العدد 167 السنة 85 الثلاثاء 9 حزيران 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 


ص1
رائد فهمي: ليس من العدل تحميل المواطن أعباء الازمة
حذر الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، من تحميل المواطنين أعباء الأزمة الاقتصادية والوبائية الراهنة، والتي هي نتيجة الفساد، والسياسات الاقتصادية الفاشلة، مؤكدا على ضرورة ان تجد الحكومة معالجات تضمن لهم احتياجاتهم.
وقال الرفيق فهمي، في تصريح للمركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي اليوم الجمعة (٥ حزيران ٢٠٢٠)، أن "المتقاعدين والموظفين وملايين العاملين خارج قطاعات الدولة، أصبحوا يتحملون عبء الأخطاء الاقتصادية المتراكمة، خصوصا وأن العديد من العاملين في المهن الحرة وهم الأغلبية، اضطروا للتوقف عن ممارسة أعمالهم وتوقفت مصادر رزقهم في الظروف الراهنة "، مبينا أن "الخطر بات يهدد الجميع، ولا بد للدولة أن تراعي ضمن اجراءاتها أحوال المواطنين لتجنيبهم أعباء خلل الأداء والسياسات الاقتصادية الذي طال لسنوات، ووفر مناخا آمنا للفاسدين والمتلاعبين بالمال العام، وتسبب بالاستحواذ على ما يزيد عن 200 إلى 300 مليار دولار، فضلا عن فشل المشاريع الخدمية والتردي في الجوانب المهمة والحيوية".
وتابع الرفيق "المواطن العراقي يدفع حاليا ضريبة غياب الخدمات وفرص العمل والاستحواذ على حقوقه، ويراد منه تعويض العجز، ومعالجة الأزمة المالية"، مؤكدا "الحاجة الماسة إلى أن تتحمل الدولة مسؤولياتها وتلتفت إلى ما يهدر من ثروات بسبب الامتيازات العالية والنفقات الضخمة ونمط الاستهلاك الحكومي المتمثل بالسيارات الفارهة والخدمات والمخصصات التي تعطى إلى المسؤولين".
وشدد الرفيق فهمي، على أن "الاقتراض يجب أن يكون آخر الحلول، علما أن هنالك مصادر مالية غير مستنفدة، مثل المنافذ الحدودية التي يجب أن تفرض الدولة سيطرتها عليها، فضلا عن استحصال الضرائب وفتح ملف عقارات الدولة التي يتلاعب المتنفذون بها بعيدا عن المصلحة العامة، وموارد غنية أخرى"، داعيا إلى "استعادة الأموال المنهوبة والموجودة في الخارج وملاحقة الفاسدين الذين ما زالت الرقابة غائبة عنهم مقابل الحمل الثقيل الذي يوضع على عاتق المواطنين".
ولفت الرفيق، إلى أن "الشروع بالإجراءات الحازمة تجاه الفاسدين ومحاسبتهم، ستعطي اشارات إلى المواطنين بشأن جدية الحكومة في عملها، فيما تبقى الحاجة قائمة إلى قطع دابر الفاسدين الذين ما زالوا يمارسون نشاطهم ويتلاعبون بمشاريع كثيرة تنعكس سلبا على حياة المواطنين"، معتبرا ان "العدالة الاجتماعية تفرض عدم المساس بحياة الفقراء، وقوتهم، ومستلزمات معيشتهم الاساسية، لذا يجب أن تأخذ التوجهات الاقتصادية المعلنة للحكومة هذه العوامل بعين الاعتبار وتعمل على خلق موارد جديدة واحياء القطاعات الانتاجية".

المركز الإعلامي
للحزب الشيوعي العراقي
٥ حزيران ٢٠٢٠
*************
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي تعقد اجتماعها الاعتيادي
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي أيام ٤ - ٧ حزيران ٢٠٢٠، اجتماعها الاعتيادي الدوري.
واستهلت اللجنة اعمالها بالوقوف دقيقة صمت تكريما لشهداء انتفاضة تشرين، وضحايا داعش الإرهابي وجائحة كورونا، وللراحلين من رفاق الحزب واصدقائه.
وناقش المجتمعون باستفاضة تقارير عدة عن العمل القيادي للحزب، وعن أداء منظماته ورفاقه ولجان الاختصاص المركزية ولجنة الرقابة المركزية، كذلك التقرير الإداري -المالي للحزب .
وعكست التقارير نشاطات الحزب وفعالياته الواسعة والمتنوعة، وما نهض به ومنظماته ورفاقه في مجالات العمل المختلفة: السياسية والتنظيمية والفكرية والإعلامية والجماهيرية والعلاقاتية .
وتوقف المجتمعون عند مشاركة منظمات الحزب في الحركة الاحتجاجية، والدعم متعدد الاشكال الذي قدمته لها، معبرا عن اعتزازه بذلك وبشهداء انتفاضة تشرين الباسلة، وبينهم رفاق واصدقاء للحزب.
وحظي بالاهتمام والتقدير ما نهضت به منظمات الحزب، داخل الوطن وخارجه، من نشاطات وفعاليات ومن عمل دؤوب ومثابر لتعزيز دوره وتوطيد علاقاته مع الجماهير، كذلك ما قام به الشيوعيون واصدقاؤهم إبان تفشي جائحة كورونا، من نشاطات توعية بمخاطر الوباء، وتقديم مساعدات عينية ومالية الى العوائل المحتاجة، والى من تقطعت بهم سبل تأمين لقمة العيش، خاصة ممن يعيشون على كسبهم اليومي.
وأشاد الاجتماع بالجهد الذي تبذله وزارة الصحة والبيئة وكوادرها الطبية والتمريضية، كذلك القوات العسكرية والأمنية، وعبر عن التضامن معهم، ونوّه بأهمية وضرورة توفير الدعم والاسناد لهم وتأمين مستلزمات حمايتهم.
وفِي السياق لاحظت اللجنة المركزية انه رغم الإجراءات المتخذة في البلد وما قامت به مختلف الجهات ذات العلاقة، وهي جميعا تستحق التقدير والتثمين، الا ان اعداد المصابين ما زالت عالية، بل وفِي تصاعد يثير القلق، الامر الذي يوجب التزام الحيطة وتفعيل الإجراءات الصحية الوقائية، وضرورة تقيّد المواطنين بها، كما ان الحكومة مطالبة بتوفير الدعم والاسناد لهم .
من جانب آخر اتخذ الاجتماع قرارا باطلاق عملية التحضير للمؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب، آملا ان ينعقد في وقته المحدد وفقا لأحكام النظام الداخلي للحزب، وشكل اللجان المطلوبة لاعداد وثائقه، وحدد آليات عملها .
وتدارست اللجنة المركزية بعمق واستفاضة التطورات السياسية الراهنة في بلادنا، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، واشرت مواقف الحزب ازاءها، وما يترتب عليه من مهمات في ضوء ذلك.
وبيّن الاجتماع ان بلدنا يعاني من ازمة شاملة بنيوية، تطال جوانب عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وخدمية وصحية، وانها اخذت بعدا متفاقما بعد تفشي جائحة كورونا، والازمة المالية والاقتصادية الناجمة عن فشل السياسات المتبعة وتدهور أسعار النفط عالميا وانخفاض عائدات العراق من تصدير النفط الخام.
واشر الاجتماع حالة الاستعصاء السياسي، وتعمق الفرز الاجتماعي والطبقي في المجتمع، وتفشي الفساد، وفوضى انتشار السلاح خارج مؤسسات الدولة المعنية، وتعمق الهوة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، وارتفاع نسب الجوع والفقر والمرض والبطالة، خاصة بين الشباب الذين فقدوا، اسوة بالغالبية المطلقة من أبناء الشعب، الثقة بقدرة القوى المتنفذة على تقديم حلول للمشاكل والتحديات الماثلة امام المجتمع. وارتباطا بهذا شهدت بلادنا حركات احتجاجية متنوعة الاشكال، يمكن ان تتجدد وتسترد زخمها.
واكد الاجتماع انحياز الحزب الى الشعب والمنتفضين، وشدد على اهمية مواصلة الضغط الشعبي السلمي الواسع وتعظيم زخمه، والاستناد اليه في تحقيق اهداف الانتفاضة والحركة الاحتجاجية ومطالبهما، ودحر نظام المحاصصة والفساد، واحداث التغيير المنشود بفرض إرادة الشعب، والانتقال الى دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية.
وان الحكومة المؤقتة لمطالبة بالحزم والإرادة القوية وحسن إدارة الملفات وترتيب الأولويات، ومباشرة خطوات ملموسة تؤشر الجدية في الانطلاق على طريق مختلف عما سلكته الحكومات السابقة، مع مراعاة عامل الزمن، والانحياز الواضح الدائم الى الناس والاستجابة الى مطالبهم وتبنيها، بما في ذلك فتح ملف قتلة المنتفضين، وحصر السلاح بيد الدولة، واجراء انتخابات مبكرة وفق منظمومة انتخابات عادلة وكفؤة ونزيهة، والتصدي للفساد، وتوفير الخدمات والعيش الكريم للمواطنين .
وخلص الاجتماع الى ان موقف الحزب من الحكومة يتلخص في دعم الإجراءات والخطوات الإيجابية التي تقدم عليها، والتي تصب في مصلحة المواطنين وتقدم الدعم والاسناد لهم، والوقوف بالضد من غيرها.
هذا وسيصدر بلاغ ضافٍ عن الاجتماع.
*********
مجلس الوزراء يتخذ جملة قرارات لتمويل الموازنة
بغداد – طريق الشعب
اتخذ مجلس الوزراء العراقي، يوم أمس، جملة قرارات لتمويل موازنة العام 2020، التي لم تقر بعد. وتهدف القرارات إلى تقليل أثار الأزمة الصحية والاقتصادية التي ستستمر فترة غير قصيرة.
في ما يلي جانب من القرارات:
إيقاف التعيينات كافة وإعادة التعيين على الملاك الدائم والملاك المؤقت كالعقود والاجراء اليوميين في المؤسسات الحكومية للوظائف الشاغرة ولحين تشريع قانون الموازنة.
إيقاف النفقات الحكومية غير الضرورية في الدوائر الممولة مركزياً أو ذاتياً (بما فيها أيجار الطائرات الخاصة والايفادات الداخلية والخارجية وأجور المؤتمرات والتدريب والنثريات والضيافة وأجور الهاتف النقال وشراء السيارات والأثاث وصيانة السيارات المخصصة للاستخدامات الشخصية ووقودها الخ) ويستثنى من ذلك الايفاد الداخلي لإنجاز مهام ضرورية وكذلك أعمال لجان المتابعة والتدقيق والرقابة باعتبارها جزءاً من مهامهم الأساسية ولوزير المالية صلاحية منح الاستثناء للحالات ذات الحاجة الماسة.
تموّل البنود ذات الأولويات القصوى المذكورة في الجدول المرافق ربطاً، على أن تقدم مقترحات التمويل شهريا من وزارة المالية الى السيد رئيس مجلس الوزراء للمصادقة عليها واستحصال موافقته على التمويل وفقاً للسياقات المعتمدة.
تتولى المصارف الحكومية والأهلية وبالتنسيق مع البنك المركزي العراقي إعادة جدولة أقساط القروض التي بذمة الموظفين من خلال مضاعفة المدة المتبقية للتسديد دون زيادة الكلفة الكلية للقرض.
إيقاف الترفيعات لجميع موظفي الدولة في الدرجة الاولى فما دون والترقيات لكل العسكريين والأجهزة الأمنية الأخرى واعتباراً من 1/6/2020 ولإشعار آخر.
عدم تمويل الاثار المترتبة على احتساب الشهادة الدراسية التي يحصل عليها الموظف خلال العام 2020 لأغراض تعديل الدرجة الوظيفية والراتب.
عدم تمويل الاثار المترتبة على منح العلاوات السنوية ولإشعار أخر.
تشكل لجنة برئاسة السيد وزير النفط وممثلين من المجلس الوزاري للطاقة تتولى التفاوض مع شركات جولات التراخيص النفطية العاملة في العراق من أجل مراجعة العقود التي أبرمت معها وكذلك تخفيف الأعباء المالية المترتبة على تلك العقود.
التأكيد على عدم المساس بالرواتب الاسمية للعاملين في مؤسسات الدولة كافة والمخصصات المنصوص عليها في قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٨ (مخصصات الشهادة، مخصصات الحرفة، مخصصات الاعالة ومخصصات الاطفال ومخصصات المنصب ومخصصات الموقع الجغرافي) لغرض دعم الشريحة المذكورة والمحافظة على مستواها المعيشي.
***********
فساد صارخ
في عقارات الدولة!

بموجب الامر الديواني رقم ٥٠ لسنة ٢٠١٩ شُكلت لجنة لكشف التلاعب في ملف عقارات الدولة، ووضعت على طاولة رئيس الوزراء المستقيل ملفات ضخمة عن الفساد في هذا الميدان الكبير والواسع.
الا ان شيئا لم يتحرك مطلقا، وظل الامر مجرد دعوات ومناشدات.
ارقام الفساد مهولة هنا كما تؤكد مصادر كثيرة، لعل آخرها النائبة ماجدة التميمي التي تحدثت عن تزوير سندات ملكية ١٧٤ ألف عقار عائد للدولة، وتسجيلها بأسماء جهات واشخاص من المتنفذين.
وما اكثر الكلام عن التلاعب في المنطقة الخضراء خاصة وفي مجمعي القادسية وكرادة مريم ، وبضمنه بيع أراضي الدولة وممتلكاتها باثمان بخسة الى متنفذين.
وهل هذا الا هدر فاضح وصارخ للمال العام ولممتلكات الشعب؟
لكن الفساد والتلاعب في عقارات الدولة لا يقتصر على ذلك، بل هو أوسع واشمل في بغداد كما في غيرها من محافظات الوطن، وهو يحرم الدولة من املاك وواردات خيالية.
ملف شائك آخر امام الحكومة المؤقتة، فما عساها فاعلة؟
راصد الطريق
**************
جرائم متكررة واتهام لجهات فاسدة بالتورط فيها
عصابة تطعن وتحرق متظاهراً في ساحة التحرير
والمنتفضون يتساءلون اين كانت القوات الأمنية؟
بغداد – طريق الشعب
شهدت ساحة التحرير، مؤخرا، جريمة شنيعة تعرض لها أحد المتظاهرين على يد عصابة اجرامية، بعدما تم طعنه أمام خيام المعتصمين وأخذه بقوة السلاح إلى شارع السعدون والقيام بحرقه دون أي تدخل أو وجود للقوات الأمنية المعنية بحماية الساحة ومحيطها. الأنباء تواردت دون تأكيدات رسمية بشأن وفاة هذا المتظاهر لاحقا في أحدى المستشفيات، فيما شكا الكثير من المعتصمين انفلات الوضع الأمني والاعتداءات التي تطالهم على يد العصابات الإجرامية، متسائلين عن دور القوات الأمنية في ظل هذه الخروقات.
ما هو دور السلطات؟

وذكر الناشط في الاحتجاجات، مشرق الفريجي، لـ"طريق الشعب"، إن "المجرمين قتلوا المتظاهر بطريقة وحشية في ساحة التحرير، وهم يتجولون بحرية منذ مدة داخل الساحة وهنالك جهات تستخدمهم لإثارة الوضع أو استهداف الناشطين، فضلا عن قيامهم ببعض الأعمال التصعيدية التي تؤثر على سير الحراك السلمي"، مؤكدا أن "هذه الجهات تدفع لهم أموالا لتشويه صورة المتظاهرين والاعتداء عليهم، أخرها كان حرق خيامهم قبل فترة قصيرة".
وأوضح الفريجي، أن "قيام هذه المجموعة بقتل أحد المتظاهرين علنا، دون أن تحاسب، يجعلنا نتساءل عن دور السلطات الثلاثة بحماية أرواح المتظاهرين الذين حاولوا لأكثر من مرة طردهم دون فائدة، حيث بقوا مكشوفين أمام اسلحة المجرمين الذين لم يلاحقوا أو يعتقلوا علي يد القوات الأمنية"، معتقدا أن "التجاهل وغض البصر، قد يكون ذريعة لتدمير الساحة وتبريرا مناسبا للملاحقات والاعتقالات التي تطال المتظاهرين".
وشدد الناشط الفريجي، على أن "هذه العصابات هي اذرع سياسية قدمت الخدمة بأعمالها الاجرامية الى الجهات المعادية للانتفاضة"، داعيا الجهات الأمنية إلى "القيام بدورها والتعاون مع المتظاهرين لطرد ومحاسبة المجرمين، أو اعتبارها جهة متورطة أن بقيت تتفرج دون استجابة".

جرائم تتكرر

من جانبه، لفت المتظاهر بلال رضا، إلى أن هذه الجرائم تتكرر بحق المنتفضين وأمام مرأى ومسمع الجهات الأمنية المسؤولة بصورة مباشرة عن حفظ الأمن وحماية الارواح.
وبين رضا خلال حديثه لـ"طريق الشعب"، أن "الجهات الأمنية لم تحرك ساكنا ولم تتخذ أي اجراء جدي، وطالبناها مرات عدة أن تأخذ دورها وتلاحق المندسين الذين يحاولون حرف مسار الانتفاضة"، مردفا "تعرضنا مؤخرا لاعتداء من قبل العصابات التي استغلت تراخي القوات الأمنية وعجزها عن حماية المعتصمين، واحرقت قبل ذلك خيامنا تحت نصب الحرية، والسؤال الاهم يبقى مطروحا بشأن وعود حكومة الكاظمي بحماية المنتفضين".
وحمّل رضا "الحكومة ووزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد مسؤولية ما حدث"، داعيا هذه الجهات أن "تقوم بدورها وأن لا تستغل هذه الانتهاكات كذريعة للاعتداء على المتظاهرين السلميين بالنيابة".
وأكد المتظاهر "البقاء والتمسك في ساحات الاعتصام وحماية الانتفاضة من عبث المخربين"، محذرا القوى السياسية الفاسدة "من الاستمرار بإرسال العناصر المخربة إلى ساحات الاعتصام، لأنها محاولات بائسة وسيكون الرد السلمي قويا تجاهها، خصوصا وأن التظاهرات تجددت الآن في أكثر من محافظة".
عصابة تقتل أمام انظار الجميع

من جهته، أفاد المعتصم في ساحة التحرير، علي الوردي، بأن العصابة قتلت المتظاهر أمام انظار الجميع، لافتا إلى أن الجريمة أتت بعد اعتداءات متراكمة لم تعالجها القوات الأمنية. وقال الوردي لـ"طريق الشعب"، إن "العصابة مسلحة ويُعرف زعيمها بـ(الجريذي) وكانت تحمل قنابل يدوية اثناء الاعتداء وهي متورطة اصلا بتجارة المخدرات، وعمليات حرق خيام المعتصمين وتسلبيهم أثناء الليل"، لافتا إلى إن "القوات الامنية لم تحرك ساكناً ولم تقم بأي اجراء تجاه العصابة رغم المناشدات الكثيرة، علما أنه وعلى الرغم من كثرة الشكاوى، لم تصدر بحقهم أي مذكرة القاء قبض وهذا الأمر عجيب ومحير"، فيما شدد على أن "أهم واجبات القوات الأمنية هو الحفاظ على أمن وسلامة المتظاهرين، وهي مطالبة اليوم بالقبض على هذه العصابة الاجرامية التي تهدد باقتحام الساحة وتستغل دعم المتنفذين الفاسدين لها".
***********
ص2
عملية أمنية في جزيرة نينوى لتطهير الشريط الحدودي مع سوريا

بغداد – طريق الشعب
أعلن الحشد الشعبي، أمس، إنطلاق عملية أمنية في جزيرة محافظة نينوى لتطهير الشريط الحدودي بين العراق سوريا. وقال إعلام الحشد الشعبي، في بيان إن " (عمليات – أبطال – العراق) الامنية المشتركة الواسعة أنطلقت، الان بعمق الصحراء في جزيرة نينوى للقضاء على فلول داعش وتطهير الشريط الحدودي بين العراق وسوريا".
واضاف البيان، أن "العملية أنطلقت بمشاركة لواء انصار المرجعية في الحشد الشعبي ووقيادة عمليات غرب نينوى وقيادة عمليات صلاح الدين و ابطال الجيش من (فق ١٥ ،فق ٢٠) وبأسناد من طيران الجيش والهندسة العسكرية" .
وكانت قوة من الحشد الشعبي والجيش، نفذت ، أمس الأول، عملية بحث عن فلول داعش في جزيرة الانبار.
وقال إعلام الحشد في بيان مقتضب، إن، قوة مشتركة من اللواء 27 بالحشد الشعبي وحشد الانبار والجيش نفذت، ظهر اليوم، عملية للبحث عن فلول داعش في جزيرة الانبار.
*************
كل ثلاثاء ...
حذارِ مسك العصا من الوسط!

اعتادت الحكومات الهجينة ان تمسك العصا من الوسط، لكي تحافظ على مصالحها ومصالح القوى والاحزاب التي تمثلها، وفي مسعى خائب لإرضاء الجميع، الأمر الذي ينقلب عليها وبالاً في نهاية المطاف، فترحل مشيعة بلعنات الشعب والتاريخ.
حكومة السيد الكاظمي، التي جاءت على خلفية متخمة بالمشاكل والمصاعب، وفي عملية قيصرية اضطر اللاعبون الاساسيون وتوابعهم الى الموافقة على ولادتها، غداة فشل التشبث بالحكومة المستقيلة وعدم القدرة على انقاذها من مصيرها المحتوم ورحيلها الى المكان الذي تستحقه.
وكما هو متوقع فان المتنفذين الفاشلين لم ولن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيضعون اكداساً من العراقيل ويفتعلون الكثير من المشاكل والصعوبات لإفشال الحكومة الجديدة، رغم محدودية ما هو متوقع منها على صعيد الانجاز السياسي والاقتصادي، وهو الشرط الذي لا غنى عنه لكسب ثقة الشعب العراقي وابنائه المنتفضين. والدليل الاكثر سطوعاً على ذلك هو تشبثهم بالمحاصصة في اختيار اعضاء الكابينة الوزارية وما دونها، بالضد مما يعلنون ويصرحون به اعلامياً ولفظياً، من انهم خصوم المحاصصة، ويعملون على اقتلاعها من الجذور.
لكنهم في حقيقة الامر مستعدون للتخلي عن كل شيء، من الشرف الى النزاهة، الى الكفاءة، وحتى الشعور الوطني، مقابل عدم التخلي عن المحاصصة، فهي خط احمر بالنسبة لهم، خط لا يسمحون بسقوطه او تجاوزه، وان كان الثمن التضحية بالآلاف، بل بعشرات الآلاف من ابناء الشعب العراقي، الامر الذي يدركه السيد الكاظمي جيداً. كما يدرك ان البرلمان الحالي لا يمثل ارادة الشعب العراقي، لأن تركيبته وكما هي العادة في كل مرة، جاءت نتيجة انتخابات توفر فيها كل شيء، الا النزاهة والصدق والعدالة. من الشحن الطائفي والقومي الى استخدام السلاح والمال السياسي المنهوب من الدولة والرشى والكوميشنات الى التزوير، الذي وصل في بعض نتائج انتخابات 2018 الى 292 في المائة، كما صرح السيد سعيد كاكائي احد اعضاء المفوضية. ولهذا لا يمكن التعويل على البرلمان في المساهمة الجدية بإنقاذ الشعب العراقي من محنته.
ان حالة من التردد اخذت تتسلل الى حكومة الكاظمي، حتى بدت وكأنها تريد ان تمسك العصا من الوسط، في بعض الاجراءات والقرارات وفي تغاضيها عن استهداف المتظاهرين وساحاتهم النضالية، وهي حالة ليست في مصلحتها، ولا في مصلحة الشعب العراقي المتأهب لمنحها كامل ثقته ودعمه، اذا استطاعت ان تلبي طموحاته، وتنفذ ما ورد في برنامجها الحكومي.
انها فرصة تاريخية قد لا يجود الزمان بمثلها في المستقبل المنظور، لتحقيق ما يصبو اليه الشارع العراقي، وان كان بصورة تدريجية وخاصة اولوياته، بإجراء انتخابات مبكرة وتذليل كل الصعوبات السياسية والفنية، المفتعلة في اكثريتها.
كما توجد ضرورة للضغط على البرلمان، بمعية الحراك الجماهيري، لتعديل قانون الانتخابات واعادة بناء المفوضية على اسس سليمة، تضمن الحد الأدنى من الكفاءة وعدم التمييز بين العراقيين على اساس انتماءات اعضائها حزبياً وطائفياً وقومياً. والشروع الجدي في تعقب قتلة المتظاهرين واحالتهم الى القضاء، والالتفات الى معاناة الناس الحقيقية جراء وباء كورونا والأزمة الاقتصادية والمالية، بالاضافة الى زعزعة اركان الدولة العميقة، ولجم المليشيات والعصابات، والحد من تغوّلها ومصادرتها وظائف الدولة وهيبتها، وضرورة تقديم بعض الامثلة الناجحة على التصدي الجدي لسرطان الفساد مالياً وادارياً، بالتزامن مع توفير الخدمات الضرورية، خاصة في كارثة الكهرباء.
لا شك ان الارادة السياسية الحازمة، والاتكاء على جماهير الشعب العراقي، والمنتفضين البواسل، في تنفيذ برنامجه وخططه الطموحة، سيجعل من الكاظمي قائداً حقيقياً لمسيرة الاصلاح والتغيير، التي يطالب بها الجميع، والتي اصبحت ضرورة لا تقبل التأجيل بأي شكل من الأشكال.

مرتضى عبد الحميد
**********
تجهيزات منتهية الصلاحية واجراءات تعرضهم للخطر
إهمالٌ وتجاهل لكوادر التمريض المصابة
خلال معركتها ضد كورونا
بغداد – طريق الشعب
منذ أشهر والكوادر الصحية والتمريضية في صدارة المشهد الوطني لمواجهة وباء كورونا، ويقف خلفها الدعم الشعبي الذي اسماها بالجيش الأبيض الذي يقاتل عدوا شرسا لا يُرى. الكوادر هذه تقف على خط الصد الأول مع المصابين وتلامسهم يوميا وتعمل بشجاعة نادرة، ولكن الصورة ليست مثالية بالنسبة إلى أوضاعها المهنية والصحية وطريقة التعامل مع المصابين منها خلال المعركة مع الفايروس، فهنالك جانب آخر مظلم يرويه العاملين في هذا المجال يتعلق بفشل كبير في منظومة الصحة بات يهدد الجميع، وتعامل مجحف وتهميش يمارس ضدهم.
اصابات في صفوف الجيش الأبيض

مرتضى جعفر، وهو أحد العاملين ضمن فريق التمريض في وزارة الصحة، والذي اصيب بالفايروس أثناء عمله لساعات طويلة قرب المصابين، يوضح أن التمريضيين في مختلف الأماكن عملوا منذ بداية الأزمة في خط الصد الأول وتعرضوا للإصابات خلال واجبهم الوظيفي.
ويقول جعفر، أن "الممرضين يتعاملون مع المصابين بشكل مباشر، ويلازمونهم، ورغم عملهم لساعات طويلة، لم يتم انصاف المصابين منهم خلال العمل من قبل كافة حلقات الترتيب الإداري في الوزارة، وخصوصا في مديريات الصحة العامة"، مبينا أن "أعداد هائلة من الكوادر التمريضية والصحية اصيبت، ما دعا إلى إغلاق اقسام كاملة في مدينة الطب، والاقتراب من إغلاق أثنين من مستشفياتها بسبب كثرة الإصابات".
الممرض يرى أن "التقصير والتجاهل له جوانب عديدة، منها القرار الذي اصدره مجلس الوزراء بمكافئة العاملين في الخط الاول لمواجهة الفايروس بمبلغ 500 الف دينار، حيث لم تصرف المكافئات بذريعة قلة التخصيصات المالية، إضافة إلى ضعف التجهيزات الطبية ورداءتها".

معدات مستهلكة

ويؤكد الممرض جعفر "نحن الممرضين المصابين أثناء الواجب عوملنا من قبل المؤسسة كأي مصاب اعتيادي، فنحن لم نطلب تمييزا ولكن طلبنا الاهتمام الكافي لخصوصية وضعنا ورغبتنا بالعودة السريعة إلى العمل، وكما هو معلوم، فالمصاب منا تؤخذ مسحات كشفية لعائلته ايضا، ولكن نتائج المسحات تتأخر رغم الاتصالات والمتابعة مع المعنيين"، مردفا "أنا ابن المؤسسة وهكذا تتم معاملتي، فكيف بالمواطن المصاب الذي لا حول له".
ويتابع الممرض "أنا الأقل ضررا بين زملائي، لأني اتأكد من سلامتي قبل الإجازة، ولكن في مستشفيات عدة، يُسمح للممرض بالذهاب ومن ثم تؤخذ مسحته من المنزل، وهذا يشكل خطرا على عوائل المنتسبين واصيب العديد منهم بنسب عالية"، منوها إلى أن "بدلات العمل البيضاء وفلاتر التنفس التي نرتديها منتهية الصلاحية منذ عام 2018، لذلك زادت اعداد الاصابات بيننا".
ويشدد على أن "الخط الأول يتعرض لمخاطر كبيرة في ظل هذا الإهمال، علما إن التجهيزات التي نرتديها تبقى علينا لساعات طويلة مخالفة للشروط، وتتحول إلى مصدر ناقل للوباء، والدولة عاجزة عن التجهيز اللازم رغم كثرة الشكاوى والاجراءات الشكلية التي تُتخذ"، لافتا إلى أن "التمريضيين يتقبلون كل هذه المخاطر لخدمة الناس المصابة ومن منطلق قدسية الواجب، وقد لا يعلم المواطنين بهذه التضحيات".

مصاعب كبيرة

العثرات لا تقف عند هذا الحد، بل تزداد وتتنوع بين إجراءات متردية ومخصصات غائبة وعراقيل الوصول إلى العمل خلال فترات الحظر.
فالممرض حسن علي، يبين أن "الكثير من الممرضين يتعرضون خلال التحاقهم بالعمل إلى المخالفات المرورية اثناء فترة الحظر، ولا تشفع لهم هوياتهم والاستثناءات المخصصة لهم، علما أن الوزارة عجزت عن توفير وسائل نقل لهم، رغم أن اوقات عملهم لا عطلة فيها".
ويعتبر علي "المخصصات الصحية فيها تمييز واضح، لأن الكوادر الصحية والتمريضية اصبحت مخصصاتها 80 في المائة بعد التظاهر والاعتصام، والمفروض أن تكون نسبتها 100 في المائة أسوة بالزملاء الأطباء لأن المخاطر نفسها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التسكين والترفيع في السلم الوظيفي التي يتم التلاعب به ويؤثر على الموظف عند تقاعده، أو استثناءه بسبب ذلك من المناصب الإدارية".

