العدد31 السنة 86 الاثنين 14 كانون الأول 2020

 

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1

على طريق الشعب

في مناسبة يوم النصر على داعش الإرهابي

معا لاسقاط منظومة المحاصصة والفساد 

 

 

مرت يوم الخميس الفائت الذكرى الثالثة للانتصار العسكري الكبير، الذي حققه أبناء  الشعب العراقي على اختلاف قومياتهم  وطوائفهم واديانهم ومنحدراتهم  الفكرية والسياسية، على داعش الإرهابي . وقدمت القوات المسلحة والأمنية والبيشمركة والمتطوعون في الحشد الشعبي ومن أبناء المناطق التي استباحها  التنظيم الاجرامي، تضحيات كبيرة وشهداء بررة. وبفضلها وبفضل صمود أبناء شعبنا وعطائهم، ونداء المرجعية العليا والدعم الواسع لها وللقوى السياسية العراقية، والتأييد  والتضامن الإقليميين والدوليين، تم تحرير محافظات الوطن والمدن التي عانت مع أهلها الكثير  في السنوات الصعبة، التي صال فيها القتلة الداعشيون وجالوا. 

لقد عانى  أبناء تلك المناطق من اجرام “ الدولة “ المسخ، وما اقترفت من قتل واستباحة واغتصاب  واختطاف  وتغييب وتهجير، لا زالت اثارها وتداعياتها ماثلة تنتظر المعالجة.

وكما اعلنا مرارا، فان معركة شعبنا مع الإرهاب لم تنته بعد، ولأجل تحقيق النصر النهائي عليه  تبرز الحاجة  الى مقاربات متعددة، والى منظومة توجهات وإجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية، يتقدمها تطوير قواتنا كضرورة ملحة ومهمة وطنية متواصلة. وهذا يتطلب رفع إمكاناتها وقدراتها وتعزيز تسليحها وتنويعه، كذلك حسن تدريبها وإعادة بنائها في ضوء عقيدة وطنية قوامها الإخلاص للوطن والولاء له، وتنفيذها المهام الموكلة اليها وفقا لنصوص الدستور، كذلك إسناد المهام فيها إلى ذوي الكفاءة والنزاهة، وتخليصها من الفاسدين والمرتشين و”الفضائيين” والفاشلين.  فهذه القوات هي المعوّل عليها أساسا في الدفاع عن الوطن، وفي صيانة نظامه الدستوري وتحقيق استقراره الداخلي.

وارتباطا بذلك جاء في التقرير السياسي الصادر عن  اجتماع اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي ( 4 كانون الأول 2020) انه “بات ملحا التنفيذ الفعلي لشعار حصر السلاح بيد الدولة، وما يعنيه عمليا من إقدام على : 

• الغاء أي وجود عسكري مسلح خارج اطار مؤسسات الدولة.

• وضع حد للتجاوز على القانون وسلطته وللعمل تحت أي اسم خارج منظومة الدولة الرسمية. 

• وقف عسكرة المجتمع، وسحب الأسلحة ووضع معايير وضوابط صارمة لحيازتها. 

• التصدي بحزم لجماعات الجريمة المنظمة وعصابات السطو المسلح وتجار المخدرات، ولعصابات اختطاف المواطنين واغتيالهم، والتدخلات العشائرية “ودكات” بعضها. 

وفِي هذه المناسبة نشدد على واجب القائد العام للقوات المسلحة، تحمُّل مسؤوليته كاملة في السيطرة على القوات المسلحة والأمنية على اختلاف صنوفها وتشكيلاتها، وفي توجيهها، لإنهاء  الاعتداءات والتجاوزات والخروقات التي تهدد السلم الأهلي والسيادة الوطنية وتصادر دور الدولة.

ان النصر الكبير الذي تحقق يعد مفخرة لشعبنا وللمقاتلين على اختلاف صنوفهم وتشكيلاتهم ، وان من الواجب الحفاظ عليه وتعزيزه ومواصلة التصدي لفلول داعش، وافشال خططه ومشاريعه لإعادة لملمة صفوفه والقيام بعمليات إجرامية هنا وهناك. ومطلوب أيضا الإسراع في اعمارالمناطق المحررة، وتهيئة ظروف عودة المهجرين والنازحين الى مدنهم وقراهم، واغلاق مخيمات اللجوء والتشرد والبؤس، وتعويض المتضررين منهم. كما يتوجب استمرار البحث عن المغيبين والمفقودين من الايزيديين وغيرهم . 

وليكن يوم النصر حافزا إضافيا لمزيد من الخطوات والإجراءات  على طريق مكافحة الفساد وملفاته بصغيرها منها وكبيرها، ومحاكمة قتلة المنتفضين والاستجابة للمطالب المشروعة للانتفاضة، وتهيئة المستلزمات السياسية والأمنية واللوجستية والتشريعية لاجراء انتخابات عادلة ونزيهة وذات صدقية. 

ولا ريب ان تحقيق ذلك وغيره يتطلب جهدا شعبيا وجماهيريا واسعا، وعملا مثابرا من كافة القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية، ومن الشيوعيين، وقوى الانتفاضة ونشطاء الحركة الاحتجاجية ، وجميع القوى التي تنشد الخلاص وإنقاذ البلد، لبناء أوسع اصطفاف سياسي وشعبي لتغيير موازين القوى، ولتحقيق الاختراق والسير قدما على طريق التغيير والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، ولبناء دولة مواطنة وعدالة اجتماعية، دولة مدنية ديمقراطية تكفل إخراج البلاد من أزماتها، وتضعها على طريق التقدم والازدهار.

*********** 

حملات انتخابية مبكرة تستغل الملف الخدمي

بغداد ـ سيف زهير

 

بدأ الملف الخدمي في مناطق متفرقة من البلاد، يشهد انتعاشا ملحوظا، مؤخرا، تحت إشراف كتل سياسية متنفذة، تحاول تعبئة الجماهير، تمهيدا لخوض الانتخابات المبكرة.  ويغذي قانون الانتخابات الجديد تلك المساعي السياسية، بسبب تركزيه على “المناطقية”، مشيرا الى ان القانون يشجع النواب على ممارسة عمليات تعقيب المعاملات وتقديم الخدمات، أكثر من عملهم الحقيقي في الجانب التشريعي والرقابي. ورصد مراسل “طريق الشعب” في جانب الرصافة ظهور لافتات كبيرة يظهر فيها صوراً لشخصيات مع شعارات انتخابية، ووصف مراقبون تلك المحاولات السياسية بأنها “متاجرة سياسية”.

 

حملات مبكرة واستغلال للنفوذ

ويقول المحامي والناشط المدني سجاد سالم، إن القوى المتنفذة بدأت منذ الآن “تشكيل ماكنات انتخابية، عينت مرشحين لها وما زالت تبحث عن آخرين، وهي الان تستغل بشكل واضح الملف الخدمي لترويج مرشحيها”. ويشير سالم خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، الى “تركيز المتنفذين على الملف الخدمي كدعاية انتخابية”.

ويضيف سالم، ان تلك القوى “تحاول السيطرة على الجهد الهندسي داخل المديريات البلدية والخدمية، وجعلها تحت إمرة مرشحيهم، لتحقيق مكاسب انتخابية”.

ويوضح “بما أن هذه الحملات (الانتخابية) مبطنة، وتأتي كجهود خدمية تطوعية، دعونا كناشطين الى متابعة الحكومة للجهد الهندسي في المحافظات، خلال هذا الوقت تحديدا، لتخليصه من سطوة المتنفذين وطموحاتهم الانتخابية غير المشروعة”.

ويشير المتحدث الى “القانون الانتخابي الحالي، بدوائره المتعددة، جعل النواب او من يطمح للوصول الى البرلمان، مقاولين يستغلون نفوذ الجهات التي تقف خلفهم، للتدخل في ملفات التوظيف كما حصل سابقا، وكذلك الجوانب الخدمية والمقاولات”.

ويرجح سالم حصول “خروقات كثيرة في الانتخابات المقبلة”، معللا ذلك بـ”عدم الوضوح في ما يتعلق بآلية التصويت البايومتري ووضع البطاقة الالكترونية، وتفاصيل أخرى ما زالت غير مطمئنة”.

 

نائبان يتشاجران على “التبليط”

وأول من أمس السبت، تشاجر النائبان طلال الزوبعي وكريم أبو سودة، أثناء وجودهما في قضاء أبو غريب، لمتابعة تبليط أحد الشوارع، بحسب مقاطع فيديو تناقلتها منصات التواصل الاجتماعي.

وتطور الشجار بين النائبين الى تبادل إطلاق العيارات النارية من قبل حمايات المسؤولين، امام انظار المواطنين.

ووفقا لمصدر محلي فإن “منطقة الحصوة، في قضاء أبو غريب، شهدت شجارا بين النائبين بعد أن صادف وجودهما في المنطقة، أثناء حملة إكساء أحد الشوارع”.

غياب المتابعة

من جانبها، أوضحت رئيسة منظمة تموز للتنمية الاجتماعية والمختصة بمراقبة الانتخابات، فيان شيخ علي، أن “استغلال الملف الخدمي يحدث قبل كل انتخابات، وهذا ما أكدناه مرارا في تقاريرنا الرصدية”.

وبشأن امكانية محاسبة هذه الحملات المبكرة قانونيا، أفادت بأن “القانون لم يتحدث عنها بشكل واضح، كما ان فترات الحملات الدعائية الرسمية تتعرض هي الاخرى الى الخروقات”.

ورأت الشيخ علي، أن “استغلال النفوذ والمال العام أصبح سمة بارزة لعمل القوى المتنفذة، خلال الفترات التي تسبق الانتخابات”.

وأكدت أن قانون الانتخابات الجديد “يركز على المناطقية، وهو بذلك سيجعل من النواب معقبين ومقدمين للخدمات، أكثر مما هم مسؤولين عن الجانب التشريعي والرقابي”.

********* 

الرجوب في ضيافة الحزب الشيوعي

زار السيد جبريل الرجوب مبعوث الرئيس الفلسطيني وأمين سر منظمة فتح الفلسطينية والوفد المرافق له، صباح اليوم الجمعة المصادف 11 كانون الأول 2020، مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد، واستقبله الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب.

غي اللقاء تحدث السيد الرجوب، مؤكدا على أهمية العلاقة التاريخية بين الشعبين العراقي والفلسطيني، مشيدا بمواقف الحزب الشيوعي العراقي التضامنية مع تطلعات الشعب الفلسطيني في مختلف محطاته النضالية.

وتناول الوفدان أخر التطورات الجارية في المنطقة والمخاطر المحيطة بالقضية الفلسطينية، وتداعيات الاتفاقات المذلة بين عدد من الدول العربية ودولة الاحتلال والتي جاءت بضغط من إلا دارة الأمريكية. واتفق الطرفان على ضرورة أن تكون الاتفاقات لتأمين حقوق الشعب الفلسطيني، وليس للتفريط بها ومكافأة المحتل، والتأكيد على ان امن المنطقة واستقراها لا يتأتى باتفاقيات الاستسلام والتنكر لمصالح الشعب الفلسطيني.

وقدم الرفيق رائد فهمي شرحا وافيا لطبيعة الوضع السياسي في العراق وحالة الاستعصاء التي يمر بها، وعن الانتفاضة الشعبية واندلاعها جراء حالة الفرز الاجتماعي وانسداد الأفق امام جماهير واسعة وخاصة من الشباب. وأشار الرفيق الى إجراء الانتخابات المبكرة وان نتكون في ظل بيئة مناسبة تحفز على المشاركة الواسعة، لتكون أحد عوامل الاستقرار في البلاد والمنطقة عموما.

ضم الوفد الزائر إضافة إلى السيد جبريل الرجوب، السيد محمد عقل السفير الفلسطيني في بغداد وعدد أخر من طاقم السفارة.

وكان الى جانب الرفيق رائد فهمي في استقبال الوفد، الرفيقان عزت أبو التمن وعلي مهدي، عضوا قيادة الحزب، والرفيق راهي مهاجر عضو لجنة العلاقات الوطنية.

************ 

لقاء الشيوعي العراقي والتيار الاجتماعي الديمقراطي

استقبل الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الدكتور علي الرفيعي منسق التيار الاجتماعي الديمقراطي وعددا من أعضاء مكتبه التنفيذي، في مقر اللجنة المركزية للحزب، يوم الخميس ١٠-١٢-٢٠٢. 

تناول الاجتماع المشترك مستجدات الأوضاع السياسية الجارية في البلاد والحركة الاحتجاجية وتطوراتها ومنها أحداث الناصرية والسليمانية. وجرى تبيان أن هذا الحراك يعكس احتدام الصراع الاجتماعي متجاوزا الأطر الطائفية والقومية. 

وتوقف الجانبان عند التهيئة للانتخابات المبكرة، وشددا على أهمية إيجاد بيئة مناسبة لها تحفز على المشاركة الجماهيرية الواسعة فيها، عبر الحد من السلاح المنفلت وإعادة هيبة الدولة وقوة القانون وتفعيل قانون الأحزاب السياسية واستكمال المستلزمات التشريعية والفنية واللوجستية، إضافة الى الإشراف الدولي الفاعل. 

وتوقف الاجتماع عند عمل الحكومة الاتحادية ومدى تنفيذها لبرنامجها والوعود التي تضمنها والتباطؤ والتردد الحاصلين في تنفيذه، وخاصة الاستجابة لمطالب الحركة الاحتجاجية والاقتصاص من قتلة المنتفضين ووقف الملاحقات ضدهم والتصدي للفساد، وتحسين الخدمات العامة والمستوى المعيشي للمواطنين وعدم تحميلهم تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية.  

وشدد الطرفان على أهمية وضرورة مواصلة التصدي للإرهاب الداعشي وتحقيق السلم والاستقرار في البلد.

وباستفاضة جرى استعراض اللقاءات والمشاورات الجارية لتفعيل دور القوى المدنية والديمقراطية وأهمية ذلك وراهنيته، وإمكانية التعاون والتنسيق فيما بينها، بما في ذلك ما يخص الانتخابات المبكرة. 

وفِي هذا السياق جرى التوافق على التوجه إلى عقد اجتماع اللجنة العليا للتيار الديمقراطي ومواصلة الاستعدادات لعقد المؤتمر الثالث للتيار في أقرب فرصة ممكنة، وتهيئة وثائقه المطلوبة.

سادت الاجتماع أجواء إيجابية بناءة وتوافق على القضايا التي تناولها، وحرص على مواصلة عقد اللقاءات والتشاور.

ضم وفد التيار الاجتماعي الديمقراطي، إضافة الى الدكتور علي الرفيعي، السادة: الدكتور احمد إبراهيم وكامل مدحت ومناضل عبد الله وعقيل التميمي.

ومثل الحزب الشيوعي في اللقاء، إضافة إلى الرفيق رائد فهمي، الرفاق: صبحي الجميلي وبسام محي وعلي مهدي ووسام الخزعلي، أعضاء قيادة الحزب.

*-************ 

راصد الطريق

الانتفاضة .. مفخرة شعبنا 

 

 

انتفاضة تشرين ٢٠١٩  كانت وستظل واحدة من مآثر  شعبنا وتاريخه النضالي المفعم بالتضحيات، وهي وان مرّت بحالات صعود وتراجع مؤقت، تبقى مرشحة للتصاعد وقد تأخذ اشكالا جديدة غير مألوفة. فما زالت أسباب اندلاعها قائمة، تفاقمها  الازمة المالية والاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا، بجانب عجز المتنفذين عن تقديم حلول للازمة  العامة التي تعصف ببلدنا، وتمسكهم بمنهج منظومة المحاصصة والفساد المدمر والمسبب  للكوارث، والاستقطاب الحاد الطبقي والاجتماعي. 

 لقد واجهت الحركات الاحتجاجية وانتفاضة تشرين الباسلة صنوف القتل العمد والاغتيال السياسي والاختطاف وزرع المخربين والمندسين وإلصاق التهم  والكذب السافر والدعاية الإعلامية المضللة، لكنها صمدت  بل وأضافت حقائق جديدة في المعادلة السياسية العراقية . 

انها انتفاضة شعب يتطلع الى التغيير، وإرادة شعب يريد تخليص  بلده من الفاشلين والفاسدين، من ناهبي ثرواته  وزارعي الفتن ومؤججي التوترات الطائفية والانغلاقات الفرعية. 

لذا فغير مستغرب  هذا الهجوم المتواصل عليها، من قوى تريد تأبيد سلطتها على حساب فقر الملايين وجوعهم ومرضهم.  

وتبقى إرادة الشعب هي المنتصرة ، طال الزمان ام قصر.  

*************** 

 

 

ص 2

 

اليوم.. رئيس اقليم  كردستان في بغداد

 

بغداد-  طريق الشعب

قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، امس الأحد، أن رئيس إقليم  كردستان نيجرفان بارزاني سيزور بغداد اليوم الاثنين للتوقيع على اتفاق نفطي شامل.

وقال سلام في حديث لوكالة “ بغداد اليوم” الاخبارية وتابعته “طريق الشعب”،  إن “ الاتفاق ينص على تسليم الإقليم 460 ألف برميل من النفط يوميا مقابل تسليم الحكومة الاتحادية حصة الإقليم من الموازنة ورواتب الموظفين والبيشمركة كاملة”.

في غضون ذلك، أعلنت رئيس كتلة الديمقراطي الكردستاني النيابية فيان صبري، “التزام” حكومة إقليم كردستان بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية وحسب الآليات المتفق عليها مع الحكومة الاتحادية.وأضافت صبري، في حديث لوكالة الأنباء الرسمية، أن “وفد الإقليم الحالي المتواجد في بغداد، أعلن استعداد الإقليم للالتزام بالبنود المتعلقة به في قانون تمويل العجز المالي ولديه كل الصلاحيات للوصول لحل جذري وعادل وفقا للدستور”.

وطالبت فيان، الحكومة الاتحادية بـ”دفع 320 مليار دينار، مستحقات شهر تشرين الأول لعام 2020 والمتفق عليها قبل نفاذ قانون تمويل العجز المالي”.

 

************** 

 

اضاءة

 

“ ليس كل ما يلمع ذهبا “

 

محمد عبدالرحمن

 

كثرة هم الذين يتحدثون عن أهمية وضرورة مكافحة الفساد، معتبرين إياه آفة يصعب تصور ان يتحقق شيء ذي شأن بوجودها، خاصة وقد غدا  اخطبوطا وتعشّق في مفاصل الدولة المختلفة وامتد حتى الى المجتمع. 

وقد وجد الفاسدون ضالتهم في  المتنفذين، فأنشأوا معهم تحالفا غير مقدس، تخادميا، تصونه وتحرسه  منظومة المحاصصة وتوفر له الغطاء والشرعية، فيما هو (الفساد) يقدم لها المال السياسي، لتأبيد وجودها ولحصر قرار الدولة بيدها.  

انه التحالف غير الشرعي والخطير للسلطة والمال والاعلام.  

لم تأت حكومة بعد ٢٠٠٣ الا وأعلنت انها في حرب شعواء مع ظاهرة الفساد، وان لا مساومة معه ولا مصالحة، حتى كاد صوت الاقطاب المتنفذين يطغي على أصوات المكافحين الحقيقيين ضد الفساد. وما زال البعض يواصل باسم حماية الشعب وامواله والدفاع عن مصالحه، الحاق افدح الاضرار ببلده وشعبه، بل وان العديد من اصحاب الأصوات  العالية والكلام المعسول تحوم حولهم شبهات فساد .   

وقد استمر على نحو مضحك مبكٍ تشكيل لجان التحقيق، التي لا تسمن او تغني من جوع، وتُعد مضيعة للوقت والجهد، وللمال أيضا. 

وتنوع الفساد وتعددت تجلياته، فنجده في شيوع  الغنى الفاحش والمفاجئ للنخب المتنفذة، وفي الاستيلاء على الممتلكات العامة واراضي الدولة وعقاراتها، وتهريب النفط وغيره من المواد، وغياب مبدأ تكافؤ الفرص في اشغال الوظائف والمناصب العامة، وفي بيع هذه الوظائف على كل المستويات ، وتفشي  ظاهرة الرشى ، والنهب المنظم للمال العام، وتزوير الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية، كذلك في الامتيازات المفرطة التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث والنواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة وحتى القضاء.

ويمثل سوء استخدام الاموال وسوء التخطيط للمشاريع شكلا آخر  للفساد . ولدى وزارة التخطيط المئات من المشاريع المعطلة، التي لم تنجز في مواعيدها، مما سبب ويسبب خسارة وتجميدا وتآكلا وتفريطا باموال هائلة ضائعة او معلقة بين المحاكم والمصارف، وبالدعاوى المتبادلة بين دوائر الدولة والشركات والمقاولين، إضافة الى المشاريع الفاشلة والوهمية. 

ومؤخرا  قدمت هيئة النزاهة  تقريرا اوردت فيه معطيات واسعة، تدلل على ان آفة  الفساد ما زالت في طورها الفاعل جدا، وان طور تراجعها لم يبدأ بعد. وتضمن التقرير إحصائية لقضايا وملفات فساد، قامت هيئة النزاهة بمتابعتها وحسمتها من جانبها. ولكن اين انتهت، وكم من حكم قضائي صدر  بشأنها، وكيف حسمها القضاء؟ هذا ما يريد المواطن معرفته، وما اذا حفظ الكثير  منها بدعوى عدم كفاية الأدلة، ام ان “ الدولة العميقة “ تدخلت في الوقت المناسب وأخلت  سبيل المتهمين، ووفقا  للقانون بالطبع!

لقد اصبح جليا الان ان المكافحة الجدية للفساد لا بد ان تبدأ بالقمة، وان تشمل جميع الحرامية والفاسدين والمتلاعبين بالمال العام، بغض النظر عن مواقعهم الوظيفية ومسؤولياتهم السياسية والاجتماعية والدينية.

 فهل هناك إرادة سياسية للاقدام على ذلك؟  

يبدو انه لحد الان ، ما زالت المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد  “ تخوط  بصف الاستكان “ ، فمتى تأخذ المكافحة بعدها المجتمعي  وتصبح هما وطنيا عاما  ؟  من دون ذلك سوف يستمر النزف .

 

 

*************** 

 

ميادين الاحتجاج  تناصر متظاهري السليمانية وحملات الاعتقال تعود الى”الحبوبي”

 

بغداد ـ طريق الشعب

تواصلت الاحتجاجات الغاضبة في محافظة السليمانية، والتي تطالب بصرف رواتب الموظفين، ومكافحة الفساد، وتحسين الواقع المعيشي، برغم ما واجهته من عنف “مفرط” من جانب قوات الامن الحكومية في اقليم كردستان.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وفي مقابل ذلك، أبدت ميادين الاحتجاج في وسط البلاد وجنوبها، مناصرة كبيرة لمطالب متظاهري السليمانية، وهي ذاتها التي رفعها المحتجون العراقيون، منذ سنوات.

وقد شجبت تلك الميادين في عدد من المحافظات، العنف المفرط الذي يتعرض له المتظاهرون في السليمانية، وكذلك حملات الاعتقال والترهيب التي تطال المتظاهرين في محافظات اخرى.

 

ارتفاع عدد الشهداء في السليمانية 

وجدد المتظاهرون الغاضبون في محافظة السليمانية من احتجاجاتهم الغاضبة، مطالبين بصرف الرواتب ومكافحة الفساد.

وتناقلت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو لعدد من المتظاهرين الغاضبين، وهم يقومون بقطع الشوارع قرب مبنى المحافظة، احتجاجا على تفاقم الازمة الاقتصادية في اقليم كردستان، وتأخير صرف الرواتب.

فيما قابلت قوات الامن المتظاهرين بالعنف المفرط، ما تسبب بارتفاع عدد الشهداء الى 10 متظاهرين، وجرح حوالي 120 متظاهرا، واعتقال 100 آخرين، بينهم عدد من الصحفيين والناشطين البارزين، فضلا عن منع عدد من اعضاء برلمان الاقليم من الدخول للإقليم بحجة دعم الاحتجاجات، بحسب بيان لمركز ميترو.

 

اعتقالات تطال الصحفيين

وسجلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، ارتفاع وتيرة اعتقال الصحفيين واحتجازهم من قبل الاسايش، مع ارتفاع حدة التظاهرات في السليمانية.

وأكد منسق الجمعية في كردستان، اعتقال كادر قناة كردستان ٢٤ داليا كمال، هردي حسن، برهم جمال، اثناء تواجدهم في احد الأسواق الشعبية في السليمانية، لإعداد تقرير عن الوضع المعيشي هناك.

