الهند الأخرى. في ولاية كيرالا ، يطبق مبدأ الرفاهية العامة لجميع السكان، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو موقعهم في الهرم الاجتماعي الموروث، او موقع سكنهم الجغرافي.
لقد نشرت جريدة "دي تسايت" الليبرالية الالمانية واسعة الانتشار مقالا في 28 / 5 / 2020 بعنوان "درس شيوعي لبقية العالم" اعترفت فيه: " يمكن للدول الغنية أيضًا أن تتعلم بعض الأفكار من جنوب الهند. لأن كثافة الأسرة وإمدادات أكبر بأجهزة التنفس ومعدات الحماية لن تفي بالغرض ، فالأمراض ليست حالة طوارئ طبية فحسب ، بل هي أيضًا حالة اجتماعية وإنسانية. لا يمكن لوحدة العناية المركزة القيام بالوقاية والاحتواء. هذا ما يجب على العاملين في القطاعات الاجتماعية والصحية والعيادات المتنقلة ومؤسسات الرعاية اللامركزية القيام به – المجهزة والممولة بشكل يوفر المساعدة الضرورية للجميع. وإذا كنت تعتقد أن هذه الامور تعمل بشكل جيد وبما فيه الكفاية في ألمانيا ، فألق نظرة على كيفية التعامل مع اللاجئين و المشردين و عمال المسالخ".
**********
بريطانيا تدفع ثمن انتخاب قيادة عديمة الكفاءة
باتريك كوبيرن
تعود حصيلة الوفيات الرهيبة جرّاء فيروس كورونا إلى القرارات التي اتخذتها قيادتنا التي تعمل على طريقة ثنائي المسرح الغنائي الإنجليزي غيلبرت وسوليفان
تعجز بريطانيا في التعامل مع جائحة كوفيد-19 بشكل جيد كما تفعل دول أخرى في أوروبا وشرق آسيا. فمن بين 62000 حالة "وفاة زائدة" في المملكة المتحدة، "كان من الممكن تجنب 40000 حالة وفاة لو أن الحكومة تصرفت بمسؤولية"، كما يقول السير ديفيد كينغ كبير المستشارين العلميين السابق.
كان الفشل مدمّراً، إذ توفي 359 شخصاً بسبب فيروس كورونا في المملكة المتحدة في يوم واحد هذا الأسبوع، أي أكثر من عدد الوفيات في كل دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 على مدار فترة الـ 24 ساعة نفسها. كما أن المملكة المتحدة بدأت في الخروج من حالة الإغلاق بينما لم تتم السيطرة بعد على الجائحة على الرغم من كل التدمير الذاتي للاقتصاد.
وهناك سببان رئيسيان يفسران تحوّل الأزمة في بريطانيا إلى كارثة. يتمثل الأول في العواقب السياسية للبريكست التي اتضح أنها أكثر فتكاً وسرعة من أي ضرر اقتصادي محتمل. فقد تبيّن الآن أن أسوأ نتيجة للاضطرابات التي أحاطت بمغادرة الاتحاد الأوروبي كانت تسليم بريطانيا إلى قيادة عديمة الكفاءة على نحو مذهل خلال واحدة من أسوأ الأزمات في التاريخ البريطاني.
ففي هذه الأيام، يظهر بوريس جونسون، عندما يظهر، مثل مهرّج سطحي يروّج لنفسه، وذلك كما وصفه منتقدوه بمن فيهم العديد من الذين يعرفونه جيداً ممن قالوا إنه كان دائماً كذلك. وفيما تتضاعف إخفاقات حكومته، يبقى موقفه المألوف هو التهرب والإنكار، فهو أبلغ مجلس العموم أنه كان "فخوراً جداً بما حققنا"،
في اليوم نفسه الذي تجاوزت فيه بريطانيا (66 مليون نسمة) الاتحاد الأوروبي بأكمله (446 مليون نسمة) من حيث عدد الوفيات.
في معظم الأوقات، لا يهم كثيراً من يدير بالاسم دولة إن كان سلك خدمتها المدنية فعالاً، بيد أننا لسنا حالياً في واحدة من تلك الأوقات. فهناك أحكام تتسم بأهمية قصوى لحياة الناس وسبل عيشهم وينبغي إجراؤها. لكن في هذه اللحظات الحرجة تكتشف بريطانيا عن أنها تُدار على طريقة ثنائي المسرح الغنائي الإنجليزي غيلبرت وسوليفان. ويعتبر التشبيه هنا ملائماً للغاية، إذ يبدو جونسون، بكلامه المنمق الذي يعكس أرستقراطية زائفة وبتعاملاته المشبوهة، قريباً للغاية من شخصية "دوق بلازا تورو" في مسرحية "غوندوليرز" الذي "قاد كتيبته من الخلف/وجدها أقل إثارة". في حين تُذكّر شخصية كبير مستشاري جونسون دومينيك كامينغز الشريرة وأفعاله المريبة، بشدة بتلك التي قام بها "المحقق الكبير" في الأوبرا ذاتها.
يعتقد الجميع تقريباً من خارج الحكومة بأنها لم تنجح في استباق التطورات في أي مرحلة من مراحل الوباء، وأنها كانت متخلفة على الدوام، وفي كثير من الأحيان ذهبت في الاتجاه الخطأ.
إن قائمة الأخطاء طويلة، تشتمل على الاستهانة بالتهديد الذي يشكله الفيروس، وعدم الاستعداد لمواجهته من خلال التعجيل بشراء المعدات الضرورية، وإجراءات الاختبار والتتبع المتأخرة وغير الكافية، وإرسال المصابين الذين لم يخضعوا للاختبار إلى دور الرعاية، وعدم فرض لبس أقنعة الوجه في وقت مبكر، بالإضافة إلى الاستعداد الفوضوي لاستئناف الحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي. ويحتمل أن تبقي هذه الأخطاء مجتمعة بريطانيا في حالة شبه مغلقة في المستقبل المنظور.
اشتهرت بريطانيا يوماً بامتلاكها واحدة من أكثر الطبقات السياسية ذكاءً في العالم التي تعمل من خلال إحدى أكثر الأجهزة الإدارية فعالية. لكن لم يعد الأمر كذلك، وكانت الجائحة نقطة التحول. فطوال الوقت، أظهر جونسون ووزراؤه الذين يعتبرون دون المستوى، إحساساً مخيفاً، ليس بسبب خبثهم، بل بفعل افتقارهم إلى الاحترافية في العمل، وكانوا ضعفاء في حيرة حيال ما يحدث وغير قادرين على التعلم من التجربة.
هكذا تدفع بريطانيا ثمناً باهظاً لقاء مشروع بريكست الغريب برمته. ولا يعود ذلك في جزئه الأكبر إلى الضرر الاقتصادي الذي لا شك في أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيلحقه بالبلاد، ولكن إلى القادة غير الأكفاء الذين أدى المشروع إلى ترقيتهم ليتسلموا السلطة. فأي شخص اعتقد بصورة جدية أن مشاكل بريطانيا نابعة في المقام الأول من عضويتها في الاتحاد الأوروبي كان إما مجنوناً أو انتهازياً أو ببساطة شخصاً غير مطّلع جيداً. وعلى الرغم من ادعائهم رؤية مستقبل ذهبي لبريطانيا في الميدان العالمي، كان دعاة البريكست الذين لم يخجلوا لكونهم "ليتل إنغلاندرز" (إنجليز ضيّقو الأفق) الذين عبرت عن عزلتهم بشكل دقيق نشرة الطقس المصطنعة التي أشار إليها عنوان شهير أبرزته صحيفة بريطانية وجاء فيه "الضباب في القناة، أوروبا باتت معزولة".
أعاقت هذه النظرة الضيقة، منذ بداية الأزمة، التعاون مع الدول الأخرى أو حتى التعلم من تجاربها. وربما أن غريزة أنصار البريكست للوقوف بمفردهم باعتزاز في تحدٍ للواقع، هي ما يفسر قرار فرض الحجر الصحي مدة 14 يوماً على المسافرين الذين يصلون إلى بريطانيا، حيث ما زال فيروس كورونا منتشراً، على الرغم من أنهم قد يأتون من بلدان استطاعت احتواءه إلى حد كبير. هذا يذكرني بأسفاري في تسعينيات القرن الماضي إلى روسيا والعراق حيث كان يُطلب من جميع الوافدين الخضوع لاختبار الإيدز في حين كانت الأنظمة الصحية في كلا البلدين منهارة والأمراض تنتشر فيهما بشكل جامح.
أما السبب الثاني لمعدل الوفيات "القياسي عالمياً" في بريطانيا، لاقتباس عبارة التباهي الشهيرة لجونسون، فيكمن في النسبة التي تلاشت بها القدرة التشغيلية لحكومة المملكة المتحدة في العقود الأخيرة. وعلى سبيل المثال، يقدم الوزراء ادعاءات الواثق بنفسه بشأن توفير الاختبارات والتتبع، ومعدات الحماية الشخصية، وتطبيق لمنع انتشار المرض، والمبادرات الأخرى؛ ولكن لا شيء يحدث أو يتوقف التسليم أو لا يمكن الاعتماد عليه.
هكذا تكتشف بريطانيا بصعوبة مدى الضعف الذي أصاب جهازها الإداري بسبب التخفيضات والتعاقد الخارجي. فقد احتكرت الحكومة المركزية السلطة والموارد، وحرمت السلطات المحلية من كليهما، على الرغم من أن هذه الأخيرة مطالبة بأن تكون في طليعة منفذي إجراءات "الاختبار والتتبع" المتطورة للغاية. وفي هذا الصدد، يوجز جيداً مقال افتتاحي نشرته مجلة "بريتيش ميديكال جورنال" لكاتبها الرئيس البروفيسور مارتن ماكي، وهو أستاذ للصحة العامة الأوروبية، ما حدث قائلاً إن "الخدمة المدنية الجوفاء لطالما تحولت إلى شركات التعاقد الخارجي على الرغم من إخفاقات هذه الشركات المتكررة. فقد عانت الشركات القليلة الخبرة في محاولة تنظيم اختبارات الفيروس أو تتبع المخالطين. كما أن مهمة تنسيق الأنشطة مع المنظمات القائمة، مثل مختبرات خدمات الصحة الوطنية أو مع إدارات الصحة العامة المحلية، معقدة للغاية بالنسبة إلى نموذج أعمالها التجارية".
في هذا السياق، يعد الاختبار والتتبع إجراءين أساسيين في محاولة الحكومة احتواء الجائحة. وهذا ليس مفاجئاً، إذ إن الدكتور جون سنو، وهو أحد مؤسسي علم الأوبئة الحديث، رسم خريطة لضحايا الكوليرا لأول مرة في سوهو بلندن عام 1854 من أجل تحديد مكان ظهور الكوليرا (الذي كان مضخة مياه تنتج مياهاً ملوثة). ومنذ ذلك الحين، جرت الاستعانة بحملات "تتبع وتعقب" أكثر تعقيداً للسيطرة على الأوبئة أو احتوائها. يحتاج عمل استقصائي ذات طابع بوليسي كهذا إلى مستجوبين مدربين جيداً من أصحاب الخبرة لإقناع الغرباء تماماً بالكشف عن تحركاتهم واتصالاتهم. ويعزو مسؤولو الصحة الألمان اليوم نجاحهم في السيطرة على الوباء في بلادهم بحلول 17 أبريل (نيسان) إلى نظام "اختبار وتتبع" منظم للغاية، بعد ستة أسابيع فقط من أول وفاة بالفيروس.
في بريطانيا، وُظف 25000 شخص للعمل كمتتبعين، وجرى استقطابهم جزئياً عبر شركات خارجية، فبينهم 10000 متتبع جرى توظيفهم عبر شركة "سيركو" ومقاوليها. ولم يعلم مديرو الصحة العامة بإطلاق برنامج الاختبار والتتبع قبل موعده بأربعة أيام حتى صباح إعلان إطلاقه. واتضح الآن أن هذا البرنامج لن يعمل بشكل كامل قبل حلول سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر(تشرين الأول)، وفقاً للرئيس التنفيذي للمشروع.
وينصّ التفسير الرئيس الذي قدّمته الحكومة على أنها، إلى جانب جميع الحكومات في العالم، فوجئت بسرعة الفيروس وشراسته. كان هذا العذر سيحظى ببعض الصدقية لو جاء في فبراير (شباط) أو حتى مارس (آذار)، ولكن ليس في الوقت الحالي، بعدما قتل فيروس كورونا حوالى ضعف عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في "ذا بليتز" (قصف ألمانيا النازية لندن أثناء الحرب العالمية الثانية) التي أوقعت 32 ألف قتيل. والأدهى أن معظم ضحايا فيروس كورونا كان يجب أن يبقوا على قيد الحياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*باتريك كوبيرن مراسل الشؤون الدولية
"اندبندنت عربية" 9 حزيران 2020
**************
ص7
فوكوياما: بسبب تعاملها الأخرق مع أزمة كورونا.. هيبة أمريكا في العالم تتراجع
فورين أفيرز*
حذر الكاتب والمفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما من أن جائحة فيروس كورونا المستجد قد تتمخض عن تراجع نسبي للولايات المتحدة خلال الأعوام المقبلة. وكتب في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأميركية أن للأزمات الكبيرة عواقب وخيمة غير متوقعة في العادة. فالكساد العظيم – برأيه - أدى إلى انبعاث النعرات الانعزالية والقومية والفاشية وإلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.
غير أن ذلك الكساد - كما يقول - نجم عنه أيضا إطلاق مجموعة من البرامج الاقتصادية في أميركا عُرفت باسم "الصفقة الجديدة"، وبروز الولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى، وتصفية الاستعمار في نهاية المطاف.
وتابع أن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن تسببت في تدخلين أميركيين فاشلين، وصعود إيران، وإنتاج أنماط جديدة مما سماه "التطرف الإسلامي".
وقال فوكوياما - الذي يعد من أهم مفكري المحافظين الجدد (كان فوكوياما، بالفعل، من المفكرين المحسوبين على تيار المحافظين الجدد، واشتهر بكتابه (نهاية التاريخ)، لكنه نأى، في وقت لاحق، وفي أعمال أخرى، بنفسه عن هذا التيار – التدقيق من محرر صفحة أفكار) - إن الولايات المتحدة تعاملت بشكل أخرق مع جائحة فيروس كورونا المستجد، مما أدى إلى تراجع هيبتها على نحو كبير. وأضاف أنها قد تقود كذلك إلى استمرار تآكل النظام العالمي الليبرالي وعودة الفاشية في أرجاء المعمورة.
ثم إن تعامل واشنطن مع الجائحة قد يفضي أيضا إلى ولادة جديدة للديمقراطية الليبرالية، التي يصفها فوكوياما في مقاله بأنها نظام أربك المتشككين مرات عديدة لما أظهره من مرونة وقدرة على التجديد.

ترامب هو المسؤول

وأنحى المفكر الأميركي من أصل ياباني الذي عرف بكتابه (نهاية التاريخ والإنسان الأخير)، باللائمة في ذلك على رئيس البلاد دونالد ترامب.
وأكد أن ترامب أحدث انقساما في البلاد بدلا من تعزيز الوحدة، وعمد إلى تسييس توزيع المعونات، وترك مسؤولية اتخاذ القرارات المهمة لحكام الولايات، بينما شجع الاحتجاجات ضدهم على نظام الصحة العامة، وهاجم المؤسسات الدولية عوضا عن تحفيزها.
واستبعد فوكوياما أن تأتي لحظة تكون فيها الدول قادرة على إعلان النصر على المرض، لكنها ستعيد فتح اقتصاداتها شيئا فشيئا على سبيل التجربة وسيؤدي اندلاع موجات جديدة من العدوى إلى إبطاء التقدم في هذا الجانب.
ومن التبعات الاقتصادية لأي أزمة يطول أمدها أنها ستفضي - بحسب فوكوياما - إلى مزيد من الإخفاقات التجارية ودمار صناعات مثل مراكز التسوق وسلاسل البيع بالتجزئة وشركات السفر.
ويعتقد كاتب المقال أن الشركات الكبرى ذات الإمكانيات المالية الكبيرة ستكون هي وحدها القادرة على الصمود في وجه العاصفة، مشيرا إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة ستجني مكاسب أكثر من غيرها إذ بات التواصل الرقمي ذا أهمية أكبر من أي وقت مضى.
أما التبعات السياسية فربما تكون أفدح، ذلك أن أي وباء مزمن يقترن مع فقدان كبير للوظائف وكساد وعبء ديون غير مسبوق، سيثير حتما توترات تسفر عن رد فعل سياسي عنيف ضد جهات مجهولة الهوية حتى الآن، على حد تعبير فرانسيس فوكوياما.

في صالح شرق آسيا

ووفقا للمفكر الأميركي، فإن توازن القوة لا يفتأ يميل صوب الشرق طالما أن شرق آسيا قد أبلى بلاءً أفضل من أوروبا أو الولايات المتحدة في إدارة الموقف.
وعلى الرغم من أن الصين كانت مصدر الجائحة حيث تسترت عليها في بادئ الأمر مما سمح بانتشارها، فإنها هي التي ستجني فوائد من الأزمة على الأقل بصورة نسبية.
فقد استطاعت بكين من استعادة السيطرة على الأوضاع وهي الآن بصدد مواجهة التحدي الآخر المتمثل في استعادة اقتصادها لزخمه سريعا وعلى نحو مستدام.
ويرى فوكوياما أنه وعلى النقيض من ذلك فقد أخفقت الولايات المتحدة بشكل مريع في استجابتها للجائحة وهي ترى هيبتها تتراجع كثيرا.
"ورغم أن أميركا تتمتع بموارد وقدرات كامنة هائلة ولديها سجل إنجازات مثير للإعجاب إزاء أزمات وبائية سابقة، فإن مجتمعها في ظل حالات الاستقطاب الهائلة التي يمر بها حاليا، ووجود رئيس (من شاكلة ترامب)، سيحولان دون أن تقوم الدولة بعملها بشكل فعال".
ويمضي فوكوياما إلى أن من السهل تخيل النتائج المتشائمة، فقد ظلت النزعات القومية والانعزالية وكره الأجانب والهجوم على النظام العالمي الليبرالي في ازدياد طيلة السنوات الماضية، مضيفا أن جائحة فيروس كورونا ستفاقم تلك النعرات.
ويشير الكاتب إلى أن حكومتي المجر والفلبين استغلتا أزمة كورونا لتمنحا نفسيهما صلاحيات طوارئ مما يبعدهما أكثر عن الديمقراطية. وهناك دول أخرى، مثل الصين والسلفادور وأوغندا، تبنت إجراءات مماثلة.

