العدد 163 السنة 85 الجمعة 22 أيار 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1
خبير يدعو إلى عملية عسكرية على جبهات متعددة
داعش يستثمر الازمات ويشن هجمات ارهابية متنوعة الأساليب
بغداد – طريق الشعب
لا يزال خطر تنظيم داعش الإرهابي قائماً في العراق، إذ يسعى التنظيم جاهداً لاستعادة قوته وترتيب صفوفه والانتقام من كل من يختلف معه من المدنيين، وفق مصادر ومسؤولين استخباراتيين عراقيين.
فهو ينتقم من الفلاحين بحرق محاصيلهم الزراعية في موسم الحصاد، ومن أصحاب الشاحنات بحرق سياراتهم، كما يسعى لقتل المنتسبين إلى القوات الأمنية أو خطف عوائلهم. وبحسب خبراء، يستغل داعش عدة عوامل للحركة والتخفي والعودة نحو الملاذات الآمنة، منها طبيعة التضاريس في العراق ووجود مناطق صحراوية ووديان عديدة في مناطق وسط وغرب البلاد، ناهيك عن مناطق لا وجود للقوات العراقية فيها، خاصة الجبلية الوعرة والأودية المنتشرة والمساحات الشاسعة غير المأهولة بالسكان. وبحسب مصدر في الاستخبارات العراقية، رفض الكشف عن هويته، لا يزال التنظيم يتمتع بحرية كبيرة من الحركة عبر "مجموعات متنقلة" تواصل شن هجمات هنا وهناك في المناطق الهشة أمنياً، عازياً السبب إلى أن "داعش" عاد لترتيب صفوفه خيطياً وأصبح أكثر حذراً وخوفاً من أن يُكشف عناصره.

هجمات عديدة

وعلى مدى الاسبوع المنتهي، شن التنظيم الارهابي هجمات عديدة في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى، أدت إلى استشهاد وجرح العديد من المواطنين المدنيين والعسكريين.
وتنوعت الهجمات بين استهداف نقاط للتفتيش ومراكز امنية ومنازل المدنيين المعارضين للتنظيم. كما نفذ ارهابيو التنظيم، هجمات بالعبوات الناسفة على الطرق، واستخدموا كذلك القناصين لاستهداف القوات الامنية.
كما استهدف التنظيم الارهابي، البنى التحتية للدولة، حيث ركزت هجمات ال‘رهابيين على ابراج الطاقة، خاصة في محافظة ديالى، على طريقي خانقين وجلولاء.

اشتباكات

كذلك شهد الاسبوع المنتهي، مواجهات بين القوات الامنية وقوات الحشد الشعبي من جهة، وعناصر التنظيم الارهابي من جهة أخرى.
الاشتباكات وقعت في مناطق متفرقة من محافظة صلاح الدين، ابرزها قضائي سامراء والشرقاوي وفي منطقة مطيبيجة.
وفي نينوى، تصدى اهالي قرية زلحفة التابعة إلى ناحية الشورة جنوب الموصل للهجوم الارهابي الذي شنه ارهابيي التنظيم. وعلى أثر ذلك شددت الأجهزة الأمنية من إجراءات البحث والتقصير عن الدواعش الهاربين والمختفين منا اسفر عن اعتقال عدد منهم في بادوش وبعض أحياء مدينة الموصل.
كما شهدت مناطق عديدة من كركوك، اشتباكات مع الارهابيين لا سيما في مناطق: قضاء الحويجة، ناحية الرياض، وادي زغيتون وقضاء الدبس وقضاء داقوق.

عودة حرب العصابات

وتعقيباً على الموضوع، قال الخبير الأمني والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، فاضل أبو رغيف، في تصريح صحفي، إن "داعش خرج الآن من حرب المدن إلى حرب العصابات وحرب الضربات العشوائية هنا وهناك، ومن حرب المدن إلى حرب القرى الرافضة لوجوده، بحيث بدأ يعتمد على لمّ شمل مقاتليه الذين ضاقت بهم الأرض ذرعاً وهربوا بعد معارك الموصل كل واحد في جهة ليعودوا من جديد ولكن بطريقة جديدة وهي التجمع على شكل مجاميع بسيطة وحلقات صغيرة تنفذ عمليات محدودة، الغاية منها إثبات الوجود وزرع الأمل في قلوب مناصري التنظيم من جديد".
واضاف أبو رغيف إن "أحد أسباب حركة داعش الجديدة هي تنفيذ عمليات متقطعة بجبهات جزئية، وهذا خطأ فادح يعطي مناعة للتنظيم مرة أخرى كما حدث في عمليات شمال بغداد في مناطق الطارمية والمشاهدة، حيث تحدث عمليات جزئية لأيام وبعدها يعود عناصر التنظيم لينتقموا من بعض من يعتبرونهم موالين للحكومة والقوات الأمنية".
كما أكد أن "أفضل عملية لقطع دابر التنظيم هي فتح محاور متعددة لجبهة واحدة واسعة ولا يجب القيام بعمليات جزئية محددة بل شق طرق طولية وعرضية لكل هذه المناطق والقواطع التي يتمركز فيها عناصر داعش ويشكلون تهديدات أمنية على المواطنين والقوات الأمنية على حد سواء، ونصب كاميرات حرارية ذات دقة عالية في المناطق التي يؤشر فيها وجود عناصر داعش، الذين سيكونون أكثر شراسة ضد سكان هذه المناطق".

اعتقال المرشح لزعامة داعش

وفي تطور كبير، أعلن جهاز المخابرات الوطني في العراق، مساء الماضي، اعتقال عبد الناصر قرداش، الذي وصفته بـ"المرشح لخلافة أبو بكر البغدادي في زعامة تنظيم داعش".
ونشرت خلية الإعلام الأمني بالحكومة العراقية، في صفحتها الرسمية على فيسبوك معلومات عن القيادي في تنظيم داعش الذي تم إعلان القبض عليه، مساء الأربعاء الماضي.
ويتزامن إعلان اعتقال المرشح المحتمل لخلافة البغدادي في تنظيم داعش مع تصاعد وتيرة هجمات الارهابيين، لا سيما في المنطقة بين كركوك وصلاح الدين وديالى.
*************
على طريق الشعب
اجراء الانتخابات المبكرة
مطلب شعبي ملح