وقالت الجمعية، ان هذه الحالة هي الرابعة بعد اعتقال طواقم فضائيات “العراقية” و”رووداو” و”بيام”.

ودانت الجمعية، اعتقال الصحفيين، والاعتداء عليهم وقت اداء عملهم، وعدّت ذلك “انتهاكاً لحرية العمل الصحفي”.

وطالبت الجمعية السلطات في الاقليم بـ”الكشف عن مكان المعتقلين، واطلاق سراحهم، والكف عن استخدام الاساليب الدكتاتورية في التعامل معهم، والامتثال للدستور”.

 

الحبوبي تستنكر الاعتقالات 

وشهدت ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية توافد لمئات المتظاهرين، احتجاجا على حملات الاعتقال التي تمارسها القوات الامنية بحق عدد من الناشطين.

وقال المتظاهر ميثم حسن، لـ”طريق الشعب”، إن “حملات الاعتقال لا تزال تستهدف عددا من الناشطين السلميين، من دون وجه حق”.

وابدى حسن استنكارا لـ”اعتقال المتظاهر سعدون جابر، والمعروف باسم (ابورائد)، كونه يبلغ من العمر حوالي 70 عاماً، وعرف عنه بدعواته المتواصلة لالتزام السلمية، طوال فترة الاحتجاجات”.

يُذكر ان القوات الامنية شنت حملة اعتقالات جديدة، ومداهمة لمنازل عدد من المتظاهرين في المحافظة، فجر الجمعة الماضية.

 

واسط ترفض التهم الكيدية 

من جانبهم، نظم المئات من المتظاهرين في محافظة واسط، مسيرة احتجاجية وسط المدينة، للتأكيد على المطالب الاساسية للانتفاضة، ورفض التهم الكيدية ضد المتظاهرين في المحافظة.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، علاء البعاج، أن “المتظاهرين دعوا وزير الداخلية للتدخل في قضية التهم الكيدية التي تساق لعدد من ناشطي الحراك الجماهيري في المحافظة”، مطالبين بـ”الافراج عن المتظاهر محمد الكناني المعروف باسم الشيخ ابوشجاع الذي اعتقل بسبب تلفيق تهم كيدية له”.

الديوانية تتضامن

كما نظم المئات من المتظاهرين في محافظة الديوانية، تظاهرة احتجاجية، للتضامن مع المحتجين في محافظة السليمانية، وللتأكيد على المطالب المشروعة للانتفاضة.

وأفاد مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، أن “التظاهرة انطلقت من وسط مدينة الديوانية صوب ساحة الراية، للتنديد بحملات الاعتقال والترهيب، التي تطال المحتجين، وعدم تلبية مطالب المتظاهرين وتسويفها”، مشيراً الى أن “المتظاهرين رفعوا لافتات للتضامن مع المحتجين في السليمانية، ورفض اعمال القتل والقمع التي يتعرضون لها”.

وفي تطور لاحق، أرغم طلبة جامعة القادسية، محافظ الديوانية زهير الشعلان وعضو مجلس النواب سعد الخزعلي على مغادرة مؤتمر علمي اقيم في الجامعة، مؤكدين رفضهم تواجد الفاسدين في الحرم الجامعي.

 

اعتداءات على الناشطين في بغداد

في غضون ذلك، تظاهر العشرات من المواطنين في ساحة التحرير وسط بغداد، للتأكيد على استمرار الاحتجاجات المطالبة بمكافحة الفساد وكشف قتلة المتظاهرين، وللتأكيد على التضامن ووحدة المصير مع المتظاهرين في السليمانية.

وقال مراسل “طريق الشعب”، إن “مجموعة مسلحة قامت بالاعتداء على عدد من المتظاهرين بعد انتهاء التظاهر، ما تسبب بطعن احد المتظاهرين بـ12 طعنة في ظهره”، فضلا عن الاعتداء على متظاهر اخر بالضرب المبرح، بحسب قوله.

وأكد المراسل، إن القوات الامنية لم تتدخل لحماية المتظاهرين.

يُذكر أن محافظتي البصرة وبابل شهدتا تظاهرات مماثلة للتأكيد على المطالب المشروعة للانتفاضة، في اجراء الانتخابات المبكرة على وفق قانون منصف وعادل ومفوضية مستقلة للانتخابات، وحصر السلاح في يد الدولة، فضلا عن الكشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

 

 

************ 

 

معرض الكتاب يناقش الحراك النسوي في انتفاضة تشرين

بغداد ـ طريق الشعب 

شهد معرض العراق للكتاب، الذي يواصل فعالياته حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، يوم أمس الاول، إقامة ندوة سلطت الضوء على الاحتجاجات النسوية بين المطالب الجندرية والحقوق الوطنية، والتي حضرها ناشطون وناشطات في الحركة الاحتجاجية، وقدمت لها الناشطة  فيروز حاتم. 

في بداية الندوة، تحدث الرفيق جاسم الحلفي، بإيجاز، عن المفاهيم العامة للاحتجاج والتظاهر، والحركة الاجتماعية الجديدة التي نشأت بعد الثورة الطلابية في باريس عام 1968، عندما رفعوا مطالب عامة وسياسية، التحقت معها باقي شرائح وفئات المجتمع.

وأشار الحلفي الى أن الاحتجاجات ما قبل الثورة الطلابية الفرنسية، كانت معلومة المطالب وأوقاتها وتفاصيلها.

وبخصوص انتفاضة تشرين، وما رافقها من أحداث، قال الحلفي: ان  الانتفاضة التي شهدت مشاركة واسعة للنساء وباقي الفئات والشرائح، كانت على شاكلة الثورة الفرنسية؛ إذ أن الفئات والشرائح المشاركة فيها، رفعت مطالب تخص المصلحة العامة.

وذكر الحلفي، ان الحركة الاحتجاجية في العراق كانت لها خصائص خمسة اولها الهدف الذي لم يكن غائباً، سواء في الاحتجاجات النسوية أم الاحتجاجات العامة، ووضعت الانتفاضة مطالب معلومة لدى الجميع. 

الخاصية الثانية، بحسب الحلفي، هي طبيعة التنظيم الافقي، التي وصلت الى الناس. بينما الخاصية الثالثة هي التركيبة الاجتماعية، التي كونها الشباب والنساء.

وذكر الحلفي في الخاصية الرابعة، الطابع الوطني؛ حيث لم يرفع في الانتفاضة سوى العالم العراقي. 

وركزت الخاصية الخامسة، التي أشرها المتحدث، على مطلب العدالة الاجتماعية. 

وبالتالي فان هذه الخصائص هي مطالب مشتركة للجميع. وحتى المطالب الخاصة بالنساء، كانت تخدم المجتمع ككل، بنظر الحلفي.

بدورها، أكدت الناشطة النسوية، سهيلة الاعسم، ان تشرين التي شكلتها مجموعات مختلفة من النساء والشباب والشيوخ، عبرت عن مطالب وطنية عامة. والنساء كانت جزءا من هذا الحدث.

وأشارت الاعسم الى، ان “السنوات التي سبقت تشرين كانت هناك تظاهرات مختصة بكل فئة، وخاضت النساء تظاهرات عدة، طالبت خلالها بالعديد من الحقوق، اهمها تلك التي نددت بالقانون الجعفري”.

وخلصت الاعسم اثناء مشاركتها بالندوة، الى انه “لا يخفى على احد طوال السنوات الماضية، نشاط المنظمات النسوية، الذي تمحور حول العديد من الفعاليات، من أجل تمكين المرأة وزيادة تمثيلها في مركز صنع القرار”.

 

************* 

 

ص3

الاحتجاجات في الإقليم: وجهة نظر طبقية

حيدر الشيخ علي

 

أول ما يلفت النظر في وضع الاجتماعي في إقليم كردستان، هي الفجوة التي تتسع باضطراد بين قلة اغتنت إلى حد التخمة وأكثرية تعيش أوضاعا مزرية. مظاهر غنى الاقلية المتنفذة في الاقليم صارخة يمكن لك ان تلاحظها دون عناء، حيث لا يمكن اخفاؤها، فأينما تمد البصر تجد الصور الباذخة، فسيارات المتخمين الفارهة تجوب الطرقات، أمام حسرات الشباب العاطلين عن العمل. أما في الريف الذي بدلا من أن تجود أرضه بعطاءات تكفي اسواق كردستان وما زاد منها يفترض تصديره إلى أسواق أخرى، وبدلا من زراعة الأراضي الخصبة المعطاء، اعتلت بعض مناطق ريف كردستان القصور الفارهة والمسابح الخاصة والشلالات المصطنعة، وكأن أفضل الأحياء في المدن لم تعد تكفيهم فامتدوا إلى المزارع وقضموها، وبهذا أكملوا ما بدأ به من سبقوهم عندما جرفوا ريف كردستان. يمكن لك ان تتخيل حال أي شاب محروم حينما يشهد صور الإفراط بالبذخ، التي لو تم حساب ما أنفق على أي جزئية بسيطة مما امتلكه المترفون عليها، لربما تغطي معيشته طول العمر.

الشعور بالحرمان هو محرك فاعل دفع الشباب الى الاحتجاج، وكان الأجدر ان يكون سلميا دون المساس بالممتلكات العامة والخاصة، إلى جانب عوامل مهمة اخرى من بينها فقدان الأمل بالحاضر، وانسداد أفق المستقبل. فلك ان تتصور شابا اسودت الدنيا أمام عينه، لا حاضر يوفر له فرصة عمل ولا مستقبل يؤمن له معيشته. هذه المعاناة التي تعد وقود الانفجار الشعبي، لم يفكر بها أصحاب القرار، ومن فكر أي واحد منهم بها فلم يتعامل معها، أما التوقف عندها للمعالجة فهذا غير متوقع الحصول، والمفارقة أن يظهر البعض على شاشات التلفاز مستغرب ومستهجن من مشاركة الشباب في التظاهرات، كونهم ليسوا من أصحاب الرواتب التي لم تصرف! وكأن سبب الاحتجاج هو عدم صرف الرواتب فقط. كم بعيدون هؤلاء عن فهم جذر المشكلة. يعكس هذا الخواء الفكري وعجزهم من إدراك الأزمة بأبعاده الاجتماعية، وكأن العامل الوحيد للاحتجاجات هي الرواتب. ليس الراتب وحده سبب الاحتجاج، نعم تأخر صرف الرواتب هو الشرارة التي ألهبت النار في الهشيم، لكن هناك عوامل أخرى سبق وذكرتها، في مقدمتها العامل الطبقي. الهوة السحيقة بين من أثرى عبر موقعه المتنفذ في أحزاب السلطة وبين جيوش العاطلين والكادحين والفقراء.

يبدو ليس بيد سلطات الإقليم من تدابير غير قمع المحتجين والقمع يزيد الهوة التي تتسع بين السلطة السياسية وبين عامة الناس. للناس الموجوعة حق التعبير عن مطلبها بشكل سلمي ومدني، ولا تفسير لهذا الحق غير احترام ممارسته وتوفير الأجواء الصحية للتعبير، ودور القوات الأمنية هي حماية المتظاهرين، وليس إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي، الحماية وليس القتل.

من جهة اخرى لا بد لي أن أبين التباس العلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية. وأود الإشارة هنا الى غياب الاستراتيجية الكردستانية في موضوعة الاشتراك في السلطة السياسية الاتحادية. فهي خليط لموقف غير متجانس، يتلخص كتناقض مخل، يقع ما بين الاشتراك بالحكومة كحق لشعب شريك في الدولة، وبينما يبدو وكأن تمثيل شعب كردستان جزء من محاصصة، كتلك الحاصلة بين مدعي تمثيل الطائفتين الشيعية والسنية.

تتضح الوجهة وكأن الحضور السياسي الكردي في بغداد غير معني ببناء نظام سياسي ديمقراطي يؤسس لدولة المواطنة توفر العيش الكريم للجميع بغض النظر عن الانتماءات القومية والدينية والطائفية، وترسيخ قبول التنوع الإثني كعامل قوة وليس عامل صراع، حيث الكراهية والاحقاد القومية هي السائدة. 

ان الاشتراك غير العابئ بما يحدث لتطور الدولة العراقية الاتحادية وتنمية مواردها هو ما نحصد مآسيه اليوم، غير المبالاة وتفرج على ضعفها وهوانها، لم يكن لصالح الاقليم فالدولة الضعيفة لا تتمكن من الايفاء بالتزاماتها. فقد اثبت الواقع عدم قدرة الحكومة الاتحادية الإيفاء بالتزاماتها المالية لمنتسبي الاقليم، فلو كان اشتراكنا فاعلا في بناء دولة القانون ومؤسساته، دولة ذات اقتصاد متنوع ومتين، وبتمثيل فاعل ونشط في مجلس الوزراء، ويمتاز بقدرات سياسية وادارية كفؤة، لما كان قرار عدم صرف مستحقات الاقليم وكأنه قرار من حكومة لا تمثيل للأكراد فيها، حيث لم يحسب لوجودهم حساب. هذا لا يعني عدم تحمل الإقليم مسؤولية الالتزام بتعهداتها المالية كما هو قانون الموازنة الاتحادية، التي وضعت اشتراطات وافق عليها ممثلو اقليم كردستان سواء في مجلس النواب العراقي، أو في مجلس الوزراء الاتحادي، أو من خلال البحث المباشر بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية.

بكلمة اخرى لا يمكن ان تكون الاوضاع المعيشية لمواطني كردستان رهينة الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، لأن لقمة عيش الناس فوق كل الاعتبارات ولا يمكن التلاعب به من اي كان.

كشفت الاحتجاجات وجود خلل كبير في الوضع الاجتماعي الكردستاني، فجوة الفقر التي تتسع فجوة العوز والحرمان، والشعور بالمظلومية المجتمعية الى جانب ضعف الثقة بالأحزاب الكردستانية، والرغبة العارمة بمطلب العدالة الاجتماعية. كشفت ايضا الحاجة الماسة لتفعيل دور المعارضة الحقيقية المكافحة من اجل الدفاع عن الناس وحسن تنظيمهم.

*************** 

في الذكرى السنوية الثالثة للانتصار على داعش 

الموصليون يؤشرون عجزا حكوميا متراكما في معالجة أربعة ملفات

بغداد ـ علي شغاتي 

 

تزامناً مع الذكرى السنوية الثالثة لإعلان الانتصار على عصابات داعش الارهابية، ما زالت التحديات قائمة امام الحكومة، حيث قدر محافظ الموصل، حجم الخسائر الناتجة عن العمليات العسكرية، بحوالي 20 مليار دولار. 

ويقول أهالي الموصل، إن المدينة لم تشهد أي تقدم ملحوظ، وهي في “تراجع مستمر”، بسبب “العجز الحكومي المتراكم” لثلاث حكومات متعاقبة، عن معالجة 4 ملفات مهمة.

حجم الخسائر 

وحول حجم الخسائر في البنية التحتية، يقول محافظ نينوى نجم الجبوري، في تصريح صحافي، أن “حجم الدمار في المحافظة، يبلغ في الحد الأدنى (20) مليار دولار”، مبيناً أن “ما حصلنا عليه لا يتجاوز المليار ونصف المليار دولار”.

ويضيف الجبوري، أن “المحافظة تواجه جملة من المشاكل التي أثرت سلباً على الإعمار من بينها التقاطعات السياسية وتدخلات بعض الجهات، فضلاً عن قلة الموازنات والتخصيصات، ووجود عراقيل أمام الاستثمار في المحافظة”، مشيراً الى أن “ملف التعويضات من أكثر الملفات المعقدة التي تواجه ملف الإعمار”.

وتقدر منظمات دولية خسائر العمليات العسكرية بفقدان حوالي 8 الالاف مواطن، ويتراوح عدد الشهداء والمصابين بين 9 - 11 الف مواطن، بالإضافة الى وجود 85 مقبرة جماعية.

 

مشكلات عالقة بانتظار الحلول

من جانبه، يقول الباحث والمختص في الشأن السياسي فراس ألياس، في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “استحقاقات ما بعد التحرير المدينة كانت معقدة جداً، إذ سرعان ما واجه الأهالي أزمات متعددة على صعيد الخدمات والأمن والاقتصاد، والتي جاءت بمجملها نتيجة لحالة الصراع السياسي في المدينة، بين القوى التقليدية والقوى الوافدة مع معارك التحرير”.

ويضيف، أن “المدينة لم تشهد أي تقدم ملحوظ على صعيد أي ملف من الملفات، وهو ما جعل الواقع العام في المدينة في حالة تراجع مستمر، في ظل عجز حكومي واضح عن تصحيح الأوضاع، رغم زيارة رئيس الحكومة للمحافظة في حزيران الماضي”، داعيا الى “تعويض المتضررين والشروع في ملف إعادة الإعمار والبحث في ملف المغيبين ومحاسبة المتسببين في سقوط المدينة”.

ويحذر الناشط من “ترك تنامي اسباب ظهور التنظيم الارهابي مرة اخرى”، بسبب عدم معالجة الملفات العالقة.

 

عدم محاسبة المقصرين

وحول أسباب عدم محاسبة المقصرين في موضوع سقوط الموصل، يذكر ألياس أن “حالة الصراع السياسي وظروف الحرب على التنظيم، فضلاً عن الظروف التي شهدها العراق في مرحلة ما بعد داعش، جعلت من ملف الموصل ملفاً ثانوياً مقابل صعود ملفات أخرى أكثر تأثيراً”.

 

النصر الحقيقي 

وحول استمرار معاناة الاهالي في المدينة يقول الاكاديمي، علي اغوان، إنه “بعد تحقيق النصر العسكري على عصابات داعش الارهابية، ما زال اهالي الموصل ينتظرون تحقيق النصر الحقيقي والشامل من خلال اعادة البناء والاعمار، ومعالجة مشكلة مخيمات النازحين”، مشيراً الى أن “أسباب سقوط المدن في يد التنظيم ما زالت موجودة، والظروف والاجواء هي ذاتها، لكن عدم وجود محفز خارجي في الوقت الحالي يمنع تكرارها”.

ويضيف أن “المؤشرات تؤكد أن الامور ما زالت معقدة في الموصل، خاصة في ظل اهمال المدينة من قبل الحكومات المتعاقبة وتذكرها في اوقات الكوارث والانتخابات فقط، فضلا عن استمرار وجود القوى السياسية الفاسدة في المحافظة”.

تقاسم النفوذ

ويكشف الاكاديمي في حديث لـ”طريق الشعب”، أن “السيطرة على المحافظة تتقاسمها احزاب متنفذة من داخل المدينة وخارجها، وفصائل وافدة لها خلال عمليات التحرير، تجمعها علاقة وطيدة اساسها المصالح المشتركة في ما بينها”.

ويقول إن “البدء في أي مشروع خصوصا المشاريع الاستراتيجية منها، يتطلب الحصول على موافقات من الاجنحة المسلحة للفصائل في المدينة”.

ويضيف أغوان، أن “المحافظة بعيدة عن القرار السياسي، انما يتحكم بها زعامات سياسية من خارجها، ولا وجود للزعامات الموصلية الحقيقية، خاصة ان الزعامات الكلاسيكية في المدينة لا يمتلكون اي مقبولية من الاهالي”.

ويحذر أغوان من “عودة المشاكل في مناطق سهل نينوى، لما تحتويه من اقليات تمت تعبئتها ايديولوجيا، لمحاولة اقحامهم في توازنات غير مرتبطة بهم، ما يرجح احتمالية حدوث مشاكل اجتماعية في المنطقة قريبا، خصوصا في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وسيطرة السلاح المنفلت، وغياب سلطة الدولة”.

 

انتقادات للحكومة

وأثمرت جهود الأمم المتحدة عن إعادة بناء حوالي الفي منزل مهدم، وإنشاء محطات لمعالجة المياه وتوليد الطاقة، وعدد من المدارس ومراكز الشرطة، لكن هذا الامر لا يصلح شيئا من الخراب في المدينة، حيث تقدر الامم المتحدة عدد المنازل المتضررة في مدينة الموصل فقط بحوالي 11 الف وحدة سكنية، فضلاً عن الالاف في الاقضية والنواحي.

ويصف الناشط المدني بندر العكيدي جهود الحكومة في اعادة اعمار المحافظة، انها “مخيبة للآمال ودون مستوى الحدث”.

ويقول العكيدي في حديث لـ”طريق الشعب، إنّ “اعادة البنية التحتية اقتصرت على تبليط الشوارع واعادة فتح الاسواق، لكن اغلب المرافق الحيوية ما زالت مهدمة كالجسور والمستشفيات والفنادق والمطار”.

ويضيف “لغاية الان لم يتم اعمار الا جسرين فقط لربط جانبي المدينة”.

ويشير الى ان اعمار جامعة الموصل والمنازل المهدمة، تم من قبل المنظمات الدولية والفرق التطوعية في المحافظة.

********** 

نائب: بعض موظفيه تحوم حولهم شبهات فساد 

مجلس الخدمة الاتحادي.. لن يباشر حتى تضمن الكتل المتنفذة مصالحها!

بغداد – طريق الشعب 

يعوّل عدد كبير من الخريجين والعاطلين عن العمل، على تفعيل مجلس الخدمة الاتحادية لإيجاد وظيفة حكومية تضمن له راتبا شهريا مناسبا، لكن تلك الامنيات تتعثر، كما غيرها، بحجر كتل سياسية متنفذة، تعتقد أن إعماله سيحد من سيطرتها على ملف التعيينات. 

ولم يكن تشكيل هذا المجلس منعزلا عن الآليات المحاصصاتية، انما بعض من “موظفيه” تحوم حولهم شبهات فساد، بحسب احد اعضاء مجلس النواب. 

ولمجلس الخدمة الاتحادي 16 مهمة، وان عمله لا يقتصر فقط على التعيينات. ومن مهامه التوظيف والتعيين والهيئات الوظيفية والأوصاف الوظيفية وغيرها.

 

اختيارات طائفية

وقال مصدر مطلع  لـ”طريق الشعب”، يوم امس، ان “اسبابا سياسية تقف وراء عدم تفعيل مجلس الخدمة الاتحادي، تتمثل في ان السياسيين يحاولون ضمان التعيينات التي تصدر عن هذا المجلس، صالح جماهيرهم”. 

وأضاف ان “بقاء هؤلاء السياسيين في مناصبهم، مرهون بتصويت جماهيرهم لهم ولم يتبق لديهم غير تقديم وتنفيذ وعود التعيينات التي اعطوها لهم في وقت سابق”. 

واشار المصدر، الى وجود “أسباب اقتصادية تقف وراء عدم تفعيله”، مضيفا ان “المجلس لم تخصص له أموال، ولم يدرج ضمن أبواب الميزانية الاولية التي اعدت في ٢٠١٩”.

واكد ان المجلس “لم يحصل على دعم، إلا من البنك المركزي الذي تبرع بـ ١٨٠ الف دولار، لترميم بنايته الجديدة الواقعة في منطقة العلاوي”. 

وبحسب المصدر المطلع، فان “اعضاء المجلس ورئيسه ونائبه تم اختيارهم من قبل الكتل السياسية، وكلفوا بمهامهم بناءً على أسس حزبية”.

ويتكون المجلس من رئيس ونائب و٤ اعضاء. 

معرقلات قانونية 

النائب عن لجنة الخدمات البرلمانية، جاسم البخاتي، أكد لـ”طريق الشعب”، ان “معرقلات تشريعية تقف وراء عدم تفعيل مجلس الخدمة الاتحادي”.

وقال البخاتي، ان مجلس النواب يرغب في أن يكون مجلس الخدمة “ذا رصانة عالية، وهناك رغبة ان يكون رئيس مجلس الخدمة اما احد الوزراء او رئيس مجلس الوزراء”.  

ويستمر الجدل حول صفات اعضاء مجلس الخدمة: هل هم بدرجة وزير ام مدير عام او وكيل وزارة.  

وأبدى البخاتي استغرابه من قرار مجلس الوزراء بـ”نقل موظفين من الوزارات وتنسيبهم على مجلس الخدمة الاتحادي”، فيما اتهم بعض المنسبين بانه “تحوم عليه مؤشرات سلبية”.

وأوضح عضو لجنة الخدمات، انه “على سبيل المثال فأن الموظفين في وزارة التخطيط المكلفين بالعمل في المجلس تحوم حولهم شبهات فساد كثيرة ومشخصة من قبل الوزارة نفسها”.

