العدد 23 السنة 86 الاثنين 16 تشرين الثاني 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

ص1

أصحاب شهادات عليا وخريجون يترقبون وعودا حكومية

7 آلاف يرابطون أمام ثلاث وزارات

بغداد – عبدالله لطيف

يواصل خريجو الكليات واصحاب الشهادات العليا، اعتصاماتهم امام مقرات الوزارات المعنية، منذ شهور طوال، مطالبين بتعيينهم على الملاك الدائم، ومؤكدين ان المسؤولين الذين التقوا بهم، لم يفوا بوعودهم

ويؤكد الخريجون، انهم سيواصلون الاعتصامات لحين تحقيق مطالبهم، فيما أصدرت “تنسيقية معتصمي العلاوي” ذات الاختصاصات المختلفة، بياناً تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، طالبوا من خلاله “مجلس النواب بإيجاد الحلول المنطقية والمنصفة بحقهم”، مؤكدين انهم “لا يتحملون اعباء الحكومات السابقة التي اتخذت قرارات واحكاما انهكت البلاد”.

مسيرة للمهندسين

وتشهد العاصمة بغداد صباح اليوم مسيرة احتجاجية ينظمها خريجي كليات الهندسة انطلاقاً من ساحة “ جسر الطابقين” وصولاً الى ساحة “ الجسر المعلق” للمطالبة بالايفاء في الوعود الحكومية واطلاق التعيينات

خريجو الزراعة بانتظار 3700 درجة وظيفية

وقال المعتصم زيد فلاح، وهو خريج كلية الزراعة، أنهم “اطلقوا اعتصامهم امام وزارة الزراعة بالقرب من ساحة الاندلس منذ 18 آب الماضي”، مشيرا الى ان عددهم كان 450 شخصا من كافة المحافظات. “كلنا خريجو الهندسة الزراعية”.

وأضاف المتظاهر في حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “عددا غير قليل من النواب التقوا بنا، وكذلك بعض المسؤولين بينهم مستشارو رئاستي الجمهورية والوزراء”، مبيناً ان “بعضهم أكدوا لنا أنه لا يوجد درجات وظيفية لعام 2020، ولذا طالبنا ان يتم تحويلنا على الدرجات الوظيفية للعام القادم، حيث قال لنا الوزير ان هناك 3700 درجة وظيفية للعام القادم”. 

ولأجل إدامة التواجد في خيم الاعتصامات، يقول فلاح “قررنا تقسيم انفسنا على شكل وجبات؛ كل وجبة تبقى في الخيم لمدة ثلاثة ايام، ومن كل محافظة يحضر اربعة شخاص”.

ويقول خبراء اقتصاديون من مختلف المنابر، ان اهمال اقطاعات الزراعة والصناعة واللجوء الى الاستيراد وجعل العراق سوقا مفتوحة تسبب برفع نسب البطالة أكثر.

إشكالية أخرى

بينما يعتصم امام مقر وزارة الصحة، حوالي 2500 شخص، من خريجي كليات العلوم، مطالبين بتوفير تعيينات لهم في المستشفيات، او في دوائر صحية اخرى.  ويذكر احمد خلف، وهو مشارك مستمر في اعتصام كليات العلوم، في حديث خص به “طريق الشعب”، ان “خريجي كليات العلوم مشمولون بقانون التدرج الطبي، وهذا القانون يشمل 10 اقسام من العلوم”.

ويقول خلف ان “الحكومة لم تطبق قانون التدرج الطبي بشكله الطلوب، انما وفرت التعيينات فقط الى الاطباء والصيادلة والمعاهد الطبية والتقنية، واستثنوا اقسام العلوم من هذا القانون”.

ويشير المعتصم الى انهم قابلوا وزير الصحة “وطالبنا بتوفير فرص عمل”، مشيرا الى ان الوزارة قامت بإطلاق استمارة الكترونية للتقديم على التعيينات، “لكننا لم نحصل على شيء لغاية الان، وسنواصل اعتصامنا لحين صدور اوامر التعيين”.

وعملت الحكومات المتعاقبة على توظيف عشوائي في الدوائر الحكومية للحد من البطالة، ما تسبب في ترهل كبير في الجهاز الإداري العام، حيث تشير استبيانات انتشرت مؤخراً، الى ان الموظف الحكومي في بعض الوزارات “يعمل 17 دقيقة في اليوم، في حين ان ساعات الدوام تصل الى 8 ساعات يومياً”.

وعود 

ويواصل اصحاب الشهادات العليا، اعتصاماتهم امام وزارة التعليم، مطالبين بان يتم تعيينهم كـ”تدريسيين في الجامعات الحكومية”.

ويقول عماد الجنابي، وهو احد المشاركين في الاعتصامات، في حديث لـ”طريق الشعب”، انه “يشارك في الاعتصام مع اصدقائه منذ عشرة شهور، امام وزارة التعليم”.

ويبين ان “عددنا الان حوالي 500 شخص، قابلنا كل المسؤولين المعنيين بتوفير فرص عمل لنا”، لافتا الى ان “كل وعودهم كانت عبارة عن تسويف”.

ويضيف الجنابي ان المسؤولين في الوزارة “وعدونا ان يتم تعييننا في الكليات الاهلية، لكن القرار في تلك الكليات بيد المستثمرين ولا يوجد شيء يضمن استمرار عملنا هناك”.

************

على طريق الشعب

لا شروط

على رواتب الموظفين !

اصبح الشعب العراقي بمختلف اطيافه القومية والدينية والمذهبية والاجتماعية، فيما هو يسعى لتأمين اسباب عيشه الاساسية، رهينة للصراعات والتجاذبات بين اطراف منظومة المحاصصة الحاكمة. وفي الوقت نفسه يجري تحميله أعباء ونتائج فساد وفشل سياسات حكومات المحاصصة وتوافق الاحزاب والكتل، التي تدعي تمثيل “المكونات”.

فعلى مدى عقد ونصف العقد من السنين، عجزت الاحزاب والقوى الماسكة بزمام الحكم في البلاد عن ايجاد الحلول والمشتركات اللازمة لسن قوانين دستورية اساسية، لاستكمال بناء الدولة الاتحادية، كقانون النفط والغاز وقانون المجلس الاتحادي وغيرهما، وتعامل الجميع  مع الدستور بصورة انتقائية لخدمة مشاريعهم ومصالحهم الخاصة والفئوية، بعيدا عن المصلحة الوطنية العامة.

وفي الوقت الذي تشتد فيه معاناة شعبنا بسائر اطيافه، من آثار الازمات المركبة، السياسية والاقتصادية والمالية والصحية، كما تعكسها المعدلات المرتفعة للبطالة والفقر والامية، والاستقطاب المتنامي على صعيد الدخل والثروة، والتي تمثل الاسباب الجوهرية لانتفاضة تشرين الباسلة وللحراك السياسي والاجتماعي المتواصل منذ ما يزيد على سنة، تحاول  قوى متنفذة حرف طبيعة الصراع في اتجاه تأجيج العصبيات القومية والطائفية.

ولم يقدم اقرار قانون الاقتراض المالي حلولا مطمئنة لمآلات الاوضاع المستقبلية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. فالحكومة من جهتها، وبدلا من ان تقدم مشروع موازنة تغطي الاشهر المتبقية من السنة، تقدمت بمشروع اقتراض مالي مثير للجدل، بسبب الارقام المضخمة للانفاق والعجز من دون مبررات مقنعة، وربطت صرف رواتب الموظفين بموافقة مجلس النواب، في سابقة لا تبعث على الفخر لاصحابها. كذلك خلا مشروع الحكومة من اي تصور ملموس لكيفية تنفيذ الحكومة التزاماتها في السنة القادمة، وتجنب الارتفاع المقلق في مستويات الدين الحكومي واعباء خدمته.

اما التعديلات التي ادخلها مجلس النواب، فانها وقد خفضت مبلغ الاقتراض بنسبة ٧٠ بالمائة، اضافت شرطا ربط صرف مستحقات الاقليم بتسليمه كمية النفط المتفق عليها إلى الحكومة الاتحادية، والذي يعني بالملموس ارتهان رواتب موظفي اقليم كردستان بالتجاذبات السياسية بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية. وهذا يشكل امتدادا  لما  اقدمت عليه  الحكومة الاتحادية، عندما ربطت صرف الرواتب باقرار قانون الاقتراض المالي.

 ان من مسؤولية الحكومتين، الإيفاء  بالتزاماتهما  الاساسية ازاء الموظفين، وصرف رواتبهم في مواعيدها. ومن غير المقبول قانونيا وحقوقيا، ان يتم التلاعب بهذه المواعيد وانتهاك  الحقوق الاساسية للموظفين .

ولقد بات معلوما ان هيكلية الموازنات العامة للحكومة الاتحادية وللاقليم، غير قابلة للاستدامة بسبب الاثار التراكمية للفساد، والتوسع المفتعل في اعداد العاملين في الدولة لاغراض زبائنية من قبل الاحزاب والكتل المتنفذة، وبسبب التضخم  في رواتب ومخصصات اصحاب الدرجات الخاصة، فضلا عن آلاف “الفضائيين” في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية في المركز وفي الاقليم.

لقد بات ملحا اتخاذ اجراءات عملية وحازمة لمراجعة سلم الرواتب والاجور ونظام المخصصات، ووضع حد لظاهرة الفضائيين، وضرب منظومات الفساد.

كما ان على الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم التوصل الى حلول نهائية للمشاكل العالقة، لا سيما بالنسبة للموازنة والنفط، على اساس فهم مشترك لبنود الدستور.

وهذا يتطلب مواصلة الحوارات الجادة والصادقة المفضية الى حلول متوافقة مع الدستور، يعلن الطرفان التزامهما بتطبيقها، والكشف بشفافية عن الأرقام الفعلية للإنتاج والتصدير، وللالتزامات المالية للإقليم في المجال النفطي، وضمان انتظام دفع رواتب العاملين والموظفين في الحكومة الاتحادية والاقليم، بعيدا عن التجاذبات السياسية واية اشتراطات أخرى.

**********

من دون الولايات المتحدة

توقيع أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم

بغداد - وكالات

وقعت 15 دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادي، أمس الأحد، أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم؛ إذ يشمل ثلث الاقتصاد العالمي. وجاءت اتفاقية “الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة”، في ختام قمة “آسيان” (رابطة دول جنوب شرق آسيا) الـ37 التي عقدت افتراضيا واستضافتها فيتنام، بعد ثماني سنوات من المفاوضات. وتشارك فيها الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا. ومن المرجح بحسب ما نشرته وكالات أنباء دولية، أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى تعزيز دور بكين المهيمن في المنطقة في مواجهة الولايات المتحدة، التي لم تشارك في الاتفاقية. وتهدف الاتفاقية إلى إلغاء التعريفات الكمركية على العديد من السلع المتداولة. وتمت مناقشة وإنهاء تفاصيل الاتفاقية افتراضيا عبر الإنترنت. فيما وقّع وزير التجارة في كل بلد على الاتفاقية واحدا تلو الآخر، ثم تم رفعها أمام الكاميرات. يُشار إلى أن هذه الاتفاقية تم اقتراحها لأول مرة في عام 2012، وأبرمت أخيرا في نهاية قمة جنوب شرق آسيا، حيث يسعى القادة المشاركون فيها لإعادة اقتصاداتهم المتضررة من تفشي وباء فيروس كورونا المستجد إلى مساراتها الصحيحة.

********************

متى يفتح ملف مزاد بيع العملة؟

بغداد – سيف زهير

أظهرت الأزمة المالية الراهنة، والتي تزداد قتامة بعد أن اطاحت جائحة كورونا بأسعار النفط، هشاشة النظام الاقتصادي الريعي الذي تمسكت به القوى المتنفذة طوال السنوات الماضية، غير آبهة بمصير البلد وموقعه البعيد عن خارطة الانتاج. ومقابل كل هذا الفشل وانعكاسه السيئ على حياة المواطنين، يصر المتنفذون على المضي في عمليات النهب والفساد رغم وصول العراق إلى حافة الإفلاس وبحثه عن القروض الخارجية لتسديد رواتب موظفيه.

وبشأن ذلك، يعود الحديث مجددا عن ضرورة الالتفات إلى قطاعات مهمة تضمن واردات مالية ليست بالقليلة، استأثرت بها جهات متنفذة وملأت خزائنها من خلالها دون أي رقابة أو ملاحقة، خصوصا في “مزاد بيع العملة” التابع إلى البنك المركزي العراقي، والذي يعتبر وفق نواب ومختصين في الاقتصاد، أبرز مفصل يومي يشهد عمليات فساد وغسيل للأموال بمبالغ طائلة بإمكانها إعادة الروح إلى الاقتصاد وتقليل نسب البطالة العالية. فبذريعة الاستيراد الخارجي، تحصل بعض المصارف الأهلية، ورجال أعمال وجهات أخرى مرتبطة بالقوى المتنفذة، من هذا المزاد، على مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، تقوم بغسلها وتهريبها وإدخال بضائع لا تصل حتى إلى ربع قيمتها في أغلب الأحوال، وبالتالي فإنها تتسبب بنزف العملة، وتزيد من حدة الأزمة المالية، دون أن يفتح هذا الملف رغم المطالبات الكثيرة لكشف ملابساته وتفاصيل النهب والغسيل المالي الكثيرة فيه.

************

راصد الطريق

قرار قضائي منصف

حسم القضاء موقفه واقدم على خطوة مهمة تتعلق بالتجديد لشركات الهاتف النقال الثلاث، فبعد الامر الولائي بوضع اليد على عقد تجديد العمل لتلك الشركات ، اعلن امس رفض القضاء قرار التجديد الذي حصلت عليه الشركات في ٩ تموز الماضي ولمدة ثماني سنوات من ٢٠٢٢ ولغاية ٢٠٣٠ ، بينها ثلاث سنوات جاءت تحت مسمى التعويضات جراء  سيطرة داعش على عدد من المحافظات.

جاء هذا القرار المنصف بعد تأكيد مجلس النواب عند اقراره لقانون سد العجز المالي فجر يوم الخميس الماضي على وزارة الاتصالات وهيأة الاعلام بالعمل على إيقاف الطيف الترددي لشركات الهاتف النقال وشركات تجهيز الانترنت عند عدم تسديدهم لما عليهم من التزامات وضريبة المبيعات وضريبة  الدخل الى الهياة العامة للضرائب.   

هذه المواقف هي خطوات بالاتجاه الصحيح لحفظ أموال الشعب العراقي وضمان حصوله على افضل الخدمات ، وان يكون  هذا القطاع الهام احد مصادر الدخل الوطني من الموارد غير النفطية.

وبعد قرار القضاء يتوجب على مختلف الجهات ، وفِي المقدمة الحكومة والشركات ، احترام ذلك والعمل على تنفيذه والبدء باجراءات شفافة لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بشان اطلاق رخصة الجيل الرابع.  والسؤال هنا : لماذا لا تقوم شركات الوزارة بتامين ذلك ؟!

*************************

ص 2

السوداني: إبطال عقود شركات الهاتف

يؤسس لمرحلة أفضل

بغداد – طريق الشعب

عدّ النائب محمد شياع السوداني، يوم أمس، قرار بطلان تجديد عقود شركات الهاتف النقال من قبل القضاء، تأسيسا لمرحلة جديدة في تقديم خدمات أفضل للمواطنين.

وقال السوداني في تصريح صحافي، تابعته “طريق الشعب”، إن “قرار مجلس القضاء، يؤسس لمرحلة جديدة في قطاع الاتصالات، ليكون عاملاً مساعداً لإيرادات الدولة غير النفطية”.

وأشار إلى أن “الوثائق التي حصلنا عليها لم تصل إلى رقم واضح ومحدد لحجم الديون المترتب على الشركات، وهذا مؤشر لعمل خطر من قبل هيئة الاعلام والاتصالات في التضليل للمؤسسات والحجم العام للديون”، موضحا أن “الشركات ستستمر بتقديم خدماتها لنهاية عام 2021، وبعد ذلك يفترض بوزارة الاتصالات وهيئة الإعلام أن تنفذ قرار مجلس الوزراء بتشغيل خدمات الجيل الرابع، علما ان وزير الاتصالات تعهد بتقديم شركات تقدم خدمات هذا الجيل وهناك بعضها جاهزة للعمل”.

*************

اضاءة

زراعتنا الى أين ؟!

محمد عبدالرحمن

 حملت وسائل الاعلام خلال الاسبوع عناوين مهمة تخص القطاع الزراعي، الذي يعول عليه كثيرا في تأمين سلة الغذاء للمواطن العراقي من منتوجه الوطني. هذا المنتوج الذي يتعرض الى المضايقة والتضييق من جهات عدة ، داخلية وخارجية ، مع استمرار  نشاطات التهريب والاستيراد العشوائي وما يسببان من نزف للعملات الصعبة وتحويلها الى خارج العراق ، في وقت تشتد فيه الازمة الاقتصادية والمالية وتعصف حتى برواتب الموظفين والمتقاعدين، وتضعف إمكانية تامين المتطلبات الأساسية للمواطنين وبضمنها الصحية والتموينية . 

ولا شك ان القطاع الزراعي تراكمت فيه مشاكل عدة جراء التخبط وسوء الإدارة، ويأتي فِي المقدمة النهج الذي لا يعير اهتماما لتنمية القطاعات الإنتاجية، خصوصا أيام الوفرة المالية التي ولدها ارتفاع أسعار النفط. فحينها كان احد المسؤولين، وهو في موقع مقرر، يكرر القول:” عندنا المال ونستطيع شراء كل شيء “. بهذه العقلية كان يدار اقتصاد البلد حتى “ وقع الفاس بالراس”.

وكم مرة قال مسؤولون ان الدولة  تدفع لمنتجي الحنطة والشعير والذرة اكثر مما لو تم استيراد هذه المواد من الخارج، متناسين عن عمد وقصد كلف انتاج الدونم الواحد المرتفعة  عندنا، وضآلة ما  تقدمه الدولة من دعم للفلاحين وخاصة في الكهرباء والوقود والبذور المحسنة، فيما يبقى من مهام الدولة استصلاح الأراضي وصيانتها وتوفير المياه، ويتناسون أيضا  ان  تنشيط الزراعة يوفر فرص عمل ودخل لملايين العراقيين.

ان هناك شروطا عدة للنهوض بالقطاع، ومن الواجب سماع   صرخات  مسؤولي وزارة الزراعة ذاتها، التي تتعالى داعية لحماية المنتح الوطني ووقف “الحرب الشعواء “ على الزراعة وسياسة اغراق البلاد بالمحاصيل المستوردة، وان يكون تطوير هذا القطاع نهجا ثابتا للدولة ولراسمي السياسة الاقتصادية. والمطلوب طبعا ان تخصص الأموال الكافية لذلك، وحسب المنظمات الدولية ذات العلاقة يفترض ان لا تقل التخصيصات عن ١٠ في المائة من الدخل الوطني.

كما ان هناك جهدا مطلوبا على كافة المستويات لتأمين حصة عادلة للعراق من المياه، ومباشرة مباحثات جدية مع تركيا وايران في هذا الشأن، والانطلاق أولا وأخيرا من حاجة العراق ومصلحته بعيدا عن حسابات الربح والخسارة سياسيا .

ان استنهاض القطاع الزراعي مهمة لا تقبل التأجيل، ان كانت هناك نية صادقة في  تنمية القطاعات الإنتاجية في بلادنا، والتقليل التدريجي من الاعتماد على النفط واسعاره غير المستقرة، والتي لا نستطيع التحكم فيها .

هذا هو طوق النجاة وبعكسه لن نحصد غير المزيد من الصعوبات المالية والاقتصادية، التي لا تنفع في مواجهتها القروض الداخلية ولا الخارجية!

*************

ذوو القمصان البيض يشددون على تنفيذ المطالب

الاحتجاجات تتواصل..

بغداد – علي شغاتي

شهدت محافظتا بغداد وبابل استمرار المسيرات الطلابية المطالبة بتنفيذ مطالب المنتفضين ومحاسبة قتلة المتظاهرين، فيما اقدم عدد من المحتجين على قطع جسر النصر وسط مدينة الناصرية للمطالبة بإقالة المحافظ والافراج عن الناشط المدني المختطف سجاد العراقي.

وتواصلت الاحتجاجات الشعبية في ثمان محافظات، يوم امس، للمطالبة بتوفير فرص العمل وصرف الرواتب المتأخرة للموظفين، ودعم المنتج المحلي وتوفير الخدمات.

نزول جديد للقمصان البيض

وفي العاصمة بغداد، نظم العشرات من الطلبة مسيرات احتجاجية، للتأكيد على المطالب المشروعة للانتفاضة، وكشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

وقال مراسل “طريق الشعب” ، إن “العشرات من الطلبة انطلقوا في مسيرة احتجاجية، من أمام وزارة التعليم العالي صوب ساحة التحرير، للتأكيد على المطالب المشروعة للمنتفضين، فضلاً عن المطالبة بالكشف عن قتلة شهداء الانتفاضة ومحاسبتهم”.

واضاف ان “العشرات من اصحاب العقود والاجور اليومية، نظموا أيضا مسيرة احتجاجية، انطلقت من امام وزارة الكهرباء صوب مقر مجلس الوزراء، للمطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 315 لسنة 2019، وتحويلهم الى عقود وزارية”.

وفي محافظة بابل، توافدت حشود من طلبة المحافظة على ساحة الاعتصام المركزية تحت مجسر الثورة، مطالبة بتنفيذ المطالب المشروعة للمحتجين.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، في الحلة ان “المئات من طلبة الجامعات في المحافظة، توافدوا على ساحة الاعتصام الرئيسية في المحافظة، مطالبين بتنفيذ كامل مطالب المحتجين، وعلى رأسها تثبيت موعد الانتخابات المبكرة، وضمان اجرائها وفق اشراف الاممي، وتشكيل مفوضية مستقلة، وكشف ومحاسبة قتلة المتظاهرين ومحاسبة الفاسدين”.