يعد اجراء انتخابات عادلة ونزيهة وذات صدقية مطلبا أساسياً للمنتفضين وللشعب كله. ولاجراء هذه الانتخابات وضمان مشاركة جماهيرية واسعة فيها، وتأمين خلوها من التزوير وتزييف إرادة الناخب، يتوجب اصلاح المنظومة الانتخابية بكاملها: تشريع قانون انتخابات عادل ومنصف، بناء مفوضية انتخابات مهنية ومستقلة حقا وقادرة على أداء مهامها ، اقرار ضوابط ملزمة تنظم الحملات الانتخابية، وتفرض سقوفا ورقابة على الاموال التي تنفقها الكتل الانتخابية والمرشحون، اعلان المنع الواضح والصريح لاستخدام المال السياسي في شراء الذمم، والاستعانة بالدعم الخارجي، والتهديد المباشر وغير المباشر وبأي شكل كان، والتطبيق السليم وغير الانتقائي لقانون الأحزاب وحرمان من يمتلك تشكيلات مسلحة او مليشياوية من المشاركة في العملية الانتخابية، وضمان اشراف دولي فاعل .
ان الدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة وتهيئة مستلزمات اجرائها ، تنطلق من أهمية الاستجابة الى الصوت الشعبي المتطلع الى التغيير، إلى جانب كونها التزاما أدرجه رئيس مجلس الوزراء في منهاج حكومته. فالانتخابات تمثل أداة سلمية ودستورية رئيسة لإحداث التغيير، بما يمكن ان تفرزه من توازنات جديدة تعكس المستجدات والفرز الحاصل في مواقف مختلف القوى والأحزاب والكتل السياسية، وما فرضته انتفاضة تشرين الباسلة من معطيات جديدة في المشهد السياسي.
فالانتخابات بهذا المعنى لا بد ان تكون رافعة لتغيير جدي في قوام مجلس النواب، بما يجعله اقرب الى هموم الناس وتطلعاتهم، وأقدر على حماية حقوقهم وتوفير مستلزمات العيش الكريم الآمن لهم .
يتحدث عدد من الكتل السياسية والنواب عن صعوبات تحول دون اجراء انتخابات مبكرة، ومن ذلك عدم إقرار قانون الانتخابات بصيغته النهائية، بسبب صعوبة تحديد الدوائر الصغيرة التي جاءت بها الصيغة الجديدة غير الموفقة للقانون، وبسبب الازمة المالية، وعدم تشريع قانون المحكمة الاتحادية وعدم اكتمال قوامها .
ان تلك الكتل السياسية المتنفذة، التي دفعت بهذه الصيغة غير الناضجة لقانون انتخابات مجلس النواب، كانت تعرف جيدا ومنذ البداية، المعوقات الفنية التي تحول دون تطبيق الصيغة، وبذلك فقد ساهمت عملياً وفعلياً في عرقلة اجرائها .
فكيف يجري تبني صيغة غير قابلة للتطبيق، ولا يتوفر العديد من مستلزمات اجرائها، ومنها الإحصاء السكاني، وعدم وضوح حدود الاقضية ( إن اعتبرت هي الدائرة الصغيرة) وحجم سكانها ، والقضايا ذات العلاقة بالمناطق المتنازع عليها، وإمكانية تحقيق نسبة تمثيل للنساء وفقا لما جاء في الدستور؟
لقد سبق لنا أن نبهنا إلى سلبيات اعتماد نظام الدوائر المتعددة الصغيرة، فإلى جانب المعوقات العملية التي اشرنا إليها في ما تقدم، فإنه، على عكس ما يجري ترويجه ، لا يوفر العدالة المطلوبة. إذ يعطي فرصا أكبر لممثلي التشكيلات الاجتماعية التقليدية، ولمن يمتلك المال وقوة التنظيم وأدوات السلطة والنفوذ. لذا نرى أن القانون الذي يعتمد المحافظة دائرة انتخابية واحدة، وتوزيع المقاعد حسب سانت ليغو بصيغته الاصلية غير المعدلة، أكثر عدلاً وإنصافا.
فهذا هو الانسب لواقع وظروف بلدنا ، وإذا ما اقترن باعتماد صيغة القائمة الوطنية الواحدة المفتوحة، فسيكون أفضل معبّر عن رأي شعبنا بكل مكوناته، وينسجم مع الرغبات والدعوات إلى إعمال مبدأ المواطنة، ومغادرة المحاصصات، وتعزيز الوحدة الوطنية، وجعل مجلس النواب ممثلاً لكل العراقيين ولمصالح الوطن العليا. كما ان الدائرة الواحدة تمثل الطريقة المثلى لتجسيد مبدأ مشاركة المراة بنسبة لا تقل عن ٢٥ في المائة .