وأشار البخاتي الى، ان “مجلس النواب وجه سؤالاً لرئيس مجلس الخدمة الاتحادية حول آلية اختيار اعضاء المجلس”، مضيفاً ان “مجلس النواب يرفض منح رئيس المجلس حرية كاملة في اختيار الاعضاء. كما ان هناك مطالبات بان يكون مجلس النواب على دراية كاملة بكل ما يحدث داخل مجلس الخدمة الاتحادية، بما فيها طرق اختيار موظفي هذا المجلس”. 

 

انهاء هيمنة الكتل الفاسدة

وعلق رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية، د. محمد صباح، لـ”طريق الشعب”، على الموضوع قائلاً، ان “مجلس الخدمة يتعامل مع شرائح مجتمعية مهمة من اصحاب الشهادات العليا والخريجين، ويأخذ على عاتقه توظيفهم بالدولة من دون تمييز”.

ويجد صباح، ان عمل المجلس “سوف يسحب هيمنة الكتل السياسية المتنفذة على ملف التعيينات، وخصوصاً في المناصب الحكومية المهمة”.

************** 

ص4

وقفة اقتصادية

استراتيجيات الحد

من الفقر 

 

 

ابراهيم المشهداني

 

الفقر كظاهرة اقتصادية اجتماعية موجودة في كل دول العالم ولكن بنسب متفاوتة تبعا للسياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، وأفضل مؤشرات الفقر توجد في الدول التي تشهد اقتصادات متطورة ونظم ديمقراطية ولكن أكبر نسب الفقر تظهر في الدول الغنية في قدراتها الاقتصادية المعطلة.

 وظاهرة الفقر في العراق لازمت المجتمع منذ مئات السنين إلا في فترات قصيرة لكنها عادت نتيجة الحروب وتهافت السياسات الاقتصادية وانفلات الأوضاع الأمنية. وإذ نركز على فترة ما بعد 2003 فلأن ظاهرة الفقر تعاظمت بشكل صادم رغم تعدد الخطط التي وضعتها وزارة التخطيط بتنسيق مباشر مع الوزارات ذات العلاقة، وكان إطار عملها مع الدول والمنظمات المانحة لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية وتحقيق أهداف التنمية الألفية، واستهدفت بالتحديد تقليص نسبة الفقر من 23 بالمائة إلى 16 بالمائة، وبدلا من ان تؤدي إلى تخفيض النسبة فقد ازدادت إلى 30 بالمائة بالرغم من محاولات تلطيفها، وهذه النتائج البائسة دفعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء للإعلان عن استراتيجية جديدة قبل منتصف عام 2018 تستهدف بشكل خاص معالجة السكن العشوائي وإصلاح البطاقة التموينية. كيف سيتحقق ذلك في وقت تسعى الحكومة فيه لخصخصة البطاقة التموينية في خطوة ظاهرها إصلاح وباطنها تراجع عن تطوير محتوياتها التي تردت بشكل صارخ في الأعوام الأخيرة، وكان عليها قبل ذلك الإعلان تقييم مخرجات الاستراتيجية السابقة والكشف عن أسباب إخفاقها ونتائجها البائسة. 

لقد كانت منطلقات الخطة الالتزام الحكومي بالتنفيذ والتوافق مع الجهود الوطنية والتكامل مع خطة التنمية الوطنية الخمسية للسنوات 2018—2022 والموازنات السنوية وكفاءة الأمان الاجتماعي ولكن شيئا من ذلك لم يتحقق. فلا الحكومة التزمت بالتنفيذ كما كان مرسوما ولم تحقق الخطة التنموية الخمسية أهدافها ولا البطاقة وفرت الغذاء ومستلزماته للفقراء ولا الإنفاق الحكومي عبر الموازنات السنوية روعيت فيه مصالح الفقراء، بل أن تخصيصاتها المالية توزعت بين الفاسدين في الجهاز البيروقراطي في مراكز الدولة العليا، مما أنتج عن ذلك زيادة في حجم البطالة وترديا في الخدمات الصحية وفي مستوى التعليم وانتشارا للسكن العشوائي وحماية اجتماعية متردية وسوءًا في تمكين الفقراء في تطوير مهاراتهم المهنية.  لكل هذه الأسباب يتعين على الدولة قبل الإعلان عن ورقتها البيضاء بعد جهد جهيد أن تضع منظومة من الأهداف الواضحة للتخفيف من مستوى الفقر وأن تتخذ التدابير والآليات لتحقيقها ومنها:

  تنشيط القطاعات الاقتصادية الإنتاجية الحكومية والخاصة وتدوير عجلتها من أجل تخفيض نسبة البطالة وإيجاد مصادر تمويل وطنية متنوعة وتعميق القاعدة الإنتاجية وتنشيط الاستثمار وتقليل كلف الإنتاج وتحقيق رأسمال تراكمي.

• رسم خطط منهجية لرفع مستوى التعليم في كافة مراحله عن طريق تغيير المناهج بما يتناسب مع خطط التنمية وزيادة عدد المدارس ومعالجة ظواهر التسرب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وتوفير السكن اللائق وتحسين الرعاية الصحية عن طريق تحسين الخدمات في المستشفيات والعيادات الطبية وتقليص أجور التطبيب الخاص واتخاذ الإجراءات الوقائية وتفعيل دور العيادات الطبية المتنقلة في الأرياف. 

• مواجهة مظاهر التلوث البيئي التي تزداد مخاطره يوما بعد آخر والتي تجد تعبيرها في مختلف الأمراض المستعصية المنتشرة وخاصة الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي والسرطانات وتوفير الأدوية والعلاجات الكافية والاستعانة بالجهد الدولي في هذا المجال. 

• تحسين مياه الشرب ومعالجة التكسر في أنابيب المياه ومعالجة الصرف الصحي واستغلاها في مشاريع نافعة باستخدام التكنولوجية وإيقاف تسربها إلى الأنهر الرئيسية.

********* 

الحزام الاخضر في كربلاء:

ثلاث جهات حكومية تتخلى عن تشغيله!

بغداد ـ عبدالله لطيف

 

مرت سبعة أعوام على إنجاز مشروع الحزام الاخضر في كربلاء، لكن أغلب أدواته التي تتجاوز تكلفتها 16 مليار دينار، طالها الاندثار، بسبب تخلي ثلاث جهات حكومية عن تشغليه، الذي يحتاج لأربعين عاملا فقط.   

وانجز المشروع من قبل وزارة الزراعة في العام 2013، لكنها قالت انه اضحى من مسؤولية الحكومة المحلية للمحافظة، بينما رمى مسؤولون محليون بتلك المسؤولية على دائرة البلدية، التي نفت بدورها ان تكون لها علاقة به.

وبين هذا الطرف وذاك، أبدت العتبة العباسية، استعدادها لاستثمار المشروع، الذي يمتد من شمال كربلاء الى جنوبها بطول 80 كليو مترا، وعرض 100 متر. 

يشار الى ان المشروع تمت المباشرة فيه منذ العام 2006، لكنه لم ينجز، بسبب اهمال الجهات الحكومية. 

ويحتوي المشروع الذي يهدف إلى زيادة المناطق الخضراء وإيقاف التصحر، على 20 الف نخلة، و40 الف شجرة زيتون، و20 الف شجرة كالبتوس.

ويعتمد المشروع على خمسين بئرا للسقي، بحسب تصريحات لمسؤولين محليين في وقت سابق.

وذكرت تقارير صحافية، في وقت سابق، أن العاملين على إدامة المشروع لم تخصص لهم اموال من قبل بلدية او دائرة زراعة كربلاء، ما سبّب اندثار المشروع. وقال المسؤولون المحليون، ان المشروع بحاجة الى 40 عاملا لإنجازه. 

وأظهرت مقاطع فيديو تابعتها “طريق الشعب”، أشخاصا يقومون بسرقة فسائل النخيل من المشروع. 

ويؤشر المهندس الزراعي غفار ياسين في حديث لـ”طريق الشعب”، موت عدد كبير من الاشجار، وتلف في مضخات السقي.

ويقول ياسين، “هناك خلل بطريقة السقي، بسبب المسافات البعيدة بين الآبار”.

 

تضارب الآراء الحكومية 

ويقول حميد النايف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، ان “الصلاحيات المالية والادارية نُقلت منذ زمن الى المحافظات”، في اشارة الى عدم مسؤولية الوزارة عن المشروع.

ويردف النايف كلامه، ان عمل دوائر الزراعة في المحافظات، يقتصر على الجانب الفني. 

ويضيف المتحدث في تصريح لـ”طريق الشعب”، ان “محافظة كربلاء بدوائرها المتعددة هي من يجب ان تتابع مشروع الحزام الاخضر”.

ويقول المتحدث باسم دائرة زراعة كربلاء، باهر غالي، ان المشروع يحتاج لأربعين عاملا لإدارته، كونه يعتمد السقي عن طريق التنقيط، بمعنى انه لا يحتاج الى مجهودات كثيرة لتشغيله. 

ويبين غالي في حديث لـ “طريق الشعب”، أنّ إدارة المشروع ليس من اختصاص مديرية الزراعة والوزارة، موضحا ان “الوزارة اوقفت صرف الاموال للمشروع خصوصاً عند اكتماله، فيما تم التوجه الى بلدية كربلاء لاستثماره”.

ويشير الى ان “الحكومة المحلية لم تهتم بالمشروع كما ينبغي. كما ان البلدية رفضت ان توفر عمالا لإدارة المشروع، بسبب قلة التخصيصات المالية”. 

 

بلدية كربلاء تتبرأ 

الى ذلك، رد مدير بلدية كربلاء، عبير سليم، لـ”طريق الشعب”، بقوله  ان “المشروع تديره دائرة الزراعة والعتبة والعباسية، وهو ليس من ضمن مسؤولياتنا”، مكررا أن “دائرة البلدية لا علاقة لها بالمشروع”.

وحاولت “طريق الشعب” تأمين اتصال بنائب محافظ كربلاء علي الميالي، للحديث حول امكانية توفير 40 عاملا، من أجل تجنب إهدار 16 مليار دينار، لكنها لم تحصل على الاجابة.

********* 

الدين العام الداخلي بلغ 43.45 ترليون دينار

الإحصاء: الاحتياطي النقدي تراجع الى 57.5 مليار دولار

بغداد ـ طريق الشعب

تراجع احتياطي النقد الأجنبي للعراق بنسبة 12.5 بالمئة على أساس فصلي، خلال الربع الأول 2020 إلى 68.5 تريليون دينار (57.5 مليار دولار أمريكي).

وقال الجهاز المركزي للإحصاء العراقي في بيان صدر أمس الأحد، وتابعته “طريق الشعب”، إن “الاحتياطي النقدي للعراق انخفض من 78.25 تريليون دينار (65.75 مليار دولار) في الربع الأخير 2019”. وتزامن تراجع احتياطي النقد الأجنبي للعراق مع هبوط مداخيل النفط (مصدر الإيرادات الأبرز للبلاد)، وارتفاع النفقات الجارية الناجمة عن إعادة إعمار عديد المحافظات، وارتفاع فاتورة الرواتب.

وذكر الإحصاء، أن “الدين العام الداخلي للعراق بلغ 43.45 ترليون دينار (36.51 مليار دولار) حتى نهاية الربع الأول 2020، صعودا من 38.33 ترليون دينار (32.21 مليار دولار) في الربع الأخير 2019.

وأقر مجلس النواب، في 12 تشرين ثاني الماضي، قانون الاقتراض الداخلي والخارجي بقيمة 12 تريليون دينار عراقي (10 مليارات دولار)، في مسعى لإنهاء أزمة تأخر صرف رواتب موظفي الدولة.

وهذه ثاني مرة تطلب فيها الحكومة من البرلمان منحها التخويل للاقتراض، بهدف تأمين النفقات التشغيلية وعلى رأسها رواتب الموظفين.

زكان البرلمان أقر في 24 يونيو/ حزيران الماضي، مشروع قانون أتاح للحكومة بموجبه اقتراض 15 تريليون دينار (12.5 مليار دولار) داخليا، و5 مليارات دولار خارجيا لتغطية العجز المالي.

ويعيش البلد أزمة مالية خانقة، جراء تراجع أسعار النفط بفعل أزمة جائحة كورونا، التي شلت قطاعات واسعة من اقتصادات العالم.

*********** 

سوء الادارة هو السبب.. مليارا دولار سنويا لاستيراد الغاز من ايران!

بغداد- نورس حسن

 

يرى برلمانيون ان سوء الإدارة في وزارة النفط حوّل العراق الى مستورد كبير للغاز الإيراني، من اجل توليد الطاقة الكهربائية، فيما تقول وزارة النفط ان “تردي الأوضاع الأمنية أخّر عمليات الاستثمار في بعض حقول الغاز، وان الوزارة في مفاوضات مستمرة حول عمليات الاستثمار”.

 

نقاوة الغاز العراقي

عضو لجنة النفط والطاقة النيابية امجد العقابي قال في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب” ان “واردات العراق من الغاز الإيراني لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، تكلفه ملياري دولار سنويا”.

وأشار الى ان “سوء الإدارة يتجلى في مسألة استثمار الغاز المحلي” موضحا ان العراق يمتلك غازا طبيعيا تصل درجة نقاوته الى 97 بالمائة ولم يتم استثماره حتى الآن، خاصة في حقلي عكاز والمنصورية”.

 

عدم الرد

وفي هذا الشأن اختارت وزارة النفط عدم الرد على ما افاد به عضو لجنة النفط والطاقة، واكتفى المتحدث باسمها عاصم جهاد بالقول ان “المسألة لا تتعلق باستيراد الغاز من الجانب الإيراني، وان الوزارة لديها خطط لتطوير حقول الغاز واستثمارها”.

 ونفى جهاد في تصريحه لـ”طريق الشعب” وجود مساع لدى الوزارة لإيقاف استيراد الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية والاعتماد على الغاز المنتج محليا.

وعلل في حديثه أسباب التأخر في استثمار الغاز في حقلي عكاز والمنصورية بالقول ان “الأوضاع الأمنية حالت دون مواصلة الشركة المستثمرة عملها في حقل عكاز”.  وفي شأن حقل المنصورية افاد ان المفاوضات مستمرة مع شركات عالمية للقيام بعمليات استثمارية.  

المنتج المحلي لا يسد الحاجة

من جانبها افادت وزارة الكهرباء ان “الغاز المنتج محليا لا يسد الحاجة الفعلية لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، لذلك لجأت الحكومة الى التعاقد مع الجانب الإيراني لاستيراد الغاز”.

المتحدث باسم الوزارة احمد موسى ذكر لـ”طريق الشعب” ان “استيراد الغاز من الجانب الإيراني يتم وفق عقود حكومية تم تجديدها بداية هذا العام”. وبيّن ان كميات الغاز التي تم الاتفاق على توريدها الى العراق من الجانب الإيراني تبلغ  40 مليون متر مكعب، وهي فقط لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، مقابل مليارين و 400مليون دولار سنويا. ولفت موسى الى ان “الجانب الإيراني عمل مؤخرا على تخفيض نسب ضخ الغاز الى العراق، مبررا ذلك بكون الحكومة العراقية لم تقم حتى الآن بتسديد المبالغ المالية التي بذمتها لقاء توريد الغاز، فضلا عن وجود عمليات صيانة للأنابيب الناقلة”. الخبير في مجال النفط والطاقة د. نبيل المرسومي اكد ان “العراق ينتج يوميا 10 ملايين متر مكعب من الغاز وان هذه الكمية لا تسد حاجة البلاد لتوليد الطاقة الكهربائية، لذلك يستورد 40 مليون متر مكعب من الغاز من الجانب الإيراني سيستمر هذا خمس سنوات أخرى.”.

 

*********** 

 

 

ص 5

 

العصابات تستدرج الضحايا عبر وسائل التواصل

الاتجار بالبشر.. تحد أمني جديد يقلق الأسر العراقية

 

بغداد – وكالات 

خلال السنوات الأخيرة شهدت مدن عراقيّة عدّة، أبرزها بغداد والبصرة، زيادة كبيرة في جرائم الاتجار بالبشر، التي تأخذ أشكالاً مختلفة تبدأ من استغلال العصابات الأطفال والنساء في التسول، وصولاً إلى سرقة الأعضاء. وهذا وغيره بات يشكل تحديا أمنيا جديدا يقلق الأسر العراقية، خصوصاً أن محترفي الجريمة يعتمدون في أحيان كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج الضحايا.

في العام 2012 أقر البرلمان العراقي قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي يقضي بمتابعة وملاحقة العصابات التي تترصد سكان الأحياء السكنية، سيما الراقية منها، حيث يقطن ميسورو الحال. 

 

من الفقر والبطالة إلى الجماعات المسلحة

ويعزو مراقبون اتساع ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق، إلى الفقر والبطالة وضعف الأمن وقوة الجماعات المسلحة. كما يتهمون بعض عناصر هذه الجماعات، بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها مادياً. وبين الحين والآخر، تعلن الجهات الرسمية عن تحرير مختطفين من عصابات الاتجار بالبشر، أو القبض على أفراد منها، وكان آخرها نهاية تشرين الأول الماضي، حين أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها، عن اعتقال امرأتين بتهمة الاتجار بالبشر في بغداد، مشيرة إلى أن “عملية الاعتقال تمت أثناء بيعهما طفلة تبلغ من العمر 5 أيام بمبلغ 20 مليون دينار عراقي”. 

وبحسب البيان، فإن الاعتقال تمّ بعد نصب كمين محكم للمرأتين، اللتين كانت بصحبتهما طفلة أخرى تبلغ من العمر 8 أعوام، تبين من خلال التحقيقات أنهما اشترتاها بـ 3.5 ملايين دينار.

وخلال الشهر نفسه، أصدرت محكمة الجنايات في النجف، حكماً بالسجن المؤبد بحق متهم وشريكه، وبدفع غرامة مالية. فيما حكمت على زوجة الشريك بالسجن ثلاثة أعوام لإغرائها فتيات قاصرات بترك منازل عائلاتهن، بهدف سرقة أعضائهن.

وبحسب تقرير نشره مجلس القضاء الأعلى، فإن الفتيات هن ثلاث شقيقات قاصرات من سكان محافظة النجف، كان والدهن قد أبلغ الشرطة باختفائهن من المنزل ومعهن مبلغ 75 ألف دينار وملابسهن وهاتف والدتهن.

وعثرت الشرطة على الفتيات الثلاث بعدما تعقبت هاتف والدتهن. وكانت في حوزتهن مصوغات سلمنها لشريك المتهم الذي استضافهن وزوجته في شقة سكنية في بغداد، بهدف تمكينهن من السفر إلى خارج البلاد. وما دفعهن إلى الاستجابة هو تهديد واحد من الرجلين المتهمين إحداهن بنشر صورها التي حصل عليها من خلال حسابها على “انستغرام”. وقد وجدت الشرطة بطاقات تعريف رسمية مزورة وعليها صور الفتيات لدى اعتقالها المتهمين. 

 

اختراق الحسابات للإيقاع بالضحايا

وكانت القوات الأمنية قد تمكنت قبل نحو عامين، من اعتقال شخص كان يخترق حساب “تلغرام” في هواتف الضحايا المستهدفين، ليسرق الصور الموجودة فيه ويعمد إلى ابتزازهم للحصول على مبالغ مالية كبيرة في مقابل عدم نشر الصور، ما تسبب في مشكلات كبيرة لدى مئات العائلات.

 

الأهل يراقبون بناتهم

ويحرص الأهل عادة على التعرّف إلى صديقات بناتهم والأماكن التي يقصدنها، بل انهم يرافقونهن أحياناً للاطمئنان عليهن. لكن الخطر قد يكون موجوداً داخل البيت نفسه، وهو ما يؤكده كثيرون، منهم بهجت حسين، الذي يقول انه اضطر إلى “تعلم كل صغيرة وكبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي” ليحمي عائلته.

 

************* 

 

«المختصة الفلاحية» تلتقي مدير ري 

«ما بين النهرين» 

 

بغداد – مهدي العيسى 

 

زار وفد من المختصة الفلاحية التعاونية للحزب الشيوعي العراقي في بغداد، أخيرا، مدير ري «ما بين النهرين» في مكتبه الرسمي، وذلك لمناقشة بعض مشكلات الفلاحين وهمومهم المتعلقة بري الأراضي الزراعية.

ورحب مدير الري المهندس طه عباس خضير، بالوفد الذي ضم مسؤول المختصة سعدون كاظم غاوي ورفيقه فيصل غازي عبيد، مثمنا اهتمام المختصة في متابعة شؤون الفلاحين وتبني مطالبهم.

وخلال اللقاء، أشار الطرفان إلى أهمية تطهير المبزل الممتد من «علوة الفواكه والخضر»، حتى منطقة الرضوانية، والذي كان يطلق عليه في السابق «المصب العام»، بسبب احتوائه على الكثير من الترسبات والأدغال والقصب.

وفي هذا الشأن، وجه مدير الري، إدارة «شعبة ري الرشيد»، ممثلة بمديرها المهندس صدام جودة عبعوب، بإيلاء الاهتمام الكبير لعملية التطهير، واعتبارها من القضايا المستعجلة.

 

************* 

 

أهالي قضاء الخضر: 

اردموا البرك الآسنة ووفروا الخدمات!

 

السماوة – وكالات 

شكا مواطنون في عدد من الأحياء السكنية في قضاء الخضر جنوبي محافظة المثنى، تردي واقعهم الخدمي، بدءا من النظافة والمجاري وانتهاء بالطرق وبقية البنى التحتية. 

وقال عدد من المواطنين في حديث صحفي، أن مناطقهم التي تضم مئات الدور السكنية، تعاني منذ تأسيسها سوء الخدمات، مشيرين إلى أن النفايات تتراكم في الأزقة والساحات العامة، وأن هناك بركا وبزولا آسنة تحاذي منازلهم، يزداد تسرب مياهها خلال موسم الأمطار. 

وأعرب المواطنون عن استيائهم لـ “عدم قيام مديرية بلدية القضاء باداء واجبها تجاه مناطقهم، بالرغم من وقوع الكثير منها داخل حدود البلدية”.

 

********** 

 

مطالبات 

بتنظيم سوق 

“حي الوفاء” النجفي

 

النجف – رياض الحمداني

 

طالب لفيف من أهالي حي الوفاء في محافظة النجف، الجهات الحكومية المعنية، بإدامة سوق الخضار في الحي، وتنظيمه أسوة بأسواق الأحياء المجاورة، موضحين في حديث لـ “طريق الشعب”، أن السوق يفتقر للمحال والأكشاك، ولا توجد فيه مظلات تقي المتبضعين من حرارة الشمس في الصيف، والمطر في الشتاء، فيما يفترش الباعة المتجولون الأرض عارضين بضاعتهم.

ولفت الأهالي إلى أن السوق لا يفتح طيلة النهار مثلما في بقية الأسواق، إنما خلال فترة العصر فقط، لذلك ان المتبضعين لا يرتادونه سوى عند الحاجات الضرورية، معتمدين على غيره من الأسواق.

 

************** 

 

قضاء الكحلاء

مدرسة تنتظر إكمال بنائها 

منذ عشرة أعوام!

 

العمارة – وكالات 

شكا سكان منطقة الطليعة في قضاء الكحلاء شرقي محافظة ميسان، عدم إكمال بناء “المدرسة الابتدائية الوحيدة” في المنطقة، التي توقف العمل في مشروعها قبل نحو عشرة أعوام، مشيرين إلى أن منطقتهم تخلو من المدارس، سوى واحدة طينية لا تتمتع بأدنى شروط الدراسة. 

وأوضح عدد من السكان في حديث صحفي، أن الأهالي توسموا خيرا بانطلاق مشروع بناء المدرسة، لكن توقف العمل في المشروع منذ العام 2010، بدد آمالهم وأبنائهم التلاميذ، لافتين إلى أن المبنى تحول اليوم إلى مكان خرب مقبل على الاندثار. 

وطالب سكان المنطقة، الحكومة المحلية في ميسان بمحاسبة المقصرين واستئناف العمل في المشروع، من أجل إنهاء معاناة أبنائهم الذين حرم بعضهم من التعليم واضطر البعض الآخر إلى الدراسة في مدارس المناطق الأخرى البعيدة.

 

********** 

 

“الصدرية” تُصبح وتُمسي 

على النفايات!