تفاقم الصراعات

ويتوقع المفكر الأميركي أن يؤدي تصاعد النبرة القومية إلى تفاقم محتمل للصراع الدولي، فالقادة ربما يرون في المشاحنات مع الأجانب سانحة مفيدة لصرف الأنظار عن السياسة الداخلية، أو قد يغريهم ضعف معارضيهم أو انشغالهم بالجائحة لزعزعة استقرار من يستهدفونهم أو لخلق واقع جديد على الأرض.
ويذهب فوكوياما إلى التكهن بأن الدول الفقيرة ذات المدن المكتظة وأنظمة الصحة العامة الضعيفة ستضرر بشدة من الوباء الحالي، مشيرا إلى أن ظاهرة النزوح الناجمة عن التغير المناخي تمثل بالفعل نذر أزمة تلوح - وإن ببطء - في الجزء الجنوبي من العالم.
أما الغضب الشعبي فسيزداد أواره، وسيسعى اليائسون من الناس إلى الهجرة من بلدانهم وسيستغل "الزعماء الديماغوجيون" الأوضاع للاستيلاء على السلطة، وسينتهز السياسيون الفاسدون الفرصة للسطو على ما يستطيعون سرقته، وستتخذ العديد من الحكومات إجراءات صارمة أو ستنهار.

استمرار حالة الاستقطاب

وفي الشرق الأوسط عادة ما تنتعش نظريات المؤامرة، وقد ازدهرت تلك النظريات أيضا على نطاق واسع في الدول الغنية بفضل البئية الإعلامية المنقسمة على نفسها تحت تأثير الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وعاد فوكوياما ليوجه سهام نقده لترامب الذي يصفه بأنه رئيس غير كفء ومثير للخلاف على نحو لم تشهد البلاد مثيلا له في تاريخها الحديث، مشيرا إلى أن أسلوب حكمه لم يتغير حتى تحت وطأة الضغوط.
وحذر من أن ترامب لو أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن فرص نهوض ديمقراطية عريضة أو النظام العالمي الليبرالي مجددا ستتراجع.
وختم فوكوياما مقاله بأنه مهما كانت نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية، فمن المرجح أن تظل حالة الاستقطاب في الولايات المتحدة قائمة، إذ إن إقامة انتخابات في ظل جائحة ستكون أمرا صعبا، وستكون هناك حوافز للخاسر فيها لكي يطعن في شرعيتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن موقع: "الجزيرة" 11 حزيران 2020
************
وجه أمريكا الشعبي
فريدة النقاش*
استطاع المفكر اليميني الأمريكي فرانسيس فوكوياما أن يشغل الحياة الفكرية والسياسية في أمريكا والعالم لمدة عقد من الزمان قبل ربع قرن، حين أطلق نظريته عن "نهاية التاريخ"، وكانت منظومة البلدان الاشتراكية حينها تتداعي نظاماً بعد الآخر، وكانت نهاية التاريخ - في قوله - تعني انتصار الرأسمالية الليبرالية إلى الأبد، بل وخلودها باعتبارها النظام الأمثل الذي استقرت عليه البشرية بعد فشل عشرات التجارب التي حاولت تجاوزها .
وما أن هدأت البلبلة التي واكبت الانهيار المتوالي لا للمنظومة الاشتراكية حسب، وإنما أيضاً لحركة التحرر الوطني ودولة الرفاة الاجتماعي، وكانت الصيغتان، في بعض تجلياتهما، صدى لانتصار الثورة الاشتراكية في روسيا القيصرية جنباً إلى جنب صعود حركة التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وبروز دولة الرفاه الاجتماعي .. أقول ما أن هدأت البلبلة، وإنزاح التشويش إلا وقام فرانسيس فوكوياما بممارسة النقد الذاتي علنا حين وجد أنه كان مخطئاً، وأن الفكرة التي روج لها حول "خلود" الرأسمالية الليبرالية تآكلت أمام موجات الاحتجاج والانتفاضات المختلفة في كل أرجاء العالم تقريباً بما في ذلك البلدان المتقدمة صناعيا وعسكريا .
جاء ذلك كله احتجاجاً على المظالم والانتهاكات لحياة وحقوق الملايين، من الكادحين والعاملين بأجر عامة، وهي مظالم وانتهاكات تصاعدت وتيرتها مع الليبرالية الجديدة التي برز فيها توحش الرأسمالية وكأننا نعود للوراء .
وقال المفكر اليساري البريطاني إيريك هوبزباوم إنه توقفت الرأسمالية والاغنياء مؤخراً عن الشعور بالخوف لدى سقوط الاتحاد السوفييتي، ولطالما شكل الاتحاد السوفيتي سنداً لكل من حركات التحرر ودولة الرفاة الاجتماعي، وبدا كأن الإنسانية تجري نحو بناء اليوتوبيا على الأرض.
وأظننا نخطئ كثيرا لو تصورنا أن الاحتجاجات العارمة التي شهدتها غالبية المدن الأمريكية هي احتجاجات ضد عنصرية الشرطة فحسب، خاصة وأن التضامن العالمي الواسع مع الشعب الأمريكي، والذي إتخذ أشكالا مبتكرة، يدعونا للبحث عن المشتركات، وعن الأفكار المؤسِسة، والقيم التي انتجت هذه الأفكار، وكأن طه حسين يحدثنا من جديد، ويدعونا لأن نعرف جيدا إلى أين يتجه العالم.
وقد علمنا التاريخ أن القيم العليا لا تنتج أفكارا كبرى إلا عبر النضال وعبر الوعي الجمعي للقطاعات الكبرى من الجماهير التي تطلق الاحتجاجات والانتفاضات وصولا إلى الثورة أملاً في الأفضل .
سوف نلاحظ مجموعة من الخصائص تتشارك فيها غالبية أشكال الاحتجاج التي تجتاج العالم الآن، أولها أنه تم التوافق الذي خلق إرادة جماعية شعبية ووطنية في كل بلد على حدة على اطلاق الانتفاضة التي تسلحت "بالجرأة ثم الجرأة ثم المزيد من الجرأة". وكانت هذه "الجرأة" المبهرة في كل الاحتجاجات موجهة لا ضد الظالمين من الشرطة وغيرهم حسب، وإنما أيضاً كانت جرأة في مواجهة الوباء جنباً إلى جنب مساءلة أسس النظام السائد في العالم .
ويظل الطابع الهجومي للاحتجاجات مميزاً رغم ما شاب حركة الجماهير في بعض الأحيان من عمليات تخريب وسلب ونهب، إتخذت منها الرجعية المهيمنة ذريعة للهجوم على الاحتجاجات، وإدانتها ووصفها بـ "الشغب".
تشكل الانتفاضة نقلة أساسية في وعي الكادحين الأمريكيين الذين تسلحوا بالروح الإيجابية والشجاعة الضرورية للإنخراط في الانتفاضة، وتبرز هنا بكل وضوح فكرة تقول أن ثمة قدرة إنسانية هائلة وعميقة لتجاوز المصالح الصغيرة والمباشرة ، والضيقة للأفراد، إذ في قلب الجموع يتجاوز هؤلاء الأفراد ذواتهم لينتج الوعي الجمعي هذه الذات الجماعية التي تلهمها الأفكار الكبرى والاستعداد للتضحية في سبيل العالم الأجمل الذي ترفرف عليه رايات العدل والاستنارة والضمير والحرية الحقيقية .
ولن يكون بوسعنا هنا أن نغفل الدور التربوي الذي تقوم به الانتفاضة وكأنها "عيد المقهورين"، وعلامة تضامنهم وسعيهم المشترك .
وتكشف الانتفاضة في حركتها أين يا ترى تكمن المظالم المسكوت عنها، وهنا لن يفاجئنا انضمام بعض رجال الشرطة في أمريكا إلى المتظاهرين المحتجين، بينما رفض آخرون تنفيذ أوامر رؤسائهم بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز على المحتجين .
كما أصدر أحد القضاة حكماً بعدم استخدام قنابل الغاز والرصاص المطاطي ضد المحتجين. وبرز وجه أمريكا الآخر، الوجه الشعبي الانساني في مواجهة الأنانية واللامبالاة وتجاهل آلام المعذبين في الأرض، والجهل المطبق بأوضاع الشعوب التي استنزفت الأمبريالية ثرواتها وأهدرت كرامة الإنسان فيها، وحجبت لزمن طويل الوجه الآخر الذي يتجلى للعالم الآن على خير نحو، أنه الوجه الشعبي لأمريكا .
وهذا هو الوجه الذي تحتفى به كل القوى التقدمية في العالم والتي تؤكد في أشكال الاحتجاج ضد العنصرية والاستغلال والتمييز أن الصورة الزائفة والوعي الزائف الذي قدمته هوليود للعالم لم ينجحا في حجب حقيقة الروح الأمريكية الشعبية .
وجريا على عادة الرجعية والاستبداد في كل مكان لجأ ترمب في مواجهة الاحتجاجات العارمة والمتظاهرين الذين أحاطوا بالبيت الأبيض إلى الدين، فزار، ماشيا، كنيسة مجاورة، وخرج منها رافعاً الانجيل، وهو ما يعيد إلينا صورة الرئيس أنور السادات وإعلانه دولة العلم والإيمان، كونه الرئيس "المؤمن" بعد انتفاضة يناير 1977 .
رسالتان كبيرتان تبثهما الاحتجاجات الأمريكية : الأولى هي إسقاط الوهم حول النظام الرأسمالي السائد فيها باعتباره نموذجا عالمياً في تحقيق الرخاء والسعادة لكل المواطنين .
أما الرسالة الثانية فتقول إن في ظل تراكم المظالم والانتهاكات في المجتمع الطبقي أيا ما كان ثراء هذا المجتمع وقوته الاقتصادية والعسكرية لابد أن يأتي اليوم الذي تتفجر فيه الاحتجاجات وتتصاعد لأهون سبب، ولو كان حادثة عنصرية مثل قتل المواطن الأسود فلويد ..
إنه إذن وجه أمريكا الشعبي، روحها الحقيقية ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*صحيفة "الأهالي" 10 حزيران 2020
*********
"رسالة إلى هندي" لتولستوي المتأرجح بين موقفين متناقضين
ابراهيم العريس
خلال السنوات الأخيرة من حياته، وإذ صارت أعماله الروائية الكبرى وراءه بعدما تُرجمت إلى عشرات اللغات الأجنبية، جاعلة منه إلى جانب دوستويفسكي الأب الشرعي للرواية الروسية في ذلك الزمن، تحوّل الكاتب الروسي الكبير ليف تولستوي بالتدريج إلى نوع من "ضمير العالم"، وراحت اهتماماته السياسية والاجتماعية تطغى على الإبداعية، في وقت اعتاد أن يكاتبه كبار مفكري وسياسيي العالم، يساجلونه، أو يطلبون النصح، أو يسألونه دعماً معنوياً ليس لأفكارهم فحسب، بل كذلك لتحرّكاتهم في سبيل الحرية والاستقلال، وعلى الضد خصوصاً مطامع الدول الاستعمارية التي كانت إمّا تنهش في بلادهم وخيراتها، وإمّا تتطلع إلى ذلك.
وفي هذا السياق نعرف مثلاً تلك المراسلات التي كانت بينه والإمام محمد عبده في مصر. ولنضف هنا تلك المراسلة التي كانت بينه وبعض قيادات التحرّكات الثورية الساعية إلى تحرير الهند من ربقة الاستعمار البريطاني. والحقيقة أن لهذه المراسلة التي شملت الثائر الشاب موهانداس غاندي، في ذلك الحين، حكاية طريفة ربما تكشف في طريقها عن تناقضات صاحب "الحرب والسلام" و"آنا كارينينا" كما سوف نرى بعد سطور.
نصيحة إلى الهنود
أوج تلك المراسلات يُعرف بـ"رسالة إلى هندي"، وهي رسالة طويلة وجهها تولستوي في الرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) 1908 إلى طاراك ناث داس الذي كان معروفاً بوصفه واحداً من زعماء الحركة الاستقلالية الهندية، وكان هذا قد وجّه قبل ذلك رسالتين إلى الكاتب الروسي، يسأله فيهما النصح بصدد أفضل الطرق للحصول على استقلال الهند، طالباً منه دعماً معنوياً لتلك الغاية.
ولقد ردّ تولستوي على ذلك القائد التحرري الهندي عبر نص نشرته على الفور صحيفة "فري هندوستان"، وقال فيه إن السبيل الوحيد لتحرر الشعب الهندي من الربقة البريطانية هو اتباع طريق الحب والسلام، بالتالي لا محادة عن الاكتفاء بالمقاومة التي تخلو من أي عنف، خصوصاً أن ذلك يتلاقى، كما أشار الكاتب المكتهل، مع كل ما تدعو إليه الديانات جميعاً، مؤكداً أن ممارسة الاحتجاج بالإضراب والتظاهر بهدوء توصّل إلى الغاية والنصر في نهاية الأمر.
ولا بدّ من أن نضيف هنا أن غاندي الذي كان ينطلق في تحرّكه حينها من حيث يقيم ويعمل في جنوب أفريقيا، تلقف فوراً مواقف تولستوي، وطلب منه الإذن بأن ينشر رسالته في صحيفته "أنديان أوبينيون". ونعرف أن التراسل تواصل على ذلك الأساس، واتّبع الهنود نصيحة تولستوي، وهو ما اعترفوا بنجاعته حين نالت الهند استقلالها عام 1907.
بين اللا عنف الهندي والعنف الموسكوفي
غير أن ما نصح به تولستوي في الهند لم يسر هو على هديه قبل ذلك بسنوات قليلة في موسكو، ففي أواسط مارس (آذار) 1901، كانت أعمال عنف طالبية صاخبة قد اندلعت في تلك المدينة، وانتقلت منها إلى كثير من المدن الروسية. وكانت أعمال العنف تلك قد أخذت منحى خطيراً، حين وجدت السلطات الحكومية أنه لم يعد ثمة مفر من التدخل والقمع بكل قوة، وإلا فإنّ الأحداث سوف تتفاقم أكثر وأكثر. فالوضع كان قد وصل إلى ما يشبه نقطة اللا عودة، إذ لم تتردد قوات الأمن في استخدام البندقيات، آملة أن يؤدي جرح وربما قتل عدد من الطلاب الثائرين إلى إرهاب الطلاب وجعلهم يتراجعون.
وكانت الحركة الطالبية قد اندلعت وعنفت بشكل خاص، بعد أن أعلن وزير التربية بوغولوبوف، إجراءات تعسفية جديدة، تشمل الرقابة المتزايدة على الطلاب داخل الجامعات. كان موقف الوزير استفزازيّاً، بينما كان الطلاب يتحرّكون من أجل الحصول على مطالب تتعلق بالحرية والكرامة، لذلك لم يستغرب المراقبون أن يؤدي ذلك إلى اغتيال الوزير المعنيّ على يد طالب ثار غضبه إثر تصريح أدلى به ذلك الوزير، وحمل فيه على الطلاب، متهماً إياهم بالعمل لصالح قوى أجنبية، والرغبة في إثارة الفوضى بالبلاد.
ومن الواضح أن اغتيال الوزير أدّى إلى نتيجتين معاً: أولاهما دفع السلطات إلى زيادة حدة عنف القمع الذي تمارسه قوات أمنها، وثانيتهما جعل الطلاب أقدر على التحرك، بعد أن اعتبروا مقتل الوزير انتصاراً لهم.

تولستوي يعتلي المتاريس

وهكذا، أطلّ الأسبوع الثالث من مارس، وقد ارتفعت حدة الحركة الطالبية لا سيما في موسكو، حيث أقام الطلاب المتاريس، وراحوا يستفزون السلطات الأمنية، وسط مناخ راح فيه كثير من المثقفين والفنانين ينضمون إلى الطلاب. ولئن كان هؤلاء قد فوجئوا بشكل إيجابي بتدفق المثقفين لدعم صفوفهم، فإن مفاجأتهم الكبرى كانت حين ظهر في صفوفهم شيخٌ في الثالثة والسبعين من عمره، أنهكه المرض والتعب، لكن ذلك لم يثنه عن الانضمام إلى الطلاب في متاريسهم، رغم البرد وتساقط الثلوج. كان ذلك الشيخ الكاتب الكبير ليون تولستوي، الذي راحت تقارير الشرطة تبلغ قيادات الأمن الموسكوفية، عن وجوده فوق المتاريس دعماً للطلاب.
كانت تلك الأحداث بالنسبة إلى تولستوي مناسبة يعبّر فيها من ناحية عن تأييده الطلاب الثائرين، ومن ناحية ثانية عن غضبه على السلطات الرسمية والكنسية التي كانت في الشهر الفائت قد أصرّت على حرمانه "من رحمة الكنيسة"، في وقت كان المرض يشتد عليه.
ولقد رأى تولستوي في ذلك الحرمان ظلماً ما بعده ظلم. فهو لئن كان في رواية "البعث" قد هاجم الكنيسة، وليس الدين بالطبع، فإنه ما لبث أن عاد إلى حماها مستغفراً بشكل من الأشكال، وأمضى السنوات العشرين التالية من دون أن يتعرّض للكنيسة. غير أن ذلك لم يشفع له في وقت كانت السلطات ترى أنه قد يشكل خطراً بسبب إعجاب الطلاب به.
لكن، بدلاً من أن يؤدي ذلك الحرمان بما فيه من منع تداول كتبه، إلى إخافته، جعله ينتفض، خصوصاً أن ألوف الطلاب راحوا يؤمّون بيته خلال الأسابيع التي تلت صدور القرار بحرمانه. وهكذا حين انتفض الطلاب ضد السلطات القيصرية شاء تولستوي أن يردّ تحية الطلاب له بأحسن منها، فحمل أمراضه وتعبه وسنوات عمره المتقدمة، وتوجّه إلى المتاريس، مشاركاً الطلاب تمردهم، وظل يعتلي المتاريس طوال أسبوع بكامله، حتى أربك السلطات وشرطتها. فهي كانت عاجزة عن إلحاق أي أذى به، هو الذي كان يحظى بسمعة عالمية، أعطته حصانة أكيدة.