احتجاجات متنوعة في البصرة

فيما، شهدت محافظة البصرة، عدد من الفعاليات الاحتجاجية المطالبة بتوفير فرص العمل وصرف الرواتب.

وأفاد مراسل “طريق الشعب”، أن “خريجي كليات الهندسة اغلقوا مقري شركة النفط في الزقورة والماكينة، بالإضافة للمركز الثقافي النفطي، ومشروع للماء خلف المركز، بعد انتهاء المهلة التي منحوها لرئيس الوزراء في الاستجابة لمطالبهم”.

وبيّن المتظاهر حسين فالح، ان “رئيس الوزراء طلب مهلة اسبوع من المتظاهرين، لإيجاد حل لقضيتنا، ولكن للأسف يبدو ان تسويف مطالبنا متعمد من قبل اعلى سلطة تنفيذية في البلد، وان ارقام الهواتف التي زود بها ممثلي التظاهرات للتواصل مع مكتب رئيس الوزراء، جميعا خارج عن الخدمة”، مشدداً على “عدم التفاوض مع اي جهة بعد نقض رئيس الوزراء لوعوده”، مبيناً، ان “المطلب الوحيد لنا هو ابرام عقود وزارية معنا والمباشرة فوراً”.

في الاثناء، تظاهر العشرات من موظفي المؤسسات النفطية ذات التمويل الذاتي، امام مقر البنك المركزي في المحافظة، احتجاجا على تأخر صرف الرواتب.

واعتبر المتظاهر احمد ياسين لـ”طريق الشعب”، أن “ازمة السيولة المالية مفتعلة، وان الازمة الحقيقية تتعلق بإدارة الدولة وعدم استغلال الموارد، من منافذ حدودية وضرائب وعوائد مالية اخرى، بسبب الفساد المستشري وغياب الرقابة، وسوء الادارة”، مشيراً الى “تضرر المواطن البسيط بشكل مباشر من هذه الازمات، وآخرها عدم صرف رواتبنا لمدة 50 يوما”.  

يُذكر ان العشرات من أصحاب حقول انتاج بيض المائدة، نظموا وقفة احتجاجية في ناحية سفوان، احتجاجا على السماح للبيض المستورد في الدخول عبر المنافذ الحدودية، مطالبين الحكومة المركزية بدعم المنتج الوطني.

قطع طرق في الناصرية

ودخلت محافظة ذي قار يوم امس تصعيدا احتجاجيا إثر قطع العشرات من المتظاهرين الغاضبين لعدد من الطرق الرئيسية في المحافظة، مطالبين بتوفير الخدمات وإقالة المحافظ.

وبحسب الناشط المدني، حسين علي، فإن “العشرات من المحتجين اقدموا على قطع جسر النصر، وسط مدينة الناصرية، قبل ان يتجهوا صوب مبنى ديوان المحافظة بسبب تجاهل مطالبهم بإقالة المحافظ”، موضحاً أن “المحتجين امهلوا المحافظ لغاية يوم الخميس المقبل لتقديم استقالته”، داعياً “الحكومة المركزية الى النظر في مطالب المتظاهرين في المحافظة، واطلاق سراح الناشط المدني المختطف سجاد العراقي”.

يُشار الى أن عددا كبيرا من اهالي منطقة السائح، اقدموا على قطع الطريق الرابط بين مدينة الناصرية والطريق الدولي، مطالبين بتوفير المياه الصالحة للشرب للقرى القريبة من الطريق، وإنشاء الممر الثاني للطريق الذي يشهد حوادث سير مروعة، واستحداث  مركز صحي وبناء مدرسة اخرى.

احتجاجات الموظفين في واسط

وفي محافظة واسط، تظاهر العشرات من موظفي الجباية العاملين في دائرة توزيع الكهرباء، امام مبنى المديرية، مطالبين بصرف مستحقاتهم المتأخرة.

وأشار المتظاهر وسام جمعة، في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “تعليمات منح أجورنا وفق نسب الجباية، هو قرار غير منصف، كون اغلب المواطنين يرفضون دفع مبالغ الجباية، في الوقت الذي نستمر فيه في العمل رغم الظروف الصحية والامنية طوال الفترة الماضية”.

الى ذلك، نظم منتسبو دائرة الصحة، وقفة احتجاجية امام بوابة المركز الصحي في قضاء العزيزية، احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم.

وذكر مراسل “طريق الشعب”، ان “العشرات من الموظفين في دائرة الصحة، نظموا وقفة احتجاجية، بسبب تأخير صرف رواتبهم لأكثر من 50 يوم”، مشيراً الى أن “الموظفين شكو من تأخير رواتبهم سبب لهم ضائقة مالية كبيرة، في ظل الالتزامات المالية المترتبة عليهم”.

تظاهرات المهندسين في الديوانية

هذا وجدد العشرات من خريجي كلية الهندسة، احتجاجاتهم أمام مصفى الشنافية في الديوانية، مطالبين بتوفير فرص العمل.

وقال مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، إن “خريجي كليات الهندسة، طالبوا بوضع حلول واقعية لمطالبهم المشروعة، خاصة بعد حصولهم على موافقة الوزير السابق في التعيين على ملاكات المصفى”.

واضاف ان “العشرات من الحرفيين والاداريين العاملين في المجان في دوائر مديرية التربية في المحافظة، نظموا تظاهرة امام مبنى المديرية، للمطالبة بتوقيع عقود وزارية معهم، ورفع اسمائهم الى وزارة المالية”، مهددين “في حال عدم الاستجابة لمطالبهم باتخاذ خطوات تصعيدية”.

تظاهرات ذوي العقود في كربلاء

وفي غضون ذلك، تظاهر عدد من اصحاب العقود، امام مبنى مديرية كهرباء كربلاء، مطالبين بعدم ربط رواتبهم بأموال الجباية من المواطنين.

ونوه مراسل “طريق الشعب”، بأن “اصحاب العقود العاملين في جباية الكهرباء، نظموا تظاهرة امام مديريتهم، مطالبين بتحويلهم من قرار مجلس الوزراء رقم 341 الى 315”، مبيناً، أن “مطالبهم تأتي بسبب الاجحاف والظلم الذي يتعرضون له وفق قرار مجلس الوزراء رقم 341، والذي حدد نسبة الرواتب على وفق الاموال التي يتم الحصول عليها من المواطنين”، مطالبين بـ”شمولهم بقرار مجلس الوزراء رقم 351 لسنة 2019، وتحويلهم الى عقود وزارية”.

وفي المقابل، نظم العشرات من خريجي كليات الإدارة والاقتصاد والمعهد المحاسبي في محافظة المثنى، وقفة احتجاجية امام قيادة شرطة المحافظة، احتجاجا على قيام احد الضباط برفع دعاوى قضائية بحق زملائهم، والتعدي عليهم في وقت سابق.

 

************

حقوق الانسان:

حالات الانتحار ازدادت

والاسباب هي “ الفقر والعوز”

ديالى - طريق الشعب

كشف مكتب المفوضية العليا حقوق الإنسان في محافظة ديالى، امس الأحد، عدد حالات الانتحار خلال العام الجاري، فيما بيّن تسجيل ارقام وصفها بـ”العالية جداً”.

وقال مدير المكتب، صلاح مهدي في حديث صحفي تابعته “ طريق الشعب” إن “مكتب حقوق الانسان عقد ندوة شاملة عن ظاهرة الانتحار المتفاقمة في ديالى، خاصة بالسنوات الأخيرة بعد تسجيل أرقام عالية جدا تظهر مشاكل جمة بدأت تتغلغل الى المجتمع”.

وأضاف مهدي، أن “إجمالي محاولات الانتحار في ديالى خلال العام الجاري تجاوزت حاجز الـ 40 حالة، أكثر من نصفها انتهت بالوفاة، بلغت نسبة الشباب منها 70%”.

وأشار إلى أن “أسباب الانتحار متعددة، بعضها لأول مرة يحصل، ومنها سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى حالة الفقر والعوز كانت وراء 50% من محاولات الانتحار، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية، ومنها الخيانة الزوجية”.

ولفت إلى أن “ملف الانتحار في ديالى معقد جدا، ويحتاج بالفعل إلى دراسات مستفيضة لان عدد الضحايا يرتفع سنة بعد اخرى، والحصيلة بالعشرات، وأغلبهم من الشباب”.

وأوضح، أن “انفتاح المجتمع حيال ملف الطب النفسي وامكانية التعاطي المبكر مع بعض العلامات الواضحة التي قد تدفع البعض للانتحار، مهمة جداً من أجل تفادي النهاية المأساوية”.

**********

تحذير برلماني من استخدام ملايين البطاقات الانتخابية المفقودة.. والمفوضية تنفي

بغداد – طريق الشعب

تحدث عضو مجلس النواب، بهاء الدين النوري، أمس الأول، عن “فقدان” ملايين البطاقات الانتخابية الالكترونية التي من المتوقع ان تستخدم لتزوير الانتخابات، فيما ردت مفوضية الانتخابات على ذلك.

وقال النوري في تصريح صحافي، اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “القانون الذي جرى التصويت عليه بعجالة باستخدام البطاقتين “الالكترونية” و”البايومترية” في الانتخابات، سينتج عملية سياسية مزورة مقدماً في ظل فقدان 4 ملايين من البطاقات الالكترونية من مفوضية الانتخابات”.

وطالب بـ”إجراء الانتخابات بالبطاقة البايومترية فقط، لضمان عدالة الانتخابات وخلوها من التزييف”.

وفي المقابل، نفت مفوضية الانتخابات ما تحدث عنه النائب بخصوص هذا العدد من البطاقات المفقودة.

وقالت المتحدث باسم المفوضية، جمانة الغلاي، في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، “لا يوجد مثل هذا العدد من البطاقات المفقودة، ولكن حفاظاً على أصوات الناخبين وجهت الادارة الانتخابية بتقديم دراسة بشأن بطاقات الناخبين غير المستلمة والمفقودة وتشكيل لجان تحقيقية لمعرفة ملابسات الحادث”. وأكدت أنه تم “تعطيل وإلغاء البطاقات المفقودة كافة، ولن تعود صالحة للعمل إطلاقاً”.

*********

ص3

مزاد العملة.. نافذة كبرى للفساد

برلمانيون : السلطة النقدية لا سلطان عليها

بغداد - سيف زهير

يقول نواب في اللجنة المالية البرلمانية، ان “شبهات فساد كبيرة” تطال عمل مزاد العملة اليومي، لكنهم يجمعون على أن “السلطة النقدية لا سلطان عليها”، وبالتالي هناك “غياب” للإجراءات الرقابية.

وتناسقا مع ذكره النواب، يشير مراقبون وأكاديميون الى وجود “عمليات غسيل أموال واضحة” في مزاد العملة، لافتين الى بيانات صندوق النقد الدولي، التي كشفت سابقا عن “وجود فرق حسابي قيمته ١٠٠ مليار دولار ما بين أعوام ٢٠٠٦- ٢٠١٦ خلال عمليات التحويل والاستيراد”.

ويتهم وزير سابق إدارة البنك المركزي بالتقصير لـ”تجاهلها” مراقبة عمل مكاتب تحويل العملة “ الصيرفة” الاهلية، مؤكدا ان بعضها “وهمية” وتعتاش على نافذة المزاد فحسب.

شبهات فساد كبيرة

وتتمحور الملاحظات بشأن شبهات الفساد داخل المزاد، حول قيام البنك المركزي ومن خلال نافذة هذا المزاد، ببيع الدولار الى المصارف الأهلية وشركات التحويل المالي لإدارة عملية استيراد البضائع، وهنا تحديدا يجري الحديث عن عمليات غسيل الأموال وتهريبها، بعدما تسحب أموال ضخمة مقابل فاتورات بضائع لا تصل حتى إلى ربع قيمتها في أغلب الأحوال، فضلا عن التربح للمصارف من خلال فرق العملة الواضح.

ووفقا لجدول مبيعات البنك المركزي للعملة الاجنبية، يبلغ سعر البيع النقدي وسعر المبالغ المحولة لحسابات المصارف في الخارج (1190) دينارا لكل دولار، بينما تحدد تلك المصارف السعر التجاري للدولار بـ(1125) دينارا للدولار الواحد.

ويقول استاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، ان مزاد العملة ومنذ تأسيسه عام ٢٠٠٣ ولغاية عام ٢٠١٨ شهد “بيع نصف ترليون دولار ذهبت ٨٠ في المائة منها لتغطية الاستيرادات، بينما كان المتبقي منها لعمليات البيع النقدي”.

وبحسب حديث المرسومي لـ”طريق الشعب”، فإن صندوق النقد الدولي كشف في بياناته عن “وجود فرق حسابي قيمته ١٠٠ مليار دولار ما بين أعوام ٢٠٠٦- ٢٠١٦ خلال عمليات التحويل والاستيراد، وهو غسيل أموال واضح جدا”، علما إن بيانات تقرير وزارة التخطيط لعام ٢٠١٩ بخصوص السلع المستوردة، أوضح إن “إيرادات العراق كانت ٢١ مليار دولار، في حين أن الاعتمادات المستندية لتغطية بيع المستوردات كانت ٤٤ مليارا و ٩٠٠ مليون دولار”، وهذه فجوة قيمتها قرابة ٢٥ مليار دولار لعام واحد فقط.

ويعتبر المرسومي، مزاد العملة “نافذة كبرى للفساد، لأنها تسهّل هروب الدولار الشحيح إلى دول الجوار”، مشيراً الى ان “مكتب مكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي، والجهات الحكومية والمعنية بهذا الأمر، لا تتحرك لمتابعة الفساد الذي يظهر بوضوح كبير من خلال تزييف قوائم الاستيرادات، وعدم تطابق بياناتها الرسمية، مع وجود فوارق مالية كبيرة فيها”.

ويشير المتحدث الى أن الورقة الحكومية البيضاء “أغفلت الحديث عن مزاد العملة لأسباب سياسية، خصوصا وإن التأكيدات تشير الى ارتباط هذا الملف بأطراف متنفذة”.

مصارف تستنزف العملة

وضمن هذا المشهد لم يكن غريبا، بنظر مختصين، أن تدرج المفوضية الأوروبية قبل حوالي خمسة أشهر، العراق إلى جانب دول أخرى ضمن قائمة “الدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي بسبب القصور في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، لتعلن الخارجية العراقية لاحقا “خروج العراق جزئيا من القائمة على أمل الخلاص منها”.

نواب يؤكدون الفساد

جهات عديدة داخل مجلس النواب تقرّ بوجود مؤشرات واضحة لعمليات غسيل الاموال في المزاد، وبضمها اللجنة المالية البرلمانية.

وارتباطا بهذا الجانب، يشدد النائب في اللجنة المالية، أحمد حمه رشيد، على إن “أغلبية أعضاء اللجنة متفقون على أن مزاد العملة تشوبه شبهات فساد كبيرة، ولان السلطة النقدية لا سلطان عليها فالإجراءات اللازمة غائبة”، وفق تصريح صحفي له.

ومن داخل البرلمان أيضا، يعلل النائب علي البديري، بقاء ملف المزاد مغلقا لارتباطه بـ”أطراف متنفذة داخل القرار التنفيذي والتشريعي، تورطت بهدر مالي يعادل موازنات دول وهي كافية لتشغيل المصانع المتوقفة والقضاء على النسبة الاكبر من البطالة”.

ويلفت البديري في تصريح صحافي، تناقلته وكالات أنباء، إلى إن “التحقيق من قبل أي طرف نيابي بهذا الملف يتم غلقه بسرعة عجيبة”.

مزاد أم منفذ؟

أما النائب والوزير السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، فيعرّف ما يسمى بمزاد العملة، بـ”النافذة”، معللا ذلك بعدم توافر شروط المزاد فيه. فهو يتربح من عمليات البيع أو الشراء على حدٍ سواء، على اعتبار البنك المركزي هو بنك البنوك والمأخذ الأبرز عليه، تسليمه الدولارات بكلفة أقل وبمبالغ كبيرة إلى بعض التجار ورجال الأعمال والمصارف الأهلية.

ويعتبر عبد اللطيف أثناء حديثه لـ”طريق الشعب”، هذا السياق يمثل نزفاً مالياً للعملة الصعبة يؤدي إلى “تعميق أزمة نقص رصيد البلد في المصارف العالمية المعتمدة”.

ويلفت إلى إن أداء البنك المركزي بخصوص تغاضيه عن استيراد بضائع بسيطة مقابل أموال طائلة تؤخذ من المزاد، هو أساس الشكوك ووضع علامات الاستفهام، مشيرا الى أن “كل مصرف أهلي يحصل اسبوعيا على قرابة المليون دولار من هذا المزاد بدون القيام بالشروط المصرفية المطلوبة التي يفترض أن ترعى الاقتصاد”.

ويستذكر عبد اللطيف، ما قام به مجلس النواب عام ٢٠٠٧ عندما شرّع مادة ضمن الموازنة “حددت بيع الدولار سنويا بمبلغ ٧٠ مليار دولار كحد معقول جدا لوقف نزف العملة الصعبة، إلا إن حكومة المالكي قامت عام ٢٠٠٩ بالطعن لدى المحكمة الاتحادية بهذه المادة القانونية والغائها”.

ويشدد على أن “البنك المركزي يضع نفسه بموقف المتهم بالمشاركة أو المساعدة في عمليات الغسيل، خصوصا وأن ضوابطه غير شفافة، وتدقيقه ومراقبته ليست دقيقة، والدليل هو افتتاح ما يقارب ٢٠٠ شركة صيرفة في بغداد فقط”.

ويتهم عبد اللطيف إدارة المركزي بـ”غض البصر عن شركات صيرفة وهمية في الموصل والأنبار وما بينهما، كانت قد تسلمت أموالا طائلة من المزاد خلال عمليات احتلال الإرهاب لتلك المناطق”.

الجهات المعنية بالملف

الأطراف التي يقع عاتقها متابعة شبهات الغسيل التي تجري داخل مزاد العملة، وملاحقة الأموال داخل العراق وخارجه، عديدة ومختلفة المهام، مثل البنك المركزي وهيئة الگمارك والادعاء العام والقضاء والأمن الوطني ووزارة المالية وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجهاز المخابرات الوطني والملحقيات الاقتصادية.

هذا ما يؤكده خبير مكافحة الفساد، سعيد ياسين، الذي يقول لـ”طريق الشعب”، إن على هيئتي الگمارك والضرائب “تقديم اشعارات تبيّن حجم البضائع المستوردة مقابل الأموال المخصصة لها. ففي حالة التوريد، لا بد من التدقيق بحجم الأموال، وتزويد البنك المركزي بالمواد والأسعار وفق (منفيست) الأسعار وأن تكون الضرائب واضحة”.

وللحد من عمليات التزييف التي تكون بداية نحو طريق الغسيل المالي الطويل والشائك، يقترح ياسين “أتمتة قطاع الگمارك ووضع آليات واضحة لتدقيق السلع من حيث الجودة ودفع الرسوم عليها، بشرط أن يقفل (الكونتينر) الخاص بها بقفل الكتروني تتم متابعته عبر الأقمار الصناعية اعتبارا من مكان المنشأ، ووصولا إلى العراق، على أن تتم عملية الدفع للمستحقات في البلد المنشأ وتسجل من هنالك لصالح الگمارك والضرائب العراقية، حتى تصل مستوفية الشروط وواضحة الأرقام والتفاصيل بلا تلاعب”.

00000000000000000000000000000000000000000000000000

النقابات تشكو “التجاهل” عند صياغة المقترحات

قانون التقاعد والضمان الاجتماعي: امتيازاته «معطلة»   وتعديلاته «تنصف العمال»

بغداد ـ نورس حسن

كشفت مصادر مطلعة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عن تقديم “9 تعديلات قانونية مقترحة” الى مجلس شورى الدولة، تخص قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، تمهيدا لعرضها في إحدى مجلس الوزراء، قريبا.

وفيما أكدت المصادر، ان التعديلات الجديدة من شأنها تقويض تهالك المواطنين من خريجين وغيرهم على “الوظيفة الحكومية”، قال نقابيون ان الوزارة “تجاهلت” مشاركتهم النقاش في مسودة مشروع التعديل الجديد، مشيرة الى انها شكت ذلك الى منظمة العمل الدولية.

وفي تلك الاثناء، طرح قانونيون جملة ملاحظات تخص القانون المعمول به منذ العام 1971، مشيرين الى انه يتضمن الكثير من الامتيازات “لكنها معطلة”.

قانون معتمد دوليا

وكشف وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي، في تصريح أخير، اطلعت عليه “ طريق الشعب”، ان “مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي المعدل اعتمد على الاتفاقيات العربية والدولية في مجال حقوق العمال”.

واشار الى انه “وفق قرار مجلس الوزراء رقم 413 لسنة 2017 وبحسب المادة 37 من قانون الضمان الجديد للعمال، فإن الحد الأدنى لأجر تقاعد العامل في القطاع الخاص يجب ان لا يقل عن 350 الف دينار، وكذلك إلزام صاحب العمل ان يأخذ بنظر الاعتبار المؤهل الدراسي للعامل قبل احتساب أجره”.

وافاد وزير العمل بان “المادة 37 من قانون الضمان التقاعدي نصت على ان يكون الحد الأعلى للمتقاعد 100% من آخر راتب تم تسلمه من قبل العامل المضمون”.

وبيّن أن “سنوات الخدمة المضمونة فيها أصناف مختلفة؛ فيستحق الرجل راتباً تقاعدياً اذا كانت لديه 15 سنة خدمة وعمره 63 سنة، واذا كانت امرأة عمرها 58 سنة ولديها خدمة 15 سنة مضمونة فانها تستحق راتبا تقاعديا ايضا”.

واضاف، “أما إذا كانت خدمة الرجل 20 سنة مضمونة، وعمره 60 سنة فانه يستحق راتبا أيضاً، والمرأة التي لديها خدمة لـ 20 سنة، وعمرها 55 أيضا تستحق أيضا”. وبيّن الوزير، تفاصيل أخرى تضمنها التعديل المقترح.

9 تعديلات تواجه “الوظيفة الحكومية”

ووفقا لمصدر مطلع في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، قال لـ”طريق الشعب”، يوم امس، ان الوزارة “تعمل منذ عامين على تعديل قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعام 1971”، مفصحا عن وجود “تسعة تعديلات قانونية، سلمت الى مجلس شورى الدولة”.

وزاد المصدر، ان “إجراءات التعديل المقترحة راعت انصاف الكثير من الفئات العمالية في القطاع الخاص، بضمان اجتماعي”، كما تشمل “العاملين في مهن حرة كسائقي المركبات وأصحاب الورش وغيرهم”.

وبيّن المصدر الهدف من تلك التعديلات، قائلا: انها “لتقليل مساع المواطنين للالتحاق بالوظائف الحكومية”، موضحا ان مشروع القانون الذي بصدد تشريعه “يمنح الوظيفة الحكومية للعاملين في القطاع الخاص”.

وأكد المصدر، ان المشروع “سيعرض على مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة”، مشيرا الى انه لاقى “استحسان” الجهات التنفيذية، ولجنة العمل في مجلس النواب.

شكوى عمالية الى منظمة العمل الدولية

الى ذلك، أوضحت عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، علياء حسين ماهود لـ”طريق الشعب”، يوم امس، ان وزارة العمل لم تتعامل مع الاتحادات العمالية لمناقشة مسودة القانون، مؤكدة ان الاتحاد العام لنقابات عمال العراق “قدم شكوى ضد الوزارة الى منظمة العمل الدولية، التي بدورها خاطبت الحكومة العراقية”.

امتيازات معطلة

بدوره، أوضح مصطفى قصي، محامي مهتم بالشؤون العمالية، لـ”طريق الشعب”، قائلا: “هناك الكثير من النقابات تمتلك صناديق تقاعدية خاصة بها”، لافتا الى ان “خطوة دمج قانون التقاعد والضمان الاجتماعي في قانون واحد جاءت من قبل حكومة العبادي، وذلك لسحب دعمها لهذه الصناديق”.

وأضاف قصي “في حينها تم عرض مسودة مشروع القانون على الجهات المعنية والمختصة، لكنه رفض تحت تبرير انه قانون غير مجدي، وان اثاره السلبية اكثر من الإيجابية، وبالتالي اعتكفت الوزارة عن تقديم مشروع قانون جديد للتشريع”.

ويؤشر قصي “ثغرات عدة” في قانون التقاعد الضمان الاجتماعي المعمول به، مكتفيا بالقول انه “بحاجة الى تعديل يناسب وضعنا الحالي”.

ولفت الى ان وضع العاملين في ظل تفشي جائحة كورونا، صار مأساويا بعد أن فقد الكثير منهم “مصادر ارزاقهم”، مشيرا الى ان هؤلاء “لا يمتلكون أي ضمان او مواد قانونية تعالج أوضاعهم، وتضمن حقوقهم بالعيش الكريم”.

وسلط قصي الضوء على رؤية النقابات العمالية في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي المعمول به منذ عام 1971، مبينا انه “يتضمن الكثير من الامتيازات للعمال، لكنها معطلة، وبحاجة الى تفعيل”.

000000000000000000000000000000000000000000000000000000000

من أجل استرداد موارد

عقارات الدولة

ابراهيم المشهداني

في الوقت الذي تعاني الدولة من أزمة اقتصادية ومالية خانقة لدرجة وضعتها أمام عجز عن توفير رواتب موظفيها لأول مرة في تاريخ العراق الحديث بسبب سوء التطبيق الصحيح لقانون الإدارة المالية والدين العام واحكام التصرف بعقارات الدولة، فإنها ولأسباب متعددة لم تتعامل معها بوصفها جزءا من التنمية الشاملة وجعلها مصدرا ماليا فاعلا في معالجة الازمة.

ويتجلى ضياع هذه الاصول بأشكال وطرق متعددة ومنها على سبيل المثال أن 60 في المائة من هذه العقارات وتقدر ب 300 ألف عقار مستغلة بدون عقود وخارجة عن الطرق الأصولية التي نصت عليها القوانين النافذة، وأن استغلالها يتم من قبل أحزاب سياسية نافذة وجماعات مسلحة منفلتة ومواطنين مرتبطين بمافيات الفساد،  وان  40 في المائة من هذه العقارات مستغلة وفق عقود أصولية ولكنها بأجور وأسعار أقل بكثير من مستوى أسعار السوق،  حيث تقدر أسعار بيع المتر المربع من هذه الاصول خلال الفترة بين 2006 و2014 بستة دولارات مع أن سعرها في السوق يقدر بألفي دولار.

 وإن العقارات المستولى عليها بنفس الأسلوب  تتركز في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة وكركوك قد تم الاستيلاء غير المشروع عليها عن طريق التزوير والتلاعب في السجلات الحكومية والوثائق الصادرة من الجهات الرسمية، وفي الغالب تصنف هذه العقارات بكونها إما اراض غير مشغولة أو أبنية حكومية  وقصور رئيس النظام السابق وعددها 68 قصرا، أغلب المتجاوز عليها في المحافظات أو مقرات حزب البعث ودوائر الأمن والمخابرات وأبنية عسكرية وأمنية ومقرات لجمعيات ونقابات مهنية أو دور تابعة لأزلام النظام السابق ومستولى عليها من قبل الدولة أو دور سكنية عائدة الى مواطنين عراقيين مهاجرين ضاقت بهم سبل العيش المستقر في بلد مأزوم.

   إن مما يعقد معالجة هذا الملف الشائك هو ارتفاع حجم الفساد وسطوة القوى السياسية النافذة التي ينضوي تحت عباءتها سياسيون يلعبون دورا كبيرا في التغطية على هذه التجاوزات، بالإضافة الى فصائل مسلحة وأكثرها وضوحا في المنطقة الخضراء ومجمع الجادرية والقادسية وشارع الزيتون والكاظمية والحارثية وعقارات تقع على ضفتي دجلة في منطقة الكرخ والرصافة.

 إن بعض خبراء الاقتصاد يشير إلى أن الدولة لو نجحت في ضبط قيم هذه الأصول لحققت ايرادا لخزينة الدولة مقداره تريليون دينار في الشهر من مطاعم وفنادق ومحال تجارية ودور سكنية ومساحات تستخدم كمخازن تجارية، وعلى الرغم من أن الحكومة وهي المسؤولة عن ضبط وتعظيم ايراداتها قد لجات الى تشكيل لجان عديدة لمعالجة هذا الملف الشائك الا أنها خرجت بخفي حنين إما لمجاملات أو نتيجة لتهديد وابتزاز بعض الجهات النافذة أو لأنها لا تمتلك بيانات واضحة ودقيقة وتتحرك بعناوين وهمية.

   إن جدية الحكومة في استرداد القيم الحقيقية لأصول الدولة المتجاوز عليها تتجلى قبل كل شيء بالحد من حوار الطرشان الذي لا يسمن من جوع، بل بخطوات واجراءات ملموسة من خلال تحشيد كل طاقاتها واجهزتها الرقابية والأمنية وتنظيم حركتها على اساس توفير معطيات كاملة عن هذه الأصول والابتعاد عن الازدواجية في التعامل مع المتجاوزين بغض النظر عن مراكزهم الحكومية والسياسية وتشكيل هيئة قضائية من قضاة معروفين بكفاءتهم ونزاهتهم وشجاعتهم في اتخاذ القرار.

***************

ص4

أثار خلافات شديدة وسبب تداعيات مستمرة

قانون العجز المالي: ترحيل المشكلة الكبرى الى 2021

بغداد ـ مصطفى عبادة

أجهد مجلس النواب نفسه، ليقرّ قانون الاقتراض المحلي أو معالجة العجز المالي، فجر الخميس الماضي، محاولا ترحيل والتهرب من مواجهة الواقع، لتجنب الانفجار الشعبي، دون البحث عن مخرج واقعي للأزمة الاقتصادية؛ فالعقل السياسي “الريعي” الذي يتحكم بمقدّرات البلاد، ما زال يراهن على ارتفاع اسعار النفط، بعيدا عن التفكير ببدائل أخرى كتكثيف جهود مكافحة الفساد المالي والاداري، إيجاد خطة جدية لإدارة موارد البلد، وتقنين النفقات غير الضرورية والرواتب والمخصصات الخيالية، وغير ذلك.

وسمح القانون الجديد لوزير المالية، بالاقتراض من البنك المركزي والمصارف الداخلية، مبلغ 12 تريليون دينار لتمويل العجز في ميزانية العام الحالي، واستكمال دفع رواتب الموظفين. وشهدت جلسة البرلمان، فجر الخميس الماضي، مشادات كلامية مع الكتل الكردستانية، عقب اتفاق يقضي بمنح الإقليم المبلغ المطلوب (320 مليار دينار لدفع رواتب الموظفين في الإقليم)، لكن تم حذفها أثناء التصويت، وهو ما أثار غضب النواب الكرد الذين خرجوا من القاعة.

صراع جديد في مجلس النواب

ولحين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، اتفق الجانبان، في آب الماضي، على ارسال المركز 320 مليار دينار إلى أربيل شهريا، لتغطية جزء من نفقات موظفي الاقليم.

ويقضي نص الاتفاق أن تغطي الحكومة الاتحادية جزءاً من رواتب موظفي الإقليم بقيمة 320 مليار دينار، في حين تتولى حكومة الإقليم تغطية ما تبقى بقيمة نحو 500 مليار دينار من مبيعات النفط وإيرادات المعابر الحدودية.

وتصر قوى سياسية على تسلم الحكومة الاتحادية كامل واردات النفط الشهرية في الاقليم الى جانب واردات المنافذ الحدودية، مع المساءلة القانونية في حال الاخلال بهذه الشروط، وهو امر رفضته القوى الكردستانية، في وقت سابق.

وانسحبت الكتل الكردستانية من جلسة البرلمان بعد تصويت النواب على مقترح تقدمت به كتل نيابية تضمن: “تحدد حصة إقليم كردستان من مجموع الإنفاق الفعلي - النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية - بعد استبعاد النفقات السيادية المحددة بقانون الموازنة العامة الإتحادية، بشرط التزام إقليم كردستان بتسديد اقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة سومو حصراً والإيرادات غير النفطية الإتحادية، وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد نفقاته ويتحمل المخالف لهذا النص المخالفة القانونية”.

وكانت حكومة عبد المهدي قد عمدت إلى قطع رواتب موظفي الإقليم في نيسان الماضي، بعدما قالت إن أربيل لم تفِ بالتزاماتها في الموازنة، والمتمثلة بتسليم 250 ألف برميل من النفط للحكومة الاتحادية.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، خاض الجانبان، مباحثات مكثفة للتوصل إلى اتفاق لحل المسائل العالقة.

وتعقيبا على ذلك، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بشار الكيكي، “حاولنا التوصل لتوافق مع القوى السياسية، وملتزمون بتنفيذ الاتفاقات مع الحكومة الاتحادية، ولم نرفض تسليم عائدات النفط او المنافذ الحدودية”، مردفا “ان الشروط التي ضمنتها بعض القوى كانت انتقامية”.

وأبدت الكتل الكردستانية، عقب تشريع القانون، رفضا تاما لـ”اقحام رواتب وحقوق الموظفين ضمن الصراعات والخلافات بين حكومتي بغداد واربيل”.

رئيس الجمهورية يؤشر “سابقة سلبية”

وعبّر رئيس الجمهورية برهم صالح، الجمعة، عن اسفه ازاء ما اسماه “غياب التوافق الوطني”، في إقرار مجلس النواب لقانون تمويل العجز المالي، في اشارة الى تجاهل احتساب رواتب إقليم كردستان.

وقال صالح في بيان تسلمت “طريق الشعب” نسخة منه، إن “إقرار قانون تمويل العجز المالي كان ضرورياً لتأمين رواتب الموظفين للأشهر الثلاثة المقبلة، وإن كان الاقتراض ليس حلاً مستداماً”.

وشدد على ضرورة “العمل الجاد في منع تكرار أزمة تمويل رواتب الموظفين، فقانون الاقتراض لا يكفي وحده في مواجهة تلك الأزمة، ولا بد من اعتماد سياسة الإصلاح الشامل في المعالجة الجذرية وحماية رواتب الموظفين كأولوية لا تتحمل التساهل”.

وابدى الرئيس صالح، تأسفا لـ”إقرار القانون بغياب التوافق الوطني، وتحديداً من المكون الكردي”، معتبرا ذلك “سابقة سلبية في العمل السياسي”.

ووجهت أطراف وشخصيات كردستانية، الخميس، دعوات عدة لرئيس الجمهورية برهم صالح، لرفض التوقيع على قانون (تمويل العجز المالي)، قبل ارجاعه الى مجلس النواب لتضمينه “حقوق الشعب الكردستاني”.

مسعود بارزاني: طعنة أخرى

من جهته، قال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، “للأسف مرة أخرى قامت الأطراف السياسية بشيعتها وسنتها في مجلس النواب العراقي بطعن الشعب الكردي في ظهره، واستخدموا الموازنة وقوت الشعب الكردستاني كورقة للضغط على إقليم كردستان”.

وأضاف بارزاني أنه “على الرغم من أنه في العديد من المرات السابقة تم توقيع الاتفاقيات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الفيدرالية، إلا أنه لم يتم تنفيذها”.

وتابع “إننا نرى القانون الذي أصدره مجلس النواب من دون الأخذ بعين الاعتبار أسس الشراكة والاتفاقيات موضوعا سياسيا من أجل الضغط على الإقليم ومعاقبة شعب كردستان، وهو أمر معاكس لأسس الشراكة والتوافق والتوازن بين المكونات العراقية ونوع من التضييق والمحاربة“.

وطالب بارزاني “رئاسة إقليم كردستان والبرلمان والحكومة أن يعقدوا اجتماعا مع الأطراف السياسية في الإقليم، حول هذا الموضوع والتوصل لقرار مشترك”.

تقاطع سياسي

وعلى أثر دعوة بارزاني، دعت الرئاسات الثلاث الى اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات إقرار قانون الاقتراض، بينما أعلن عشرة نواب كرد في مجلس النواب، مقاطعتهم الاجتماع، محملين الحكومة الاتحادية وحكومة أربيل “المسؤولية إزاء هذا الوضع”.

وأكد النواب، أن “الفرصة ما تزال سانحة، وتستطيع حكومة الاقليم إرسال وفد الى بغداد، وان تسارع في ابرام اتفاق جديد وشامل وشفاف وقوي مع الحكومة الاتحادية على اساس الدستور”.

ويوم امس حيث موعد الاجتماع، أعلنت رئيسة برلمان كردستان، ريواز فايق، تأجيله، والاكتفاء بمؤتمر صحافي عقدته بحضور قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة اقليم كردستان.

وقالت فايق خلال المؤتمر، أن “تأجيل الاجتماع جاء لتوفير ارضية انسب للاجتماع ومشاركة جميع الاطراف فيه، لمناقشة الاوضاع الراهنة في اقليم كردستان وتداعيات اقرار قانون تمويل العجز المالي من قبل مجلس النواب”.

صوت برلماني مختلف

وأعلن عدد من النواب، رفضهم الإضرار بشعب إقليم كردستان.

وجاء في بيان مشترك للنواب (مزاحم التميمي، عدنان الزرفي، محمد صاحب  الدراجي، محمد شياع السوداني)، انهم يرفضون “إضرار أبناء شعبنا في إقليم كردستان”، مشددين على ضرورة المضي “بخطوة في اتجاه رأب الصدع وتقريب وجهات النظر من أجل التوصل الى اتفاقات تصب في خدمة مواطنينا كلهم، وعلى حدٍ سواء”.

وقال النواب في بيانهم الذي طالعته “طريق الشعب”، إن “موضوع الإقتراض لا يمثل حلاً مقنعاً للأزمات الاقتصادية والمالية الحالية”، داعين الحكومة الى “البحث في إجراءات إصلاحية فورية مقنعة لمعالجة الوضع المتأزم في البلد”.

وأضافوا، ان القانون “لم يكن موضع إجماع النواب كما هي عادة القوانين والتشريعات، غير أن هناك ـ وللاسف ـ محاولات لاضفاء بُعد سياسي على القانون وتقديمه وكأنه استهدافٌ لجهةٍ معينة، ونقصد هنا أخوتنا الكرد شركاء الوطن”.

وعدّ النواب ما حصل داخل جلسة الخميس “محاولةً للتهرب من التقصير والعجز واللاجدية التي عانت منها كلتا الحكومتين ـ الاتحادية كانت أم الاقليم ـ طوال السنين السابقة”، لافتين الى أن “عدم مواجهة هذه المشاكل من الجانبين وتحديداً حكومة الإقليم كان السبب الرئيس في اشتداد الأزمة يوماً بعد آخر بل واستفحالها الى الحد الذي بلغته الآن”.

واتهم البيان الحكومة الاتحادية بـ”الفشل الواضح في إيجاد حلول للأزمة المالية، سوى الاقتراض”.

ودعا النواب الاربعة، رئاسة مجلس النواب، الى “تشكيل لجنة برلمانية مشتركة تضم نوابا من الاقليم ونوابا من سائر المحافظات للتباحث في ايجاد حلّ جذريٍّ قانوني للمشاكل الأساس بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وتضمينه بشكل نصوص قانونية في مسودة قانون موازنة 2021 بما ينسجم مع الدستور والقانون ويحقق العدالة في توزيع الثروات بين ابناء البلد”.

نائب: الرواتب مرهونة بالاتفاق

ويقول النائب عن كتلة الفتح، مختار الموسوي، “هناك اتفاق بين الحكومة والإقليم لتسليم النفط، وأسماء الشركات التي تتولى استخراج النفط، وإيرادات المنافذ”، مؤكدا ان قانون الاقتراض “لا رجعة عنه”.

ويشير الموسوي الى مشاركة نواب كرد في التصويت على قانون تمويل العجز المالي، مشددا على ضرورة “ان يحاسب اقليم كردستان من قبل مواطنيهم”.

كما قال عضو مجلس النواب عن دولة القانون، عدنان الأسدي، إن “مجلس النواب لم يقف ضد الشعب الكردي، ولا ضد موظفي الإقليم فيما يخص قانون الاقتراض”، مشيرًا إلى أن “تشريع هذا القانون جاء بناءً على تسديد قيمة القرض من الواردات النفطية والمنافذ الخاضعة لحكومة بغداد، دون مشاركة ما تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان”.

وأضاف في تغريدة عبر (تويتر)، “‏لم نقف ضد شعبنا الكردي ولا ضد موظفي الإقليم في تشريعنا لقانون الاقتراض، ولكننا نسدد القرض من وارداتنا النفطية والمنافذ”.

400 مليار لميناء الفاو

هذا وتضمن قانون العجز المالي، تخصيص مبلغ 400 مليار لميناء الفاو دينار. كما نص على اعتماد البصمات في الرواتب، لغرض ضمان عدم وجود “فضائيين” -موظفون وهميون -.

وقالت النائبة هدى سجاد، ان القانون تضمن أيضا تخصيصات “لدعم المزارعين”.

واضافت سجاد ان “القانون اضاف ايضاً التخصيص المالي لعقود ٣١٥ من الاجراء والعقود في كافة الوزارات والمحاضرين”.

واشادت النائبة بـ”تخصيص مبالغ مالية للمُزارعين وذلك لشراء الاسمدة وتسديد مستحقات الفلاحين من محاصيل الحنطة والشعير والشلب والذي من شأنه النهوض بالواقع الزراعي في العراق وتشجيعهم على زيادة الانتاج”.

رواتب الفضائيين “مستمرة”

وتقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان، ندى شاكر جودت، ان “بعض الجهات الفاسدة، سوف تستفيد من أموال القروض، من خلال صرف رواتب الموظفين الفضائيين”، مشيرة الى وجود “أرقام مرعبة لمثل هكذا موظفين”.

وصوّت البرلمان وقت اقراره القانون، الخميس الماضي، على الزام الدوائر عدم صرف اي راتب إلا عن طريق البطاقة، لكن بعض الموظفين لا يزالون يتسلمون رواتبهم بشكل مباشر من حسابات دائرته، وليس لديهم بطاقة كي كارد او ماستر كارد.

************

ص 5

أثار مخاوف العائلات وأثّر على حركة السوق

تأخر رواتب الموظفين “مشكلة خطرة”

بغداد – ماجد مصطفى عثمان

مثلما هو الحال في مختلف دول العالم، يعتمد العراق في صرف الرواتب على نظام الـ 30 يوما، وهذا يشمل موظفي الملاك الدائم والعقود والأجر اليومي. إلا أنه في بعض الحالات الاستثنائية، كالجرد السنوي أو ترتيب بعض الشؤون الوظيفية، يتأخر صرف الراتب قليلا.

لكن ما يحصل اليوم في العراق لا تنطبق عليه تلك الاستثناءات. فالحكومة لجأت منذ أكثر من 3 شهور إلى تأخير صرف الرواتب، حتى باتت توزع كل 40 يوما أو أكثر، ما أثار مخاوف عائلات شريحة الموظفين، التي تعيش على دخل ثابت تنتظره بفارغ الصبر نهاية كل شهر.

وتعلل الحكومة هذا التأخر بالأزمة المالية الخانقة التي يشهدها العراق جراء انخفاض أسعار النفط وتفشي جائحة كورونا.

لكن دول العالم جميعا تأثرت بهذه الأزمة، وبالرغم من ذلك لم يحدث فيها تأخير في توزيع الرواتب، كونها تمتلك سيولة نقدية مخصصة لإنقاذ اقتصاداتها وتوفير رواتب الموظفين وبقية الشرائح العاملة. الا العراق، فهو لم يستطع توفير هذه الأموال بسبب الفساد واعتماد الريع النفطي، وغير ذلك من العوامل التي أدت إلى تدهور اقتصاده – كما هو معلوم لدى الجميع.

وبالرغم من توجيهات رئيس الحكومة بضرورة صرف الرواتب في مواعيدها المقررة نهاية كل شهر، ورغم التحسن النسبي في مداخيل وواردات البلد المالية من النفط المصدر، مقارنة بواردات آذار الماضي، لا تزال الحكومة عاجزة عن تأمين رواتب الموظفين، بذريعة أن الخزينة خاوية وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية لا تزال قائمة. ومقابل ذلك اصبح إطلاق الرواتب مرهونا بتصويت مجلس النواب على قانوني الاقتراض الداخلي والخارجي. 

موظفون عديدون التقت بهم “طريق الشعب”، وصفوا أزمة الرواتب بـ “الموت البطيء” لشريحتهم التي تعتمد على الراتب الشهري في تغطية نفقاتها المعيشية، والذي اذا تأخر صرفه فسيضعهم في مشكلات مادية شائكة.

الموظف أثير عبد الله، يرى أن تأخير صرف الرواتب بات من المشكلات المزمنة، موضحا أنه لم يتقاض راتبه منذ أكثر من 40 يوما، حتى صار في موقف محرج أمام عائلته وصاحب الدار التي يستأجرها وصاحب المولدة الأهلية، فضلا عن محال المواد الغذائية التي يشتري منها بالآجل الى حين تسلم الراتب. ويشدد عبد الله على أهمية أن تضع الحكومة حلا عاجلا لهذه “المشكلة الخطيرة”.

من جانبه يقول الموظف سنان صفاء، انه في جميع دول العالم تعتبر رواتب الموظفين “خطا أحمر” لا يجوز المساس به، مستدركا: “لكن، وللأسف الشديد، الأمر مختلف في العراق. فتوقيت صرف رواتبنا أصبح اليوم مرهونا بمزاج الحكومة ومجلس النواب، الذين لم يفكروا في الظروف الصعبة التي تعيشها عائلات هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع”.

ويضيف قائلا انه “على الحكومة أن تضع خططا عاجلة لتجاوز هذه الأزمة الخطيرة، التي قد تستمر شهورا أخرى”.

وفي سياق ذي صلة، يقول مهدي عبد علي، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية، أن “مشكلة تأخر صرف الرواتب أثرت سلبا على عملنا. فقد قلّ الطلب على مختلف البضائع. كما اننا اعتدنا على البيع بالآجل للموظفين، الذين أصبحوا اليوم غير قادرين على تسديد ما في ذممهم من ديون بسبب تأخر رواتبهم”.

إلى ذلك، يتحدث خيري عبد الله، وهو صاحب محل تجاري، عن تأثير أزمة الرواتب على حركة السوق، مبينا أن “محالنا اليوم أصبحت شبه خالية من البضاعة، فقد تم بيع معظمها للموظفين بالآجل. وها نحن ننتظر صرف الرواتب كي تسدد لنا الديون، ويتسنى لنا شراء بضاعة جديدة”.

***********

مواساة

*بمزيد من الاسى والحزن تنعى محلية بابل للحزب الشيوعي العراقي واحدا من رفاقها الأعزاء محمود ضيدان الگطوف (ابو جيشي) بعد رحلة شاقة في دروب النضال الوطني المضني من مطاردة واختفاء واعتقال ومسيرة حاشدة بالنشاط من أجل بناء مجتمع مدني خال من العنف والتفرقة، والذي شيد له تاريخا مشرفا، له الذكر الطيب ولروحه السلام ولعائلته الصبر والسلوان.

*تعزي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الحرية/ محلية الكرخ الأولى الرفيق عبود هدب الطائي (ابو عبير) بوفاة ابنه بسيم أثر نوبة قلبية مفاجئة لم تمهله طويلا، الذكر الطيب للفقيد ولعائلته الصبر والسلوان.

*تعزي محلية الرصافة الثالثة للحزب الشيوعي العراقي الرفيق خلدون عبد الصاحب بوفاة شقيقه (محمد عبد الصاحب) للفقيد الذكر العاطر ولرفيقنا وعائلته الكريمة جميل الصبر والسلوان.

*الرفيق العزيز فيصل الفؤادي (أبو شلير)

نشارككم رفيقنا العزيز مصابكم برحيل شقيقكم السيد قاسم الفؤادي، والذي ودعنا يوم امس اثر جلطة دماغية لم تمهله طويلاً

نتقدم لكم وللأخوة حسن  وجبار الفؤادي ولجميع عوائلكم بأصدق التعازي متمنين للجميع الصبر وللفقيد عاطر الذكر ولروحه السلام

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد

 

***********

ص6-7

ورقة عمل

لتكن الانتخابات المُبكِّرة أداة للتغيير المنشود

انطلقت  الموجة الجديدة من التظاهرات الشعبية السلمية في الاول من تشرين الاول ٢٠١٩ لتتحول بعد ٢٥ منه الى انتفاضة شعبية واسعة، استمرت باسلة واجترحت مآثرَ بطولية.

وكان من بين مطالبها الرئيسة اسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل  حكومة مؤقتة من شخصيات وطنية مهنية، بعيدا عن تأثيرات منظومة المحاصصة والفساد، وعن امتداداتها الإقليمية والدولية. حكومة مؤقتة ذات مهمات استثنائية، تستجيب لمطالب الانتفاضة وتتفاعل معها، وتحضّر لانتخابات عاجلة توفر لها بيئة سياسية وقانونية وأمنية ملائمة. فواجبها يكمن في تأمين اجواء اعادة الثقة بالعملية الانتخابية، وفي ضمان حياد الحكومة ومهنيتها، بعكس الحكومات السابقة التي سخرت كل امكانيات الدولة لمصالح حزبية ضيّقة، وعلى قاعدة المحاصصة الطائفية والاثنية البغيضة.

لقد تركت التجارب السابقة سخطا واسعا وخلفت في أوساط واسعة من الشعب مخاوف قائمة حتى الان، من أن تدار الانتخابات المبكرة المقبلة كما السابقات، وأنْ ينحصر التنافس فيها بين القوى المتنفذة والمتحاصصة لاجل اعادة توزيع النفوذ في ما بينها، وإعادة انتاج ممثلي الطبقة السياسية الفاسدة، الامر الذي يعيد أجواء عدم الثقة بالعملية الانتخابية كآلية ديمقراطية لتمثيل الإرادة الشعبية، وما يولده ذلك من انعكاس سلبي على سعة المشاركة فيها.

وطبيعي ان الطريق يبقى مفتوحا لمزيد من التحرك والضغط على الحكومة ومجلس النواب والقوى المتنفذة، لحملها على الاستجابة لارادة المواطنين وتوقهم الى التغيير الديمقراطي السلمي عبر  انتخابات شفافة وذات صدقية، توفر لها كل مستلزمات النجاح، بما فيها تبني قانون انتخابي منصف ضمن منظومة انتخابات نزيهة وبعيدة عن المحاصصة والفساد، تتمتع بالكفاءة والحرص على الاتيان بمجلس نواب معبّر عن هموم الناس وتطلعاتهم.

المحاور الأساسية للانتخابات المبكرة:

أولا: الانتفاضة ومطلب الانتخابات المبكرة 

تبنى المنتفضون الانتخابات المبكرة لاجل ان تكون أداة  للتغيير بالطرق الدستورية والقانونية. فقد نص الدستور العراقي في المادة (٥) منه، على ان “السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية”. وعليه اعتبر المنتفضون الانتخابات ضمانة للاستقرار السياسي، بتوفيرها إمكانية المشاركة السياسية العامة على وفق نص المادة (٢٠) من الدستور: “للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح”.

فالغاية بالنسبة الى المنتفضين هي اجراء الانتخابات المبكرة باعتبارها وسيلة أساسية لتغيير النظام السياسي منهجا واداء، وللخلاص من المحاصصة التي اوصلت البلد إلى الأزمة الخانقة الشاملة وحافة الانهيار، وبهدف إرساء مبدأ المواطنة وبناء دولة المؤسسات والقانون وحقوق الانسان.  

ان تحقيق ذلك يستلزم توفير مجموعة من المتطلبات:

أ -  ضمان حرية الانتخاب

ونزاهة العملية الانتخابية

جاء التشديد على هذا الشرط انطلاقا من التجارب الانتخابية السابقة، التي حفلت بالتزييف والتزوير ومصادرة إرادة الناخبين، حتى اصبح ذلك سمة لها، وادى الى بقاء  الطغمة المتنفذة متصدرة الحكم، بكل ما جلبه ذلك من تفش للفساد وسوء للادارة والخدمات، وتدهور للأوضاع المعيشية. وكان من نتائج ذلك تراجع المشاركة في الانتخابات، بعد اول عملية انتخابية غداة التغيير اوائل ٢٠٠٥ وصولاً الى انتخابات ايّار ٢٠١٨، التي اصطدمت بمقاطعة واسعة، حيث لم تتجاوز المشاركة فيها حسب تقارير كثيرة نسبة ٢٠ في المائة، بينما ادعت المفوضية انها تجاوزت ٤٤ في المائة! 

ب -  تحديد هدف الانتخابات المبكرة

تلخصت رؤية المنتفضين في حقيقة أن لا خلاص من النظام المحاصصي الفاسد القائم على الطائفية السياسية الا بإزاحة الماسكين بالسلطة، المسؤولين عن التدهور الشامل للأوضاع. فمن دون استبعاد هؤلاء من دفة الحكم وإدارة مؤسسات الدولة، لا يمكن الحديث عن التغيير المطلوب، الذي يعني إعادة بناء النظام السياسي على وفق مبدأ المواطنة.

ومن الواضح ان ذلك مما لا يمكن بلوغه من دون تغيير في ميزان القوى يسبقه ويرافقه. ومثل هذا التغيير لا سبيل اليه، الا عبر انتخابات مبكرة تتم وفق قانون عادل، وتدار بأيد نظيفة، بعيدا عن تلك المطعون بكفاءتها ونزاهتها ومهنيتها وحياديتها، والتي وفرت فرص احتكار الفوز للمتنفذين واتباعهم.

ج - الانتخابات المبكرة

ضمن حزمة مطالب

وجاءت موضوعة الانتخابات ضمن حزمة متطلبات، لا بد منها لضمان تعبير حقيقي وأمين عن مطالب المواطنين وامانيهم في وطن آمن ومستقر. ولكي يتحقق هذا في سياقات صحيحة وفي جو يوفر القناعة بالإجراءات المتخذة، تم التركيز على اسقاط حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل الحكومة المؤقتة من شخصيات وطنية مهنية وكفوءة، تقوم بتهيئة بيئة مناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة بإشراف دولي.

ثانيا: مستلزمات التهيئة

للانتخابات المبكرة

حظيت الانتخابات المبكرة بالأولوية في منهاج حكومة السيد مصطفى الكاظمي، التي نالت على اساسه الثقة يوم ٧ أيّار ٢٠٢٠ من مجلس النواب، والذي نصت فقرته الأولى على “اجراء انتخابات مبكرة بعد استكمال القانون الانتخابي، وتفعيل مفوضية الانتخابات، وتطبيق كامل لقانون الاحزاب، لضمان حماية العملية الانتخابية ونزاهتها، وبالتعاون مع الامم المتحدة”.  وعكست هذه المادة تعهد الحكومة بتوفير البيئة السليمة والآمنة  للانتخابات، التي حدد رئيس الوزراء يوم ٦ حزيران 2021 موعدا لاجرائها. وفي ضوء ذلك يتعيّن على الحكومة العمل فورا على انجاز جملة مهمات أساسية:

أ - استكمال تشريع قانون الانتخابات

ان المطلوب هو سن  قانون  عادل ومنصف. وهناك من اقترح اعتماد الدوائر الصغيرة في عملية الانتخاب، بدل بقاء المحافظة دائرة انتخابية واحدة، كما كان الحال في الدورة السابقة، وذلك لضمان استمرار هيمنة القوى المتنفذة وتسلطها.  فالمطلوب قانون ينهي تزييف الإرادة ويضيق من مساحة وصول القوى المتنفذة الى مجلس النواب، وانهاء تجيير أصوات زعماء الكتل الى مرشحين، لم يحصلوا على أصوات تؤهلهم، كما في صيغ القوانين السابقة، فالملح الان هو استكمال سنّ القانون، لكي لا يكون بقاء الحال ذريعة لتأخير اجراء الانتخابات. كذلك ان يصار الى اعتماد المحافظة على الاقل دائرة انتخابية واحدة، وتوزيع المقاعد وفقا للباقي الأقوى او سانت ليغو الأصلي.

ب- تفعيل قانون الأحزاب 

كان تشريع قانون الأحزاب، الضروري لتنظيم الحياة السياسية وضبطها، بين اهم مطالب الحركة الاحتجاجية منذ ٢٠١١، لذلك اعتبر صدوره في حينه ثمرة مهمة للحركة.  وهذا القانون يتم الآن تجازوه، فقانون الانتخابات المقترح الذي يعتمد الترشيح الفردي يوقف العمل به عمليا حين لا يتضمن مادة تشير إليه وتؤكد التزامه.

من هنا ضرورة لفت النظر والتشديد على أهمية عدم تجاوز قانون الأحزاب، ووجوب تضمين قانون الانتخابات المزمع اعتماده نصا يشير الى تطبيق قانون الأحزاب. وبعكسه تفعل المبادئ القانونية العامة فعلها، فـ”القانون الخاص يقيده القانون العام” و”النص القانوني اللاحق يلغي او يعدل النص السابق”. وهذا يعني أن قانون الانتخابات بتعديلاته سيلغي عمليا قانون الأحزاب، فينتفي ايضا مفعول المادة ٤٧ منه والتي تنص على ان “يعاقب بالسجن كل من أقام داخل الحزب او التنظيم السياسي تنظيماً عسكرياً أو ربط الحزب او التنظيم السياسي بمثل هذا التنظيم، ويُحل الحزب او التنظيم السياسي اذا ثبت علم الحزب او التنظيم السياسي بوجود التنظيم العسكري”. هذا الى جانب مواد اخرى تقضي بكشف الأحزاب مصادر تمويلها، وباعتمادها الشفافية في تشكيلها، ومواد غيرها لو طبقت جميعا لحدّت من نفوذ القوى المتنفذة وسطوتها السياسية وتوظيف المال السياسي في الحملات الانتخابية. ومن الهام التأكيد هنا على ضرورة التطبيق الكامل لقانون الأحزاب السياسية وإصدار التعليمات الخاصة بتطبيقه.   

ج - قانون المحكمة الاتحادية

واستكمال تشكيلتها

للمحكمة الاتحادية موقعها الخاص في العملية الانتخابية، فهي الجهة المختصة بتصديق نتائج الانتخابات، وتقوم  بعملها حاليا  وفق الأمر ٣٠ لسنة 2005 الصادر عن ادارة المرحلة الانتقالية.  ولسرعة تأمين متطلبات اجراء انتخابات مبكرة يتوجب تعديل المادة الثالثة من الامر المذكور.  

د - محاكمة القتلة

جاء مطلب محاكمة قتلة المنتفضين ضمن المطالب الأساسية للانتفاضة، بل واحتل لاحقا الأولوية بينها، وهو لا يقتصر على مقاضاة المنفذين المباشرين (القناصين والقتلة المأجورين الآخرين) وإنما يكمن أساسا في محاكمة اصحاب القرار الذين اصدروا أوامر القتل والخطف والتغييب القسري، وتقديمهم جميعا من قبل الحكومة الى القضاء ليقول كلمته فيهم. وإن تحقق ذلك فستكون حصيلته منعهم من الاشتراك في الانتخابات كمرشحين ومقترعين.

هـ - محاكمة الفاسدين 

هناك اتفاق عام على أن لا حياة سياسية سلمية في ظل استشراء الفساد، الذي شلّ الحياة وشوّه معالم النظام السياسي، ودخل كعنصر تخريب في جميع اوجه الحياة، وفي تفاصيل العملية الانتخابية، كذلك في بنى القوى والأحزاب السياسية، وتمترس في سلطات الدولة الثلاث، واضعف وبدد ثقة المواطنين بالعملية السياسية. لذا جاء مطلب محاربة الفساد ضمن اشتراطات اعادة الثقة بالنظام السياسي والاستعداد للمشاركة السياسية. ومن المنطقي ان تبدأ الخطوات الجدية في محاربة الفساد بفتح ملفات الفساد الكبيرة، وملاحقة رؤوسه الأساسية، وتتبع الأموال المسروقة وارجاعها الى خزينة الدولة، وإصدار احكام قضائية تنصف الشعب الذي نهبت ثرواته، وتحكم بالعدل على الفاسدين، وهو ما يعني إبعادهم عن المشاركة السياسية وعن الترشيح، والحد من نفوذهم السياسي المدمر للحياة السياسية.

و - حصر السلاح بيد الدولة

المطلوب هنا هو ابعاد المسلحين عن الحياة السياسية، لتنشأ أجواء مدنية بعيدة عن لغة السلاح والتهديد به والتلويح باستخدامه، وإنهاء تأثير المليشيات على مجرى العملية الانتخابية، وذلك ليس في يوم الانتخاب فحسب، إنما منذ انطلاق الحملة الانتخابية. فالمعطيات تؤكد تدخل المليشيات دعما لقوائم انتخابية وكتل سياسية محددة ومعلومة، ومناصرة لهذا المرشح أو مضايقة لآخر.

ز - ضمان استقلالية الإدارة الانتخابية  

امتدت المحاصصة حتى الى تعيين القضاة والتصويت عليهم بدلاء لاعضاء مجلس مفوضية الانتخابات، علما ان تعيينهم لإدارة العملية الانتخابية جاء انطلاقا من الدور المفترض للقاضي المهني العادل والمنصف، الذي لا يخضع لغير القانون والعدل والحقيقة، وأملا في عدم تكرار الاتهامات لمجالس المفوضين السابقين بالانحياز والاسهام في تنظيم عمليات التزوير. 

على ان الاطمئنان للإدارة الانتخابية غير ممكن على كل حال، ما دامت كوادر المفوضية المتقدمة والمتوسطة التي تدير اهم المفاصل، والتي أتت بها المحاصصة، باقية في مواقعها مع بعض التبديلات في اطار عملية تدوير مجردة. فبناء الثقة بالإدارة الانتخابية يوجب ان يشمل التغيير بنية المفوضية كاملة في بغداد والمحافظات. وتجدر الاشارة هنا الى اعتراض ممثلية الامم المتحدة ورفضها، مؤخراً، تعيينات لمدراء عامين في  المفوضية.

ح - جدل تحديد موعد الانتخابات

ومناكفات المتنفذين

بعد ان حدد رئيس الوزراء يوم ٦ حزيران ٢٠٢١ موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة، توالت التصريحات بين مؤيدة ومعارضة، في ما هو اقرب الى اصطناع خلافات شكلية لحرف انتباه الرأي العام عن المستحقات الأساسية للإنتخابات. ثم شهدنا صراعا اخر بين المتنفذين حول صاحب الحق الدستوري في حل البرلمان، وفي تحديد موعد الانتخابات، مع ان المادة ٦٤ من الدستور نصت بوضوح على: “أولاً: يُحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء. ثانياً: يدعو رئيس الجمهورية عند حل مجلس النواب إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية”. والحصيلة حتى الان هي عدم وجود حراك نيابي جاد في هذا الاتجاه، ما يؤشر عدم استعداد النواب لحل المجلس.

ثالثا: واجبات المفوضية في تهيئة مستلزمات الانتخابات المبكرة

1 - إدارة العملية الانتخابية من الألف الى الياء بصورة شفافة ومحايدة، بعيداً عن اية ضغوط “حزبية – سياسية”، وان يعاقب وفق القانون اي شخص يخرق القوانين بما في ذلك منعه من الترشيح او حرمانه منه.

2 - المعاقبة الفورية الحازمة لكل من يقدم على التزوير والتزييف، وعلى استخدام الوظيفة العامة واموال وممتلكات الدولة ومؤسساتها. ومن الواجب عدم التهاون مع الخروقات كافة، وفي كل مجريات العملية الانتخابية، بدءا بمرحلة تسجيل الكيانات والمرشحين، وانتهاء بمعالجة الطعون وإعلان النتائج النهائية.

٣- استبعاد القوائم ومرشحيها ان هم استخدموا المال السياسي او انفقوا اكثر من الحدود المسموح بها قانونيا على الدعاية الانتخابية، وتحديد سقوف مالية لذلك.

٤- اعلان تفاصيل العملية الانتخابية كاملةً وبصورة دقيقة، والسماح لمراقبي الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني بالوصول الى المعلومات.

٥- ترصين السجل الانتخابي الذي شابته النواقص في كل الانتخابات السابقة، وتذليل الالتباسات في تقسيم الدوائر والمراكز والمحطات، ومنع تكرار الاخطاء في حدود المركز الانتخابي والمحطة الانتخابية، بما يعيق سير عملية التصويت، وضمان تواصل التصويت بحرية وانسيابية دون تدخل او تسلط.

٦- توزيع البطاقة الالكترونية “البايومترية” على جميع الناخبين، وعدم حصر توزيعها بفترة التحضير للانتخابات، وبمراكز تسجيل محدودة وبعيدة عن سكن الناخبين. لذا يتوجب البدء فورا بالتوزيع وتدقيق التسلّم من طرف المواطن مباشرة، وإعلان التفاصيل بوضوح تام وشفافية.

٧- معالجة مسألة تصويت النازحين والمهجرين، ومثله تصويت مواطني الخارج وضبطه بما يتلاءم مع القانون والرغبة في توسيع المشاركة.

 ٨- توفير الضمان لمنع التلاعب في الحساب النهائي للاصوات عبر التحكم بإدارة الحاسوب المركزي والبرنامج المستخدم فيها، وذلك لمنع تكرار ما حصل، في الانتخابات المقبلة.

٩- ضمان حيادية الاعلام الحكومي وإتاحة الفرص المتكافئة للقوائم والمرشحين.

رابعا: الاشراف الأممي

على عملية الانتخابات المبكرة

١- المطالبة باشراف اممي فاعل على الانتخابات بهدف ترصين العملية الانتخابية، واضفاء الشفافية عليها، والحد من التلاعب والتزوير.

٢-  وهناك حاجة لاشراف فاعل من بعثة يونامي، وان تتابع سير مجمل العملية الانتخابية بكل حلقاتها، وبعيدا عن الإجراءات والرقابة الشكليتين وتحرص على إبقائها بعيدة عن التزوير وتزييف إرادة الناخبين.

٣- والمطلوب عموما هو الاشراف الأممي الواسع والدقيق وغير المقتصر على مراقبة بعض المراكز في المنطقة الخضراء، حيث يصوت كبار المسؤولين المتنفذين. فالتزوير لا يكون هناك فقط، بل يشمل العملية الانتخابية ومراكزها جميعا، وصولاً الى عملية العد والفرز. 

٤- وجوب شمول المراقبة مجريات وتفاصيل العملية الانتخابية كافة، مع نشر الخروقات بوضوح ودون تردد ومحاباة، وذلك منذ التحضير للحملة الانتخابية، مروراً بالدعاية الانتخابية وفترة الصمت الاعلامي، حتى يوم الاقتراع وفترة العد والفرز وإعلان النتائج والطعون.

٥-  وجوب تنوع وتعدد الاشراف والا ينحصر بجهة واحدة.  ومطلوب صدور تقرير مهني واحد من جهات المراقبة الدولية بمعايير واضحة للعملية الانتخابية كاملةً. ويتوجب مراعاته عند عملية المصادقة على النتائج.

خامسا: دور قوى التغيير بتنوعها

وتعدد مشاربها  في الانتخابات المبكرة

ان على القوى الطامحة الى التغيير الحقيقي وهي تتطلع الى انتخابات حرة ونزيهة، ان تسهم في كسر احتكار السلطة، وفي تغيير ميزان القوى لصالح الشعب ولتلبية تطلعاته. عليها أن تتهيأ جيدا لهذه الانتخابات، وان تسعى الى جعلها نقطة انعطاف، تدشّن بداية تغيير الخارطة السياسية. 

وانطلاقا من ذلك نرى الآتي:

١- ان ينطلق الاستعداد للتحضيرات بالاستناد إلى ما تقدم من معايير واسس ضرورية لاحراز نتائج تنسجم مع تطلعات غالبية أبناء الشعب وقوى الانتفاضة، وتستجيب للتضحيات الجسام التي قدمت بسخاء من اجل التغيير.

٢- مراقبة البيئة السياسية جيدا من كافة أوجهها، والاستعداد الكامل لمتابعة اداء الحكومة بشأن تحقيق المستلزمات سالفة الذكر، التي تتضح في ضوء نتائجها وحسن تنفيذها معالم الانتخابات المقبلة.

٣- ان ما يتوفر من اجواء سياسية وقانونية وأمنية انما يشكل مدخلات للعملية الانتخابية، وستأتي المخرجات انعكاسا لها. وان كفاح قوى التغيير في هذا الاتجاه من شأنه تنمية وعي تغييري وطني، وتعزيز الاستعداد والنهوض. وفِي هذا السياق يأتي أيضا الضغط على القوى المتحكمة بالقرار السياسي، والذي يمكن اعتباره تحضيرا مبكرا لعزل تلك القوى وفضحها، وتعرية نهجها وأدائها، وما اسفر عنه من نتائج كارثية.

٤- دراسة قانون الانتخابات بعد استكمال تشريعه بالاستناد الى ما تقدم من معايير بهذا الشأن، بصورة دقيقة ومفصلة، واعتبار ذلك واجب ومسؤولية كل من يسعى للتغيير، وذلك للاستفادة القصوى من  إيجابياته، والسعي الى تجاوز  نواقصه وثغراته.

٥- اذا تعذر توحيد كل قوى التغيير، القوى الوطنية الديمقراطية الطامحة الى التغيير، في اطار سياسي او تحالفي او تنسيقي معين، فمن الممكن التعاون والتنسيق بين الناشطين في اطار كل وحدة إدارية: محافظة، قضاء، ناحية، لحصر الإمكانات البشرية والتعرف إلى الشخصيات  المهمة المؤثرة جماهيريا، والبدء بتأهيل هذه الشخصيات حالا.

 ٦- من الضروري مراعاة اهداف الاحتجاجات وساحاتها والانتفاضة، وتحفيز الحراك الاجتماعي، وهو القوة الهائلة في الدفاع عن قضايا المواطنين العادلة.  

٧- التصدي لمحاولات المتنفذين الالتفاف على ساحات الاحتجاج وأهدافها الحقيقية واختراقها من قبل زبانية الفساد، كذلك لمساعيهم المستمرة لاستغلال بعض المتظاهرين والمعتصمين بأسلوب شراء الضمائر، والحذر من تسلل الفاسدين ومأجوريهم الى ساحات الاعتصام، لافتعال صراعات جانبية، غايتها افراغ الاحتجاجات من محتواها.

٨- ان خوض الانتخابات او عدم خوضها هو خيار كفاحي. فالانتخابات المبكرة ليست هدفا بحد ذاتها، قدر ما يتوجب ان تكون رافعة للخلاص من منظومة المحاصصة والفساد، وازاحة جميع المسؤولين الذين أوصلوا العراق الى حافة الهاوية، وان تكون معبرا الى حياة أخرى جديدة يستحقها شعبنا، بعد ما قدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمعاقين. 

٩- لذا من الواجب التحذير من المخاطر الجسيمة، المترتبة على عدم تأمين متطلبات اجراء انتخابات عادلة ونزيهة وذات صدقية. فمن شأن ذلك ان يقود الى تفاقم السخط والتذمر الشعبي وتزايد اعداد المواطنين العازفين عن المشاركة في الانتخابات وعدم ثقتهم بها، ما ينزع الشرعية السياسية والتمثيلية والأخلاقية عن المؤسسات الناتجة عنها. ومن شأنه أيضا أن يعرض البلاد الى مخاطر جسيمة، وهو ما تتحمل مسؤوليته القوى المتنفذة إن أصرت على عدم تلبية مطالب المنتفضين وغالبية أبناء الشعب وتطلعهم الى اجراء انتخابات حرة نزيهة وعادلة.

١٠- من المطلوب في جميع الأحوال وبإلحاح مواصلة الاحتجاجات وتصعيد الضغط الجماهيري المتنوع، لاجبار المتنفذين على الخضوع للإرادة الشعبية، بما يعزز إمكانات التغيير السلمي والشروع ببناء مقومات دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، وفتح فضاءات البناء والاعمار والتنمية المستدامة، وبناء حياة برلمانية ديمقراطية حقة.

إن شعبنا يتطلع لأن تكون الانتخابات القادمة محطة تاريخية للتغيير في موازين القوى لصالح عملية التغيير الشاملة، للخلاص من أس الأزمة العامة والمسؤولين عنها، وعن تحطيم أحلام شبابنا في وطن يحتضنهم، ويؤمن لهم العيش الكريم، وأن تؤمن تلك الانتخابات السير على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

١٠-٩-٢٠٢٠

**************

 

ص8

التمرد في اقليم تيغراي الاثيوبي

نزاع في ظروف مختلفة

الخرطوم - قرشي عوض

ارتفع عدد من شردتهم الحرب الدائرة في اقليم تيغراي الاثيوبي منذ بداية القتال أخيرا حتى الآن،  من 6 آلاف الى 20 الف  لاجيء تدفقوا على الاراضي السودانية، بحسب مصادر اعلامية. وفي اثناء ذلك يتواصل القتال بقصف الثوار مطارات داخل اقليم أمهرا واهدافا في اريتريا، منها مطار اسمرا الدولي.

لكن برغم هذه التطورات الميدانية على الارض، نسب التلفزيون الاثيوبي الى مصادر في الجيش الفيدرالي الاثيوبي ان انذاراً وُجّه للثوار، بتسليم اسلحتهم  في غضون اسبوع من تاريخ الاعلان الذي مضت عليه ثلاثة ايام، فيما اعتبر ان  قادة جبهة الاقليم خارجين على  القانون، ورفع عنهم الحصانة تمهيداً لمحاكمتهم، في الوقت الذي ما زالوا فيه  يرفعون السلاح ويتقدمون من هدف الى آخر.

فهل هناك اسباب موضوعية تجعل اديس ابابا واثقة من النصر؟ ام ان الامر لا يتجاوز الدعاية التي يلجأ اليها الاعلام الحربي اثناء احتدام المواجهات، بهدف رفع الروح المعنوية.

قبل الاجابة على هذا السؤال دعونا نشير الى ان النزاع الاثيوبي يدور هذه المرة في ظروف مختلفة، تتسم فيها علاقات الدولة الافريقية الكبيرة مع جيرانها في السودان واريتريا بكونها جيدة. على عكس المرات السابقة التي اشتعل فيها نزاع مماثل.

وكان هذا الخلاف في الماضي، خاصة مع السودان، تتوفر خلاله ملاذات آمنة وامكانية تقديم الدعم اللوجستي للثوار. الامر الذي يطيل أمد الحرب ويجعلها في احيان كثيرة  تصل الى اهدافها. 

وقد استطاعت الجبهة الديمقراطية الاثيوبية بقيادة (ملس زيناوي) والمكونة من القوميات المناهضة لقومية الامهرا، من  الاستيلاء على السلطة ودحر الارسترقراطية العسكرية، التي اطاحت بالامبراطور الاثيوبي (هيلا سلاسي) وحكمت اثيوبا فترة طويلة من الزمان.

وجرت هذه العملية بمساعدة جهاز الامن السوداني في عهد جعفر النميري، ثم تواصلت بدعم سوداني مماثل خلال عهد عمر البشير المنهار.  ووفر السودان كذلك المأوى والدعم لثوار اريتريا حتى وصلوا الى اسمرا واعلنوا دولتهم،  فيما استمر الدعم لتنظيم الجهاد الاثيوبي. وفي المقابل ساعدت اثيوبيا المعارضين السودانيين، خاصة الحركة الشعبية وقوات تنظيم التحالف السوداني،  واتخذت اريتريا نفس الموقف.

الا انه مع تحسن العلاقات بين البلدان الثلاثة كان على الثوار هنا وهناك مغادرة الاراضي التي تنطلق منها عملياتهم. وقد لعبت الدول المعنية دوراً في دفعهم للتوصل الى اتفاقيات سلام، مثل اتفاق مصوع بين التجمع الوطني الديمقراطي المعارض وحكومة السودان.

لكن الوضع المشار اليه لم يعد قائماً. فاريتريا توصلت الى اتفاقية سلام مع اثيوبيا بعد ان تخلت لها الاخيرة عن بعض الجزر المتنازع عليها.  وتبعاً لذلك حوّلت ملاحتها البحرية الى ميناء مصوع بدلاً عن المواني السودانية،  مما يقلل الكلفة بنسبة عالية. واعتبر ثوار تيغراي هذا الاتفاق تنازلاً على حساب مصالح اقليمهم، مما جعلهم يستهدفون الاراضي الاريترية.

وبالنسبة للسودان شهدت علاقاته مع اثيوبيا تحسناً كبيرا،ً ولعبت القيادة الاثيوبية الحالية دوراً كبيراً في توقيع الوثيقة الدستورية بين المكونين العسكري والمدني السودانيين، التي تأسست عليها حكومة الفترة الانتقالية الحالية.

والسودان في ظروفه الحالية لا تحتمل اوضاعه الاقتصادية تدفق مزيد من اللاجئيين على حدوده الشرقية.  لذلك تقتضي مصالحه تسوية النزاع الاثيوبي باسرع ما يمكن ، مما يوجب عليه ان يلعب دوراً حيادياً بين الطرفين. وفي اول لقاء له مع ابي احمد وقد طالب رئيس الوزراء السوداني حمدوك في اول لقاء له مع نظيره الاثيوبي ابي احمد، بوقف الحرب فوراً. كذلك اشترطت الحكومة السودانية على كل من يدخل اراضيها ان يتخلى عن سلاحه.

وعلى الرغم من الاشارات غير المؤكدة حول احتمالات تدخل مصر في النزاع، الا ان القاهرة لن تحاول حسم الخلاف بينها وبين اديس ابابا بعيداً عن التفاوض.  خاصة وان السودان لن يسمح بمرور مساعدات للثوار عبر اراضيه، والا فقد  موقفه الحيادي الذي يؤهله لان يلعب دوراً في حل نزاع هو من اكبر المتضررين منه.

لذلك يُرجح ان تواجه جبهة تيغراي جيشاً نظامياً اثيوبيا كامل العدة والعتاد داخل جغرافية محدودة، مع عدم توفر امكانية الدعم الدولي والاقليمي بأي طريقة من الطرق. مما سيدفعها طال الزمن ام قصر للاستسلام وبشروط صعبة.

لكن هذه الحرب تضع الكفاح المسلح داخل الدول بعيداً عن العلاقات الخارجية، موضع تساؤل.  وبرغم الاضرار التي يمكن ان يلحقها الدعم الخارجي بالسيادة الوطنية، الا انه هو ايضا رهن بتحسن العلاقات الخارجية بين الدول التي يدور على اطرافها، مما يعني ان الحركات المطلبية التي تحمل السلاح تغرس راياتها  في رمال متحركة، وتكون هي اول ضحايا هذا التحرك.

00000000000000000000000000000000000000000000000

كتل الفساد تطيح برئيس البلاد

عزل رئيس جمهورية بيرو من منصبه

رشيد غويلب

 

في التاسع من تشرين الثاني الجاري، صوت 105 نائبا، من مجموع أعضاء البرلمان البالغ 130 في بيرو، لصالح عزل رئيس جمهورية البلاد مارتين فيزكار. وفي اليوم التالي أدى مانويل ميرينو، رئيس الكونغرس، اليمين الدستورية خلفًا له. ومن المتوقع أن يمارس ميرينو مهام الرئيس حتى اجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في تموز 2021.

واتخذت الأكثرية البرلمانية قرار العزل بسبب “العجز الأخلاقي الدائم”، استنادا الى تهمة فساد منسوبة للرئيس عندما كان حاكما لمنطقة موكويغوا في جنوب بيرو. ويُزعم أنه تلقى رشا تعادل نصف مليون يورو لتنفيذ عدة مشاريع بناء.

وكانت هذه المحاولة البرلمانية الثانية لعزل فيزكارا من منصبه بسبب فضيحة رشوة مزعومة، فقد فشلت محاولة مماثلة في أيلول الفائت، لعدم تحقيق أغلبية الثلثين اللازمة. وفي هذه المرة، صوتت غالبية الكتل البرلمانية بـ “نعم” - باستثناء حزب “ليلا” اليساري، الذي صوت بالإجماع بـ “لا”

وينفي الرئيس المعزول، وهو شخصية غير حزبية، أي ذنب ويتحدث عن استراتيجية للتخلص منه. وسرعان ما سيكتشف المواطنون “ما إذا كان قرارا لصالح بيرو أو الدفاع عن المصالح الشخصية”. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية والصحية الشديدة التي تمر بها البلاد، حيث تشغل بيرو المرتبة الثانية عالميا، بعدد وفيات كورنا بعد بلجيكا، الا أن الرئيس والحملة التي أعلنها ضد الفساد لاقت دعما جماهيريا واسعا.

وفي المقابل، لا يحظى البرلمان وأغلبية الكتل فيه بدعم جماهيري. والتحقيقات بسبب الفساد أو ملفات أخرى جارية ضد قرابة نصف أعضائه. وبالإضافة إلى ذلك، بذلت جهود حثيثة أخيرا للتراجع عن قانون الإصلاح الجامعي، الذي فرض معايير أعلى على الجامعات الخاصة ذات الطبيعة الربحية، وعد القانون شوكة في عيون بعض البرلمانيين الذين لديهم استثمارات شخصية في مؤسسات القطاع الخاص التعليمية.

ويرى الكثير من السكان، ان عملية عزل الرئيس تمثل انقلابا ناعما، ولذلك تصاعد، مساء اعلان القرار، الغضب في شوارع العاصمة ليما. وحاول محتجون اقتحام مبنى الكونغرس وتعرض عضو البرلمان ريكاردو بورغا للصفع، أمام الكاميرات من قبل أحد المحتجين.

واستمرت الاحتجاجات في اليوم التالي أيضًا. وتجمع الآلاف في العاصمة وفي مناطق مختلفة من البلاد. ورفعت مطالب بمزيد من الديمقراطية وإقرار دستور جديد. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين ونفذت حملة اعتقالات واسعة.

ودعا الرئيس المنصب ميرينو، في خطابه الذي ألقاه، بعد أداء اليمين الدستوري، مواطنيه إلى التوحد، لكنه حذر أيضًا: “هناك نوايا شريرة لتقسيم البلاد ولن نسمح بذلك”.

وتشهد بيرو أزمة سياسية مستمرة منذ عام 2016، حيث فاز المرشح الليبرالي بيدرو بابلو كوتشينسكي، في جولة الانتخابات الثانية، ضد اليمينية الشعبوية كيكو فوجيموري، ابنة الرئيس المستبد السابق ألبرتو فوجيموري (1990-2000) بأغلبية ضئيلة. ومنذ البداية حظي بدعم متواضع في السلطة التشريعية، في حين تمتع حزب الشعب اليميني الشعبوي بأغلبية مطلقة.

وبعد عامين صعبة من عمر الحكومة، استقال كوتشينسكي، تحت ضغط الأكثرية البرلمانية، بسبب فضيحة فساد عام 2018، على الرغم من أن التحقيق كان جاريا أيضا مع نواب حزب اليمين الشعبوي. بعدها أصبح نائبه مارتين فيزكارا رئيسا للبلاد، الذي وضع البلاد تحت راية محاربة الفساد. ودخل في صراع مع الكونغرس، الذي تبنى استراتيجية الحصار ضد الرئيس، إلى أن وصل الصراع ذروته الأولى في تشرين الأول 2019.

وفي كانون الثاني 2020، انتخبت بيرو برلمانًا جديدًا، ولم يعد فيه حزب الشعب المنقسم داخليًا هو المهيمن، لكن البرلمان فيه 10 مجموعات متشتتة ما جعل الوصول الى أغلبية أمرا صعبا. وعلى مدار العام، لم ينجح الرئيس في تجميع تحالف سياسي يدعمه، حتى اندلع الصراع المفتوح مجددا اخيرا، وأدى إلى الإطاحة به. 

 

*******************

ص 9

 

قراءة في قانون الأحزاب السياسية

ماجد لفته العبيدي

لعبت الارستقراطية في بداية الدولة العراقية دورا رئيسا في تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، وكانت القوى الاجتماعية الأكثر وعيا سياسيا بفعل عملها الاداري وارتباطاتها السياسية مع الوالي العثماني، وفيما بعد مع الاستعمار البريطاني وسلطة الانتداب، وتنحدر غالبيتهم من الأصول التركية، وقد منحتهم الخلافة العثمانية أملاكا وأراضي لخدماتهم وإخلاصهم للوالي والخليفة العثماني.                                

إن أول قانون للأحزاب السياسية صدر في عام 1922 بعد عامين من تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وكان أول الأحزاب هو حزب الحرية الذي أسسه عودة النقيب وحزب الأمة الذي أسسه ياسين ألهاشمي، وعندما بدأت الحياة البرلمانية في عام 1924، تشكلت أحزاب عديدة ممثلة الأغلبية الحاكمة وأحزاب اخرى معارضة، أمثال حزب الشعب (ياسين الهاشمي) وحزب التقدم (عبد المحسن السعدون)، وحزب العهد (نوري السعيد) وحزب الاخاء (رشيد عالي الكيلاني). ومع التغييرات الفارقة التي أحدثها الاستعمار في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تأسست فيما بعد أحزاب للبرجوازية الوطنية ذات نزعة ليبرالية مثل الحزب الوطني برئاسة جعفر ابو التمن كما أسس الحزب الشيوعي في عام ١٩٣٤، وأحزاب يسارية أخرى، ومنها   حزب الشعب والاتحاد الوطني والتحرر الوطني في الاربعينات، وفيما بعد تأسست الاحزاب القومية والأحزاب الإسلامية.

واصدرت الجمهورية العراقية قانون الجمعيات العراقية رقم (١) لعام 1960، وكذلك صدر قانون الاحزاب لعام 1991 رقم (30)، وأمر سلطة الائتلاف رقم (97) لعام 2004، ومن ثم قانون الاحزاب رقم 39 لعام 2015، وقد أعتمد المشرعون في صياغته على، المادة 61، البند اولا، والمادة 73، البند الثالث، والمادة 39 أولا من الدستور العراقي النافذ.

 وقد حدد المشرعون الهدف من القانون في المادة 3، وجاءت فيها ثلاث قضايا وهي،

1- تنظيم الأحكام والإجراءات المتعلقة بتأسيس الأحزاب أو التنظيمات السياسية وأنشطتها.

2- تحقيق مبدأ التعددية السياسية، والحزب أو التنظيم السياسي القائم على الشرعية الدستورية.  

3-: ضمان حرية المواطنين في تأسيس الاحزاب أو التنظيمات السياسية والانضمام إليها أو الانسحاب منها.

مفهوم الحزب السياسي:

وتناول القانون تعريف الحزب في الفصل الأول، تحت عنوان السريان والتعريف والأهداف، في المادة 2، أولا: (هو مجموعة من المواطنين منظمة تحت أي مسمى على أساس مبادئ وأهداف ورؤى مشتركة تسعى للوصول الى السلطة لتحقيق أهدافها بطرق ديمقراطية بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين النافذة)، وجاء في المادة (١) من قانون 30 لسنة 1991 أن (الحزب تنظيم سياسي يتكون من اشخاص تجمعهم مبادئ وأهداف مشتركة ومنهاج معلن ومحدد، ويعمل الحزب بوسائل مشروعة وسلمية وديمقراطية في إطار النظام الجمهوري طبقا للدستور والقانون).

يختلف تعريف الحزب باختلاف الأيديولوجية والافكار الفلسفية التي ينتمي اليها، ففي تعريف الحزب في المفهوم البرجوازي الليبرالي، والذي تناوله العديد من المفكرين والباحثين، فنجد أن دزرائلي يرى أن الحزب السياسي "مجموعة من الأفراد يجمعهم الإيمان والالتزام بفكر".

أما هارولد لاسويل فيرى أن الحزب تنظيم يقدم مرشحين باسمه في الانتخابات. وقريباً من هذا التعريف نرى شلزنجر يحدد مفهوم الحزب في مظهر واحد من مظاهره وهو هدف الوصول الى السلطة ويعتبره تنظيماً يسعى للوصول إلى السلطة في الأنظمة ألديمقراطية. ويرى جيمس كولمان أن الحزب له صفة التنظيم الرسمي هدفه الصريح والمعلن هو الوصول إلى الحكم إما منفرداً أو مؤتلفاً مع أحزاب أخرى.

 اما ماكس فيبر فيقول إن: اصطلاح الحزب يستخدم للدلالة على علاقات اجتماعية تنظيمية تقوم على أساس من الانتماء الحر، والهدف هو إعطاء رؤساء الأحزاب سلطة داخل الجماعة التنظيمية من أجل تحقيق هدف معين أو الحصول على مزايا عادية للأعضاء.

وينظر صاموئيل هنتجنتون الى الحزب باعتباره مؤسسة سياسية تملك اربعة معاير هي المرونة أو القدرة على التكيف، الاستقلالية، التعقيد التنظيمي الوظيفي، والتماسك الداخلي.

والحزب من وجهة النظر الماركسية هو تنظيم سياسي اجتماعي طبقي، وهو طليعة الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والشغيلة والكادحين والمثقفين الثوريين، ولا وجود لحزب سياسي من دون أساس طبقي.

ويورد الحزب الشيوعي العراقي في المادة (1): من النظام الداخلي (الحزب الشيوعي العراقي اتحاد طوعي لمواطنات ومواطنين يجمعهم الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والجماهير الكادحة وعن الحقوق والمطالب الوطنية لسائر فئات الشعب، والكفاح من أجل تأمين التطور الديمقراطي الحر والمستقل للبلاد، ولتحقيق التحولات الاجتماعية وصولاً إلى بناء الاشتراكية فيها).

يرد في قانون الأحزاب رقم 39 في المادة 6- يعتمد الحزب الآليات الديمقراطية لاختيار القيادات الحزبية. دون الدخول في تفاصيل هذه الآلية، ولكننا نحاول هنا ان نبين ماهي مفردات هذه الآلية والتي يقف في مقدمتها:

1-عقد مؤتمر للحزب يتم فيه اقرار الوثيقة البرنامجية، والقانون الداخلي للحزب، وانتخاب قيادته بشكل ديمقراطي.

2- انتخاب اللجنة المنظمة لشؤون الحزب المالية وجهاز الرقابة الحزبية.

ان آلية الديمقراطية في العمل الحزبي تساهم في تكوين رؤية سياسية ذات ابعاد فكرية فلسفية تتجسد في الوثيقة البرنامجية للحزب، ولا يمكن أن ينفذ الحزب خططه وبرامجه من دون تنظيم محلي ووطني مبني على اساس المواطنة، وأن يتمتع الحزب في التأييد الشعبي والجماهيري للوصول الى السلطة السياسية عبر التداول السلمي للسلطة بصورة منفردة أو عبر إقامة التحالفات السياسية.

حينما نطالع هذه المادة وما يترتب عليها نرى أن الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية الموجودة على الساحة السياسية هي بعيدة كل البعد عن تطبيق ذلك في حياتها الداخلية ونسبة غير قليلة منها لم تعقد مؤتمراتها ولم تنتخب قياداتها ولم تقم تنظيماتها على أساس المواطنة، ويتعارض البعض منها مع المادة الخامسة، (ثانيا: لا يجوز تأسيس الحزب على أساس العنصرية والإرهاب والتكفير والتعصب الطائفي أو العرقي أو القومي).

وجاء في الفصل الثالث من القانون في المادة 8 /ثالثاً: ألا يكون تأسيس الحزب أو التنظيم السياسي وعمله متخذاً شكل التنظيمات العسكرية أو شبه ألعسكرية كما لا يجوز الارتباط بأية قوة مسلحة. هذه المادة لم يجر الالتزام بها في الواقع العملي، فهناك العديد من الجهات والاحزاب السياسية تعلن بشكل علني امتلاكها او ارتباطها وعلاقاتها مع المليشيات المسلحة او التنظيمات العسكرية والشبه عسكرية.

 أما في رابعاً من المادة ٨ فجاء ما يلي: أن لا يكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته أو أعضائه من ثبت بحكم بات قيامه بالدعوة أو المشاركة للترويج بأية طريقة من طرق العلانية لأفكار تتعارض مع احكام الدستور. وهنا تتعارض هذه المادة من قانون الاحزاب مع الدستور العراقي الذي يضمن حرية الرأي والمعتقد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لو كان سكرتير الحزب المعين لا يؤمن بالنظام البرلماني ويناضل لاستبداله بالنظام الرئاسي، هل يجري تجريمه؟!

- المادة 12/ ثانيا، تعتبر اثقالا لكاهل الاحزاب الجديدة برسوم باهظة يراد منها منع قيام أحزاب جديدة منافسة لأحزاب المحاصصة الطائفية وتنص (ثانياً: تستحصل دائرة الاحزاب او تنظيمات سياسية رسـم تسجيل قدره (25000000) خمسة وعشرون مليون دينار).

- المادة -17- أولاً: تستحدث دائرة تسـمى (دائرة شؤون الأحزاب أو تنظيمات سياسية) ضمن الهيكل التنظيمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وترتبط بمجلس المفوضين.. ولكن الاجدى ان ترتبط في البرلمان مباشرة.

- المادة -22-: ثانياً: يكون رئيس تحرير صحيفة أو مجلة الحزب هو المسؤول عما ينشر فيهما. هنا يقع القانون في تقاطع مع حرية التعبير وتحميل صاحب المقال والدراسة والبحث مسئولية آرائه وأفكاره.

في الفصل السابع /المادة 32، رابعاً: تفصل محكمة الموضوع في الطلب المقدم وفقا للفقرات أعلاه من هذه المادة خلال (30) ثلاثين يوماً من تأريخ تقديمه ويكون قرار محكمة الموضوع قابلا للطعن أمام المحكمة الاتحادية. إن الطعن امام المحكمة الاتحادية غير ممكن لأنها غير محكمة اختصاص ولا يوجد في قانونها مادة قانونية تسمح بذلك. ويتناقض مع قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007 والذي يعتبر قرارات مجلس المفوضين قطعية ونهائية وغير قابلة للطعن، وورد في المادة 8 (رابعا: لا يجوز استئناف قرارات المجلس النهائية الا امام الهيئة القضائية للانتخابات. وسابعا: قرارات الهيئة القضائية للانتخابات نهائية وغير قابلة للطعن بأي شكل من الاشكال.

تناول القانون في المادة - 33- مصادر تمويل الحزب والتي تعتمد على: اشتراكات أعضائه، التبرعات والمنح الداخلية، عوائد استثمار أمواله وفقا لهذا القانون، الإعانات المالية من الموازنة العامة للدولة بموجب المعايير الواردة في هذا القانون. ولكن الذي يدرس واقع الساحة السياسية العراقية يرى أن القوى المتنفذة تملك مليارات الدولارات، والشركات والعقارات والمؤسسات التجارية والمصرفية، ولم تخضع للرقابة المالية ولقانون الضرائب وغير معلومة المصدر، وهذا يتناقض مع المادة 33.

كما جاء في الفصل السابع، المادة 44 (تتولى دائرة الاحزاب توزيع المبلغ الكلي للإعانة المالية على الاحزاب وفقاً للنسب الآتية:

أولاً: (20 في المائة) عشرون بالمائة بالتساوي على الاحزاب المسجلة وفق أحكام هذا القانون.

ثانياً: (80 في المائة) ثمانون بالمائة على الاحزاب الممثلة في مجلس النواب وفقاً لعدد المقاعد التي حاز عليها مرشحها في الانتخابات النيابية.

وكان على القانون الاستفادة من التجربة الالمانية التي منحت الاعانة وفق نسبة الاصوات التي تم الحصول عليها على الصعيد المحلي والوطني.

كما ان الاحكام الجزائية الواردة في القانون من المادة 46 حتى المادة 55، تطرح تساؤلات عديدة حول كيفت تطبيقها على احزاب ومنظمات تعلن دون لبس تبعيتها وولائها لجهات أجنبية وترتبط نشاطاتها وأعمالها مع الدوائر الاجنبية، وتتلقى وترسل وتدعم اعمالا عسكرية وشبه عسكرية، بينما هذه القوى والأحزاب لها حضورها السياسي العلني وتمثيلها البرلماني!

 

***********

 

تجنّوا عليها لموقفها من القضية الفلسطينية

الاحزاب الشيوعية تتصدر الحراك ضد التطبيع مع اسرائيل

خليل ابراهيم العبيدي

كم هي المواقف التي صنعتها أجهزة المخابرات الاجنبية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي ضد الأحزاب الشيوعية، وللأحزاب الشيوعية في البلدان العربية العربية بالذات من أن الشيوعيين ضد القضية الفلسطينية، وأنهم يتبعون الاتحاد السوفيتي الذي وافق على قرار التقسيم الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وظل انذاك القوميون والبعثيون ومن بعدهم جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم  يطبلون ويكيلون التهم المدفوعة الثمن من قبل المخابرات الاجنبية وخاصة جهاز ال أم أي 6، ( جهاز المخابرات البريطاني) ضد توجه الأحزاب الشيوعية العقلاني القائم آنذاك على ضرورة الموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية، بموجب البند أولا من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي جاء تحت عنوان دستور فلسطين وحكومتها المستقلة، وحسبما ورد في الفقرة الثالثة منه تنشأ في فلسطين دولتان؛ دولة فلسطين ودولة إسرائيل.

 وقد كان الاتحاد السوفيتي آنذاك يعمل على إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي العربية خشية منه على مصالح العرب الفلسطينيين من أن تكون تحت رحمة إسرائيل وصانعيها من الدول الامبريالية، وقد كانت توقعات السوفييت مبنية على معلومات تؤكد ان هموم الصهاينة هي الاستيلاء على كامل الأراضي الفلسطينية، وأن اقامة الدولة الفلسطينية واستحصال الاعتراف الدولي بها وادخالها في عضوية المنظمة الدولية (الامم المتحدة) سيعمل على توقف المشاريع الصهيونية من جهة كون الأراضي الفلسطينية تعود إلى دولة مستقلة لها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأن الاتحاد السوفيتي كان مستعدا لبناء الأسس التحتية لدولة فلسطين الوليدة ، غير ان الفلسطينيين ومن وراءهم أغلب الدول العربية رفضوا إقامة الدولة وأصروا على المقاومة فكانت حرب  1948 بين العرب وإسرائيل التي خسرها العرب “بمساعدة بريطانيا”،  ومن بعدها حرب 1967، والتي خسر أيضا فيها العرب بمساعدة الولايات المتحدة، وفي كل هذه الصراعات والحروب كانت الأحزاب الشيوعية  في البلدان العربية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي تقف إلى جانب العرب الفلسطينيين من أجل إقامة دولتهم المستقلة وفق بعد نظر استراتيجي مفاده أقم الدولة وتحصن بداخلها وكافح  بدلا من ان تكون مفتوحا أمام إسرائيل وهي تحتويك كجزء منها وتجعلك “ إرهابيا” متمردا عليها.

 واليوم وبعد أن تحققت توقعات تلك الاحزاب تنكرت إسرائيل لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية وأخذت تقضم الأراضي الفلسطينية جزءا بعد جزء، وإنها لم تعد تعترف بدولة فلسطين على الأراضي المحتلة في الخامس من  حزيران عام 1967 أو بالقدس الشرقية عاصمة لها وفق قرارات الشرعية الدولية، وقد شجعت إدارة الرئيس ترامب إسرائيل على ضم القدس لها ونقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى هذه المدينة العربية، وشجعت الغير أيضا على نقل سفارته اليها، وإنها تنكرت حتى لمقررات اتفاقات  أوسلو لعام 1993، أو 1995أو مباحثات كامب ديفيد وغيرها من جولات التباحث بشأن مستقبل هذه القضية ومراحل إقامة الدولة الفلسطينية، وقد كان لموقف الدول العربية وتطبيع كل من مصر والأردن وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل أن تمادت هذه الدولة بالعدوان على الفلسطينيين والعرب حتى قامت دون وجه حق بضم الجولان الى كيانها بتأييد امريكي وقح، عندما أعلنت ان هضبة الجولان هي جزء من اراضي دولة يهودا، ورغم كل ما تقدم، نجد اليوم الدبلوماسية العربية تلهث بالمجان للتطبيع مع اسرائيل دون ان تضع مكسبا واحدا يخدم القضية الفلسطينية، وهكذا بادرت دولة الإمارات للتطبيع متحججة بانها استحصلت موافقة إسرائيل بعدم ضم المزيد من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغور الاردن، وقد نفى نتنياهو هذا التوجه، ولحقت بركب التطبيع كذلك البحرين دون أي مكسب لعرب الضفة الغربية أو قطاع غزة، وآخرها جنرالات السودان راحوا راكضين نحو إسرائيل مقابل فتات من المكاسب وتحت الضغوط الأمريكية، وقد وقف الحزب الشيوعي السوداني الموقف المبدئي إزاء حق الشعب الفلسطيني، وكان معبرا بحق عن تطلعات الشعب السوداني نحو دولة تضمن حق الشعب الفلسطيني المظلوم، ووقف الحزب الشيوعي العراقي موقفا مبدئيا تجاه القضية أمام تراجع العرب في بيان  لمكتبه السياسي تحت عنوان اتفاق تطبيع مذل مع اسرائيل، وكذا جاءت إدانة الحزب الشيوعي المصري، وكذا فعل الكثير من الأحزاب الشيوعية في الشرق الأوسط والعالم. 

إن الأحزاب الشيوعية من خلال إيمانها المطلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها إنما تنطلق من افكارها القائمة على الصراع مع قوى الرأسمال العالمي ودولها التي باتت دولا امبريالية تسيطر على حركتها ورساميلها الصهيونية العالمية، وأن هذه الاحزاب منذ نشأتها الأولى كانت تقود شعوبها بوعي وعقل متفتح، وهذا  ما لم  تدركه الاحزاب القومية أو التي تتخذ من الدين غطاء لتحركها السياسي،  لأن الاحزاب الشيوعية هي احزاب تؤمن بالوطن الواحد المتعالي على الجزئيات المفرقة، وأنها وفق هذا المنطق تنظر إلى الشعب الفلسطيني  كونه ضحية من ضحايا الصهيونية العالمية المعادية لحق الفلسطينيين، وأن اللهاث العربي وراء التطبيع سوف لن يضيع فقط حق الشعب الفلسطيني وانما حق العرب في هضبة الجولان وربما أراض عربية أخرى تراها إسرائيل أنها تقع ضمن أراضي دولتها الكبرى .

 

*********

ص10

إشكاليات نظرية حول «17 تشرين»

الاشكالية الثانية: ماهية الثورة

ألكسندر عمار*

كان لا بد، في المقال الافتتاحي السابق (نشرته «طريق الشعب» بتاريخ 18 تشرين الأول 2020)، من حسم مسألة ماهية «17 تشرين» على أساس ثوري، لا بهدف وضعها في إطارها النظري الماركسي-اللينيني فحسب، بل لأن هذا الحسم النظري يؤثر بالغ التأثير في الممارسة السياسية للصراع الطبقي في مجتمعنا. فإن الاشتراك الواعي في الثورة (ناهيك عن قيادتها) – حسب تعبير لينين – يختلف كل الاختلاف بين مقاربة «17 تشرين» على اعتبارها انتفاضة وبين التعامل معها كونها ثورة. تماما، كما يختلف كليا التكتيك السياسي والمهمة الرئيسية بين اعتماد شعار «تثوير الانتفاضة» وبين طرح برنامج نضالي عملي بغية تجذير الثورة.

لكن، قبل كل شيء، إن تحديد ماهية «17 تشرين» على أنها ثورة غير كاف بحد ذاته. وهنالك ضرورة، تاليا، لطرح الإشكالية الثانية المكمّلة لها، ألا وهي ماهية هذه الثورة؟ وتطال هذه الإشكالية المضمون الطبقي لهذه الثورة ضمن البنية الاجتماعية الرأسمالية التبعية عموما، وظروف لبنان الاجتماعية والسياسية بشكل خاص. هكذا، ينجم عن هذه الإشكالية النظرية عدّة مسائل فرعية، سوف نتناول أهمها في هذا المقال، على النحو التالي:

المسألة الأولى: ثورة سياسية أم ثورة اجتماعية؟

تسود في أذهان البعض فكرة، مفادها أن الثورة إما أن تكون ثورة اجتماعية أو لا تكون ثورة بالأصل. بهذا المعنى، يتوجب على الثورة أن تقيم الاشتراكية كبديل عن البنية الاجتماعية القائمة، كي تستحق نعتها بـ»الـثورة»، وأي أمر آخر لا يعدو أن يكون إلا بمثابة «إصلاح» للبنية الاجتماعية الراهنة. وتبدو جلية مكامن الأخطاء في هذه الفكرة الشائعة وما تؤدي إليه من ضيق أفق سياسي. فهي تغيّب مسألة تمرحل تطور البنية الاجتماعية، وبتغييب مراحل التطور المختلفة تقع في خطأ تكتيكي من اثنين: (1) إما رفع شعار الثورة الاجتماعية (الاشتراكية)، كمهمة مباشرة أمام الحركة الثورية في لبنان دون نضوج العوامل الموضوعية وتهيئة الذاتية منها أمام هكذا قفزة نوعية في البنية الاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى اعتماد التكتيك «اليساري» المغامر، فيتم عزل حزب الطبقة العاملة عن الجماهير ويسهل – بالتالي – قمعه من قبل قوى الثورة المضادة المختلفة؛ (2) وإما اعتبار الظروف الحالية غير مؤاتية لطرح هذا الشعار القصووي، الأمر الذي يؤدي إلى استقالة حزب الطبقة العاملة من دوره السياسي في المرحلة الراهنة – وهذا جذر التكتيك «الإصلاحي» بامتياز – وافساح المجال في ساحات النضال السياسي أمام الطبقات (أو فئات اجتماعية محددّة منها) والقوى السياسية الأخرى لقيادة العملية الثورية.

والواقع أن ماركس كان قد ميّز بين مفهومين نظريين للثورة، ولم يحصر هذه الأخيرة في نوع معيّن دون الآخر. المفهوم الأول هو «الثورة الاجتماعية»، وهي ثورة تؤدي إلى تجاوز البنية الاجتماعية القائمة وبناء بنية اجتماعية أرقى نوعيا على أنقاضها (مثال: الثورات البرجوازية ضد الإقطاعية، والاشتراكية ضد النظام الرأسمالي)، الأمر الذي لا يتم إلا عبر إسقاط الطبقة المسيطرة برمتها وإقامة سلطة الطبقة الثورية النقيض. والمفهوم الثاني هو «الثورة السياسية»، أي الثورة التي تؤدي إلى ارتقاء البنية الاجتماعية القائمة من مرحلة معينة في تطورها إلى مرحلة أعلى نوعياً ضمن الإطار البنيوي ذاته (مثال: ثورة 23 يوليو 1952 في مصر)، الأمر الذي يتم عبر تغيير في موقع الفئة الاجتماعية المهيمنة ضمن التحالف الطبقي المسيطر أو عبر عملية «استبدال» طبقي في الإطار البنيوي ذاته من غير أن يُحدث تغييراً بنيوياً في نظام الإنتاج الاجتماعي (بحسب مفهوم مهدي عامل). وقد شرح ماركس الاختلاف بين المفهومين على الشكل التالي: «إن كل ثورة تحل المجتمع القديم، هي ثورة اجتماعية بقدر ما تفعل ذلك. إن كل ثورة تطيح بالقوة القديمة، هي ثورة سياسية بقدر ما تفعل ذلك» . هكذا اعتبر ماركس أن «التحرر الجزئي هو: الثورة السياسية فقط، الثورة التي لا تمس دعائم الصرح ذاتها – قسماً من المجتمع المدني يتحرر ويبلغ السيادة العامة ...»؛ في المقابل، فإن الثورة الاجتماعية تؤدي إلى التحرر الكلي: أي «تحرير المجتمع بأسره» .

هنا، لا بد من التأكيد بأن التمييز بين الثورتين لا يجعل بينهما أي قاطع نظري أو ممارسي يفصل بينهما، لأن كل ثورة، سياسية كانت أم اجتماعية، هي بالنسبة لماركس «عمل سياسي»، بينما تحمل الثورة السياسية – دوماً – مضموناً اجتماعياً معيناً. وهذا ما أكد عليه لينين بدوره، عندما رفض فكرة تعارض الثورتين (السياسية والاجتماعية) بشكل ميكانيكي، وأظهر العلاقة الديالكتيكية التي تربط بينهما، عندما كتب يقول: «إن التحولات السياسية بإتجاه ديمقراطي حقا، وبالأحرى الثورات السياسية، لا تستطيع أبدا، في أي حال من الأحوال ومهما تكن الظروف، أن تُكسِف أو تضعف شعار الثورة الاشتراكية، بل إنها بالعكس تقرّب هذه الثورة أبداً، موسعة أساسها، مجتذبة إلى النضال الاشتراكي فئات جديدة من البرجوازية الصغيرة والجماهير نصف البروليتارية. ومن جهة أخرى، يتبين أن الثورات السياسية أمر محتم في مجرى الثورة الاشتراكية التي لا يجوز اعتبارها عملا واحدا، بل مرحلة من الهزات العاصفة السياسية والاقتصادية، من أشد النضالات الطبقية ضراوة، من الحروب الأهلية، والثورات والثورات المضادة» . ولنا في تجربة الثورة الروسية أسطع مثال تاريخي على التحوّل من الثورة الديمقراطية (السياسية) إلى الثورة الاشتراكية (الاجتماعية) في غضون بضعة أشهر من العام 1917. وحقيقة الأمر أن العلاقة الديالكتيكية بين الثورة السياسية والاجتماعية أعمق من ذلك بالنسبة لماركس، حيث اعتبر أنه في ظروف بلدان ومجتمعات معينة «يشكل التحرر الجزئي أساس التحرر العام»، بينما في ظروف تطور أخرى «يشكل التحرر العام الشرط الذي لا غنى عنه لكل تحرر جزئي» .

إن التمييز النظري بين نوعي الثورة، وإعادة الاعتبار لمفهوم «الثورة السياسية»، وعدم استصغار أو شيطنة الفعل السياسي (أي الطبقي) التغييري للثورة الديمقراطية، يتيح لنا أدوات مفاهيمية تسمح بالقبض المعرفي على ثورة 17 أكتوبر في لبنان. إذن، ما هي بالضبط طبيعة هذه الثورة السياسية (17 أكتوبر)، أخذاً بعين الاعتبار مميزات البنية الاجتماعية الرأسمالية التبعية في لبنان؟

المسألة الثانية: الثورة السياسية هي الثورة الوطنية الديمقراطية

تكونت البنية الرأسمالية التبعية تاريخياً في لبنان في ظل السيطرة الاستعمارية، عبر «رسملة» نظام الإنتاج وتحويله ارتباطا بعلاقة التبعية للاستعمار، وفي هذا الإطار البنيوي تكون النظام السياسي البرجوازي كنظام طائفي. والواقع التاريخي يؤكد أن السيطرة المباشرة للطبقة البرجوازية التبعية قامت عبر استبدال سيطرة المستعمِر، دون تحقيق ثورتها الطبقية الديمقراطية. بل إن مهدي عامل يذهب أبعد من ذلك، حينما يعتبر أن البرجوازية في المجتمع الكولونيالي «منذ نشأتها، وبحكم هذه النشأة، مصابة بعجز بنيوي يمنعها إطلاقاً من أن تتحدّد، كما في الغرب، كقوة قائدة للتاريخ». ولهذا السبب، نفى أي طابع ثوري لهذه الطبقة، عندما كتب يقول: «لم تقم هذه الطبقة إذن بثورة برجوازية تقضي بها على علاقات إنتاج تعيق تطورها، ولم يكن لها أو بإمكانها أصلا أن تقوم بها ... بل يمكن القول أن هذه الطبقة لم تكن قط ثورية» .

هكذا، في ظل عجز البرجوازية التبعية عن تحقيق الثورة الديمقراطية (ذات المضمون الطبقي البرجوازي)، وعندما يصل نظامها الاقتصادي إلى حدّ الأزمة المستعصية، لا بد للطبقة العاملة – بالتحالف مع سائر الطبقات الكادحة والمستغَلة – أن تحمل على عاتقها المهام والأهداف الاجتماعية لهذه الثورة. وبالفعل، فقد كانت مقاربة لينين لثورة 1905 محمّلة بهذه المضامين الطبقية الجوهرية، حيث قال «ان الثورة الروسية تتسم بسمة أصلية قوامها أنها كانت ثورة برجوازية ديمقراطية من حيث مضمونها الاجتماعي، ولكنها بروليتارية من حيث وسائلها الكفاحية» .

فمنذ أن حدد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني (1968) طبيعة البنية الرأسمالية التبعية في لبنان، وضع أمامه مهمة «إسقاط الطغمة المالية» وإقامة البديل أو «الحكم الوطني الديمقراطي»، فأقر البرنامج المرحلي على هذا الأساس. وكان للمؤتمر الخامس للحزب (1987) أن طرح مسألة «الثورة الوطنية الديمقراطية» وتحقيقها بشتى السبل والأشكال النضالية. وقد عرّف المؤتمر هذه الثورة على النحو التالي:

«فالثورة الوطنية الديمقراطية، بـ ... التعريف اللينيني وفي ظروف لبنان الملموسة هي مرحلة تاريخية، جديدة ومعقدة، تفصل بين نظامين اجتماعيين، متناقضين متناحرين، النظام الرأسمالي المنهار والنظام الجديد البديل الذي لم يولد بعد. إلا أن عجز البرجوازية المتعاظم عن وقف انهيار نظامها والانحسار المتزايد لسلطتها وسيطرتها، والرفض المتصاعد لهذا النظام من جانب القوى والفئات الاجتماعية التي تشكل أكثرية الشعب، إن كل ذلك يطرح بإلحاح مهمة ولادة النظام الجديد البديل الذي لا يمكن أن يكون إلا نظاما نقيضا للنظام المنهار.

إنّ قيام الحكم الوطني الديمقراطي ... سيتم، حتماً، عبر عملية تغيير نوعي في السلطة، قوامها إسقاط سلطة الطغمة المالية ... أي بإقامة سلطة التحالف الوطني الديمقراطي ... ويتوقف على الدور الذي تحتله الطبقة العاملة في النضال لإقامة الحكم الوطني الديمقراطي، وعلى مركزها اللاحق في التحالف الوطني الديمقراطي، مدى جذرية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تفسح في المجال للانتقال إلى الاشتراكية» .

المسألة الثالثة: القيادة الطبقية للثورة الوطنية الديمقراطية

وهذا يحيلنا إلى المسألة الأخيرة المتعلقة بالقيادة الطبقية للثورة الوطنية الديمقراطية الموضوعة، منذ 17 تشرين، على جدول الأعمال. فقد أبرز مهدي عامل إمكانيتين أمام الثورة الوطنية الديمقراطية، تحددهما القيادة الطبقية للثورة؛ فإما أن تكون بقيادة البرجوازية الصغيرة، فتنغلق البنية الاجتماعية على ذاتها، وإما أن تكون بقيادة الطبقة النقيض فتنفتح البنية الاجتماعية الرأسمالية التبعية على إمكانية الانتقال إلى بنية اجتماعية أرقى: «إن «المرحلة الديمقراطية» مثلا بقيادة البرجوازية الصغيرة تختلف بنيويا عن «المرحلة الديمقراطية» نفسها بقيادة الطبقة العاملة. ففي الحالة الأولى، لا تخرج هذه المرحلة التاريخية، في منطق تطورها نفسه، عن الإطار البنيوي الخاص بالبنية الاجتماعية الكولونيالية، أي عن إطار تطور الإنتاج الكولونيالي. أما في الحالة الثانية، فتخرج هذه المرحلة عن الإطار البنيوي كي تتطور في إطار بنيوي آخر خاص بالبنية الاجتماعية الاشتراكية، أي في إطار يحدده تطور الإنتاج الاشتراكي. في هذه الحالة فقط، أي بوجود الطبقة العاملة في القيادة الطبقية لقوى التحالف الثوري، تتحدد «المرحلة الديمقراطية» في الحركة الثورية التحررية كمرحلة انتقال إلى الاشتراكية» .

لذلك كله، تتوقف وجهة الثورة ومضمونها الاجتماعي على مسألة القيادة الطبقية لهذه الثورة، وهي مسألة ليست معطاة، بل يتوجب اكتسابها عبر الممارسة النضالية لحزب الطبقة العاملة. وإن كان غياب القيادة الطبقية في المراحل الأولى من الثورة يمكن تبريره بفعل الطابع العفوي لانتفاضة الجماهير، لكن ضرورة قيام هذه القيادة، مع تطور الحركة الثورية، يصبح أمراً حاسماً لمجرى الصراع.

في عدد قادم (الإشكالية النظرية الثالثة: التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية).

ــــــــــــــــ

*كاتب لبناني

«النداء» – 13 تشرين الثاني 2020

00000000000000000000000000000000000000000000000000

جيجك: لم يفصل كوربين من حزب العمال بسبب معاداته السامية

بل بسبب مناهضته  للرأسمالية 

نشر الفيلسوف الاشتراكي سلافوي جيجك مقالاً قبل أيام يتطرق للحملة ضد جيرمي كوربين، وقرار تعليق عضويته في حزب العمال البريطاني بتهمة معاداة السامية يتطرق فيه الى البروباغندا التشويهية التي يواجهها اليسار والى الخيارات الراديكالية أمامه.

الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني هو آخر شخصية يسارية تم إسقاطها بوساطة مزاعم كيدية عن “كراهية اليهود”، حتى لا يضطر خصومه للانخراط في مناقشة حجته الحقيقية، وهي أن الرأسمالية قد فشلت وما زالت تفشل.

في 29 تشرين الأول الماضي، تم تعليق عضوية جيرمي كوربين في حزب العمال البريطاني - لماذا؟

استخلصت “لجنة المساواة وحقوق الإنسان”، وهي هيئة مراقبة المساواة في “المملكة المتحدة” في تحقيقها المكون من 130 صفحة ادعاء أن حزب العمال كان بإمكانه معالجة معاداة السامية بشكل أكثر فعالية “لو اختارت القيادة القيام بذلك”، وتم تعليق عضوية كوربين بعد أن قال إن معاداة السامية في الحزب “تم المبالغة بشأنها بشكل كبير لأسباب سياسية”. إن عملية التطهير هذه ستثير بالطبع صراعا مفتوحا بين زعيم الحزب الجديد كير ستارمر وأعضاء البرلمان المؤيدين لكوربين ومن بينهم جون ماكدونيل. وقد صرح ستارمر بالفعل إن يوم صدور تقرير اللجنة يرقى إلى “يوم عار” في تاريخ الحزب.

ولكن ماذا لو كان تحييد كوربين هو الذي يشكل “يوم عار” لحزب العمال للسبب المعاكس تماما، لأنه حدث أصلاً؟ ماذا لو تم تحييد كوربين ليس بسبب “معاداته للسامية” (وهو في الحقيقة ليس كذلك بالتأكيد)، ولكن بسبب موقفه النقدي تجاه الرأسمالية، مع استخدام “معاداة السامية” كغطاء؟ ماذا لو كان تحييد كوربين هو مجرد الحلقة الأخيرة المحزنة في سلسلة البروباغندا المتصاعدة المعادية لليسار والتي تصنف كل من ينتقد المنظومة الحالية على أنه “معاد للسامية”، من بيرني ساندرز إلى يانيس فاروفاكيس في ظهور لها في احدى اجتماعات زوجها الانتخابية، نددت ميلانيا ترامب بـ”الأجندة الاشتراكية” لبايدن - فماذا عن كمالا هاريس التي ينظر إليها عادة على أنها “يسارية” أكثر من بايدن المعتدل للغاية؟ كان دونالد ترامب واضحا بشأن هذه النقطة: “إنها شيوعية. إنها ليست اشتراكية. إنها أبعد من الاشتراكية. إنها تريد فتح الحدود للسماح للقتلة والمغتصبين بالتدفق إلى بلدنا”. (بالمناسبة، منذ متى أصبحت الحدود المفتوحة سمة من سمات الشيوعية؟).

رد بايدن على الفور:”لا يوجد جملة واحدة قلتها من قبل يمكن أن تقود إلى الاعتقاد بأنني اشتراكي أو شيوعي”. في الواقع هو محق، لكن هذا الدفاع  يخطئ الهدف: إن تصوير بايدن كاشتراكي/ شيوعي ليس مجرد مبالغة خطابية، إنه حالة نموذجية لما يجب أن نطلق عليه “واقعية التوهم” - المفاهيم ليست مجرد أسماء، إنها هيكلة الفضاء السياسي ولها آثار فعلية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقتطف من مقال للكاتب الفلسطيني حسن مصاروة

موقع حزب الشعب الفلسطيني – 10 تشرين الثاني – 2020

**********************

ص11

«فواصل» مجلة جديدة من الموصل

في الموصل، صدرت مجلة فصلية جديدة تحمل اسم “فواصل” يرأس تحريرها الأستاذ غانم محمد البجاري ومدير تحريرها الأستاذ احمد جاسم العبيدي. تميز العدد بمساهمة غزيرة للكتاب العرب وفي مقدمتهم: د. كمال أبو ديب، وملف عن الروائي اليمني محمد الغربي، فضلا عن مساهمة فنية وادبية عراقية بارزة. وقد تميزت المجلة بتنوعها وألق تصميمها وخطابها الثقافي الحداثوي الرصين.

ومثل هذا المشروع الثقافي والمعرفي والابداعي الجاد يتطلب الدعم والتواصل معاً ليتسنى بقاءه وتفاعله مع معطيات الحياة الثقافية الراهنة محلياً وعربياً وعالمياً.. ذلك ان الـ “الفواصل” لا تحول دون اغناء العقل والذائقة الجمالية واستمرارها.

****************

فكر

داروين وماركس وفرويد:

الهرم الذهبي للعبقرية الإنسانية

مؤيد جواد الطلال*

عديدة هي الأسباب التي تدعوني لوصف داروين وماركس وفرويّد بالمثلث الهرمي الذهبي للعبقرية الإنسانية، لعل أبرزها دراستهم للإنسان بوصفه كائناً طبيعياً مرتبطاً بالأرض ومخلوقاتها، وبالمجتمعات البشرية، وبواقعية الحياة والغرائز والهورمونات والصبغات الجينية (الموروثات) والتركيبات البيولوجية ثم النفسية.. إذ أنزلت هذه الدراسات والأبحاث العلمية الكائن البشري من علياء السماء إلى واقعه الأرضي, وبددت كل الأوهام والأساطير وميثولوجيا الشعوب والتقديسات الدينية – إن كانت أرضية أو سمائية – التي أسبغتها على عملية خلق الإنسان وتكوينه وتركيبه التي وصلت أحياناً إلى أسطورة تأليهه أو جعله نصف إله ونصف إنسان كما في أغلب الميثولوجيات والأساطير الشعبية ومنها المصرية والرافدينيّة والإغريقية على سبيل المثال لا الحصر, والتي بالغت في وجود ((كائنات عليّا مستترة)) تعمل على تنظيم الكون والمخلوقات وما إلى غير ذلك من امور مختلفة متعددة.

ولم يكن القصد من تلك الدراسات والأبحاث العلمية التحليلية النقدية تحقير الإنسان أو الحط من قدره, كما يتوهم بعض منتقدي هذا الهرم الذهبي للعبقرية الإنسانية, بل كان المقصود وضع الإنسان على قدميه بالشكل الطبيعي الصحيح وليس المقلوب؛ من أجل ارتقاء الإنسان من الأرض إلى السماء مادام قد نجح في اغتنام اللحظة التاريخية والبيولوجية الخطيرة أو الطفرة العملاقة الخلاقة في تحوّل أرقى الثديات إلى كائنات بشرية انفصلت عن بقية الكائنات الغابية وشقت طريقها لتكوين تجمعات بشرية إنسيّة جديدة ومختلفة، كما يُستنتج من أبحاث ودراسات وتحليلات (داروين) وتلامذته من علماء التاريخ الطبيعي والبيولوجي والمخلوقات الأرضية المختلفة.

وفي هذه النقطة بالذات تكمن أهمية (داروين) كعالِمْ؛ لأنه أحرز انتصاراً كبيراً عندما فسَّر أصل الأجناس (الأنواع) بواسطة الاختيار أو الانتخاب الطبيعي, وهي نظرية حطمت تماماً التفسير الغائي القائل بالخلق الخاص على حدّ تعبير (جون لويس) في كتابه الرائع ((المدخل إلى الفلسفة)) * ((1))

وما دامت تلك التجمعات البشرية البسيطة قد نجحت في عبور المرحلة المشاعية  البدائية القديمة, ووصلت إلى مراحل وخطوات متقدمة بالنسبة لقوى وعلاقات الانتاج كما سلط الأضواء عليها ماركس ورفيق دربه إنجلز الذي كان قد كتب عن أصل العائلة والمِلكيّة الخاصة في تلك المجتمعات القديمة ومنها (( المجتمع الأمومي )), أو الفترة التي سادت بها المرأة التاريخ البشري خلال مرحلة محددة.

لذلك وضعت الماركسية نصب عينيها مهمة اعادة القيمة والاعتبار للمرأة بوصفها نصف المجتمع ولها الدور الخلاق في توحيد وحماية الأسرة؛ وبالتالي تطور المجتمعات البشرية المتساوية في الحقوق والواجبات هنا على هذه الأرض وليس في أي مكان آخر .. مجتمعات خالية من الاستغلال الطبقي ومن استثمار قوة عمل المرأة بأجور منخفضة, مع محاربة أو منع عمالة الأطفال الذين يجب أن يكون مكانهم الطبيعي على مقاعد الدراسة والتعلم وكسب المهارات العملية والثقافية والانتاجية سواء بسواء.

وفي كل هذه الأمور ليس ثمة تحقيراً للإنسان حتى وإن كشفت الماركسية عن الجوانب السلبية في العلاقات الانتاجية والاجتماعية في المراحل المظلمة من التاريخ :- العبودية – الإقطاعية – النمط الآسيوي للإنتاج – الحروب – السلب والسبي – الرأسمالية الاحتكارية البشعة ... وأخيراً المرحلة الامبريالية السوداء !

أما العالِم (سيغموند فرويد) فقد استثمر الأساطير القديمة والميثولوجيات والجوانب الغريزية في بنيّة الكائن البشري, واستعار من الآداب المختلفة ولاسيّما الإغريقية [عقدة أوديب وألتكرا, مثلاً] وحتى آداب ونتاجات عصره ليغوص في النفس البشرية ويميط اللثام عن ذلك الكهف المظلم والمغارة العمياء التي أطلق عليها اسم “الهو” أو اللاوعي؛ ليس من أجل تحقير الإنسان والحط من شأنه, بل لرفعه إلى مرحلة الوعي والنور والأخلاق الحميدة والقيّم الإنسانية – مرحلة الاستيقاظ وتوسيع دائرة المعرفة – التي شكلت الجانب الإيجابي في كل تلك الأساطير القديمة وميثولوجيا الشعوب بما فيها الأديان الأرضية والسماوية وحتى الفلسفات المثالية على مراحل التاريخ المتعددة .. أو ما تسميه البوذية = كما عند زن Zen= بمرحلة الاستنارة والدعوة إلى عمل الخير وتجنب الشر وتنقية القلب كما ورد في الصفحة الأخيرة من كتاب إريك فروم و ( د. ت. سوزوكي ) المعنون ب { فرويد وبوذا } * (( 2 ))

بالطبع إنّ مثل هذه الدعوات, والنوايا الحسنة, لا تقتصر على البوذية بل هي موجودة في جميع الأساطير وميثولوجيات وأديان الشعوب والعقائد والمذاهب والفلسفات الإنسانية, قديماً وحديثاً, غير أن المهم هو التطبيق والسبل العلمية القمينة في الوصول إلى تحقيق هذه الأماني والأحلام البشرية.

ولذلك أعادت رؤوس المثلث الذهبي للعبقرية الإنسانية ( داروين – ماركس – فرويد ) الإنسان واقفاً على قدميه, عارياً أمام الحقائق التاريخية والعلمية لينطلق بوساطة العِلم والتقنية الحديثة الصحيحة ويحقق بالفعل والواقع ما كان قد حلم به الإنسان النبيل القديم بدءاً من مرحلة التدوين { أسطورة جلجامش على سبيل المثال } وما قبلها من تراث شفاهي غير مكتوب ومبثوث في الحكايات والأمثلة والحِكمْ الشعبية عند الشعوب كافة, مروراً بأحلام الشعراء وتنهدات النماذج البطولية في الملاحم القديمة وأبطال روايات العصر الحديث ومسرحيات شكسبير ودماء ثورات أوروبا وعصر الاصلاح والتنوير ( ومنها الثورة الفرنسية الكبرى وكومونة باريس ), من غير أن تنتهي هذه السلسلة بحروب تحرير الشعوب والقوميات المضطهدة خلال القرنين الأخيرين, ورغبة هذه الشعوب بإنشاء دولة المواطنة والمساواة والحرية والديمقراطية المدنية الحديثة والتخلص من الأنظمة الرأسمالية وتغوّل شركات الاحتكار المستغِّلة – بما فيها شركات صناعة أسلحة الدمار الشامل – لاسيّما في الولايات المتحدة الأمريكية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب عراقي مستقل مقيم في سورية  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والهوامش

1 - المصدر: جون لويس – المدخل إلى الفلسفة – ترجمة أنور عبد الملك / دار الحقيقة للطباعة والنشر في بيروت – الطبعة الثانية 1973م.

