على طريق الشعب... تعزيز الجبهة الداخلية كفيل بانتزاع الدعم الدولي / الأربعاء, 03 حزيران/يونيو 2015

انعقد في باريس يوم 2 حزيران الجاري، بدعوة من وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي، اجتماع وزاري لدول التحالف الدولي المعني بمحاربة تنظيم داعش، حضره 24 وفدا اضافة الى ممثلي الامم المتحدة.
وجاء في البيان الصادر عن الاجتماع ان الوفود المشاركة بحثت طائفة واسعة من التطورات والقضايا ذات العلاقة بالاوضاع في العراق وسوريا، ومسألة تفعيل التصدي لداعش. كما توقف عند خطة العمل التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي اعلن المجتمعون دعمهم القوي لها.
ويؤشر عقد الاجتماع الادراك المتزايد عالميا لخطر داعش ليس على العراق ودول المنطقة وحسب، بل وعلى سائر دول العالم وشعوبه التي ترفض التطرف والارهاب والقتل، ولاهمية التصدي الفعال له ولمنظماته، والسعي دون كلل لتجفيف منابعه، حفاظا على مصالح الدول ومصالح شعوبها قبل اي شيء اخر.
وتاتي هذه الخطوات منسجمة تماما مع قرارات الامم المتحدة، وآخرها القرار المرقم 2199، والتي سعت مبكرا الى الحد من تمدد وتوسع المنظمات الارهابية، وقطع الطريق على الامدادات البشرية والمالية المتدفقة عليها، وفرضت عقوبات على الدول التي تتساهل في تطبيق الاجراءات المنصوص عليها في تلك القرارات. وما زال من المفيد والضروري التشديد على تنفيذ ما جاء فيها وتفعيله، فالحاجة الى ذلك ماسة بالنظر الى التدفق المتواصل للارهابيين الاجانب، خصوصا على العراق وسوريا، مثلما افادت معطيات الامم المتحدة مؤخرا.
ومن المؤكد ان حضور اجتماعات كهذه مفيد لمواصلة استحصال الدعم والاسناد لمعركتنا ضد الارهاب. وكان مهما حضور رئيس الوزراء العبادي وهو يتابع الجهد الدولي في هذا السياق، وتقديمه الملاحظات المنتقدة لمحدودية ما يقدم لحد الان من دعم وعدم كفايته، والحاجة الى مضاعفة الجهد الدولي لتوفير الاسلحة والمعدات والمتطلبات اللوجستية ومنع تسلل الارهابيين، وغير ذلك مما يشير في المحصلة الى ضعف تطبيق قرارات مجلس الامن ذات العلاقة.
ولكي نكون مدركين لما يجري، وحتى لا نصاب بخيبة امل، فلا بد من ان نعي جيدا ان توجهات هذا وامثاله من الاجتماعات والمؤتمرات، والقرارات التي تصدر عنها، انما تعكس طبيعة المشاركين فيها واستراتيجياتهم ومصالحهم. فضلا عن ان الدول المشاركة ( خاصة الاوربية وامريكا) تراعي مصالح حلفائها في المنطقة، بما فيها عدد من الدول العربية مثل السعودية وقطر، كذلك تركيا واسرائيل.
وفي هذا الاجتماع الاخير كان واضحا السعي الى معالجة الاوضاع في العراق وسوريا، وان التشديد الذي عبر عنه البيان الختامي على مرحلة انتقالية سياسية في سوريا، يعكس تواصل العملية الرامية الى دحر داعش نهائيا في البلدين.
وهذا ما يتوجب وضعه في اعتبارنا ونحن نخوض المعركة ضد الارهاب، ونسعى الى مواصلة الضغط على التحالف الدولي للحصول على مزيد من الدعم والاسناد، في حرب تحدث عدد من المشاركين في الاجتماع عن انها ستكون طويلة.
وقد اكدت مجريات الاجتماع ما كنا اشرنا اليه مرارا، من ان تقوية الداخل وتعزيز امكانياته يبقى التوجه الصحيح، دون الاستهانة خلال ذلك بما تقدمه دول العالم والامم المتحدة وهيئاتها المتخصصة.
وانطلاقا من هذا الفهم تبرز الحاجة الملحة الى تعزيز الوحدة الوطنية، واعادة بناء القوات المسلحة، وتنسيق الجهد الشعبي في اطار المؤسسات الرسمية للدولة. كذلك التنسيق والتعاون مع البيشمركة وابناء العشائر، والبحث في كيفية زيادة المساهمة من جانب ابناء المناطق المبتلية بداعش، والتوجه نحو ادارة سليمة وكفوءة للاوضاع الداخلية بتخطيط علمي وقيادة موحدة، وتفعيل كل العوامل المؤثرة لتحقيق الاهداف المطلوبة. فهذا كله مطلوب، كما مطلوب التنسيق والتعاون مع الجهد الدولي.
ان مجريات الاحداث في الايام الاخيرة تؤكد من جديد الحاجة الى الارتفاع بهمة ونشاط الجهد الاستخباري الداخلي، لمعالجة الخروقات والحد من تأثيراتها المؤذية.
وهنا تبرز في المقدمة ايضا، اهمية تفعيل الخطوات الخاصة بالتوافق والانفراج السياسيين، والسير بخطوات ثابتة نحو المصالحة الحقيقية، واصدار القوانين ذات العلاقة، وتنفيذ برنامج الاتفاق السياسي الذي تشكلت في ضوئه الحكومة، مع الاقدام الجريء على اتخاذ مجموعة من التدابير الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاعلامية والثقافية المطلوبة.
عبر هذا وغيره من الاجراءات الواجبة، نقوي الجبهة الداخلية، وننمي قدراتها، ونرفع من المعنويات والهمم، ونوفر اجواء الثقة المطلوبة، فنحرز المزيد من الانتصارات على اعداء شعبنا، اعداء الحياة من الارهابيين.
ان جبهة داخلية متماسكة بهذه المواصفات تستطيع انتزاع دعم دولي اكبر، هو في الواقع استحقاق.
وقد اثبت تطور الامور بما لا يقبل الجدل ، خطأ البعض في تعويلهم الكامل على الخارج في احراز النصر على داعش والارهاب، وخطأ غيرهم من الجانب الثاني في التقليل من شأن اي دعم يقدم لنا في هذه المعركة الوطنية، التي لا مناص من الاستمرار في مراكمة عوامل الانتصار فيها.