قوة السنوات الأخيرة

بالتالي، أحسّ تولستوي بقوته، وراح يخطب يومياً في الطلاب، مندداً بـ"التصنيع الذي ينزع عن الطبيعة جمالها"، وبـ"هراوات رجال الشرطة التي تخبط رؤوس الطلاب من دون هوادة"، وهو اختار ذلك الوقت بالذات، لكي يذيع على الملأ بياناً ردّ فيه بعنف على "قرار المجمع المقدس". وخلاصته، أنه "لن يدين إلا بما يعتقد أنه الحق، وما يملك أن يذعن لغير ما اطمأن إليه قلبه وعقله"، قائلاً: "إني أحبّ الحق أكثر مما أحبّ أي شيء آخر في هذه الدنيا، والحق عندي حتى الآن هو ما يطابق المسيحية كما أفهمها، وإني لأتعلق بهذه المسيحية، وبقدر تعلقي بها يكون هدوء نفسي وسعادة روحي، وبهذا الهدوء وهذه السعادة أقرب من الموت".
وهكذا عبر هذه المواقف اعتبر الطلاب الروس، في تلك الأيام الصعبة، تولستوي زعيماً لهم، وهو غرف من تلك الزعامة حتى الثمالة، وكان منظره "مهيباً ورائعاً" حسب وصف أحد المراسلين الأميركيين الذي كان يعاين الأمور ميدانياً، حين كان يقف فوق المتراس صارخاً وغاضباً، متحدياً رجال الشرطة، بينما كانت تعليمات حكومتهم واضحة: إياكم وإيذاء هذا الرجل مهما فعل، لأن إيذاءه سوف يجر غضب العالم كله على الحكومة الروسية، ويعطي لحركة الطلاب زخماً عالمياً لا يمكن لنا أن نجابهه. بقي أن نتساءل عمّا إذا كان أحد قد ذكّر تولستوي بذلك "الماضي القريب العنيف" حين صاغ رسالته الهندية!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"اندبندنت عربية" 12 حزيران 2020
************
ص8
هَوَس الافتراء على الشيوعيين !
عصام مخول (1)

"وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض!"(قرآن كريم)

أتجنّب الانجرار كلما دق الكوز بالجرة وراء افتراءات واستفزازات ممجوجة، تأتي خارج اي سياق تاريخي حقيقي، لتشويه صورة الشيوعيين وتاريخهم، وتراثهم النضالي الوطني الذي راكموه في أدق الظروف، وتخوينهم كلما أحرجت مواقفهم التقدمية ومشاريعهم السياسية الجريئة بعض القوى الرجعية.
والحقيقة أنني منذ أكثر من أربعة عقود لم أسمع افتراءً جديدا واحدا، سوى ما يجتره المفترون على مدار السنين بشكل دوري رتيب، منذ كنا نخوض نقاشاتنا في إطار الحركة الطلابية العربية والتقدمية ونحن نؤسس لها في الجامعات منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.
نحن لا ننكر على أحد حقه في أن يقرأ التاريخ بشكل مغاير لقراءتنا، وفي أن يناقشنا ويناقش تراثنا الفكري والسياسي، وأن يعترض علينا أو أن يوافق مع تحليلنا وقراءتنا للتاريخ. يناقش مواقفنا ونناقش مواقفه، يناقش منطلقاتنا ونناقش منطلقاته، فنحن حركة واثقة من تراثها، تغتني من النقاش ومن الجدل ومقارعة الحجة بالحجة، ومن خوض الصراع في هذه البلاد على مدار أكثر من مئة عام، في مواجهة لا تعرف الكلل مع الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، راكمنا خلالها كمّا هائلا من التجربة الكفاحية الثورية المعقدة والخيارات المركبة، لم تراكمها حركة سياسية أخرى في البلاد، وقلما راكمت مثلها حركات شيوعية وتحررية في أماكن أخرى.
ان اللجوء الى مثل هذه الافتراءات يهدف بالأساس الى ابعاد الانظار عن الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي الحقيقي، الأطول والأعمق والأشد صدامية وصرامة في تاريخ هذه البلاد والذي يعجز الآخرون عنه، بين الحركة الشيوعية بكل تجلياتها من جهة، وبين الاستعمار البريطاني والامبريالية الامريكية، وبين الحركة الشيوعية في البلاد والمشروع الصهيوني بكل تجلياته من الجهة الأخرى. وذلك باعتبار أن الصهيونية تشكّل جزءا بنيويا من المشروع الامبريالي في فلسطين وفي المنطقة، في الماضي وفي الحاضر سواء بسواء، ويبدو ان طبيعة هذا الصراع وتورط الرجعية العربية في التواطؤ معه هي التي تحرج المفترين وتستفزهم.
ومن المثير للاستهجان أن حملات الافتراء الممضوغة على مدار السنين، تتجدد بين مرحلة وأخرى لتشويه القيادات والقامات التاريخية المؤسِّسة للحركة الشيوعية، وتعمل عبثا على تشويه دورها الوطني بشكل منهجي ومتزامن ومنسّق، يتعمق ويزداد شراسةً بمدى عمق المآزق التي تحيق بالمشاريع الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية وغير العربية المتناوبة على المنطقة..

توفيق محمد
واستهداف الشيوعيين

الاستاذ توفيق محمد أعرفه بصفته رئيس موقع" فلسطينيو الـ 48"، وأكن له الاحترام لما أعتبرته دائما دماثة خلق وقدرة على الاجتهاد في مناقشة القضايا السياسية والفكرية الخلافية الشائكة. وعلى الرغم من معرفتي بالبون الشاسع بيني وبينه في القضايا الفكرية أولا والسياسية ثانيا، الا أن ذلك لم يمنعني يوما من خوض معارك ميدانية مشتركة معا ومع كوكبة من الأصدقاء في قيادة الحركة الاسلامية. ولم يمنعني هذا الاختلاف من الاحتفاظ بالمساحة الضرورية للتمايز بين مواقفنا من جهة، والاحتفاظ في المقابل بمساحة كافية لعمل كفاحي مشترك حين يقتضي الامر ذلك، وتتوفر له الظروف. والحقيقة أنني فوجئت الاسبوع الماضي بانضمام الاستاذ توفيق محمد الى جوقة المروجين لافتراءات ممجوجة على الحزب الشيوعي وتاريخه وتراثه الكفاحي الوطني والتقدمي، وذلك في مقال تحت عنوان: “لا ينظّر لنا من يتلفع بالوطن ويهرول الى الأسرلة” .. ثم ينتقل ليتحدث عن.. "إنهم أبناء آبائهم ممن أحضروا صفقة السلاح التشيكي في العام 1948... "، ويواصل حتى آخر الاسطوانة المشروخة. والحقيقة هي أن السيد توفيق محمد كان بمقدوره أن يعرف الحقائق التاريخية حول صفقة السلاح التشيكي، وحول طبيعة الوضع في تشيكوسلوفاكيا في الفترة المعنية، دون عناء كبير.. فقط لو أنه أجتهد أكثر، واطلع على الدراسة التي كتبها الباحث الجامعي غسان فوزي ابن مدينة ام الفحم ومؤسس حركة أبناء البلد، والأسير السابق الذي اتهم بتشكيل اول خلية فدائية داخل اسرائيل بعد عدوان حزيران 1967. وهو يعِد في هذه الايام أطروحته لدرجة الدكتوراه في جامعة كولومبيا في نيويورك. وكنا نشرنا دراسته مؤخرا على صفحة معهد إميل توما على الفيسبوك، وقبلها في جريدة "الاتحاد".
وكان بمقدور السيد توفيق محمد أن يتعرف أكثر على طبيعة القوى التي كانت سائدة في تشيكوسلوفاكيا ابان صفقة السلاح، اذن لكان عرف أن "فارس" هذه الصفقة في الحكومة التشيكية آنذاك – والتي كانت مناوئة للشيوعيين في الفترة تلك - هو وزير الخارجية يان ماساريك، الذي عرف بعدائه للشيوعيين وعلاقاته المشبوهة مع الحركة الصهيونية، حتى انها أطلقت (في ما بعد) اسمه على كيبوتس (2 "كفار ماساريك" قرب حيفا، وهو الذي ما لبث أن تم الإعلان خلال فترة قصيرة، أنه لقي حتفه منتحرا بالقفز من بناية وزارة الخارجية في براغ، وقد وجهت وسائل المخابرات والاعلام الغربي التهم الى الشيوعيين والسوفييت بتلفيق انتحاره.
ولو أن الباحث توفيق محمد تمهّل قليلا وبحث بعمق أكثر في الحقائق التاريخية لكان نجح في الوصول الى تعليق نشر في ملحق هآرتس "غاليريا" بتاريخ 7.6.2018 تحت عنوان : “البعثة التي لم تكن " ( او الوفد الذي لم يرسل)، نشره باروخ تيروش، الملقب باسم بطرس في الباليام، وهو أحد الشخصيات الأكثر ارتباطا بصفقة السلاح التشيكي، والذي كلف من قبل بن غوريون بالاشراف على نقل الاسلحة الى فلسطين وترتيب وصولها الى مطارات أعدت خصيصا لاستقبالها. يقول تيروش هذا : "إن التصحيح الوحيد الذي لا بد من إدخاله الى التقرير امنشور في ملحق "غاليري"، هو بشأن ما يروى عن بعثة من الحزب الشيوعي، تم الادعاء انها أرسلت الى تشيكوسلوفاكيا في العام 1948 لترتيب صفقة الاسلحة الى اسرائيل. وعلى ذلك، فإنني أؤكد أن مثل هذه البعثة لم يكن لها وجود في يوم من الايام، وأن شيئا من هذا القبيل لم يحدث على الاطلاق”.
(..)
وأضاف تيروش: “على الرغم من النفي المتكرر والقاطع من جميع المطلعين على الصفقة لوجود أي دور للشيوعيين في الموضوع، الا أن هذه الكذبة جرى الترويج لها وتناقلها في وسائل الاعلام”.
ولفت تيروش الى أن تفاصيل صفقة السلاح التشيكي الحقيقية جرى عرضها بدقة في برنامج "حياة كهذه" الذي يقدمه شايكي دان على القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي.
ولو أن الباحث توفيق محمد تروّى قليلا لفحص معلوماته، لكان تعرف على معلومات لا يعرفها عن الصفقة وما كان له أن يرمى الشيوعيين بها، ولكان امتنع عن الانضمام الى جوقة المفترين عليهم وعلى تراثهم. فتيروش يضيف معلومة تكررها كل المصادر التاريخية المتوفرة لمن يريد ان يجتهد قليلا للكشف عن الحقيقة، فيقول: "الآن لم يعد سرا أن الصفقة جرى ترتيبها والاعداد لتنفيذها على أنها صفقة متوجهة (من تشيكوسلوفاكيا) الى إثيوبيا وكتبت على أوراق رسمية إثيوبية. وبقي تزوير هوية الطرف الذي أبرمت الصفقة معه سيد الموقف حتى الانتهاء من تنفيذها." وأضاف تيروش العالم ببواطن الأمور: "لقد عرف الروس بالأمر في وقت متأخر بعد أشهر عديدة. وقاموا باعتقال المسؤولين عن تنفيذ الصفقة بما فيهم عدد من اليهود، ومنهم من احتلوا (لاحقًا) مواقع في جهاز الدولة وفي صفوف الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، وتمت محاكمتهم وإعدامهم".
بقدر ما رغب العجل ان يَرْضَع
كانت البقرة ترغب أن تُرْضِع !
يشير تسفي بن تسور وهو أحد الضالعين الرئيسيين في صفقة السلاح التشيكي في دراسة في موقع The Palyam &Aliya Bet الى مسألة غاية في الاهمية كان يجدر بمن يريد الحديث عن "السلاح التشيكي" أن يلتفت اليها، ولو من باب التعرف على السياق التاريخي قبل أن ينفلت على الشيوعيين. ويلفت بن تسور الى أنه خلال الاحتلال النازي لتشيكوسلوفاكيا وضع هيرمان غويرينغ، وهو نائب هتلر يده على شركة سكودا للسيارات في تشيكوسلوفاكيا. وحوّل هذه المصانع الى مصانع لانتاج السلاح، وأتبعها بمجمع هيرمان غورينغ الذي وضعه في خدمة المجهود الحربي الالماني.
ومع نهاية الحرب ودخول الجيش الاحمر السوفييتي الى تشيكوسلوفاكيا وتحريرها من النازيين فإن كميات هائلة وفائضة من الاسلحة ومن مصانع السلاح كانت متوفرة بكثافة تفوق حاجات البلاد بكثير، بينما تئن البلاد من نقص حاد في المنتوجات المدنية واليومية وتبحث عن وسائل للتخلص من الاسلحة واستيراد الاحتياجات المدنية. كما يلفت الرجل الى ان القانون التشيكوسلوفاكي كان يمنع عقد صفقات اسلحة الا مع الدول. ومن هنا جرى تزوير الصفقة وعقدها بشكل سري على أوراق الدولة الاثيوبية.
ولكي ننهي مرة واحدة والى الابد هذا الملف والافتراء البائس على الشيوعيين والافتراء علي تاريخهم، دعونا نتابع ما يسجله بن تسور حول الشخصيات التي كانت ضالعة في صفقة السلاح التشيكي. يقول: "إن الاتصالات حول شراء أسلحة من تشيكوسلوفاكيا بدأت في تموز 1947، عندما قام موشيه سنيه رئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية في أوروبا في حينه (وعضو قيادة مبام حتى العام 1956)، بطرح الموضوع أمام نائب وزير الخارجية فلاديمير كليمنتيس، وحصل على موافقته المبدئية". ويضيف بن تسور: "في أوائل نوفمبر 1947 أوفد بن غوريون الى براغ د. أوتو فيليكس، وهو محام مولود في المدينة (براغ) وله كثير من الاصدقاء في صفوف الجهاز الحكومي (التشيكي) لفحص امكانيات شراء الاسلحة هناك.. وفي حوالي نهاية ديسمبر كانون اول 1947 تكللت جهوده بالنجاح عندما أنهى إيهود أفريئيل وأوتو فيليكس صفقة اولى، بمساعدة تاجر السلاح الروماني اليهودي روبرت أدام أبراموفيتش تم توقيعها رسميا في أواسط كانون الثاني 1948 بمساعدة تلفت النظر من يان ماساريك وزير خارجية تشيكوسلوفاكيا".. ويواصل بن تسور كيف استمر المبعوثان فيليكس وأفريئيل في مساعيهما بمساعدة تاجر السلاح الروماني في عقد صفقات سلاح إضافية أكبر منها.
إن مشكلة "المفترين المناوبين" اليوم وتعثر مشروعهم في معاداة الشيوعيين، نابعة عن أن تاريخ الشيوعيين وتاريخ عصبة التحرر الوطني (الفلسطينية) بشكل خاص، موثق بكثافة وفي كم هائل من الوثائق المحفوظة المتوفرة، التي لا يكلفون انفسهم حتى عناء البحث عنها والاطلاع عليها، وخصوصا في الفترة الممتدة بين ربيع العام 1943 وحتى العام 1949. ولكن طامتهم الاكبر نابعة عن أن تراث الشيوعيين موثّق وراسخ بقوة أكبر، ليس في الوثائق الورقية والأرشيفات فقط، وانما في قلوب الناس وذاكرتهم الجماعية والفردية، ومعاركهم الشعبية وأهازيجهم، وفي ضمير الشعب الفلسطيني وفي اجتراح معركة البقاء، وفي الرواية المحكية والوعي العام المنتشر داخل بيوت الناس وأماكن عملهم، بين عائلات العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وصغار التجار ووسط الطلاب والشباب والرجال والنساء، وكل قطاعات شعبنا الوطنية والتقدمية.
لقد أثبتت تجارب الشعوب المكافحة من أجل حرياتها في كل مكان، أن كل محاولة لخلق التنافر ودق أسافين التباعد والاغتراب بين الجماهير الشعبية المنخرطة في النضال الوطني والتحرر الاجتماعي وبين الشيوعيين وافتعال التناقض بينها وبينهم، كانت تصب دائما في خدمة المتآمرين على الشعوب للإيقاع بالجماهير وترويضها وتطويعها بعيدا عن زخم وحدة الصف الكفاحية المعادية للإمبريالية وأتباعها الرجعيين.
صورة المقال: "فارس" هذه الصفقة في الحكومة التشيكية – التي كانت مناوئة للشيوعيين في الفترة ذاتها - هو وزير الخارجية جان مساريك، الذي عرف بعدائه للشيوعيين وعلاقاته المشبوهة مع الحركة الصهيونية.
**************
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الامين العام السابق للحزب الشيوعي الاسرائيلي
(3) الكيبوتسات هي التعاونيات الزراعية التي اقامتها الحركة الصهيونية على الاراضي الفلسطينية التي استحوذت عليها بعد تشريد اصحابها الاصليين بشتى السبل والوسائل غير المشروعة والملتوية. (ط.ش.)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحق الجمعة - جريدة "الاتحاد" الحيفاوية 12 حزيران 2020
**********
عن مذبحة السود في مدينة تولسا
التي تريد أمريكا محوها من التاريخ
إميلي ستيوارت
تحل الذكرى الـ 99 لمذبحة سباق تولسا التي ارتكبت عام 1921، حين هاجم حشد من الأمريكيين البيض السكاَنَ السود ومنازلهم وشركاتهم.
فمع استمرار الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وتصاعد أحداثها، في ر دة فعل على مقتل جورج فلويد على أيدي شرطة مينيابوليس، تمرُّ أيضًا الذكرى السنوية لتلك المذبحة، التي تعتبر من أسوأ وقائع العنف العنصريّ في تاريخ البلد.
ويشرح تقرير نشره موقع «Vox» الأمريكي اخيرا كيف جرى التسترُّ على هذه المذبحة لعقود متتالية، وكيف ما زال الكثير من تفاصيلها والمعلومات حول أعداد ضحاياها ومواقع جثثهم، مجهولا حتى الآن.
مذبحة طال طمسها

صادف تاريخا 31 أيار و1 حزيران الذكرى التاسعة والتسعين لمذبحة سباق تولسا التي حدثت عام 1921، حين هاجم حشد من الأمريكيين البيض السكانَ والمنازل والشركات في حي غرينوود، الذي يغلب عليه السود في مدينة تولسا، بولاية أوكلاهوما. دُمِّرت منطقة غرينوود – التي كانت تعرف باسم «وول ستريت الأسود» دلالةً على غناها – في غضون أيام، وأحُرق ما يقرب من 1200 منزل و35 كتلة سكنية، وقُتل ما يقدر بنحو 300 شخص من السود.
ورغم أن هذه المذبحة تعُدُّ من أسوأ حوادث العنف العنصري في تاريخ الولايات المتحدة، فإنها من بين الأقل شهرة.
كانت هناك محاولات لطمس قضيتها بصورة كبيرة؛ إذ اختفت سجلاتها، وغاب موضوعها عن الحديث العام في كثير من الأحيان. وحين حدثت المذبحة، أطُلقت عليها تسمية «أعمال الشغب في سباق تولسا» في محاولة لتشويه الحقائق والتضليل بشأن ما حدث، لإظهار أن كلا الطرفين كانا على خطأ بطريقة ما.
في التسعينات شكلت ولاية أوكلاهوما لجنةً لتقصي ما حدث في مذبحة عام 1921. وفي عام 2001 أصدرت اللجنة تقريرًا عن نتائج عملها. وينقل التقرير جزءًا من المقدمة التي كتبها النائب آنذاك دون روس:
«دمرت عصابة 35 كتلة سكنية للجالية الأمريكية الأفريقية اعتبارا من مساء يوم 31 أيار حتى بعد ظهر يوم 1 حزيران 1921.
كانت لحظة تاريخية مشينة في تاريخ أوكلاهوما والأمة. كان أسوأ اضطراب مدنيّ حدث منذ الحرب الأهلية. وفي أعقاب الموت والدمار عانى شعب دولتنا من وهن في الإيمان، وما زال البعض يبحث عن قانون للتقادم في الأخلاق، محاولين نسيان ديمومة بقايا الظلم، والتي لا تترك مجالاً لشفاء القلوب على أحسن الفروض. وربما يخرجنا هذا التقرير، وما يتلوه من أنشطة إنعاش إنسانيّ من جانب الحكومة وشعب الولاية الطيبِّ من الذنب.. » .
وبعد ما يقرب من عقدين من كتابة ذلك التقرير المُقرّ بالأحداث، لا تزال تولسا حتى الآن تتصدى لحادثة المذبحة محاولةً معرفة ما حدث، وما زال مكان جثث القتلى خلال الحادث مجهولاً حتى لحظتنا هذه.