اننا ، مع جماهير شعبنا والمنتفضين، نتطلع الى اجراء الانتخابات المبكرة والمشاركة الفاعلة فيها، وننتظر ان يعمل مجلس النواب والحكومة على استكمال متطلباتها. وان الصعوبات التي يجري الحديث عنها ، يتوجب ان يجري التعامل معها كتحديات. وان إنجاز ذلك هو استجابة لمطالب المنتفضين ودعوتهم الى تغيير كامل المنظومة السياسية الحاكمة، وبما يفضي في نهاية المطاف الى الخلاص من المحاصصة والفساد ، وتحقيق دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .
************
شركات الانترنت
تستنزف المواطنين
اكد مركز مراقبة الانترنت في العراق اخيرا ان العراقيين يدفعون لقاء خدمات الانترنت ٣٠ ضعف ما يُدفع في دول اخرى، موردا مجموعة معطيات رقمية تدعم ما توصل اليه، منها ان سعر الميغا في جاراتنا: السعودية والاردن و تركيا وايران يبلغ 3 دولارات ، بينما يباع للمواطنين عندنا مقابل 140 - 250 دولارا!
وسبق للمركز ان كشف يوم ٣١آذار الماضي عن " تلاعب بعض شركات الانترنت بالسعات الداخلة الى العراق، رغم تخفيض وزارة الاتصالات تلك السعات قبل ايام بسبب حظر التجوال، لكن اغلب المواطنين لم يشعروا باي تحسن في الخدمة " .
وفي الاثناء اعلن نائب ان ديون الحكومة اليوم على شركات الهاتف النقال تقرب من ٧٠٠ مليار دينار.
ان وزارة الاتصالات مطالبة دائما بتحسين خدمة الانترنت.
اما الحكومة ومجلس النواب وهيئة النزاهة فيجب ان يكفوا عن السكوت على هذا الاستهتار بالمواطن وحقوقه واستنزاف أمواله، والحاق الضرر بالاقتصاد الوطني.
وليتم حالا استحصال الديون المتراكمة، التي تمس الحاجة اليها اليوم.
راصد الطريق
***********
مقرر الأزمة البرلمانية يحذر من انهيار النظام الصحي خلال 10 أيام
بغداد – طريق الشعب
وصف مقرر الأزمة النيابية، النائب جواد الموسوي، أمس، الحظر المناطقي بـ"الأكذوبة"، فيما حذر من انهيار النظام الصحي خلال 10 أيام.
وقال الموسوي، في بيان، ان "النظام الصحي في العراق سيشهد انهيار خلال العشرة ايام المقبلة في حال لم تتخذ الجهات المعنية لمواجهة جائحة كورونا إجراءات صارمة".
وأشار الى ان "الحجر المناطقي ما هو الا أكذوبة لن تحقق نتائج على ارض الواقع وهذا ما رصدناه خلال جولاتنا الميدانية في العاصمة بغداد بجانبي الكرخ والرصافة".
وطالب الموسوي بالالتزام بـ"اجراءات الوقاية الصحية والتباعد الاجتماعي في ظل ازدياد أعداد المصابين، والذي ينذر بخطر كبير قد ينهار بسببه النظام الصحي في البلاد بأكمله وتخرج الأمور عن السيطرة خاصة في العاصمة بغداد".
أردف: "على الحكومة والجهات الامنية والصحية تحمل مسؤوليتها بشكل كامل اتجاه هذه الكارثة".
وفي غضون الايام الاخيرة، سجلت وزارة الصحة ارتفاعا في اعداد المصابين بفيروس كورونا، حيث وصلت الى 150 حالة في اليوم الواحد.
وأعلنت وزارة الصحة والبيئة، أمس الأربعاء، تسجيل 3 حالات وفاة و113 إصابة جديدة بفيروس كورونا في 11 محافظة.
وذكرت الوزارة في بيان، أنها فحصت "5947 نموذجا، في المختبرات المختصة في العراق كافة، لهذا اليوم، وبذلك يكون المجموع الكلي للنماذج المفحوصة منذ بداية تسجيل المرض في العراق 163609".
**************
عندما ينسى المحافظ وظيفته ويتحول الى داعية فكر ظلامي
حيدر الشيخ علي
انطلقت يوم السبت المصادف ١٦ آيار ٢٠٢٠، تظاهرة للموظفين والتدريسيين في محافظة دهوك احتجاجا على تأخر صرف الرواتب. والملفت بدلا من إحترام حق التظاهر السلمي، لشريحة مهمة في المجتمع، حملت على أكتافها أعباء غير قليلة، وطالما تحملت الكثير، ولها تاريخها المشرف في الوقوف مع إقليم كردستان في كل المراحل التي مرت عليه، اذ لا يمكن للذاكرة ان تتناسى، تطوع معلمي كردستان وجميع المرتبطين بالعملية التربوية وقيامهم بواجبهم بعد ان قطعت حكومة البعث الصدامي المقبور الرواتب عن موظفي كوردستان وبضمنهم الكادر التربوي، وذلك بعد إنتفاضة اذار ١٩٩٠، والقرار الجائر بفرض الحصار الحكومي اللاإنساني آنذاك. حينذاك شمر التربويون عن سواعدهم، وافتتحوا مدارسهم، وقاموا بمهمتهم على خير وجه تطوعا، دون انتظار أي شكر. موقف املاه عليهم ضميرهم الإنساني وشعورهم والوطني، وتحملوا تبعاته بما في ذلك شظف العيش، وأنفقوا مدخراتهم، واقتصدوا في معيشتهم، هذا الموقف المشهود لهم، وغيره الكثير، يدعونا دوما للوقوف لهم بكل احترام.