مشاكل قانونية وتردٍ صحي

الأمر الأكثر أهمية من ذلك هو المشاكل التي ترافق العديد من الاجراءات لمواجهة الوباء، فضلا عن غياب قانون نقابة التمريض بالغ الأهمية.
فالنضال ما زال مستمرا لتشريع قانون نقابة التمريض من أجل تعزيز حقوق العاملين في مهنتي القبالة والتمريض. حيث أن القانون يضمن لما يزيد عن 70 الف عامل في هذا القطاع حسب أرقام منظمة الصحة العالمية، أن يقوموا بتأسيس نقابة لهم تتولى إدارة شؤونهم وتدافع عن حقوقهم.
القانون يهدف بحسب ما يؤكده ذوو الاختصاص، إلى وضع الاسس الكفيلة لممارسة هذه المهن ومنح الاجازة لممارستها، كما يهدف إلى الارتقاء بالمستوى المعرفي والمهاري لأعضاء النقابة والدفاع عن حقوقهم والسعي لتأمين الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، فضلا عن إيقاف مزاولة هذه المهنة لمن لا يملكون الشهادة وتنظيم مهنة التمريض في القطاع الخاص لمنع المتاجرة بالإنسان وصحته.
وارتباطا بذلك، يأتي تأكيد الممرض مصطفى السطاني، على أن "الغبن في القوانين ما زال جاريا، فالمطالب مستمرة بتشريع قانون التمريض المرمي في دُرج مجلس النواب". ويشير إلى "ضعف التجهيزات الطبية الضرورية وترك الممرضين مهملين خلال معركتهم مع الوباء، والتي تتجاوز حتى خطورة القتال في سوح المعارك"، لافتا إلى أن "الممرضين والمنتسبين المصابين يهملون ولا تتم مراعاتهم اللازمة".

تصدع جدار الصد

السلطاني ينوه إلى أن "خط الصد الاول للملاكات التمريضية بدأ بالتصدع، لأن اعداد الكوادر المصابة في تزايد، علما أن بعض زملاء المهنة يشترون التجهيزات على حسابهم الشخصي، فيما تعاني الملاكات من عدم توفر المكان المخصص للحجر بعد انتهاء الواجبات، ويتم حجرها مع المصابين وهذا مؤشر آخر على كيفية تزايد الاصابات".
**********
نداء من نقابات ومنظمات:
ليتوقف التضييق على النشطاء والسكان المحليين في الانبار
بغداد – طريق الشعب
أصدرت 29 نقابة مهنية ومنظمة مجتمع مدني، نداء بشأن التضييق الذي يتعرض له النشطاء والسكان المحليون في محافظة الانبار.. وفي ما يلي نص النداء:
منذ انطلاق انتفاضة تشرين ٢٠١٩، ونشطاء المجتمع المدني في محافظة الانبار يواجهون تضييقًا مستمرًا من قبل الأجهزة الأمنية، والحكومة المحلية، وجهات حزبية نافذة؛ ويجري اعتقال كل من يمارس نشاطًا داعمًا للانتفاضة، وتوجيه تهم بالإرهاب والارتباط بجهات خارجية ودول اقليمية، هي تهم جاهزة وتأتي ضمن سياسة "تكميم الافواه" التي تمارسها الحكومة المحلية والجهات النافذة منذ تحرير المحافظة من تنظيم داعش الإرهابي أواخر عام 2016.
وفِي مجرى الشهور الماضية جرى تهديد مجموعة من النشطاء والسكان المحليين بالاعتقال والترحيل في حال ممارستهم أنشطة وفعاليات داعمة للاحتجاجات، واستدعاء عدد آخر منهم إلى مكاتب الاستخبارات في الاقضية والنواحي واجبارهم على التوقيع على تعهدات تمنعهم من ممارسة أيَّة نشاط يندرج ضمن حركة الدعم والتضامن الوطني مع انتفاضة شعبنا!
أن التعهدات التي قطعتها حكومة السيد مصطفى الكاظمي وألزمت نفسها في منهاجها الحكومي وما اعلن عنها من قرارات والتي تضمنت التأكيد على ممارسة المواطنين العراقيين لحقوقهم وحرياتهم وعدم المساس بها بأي طريقة كانت لم تردع الأجهزة الأمنية وحكومة الأنبار عن التخلي عن ممارسة سياستها التعسفية بحق النشطاء والسكان المحليين، ففي الأيام القليلة الماضية تم استدعاء مجموعة من زملائنا في مدينة هيت إلى مكتب الاستخبارات والتعامل معهم بأساليب ترهيبية وذلك على خلفية نشرهم لفيديو كليب فني شارك فيه عدد من ناشطي المحافظة يستذكرون فيه شهداء الانتفاضة ويعلنون تضامنهم معها . لقد كان التعامل مع زملائنا في مدينة هيت بطريقة مهينة لكرامتهم الإنسانية وبأسلوب تمييزي فض لا ينم عن مسؤولية الجهة الأمنية في حماية أمن المواطنين وعدم المساس بحرياتهم، وفِي اية منطقة في الانبار والعراق ككل!
أن الممارسات التعسفية والتضييق على الناشطين والسكان المحليين في الانبار يمثل منعطفا خطيرا في التعامل مع المجتمع المدني وممارسة الديمقراطية في الانبار، ومن هذا المنطلق نطالب حكومة المحلية والأجهزة الأمنية في المحافظة بالكف عن مطاردة النشطاء والسكان المحليين وتهديهم، وتقييد الأجهزة الأمنية بدورها الأمني الذي حدده القانون، وعدم تدخلها في عمل المنظمات والفرق التطوعية، ومحاسبة الجهات التي تمارس عمليات الاعتقال والاستدعاء والترهيب ضدهم. وان عمليات الاعتقال والاستدعاء الجماعي للنشطاء في المحافظة واجبارهم على التوقيع على تعهدات غير قانونية تعد انتهاكا للدستور العراقي النافذ ولميثاق ومبادئ حقوق الانسان.
ونؤكد على أهمية إيفاء حكومة السيد مصطفى الكاظمي بالعهود التي ألزمت نفسه بها، والتدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي يتعرض لها النشطاء في الانبار ، وإنفاذ القانون وحماية الحقوق والحريات ، وكذلك نطالب مجلس النواب والقضاء العراقي بالوقوف ضد الممارسات التي تتنافى وحريات المواطنين وحقهم في التعبير عن آرائهم، وضمان المحاسبة القانونية العادلة لكل من يحاول المساس بهذه الحقوق المكفولة دستوريا ، وناكد على احقية العراقيين في التعبير عن تضامنهم مع حركة الاحتجاجات العراقية.
وندعو الى المزيد من الدعم التضامن مع نشطاء المجتمع المدني في الانبار، والضغط على الحكومة المحلية لإيقاف اية انتهاكات لحقوق الانسان، وضمان حق المواطنين في ممارسة حرياتهم والتعبير عن آرائهم باي شكل، وعدم المساس بها وبحقوقهم كافة من أي جهة كانت.
*********
اتحاد نقابات عمال العراق: نرفض تحميل المواطنين اعباء الازمة الراهنة

بغداد – طريق الشعب
دعا الاتحاد العام لنقابات عمال العراق إلى إقامة حوار اجتماعي موسع تشارك فيه الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية وأرباب العمل ومنظمات المجتمع المدني، للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها من جانب الحكومة لمواجهة الاوضاع الصعبة الصحية والمعيشية والاقتصادية التي تثقل كاهل جماهير الشعب وعماله وكادحيه، ولضمان فاعليتها وحسن تنفيذها ومتابعتها .
وقال الاتحاد في بيان اصدره الاثنين 8 حزيران انه الى جانب توفير مستلزمات الوقاية والمعالجة والتوعية بمخاطر وباء كورونا، يتوجب معالجة الآثار الاقتصادية لحظر التجوال على عموم المواطنين والقطاع الخاص والكسَبة، وتخصيص مبالغ مالية لدعمهم ولضمان استقرار السوق وأسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات.
وشدد الاتحاد في البيان على ان الازمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد كانت متوقعة نظرا لسوء الإدارة الاقتصادية والمالية في البلاد، وبسبب تغييب الرؤية الواقعية إلى التنمية الاقتصادية والمجتمعية بشكل عام، من طرف الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003.
واشار الى تحميل المواطنين أعباء الأزمة الاقتصادية والوبائية الراهنة، وطالب حكومة الكاظمي بالكف عن ذلك وبتنفيذ منهاجها الحكومي، والاستجابة إلى حاجات المواطنين وتوفير الأمن والخدمات والعيش الكريم لهم.
*********
توصيات من بعثة يونامي لمفوضية الانتخابات بعد فوضى التعيينات
بغداد – طريق الشعب
اوصت البعثة الاممية في العراق، بضرورة تعزيز الثقة بمكتب انتخابات كركوك وان يكون لخدمة المكونات كافة واعادة الاعلان لشغل المناصب فيه.
وذكر مدير فريق الامم المتحدة للمساعدة الانتخابية/بعثة الامم امير اراين في التقرير حصلت عليه "طريق الشعب" أنه "تنفيذا لقانون المفوضية لسنة 2019 تم اعفاء الكثير من المدراء والموظفين من مناصبهم. منذ تعيين مجلس المفوضين الجديد في 2020 وكان موضوع تعيين الكادر الجديد لشغل الوظائف الشاغرة هو واحد من اهم اولويات المجلس الجديد. في الاشهر الماضية بدأت اجراءات تعيين الكادر لشغل المناصب والوظائف الشاغرة وحسب المعلومات التي ارسلت الى فريق الامم المتحدة فان عملية تعيين كوادر مكاتب المحافظات كانت في مراحلها الاخيرة .ان هذه المشورة تاتي في اطار عملية اختيار الكادر المستمرة لشغل المناصب العليا في المفوضية”.
وتابع ان "واحد من اهم التحديات الحالية التي ورثتها المفوضية هو المستوى المتدني لثقة العراقيين بالمفوضية كمؤسسة. العراقيون يشعرون بان سنوات التسيس الغير مبرر لمؤسسة وطنية مستقلة قد اوصلتها تقريبا الىحافة ان تكون المؤسسة غير معنية بتنفيذ انتخابات ذات مصداقية وحرة وعادلة ومقبولة في العراق. ان تمرير قانون المفوضية في 2019 هو في حد ذاته تعبير عن الطموح لاستعادة المصداقية في هذه المؤسسة".
واكمل ان "عملية اشغال المناصب الحالية هي فرصة لمجلس المفوضين لتثبت لاصحاب المصلحة ان الطرق المسيسة القديمة لادارة المفوضية قد ولت وان هذا الموضوع اصبح من الماضي".
وأضاف: في كل اجتماعاتهم مع الامم المتحدة شدد رئيس المجلس ورئيس الادارة الانتخابية واعضاء مجلس المفوضين على ان الشفافية والحياد هما المبدأ الذي تسير عليه المفوضية. ومع ذلك فان المفوضين وبسبب كونهم معينون حديثا اعتمدوا على الموظفين المتبقين في المفوضية الذين لم يمسسهم قانون المفوضية 2019 .كثير من هؤلاء الان يشغلون مناصب بالوكالة ومعتادون على الممارسات القديمة ومعتادون الى الطرق القديمة التي يتم تمشية الامور بها في المفوضية.
واعرب اراين عن اسفه قائلا "للاسف خلال اجراءات اشغال المناصب لم يتم التواصل بين المفوضية وفريق الامم المتحدة برغم وجود الفريق لتوفير الدعم والنصح للمفوضية وكما نص عليه تفويض مجلس الامن الذي طلبه العراق . ولا ننكر ان جائحة كوفيد-19 والحجر الصحي قلل من التفاعل بين المفوضية وفريق الامم المتحدة مع الاحتفاظ بقنوات الاتصال مفتوحة وفعالة”.
وبين انه ”في الايام القليلة الماضية تم التواصل مع الامم المتحدة من قبل مجموعة من اصحاب المصلحة الناقدين لعملية اشغال المناصب التي تخص مكاتب المحافظات وتحديدا مكتب كركوك الانتخابي . من خلال مراجعة البيانات والوثائق المستلمة من الجهات صاحبة المصلحة تبين وجود خطوات ادارية اتخذتها المفوضية اعادت من خلالها مبدأ التسيس الذي عانت منه المفوضية في السابق . ان مفهوم قلة الشفافية والانحياز بدأ بالظهور على الواجهة مجددا”.
واكمل ان “واحدة من الوثائق التي تم ارسالها الى بعثة الامم المتحدة تشير الى ان معيار المستوى الدراسي تم تقليله هذه الوثيقة لم تشاركها المفوضية مع فريق الامم المتحدة ولا يوجد لفريق الامم المتحدة اي استشارة اونقاش يخص هذا الموضوع.ان تقليل معيار المستوى الدراسي يثير الشكوك بان المعايير تم تقليلها لاستيعاب مرشحين بعينهم لشغل هذه المناصب. ان حقيقة عدم مشاركة هذه الوثيقة يقوي هكذا تصور بوجود المحسوبية”.
واشار الى انه "لو تم استشارة فريق الامم المتحدة في هذا الامر لكانت النصيحة هي الابقاء على المعايير والمؤهلات المطلوبة واعادة الاعلان عن هذه المناصب على نطاق اوسع في حال عدم وجود المتقدمين المؤهلين. العراق بلد يمتلك اشخاص على مستوى عالي من التعليم والخبرات والمؤهلات . ان شغل مناصب على مستوى المحافظات هو امر حيوي بالنسبة لاجراء انتخابات ذات مصداقية ومقبولة . ان تم المضي باشغال هذه المناصب عن طريق تقليل المعايير المطلوبة كما هو الحال الان فان مصداقية ومستقبل العملية الانتخابية بشكل عام سيكونان محل استفهام".
وتابع ان” العواقب الطبيعية لهذا القرار المؤسف بتقليل معايير الاختيار وهو بما انه تم تبنيه في كركوك فان نفس الاجراء تم مع محافظات اخرى. وهذا اوجد تصورا بوجود عمل سياسي من خلف هذا الاجراء. ان لم يتم معالجة هذه الملاحظة بشكل مناسب فان مجلس المفوضين سيواجه صعوبات اكبر, لان التصور هو كل شيء كما واطلعت بعثة الامم المتحدة في العراق على بيان المفوضية وبرغم كونه مكتوبا بشكل جيد يبدوا دفاعيا ويحتوي على جميع العناصر والمبررات التي كان مجلس المفوضين السابق يستخدمها لتبرير افعاله”.
واضاف انه ” مع وضع ما ورد اعلاه في نظر الاعتبار توصي الامم المتحدة بالتوصيات التالية لتوضع تحت تصرفكم:
البعثة الاممية توصي بضرورة اعادة الثقة بمكتب انتخابات كركوك وان يكون لخدمة جميع المكونات التوصية الاولى في ما يخص مكتب انتخابات كركوك , ان الحصول على ثقة الجمهور هوالاولوية الاولى للمفوضية ويتطلب ان تذهب المفوضية لماهو ابعد من الخطوات الادارية. هناك حاجة حقيقية لخلق الثقة لدى جميع المكونات بان مكتب انتخابات كركوك موجود لخدمة جميع المكونات بدون تفضيل او تعصب.”
واكد ان” كل خطوة تتخذ بما يخص مكتب انتخابات كركوك يجب ان تكون لإعادة الثقة لجميع المكونات . طريقة واحدة لبناء الثقة هي ضمان التمثيل المتساوي للأشخاص المؤهلين من جميع المكونات”.
ونوه الى ان ” التوصية الثانية هي نوصي وبشدة بإعادة المعايير الدراسية المطلوبة الى اصلها وكما اتفق عليه مجلس المفوضين . كل التعيينات او عمليات اشغال المناصب التي تمت بعد تقليل المعيار الدراسي المطلوب يجب الغائها. اعادة الاعلان لشغل هذه المناصب سيكون الخطوة الامثل لاعادة القة في عملية شغل المناصب”.
وشدد على ان” مستشاري الامم المتحدة يبقون تحت تصرف رئيس المجلس ورئيس الادارة الانتخابية والسادة المفوضين لتنفيذ التوصيات الواردة اعلاه” .
**********
ص3
حول دور البنك المركزي وسياسات المصارف الفردية
خبراء اقتصاديون: فوائد القروض العالية تعطل الاستثمار وتطرد رؤوس الأموال والرقابة غائبة عنها
بغداد – علي شغاتي
يشكو العديد من المواطنين ارتفاع نسب الفوائد في القروض التي يتقدمون للحصول عليها من المصارف في مختلف المجالات، والتي تعطل بحسب تأكيدات كثيرة مشاريع استثمارية مهمة يمكن لها ان تحرك عجلة الاقتصاد المعطلة، فيما ينتقد الكثيرون الاجراءات والشروط التعجيزية التي تكبل المقترض، مقابل غياب للرقابة الحكومية على تنظيم العملية.
فوائد عالية على القروض

العديد من الخبراء الاقتصاديين والمختصين، يؤكدون أن فوائد القروض عالية جدا وطاردة للاستثمار، وفيها من المشاكل الكثيرة التي تحتاج إلى إعادة نظر شاملة بشأن السياسات المتبعة فيها.
فالخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، يرى أن فوائد القروض داخل العراق تبدوا ضخمة جدا عند مقارنتها مع دول العالم، وغير مجزية بالنسبة إلى المستثمر، مبينا أن الفوائد بالنسبة للقروض السكنية يجب أن لا تتجاوز الـ 5 أو 6 في المائة، كما يجب أن تتراوح نسبتها بين 4 أو 5 في المائة في القروض الاستثمارية الصناعية كحد أعلى، ولكن للأسف الشديد فأنها تصل إلى 15 في المائة أو أكثر في القروض التي تقدمها البنوك والمصارف الأهلية بشكل خاص.
ويعتبر أنطوان، أن نسب الفوائد هذه غير منطقية ولا تشجع على الاستثمار لأنها تأكل 25 أو 30 في المائة من أرباح أي مشروع، لافتا إلى أن مختصين وخبراء دعوا إلى تأسيس مصرف استثماري تنموي يهدف إلى استقطاع فوائد متواضعة لتنمية الاستثمار وخلق فرص العمل بين صفوف الشباب لتقليل البطالة، وأن يدار بعقلية القطاع الخاص ويشرك القطاعين العام والخاص في مجلس ادارته ورأسماله، للخروج من الروتين المعرقل، مثل شروط تقديم الضمانات لكل قرض وتوفير الكفيل الموظف واجراءات التأمين وشروط تعجيزية أخرى.

ضرورة التنمية

ويعرض الخبير التجربة الألمانية كنموذج للتنمية، حيث تم انشاء مصرف لتمويل المشاريع التنموية لا يركز على الربح فقط، وانما لتشجيع القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية والسياحية، من خلال تقديم القروض ذات الفوائد المعقولة، خلافا للصناعيين في العراق الذين لم يتقدموا على القروض التي خصصها البنك المركزي برصده 5 تريليون دينار بسبب الشروط التعجيزية.
ويشدد أنطوان على أن وضع التنمية في العراق متردي، والمشاريع الصناعية المحلية غير محمية من منافسات بضائع دول الجوار التي تغرق الأسواق وبدعم من حكوماتها يصل إلى 20 في المائة، فيجب أن تكون شروط التنمية في العراق مشجعة وفوائد القروض مخفضة وخصوصا للقطاعات الانتاجية لأنها تتحمل قبل ذلك رسوما وضرائب وكمارك تدفع أموالها، علما أن تنميتها يقلل من نسب البطالة وحجم الاستيراد الخارجي.
ويتابع القول: "معدل القروض في الخارج لا يتجاوز 2 في المائة، وشروط الضمانة للمشاريع تتعامل مع المشروع نفسه كضمانة وليس بكفالة أحد، وحتى في العراق مثلا، نُفذت مشاريع صناعية خلال ستينيات وسبعينات القرن الماضي بقروض من المصرف الصناعي الذي حدد الفوائد بنسبة 6 في المائة فقط، وتمت الاستفادة منها بالبناء وشراء المكائن واستيراد المواد الأولية، لأن الدولة كانت تتحمل جزء من قيمة المشاريع لضمان نجاحها، آملا أن يُعاد التعامل بهذه الطريقة للمساهمة في التنمية وإيجاد بيئة تستقطب الاستثمارات بدلا من هروب رؤوس الاموال إلى الخارج.
وبخصوص فوائد المصارف الحكومية، فالخبير يوضح أنها تتراوح ما بين 8 أو 9 في المائة، والمصارف الأهلية نسبها أعلى، وعلى الرغم من أن البنك المركزي حدد النسبة للجميع، ولكنه لا يتدخل للأسف، ورقابته على المصارف الاهلية ضعيفة جدا، رغم وجود ما يقارب الـ 60 مصرف منها تعبث بالاقتصاد الوطني ولا تشارك في التنمية وتحول الكثير منها إلى إدارة البيع والشراء في مزاد العملة أو تبييض العملة لتهربيها إلى الخارج، داعيا البنك المركزي أن يمارس دورا أكثر فاعلية في هذا المجال.

لكل مصرف سياسته الخاصة!

الملاحظات كثيرة وجادة بشأن التخبط في السياسة المصرفية، وعدم توحيد نسب فوائد القروض، وما يقابل ذلك من غياب للدور الرقابي المطلوب في هذه العملية.
وتعليقا على الأمر، يوضح الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، تشعبات بخصوص الجانب الرقابي والنسب المفترض تحديدها بالنسبة إلى القروض، مشيرا إلى أن البنك المركزي يقدم إلى المصارف مؤشرات بخصوص حجم الفوائد المفترضة، ولكن هذه المؤشرات لا يتم الالتزام بها من قبل المصارف الحكومية والأهلية، وأصبحت لكل واحدة منها سياسة خاصة بشأن الفوائد على الودائع والقروض.
ويبين الصوري، أن قانون المصارف يسمح للبنك المركزي ان يقدم مؤشراته للقروض ولكنه لا يعطيه إمكانية فرض نسب الفوائد، ويقتصر دوره بهذا الجانب فقط، منوها إلى أن الفترات الماضية شهدت تلكؤا في تسديد القروض، دعا المصارف إلى رفع نسبة فوائدها لتخفيض الاقبال عليها، حسب قوله.
ويعتقد الخبير، أن المبادرة التي اطلقها البنك المركزي مؤخرا، بتخصيصه 5 تريليون دينار للمصاف الحكومية و 1 تريليون دينار للمصارف الأهلية لإطلاق القروض بفوائد منخفضة في هذا الظرف، يمكن أن يكون فرصة لتفعيل حركة الانتاج وتنشيط الاقتصاد الوطني.

تعليق اللجنة المالية

أما عضو اللجنة المالية النيابية، حنين قدو، فيعلق على الأمر ويوضح أن لجنته بدون شك مع فرض الفوائد المعقولة، والتي تنسجم مع طموح الشرائح الفقيرة والمعدمة في الحصول على القروض التي تتعلق بالسكن والزراعة وقطاعات حيوية اخرى مثل إنشاء المعامل وغيرها، فالأمر ينعكس ايجابا على اقتصاد البلد.
ويعتبر قدو، تحميل القروض الحالية فوائد عالية، ظلما وحيفا على الناس، علما أن اللجنة المالية في مجلس النواب لها موقف واضح بخصوص الأمر ولكن المعالجات تتعلق بوزارة المالية والحكومة، بينما البرلمان لا يمكن له سوى ان يقدم المقترحات اللازمة لتقليل الاعباء.
*********
الفساد في البصرة وصل إلى البنزين!
أصحاب مركبات ومولدات يشكون رداءة الوقود
البصرة - حافظ الجاسم
في ظل الأزمة الصحية المستعصية التي يعيشها العراق اليوم بسبب انتشار وباء كورونا، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية التي رافقتها، بدا واضحا أن الحكومة لا تمتلك القدرة على إدارة الأزمات أو وضع الرؤى التنموية لمواجهتها.
هذه الأزمات ليست وليدة الصدفة، إنما هي نتاج تراكمات بدأت منذ سقوط النظام الدكتاتوري المباد واستمرت حتى اليوم في ظل استشراء الفساد في مؤسسات الدولة ومفاصلها.
ولم يقف الفساد عند حد معين، بل انه انسحب على مختلف جوانب الحياة، وشمل قطاعات وأركانا خدمية مهمة ومصيرية، بينها محطات تعبئة الوقود، التي انتشرت بشكل كبير في البلاد تزامنا مع تطور الحياة ومساقاتها.
ففي محافظة البصرة، يشكو الكثيرون من أصحاب المركبات ومولدات الكهرباء، سوء مادتي البنزين والكاز اللتين يجري بيعهما في محطات تعبئة الوقود، ما أضر بالمحركات والمكائن التي تتزود بتلك المادتين.
رضا خليل، وهو صاحب سيارة نوع "كيا"، يشكو رداءة البنزين الذي يباع في محطات التعبئة، مشيرا في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "البنزين الموجود في غالبية المحطات في البصرة، لا يصلح لتشغيل محركات السيارات، وهو يضر بها كثيرا".
ويبين خليل أنه "في الكثير من الأحيان، يقوم بعض أصحاب المحطات بإضافة الماء إلى البنزين، من أجل جني أرباح أكثر، وفي أحيان أخرى يتم استيراد بنزين ذي كفاءة ضعيفة، ويتم بيعه على المواطن بسعر مثيله ذي الكفاءة العالية"، مضيفا انه ينفق سنويا قرابة 700 دولار على صيانة محرك سيارته، الذي يتضرر ويتعرض للعطب بسبب رداءة نوعية البنزين المستخدم.
ويرى سائق الـ "كيا" أن هذا الغش الذي وصل حتى إلى الوقود، يأتي في ظل غياب دور الحكومة الرقابي عن محطات التعبئة، مشيرا إلى انه "في بعض الأحيان تتم تسوية الأمر بين الجهات المعنية وأصحاب المحطات، عبر تقديم رشاوى أو منح نسبة من الأرباح!".
من جانبه يذكر فيصل عزيز، وهو صاحب ورشة لتصليح السيارات، أنه في الشهور الأخيرة ازدادت أعطال محركات السيارات بسبب نوعية الوقود المستخدم، موضحا في حديث لـ "طريق الشعب"، أن البنزين المغشوش يحتوي على مواد شمعية لزجة صعبة الاحتراق، يتم خلطها معه لغرض زيادة كميته وجني أرباح أكثر في بيعه، ما يضر المحرك الذي يتزود بيه ويتسبب في عطبه".
********
الأهالي ممتعضون ويهددون بتظاهرات واسعة
انخفاض ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية في البصرة
البصرة - أحمد العكيلي
بدأ فصل الصيف ومعه بدأت مشكلات الكهرباء المزمنة التي يعانيها أهالي البصرة منذ سنوات طويلة، شأن أبناء المحافظات الأخرى. فقد قل التجهيز وازداد القطع من دون برمجة منتظمة، حتى وصلت فترة القطع من خمس إلى سبع ساعات في اليوم الواحد.
مواطنون بصريون التقت بهم "طريق الشعب"، ابدوا امتعاضهم من مشكلة تدهور الكهرباء مع بداية حلول فصل الصيف اللاهب، والتي زادت من معاناتهم تحت طائلة أزمة كورونا.
المواطن عبد الحسين كاظم، قال انه "جزعنا من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، والتي تتفاقم خلال شهور الصيف، خاصة عند الظهيرة وفي الليل"، مشيرا إلى أن الانقطاع يكون في الغالب مفاجئا وغير منظم "إذ تنقطع الكهرباء ساعتين ثم تجهز مدة ساعة واحدة، وبعدها تنقطع بشكل مستمر، ما يبدو أن العملية برمتها عمدٌ!" – بحسب قوله.
وطالب كاظم الحكومة المحلية في البصرة بمعالجة هذه المشكلة، سيما أن العديد من المواطنين يعتمدون بشكل أساسي على الكهرباء الوطنية، كون إمكاناتهم المالية لا تسمح لهم بالاشتراك في المولدات الأهلية، في ظل تفشي البطالة وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، الذي ازداد خلال أزمة كورونا.
ووجه هذا المواطن البصري سؤالا إلى الحكومة المحلية والجهات ذات العلاقة، مفاده: "ما هو موقفكم من المواطنين المرضى والعجزة والاطفال وذوي الاحتياجات الخاصة الذين زادت معاناتهم اليوم جراء طول ساعات انقطاع الكهرباء؟"، مؤكدا أن "أهالي البصرة لن يقفوا مكتوفي الأيدي ازاء هذه المشكلة، وستكون لهم كلمتهم وصوتهم المطالب بإعادة الكهرباء إلى وضعها الطبيعي".
المواطن هشام راضي، طالب من جانبه الحكومة المحلية بأن تضع حلا عاجلا لمشكلة الكهرباء التي يعانيها البصريون، خاصة في فصل الصيف، مشيرا إلى أن هذه المشكلة بدأت تتفاقم في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وأوضح راضي أن "أهالي البصرة جزعوا وهم يواصلون المطالبة بحل مشكلة الكهرباء، لكنهم لم يجدوا أذنا صاغية لمطلبهم"، عازيا سبب المشكلة إلى "اتفاق بين البعض من أصحاب المولدات الأهلية وموظفين في دوائر الكهرباء، بهدف زيادة سعر الأمبير، فضلا عن الفساد الحكومي الذي عطّل الكثير من مشاريع الكهرباء، لكي تتم خصخصة هذا القطاع لصالح شركات وهمية تعود إلى بعض المتنفذين في السلطة" – على حد قوله.
واكد راضي انه "اذا استمر تدهور الكهرباء سوف تكون لنا كلمة، وسنخرج في تظاهرات واعتصامات للمطالبة بحل هذه المشكلة".
إلى ذلك ذكر صاحب مولدة أهلية (طلب عدم ذكر اسمه)، أن أصحاب المولدات لا ذنب لهم في كثرة انقطاع الكهرباء، فهذا الأمر يضرهم أيضا ويتطلب منهم توفير كميات كبيرة من "الكاز" والمستلزمات الأخرى.
**********
أفنوا شبابهم في خدمة وطنهم
المتقاعدون.. من المسؤول عن تأخر صرف رواتبهم؟!
بغداد – ماجد مصطفى عثمان
يعتمد المتقاعدون في تلبية متطلبات معيشتهم ومعيشة عائلاتهم، بشكل أساسي، على ما يتقاضونه من راتب تقاعدي. فمنه ينفقون على متطلبات الحياة الكثيرة، من بدل إيجار المنزل واشتراك خط مولدة الكهرباء، حتى مراجعة الأطباء وشراء الأدوية وغير ذلك.
إلا ان مشكلة تأخر صرف الرواتب باتت تتكرر بين حين وآخر، بناء على أسباب وحجج غير مبررة – بحسب متقاعدين عديدين التقت بهم "طريق الشعب".
وتعتبر رواتب المتقاعدين خطا أحمر لا يمكن التجاوز عليه. فهي مؤمنة مسبقا لدى "صندوق تقاعد موظفي الدولة"، ومن المفترض أن لا يتم التلاعب بها أو التجاوز عليها مهما كانت الأسباب. وبالإضافة إلى ذلك فإن تلك الرواتب لا تعد "مكرمة" تتصدق بها الدولة على المتقاعدين، إنما هي من استحقاقاتهم، وتم تشريع صرفها بموجب قوانين خاصة.
واليوم بعد مرور أكثر من أسبوع على حلول شهر حزيران الجاري، لا تزال رواتب المتقاعدين (المدنيين والعسكريين) غير مصروفة، فصاروا يواجهون العيش في ظروف صعبة وسط قلق وتوتر وانتظار. فأعداد كبيرة منهم مهددة بالطرد من منازلها، ما لم تدفع بدل الإيجار، بالرغم من كون الراتب لا يفي بمتطلبات الحياة، ولا يليق بهذه الشريحة التي أفنت زهرة شبابها في خدمة الوطن.
"طريق الشعب" تنقل صورا لمعاناة المتقاعدين الذين التقت بهم.
المتقاعد فريد عبد سلمان، ( 70 ) عاما، قال لنا ان راتبه التقاعدي لا يتجاوز 500 ألف دينار، "وهذا المبلغ لا يلبي متطلبات المعيشة وتكاليف العلاج الباهظة".
وتابع قائلا: "استطعنا التعايش مع هذا الراتب رغم قلته، إلا أن عدم صرفه في موعده المحدد أمر مرفوض جدا، كون ذلك يحيل حياتنا إلى جحيم!".
المتقاعد عدنان جاسم، تساءل: "إلى متى تستمر معاناتنا نحن المتقاعدين؟".
وأضاف قائلا "وبعد إحالتي على التقاعد عملت في أحد المكاتب الأهلية ليساعدني ذلك في سد حاجات عائلتي، إلا أنني لم استطع المواصلة ، نظرا لكبر سني فاضطررت إلى الاعتماد على راتبي التقاعدي البسيط"، مشيرا إلى انه أجرى قبل فترة عملية "قسطرة" لشرايين القلب، كلفته أكثر من مليوني دينار، واضطر حينها إلى الاقتراض من أحد مكاتب الصيرفة الأهلية، فصار يدفع شهريا نصف راتبه لتسديد أقساط القرض.
واشتكى جاسم من صرف راتبه التقاعدي، وقال بألم وحسرة: "أرحموا شيبنا وإلا لن تجدوا من يرحمكم عند الكبر!".
المتقاعد محمد حسن عبد الجبار، يقول من جانبه انه "في شهر أيار الماضي تأخر صرف رواتبنا 11 يوما، وعشنا وقتها ظروفا صعبة جدا، والان مر أكثر من 7 أيام على موعد صرف الرواتب التقاعدية ولا نزال ننتظر بصبر لنوفي الديون المترتبة علينا جراء التزاماتنا المعيشية".
وتابع قائلا: "نأمل من الحكومة وهيئة التقاعد الوطنية ان تضعا حلا لمشكلة تأخر صرف الرواتب".
وتحدثت المتقاعدة سميرة جاسم عن معاناة المتقاعدين، قائلة انهم نساء ورجالا، يضطرون إلى التجمع في هذه الظروف الوبائية الحرجة، أمام مكاتب صرف مستحقات بطاقة "كي كارد"، أملا في وصول رواتبهم، ما يعرضهم إلى خطر العدوى الفيروسية، خصوصا أن معظمهم من كبار السن والمرضى الذين لا يقوون على الصمود أمام هذا الفيروس المميت. وخاطبت المتقاعدة سميرة المعنيين بمشاعر مواطنة منتفضة: "كفى ظلما وتهميشا واستضعافا لشريحة المتقاعدين".
*********
اخطاء ادارية بين مديريات التربية ومحافظة بغداد تتلاعب بمصيرهم!
التدريسيون الجدد يعملون مجانا منذ شهور ، متى تصرف رواتبهم؟
طريق الشعب - خاص
ما زال المدرسين والمعلمين المعينين مؤخرا على الملاكات التدريسية يعملون دون رواتب منذ شهور في مختلف المحافظات. وفي بغداد تحديدا، عطلت رواتبهم بسبب أخطاء إدارية تكررت لمرات عدة، ومضامين وأرقام مبهمة في الكتب الرسمية المتعلقة بهم والتي ترسل من المحافظة إلى وزارة المالية، لتقوم الأخيرة برفضها في كل مرة. حيث بقيت هذه الاجراءات مستمرة وبقيت معها رواتب اعداد كبيرة من التدريسيين معطلة بشكل مثير للريبة.
كاد المعلم أن يكون رسولا.. ولكن!