ما نعرفه عن مذبحة تولسا
حتى الآن

اجتاحت الولايات المتحدة موجةً من العنف ضد السود بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد قابل البيض العنصريون قدامى المحاربين السود ممن خدموا البلد بالازدراء، وكانت التوترات العرقية على أشدِّها. وينقل التقرير عن الكاتبة في مجلة «نيويورك تايمس» أوليفيا واكسمان قولها إن الأمريكيين السود ممن انتقلوا آنذاك إلى مدن الشمال، قوبلوا بالظلم والمحاباة، كذلك حال المزارعين السود في الجنوب. وفي صيف عام 1919 – المعروف باسم الصيف الأحمر – اندلعت أعمال العنف العنصري المستهدف للسود في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
ان كل ما سبق سياق مهم لتكوين فكرة عن المرحلة التاريخية التي حدثت فيها مذبحة تولسا عام 1921، والتي بدأت مع إلقاء القبض على مراهقة سوداء تدُعى ديك رولاند بتهمةِ مهاجمة عاملة بيضاء. تجمع حشد من البيض خارج المحكمة حيث كانت المراهقة مُحتجزة، وتجمع أيضًا الرجال السود في المكان نفسه لمحاولة حمايتها من الإعدام.
ووفقًا لصحيفة «تولسا ورلد،» بدأ العديد من الأحداث يتصاعد منذ تلك الحادثة. اقتحم البيض المتاجر لأخذ البنادق والذخائر، وكانت هناك تقارير عن عملياِتِ نهب وإطلاق نار عشوائي في وسط المدينة. هبطت حشود من البيض على غرينوود، وفرّ العديد من سكان المنطقة على إثر ذلك. دمِّرت المباني وأحُرقت، نُهبت المنازل والشركات، وتشير التقارير إلى مشاركة حتى ضباط من الشرطة في تلك الفوضى. وأعلن حاكم أوكلاهوما فرض الأحكام العرفية ، واستدعى الحرس الوطني. وألقي القبض على الكثير من السود، لكن لم يُقبض على البيض.
بعد انتهاء العنف، كانت هناك محاولات لمحوه . لكن اختفت السجلت، واختفت القضية بصورة تامة من الحديث لعقود، ولم تظهر في كتب التاريخ. واستمر البيض في حياتهم، وحاول السود إعادة جمع شتات حيواتهم. وكما تشير جمعية ومتحف تولسا التاريخي، لم تحدث من قبل الحكومة أية مقاضاة أو معاقبة لمرتكبي اي عمل إجرامي خلال المذبحة على أيّ مستوى.
ويوضح التقرير أن ذلك جزء من سبب وجود الكثير من المساحات الفارغة حول الحدث ، لاسيما في خصوص عدد الأشخاص الذين أصيبوا أو ماتوا، وما الذي حدث للناجين. وهناك جهد مستمر لمحاولة معرفة المكان الذي دفنت فيه جثث القتلى.
وفي العقود الأخيرة، بدأت بعض الجهود تتجه نحو التواصل مع الناجين، للحصول على شهاداتهم ورواياتهم لما حدث حينها.
في عام 2018، تحدث تشارلز بلو من صحيفة «نيويورك تايمز» مع أوليفا هوكر، وهي من بين آخر الناجين المعروفين من المذبحة – كان عمرها 103 أعوام عند إجراء المقابلة. وصفت هوكر كيف اقتحم الرجال البيض منزل عائلتها، ودمروا بيانو أختها، وصبوا النفط على سرير جدتها، وحشوا الخزانة بالذخيرة، وهو ما تفسِّره هوكر بأنهم ربما كانوا ينوون حرق المنزل أو تدميره. شرحت هوكر الأشياء التي رأتها، والصدمة التي عانت منها على إثر المذبحة، والتي جعلتها تصل إلى مرحلة «صرت أصرخ في الليل. لم أعد أنام، صرت أرى الكوابيس» .
ينقل التقرير أيضًا عن القصة التي نشرها برنت ستابلز في صحيفة «نيويورك تايمس» عام 1999، والتي سعت للكشف عن الحقائق المتعلقة بالمذبحة، وتضمنت العديد من التقارير المباشرة، بما في ذلك شهادة رجل كان من شهود المذبحة اسمه إلويت ليت. تحكي القصة كيف جاء خمسة رجال بيض إلى منزل عائلته، وكيف حدث ولمفاجأتهم ان سمح الرجال البيض للجدِّ بوضع ابنته واثنين من أحفاده في عربة حتى يتمكنوا من مغادرة المدينة.
يتذكر ألويت ليت كيف شعر بالسعادة لأنهم لم يطلقوا النار عليه أو يقتلوه هناك في المنزل، وكيف أن هؤلاء الرجال البيض أشخاص لطفاء؛ إذ سمحوا لهم بركوب العربة والذهاب لمتابعة أعمالهم.
لكن، وقبل أن يصلوا إلى بلدة سبيري، سأل الرجل الأبيض: «الى أين تذهب بحق الحجيم – مستخدمًا وصفاً عنصريًّا بحق السود» فأجاب الجدُّ : «نحن في طريقنا للخروج، نريد الخروج من المدينة،» ليقول الرجل الأبيض: «ليس اليوم، لن تخرج من هذه المدينة في هذا اليوم،» وأطلق النار على الجدُّ . سقط الجدُّ أرضًا وصرخت الابنة (والدة ليت) تحت هول الصدمة: «لقد قتلتم والدي، لقد قتلتموه». يستذكر ليت كيف ظن يومها أنهم سيفعلون الأمر نفسه مع أمه أيضًا.
يذكر التقرير أنه وبمرور العقود بدأت تظهر دعوات لتعويض ضحايا المذبحة، وتستحق الذكر هنا مقالة تا نيهيسي كوتس المؤثرة عام 2014 تحت عنوان «قضية التعويضات،» ،والتي تناول فيها مسألة المذبحة.

حوادث العنف العنصري
في الولايات المتحدة

مرت الذكرى السنوية لمذبحة تولسا في عامنا هذا 2020 لتقابل لحظة مروعة من التاريخ يشعر بها الأمريكيون السود بالاضطهاد الذي يعانونه. قُتل جورج فلويد – الرجل الأسود البالغ من العمر 46 عامًا – خلال عملية اعتقاله في 25 ايار، لأن ضابط الشرطة الأبيض ثبت ركبته على رقبته لمدة تسع دقائق تقريباً، فيما فلويد يناشد قائلا أنه لا يستطيع التنفس. وذاعت شهرة مقطع الفيديو الذي وثق مأساة جورج فلويد، وهو لم يكن إلا حلقة في سلسلة احداث طويلة في تاريخ العنف ضد السود على مدى قرون.
بعيًدًا عن الاحتجاجات الحالية، يعاني ذوو البشرة الملونة من جائحة فيروس كورونا بصورة غير متكافئة مع البيض؛ إذ ينالهم المرض بصور ة أوسع بالإصابات والوفيات. كما انهم تأثروا بالأزمة الاقتصادية أكثر كثيرا، وفقدوا وظائفهم بمعدلات أعلى.
ويستشهد التقرير بقولِ روبرت تورنر للمتظاهرين، في حديث له ضمن تظاهرات مدينة تولسا يوم السبت الفائت: «قبل فيروس كوفيد-19، كانت العنصرية هي فيروس أمريكا. سئمنا وتعبنا من هذا المرض، ونطالب بلقا ح لدرء خطره. نعم، لا يمكن للتباعد الاجتماعي أن يقتل العنصرية، لا يمكن للأقنعة أن تقتل العنصرية. لا شيء يعالجها .. سوى الحقيقة!» .
***********
ص9
كتاب جديد للباحث الدكتور صالح ياسر
الدولة، السلطة، الطبقات الاجتماعية
من المعروف ان العقود الاخيرة شهدت " تحولات عميقة " في البنية الاجتماعية والطبقية لكثير من البلدان، وتزايد الوزن النوعي للعديد من الفئات والشرائح وتعاظم دورها "الفعال" في تحديد اتجاهات "التطور"، بعد أن ظلت لفترة طويلة على "هامش التاريخ". كما ظهرت على "المسرح" فئات وشرائح جديدة بدأت تلعب دورا نشيطا في مختلف مستويات التشكيلات الاجتماعية، ولكن برغم هذا الدور و تعاظمه فإنها ما زالت بدون تحديد دقيق، على المستوى المنهجي. ويبدو كما تشير التجربة، أن هناك فجوة بين الواقع الملموس لهذه الفئات والشرائح وبين رؤية الفكر النظري لها، الذي ما زال، على ما يبدو غير قادر على توصيفها بدقة وتحديد "هويتها". ولهذا نرى إن أحد "ثغرات" هذه الفجوة بين الواقع وفكر الواقع تمثلت بظهور العديد من المصطلحات والمفاهيم و"المقولات"، كلها تريد أو تحاول أن تعبّر عن هذه الظواهر مفهوميا.
بالمقابل فانه وعلى بالرغم من "السيل الهائل" من الدراسات التي ظهرت، فاننا مازلنا لحد اللحظة، مع استثناءات ليست كثيرة، على دراية بواقع هذه المجتمعات هي أقرب الى "المعرفة العادية" منها الى المعرفة العلمية، في أحيان عديدة، ناهيك عن اختلاط المفاهيم واضطرابها. ومن هنا تتأتى ضرورة التأمل في واقعنا، رؤيته كما هو، وليس تفصيله وفقا لمقاسات مخططة في الذهن، غير قابلة للنقاش، تبدو وكأنها كلية القدرة.
وبالعودة الى موضوع هذه الدراسة الموسومة: " الدولة، السلطة، الطبقات الاجتماعية – مقدمات منهجية- إشارة خاصة للعراق" فينبغي التأكيد على انه موضوع واسع النطاق ومتعدد الأبعاد ومتشابك، هذا إضافة الى انه يعد واحدا من أهم المواضيع التي كَثُر حولها الجدل وتفاوتت بشأنها الآراء والمقاربات، وكانت ولا تزال وستبقى نيرانها الفكرية والسياسية والإستراتيجية مشتعلة، ويبدو ان أوارها لن يهدأ قريبا. فالقضية الاساسية في صراع الطبقات والقوى التي تعبر عنها هي قضية السلطة والاستحواذ عليها وتوظيف الدولة وأجهزتها المختلفة لتحقيق اهداف هذه الطبقة (او الائتلاف الطبقي) أو تلك.
وانطلاقا من الملاحظات اعلاه يمكن القول ان الدراسة المنهاجية المنتظمة للإشكاليات الثلاث، التي تضمنها عنوان الدراسة (الدولة، السلطة، الطبقات الاجتماعية)، تأتي في موعدها الملائم، فلم تعد هذه الموضوعات ومعالجتها منهجيا ترفا نظريا بقدر ما هو تعبير عن الحاجة الى تأصيل منهجي ونظري لقضايا واشكاليات عملية تواجه الكثير من "البلدان النامية" ومنها العراق. ففي بلادنا مثلا يأتي هذا الاهتمام ارتباطا بالتحولات المتسارعة في البنية الطبقية/الاجتماعية للمجتمع والقاعدة الاجتماعية للحكم والتمايزات التي شهدتها والاستقطابات التي حصلت وأدت الى بروز لوحة جديدة من الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، وما يرافقها من اشكاليات تطرح تحديات منهجية ونظرية وسياسية عملية.
ولذا فإن الدراسة تتمحور بالأساس التعرف على جذور ما جرى من تحولات واصطفافات مجتمعية مختلفة تمثلت بصعود عاصف لفئات وشرائح مختلفة الى قمة الهرم الطبقي/الاجتماعي، كالبيروقراطية والطفيلية والكومبرادور في هذه البلدان ، وما ترتب على ذلك من آثار من بينها إعادة النظر في العديد من "ثوابت" التفكير" بشأن السلطة والدولة والطبقات الاجتماعية.
قد تبدو المسائل المثارة في هذه الدراسة من السعة والتعقيد بحيث قد تظهر للبعض وكأنها "جزر متناثرة" غير مترابطة ظاهرياً، ولكن نعول على نباهة القارئ في اكتشاف الخيوط الخفية أو "غير الواضحة" أو "الملتبسة" وستساعده في إجراء تركيب يسمح له، في النهاية، باكتشاف وفهم جوهر العلاقات الجدلية بين المقولات الثلاث: الطبقات الاجتماعية والسلطة والدولة، حتى وان حاولت الطبقات المهيمنة استخدام مختلف وسائل التعتيم الإيديولوجي للتضبيب على جوهر تلك العلاقات الناشئة بين تلك المقولات وتجلياتها الملموسة في حركة الواقع وما يقف ورائها من مصالح فعلية.
وفي المجتمعات التي يسود فيها الاقتصاد متعدد الأنماط وتعيش حراكا اجتماعيا متسارعا، يلاحظ أن بنيتها (الاجتماعية - الاقتصادية) تحمل في أحشائها عدة "ممكنات" و"احتمالات" مختلفة للتطور المستقبلي. وأما "كيف" سيصبح أحد هذه الاتجاهات المحتملة هو المنتصر ويتحول من حالة "الإمكان" إلى وضعية "التحقق" الفعلي - التاريخي، فذلك يبقى مرهوناً بجملة عوامل داخلية وخارجية لها دورها الفعال والحاسم في تطور المجتمع المعني وطبيعة النضالات الاجتماعية والطبقية المشتعلة فيه. أنّ مسالة "من سيريح المعركة" ذات علاقة جدلية بنتائج الصراع الطبقي عموما والصراع بين تلك الأنماط وما تتعرض له العديد منها الى عمليات طحن وإعادة صياغة او حتى الشطب من المشهد، وطبعاً بين الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية والبنى السياسية التي تمثلها، ودور جهاز الدولة في هذه العمليات وطبيعة السلط المهيمنة على مسارات التطور الفعلية.

هدف الدراسة

منعا لأي التباس لابد من الاشارة الى أن هذه الدراسة تعرف حدودها وتلتزم بها. إنها ليس شيئا أكثر من محاولة لإثارة الانتباه الى عدة وقائع من بينها واقعتين اثنتين واقتراح اطار عام وأولي لمقاربتهما:
الواقعة الاولى وتتعلق بضرورة التحفظ على اطلاق افكار عامة وضبابية، أو تقديم احكام قطعية حول الدولة والسلطة وطبيعتها والطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية التي تمثلها قبل انجاز دراسات متنوعة وجدية ومركبة حول هذا الواقع.
الواقعة الثانية وتتمثل بالكشف عن حقيقة أن العراق عرف خلال العقود الاخيرة تشكيلة اجتماعو-اقتصادية من " طراز فريد "، حاولت هذه الدراسة – كهدف لها – ابرازها وتقديمها واقتراح فرضيات أولى لمقاربتها وفتح المجال لمحاولات آخرى للتعمق في تناول جوانب اخرى وهي كثيرة وما زالت "أرض بكر".
وعلى هذا الاساس يمكن القول أن هذه الدراسة ليست سوى مجرد بحث أولي يحاول رسم الاطار العام وتحديد المعالم الكبرى أكثر مما يدقق في الجوانب الشكلية للقضايا المطروحة. ولهذا تبدو المعالجة المنهجية ضرورية لاخضاع مفاهيم اللغة السياسية اليومية للنقد، وبما يسمح بانتاج معرفة صحيحة، مركبة عن واقع " يتمرد " على صانعيه !!.
يتم الاستناد، في هذا العمل، الى حقيقة مهمة هي ان البلورة الفعلية للمقولات تستلزم ضرورة الكشف عن تطابقها الأعمق مع تلك الظواهر والعمليات، التي تعكسها هذه المقولات، ولذا فان التحسين والتطوير اللاحق لنظام المفاهيم والمقولات لا بد ان يترافق مع دراسة ملموسة للعمليات الواقعية الحديثة في مجرى الحياة الاجتماعية. وان هذا يتطلب، سوية، رفع تحليل العمليات الواقعية وربط البحث العلمي بالممارسة العملية، وبحث الاشكال الحقيقية لاتجاهات التطور الاجتماعي والرؤية المسبقة لما يمكن ان يترتب على هذه او تلك من الاجراءات.
فالمقولات العلمية المأخوذة في صلاتها المتبادلة إنما تعكس أهم سنن تطور المجتمع والتفكير الإنساني عكساً عميقاً وشاملا. ثم أن المقولات، بوصفها حصيلة معينة للمعرفة، وبعكسها أهم خصائص وقانونيات العالم الخارجي، تعتبر درجات في تطور سلم المعرفة. ولهذا يمكن القول أن إنتاج المقولات ليس ترفاً فكريا بل أن الباحث يستخدم المعرفة المتضمنة في المقولات من أجل وضع المحاكمات وصياغة استنتاجات عقلية وبلورة مفاهيم جديدة تساعد في تعميق المعرفة بحركة الواقع والفكر.