لم يمارس معلمو كردستان غير الحق الشرعي الطبيعي المالوف في أي نظام ديمقراطي، تعددي، ولم يسلكوا سوى السلمية في الاحتجاج، المكفول دستوريا، لم يعتدوا على ممتلكات عامة، لم تقترب اياديهم من مال عام، حاشاهم من أي تصرف لا يليق بمن علم الأجيال رسم الحرف، والكملة الطيبة، وصياغة الجملة المهذبة، وحسن التعبير، والسلوك القويم.
التظاهرة الحضارية التي خرجوا بها، ورفعوا خلالها مطالب مشروعة، اساسها حقهم في الأجر الذي يستحقوه بعد ان صرفوا جهدهم النبيل، لتأمين حياة كريمة يستحقونها. التظاهرة السلمية هي قوة للنظام وليس اضعاف له، بل هي مطلوبة لتذكير الحكومة بواجبها، وحثها علي القيام به.
ما يؤسف له، بدلا من التصريحات التي يجب ان يطلقها أي مسؤول، التي يؤكد فيها شرعية هذه الاحتجاجات، واهمية الاستجابة لمطالبها، والتعامل معها، وقبل ذلك حمايتها، اطل علينا السيد فرهاد اتروشي محافظ دهوك، ليحمل الأحزاب الكردستانية، مسؤولية إطلاق التظاهرات، وهنا لا نريد ان نأتي ببديهة غابت عن السيد المحافظ، انه من أولى واجبات الأحزاب التي تكافح من اجل الديمقراطية والحرية والكرامة، هو الوقوف مع الجماهير ومطالبها. فالنقد يوجه الى الأحزاب ان تخلفت عن ذلك، ويعاب على الحزب الذي يقف ضد إرادة الجماهير، ولا يمكن لمن يمثل حزبا ما ان يقف بوجه اللذين يطالبون بحقوقهم المشروعة.
ليس هذا الموضوع وحده الذي غاب عن بال السيد المحافظ، بل غاب عنه ايضا، ان وظيفته الإدارية هي خدمة المواطنين، بكل تنوعهم، دون النظر لإتجاهاتهم السياسية وانتمائاتهم الحزبية، ومتبنياتهم الفكرية. غابت عنه هذه البديهية، ففي لحظة وجد نفسه رجل دين متطرف، يفتي بالتكفير.. غاب عن باله ان شعب كردستان، مع الشعب العراقي، وكل شعوب العالم الحرة، عانت من التكفير، فتجربة داعش ليست بعيدة، وجرائمها الفاحشة في كردستان، وفي الموصل القريبة المحاذية لدهوك، حيث لغة القتل والدم والسبي، ما زالت لم تندمل بعد.
غاب عن بال المحافظ، حين يوجه لحزبنا الشيوعي الكردستاني، تهمة التكفير، هو بهذا يحرض على القتل ويحلل الدم. هل غابت عن بال المحافظ آثام جرائم التكفير؟، ام انه لا يفقه، ولا يعلم بإحترام الشيوعيين للدين والمتدينين. اما الذين عادوا الحزب، وفق هذا المنطق الأيديو لوجي الرجعي المشين ، والمواقف المسبقة ، فقد لفضهم التاريخ، وفضحهم، وعرى مقاصدهم، التي بالتأكيد لم تكن إلا لمصالح شخصية وانانية.
غاب عن بال السيد المحافظ، اننا حزب سياسي مساحته الكفاح من اجل الحريات، وبضمنها حرية التعبير، والحقوق وفي مقدمتها الحق في العيش الكريم، وتحسين الحياة والاستقرار والبناء والتعمير والجمال، لا نتدخل في شأن السماء، ولا نتجادل حول جنس الملائكة، ولا أنهر الجنة وكمية الخمر فيها، ولا مذاق العسل هناك وطعمه. فنحن نحترم الناس وخياراتهم ومعتقداتهم.
نذكر السيد المحافظ ان الذين كالوا تهم التكفير بحق الشيوعيين، احتلوا مكانا في التاريخ، نتعفف من تحديد اسمه، احتراما لمن يقرأ هذه الكلمات، ورأفة بالمنصب الذي يليق فقط بمن يحترم حق الانسان في ان يعيش بكرامة.
فهل ترك المحافظ ياترى مهمته الإدارية لينازع مفتي داعش الإرهابي على فتاويه السقيمة التي يحلل فيها سفك الدم؟
**************
ص2
النزاهة: السجن 6 سنوات لقائممقام سامراء