المُعينون على الملاكات التربوية ينقسمون إلى مجموعتين، الأولى من أصحاب الشهادات العليا الذين اعتصموا وجاء أمر تعيينهم وفق أمر وزاري، بينما المجموعة الثانية من المتقدمين للتعيين على الأنترنت. والكثير من أفراد المجموعتين باشروا العمل الوظيفي منذ مطلع العام الدراسي الحالي ولم يتقاضوا اي راتب إلى الان.
التدريسيين من أصحاب الشهادات العليا في بغداد يروون لـ"طريق الشعب"، قصصا مؤلمة عن التعامل معهم والتعطيل المقصود لإبقائهم بلا رواتب، فيما تتم معاملتهم عند المراجعات من قبل مديريات التربية ومحافظة بغداد بطريقة سيئة لا تحترم قدسية المعلم وخصوصية مقامه بين الوسط الوظيفي والاجتماعي.
فالتدريسية حنين باسم، التي عُينت ضمن مديرية تربية الرصافة الثانية، تقول: "باشرت في الوظيفة منذ مطلع العام الحالي وما زلت بلا راتب كالمئات من أقراني حملة الشهادات العليا في بغداد وبقية المحافظات".
وتلفت إلى أن "التعيين كان حصيلة معاناة قاسية من مراجعات للمديرية تضمنت الاستهانة والاهمال من قبل الموظفين، وارجاع الكثير من المعاملات بسبب أخطاء تتعلق بالعناوين الوظيفية وغيرها دعت الكثير منا لإعادة المراجعات من جديد والوقوف امام شبابيك الدوائر"، مبينة أن "أغلب المعاملات تعرضت لعرقلة مقصودة في المديريات وبقيت جداولنا التفصيلية المطلوبة غير مكتملة، ما دعا وزارة المالية لمرات كثيرة جدا أن تعيد كافة الكتب والطلبات المتعلقة بصرف الرواتب لما تتضمنه من اخطاء ادارية واملائية شنيعة غير معقولة".
وتؤكد باسم، أن "المحافظة خاطبت المالية بشأن صرف رواتب لأعداد كبيرة تتجاوز عدد المقبولين بالتعيين من اصحاب الدراسات العليا وفق الأمر الوزاري، وفي كل مرة ترفض المالية هذه القوائم لأنها غير دقيقة ومثيرة للريبة"، مبينة أن "الجميع أصبح يعلم أن هذا التلاعب بالأرقام تقف خلفه محاولات قد تكون لإدراج اسماء اضافية تابعة لجهات متنفذة أو محاولات جديدة للفساد في هذا الملف".

دمج ومغالطات شنيعة

اما التدريسي محمد رضا، وهو ضمن قوام مديرية تربية الرصافة الأولى، يبين أن المديريات تدمج وتشبك الاجراءات بين المعينين وفق الأمرين الوزاري والديواني، بطريقة أما تكون مقصودة، أو انها دليل صارخ على فشل المدراء والموظفين.
ويتابع "هذا الدمج سببّ مشاكل كبيرة اعاقت تمشية معاملات أصحاب الشهادات العليا، خصوصا وأن مديرية تربية الرصافة الاولى لم تقم بواجبها تجاهنا، وبادرنا لمساعدة موظفيها لإنجاز الجداول التفصيلية والنواقص، ومعالجة الأخطاء الإدارية الكارثية والمعلومات التي تتضمن اخطاء غير مبررة تعرقل اكمال وضعنا القانوني لاستلام مستحقاتنا المعطلة"، مبينا أن "أي خطأ كان يتسبب بإعادة كافة الاجراءات الروتينية مجددا، مثل تدوين عنوان وظيفي خاطئ أو فقدان أوليات المدرسين وعدم الاحتفاظ بهواتفهم وسلوكيات مقصودة من قبل الموظفين تعاد باستمرار".
ويضيف رضا "قدمنا عشرة نسخ من كل هوية ووثيقة ومستمسك مطلوب وعلى الرغم من ذلك بقيت معاملاتنا معطلة والمديرية طالبتنا خلال فترة الحظر بإرسال نسخ جديدة من بعض الوثائق المطلوبة أو إلغاء تعييناتنا خلافا لذلك".

معاملة سيئة

الشكاوى تعددت بشأن سلوك مديريات تربية بغداد مع التدريسيين أصحاب الشهادات العليا وعرقلة صرف مستحقاتهم.
وبناءً على ذلك، يوضح التدريسي احسان عبد الامير، أن "موظفي تربية الرصافة الأولى يتعاملون بقلة احترام مع الاساتذة المعينين الذين يراجعون من أجل انجاز معاملاتهم بشأن الرواتب، ويخفون أي معلومة جديدة ويدعون أنهم فقدوا هواتفنا ولا يعلنوا عن الاجراءات الجديدة عبر الانترنت".
ويشير عبد الأمير، إلى أن "مديرة الحسابات في المديرية تقول للمراجعين وجها لوجه وبطريقة مستفزة (لدينا خزين مالي يكفي لصرف رواتبكم، وأنا املك الصلاحيات للصرف، ولكن لن اقوم بذلك وسأنتظر انهاء معاملاتكم المعلقة ما بين المحافظة ووزارة المالية)"، منوها إلى أنها "رفضت حتى المقترح الذي قدم بشأن صرف سلف للمدرسين المباشرين بالخدمة".

تضارب في قرارات المديريات

المصائب لا تكتفي عند هذا الحد بالنسبة لهذه الشريحة، بل تتعمق وتتجذر بإجراءات روتينية معقدة ومريبة.
التدريسية عذراء محمد ضمن مديرية الكرخ الأولى، تقول أنه بعد صدور أمر التعيين بقينا فترة طويلة نعمل على إكمال بعض الاجراءات لغرض المباشرة.
وتتابع القول "المديريات ووزارة التربية عقّدت كل الخطوات وأخرت مباشرتنا عندما انجزت بسبب عملية تصويب الاسماء المكتوبة بشكل خاطئ وتفاصيل أخرى أدركنا تماما انها ليست اخطاء وانما جاءت بشكل مفتعل"، مؤكدة أن "إدارات المدارس لا تعطي الاجازات للمدرسين لمراجعة مديريات التربية بشأن رواتبهم المعطلة وأصبحنا أما موقف صعب جدا، علما أن تأخير الرواتب أصبح أمر واقع بعد دخول البلد في ازمة مالية كبيرة ولا نعلم متى تنتهي معاناتنا وكيف سيتم معالجة الموضوع".
ازالة اسماء بطريقة تعسفية

المدرس علاء راضي، المعين ضمن قوام مديرية تربية الكرخ الثانية، يشدد على أن أعداد المعينين من أصحاب الشهادات العليا ليس كبيرا إلى الحد الذي يبقى طيلة هذه الفترة دون أي حل، لافتا إلى أن الفساد والفشل والتخبط الإداري لعب دورا في هذا الملف.
ويؤكد راضي "إزالة اسماء الكثير من المعينين وفق ذرائع غير منطقية تتعلق بنقص بعض المستمسكات مثلا، حيث يقضى على مستقبل المدرسين وتلغى اوامر تعييناتهم بشكل غير اخلاقي"، متسائلا عن "مدة بقاء حالهم معلقا بين مديريات التربية والمحافظة من جهة، ووزارة المالية من جهة أخرى؟".
"طريق الشعب" حاولت لمرات عدة الاتصال بالمحافظة للاستفسار عن تفاصيل تعطيل هذه الرواتب وتوفير المساحة لها للإجابة عن التساؤلات، ولكن كل محاولات الاتصال لم تنجح، علما أن الأمر لا يحصر عند أصحاب الشهادات العليا، بل يتعداه بشكل أوسع وأعقد لآلاف المدرسين المعينين من حملة شهادة البكالوريوس الذين لم يتقاضوا رواتبهم ايضا إلى الآن، فيما يبقى آخرون في محافظات عدة، لم يباشروا الدوام رغم صدور اوامر تعيينهم، ولا يعلمون هل هم معينون، أم تم التلاعب بأسمائهم، فلا جواب شافي من المديريات لطمأنتهم.
************
ص4
لماذا فشلت رقابة الدولة في مكافحة الفساد؟
-٢-
ابراهيم المشهداني
في الجزء الاول اشرنا الى ان الدساتير والتشريعات في بلادنا اذا لم تأخذ دورها الفاعل في الحفاظ على النظم السياسية الراسخة والاقتصادية والاجتماعية والامنية وتحقيق العدالة لمواطنيها في مجال توزيع الثروات المادية وتأمينها من عبث الفاسدين الاشرار من خلال احكام الرقابة على اداء اجهزة الدولة بمختلف مسمياتها ومنع انحرافها عن الخط العام، فأنها لن تكون سوى سردا لفظيا مثيرا للاعتراض.وان قوة الدولة وهيبتها لا تستقيمان في ظل الازمة الاقتصادية وتفاقم الازمة الاجتماعية وما افرزته من توسيع الفجوة بين السلطة والجماهير التي انتفضت في هبة شعبية لم يشهدها تاريخ العراق الحديث.
وفي الجزء الثاني سنتوقف عند الظواهر المشتركة بين وزارات الدولة ومؤسساتها والتي تجد تعبيرها الملموس في العجز عن تنفيذ الخطط والمشاريع والتي تسببت في هدر اكثر من تريليون مليار دولار من خلال انتشار الفساد الاداري والمالي وتدهور البنية الاقتصادية.
صحيح ان كل وزارة او مؤسسة حكومية تمتلك خصوصيتها التي تميزها عن غيرها بسبب الاختلاف في طبيعة المهام وموقعها في عملية الانتاج والخدمات التي تقدمها الى المجتمع وما تتطلب من اليات وادوات خاصة بها رغم تشاركها في العديد من هذه المهام مع غيرها من الوزارات ما شكل ظواهر مشتركة لطالما اشرتها تقارير ديوان الرقابة المالية والتي وان اقتصرت على الفصل الاول من عام 2019 الا انه يمكن الاستنتاج في نهاية المطاف ان خلاصة هذه التقارير لم تكن انطباعية كما قد يتصور البعض بل استندت الى بيانات حقيقية امتدت جذورها الى سنوات خلت وتراكمت تلك الظواهر بكثافة لدرجة تحولت الى امراض معدية وفتاكة ومن الممكن تصنيفها على النحو الاتي :

مخالفة التعليمات والضوابط

من الواضح لكل متابع ان التشريعات والتعليمات والتي تشكل الضوابط الاساسية واجبة الالتزام بنصوصها هي في الحقيقة لم يجر وضعها لأغراض المعرفة او السرد وانما لتسهيل تنفيذ الخطط والمشاريع التنموية التي تستهدف ايصال المجتمع الى مستوى الرفاهية ووقايته من الانحرافات التي تحركها الميول الشخصية للطبقة البيروقراطية المهيمنة على الجهاز الحكومي ولكن بدلا من التقيد بنصوصها لخدمة المجتمع فأنها اول من بادر ولنوازع ذاتية وحزبية لانتهاك هذه الضوابط. فوفقا لتقارير ديوان الرقابة المالية فان اول هذه القوانين المنتهكة هو قانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 وقانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم 31 لسنة 2011 وقانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 المعدل بالإضافة الى التجاوز على تعليمات تنفيذ الموازنة الاتحادية العامة وتعليمات تنفيذ العقود الحكومية وسنفرد لهذه التعليمات حقلا خاصا لاحقا .
ان هذه الانتهاكات قد ترتب عليها نتائج وضعت الجهاز الحكومي على حافة الانهيار وتمظهرت في تخلف دوائر الدولة وشركاتها العامة وضياع بوصلتها في تقديم البيانات المالية خلال الفترة المقررة قانونا مما تسبب في الحجب عن الاجهزة الرقابية ومن ثم الراي العام ، كيفية ادارة المال العام واوجه الصرف في المجالات المخصصة له كما تمتنع هذه الاجهزة عن قصد او بدونه عن التعاطي مع الاجهزة الرقابية ومخاطباتها وبالتالي تضييع الوقت بدون طائل، فضلا عن ذلك تراكم العجز في هذه الشركات بنسبة 50 في المائة من رأسمالها يصاحب ذلك غياب عمليات التقويم التي ينبغي ان تقوم بها الوزارات في الجوانب الاقتصادية وعرض النتائج على مجلس الوزراء لاتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من هذا السلوك الضار والمتباطئ الذي يعبر عن اهمال وفقدان الكفاءة الادارية والاقتصادية فضلا عن ذلك فان من الظواهر المباحة في جهاز الدولة الانتهاك في تنفيذ تعليمات الموازنة العامة والتلاعب في التخصيصات المالية والتجاوز على الموازنات الاستثمارية لأغراض الانفاق التشغيلي وما فيه من هدر في المال العام واعطاب العملية الاقتصادية وايقافها عن النمو.

الانتهاكات في العقود الحكومية

قد يكون جزء من الهدر المالي لم يكن مقصودا وانما ناتجا عن ضعف كفاءة الاداء من خلال عدم وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب لكن ذلك في المحصلة يشكل ضياعا للثروة بسبب الافراط في انتشار الفساد وصحيح ان الكثير من الممارسات تدخل في باب الفساد ومن ضمنها الرشوة وبيع المناصب الحكومية في اسواق خاصة تحت الارض اعدت لهذا الغرض بيد ان اسوء اشكال الفساد تكمن في العقود الحكومية التي تبدا اولى خطواتها بعدم الالتزام بالقوانين والتعليمات الناظمة لها وتوضيحا لأشكال الانتهاكات نشير الى ما يلي :
• التأخر في الشروع بالتنفيذ بعد صدور اوامر الاحالة من قبل الاطراف الحكومية وعدم قيام بعض الشركات المتعاقد معها على تقديم اعمال مماثلة للتأكد من توفر الخبرة والقدرة على الانجاز تعزيزا للموثوقية.
• مخالفات ادارية فضة تتمثل بتشكيل لجان تحليل العطاءات التي تفتقر الى الخبرة مما يجعلها تهمل الكثير من المقومات الحصيفة لتحليلها بهدف احتساب نسب الترجيح للعروض المالية والفنية ولأغراض المفاضلة والاختيار المناسب من العطاءات مما يحمل الكثير من الثغرات والنواقص وما يترتب عليها من تعظيم التكاليف التي تتحملها الدولة وضعف الانجاز وتكون المشاريع اكثر عرضة للانهيار خلال فترة قصيرة.
• التأخر في ارسال العقود الى ديوان الرقابة المالية من اجل تدقيقها وفقا للشروط القانونية والضوابط المقررة والتأخر في مفاتحة وزارة التخطيط لغرض التحقق من صحة وسلامة الجهات المتعاقد معها والتأكد من انها لم تدرج في القوائم السوداء وايضا عدم ارسالها الى جهاز المخابرات (للتدقيق لطفا ) للتأكد من المواد المجهزة.
• ومن ابرز الانتهاكات تمديد فترة الانجاز بانقضاء فترة طويلة على فترة الانجاز التعاقدية مضافا اليها نسب الانجاز المتدنية بسبب التلكؤ والاهمال من قبل الشركات المنفذة وتماهل الجهات الحكومية في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
ومن الجدير بالذكر ان الفشل في تنفيذ التعاقدات الحكومية يقف وراءه، من بين اسباب عديدة ، الغموض الذي يكتنف طائفة كبيرة من الضوابط والتعليمات التي تتيح لطرفي العقد التملص من المسؤولية والتذرع بعدم وضوح النصوص القانونية والاجتهاد الفوضوي في تفسير تلك النصوص التي قد تكون شرعت بنصوص غير واضحة لغاية في نفس يعقوب والتي ادت في الغالب الى ضعف الانجاز والبحث عن الذرائع والمبررات لتمديد مدة العقد وربما التوقف المطلق عن اكمال المشروع المعين وتآكل شروطه المتفق عليها بسبب الوضع الامني مثلا او البيروقراطية الادارية وضعف المتابعة وتبادل الاتهامات بين الاقسام ذات الاختصاص وتحميل لجان التعاقد مسؤولية الفشل في التنفيذ مع ما فيها من وجاهة في الكثير من الاحيان واسوء النتائج المترتبة عن كل تلك الاسباب دفع كامل مبلغ العقد رغم قلة الانجاز وعدم الشروع في ملاحقة المقاولين الذين لا يعرف مكانهم الا الضالعون في العلم حيث لم يقدموا الضمانات المطلوبة بسبب تواطؤ اللجان.
**********
العقار والايجار.. وجائحة كورونا
سلام القريني
امام مبني رئاسة جامعة كربلاء القديم الواقع في حي الموظفين والذي لازالت فيه ابنية كلية الطب وعدد من الاقسام العلمية الأخرى تكونت بمرور الزمن مع وجود الطلبة الكثير من محلات بيع القرطاسية ومكاتب الاستنساخ على طول الشارع المقابل للرئاسة والتي تعود ملكية اغلبها الى اصحاب الدور السكنية. شيدت تبعا للحاجة التي فرضها وجود هذه المؤسسة التعليمية كمشروع ربحي وخارج عن سياقات التخطيط العمراني في ظل فوضى وضعف فرض تطبيق تعليمات البلدية ،وهي الان موجودة كواقع حال لتلبية حاجة الطالب والمواطن .
في ظل جائحة كورونا وفرض الحظر الصحي منذ ١٥ اذار الماضي وحتى يومنا هذا تعطلت الدراسة واغلقت جميع المحلات التي هي مورد رزق لعشرات العوائل ،وتكدست بضاعتهم وتوقفت اعمالهم مما أدى الى مواجهتهم لمشكلة حقيقية مع اصحاب العقارات الذين يلزمونهم بدفع الايجار الشهري الذي يتراوح بين 200 الف دينار الى المليون .بدورنا قمنا مؤخرا بزيارة رغم وجود الحظر الجزئي والتقينا صاحب مكتب القرطاسية ابو زهراء وهو مدرس متقاعد وحين سألناه عن حاله :
- اجاب والله سيء!
لماذا؟
- هذا الشهر الرابع درهم واحد لم يدخل جيبي من المكتبة.
وماذا ستفعل؟
- افكر في بيع المكتبة!
السبب ؟
- شغل ماكو وابو المحل يريد ايجار.
يعني لم يراع وضع الناس والبلد؟
- كلا يريد ايجارا كاملا.
ثم انتقلنا الى مكتب صغير اخر وسألناه
كم ايجار المحل ؟
- 500 ألف دينار
هل دفعت لصاحب المحل الايجار؟
- منين ادفع عمي هو طاب لي درهم حتى ادفعه!
يريد ايجار كامل!
وهكذا بقية المكاتب.
نجد انها مشكلة حقيقية من الضروري تدخل الجهات ذات العلاقة لمعالجتها.
************
ذكّر عسى التذكير ينفع
ناصر حسين
كنت قبل عدة سنين قد كتبت تحت نفس العنوان على صفحات جريدة طريق الشعب موضوعاً عن سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي وغيره لتغطية العجوزات في الموازنة السنوية للعراق والتراكم المستمر لما يترتب على ذلك النهج من ديون سواء كان خارجية او داخلية وما يكلف الخزينة سنوياً تسديداً لخدمات تلك الديون –فوائدها- التي تصل نسبتها احيانا الى 5في المائة من استحقاقات الموازنة سنوياً.
وقد اشرت فيها الى ان احدى الملكات في اوروبا بعد ان اغرقت بلدها بالديون الخارجية واصبحت عاجزة عن تسديدها فرضوا عليها ان تدخل الى جانبهم حرباً لا ناقة لشعبها فيها ولا جمل.
واشرت ايضاً الى ان القرض الذي استلمه خديوي مصر –اسماعيل ابراهيم- من فرنسا قبل غيرها من اجل حفر قناة السويس وارتهن لديهم من اجل تسديد ذلك الدين رسوم مرور السفن في القناة اتضح عام 1956 بعد صدور قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميم شركة القنال ان كل ما استلمته الشركة من رسوم ذهب لتغطية النفقات الخاصة بالشركة –نفقات ادارية- وخدمات الدين وبقي مبلغ القرض بكامله ديناً على مصر لم يسدد منه ولا فرنك فرنسي ولا جنيه بريطاني.
وتساءلت حينها على ضوء المقترح الذي تقدم به الدائنون الى الحكومة اليونانية عندما عجزت اليونان عن تسديد ما بذمتها وقت مرت باليونان عاصفة الازمة المالية الاخيرة، بيع احدى الجزر اليونانية لتتمكن من تسديد تلك الديون، عمّا سيقترحون علينا بيعه من اجل تسديد ديونهم علينا اذا ما عجزنا ذات يوم عن تسديد تلك الديون فهل نبيعهم العراق ونرحل نتسكع على ارصفة شوارع الدول الاخرى نستجدي الصدقات؟
ومرت السنين وبقي العراق مستمراً على نفس النهج، موازنة بعجوزات كبيرة واقتراض داخلي وخارجي لتسديد خدمات الدين على الاقل والمصدر الاساسي لتمويل الموازنة هي مبيعات النفط الخام.
في موازنة عام 2019 المنشورة في العدد 4529 من الوقائع العراقية بلغت الكمية المخصصة للدين عشر ترليونات وسبعمائة واثنان وتسعون مليار وستمائة وتسعون مليون وسبعمائة وثمانون ألف دينار وقبلها كانت حصة اقساط الدين الداخلي والخارجي من موازنة العام 2018 المنشورة في العدد 4485 من الوقائع العراقية ثمانية ترليونات ومئتان وستة واربعون مليار وثمانمائة وتسعة وتسعون مليون دينار.
ولان الموازنة الحالية لم تقر بعد بصيغتها النهائية وتنشر في الوقائع فليس بإمكاني مناقشة مفرداتها وتكوين تصور نهائي عنها. لكن التسريبات التي انتشرت منذ فترة عنها تؤكد ان العجز بين الوارد والمصروف كبير جداً وتضاعف على ما يبدو بعد الانهيار الحالي لأسعار النفط الخام في السوق الدولية، والانخفاض الكبير في الطلب على النفط.
وللوضوح اكثر والتحذير المسبق من العواقب اود هنا العودة الى مصر فترة الخديوي اسماعيل ابراهيم.
لقد كان الرجل منفتحاً، واراد لمصر التقدم الحضاري، ولضعف الامكانيات الاقتصادية –اقصد هنا السيولة النقدية- انتهج نهج الاقتراض من الدول الاوربية التي رحبت بذلك النهج فالرأسمالية في تلك الدول قد تطورت ودخلت مرحلة الامبريالية التي تمتاز بتصدير رؤوس الاموال الى الخارج بدلاً من التفتيش عن اسواق لتصريف منتجات صناعاتها وسلعها المختلفة. ومن خلال ذلك التوظيف لرؤوس اموالها تتمكن من نهب ثروات الشعوب وتكديس رؤوس الاموال في خزائنها وعندما تراكمت تلك الديون على مصر وافلست خزينة الدولة واصبح عاجزاً عن تسديد ولو خدمات الدين بدأت ضغوطاتهم عليه وكانت البداية ان اقترح المستر دلسبس على الخديوي ان يبيعهم القنال نفسها واضطر فيما بعد ان يبيع على بريطانيا اسهم مصر في شركة ادارة القنال لتصبح شركة فرنسية بريطانية مشتركة، وعندما عجز عن تسديد ولو جزء بسيط من تلك الديون ارسلوا اساطيلهم لتقصف ميناء الاسكندرية وتحتله قواتهم وفيما بعد تصل الى مدينة القاهرة ليصبح اللورد كرومر هو الامر الناهي في القاهرة وحتى فرضوا على الخديوي احدى وثائقهم التخويل للمثل البريطاني عزل الخديوي متى شاء، بهذا الخصوص انصح بالعودة الى مؤلف الكاتب المصري صلاح عيسى المعنون (الثورة العرابية) ومن المفيد ايضا متابعة حلقات المسلسل (بوابة الحلواني) والمسلسل (النديم) من خلال القناة التلفزيونية ماسبيروزمان.
كيف يتصرف المحتل وكيف يقرر شؤون البلد، ففي لقاء مع محافظ الديوانية السابق الشهيد السيد جمال كاظم حسوني تحدث معي يشكو امره فهو (لا يمتلك اية صلاحيات) وضرب مثلاً بان اشار بأصبعه الى شرطي يجلس عند باب غرفته واكد لي بانه لا يملك صلاحية نقل هذا الشرطي من باب هذه الغرفة الى باب غرفة اخرى في نفس البناية .
ولا انسى ابداً يوم دعينا الى ندوة في بناية منظمة حقوق الانسان ليتقدم الى المنصة ضابطهم الذي كان يسمي نفسه (الوسيم) ليتحدث عن كلمة الديمقراطية ومصدر اشتقاقها، واتذكر ان احدنا بعد ان اكمل حديثه ذكره باننا في العراق ومن عهد سومر نعرف الديمقراطية عملياً، فقد اسس كلكامش حاكم اوروك (الوركاء) اول برلمان في العالم وقد تشكل من مجلسين: مجلس الشيوخ، ومجلس المقاتلين).
عل كل، لقد انتهت تلك الحال واستعدنا سيادتنا الوطنية ولا نريد ان نجدها ذات يوم منقوصة ولا نرضى بان نجد قرارنا السياسي المستقل مقيداً بقيود.
وهذه طبعاً تقع مسؤوليتها قبل أي كان على عاتق المسؤول الاول في السلطة وفقاً للدستور ومعلوم ان السهر لتحقيق هذه المهمة لا يقبل التردد من جانب المسؤول السياسي والاداري في الدولة اذ ان أي تردد في اتخاذ القرار المطلوب تكون نتائجه على الشعب وخيمة.
ذات يوم من العام 1960 او 1961 كتب الشهيد ابو سعيد (عبد الجبار وهبي) في عموده اليومي الذي كانت تنشره جريدة اتحاد الشعب في الصفحة الثامنة منها محذراً من التردد وما يجلب من مخاطر واختتم ما كتبه ذلك اليوم بالقول (فاحذروا يا اصدقائي) ومما يؤسف له ان تحذيره ذاك لم يأخذ طريقه الى سلوك سيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم فكانت النتيجة ان قفز ألفاشست الى مقاليد السلطة في انقلابهم الاسود في 8 شباط 1963 وارتكبوا ما ارتكبوا من مجازر بحق شعبنا واصبحت منجزات ثورة تموز هباء منثوراً وحتى الزعيم نفسه لم يسلم على حياته اذ قتل في دار الاذاعة صباح يوم 9 شباط بخسة ونذالة وحقارة.
لقد كان شاعرنا الراحل عريان سيد خلف عندما استذكره ذات يوم في قصيدة له محقاً عندما قال (منك كلها منك طب حراميها او لعب بيها اوخبطها او شرب صافيها)
(كَلنالك تحذّر ناوراك الذيب تاعيت الضواري وأمنّت بيها)
ومجد استشهاده بما يستحق من تمجيد، فقد رفض الرجل ان يعصبوا عينيه واستشهد وهو واقف على رجليه يهتف بحياة الشعب العراقي
( يا غرّة بياض بكصة التاريخ
جسدت الرجولة بكل معانيها)
( لاكيت المنايا بهيبة ألفرسان
ما دورت حفرة وعفنت بيها)
واليوم اجدني من الناصحين ومحذراً كما حذر الشهيد ابو سعيد (احذروا يا اصدقائي) احذروا من مواصلة النهج الخاطئ والضار النهج الذي كانت مفرداته ايقاف مصانعنا ومعاملنا عن العمل، واهمال الزراعة وجعل العراق دولة ربعية استهلاكية، اقتصادها وحيد الجانب وريوع النفط هي الممول الرئيس للموازنة السنوية، نهج معالجة العجوزات في الموازنة من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي وبإمكان أي كان التعرف على مفردات سياسة الاقتراض الداخلي والخارجي الرجوع الى العدد 4352 من الوقائع العراقية فقد نشر فيه قانون موازنة عام 2015 والعدد 4485 الذي نشرت فيه مفردات موازنة عام 2018 او مفردات موازنة عام 2019 المنشورة في العدد 4529 من الوقائع العراقية.
ان ازمة كورونا الحالية تفرض على ادارة الدولة ان تعيد النظر بسياسة الدولة الاقتصادية وتطليق نهج ما قبل كورونا والاسراع بتدوير عجلة صناعتنا الوطنية وايلاء الاهتمام الكافي بالزراعة. كما يتطلب استرجاع كافة مبالغنا المسروقة والمهربة الى الخارج فأنا مقتنع تماماً بان استعادة ولو جزء من تلك المبالغ سيسدد كل ما بذمة العراق من ديون داخلية وخارجية ويوفر المنطلق السليم لوضع العراق على السكة الصحيحة التي تضمن له التقدم الحضاري المنشود.
عراق ليس فيه بطالة ولا جوع.
عراق غير مدين لا داخلياً ولا خارجياً.
عراق ليس فيه فقر ولا فاسدين ولا مفسدين لنظام الحكم وجهاز الدولة.
عراق حر، مستقل، سيادته مصونة، واستقلاله مضمون.
عراق يتعامل مع الاخرين ويتعاملون معه تعامل الند للند، صداقة مع الجميع، لا نتدخل في شؤون بلدانهم ولا يتدخلون في حياتنا نحن.
عراق: دولة مدنية ديمقراطية يسعى الجميع فيه: المجتمع، القوى السياسية، السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية، والسلطة الرابعة من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية ومن اجل ان يكون وطننا حراً وشعبنا سعيداً.
واعود واكرر نداء الشهيد عبد الجبار وهبي (احذروا يا اصدقائي) فلا عودة لما قبل ازمة كورونا مطلقاً.
***********
ص5
كلما تراجع التأييد له تصاعد عنفه
هل يخسر ترامب انتخابات الرئاسة المقبلة؟
اعداد: رشيد غويلب*
هل يمكن ان يخسر ترامب الانتخابات المقبلة؟ كان هذا السؤال مطروحا بعد فوز ترامب بالانتخابات مباشرة. لقد انتخب ترامب بعد حملة انتخابية استبدادية وعنصرية، واثار مخاوف تقويض الديمقراطية، وارتقاء قمة الاستبداد. اليساريون الليبراليون كانوا يرون، ان المؤسسات والاجراءات الديمقراطية في الولايات المتحدة اقوى من هذا الاستبدادي المغرور. وكثيرمن اليساريين تهرب من الاجابة المباشرة ("يجب التعبئة الآن ضد ترامب"). في كلا المجموعتين كان هناك امل ساذج في ان تنجح عملية عزله في المستقبل القريب ، ولكن تم تجاهل ذلك عمداً ، لان ذلك سيعتمد دائمًا على دعم عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين.
والآن بعد أن هدد الرئيس الأمريكي باستخدام الجيش ("الآلاف من الجنود المدججين بالسلاح") ضد مواطنيه رداً على الاحتجاجات ضد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس،وعد حركة "مناهضة الفاشية" منظمة ارهابية، وناقش امكانية سيطرته على الشرطة في العاصمة واشنطن، وضع السؤال بشكل نهائي على جدول الأعمال.

