في السادس من كانون الثاني - عيد الجيش العراقي :ضرورة إعادة بناء قواتنا المسلحة/04كانون2/يناير 2015

تحل يوم غد الثلاثاء، الذكرى الرابعة والتسعون لتأسيس الجيش العراقي، وهو منغمر في حرب صعبة ضد قوى الإرهاب ولاستعادة المناطق التي اغتصبها تنظيم الدولة الإسلامية - داعش وأعوانه من الظلاميين.
وقد قدمت قوات الجيش والتشكيلات الأمنية الأخرى على مختلف صنوفها، طيلة السنوات الماضية، تضحيات جساما في هذه الحرب، دفاعا عن أمن البلاد واستقرارها، ولتأمين سلامة العراقيين جميعاً.
ولا يمكن انكار ضخامة هذه التضحيات منذ عام 2003، مهما كان الأداء ضعيفاً وغير مرضٍ. فالخلل في جسد الجيش والعلة في بنائه، تتحملهما قيادات عسكرية غير كفوءة وأخرى فاسدة، وإدارات سياسية لم تكن بمستوى المسؤولية.
والواقع أن نهج المحاصصة الطائفية والاثنية، الذي لم تسلم منه القوى العسكرية والأمنية، هو ما جعل من هذه المؤسسة الأساسية في كيان الدولة، هيكلاً ً قابلاً للاختراق من قبل الإرهابيين والمجرمين، وتنظيما غير قادر على أداء وظيفته ومهامه الدستورية.
فالتعيينات فيه لم تكن تجري وفق ضوابط سليمة، واختيار القيادات والملاكات كان يعتمد الانتماء السياسي والولاء الطائفي والقومي وليس معايير الكفاءة والمهنية، وتدريب المنتسبين ظل يفتقر الى المستوى الضروري. وقد ادى هذا وذاك وعوامل اخرى الى تشكيل جيش ضعيف، وابعده عن الولاء الوطني السليم.
ولطالما أنبرت أصوات وطنية صادقة، تدعو إلى إعادة النظر في هيكلية الجيش وجاهزيته للدفاع عن عموم أرض الوطن، والى تخلصيه من الثغرات الواضحة في تنظيمه ومن السلبيات التي رافقت تشكيله حديثاً، وتحذر من عواقب بقاء المؤسسة العسكرية والأمنية على حالها دون معالجات جدية.
ونتيجة لعدم استجابة أصحاب القرار لتلك الدعوات، وقعت أحداث العاشر من حزيران الأليمة، حيث منيت قواتنا المسلحة بنكسة قاسية في نينوى وصلاح الدين والانبار، على ايدي حفنة إرهابيين استباحوا مدناً وقتلوا سكانها وهجروهم.
والآن ونحن لا نزال نعيش تداعيات ذلك اليوم المشؤوم، فان الواجب يحتم التشديد على ضرورة بناء قواتنا المسلحة على أسس وطنية سليمة، بعيداً عن الانتماءات الفرعية والولاءات الثانوية، وإبعادها عن الصراعات والتجاذبات السياسية، أيا كان شكل تجليها، الى جانب إعادة تدريبها وتجهيزها.
كذلك تأكيد ان تكون مهمة الجيش هي الدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله ونظامه الدستوري، وان تجري تربية منتسبيه بروح الولاء للوطن واحترام المؤسسات الديمقراطية. ويتوجب السعي الى إعادة العمل بالخدمة الإلزامية تعزيزا لروح المواطنة. فبدون ذلك لن تتمكن قواتنا من النهوض بدورها المنتظر على الوجه المطلوب.
ولا بد ايضا من التشديد على حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح للمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال مليشيات او جماعات مسلحة مهما كانت مسمياتها. فهذا سيساعد قواتنا الأمنية على أداء واجبها في حفظ الأمن والاستقرار.
ولا شك في أن الدعم الشعبي المعنوي الذي يتمتع به الجيش، يشكل عوناً كبيرا لمنتسبيه الذين يواجهون وحوشاً كاسرة، تريد إشاعة الفوضى والذعر في حياة العراقيين، بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم وقومياتهم.
في هذه المناسبة، مناسبة عيد الجيش العراقي، نؤكد تقديرنا لدور قواتنا المسلحة في مقارعة الإرهاب والعصابات الإجرامية، واثقين من احراز الانتصار بإرادة شعبنا وتحالفه مع الجيش، وبسعيهما معا الى ضمان أمن البلد وحريته واستقلاله.