 

بغداد – ماجد مصطفى

 

يشكو سكان منطقة الصدرية في بغداد، تراكم النفايات في المنطقة “بشكل لافت للنظر”، خاصة قرب السوق الرئيس وفي الشوارع والساحات العامة، مشيرين إلى أن هذه المشكلة أصبحت ظاهرة خطيرة مزمنة ذات أضرار بيئية وصحية.  وأعرب الكثيرون من أهالي المنطقة وأصحاب المحال التجارية فيها، عن استيائهم من الروائح الكريهة المتصاعدة من النفايات، فضلا عن الحيوانات السائبة والقوارض التي تعبث بالأزبال.

الأهالي يناشدون دائرة البلدية المعنية، رفع النفايات بانتظام، وتوفير أعداد كافية من حاويات جمع الأنقاض، خاصة قرب المحال التجارية.

 

************* 

 

مثل “الكمائن”!

تخسفات وحفر عميقة في مدينة الصدر

بغداد - قاسم عناد

 

يعاني أبناء مدينة الثورة (الصدر)، تهالك شوارع مدينتهم بشكل كبير، حد انها أصبحت مليئة بالتخسفات والحفر العميقة الخطيرة، التي تبدو كـ “الكمائن” – بحسب البعض من المواطنين. 

هذه المشكلة تمثل صورة من صور التدهور الخدمي المزمن في هذه المدينة الكادحة، التي طالما أصبح أبناؤها ضحايا لحماقات الحكام الفاسدين، حيث البطالة والفقر وشظف العيش. 

اثناء الليل، تصبح هذه الحفر مصائد للعجلات التي لم تخبر الطريق من قبل، خاصة أن الاضاءة منعدمة في العديد من شوارع المدينة. ويعمد بعض أصحاب المحال التجارية والدور السكنية، إلى وضع مجسمات قرب تلك الحفر للتحذير منها، مثل إطارات السيارات وجذوع الأشجار وغيرها، بعد أن عجزوا وهم ينتظرون تدخل الدوائر المعنية، التي بدت عاجزة مهملة لا تقوى سوى على إنجاز بعض الأعمال الترقيعية المضحكة المخزية! 

 شاءت الصدف أن أكون أحد ضحايا تلك الكمائن، أنا وابنتي وأطفالها. فقد كنت أقود السيارة قرب “مركز شرطة الحبيبية”، وكان الشارع مظلما، فتفاجأت بهزة شديدة أفقدتني التوازن، حيث علقت الإطارات بشجرة مقطوعة، كانت موضوعة عند الحفرة كإشارة تحذير! 

وبعد أن تجاوزت الكمين الأول، صرت أسير ببطء خشية الوقوع في كمين آخر، وبالفعل وجدت في الشارع ذاته، إطارات قديمة مرصوفة على الأرض، ومن حسن حظي كان ضوء بعض المحال القريبة يشرف على المنطقة، فتبين أن هذه الإطارات عبارة عن علامة تحذير من حفرة أخرى!

كل ذلك يشير إلى عدم مبالاة الجهات الحكومية المعنية، بحياة المواطنين.. كم من النواب والمسؤولين الحكوميين من سكان المدينة، يمرون يوميا في شوارعها، ويشاهدون بأم أعينهم واقعها المأساوي البائس، من دون أن يحركوا ساكنا!؟ 

أهالي المدينة يطالبون اليوم، وبإلحاح، معالجة مشكلاتهم الخدمية، خاصة الشوارع المتدهورة التي تشهد زحاما لا يطاق طيلة ساعات اليوم، وتخلو من العلامات المرورية، ويتعرض فيها رجال المرور إلى الاعتداءات والكثير من المتاعب!

 

************** 

 

طلبة جامعة البصرة يطالبون بخفض أجور الدراسة

 

البصرة – وكالات 

طالب عدد من طلبة الكليات المسائية في جامعة البصرة، وزير التعليم العالي ورئاسة الجامعة، بتخفيض الاجور الدراسية بنسبة 35 في المائة بدلاً من 25 في المائة، بما يتناسب مع الوضع المعيشي الصعب الذي يمر به المواطنون اليوم، جراء الأزمات الاقتصادية.  وقال طلبة كلية الهندسة المسائية في الجامعة، عبر مناشدة نشرتها أخيرا إذاعة “المربد”، أن خفض الأجور بنسبة 25 في المائة، يعني أن مبلغ القسط سيكون مليونين ونصف المليون دينار، وهم حتى هذا المبلغ غير قادرين على توفيره، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وما تبعها من أزمة في تسليم الرواتب، مبينين أن بقاء المبلغ على ما هو عليه، سيشكل ضغطا كبيرا على عائلاتهم.

وفيما تمنى الطلبة من وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة الاستجابة إلى مطلبهم، توعدوا عبر مناشدتهم، بالتصعيد في حال لم يتم ذلك.

 

************** 

 

في الكوت 

مواطنون يشكون تزاحم مركبات مراجعي الدوائر قرب منازلهم

 

الكوت - وكالات

شكا عدد من المواطنين في مدينة الكوت، من الساكنين ضمن مناطق تقع فيها دوائر حكومية، مشكلة تزاحم سيارات المراجعين والموظفين في شوارعهم، ورصفها قرب منازلهم خلال فترات الدوام الرسمي، داعين في حديث صحفي، إلى أهمية التخطيط لإنشاء مجمع مخصص لضم جميع الدوائر الحكومية، في مكان بعيد نسبيا عن مركز المدينة.  وطالب المواطنون بوضع حل عاجل لهذه المشكلة، وإن بشكل مؤقت، كأن يتم إنشاء مواقف نظامية للسيارات. 

فيما انتقد آخرون، بناء وافتتاح مباني حكومية جديدة في مركز المدينة، سيما منطقتا الهورة والحيدرية، اللتان تقع فيهما معظم الدوائر الحكومية، كالبلدية والتربية، ما يشكل زحاما خانقا للمركبات والمراجعين طيلة النهار.

 

************* 

 

عائلة بصرية تحتمي من “رصاص النزاعات”

 بدرع حديدي!

 

البصرة – وكالات 

اضطرت عائلة في محافظة البصرة، إلى وضع درع حديدي على الشباك العلوي في منزلها، قرب باب السطح، حفاظا على حياة أفرادها من تراشق الرصاص، الذي تشهده منطقتهم المعروفة بكثرة النزاعات المسلحة.

وقال أحد أفراد العائلة في حديث صحفي، إن عائلته رأت ان هذه الطريقة قد تحقق لهم بعض الأمان من الرصاص “الذي يهطل كالمطر بين حين وآخر عندما تشتد النزاعات”، مضيفا أن الرصاص خلال أحد النزاعات، تسبب في احتراق الطابق الثاني من منزلهم، ما كبدّهم خسائر مادية.

 

************ 

 

مواساة

 

مواساة

 

 

المناضل شيخ رسول وداعاَ

ببالغ الحزن والأسى تلقينا اليوم خبر وفاة رفيقنا النصير المعروف شيخ رسول البرزنجي في مدينة السليمانية. تتقدم اللجنة التنفيذية لرابطة الانصار الشيوعيين العراقيين بالتعازي القلبية لعائلة الفقيد متمنين ان يكون اخر الاحزان. وللراحل شيخ رسول المجد والذكر الطيب دوماَ ولروحه السلام الابدي. ولعائلته وجميع رفاقه الصبر والسلوان. 

*تعزي محلية المثنى للحزب الشيوعي العراقي الرفيق علي خالد منعم بوفاة والده للفقيد الذكر الطيب ولعائلته الصبر والسلوان.

 

*********** 

 

ص 6

 

أي سياسة خارجية ستنتهجها إدارة جو بايدن؟

 

د. ماهر الشريف

 

لم تكن السياسة الخارجية من الموضوعات التي استأثرت باهتمام المرشحين للرئاسة الأميركية خلال حملتيهما الانتخابيتين، ولم تشغل، بحسب بعض التقديرات، سوى 15 % من زمن النقاشات التي دارت بين المرشحين الديمقراطيين الذين تقدموا لمنافسة دونالد ترامب على الرئاسة، خصوصاً في ظل الانتشار الواسع لجائحة كوفيد 19 وما سببته من أزمة اقتصادية واجتماعية. ويتفق المحللون على أن تركيز إدارة جو بايدن القادمة سيكون، في المقام الأول، على التحديات الداخلية التي يواجهها المجتمع الأميركي.

 

 

أهم التحديات الداخلية

حدد الصحافيان ماريا ادرسكو وفيليب باكيه أهم التحديات الداخلية التي ستواجهها إدارة بايدن في الصحة، والاقتصاد، والتمييز العنصري، والهجرة، وبعض القضايا المجتمعية الأخرى.

فقد وضعت جائحة  كوفيد 19 الصحة في مقدمة اهتمامات الناخبين الأميركيين، خصوصاً وأن التمتع بالضمان الصحي في الولايات المتحدة الأميركية مرتبط، ارتباطاً وثيقاً، بالتشغيل، الذي تراجعت معدلاته بصورة كبيرة  جراء الإجراءات التي اتخذت لوقف انتشار هذه الجائحة. وكان دونالد ترامب قد قرر، بعد أن أخفق في  إلغاء قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية الذي أقرته إدارة باراك أوباما، في سنة 2010، بغية دمقرطة الاستفادة من العناية الصحية وعُرف باسم “أوباما كير”، إفراغ هذا القانون من جوهره، وطرحه على المحكمة العليا التي كان من المفترض أن تبت فيه في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وسيسعى جو بايدن إلى  تكريس هذا الإصلاح وتوسيع نطاق الاستفادة منه، ليشمل 97 %  من الأميركيين. وهو يعتزم  كذلك محاربة تمركز  الصناعات الدوائية في بلاده، والسلطات الكبيرة التي تمتع بها لتحديد أسعار الأدوية، وذلك عبر السماح  للمواطنين بشراء أدوية من الخارج.

أما الاقتصاد، فسيمثل الميدان الأصعب بالنسبة لإدارة بايدن، في ظل معاناة البلاد من انكماش اقتصادي يقدر بنسبة 4% وتزايد أعداد العاطلين عن العمل بنسب لا سابق لها. وكان المرشح الديمقراطي وعد، خلال حملته الانتخابية، بإلغاء الإصلاح الضريبي الذي فرضه ترامب، وبزيادة الضرائب على الشركات الكبرى، وهو عبّر عن طموحه إلى قيام اقتصاد جديد، حديث وأفضل، عبر التركيز على تطوير الطاقة المستدامة، والاستثمار في الخدمات العامة والاجتماعية، وتقليص أشكال اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الأميركي.

وستركز إدارته على الحد من التمييز العنصري، الذي اتخذ أبعاداً خطيرة خلال ولاية دونالد ترامب، متسلحة بكون نائبة الرئيس كامالا هاريس من الأقليات الاتنية، إذ يعود أصل أبيها إلى جامايكا وأصل أمها إلى الهند. وهو وعد، خلال حملته الانتخابية، بتوظيف 50 مليار دولار لتمويل مشاريع لأصحاب البشرة السوداء عبر شراكات عامة- وخاصة، و 100 مليار دولار كقروض بمعدل فائدة منخفض لدعم برامج يستفيدون منها. كما وعد بتشجيع مواطنين من الأقليات الاتنية على  إقامة مؤسسات إنتاجية متوسطة وصغيرة الحجم.

وبخصوص تحدي الهجرة، وعد بايدن بالحفاظ على “قيم أميركا بوصفها أمة مهاجرين”. وبدلاً من إقامة جدران، اقترح  إقامة جسور وانتهاج سياسة هجرة “عادلة وإنسانية”. صحيح أنه أكد ضرورة إخضاع الحدود لرقابة شديدة، إلا أنه ينوي احترام حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، وستمتنع إدارته عن فصل الأطفال عن أهاليهم، وستتخذ إجراءات لضمان لم شمل العائلات. كما وعد على موقع حملته الانتخابية الناخبين المسلمين في  بلاده بإلغاء المرسوم الذي أصدره ترامب في 28 كانون الثاني/يناير 2017  بمنع  مواطني سبع دول إسلامية، هي العراق وليبيا وسورية واليمن والصومال والسودان وإيران، من دخول الولايات المتحدة.

ومن جهة أخرى، يدافع جو بايدن، المعروف بتمسكه بمعتقداته الدينية،  بحذر عن الحق في الإجهاض، وعن حقوق الأقليات الجنسية، وهو يريد فرض رقابة صارمة على حق المواطنين في اقتناء الأسلحة النارية.

 

توجهات السياسة الخارجية

يتميز جو بايدن عن دونالد ترامب بمعرفة  أفضل بالسياسة الخارجية، إذ ترأس في فترة ما لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، وذلك قبل أن ينتخب نائباً للرئيس بارك أوباما، ويشارك في رسم توجهات سياسة إدارته الخارجية، وهو ما أكسبه تجربة غنية، علماً أن مواقفه من بعض القضايا الدولية لم تكن متسقة دوماً. فهو عارض  مشاركة بلاده في حرب الخليج الأولى سنة 1991، وانتقد إدارة بيل كلينتون لترددها الأولي في استخدام القوة العسكرية لوقف المذابح  في البوسنة،  ثم عاد ودعم قرار جورج بوش الابن بغزو العراق سنة 2002، واقترح، في سنة 2006، تقسيم هذا البلد، ودعا، في سنة 2008، إلى زيادة حجم القوات الأميركية في أفغانستان، ثم تراجع عن ذلك عندما أصبح نائباً للرئيس في سنة 2009. وتسود قناعة بأن إدارته ستغيّر أساليب توجيه السياسة الخارجية، بحيث تكون هذه السياسة أكثر انفتاحاً على التعاون والحوار، وتستفيد من وسائل عدة لفرض القوة على الصعيد الدولي، مع حرصها على إعادة بناء علاقات ثقة متبادلة مع حلفائها، ولن يكون موقع تويتر قناة الاتصال السياسية المفضلة لها.

وبينما رأى حافظ الغويل، زميل معهد السياسات الخارجية في جامعة جون هوبكنز، أن عالم القطب الواحد قد أخلى مكانه  لفوضى جيوسياسية ملتبسة، تختلط فيها تعددية قطبية ونزاعات إقليمية وتدخلات قوى كبرى، ورجح أن تلجأ إدارة بايدن إلى سياسة براغماتية، معتبراً أنه سيكون  من المستحيل عليها  العودة إلى زمن كان فيه البيت الأبيض يقود النظام العالمي، كما أنه سيكون من الخطر عليها أن تنسحب من الساحة الدولية، حدد أستاذ العلوم السياسية  شارل- فيليب دافيد الموضوعات الرئيسية التي تناولها كل من جو بايدن وكامالا هاريس، خلال حملتيهما الانتخابيتين، في استعادة ثقة حلفاء الولايات المتحدة، وخصوصاً في أوروبا، وتشجيع الطرق الدبلوماسية بالترابط مع الحفاظ على القيادة الأميركية، والتركيز على قضية المناخ وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وتعزيز الدفاع عن المصالح الأميركية في مواجهة روسيا والصين، والسير على طريق المفاوضات مع إيران، وإيجاد حلول بناءة لتحديات الهجرة والتجارة الدولية.

وعليه، ستؤكد إدارته على أهمية تحالف أوروبا-الولايات المتحدة ، لكنها ستشدد على ضرورة أن يتحمل الأوروبيون مسؤولياتهم إزاء هذا التحالف، مع التعهد بتقديم الدعم لهم. وكان بايدن قد اقترح، خلال حملته الانتخابية وبغية تعزيز علاقات التحالف مع أوروبا، تنظيم “قمة للدول الديمقراطية”  لتأكيد تعلق بلاده بالصداقة ما بين ضفتي الأطلسي، والتشديد على أهمية حلف شمالي الأطلسي. ويتوقع أن تفقد الأنظمة الشعبوية في أوروبا، كما في هنغاريا وبولونيا، في عهده  دعم الولايات المتحدة الأميركية. ومن ناحية أخرى، ستسعى إدارته لتخفيض العجز في الميزان التجاري الذي تعاني منه الولايات المتحدة في علاقاتها التجاربة مع الاتحاد الأوروبي، وهو في حدود 200 مليار دولار، وخصوصاً في مجال المنتجات الزراعية. كما ستنضم من جديد إلى اتفاقية المناخ في باريس، التي شارك بايدن في وضع أسسها عندما كان نائباً للرئيس أوباما، والعودة إلى عضوية منظمة الصحة العالمية، وإلى الهيئات الدولية  التي احتقرها ترامب. 

وبحسب الصحافية غزلان كوندا، فإن إدراة بايدن، وبغض النظر عن الاختلاف في الأساليب، لن تختلف في العمق كثيراً عن إدارة ترامب في تعاملها مع الصين. صحيح أنها ستكون أقل عدائية، لكن المواجهة مع هذا البلد ستتواصل، خصوصاً في الميدان التجاري، وذلك بغية خفض العجز الذي تعانيه الولايات المتحدة في علاقاتها التجارية مع الصين، والذي يبلغ  نحو 400 مليار دولار. كما أن نقاط الخلاف بين البلدين، التي ركّزت عليها إدارة ترامب، ستظل قائمة، وخصوصاً بشأن قانون الأمن الوطني في هونغ كونغ، ومصير أقلية الأوغور في مقاطعة شينجانغ، والتوترات في بحر الصين الجنوبي، وتزايد القوة العسكرية للصين. وستحاول إدارة بايدن أن تخلق شبكة تحالفات واسعة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وأن تشارك الأوربيين في الضغط على الصين.

ويقدّر العديد من المراقبين أن إدارة بايدن ستكون، لدى انتهاجها سياستها الخارجية، محشورة بين حدين: فمن جهة، سيطالبها الجناح التقدمي في الجزب الديمقراطي (بيرني ساندرز، اليزابيت وارن، وألكسندريا  أوساسيو-كورتيز) بإحداث تغيرات كبيرة في السياسة الخارجية، ومن جهة أخرى، سيكون عليها مراعاة واقع ان”الترامبية” ليست تياراً مرشحاً للاختفاء في الحياة السياسية الأميركية، إذ هو تيار ساهم في تحويل تصورات الأميركيين والخطابات العامة، حول “تهديدات” عدة تواجهها الولايات المتحدة، بحيث سيكون أمام إدارة بايدن أن توفق ما بين المصلحة الدبلوماسية وضغوطات قطاعات من الرأي العام الأميركي. ولن تكون مهمتها سهلة، إذ هي قد تحقق  نجاحاً في قضايا مثل المناخ  وحقوق الإنسان، لكن سيكون من الصعب عليها ذلك في  تعاملها مع قضايا أخرى، مثل الصين والتجارة الخارجية.

 

وماذا عن قضايا الشرق الأوسط؟

يشير حافظ الغويل إلى أن الفقرات السبع التي خصصت للشرق الأوسط في برنامج الديمقراطيين لسنة 2020 تبيّن بوضوح أن إدارة بايدن لن تتخلى عن هذه المنطقة، حتى وإن لن تقبع في مركز اهتماماتها. فهي قد تقلب صفحة التدخلات العسكرية الأميركية الواسعة فيها، وتركّز على دبلوماسية براغماتية وغير إيديولوجية، يمكنها أن تمثّل قوة ردع بفضل القوة الاقتصادية والقوة الناعمة والعلاقات المتوازنة. كما يقدّر أن إدارته ستواصل تقليص حجم قواتها في العراق وأفغانستان، مع الإبقاء على “قوة أميركية” محدودة  في أفغانسان كإجراء “احترازي ضد الإرهاب”، وهو ما أثار انتقادات وجهها له ممثلو الجناح “التقدمي” في الحزب الديمقراطي. وإذ ستتجنب إدارته  أن تعيد التزامها في سورية، خصوصاً بعد أن كان قد انتقد قرار ترامب بإعادة تموضع القوات الأميركية في هذا البلد، الذي سبق غزو تركيا للشمال الشرقي السوري، فهي ستحث حلفائها المنغمسين في الحرب في ليبيا واليمن على البحث عن تسويات سياسية. ومع أن المرشح بايدن كان قد اتخذ مواقف نقدية، إزاء كلٍ من مصر والسعودية، بشأن انتهاك الحريات في مصر والتدخل السعودي في اليمن والمسؤولية عن مقتل جمال خاشقجي، وأشار إلى أنه قد يوقف توريد السلاح إلى هذين البلدين، إلا أن إدارته  قد تستمر في مساعي إقامة تحالف يتشكّل من دول الخليج، وإسرائيل ومصر يتحمّل بالتدريج مسؤوليات الالتزامات العسكرية التي كانت ملقاة على عاتق واشنطن، مع إرسال “مستشارين” أميركيين يعملون في الظل، والاعتماد على مهمات القوات  الخاصة في مواجهة “الإرهابيين”. وعليه، فهي ستنظر إلى الاتفاق الموقع بين إسرائيل ودولة الإمارات بوصفه  لبنة من لبنات استراتيجية بعيدة مدى ترمي إلى أن تجعل من إيران –وليس من إسرائيل- نقطة التقاء مصالح متفرقة في المنطقة. وستعمل، بالتالي، على تشجيع دول عربية وإسلامية أخرى على أن تحذو حذو مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان في تطبيع علاقتها مع إسرائيل.

 

الموقف من إيران

يعتقد الصحافي جاك بنيلوش أن الإسرائيليين يخشون من انفتاح إدارة بايدن على الإيرانيين، على أن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يميلون إلى الحوار معها، ويريدون إحياء الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إدارة أوباما، إذ يشير برنامج المرشح بايدن بصورة واضحة إلى أنه “إذا عادت طهران إلى احترام الاتفاق، فإن الرئيس بايدن سيعود إلى الالتزام به، مع انتهاج دبلوماسية حازمة ودعم حلفاء الولايات المتحدة بغية تعزيز الاتفاق وتوسيعه، ورفض نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة”. بيد أن بيير بهلوي، مدير قسم الأمن والعلاقات الدولية في معهد القوات الكندية في تورنتو، يعتبر أنه من غير المحتمل كثيراً أن تتغيّر العلاقات الإيرانية-الأميركية بعمق في عهد جو بايدن. صحيح أن هذا الأخير تعهد بانتهاج مقاربة أكثر اعتدالاً إزاء إيران، لكن من دون أن يشكك في البديهيات الأساسية للسياسة التي انتهجها أسلافه في البيت الأبيض. فمنذ الثورة الإسلامية والطلاق الذي حصل بين الدولتين في سنة 1979، تسعى واشنطن إلى إلزام الجمهورية الإسلامية بانتهاج سياسة معينة، عبر”المفاوضات وبعض المساومة الاقتصادية والدبلوماسية”، من جهة، والعمل “على الحد من قدرة النظام الإيراني على الإضرار على الساحتين الإقليمية والقارية”، من جهة ثانية.

وعلى الرغم من الاختلاف في الأساليب، فإن جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة مارست مع إيران سياسة “التصلب –الانفتاح” و”التفاوض-التحييد”. ويتابع بهلوي أن بايدن  ينوي مراجعة الوسائل التي استخدمت خلال السنوات الأربع الفائتة في التعامل مع إيران، إلا أنه يظل متمسكاً بالأهداف المنشودة، أي منع إيران من امتلاك سلاح نووي وجلب زعمائها إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً من اتفاق سنة 2015، بما يضمن “توقف النشاطات المهددة للاستقرار التي يقوم بها الحرس الثوري في المنطقة ووقف برناج الصواريخ البالستية الإيرانية”. لكنه يعتقد أن من المستبعد أن تقبل إيران هذه الشروط الجديدة، وهي ستستفيد من تقاربها مع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون، وخصوصاً مع روسيا والصين، اللتين تسعيان إلى إقامة عالم متعدد الأقطاب، كما ستستفيد من الشراكة الاستراتيجية الجديدة الممتدة لفترة 25 سنة التي تناقش مضمونها حالياً مع الصين.

 

إدارة ترامب والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي

نتيجة شعور الأوساط اليمينية الحاكمة في إسرائيل بالخيبة لخسارة  رئيس أميركي تساوق تماماً مع سياساتها الاحتلالية والاستيطانية، وشعورها باللايقين بخصوص السياسة التي ستنتهجها الإدارة الجديدة، وهو ما تجلى في تأخر بنيامين نتنياهو بضعة أيام عن تهنئة جو بايدن بفوزه، سعت هدار ستون، رئيسة فرع الحزب الديمقراطي الأميركي في إسرائيل، إلى طمأنة هذه الأوساط، فأكدت أن الرئيس الجديد هو صديق حقيقي لإسرائيل وصهيوني منذ نشأته، إذ أشارت في تصريح لإحدى قنوات التلفزة الإسرائيلية إلى أنه”لا داع للقلق في حال فوز بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية، فهو صديق حقيقي لإسرائيل وصهيوني منذ نشاته، وهو نشأ مع مقولة فحواها أنه إذا لم تكن إسرائيل موجودة لكان يجب إيجادها”. وأضافت أن بايدن كان من المرحبين بالاتفاقات الموقعة بين إسرائيل ودول الخليج، ومن المتوقع، تالياً، أن يستمر في الخط السياسي نفسه الذي بدأه الرئيس دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط”.