هجوم استبدادي
على الديمقراطية

ليس مطلوب الآن تحديد ما اذا كان ترامب فاشيا ام لا. لقد تمت مناقشة ذلك منذ سنوات، ومن الواضح ان هذه المناقشة غير مجدية وغير مهمة، فالأمر يتعلق بمناقشة بديلة. الثابت أن ترامب يجسد الدكتاتوريين الذين لايفرض عليهم التعامل مع القواعد الديمقراطية لفترة طويلة. ومن الثابت أيضًا أنه يعتمد مسارًا استبداديًا قوميًا متشددا، يرى في اليمين المتطرف حلفاء ويشعر بالقرف من الإجراءات والمؤسسات الديمقراطية.
وبهذا المعنى، يمكن ان تعد سنوات ترامب في السلطة هجوما مستمرا على الديمقراطية، التي كانت تحت الضغط منذ سنوات طويلة، مثلا ملف تمويل الحملات الانتخابية. وبطريقة ما، يعد ترامب بمثابة الكرة المدمرة للديمقراطية الأمريكية؛ فهو امتدح "المتظاهرين" المسلحين الذين احتلوا مبنى الكابيتول في ولاية ميشيغان ودفعوا اعضاء برلمانها الى الهرب. وكذلك قام بتسريح المسؤولين غير المنضبطين، من مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي إلى المدعي العام جيف سيشنز إلى المفتش العام ستيف لينيك، واستبدالهم بأتباع موالين. بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتداءات على سيادة القانون والمنافسين السياسيين. في وقت مبكر من عام 2016، هدد خصمه هيلاري كلينتون في نقاش تلفزيوني بالسجن، وصيحاته خلال فعالياته الانتخابية "احبسوهاا!". وكما هو معروف، حاول ترامب إقناع الرئيس الأوكراني - اي حكومة أجنبية - بالتحقيق مع خصمه جو بايدن. ولكن حتى هذه الخطوة دافع عنها حراسه الجمهوريون وهم يواجهون إجراءات عزله.
ومع ذلك يلوح ضوء في الأفق، لأن الخطاب الآني لترامب استبدادي، وهذا ليس علامة قوة، بل على العكس: لقد أظهرت جميع استطلاعات الرأي منذ أسابيع حتى الآن أن بايدن يتقدم كثيرًا على المستوى الوطني، وفي بعض الحالات بنسبة عشرة في المائة. ومنذ بدء مثل هذه الاستطلاعات، لم يستطع أحد المنافسين التقدم على الرئيس قبل الانتخابات ببضعة أشهر مثل التقدم الذي يحرزه بايدن، حتى في ما يسمى بولايات أرض المعركة - وهي الولايات التي ستقرر في النهاية من سيصبح رئيسًا للبلاد، بسبب خصوصيات نظام الانتخابات الأمريكي.
وهذا يؤدي مباشرة إلى طرح السؤال: هل سيخسر ترامب الانتخابات؟. الجواب المختصر واضح: إذا جرت الانتخابات اليوم، فسيهزم الرئيس. وإذا لم يتغير شيء جذري في الأشهر القليلة المقبلة، فسيخسر ايضا.
و بالطبع يعرف دونالد ترامب ذلك أيضًا. وكلما كانت نتائج الاستطلاع أسوأ بالنسبة له، كلما ازدادت الأساليب الوحشية التي يختارها لمنع هزيمته. يعتمد الرئيس في المقام الأول على وسيلتين: من ناحية الحد بشكل كبير من عدد الذين يحق لهم التصويت، وكذلك من نسبة المشاركة في التصويت، ومن ناحية أخرى إغراق البلاد في حالة من الفوضى حتى يصبح الوضع مربكًا وتصبح الدعوة إلى ضرورة "رجل قوي" عالية جدا.

الصراع على سجل الناخبين

في النظام الانتخابي الامريكي لا يجري العمل بمبدأ الانتخاب النسبي، وهناك امر اساسي يميز هذا النظام ايضا، وهو ان الناخبين الذين لا يسجلون اسمائهم في سجل الناخبين قبل يوم التصويت يكونون خارج القوائم المعتمدة.
ويعرف ترامب جيدًا أن نسبة المشاركة العالية في الانتخابات تخدم الديمقراطيين وتضر بالجمهوريين. في نهاية اذار، اعترف الرئيس بحرية في برنامجه التلفزيوني المفضل "فوكس وفريندز": إذا تم تسهيل المشاركة في الانتخابات وزاد إقبال الناخبين بشكل كبير، "سوف لن يتم انتخاب جمهوري في هذه البلاد مرة أخرى".
ولهذا السبب يحاول الجمهوريون منذ سنوات إبقاء عدد الناخبين المسجلين منخفضا والحد من إقبال الناخبين على المشاركة في التصويت. في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لم يسجل اسماء قرابة ثلث من يحق لهم التصويت ؛ وبالتالي يجب زيادة هذه النسبة قدر الإمكان. ولاجل تبرير ذلك، يجري تكرار الادعاء بانتظام أن الهدف هو تجنب "تزوير الانتخابات". وهكذا يحاول الجمهوريون في العديد من الولايات "تطهير" القوائم الانتخابية، أي ببساطة شطب اسماء المواطنين من القوائم،وغالبا ما ينجحون في مسعاهم.
وبخصوص المشاركة في التصويت، يريد الجمهوريون فرض ابراز وثيقة رسمية مع صورة في مركز الاقتراع، وهذا يعد مشكلة للمجموعات السكانية التي توصف بالأقليات، تلك التي تصوت في الغالب لصالح الديمقراطيين. ولتحقيق الهدف ايضا يتم فرض شروط صعبة بشأن موعد ومكان التصويت، وهذه مشكلة للكثير من العاملين ايضا، لأن التصويت في الولايات المتحدة لا يجري يوم الأحد،بل خلال ايام العمل.
ويجري الآن صراع استثنائي على مقترح التوسع في عمليات التصويت بواسطة البريد، الذي يسعى له الديمقراطيون. ويتم تجاهل الحجة التي يطرحونها ؛ الخوف من الاصابة بكورونا سيمنع الناس من المشاركة في التصويت. ويحاول الجمهوريون توظيف كل الوسائل والحيل القانونية لمنع التوسع في حق استخدام البريد في التصويت (الذي يفضلة الرئيس شخصيا عند الادلاء بصوته).
هذه الأساليب تهدف إلى جعل هزيمة ترامب صعبًة للغاية، ولكن لا يمكن استبعاد هزيمته بالكامل. وهذا هو سبب مبالغة الرئيس في الادعاء بأمكانية التلاعب بنتائج الانتخابات. وقالت استاذة العلوم السياسية شيري بيرمان "لقد فعل كل شيء حتى لا يثق مؤيدوه بنتائج الانتخابات. و" "حديثه المستمر حول تزوير الانتخاب يجعل الناس أكثر استعدادا للاعتقاد بأن هناك امر غير محسوب، خصوصا إذا كانت نتيجة الانتخابات في تشرين الثاني المقبل ليست في صالحه ".
ان الحديث عن تزوير الانتخابات يتضمن تهديدا مفاده ان الرئيس سوف لن يعترف بالنتائج، خصوصا اذا كان الفارق بين المتنافسين ضئيل. ولهذا فالنتيجة النهائية ستكون غير مؤكدة.
رئيس الفوضى

هذا السيناريو يشير إلى الوسيلة الثانية التي يستخدمها ترامب لتحسين فرصه الانتخابية السيئة حاليًا: إغراق البلاد في حالة من الفوضى. لقد ساهمت أفعاله خلال أزمة كورونا في ارتفاع نسبة الوفيات، والانكماش الاقتصادي الهائل. وتصاعد البطالة الفاحش يزيد من عدم اليقين ويتسبب في تسارع الفقر. وكما يقول الكثيرون تعتير أزمة كورونا "ساعة السلطة التنفيذية". وما تحقق يثبت أن الحكومات لم تكن كفوءة، كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث يستنتج بعض المواطنين ان عمق الأزمة يعود الى الإدارة الكارثية التي اعتمدها البيت الأبيض. وفرص ترامب لتصحيح هذا الواقع محدودة مثل نفاقه في اظهار التعاطف مع المتضررين.
لذلك يحاول الرئيس الاستفادة من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي أعقبت مقتل جورج فلويد. لأنه يعرف جيدًا أن انتفاضة السود في الولايات المتحدة تتبعها باستمرار ردة فعل عنيفة للبيض.
وعندما تنتشر صور الاضطرابات والنهب،يميل مزاج البيض، وفق معادلة عنصرية، الى الاستبداد. وهذا الميل هو الذي ابقى ريتشارد نيكسون ذات مرة في البيت الأبيض.وهذا هو السبب الذي جعل ترامب بعد تررد، يقدم نفسه على أنه "رئيس القانون والنظام" العسكرى و"الرجل القوي" القادر وحده على وقف أعمال النهب وأعمال الشغب. ويهدد بنشر الجيش في المدن، ويفرق المتظاهرين السلميين بالقوة، ليلتقط صورة أمام كنيسة، حاملا الانجيل في يده.
وليس من المؤكد ان سيناريوهات الرئيس سيحالفها النجاح، واذ ما استمر انخفاض التاييد له، فسوف لن يساعده ادعاء تزوير الانتخابات، ولا نشر الفوضى للبقاء في البيت الابيض لدورة رئاسية ثانية. إذا نجح الرئيس في تقليص الفجوة مرة أخرى، فان حالة عدم الاستقرار ستستمر بعد 3 تشرين الثاني المقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عن مقالة لألبرت شارنبيرغ: رئيس المركز التاريخي للاشتراكية الديمقراطية. والمدير السابق لمكتب مؤسسة روزا لوكسمبورغ الالمانية في نيويورك
***********
عشرات الأحزاب الشيوعية والعمّالية تدين الاحتلال الإسرائيلي وتحذر من "صفقة القرن" الأمريكية

طريق الشعب
تحت عنوان "الاحتلال هو الإرهاب، الضم هو أبارتهايد"، وقّع أكثر من 50 حزبًا شيوعيًا وعُمّاليًا ويساريًا من مختلف أنحاء العالم، بينها الحزب الشيوعي العراقي، نداءً يدين الاحتلال الإسرائيلي و"صفقة القرن" الأمريكية، ويؤكد حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره.
وجاء في نصّ النداء الذي بادر إليه الحزب الشيوعي الإسرائيلي وحزب الشعب الفلسطيني: "تحلّ في 5 حزيران 2020 ذكرى 53 عامًا على حرب العام 1967 العدوانية، والتي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء؛
"وتأتي هذه الذكرى في ظل إعلان الحكومة الإسرائيلية ضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدعم من الإدارة الأمريكية بموجب مخطط "صفقة القرن" الكارثي – ما يعني تكريس الاحتلال وتعميق الاستيطان وخلق نظام أبارتهايد رسمي، وتصفية حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وفي صلبه كنس الاحتلال والاستيطان وقيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية؛
"إنّ حكومة نتنياهو وإدارة ترامب إذ يجرّان المنطقة إلى شفير الهاوية وتكريس الصراع في خدمة مشاريع التوسع والهيمنة، فإنهما يراهنان على صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم والتي تشكّل جرائم حرب، لا سيما في ظل انشغال العالم بجائحة "كورونا" وإسقاطاتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية؛
"نحن الأحزاب الشيوعية والعمالية الموقعة أدناه، نناشد جميع القوى التقدمية المناهضة للإمبريالية وقوى السلام في جميع أنحاء العالم بمواصلة النضال ضد هذه السياسة الإجرامية الإسرائيلية وضد الدعم الإمبريالي الوقح لاغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني وتدمير أية إمكانية لتطبيق القانون الدولي وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
واختُتم النداء: "يسقط الاحتلال! عاش نضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير!".
***********
تغير موازين القوى في ليبيا.. هل من تفاهمات جديدة؟
متابعة "طريق الشعب"
في تغيير واضح لموازين القوى على الارض.. قوات حكومة الوفاق الليبية تبسط سيطرتها على الغرب الليبي بعد دخولها ترهونة.. فما سر هذا التحوّل وماذا تبقى لحفتر وداعميه في ليبيا؟ وأي تفاهمات دولية واقليمية باتت ترسم المشهد على الارض؟
هدوء ما قبل العاصفة؟

وبعد يوم واحد من إعلان قوات حكومة الوفاق الليبية المدعومة دولياً إعادة السيطرة على العاصمة طرابلس وضواحيها بالكامل، أكدت القوات يوم أمس تمكّنها من السيطرة على مدينة "ترهونة"، آخر وأكبر معقل لقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في غرب البلاد. وتسيطر قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر من بنغازي على مناطق شرق البلاد وجاء من الجنوب.
وفي حين قالت قوات حكومة الوفاق إن إعادة السيطرة على طرابلس، إثر معارك استمرت أكثر من عام، جاءت بعد "دحر" قوات حفتر، أعلنت الأخيرة أنها قامت بإعادة تمركز لقواتها خارج طرابلس "في مبادرة إنسانية"، بعد موافقتها على استئناف مفاوضات اللجنة العسكرية بشأن ليبيا في جنيف، والتي تم تعليقها منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وفشلت مساعي أوروبية ودولية في تثبيت وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع رغم الجهود الحثيثة التي بذلت إثر مؤتمر برلين الخاص بليبيا الذي عقد في 19 كانون الثاني 2020. ورغم إعلان الأمم المتحدة مؤخرا استئناف مفاوضات اللجنة العسكرية (5+5) التي تتكون من 5 أعضاء من كل من طرفي النزاع، إلا أن عدم اعتراف قوات حفتر بالهزيمة، فضلاً عن تأكيد رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، عزم قواته على السيطرة على كامل البلاد، قد تكون مؤشرات على احتمال تصعيد قادم في ليبيا يؤججه اللاعبون الإقليميون والدوليون في الأزمة.
ويرى يونس بلفلاح، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في جامعة ليل الفرنسية، أن التطورات الأخيرة في طرابلس والحديث عن استئناف المحادثات بشأن ليبيا لا يبعد شبح التصعيد، ويضيف في حوار لموقع DW عربية: "تعدد الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في ليبيا يزيد من تعقيد الأزمة (...) فهذا يجعل الوضع في ليبيا مرتبطاً بأجندات هذه الأطراف".

"مواجهة تركية روسية"؟

وقد ساهم الدعم التركي لحكومة الوفاق في تغيير موازين القوى على الأرض في مواجهة قوات حفتر المدعومة من روسيا ومصر والإمارات. وتزامنت التطورات الأخيرة مع زيارة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إلى أنقرة، وزيارة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر إلى القاهرة.
أما روسيا فقد اتهمتها الولايات المتحدة مؤخراً بإرسال أسلحة ثقيلة إلى ليبيا، تشمل أسطولاً من المقاتلات. وحذرت واشنطن من "تصعيد جديد" في ليبيا، مشيرة إلى أن الطائرات الروسية ستوفر على الأرجح دعماً جوياً لقوات حفتر قريباً.
ويحذر الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان من "مواجهة تركية روسية" على الأراضي الليبية بعد هزيمة قوات حفتر في طرابلس. ويضيف عطوان في فيديو نشره على صفحته على اليوتيوب: "روسيا التي تدعم حفتر لن تقبل أن يُهزم سلاحها في ليبيا (...) فمنظومة صواريخ بانتسير الروسية التي كانت موسكو تتباهى بها دُمّرت من قبل الطائرات التركية في ليبيا، ما يعني أن الصناعة العسكرية الروسية أُصيبت في مقتل، ولذلك لا أعتقد أن روسيا ستتحمل هذه الإهانة".
ولا يستبعد عطوان أن ترسل روسيا "مزيداً من الأسلحة والعتاد العسكري" إلى ليبيا لكي تستعيد قوات حفتر السيطرة على طرابلس، ويضيف: "روسيا أرسلت 14 من مقاتلات ميغ-29 وسوخوي-24 المتطورة إلى ليبيا، وعندما ترسل روسيا هذه المعدات فهي تستعد لهجوم كبير".

معارك بالوكالة

وقد أكد تقرير لخبراء الأمم المتحدة وجود مرتزقة من شركة فاغنر الروسية، التي يجري الحديث عن قربها من الكرملين، في ليبيا، بينما أكدت تركيا منذ شباط الماضي إرسال مقاتلين من المعارضة السورية إلى ليبيا.
ويرى الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن، فولفرام لاخر، أن الانتكاسات الأخيرة لقوات حفتر "تظهر إلى أي درجة صار الدعم الخارجي حاسماً للطرفين". وأضاف لفرانس برس أنه سيتوجب على خليفة حفتر "مواجهة التحديات المتنامية لسلطته في الشرق والجنوب" بعد هزيمة قواته في طرابلس.
ويعتقد يونس بلفلاح أن كلاً من روسيا وتركيا قد تحاولان من خلال التصعيد العسكري تحقيق مكاسب على الأرض لإجبار الطرف الآخر على تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، ويضيف: "لكل من روسيا وتركيا أهداف اقتصادية وعسكرية في ليبيا، ولتحقيق هذه الأهداف فإن لديهما الخبرة في إدارة معارك بالوكالة والجلوس على طاولة الحوار بنفس الوقت، مثلما حصل في التجربة السورية".

"حل سياسي عبر عقيلة صالح"؟

وقد أبدت الرئاسة الفرنسية قلقها البالغ من اتفاق بين تركيا وروسيا "يخدم مصالحهما" على حساب مصلحة ليبيا، محذرة من "خطر تفلّت الأزمة من أيدي الجميع". ويؤكد بلفلاح أن الحل السياسي في ليبيا لن يبدأ إلا بتطبيق هدنة عسكرية بعد اتفاق الأطراف الدولية على "تقاسم الغنائم الليبية".
من جانبه يرى عبد الباري عطوان أن أي حل سياسي سيكون عبر عقيلة صالح، رئيس البرلمان المنتخب في طبرق، والذي أطلق الشهر الماضي مبادرة سياسية لحل الأزمة في البلاد، لاقت الترحيب من الأمم المتحدة ودول أخرى.
ويبدو أن الروس باتوا يراهنون على صالح عوضاً عن حفتر. واتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام بصالح. ونقل بيان للخارجية الروسية عنه قوله خلال المكالمة أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة". وشدّد على "أهمية استئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة الأطراف الليبية".
ووفق شريط فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أن صالح اقتنع بالطلب الروسي، إذ ظهر أمام وجهاء من قبائل في شرق البلاد، متحدثاً عن توصيات "الأصدقاء الروس" باستئناف الحوار.
وتتضمن مبادرة صالح ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، بالإضافة إلى إعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب الحالي إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة. لكن وبالرغم من المبادرات السياسية لحل الأزمة، يرى مراقبون بأن احتمال التصعيد يظل واردا في أي لحظة.
***************
ص6
افكار انجلز حول التكنولوجيا، المجتمع، الطبيعة، والاستدامة
د. رعد موسى الجبوري
يعاني عالمنا اليوم من تأثيرات التغييرات المناخية مما يهدد اسس وطرق الحياة. وهناك اراء تشير باصابع الاتهام الى التكنولوجيا على انها المسبب لهذه الكوارث ولتدمير الطبيعة. وحسب هذه الاراء يجب على المجتمعات، لانقاذ الطبيعة والبشر، ان تتخلى عن التكنولوجيا. لذا يجب ان نحدد الطبيعة الحقيقية للتكنولوجيا لنتمكن من اتخاذ القرار الصائب لحل هذه المعضلة.
ومن أجل فهم جوهر التكنولوجيا، لا يجب على المرء ان ينطلق من النظرة الشائعة القائلة ان التكنولوجيا هي الالات والمعدات والاجهزة، وعلى الأقل لايجب ان يختصرها بالفكرة "الجذابة" التي تقول: أن غرض وهدف التكنولوجيا هو تصنيع وانتاج الاجهزة والآلات والأدوات. فهذه النظرة (الميكانيكية) ستلغي وتحجب الكثير من الحقائق لفهم قوانين تطور وحركة المجتمعات البشرية.
المفهوم الماركسي للتكنولوجيا

تابع انجلز وبدقة المعارف والاكتشافات الجديدة في علوم الاحياء والتطور بشكل خاص وكذلك في علوم الانثروبولوجية، وكان هو سوية مع ماركس اول من ربط مفاهيم واكتشافات هذه العلوم بتطور المجتمعات البشرية، وقام بتوثيق ذلك في اعمال متعددة ومن اهمها عمله المسمى: دور العمل في تحول القرد الى انسان
(Anteil der Arbeit an der Menschwerdung des Affen).
ربط انجلز عملية تطور صناعة واستعمال الادوات (التكنولوجيا) عند الانسان بعمليات التطور التي جرت على اعضاء الجسم البشري وتطور وظائفها. فكتب في هذا العمل:
"ولكن الخطوة الحاسمة كانت قد تمت: أن يد الانسان قد تحررت وغدا بوسعها مذ ذاك ان تكتسب اكثر فاكثر مهارات جديدة، والمرونة المتنامية على هذا النحو انتقلت بالوراثة وازدادت جيلا اثر جيل." ( ف. انجلز).
واكتشف كذلك ان عمليات التطور هذه لم تقتصر على الناحية الفسيولوجية فقط بل رافقتها عمليات تطور اجتماعية.
" ان السيطرة على الطبيعة، ان هذه السيطرة التي بدأت مع تطور اليد،...، قد وسعت افق الانسان لدى كل خطوة الى الامام. فقد كان يكتشف على الدوام، في اشياء الطبيعة، خصائص جديدة لم يكن يعرفها سابقا. ومن جهة اخرى، اسهم تطور العمل، بالضرورة، في تمتين الصلات بين اعضاء المجتمع اوثق فاوثق باكثاره حالات العون المتبادل والنشاط المشترك، وبتوضيحه اكثر فاكثر ادراك فائدة هذا النشاط المشترك لكل فرد." (المصدر السابق)
و على هذه الاسس استندت طريقة التفكير الماركسي في تحليل العلاقة بين الانسان والطبيعة، هذه العلاقة التي جوهرها علاقة صراع تفاعلي، وتمتد جذور هذا الصراع التفاعلي مع الطبيعة الى بداية ظهور الحيوانات على الارض، فالحيوانات تختلف عن الكائنات الاخرى التي سبقتها في التطور، فهي كائنات متنقلة ولذلك فهي تمتلك حرية واستقلالية من الظروف الطبيعية بعكس النباتات مثلا. فيقول الشافعي:
الأسد لولا فراق الغاب ما افترست
والسهم لولا فراق القوس لم تصب
هذه الحرية تدفع الحيوانات لصراع مستمر مع الطبيعة، وتزداد شدة هذا الصراع ويكتسب نوعية اخرى من خلال سعي الانسان للسيطرة على الطبيعة لصالحه ولم يكن ذلك ممكنا بدون استغلال الانسان المستمر لموارد الطبيعة.
"وهكذا، بكلمة موجزة، نقول ان الحيوان يستفيد من الطبيعة الخارجية فقط ويدخل عليها تعديلات بمجرد وجوده بينما الانسان يحملها على خدمة اغراضه بما يدخل عليها من تغييرات ويسيطر عليها. وفي هذا يقوم الفرق الجوهري الاخير بين الانسان، وسائر الحيوانات، وهذا الفرق انما يدين به الانسان ايضا للعمل." ( المصدر السابق)
وقام انجلز بتسمية عملية استغلال الانسان المستمر لموارد الطبيعة وتكييف هذه الموارد لتصبح صالحة لسد حاجاته بواسطة صنع الادوات بالعمل.
" فقد بدأ العمل من صنع الادوات" ( المصدر السابق)، كما وفهم انجلز الانتاج على انه نوع من العمل.
ولكن المصلحة والحاجة، للقيام بعمليات اكثر تعقيدا للسيطرة على الطبيعة، عززت العمل الجماعي وطورت طبيعة ودورالمجتمع.
"وبفضل تناسق عمل اليد والدماغ واعضاء النطق لا عند كل فرد وحسب، بل في المجتمع ايضا، اصبح بمقدور الناس ان يقوموا بعمليات اكثر فاكثر تعقيدا وان يستهدفوا ويبلغوا اهدافا ارفع فارفع. ومن جيل الى جيل اختلف العمل نفسه وازداد اكتمالا وتنوعا. والى صيد الحيوانات البرية وتربية المواشي انضمت الزراعة والى الزراعة انضم الغزل، والحياكة، وتكييف المعادن، وصنع الانية الفخارية، والملاحة." (المصدر السابق)
فهم ماركس التكنولوجيا كقوة إنتاجية، واثر مستوى تطور قوى الانتاج الجديد، بعد ما يسمى الثورة الصناعية الاولى، على علاقات الانتاج وساد نمط الانتاج الرأسمالي وهذا يعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وتوزيع اجتماعي متباين للثروة و يتميز بقوى انتاج متطورة. وبدأ استهلاك واستغلال الموارد الطبيعية يزداد بشدة وبشكل مفرط واصبح هدفه الرئيسي ليس سد الحاجات بل تحقيق اعلى الارباح. فاصبح تحقيق الارباح القيمة العليا والهدف في عملية الانتاج الرأسمالية، وارتبط نجاح الافراد والمؤسسات او الشركات بمدى قدرتهم على تحقيق الارباح، فكلما ازدادت ربحيتهم فهذا دليلا على نجاحهم بغض النظر عن نوعية ومستوى القيم الاجتماعية الناتجة فاصبح الربح قيمة عليا بحد ذاته.