2 - فرويد وبوذا: التصوّف البوذي والتحليل النفسي - ترجمة د. ثائر ديب – دار المركز الثقافي للطباعة والنشر – دمشق طبعة 2007 م

*******************

بلغات الشعوب

احلك الايام في الحياة

قصيدة للشاعر كيسار باييخو / بيرو

ترجمها عن الروسية أ.د. ضياء نافع

موسكو/ خاص

الاول قال –

احلك الايام في حياتي

عندما رموني

باطلاقات في صدري

وجرحوني..

****

ألآخر قال –

احلك الايام في حياتي

عندما حدث زلزال رهيب

على شاطئ البحر,

 وغمرت

 الامواج الهائلة

  كل البشر,

ولكني نجوت

بمعجزة ,

وبقيت

 على قيد الحياة.

****

الثالث قال –

انه اليوم الذي

أغفو به

 في النهار.

****

الآخر قال –

 احلك الايام

عندما كنت وحيدا,

وحيدا،

 وحيدا

 تماما .

****

الآخر قال –

 احلك ايامي

عندما سجنوني.

****

الآخر قال –

 احلك ايام حياتي

هو اليوم الذي

فهمت به أبي .

****

أما ذاك الذي

صمت أكثر من الاخرين

فقال –

 احلك يوم في حياتي

لم يأت

 بعد ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيسار باييخو (ويترجمون اسمه بالعربية بعض الاحيان - قيصر بدلا من كيسار) شاعر من بيرو، ولد في سنتياغو عام 1892 وتوفي في باريس عام 1938 وتم دفنه هناك، اذ اضطر الى الهجرة من وطنه نتيجة لمساهمته في الحركة السياسية اليسارية. وهو شاعر وروائي وقاص وكاتب مسرحي ومترجم.

-***********

قراءة

في رواية «درويش» للكاتب ماجد الخطيب

ماجد فيادي

رواية “درويش” هي الأولى لماجد الخطيب، أصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في العام 2020. كنت قد قرأت العديد من نتاجاته المسرحية، كنت متلهفاً لمعرفة كيف يكتب الخطيب الرواية، فمسرحياته التي قرأتها تعتمد اسلوب البناء الدرامي، حيث يبدأ بعرض الشخوص، ثم تتصاعد لديه الأحداث في الوسط، فتعقبها نهاية لا تخطر على بال أحد. النهاية في مسرحياته ، هي الأساس الذي يبني عليها كامل قصته، لهذا لا تحاول أن تتوقع شكلها، وان جاز لي القول، هي اشبه بنهايات قصص اجاثا كريستي، لكنها سياسية وليست بوليسية.

وعلى عكس مسرحياته تبدأ رواية “درويش” من النهاية، في الساعات الأخيرة من حياة جد الكاتب ماجد الخطيب، وهو يضعنا أمام شخصية أسطورية لا تتردد في محاربة ملك الموت، عزرائيل، عندما طلب سيفه، لينقذ أبناءه وأحفاده من النهاية المحتومة، مما يجعل القارئ يتوه، في هذه الشخصية الغريبة، فمن أين لها تلك القوة، هل درويش مؤمن بالله، أم ملحد؟ التناقض بين الإيمان بوجود عزرائيل، لا تقابله الرغبة بقتله لإنقاذ البشرية من النهاية الحتمية، أي الموت.

الرواية توثق قصتين، شخصية درويش البطل الباحث عن الخلود من دون أن يدري، وشخصية مدينة البصرة، متعددة الثقافات والامكانات، حيث ولد درويش ومات فيها. فالخطيب يرسم شخصية درويش عن طريق القصص التي عاشها، في نفس الوقت يركز كثيراً على وصف مدينة البصرة، حاراتها، انهارها، جسورها، عوائلها، ويفرد قصة كاملة لحوار بين نخلتين، رمز مدينة البصرة. هذا المزج يجعل القارئ يسافر مع الشخصية والمدينة ليعيش أحداثا لم يشهدها وأماكن لم يزرها، فمن لم يذهب للبصرة ولم يلتق بدرويش، لا ينتابه العناء في معرفة ردود أفعاله، كما أنه لا يتيه وهو يعبر جسورها ويتنقل بين بساتينها، أو يستطعم تمرها.

يأخذنا ماجد الخطيب لنعيش مع شخصيات، أثرت في حيوات البصرة ومجتمعات أخرى، مثل (صبري صندوق أمين البصرة)، وشخصيات يهودية سادة وعبيد، مشاهير ونكرات، وكأنه يقول إن البصرة مثلما فيها ثروات طبيعية، فيها أيضاً ثروة بشرية لم يجر الاهتمام بها. لهذا لا بد ان يستوقفك انتصار درويش على بطل الزورخانة الإيراني، ومن بعده النجفي، وما رافقهما من أحداث، هل كانت قصة من قصص درويش ام مندوب البصرة بالزورخانة؟ لم يغب عن الرواية دور المرأة البصرية، فراح يوثقه بعدة قصص وبمختلف الأشكال، ومن يعرف ماجد الخطيب سيعرف جيداً لماذا اختار تلك النساء ولماذا قدمهن بتلك الأشكال، بين عزباء لا أحد يعرف ان كانت متزوجة أم لا، أو “مطيرجية” تقف في سوق الرجال، أم ترمي نفسها بالنهر لأجل طفلها، امرأة شرسة لا تتردد عن القتال بالشارع، كلهن نماذج قوية، يعكسن صورة المرأة التي يريدها ان تكون.

يبحث الكاتب في مشاكل المجتمع البصري كنموذج للمجتمع العراقي، وهو يغط في الخرافة وهيمنة رجل الدين والجهل، عندما يروي لنا قصصا متعددة يمر بها درويش، أحياناً يلجأ الى الحوار، وأخرى يضطر أن يأخذ دور البطل الاسطوري، حتى يثبت للناس، أن ما يؤمنون به ليس أكثر من خرافة، وأحياناً يجبر على ممارسة دور ما، لا بد أن يكون البطل فيه. هنا يطرح القارئ السؤال، هل اختار ماجد الخطيب الزمن المحدد لإصدار روايته، وهو يرد على خرافات المجتمع العراقي التي يغرق بها اليوم، أم أن المنتفضين في ساحات الاعتصام، ألهبوا قريحته لكتابة روايته الأولى عن جده الاسطوري والبصرة صاحبة الأمجاد؟

عندما يتجول القارئ في رواية درويش وهو لا يعرف الكاتب، لن يشك أن ماجد الخطيب مزج بين قصص جده درويش، وقصصه الشخصية، ولا ندري إن كان قد أضاف قصصاً أخرى لشخصيات مرت بحياته، هذا التلاعب بالقارئ يبدو مقصوداً، أما لأن تاريخه المتنوع قد تمرد عليه، وقفزت تلك الشخصيات اللا بصرية من عقله الباطن الى قصص درويش والبصرة، أو هي رغبة شخصية في نقل تجاربه ومعارفه إلى القارئ، وفي كلا الحالتين هو تحايل مقبول، لما يحمله من أهداف نبيلة، تربط بين الخزين المعرفي، والقدرة على ترجمتها في قصص محبكة ضمن رواية ممتعة.

لو عدنا إلى اسلوب كتابة الخطيب لمسرحياته، سنجده حاضراً في رواية “درويش”، بل هو لم يستطع الخروج منه إلى عوالم الرواية الأكثر مشقة، فقد استعاض عن رسم خطوط درامية مرافقة للدراما الرئيسية، بان قَطّعَ الرواية الى قصص قصيرة، ليدخل القارئ بدوامة ألف ليلة وليلة، وبدل أن ننتظر شهرزاد لتروي الحكاية ننتظر درويش في موقف بطولي جديد. إلى أي مدى نجح الخطيب في الهروب من الأسلوب الكلاسيكي للرواية، الجواب يختلف من قارئ إلى آخر، لكن المتعة متوفرة.

الرواية لم تأت منسجمة مع قدرات ماجد الخطيب التي أشرت لها آنفا، فلو أنه انتهى بالعودة لليلة وفاة درويش، وأقفلها لكانت أكثر اقناعاً من إضافة فصل فلاش باك على الرواية، هذا الفصل لم أجد له تفسيراً غير، ساعات الغيبوبة التي سبقت طلب السيف لمقاتلة عزرائيل، وهو ما كان يدور في ذاكرة درويش، عندما بقي لوحده بالغرفة، فهل كان الراوي درويشا أم هو ماجد الخطيب؟ أترك لكم حيرتي بعد أن تختتموا قراءة الرواية.

**********

لماذا؟

تعاني دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة من قلة وندرة الكفاءات التي تشكل رافداً اساسياً من روافد نجاحها في العمل.. في وقت نجد دوائر أخرى تابعة للوزارة مثقلة بالموظفين الذين لا يقومون بأي عمل ويشكلون عبئاً على دوائرها؟

**********

ص 12

العدد 136 من «الشرارة»

 

عن اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف، صدر أخيرا العدد 136/ تشرين الثاني 2020 من مجلة «الشرارة».

ضم العدد، الذي جاء في 104 صفحات، مقالات وأخبارا وتقارير سياسية واقتصادية وثقافية وصحية ومنوعة، فضلا عن ملحق «مرحبا يا أصدقاء» الموجه للأطفال.

من العناوين البارزة في العدد: «أكثرية تاريخية لإقرار دستور ديمقراطي في تشيلي»، «الورقة البيضاء والإصلاح الاقتصادي والمالي في العراق»، «السينوغرافيا وتأثرها بفن العمارة»، «تحولات البنية السردية للقصة القصيرة في النجف» و»متى يكون تقسيم حبة الدواء خطرا؟».

 

 

****

ليس مجرد كلام

عبد السادة البصري

حين بدأت مفردات البطاقة التموينية بالتلاشي، بدأ خط الفقر والعوز بالصعود تدريجياً، ليصبح الناس فريقين لا ثالث لهما: أما غنىً فاحش، أو فقر مدقع، رغم الثروات الهائلة من النفط وغيرها، وصعود سعر البرميل في بعض السنوات إلى نسب خيالية، واعتماد موازنات انفجارية هائلة!

حدث ذلك بسبب تغلغل آلة الفساد وسوسته في كل مفاصل الحياة، وعدم الاهتمام الحقيقي ببناء الإنسان والوطن، فضاع الاثنان معاً!

الفساد والمحاصصة هما السبب الرئيسي في التدهور الاقتصادي أولاً، وفي خراب البلد ثانياً، وكل مَنْ يمسك بزمام الأمور لن يستطيع معالجتهما أبداً مهما كانت النوايا والتصريحات، حيث أصبحنا مستهلكين لكل شيء، وأسواقنا مفتوحة لكل ما تنتجه البلدان الأخرى، في الوقت الذي كان مفروضا بنا أن نبدأ خطّة جديدة في كل الميادين بعد سقوط النظام الفاشي مباشرة. لكننا تركنا كل شيء من الاعمار والبناء إلى إعادة الحياة لمصانعنا ومزارعنا وفتح قنوات جديدة في الزراعة والصناعة والسياحة. وبدلا من العمل على رفع المستوى الاقتصادي للفرد والمجتمع، رحنا نتخبط في أمور وخلافات وفساد وعدم توافق على أي شيء. وها نحن اليوم نقترض مبالغ هائلة لسد العجز المالي، وأول عجزنا هو راتب الموظفين والعاملين في الدولة، وهذه لها قصةٌ طويلة وغَصّةٌ كبيرة، حيث شرعنوا للفساد من خلال عدم المساس برواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والوزراء والنوّاب والوكلاء والمستشارين وسائر الدرجات الخاصة، وكأنهم من كوكب آخر والمواطن عليه أن يتحمّل كل التبعات، ليموت الناس من الجوع والمرض وسوء في كل شيء من خدمات إلى أزمات وما إلى ذلك!

وقفة تأملية لكل ما جرى ويجري من تدهور وخراب وأوبئة وأمراض، وقبل ذلك فساد لا مثيل له، ووضع الأسس الحقيقية والسليمة لتصحيح الأمور، والعمل بكل إخلاص وانتماء حقيقي، عندها سيعود البلد إلى قوّته وازدهاره وسينتعش السوق محليا وعالميا، وتدور عجلات مصانعنا كافّة، وتخضّر مزارعنا بما لذّ وطاب، ويملأ منتوجنا الأسواق ويعلو البناء ويعمّ الخير وترفرف السعادة على العيون!

البطاقة التموينية ومفرداتها من أساسيات استقرار معيشة المواطن، والراتب هو المنقذ للكثير من العوائل من العوز والفاقة. علينا أن نفكّر جيداً بإنقاذ الوطن والناس قبل أن ينهار كل شيء، وعندها لا منقذ لنا من الضياع، وسيلعننا التاريخ من الآن والى ما لا نهاية!

 

*************

أمسية شعرية

في مقر شيوعيي الكرادة

بغداد – طريق الشعب

أقام “منتدى غني محسن” الشعري قبل ايام أمسية للشعر الشعبي، مستأنفا نشاطه بعد توقف دام أربع سنوات.

الأمسية التي أقيمت على حديقة مقر منظمة الحزب الشيوعي العراقي في الكرادة داخل ببغداد، حضرها جمع من محبي الشعر، إلى جانب العديد من الشعراء، بينهم حامد الشمري، عبد الحميد الجابري، علي الفريداوي وعبد الرزاق البطاح. كما شارك الفنانان غسان إسماعيل وأمير أبو الهيل.

وشهدت الأمسية قراءات شعرية وجدانية ووطنية، ساهم فيها الشعراء صفاء الربيعي، رزاق البطاح، رائد الفريجي، مخلد قاسم، حسنين العتابي، الصوت يومس صاحب، عصام كريم، عامر العيثاوي، سامر جمعة، عباس اللامي، علي الشمري، علي حاتم، محمد خشين، غسان اسماعيل وتوفيق حاكم.

الشاعر حامد الشمري احد القائمين على الامسية ابلغ “طريق الشعب” انها لن تقتصر مستقبلا على الشعر الشعبي، بل ستتضمن مشاركات موسيقية وغنائية. واضاف ان امسيات المنتدى ستقام كل يوم جمعة في المكان نفسه – حديقة مقر الحزب الشيوعي في الكرادة’

 

*************

 

وتر قيثار

الى الشهيد البطل سعدون -  وضاح حسن

في ذكرى استشهاده الـ 16

غسان الفاضل

اسمك من يغازل كل ندى ومصباح

يطيح الليل والبارود،

محرابك بنفسج بالحزن خدران

طايف جمرك البردان

يرتلّك فجر سندان

وتركعلك الريح زنود !

يمرواح العشگ فلاح

يرفرفله جفن عينك وتر  قيثار !

تهوّسلك سنابل كوبا والأحرار

لمخاض الشمس تجادح هلاهل ثار

كحل للماي، نضال وصوت،

ابد (وضاح ) .. لا ..  متموت

خطواتك عصية بگصة التابوت!

روحك ضَحکة  امرايات موت الموت

رسمت الدرب جيل لجيل

خيالك طاف صدر سهيل

چاكوچك يشب نارين

من يسمع صهيل يعيل

عمى عين الصدى

المتكاسر بلادين

وبگاعك يهوّس عوسج وصفصاف

وحِسن الطين ماينشاف!

عنوان الوطن عاثر بظل النار

والدبجات للواوي بستار الغار!

العرس باچر  يصلي اسمك

مناجل دم ..

يصلي اسمك وتر قيثار ...

 

***********

رفضت مد يدها الى “المحسنين”

عراقية تعمل أسطة بناء لكسب لقمة العيش

كركوك – وكالات

دلنيا دلشاد أو “أسطه دلنيا” كما ينادونها، أرملة عراقية وأم لطفلين من مدينة كركوك، قررت تحدي قسوة الحياة وضنك العيش بعد وفاة زوجها، وعملت في مهن عدة لكسب الرزق، رافضة الاستسلام أو الاستجداء.

اضطُرت دلنيا (35 عاما) إلى العمل أسطه بناء بعد أن أغلق المقهى الذي كانت تديره، بسبب الإجراءات الحكومية للحد من انتشار فيروس كورونا.

تقول دلنيا في لقاء صحفي، انها عملت في مهن عدة: سائقة بلدوزر، بائعة أعشاب طبية، بائعة شاي، سائقة “ستوتة”، لكنها استقرت أخيرا على “العمّالة”، مبينة انه بعد تفشي فيروس كورونا وتوقف معظم الأعمال في البلد، قامت بشراء “ستوتة” بالتقسيط، كي تعمل عليها في بيع الفاكهة والخضار، لكنها فضلت بعدها العمل في البناء، خاصة انها سبق وان زاولت مهنة حفر آبار المجاري. 

وتضيف دلنيا قائلة، أنها اضطرت إلى مزاولة كل هذه المهن، من أجل توفير لقمة العيش لطفليها، وتحقيق كل متطلباتهما، مؤكدة انها لن تترك العمل، وستبقى تزاول أي مهنة تستطيع مزاولتها “حتى لو اضطررت إلى كسر الحجارة في سبيل معيشة طفلي اليتيمين.. ولن استسلم لانتقادات المجتمع طالما اني أكسب رزقي بعرق جبيني”. 

دلنيا واحدة من آلاف وآلاف العراقيات اللاتي واجهن ظروفا اجتماعية قاسية، بسبب الزواج المبكر او الحرمان من التعليم او الاضطرار الى النزوح، فاختارت عدم الاستسلام واقتحمت حتى  الأعمال التي تعتبر حكرا على الرجال.

 

**************

علي حسن: استثمرت فترة الحظر في العزف والتأليف الموسيقي

بغداد – طريق الشعب

علي حسن، عازف عود معروف من مواليد 1967. أحيا العديد من الحفلات محليا وعربيا ودوليا، وله مؤلفات موسيقية عدة، وهو يعمل حاليا مدرسا في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد.

في لقاء سريع معه، سألته “طريق الشعب” عن تأثير عائلته على تجربته الموسيقية، فأجاب قائلا:

- التأثير الأساسي كان من شقيقي الأكبر، فلاح، فهو كان يعشق العود، ودخلت هذه الآلة عن طريقه إلى بيتنا، ومنذ ذلك الحين قلت في داخلي: سيصبح للعود شأن في حياتي. وبالفعل، أصبح صديقي الذي لا يفارقني.

* ماذا عن نشاطك الموسيقي خلال فترة الحظر الصحي؟

- فرض علينا فيروس كورونا المكوث في منازلنا، لكن هذا لم يمنعنا من مواصلة النشاط الموسيقي. فقد صرت أتواصل مع الأصدقاء والمتابعين عبر صفحتي على فيسبوك، وقمت بنشر مقاطع من حفلاتي السابقة. كما اني استثمرت فترة الحظر في العزف والتأليف الموسيقي.

* ما أبرز محطاتك الفنية؟

- أهم محطة بالنسبة لي هي اقامتي في دولة الإمارات. فقد أتيحت لي الفرصة هناك لتأسيس “مركز راشد” للموسيقى، وإدارته. أما المحطة الثانية فكانت سفري إلى بلجيكا، وهناك أسسنا “فرقة ميزوبوتاميا”، التي زرت من خلالها دولا أوربية عدة. فيما كانت محطتي الأهم، هي عودتي للعراق بعد غربة دامت 13 عاما، وتعييني معاونا لمدير معهد الدراسات الموسيقية.

* سمعنا انه ذات مرة كسر عودك قبيل حفل مهم في جنوب أفريقيا كنت أحد المشاركين فيه. كيف تلافيت الأمر؟   

- وقتها، ومن حسن حظي، استطعت الحصول على عود، لكنه بائس، فاستبدلت أوتاره بأوتار عودي وأكملت الحفل.

* ما الذي يحتاجه العراق كي ينهض بواقعه الموسيقي؟

- الاهتمام في المعاهد الموسيقية، وخلق جو فني بعيداً عن السلطة السياسية، كي يكون الفنان حرا في طرح أفكاره.

* كانت لديكم خيمة اعتصام في ساحة التحرير. ماذا عنها؟ 

- عندما انطلقت شرارة ثورة تشرين، كنت في ساحة التحرير مع الشباب الثائر، وواصلت حضوري يوميا، فأصبحت هناك حاجة ماسة لإنشاء هذه الخيمة، التي من خلالها قدمنا فعاليات موسيقية. وقد أصبحت الخيمة مكانا يتجمع فيه الموسيقيون الرافضون للواقع المرير الذي يعيشه عراقنا الحبيب.

 

************

في الكوت

“شارع دجلة” الثقافي يعاود نشاطاته وفعالياته

الكوت – وكالات

عاود “شارع دجلة” الثقافي والفني في مدينة الكوت، أخيرا، إقامة نشاطاته وفعالياته التي توقفت نحو ثمانية شهور بسبب جائحة كورونا.

وشهد الشارع في أولى فعالياته بعد إعادة الافتتاح، معرضا للكتاب وآخر تشكيليا، فضلا عن قراءات شعرية ساهم فيها العديد من الشعراء.

كما عرضت في السياق، مسرحية تناولت أبرز الأحداث التي شهدها الشارع منذ افتتاحه.