وكان جو بايدن قد قال فعلاً، كما تنقل عنه الصحافية ندى إيليا، في خطاب ألقاه في مؤتمر حاخامات في سنة 2011: :”أنا صهيوني، إذ إنني تعلمت أنه ليس من الضروري أن أكون يهودياً حتى أكون صهيونياً”، وهو “يفتخر بأنه ساهم في توفير مساعدة للدفاع عن إسرائيل لا مثيل بها بمبلع عشرة مليارات دولار تمتد على مدى عشر سنوات تم الاتفاق عليها في سنة 2016”. ثم أعلن لصحيفة وول ستريت جورنال في نهاية سنة 2019 “أن فكرة ربط المساعدة العسكرية لإسرائيل بتغيير سياسة معينة تمثل فضيحة”، وذلك في محاولة للتمايز عن زملائه في الحزب الديمقراطي بيرني ساندرز واليزابيت وارن.

وبحسب الصحافية بولين كروم، فإن مواقف بايدن المؤيدة لإسرائيل تثير حفيظة عدد من ممثلي الحزب الديمقراطي، ومنهم رشيدة طليب عضو مجلس النواب من أصول فلسطينية عن ولاية ميشيغان، التي اتخذت مواقف متحفظة إزاء ترشحه للرئاسة، ورفضت التوقيع على رسالة “مليون صوت إسلامي” لتشجيع المسلمين على الاقتراع والتصويت له، في خطوة للضغط عليه كي يتحذ مواقف أكثر موضوعية إزاء الملف الفلسطيني. وهي في موقفها هذا تتقاطع مع بيرني ساندرز الذي يؤكد ضرورة عدم تجاهل عذابات الفلسطينيين، خصوصاً بعد أن صرّح بايدن في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بأنه يعارض “سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية، لكن فكرة وقف المساعدة العسكرية لحليف، هو الحليف الحقيقي الوحيد لنا في المنطقة، هي فكرة سخيفة”.   

بيد أن محللين آخرين يعتقدون أن بايدن هو نصير كبير لإسرائيل ولكن ليس بلا أي ثمن. وهم مع ترجيحهم عدم تراجعه عن خطوات اتخذتها إدارة ترامب بشأن الاعتراف الأميركي بضم إسرائيل هضبة الجولان السورية المحتلة، ونقل السفارة الأميركية من تل أبب إلى القدس، يتوقفون عند علاقة بنيامين نتنياهو المتوترة جداً مع إدارة اوباما، التي انزعجت كثيراً من قيام نتنياهو بتجاوزها عندما توجّه مباشرة إلى الكونغرس في سنة 2015 ووصف الاتفاق مع إيران بأنه “اتفاق سيء جدا”، وعند تحفظه على مشروع الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وتمسكه بحل “دولتين لشعبين”، ويستشهدون، في هذا السياق، بالتصريح الذي أدلى به، في آب/أغسطس الفائت، أمام مجلس العلاقات الخارجية، وورد فيه: “أعتقد أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد، والحفاظ على هويتها بوصفها دولة يهودية وديمقراطية، كما هو الطريق الوحيد لضمان كرامة الفلسطينيين ومصلحتهم المشروعة في تقرير المصير الوطني، وهو شرط ضروري للاستفادة من الانفتاح القائم لتعاون أكبر بين إسرائيل وجيرانها العرب”. وتابع قائلاً: “لا يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين والمسؤولين الفلسطينيين مستعدون للمخاطرة السياسية الضرورية للتقدم على طريق المفاوضات المباشرة”، وأنه عندما سيصبح رئيساً “سيكون هدفه دعوة الطرفين إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإبقاء إمكانية حل الدولتين”. ويرجح هؤلاء المحللون أن تقوم إدارته باستئناف تقديم المساعدات للفلسطينيين، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وكذلك إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

 

وماذا بعد؟

يتضح مما تقدم أن إدارة جو بايدن القادمة قد تقدم بعض الإغراءات للفلسطينيين من خلال الرجوع عن خطوات “انتقامية” كانت قد اتخذتها إدارة ترامب إزاءهم، لكنها لن تتراجع عن الخطوات “التصفوية” التي اتخذتها تلك الإدارة، مثل الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، وتكريس الاعتراف بضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى إسرائيل. وهي، مع تبنيها “حل الدولتين”، قد تبذل ضغوطات كبيرة على الفلسطينيين قد تعيدهم إلى المفاوضات الثنائية المباشرة مع إسرائيل، بعيداً عن المؤتمر الدولي الذي طالبت به القيادة الفلسطينية، بحيث تعود إلى انتهاج  نهج “إدارة الأزمة” وليس حلها الذي انتهجته الإدارات الأميركية المتعاقبة!  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع حزب الشعب الفلسطيني – 10 تشرين الثاني 2020

 

******** 

 

ص7

“المواطن الرقمي” وقانون جرائم المعلوماتية!

مزهر بن مدلول

 

تكتسب ظاهرة الانترنيت، ومحركات البحث، وشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، يوتيوب، سكايب، واتس اب، إنستغرام.. وغيرها من التطبيقات) قدرا عظيما من الاهمية، لما قامت وتقوم به من دور أساسي في تلاقي وتفاعل القيم والثقافات المختلفة والمتنوعة بين البشر، وذلك من خلال قدرتها الفائقة وبوقت قياسي على تعميم وعولمة سيل من المعلومات والصور المباشرة العابرة للأمكنة والتي تعكس ما يجري في العالم من أحداث وأخبار وتطورات سريعة.

فالشبكة العنكبوتية باعتبارها نافذة مفتوحة على كوكب الارض، قلّصت حدوده الجغرافية، وجعلت منه كوكبا صغيرا مرئيا ومكشوفا، وباستطاعة ايّ كان أن يلجه، بما في ذلك الذين يقيمون في أطراف القرى المعزولة والنائية. وبسبب سهولة الوصول الى هذه الشبكة وفروعها المتعددة، ولأسباب حياتية جوهرية، ينخرط في استخدامها يوميا أكثر من نصف سكان الأرض.

هذه الطفرة الالكترونية الهائلة التي نقلت البشرية من عصر قديم إلى عصر الثورة المعلوماتية والانفجار المعرفي حيث المعلومات تتدفق بغزارة لا مثيل لها، اضطرت المجتمعات المتقدمة إلى أن تتسابق في مواجهتها وتتعامل معها وتستثمرها لمصلحتها، ليس فقط لأنها مصدر من مصادر انتاج القيم وتشكيل الوعي ووسيلة من وسائل التعلم والتحول، بل ايضا لأنها حولت الفضاء الافتراضي الى سوق اقتصادي وتجاري استثمرته الكثير من الدول بشكل سليم من أجل التنمية وزيادة الانتاج والقضاء على البطالة.

ما دوّنته أعلاه، يُعتبر من المسلمات التي بات يعرفها ويجب أن يعرفها كل من له عينين مفتوحتين، فلم يعد أحد بحاجة إلى أن يبحر في التفاصيل لكي يعي حقيقة، انّ تكنولوجيا الانترنيت والتواصل الاجتماعي، حولت الانسان من متلق للمعلومة الى مشارك ومؤثر في صناعتها وتوزيعها ونشرها. لكنّ الذي يصعب استيعابه، هو انّ بعض الجهات المسؤولة، وخاصة في البلدان التي تعاني من الاستبداد والتسلط، ومازالت تنشد الاستقرار والانتقال الى الأفضل، ومنها بلدنا العراق، تعتقد بأنها قادرة أن تصد وتوقف بأساليبها البدائية التقليدية عاصفة التقدم العلمي والتقني التي حطمت الأبواب والشبابيك واقتحمت البيوت!

لا شك في انّ هؤلاء الذين مازالوا يتمسكون بوحدانية الخطاب وجهويته، ويشككون، بل يستنكرون التعددية في مصادر المعلومات وتنوعها، لم يسمعوا بعد، أنّ مصطلح «المواطن الرقمي»، ومنذ مدة ليست بالقصيرة أصبح متداولا بكثرة، وانّ جيلا جديدا من العراقيين نشأ في عصر التكنولوجيا المتقدّمة والروبوتات والذكاء الاصطناعي، ويستخدم الإنترنيت بشكل منتظم وفعّال، ويدرك تماما زيف الإعلام الرسمي في نقل الحقيقة، ولن يقبل أن يسير في مؤخرة العالم.

هذا المواطن هو ذاته، الذي وقف في ساحة التحرير والحبوبي وغيرهما، رافعا قبضته القوية التي أرعبت القوى المحافظة والمتجبرة وأصحاب المصالح والامتيازات الذين يخافون رياح التغيير ويرفضون الابداع والتجديد. وفي محاولة بائسة لإسكات صوته والتصدي لغضبه، قامت حكومتهم السابقة التي كان يترأسها المستقيل عادل عبد المهدي بحجب الشبكة الانترنيتية عنه، فكلفت تلك الحماقة اقتصاد الدولة وخلال عشرة ايام فقط ما يقرب من نصف مليار دولار.

لقد بذلت القوى المتخلفة، ومن خلال قنواتها وخطابها الموجه، الكثير من الجهد في سبيل اقناع الشباب، بأنّ الانترنيت ما هو الاّ نوع من الكماليات الاضافية وليس من أساسيات الحياة اليومية الجوهرية التي لا غنى عنها، لكنهم بعد القفزة الكبيرة التي حققتها التكنلوجيا الحديثة وسيطرتها على حياة الناس العملية والعلمية، راحوا يبحثون عن أساليب أخرى، خاصة بعد ان تبين لهم، بأنّ المواطن العراقي أصبح يدرك حقه في أن يكون مؤثرا في رسم السياسة العامة وصناعة القرارات المهمة التي تتعلق بمصيره ومصير بلده، ويؤمن بقدرته على تغيير وتعديل القوانين التي تغبن حقه في التعبير عن افكاره وهويته، كما وأدرك ايضا، انّ وسائل التواصل الاجتماعي هي آليته ووسيلته الاقوى في الرقابة والتعبئة والضغط والتنديد وكشف الفاسدين والتأشير على ملفات فسادهم وسرقاتهم وتعرية جميع اكاذيبهم وابتذالاتهم!؟

ذلك هو بالضبط ما أربك حسابات أصحاب النفوذ والثروة، وبدلا من دراسة تجارب البلدان التي استوعبت وتأكدت مبكرا، بأنّ قدرتها وقدرة ايّ دولة على تحقيق التنمية المستدامة، ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى استعدادها لاستخدام تكنلوجيا المعلومات بطريقة ذكية ومسؤولة، لجأوا الى إعادة العمل بمشروع القانون القديم الذي واجه انتقادات كثيرة من قبل منظمات المجتمع المدني العراقية والجهات الرقابية المحلية والدولية معتبرة اياه بأنه يعبر عن حالة مأساوية لواقع الحريات في العراق.

إن مشروع قانون جرائم المعلوماتية المطروح امام البرلمان للتصويت عليه واقراره بمواده وفقراته التي يثير غموضها الشك والخوف، ما هو الاّ مظلة قانونية للقمع وتكميم الافواه، وتهديد جدي لحرية التعبير، كما وإنه يعيق العمل الصحفي ويمنع الناشطين والاعلاميين والمدونين من الوصول الى المعلومة التي يحتاجها المواطن العراقي. ولهذه الاسباب رفضته جماهير شعبنا واستنكرته منظماته الحقوقية والانسانية التي اعتبرته مشروعا سيئا ويتعارض مع حقوق الانسان الدستورية، كما وصفته المنظمة الانسانية الدولية “هيومن رايتس ووتش”، بأنه بمثابة أداة السلطة لقمع المعارضين. وقالت المنظمة إن “مشروع قانون جرائم تقنية المعلومات يتعارض مع القانون الدولي، ويمكن استخدامه لخنق حرية التعبير، التي تتعرض بالفعل للهجوم في العراق.”

************* 

بيع وإيجار

أموال الدولة 

 

 

 

حاكم الربيعي

 

عندما يقال أموال الدولة، ما الذي يعنيه؟ ذلك بالتأكيد أن الأموال المعنية هي ملك الشعب وهو المعني بها وبالتالي يختار وعن طريق الانتخاب النزية، نعم النزيه، الحكومة التي يفترض أن تكون أمينة على هذا المال العام ، وفي حالة البيع او الإيجار تكون في المقدمة مصلحة الشعب، وبالتالي، ليس من السهل التفريط بهذه المصلحة لأنها عامة وليست خاصة، وعلى المسؤول تجاوز المصالح الذاتية لجهة معينة سواء كانوا أفرادا أو مجموعة سياسية أو حزبية أو أي نوع من هذه المسميات ليتم الخروج على القانون لمصالح هذا البعض أو ذاك ،وقد نص قانون بيع وإيجار أموال الدولة رقم 21 لسنة 2013 المعدل في المادة 12 – لا يجوز بيع أو إيجار أموال الدولة ما لم يقرر الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة  أو من يخوله أي منهما ، بيعها او إيجارها عند تحقق المصلحة العامة. وفي المادة 3 - حدد القانون اجراءات البيع عن طريق المزايدة العلنية، وفي الفقرة ثالثا من المادة 12 يعلن عن بيع المال غير المنقول أو إيجاره بالمزايدة العلنية في صحيفة يومية تصدر في بغداد، وتوضع نسخة من الإعلان في الدائرة التي تقوم ببيعه أو إيجاره ونسخة اخرى في مدخل الدائرة، وتستمر المزايدة لمدة 30 يوما وللجنة أن تقوم بنشر الإعلان واذاعته بوسائل اخرى، وقد خول وزير المالية وهو المؤتمن على أموال الشعب مدير عقارات الدولة صلاحية البيع او الإيجار لأموال الدولة ولا إشكال في ذلك، لأن النص القانوني يقول الوزير أو من يخوله، وها الرجل قد خول من يريد تخويله الصلاحية، لكن مما تضمنه التخويل ما جاء في الفقرة 9 من أمر التخويل الوزاري المرقم 21786 في 5/11/ 2020 صلاحية البيع دون النشر في الصحيفة أو مزايدة علنية وبالقيمة التقديرية، كما خوله صلاحية المصادقة على التقدير، والأسئلة التي طرحها ويطرحها ومن مختلف فئات الشعب مواطنون على السيد وزير المالية، القانون اشترط تحقق المصلحة العامة، فما هي المصلحة العامة في بيع أموال الدولة ما لم يكن هناك سبب لذلك، كأن تكون الأموال المنقولة مستهلكات وغير صالحة للاستعمال يمكن أن تباع الى القطاع الخاص، وهو القادر على اعادتها الى الحالة التي تجعلها تعمل، والسؤال الآخر عن الموضوع الأكثر غرابة، ماهي مصلحة الدولة أن تبيع دون مزايدة علنية ، أليست المزايدة تجلب مزايدين عديدين وبالتالي حدوث منافسة تزيد قيمة المباع وبالتالي مزيد من الدخل للدولة؟ والأمر الآخر ماهي مصلحة الدولة أن تباع بالقيمة التقديرية؟ في الحقيقة عزا البعض ذلك الى ضغوطات مورست بهذا الاتجاه من قبل بعض المتنفذين وبخصوص أموال تشكل صفقة ذات شان. إن المشرع عندما أوجب وضع نسخة من الاعلان في لوحة الاعلانات يهدف من ذلك اطلاع أكبر عدد من الناس على اعلان البيع وبالتالي زيادة المشاركة في المزايدة، وعندما جعل فترة التقديم على المزايدة 30 يوما كي يتيح الفرصة لأكبر عدد من المزايدين، والامر الاخر لماذا التخويل لمدير عام عقارات الدولة والأموال المعنية بالبيع أو الإيجار هي أموال منقولة، هل ذلك تمهيدا لتخويله بيع عقارات الدولة بذات الطريقة؟ نأمل مراجعة الفقرة التاسعة من امر التخويل، وإعادة النظر فيها.

********** 

مشروع قانون جرائم المعلوماتية

ايمان الهاشمي

 

يعتبر قانون جرائم المعلوماتية مهما إذا كان يكافح الطائفية والفساد المالي والاداري وجريمة التطفل على الآخرين ويحمي حرية التعبير وإبداء الرأي وحرية الصحافة والتظاهر السلمي التي أوصى بها دستورنا “أن تنظم بقانون” كما ورد بالمادة 38 التي تنص على أن : “تكفل الدولة وبما لايخل بالنظام العام والآداب : أولاً: حرية التعبير عن الرأي  بكل الوسائل .ثانياً : حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر .ثالثاً : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون” ، ومن البداية فأن تشريع قانون حرية التعبير وحق التظاهر السلمي ضروريا وقبل تشريع قانون جرائم المعلوماتية الذي يستحق التقويم التالي :

1. المادة 1 /أولا الحاسوب ، ويضاف اليها “الكاميرا الألكترونية وأجهزة التنصت” لانها تعتبر من الوسائل التي تنقل المعلومات المرئية والمسموعة، وبشكل عام يحتوي القانون على عقوبات جزائية ومالية كبيرة، وتعابير بعض فقراته غير محددة يمكن من خلالها الاجتهاد بالتفسير وتجريم المتهم، فمثلا المادة 3 عقوبتها السجن المؤبد وغرامة من 25 الى 50 مليون دينار لمرتكب الأفعال الآتية : “أ-المساس بأستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا” وعليه فقد يتم تفسير المظاهرات والاعتصامات السلمية بأنها مساس بأستقلال البلاد ووحدتها ، كذلك إبداء الرأي لتصحيح اتفاقيات اقتصادية للحكومة قد يفسر على انه مساس بالمصالح الاقتصادية .. وهكذا، ومنعا لأي تفسيرات جانبية مخالفة الى المادة 38 أعلاه فلابد من أضافة فقرة الى المادة 2: “أن هذا القانون لا يشمل استخدام الحاسوب مع وسائل التواصل والاتصال المختلفة إذا كانت تخص تبادل المعلومات الاتية: 1-الاتفاق للتظاهر والاعتصام السلمي. 2-الاستفادة من المعلومات الجديدة لغرض علمي وعملي ومعرفي مع ذكر مؤلفها، وانتقاء المعلومة التاريخية والحديثة لمعرفة أوجه التقدم والانتفاع به. 3-كشف عمليات فساد مالي واداري. 4-نقد مشروع قانون أو تعديله أو إبداء رأي ومقترح لاتفاقيات أو تعليمات أو قرارات. 5-المطالبة بحقوق عامة وخاصة مشروعة. 6-إعلان انتهاكات لحقوق الانسان.

2. المادة 6 /ثالثا تخص العقوبة عند نشر أو إذاعة وقائع كاذبة أو مضللة، وحتى لا تختلط الأمور يتم تحديد واضح كالآتي “تكون العقوبة على مصدر أو منبع الخبر المنشور أو المذاع إذا كان خبرا كاذبا أو مضللا، وعليه لا تتحمل الصحف أو الاذاعات أو المدونون مسؤولية الاخبار الكاذبة أو المضللة”.

3. المادة 21 /ثالثا نصت على أن: العقوبة الجزائية والمالية إلى كل من اعتدى على أي من المبادىء أو القيم الدينية أو الاخلاقية أو الأسرية أو الاجتماعية أو حرمة الحياة الخاصة ..... ومنعا لاي اجتهاد وتفسير يتهم به الابرياء، تضاف فقرة “وأن الطقوس الدينية والطائفية مكفولة ومصونة دستوريا وليست إجبارية ولا يتم فرضها بشكل عام.

4. المادة 22 /ثالثا: العقوبة الى “كل من استخدم أجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات في نسبه للغير عبارات أو صور أو اصوات أو اية وسيلة اخرى تنطوي على القذف أو السب”، وهنا أيضا يمكن تأويل مفهومه، وحتى تكون محددة يضاف اليها “وهذا لايشمل عمليات فضح الفساد المالي والاداري، ولا يشمل نشر صور وفيديو توثق حقائق اعتداءات وانتهاكات حقوق الانسان”.

5. المادة 25 /رابعا: “للقاضي المختص في مرحلتي التحقيق والمحاكمة الاستعانة بالخبرة الفنية من داخل العراق أو خارجه” ومن الأفضل أن تكون على الوجه الاتي: “ للقاضي المختص في مرحلتي التحقيق والمحاكمة الاستعانة بالخبرة الفنية من داخل العراق، وفي حالة تدويل موضوع المتهم يستعان بخبرة المنظمات العالمية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة”.

ومازال العديد من المنظمات المدنية والمختصة بحقوق الانسان تطالب بالمصادقة على عدة قوانين مهمة خاصة بالمرحلة الحالية ومنها قانون الحماية من العنف الأسري، نظرا لعديد من الانتهاكات والعنف  التي حصلت وماتزال يوميا تحدث بعضها مبلغ رسميا عنها والكثير لم يتم الابلاغ عنه (حسب أحصائية موثقة) ، كذلك فإن الاعتداءات الفردية التي حدثت علنا هنا وهناك ولم يتخذ بشأنها أي اجراء قانوني، تعود للتكرار وهذا ما حدث فعلا في منطقة الكرادة عند أقتحام ملثمين لمركز مساج حيث قاموا بكسر محتويات المركز وضرب الموجودين فيه ويعتبر مؤشرا خطرا لعامة الشعب لا بد من مكافحته والحد منه لأن القانون وحده يعاقب المخطيء، وهذه الاحوال تضاف الى العديد من الأسباب التي تجعل الشعب يطالب بأنتخابات قادمة وبأقرب وقت في هذه السنة.   

************** 

ص8

عشر سنوات على رحيل الملازم فائز (سلام جليل ابراهيم)

محمد الكحط

 

في يوم الحادي عشر من كانون الأول يكون قد مرت عشر سنوات على رحيل ملازم فائز...

افتقدناك كثيرا افتقدنا ابتسامتك، غادرتنا دون استئذان ولا وداع، افتقدنا سهراتك ونكاتك الحلوة والبسمة التي تعلو وجهك، افتقدنا مزاحك الجميل أيها الوديع وأنت ترسم على وجوهنا البسمة والسرور، عشنا الصعاب معا وتحملنا الكثير، فكنت ذلك المناضل الشيوعي الدؤوب الذي لا يعرف التراجع.

كانت حياتك قصيرة لكنها أثيرة، فقد خطيت فيها حروفا باهرة ورسمت لوحة زاهية جميلة ومآثر سيذكرها شعبنا يوما باعتزاز.

لم تكن حياة رفيقنا سلام جليل ابراهيم (ملازم فائز) هادئة فحاله حال عوائل المناضلين من أجل وطن حر وشعب سعيد. ولد في 9/7/1955 في الكوت وهو الأبن الأكبر للعائلة، توجهت عائلته بعد سنة من ولادته الى بغداد تجنبا لمطاردة السلطات لأبيه، وبعد انقلاب شباط الأسود العام 1963 توالت مداهمات الحرس القومي على بيتهم بغية إلقاء القبض على خالته الفنانة الرائدة زينب ووالده، فاضطرت عائلته إلى التخفي، بعدها تم ترحيله وشقيقاته إلى الكوت حيث عماته وأعمامه، ومن ثم رحلوا إلى البصرة، حتى انقلاب تشرين 1963 حيث عادوا إلى بغداد، وظلت العائلة تنتقل من مكان إلى آخر بسبب ملاحقات رجال الأمن.

لم يكن الراحل مولعاً بالدراسة، لكنه لا يتوانى عن مساعدة الآخرين، فتراه في مقدمة المبادرين لإسعاف ومساعدة أي إنسان، فكان محبوبا من الجميع، شجاعا، يحب رياضة بناء الأجسام، ورغب في التطوع في سلك الجيش تهربا من الدراسة إلا أن العائلة لم توافق بسبب  عقائدية الجيش وانغلاقه على المنتمين لحزب البعث، عندها استمر بدراسته، وانخرط خلالها في صفوف اتحاد الشبيبة الديمقراطية ومن ثم في صفوف الحزب الشيوعي، وأكمل الاعدادية، وتم قبوله في قسم اللغة العربية /كلية الآداب / جامعة صلاح الدين في السليمانية، ولكنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب ملاحقة رجال الأمن وخلايا حزب البعث له، فأضطر للسفر إلى سوريا صيف عام 1978 وانقطعت أخباره عن عائلته حتى خريف 1980 حيث وصلتهم رسالة منه تطمئنهم عن وضعه، وظلت السلطات تلاحق عائلته، مما أجبر أحد إخوانه على التخفي.

سافر الى اليمن الديمقراطية آنذاك، وأكمل دورة الكلية العسكرية ليتخرج سنة 1982 ضابطا محققا حلمه، ثم عاد الى الوطن تلبية لنداء الحزب في الكفاح المسلح ضد النظام الدكتاتوري.

التقيته في كردستان وعايشته هناك حيث كان مع رفاقه وأبناء شعبه الغيارى من عربٍ وكرد وتركمان وإيزيديين وكلدان وسريان وآشوريين ومن كافة الأديان والقوميات، كل تلك الألوان البهية التي تمثل طيفا واحدا هو الطيف العراقي، مكملاً مسيرته من أجل المبادئ التي تربينا عليها وعملنا من أجلها، كان نموذجا للمقاتل الباسل من أجل تلك القيم.

 في عام 1983 وردت لعائلته دعوة منه لزيارته في كردستان فذهبت والدته وشقيقتاه الكبرى والوسطى للقائه مع شقيقه هناك ولم تكن رحلة آمنة لكن الشوق إليهما كان أقوى من الخوف، وكان لقاءً عاصفا.

لم يكف رجال الأمن والبعثيين من ملاحقة العائلة التي استمرت بالتنقل من دار إلى أخرى، وعند استحداث مكتب المعلومات من قبل الداخلية العراقية اضطرت العائلة عدم ذكر أسماء ولديها (الملتحقين بصفوف الأنصار) في سجل المعلومات. 

لقد تحمل ملازم فائز في إحدى المرات المرض الشديد وسط ظروف صعبة من الجوع والمعاناة والعذابات والحرمانات والتضحية، وبقي مصراً على الاستمرار في النضال، ويستذكر الأنصار مواقفه البطولية في العديد من المواقف منها في حصاروست، وكم كان دوره متميزاً بالتنظيم والعلاقات الرفاقية وبالبطولة والتضحية، وغيرها من المواقف الأخرى التي لا تعد.

بعد حملات الأنفال السيئة الصيت للنظام الفاشي غادر كردستان ووصل سوريا بعد معاناة كبيرة، وكان له دور جميل في لمّ الرفاق من حوله وزرع الفرح بين صفوفهم، ومن ثم أستقر به المطاف في السويد وبقرب خالته الفنانة زينب، وأرسل سنة 1993 رسالة ليطمئن عائلته عن وضعه وأخبرهم بزواجه وأنه رزق بولد، فكان فرحهم كبيراً بذلك. وبعد وفاة الفنانة زينب بفترة أنتقل من يوتوبوري الى ستوكهولم، وفيها، فكانت أواصر العلاقة الرفاقية والصداقية أكثر عمقاً وقرباً لحين رحيله المفاجئ.

استمرت الملاحقات لعائلته حتى سقوط النظام الدكتاتوري سنة 2003، وزار الفقيد العراق لأول مرة بعد السقوط في حزيران 2004 والتقى أقاربه بعد فراق دام 26 عاما، كان راغباً بأن يحصل على هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية واستلمهما في زيارته الأخيرة في شهر تشرين الثاني من عام 2010 ثم عاد للسويد وودع عائلته قائلا ((اهتموا بأنفسكم ونبقى على تواصل فلا أعلم هل سألقاكم مرة أخرى أم لا))، وكأنه تنبأ بالفراق الأبدي ورحل وذكراه تعيش مع من أحبوه وأحبهم.  

رحل ملازم فائز في الحادي عشر من ديسمبر/كانون الأول 2010، غادرنا بشكل مفاجئ تاركا غصة في قلوبنا وقلوب عائلته زوجته وولديه نزار وعادل.

رفيقي “سلام” أنك في الذاكرة والقلب وأهلك ورفاقك لا يصدقون أنك لم تعد في الوجود، ونحن القريبين منك نشعر بذلك أيضا حتى عند وقوفنا عند قبرك، هل حقا أنك مسجيٌ هنا...؟، لا لأنك في قلوبنا دوما ولم تعد مجرد ذكرى، نم قرير العين وستبقى ذكراك العطرة وسيرة حياتك في عقول وأفئدة جميع محبيك.

 

رفيقك أبو صمود

************* 

في الذكرى السنوية العاشرة لرحيل الرفيق أحمد كريم غفور (أبو صباح)

 

محمد الربيعي

مرت عشر سنوات على رحيل رفيقنا الطيب، والشيوعي الرائع أحمد كريم غفور (أبو صباح)، فقد فارقنا یوم 15 /12 /2010 في ستوكهولم، تاركا لنا تاریخا نضاليا زاخرا یمتد لأکثر من نصف قرن، وهو يحمل راية الشيوعية الخفاقة، مناضلا ضد‌ الأنظمة الاستبدادية.

لقد مرت عشر سنوات على رحيل الشيوعي الغيور، فتاريخه مليء بالعطاء ونكران الذات. لقد أنتمى للحزب الشيوعي العراقي وضحى من أجل مبادئه مع رفاقه، وظل مدافعاً عن تلك المبادئ حتى الرمق الأخير.

الرفيق أبو صباح من مواليد السليمانية 1932، تعلق بالحزب ومبادئه وأفكاره في سن مبكرة، ولد في عائلة بسيطة، وتعلم القراءة والكتابة في حجرة الملالي قبل أن يدخل المدرسة، نال شرف العضوية في الحزب الشيوعي العراقي سنة 1949، أكمل الدورة التربوية للمعلمين، الذي أصبح فيما بعد معهد المعلمين سنة 1953. وعمل في عدة مواقع حزبية قيادية، وتحمل الظروف الصعبة في الكفاح المسلح وعانت عائلته المصاعب والملاحقة والنزوح والهجرة.

أمتاز الرفيق أبو صباح بروحه الأممية وعلاقاته الرفاقية الطيبة. له الذكر الطيب وباقات الورد الزاهية، ولزوجته وعائلته جميعهم الصبر والسلوان، وستظل ذكرى الرفيق أبو صباح عطرة خالدة في قلوبنا جميعا. وعهدا سنكمل المشوار رفيقنا العزيز.

******************* 

مناضل.. الشيوعي البصير

أمير أمين

 

مناضل اسم على مسمى ، ولد في عائلة عراقية كادحة يوم 13 آذار عام 1964 كما هو مثبت في جوازه الدنماركي الذي إستلمه مؤخراً بعد انتظار دام كثيراً، لكن والده الذي التقيت به عام 1992 في أحد مراكز استقبال اللاجئين وتعرفت عليه عن قرب تحدث لي عن عائلته وكيف أنه أعجب ببنت تكبره ببضعة سنوات وتزوجها وأنجبت له طفلهما الأول الذي ولد ضريراً بسبب أنها حينما كانت حاملاً فيه حدث إنقلاب 8 شباط عام 1963 وهرعنا كما يقول للدفاع عن الجمهورية وقمع الانقلاب وخاصة في باب الشيخ وعگد الأكراد ولما تأخرت ولم أعد للبيت، خافت زوجتي من أن شيئاً ما حدث لي وكانت مرتعبة من هول الاحداث وهذا إنعكس على نفسيتها وهي في أسابيع حملها الأخيرة فتسبب في ولادة طفلنا الأول مناضل ضريراً ،يثبت هذا الكلام الذي حدثني به الفقيد أسكندر راضي الفيلي من أن مناضل ولد بعد إنقلاب 8 شباط ببضعة أسابيع وكان هذا الأب من كوادر الحزب الشيوعي العراقي الأوفياء للحزب والطبقة العاملة العراقية، تنقل في حياته ونضاله بين  إيران وسوريا حتى إستقر في الدنمارك التي لفظ أنفاسه الأخيرة فيها يوم 14 تشرين الثاني عام 2004 أمام مناضل الذي حالما سمع بوفاته من خلال إحدى المترجمات حتى ضرب على جبينه وعينيه بقوة وحزن عليه بشدة، ويقول عنه كان حادث وفاته مؤلما جداً لأن والدي رجل حنين وطيب ولم يتركني وحدي في سوريا حينما تم قبوله لاجئاً في الدنمارك بل بذل جهداً كبيراً لإنتشالي وإنقاذي للعيش معه في كوبنهاگن. ثم يؤكد على إحترامه الكبير لوالده ولتاريخه النضالي في صفوف الحزب الشيوعي ويقول، أنا أفتخر به لأنه رجل مثقف وشجاع، ويتذكر مناضل وصية والده إذا مات والنظام ساقط فيجب دفنه في العراق وإذا كان النظام لا زال باقياً فيجب دفنه في سوريا، ولأنه توفي والظروف كانت قاهرة في العراق بعيد زوال النظام الديكتاتوري بفترة قصيرة فقد تم دفنه في سوريا قريباً من ضريح الشاعر محمد مهدي الجواهري، لكن والدة مناضل التي توفيت بعده بعدة سنوات في كوبنهاگن تم دفنها في العراق حسب وصيتها، وبقي مناضل يعيش آلاماً مزدوجة فبالإضافة لفقدانه حاسة النظر، فأنه فقد والديه لكنه إهتدى الى طريق الحزب الشيوعي الذي كان يعرفه حق المعرفة وبوعي عال، واتفق مع الرفيقة الشيوعية النصيرة أم عصام على أن ترتب له صلة بالحزب وخاصة بعد وفاة والده وحينها قال لها ، إن والدي مات وأنا أريد أن أحل بمحله في الحزب فتم طرح قضيته على الجهات الحزبية المختصة في الدنمارك  ووافقوا على ترشيحه لكنه يقول أنني قلقت كثيراً حينما تأخر البت في طلبي فإتصلت بأم عصام لمعرفة أسباب ذلك والتي نقلت إستفساري للحزب فقالوا لها، نريد وقتاً آخر وهو إبننا وإبن الحزب ولما سمع بهذه العبارة يقول ،شعرت بالسعادة كثيراً ثم إنتميت للحزب وتم ضمي لإحدى الهيئات الحزبية ، لكنه يستدرك قائلاً ،أنا عمري كله مع الحزب وحينما وصلنا الى سوريا قادمين من إيران عام 1989 أعطانا الحزب بيتا حزبيا لنسكن فيه وكان يمنح عائلتنا مبلغ 6000 ليرة سورية للمعيشة بالإضافة الى النقود التي نستلمها لشراء الادوية وفي هذا البيت حدث اتصال مع خيال الجواهري والتي عرّفته بأبي شيلان الذي بدوره عرّفه على عدد من الرفاق، ثم يشير الى أن الصلة إنقطعت مع بقية الرفاق الذين يعرفهم حزبياً بسبب سفرهم وحدث هذا بعد مغادرة والده الى موسكو ومنها الى الدنمارك ولما حصل والده على الإقامة صار يبعث لهم النقود للمعيشة فاستأجروا بيتاً في دمشق لحين قيام أبو مناضل بجهود عظيمة إستمرت لأربعة أعوام من أجل جمع شمل العائلة وخاصة أخته الصغرى فيان وهو ووالدته.

يجيد مناضل التكلم بثلاث لغات بطلاقة هي الكردية الفيلية والعربية والفارسية والتي تعلمها حينما كان صغيراً في إيران وبسهولة من خلال الأطفال الصغار وبقية الناس التي تتكلم بها، ويقول أحب أن أسمع من خلالها الأغاني السياسية وخاصة للمطرب داريوش.

مناضل لا يفرق بين قومية وأخرى ويؤكد أمميته بالقول، أنني رجل أممي وشيوعي أدافع عن كل الشعوب المضطهدة وعن معاناة الطبقة العاملة من قبل الرأسماليين وعن الفلاحين من قبل الاقطاع والرجعية وأتبنى في داخلي شعار، يا عمال العالم إتحدوا ولكن بخصوص اللغات أفضّل التحدث باللغة العربية لأنني تعلمت فيها السياسة والثقافة والقواعد ويشير بقوله، الانسان إذا أراد أن يصبح مثقفاً فعليه الانتماء للحزب الشيوعي، فالحزب عبارة عن بحر عميق من الثقافة بكافة صنوفها، لذلك يشعر بالفرح عندما يحضر للندوات الحزبية ويشارك بفاعلية بمواد الاجتماع وله ذاكرة قوية تساعده في حفظ الأمور وخزنها في مخه حينما تلتقطها أذنيه ولو أنه يقول أن الوحدة التي أعيشها بمرارة أحياناً وخاصة حينما أتذكر الماضي وسنوات عمري القاسية، هي التي قامت بتقوية الذاكرة عندي وينسب هذا القول للعلماء ! ويشير أيضاً الى أن الحزب مدرسة يتعلم منها الناس الأشياء المهمة في حياتهم وهي تمتاز بالصدق والنضوج وهو يشعر بالحرية بين رفاقه الذين يحترمون آراءه ومداخلاته أثناء الاجتماعات أو الندوات والتي لا يتأخر عنها مهما كانت الظروف بالإضافة الى مشاركاته في لجنة النشاطات حيث يقوم رفيقه أبو إيهاب وإسمه أيضاً مناضل بإيصاله لمكان الندوة أو الأمسية أو الاجتماع ويحضر حفلات الحزب وينصت للكلمات والاغاني وهو جالس وبفرح بين رفاقه، وعن رفاقه الشيوعيين في الدنمارك يقول الرفيق مناضل أنه مرتاح جداً وسعيد معهم وأشعر بأنهم أكثر من أهلي، ويذكر هنا بمنتهى الفخر والإعتزاز رفيقته أم عصام والتي يسميها الوالدة ويؤكد وبصراحة أنها والدته التي لم تلده ويتمنى لها مديد العمر، ويشير الى أن علاقته بها أصبحت أقوى وخاصة حينما توفى والده وأيضاً بعد وفاة والدته هدية ويقول أن أم عصام امرأة حنينة وطيبة وإنسانة بكل معنى الكلمة وهي تتصل معي بالتلفون لتطمئن على وضعي وكما تراقب الأم إبنها فهي تفعل ذلك بمحبة وتعاطف معي قل نظيره وأنا أحترمها كثيراً وأشعر بأنها خير أم بالإضافة الى كونها رفيقتي العزيزة، وأيضاً يشير مناضل الى إهتمام الرفيق أبو إيهاب به وزياراته المتعددة وشبه اليومية له والسهر على متطلباته وحاجاته الحياتية كما أنه يشيد بدور زوجته أم إيهاب التي كثيراً ما تطبخ له طعاما لذيذا يضع الباقي منه في الثلاجة ليوم آخر، وكذلك الحال مع أختي العزيزة زوجته. 

استطاع مناضل أن يزور العراق مرتين مع والدته بعد سقوط النظام وكانت الأولى عام 2005، ويشير الى أنه زار مقر الحزب الشيوعي في ساحة الاندلس وتبرع للرفاق بمئة دولار وإلتقط صورة له أمام تمثال الشهيد سلام عادل الواقع قرب باب المقر، ويقول أن عدداً من الرفاق حينما علموا بأنني ضرير وشيوعي بنفس الوقت صاروا يقبّلوني بفرح وإعجاب، فأنعكس ذلك على نفسيتي، ويشير الى أن بغداد حلوة وخاصة أهلها ويقول أنني كنت طيلة الرحلتين فرحانا بوطني الحبيب ولكني في المرة الأولى شعرت بخوف في التاكسي وتصورت أن السائق ربما يكون إرهابيا ويأخذنا الى مكان خطر فكنت خائفا وقلقا، لكن زيارته الثانية كانت أفضل وبقي في بغداد لشهرين، وحول كنيته التي برزت مؤخراً وهي، أبو جيفارا فيقول، لقد اخترت هذا الاسم لي قبل حوالي سنة لأنني أعتقد أني ناضلت مع الحزب كثيراً ورغم الألم والأزمات وعلى الرغم من أني لم أحمل السلاح لكني أشعر بأن جيفارا قائد عسكري ثوري وشيوعي عظيم فأحب أن أكنى بإسمه من قبل رفاقي في التنظيم ولذلك قلت لهم ،أريد أن تلقبوني باسم أبو جيفارا من الآن.

 وعن أمنياته يقول مناضل ،أتمنى أن أزور العراق مجدداً وخاصة زيارة مقر حزبنا في الاندلس ببغداد واللقاء بالرفاق، لكنه يشير بألم، من يستطيع تحقيق أمنيتي هذه،!علماً أنه متمكن مادياً لتكاليف الرحلة ولديه جواز سفر دنماركي اصولي صالح لعدة سنوات قادمة.

مناضل شيوعي حقيقي، ذكي وواع ويحب جميع رفاقه ويشعر معهم بحميمية ولا توجد لديه أية مشكلة مع أحد وله قلب طيب وضمير نقي ولذلك فهو محط حب وإحترام جميع رفاقه ومعارفه الكثر، إنه الشيوعي العراقي البصير.

************** 

ص9

في مئوية ميلاده الثانية

راهنية إنجلس

 

 

 

د. أسامة دليقان*

 

ولد فريدريك إنجلس في 28 تشرين الثاني 1820، وتوفي في 5 آب 1895.

«لو لم يكن إنجلس الرفيق الدائم لماركس في نضالات القرن التاسع عشر الثورية، فلا شك أنه كان سيذكر كأحد أبرز العلماء والفلاسفة في ذلك القرن. إن الإهمال التام الذي لقيه إنجلس من علماء العصر الفيكتوري برهان ومفارقة مريرة على صحة آرائه في ما يتعلق بالعلاقة بين السياسة والإيديولوجيا» - جون بيرنال (1936) عالم بلورات في جامعة كامبريدج.

«يمكن إنجاز تشخيص ديالكتيكي للعلم التقني المعاصر، ينقل التركيز من الألبومين الاصطناعي بوصفه (مادة حيّة) كما ناقشه إنجلس، إلى البحث المعاصر في الخلايا الاصطناعية، كما تنبأ به إنجلس» - هاب زوارت، الباحث والمؤلف في قسم الفلسفة بجامعة إيراسموس روتردام، هولندا، في بحث جديد له في المجلة العالمية «العلم والمجتمع» (عدد تموز 2020).

إضافة إلى نضاله السياسي، كان إنجلس دائماً دارساً مجتهداً للعلوم الطبيعية، ومواكباً لأحدث التطورات العلمية، ومطلعاً على العلوم الطبيعية والهندسية. أصبحت أعماله في هذا المجال حجر الزاوية في التاريخ الماركسي للعلم عموماً، والعلوم الطبيعية والهندسية خصوصاً، تكثر فيها الإشارات إلى مئات المؤلفين وأعمالهم في مختلف فروع العلوم.

ألّف عدداً من كلاسيكيات الماركسية التي ساهم فيها بتأسيس المنهج المادي الديالكتيكي وتطبيقه للتفسير والتغيير في الطبيعة والمجتمع والفكر، مثل: «ضد دوهرينغ» و«ديالكتيك الطبيعة» و«لودفيغ فويرباخ ونهاية الفلسفة الألمانية الكلاسيكية»، و«الاشتراكية العلمية والطوباية». فضلاً عن مشاركته لماركس بالتأليف المشترك لأعمال كـ “البيان الشيوعي” و”الآيديولوجيا الألمانية”.

 

ديالكتيك العلم والمجتمع

أظهر إنجلس وشدد على وجود صلة وثيقة بين العلم والاحتياجات المادية للمجتمع. فعندما تبرز حاجة تقنية في المجتمع، فإن هذه الحاجة تساهم بتقدم العلم أكثر من عشرات الجامعات، وتمكين العلم من تخليص نفسه من المقدمات الخاطئة والحصول على أساس سليم لمزيد من التطوير. وشدد على وحدة العلوم، والحاجة إلى إزالة الانقسامات بين العلم والتكنولوجيا، وبين فروع العلوم الطبيعية، ولا سيما بين الفيزياء والكيمياء، والكيمياء والبيولوجيا، وغيرها.

 

من تنبؤات إنجلس العلمية

في هذا الخصوص، نستفيد من الآراء التي تكمل بعضها، لكل من عالم البلورات البريطاني جون ديزموند بيرنال (1936) الذي ارتبط اسمه بالعمل على تركيب المعادن والهرمونات والفيتامينات والبروتينات، وعالم الهندسة الكيميائية السوفييتي البروفسور سايمون ياكوفليفيتش بلوتكين (1970)، الذي صادف أن كتب كلّ منهما مقالاً بالعنوان نفسه «إنجلس والعلم»:

خلافاً لعلماء بارزين، مثل كلاوزيوس وطومسون، جادل إنجلس بأن ما يسمى بنظرية «الموت الحراري للكون» كانت غير علمية وتتعارض تماماً مع قانون حفظ الطاقة وتحولها، مشدداً على أن هذا القانون أحد أسس العلوم الطبيعية التي استند إليها المنهج المادي الديالكتيكي تجاه الطبيعة، وأنه «قانون ثابت ومطلق للطبيعة». أثبتت الاكتشافات العلمية اللاحقة بشكل كامل صحة تقييم إنجلس لقانون الحركة الأساسي العظيم هذا.

وفي مجال بنية المادة، وباستخدام منهج المادية الديالكتيكية، طرح إنجلس فكرة أن الذرة لها بنية معقدة، ولا ينبغي اعتبارها «شيئاً بسيطاً». أكدت الاكتشافات اللاحقة للفيزيائيين بالطبع وجود بنية داخلية معقدة للذرة، وأنها ليست أصغر جسيم مادي. وأَولى إنجلس أهمية كبيرة لقانون دالتون في النسب المتعددة multiple proportions، معتبراً أنه مفتاح مهم للدراسة الذرية.

على الرغم من أنه لم يكن فيزيائياً ولا كيميائياً، إلا أن إنجلس تنبأ ببراعة بالخطوط العريضة العامة لنظرية التفكك في المحاليل الكهربائية (الكهارل) electrolytic dissociation. فافترض بوضوح أن ما يشكل النقطة الرئيسة لفرضية أرينوس Arrhenius، أي: إن الكهارل في المحاليل تتفكك لتكوين شوارد (أيونات)، هو أمر يحدث بغض النظر عما إذا كانت تخضع، أو لا تخضع، لعمل تيار كهربائي.

افترض إنجلس الأصل الكيميائي للحياة كفترة محددة في تطور كوكبنا، في وقت كان فيه أنصار هذه الفرضية قليلون جداً، مقارنة مع عصرنا اليوم، حيث تحولت هذه الفرضية إلى نظرية مثبتة تجريبياً في المخبر بفضل أعمال علماء تأثروا تحديداً بإنجلس (مثل: أوبارين، وهالدن وغيرهما). أما الأطروحة البديلة الوحيدة التي كانت سائدة في الوسط العلمي لدى معاصري إنجلس فهي أن الحياة كانت موجودة دائماً وأزلياً.

وواجه إنجلس السلطة والهيبة العلمية السائدة لأنصار هذه النظرة ممثلة في ليبيغ وهلمهولتز. فقد قال ليبيغ مثلاً: «لماذا لا تكون الحياة المنظمة قديمة وأزلية، مثل المادة نفسها؟ لماذا لا يكون من السهل تخيل هذا، مثل خلود الكربون ومركباته؟». فردّ عليه إنجلس بما يلي: «(أ) هل الكربون بسيط؟ إذا لم يكن كذلك، فهو على هذا النحو ليس أزلياً ولا أبدياً. (ب) تكون مركبات الكربون خالدة فقط بمعنى أنه في ظل هذه الظروف من الخليط ودرجة الحرارة والضغط وما إلى ذلك، يمكن إعادة إنتاجها. ومع ذلك، فإن مركبات الكربون الأبسط، مثل: ثاني أوكسيد الكربون CO2 والميثان CH4، هي فقط التي يمكن أن تكون أبدية لأنها يمكن أن تكون موجودة في جميع الأوقات، وإلى درجة ما في جميع الأماكن، ويتم إنتاجها وتحللها إلى عناصرها».

كانت النظرة الشعبية السائدة في القرن التاسع عشر لا تزال هي نظرة النشأة الاستثنائية للإنسان. وكانت سائدة بشكل أو بآخر حتى في أفضل عقول العلم الطبيعي آنذاك، مثل: داروين وهكسلي وهايكل، بمعنى أن الإنسان «استثنائي» رغم أنه «مجرد قرد متفوق يتميز بدماغ أكبر»، ودماغه مجرد نتاج للتطور البيولوجي، مثل تطور أجنحة الخفاش أو خرطوم الفيل مثلاً.