التكنولوجيا والطبيعة

نبه انجلز الى مخاطر المبالغة في استغلال الطبيعة والسيطرة عليها الى حد الانتهاك وسلبها قابلية تجديد نفسها.
" بيد انه يترتب علينا الا نغالي في تقدير انتصاراتنا على الطبيعة. فهي تنتقم منا عن كل انتصار نحرزه. يقينا ان كل انتصار ينطوي بالدرجة الاولى على النتائج التي توقعناها، ولكنه ينطوي ايضا بالدرجة الثانية والثالثة على مفاعيل مختلفة تماما، غير متوقعة، تقضي في كثير من الاحيان على اهمية هذه النتائج الاولى. فأن الناس الذين استأصلوا الغابات في بلاد ما بين النهرين، واليونان، واسيا الصغرى وغيرها من المناطق لكي يكسبوا ارضا صالحة للحراثة، كانوا ابعد من ان يتوقعوا انهم بذلك انما يمهدون للمَحَّلُ الشامل السائد حاليا في هذه البلدان، اذ دمروا مع الغابات مراكز تجمع الرطوبة وصيانتها"(المصدر السابق)
ان النظرة الى التكنولوجيا على انها الالات والمعدات والاجهزة وعلى ان هدفها التصنيع والانتاج فقط، هذه النظرة (الميكانيكية) ستلغي وتحجب الكثير من الحقائق الضرورية لادراك مايحدث من كوارث وعلاقات مختلة مع الطبيعة حاليا. وستغلق العيون وتمنعها من رؤية تعقيد وتداخل حركة المجتمعات البشرية.
وقام هؤلاء المفكرون "الميكانيكيون" باطلاق مصطلح "التقدم التكنولوجي" على حركة الابتكار وادخال وتصنيع وانتاج الاجهزة والمعدات الجديدة، وبدأ تاريخ ولادة هذا المصطلح الكبير في القرن الماضي والقرن الذي سبقه أي بعد الثورة الصناعية الاولى. فأقتصرت نظرتهم إلى التاريخ على أنه طريق باتجاه واحد كالسراط المستقيم تلتزم "البشرية" دوما بالسير عليه إلى الأمام وبشجاعة، وطبعا كان هذا يعني بالنسبة لهم انه خاص بالشعوب البيضاء وزادوا على ذلك وقالوا انه ينطبق حصرا على سكان الحواضر فقط، أي ممن يدعونهم "المتعلمين والمثقفين".

التكنولوجيا والمجتمع والاستدامة

لكن إلى أين نسير؟ وكم هي المدة؟ وماذا بعد ذلك؟ معضلتنا كبشر هي أننا نعيش في عالم محدود، ولكننا نتصرف كما لو انه لا ينضب.
بلغت مستويات الاستهلاك الجائر لموارد الطبيعة، نتيجة العلاقات الراسمالية السائدة، حدا اخذ يهدد مصير البشرية وشروط معيشتها على كوكب الارض، واصبح من الملح على مؤسسات المجتمع المدني والحكومات ان تتدخل لوقف هذا الدمار، فظهر واستخدم مصطلح الاستدامة منذ ثمانينيات القرن العشـرين بمعنى استدامة شروط العيش البشرية على كوكب الأرض ومهد هذا المفهوم إلى التعريف الأكثر شيوعا للاستدامة والتنمية المستدامة حيث عرفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في 20 آذار 1987: "التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة." وهذا لن يكون ممكنا الا بتغيير العلاقة بين المجتمع والطبيعة وبتدخل المؤسسات الاجتماعية للحد من السعي الاعمى للمؤسسات الرأسمالية لجني الارباح على حساب معيشة البشر ومستقبلهم.
يدعوا الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه الى:
"تبني استراتيجية تنمية مستدامة، واعتماد خطط تنموية متوسطة وقصيرة الأجل، بالاشتراك مع حكومة الاقليم والحكومات المحلية، تهدف إلى توسيع وتنويع وتحديث قاعدة الاقتصاد، وتنمية القدرات البشرية، والاستخدام العقلاني والكفوء لموارد البلاد، بما يحقق مستوى ونوعية حياة أفضل لجميع المواطنين."
نتيجة عملية التطور الطبيعي اصبحت التكنولوجيا اداة بيد الانسان في تعامله مع الطبيعة وستبقى هكذا فلايمكن للانسان والمجتمعات البشرية التعامل مع الطبيعة الا بواسطة التكنولوجيا.
استخدم الرأسماليون التكنولوجيا لتحقيق وزيادة ارباحهم فدمروا اسس الحياة على كوكب الارض، ولن يمكن تصحيح هذه المعادلة الا حين يصبح استخدام التكنولوجيا تحت رقابة المجتمع والمواطنين وان تستعيد هدفها الاساسي في سد حاجات الانسان والمجتمع الانساني وليس لتحقيق الارباح لاغتناء حفنة من الرأسماليين. والاستدامة هي حاجة اجتماعية انسانية عامة.
وكما ورد سبقا، اعطت الماركسية اجوبتها عن مفهوم التكنولوجيا وربطت ذلك بشدة بطبيعة العلاقات الاجتماعية وحركة تطورها.
لذلك لن تتمكن البشرية من مواجهة التحديات الناتجة عن ما احدثته العلاقات الرأسمالية في تخريب الطبيعة وتحقيق تنمية مستدامة الا من خلال أجراءات تستهدف تغيير جوهري لطبيعة العلاقات واستخدام التكنولوجيا في ظل علاقات اجتماعية تلغي الربح كالهدف الاساسي لعملية التفاعل مع الطبيعة وتضع سد حاجة الفرد والمجتمع كهدف اساسي في عملية الانتاج والتعامل مع الموارد الطبيعية. وهذا ينطبق على العراق ايضا بصفته جزء من هذا العالم.
**********
الفيتناميون ينقلون بلادهم من الخراب إلى درب التنمية والاستقرار
عادل حبه
على مدى ألفي عام عانى الشعب الفيتنامي من نير الغزاة، الاباطرة الصينيين تارة واليابانيين تارة أخرى، وتبعت هؤلاء الغزوات الفرنسية التي استمرت من عام 1859 وحتى عام 1885 حيث أصبحت فيتنام جزءاً من مستعمرات "الهند الصينية الفرنسية" حتى عام 1941 عندما غزت القوات اليابانية أراضي الهند الصينية وأزاحت الغزاة الفرنسيين. عندها تشكلت وحدات عسكرية شعبية هي "الڤيت مين" بقيادة الحزب الشيوعي وسعت إلى استقلال البلاد. واجه الغزاة اليابانيون هذه الحركة بالقمع والإبادة وراح ضحيتها قرابة 10% من سكان البلاد. وبعد هزيمة اليابان وسقوط دميتها (الامبراطورية الفيتنامية) في نهاية الحرب العالمية الثانية، استولت قوات الڤيت مين على مقاليد الأمور في هانوي وأعلنت الحكومة المؤقتة بتاريخ الثاني من أيلول عام 1945 برئاسة هوشي مينه. وسعت الحكومة الفرنسية إلى إعادة سيطرتها على الهند الصينية وأصطدمت في العشرين من تشرين الثاني عام 1946 بقوات الڤيت مين وأنلعت الحرب الهندو صينية-الفرنسية التي شملت أراضي لاؤوس وفيتنام وكمبوديا التي دامت حتى العشرين من تموز عام 1954 بعد أن هزمت قوات التحرير الفيتنامية القوات الفرنسية في اشنع هزيمة لها في معركة "ديان بيان فو" الشهيرة بقيادة الجنرال الفيتنامي الاسطوري " فون جوين جياب ". وجرت مفاوضات في جنيف توصل الطرفان المتحاربان إلى اتفاقية وقف إطلاق النار وتقسيم البلاد إلى شمال وجنوب حيث أعلنت في القسم الشمالي، جمهورية فيتنام الديمقراطية الشعبية، حكومة بزعامة هوشي مينه وفي الجنوب بزعامة الامبراطور باو داي وتراجعت الهيمنة الفرنسية عن كل أراضي الهند الصينية وبضمنها فيتنام، لتتولى الولايات المتحدة الدفاع عن صنيعتها في الجنوب والهيمنة على المناطق الجنوبية. ورفض حكام الجنوب وحماتهم كل دعوات قادة الشمال باجراء انتخابات لتقرير مصير البلاد ووحدتها. وسارعت الولايات المتحدة وفي ظروف الحرب الباردة إلى تعزيز ترسانتها العسكرية في جنوب فيتنام بهدف تحقيق خطتها في الإطاحة بالنظام التحرري في الشمال الذي يتمتع بالدعم الكامل من الاتحاد السوفييتي وجمهورية الصين الشعبية آنذاك، قبل بروز الاختلافات بين الطرفين. وبحلول علم 1965 بدأت شرارة الحرب من جديد في فيتنام، وقامت الولايات المتحدة بتطبيق سياسة الأرض المحروقة في الشمال والجنوب الفيتنامي، وتشكلت فرق المقاومة الفيتنامية في الجنوب "الڤيت كونگ"التي نسقت خططها مع القيادة العسكرية في جمهورية فيتنام الديمقراطية ومع القوى التحررية في لاؤوس وكمبوديا لتندلع نار حرب ظروس+ استمرت ثماني سنوات وانتهت باقتحام الڤيت كونگ العاصمة الجنوبية وهروب القوات الأمريكية جوا وبشكل مذل، ولتعلن وحدة الشمال والجنوب. لقد أبادت الولايات المتحدة قرابة 4 ملايين فيتنامي و 350 ألف في لاؤوس و 600 ألف في كمبوديا، ودمرت البني التحتية والمشاريع الاقتصادية والمؤسسات الصحية والتعليمية والخدمية عبر قصف متواصل للطيران واستخدام الاسلحة المحرمة دولياً، مما اضطر الحكومة الفيتنامية إلى تحشيد 90 ألف عامل فيتنامي لحفر أنفاق تحت الأرض يبلغ طولها 30 ألف كيلومتر لتأمين المواصلات بين المدن. ولكن كل هذا الدمار لم يحطم إرادة هذا الشعب الجسور.
وُضعت نهاية للحرب القذرة هذه بفعل صمود الفيتناميين وتصاعد الاحتجاجات في العالم ضد عدوان الولايات المتحدة، وفي الولايات المتحدة نفسها جراء الخسائر التي أصابت القوات المسلحة الأمريكية حيث أودت الحرب بحياة قرابة 90 ألف عسكري أمريكي وتحطم ما يزيد على3689 طائرة حربية و 4857 هيلوكوبتر و 7 بوارج حربية. وبرزت بعد الحرب مهام بالغة التعقيد أمام الحكومة الفيتنامية لإعمار البلاد وإعادة الأمور إلى الأوضاع السلمية. وكانت المهمة الأولى هي الخروج من دائرة وأجواء العسكرة التي فرضت على البلاد بفعل هذه الحرب الشاملة، ثم البحث عن السبل لإعاد الحياة إلى العملية الأقتصادية وحل المشاكل البالغة التعقيد التي يعاني منها الشعب جراء الحرب. كانت الخطوة الأولى الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلام، وطرحت حلول تبدأ بالدرجة الأولى في إعادة النظر في تركيبة الهياكل الإدارية والحزبية التي تولت المسؤولية في فترة الحرب. وجرى التوجه صوب العناصر المهنية والتكنوقراط في مؤسسات الدولة وفي الحزب ذاته. فطابع المسؤولية أثناء الحرب لم تعد مناسبة في أوقات السلم، ولذا أجريت تغييرات واسعة في مرافق الدولة وفي صفوف الحزب والمؤسسات المهنية لصالح الفئات المهنية القادرة على إعادة بناء الدولة والمجتمع والمرافق المختلفة للدولة، مع النظر بالتقدير العالي والإمتنان لتلك الفئات التي تولت إدارة الدولة والحزب والمنظمات الاجتماعية في فترة الحرب العسيرة. أي الانتقال من قيادة للحرب إلى قيادة الدولة في مرحلة السلام والبناء، فلكل مرحلة رجالها وفئاتها. وهذا ما انتبه إليه الناخب البريطاني في الانتخابات التي جرت بعد الحرب فلم تنتخب ونستون تشرشل أحد أبطال التحالف المعادي للفاشية، وانتخبت كليمنت أتلي الذي قدم برنامجه لفترة ما بعد الحرب. وهذا ما لم تنتبه إليه القيادة السوفياتية بعد الحرب حيث أولت المسؤولية للشخصيات التي أظهرت البطولة والبسالة في دحر الغزاة النازيين، ولم تبحث عن الفئات والعناصر القادرة على إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الحرب ...مرحلة البناء السلمي التي تحتاج إلى مواصفات تختلف عن مواصفات فترة الحرب وعسكرة المجتمع. وكان هذا الخيار أحد أسباب الركود والفشل الذي واجه الدولة السوفييتية بعد دحر الفاشية. ويكاد ينطبق الأمر على المثل العراقي أيضا، فغالبية من تصدر المشهد السياسي بعد انهيار الديكتاتورية هم من المسلحين الذين ساهموا في النشاط المسلح ضد النظام السابق سواء في جنوب العراق أو في الإقليم الذين يفقرون إلى فن إدارة الدولة وفن ممارسة الديمقراطية ولا يتمتعون بالمهارة والخبرة والقدرة على حل المشاكل المعقدة التي واجهت البلاد منذ عام 2003، وهذا ما دفع بالبلاد إلى نفق لا مخرج منه حتى الآن.
أما الوجهة الأخرى التي ركز عليها الفيتناميون فهي تحديد سياسة اقتصادية واضح’ وبدون لبس ضمن امكانيات البلاد المادية والبشرية والفنية والمهنية، إضافة إلى التفتيش عن الفرص المطروحة اقليمياً عالمياً. فلم يعد بمقدور الدولة احتكارالعملية الاقتصادية لوحدها على انتشال البلاد من الدمار الهائل الذي حل بالبلاد. كما أن هناك شحة كبيرة في تأمين الموارد المالية والفنية بحيث لا يمكن أن تخطو البلاد اية خطوة إلى الأمام بدون تأمين التوظيفات اللازمة من المحيط الدولي. وقد استفادت القيادة الجديدة في فيتنام بعد الحرب من المثل الذي سارت عليه النمور الأسيوية المجاورة في عملية التنمية. وخططت لاتباع سياسة اقتصادية عبارة عن مزيج من الملكية الخاصة والجماعية وملكية الدولة لوسائل الإنتاج. ويوصف الاقتصاد الفيتنامي الآن بأنه اقتصاد سوق متعدد القطاعات، وهذا الاقتصاد عبارة عن مزيج من الملكية الخاصة والجماعية وملكية الدولة لوسائل الإنتاج. وهذا الاقتصاد هو نتاج الإصلاحات التي تعرف باسم ( (Doi Moi أي الاقتصاد الجديد الذي أدى إلى إحلال الاقتصاد المختلط محل الاقتصاد القائم على التخطيط المركزي. ولربما هو نسحة ويتنامية معدلة من سياسة النيب السوفياتية (НЕП) التي اقترحها لينين عام 1921 بدلاً من الشيوعية العسكرية والتمركز المفرط للاقتصاد بيد الدولة، هذه السياسة التي لو تم السير على خطاها لما انهارت التجربة السوفياتية بهذا الشكل الدرامي.
ومن أجل الشروع بهذه السياسة كان من الواجب العناية بالتعليم والتدريب. واستطاعت فيتنام بدريجياً إعداد أجيال جديدة من الشباب بعد إصلاح وتطوير نظام التعليم بصورة سريعة، بحيث أصبحت قادرة على جذب استثمارات أجنبية فى عمليات تصنيع تحتاج إلى عمالة كثيفة وبمهنية عالية. وهكذا أصبح التعليم أحد أهم عناصر التقدم الاقتصادي بعد أن تم تخصيص نحو 7% من ميزانية البلاد للتعليم وتخريج أجيال شابة على أعلى مستوى من التعليم والتدريب.
وعلى هذا الطريق تمت هذه الإصلاحات فى عام 1986 بعد انعقاد المؤتمر العام السادس للحزب الشيوعي الفيتنامي، الذي اقر الخطة العامة التي تتيح للملكية الخاصة اقامة المشروعات الصغيرة، وتفتح المجال لدور أكبر للشركات الأجنية للعمل في السوق الفيتنامي، وتوفير قاعدة تقنية مادية تكون أساساً لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وانتقلت فيتنام تدريجياً بعد تطور اقتصادي سريع إلى مصاف الدول المصدرة لبضائعها لتحتل اليوم المرتبة العاشرة في سلم الدول المصدرة. ففي عام 2017 صدرت فيتنام مامقداره 213 مليار دولار من البضائع والمواد إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأضحت المعدات الكهربائية المصنوعة في فيتنام تشكل أكبر كمية من البضائع المصدرة إلى الولايات المتحدة، وبضمنها المحركات الكهربائية والتلفونات والأسلاك الكهربائية وغيرها من المعدات الكهربائية التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية. وفتحت الشركات العالمية المنتجة للأحذية فروعاً لها في فيتنام ومنها شركات Nike,Adidas, Puma ,Clarks وأخريات، بحيث أصبحت فيتنام رابع دولة في انتاج الأحذية في العالم بعد الصين والهند والبرازيل، وبلد مصدر للجلود الخاصة بالأحذية والملابس الجلدية. وقامت أكبر شركات تصنيع الالكترونيات بفتح مصانع لها في فيتنام بسبب انخفاض تكاليف العمل، حيث أصبحت لوحات الدوائر المتكاملة تشكل 5.8% من صادرات فيتنام. واقتحمت فيتنام سوق الملابس الجاهزة في السوق العالمية حيث تشكل صناعة الألبسة ما مقداره 30 مليار دولار. كما تحتل صناعة الأثاث مكانة بارزة في الاقتصاد الفيتنامي، وتحتل المرتبة الثامنة عالمياً في صناعة هذه البضاعة. كما تحتل فيتنام المرتبةالثانية بعد البرازيل في انتاج القهوة وتصدير المنتجات السمكية على اختلاف أنواعها. وتصدر النفط والمنتجات النفطية إلى الدول الإقليمية. وتشتهر فيتنام بأنواع نادرة من الفواكه والخضروات التي أزدادت نسبتها في حجم الصادرات الفيتنامية.
لقد قطعت البلاد شوطاً مدهشاً في عملية التنمية والبناء خلال العقود الثلاثة الماضية ومنذ إعلانها الإصلاح الاقتصادي عام 1986، بعد أن كانت فيتنام في عداد الدول الفقيرة. فقد إزداد دخل الفرد من 231 دولار عام 1986 إلى 2700 دولار في عام 2018. وغادر 45 مليون فيتنامي دائرة الفقر، وتراجع معدل الفقر بمقدار 70%. هذا هو الطريق الذي سلكه الفيتناميون بحكمة وصبر وإصرار منذ أن سويت بلدهم بالأرض على يد حكام الولايات المتحدة، ليلعبوا الآن دوراً نشطاً في الاقتصادي العالمي.
*****************
ص7
رسالة مفتوحة إلى أختي الآنسة أنجيلا ديفيس
جيمس بالدوين*
أختي العزيزة
لعل المرء كان يأمل حتى هذه الساعة أن مجرد مرأى الأغلال على الجسد الأسود، أو مجرد مرأى الأغلال وحدها، سيكون منظرا عصيا على الاحتمال، وذكرى لا تطاق للشعب الأمريكي، حتى أنهم سينهضون بأنفسهم في عفوية ويحطمون الأصفاد. لكن لا، يبدو أنهم يجلّون أغلالهم؛ الآن أكثر من أي وقت مضى، يبدو أنهم يقيسون أمانهم بعدد الأغلال والجثث. وهكذا تحاول صحيفة «نيوزويك»، المتحضر الذائد عما يستحيل تبريره، أن تغرقكِ في بحر من دموع التماسيح («لم يتضح بعد نوع التحرر الشخصي الذي تبتغي تحقيقه») وتضعك، مغلولة، على غلافها.
تبدين مفرطة الوحدة – وحيدة كربّة بيت يهودية في عربة نقل مغلقة تتجه إلى داخاو** أو كأي من أسلافنا، مغلولين معا باسم يسوع، متجهين إلى أرض مسيحيّة.
حسنا. ما دمنا نعيش في عصر يكون الصمت فيه لا جريمة فقط بل انتحارا، صرتُ أُحدِث من الضجة ما يسعني، هنا في أوروبا، على الإذاعة والتلفزيون – واقعا، لقد عدتُ للتو من أرض، هي ألمانيا، شاهت سمعتها بفضل أغلبية صامتة منذ وقت ليس بالبعيد. طُلِب مني الحديث عن قضية الآنسة أنجيلا ديفيس، فاستجبت. لعلها ممارسة عبثية، غير أن على المرء ألا يدع فرصة تنسرب من يديه.
أكبرك بما ينحو على العشرين عاما، أنا، إذن، واحد من ذلك الجيل الذي يجسر جورج جاكسون على وصفه بالقول: "ما مِن إخوة أصحاء – لا أحد فينا مطلقا". لستُ مهيئا على أيّ وجه لنقض هذه الفكرة (دون أن أنحدر، هذه اللحظة، إلى ما سيعَدّ تفاصيل عرضية، على كل حال) ذلك أني أدرك جيدا ما يعنيه. إن صحتي متداعية بما يكفي ولا ريب. حين أفكّر بك، وبهيُوي، وجورج، و(على الأخص) جوناثن جاكسون2، أبدأ باستيعابِ ما عنيتِه حين تحدثتِ عن الطرق التي يمكن عبرها توظيف تجربة الاستعباد. يبدو لي أن ما حدث أن جيلا جديدا كاملا من الناس قد قيَّم تاريخه وتشرَّبه، وعبر هذا الفعلِ العظيم حرر ذاته منه فلن يعود ضحية ثانية. قد يبدو هذا القول شاذا صفيقا خلوا من التعاطف لا مبرر له إذ يوجَّه لأخت في السجن، تحارب في سبيل حياتها – في سبيل حياتنا جميعا. غير أني أجرؤ على قوله، ذلك أني أحسب أنك لن تخطئي فهمي، كما أني لا أقوله، آخر الأمر، من موقع المتفرج.
ما أحاول اقتراحه أنك – على سبيل المثال – لا تبدين ابنة أبيكِ كما أبدو أنا ابن والدي. إن آمال أبي وآمالي تتماثلان باطنا، آمال جيله وآمال جيلي تتماثلان؛ يعجز البون الشاسع في أعمارنا والرحيل من الجنوب إلى الشمال عن تبديل هذه الآمال أو عن جعل حيواتنا أشد حيوية. ذلك أنه، باستعارة التسمية الوحشية لذاك الزمان، اللغة الباطنية لذاك اليأس، لم يكن سوى زنجي – واعظا عاملا زنجيا، وكذا كنت أنا. لعلّي انحرفت عن المسار لكن الأمر هنا لا يتجاوز في ذاته أهمية أن يصبح بعض الإسبان الفقراء مصارعي ثيران أثرياء، أو أن يصبح بعض الأولاد السود الفقراء ملاكمين أثرياء مثلا. نادرا ما منح هذا الناس شيئا أكثر من تنفيس عاطفي عظيم، رغم أني لا أقصد التعالي على ذاك أيضا. لكن حين أصبح كاسيوس كلاي محمد علي ورفض أن يضع ذلك الزيّ (مضحيا بكل ذلك المال!) فإن أثرا مختلفا تماما أُوقِع في نفوس الناس، وصنفا جديدا من التعليمات جدَّ مختلف قد بدأ.
تمثَّل النصر الأمريكي – الذي كمنت فيه خفية المأساة الأمريكية دائما – في حمل السود على احتقار أنفسهم. احتقرتُ ذاتي حين كنت صغيرا، كنت جاهلا. عنى الأمر، وإن دون وعيي، أو رغم مشيئتي، أو في ألم ممض، أني احتقرت أبي أيضا، وأمي، وإخوتي، وأخواتي. كان السود ماضين في قتل بعضهم البعض كل ليلة سبت على جادّة لينوكس خلال نشأتي؛ ولم يبيّن أحد لهم، أو لي، أن الأمر كان مقصودا لهم كي يقتلوا بعضهم؛ أنهم محبوسون حيث كانوا، كالحيوانات، حتى لا يعدوا أنفسهم خيرا من الحيوانات. عزّز كل شئ هذا التصور عن الواقع، ولم ينفِه شيء: هكذا صار المرء مهيئا، حين يحين وقت الخروج للعمل، كي يعامَل كعبد. هكذا صار المرء مهيئا، حين أتى الإرهاب البشري، كي ينحني لإله أبيض ويستجدي يسوع الخلاص – الإله الأبيض ذاته الذي كان عاجزا عن تحريك إصبعٍ لإنجاز شأن تافه كإعانتك على دفع إيجار السكن، عاجزا عن الصحو في الوقت الملائم لإعانتك في إنقاذ طفلك!
دون شك، تحمل كلّ صورة معنىً أكثر مما يمكن استيعابه على نحو خاطف، رغم كل ذلك، تنصهر في كل هذا التأوّه والأنين والترقب وَالتحسّب والهرج والنجاة والحيلة، قوّةٌ عظمى، هي جزء من إرثنا اليوم. لكن هذا الجانب الخاص من رحلتنا الآن يبدأ بالتراجع. ها قد كُشِف السرّ: إننا بشر!
غير أن التلفَظ الصريح المكشوف بهذا السرَ قد أرعب الأمة حتى الموت. وددتُ لو كان بوسعي القول «حتى الحياة»، لكنه أمل كثير على مجموعة متباينة من أناس مهجَّرين ما زالوا ينكمشون في مقصورة القطار وينشدون «قُدُما أيها الجنود المسيح». الأمة، إن كانت أمريكا أمة، غير مهيّئة لهذا اليوم بعد. إنه يوم لم يأمله الأمريكيون يوما ولا رغبوا في حدوثه، مهما أعلنوا في خشوع إيمانهم بـ «التقدم والديمقراطية». باتت هذه الكلمات على الشفاه الأمريكية الآن شيئا من بذاءة عالميّة: ذلك أن هذا الشعب الأشد تعاسة، ذا الإيمان الراسخ بعلم الحساب، لم يخل يوما أنه سيجابَه بجَبْر تاريخه.
إن إحدى طرق قياس صحة أمة ما، أو معرفة ما تعدّه جديرا باهتمامها حقا – أو لأي مدى يمكن اعتبارها أمة، تمييزا لها عن تحالف لمصالح خاصة – هي فحص الأشخاص الذين تنتخبهم لتمثيلها أو حمايتها. توحي نظرة خاطفة على القادة الأمريكيين (أو الشخصيات البارزة) بأن أمريكا موشكة على فوضى مطلقة، كما تلمح إلى مستقبل تتهيأ فيه المصالح الأمريكية، إن لم يكن جلّ الشعب الأمريكي، للتخلي عن السود. (واقعا، إن نظرة واحدة إلى ماضينا توحي بذلك). من الجلي أننا قابلون للاستهلاك بالنسبة لجلّ مواطنينا (الصُوَريين). كما أن السادة نيكسون وأغنو ومتشل وهوفر، دون حاجة، بالطبع، لذكر أبترِ فيلم (King’s Row) المنتصر روني ريغان3 لن يترددوا لحظة في تنفيذ ما يصرّون على أنه إرادة الشعب.
لكن ما إرادة الشعب في أمريكا؟ ومن الشعب، بالنسبة للواردة أسماؤهم أعلاه؟ لا يعرف الشعب، أيًا يكن، عن القوى المسؤولة عن تنصيب المحترمين المذكورين أعلاه إلا القدر الذي يعرفه عن القوى المسؤولة عن المذبحة في فيتنام. لطالما كانت إرادة الشعب في أمريكا تحت رحمة جهل ليس مستشريا فحسب، بل مقدسا ومتعهَّدا في قداسة أيضا: كي يُحسن استغلاله اقتصاد ضاٌ يفتك بالبيض والسود، ديمقراطيا، ويقدمهم قرابين سوية. غير أن أغلب الأميريكيين البيض لا يجرؤون على الاعتراف بذلك (رغم ارتيابهم فيه) لذا تنطوي هذه الحقيقة على خطر مهلكٍ للسود ومأساة للأمة.
أو، بعبارة أخرى، ما دام الأمريكيون البيض يحتمون ببياضهم – وما داموا عاجزين عن الإفلات من هذا الشرك البشع – سيسمحون لملايين من الناس أن يُذبحوا باسمهم، وسيكونون عرضة للتلاعب والاستسلام لما سيحسبونه – ويبررونه بوصفه – حربا عرقية. ما دام بياضهم يرسم مسافة مشؤومة بين أنفسهم وتجاربهم وبين تجارب الآخرين، لن يتمكنوا أبدا من أن يشعروا بجدارة إنسانيتهم، جدارة قيمتهم، من أن يصبحوا مسؤولين عن أنفسهم، عن قادتهم، عن بلادهم، أطفالهم، أو أقدارهم. ستودي بهم خطاياهم (كما عبرنا عن ذلك مرة في كنيستنا السوداء) – أي ستودي بهم أوهامهم. ولا حاجة للقول إن الأمر يحدث الآن في كل مكان حولنا.
لا تدرك غير ثلة معدودة من بين ملايين الناس في هذه الأرض الشاسعة أن القدر المعَدَّ لك، أيتها الأخت أنجيلا، ولجورج جاكسون، وللسجناء الذين لا حصر لهم في معكسرات اعتقالنا – فتلكَ حقيقتها – يوشك على الإحاطةِ بهم أيضا. بالنسبة للقوى التي تدير هذه البلاد، ليست حياة البيض أشدَّقداسة من حياة السود، كما يكتشف العديد العديد من الطلبة اليوم، وَكما تبرهن على ذلك الجثث الأمريكية البيضاء في فيتنام. ما دام الشعب الأمريكي عاجزا عن مجابهة قادته المنتخبين لاسترداد شرفه وحياة أبنائه، فلن ننتظر نحن السود، أكثر أبناء الغرب نبذا، إلا النزر اليسير منه: وهو أمر ليس بالجديد على أيّ حال. ما لا يدركه الأمريكيون أن حربا بين إخوة، في المدن ذاتها، على الأرض ذاتها، ليست حربا عرقيّة، بل أهلية. غير أن الوهم الأمريكي لا يفترض فقط أن كل إخوتهم بيض، بل أن كل البيض إخوتهم.
ليكن إذن. لا يمكننا إيقاظ النائم، ويعلم الربّ كم حاولنا. علينا القيام بما في الوسع، أن نقوي وننقذ بعضنا البعض – لسنا نغرق في كراهية للذات متبلدة، إننا نشعر بجدارة قيمتنا للحدّ الذي نجابه به حتى القوى العنيدة حتى نبدّل قدرنا وقدر أبنائنا ووضع هذ العالم! ندرك أن الإنسان ليس شيئا ولا ينبغي أن يوضعَ تحت رحمة الأشياء. ندرك أن الهواء وَالماء ملك الإنسانية جمعاء لا لملّاك المصانع وحدهم. ندرك أن الطفل لا يقدم لهذا العالم لمجرد أن يستحيل أداة لتحقيق ربح شخص آخر. ندرك أن الديمقراطية لا تعني قسر الجميع على ضحالة قاتلة – وخبيثة آخر الأمر – بل حريّة يأمل فيها الجميع تحقيق أفضل ما فيهم أو أفضل ما وُجِد.
ندرك أنّا السود، ولسنا وحدنا فقط، أن السود كانوا وما زالوا ضحايا نظام وقوده الوحيد الجشع، وإلهه الوحيد الربح المادي. ندرك أن ثمار هذا النظام الجهل واليأس والموت، ونعلم أّ هذا النظام سيؤول إلى الهلاك لأن العالم لا يطيق دفع فاتورته أكثر من ذلك – إن كان أطاق دفعها يوما. كما ندرك أنَّا، من أجل ديمومة هذا النظام، سُحِقنا جميعا دون رحمة ولم نُسمَع سوى الأكاذيب، أكاذيب عنا وعن أهلينا وماضينا، عن الحب والحياة وَالموت، حتى تخلد الروح والجسد معا في الجحيم.
إن الثورة العظمى للوعي الأسود التي حدثت في جيلك، أختي العزيزة، تعني بداية أمريكا أو نهايتها. يدرك البعض منا، بيضا وسود، فداحة الثمن الذي دُفع حتى الآن لخلق وعيٍ جديد وشعب جديٍ وَأمة بِكر. إن كنا ندرك ذلك ولم نحرّك ساكنًا، سنكون أسوأ من القتلة المأجورين باسمنا.
إن كنا ندرك ذلك، فعلينا القتال في سبيل حياتك كما لو كانت حياتنا – وهي كذلك – ونحيل أجسادنا حاجزا يسدّ الطريق إلى حجرة الغاز. ذلك أنهم إن أخذوكِ صباحا، سيعودون لأخذنا ذاك المساء.
سلامي ..
الأخ جيمس
19 تشرين الثاني 1970
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جيمس بالدوين روائي وكاتب أمريكي أسود، وكاتب مسرحي وشاعر وناشط في مجال الحقوق المدنية. عرف بمواقفه المناهضة للتمييز العنصري والجنسي والتفاوت الطبقي، وتناولت أعمال جيمس هذه القضايا في منتصف القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
** داخاو: معسكر اعتقال نازي في سنوات الحرب العالمية الثانية.
عن: موقع (الهامش) – 4 حزيران 2020
**************
كورونا في نظريتين رداً على نظريتين في كورونا
نور أبي صالح*
لقد كتب الكثير حتى اللحظة عن هذا الوباء الفتّاك الذي أصاب البشرية جمعاء، ودرجت كل التحليلات ضمن إطار مفهوم "الحرب العالمية ضد كورونا" على تسويق مبرمج لنظريتين كانتا محط إختلاف بين تلك التحليلات: النظرية الأولى تقول إن كورونا وباء طبيعي (نتاج الطبيعة)، فيما النظرية الأخرى ظهرت تحت شعار "نظرية المؤامرة " وأن هذا الوباء أُنتج مخبرياً بغض النظر عن تحديد المنتج الحقيقي والمسرب الحقيقي. في هذا الإطار، كان الإتجاه الحقيقي هو لوضع العالم بأسره في حالة حرب عالمية ضد وباء كورونا والعمل بتعاضد تام بين كلّ الدول والحكومات لمواجهة هذا العدو والانتصار عليه بعدما انتهى مفعول " سلاح الإرهاب العالمي".
من هنا، إستخدمت الدوائر الإمبريالية العالمية وحليفاتها كلّ الوسائل وبشكل خاص وسائل الإعلام (المرئية والمسموعة ووسائل التواصل الإجتماعي) للتركيز على قوة وخطورة هذا العدو (وباء كورونا) باتجاه إعلان حلف عالمي في حرب عالمية ضده، ولكلّ من الشعوب أسلوبه الخاص في المواجهة ولكن ضمن استراتيجية حرب واحدة انطوت تحتها كل الدول والحكومات من المشرق الى المغرب ومن الشمال الى الجنوب والتي تقضي باعتماد أسلوب "الحجر الصحي" على شعوبها كاملة واعتماد أساليب الوقاية والتعبئة العامة وما يترتب على ذلك من:
- تحديد أطر وأساليب عيش ومعيشة هذه الشعوب.
- تحديد أطر تحركات وحركات الجماهير ومحاولة تأطيرها وتنظيمها.
- تحديد أطر المواصلات والاتصالات.
- تحديد أطر السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية.
إن هذه الإستراتيجية الحربية ليست من أجل الدفاع عن الشعوب وحماية مصالحها، وانما هي فقط من أجل السماح لهذا النظام العالمي المسيطر حالياً على كل مقدرات وطاقات العالم أجمع بإيجاد حل يناسبه للخروج من الأزمة الإقتصادية الحالية والتي هي في الحقيقة أزمة هذا النظام ذاته، حيث تعود جذورها إلى بدايات القرن الماضي والتي تفاقمت على مرّ السنين على شكل أزمات مرحلية سمحت الظروف الموضوعية آنذاك لهذا النظام بالحفاظ على ذاته والخروج جزئياً من هذه الأزمات عبر حلول مستعجلة كانت تشكل في الأفق القريب حلاً له، ولكن في الأفق البعيد كانت تشكّل تراكماً كمياً ونوعياً لشروط أدّت في كلّ حقبة تاريخية الى خلق أزمات مستجدة وانتهى الأمر بهذا النظام العالمي إلى مواجهة الأزمة الحالية والتي تشكل أكبر وأعمق الأزمات التي مر بها منذ تكونه
إنها، وبدون أدنى شك، أزمة النظام الرأسمالي الاحتكاري الليبرالي المتداخلة مع سيطرة الطغمة المالية المصرفية على كل سياسات العالم الإقتصادية، مما أدى، وبشكل جلي، الى اظهار توحّش هذا النظام وطمعه في استغلال شعوب العالم كافة وما تملكه من ثروات مادية وطاقات بشرية وقدرات إنتاجية لتكون هذه الثروات بأيدي حفنة قليلة من الرأسماليين/المصرفيين الذي لا يتجاوز عددهم بعض الأشخاص أو العائلات المتحكمة بمصير المليارات من البشر القابعين تحت معدل خط الفقر أو ما يعادله.
لا مجال هنا للدخول في التحليل النظري لطبيعة وماهية هذا النظام وجذور أزمته التي هي بإختصار شديد وليدة طبيعية وحتمية لتفاقم التناقضات في ذات هذا النظام وضده بغض النظر عن المسميات أو التسميات التي أطلقت على مرحلته التاريخية الراهنة، أهي مرحلة العولمة أم المرحلة الإمبريالية، حيث أن هذه التسميات لا تشكل سوى عبارات مختلفة في الشكل ولكنها واحدة في المضمون لصفة وحيدة تعبر عن أعلى درجات التوحّش والبربرية للنظام الرأسمالي وعدم قدرته الذاتية على الإستمرار في وجه الإنتاج الحتمي لنقيضه إلا عبر إعتماد كل اشكال الصراع وأساليب الضغط والسيطرة الإقتصادية على دول العالم وسلب ونهب مواردها والتنكيل بشعوبها بأساليب مختلفة تصل إلى حد نشوب الحروب أهلية، إقليمية كانت أم عالمية، فقد لا يختلف إثنان أنه في التاريخ الحديث كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية نتاجاً لأزمة هذا النظام.
وها هي اليوم أولى مراحل الحرب العالمية الثالثة. إنها الحرب التي تعاني منها شعوب العالم علّتين، نظاماً عالمياً بشعاً وحشياً وعيشاً ضيقاً ووباءً جامحاً فتاكاً. إن كورونا هي السلاح الجديد للعدو نفسه، عدو الإنسان والإنسانية جمعاء ذلك النظام الرأسمالي الإمبريالي المتوحش ومشتقاته.
إن عدم إمكانية استخدام الاسلحة التقليدية والنووية وأنظمة حرب النجوم بسبب موازين القوى العسكرية الحربية العالمية في هذا المجال وما قد تسببه هذه الأسلحة من فناء ودمار للبشرية، دفع بإتجاه إستخدام السلاح السبرناتيكي - الإلكتروني كسلاح في الحروب بين الدول وإلى إستخدام السلاح الجرثومي كسلاح ضد الشعوب. فمن هنا كانت كورونا سلاح المرحلة الحالية.
- سلاح المعركة بين قوى سلطة رأس المال الإحتكارية المصرفية المتصارعة داخل النظام نفسه للدفاع عن مكاسبها ومن أجل سيطرة أحداها على الأخرى ضمن مفهوم الصراع على الغنائم.
- سلاح المواجهة بين هذه القوى مجتمعة والقوى العالمية الأخرى (مثل روسيا والصين) التي تحاول إنشاء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، بعيداً عن إعتماد الدولار الاميركي كعملة عالمية إستراتيجية، ليحل محل نظام القطب الواحد الذي فرض سيطرته على العالم لمدة ثلاثة عقود بعد سقوط الإتحاد السوفياتي مع الأخذ بعين الإعتبار فشل ما يسمى "الإتحاد الأوروبي" وعملته اليورو من تمركزه كقوة عالمية جديدة تشكل القطب الرديف لما كان يعرف آنذاك بمعسكر أوروبا الشرقية في مواجهة سيطرة الولايات المتحدة الأميركية.
- سلاح المواجهة مع من يشكل عبئاً ثقيلاً على هذا النظام من مسنين وفقراء لا حاجة لهم في مهام المرحلة المقبلة التي يعد لها هذا النظام كأحد أساليب التخفيف من حدة أزمته الذاتية.
- سلاح تنفيذ المخطط القديم لتقليص عدد سكان “الكرة الأرضية" وتحقيق شعار "العيش الرغيد للأغنياء فقط".
- سلاح تدمير الوضع الإقتصادي العالمي عبر إفلاس الكثير من الشركات والمؤسسات والبنوك بغية إعادة ترميم نظام النقد بعيداً عن الأرقام الوهمية وبغية إعادة بناء أطر جديدة تسمح للطغمة المالية من إعادة تنظيم الإقتصاد العالمي والسيطرة عليه بعدما بدأت ملامح الإفلات من قبضتها تتبين أكثر فأكثر.
- سلاح السيطرة الإستخباراتية على شعوب وحكومات العالم بفرض نظام جديد للاتصالات والإجتماعات عبر شبكات الإنترنت المكشوفة لأجهزة المخابرات العالمية.
ولكن إلى جانب كل ما تقدم على القوى الحية في العالم أن تستفيد من الظروف التي فرضها وباء كورونا عالمياً حيث أنه شكل سلاحاً فعالاً ضد صانعيه كاشفاً عن هراء النظام الرأسمالي وهشاشته وكم هو بعيد عن إنسانية الإنسان وحقوقه. بالطبع، لكل حرب أسبابها وأهدافها ونتائجها ولكن، ليس من الحتمي أو الضروري أن تتطابق النتائج مع الأهداف فقد "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" والتاريخ مليء بمثل هذه التجارب ولعل أسطعها ومن الأمس القريب حرب العدو الصهيوني على لبنان عام 2006، فرغم معرفة الأسباب والأهداف الحقيقية لهذا العدوان فقد أتت النتائج على عكس ما كان يبتغيه هذا العدو، بل كانت نتائج وخيمة وفاجعة لهيبة آلته العسكرية وطاقاته العدوانية وكما يقال "وعلى الباغي تدور الدوائر".
من هنا نرى أن سلاح كورونا شكل تقاطعاً بين نظرية "الصدمة" ونظرية "التطور المادي للتاريخ".
فكانت كورونا سلاح "الصدمة" الموجهة الى شعوب العالم كافة لخلق نوع جديد من الذعر والخوف والتشرذم فاسحاً المجال لهذا النظام من الاستفادة من الوقت المتاح خلال فترة "الصدمة" ليعيد ترتيب مكانته وإيجاد مخرج من أزمته وتمديد استمراريته قبل أن تستيقظ هذه الشعوب من تلك "الصدمة" لتتمكن من استعادة عافيتها وتنظيم إمكانياتها في مواجهته والإنتصار عليه.
كانت كورونا أيضاً سلاح "التحدي" ضد نظرية "التطور المادي للتاريخ" بعد فشل وسقوط نظرية الرأسمالية الجديدة "نهاية التاريخ". لقد أكدت ظروف الحرب الحالية أن لا نهاية للتاريخ، وأن التاريخ هو تاريخ صراع الطبقات وتراكم التناقضات في حتمية تاريخية لإنتاج النظام البديل عن ذلك النظام الرأسمالي الإحتكاري المتوحش المتصارع في أزمات ذاته، إنتاج نظام تحقيق العدالة الإجتماعية وكبح جماح سيطرة الرأسمال على وسائل الانتاج وإطلاق حريات الشعوب في الاستفادة من خيراتها وطاقاتها البشرية والمادية، نظام العيش السعيد للمستضعفين وكل شعوب الارض المضطهدة.
لا مجال هنا للغوص في دهاليز ومتعرجات تطور الأحداث في هذه الحرب الحالية المعلنة صراحة أو ضمنياً (كالحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الصراع الاميركي ضد روسيا، إيران، كوريا الشمالية، فنزويلا...) ولكن الهدف هو تحديد الأسباب الحقيقية وراء تفشي هذا الوباء وتحديد العدو الحقيقي بغض النظر عن النتائج التي ستؤول إليها هذه الحرب وما ستفرزه من سلبيات وإيجابيات على الصعيد العالمي والمحلي. ولكن ما هو مؤكد أنه سينتج عن هذه الحرب ترتيب جديد للعالم، أي نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب مختلف عما هو عليه اليوم ولكن ليس بالضرورة أن يكون لصالح الشعوب المضطهدة إنما قد يفسح المجال لإيجاد علاقات وظروف موضوعية جديدة تسمح بالانتقال إلى مرحلة أفضل من الصراع على طريق تحقيق آمال هذه الشعوب والتخلص من أخطبوط الرأسمالية المتوحشة.
هذا لا يعني أنه يمكننا تجاهل وجود هذا الوباء الجائح الفتاك وما يشكله من خطر على البشرية جمعاء، وما يجب علينا من اتباع كافة أشكال وأساليب الوقاية الصحية الشخصية والاجتماعية لا لمواجهة الوباء وحسب، إنما لإضعاف نتائج هذا السلاح وعدم تحقيق الأهداف التي وجد من أجلها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(النداء) اللبنانية – 5 حزيران 2020
**************
ص8
كورونا والولايات المتحدة واكباش الفداء
(1-2)
د. ايوب عبد الوهاب
قبل وصول الرئيس الأمريكي ألحالي دونالد ترامب إلى سدة الحكم كان هناك طابع عام للسياسة الأمريكية لم يخرقه أي من الرؤساء السابقين.•
•كان الرؤساء الأمريكيون يمارسون سياستهم وفقا لمنهجية معينة تضمن الحفاظ على المكانة الاستراتيجية لواشنطن في العالم، لكن التاجر ترامب يفتقد في شخصيته إلى هذه المهارة ويرى الاتفاقيات الدولية والمساعدات الأمريكية لبعض الدول، على شكل أرقام ودولارات، دون الأخذ بعين الاعتبار المصلحة السياسية والاستراتيجية الطويلة المدى لبلاده.
• اتسمت سياسة واشنطن الخارجية سابقاً بالبراغماتية المبهمة، إلا أنها تأثرت حاليا بشخصية ترامب الانفعالية، وباتت أكثر صراحة ( في الظاهر)من أي وقت مضى.
• ومنذ حملته الانتخابية طرح شعار "أمريكا أولاً" وهدد وتوعد الكثير من الدول بقطع المساعدات عنها وكذلك الأمر بالنسبة للاتفاقيات الدولية ليأخذ واشنطن نحو العزلة مع استمراره بهذه السياسة التي قد تبدو في ظاهر الأمر براغماتية واضحة إلا أنها غامضة المصير على المدى البعيد.
وبناءا على هذه السياسة الجديدة حدد ترامب منذ اول ميزانية اهدافا، من ضمنها:

•تقليص التمويل الأمريكي للأمم المتحدة، والمنظمات التابعة، ومهام حفظ السلام.
• وقف مخصصات التغير المناخي التي تبناها الرئيس السابق "باراك أوباما"، وبرامج مساعدات اللاجئين.
• تقليص مخصصات برامج التبادل العلمي، وتمويل البنوك الدولية التنموية، بالإضافة لتحويل بعض المساعدات العسكرية لبعض الدول من منح إلى قروض لدعم مشتريات السلاح الأمريكي.
• إعادة تركيز المساعدات بالأساس لصالح الدول التي تمثل "أهمية استراتيجية قُصوى للولايات المتحدة الأمريكية".

وقد هاجم ترامب الكثير من الدول وأظهر وجها مخفيا لواشنطن بالنسبة لبعض الدول، حيث وجدناه:

• يدعم الكيان الاسرائيلي بشكل واضح، حتى أنه اصدر قرارا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس (يوم 14 مايو 2020،كان الذكرى الثانية) الأمر الذي قوض عمليات السلام وربما قضى عليها إلى غير رجعة، لتصبح الأمور على حافة حرب بين حركات المقاومة هناك والكيان الاسرائيلي قد تندلع في اي لحظة، وهذا ما كان يدركه الرؤساء السابقون لأمريكا وتحاشوا الاقتراب من هذا القرار على الرغم من أنه مطروح منذ أكثر من عشرين سنة.
• ترامب استخدم اسلوبا عنصريا في تصريحاته تجاه الداخل والخارج.
• وأبقى على معتقل غوانتانامو،وهو سجن سيء السمعة، استعملته السلطات الأمريكية منذ سنة 2002.
• كما انتهك الاتفاق النووي مع إيران رغم التزام الأخيرة.
• وتعامل مع الصين بأسلوب المواجهة.
• وقام ايضا بتوظيف المساعدات الخارجيّة لأغراض سياسية بحتة وقد ظهر هذا جليا من خلال قطع المساعدات عن بعض الدول والمنظمات مثل السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، واستخدام ذلك كأداة ضغط على الدول المتلقية لها للضغط عليها، أو معاقبة تلك الدول في حال تبنيها سياسة تعارض توجهات السياسة الأمريكية.

وانسحب ترامب من عدّة اتفاقيات دولية، أبرزها:

• انسحاب ترامب من معاهدة القوى النوويّة
• أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الاجتماع السنوي للرابطة الوطنية الأمريكية للسلاح أن الولايات المتحدة ستنسحب من المعاهدة الدولية للأسلحة التي وقعها سلفه باراك أوباما عام 2013.
•الانسحاب من اتفاق باريس للتغير المناخي عقب وصوله إلى السلطة، بدعوى أن الاتفاق لم يكن صارما مع الصين والهند! وأنه ينطوي على أضرار بالنسبة للشركات والعمال الأمريكيين.
• كما انسحب ترامب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ الذي كان قد تم توقيعه في عام 2015 بين اثنتا عشرة دولة من الدول الأعضاء بمنتدى أوبك.
• الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني
جميع النقاط التي ذكرناها سابقا والتي تتمحور حول حرف السياسة الأمريكية عن مسارها السابق أو إظهارها على حقيقتها عبر الرئيس الحالي ترامب، تقودنا إلى الآتي:
• أولاً: لن تتمكن واشنطن عبر هذه الاستراتيجية الجديدة من جذب الحلفاء الجيوسياسيين، ولن تستطيع تحقيق المصالح التي يسعى إليها ترامب في ظل وجود خلافات مستمرة في البيت الأبيض تظهر إلى العيان كل فترة، فضلا عن التحديات الكبيرة التي يواجهها ترامب حاليا في الداخل الأمريكي، وهذا واضح من خلال انخفاض شعبيته.
• ثانياً: كانت واشنطن في السابق تسعى لتحقيق أهدافا اقتصادية تتعلق بدعم الصادرات وبناء اسواق المستهلكين، لكن مع السياسة الجديدة ستنسحب الكثير من الدول نحو قوى جديدة تتشكل في الوقت الحالي تنافس واشنطن في كل شيء وتقدم عروضا ومغريات قد تسبب في حال بقيت سياسة الولايات المتحدة على هذا النحو، بعزل واشنطن.
• ثالثاً: كسبت واشنطن جزء كبير من قدرتها الناعمة وتأثيرها في القرار الدولي من خلال الدعم الاقتصادي الذي قدّمته للمؤسسات الدولية والعديد من الدول، وتسّبب هذا الأمر في رهن القرار السياسي لهذا البلد للمصالح الأمريكية، إلا أن عقيلة ترامب التجاريّة ستؤدي إلى نتائج عكسية على المدى البعيد.
• رابعاً: براغماتية ودبلوماسية ترامب الصريحة رغم أنها تبدو في الظاهر أنها ستعيد أمريكا قوية مجدداً على المدى القريب، إلا أنها ستكون مختلفة تماماً على المدى البعيد.

في فترة كورونا

إن جائحة كورونا المستجد حدث عالمي مدمر أثر ويؤثر على جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ومن الصعب، مع استمرار انتشاره، أن يتخيل المرء عواقبه أو يتخيل كيف سيكون العالم بعد الوباء. أما بالنسبة للولايات المتحدة، وفي ضوء جائحة كورونا المستجد، فإن تجليات سياساتها الحالية ومصيرها ستكون على المحك.
- لحد الان: من المفارقات الصادمة، ان الولايات المتحدة كأغنى دولة في العالم: لديها أكبر عدد من حالات الإصابة بمرض كورونا المستجد.../ تغيب عن المشاركة في الجهود المشتركة للمجتمع الدولي لمواجهة المرض.../ تلقي اللوم على أطراف أخرى، بما في ذلك الصين، مطالبين اياهم بتحمل المسؤولية! وتقديم التعويضات! لتغطية أخطاء ترامب وادارته وعدم قدرتهم على مكافحة المرض بشكل صحيح / اتخاذ سلسلة من الخطوات غير المسؤولة، مثل إعلان تعليق تمويلها لمنظمة الصحة العالمية، إلقاء اللوم على الصين ومنظمة الصحة العالمية، اعتراض مواد الوقاية من مرض كورونا المستجد الخاصة بدول أخرى، تعجيل ترحيل "المهاجرين غير الشرعيين" إلى دول أمريكا اللاتينية، ذلك كله للتملص من مسؤوليتها تجاه الوقاية من انتشار المرض. فضلا عن ذلك، لم يدخر بعض السياسيين الأمريكيين جهدا لإخفاء الحقيقة وتضليل الشعب للفوز بالأصوات في صناديق الاقتراع.
- في ضوء متابعة تفاعل وردود افعال ترامب ومسار علاقته، ومواقفه، مع كورونا المستجد، وتطورات انتشاره في الولايات الامريكية تتوضح لنا اكثر، شخصية ترامب بتناقضاتها واندفاعاتها وعيوبها ومخاطرها ….. التي تجسد بالتالي جوهر سلوكه الطبقي وتجلياته.
- في مسار هذه العلاقة/ ممكن تشخيص ٣ مراحل
1. المرحلة الأولى: ترمب بين (الرفض وعدم الاهتمام- والمخاطر الضئيلة على بلاده) :
في 30 نوفمبر 2019: أفادت شبكة ABC أن وكالة المخابرات المركزية أبلغت البيت الأبيض بحدوث عدوى نادرة تنتشر في وهان.وحذرت من أن انتشار العدوى إلى الولايات المتحدة يمكن أن يشكل خطرًا كبيرًا. وفي ٣١ ديسمبر 2019: في جو قتل الجنرال قاسم سليماني قائد سرايا القدس الإيرانية وابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، وانشغال ترامب ومساعدوه في أجواء محاكمته في مجلس الشيوخ بهدف الإطاحة به، . تلقى الرئيس ترامب رسميًا تقريرًا تفصيليًا من مدير وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبيل حول الضرر الذي يلحقه فيروس كورونا، بعد أن أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن وجود فيروس كورونا المستجد في أواخر عام 2019. وفي 22 يناير 2020 و أثناء حضوره اجتماع دافوس في سويسرا، أجاب ترامب على سؤال CNBC عن فيروس كورونا المستجد : "لست قلقاً على الإطلاق من إمكانية حدوث جائحة. لدينا حالة واحدة فقط من الصين... هذا لا يهم.". وفي 29 يناير: أرسل المستشار الاقتصادي لترامب بيتر نافارو رسالتين إلى الرئيس يقول فيهما إن "فيروس كورونا قد يقتل أكثر من 500 ألف شخص في الولايات المتحدة، الأمر الذي سيكلف الاقتصاد ستة تريليونات دولار". وفي 31 يناير:تم تشكيل فرقة عمل تابعة للبيت الأبيض لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وأعلن ترامب أنه سيوقف الطيران من وإلى الصين. 25 فبراير: قال ترامب في زيارته الرسمية للهند، إن وباء كورونا تحت السيطرة في الولايات المتحدة. هناك 59 إصابة فقط، 14 منهم أصيبوا في الداخل. وبعد عودته إلى واشنطن وفي تغريدة له.، قال إن "انتشار الفيروس محلياً ليس حتمياً". في 28 فبراير:منع ترامب الطيران من وإلى أوروبا، ثم في جورجيا، قال: "اختبارات الكشف عن فيروس كورونا متاحة لأي مواطن أمريكي يريد ذلك، لدينا أعداد كبيرة منها"، وهذه الكلمات تتعارض تمامًا مع الواقع. في 9 مارس كتب ترامب في تغريدة له :"إن وسائل الإعلام المزيفة والديمقراطيين يبذلون قصارى جهدهم لزيادة المخاوف من فيروس كورونا،رغم ان الخبراء يقولون إن خطر هذا الفيروس على المواطنين الأمريكيين قليل جدًا"
2. المرحلة الثانية: بعد انتشار فيروس كورونا المستجد
في11 مارس: أعلنت منظمة الصحة العالمية إن فيروس كورونا المستجد أصبح جائحة عالمية، محذرة البلدان حول العالم، وحثها على اتخاذ إجراءات للوقاية من الوباء الخطير. وفي 12 مارس: بعد انتشار الفيروس إلى العديد من الولايات، انهارت سوق الأوراق المالية في وول ستريت، وانخفضت أسعار الأسهم بنسبة 35 ٪، وتم تعليق المدارس، وإغلاق الشركات، وإغلاق المصانع.
بعد تفشي الوباء وبهدف احتواء الموقف: اعلن ترامب يوم 13 اذار حاله الطوارئ في البلاد (أي بعد 70 يومًا من إعلان الصين عن فيروس كورونا المستجد في 3 يناير، وبعد 40 يومًا من إغلاق الحدود في 2 فبراير أمام جميع المواطنين الصينيين والأجانب الذين كانوا في الصين)، مما سمح للولايات بتخصيص مليارات الدولارات لمعالجة آثار الوباء. وفي 17 مارس: حث ترامب الأمريكيين إلى "البقاء في منازلهم لمدة أسبوعين ومراعاة قواعد التباعد الاجتماعي لمنع انتشار الفيروس.. واكد "أدركت المخاطر مبكرا وكنت أتوقع ما أعلنته منظمة الصحة العالمية مؤخرا من تحول فيروس كورونا لوباء عالمي".كتب ترامب في تغريدته "لا يمكن أن يكون العلاج أسوأ من المرض، أريد العودة وإنهاء الإغلاق بحلول عيد الفصح، لماذا لا أتصور أنه يمكننا فعل ذلك".(عيد الفصح في 12 أبريل). 27 مارس: وقع ترامب تشريعًا للكونغرس لتزويد الولايات والقطاع الخاص وشركات الطيران والفنادق بأكبر برنامج مساعدة مالية بقيمة 2.3 تريليون دولار أمريكي ويمكن للأمريكيين الذين يكسبون أقل من 75000 دولار سنويًا الحصول على 1200 دولار. وخمسمائة دولار لكل طفل....الخ. وتظهر بيانات وزارة العمل أيضًا أن عدد الأشخاص المتقدمين للحصول على إعانات البطالة قد وصل إلى 17 مليونًا، وهو أعلى عدد في التاريخ الأمريكي.
3. المرحلة الثالثة : وبعد تخبطه في إدارة الأزمة أخذ ترامب يفتش عن اكباش فداء للتنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين.
اكدت "واشنطن بوست" أن جائحة كورونا أكدت الأفكار السائدة عن أخلاقيات الحكم لدى ترامب، وهي "رفضه قبول الانتقادات، وحاجته الدائمة للثناء، فضلا عن انعدام ثقته بالكيانات والأفراد المستقلين".وقد انعكست هذه الصفات في تفاصيل إدارته لأزمة كورونا المستجد، مثلا في تأخير تقديم المساعدة لحاكم الولايات الناقم عليهم ، بالإضافة الى رفضه تحمل مسؤولية التعامل مع عواقب التأخير في تفشي الفيروس.
وتواصلا مع ذلك قالت صحيفة الجارديان إن ترامب اطلق، حسب أحد التقديرات، أكثر من 16 ألف ادعاء مضلل او كاذب خلال السنوات الثلاث الأولى من وجوده في البيت الأبيض.
وتقول الصحيفة في تقرير من نيويورك: "مع تزايد عدد القتلى الأمريكيين، يبدو أن الرئيس غير قادر على استيعاب خطورة المشكلة، وقدم عدة ادعاءات كاذبة منذ بداية الأزمة". منها: اتهامات للادارة السابقة، الزعم باختفاء الفايروس وعدم انتشاره، توفر الاختبارات لتلبية الطلب المتوقع، عدم تفريقه بين الجراثيم والفايروسات...الخ

اكباش فداء

وعمل ترامب على القاء اللوم على الاخرين وتحويل أطرافًا مختلفة اكباش فداء: الإدارات السابقة، حكام الولايات، بعض الصحفيين، الاتحاد الأوروبي، منظمة الصحة العالمية، الصين

الإدارات السابقة

• قال ترامب في خطاب ألقاه في 13 مارس إنه ورث "أرفف ومخازن فارغة من المستلزمات الطبية الضرورية من إدارة أوباما، ما تركته الإدارة السابقة لم يسمح بإجراء الاختبارات اللازمة لكل الأميركيين".
• كشف موقع بوليتيكو الأمريكي المعروف، أنه خلال إدارة أوباما (الرئيس الأمريكي السابق)، مرر مجلس الأمن القومي دليلاً من 69 صفحة لمكافحة الأوبئة، وقد تمت كتابة هذه الوثيقة بعد تفشي وباء الإيبولا في عام 2016، والدليل يوفر إرشادات لتتبع انتشار الفيروسات الجديدة وضمان فعالية اكتشافها، وإعداد موارد الطوارئ اللازمة لمكافحة الفيروس.وكان من الممكن أن يؤدي اتباع الإرشادات إلى استجابة إدارة ترامب بطريقة أسرع وأكثر حسماً، لكن إدارة ترامب لم تتبع إرشادات الدليل.
•لم يجدد ترامب المخزونات الوطنية من أجهزة التهوية والأقنعة وغيرها من الإمدادات الطبية، خلال السنوات الثلاث الأولى من توليه منصبه، وانتظر أيضًا، بعد ما يقرب من شهرين من أول حالة ظهور إصابة كورونا في الولايات المتحدة، للبدء في معالجة أوجه القصور فيها.
• الشيء الغريب هو أن ترامب يهاجم أوباما لأنه لم يطور اختبارات لفيروس لم يكن موجودًا عندما كان رئيسًا. كان ترامب رئيسًا لمدة ثلاث سنوات كاملة قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، وقبل الإبلاغ عن أول حالة رسمية للفيروس في الولايات المتحدة في 20 يناير 2020.
• أصر مسؤولو إدارة ترامب علنًا على أن جهودهم التشخيصية خلال شهر يناير وكثير من فبراير كانت كافية للكشف عن فيروس كورونا المستجد. لكن ،المسؤولين يعترفون بعد ذلك بشكل خاص بأن مشاكل الإدارة، الموثقة جيدًا، قد ساهمت في انتشار كورونا المستجد في جميع أنحاء الولايات المتحدة،ويقول خبراء الصحة أن القدرة التشخيصية هي الآن فقط (في أواخر شهر مارس) تلبي الحاجة.

حكام الولايات

في الصراع على آلية التعامل مع جائحة كورونا، ألقى ترامب باللوم على حكام الولاية وحملهم المسؤولية في تفشي الوباء. وأحد أبرز نقاط الصراع هي:إعادة فتح الاقتصاد فلقد اعلن ترامب خطة إعادة فتح البلاد وإعادة عجلة الإنتاج على ثلاث مراحل ، ضد قيود الإغلاق التي أصدرها حكام الولايات. لمنع انتشار وباء كورونا على نطاق واسع بين الأمريكيين.
ادعى ترامب أنه هو الشخص الذي يتخذ القرار ولديه سلطة مطلقة في ذلك. وتواصلا مع استمرار الخلافات، تركز الصراع في الآونة الأخيرة على فتح أماكن العبادة ...

عن فتح الاقصاد

•أدى هذا إلى خلافات حادة مع حكام الولايات، وخاصة حاكم نيويورك أندرو كومو، الذين أكدوا أن البلاد محكومة بدستور، وتتعلق هذه القضية بأمن المواطن وليس بتعليمات ترامب..
•فرضت الولايات، وليس الحكومة الفيدرالية، قيودًا صارمة على السكان والشركات لمحاولة إبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد، بينما أصدر البيت الأبيض إرشادات فقط للحكام والقادة الإقليميين لاتباعها وهم يحاربون المرض.
•في سلسلة من التغريدات من ترامب ، دعا الرئيس إلى "تحرير" مينيسوتا وميشيغان وفرجينيا، الولايات التي يقودها الديمقراطيون بأوامر صارمة في البقاء في المنزل، أثارت التوتر بينه وبين حكام الولايات الديموقراطية وبدا أنها حافز للاحتجاجات المدعومة من اليمينيين، مجموعات في عدة أماكن، بما في ذلك تكساس وميريلاند وأوهايو.
• قال حاكم ولاية فرجينيا رالف نورثام إنه "ليس لديه الوقت للمشاركة في الحروب على تويتر". وتحدث للصحفيين "أنا وفريقي نخوض حربا بيولوجية" ضد فيروس كورونا. وقال حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز إن "مسؤوليته الأساسية" كانت حماية السكان. وقال إنه إذا كان من الممكن "العودة إلى العمل غدا، فهذا بالضبط ما سنفعله".
•بدوره، أعرب الحاكم الديمقراطي لولاية واشنطن جاي إنسيلي، عن غضبه من تغريدات ترامب لأنها تشجع "الأعمال الخطيرة وغير القانونية". وقال: "إنها تعرض ملايين الأشخاص لخطر الإصابة بكورونا المستجد...ويمكن لدعوات ترامب لتحرير الولايات أن تؤدي إلى العنف".

ترامب والصحفيين

دأب دونالد ترامب على مهاجمة المراسلين لطرحهم أسئلة حرجة خلال جلسات الإحاطة الصحفية اليومية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، من بينهم بيتر أنسندر مراسل أن بي سي نيوز، ياميش ألسيندور مراسل "بي بي إس نيوزهور"، ويجيا جيانغ مراسل شبكة سي بي إس الإخبارية ، فرانشيسكا تشامبرز من ماكلاتشي، بولا ريد مراسلة سي بي إس نيوز، وغيرهم
• لجنة حماية الصحفيين CPJ تقول الى أنه "إلى جانب آلاف التصريحات الكاذبة الموثقة لترامب ودعايته لنظريات المؤامرة المريبة، فإن هجمات الإدارة على مصداقية وسائل الإعلام الإخبارية قوضت بشكل خطير الحقيقة ". هجمات ترامب تعززت خلال أزمة فيروس كورونا ، وكان ترامب يهاجم بشكل معتاد وسائل الإعلام ويصف تقاريرها بأنها "أخبار وهمية" وعدوة "الشعب". وهذه الهجمات الخطيرة تقوض الحقيقة.
•في 8 مارس، بعد انتقاد المزيد من التقارير الإعلامية، غرد ترامب، إن أخبار مزيفة تفعل كل شيء ممكن لجعلنا نبدو سيئين.
• فال كورتني رادش، مدير المناصرة في لجنة حماية الصحفيين، إن استخفاف ترامب بوسائل الإعلام له تأثير يتجاوز الولايات المتحدة، مما يشجع القادة الاستبداديين في جميع أنحاء العالم على محاكاة هجماته على وسائل الإعلام.وقال رادش للجزيرة "لقد رأينا كيف استجاب الرئيس لأزمة كورونا المستجد من خلال مضاعفة الهجمات ضد الصحفيين ووسائل الإعلام، ونزع الشرعية عن دور الصحافة".
• في 26 مايو 2020، اتهم ترامب تويتر بتدخلها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتقويض حرية التعبير في الولايات المتحدة، بعد أن اعتبر الموقع اثنتين من تغريداته. من فئة التغريدات المضللة.

الاتحاد الأوروبي

مع انتشار فيروس كورونا المستجد في أوروبا في أوائل مارس، وفي وقت يتطلب دعم الاوربيين واسنادهم وتقديم المساعدة لهم، اغتنم دونالد ترامب ( الذي لم يقدم فلسا واحدا لمساعدتهم)، الفرصة لانتقاد استجابة الاتحاد الأوروبي والتبجح في نجاح سياساته.
وقال، عندما أعلن، حظر السفر إلى الولايات المتحدة من معظم الدول الأوروبية وهي خطوة فاجأت القادة الأوروبيين وأدينت على نطاق واسع ،قال ان الاتحاد الاوربي : "فشل .. في اتخاذ نفس الاحتياطات وتقييد السفر من الصين والنقاط الساخنة الأخرى". كما اشار في اجتماع مع الزعيم الايرلندي ليو فارادكار، متفاخرا بإغلاق ناجح للسفر من الصين إلى الولايات المتحدة، إلى المشاكل التي تواجه الدول الأوروبية.
•وتواصلا مع ذلك وحين ارتفعت عدد الاصابات في الولايات المتحدة: وفي خطاب، مليء بتصريحات مضللة، ألقاه ترامب يوم 11 مارس ألقى باللوم على الأوروبيين بالزيادة الأخيرة في عدد حالات "الفيروس الأجنبي" في الولايات المتحدة.
• وبينما يدعي ترامب بأن الولايات المتحدة "كثيرا ما تتصل بحلفائنا"، أوضح مسؤولا الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لايين وشارل ميشالا في بيان خطي "إن الاتحاد الأوروبي لا يتفق مع قرار الولايات المتحدة فرض حظر للسفر، (والقرار) اتخذ من جانب واحد وبدون استشارة. وان الاتحاد الأوروبي يتخذ إجراءات قوية للحد من انتشار الفيروس".
• في اليوم التالي: اعترف ترامب للصحفيين إنه لم يتشاور مع القادة الأوروبيين قبل خطابه، ولكنه أشار،بتعالي، إلى أن عدم الاتصال له ما يبرره، فالدول الأوروبية لا تبلغه عندما ترفع الضرائب على الولايات المتحدة!!!. وبدأ مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية في الاتصال بالسفراء الأوروبيين ، لكنهم لم يتمكنوا من الرد على جميع استفساراتهم، يبدو أنهم ليسوا على دراية كاملة بخطط ترامب.
•ذكر الاتحاد الأوروبي في رده أن كورونا المستجد "أزمة عالمية لا تقتصر على أي قارة وتتطلب التعاون، وليس العمل الانفرادي".
•في سياق متواصل: اعتادت أوروبا على كلمات ترامب وأعماله العدائية، لكن هذه المرة كانت لا تطاق، ولا شك في أن الاتحاد الأوروبي لم يعد بإمكانه الوثوق بالولايات المتحدة، ناهيك عن الاعتماد عليها.
***************
ص9
رفعنا أصابعنا جميعاً
رياض الغريب
وهي تقرأ مع التلاميذ
نشيدا قديما
قفزت دمعة من عينيها
لم يدرك الأطفال
ان المعلمات أمهات
بالفطرة
وهن ايضا
معلمات مائزات للذكرى
تقول المعلمة سرا للتلاميذ
ستأتي
الأغنيات المثمرة بالأمل
كبر التلاميذ
مثل ثمار ناضجة أصبحوا
لكن بعضهم
تعفن
في انتظار الأمل
قالت المعلمة
وهي تهز يدها بندم
كم
تألمنا
التلاميذ
صغار
كم كنا صغارا ياالهي
هي تتذكر اشياء مؤلمة
بينما
نحن نلهو بالمرح
وبعضا من الضحكات
ليس كلها
اقصد الضحكات
قالت المعلمة
( افتنكري ضحكة حلوة عشنا فيها)
رفعنا أصابعنا جميعا
ست ست
لم تنتبه لنا
كانت تبكي حياتها
المعلمات
المعلمون
الطاعنون في الأمل
يخافون
النسيان
لهذا
هم يحلمون
بنا
نحن
التلاميذ الصغار
لكننا كبرنا
**********
"موسوعة الرواية النجفية"
وصف البريطانيون بعض علماء الدين المعارضين لهم بالبلاشفة
ياسين النصير

1
تعد الكتابة عن النجف كتابة عن كل سردياتها الصغيرة والكبيرة، فهي مدينة اشكالية تتعالق فيها المتناقضات، لها في الأرض عمقاً وفي السماء امتداداً، وعلينا أن ندرك أن الكتابة عنها ستكون كتابة اشكالية عن تاريخها المشتبك بالحياة الدينية والسياسية وما تتطلبه السماء وما يزرع في الأرض، وعليه لن تكون هذه المدينة على وضعها المتماسك إذا أدخلت رأسها في الحياة السياسية اليومية بأكاذيبها وتطلعاتها، ولن تكون مستقرة منعزلة إذا بقيت تردد مقولات ونصوص في عالمنا الحديث، لذلك، وهي تعاني من هذه الازدواجية.
تسربت النجف كمدينة عريقة لتطمغ مدننا أخرى في العالم، قم ومكة وغيرها، وعليه فالتدوين عن فاعلية الأدب الروائي فيها، يعني الكشف عن جانب من سردياتها المضمرة في هذين البعدين:المدينة الأرضية بكل ما تعنيه حقيقتها المادية، والمدينة السماوية بل ما تعنيه حقيقتها الروحية. هذه المدينة الجامعة للنص العراقي تستبطن التقاليد القديمة وتشرئب باعناقها إلى الحداثة، وهو ما يجعل بعض ابنائها ينخرطون في السياسة والاقتصاد واللغة، والبعض الأخر وهو يطوي كتابه التعلمي تحت ابطه يصوّب عينيه على سوق التجارة والسياسة.
المدينة الجامعة لنصها التكويني فيها من المثيولوجيا أعراق وجذور، وفيها من المعاصرة فروع واثمار، اما الجذع الذي يوصل بين الجذور والأغصان فثري وخصب، ففي حياتها المتقلبة؛ من مدينة تحيطها المياه، إلى مدينة جافة مرتفعة عن الأرض، تنظر إلى العالم من خلال المنح والشح، فمن وراء نافذة زمنها الخصب، تنظر إلى بحرها الجاف لإعادة كتابها مدونتها السردية القديمة، مطعمة برؤى الحداثة. فتجد فيها بقايا اثاراً تمتد للعصور التراثية القديمة، كما لو أن بنية السرداب فيها بنية عروق تمتد لتلك الجذور الباردة اللامتشكلة، وتتطلع بهوائياتها المنتصبة فوق السطوح لاقتناص الريح، لعصور مقبلة، لتغذي شواهدها التراثية النائمة والمستريحة في خزائن السرداب المجاورة لقبور ومراقد الأئمة الكرام، مانحة الزائرين مثيولوجيا معاصرة، مطعمة بروح قدسية قلما نجد لها مثيلًا في العالم." من هذا المنظور يقف الإبداع والفكر إلى جانب الانفتاح والاستمرار في البقاء، لأن الإبداع هو تأمل في الحياة لا في الموت والآخرة وهو استنهاض للتحدي والمواجهة ودعوة ممارسة الحرية ضمن جدلية مخصبة بين الفردية والغيرية".

2
لايتحدث الاستاذ الروائي والشاعر حميد الحريزي عن الرواية في النجف فقط، بل يتحدث عن النجف المكان الكوني السارد لأشكال من الفنون والآداب، ففي بحثه الجاد عن هذه التكوينات المعرفية صورة لجذورها وتطوراتها وانتكاساتها وحيويتها ومياهها واندثار آثارها، ثم ما تبقي منها شواهد أطعم اللغة بتعريفات عن معنى ودلالة النجف لغة ومادة تأمل، هذه السياحة السردية ليست مقحمة على مدينة خزائن الموروث، ولا هي من ثقافات عابرة التقطها المؤلف عن أثر المدينة في الرواية ، بل أن كتابه هذا يحتاج إلى وقفات أكثر من كلمات سريعة اقولها من منجز قلما وجدت مثل حماسة كتابته، وكأنه يكتب عن مدينة كونية ما تزال شابة متطلعة بدليل امتداد هويتها القدسية القديمة والحديثة في مدننا العراقية وفي حياتنا السياسية المعاصرة.
أن الرواية بنية في مسرود كلامها التراثي والتاريخي، وللصدفة أن حديث الاستاذ حميد الحريزي عن الروايات لايشمل تاريخ ظهورها في عام 1932 لدى جعفر الخليلي فقط، بل يتحدث عن كلام المدينة المتغلغل في التراث وفي المعاصرة، صانعًا سرديات روائية لم تتوقف عند أشكالها السردية القديمة، بل امتزج فيها الشعر بالحوار، الحدث بالحكاية، اللغة الشفاهية باللغة المدونة، حيث سردية النجف أكبر من أي سردية اخرى، فامتدادها في الشعر والمقالة والبحث والاجتهاد والسياسة والتقدم الفكري والحضور الفاعل كمدينة سماوية تميز نفسها عن المدن الأرضية، له تأثير على ثقافة العراق كله، إن لم يمتد التأثير إلى بلدان ومدن عربية واسلامية. ولهذا السبب قلت الصناعات فيها وكثرت المكتبات، وهذا شيء منطقي حين نجدها مدينة ثائرة ركبت مقدمة عربة الثورات العراقية منذ عشرينيات القرن الماضي ومازالت، واخصبت رؤاها الفكرية شخصيات انتمت لليسار أكثر من أي انتماء آخر، لأنها مدينة الكلمة والكتابة والأجتهاد والبحث والعقل، لا مدينة الاستنساخ والقعود والصلاة على الاموات فقط،" وقد وصل الأمر بالبريطانيين أن يصفوا بعض علماء الدين المعارضين لهم بالبلاشفة، وأنّ أحد أسباب انتشار الفكر الشيوعي في النجف هو وجود جماعات من مختلف البلدان الإسلامية القريبة من روسيا وعلى تواصل مع الثوار البلاشفة، وخصوصاً الإيرانيين والأفغانيين والأتراك، والأرمن وغيرهم".
من هنا أصبحت سردياتها تستبطن أحداثها المخفية، فنجدها متراوحة بين التجديد واعادة انتاج الحكاية، فهي المدينة التي تمثل دور الحكاية والرواية في الفقه الشيعي التي تمد أسبابها للمعتقد.
اقول ليس بحث الاستاذ الحريزي عن الرواية بمعزل عن سردية المدينة التاريخية الكبرى، ولا عن المدينة بمعزل عن سردياتها الشعبية وثقافتها، فكان له أن يقدم لنا اضمامة من أنوار التراث والمعاصرة، بأثواب المدونات التراثية والرؤية النقدية، وله في هذا الجامع الشامل الذي حققه بجزئين القول: أن لكل مدينة عراقية نصيب متميز في ثقافة النجف، ومن حق أدبائها أن يجتهدوا في اظهار هذا التميز، كي يقف البحث والنقد على عموميات التجربة الثقافية في العراق، وتكون بغداد أو الموصل او البصرة في العين منه، ففي المدن الأخرى نبتت شتلات روائية وشعرية مثمرة لم يسلط الضوء عليها، لذا عدّ هذا الجهد بمثابة مسار نقدي قبل أن يكون تجميعًا للإنتاج الروائي.
خلال تسعون عامًا، وهو تاريخ طويل تراكمت معارف الأدباء، جامعين بين الموروث الديني والتطلع للحرية، أنتجت نصوص روائية مهمة، وقد سلط الحريزي الضوء على أهميتها من ناحيتين: محتوياتها التي ارتبطت بتاريح الإنسان العراقي، وأشكالها الفنية التي رسمت طريقة للمزاوجة بين السرد الحكائي والاستبطان الشعوري النفسي، فالبطل دائمًا ما يكون صوتًا يعبر عن المجموع، ولعل صوت المؤلف النقدي يفصح عن هذا الاهتمام المزدوج بالمدينة وبانتاجها الثقافي" منذ سنوات وأنا أصارع فكرة إنجاز كتاب حول الرواية في مدينة النجف، لأني لم أجد ما يشبع فضولي في هذا المجال، بمعنى لم أجد كتابًا يبحث في تاريخ الرواية في النجف مقارنة بالعديد من الدراسات والكتب في تاريخ الشعر والمجالس الشعرية والشعراء في المدينة، مما جعلني أشعر أن هناك نقصًا كبيرًا في توصيف مدينة النجف كمدينة من دون الاهتمام بالسرد والرواية خصوصًا، فلا مدينة بلا رواية ولا رواية بلا مدينة. ونظرة على فهرست الجزء الاول الذي احتوى على 46 رواية، نجد أن المؤلف لايكتفي بالتدوين والمتابعة فقط، إنما يفرض حسه النقدي كي تكون مهمته في هذا البحث مزدوجة: نقدية وتدوينية، وقدم ملخصات ضافية لعدد كبير من الروايات، ملقيًا الضوء على الكيفية التي تكتب الرواية بها، واصفًا موضوعاتها وطرائقها الفنية.
لقد ارتبط الحس النقدي عند الحريزي بالحس الوطني، ويلاحظ أن دراسته عن الرواية اعتمدت على افكار النقاد التقدميين راسمًا فيها ملامح متقاربة مع مواضيع واشكال الرواية النجفية التي تنوعت موضوعاتها بين الرواية الاجتماعية والرواية العلمية والرواية الشخصية ورواية البحث، مما يدل على أن اهتمام الروائيين النجفيين لايبتعد عن مكونات ثقافة الفئة المتنورة التي ترى في طريق المسرود امكانية المزاوجة بين ما هومحلي وعالمي، ومن داخل هذه التركيبة النقدية يحلل الحريزي حياة ومشكلات النجف، ولايستغرب القارئ من أن يجد حضورًا ملفتًا للتيار اليساري في ثقافة النجف الابداعية، وفي حياة شخصياتها الاجتماعية والدينية، وفي الوقت نفسه الذي تنهض فيه قيم التحرر، تصدر فتاوى تكفير للتيار اليساري صبت في مصلحة الفاشست في شباط الاسود عام 1963. "ورغم المحاولات الجادة والمبكرة للعديد من الشخصيات الدينية والمدنية للتجديد والتحديث ونبذ التخلف والحد من اللاهوت المتزمت ولكن أغلب هذه المحاولات باءت بالفشل. وكما قال الشيخ علي الشرقي: (توجد في النجف طائفة من المتجددة قد تمردت أرواحهم على التقاليد البائدة، وتعاطوا وجوه الإصلاح، فهدموا شيئًا وبنوا شيئًا ورموا أشياء، ولكنهم ممتحنون بحالة اجتماعية ثقيلة فلا يجدون نوعًا من التنشيط ولا طرفًا من الإقبال على بضاعتهم فهم يتغذون بأدمغتهم وينتعشون بأرواحهم، وتكاد تكون حياتهم في عزلة وانقطاع والأديب النجفي يعيش فلك وحده)" .

3
يتطرق الناقد إلى البنية الاجتماعية في الروايات النجفية، فيجد ان الطبيعة الاقتصادية مؤثرة، وأن الاحتلال التركي ودخول الصناعات اليدوية للمدينة قد اسست فئة اجتماعية عاملة.
صحيح أنها لم ترق إلى مستوى الطبقة" ولا نجد توصيفاً حقيقاً لطبقة عاملة، ناهيك عن بروليتاريا كنقيض للطبقة الأولى، وانَّما حثالة من بروليتاريا رثة من كسبة وعمال بناء وخدمات في الفنادق والمطاعم وغيرها، ونتيجة لذلك لا توجد طبقة متوسطة واضحة المعالم والتوصيف."ولكن هذه "الحثالة" كما يسميها الحريزي، كانت شريحة واسعة من البنية الاجتماعية للمدينة، وهي عماد معظم الشخصيات والاحداث للروايات التي عالجها في الجزء الأول.
كل ما ذكرناه آنفًأ حول (مدينة) النجف، يشمل بمقدار وآخر المدن العراقية الأخرى التي عرقل الإقطاع والاستعمار التركي والبريطاني نموها ووقف في طريق التقدم الزراعي والصناعي في العراق عموماً خدمة لمصالحه كونه سوقاً لبضائعهم ومصدراً لثرواتهم من خلال سلب ثرواته وكبح تقدمه وخصوصاً بعد أنْ حولت دولته من دولة تعتمد الخراج الزراعي إلى دولة الريع النفطي، وبذلك قتل تطلعات البرجوازية الوطنية المنتجة وأعاق تقدمها وتطورها.
كتاب الحريزي الموسوعي واحد من انجازات ثقافية تؤسس لعلاقة بنية المدينة بالإنتاج الثقافي، ليس كانعكاس لهذه البنية، وإنما لتمثيلها فنيًا.
**********
ذاكرة
عوني كرومي
الفنان الذي صلبوا صليبه

 

 

 

 

 

 

 

طه الزرباطي
لِمَنْ لا يَعْرِفُ عوني أقول : من الموتى من لا تسعُهم قبورٌ فهي تُصادِرُ أحلامَهُم، فيختارون السماءَ مقبرةً، فمنذُ أنْ ماتَ عوني على خشبةِ المَسْرَحِ في برلين، ألتحقَ بالسماء لِيُحَلِقَ في سماءِ الآخرين ,غريباً، بكاءٌ أخيرٌ على فكرةٍ عارضةٍ مَسْرَحَها في الخيالِ فكرَةٍ تعكز الأماني المُحْبطة بين لوعةٍ للولادةِ ولحظةٍ للتناصِّ، ألغمَ رأسَهُ بشارِع الرشيدِ قالت تترنم على كرسيها الهزاز : منذ قرون لم يعترينِي املٌ منذ عقودٍ أكررُ نفسي... أكررُك.. أكررُها دُميةً نكررُ اللُّعبَةَ المَهْزلَةَ !
خيولٌ من ورقٍ ترتَقِي المَشْهَدَ الأخيِّرَ، خيولٌ تحترِقُ قلتَ لي مرةً: ارسُم خُطايَ المجبولة فوقَ المَرايا ارسُمْ صَهيلَ القلبِ بِحَوافرِ العُبور قلتَ لي بكثيرٍ من التوسُلِ صَلِّ لي لأني نسيت قُبلَتِي في العراق أبحثْ لي عن قِبلة , عن مسجدٍ, عن صومعة،عن مسيحٍ، كنتَ أمسحُ عن وجه المُدن ثلجَها فتسيحُ أرواحُنا في مآذنِ الذاكِرَةِ ندفعُ مجاديفنا في الهواء ..ثمة دجلةٌ في الخيال هناكَ نمسحُ قدميها...نركعُ.. نَتَعمدُ في مائها نتجولُ ...نتحولُ نشربُ من نزيفِ الكُتُبِ هنا انتهينا ...هنا ينبغي إن نبتدئ بين النهاية والبداية وطنٌ يَنتصِرُ...
*****
بين النبضةِ والسندان ولدَّتَ شاخِصاً كمَلاك رعشةٌ ليلٍ مُتأخرةٍ.. داهمتْهُ عُنوة فأفرَغ في جوفِها ثورتَهُ المُزمِنة غادرَها فُجأة كصحوةِ الذاكرةِ، ستُغريك المانيا بالبُكاء على خطى غريب، وبقايا ضبابٍ في ثنايا مِعطفٍ ثقيلٍ سألقيك في آخرِ مَحْرَقةٍ للحنينِ، تخاطبُ وطنَ الروحِ في شارع الدواسة ..تحت المطر .. يسكُنُكَ زوربا اليوناني كان يؤدي في رأسهِ دورَ العاشقِ عندما صلبوا صليبك، وأهدوا إليك خارطةً للمسيحِ، هُناك في اللا مَكان أوصدوا أبوابَهم ... من رمادِ قصرِ السُلطان بيك تهرُبُ امرأةُ الذاكرةِ اغتصبوا كُحلَها ...اغتَصَبوا الذاكرة
*****
الكرسيُّ الهزاز مازالَ مُترنِحاً مُلطخاً بالحِناء والحَنين ((تحن اسنيني لسنينك....لهفة المايك او طينك اواد كل سحابة اتفوت، واشتاك الشمس عينك))* اجلُسْ عل ستينَ كُرْسيٍّ كُرْسِيِّا ...كُرْسِيَّا..
كُنْ جُمهورَك اسمَع للوركا على زفيرِ المساءِ استانفلاسسكي بين شظيةٍ وقضيةٍ يولدُ الجمهورُ على كرسِيك الستين شرْنقةً.. شرنقةً نوافيرُ الدم تصْرُخُ بك :..عوني...عوني عوني يَجثوُ على ارضِ المسرَحِ تئنُ الأرضُ تحتَهُ لحظةِ نشوتِها يبحثُ عن وطنٍ ليس له حدودٌ،وطنٌ من سَماءٍ أشار برشت بإصبعٍ من نسيمٍ: تجدُهُ هُناك حيثُ ينمو النخلُ، المفخخاتُ تُشذّبُ لوعةَ سعفِها المُشتاق يُغني (الستون) كُرْسِي كُرسيَّا .. كُرْسِيَّا والمسرحُ الوطنيُ بِبَذخٍ يَسْهمُ في الجوْقةِ الجنائزيةِ صَليبُكَ هُناكَ ... زرعوُهُ هيِّا اعتليهِ ينتظرُك (برشت) ليُعمِدَكَ أخيراً يلوُحُ بالنخلِ المُغْتَرِبِ خَدَعوك بالعودةِ ...دغدغوا حُلمَكَ بشطِ الموصل...بكنيسةِ العَذراء...بِنَبِيِّ اللهِ يُونُس
ونبيِّ اللهِ (برشت)، بحُسينِكَ الذي ألهَمَك الشهادةَ حُبّاً... و أشجارِ ناظم حكمت ماتَتْ واقفةً ... واقفة في برلين...في بغداد ..في أنقرة ...في ماكوندو.. مكاوندو ماركيز ...ماكوندو اندريه جيد..ماكوندو عوني...وصلاح القصب...وحقي الشبلي.. وقاسم محمد...تتكئ على قوائمِ ستينَ كُرْسِيّا لِتَعودَ صوتٌ في الكورَس سيعودُ ....سَيَعُودُ ضيفاً على الذاكرةِ مقطع من نص للشاعر عريان السيد خلف،لمسرحية ترنيمة الكرسي الهزاز.
*********
لماذا؟

لماذا تعتقد دائرة التقاعد العامة بأن تأخير صرف رواتب المتقاعدين أمر لا يثير انتباه المتقاعدين ولا يؤكد وعيهم ومعرفتهم أن الحكومة باتت تصرف لهم رواتب ( 10 ) اشهر بدلاً من (12) شهراً سنوياً ؟
*********
مناغاةٌ لوطنٍ في الذاكرةْ
جواد وادي