اشكالية الدراسة

جرت العودة، خلال العقود الاخيرة، الى اكتشاف الدولة والسلطة والطبقات الاجتماعية باعتبارها اشكاليات ذات طبيعة نظرية ومنهجية، وليس سياسية مباشرة فقط. وقد أنتج هذا فيضا كبيرا من الكتابات حول هذه الموضوعات. كما غطت المناقشة الناجمة عن ذلك مدى شمل الموضوعات المنهجية الأشد تجريداً وصولا إلى المشكلات التاريخية النوعية الصرفة، كما ولدت تنويعة من الفرضيات والرؤى والمقاربات. ومثال ذلك: العلاقات بين المجالات الاقتصادية والقانونية –السياسية ، والحدود المؤسساتية للدولة، تأثيرات وحدود تدخلها عبر مختلف الوسائل، الاختلاف في شكل ووظيفة الدولة العادية والدولة "الاستثنائية"، معنى "الاستقلال النسبي" في علاقته بالقانون و/ أو الدولة، العولمة المتزايدة للإنتاج الرأسمالي وآثارها الضمنية فى الدولة – الأمة ... الخ من القضايا.
ولا يمكن فهم سنن التطور الاقتصادي – الاجتماعي للبلدان النامية ومنها بلادنا، العراق، بشكل صحيح ومعلل إلا بربطها مع سنن تطور العصر بكامله بسبب الوضع "المتفرد" الذي تمتاز به هذه البلدان باعتبارها تشكل جزءا من النسق system الرأسمالي العالمي ويحتل قطاع الرأسمالي الاجنبي مواقع رئيسية هامة في اقتصاداتها. وهي من جانب آخر، وبسبب الوضع التاريخي للسيطرة الاستعمارية، ترتبط بشكل رئيسي بالبلدان الرأسمالية المتطورة. ولهذا السبب بالذات تبقى هذه البلدان، الى هذه الدرجة او تلك، عرضة لتاثير القوانين السائدة والمسيطرة في النظام الراسمالي العالمي وجزئه الاساسي – بلدان "المركز".
ولهذا ومن اجل استيعاب دقيق لسنن التطور هذه تصبح مهمة دراسة التركيب الاجتماعي – الاقتصادي مهمة ضرورية. والسبب وراء ذلك ان هذا التركيب هو الذي يحدد البنية الاجتماعية والطبقية المركبة في البلدان النامية. وليس سبب هذا التعقيد كثرة الطبقات والفئات الاجتماعية التي تمثل طرائق واشكال مختلفة للانتاج فقط وانما ايضا درجة تمايز هذه الفئات والشرائح بعضها عن البعض الآخر من الناحية الاجتماعية وما تعرضت وتتعرض له العديد منها الى عمليات طحن واعادة صياغة. وأهم هذه العمليات الاجتماعية هو الانقسام والتفكك والنمو المتزايد للشرائح والفئات الاجتماعية الوسطي وتنامي الجهاز الحكومي بجميع حلقاته. وبقدر تعلق الامر بهذه الموضوعة تصبح دراسة دور جهاز الدولة في البلدان النامية وطبيعة السلط فيها مهمة ملحة.

منهجية الدراسة

بداية، لابد من الاشارة ان هناك حاجة الى مقاربة مركبة للقضايا التي تناولتها الدراسة، مقاربة تتجاوز الجوانب والمظاهر الشكلية والغوص في عمق القضايا المطروحة وتفكيكها والبحث عن جذورها وأسبابها.
نظرا لتشابك الدراسة وتشعب القضايا التي تناولتها فضلاً عن أبعادها المتعددة، ولغرض افتكاك اشكالية الدراسة والاجابة على اسئلتها وتحقيقاً لأهدافها، فإنها اعتمدت على توليفة من المناهج البحثية التالية:
- المنهج الرئيسي الذي ستنطلق منه الدراسة وتستند إليه هو المنهج المادي - التاريخي عبر استخدام ادواته ومفاهيمه ومقاربات مفكريه لدراسة التحولات في البنى الاجتماعية وما شهدت من تمايزات وما تركته من اثار وما ترتب عليه من موازين قوى تمثلت بصعود طبقات وفئات وشرائح جديدة، وما لعبته الدولة ليس كـ "جهاز قوة" فقط بل ومنظم للهيمنة ايضا.
- كما تعتمد الدراسة المنهج الوصفي- التحليلي وذلك من خلال دراسة الاصول الاجتماعية والجذور الطبقية للسلطة في العراق خلال فترتي ما قبل 2003 وما بعدها، وما هي ملامح خريطة العلاقات الطبقية/الاجتماعية ودلالاتها، والمعالم الكبرى للمشهد الاقتصادي ومحتوى وتجليات الصراع على الجبهة الاقتصادية.

بنية الدراسة

بهدف ضبط الإشكالية العامة للدراسة والاجابة على اسئلتها التفصيلية، تضمن هذا العمل تسعة فصول متلازمة منهجيا في إطار وحدة المقاربة والتحليل، هذا فضلا عن مقدمة تضمنت مجموعة من الملاحظات التمهيدية الضرورية.
ظهر الفصل الاول تحت عنوان: الدولة، السلطة... بعض الاشكاليات المنهجية.
يسعى هذا الفصل لاعادة التفكير بطبيعة الدولة ومحاولة وضعها في مكانها الطبيعي ضمن التطور التاريخي الملموس، وذلك في محاولة للرد على بعض الاطروحات السائدة في فترات مختلفة حول حدوث قطيعة بين الدولة (المجتمع السياسي) والمجتمع المدني. فحسب هذه الاطروحة تقدم لنا الدولة وكأنها فوق الطبقات الاجتماعية، أي تظهر كمحاولة لـ "المصالحة بين الطبقات"، أو باختصار شديد تقدم لنا "لابسة ثوب حيادها المبجل".
وفي التفاصيل، تضمن هذا الفصل مبحثان.
يتوقف المبحث الاول عند اشكالية فهم طبيعة الدولة كمدخل لفهم طبيعة السلطة. فثمة ضرورة لتناول مكثف لإشكالية الدولة كمدخل لإستيعاب وفهم السلطة السياسية، بهدف بلورة صياغة نظرية للعلاقة بين الطبقة السائدة (أو الائتلاف الطبقي المهيمن) والدولة، مع ملاحظة أن التحليل الطبقي لا يمكن أن يبدأ وينتهي عند مستوى البناء الفوقي للتشكيلة المعنية، بل بارتباط وثيق بما يجري من تحولات في القاعدة الاقتصادية وانعكاس ذلك على البناء الفوقي في اطار جدلية الوحدة/الصراع.
اما المبحث الثاني والموسوم: من المجرد الى الملموس: اشكالية الدولة و"خصائصها" في ظروف البلدان النامية، فقد تضمن ثلاثة مطالب. المطلب الاول يتحدث، بتكثيف، عن دور الدولة في البلدان النامية، والثاني يتضمن محاولة لتدقيق بعض المفاهيم من قبيل: "قطاع دولة"، "قطاع عام"، "قطاع حكومي".. ويتسائل حول ما اذا كان التعدد في المصطلحات تعبيرا عن اضطراب مفاهيمي ام لا؟
أما المطلب الثالث فيسعى لـ "تحديد الطبيعة الاقتصادية – الاجتماعية لقطاع الدولة في البلدان النامية".
من جهة اخرى، يظهر الفصل الثاني تحت عنوان: طبيعة السلطة السياسية، طبيعة الدولة – اختلاف المصطلحات، أم اختلاف المفاهيم؟ وتضمن هذا الفصل مبحثان.
كرس المبحث الاول للحديث عن " منهجية دراسة السلطة السياسية والمناهج المستخدمة".
ومن جانب آخر تم تخصيص المبحث الثاني للحديث عن "اهمية الاجهزة الايديولوجية للطبقات الحاكمة". إن أهمية هذه الأجهزة تكمن في ممارستها "التضليل الآيديولوجي" لضمان استمرار النظام السياسي القائم. وبهذا المعنى تكون الأجهزة الآيديولوجية للدولة لا مجرد مروجة للأفكار فحسب بل هي رهان "الصراع الطبقي" الذي تدور رحاه على مستوى البنية التحتيّة. وبهذا المعنى تكون الآيديولوجيا "اسمنت التشكيلة الاجتماعيّة"، والتي تعمد اما إلى تزييف الواقع وتضليل الجماهير، واما أن تنحاز إلى الجماهير العريضة، أي الى الطبقات المضطهَدة.
أما الفصل الثالث الموسوم: بعض المقاربات بشأن الدولة: اشكالية الدولة في الكلاسيك الماركسي فيضم ثلاثة مباحث. المبحث الأول مكرس للحديث عن مقاربة ماركس – انجلس للدولة. أما المبحث الثاني فيتحدث عن المقاربة اللينينية. في حين تم تكريس المبحث الثالث للحديث عن مقاربة غرامشي للدولة حيث ينظر إليها باعتبارها ليست جهاز قوة فقط بل ومنظِم للهيمنة.
ومن جهة أخرى فان الفصل الرابع والموسوم: اشكالية الدولة مجددا – مقاربات ماركسية معاصرة، يضم ثلاثة مباحث.
يتوقف المبحث الاول عند مقاربة الفيلسوف والمفكر الفرنسي المعروف (ألتوسير) للدولة. حيث ميّز ألتوسير بين "سلطة الدولة " Pouvoir d'État و"جهاز الدولة" Appareil d'État مشيرا الى انه لا معنى لهذا الأخير دون وجود الأول، ويمكن أن يبقى جهاز الدولة في مكانه بينما تمسك وتحتفظ بسلطة الدولة طبقة من الطبقات أو تحالف طبقات أو أجزاء من طبقات معينة، فقط لأنها هدف صراع الطبقات السياسي. واقترح (ألتوسير) مفهوم "أجهزة الدولة الآيديولوجية ideological state apparatuses" لتطوير نظرية الدولة الماركسية، ليقول أنه لابد من وضعه في الاعتبار كـ "حقيقة" تظهر إلى جانب جهاز الدولة (القمعي). ولكنه بالمقابل ينبه الى تجنب الخلط بين الإثنين: جهاز الدولة القمعي وأجهزة الدولة الآيديولوجية.
اما المبحث الثاني فيتوقف عند مقاربة المفكر الفرنسي، اليوناني الاصل، (نيكوس بولانتزاس)، الذي عالج اشكالية السلطة السياسية، والدولة، والطبقات الاجتماعية. كما قدم بولانتزاس مقاربات عميقة في الواقع لأشكال الدولة في الرأسمالية: الدولة الاستبدادية، نموذج الدولة الفاشية، نموذج دولة الاستثناء.
ومن جهته فان المبحث الثالث كُرس لمقاربة المفكر المصري الراحل سمير أمين للدولة ضمن رؤية اشمل تتعلق باشكالية المركز/الاطراف والتطور المتفاوت والتبادل اللامتكافي.
وتواصل الدراسة تسليط الاضواء على الدولة، فيظهر الفصل الخامس تحت عنوان: نماذج ومفاهيم اخرى للدولة، وضم ثلاثة مباحث.
المبحث الأول ظهر تحت عنوان: مفهوم الدولة الريعية واشكالياته. أما المبحث الثاني فتناول مفهوم الدولة الغنائمية، أو الدولة النيوباتريمونيالية، أما المبحث الثالث فكرس للحديث عن مفهوم "الدولة العميقة".
أما الفصل السادس فظهر تحت عنوان: مقولات: البنية الاجتماعية، الطبقة الاجتماعية، الفئة الاجتماعية – النموذج النظري والتشكل التاريخي: نحو اعادة تركيب. ضم الفصل ثلاثة مباحث.
توقف المبحث الاول عند مفهوم الطبقة واشكالياته الكبرى، أما المبحث الثاني فتوقف عند بعض الاشكاليات المرتبطة بمفهوم "الفئات الهامشية" لما باتت تلعبه هذه الفئات من أدوار مثيرة في البنية الاجتماعية. في حين انتقل المبحث الثالث من العام الى الخاص، وذلك من خلال الحديث عن تشكل، نشوء وتطور "الفئات الهامشية" المدينية في البلدان النامية واصولها الاجتماعية وجذورها الطبقية.
في حين ينطلق الفصل السابع من سؤال استراتيجي قوامه: من يحكم العراق؟ وفي مسعى الاجابة على هذا السؤال تركز البحث للكشف عن الاصول الاجتماعية والجذور الطبقية للسلطة في العراق عبر ثلاثة مباحث.
من جهته كرس الفصل الثامن للبحث في طبيعة السلطة في العراق بعد 2003 بهدف التعرف على الملامح الاساسية للخريطة الطبقية – الاجتماعية وكيف تبلورت بالملموس. يضم الفصل اربعة مباحث. وانطلاقا من حقيقة ان السياسية هي التعبير المكثف عن الاقتصاد فقد توقف المبحث الاول عند المعالم الكبرى للمشهد الاقتصادي. وبالنظر لطبيعة الاقتصاد العراقي الذي هو اقتصاد ريعي الطابع وتعتمد البلاد على الريوع النفطية بالاساس والتي تحدد اتجاهات الانفاق وحركة المجتمع وصيرواته فقد كرس المبحث الثاني لبحث تأثيرات الدخول النفطية على الاقتصاد والطبقات الاجتماعية بعد 2003. في حين بحث المبحث الثالث في التبدلات الحاصلة في الخريطة الطبقية الاجتماعية في العراق وما تحمله من دلالات فعلية. ومن خلال المبحث الرابع تتم العودة مجددا للاقتصاد، وهنا يتم بحث محتوى وتجليات الصراع على الجبهة الاقتصادية في المرحلة الراهنة.
لم تكتف الدراسة بتحليل ما جرى بل سعت، في الختام، الى القيام بتركيب للمشهد بالبحث عن جذور المشكلات الفعلية، حيث تم فرز فصل مستقل هنا وهو الفصل التاسع والأخير والموسوم: جذور المشكلة – "الخيار" المدمر. المشروع الاقتصادي لسلطة الاحتلال وآثاره.
يتألف هذا الفصل من ثلاثة مباحث. المبحث الاول يتناول "العناصر الاساسية للمشروع الاقتصادي لسلطة الاحتلال". في حين يناقش المبحث الثاني الحصاد المُر لهذا المشروع وما تركه من آثار فعلية مدمرة. اما المبحث الثالث فهو محاولة تركيب واعادة بناء للاشكاليات المثارة وذلك انطلاقا من سؤال استراتيجي اخر وهو: البلاد الى أين؟ دولة طوائفية أم دولة مدنية ديمقراطية عصرية؟ خلاصات واستنتاجات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يقع الكتاب في 440 صفحة من القطع الكبير ويتضمن مقدمات منهجية واشارة خاصة للعراق.
**********
صدور الجزء الثالث من كتاب "شهداء الحزب.. شهداء الوطن"
لقاء مع الرفيق جاسم علي هداد منسق لجنة مطبوع شهداء الحزب
فيصل الفؤادي
صدر الجزء الثالث من مطبوع (شهداء الحزب.. شهداء الوطن) الذي يوثق شهداء الحركة الأنصارية للفترة 1979- 1988، وبهذه المناسبة كان هذا اللقاء الخاص مع الرفيق جاسم علي هداد منسق لجنة المطبوع.
هل من نبذة تعريفية عن لجنة المطبوع وعملها؟

- تشكلت اللجنة في 15/9/1997، وضمت في عضويتها رفاقا مناضلين ومن مختلف الأعمار والمناطق، وبذلت اللجنة جهودا كبيرة من اجل جمع المعلومات عن شهداء الحزب، وخاصة الجزء الأول الذي يوثق شهداء الحزب منذ تأسيسه لغاية عام 1963، والذي صدر عام 2001، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري توفرت الفرصة لزيارة وطننا العراق، فكلفت اللجنة منسقها بالسفر للعراق والقيام بجولة ميدانية لجمع وتدقيق البيانات والمعلومات عن الشهداء، وأثر ذلك تمت إعادة اصدار الجزء الأول بعد اجراء التصحيحات والتعديلات المطلوبة. وبالإضافة لأعضاء اللجنة يتم الإستعانة بعدد من الرفاق لتدقيق المعلومات.

ماهي الصعوبات التي واجهتموها؟

- الصعوبات التي واجهتها اللجنة عديدة ومتنوعة، وكما هو معروف فأن حزبنا عاش ظروف العمل السري طويلا، وهذه الظروف أملت على أعضاء الحزب وكوادره، الإختفاء والنشاط بأسماء مستعارة، مما شكل صعوبات في معرفة تفاصيل مهمة عن حياتهم النضالية وحتى الاجتماعية، كما تطلب اخضاع البيانات والمعلومات لكثير من التدقيق، يضاف الى ذلك توزع الرفيقات والرفاق في مناف عديدة، والتباعد الجغرافي بين هذه المنافي، هذه الصعوبات شملت شهداء الحركة الأنصارية، حيث كان التعامل بينهم بالأسماء الحركية.

هذا الجزء خاص بشهداء الحركة الأنصارية، ماذا عن الجزأين الأول والثاني؟

- صدر الجزء الأول / الطبعة الأولى العام 2001 عن توزيع دار الكنوز الأدبية في لبنان والذي يغطي الفترة منذ تأسيس الحزب حتى عام 1963، ثم صدرت النسخة المعدلة والمضافة منه بطبعتين عام 2008، احداهما في بغداد عن دار الرواد المزدهرة والثانية في السويد عن دار فيشون ميدا، التي تم توزيعها للبلدان الأوربية وامريكا وأستراليا.
أما الجزء الثاني والذي يغطي الفترة من عام 1964 الى عام 1978، فصدر بطبعتين الأولى في السويد عن دار فيشون ميديا والثانية في بغداد عن دار الرواد المزدهرة عام 2012. و الجزء الثالث هذا والخاص بشهداء الحركة الأنصارية خلال الفترة من عام 1979 الى عام 1988 فقد صدر في السويد عن دار ميزر، وستصدر الطبعة الثانية قريبا في بغداد عن دار الرواد المزدهرة.
وحاليا العمل جار في اعداد الجزء الرابع والخاص بشهداء الحزب للفترة من عام 1979 الى عام 1988. وضمن مخطط اللجنة سيكرس الجزء الخامس لتوثيق شهداء الحزب خلال الفترة من عام 1989 الى عام 2020، والجزء السادس يخصص للرفيقات والرفاق فقيدي الوطن.
في الختام، الجزء الثالث يوثق بشكل مكثف لحياة 547 شهيدة وشهيدا، بالإضافة الى المئات من الصور، كما تضمن الإشارة الى أهم المعارك الأنصارية، وفيه ثلاثة فهارس؛ الأول دليل مواقع وأحداث الاستشهاد، والثاني أسماء الشهداء وفق تسلسل الأحداث، والثالث هو الفهرس الهجائي، والكتاب يقع في554 صفحة. وعمل بهذه الخصوصية وبهذا الحجم لا بد وأن ترافقه بعض الهنات والنواقص، وكما أهابت اللجنة في تقديمها للكتاب بجميع الرفاق والأصدقاء والوطنيين العراقيين لا سيما من عاصر هذه المأثرة أو شارك فيها رفد لجنة المطبوع بمقترحاتهم وتدقيقاتهم وتصويباتهم، للأخذ بها في الطبعات التالية من هذا الكتاب.
************
ص10


زمنٌ وضفّتان

خالد الحلّي- ملبورن/ خاص

 

 

زمنٌ بخيل
***********
كلُّ النوافذِ أُغلِقتْ
و البابُ موصدةٌ ينوءُ بها المكانْ
القُفلُ والمِفتاحُ ضاعا من زمانْ
بَقِيَتْ أسيرةَ سجنِها
تتوسّلُ الزمنَ المُراوغَ حولَها
لمْ يستَجِبْ
صارتْ تسائلُ وحدها :
ماذا يكونُ ليَ الزمانْ،
إن لم يكنْ،
عيناً ترى ما لا أرى،
أملاً بهيّاً لا يُباعُ ويُشترى؟
***********
يا أيها الزمن البخيلْ
اِرأفْ بها
وافتح لها
شباكها
كي تقطفَ الحُلْمَ الجميلْ
زمنٌ مُضاع
***********
يراقصون الوهمَ في أحلامِهِمْ
و يزرعون في دروبِ صحوِهِمْ
ما فاضَ مِنْ أوهامِهِمْ
مرضى أضاعوا وصفة الطبيبْ
وحينما تذكّروا الدواءْ
لم يجدوا الطبيبَ بينَهُمْ
لم يجدوا الشفاءْ
************
حوار
د. جواد الأسدي:
مسرحياتي تغرف من دم حياتنا اليومية
حاوره: حسب الله يحيى

هو من سلالة المسرحيين الرواد، الذين اعطو للمسرح العراقي هويته الوطنية التقدمية.
كانت تجاربه البكر تحمل سمة التجريب الأصيل والعطاء الزاخر بالمعرفي الذي يسعى لخلق جمهور مسرحي متنور. ودفع مقابل مسيرته الإبداعية الكثير من العذابات والتضحيات المرة والكثير الكثير من الغربة التي لم تعرف السكينة.
د. جواد الأسدي: صانع الرؤى، الذي يجد جنته في المسرح.. لذلك رأيناه لا يتعامل مع مسرحياته بوصفه مخرجاً او مؤلفاً او سينوغرافياً او ممثلاً حسب.. وانما هو يأخذ مسرحياته بوصفها كتلة كلية واحدة لا يتخلى عن ادق اجزائها..
الأسدي.. البناء الأصيل لمسرح العطاء الأمثل والذي قدم عروضه في أرقى المسارح العربية والعالمية؛ لا يجد اليوم من يعنى بحياته ومسرحه.. في عراق يعاني من كورونا المرض والتخلف والتطرف..!!
هنا حوار معه:
* مرت سنتان على عودتك للوطن، قدمت خلالها مسرحيتين شغلتا الوسط المسرحي والثقافي في العراق، وأشرنا الى نهج مختلف صاعد في حركتنا المسرحية، كيف وجدت الظروف المحيطة بعملك، ومدى استجابتها لاحتياجاتك الفعلية وكيف ترى المستقبل المسرحي في ضوء ذلك؟
- الحياة المسرحية العراقية التي وقعت تحت تأثير انفجارات وانهيارات كارثية من جهة، وسياسة الدولة اللامسؤولة في التعامل الهامشي مع وزارة الثقافة ذات العجز المالي، ادى الى تخبط من ناحية المشروع المسرحي وعدم وجود مسارح مؤهلة تقنياً ولوجستياً، اضاعت وتسببت في هدر مشاريع المسرحيين العراقيين وشغفهم بإسترداد ذلك الألق الذي كرسه الرواد من نصوص ورؤى اخراجية مبتكرة وتمثيل حداثي، مع العلم ان هناك فنانين مسرحيين خلاقين من مختلف الاجيال الذين يواجهون جداراً اسمنتياً صلباً، يهدد حياتهم ومشاريعهم، لذلك يمكن القول وبصراحة شديدة، ان الحياة المسرحية العراقية، شديدة الشبه بعاصفة كورونا التي حولتنا الى سجناء خلف ابواب قاتمة ووضع نفسي في حالة انهيار.

* قرأنا الكثير من نصوصك المسرحية وشاهدنا بعضاً منها، وتشكلت لدينا صورة عن طبيعة مسرحك، الجاد والرصين، الذي ينطلق من وعي تقدمي، فهل تشترط وجود جمهور معرفي من طراز خاص؟
- في السبعينات كان الجمهور الذي يحضر العروض المسرحية العراقية، آنذاك، يرتقي ثقافياً ومعرفياً الى التفاعل الحار، وكانت حساسيته السياسية والمدنية تستطيع ان تفك كودات واشارات النص وجماليات العرض البصرية، والاشتباك معها، اما الآن فأظن ان زلزالاً حربياً واقتصادياً ودينياً بات يواجه الجمهور ويواجه بدائية اجتماعية ومعرفية بعد ان تم التوجه للاطاحة بالمجتمع المدني العراقي وتقويض المعالم الثقافية، واغلاق دور السينما والمسرح، وعودة الحياة الى التسويف والإنفصال والابتعاد عن كل ماله علاقة بالفن والمسرح، والسينما والفن التشكيلي والموسيقى ...الخ.

* انت مخرج لأغلب نصوصك، هل ترى ان الآخرين ليس بمقدورهم التعامل معها، ثم ان اخراجك لكتاباتك يحيل النص نفسه الى نص للعرض. أليس كذلك؟
- ربما لأن اغلب نصوصي المسرحية التي اكتبها تقع تحت سطوة الاخراج بمعنى انها أي الكتابة تنبثق من الرؤيا الاخراجية من ناحية بناء المشاهد وجماليات السينوغرافيا، دائماً اسأل نفسي هذا السؤال: لماذا يصعب على المخرجين الآخرين وحتى الشباب منهم المغامرة باختيار نصوصي المسرحية، وكأنها كتبت لكي اقوم بإخراجها بتلك الحرفة الواسعة التي تتيح لي هدمها بالعمل مع ممثل خلاق للذهاب الى شراكة بروفات تفتح الافق نحو كتابة نابعة من التمرين اليومي، وهذا ما حصل في في مسرحية "تقاسيم على الحياة" التي تحولت فيها المشاهد الى انزياح كبير عما كتب قبل البروفات، وهذه متعة فريدة، تعطي للمخرج والممثل درجات التحام، وجدل حار لبناء مشاهد ساخنة حيّة تتولد من نار التمرين، مع ذلك هناك بعض المخرجين الشباب في العراق وفي المغرب وفي الكويت قدموا نصوصي المسرحية بإخراج لافت.

* من الملاحظ انك تعود الى تشيخوف ولوركا وجان جينيه، لتعيد كتابة اعمالهم على وفق تصورك، لماذا لا تقدم النصوص باصولها كما هي عليه، ام انك تفضل توظيفها لتحمل رسالتك الفكرية والابداعية؟
- قراءة المخرج للنصوص العالمية التي كتبت بمراحل تاريخية بعيدة يجب ان تكون قراءة راهنية، بمعنى ان تتم ازاحة اشارات وكودات النص الغارق في القدم باتجاه واقعنا المتشظي، المقهور، كأني اغرف من دم حياتنا اليومية وأضخها في دم النص الغربي، تماما كما فعلت في جان جينيه من خلال مسرحيته "الخادمتان" إذ وضعت النص والشخصيات في موقد يشم منه المتفرج تلك النار التي تلسعه في يومياته، بمعنى آخر ان تعيد طبخ النص الروسي او الفرنسي او البريطاني ببهارات محلية من دون ان يتم هدم النص المكتوب، لكن اعادة انتاجه مع ايقاع ووعي روحي وجسدي لممثل سوري او ممثلة عراقية او ...
لا معنى لقراءة المخرج للنص الاجنبي قراءة حرفية ميكانيكية اذ ان رياح المجتمع الجديد وروحه واشكالاته لا بد ان تضع ذلك النص الغربي في موضع آخر طبعا مع الحفاظ على روح الكتابة وعدم التعامل معها بتعسف.

* في اخراجك للمسرحيات يلاحظ انك تراهن على نوع خاص من الممثلين، وبدونهم سيسقط العرض؟
- اراهن على الممثل المعرفي الذي يتعامل مع البروفات كما لو كانت جنته الحقيقية، بهذا المعنى اعاني معاناة كبيرة قبل ان اختار هذا الممثل او ذاك. داخل التمارين اعيد تركيب ادوات وروح وجسد الممثل بالاعتماد على شغفه ورغبته في درجات تحول ادائه الى لغة تمثيل لا تشبه ابداً اشتغالاته مع مخرجين آخرين، وهذا الامر يحتاج الى شراكة روحية وايمان متبادل، في صيرورة البحث عن ممثل آخر داخل الممثل نفسه، وعدم السماح في ان يكون اداء الممثلين الذين اعمل معهم مصنوع او رتيب، او قديم او ميت. هذا الامر كان اياد الطائي في مسرحية "تقاسيم على الحياة" على خشبة يتقاسم الدور مع ممثل آخر، جديد، مختلف، ينطبق الامر على مناضل داود، وحيدر جمعة وامير حسن ومقداد امين وجاسم حمد، طبعا كان وجود دكتور صميم حسب الله في "تقاسيم" له وقع كبير على نجاح العرض.

* على مدى سنوات طويلة، قدمت عروضك المسرحية خارج العراق وانت الآن في العراق، عدت منذ سنة، ما الذي يمكن ان تقدمه في ظروف لا نجد فيها اهتماماً لافتاً من قبل الدولة، كيف تواجه الامر، وبأي ادوات تعمل وانت على المستوى الشخصي بلا وظيفة ولا مورد ولا رعاية لخبراتك المسرحية؟!
- ان انعدام وجود تخصيص مالي يرتقي لتنفيذ مشاريع مهمة لعروض مسرحية وورشات في عمل الممثل والمخرج والسينوغرافيا، اثر وأفقّر الحياة المسرحية في العشر سنوات الاخيرة على الرغم من الجهود الكبيرة التي قام بها الفنانون المسرحيون بتقديم عروض مسرحية متقشفة مالياً، بحيث كان البعض منهم يقتطع من مصروف عائلته لاستكمال شروط مسرحيته، اظن ان ضحالة ميزانية وزارة الثقافة ألقت بثقلها على أغلب المشاريع المسرحية والموسيقية والسينمائية وقد سبب لي هذا خيبة امل كبيرة، من ناحية تحقيق مشروع مسرحي كنت اطمح الى تحقيقه مع جيل الشباب على وجه التحديد، الذين اظنهم سيشكلون النهضة المسرحية المستقبلية، طبعا مع الفنانين الرواد الذين اعطوا حياتهم وتجربتهم للمسرح العراقي.
************
مقهى الثقافة...
ممرات بغداد المسقوفة
ياسين النصير
عندما نتحدث أو نعمل، نكثر من تصوير اللحظات المهمة التي تتصل بعملنا، والسؤال لماذا يحدث ذلك؟ وكأن ما نعمله وحده الذي يستحق التصوير؟ في حين أن أية خطوة ستقع على خطى كثيرة اخرى، يمحو بعضها ويحمل بقايا البعض الآخر، بحيت تكون الخطوة التالية خليطًا من الخطوات السابقة. فجذر أية كلمة يمتد؛ أما في مدونات اللغة، وإما في الممارسات الحياتية اليومية، مرة في الشفاهية، ومرة مرتحلة الجذور مع الحكايات أوعبر الترجمات والمعايشة. كل الحياة تناصات مختلفة، وعلينا أن ندرك ونحن نحمل كاميرا في أيدينا وأعيننا، أو قلمًا لنكتب، أن ما نقوم به قد أصبح مجرى مجربًا للشعوب كلها، ومن العبث القول أنك وحدك من جنس لم يكن له مثيلًا. التصوير إعادة إنتاج الذات، حتى لو صورت شجرة أو طريقًا، أو كلبًا. فأنت موجود في كل مصوراتك.
سأتحدث عن ثيمة مكانية وجدت عددًا من المفكرين الأجانب يتحدثون عنها، بينما هذه الثيمة تشكل جزءًا من مكاننا الإجتماعي والاقتصادي والثقافي والفلسفي، من دون أن يذكرها أحد في العراق، بما يليق بمكانتها ودورها في بنية الحياة المدينية والاقتصادية والثقافية، تلك هي ثيمة " الممرات المسقوفة ". وهذ الثيمة المكانية أستعرتها من عنوان لمباحث طويلة لفالتر بنيامين، يتحدث فيها عن ممرات باريس المسقوفة، عندما زار باريس عام 1926. وبقيت ملازمة له في كل مناحي وتوجهات تفكيرة، حتى جعل منها ثيمة محورية لدراسة حياة باريس الثقافية والفلسفية والاقتصادية والفنية، عبر صور كتابية عن تحولات باريس قلب أوربا النهضة والحداثة والتنوير. فلا تجد أية مقالة له إلا وقد ربطها بمشروع الممرات المسقوفة لباريس، لتصبح الثيمة رؤية فلسفية للحركات الفنية والاجتماعية ومفاهيم الحداثة تمر من تحت هذه الممرات المسقوفة للتعرف على حياة باريس، والكيفية التي تتشكل فيه قيمها الجمالية والفكرية، ودورها اللاحق في قيادة مفاهيم الحداثة وما بعد الحداثة في اوربا والعالم، وترى تفكير بنيامين وهو ينتقل من باريس إلى مدن أخرى، مرتبطًا بالكيفية التي تمحنها سقوف ممرات باريس لمعاني الحداثة. ومنها تنبوءاته بما سوف يحدث نتيجة تشابك هذه الممرات المسقوفة في صياغة حياة باريس كمدينة عالمية، للتغيير وهو ما حدث عام 1968 من حركات شبابية مناهضة للرأسمالية الكولينيالية فيها، مع أن بنيامين انتحر عام 1942، ولم ير باريس بعد ذلك، لكن رؤيته للأمكنة المُخصِّبة للأفكار، عبر تصويره لممكناتها جعلت ممرات باريس المسقوفة ثيمة حية حتى في فلسفة ما بعد الحداثة، حيث نجد تاثيربنيامين واضحًا في سياقات الحداثة الباريسية والنهضة التي اضطلع بها شبابها...
في العراق، ونتيجة تلاقح العمارة العراقية بالعمارة الأوربية، خاصة الإنجليزية، نجد مفهوم الممرات المسقوفة قد وجدت تحققاتها في المدن العراقية، عبرالكثير من أبنية الأسواق، ومحطات القطار، والدور المطلة على الأنهار، كالأمكنة الموصلة بين مكانين سريين، أوالأنفاق النجفية وشارع ابو نواس وبيوت اليهود، ومن ثم اسواق الشورجة والاقمشة والصفارين والأنتيكات وما يحيط بشارع الرشيد وفروعه، كمخازن وبيوت سكن. هذا من ناحية الامكنة كوجود متحقق في العراق، ولكنها كثيمة حداثية يمكن من خلال الممرات قراءة تاريخ العراق وأحواله وتقلباته الزمنية، وتحولاته الاقتصادية والثقافية والسياسية، والانتعاش المبكر للفنون التشكيلية والشعر والعمارة ليس إلا جزء من ممرات الثقافة العالمية إلى جسدنا الفكري والمديني العراقي، كما أن للأنهار دورًا في صياغة ممرات مائية ناقلة ومخصبة، كممرات بين امكنة الكرخ والرصافة، وما استحضار التراث الحضاري لوادي الرافدين كممر طويل ومعلم بشواهد انجازية للعبور إلى العالم الحديث، ان التمعن في دلالة ممرات بغداد المسقوفة، يجعلنا ملتصقين بما يجري الآن في ساحات الإنتفاضة كممرات لحداثة العراق المستقبلية. خاصة وانها تستوطن مكانا يعد ممرا لتقطاعات الحداثة في بغداد، وهو ساحة التحرير.
**********
ص11
عشاق الحياة .. يرحلون/ محور خاص

نعم.. هم الأكثر عشقاً للحياة، والأكثر تفاؤلاً بالمستقبل. هم الأكثر صفاء ومحبة وعطاء وذاكرة تستيقظ فيها الكلمات الخضر والألوان السعيدة والحركات المعبرة.
ادباء وفنانون ومثقفون.. غادرونا في الأيام الأخيرة، فيما سبقهم آخرون نجل مقامهم..
ومن الوفاء لهم ولقرائهم ومتابعيهم، واحتراماً لتواصلهم وتفاعلهم الدائم معنا في هذا المنبر الثقافي، وجدنا ان افضل ما نقدمه لهم .. هو استذكارهم في هذا المحور الذي خصصناه إجلالاً واكراماً لثمار عطائهم النبيل.
(المحرر الثقافي)
**********
آخر ما كتبه الاديب الراحل:
قيس مجيد المولى* وخص "طريق الشعب الثقافي" به
نصان
المتبقي من القسط الأخير للذهاب الى الهاوية

تشير الغيوم
انظر الى الأسفل
حافلات العمال، الممرضات
الأشجار وهي تنثُ رذاذها
ثمة شيء عالق
في رئة القردة
القردة التي تطلب سكائر من المارة
وفي رئتي تتجول الوحوش الخبيثة
ثمة مسارٍ
قرب حوض الماء
ومعاول لتجريف بقايا الأيام
احسبُ أيام هذه السنة
اخطأ في حساب تلك الأيام
بل اخطأ في حساب أيام الأسبوع
لم استمع لصوت القطار
قرأتُ لافتة
ان القطار مر
ولافتة
ان صيدلية المشفى
لن تغلق الليلة في العاشرة
وريح بدأت تهب
يستقبلها المرضى بالسعال
يدقُ جرس الباب
اعتقد جرس الفندق
امسك محفظتي
واعلقها برقبتي
افتح الباب
ثمة غراب
اغلق الباب
في المرآةِ
كشك لبيع المشروبات الروحية
خبزُ جباتي
وفقراء يشمون القناني الفارغة
الفقراء القادمون من كارلا
في المرآة
امرأة تضعُ لشعرها
زيت الثعبان
وقربها امرأة تنقش رجلاً
بالحناء على ساقها
اقترب من العشاء
يدقُ الباب
النادل يشير تحت الطاولة
غُراب
اقرأ في صحيفة اليوم
في الصنداي تايمز
منذ سنين
رجل لم يكمل لعبة المربعات
فوق الطاولة
مُجسم لغُراب
عامل نظافة يجري مسحاً
لما تبقى من ذكريات الزبائن
اتأكد من خداع الباب لي
ربما من خداع النافذة
ربما السرير
اعتقد تحته غراب
في هذا التوقيت
عمال كارلا
يواصلون ملء الفراغات بالاسمنت
الفراغات التي في قلوبهم
يمدون الاسلاك المعدنية
الى جهازهم التنفسي
اتنفس بنصف رئةٍ
بقي القسط الأخير من فسحة الهواء
بقي يومان
وتتهشم المرآة
تأتي الانباء عبر محرك الطائرة
تجلب المضيفة الطعام
في الطعام غُراب
تشير الغيوم
انظر الى الأسفل
الحافلة تغادر بعمال كارلا
والأوراق تتطاير من دفتر الاماني
تكبر رقعة المكان
هناك طاولة وقدح شاي
وسنوات يتقافز حولها عنكبوت
تتقلص المسافة اكثر
ابدأ بترتيب ايقونات الفرضيات
ها
هنا..
ها..
افضلُ هناك
هنا زمن مبهم
وهناك زمن
في اللا متوقع واللا منظور
لا خيار
الا ان اصافح الغُراب
وادفع المتبقي
من فاتورة القسط الأخير
فقد حان
وقت الذهاب الى الهاوية
إنج إنج ...