أما إنجلس فعمل على نظرية أن الإنسان لا يوجد بمعزل عن المجتمع، وهو في الحقيقة نتاج المجتمع الذي أنتجه هذا الإنسان نفسه. أصبح البشر، بدخولهم في علاقات إنتاجية مع بعضهم، عن طريق التبادل الأول للطعام، وبنقل السمات الاجتماعية عبر العائلة، مختلفين كيفياً (نوعياً) عن الحيوانات الأخرى. تناول إنجلس هذه الموضوعات في مقاله الفائق الأهمية (وغير المكتمل) بعنوان «دور العمل في تحوّل القرد إلى إنسان»، الذي نشر بعد وفاته عام 1895 بالألمانية، ثم بعد ذلك بفترة طويلة عام 1925 بالإنكليزية ضمن مواد مخطوط «ديالكتيك الطبيعة»، وكذلك في أحد أكثر أعماله تألقاً «أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة».

قدّر إنجلس عالياً أهمية مجموعة العائلة الأمومية أو العشيرة، التي أظهر الرحالة والمبشرون وجودهم بين جميع الشعوب البدائية، قبل فترة طويلة من الاعتراف بها من قبل علماء الأنثروبولوجيا الرسميين. وبمعرفته التاريخية الواسعة، ربط هذه الحقائق بتاريخ اليونان وروما القديمة، وأظهر أولاً وقبل كل شيء ما كانت عليه الأسرة الأمومية في مرحلة بدائية معينة من الإنتاج، وثانياً: كيف تحولت إلى الأسرة الأبوية، وأخيراً الأسرة الصغيرة الحديثة، تحت تأثير تطور الملكية الخاصة وأساليب الإنتاج. وجاء التأكيد على أفكار إنجلس الأصلية من كل الأعمال والاكتشافات الحديثة لعلماء الأنثروبولوجيا والمؤرخين. لم تكن دراسات إنجلس الأنثروبولوجية مجرد تمارين أكاديمية: لقد كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمهمة العظيمة التي تقاسمها مع ماركس، وهي تحويل المجتمع الرأسمالي إلى اشتراكي.

 

عظيمان ومتواضعان

إن حب إنجلس الكبير واحترامه لصديقه ورفيقه ماركس، وكذلك تواضعه الاستثنائي، جعله في مناسبات عديدة يعلن أن ماركس هو الذي يحتل مركز الأهمية الأول في فريقهم. فكتب مثلاً: «طوال حياتي لم أفعل سوى الذي يجدر أن أفعله– أن ألعب دور العازف الثاني، وأعتقد أنني أديت عملي بشكل جيد. وبالفعل كنت سعيداً للعب دور العازف الثاني لشخص مميز مثل ماركس». ولكن ماركس الذي لا يقلّ عنه تواضعاً وعظمة، قال في إنجلس: «إنه موسوعة تمشي على قدمين، يستطيع العمل في أي وقت من النهار أو الليل، بعد تناول وجبة، أو على معدة فارغة، يكتب بسرعة، وهو خاطف الذكاء مثل الشيطان». وكتب لينين: «من المستحيل فهم الماركسية.. أو تقديم وصف كامل لها دون الإلمام بجميع أطروحات إنجلس».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب سوري

صحيفة “قاسيون” السورية – 30 تشرين الثاني 2020

************ 

خيارات أو سيناريوهات الانتقال إلى النظام الديمقراطي - بعض الدروس

د. صالح ياسر 

 

تحتل موضوعة الانتقال  Transitionموقعا مهما في الادبيات المنشغلة بمشاكل البلدان التي لديها العديد من التجارب، في ما يخص شكل الدولة الشديد المركزية والطبيعة الدكتاتورية أو الاستبدادية وكيفية الانتقال منها الى نظام جديد وديمقراطي وما هي شروط ذلك.

في دراسة انجزتها عام 2019 بعنوان: (عمليات الانتقال الديمقراطي على الصعيد العالمي – بعض اشكاليات النظرية والممارسة) تابعت في هذا العمل عمليات الانتقال في 24 بلدا موزعين على قارات أربع. وقد اتاحت لي هذه المحاولة بلورة استنتاج محدد هو انه لا توجد وصفة ناجزة أولا، وتتنوع اشكال الانتقال متمثلة بما يلي:

1. خيار الانتقال نحو الديمقراطية متفاوض عليه. 

• فمثلا كان الانتقال في بولندا ثمرة للتفاوض بين النظام الحاكم والمعارضة، وتحقيق الانتقال السلمي وإقامة نظام سياسي ديمقراطي.

• او انتقال البلد من نظام الحزب الوحيد السلطوي إلى ملكية دستورية برلمانية (اسبانيا نموذجا). 

• او المدخل المؤسسي/ التوافق مع المؤسسة العسكرية (البرازيل) فقد بدأ التحول نحو الديمقراطية في رحم الديكتاتورية واستغرق الفترة في ما بين عامي 1974- 1985 حيث توصلت القوى الديمقراطية في هذا البلد إلى ضرورة تأسيس توافق مع المؤسسة العسكرية على انطلاق عملية الانتقال الديمقراطي، عبر إصدار العفو على المعتقلين السياسيين و تنظيم انتخابات نزيهة، حيث تمكنت من سن قوانين العفو عن المعارضة، وتم تغيير نظام الاقتراع من أجل تكريس التعددية الحزبية بدل الثنائية .وقد أشرفت المؤسسة العسكرية على تجربة الانتقال وضمنت انفتاح النظام السياسي وتنظيم الانتخابات، واحترام نتائج صناديق الاقتراع.

2. خيار الانتقال الديمقراطي المار بمسار معقد وشاق، الامر الذي استدعى تضافر جهود المسؤولين العسكريين والفاعلين السياسيين والمدنيين بخلقهم لثقافة سياسية ودستور ملائم وتكوين مجتمع مدني قوي وطبقة سياسية لها مصداقية ونهج اقتصادي حر (البرتغال).

3. خيار الانتقال الديمقراطي المعمد بالدم (رومانيا) والحرب الاثنية (النموذج اليوغسلافي). عملية الانتقال الديمقراطي عادة ما تم تحجيمها من قبل القوى المتطرفة التي راهنت على خيار الحرب وحل المشكلات باستخدام السلاح.

4. خيار التحول عبر تحييد القاعدة العسكرية غير الهرمية للنظام القديم، وبالتالي إبعاد القوات المسلحة عن نظام كان يحتضر وتسهيل الطريق لنقل السلطة الى المدنيين (اليونان). أي خيار  التوصل إلى حل سياسي على حساب العناصر العسكرية.

5. خيار لعبت فيه العوامل الخارجية أدوارا متعددة في عمليات الانتقال، سواء على الصعيد السياسي، أو المالي، أو المعنوى. ففي دول شرق أوروبا، ووسط آسيا، وغرب البلقان، كان أبرز اللاعبين الخارجيين هم: الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وروسيا الاتحادية. وكانت سياسات كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قائمة على تشجيع “الإصلاح الديمقراطي”، وتأييد اللاعبين المستقلين عن الحكومات.

بالمقابل لا يمكن تجاهل التأثير الفعّال الذي مارسته سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه موضوع الانتقال الديمقراطي في بلدان أمريكا الجنوبية والوسطى؛ فلقد كان لافتا جدا حرصها الكبير على أن يتم ذلك الانتقال سريعا، وأن يسلّم الجيش السلطة إلى المدنيين، ثم كان حرصها أكبر على أن تسدي دعما وإسنادا للنخب “الديمقراطية” التي وصلت إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع. 

يقود ذلك إلى سؤال حول ما يبدو وكأنه مفارقة في موقف الولايات المتحدة من جدلية الفاشية والديمقراطية في أمريكا اللاتينية. فما الذي تغيَّر حتى أصبحت واشنطن شديدة العناية بتحقيق الديمقراطية في هذه البلدان بعد عقود طويلة من دعمها المادي والسياسي والعسكري للنظم الفاشية والدكتاتورية في وجه الحركة الديمقراطية واليسار والثورة المسلحة في هذه القارة !؟ 

6. خيار انتقال ديمقراطي معاق او لم يصل الى نهاياته المرجوة. ففي أية تجربة انتقالية توجد احتمالات لحدوث انتكاسة ديمقراطية لا تقل بحال من الأحوال عن احتمالات تحقيق انتعاشة ديمقراطية. وبالملموس في أذربيجان وبيلاروسيا، توقفت مسيرة الانتقال في مرحلة مبكرة، وسرعان ما عادت الأنظمة القديمة، وتركزت السلطات في قبضتها مرة أخرى. وفي جورجيا، وأوكرانيا، وقيرغيزستان، أعطت الاحتجاجات في أعوام 2003 ، و 2004 ، و 2005  فرصا أخرى للانتقال الديمقراطي. الا أنه كانت ثمة مخاوف في جورجيا من تركز السلطات في يد الرئيسو أجهزة الدولة المستبدة. وفي عام 2010 انتخب الأوكرانيون المصابون بخيبة الأمل مرشح ما قبل التغيير. عاد رئيس قيرغيزستان في فترة ما قبل الثورة إلى حكمه المستبد، قبل أن تتم الإطاحة به مجددا.

 

وابرز الخلاصات والدروس من هذه التوليفة من الخيارات ما يلي:

الخلاصة الأولى: لا توجد وصفات جاهزة دوليا على مستوى الانتقال الديمقراطي. وتعني هذه الملاحظة أنه لا توجد طريقة واحدة للانتقال إلى الديمقراطية، فالتجارب الملموسة بينت أن خبرات وتجارب الانتقال الديمقراطي على الصعيد العالمي جرت من خلال طرق عديدة وآليات مختلفة، كان لكل منها ظروف وسمات وديناميات خاصة. وغالبا ما يؤثر أسلوب الانتقال على نوعية النظام الديمقراطي الوليد وحدود قدرته على الاستمرار والمطاولة في مواجهة تحديات الانتقال.

الخلاصة الثانية: ان الديمقراطية لا تُفرض من الخارج، كما أنها لا تُصدر ولا تُستورد، بل لابد وأن تنمو وتتطور في الداخل وتكون مرتبطة بالتطورات والخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدول والمجتمعات.

الخلاصة الثالثة: عملية الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي وترسيخه على النحو الذى يضمن استمراريته واستقراره هي في الأغلب الأعم عملية معقدة، ديناميكية، متاحة لكافة السيناريوهات، وتستغرق فترة زمنية طويلة نسبيا. ولذلك فإن مجرد الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي/تسلطي/ديكتاتوري لا تعنى بالضرورة قيام نظام ديمقراطي راسخ ومستقر، حيث أن ذلك له شروط ومتطلبات عديدة لابد من توفيرها وإنضاجها.

الخلاصة الرابعة: الانتقال الديمقراطي يتطلب إرادة حقيقة أو ما يطلق عليه بإرادة الانتقال. وهذا لن يتأتى إلا من خلال: 

- ترسيخ ثقافة المشاركة والاختلاف؛ 

- إصلاح البنى الفكرية اولا، ومأسسة المؤسسات ودمقرطتها ثانيا. 

الخلاصة الخامسة: الانتقال الديمقراطي يتطلب مشروع مجتمعي وأحزاب سياسية فاعلة وذات مصداقية تستقطب انخراط أوسع للناس في هذه العملية، وأن التناوب او تداول السلطة لا يشكل إلا أداة وليس غاية في حد ذاته.

الخلاصة السادسة: الانتخابات الحرة والنزيهة تمثل أحد الآليات الرئيسة للنظام الديمقراطي، إلا أنها لا تكفى بمفردها لقيام ديمقراطية حقيقية، فالأخيرة تستوجب توفر أسس وعناصر عديدة لا يتسع المجال هنا للدخول في تفاصيلها. 

الخلاصة السابعة: المصالحة هدف لا يمكن تجنبه لأجل توحيد المجتمع المعني حيال المستقبل، وبناء الديمقراطية دونما استبعاد لأى طرف باستثناء من تلطخت اياديهم. فقد نختلف على الماضي مع أولئك الذين دعموا الدكتاتورية، ولكننا لا نملك ترف عدم الاتفاق على الحاضر والمستقبل. 

الخلاصة الثامنة: إن إلحاق الهزيمة بنظام دكتاتوري أو سلطوي لا يعني الوصول إلى الديموقراطية. ففي الكثير من بلدان العالم تمت الاطاحة بنظم دكتاتورية أو سلطوية، لكنها انحدرت إلى الحرب الأهلية، أو انضمت إلى خانة الدول المنهارة أو الفاشلة، أو استُبدلت بدكتاتورية أخرى. 

الخلاصة التاسعة: إن طريقة أفول النظام السابق والتحرّك نحو عملية الانتقال مهمة أيضاً. فحيث يظهر التغيير بسبب قرار من داخل النظام نفسه (كما في حالة البرازيل والبرتغال وإسبانيا واليونان ومعظم بلدان اوربا الشرقية) يحتمل أن تكون عملية الانتقال أكثر سلاسة وديمومة. 

الخلاصة العاشرة والاخيرة: في التجارب الانتقالية وخاصة بالنسبة للأنظمة الشمولية والتسلطية لا وجود لتغيير ديمقراطي، دون مخاطر وأثمان، وهذا يختلف من تجربة لأخرى، ومن مرحلة لأخرى، غير انه من الضروري التشديد على أن مخاطر الانتقال الديمقراطي لن تكون أعلى تكلفة من بقاء النظام الشمولي والدكتاتوري جاثما على صدور الناس.

************* 

ص10

إعلانات

*************** 

ص11

 

كتابان جديدان لـ د. نادية هناوي

ضمن معروضات معرض العراق الدولي للكتاب 2020، صدر كتابان جديدان للناقدة الدكتورة نادية هناوي، الأول بعنوان (قصة القصة) وهو دراسة ميثودولوجية تتبع جريان القصة العراقية من المنابع إلى المصبات تاريخيا وفنيا. ويحمل الكتاب الثاني عنوان( في الجدل النقدي) وقد ضم حوارات ومناقشات المؤلفة في قضايا أدبية وفكرية مع عدد من النقاد والباحثين العراقيين حول قضايا أدبية وفكرية. والكتابان من إصدار دار غيداء الأردنية.

********* 

دوائر الصراخ

فهد الاسدي

 

“باعتزاز بالغ ننشر هذه القصة للفقيد الاديب والقاص فهد الأسدي.. وهي من إرثه الخالد ننشرها لأول مرة، مع سيرة عن حياته الحافلة بالعطاء”. 

(المحرر الثقافي)

 

في اغلب الاماسي – من تلك الاماسي التي ينز من امواق عيونها حزن كل الرجال والنساء يطل صوتها العاتب مولولا –يصفع الاذان ثم يحق الجلود فترتعش ويتسلل بعيدا ربما حتى يصل الدماء فترجرج كماء ألقي فيه ثقل يفور فيها شيء من الاحتجاج –

يودوون لو اوقفوها ولكن “ياسامعين الصوت “ هذه تنقض مدرعة لايقف امامها سد –شيء كالسيل يجرف امامه دعاواهم يهزأ بنخواتهم ينخلها حتى لايبقى منها سوى القش –

تمضي الكلمة تجوس الدروب – تقرع على الغفاة الابواب تهتك حجب المخدرات فتطل وجوههن متسائلة –تلك الوجوه التي لا أدري كم يدفع المرء ثمنا ليراها ولو لمرة وبعدها تنسجم رنة الكلمة مع الليل وهو يتسلل الى الزوايا فتكمل لوحة الصمت الناز بمتاعب الرجال وهي تفتش عن صدر لترتخي عليه ولكن “ياسامعين الصوت” هذه تجر المتاعب جرا من استرخائها لتقف فتطقطق اضلاعها وتتأود وتخرج ناقمة الى الدرب –

يلوي احد الرجال اذن ابراهيم مؤنبا:

أتكون انت من فعلها هذه المرة يا ابن ----؟

ويصرخ ابراهيم محتجا وهو يخلص اذنه: أنا ياعم – انا ؟ --معقول ؟

صحيح انهم يعرفونه ذراع شوارع وهذي المسائل ثوبه الا انه يحتاج الى الكثير من النذالة ليجرؤ على سرقة ارملة مثل “أم وعد “ اكمل ابراهيم دفاعه قائلا:

وماذا ؟ --دجاجة – وما افعل بها ولم اتعود على اكله ؟

تتقافز الضحكات من الافواه ويدق دفاعه المقنع رؤوسهم يملؤها في النخاع حتى القحفة يستدير الرجل قائلا: استغفر الله – الولد صادق هذه المرة على الاقل –

ترى من ابن الحرام ذاك الذي يجرؤ على الفعلة ؟

ذلك يحدث في كل امسية تعود فيها لطفية بائعة الدجاج لتجد ان دجاجة او اثنتين من دجاجها قد سرقت – تصيت عدة مرات ياسامعين الصوت –ياسامعين الصوت –

وتظل الطرقات تشرب هذا الصوت وتتقيأه حتى يجيء الاقتراح:

ام وعد لاتتعبي نفسك – هات كلام الله –

تمسك بيدها كلام الله وتمر على البيوت وعندها يجيء الدور على الصبي –تبقى الشكوك معلقة في ياقته حتى وهو يكمل اداء القسم بلا تلجلج –يسيل الصدق حارا بداخله ( هي قضيته مدافة بقضية الارملة لطفية ) –

هذه المراة التي استحوذ على ثروة يتاماها عم لهم بعد ان استطاع خداع المحكمة -

قصة يعرفها كل الناس ديفت في اعماقه واعطاها انفعالا أخرس ود يوما لو اشركوه في اللعبة لامسك بكفة الميزان التي يزن بها العم ودقها على يافوخه واخرج منها الدود –

وهاهو يقف في اللعبة متهما –يقسم باكثر الكلمات ولكن الوجوه التي تعشق الغبار لاتنفك تنقب في كلماته ومع ذلك ترتسم عليها العجمة وهي تعجز عن ان تجد شرخا يتسلل اتهامها منه الى ان يفتحها الله على واحد من اهل الحكمة فيطوع معلنا:

وما جدوى دفعه لليمين ؟ هذا نجس لايؤثر فيه شيء –

هنا يزيحه عن طريقهم الرجال – تحور تلابيبه ولكن شيئا اكبر يبقى يكبل نفسه 

لذا يبقى ابراهيم طيلة الايام يترصد –ويوما يضبطه:

يتلاحم الجسدان في عراك عنيف يرمي اللص الدجاجة على صدر ابراهيم يمسك ابراهيم الدجاجة ويعيدها لليد التي سرقت ويحتد الصراع حينذاك يكل ابراهيم فاللص ولد “عتر” تغذى تغذية حسنة أكسبته جسما قويا –

يفلت من يد ابراهيم ويتسلل –ولكن من يصدقك يا ابراهيم في دعواك ؟

صحيح ان زكي ولد بلاشغل مثلك ولكنه ابن الحاج “أرزوقي” رجل يسعل فلوسا 

شاب خريج دراسة واحد لايذكر عيبه وهو يفر من الكليةالناس عادة تغمض عينيها عنه وتفتحها واسعتين في وجهك –

ويظل الشك يفتح كواه في نفس ام وعد الشك في ابراهيم حتى وهي تسمع منه حكايته مع زكي شيء لايصدق وفوق ذاك ففي الامسيات وعندما يجوس نداؤها الدروب وهي تحمل كلام الله –تتعثر خطواتها خجلا ودائرة التحليف تقترب من منزل الحاج ارزوقي:

يخرج الرجل بوجهه الصبوح رجل محترم لايسمح بان ينشر غسيله امام الناس هذا ماتعرفه عنه ام وعد ولكن ابراهيم فيعرف بان النساء يعشن حياة اخرى اثناء غيابه عن الدار يتزين اكثرهن ويقفن في الباب اما الزوجة الشابة فتظل تتلصص الى الطريق من غرفتها العليا تستلم رسائل الاشارة من الولد “مجيد” ابن ام مجيد وهو يروح ويجيء مختالا كاالطاووس –

يكاد ابراهيم يصرخ بغبائها: ام وعد انت ما يدريك ؟ طول نهارك مع الدجاج ولكن شيئا من الحياء يمنعه –

وعندما يطل عليه الحاج، يحمل كتابه معه ويصر ان يقسم امامها بكتابه وهو الكتاب الذي لايقرا فيه غيره – مجلد حتى لم تسقط ورقة منه –

يحني قامته ويتهدج الصوت يملا نفسها مهابة ترتعب (ما كبر ذلك عليك يالطيفة عند الله ) –ترتمي على قدمي الحاج:

لا ياعم – لا – استغفرك يارب –

ياخذ الحاج بيديها بلطف تحس ولكأن يدا تمتد من العلى لتجرها من المنزلق فتعيد قدميها على الصراط – الصراط الذي بعرض الحبل –

ينزل البرد على قلبها فتنطفىء الحرارة التي كانت تتارجح وتنسى انها مسروقة –

تنكفىء في محاولة للرجوع لكن الحاج يعترضها:

ام وعد انا لا ابرىء نفسي ---فوتي على البيت – فتشيه – لكن او وعد تحس وكأن هذه الدعوة شيء يفتح الطريق امام رجليها الى الجحيم فتعود مرتعبة منها –

كان يمكن ان يستمر بناء الرعب متطامنا في نفسها لو لم تشرخه حادثة الامس –

امس وجدت البلدة امامها وقد امتلأت بالجنون وانزرع الحقد في صدور الناس اذ لم يعد شيء اسهل من التهمة –كان كل مايحدث امامها يمكن ان تبرره لطيفة بان الناس قد دخلت اخر الزمان وان الجمال قد نبت لها قرون ولا بد من النطاح وسعيد الحظ ذاك الذي يخرج من هذا الوقت وهو يحتفظ بعقله ليميز االصديق من العدو –

كان كل شيء تبرره في نفسها بان الدنيا ليس فيها جديد هكذا هي دائما “عراك اطفال “ يعتركون ثم يعودون للعب اما الكبار مثلها فينبغي ان يعلو عن هذه المسائل لايتدخلون وعالمها ذلك الذي لايمتد الى ابعد من تخوم محلتها –

ينبغي ان تبقى نظيفة ولتزور وتزار وان افقدها ذلك بعض التضحيات.. كل شيء في هذه الحركة من حولها يحمل سمات السكون المعتادة في هذه الحياة اما ان يذهب الحاج ارزوقي بنفسه الى الحكومة ويشي بابن ام فيصل فيتسبب في سجنه.. حدث هز هذا البناء فاحدث فيه الشرخ.

قالت ام فيصل باكية: ان الحاج فاتحهم قبل مدة حول شراء دارهم فامتنع ابنها وصرخ به قائلا: صحيح انك قادر على ان تشتري كل شيء ياحاج اما ان تشتري إطمئناننا وذكرياتنا في المحلة فهذا ما لاتقدر عليه والدنيا تتسع لي ولك فلماذا هذا الطمع ؟ ومن يومها يبدو ان الحاج خزن توتره وامس استغل صوته المسموع.

وكان الامر سهلا فالولد فيصل يحمل جرثومة معه من ايام الدراسة ونقط السخام تبدو واضحة جدا على الثوب الابيض –وزيادة على ذلك فالمحقق اخرجها من ذمته الى ذمة الحاج –حضر شاهدان واقسم الحاج اولا بكلام الله وعندما خرج نقد الثاني ثمن اتعابه ودارت الدنيا في راس ام وعد سريعا وبانت لها صورة الولد ابراهيم صافية بلا ضباب فتكامل الشرخ –

في هذه الامسية بدأ الشرخ واسعا امام لطفية وهي تجد ان دجاجتها الام قد تركت وراءها فراخها الصغار تصوصء تقافزت الفراخ فوق يديها –غامت عينيها وهي تواجه مهمة اسكات الافواه المفغورة –بحثت في زوايا البيت ولكنها الآثار نفسها التي يتركها الثعلب وراءه كل مرة – لعلعت بصوتها لعلعة كافية لان يفهم الاخرون فتجمعت الاخريات امامها واقترحت احداهن: صيحي:ياسامعين الصوت 

برمت لطفية شفتيها بضجر وقالت: لا احد يسمع الصوت –

نشر الخجل رداءه على المتجمعات لصقن عيونهن في الارض – وتجرأت احداهن ان تكمل باحتجاج هادىء: خذينا لليمين 

– هتفت باصرار: - لافائدة.

ادارت لطفية ظهرها فبدا طويلا ثم صفقت الباب ورائها بعنف وانطلقت في الطريق طارت عباءتها وحطت متكومة على الارض رفعتها بعصبية لم تعد على راسها هذه المرة بل اكتفت بان حزمت بها خصرها – علق احدهم: ياساتر هذه المرة ستتعارك او وعد مع احد استمرت غير ملتفتة.. سارت حتى وقفت بباب بيت الحاج.. في هذه المرة وقفت الضجة بعيدا لاتجرؤ على الاقتراب.