بغداد – طريق الشعب
اصدرت هيئة النزاهة، أمس، توضيحا بشأن تفاصيل قرار الحكم الحضوري الصادر بحق قائممقام قضاء سامراء، فيما بينت أن القرار جاء استنادًا إلى أحكام المادة 316 من قانون العقوبات.
وذكرت دائرة التحقيقات في الهيئة، وفق بيان، في معرض حديثها عن تفاصيل القضية التي سبق أن حققت فيها وأحالتها إلى القضاء، أشارت إلى "إصدار محكمة الجنايات المركزية في الرصافة قراراً يقضي بالحكم حضورياً على قائممقام قضاء سامراء بالسجن ست سنوات؛ استناداً إلى أحكام المادة 316 من قانون العقوبات".
وتابعت الدائرة أن "قرار المحكمة جاء؛ بناءً على المخالفات المرتكبة في صرف مبلغ 24 مليار دينار مخصص لمكافحة الفقر ودعم النازحين ومشاريع تجهيز مستلزمات طبية".
وكان محافظ صلاح الدين عمار جبر خليل، قد كلّف نفسه من موقع أدنى بإدارة الشؤون الإدارية لقضاء سامراء.
*********
كل خميس ...
دعم الاقتصاد وتنويعه
مفتاح لحل الازمات

