في ذكرى 8 شباط الاسود .. لا للعنف الدموي في السياسة / الأربعاء, 08 شباط/فبراير2017

تحل هذا اليوم ذكرى الانقلاب الفاشي الدموي في 8 شباط عام 1963 الذي عطل مسيرة ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وقطع طريق التطور الديمقراطي والحضاري لبلدنا، وحوّل عراقنا الى ساحة للتقتيل والاعدام والتعذيب وهتك الاعراض وترويع العوائل، وفتح السجون والمعتقلات ليرمي فيها خيرة ابناء وبنات شعبنا من الديمقراطيين والوطنيين والشيوعيين . واسترشادا بالبيان رقم 13 الفاشي الذي اصدره الانقلابيون، راحت قطعان الحرس اللاقومي ترتكب ابشع الجرائم بحق ابناء الشعب العراقي على اختلاف اطيافهم. فكانت الحصيلة مجزرة رهيبة وكارثة وطنية كبرى راح ضحيتها الآلاف من ابناء شعبنا، بضمنهم قادة الثورة الوطنيون يتقدمهم الزعيم عبد الكريم قاسم، وقادة الحزب الشيوعي العراقي وكوادره واعضاؤه ومناصروه، وعلى رأسهم الشهيد الخالد سلام عادل.
ما كان لهذا الانقلاب الاسود ان يمر لولا شدة وهوْل التآمر الداخلي والخارجي، ونجاح المساعي الخبيثة في شق وحدة القوى الوطنية والديمقراطية وتأليب بعضها على بعض، ولولا صم الآذان عن سماع الدعوات المخلصة الى ردم الثغرات في بناء الحكم الوطني، وقطع الطريق على المتربصين سوءا بوطننا وتجربته الواعدة. التجربة التي حققت الكثير من المنجزات خلال فترة قصيرة من الزمن، وما زالت معالمها شاخصة امامنا الى يومنا هذا . فكان يتوجب تطهير اجهزة ومؤسسات الدولة من اعداء الثورة والحاقدين عليها وعلى مسيرتها، والمضي من دون تردد على طريق بناء المؤسسات الديمقراطية الحقة والحياة البرلمانية وضمان تداول السلطة سلميا .
ان الكارثة التي حلت بوطننا وشعبنا، وتكاملت فصولها على يد نظام البعث الصدامي المقبور، حملت الينا رغم جوانبها المأساوية الكثير من العبر والدروس الغنية التي يتوجب التمعن فيها جيدا. ومنها ان لا معنى للديمقراطية او الادعاء بها من دون الضمان الفعلي لحرية العمل السياسي والفكري، وحرية المعتقد وحرية التعبيروحرية التظاهر، والقبول بالآخر المختلف، والرفض القاطع لاية ممارسة للسياسة عبر العنف والاكراه واللجوء الى السلاح .
ان ما حصل يجب ان لا يتكرر تحت اي عنوان، وان الضامن لذلك هو السير قدما على طريق بناء دولة المؤسسات والقانون، والانتهاء من نظام المكونات الطائفية، والخلاص من نهج المحاصصة وبناء دولة المواطنة، وتحرير اراضينا من داعش وانهاء الارهاب وتجفيف منابعه، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، واعلاء شأن المواطنة العراقية، والتخلص من نمط التفكير التهميشي والاقصائي، والانهاء الفعلي والعملي لاي وجود مليشياوي وللجماعات المسلحة خارج القانون، وتطبيق شعار حصر السلاح بيد الدولة، التي يجب ان تكون مسؤولة اولا واخيرا عن امن المواطن.
ولقد حان الوقت لرد الاعتبار الى ضحايا 8 شباط، ولانصافهم وتعويضهم من دون ابطاء او تسويف اوعرقلة. فهم جديرون بالرعاية والعناية وبأن يتمتعوا بكافة حقوقهم.
في ذكرى انقلاب شباط الاسود، نستذكر باعتزاز شهداءنا، ونتوقف بفخر عند بطولاتهم ومآثرهم وما قدموه للشعب والوطن. وهي جميعا وعلى الدوام حوافز تستحثنا على المزيد من العطاء من اجل التغيير المنشود، ولبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية.