بمناسبة تكليف د.حيدر العبادي: ندعو إلى استكمال التداول السلمي للسلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة / 14 اب 2014

بعد مخاض عسير وصراع شديد بين الاطراف والقيادات السياسية، خصوصا بين اطراف التحالف الوطني، الى جانب ضغوطات وتدخلات خارجية متنوعة، قام رئيس الجمهورية، د.فؤاد معصوم بتكليف د.حيدر العبادي، مرشح التحالف الوطني، بتأليف الحكومة الجديدة. ويأتي هذا التكليف، بعد انتخاب رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية ليسجل خطوة مهمة أخرى على طريق استكمال عملية الانتقال والتداول السلميين للسلطة. وهذا نجاح مرحب به يسجل لصالح مسار العملية السياسية التي ما تزال متعثرة وبحاجة إلى تقويم واصلاح.
لقد قوبل تكليف رئيس الوزراء الجديد بارتياح وترحيب واسعين من قبل الاوساط السياسية داخل العراق وعلى الصعيد العربي والأقليمي والدولي، وهذه اشارات ومواقف ايجابية تؤلف رصيدا سياسيا ومعنويا كبيرا لرئيس الوزراء المكلف وهو يشرع في تشكيل حكومة "بقاعدة سياسية واسعة" كما جاء في خطاب التكليف لرئيس الجمهورية.
ومن المؤكد ان الحكومة القادمة تواجه تحديات غير مسبوقة، وخصوصاً على المستويين الأمني والسياسي حيث يتعرض العراق إلى هجمة ارهابية في غاية الشراسة والوحشية تستهدف وجوده ارضا وكيانا، شعبا ومجتمعا، ثقافة وحضارة، كما ستجد أمامها إرثا ثقيلا من المشاكل والقضايا العالقة والمؤجلة التي حان استحقاق معالجتها وحلها.
ولأجل مواجهة قوى الارهاب والقوى المعادية للشعب، وانزال الهزيمة بها وبمخططاتها الشريرة، لا بد من اعتماد نهج ونمط تفكير جديدين في التعامل والعلاقة مع القوى السياسية ومع المشاكل والقضايا، يقوم على اساس الانفتاح وترجيح اسلوب الحوار والتشاور والمشاركة الحقيقية وزرع الثقة، ومراعاة وتكريس التوافق الوطني انسجاما مع الدستور ومصلحة البلاد الشعب العليا، والسعي الجدي لتفكيك العقد والاسراع في تنفيذ الحلول التي يتم التوصل إليها.
وللعلاقة بين الحكومة الاتحادية والأقليم أهمية متميزة تشدد على ضرورة اعادة لغة الحوار والتشاور والانطلاق من الدستور والمشتركات الوطنية لمعالجة المشاكل القائمة وبحث وتلمس سبل ايجاد الحلول لما فيه مصلحة الجميع، كما تبرز الحاجة الملحة للارتقاء بمستوى التنسيق والتعاون على الصعيد العسكري في مواجهة عصابات داعش والارهاب .
فنحن ، مع اوسع اوساط شعبنا، نتطلع إلى أن تدشن المرحلة القادمة صفحة جديدة في العلاقات ما بين مختلف القوى السياسية وان تعمل على تنقية الأجواء السياسية العامة وأن يتم العمل بصورة مشتركة من اجل ترميم وتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الخطاب والممارسات التي تؤجج التعصب والتطرف الديني والمذهبي والقومي، وجميع اشكال التمييز ما بين أبناء شعبنا وإعلاء شأن المواطنة قولا وفعلاً.
ولا يمكن لعملية تشكيل الحكومة الجديدة أن تغفل دروس التجربة الماضية التي بينّت دون لبس الأضرار الجسيمة التي لحقت باداء الدولة ومؤسساتها نتيجة الأعتماد على منطق وقاعدة المحاصصة الطائفية والأثنية، مما يقتضي عدم التفريط مجددا بمعايير النزاهة والكفاءة والمهنية والاخلاص لقضايا الشعب في اختيار الوزراء وتوزيع المسؤوليات، ويسري ذلك على كل بناء الدولة الذي بحاجة إلى مراجعة واصلاح بعيدا عن نهج وممارسة المحاصصة السائد.
كما أن اشتداد الحرب ضد عصابات داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى والعمل لأيقاف مسلسل الجرائم الوحشية التي يذهب ضحيتها الالاف من أبناء شعبنا ومكونات قومية ودينية ومذهبية اصيلة ، يقتضي الاسراع في تشكيل حكومة وطنية واسعة وجامعة تتولى حشد جميع الطاقات والقدرات الوطنية ضد الارهاب، و تشرع في معالجة الأزمات والمشاكل التي تواجه البلاد. وفي هذا السياق نرحب في الحزب الشيوعي العراقي بكل توجه وخطوة تعمل على تحقيق التعاون بين القوى السياسية المؤمنة بالدستور والعملية السياسية والتقائها لبلورة رؤى وتصورات وطنية مشتركة تجد?ترجمتها في برنامج الحكومة.
وتأكيدا لهذا الهدف وتحقيقاً له، نجدد الدعوة لعقد مؤتمر وطني للقوى المؤسِسَة والمشاركة في العملية السياسية، بالتوازي مع الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة، يتولى مراجعة العملية السياسية وتخليصها من الاخطاء والعيوب التي كشفت عنها المسيرة السابقة وإعادتها إلى الطريق السليم المفضي إلى بناء عراق ديمقراطي اتحادي مزدهر.
ونأمل من المعترضين والمشككين بدستورية عملية تكليف د. حيدر العبادي بتشكيل الحكومة، النأي عن كل ما يهدد الاستقرار ويعطل عملية الانتقال والتداول السلميين للسلطة وتجنيب البلاد مزيدا من الأزمات والانقسامات وهي تخوض صراعا مصيريا ضد قوى الإرهاب الشريرة.