لا .. لقانون يصادر ارادة الناخب / نشر بتاريخ الأثنين, 27 شباط/فبراير 2017

يواصل مجلس النواب مناقشة مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية، الذي سبق ان احالته الحكومة الى البرلمان لتشريعه ، فيما حدد مجلس الوزراء اليوم السادس عشر من ايلول القادم موعدا لاجراء الانتخابات المذكورة، الامر الذي اصبح موضوع نقاش وجدل شأن مشروع القانون نفسه.
وكنا اشرنا في مناسبة سابقة الى ان هذا المشروع اثار موجة من الاستياء والسخط، خاصة منه المواد التي تخدم بجلاء توجهات الكتل المتنفذة، الساعية الى ادامة سيطرتها وهيمنتها عبر الاستحواذ على اصوات الناخبين. ولا جدال في ان تمريره سيقلص من مساحة المشار كة في اتخاذ القرار، ويضيّق على سعي القوى الرافضة للمحاصصة والفساد والداعية للاصلاح، الى تأمين تمثيل معتبر لها في المجالس المذكورة.
ولقد كشفت المناقشات بنحو جليّ مساعي القوى المتنفذة للتستر على العجز البيّن لمجالس المحافظات، التي تتمتع فيها بالاغلبية الساحقة فتصول وتجول وتتخذ القرارات على هواها وتبعد او تقرب المحافظ هذا ورئيس المجلس ذاك، في مجرى تنافسها وصراعها على السلطة ومراكز القرار والنفوذ والمغانم .
ومن الواضح انها تجهد لطمس اسباب اخفاق المجالس في الاداء، وفشل مشاريعها او انعدامها اصلا. لكن المواطن الواعي يدرك حجم الافتراء في محاولتها القاء مسؤولية ذلك على عاتق صوت او صوتين للقوى المدنية والديمقراطية. فضوء الحقيقة لا يحجبه غربال، وليس بالوسع اخفاء حقيقة ان الناس انما تتظاهر ضد الفاسدين والمرتشين. وان اصوات اعضاء المجالس من الشيوعيين والديمقراطيين وعدد من الوطنيين الآخرين ، هي اصوات صادقة في دفاعها عن مصالح المواطنين ، فهي شوكة في اعين من يتطاول على المال العام ، وقد اختبر الناس صدق مواقف اصحابها ونظافة اياديهم ووفائهم لحقوق المظلومين والكادحين والفقراء .
ونحن إذ نشيد بتلك المواقف الواعية التي تدرك خطورة ما تريده القوى المتنفذة التي تحدث باسمها عدد من اعضاء مجلس النواب، نقول لمن يرفع وتيرة التشدد ويمعن في تشويه معنى طريقة سانت ليغو والقدر المعقول من العدالة والانصاف الذي تتميز به، وذلك برفعه السقف الى 1,7 وحتى 1,9 بدلا من 1 لا اكثر كما في الاصل ، نقول له انه شاء ام ابى يريد ادامة الازمة في البلد بتكرار ذات النهج والاداء اللذين ثبت فشلهما ، واعادة ذات الوجوه التي تزداد قناعة المواطنين بمسؤوليتها عما حل ويحل بوطننا من خراب ودمار وفقر وبطالة وامراض وتدهور في الخدمات العامة وسوء حال عام.
وفي مقابل هذه المواقف المتشددة والمتغطرسة والاقصائية لمسنا توجها يحمل قدرا من العقلانية والمقبولية في معالجة ازمة النظام الانتخابي في بلادنا ، وهو ما تمثل في مشروع قانون انتخاب مجلس النواب الذي قدمته رئاسة الجمهورية، رغم انه لا يلبي كل مطالبنا ومطالب قوى التغيير والاصلاح والحراك الجماهيري وما تعبر عنه ساحات الاحتجاج .
واذ يحتدم النقاش بشأن الانتخابات القادمة وقوانينها ، نجدد موقفنا الرافض للتعديلات المجحفة المراد ادخالها على قانون انتخابات مجالس المحافظات ، وندعو الى اوسع حركة جماهيرية ورأي عام ضاغط على مجلس النواب ، من اجل ان لا تمرر تلك التعديلات. فالمطلوب هو تشريع قانو ن عادل ومنصف يحفظ اصوات الناخبين وحريتهم في اختيار من يريدون، ومن يجدون فيه الكفاءة والنزاهة والجدية في خدمة المواطنين .
ان من يريد الاصلاح والتغيير ويدعو اليهما عليه اليوم الوقوف بوجه حملة المتشددين والمتنفذين المدافعين عن كراسيهم في السلطة لا عن مصالح الجماهير ، وعليه الانطلاق من القناعة العميقة بان معركة الاصلاح تبدأ بتغيير المنظومة الانتخابية، وفي المقدمة منها قانونا الانتخابات، وبتغيير المفوضية واعادة بنائها بعيدا عن المحاصصة المقيتة .