لم تكنْ عاصفةً رمداءَ
بلْ هبةً من حنينْ
تشطُّ في تلابيبِ وجعيْ
ونهمِ الرغباتِ
رهنتُ هذا المدى
عندَ عتباتِها
لتعيدَ ولادتي طفلاً لا يعرفُ
مآلاً لجسدهِ الغضِ
وماذا سيقبضُ في راحتيهِ
من متاعٍ لأيامهِ القادمةْ
كان يحصيْ المسراتِ ويعتليها نخلةً سامقةً
يشتهي رُطبِها دونَ أنْ يدنو من فسائِلِها الغضةِ
يمددُ جسدَهُ المتعبَ عندَ ظلالِها
ويرددُ ما ترسّبَ في ذاكرتِهِ من تهاليلِ امِهِ
في مهدِهِ الموشّى بالتمائمِ والمزنّرِ بالأدعيةْ
(دللّول يا الولدْ يا أبني دلّلول*** عدوكْ ذِليلْ وساكن الجول)
نعم...
ظل عدوهُ ساكنَ القفار الرمضاءْ
وحين غادرتني العتماتُ ولدائنُ الصبيِ المدللِ
اشعلتُ مباخري في حضرتِها
كي لا تبرحُ عني وانا المشدودُ بها
وروحي تعشقُ وشمَ جيدِها
رهنتُ كلَ شيءٍ لتروضَ عمريَ الكسيحَ
على ضفافِها/ أنينِها/ دموعِها/ ازقتِها/ حاراتِها/ وناسِها الطيبينْ
وما تنكّرتُ يوماً لرذاذِها النديْ
عادتْ كما النيازكَ الهابطةَ من قبةِ السماءِ البعيدةْ
لترسو مشتتةً على رؤوسِ صحبيْ المرصوفينَ
في اقبيةِ الموتِ
حين تركتهمْ للسيافِ ومقاصلِ الجلادِ
وقارعةِ النسيانْ
بابليونَ وسومريونَ واكديونَ واشوريونَ وكرداً وعرباً اقحاحاً
ومندائيونَ وإزيديونَ وشبكاً ومسلمينَ وسواهمْ
طمرتهمْ جرافاتُ الحقدِ
فأينعتْ أجسادُهمْ بذوراً وفسائلَ وسيسباناتٍ وافواهاً فاغرةً
وهم ينشدونْ:
(بلاديْ وان جارتْ عليّ عزيزةٌ*** وأهليْ وان ضنّوا عليّ كرامُ)
قد ينعتوننيْ بالوثنيِّ أو السومريِ المغمورِ أو البابليِ المشدودِ بأسدهِ المبهورِ الرابضِ ببأسِهِ على دكةِ الانتصارْ؟ أو ذلك المتهالكَ جسداً لكن روحيْ تخضرُّ كلما اشتعلتْ في تلافيفِ رأسيْ حكمةَ النملِ وذكرى عصايَ التي تركتُها لأبي المحدودبِ الظهرِ وأمي التي كانت تعشقُ عكازتي لتنامَ قريرةَ العينْ
احرَقوا الحقولَ والعقولَ والفلولَ الهاربةَ خوفاً وفزعاً ونثروا الرمادَ
فارتشفتُه مياهُ النهرينِ ولم ينلْ الناكثونَ لعهدهمْ غيرَ لعناتِ الربِ وسخامَ الزمنِ الذي غطّى وجوهَهمْ ومضوا حاسريْ الرؤوسَ الفارغةَ الا من حقدِ الدبابيرِ ولسعاتِ العقاربِ الضالةْ.
لأظلَ من ذكرى رمادِهمْ ارتشفُ الخمرَ والخبزَ والأسئلةْ
وألثمُ ثغرها بشهوةِ الكُمثرى
وهي تمرُ ميّاسةً بأعيادِها
كلما عنّت عليّ نواميسُها
وحناؤها تشعُ طراوةً
وأنا أسمعُ تمتماتِها
وأرددُ غناءَها
فتمررُ اناملَها الغضةَ
على جسديْ الممددِ بين صخرةٍ مباركةٍ
فجّر ماءَها نبيٌ وليدٌ
وأصصِ الاقحوانِ
تستنشقُ رائحةَ ترابِها المندوفِ بدميْ
نتوسدُ الذكرى البليلةَ لبغدادَ
فيأخذُنا سحرُ الحكاياتِ القديمةِ
واقدامُنا لم تزلْ منقوعةً بماءٍ فراتيٍ
ممسكينَ بشوقِ الندماءِ نحنُّ لمتاريسِنا
ودجلةُ هي من تطفئُ حرائقَنا الناشبةْ.
**********
قصة قصيرة
الممثل والممثلة


إبراهيم سبتي

في صباي ، كنت وفيا للمواعيد مع اقراني وخاصة عندما نقرر الذهاب خلسة الى السينما لمشاهدة افلام الويسترن التي اعشقها وخاصة في ايام الاعياد ..احببت تلك الافلام المشوّقة حتى علقت صورة الممثل كلينت ايستوود وهو يدخن السيجار الكوبي منتشيا بأنتصاراته في غرفتي الصغيرة معتليا صهوة جواده الاشهب الجامح ، ماسكا بمسدسه متأهبا ومعتمرا قبعته الرمادية التي لا تغادر رأسه . وجدت صورته ذات يوم تباع على الرصيف في منطقة الباب الشرقي مع صور كاري كوبر وام كلثوم وبائع الشاي الشهير بسيجارته الملتصقة بفمه .. الممثل الذي لم يتكلم كثيرا و لم يضحك ولم يُقتل او يُجرح في كل افلامه لانه اسطورة لا تموت هكذا تخيلته .. كنت فرحا ومسرورا ونحن نخترق الشوارع والازقة سيرا ، للوصول الى بناية سينما الاندلس الشتوية القريبة من النهر الذي يشطر المدينة ، نضحك ونثرثر بقصص وحكايات اسطورة القوي المهيب وهو يطلق الرصاص على خصومه من مسدسه الصغير الذي لم يلقمه ابدا، فهو ممتليء دائما .. الرجال الاشرار يموتون اكواما اكواما ويختبيء الاثرياء الفاسدين المتآمرين عليه ، والجياد تهتاج فزعة وتلوذ هاربة خائفة ومن ثم ينفخ فوهة مسدسه مختالا صامتا ويضعه بخفة في جرابه .. دخلنا الصالة المضيئة وسط انغام زي الهوا الهادرة لعبد الحليم .. في الوسط تحديدا جلسنا وهو المكان المفضل لي لرؤية نجمي الطيب الشجاع .. صالة كبيرة تتوسطها شاشة محاطة بشريط اسود ، الناس يدخلون من باب جانبي قربها، كبار ، صغار وشباب يتضاحكون وبعضهم يتوقف ليؤدي احدى حركات الممثل امام الآخرين الذين ينهالون عليهم بالتصفيق الحاد . ارتفعت سحابة الدخان من المدخنين الصغار رغم وجود يافطة كبيرة كتب عليها باللون الاحمر وبخط رديء " ممنوع التدخين " ولكنها لم تحد من فورة وهوس التدخين للمتفرجين المتحمسين لرؤية قاتل الاشرار . كدت اموت انتظارا مع كل دقيقة تمر لكن عبد الحليم بصوته العذب وحزنه الباذخ بالعواطف، كان يخفف عني قسوة الوقت الثقيل سيما ونحن ننتظر الطلة البهية لبطلنا في فيلمه الذي حرصت ادارة السينما على تعليق صوره واعلاناته بكثافة في الباحة الطويلة وفي الشارع المؤدي لدار العرض.. فجأة انطفأت الانوار وعلا الضجيج والعجيج والتصفير ابتهاجا .. غرقنا في ظلمة لذيذة ايذانا ببدء العرض ورؤية الممثل الذي لا يموت باطلاق الرصاص عليه والضرب المبرح والسحل بالأحصنة عبر البراري الشاسعة ، انه قوي ولا يهاب الموت.. سبقت الفلم مقدمة عرضت اللقطات السريعة لافلام متنوعة مرّت كالبرق واعقبتها وموسيقى صاخبة دوت في رأسي لمقاطع افلام ستعرض قريبا . انتهت على عجل وانيرت الصالة وصدح عبد الحليم ثانية. احتج الجمهور وراحوا يصفرون ويطرقون على كراسيهم لانهم سئموا الانتظار وعلت سحابة اخرى من الدخان ولا ادري لما ارتطم رأس صاحبي بالمقعد الامامي عدة مرات.. سكن الجميع عندما بدأ الفيلم المرتقب بعد ربع ساعة تقريبا من لقطات المقدمة المملة .. موسيقى هادئة واسماء الممثلين مكتوبة بحروف ناعمة وشوارع وبنايات حديثة شاهقة وسيارات فارهة .. انه ليس فيلمي بالتأكيد ولا هي موسيقى الغرب الامريكي المعتادة !! ظهرت ممثلة فاتنة بشعر ذهبي تلتمع خصلاته تحت الشمس المتسربة من بين البنايات ، انف مستقيم وشفتان تتهدلان اسفله .. اين ايستوود بطلي ؟ كانت الممثلة تخبيء حزنا بداخلها وهي ترتشف قطرات السم منتحرة على مقعد وثير بأبهى حلة داخل غرفة مؤثثة جيدا ملئت جدرانها بلوحات لرسامين معاصرين ، سقطت الممثلة ارضا واذهلت الجميع بوجهها الجميل وعيناها الصافيتان الملتمعتان بغضب خفي كما خمنت .. انها لحظة مروعة حين تموت البطلة فيما ظل بطلي الكاوبوي لم يمت في كل افلامه رغم حصار الاعداء وامطاره بزخات الرصاص التي تدمر جيشا بكامله .. ماتت الممثلة التي لا اعرف اسمها ، في اخر مشهد بعد مرور ساعتين من الحركة والصخب والتجوال بين الاماكن والحوارات الطويلة والصراخ بوجه بعضهم على قمعهم واستعبادهم لها ، رافضة ما يجري من حولها ويبدو ان موت صغيرها مريضا قتل صبرها كما فهمت من الفيلم وسط الذهول المريع للجمهور الذي كان صامتا .. ماتت صاحبة الصوت الرقيق ومات معها كل حبي لممثلي البطل الذي لم تعد صورته القديمة معلقة في غرفتي .. ظل مشهد الانتحار يحوم فوق رأسي لسنوات طويلة متخيلا صورة الفتاة الحزينة وهي تتجرع السم والتي لم اعثر لها عن خبر او صورة بعد فيلمها ذاك الذي قامت بدور امرأة ترفض الحياة، لكنها لم تبرح خيالي .. بعد سنوات طويلة ، الصدفة وحدها جعلتني اتسمر مدهوشا وانا اتفرس صورتها الملونة على غلاف مجلة فنية في محل صديقي الحلاق وقد كتب اسفلها ، الممثلة رومي شنايدر التي ماتت منتحرة في منتجعها الريفي مودعة الحياة كما في فيلمها الاخير، وهي في قمة شبابها ومجدها !
**********
ص10
أهالي هيت يتبرعون لشراء أجهزة فحص كورونا


هيت – وكالات
أعلنت خلية الازمة في قضاء هيت شمالي مدينة الرمادي، أول أمس الأحد، إطلاق حملة لجمع التبرعات المالية من أجل دعم المؤسسات الصحية في القضاء، والمساهمة في الحد من تفشي جائحة كورونا.
وذكرت الخلية في بيان لها نشرته وكالات أنباء، إن هذه الحملة المجتمعية لجمع التبرعات، جاءت على ضوء اجتماع خلية الأزمة المجتمعية، السبت الماضي، ومنشورها حول أزمة هيت الذي تفاعل معه قسم من الأهالي.
وأشارت الخلية في بيانها، إلى أن الحملة ستتضمن شراء اشرطة الفحص السريع والاجهزة المساعدة للتنفس، بما يدعم المؤسسات الصحية ويساعد في السيطرة على الوباء عبر إجراء الفحص والمسح الطبي، موضحة أنه تم تشكيل لجنة من أعضاء خلية الأزمة بمشاركة أبناء المدينة، لغرض تفعيل الحملة.
********
في ظل وباء كورونا
اتحاد أدباء البصرة يستأنف نشاطاته عبر الانترنيت


البصرة - حسين منذر
استأنف اتحاد الادباء والكتاب في محافظة البصرة، السبت الماضي، برنامجه الثقافي لشهر حزيران الجاري عبر الفضاء الالكتروني (اون لاين)، وذلك التزاما بتعليمات التباعد الاجتماعي في ظل جائحة كورونا.
ودشن الاتحاد برنامجه بجلسة ثقافية ضيّف فيها الأديبة د. هناء البياتي، التي تحدثت عن "النشاطات الأدبية والثقافية ودورها في تطوير اللغة والأدب".
الجلسة التي بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حظيت بمشاهدة واسعة من قبل الأدباء والمثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي، افتتحتها الضيفة بالحديث عن تجربتها في فضائي الكتابة والترجمة، وألقت الضوء على مؤلفاتها وبحوثها المنجزة باللغتين العربية والانكليزية وغيرهما، فضلا عن بحوثها التي لم تكمل إنجازها حتى الآن بسبب انشغالها في التدريس بجامعة البصرة.
وعرجت الضيفة على دور النشاطات الأدبية والثقافية في تطوير اللغة والأدب، مشيرة إلى أن نشاطات "منتدى أديبات البصرة"، التابع إلى اتحاد الأدباء والكتاب في المحافظة، والذي أسسته الشاعرة بلقيس خالد، تميزت بهذا الدور.
واضافت قائلة أن للمرأة البصرية دورا مهما وفعالا في النشاطات الثقافية والأدبية، مشيدة في هذا الصدد بدور قصر الثقافة والفنون في المحافظة، ومساهمته الفاعلة في إنعاش المشهد الثقافي.
وفي سياق الجلسة قرأت د. هناء نصوصا أدبية مستقاة من مؤلفاتها العربية والانكليزية.
وشهدت الجلسة مداخلات قدمها العديد من المشاركين، بضمنهم رئيس اتحاد الأدباء في البصرة د. سلمان كاصد، والناطق باسم الاتحاد الشاعر حبيب السامر، ومسؤولة اللجنة الثقافية للاتحاد الشاعرة بلقيس خالد.
************
خاطر بصحته.. عراقي معافى من كورونا يتبرع ببلازما دمه مرتين خلال أسبوع
"لقد جسدت الإنسانية بأسمى معانيها"، هكذا خاطب الكادر الصحي العراقي المواطن سلام حمادي.. الذي شفي من مرض فيروس كورونا، وآثر على صحته ليسجل تبرعا ثانيا بدمه الى المصابين.
وللمرة الثانية وخلال اسبوع، تبرع المتعافى من فيروس كورونا، سلام حمادي، ببلازما الدم لاحد المصابين بالفيروس.
وحال وصول مناشدة من احد المصابين الذي يمر بحالة حرجة توجه مسؤول الاستعلامات في مستشفى الإمام علي (ع)، الى المركز الوطني للتبرع بالدم ليلبي نداء الإنسانية والاخّوة لاحد منتسبي وزارة الصحة الذي بمر بحالة حرجة نتيجة اصابته بفيروس كورونا، رغم قصر المدة بين التبرع للمرة الاولى والتبرع الثاني مما قد يشكل خطورة على وضعه الصحي.
لكن المتعافى اصر بالذهاب الى المركز والتبرع ببلازما الدم ليكون سببا (بعد الله تعالى) بشفاء مريض هو باشد الحاجة لنقديم يد العون له.
وقدم مدير عام المستشفى الدكتور مصطفى باسم السعدي الشكر والامتنان الى المنتسب، قائلا "بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء على شهامتك ومرؤتك".
ودعا المركز الوطني لنقل الدم، المرضى المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا إلى التبرع بـ"بلازما الدم"التي قال إنها كانت وراء "تماثل العديد من الحالات الحرجة إلى الشفاء".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السومرية 5 حزيران 2020
********
على نفقة صانعه
إعادة ترميم "تمثال الحبوبي"
بعد جريمة تخريبه
الناصرية – وكالات
أعلن النحات عبد الرضا كشيش، الأحد الماضي، البدء بترميم تمثال الشاعر محمد سعيد الحبوبي في الناصرية، عقب تعرضه إلى التخريب على يد مجهولين.
وقال كشيش، وهو صانع التمثال، في تدوينة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي: "اخوتي واخواتي ابناء مدينتي الحبيبة ذي قار، نتيجة لتعرض رمز الناصرية، نصب السيد محمد سعيد الحبوبي للتخريب والتكسير من قبل بعض ضعاف النفوس، ولأن هذا البطل يجسد واقع الثورة ضد الظلم والاضطهاد، سأقوم بترميم النصب وإعادته بالكامل كما كان سابقا مع الصبغ وترميم القاعدة بالسيراميك"، مؤكداً أن "كل هذا على نفقتي الخاصة".
وتابع قائلا: "لا توجد أي منظمة أو دائرة متكفلة بذلك، لهذا اقتضى التنويه"، مضيفا أن "السيد الحبوبي يستحق الافضل والاجمل، وابناء مدينتي يستحقون ذلك، وهذا اقل ما استطيع تقديمه لأبناء ذي قار العزيزة".
*********
أيها المتقاعدون.. موتوا قاعدين!

بشار قفطان
كان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، خلال المناسبات والأعياد، كعيدي الفطر والأضحى، يصدر توجيهات إلى الأجهزة الأمنية باحتجاز كل من يجاهر بشرب الخمر أو يلعب القمار.
وكانت الأجهزة الأمنية تسارع في تنفيذ الأمر، لكنها كانت تعمد إلى اعتقال أنصار الجمهورية، خاصة من الشيوعيين والديمقراطيين. فلا غرابة في ذلك من تصرفات رجال الأمن، الذين يكّن الكثيرون منهم العداء للقوى الديمقراطية وللمنجزات التي حققتها ثورة 14 تموز.
المهم، أن الزعيم، وبعد انتهاء مراسيم الاحتفال بالعيد، يوجه بإطلاق سراح جميع أولئك المحتجزين، وفي إحدى المرات، لم ينفذ مركز شرطة قضاء الحي في محافظة وسط، أمر إطلاق السراح، فذهب ذوو المعتقلين إلى المركز لمعرفة السبب، وهناك التقوا بمعاون مدير الشرطة ودعوه إلى إخلاء سبيل أبنائهم. لكن المعاون استغرب من ذلك، فذكروه بتوجيهات الزعيم التي تضمنها خطابه الذي ألقاه مساء اليوم السابق، وبث عبر محطات الراديو والتلفاز، ليجيبهم بأن الزعيم عندما ألقى الخطاب "كان سكرانا"!
أستذكر هذه الحادثة وأعيد التذكير بأن رئيس مجلس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، صرح في أول خطاب له بأن رواتب الموظفين والمتقاعدين (خط أحمر) ولا يمكن التلاعب بها أو تأجيل صرفها. وقد أوعز وقتها بصرفها قبل عطلة عيد الفطر، فاستبشر أغلب أبناء الشعب خيرا بالخطاب، واعتبروه بداية موفقة لرئيس مجلس الوزراء في متابعة مشكلات المواطنين، خصوصا شريحة المتقاعدين.
وعزز رئيس الوزراء خطابه بزيارة مديرية التقاعد، وشدد وقتها على أهمية الإسراع بتوزيع رواتب المتقاعدين في مواعيدها.
اليوم، مر أكثر من 7 أيام على شهر حزيران، ولا يزال المتقاعدون ينتظرون صرف رواتبهم، في الوقت الذي يوجد بينهم البعض ممن لم يحصلوا حتى على استحقاقاتهم لشهر كانون الثاني الماضي.
سؤال موجه الى اهل الحل والربط:"كيف يعيش هذا العدد الكبير من المتقاعدين في ظل الظروف الصعبة الراهنة التي يمر بها البلد، سيما أن جل هؤلاء من كبار السن ومن الذين يعانون أمراضا مزمنة وصعوبات في تأمين شروط المعيشة؟".
ختاما: "صدق من قال أيها المتقاعدون.. موتوا قاعدين يرحمكم الله!".
**********
ليس مجرد كلام...
نحنُ .. والحظر .. والوباء ..؟!

وأنا أقرأ عن تزايد أعداد المصابين بوباء كورونا في بلادنا، أخذت التساؤلات تطرق رأسي: لماذا ؟! وكيف ؟! وما السبب في هذا الارتفاع، وصيفنا اللاهب قد خيّم علينا؟!
آراء وتقارير وتصريحات كثيرة قيلت حول هذا الفايروس، وآلية العدوى، وتأثيرات الحرارة عليه، ومدى تأثيره على الإنسان، لكن هل اتفق العلماء والباحثون والأطباء على شكل واحد من أشكال انتشاره وانحساره؟!
فايروس مجهري يعيش في نواة زيتية أو ما شابه ذلك، سيتأثر بارتفاع الحرارة حتما، كبقيّة الفايروسات الأخرى، لكن إذا استطاع الدخول إلى بيئة ملائمة لبقائه سيعيش ويستفحل وبقوة ، كيف ذلك ؟!
طبعا إذا استطاع الانتقال من المصاب إلى شخص آخر فسيجد خلية ملائمة لعيشه وتكاثره، هذا ما يحصل عندما نفقد خاصيّة الوقاية الحقيقيّة له، من خلال جهلنا أو تجاهلنا له، كذلك ضجرنا ومللنا من أيام الحظر التي لم نتعوّد عليها بالتأكيد!
الحظر شكل من أشكال الوقاية الذاتية والدفاع عن النفس، له ايجابياته وسلبياته، ومن ايجابياته حمايتنا من الاختلاط والملامسة وبالتالي التعرّض للعدوى والإصابة بالمرض، ولكن كيف سنقضي أيام الحظر بلا استعداد كافٍ لها؟!
البقاء في البيوت وعدم الاختلاط بالناس بأي شكل سيوقف عجلة الحياة العملية والإنتاجية والتعليمية بشكل تام!
لهذا توقفت أعمال ذوي الدخل المحدود، وانعدم القوت اليومي لمن يعملون بالأجر اليومي فقط، مثلما توقفت الدراسة وغيرها!
أصبح العامل والأجير اليومي والبائع المتجول وسائق الأجرة والفقير المعدم وعوائلهم، في مواجهة حتمية مع الجوع والموت، لأنهم بلا مورد معيشيً!
منذ ظهور الوباء والكل ينادي بالوقاية والالتزام بقرارات الحظر، والابتعاد عن التجمعات بكل أشكالها!
لكن هل فكّرت الحكومة بهؤلاء وكيفية معيشتهم؟!
بالتأكيد لا، في بداية الأمر تماهلت كثيراً وانشغل السياسيون بالحكومة واستقالتها، وكيفية قبول مرشح دون آخر، ولم تنته صراعات الكراسي والمناصب عند حد أبدا، تاركين المواطن يواجه مصيره أمام الوباء بصدره العاري وجيبه الخاوي وبيته المتهرئ، لم تفكر الحكومة بتوفير لقمة العيش التي هي عماد وجود الإنسان وبقائه حيا ، ولم تساعده بتوفير مستلزمات الوقاية من كفوف وكمّامات ومواد تعقيم، حيث ارتفعت تكاليف شرائها بشكل كبير، فظلّ المواطن يتقلّب على جمر الغضا!
والأدهى والأمرّ أنها أطلقت وعوداً عرقوبيةً بمساعدة الناس مالياً!
قبل يومين خرجت للتسوّق من العشّار وهالني ما رأيت رغم قرارات الحظر!
كنت محتاطاً لكل شيء، لبست الكمّامة والكفوف وأخذت معقمات في جيبي، لكنني صُدِمتُ عندما شاهدت لا مبالاة الناس بالأمر، وعدم ارتداء الغالبية العظمى منهم للكفوف والكمامات، ومصافحتهم لبعضهم وشرب الماء والعصائر واللبن من الباعة المتجولين وكأن شيئاً لم يكن!
بمعنى أنهم قد ضاقوا ذرعاً بما يحصل، فارتأوا مواجهة الوباء ومعايشته وجها لوجه وليحدث ما يحدث، والنتيجة ارتفاع نسب الإصابات !!
الحكومة مسؤولة عن توفير كل مستلزمات المعيشة والوقاية للمواطنين جميعاً، إذا أرادت حقا أن يلتزموا بقرارات الحظر وينفذوها !
وما عملت عليه حكومات البلدان الأخرى من توفير كل شيء لمواطنيها من مواد غذائية ومبالغ مالية (رواتبهم) ومشروبات ومستلزمات الوقاية خير دليل على نكوص الوباء وانحساره شيئا فشيئا عندهم!
إذا أردنا أن يلتزم المواطن بالحظر، وان نقاوم، بل نتغلّب على الوباء، علينا أن نشعر بشكل حقيقي وملموس بما يشعر به مواطننا، ونساعده على تخطّي الصعاب بكل ما أوتينا من حكمة وقوة وشهامة وإنسانية حتماً، وبهذا ننتصر على الجائحة!

عبد السادة البصري
*********
كارل ماركس .. سينمائياً
محمد كريم إبراهيم
"البرجوازي يحب التكلم عن الحرية, لكن هذه الحرية له, وليست لك, أنت تشعر بها في لحمك كل يوم " يقول هذا كارل ماركس في فيلمٍ مثير يصور حياته الثورية يافعا - بدءاً من عام 1842 عندما كان صحفياً، حتى عام 1848 حين كتب ونشر (البيان الشيوعي).
الفيلم ليس عن حياة الشاب ماركس فقط , بل يحاول المخرج أن يرصد الأسباب التي أدت إلى ظهور فكرة الشيوعية، عقب الفترة الذهبية للثورة الصناعية. فنرى فيه سوء معاملة العمال والنساء واستغلالهم آنذاك, ونشاهد الفارق في حياة الطبقات الغنية والفقيرة حينها, كما نلاحظ الصراع من أجل حرية التعبير ضد الطبقات الحاكمة، أبان سلطة الملكية المطلقة في أوروبا.
بعد إسكات صوته في بروسيا (المانيا القديمة), ينتقل كارل ماركس إلى باريس للعمل في صحافة جديدة, ويلتقي في تلك الفترة فريدريك إنغلز الأرستقراطي الغني، الذي سيتحول إلى صديق دائم وداعم فكرياً ومادياً لماركس طوال حياته، وسيصبح مؤلفاً مشاركاً في العديد من كتاباته ومقالاته.
يلتقط الفيلم لحظة إلتقائهما في منزل ارنولد روج (الذي اوجد صحيفة أنالس الألمانية - الفرنسية, التي كان ماركس كاتباُ فيها) وإعجابهما الشديد بكتابات بعضهما.
يجسد الفيلم جزءاً من حياة إنغلز ومنازعاته مع والده الثري، وحبه لأمراة إيرلندية من الطبقة العاملة.
ومن أهم المميزات المذهلة لشخصية ماركس التي يمكننا رؤيتها في الفيلم، تمرده الدائم وإنتقاده ومقاتلته لليمينيين واليساريين على حد سواء.
نرى مقاتلته لبرودون، الشخص الأناركي (الفوضوي) اليساري الذي صادقه ماركس بعض الوقت في باريس. ونرى أيضاً محاربته لويلهام ويتلينغ الناشط السياسي اليساري الذي كان معه في رابطة العدالة, كذلك مخاصمته لمجموعة من أعضاء الرابطة الآخرين.
لم ينس راؤول بيك إظهار دور المرأة ايضاً في حياة ماركس وصديقه إنغلز.
يؤكد الفيلم على التضحيات التي قدمتها جيني زوجة ماركس عندما تزوجت منه, فهي من عائلة أرستقراطية ثرية ومعروفة, وقد تزوجها ماركس بعد تخليها عن تلك الحياة ودخولها معه حياة بائسة وفقيرة ومعرضة للخطر طوال الوقت. ونظرا لسوء خط يد ماركس في الكتابة, كانت جيني تكتب بالنيابة عنه. كذلك نرى بروز دور ماري بورنز رفيقة إنغلز التي ناضلت معه من أجل التخلص من الظروف السيئة للعمال في المعامل, وساهمت في إرشاد إنغلز وتعريفه على المحلات الفقيرة في مانشستر، عندما كان يكتب بحثاً عن الظروف المعيشية للطبقة العاملة في انكلترا.
النصف الأول من الفيلم يقدم حياة ماركس وانغلز, اما النصف الثاني فيتناول رابطة العدالة السرية التي أنضم إليها كل من ماركس وانغلز ثم ساهما في تنظيمها وتحويلها إلى حزب سياسي علني . تلى ذلك إطلاق تسمية الرابطة الشيوعية عليها.
اما المشهد الأخير فيجسد (البيان الشيوعي), الذي ما زال يُترجم ويُطبع ويُقرأ حتى هذا اليوم.
أنه فيلم تاريخي حقيقي، يستحق المشاهدة لما فيه من عبر ملهمة, ولما فيه من أحداث مؤلمة, و قضايا ملحة.
*****************
من ردهات كورونا في المثنى
ممرض يوجه رسالة مؤثرة
السماوة – وكالات
وجّه الممرض المعروف في محافظة المثنى علاء الشيخ، الاثنين الماضي رسالة إلى أبناء محافظته في شأن الالتزام بإجراءات الوقاية، والحفاظ على أنفسهم وعدم الاستهانة بوباء كورونا، كما تحدث عن معاناته وأقرانه المحاربين ضد عدو البشرية عند خط الصد الأول.
وقال الشيخ، في تدوينة حملت عنوان "رجاء وطلب في دقيقتين"، نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي: "اعرف ان كلامي لن يروق لكم لأننا نريد ان نُكذّب وجود كورونا، وان والله احلم بذلك اكثر منكم، وأرجو أن نتخلص من هذا الوباء بأقل الخسائر"، مؤكداً أن "الحقيقة التي يجب أن تدركوها هي أن الوباء متفش وسريع العدوى".
وأضاف متسائلا: "هل تعلمون أن الكادر الطبي مضطر إلى ترك أهله وتحملهم القلق عليه لأجل القيام بخدمة الناس .. هل تعلمون أنه لا يقدر أن يتحرك بضعة أمتار بلا بدلة الوقاية .. لاحظوا أقول بدلة، وليس كمامات وقفازات فقط ، وأن رائحة الديتول والمعقمات تزكم أنفاسنا، وأن لا نوم لنا ولا استقرار ولا عطل ولا عيد".
وعن معاناة العمل قال الشيخ إن " الأكل والشرب والصلاة والنوم والاستحمام كلها معاناة داخل معاناة، وإنه محظوظ الذي يستطيع أن ينام ساعة متواصلة بلا قلق"، مؤكدا أن "القضية الأهم والأكبر هي سلامة الناس وصحتهم".
وواصل الحديث عن معاناته بالقول: "تعبت نفوسنا بشكل كبير بسبب عدم قدرتنا على إسعاف بعض المرضى الذين لم تكتب لهم النجاة، وتعبنا أكثر بسبب عدم التزام الناس بالإرشادات الصحية ومسافات التباعد، وها هي نفوسنا تتعب مجدداً بسبب تكذيب الناس واتهاماتهم الباطلة بالسرقة أو الاتهام بالتلاعب بالأخبار".
وأشار الشيخ إلى أنه يخشى "استمرار الوضع للدرجة التي تُفقد فيها السيطرة"، داعيا من يكذبه إلى الحضور للردهة "ليرى بنفسه المعاناة".
وختم تدوينته داعيا إلى "قراءة سطوري التي كتبتها لكم بدموعي قبل أفكاري، والأخذ بها لأني لم أكذب ولم أبالغ بأي حرف.. فكل قصدي أن تكونوا بسلام وخير وصحة وأمان".