تناول رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي الأزمة في الوضع الإقتصادي والمعيشي في مقال نشر يوم ١٩ آيار ٢٠٢٠، في عدد من الصحف العراقية. وقد أشار فيه الى إخفاق الحكومات السابقة وتلكؤها في "إعادة تشغيل المصانع المتعثرة بتأمين ما تحتاجه، لإستيعاب الأيدي العاملة العاطلة، وجرى رفع مستوى التضخم الوظيفي في أجهزة الدولة وما ينطوي عليه من إستنزاف للموارد وبطالة مقنعة".
بطبيعة الحال لا تحتاج الأزمات التي تعصف بالبلد وتنذر بما لا تحمد عقباه، مزيدا من الكلام، فقد سَبَق ان شُخصت أسبابها والمتسببون بها والمسؤولون عنها بوضوح شديد. فالأزمة المالية وإرتباطها بالأزمة النقدية، وإنعكاسها على الوضع المعيشي وإرتفاع نسبة معدل الفقر، وإتساع ظاهرة البطالة، ان هذا كله نتاج لعوامل هيكلية، ترتبط ببنية الاقتصاد الأحادي، الاقتصاد الريعي، الذي هو من بين فواعل الأزمة وتفاقمها.
وقد عقدت لبحث ذلك مئات الورش والندوات، وأجري العديد من الدراسات، وتم بحث موضوعة إستنهاض الإقتصاد وتنميته في عشرات المؤتمرات الرسمية وغير الرسيمة، لا سيما الخاصة بالاقتصاد والمال. كما لم يُطرح منهاج وزاري لأي حكومة بعد ٢٠٠٣، إلا وتضمن فقرة خاصة بدعم الاقتصاد الوطني. لكن المؤسف أن أمد الاهتمام بذلك لم يتجاوز مدة قراءة الفقرة ذات الشأن في جلسة نيل الثقة. وبعد ذلك توضع شأن المنهاج الوزاري برمته، في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لينفض عنه الغبار عند تكليف رئيس وزراء جديد. وعندها يسارع المكلف الى استنساخه وإعادة لصقه، مع تغيير في بعض الصياغات، بهدف تزيين المنهاج الوزاري الجديد لا أكثر.
ان إهمال إقتصاد العراق لم يكن عفوياً، بل جرى عن قصد وتخطيط مُسبّق، وبخطة خبيثة متكاملة وفعل تخريبي غايته إضعاف قدرات العراق وتحويله إلى بلد مستهلك، لا ينتج بل يستورد كل شيء، ولا يصدر سوى النفط، الذي كلما نزل سعره زادت الفاقة، وإنكشفت عورة عقلية الطغمة الحاكمة.
ان عيون العراقيين تتابع اليوم خطوات رئيس الوزراء الجديد الكاظمي، وتريد ان تراها مختلفة عما درج عليه سابقوه، وان تخرج بمشروع "لتشجيع الصناعة المحلية والانتاج الزراعي والحيواني، من خلال آليات وقروض ميسرة وتطبيق شامل ومدروس للتعرفة الكمركية، بما يتناسب مع حاجة السوق العراقي ومقتضيات المصلحة العامة واولويات الانتاج المحلي". وأن تشكل هذه الفقرة من منهاجه الوزاري، الأساس الحقيقي لرؤية الحكومة الى استنهاض وتنويع الاقتصاد العراقي وتطويره، وفق إستراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة، تستند بالأساس على الصناعة والزراعة والسياحة بكافة أنواعها. ترافق ذلك إجراءات حازمة وديناميكية واثقة، تمنح الأمل للناس، الذين هم السياج الشعبي الكبير الداعم لكل تغيير والمساند له، والذي يحول دون تطاول طغمة الفساد وإمتداداتها الإجرامية.