دقت لطفية بعنف –اخرجت لها طفلة راسها  وغابت الطفلة تنادي.

خرج الرجل مبتسما –قذفت بوجهه كلماتها:

- ارزوقي ابنك حرامي.

حرام يا ام وعد حرام ، لقد ربيته بنفسي.

اي لقد ربيته على السرقة.

انكمش الرجل قليلا ثم عاد وربت يده على كتفها. انزلت يده بحركة ملولة فتراجع الرجل الى البيت –مرت فترة دقت لطفية وصراخها يعلو الباب صائحة:

ارزوقي هذه المرة انا افضحك.

خرج الرجل وبيده كتابه – بسطه امامها وبدا يقسم.احتقن وجهها فدفعت يدها امام مغلفة الكتاب –

هذه المرة لن تخدعني اعطني طريقا الى بيتك.

وقف الرجل بين خشبتي الباب فدفعت جسمه ودخلت. غابت فترة كافية حتى تقترب الضجة منها مستفهمة ثم خرجت وفي يدها الدجاجة مذبوحة تسيل من عنقها  دماء طازجة – هزتها في وجه الرجل عدة مرات في محاولة لضربه ولكن الرجال ابعدوها عنه فاندفعت في الشارع لاعنة وسقط ضوء الشارع على وجهها فبدا ثائرا تنتشر فيه الدماء –عندها تلقاها الشارع، رمت بين ايديهم الدجاجة فتلقفوها بصيحة دارت دائرتهم الهائجة هازجين في باب الحاج ارزوقي:

الثعلب فات –فات ----الثعلب فات فات –

في كل مرة يخرج الرجل يقذفهم بالحجارة ولكنهم يعودون الى الصراخ بدوائر اكبر.

1971 

 

 

 

فهد الأسدي / السيرة الذاتية 

 

ولد في قضاء الجبايش - محافظة ذي قار- العراق 1939  وتوفي في 7 - 1 - 2013 

خريج كلية القانون والسياسة – الجامعة المستنصرية – 1975

الاعمال الادبية: بدا النشر عام 1960 في مجلة “المثقف” العراقية.

نشر نتاجه الادبي العديد من المجلات العراقية والعربية والأجنبية.

اصدر ثلاث مجموعات قصصية (عدن مضاع 1966 – طيور السماء 1976 - معمرة علي 1995 – رواية الصليب 2008) لديه مسرحيتان معدتان للطبع هما “مافي الهيمان عن دنيا العميان” و”صلوات الانتظار” ومجموعة قصصية رابعة بعنوان “عقدة غوردوس” فيما أعيد طبع مجموعته الأولى “عدن مضاع” في عام 2019 من قبل دار ومكتبة عدنان العراقية وروايته الثانية (دارة الأحسان) عام 2018 من قبل دار النخبة المصرية.

عدت قصته “طيور السماء” لانتاجها كفيلم عراقي للسينما في السبعينات من قبل د. عباس الشلاه الا ان السلطة حالت دون اكمال العمل واجهض الفيلم.

أنتجت الفنانة عواطف نعيم مسرحية “مطر يّمه” عن قصة الراحل فهد الاسدي “طيور السماء”, اخراج الفنان عزيز خيون وعرضت في مهرجان المسرح العربي في بغداد عام 1990 ونالت اهتمام واستحسان النقاد ادى دور البطولة فيها الفنان جواد الشكرجي 

ترجمت العديد من اعماله الادبية والقصصية الى اللغات الانكليزية والفرنسية والالمانية والمجرية واليوغسلافية والكرواتية

زار الاتحاد السوفيتي عام 1977 بناء على دعوة من اتحاد ادباء الاتحاد السوفيتي سابقا.

يعد فهد الأسدي أحد أبرز كتاب الواقعية في العراق، جسد معاناة الأنسان في جميع كتاباته التي عرفت بأدب الأهوار( جنوب العراق ) حيث مسقط رأسه وبقي وفيا لمنهجه في الكتابة والدفاع عن الأنسان المضطهد من قبل الديكتاتوريات والأقطاع والرجعية.

أثارت قصته “الراضوع” عند نشرها في مجلة الأقلام الكثير من الإشكالات وغضب السلطة السابقة.

*************** 

قصة حبي مع سارتر - الأيام الأخيرة

تأليف: سيمون دو بوفوار 

ترجمة: إيثار الطاهر

عرض : منى سعيد

 

تقص سيمون دو بوفوار حكايتها مع سارتر على أساس اليوميات خلال العشر سنوات الأخيرة من حياته ، ساردة تفصيلات دقيقة من مجريات الأحداث  كمثقف ومعارض، مسلطة الضوء على سير حياتهما الشخصية فتذكر في ص17 : “كان يجب أن نعيش في محيط فيه شيء من السعادة ولحظات من الفرح ولكن التهديد لا يزال قائما وقد وضعت الحياة بين قوسين”.

كتبت دوبوفوار أحداثا ووقائع تتعلق بمسيرته النضالية وتضامنه مع شعوب وثوار المستعمرات ومع مضطهدي العالم، وعن علاقته بأصدقائه الماويين ، وعن رحلاته .

وبعيدا عن عنوان الكتاب( قصة حبي مع سارتر) لم تتطرق الكاتبة إلى لحظاتها الحميمة معه، ولا حتى لمفردات الغزل التي يبدو إنه كان بعيدا عنها ، بل سردت علاقتها به وكأنها هي المخلصة المتفردة بحبه الحريصة على كل تفصيلات حياته بما فيها علاقاته النسائية الأخرى ، والتي طالما تمتع بها على مسمع ومرأى منها بل أن بعض صديقاته كن على علاقة ود وصداقه معها أيضا.

لم يتعرض الكتاب لشرح أفكار سارتر الفلسفية بشكل مكثف بل مرت عليها عبر إضاءات مختصرة ، وكما جاء على لسان صديقه أوليفيه تود ص 192، (لقد اختار سارتر التفكير ضد نفسه دوما، ولم يكن هذا من أجل أن يغرق في السهولة)، وفي إشارة أخرى على لسان صديقه رايمون آرون يذكر فيها (لقد عاش سارتر متطلعا نحو المستقبل دوما: وهو لا يستطيع العيش بطريقة أخرى، ويعتبر الاقتصار على الحاضر موتا).

أثقل الكتاب بسرد تفصيلات حالاته وأزماته المرضية وكيفية معالجته وطرق إنقاذه من موت محقق لمرات، وعن تعرضه لازمات نفسية حادة (عندما وصل إلى شقته بدا كئيبا وجامدا ،بحيث أن لازمان” صديقه” الذي حضر لقضاء لحظات معنا شعر بالذهول ، ولدى انصرافه عانق سارتر الذي قال له : “ أنا لا أعلم إذا كنت تعانق شاهدة قبر أم إنسانا حيا” ، مما جعلنا نجمد في مكاننا. بعدها نام قليلا ثم جلس يصغي لموسيقى فرنسية ، وفي نهاية السهرة سألته ماذا يعني بقوله: “ لاشيء إطلاقا إنها مزحة”.وعندما أصررت على كلامي أتضح أنه يشعر بالفراغ وليست لديه رغبة في العمل في الوقت الحاضر، ثم نظر إلي بملامح قلقة وخجولة نوعا ما “ أنا لن استعيد بصري مطلقا؟” هززت رأسي نافية وقد اعتصر الألم قلبي بحيث أنني بكيت طوال الليل) ص 108 .

وفي مقابلة صحفية مع جريدة النوفل أوبزرفاتور بمناسبة بلوغه السبعين بعنوان “ صورة ذاتية في السبعين” استعرض سارتر كل حياته وعلى مختلف المستويات تقريبا ، وشرح الشعور الغامض الذي يملكه عن نفسه وعن علاقته بالعالم ، وحين سأله المحرر كونتا : كيف حالك؟ أجاب : من الصعوبة القول إنني بحالة جيدة، غير أني لا أريد القول أيضا إني بحالة سيئة.. مهنتي ككاتب قد انتهت تماما.. بمعنى أن هذا يجردني من كل أسباب الوجود...

وتكلم عن علاقته مع الموت ذاكرا “ أنا لا أفكر فيه إطلاقا ، لكنني أعلم أنه سيأتي.. وكرر القول لكونتا بأنه فرح بحياته” حسنا لقد فعلت ما يجب أن أفعله.. كتبت وعشت حياتي، وليس هناك شيء أتأسف عليه إطلاقا”.

بعد موته في 15 أبريل 1980 قالت” لقد فرقتنا وفاته، ووفاتي لن تجمعنا، هكذا هي الحياة”

صدر الكتاب عن دار ألكا في بغداد، وبواقع 203 صفحة من القطع المتوسط.

************ 

 

ص 12 

 

العدد 137 من “الشرارة”

 

عن اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف، صدر أخيرا العدد (137) لشهر كانون الأول 2020 من مجلة “الشرارة”.

جاء العدد في 104 صفحات وهو يتضمن مقالات وأخبارا وتقارير سياسية واقتصادية وثقافية وصحية ومنوعة اخرى، فضلا عن ملحق “مرحبا يا أصدقاء” الموجه للأطفال.

 

*************** 

 

ليس مجرد كلام

 

لماذا نشجّعُ 

فعل الخطأ ..؟!

 

عبد السادة البصري

 

ما الذي يجبرنا على ارتكاب الأخطاء والإصرار عليها ؟!

بل ما الذي يجبرنا على أن نكون السبّاقين في تشجيعها، وعدم التصحيح والنصح ؟!

راودتني هذه العبارات وأنا أدخل شوارع المعقل قبل أسبوع، بعد ما رأيته من خرابٍ لأماكن كانت فيما مضى مضرب المثل بالعمران والنظافة والجمال!

المعقل منطقة مينائية تماماً ، لأن بيوتاتها التي بنيت منذ أكثر من ثمانين سنة وما تلاها لأجل إسكان عمّال وموظفي الميناء تحديداً ، كان بناؤها على الطراز الانكليزي ، وأضيفت مناطق وأحياء لها بعد ثورة 1958 الخالدة مثل ( الابلّة وحطّين والكندي والشهداء وغيرها ) ، وكذلك الحدائق ( متنزه الأندلس ومدينة الألعاب وشفقة العامل ) والأسواق ( سوق 50 حوش والأصفر وحطين ونمرة أربعة ) ، كنتَ إذا تمشي بين أزقّتها وشوارعها تشمّ رائحة ملكة الليل والشاموا وغيرها من الورود والأزهار بالإضافة إلى الأعناب والفواكه والنخيل !

هذه المنطقة الرائعة الجمال بكل أشكاله، زحف الخراب عليها منذ تسعينات القرن المنصرم وما حصل للناس أثناء الحصار والحروب، استمر شيئا فشيئا حتى استفحل بعد 2003 لتكتمل نتيجة الأخطاء التي اشحنا بوجوهنا عنها وتركناها تأكل الأخضر واليابس كأنها الأرضة!

كثرت الأخطاء كما الفساد نتيجة عدم المعالجة، وضرب جميع القوانين الإنسانية والحضارية والمدنية عرض الحائط، فصرنا غارقين بالأخطاء ولا بصيص أمل في حلّها!

تحوّلت المعقل إلى أماكن خربة اثر التجاوزات وانعدام الساحات والحدائق وانتشار القصب والبردي في أنهارها شبه المطمومة وطفح المجاري وتخسفات الشوارع والأرصفة، رغم أن هناك بيوتاً حديثة البنيان وجميلة معمارياً!

السبب الرئيس في كل ما حصل ويحصل هو الفساد واللامبالاة، فإذا كان المسؤول فاسداً لن يستطيع محاسبة المخطئين والمسيئين حتماً، وإذا غضّ طرفه ولم يحاسب أي مخطئ، كثرت الأخطاء وصارت أفضل من الصواب ذاته، وسيغدو الخطأ من المسلّمات المعمول بها، التي نتباهى بارتكابها علناً! أمّا إذا كنت ذا مبدأ إنساني وأخلاقي، وتعمل على وفق القانون الإنساني والحضاري ستظلّ عالقاً في قشةٍ وسط بحرٍ تتلاطم أمواجه بأخطاء القروش، إذا لم تتجاوز ــ وهذا من حقّك الآن طبعا ــ ستظلّ تعاني من مشاكل الإيجارات وأزمات السكن، وحين تراجع مسؤولاً ما لحلّ مشكلتك يتحجج بألف حجّة وقانون هو لم ينفّذ منهما واحداً!

وإذا ... وإذا ...وإذا ... ستظلّ مواطناً من الدرجة الألف في نظر الفاسدين ولن يعيروا لصرخاتك واستغاثاتك أي اهتمام، لأنك تريد أن تكون مواطناً حقيقياً وهم لا يريدون ذلك!

التشجيع على ارتكاب الخطأ هو الجريمة بعينها التي دمّرت وستدّمر البلاد أكثر فأكثر، وإذا بقينا على هذا الحال سيؤول كل شيء إلى خراب!

 

*************** 

 

تحت اسم الشاعر الكبير مظفر النوّاب

مليون عنوان في معرض الكتاب

 

بغداد - طريق الشعب

تتواصل فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب، الذي افتتح الأربعاء الماضي في بغداد، بمشاركة أكثر من 300 دار نشر من 21 دولة عربية وأجنبية.

المعرض الذي تنظمه مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، والذي احتضنته صالات معرض بغداد الدولي، وحملت دورته هذا العام اسم الشاعر الكبير مظفر النواب. وقد حضر حفل الافتتاح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجمع من المثقفين والإعلاميين.

ووفق ما ذكرت إدارته، فإن المعرض الذي يستمر 11 يوما ويفتح أبوابه من العاشرة صباحا حتى العاشرة ليلا، ضمت أجنحته نحو مليون عنوان بمختلف الميادين المعرفية والابداعية.

وقال ستار محسن صاحب دار نشر مشارك في المعرض، لـ”طريق الشعب”، ان “معرض العراق الدولي للكتاب يتميز عن كل الدورات السابقة، بقوة التنظيم والمشاركة الواسعة، ونوعية الكتب المطروحة فيه، ودور النشر المشاركة”. 

وعبر اصحاب دور النشر عن سعادتهم بالأقبال الكبير من قبل المواطنين على شراء الكتب؛ حيث أكد بعضهم ان نسب المبيعات عالية جداً لليوم الخامس على التوالي.  وتوزعت أجنحة دور النشر، على خمس صالات، يفصل بينها طريق خصص للكتبيين وباعة نوادر الكتب في شارع المتنبي، فضلا عن عدد من المقاهي المعروفة في البلد. 

وشهد المعرض منذ يوم افتتاحه، إقبالا واسعا من المثقفين والأدباء والأكاديميين وهواة المطالعة. 

واحتضن خلال يومه الأول، حفلا موسيقيا، قدمت فيه الفرقة السيمفونية العراقية معزوفات عالمية، وجلسة شعرية للشاعر موفق محمد.

الى ذلك، قال رفعت عبد الرزاق محمد من مؤسسة المدى، ان “الفعاليات الثقافية في هذا المعرض اختارتها اللجنة التحضيرية للمعرض بدقة متناهية، وموضوعاتها كانت قريبة من الكتب وعالم القراءة”. 

وأضاف، “كانت هناك جلسات للحديث عن المؤسسين الاوائل للثقافة في العراق؛ ففي اليوم الواحد لا تقل الفعاليات الفكرية عن خمس الى ستة، بالإضافة الى الفعاليات الموسيقية”.  

ويشهد المعرض فعاليات فنية وثقافية وإعلامية، بضمنها أمسيات للرقص الشعبي والغناء والشعر، فضلا عن طاولات حوارية وندوات في موضوعات متنوعة، تشارك فيها شخصيات فنية وثقافية عراقية وعربية.

وبحسب إدارة المعرض، فانه تم اتخاذ إجراءات احترازية مشددة للوقاية من جائحة كورونا، من خلال توفير القفازات والكمامات للزائرين، وتعفير البوابات بآلية ذكية، إلى جانب نصب أجهزة لتعقيم الهواء داخل الصالات، مع وضع إشارات وملصقات تحث على التباعد الاجتماعي.

 

************* 

ندوة نسوية 

في قرية بالمدحتية

الحلة – طريق الشعب 

عقد فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة بابل، الأربعاء الماضي ندوة نسوية في إحدى قرى ناحية المدحتية، في مناسبة حملة الـ 16 يوما الدولية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء والفتيات.

حضر الندوة جمع من النسوة في قرية “البو فارس”، وتحدثت فيها سكرتيرة الفرع عن واقع المرأة العراقية بشكل عام والمرأة البابلية بصورة خاصة، مشددة على ضرورة ضمان حق النساء في الحياة والعيش الكريم والتمتع بالأمان، على أن يُدعم ذلك بتشريع قانون يحميهن من العنف والتمييز.

وفي سياق الندوة، جرت نقاشات بين ناشطات في الرابطة وجمع من بنات القرية، حول القوانين التي تحمي حقوق المرأة، وقانون مناهضة العنف الأسري الذي لا يزال مركونا في أدراج مجلس النواب من دون تشريع.

 

**************** 

 

في بيتنا الثقافي

 الصوري وانطون 

في ندوة مالية اقتصادية

 

بغداد – طريق الشعب

اقامت اللجنة الثقافية في منتدى بيتنا الثقافي، صباح الخميس الماضي ندوة نوعية، تحدث فيها الخبير المالي د. ماجد الصوري،  والخبير الاقتصادي باسم جميل انطون. وقد تناول الصوري في مداخلته الضافية موضوع “الازمة المالية والرواتب”، في حين ركز انطون على “الازمة الاقتصادية والورقة البيضاء”. قدمت الندوة الاكاديمية الدكتورة جبرة الطائي، وطرح الحضور في ختامها العديد من المداخلات والاسئلة في شأن غياب الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية، فضلا عن ضياع عشرات مليارات الدولارات، وضياع فرص ثمينة للتنمية وللانطلاق الفعلي لعملية الاعمار والبناء والاستثمار. 

وحضر الندوة الرفيق رائد فهمي، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي والرفيق د. صبحي الجميلي عضو المكتب السياسي للحزب.

 

*************** 

 

ذكرى عريان السيد خلف في الموصل

 

الموصل – طريق الشعب 

نظم “منتدى الشاعر عريان السيد خلف” للأدب الشعبي في الموصل، الجمعة الماضية، جلسة استذكار لـ “شاعر الشعب” الراحل في مناسبة الذكرى الثانية لوفاته.

حضر الجلسة التي التأمت في مقر المنتدى في “حي نركال” وسط الموصل، عدد من محبي الفقيد، الذين تبادلوا الاحاديث عن سيرة حياته ومسيرته النضالية في صفوف أبناء شعبه، والتي انعكست في أشعاره. 

وقرأ الحضور خلال الجلسة باقة من قصائد الفقيد الراحل.

 

************** 

 

إطلاق حملة “إسناد” المجتمعية

من اجل تشريع قانون مناهضة العنف الأسري

بغداد – سهيلة الاعسم 

 

بمشاركة عدد من المنظمات المدنية ومجموعة من الباحثين والناشطين، انطلقت الاسبوع الماضي في بغداد، فعاليات المؤتمر الصحفي لحملة “إسناد” المجتمعية، الهادفة إلى تعجيل تشريع قانون مناهضة العنف الأسري.

المؤتمر الذي انعقد تحت شعار “السلام يبدأ من منازلنا”، قدمت فيه دراسات وأوراق بحثية حول الجوانب النفسية والمجتمعية والقانونية لقضايا العنف الأسري.

وتشدد حملة “إسناد” في وثيقتها التي وقعت عليها منظمات مدنية وشخصيات من مختلف الشرائح الاجتماعية، على اهمية المطالبة بالإسراع في تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، وإدانة الصمت الحكومي والبرلماني ازاء جرائم العنف المتزايدة. 

وفي السياق قرأت الناشطة أمل كباشي بيان المؤتمر، وقدم الباحث د. كمال الكيلاني ورقة حول الآثار النفسية للعنف الأسري، أشار فيها إلى أن تعنيف الأم يشوّه صورتها أمام أطفالها، ما يؤدي إلى تمردهم، وان العنف الأسري ينتج أطفالا مضطربين نفسيا. فيما تناولت مساهمة الباحثة د. إرادة الجبوري، دور الإعلام في رصد جرائم العنف الأسري وكشفها. أعقبتها د. أسماء جميل بعرض إحصائيات لحوادث العنف الاسري في العراق.

وكانت للخبير القانوني هادي عزيز ورقة شدد فيها على أهمية الإسراع في تشريع القانون المذكور.

وتحدث كذلك مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية عن أهمية توحيد جهود وزارة الداخلية ومنظمات المجتمع المدني والباحثين والإعلاميين، للضغط في اتجاه تشريع القانون.

 

**************** 

 

مصممة الأزياء شهد الخليفة: 

حضارتنا عريقة ولنا أن نفخر بها

بغداد – طريق الشعب 

مصممة الأزياء شهد الخليفة، ولدت في بغداد عام ١٩٩٣ وسط عائلة صغيرة مثقفة. دفعها حبها للفن منذ الصغر، إلى مزاولة الرسم والنحت بشكل فطري، حتى انتقلت هي وعائلتها بعد أحداث الاحتلال عام 2003، إلى دمشق، وهناك درست اللغتين الانكليزية والفرنسية، لكنها لم تكمل دراستها، ففضلت العودة إلى هوايتها الأولى، وأقامت حينها معارض رسم ونحت، ليصل قسم من لوحاتها إلى سويسرا وعدد من البلدان العربية.  

بعد تواتر الأحداث الأمنية في سورية، أبان سيطرة عصابات داعش الإرهابية على قسم كبير منها، اضطرت عائلة شهد للعودة إلى العراق. كان ذلك في العام ٢٠١٢، وهنا بدأت تلك الفنانة الفطرية مرحلة جديدة من حياتها، لم تخلو من مواصلة الرسم والنحت، لكنها في العام 2017، توجهت إلى فن تصميم الأزياء.

شهد التي أكملت دراستها العام الحالي وحصلت على البكالوريوس في إدارة الأعمال، كان لـ “طريق الشعب” هذا اللقاء السريع معها:

• ما الذي يميز تصاميمك في مجال الأزياء؟

- أركز في تصاميمي على دمج حضارة العراق القديم مع صورة العراق الحديثة.

• أبرز انجازاتك؟

- ركزت في جميع عروضي التي أقمتها في مختلف محافظات العراق، على تشجيع الصناعة الوطنية، وشاركت في حملات عدة لدعم انضمام مدينة بابل الأثرية إلى لائحة التراث العالمي في اليونسكو، وبعد الانضمام أقمت عرضا في اليونسكو. كما اني شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية، وحصلت على شهادات تقدير وألواح إبداع محلية ودولية وعالمية، وأخرى من وزراء وسفراء عرب.

• سمعنا انك أسست منظمة إنسانية، ماذا عنها؟

- “منظمة صناع الأمل” الإنسانية الدولية. وهي مهتمة بمساعدة اليتامى والفقراء ومرضى السرطان، خاصة من الأطفال. وقد اتسع فريقي في المنظمة ليشمل جميع المحافظات.

• كيف ترين عروض الأزياء في العراق؟

- لا تتناسب مع حجم إمكانات المصممين الحقيقيين، في الوقت الذي يوجد فيه مصممون مزيفون، أقاموا عروض أزياء ليست من تصميمهم، وأصبحوا اليوم مصممين معروفين، للأسف!

• تصاميمك خاصة بالنساء أم الرجال؟

- أنا أصمم لكلا الجنسين. كما أن لدي تصاميم خاصة بالأطفال.

• هل في العراق فضاء لعروض الأزياء العالمية؟

- في الظرف الراهن لا مجال لعروض أزياء عالمية في العراق، نظرا لعدم استقرار الأوضاع، ناهيك عن عدم اهتمام الجهات الحكومية الثقافية والصناعية بهذا المجال.

• هل تقدم حضارة العراق منهلا لاستقاء أفكار التصاميم الفنية؟

- بالتأكيد، فحضارة العراق من أقدم الحضارات، وأن دور العرض العالمية، صارت اليوم تحاكي في تصاميمها الأزياء البابلية والسومرية والآشورية.. نحن اصحاب حضارة عريقة يحق لنا ان نفخر بها أمام العالم.

 

**************