سألها عن المساحة المكانية بعد ان ملأ الضباب
المعطف والقبعة واقراطها الزجاجية
وقد وضع مايكل انجلو
سحر الليل باستدارة فمها
وناداها:
ايتها الأخت العذراء
لم تلتفت
ووضعت الزهور في سلة المهملات
اذن..
انا الآن في (METRO KIEV)
ولا ضير ان كان حجم المكان المفيد تستطع الإبحار به باخرة او بالكاد تستطع ان تدب عليه نملة وديعة،
في هذه المحدودية من التوقع
شرب قهوته ووضع باطن يده اليمنى على صدغه الأيمن
ولم يهز نظارته وقال لي
انتظر مارتن لوثر كنج
سألته عن المساحة المكانية
اشتغالها
رباط عنقه الداكن السواد
وعن القيمة الروحية من الإحساس بالدفء بعد ان تكاثر الضبابُ وغيّب أصابع الشرطي واعلانات الأسواق
بالمقابل كي أكون شريكاً له
وضعت باطن كفي اليسرى
على صدغي الايسر
وسألني من انتظر
لمح امامي اوراقاً لحمزاتوف
ومجسماً لمحطة لينينغراد
طلبتُ لي:
ليموناً بالزيت
وللضباب طلبت ICE CREAM
فجأة
عطس كلب بيكاسو
لحس جوارب المرأة صاحبة القبعة والعصا
وعوى على خوذة الشرطي وارتقى تماثيل انجلو
فاتسع الحيزُ بالإنجات
إنجاً
إنجاً
إنج لـ كهف امينة خوشار
إنج لـ
BLUE DOVE
إنج لـ
وادي الاشباح في القرم
بلل الضباب النوتات الموسيقية
ورقصت الأشياء الخرافية في الجورنيكا
الآن افكر بعقل بروتيوس
وبقدرة الخالد بايرون بشيطانه
لديها تذكرة
شراب
نافذة مفتوحة
لدي
سكة حديد
وأقداح
وثلاثة أوهام بحجوم مختلفة
لدي اغنية
اغنية شعبية جديدة عن كاوه
ان فكرت بكسرِ ايقونتها الخالدة
تجدني فوق قلعة الملك لوبارد اللتواني
ان عدت ثانية وكتبتُ لها:
(بلا تعليق)..
سيُطردُ الحسدُ من وسادة الريش
والضباب من المعطف والقبعة وأقراطها الزجاجية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*توفي في بغداد بتاريخ: 10/ 6/ 2020

**********
نداء من اتحاد الادباء والكتاب في العراق:
نحو اصدار قانون للضمان الصحي


وجه الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق نداءً الى:
السيد رئيس الجمهورية، السيد رئيس مجلس الوزراء، السيد رئيس مجلس النواب
وجاء في النداء:

نتوجّه إليكم من باب المسؤولية التي وضعكم الشعب أمامها، فإننا نجد أن من السهل جداً الذهاب أو التصريح أو الوعد أو الفعل أو العزم من قبلكم على الارتقاء بالثقافة، علماً أن الثقافة بوصفها جسداً معرفياً ضاربةٌ في الوطن، وعاملةٌ وفاعلةٌ بوجود مؤسسات نذرت نفسها للنهوض بها على مرّ سنوات، فالثقافة شأن مدني يقوده المثقفون بتجمعاتهم المعروفة والماسكة للأرض، وقد تنادى المثقفون وتكاتفوا فيما بينهم، وتساندوا لإنقاذ زملائهم في أكثر من مرة، ومازالوا مصرّين على الثبات والتواصل لتحقيق ما يريدونه من حقوق هي أقل ما يمكن أن يقدّمه الوطن لهم..
والأولوية الضاغطة والمهيمنة والضرورية الآن.. (الآن .. الآن .. فهي لا تحتمل التأجيل)
أن تسنَّ الدولة قانوناً للضمان الصحي، يُعنى بالمواطنين، ويتكفّل بعلاج المثقفين المرضى، لا سيما الأمراض المستعصية والمزمنة، وتوفير الرعاية والدواء لنخبة الوطن، وذلك عن طريق فقرات ملزمة وباتّة، وقرارات ساندة وسريعة، فأنتم تتابعون انتهاب الموت لأحبّتنا كل يوم، في ظل شظف العيش، وغلاء التطبب، وشحّة المورد والمعين، والواجب كل الواجب أن نمتلك كلمة الحق أمام كل مسؤول مكلّف، فالمثقف قيمة الوطن الرمزية والعليا.
نعلي الصوت أمامكم اليوم، لتسرعوا في مناقشته في أولى اجتماعاتكم، وليكن المثقفون المرضى أهلكم الذين تنادون لإنقاذهم،
ولنحقق لشعبنا ومثقفينا أهم المكاسب التي تضمن لنا وجودهم الصحي والآمن، فهم طاقة البلاد وقواها..
الأولوية للصحة، التي لن نسكت عن القتال من أجلها، فالثقافة السليمة تبدأ من المثقف العامر بالصحة والأمن في وطنه العريق.
#معاً_من_أجل_الضمان_الصحي
*********
ذاكرة
ياسين لطيف..غياب للفرح!
طه رشيد
رحل مؤخرا، الفنان الكوميدي ياسين لطيف بربن الذي اقعده المرض فترة طويلة في البيت، فلفه الاهمال، عن قصد او بدونه، مما زاد من كآبته وسأمه فاسلم الروح ليترك لوعة في قلوب اهله واحبته..
ياسين سليل عائلة امتازت بالسخرية واجادة " صنع " النكتة في اشد الظروف قتامة. كان والده لطيف بربن، لطيف المعشر نكّاتا ذكيا ورث هذه الخصلة من والده " بربن"!
ساهم الوالد لطيف بربن، مع وفد شبيبة الحزب الشيوعي العراقي، في مهرجان الشبيبة الديمقراطية عام ١٩٥٧ في موسكو، ويروى عنه عشرات النكات التي يبتكرها في كل جلسة.
تم اعتقال لطيف بربن بعد انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣ المشؤوم، وفي المحكمة قال له القاضي: بربن ها؟! ( يقصد " احمر" يعني شيوعي من الاسم ) فاجابه لطيف: والله لو بيدي اسميه سمير، بس جدي سماه بربن واني ابتليت!
سافر ياسين مع توأمه الروحي فاضل شاكر الى المانيا الغربية وكانا يعبران كل يوم الى برلين الشرقية ليساهما في فعاليات مهرجان الشبيبة الديمقراطية الذي عقد في المانيا الديمقراطية ( الجزء الشرقي) عام ١٩٧٣.
تعرفت الى ياسين قبل خمسين عاما بالتمام والكمال، وشكلنا حلقة اصدقاء لم تفترق لفترة طويلة، يقف على راسها الشاعر الراحل عزيز السماوي والشاعر رياض النعماني وكاظم الخليفة وقاسم الساعدي ومحي الاشيقر وكريم عبد دحام ويوسف الناصر، وعذرا لمن لا اتذكر اسمه!واصبحت العلاقة عائلية مع هذه المجموعة فضلا عن ما يجمعنا من هموم سياسية وادبية وفنية. كان ياسين يشكل " ملح" الجلسة ولا تفوته لا شاردة ولا واردة الا بنكتة جديدة مبتكرة، كان يحاصرنا بالنكات من كل جانب!
في احد الاعياد السبعينية قررنا ان نقضي العيد خارج بغداد فقصدنا محي الاشيقر في كربلاء وبقينا ايام وليالي العيد سوية، كان نجمها الساطع ياسين بكل تاكيد، كانت اياما مليئة بالفرح والسعادة، مرت وكانها لحظات لا يمكن الامساك بها بفضل وجود الحبيب ياسين لطيف بربن!
وجاء عام ١٩٧٨ المشؤوم، حيث بدأ التحضير لترك الوطن بسبب الحملة المنظمة ضد الشيوعيين واليساريين والديمقراطين من قبل نظام صدام.
ليلة الرابع من اب من ذلك العام حل ياسين ضيفا علينا مع المجموعة الطيبة لتوديعي، لم يغمض لنا جفن في تلك الليلة، وفي ساعات الصباح الباكر الذي تبلل بدموعنا..حانت ساعة الوداع .. لم يكن بكاء كان نحيبا مرا وبالاخص من قبل ياسين الذي اثار دهشة والدتي التي جاءت من بعقوبة لوداعي، ولاول مرة تلتقي باصدقائي، وهي لم تر طيلة حياتها رجلا، لا يبكي فقط، بل " يثغب" مثل ياسين!
عمتي، ام زوجتي، الشجاعة ام قاسم قالت للجميع: وسفه، تبچون؟! كافي .. انتم اختاريتوا هذا الطريق وانتم اتكملوه!
وما زلنا على الطريق سائرون، تتساقط اوراق شرفاء هذه الوطن، واحدة بعد الاخرى، من دون ان نرى في الافق ربيعا!!
**********
على ناصر حسيني: الشاعر الذي غيبته السلطة
مهدي القريشي
من مأسينا المتكررة والمنزلقة من ترسبات مخزوناتنا الذاتية والمرتدة نحونا كعقاب، اننا لا نستذكر بعض الادباء والمثقفين إلا عند الموت! كأنه يخبرنا ان نتهيأ لتقديم اناشيد العزاء
ونلقي عليهم النظرة الاخيرة ونسجل مراسيم الوداع الاخير، هذه خلاصة انانيتنا وحبنا المفرط للذات حتى لو لم تتسامى امام الاخر، خاصة الموهوب أو الذي ترك بصمته الثقافية يحاكي الفعل الحياتي والذي توغل في تلافيف المسكوت عنه وانار تاريخ المهمشين، وفضح الحكايات غير المروية والتي مازالت عالقة في الاذهان وتخشى الظهور .

قد مرت الايام والسنون … كأنها الصديد،
تأكلني تأكل مني واقعي العنيد
وفجأة تكشف الستار … وانقشع الغبار
فبتُ يوماً مشرقاًجديد
قد اشرقت شمسك يا ……
لكنها من جليد
حافية حتى من العزم ودفء الجليد
والذنب في ذلك يا اصدقاء
هو اختلاف النظر في وجهتين
فالزورق الحالم في دأبه يرسو على الضفتين
والالق الممتد في لونه يطغي على المقلتين
بينما العقل عيون ويد في الحالتين
فيد العامل عقل ويد الشاعر عين

ربما لم يسمع بهذا الشاعر الخجول،الذي عقد صفقة مع الشعر حتى تلبسه، شاعرنا يحمل بشرف تاريخة الشخصي غير الملوث، جاء الى الدنيا نقياً وخرج نقياً، مدون في بطاقته الشخصية كل شيء الا ذاته الشاعرة، (علي ناصر حُسيني) سلبتها منه الانظمة الشمولية، لتقذفه على حدودها الشرقية مع امه كأي منبوذ او كحشرة ضارة او حاجة منتهية الصلاحية وقد استسلمت للعدم او كنبتة جافة وما عرفوا ان آلامه واوجاعه وصرخاته حولها الى كلمات تسكن ابيات الشعر وتلتحف بوطن اسمه عراق ليقذفها في وجوه قاتلي اخوته الاربعة، اولهم سلام و الذي لم يتجاوز ال٢٥ سنة من عمره غيبه النظام في نهاية سبعينيات القرن الماضي وللان لم يجدوا له اثر. ليلتحق به اخوته الثلاثة (سالم ومسلم وعقيل) وهم في عمر الزهور لاطفاء جمرة الحقد في نفسية طه الجزراوي (ليتمتع بمشاهدة ما يفعله الكيمياوي للاجساد البشرية) حدث هذا قبل انتفاضة اذار سنة ١٩٩١ في نقرة السلمان . فلم يبق َ من العائلة الا أُم اثقل جسدها الوجع وذاكرة غائبة وايام سود حزناً على اولادها الاربعة التي قدمتهم ضحية على مذبح الحرية، و( علي ناصر )الذي اتعبه التجوال في المدن فعرف بغداد عن قرب وحفظ امزجة شوارعها وازقتها وحاراتها، صادق المهمشين والمعوزين ومفترشي الارصفة وبين الحين والاخر يحج الى مدينته الحي .......الى ان نُفي الى ايران مع امه العربية التي تنتمي الى قبيلة آل غريب المعروفة بأصالتها، ورغم غربته وعذاباته ولانه لم يستطع ان يخزن عذاباته في منفاه الاجباري في ايران فقد حولها الى قصائد فقال في مدينته الحي

وجد على رعشة الأشواق يضطرم
أن لم يكن للندى وقع فلا نغم
وجد على البعد ما حفت نضارته
هل يصدا الضوء أم هل يسرق الحلم
مدينة الحي امواج ملونة
على الدوام وقلبي ظامي نهم
بين الضلوع حكايا منك دافئة
وفي الدموع بريق منك يبتسم
وحبك البكر في المنفى يجاذبني
ومنيه النفس أن لقيا وتختصم

وهناك تذكر فاتنته بغداد التي لم تغادر مخيلته بجمالها فاجتذبته برقتها ورومانسيتها مع من تحب وعصيانها على مغتصبيها، واغوته دجلة بمائها العذب الفرات ورشاقةجسدها وبحدسه الجمالي اوصله الى لحظة ان يتوسل بغداد الطاردة له والمتيم بحبها والمغمور بحنانها والشغوف بشوارعها وازقتها واسواقها، وقد ضاق عليه المنفى رغم وسع فضاءه فقد كتم على انفاسه ورغم قساوة لحظات الاغتراب والمنفى لكن لم تفسدا عليه عشقه لبغداد فقال فيها:

تدفق صمت وماج سراب
وايقظ روحي صدى الذكريات
فمر العراق نسيما وغاب
تذكرت بغداد أُم القرى.
طيرا ً تقحم عصر الغياب
تذكرت دجلة حلم المروج.
وزهو النخيل ولون الضباب

لا يمكن بسهولة الاحاطة بتأريخ شاعر يمتد عمره الشعري لاكثر من نصف قرن، وهب نفسه فيها للشعر وليس لغير الشعر ملاذا له فسخر تجربته الحياتية لصناعة شاعريته فجاءت نقية وناصعة لم تخدشها السلطة المتعفنة ولا اغراءات المسؤولين فكان يعتذر منهم بأن خجله لن يسمح له مواجهة الجمهور، فانحاز للفقراء والمهمشين الذي هو واحد منهم فرؤاه تتداخل مع فنه فيولدا من رحمهما الجمال . ولاتخرج قصائده الى الحياة الا بعد ان تصهر فلزات الشعر في منجم شعره ويلبسها ثوب الجمال والمغايرة،لكن عسر الحال حال دون ان يطبع له ديوان شعر او قل لم يفكر في يوم ما في طباعة نتاجاته التي سرق بعضها المتطفلون وانصاف الشعراء وحين تخبره بأن قصيدته سجلها احدهم باسمه يكتفي بابتسامة طفل ويمضغ شفتيه ويمضي،
في طقوسه الصباحية المعتادة كنت اشاهده يمر من امام محلاتنا القريبة من نهر الغراف فينتبذ مكانا تظلله شجرة زيتون تمد جذورها في النهر ووجهه قبالة وجه الغراف، في حديقة المقهى التي يكون روادها صباحاً لا يتجاوزون اصابع اليد، لم يرتدِ بنطالاً قط، زيه المفضل دشداشة نظيفة وانيقة وقد رمى سترته على ساعده الايسر، لم يحمل كتاباً في حياته ولم تحتوي داره الى مكتبة لكنه يجيد تقطيع القصيدة بفطرته كأي حريف .
الشاعر علي ناصر حُسيني كان ميالاً للعزلة وكان يرى نفسه اكبر من ان يبقى حبيساً في جغرافية ضيقة فارسل قصيدة الى السيدة أُم كلثوم فأبدت اعجابها بالقصيدة وأوعدته ان تختار ملحناً لها لكن لم يمهلها القدر فضاع حلمه فزادت وحدته عزلة وهذا مقطع من القصيدة:

ضاع امسي ليتني ضيعت نفسي
بين صمتي واختلاجاتي وكأسي
وغدي بحر تمادى هائجاً
يستمد الماء من جدول امسي
********
ص12
بصمتي في الصحافة

صدر اخيرا للمحامي والناشط الحقوقي المعروف زهير ضياء الدين يعقوب الجزء الثاني من كتابه الموسوم "بصمتي في الصحافة".
يقع هذا الجزء في 460 صفحة من القطع الكبير، وهو مهدى الى" كل من ساهم في العمل بمختلف الوسائل من اجل ضمان حرية التعبير في العراق".
يتضمن الجزء كتابات المؤلف في الصحف والمواقع الالكترونية خلال فترة 2011 – مطلع 2020، مبوبة في ستة فصول. وهناك بجانبها فصل سابع يتضمن قرارات المحكمة الاتحادية العليا في القضايا التي ترافع بها امام المحكمة، والتي تخص الشأن العام وتحظى باهتمام المواطنين.
وكان الجزء الاول من الكتاب قد صدر سنة 2012، وضم كتابات المؤلف في سنوات 2003 – 2011.
***********
ضمن أفراد خط الصد الأول في كربلاء
شيرين محمد ترشد الأطفال وتحميهم من كورونا
‏كربلاء – سلام القريني
شكل انتشار جائحة كورونا في العراق، مثلما في بقية دول العالم، خطرا وتهديدا كبيرين لخط الصد الأول، من الأطباء والممرضين وكل العاملين في قطاع الصحة. فهؤلاء يكونون في تماس مباشر مع المرضى، ويقفون في الجهة المقابلة للفيروس، متصدين له بقوة في سبيل الحفاظ على حياة الناس وحمايتهم من خطره المميت.
وضمن أفراد خط الصد الأول المتميزين، المعاون الطبي شيرين محمد عصمان، مسؤولة وحدة تعزيز الصحة في مستشفى كربلاء التعليمي للأطفال. التقت بها "طريق الشعب" وسألتها عن طبيعة عملها في هذه الظروف الوبائية الخطيرة.
تقول شيرين أن عملها يقتصر في الغالب على رعاية الأطفال، وتقديم التوعية والإرشادات الصحية لهم ولذويهم، مبينة أن عملها يتضمن أيضا تقديم الهدايا التشجيعية والمساعدات العلاجية للأطفال.
وعن أسلوبها في التعامل مع الأطفال، تشير المعاون الطبي إلى أن لديها طريقة مشوقة في هذا الشأن، تتمثل في استخدام وسائل إعلانية محببة للطفل، مبينة أنها تشجع العائلات على اتباع أساليب حسن التعامل مع الطفل، بعيدا عن العنف.
ولا يقتصر عمل شيرين على مهامها الوظيفية في المستشفى، إنما يتعدى ذلك، فهي تساهم أيضا في تشجيع الأطفال، الذين غادروا مقاعد الدراسة وتوجهوا إلى الشوارع العامة والتقاطعات بحثا عن الرزق، على العودة إلى مدارسهم، فضلا عن ذلك انها توجههم نحو سلك الأخلاق الحميدة.
وخلال الظروف الوبائية القائمة اليوم، تقوم شيرين بتوزيع الكمامات والقفازات الوقائية والمعقمات، على المراجعين الوافدين إلى المستشفى.
***********
يوميُات واسط في زمن الكورونا
شيوعيو المحافظة وزعوا 5390 سلّة غذائية على المتضررين من الأزمة
الكوت - جبار بچاي
زوّدَني صديق بمعلومات عن نشاطات الحزب الشيوعي العراقي خلال أزمة كورونا، لغرض توثيقها ضمن هذه اليوميات، فقلتُ مازحاً:
- يا نشاطات يا بطيخ موزعين معجون أكسباير وفاصوليا معفنة!
راح في ضحكة طويلة.. أخذته الشهقة، كاد يغصُ من الضحك قبل أن يقول:
- الله أكبر.. عمي حتى بهاي لاحگينا! والله من حلال طيب.
لم يتخلَ الشيوعيون في واسط عن دورهم الوطني خلال الأيام الماضية التي شهدت حظراً شاملاً للتجوال للحد من انتشار فيروس كورونا. فقد ساهموا ضمن مبادرة وطنية فاعلة، ومن حلال طيب، في تقديم السلات الغذائية للعائلات التي أحرجتها ظروف الحظر. فبلغ عدد السلات الموزعة 5390 سلّة.
تلك المبادرة جاءت بعد قرار من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بإلغاء الاحتفال بالذكرى الـ 86 لتأسيس الحزب، التي صادفت يوم 31 آذار الماضي تزامنا مع الوباء والحظر الوقائي، وإنفاق مبالغ الاحتفال في مساعدة العائلات الفقيرة والمتعففة أو العمال الذين توقفت أعمالهم نتيجة الحظر.
وشكّلت اللجنة المحلية للحزب في واسط، خلية أزمة من أعضاء الحزب، سيما الشباب منهم، بُغية وضع خطة لجمع التبرعات المالية وتلقي المساهمات من الأعضاء أنفسهم وممن له القدرة على مد يد العون معهم من جماهير الحزب وأنصاره، وبعدها يجري شراء المواد الغذائية الأساسية وفرزها على شكل سلات غذائية، ثم توزيعها بين الفقراء.
من الاشخاص الذين تم تكليفهم بهذه المهمة - كما يذكر علاء البعاج - هم كل من علي العزاوي، حيدر خليل، مجيد شنيّن (أبو جورج)، سجّاد اسماعيل، مقدام سعيد، حسين حامد، ومعهم نحو 27 آخرين، إضافة الى اللجان النقابية المنضوية في اللجنة المحلية. وقد وزعت المهام والواجبات بين الجميع، مع تحديد المناطق والعائلات المستهدفة في عملية التوزيع.
وشملت عملية توزيع السلات الغذائية، بالأساس أبناء الطبقة العاملة في عدد من مناطق الكوت والزبيدية والنعمانية، وبعض المناطق الاخرى في المحافظة خاصة العشوائيات. إذ تم إيصال 5390 سلة غذائية، بواقع سلة لكل عائلة، بواسطة المركبات الشخصية، وأحياناً بالدراجات.
بالنسبة للمواد الغذائية شملت المواد الأساسية مثل، الرز والزيت والمعجون والفاصوليا والسكر والشاي والحمص والعدس وغيرها من المواد التي تحتاجها العائلة العراقية بشكل يومي، إضافة الى حليب الأطفال، بعد مناشدات تلقوها من بعض العائلات، كذلك المشروبات الغازية. فيما شملت سلة الخضار مجموعة من الخضار الاساسية، الباذنجان والشجر والطماطم والخيار والباقلاء وغيرها.
وبلغ مجموع المبالغ التي أنفقت كوجبة أولى، أكثر من سبعة ملايين و 256 ألف دينار. فيما كانت هناك وجبات لاحقة جاءت بعد دعم ومبادرات فردية من عدد من أصدقاء الحزب وجمهوره في المحافظة، الذين أكدوا استعدادهم للمضي بتقدم الدعم والمساعدات للعائلات الواسطية الفقيرة، خاصة التي أصابها ضرر شديد نتيجة استمرار فرض حظر التجوال، وتعطل أعمالها.
لم تكتف اللجنة المحلية في واسط بهذه المبادرات، بل ساهمت في توزيع الكمامات بين أصحاب المهن الحرة وأصحاب المشاريع الصناعية وسائقي سيارات الاجرة. كذلك القوات الأمنية المكلفة بتطبيق حظر التجوال في مدينة الكوت.
وقد شددت اللجنة المحلية على ضرورة أن يحث أعضاء الحزب عائلاتهم وأصدقاءهم وأقاربهم على الالتزام بالإجراءات الصحية، وعدم الاستخفاف بما يصدرُ من قرارات في هذا الشأن، سواء على مستوى خلية الازمة المركزية أم المحلية، فكل ذلك من أجل سلامة المواطن أولاً وأخيراً.
************
بينهم عراقي
فنانون حول العالم يبدعون
في ظروف الحجر الصحي
بغداد - تضامن عبد المحسن
شارك الفنان التشكيلي العراقي، طلال محمود، في معرض فني الكتروني نظمه، مكتب اليونسكو في بيروت بالتعاون مع منظمة MEADOWS International NGO.
المعرض الافتراضي، الذي تخصص في فن الأقنعة، والذي حمل عنوان "الإبداع في ظروف الحجر - فنانون ضد Covid-19"، تم افتتاحه يوم 21 أيار الماضي في مناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي والحوار والتنمية، وقد شارك فيه 250 فنانا من 150 دولة حول العالم.
وعن المعرض، قالت اليونسكو انه يستهدف مكافحة وباء كورونا من خلال نهج فني يتمثل في تحويل صورة القناع الطبي إلى لوحة يعبر فيها الفنانون عن خيالهم وتجاربهم العاطفية الشخصية أثناء الحجر الصحي، بالإضافة إلى أملهم في مستقبل أفضل. وجاءت مشاركة الفنان طلال محمود عبارة عن نحت برونزي بارز بطول 15 سنتيمترا، يمثل كبير آلهة بابل (مردوخ). وقال محمود في حديث صحفي، ان اللجنة المنظمة للمعرض، وافقت على مشاركته بعمل نحتي، بالرغم من كون المعرض مخصصا للرسم، وذلك لما يحمله عمله من سمات الغرابة والتفرد، موضحا أن منحوتته كان قد قدمها خلال الاجتماع المخصص لإدراج مدينة بابل الأثرية على لائحة التراث العالمي.
*********
رسالة إلى الكاظمي.. حملة تواقيع لإيقاف الانتهاكات ضد الصحفيين

بغداد – طريق الشعب
اطلقت مجموعة منظمات معنية بالصحافة، حملة تواقيع على رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تطالبه بوضع حد للانتهاكات المستمرة التي طالت وما تزال الصحفيين في جميع المحافظات العراقية.
وجاء في نص الرسالة التي وجهة للكاظمي أنه "نحن مجموعة من منظمات المجتمع المدني المعنية بالعمل الإعلامي والدفاع عن الحريات الصحفية في العراق، ومجموعة من الناشطين والإعلاميين والصحفيين، نضع بين ايدي سيادتكم تقريرنا عن الأوضاع السيئة التي تعاني منها الصحافة والصحفيين العراقيين والمتضمن مجموعة من التوصيات، ان الانتهاكات التي طالت الصحفيين وصلت إلى حدود لا تطاق بالتزامن مع انطلاق تظاهرات الاول من اكتوبر 2019 ولغاية الآن".
وجاء في نص الرسالة التي تلقت "طريق الشعب" نسخة منها، أنه "بلغ مجموع الانتهاكات منذ نهاية العام ٢٠١٩ وحتى مطلع حزيران الجاري 268 حالة انتهاك، منها 5 عمليات اغتيال، و 39 حالة تهديد بالقتل والتصفية الجسدية بالاضافة الى 142 حالة اعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية"، مشيراً إلى أنه "ما تزال الانتهاكات الصحفية مستمرة دون اي اجراءات حكومية رادعة".
واضافت الرسالة أنه "نرجو من سيادتكم النظر إلى ما وصلت اليه حرية الصحافة من منعطف خطير تمثل باستخدام الحكومة السابقة لمؤسسات الدولة في قمع حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والاعلام، في سابقة خطيرة تؤشر انحراف الديموقراطية في العراق عن مسارها الطبيعي، وهو ما احدث شرخا كبيرا في العلاقة بين الاعلاميين ومؤسسات الدولة، مما يضعكم امام مسؤولية تصحيح المسار، من خلال محاسبة جميع الذين تورطوا في عمليات اغتيال الصحفيين خلال الفترة السابقة، والمتورطين باقتحام القنوات العراقية واغلاقها دون اوامر قضائية، وكذلك وضع حد للانتهاكات المستمرة التي طالت وما تزال الصحفيين في جميع المحافظات العراقية والمتمثلة بالاعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية من قبل القوات الامنية، ان جميع هذه الانتهاكات لا تلائم الوضع الديموقراطي لعراق ما بعد 2003".
*********
ليس مجرد كلام ...
بالتسامح والمحبة والعدل .. تُبنى الأوطان!

في رواية (سفر التكوين) للكاتب (ادواردو غاليانو) نقرأ مثلاً يفتتحها به قائلا: العشبَ الجاف يحرقُ العشب الرطب! ما يجعلنا نتساءل: إذا كانت الأعشاب تفعل هذا بنفسها فكيف البشر؟!
العشب الجاف خالٍ من كل ما يشير إلى وجود الحياة، أما الرطب فمكتنز بشتى تفاصيلها المثمرة! وهذا ينطبق على الجنس البشري، فالمعبّأ بالحقد والكراهية والأنانية والحسد والفساد، يختلف كليا عن الممتلئ بالطيبة والمحبة والتسامح ونكران الذات والنزاهة والإخلاص والحب!
ونتساءل: مَنْ المملوء حياةً وبناءً وازدهاراً واخضراراً وسعادة وفرحا ؟! ومَنْ ينزّ موتاً واصفراراً وبؤسا وخرابا ؟!
الحياة الحقيقية يعيشها الممتلئون بها، وبكل ما يبعث فيها التجدد والنمو، وهم المتسامحون، المحبّون، العاملون بالعدل والخير والنزاهة ونكران الذات!
وهذا عشناه و ما نزال نعيشه منذ ما يقارب النصف قرن ، حيث ساد البلاد أناسٌ لا يمتلكون شيئا من هذه المشاعر أبدا ، أشاعوا الكراهية والحقد والأنانية والحسد والغَيرة والرعب والفساد ، حكوماتٌ مهووسة بالدم وأخرى بالفساد ، نظام فاشيٌّ حكم البلاد بالنار والحديد، فانتشرت رائحة البارود والخوف والموت ، وصرنا نبحث عن كوّة نستنشق عبرها استقرارا وفرحا. عسكرَ البلادَ والعباد والتراب والشجر فاصطبغت أيامنا بلون الحروب ، وبقينا تحت مطرقته نتلهف لشروق شمس حانية ذات يوم . وجاءت لحظة الشروق بسقوطه المريع ، فتنفسنا الصعداء ورقصت قلوبنا فرحاً بزواله ، لكن حريتنا وفرحتنا لم يدوما طويلاً ، حيث سُرِقت الفرحة منّا ، وصرنا نتلمس دروبنا بين دهاليز مرعبة. إذ تسيد في البلاد أناسٌ كالعشب الجاف ، أشاعوا الكراهية وأسّسوا لها ، وفتحوا أبواب الطائفية مشرعة ، وظلّوا يصبّون الزيت فوق النار لحاجات في نفوسهم المريضة ،وكأنهم قد تشرّبوا بمبدأ ( فرّق تَسُد ) الذي قرأنا عنه ، وعرفنا أن الاستعمار كان يشيع ثقافته بين الشعوب للسيطرة عليها واستغلالها ثم نهب ثرواتها وخيرات أوطانها. وهذا ما حصل بعد ما دبّت الطائفية والمحاصصة المقيتة التي شرعنت الفساد بكل أشكاله ، فعمّ الخراب ، وماتت الضمائر وتعفّنت النفوس وضاعت البلاد ، وصرنا نخوض في وحل الخراب والتدهور ومن سيّءٍ إلى أسوأ!
لهذا يتوجب علينا أن نتوقف قليلا ونتأمل أنفسنا: هل بنينا أو سنبني وطناً ؟!
وإذا أردنا حقا أن نبني وطناً، فعلينا أن نشيع ثقافة التسامح والمحبة ونقضي بالعدل بين الناس لنشعرهم أنهم أخوة يعيشون في وطن واحد وتحت سماء واحدة، ويشربون من نهرين عظيمين!
الأدلّة على بناء الأوطان كثيرة، وما علينا إلاّ أن نملأ قلوبنا وقلوب الناس تسامحا ومحبة وإيماناً بالوطن بشكل حقيقي، لا شعارات وكلاما فارغا!

عبد السادة البصري
**********
كل عام وصحفيو العراق بألف خير
يتقدم المركز الاعلامي للحزب الشيوعي العراقي باحر التهاني والتبريكات، الى جموع الصحفيات والصحفيين العراقيين لمناسبة عيد الصحافة العراقية ١٥ حزيران.
وبهذه المناسبة نستذكر شهداء الكلمة الحرة، الذين ضحوا من اجل وطن ديمقراطي مدني تحترم فيه حقوق الانسان وتسوده العدالة الاجتماعية.
كما نشدد بهذه المناسبة على ضرورة الاهتمام بشريحة الصحفيين المتميزة، التي تسعى الى ترسيخ قيم الديمقراطية في عراقنا الحبيب، وهذا يستوجب توفير الحماية الكافية لهم، عبر القوانين والتشريعات والانظمة والتعامل الفعال والإيجابي كي ينهضوا بمهماتهم.
ولا يسعنا هنا سوى تجديد المطالبة بضرورة احترام مهنة الصحافة وتسهيل مهمة الصحفيين، وهم يؤدون مهماتهم الجليلة.
فالف تحية للصحفيين العراقيين في عيدهم الاغر وكل عام وأنتم بخير.
المركز الاعلامي
للحزب الشيوعي العراقي
١٥ حزيران ٢٠٢٠
********
شيوعيو النجف يكرّمون مركزا لعلاج الأورام السرطانية
النجف – علي العبودي
قدمت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف، أول أمس الأحد، لوح تكريم إلى "مركز الفرات" لعلاج الأورام السرطانية في المحافظة، تثمينا لجهوده الطبية الكبيرة على مستوى المحافظة والبلد بشكل عام.
جاء ذلك خلال زيارة نظمها وفد من اللجنة المحلية، يتقدمه الرفيق كريم بلال، إلى المركز.
وكان في استقبال الوفد د. عقيل السعبري، الذي أشاد بدور اللجنة المحلية في تكريم الكوادر الصحية في عموم المحافظة، وقال أن "هذا التثمين يمنح العاملين في القطاع الصحي حافزا لبذل جهود استثنائية في خدمة المواطنين".
الرفيق بلال، أشار من جانبه إلى أن هذا التكريم "قليل أمام ما يقدمه المركز من خدمات صحية"، مؤكدا أن الشيوعيين سيكونون خير عون للكوادر الصحية، من خلال التثقيف بمخاطر فيروس كورونا وسبل الوقاية منه، والمساهمة في تعفير الأماكن وتوزيع الكمامات على المواطنين.
إلى ذلك قدم عضوا الوفد الرفيقة ملاذ الخطيب والرفيق علي العبودي، باقة ورد إلى العاملين في المركز، تسلمها بالنيابة عنهم رئيس الممرضين عقيل الخزعلي.
*****
عبر مواقع التواصل
النجف تختتم "ملتقى عالم الشعر" الثالث
النجف – علي العبودي
اختتم اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة النجف، مساء السبت الماضي، "ملتقى عالم الشعر" الثالث، الذي أقامه هذه المرة الكترونيا، التزاما بتعليمات التباعد الاجتماعي في ظل تفشي وباء كورونا.
الملتقى الذي أعده الكترونيا "فريق آي ماكس" الشبابي، والذي بث على صفحات الاتحاد وفروعه في مواقع التواصل الاجتماعي، استمر ثلاثة أيام، بواقع جلسة واحدة في اليوم، يقرأ فيها خمسة شعراء. وقد شارك في الملتقى، شعراء من لبنان وتونس والبحرين وسوريا ومصر، بالإضافة إلى شعراء عراقيين.
مدير جلسات الملتقى، الشاعر قاسم الشمري، استهل الافتتاح بقصيدة رحب فيها بالشعراء المشاركين والضيوف.
وكانت أولى القراءات الشعرية للشاعر فاروق شويخ من لبنان، الذي قرأ قصائد منوعة، أعقبته الشاعرة العراقية المغتربة في لندن، ورود الموسوي بقراءة باقة من قصائدها. ليقرأ بعد ذلك الشاعر العراقي مروان عادل، مختارات من نصوصه الشعرية.
وكان من المقرر أن تساهم الشاعرة التونسية هندة محمد في الجلسة الأولى، لكنها لم تستطع الالتحاق بالملتقى، نظرا لحدوث خلل فني في خدمة الانترنيت لديها، ليختتم الجلسة الشاعر مهند جمال الدين، من النجف، بقصيدتين.
جلسة اليوم الثاني استهلها الشاعر البحريني علي المؤلف، بجميل شعره، تلاه الشاعر النجفي عماد الحيدري، بقراءة بعض قصائده. لتقرأ بعدها الشاعرة ملاك لمع، من لبنان، باقة من أشعارها.
وساهم في هذه الجلسة أيضا الشاعر النجفي حسن مجيد، والشاعر قاسم الشمري. فيما لم يستطع الشاعر رضا السيد جعفر تلبية دعوة المشاركة، بسبب حدوث خلل تقني في شبكة الانترنيت.
أما اليوم الثالث والأخير للملتقى، فقد شارك فيه كل من الشعراء حازم رشك التميمي من العراق، وإباء الخطيب من سوريا، ومن النجف إسراء العكراوي، وضياء الكيلاني من مصر. وكان من المقرر أن يلتحق بالجلسة الشاعر مهدي النهيري، إلا أنه لم يتمكن من ذلك بسبب خلل في الانترنيت.
من جانبه، قال رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في النجف، أن هذا الملتقى امتداد لملتقيين مماثلين سبق أن أقامهما الاتحاد على أرض الواقع في مدينة النجف، إلا أنه أضطر إلى أقامته هذه المرة الكترونيا بسبب أزمة كورونا.
وأضاف قائلا أنهم يسعون إلى إقامة المزيد من الفعاليات الأدبية الكترونيا، وهم يواصلون منذ أكثر من شهرين، عبر صفحات الاتحاد وأنديته في مواقع التواصل الاجتماعي، تنظيم النشاطات الثقافية والأدبية التي تجذب متابعين من العراق وخارجه.
إلى ذلك أوضح القاص علي العبودي، وهو احد منظمي الملتقى، أن هذا النشاط يمثل رسالة تحد تفيد بأن الشعر، والأدب بشكل عام، لن يتوقف مهما كانت الأزمات، مؤكدا أن أدباء العراق سيواصلون نشر إبداعهم حتى وهم في منازلهم.