جاسم الحلفي
***********
ملفات خدمية معطلة وفسادً بأموال هائلة
الطمر الصحي في قضاء الحسينية
يهدد أرواح الآلاف ويثير غضبهم
طريق الشعب - خاص
تستمر الازمات الخدمية في التفاقم بشكل كبير في مناطق أطراف العاصمة التي تغيب تماما عن خطط الحكومات المركزية والمحلية وتشكل بنفس الوقت مصدرا ماليا هائلا للنهب والسرقات والاختلاس الذي جرى طيلة السنوات الماضية.
قضاء الحسينية، وهو احدى المدن الرئيسية للعاصمة ويقع في طرفها الشمالي، يشكل مساحة جغرافية واسعة وثقلا سكانيا يقارب المليون نسمة، جعله ضمن حسابات رؤساء الوزراء ابتداءً من الأسبق نوري المالكي، وانتهاءً بالسابق عادل عبد المهدي، من حيث الزيارات وتقديم الوعود للحصول على اصواتها الانتخابية، ولكن المدينة الكبيرة بقيت في وضع خدمي مزري ومنهوبة من كافة النواحي.

مخاطر جديدة تفجر الغضب

مشاكل القضاء كثيرة ومتشابكة في ملفات فساد لم يُحقق بها، تتعلق في مشاريع اكساء الشوارع المعطلة ومنظومة المجاري والكراج المعطل وعمليات التشجير والتنظيف واداء المجلس البلدي والمؤسسات الحكومية فيه. إلا أن الطارئ الذي استجد على المواطنين حاليا هو الدعوات التي اطلقها ناشطين لتنظيم وقفة احتجاجية مختصرة وبشكل يتلاءم مع متطلبات الوقاية من الوباء، للاحتجاج على عمليات الطمر الصحي قرب البيوت السكنية وخطورة الأمر على حياة الناس فضلا عن انبعاث الرواح الكريهة والمخاوف من انتشار الاوبئة في منطقة فقيرة ومرهقة.
الوقفة التي كان من المفترض تنظيمها أمام بناية المجلس البلدي، يوم أمس، من قبل 100 ناشط للوقوف بأماكن متفرقة، تم الغاءها بعدما سجل القضاء اصابات جديدة بفايروس كورونا الانتقالي، وفقا لآخر الأنباء، ولكن الغضب بقي في يتزايد على هذا الاهمال.
المسؤول في الحراك الشبابي في مدينة الحسينية سجاد جواد، تحدث عن الوقفة الاحتجاجية قائلا: "دعونا إلى تنظيم الوقفة أمام مديرية البلدية في المدينة للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي وايجاد حل لمشكلة الطمر الصحي الذي يؤثر بشكل مباشر على صحة ابناء المدينة"، لافتا إلى إن "متطلبات الوقاية من الوباء كانت من ضمن معايير تنظيم الوقفة ولكن بعد الحديث عن تسجيل اصابات جديدة قمنا بإلغائها، إلا ان ذلك لا ينفي أهمية وخطورة هذا الملف".
ويضيف جواد "المسؤولين في المحافظة ينظرون لمناطق اطراف بغداد بصورة طبقية ويصنفوهم على انهم مواطنين من الدرجة الثانية ولا يتذكروهم سوى في اوقات الانتخابات، لذا فالمواطنين في القضاء ذاقوا ذرعاً بالإهمال المتعمد والفساد المستشري وغياب الرقابة على المشاريع وسيطرة المتنفذين عليها".

متنفذون يتلاعبون بالمشاريع

الناشط المدني كرار حسين، وهو احد الداعين إلى الوقفة يبين أن "الاحزاب المتنفذة في المدينة تسيطر على المناصب الادارية والمشاريع، وتقسمها وفقا للمحاصصة والمحسوبية وبعيداً عن الكفاءة والنزاهة"، منوها إلى أن "الاهالي نظموا سابقاً العديد من التظاهرات والاعتصامات في سبيل انقاذ المدينة من واقعها السيء، وحتى حكومة العبادي اعتبرت القضاء منكوبا، وقام رئيسها بالتوقيع على عدد كبير من المشاريع التي لم ترى النور، وكذلك الحال في حكومة عادل عبد المهدي الذي زار القضاء واطلع على اوضاعه ووعد بتنفيذ عدد من المشاريع ولكن لم يتم ذلك ايضا".
ويكشف حسين عن "وجود هدر في المال العام وشبهات فساد في عمل الدوائر الحكومية في القضاء، حيث يتم صرف اجور ١٨٠ عامل نظافة في البلدية من قبل المحافظة ولكن الموجودين على أرض الواقع ٥٠ عامل فقط" منتقداً "القائمقام لغياب دوره، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر وكذلك انقطاع مياه الشرب في فصل الصيف"، لافتا إلى أن "المشاريع في القضاء تسلم وفق أطار عشائري وحزبي افشل أغلب المشاريع بسبب عدم وجود الرقابة، خصوصا وأن المنفذ لأي مشروع، يكون متنفذا أو مسؤولا في احدى التجمعات العشائرية".

قضاء منكوب

الطالب الجامعي، علي البهادلي، يشير إلى أن "القضاء منكوب في الجانب الخدمي بسبب الإدارات التي تعاقبت عليه، حيث اوكلت السلطة الادارية والتنفيذية منذ ٢٠٠٣ ولغاية الان إلى ٥ احزاب متنفذة اثبتت فشلها وفسادها في الملفات الخدمية".
ويوضح البهادلي، أن "المبالغ المصروفة منذ ٢٠٠٣ لغاية الان خيالية وتكفي لسد حاجة القضاء ولكن الفساد المستشري وعدم الرقابة على الاموال والمشاريع، جعلها تبذر على مشاريع فاشلة ومتلكئة أو وهمية لا وجود لها، مثل مشروع المجاري الذي مضى على تنفيذه أكثر من ٧ سنوات ولم يكتمل الى الان" مبينا ان "المشاكل الفنية بدأت في هذا المشروع قبل افتتاحه، عندما تعرض لانسداد وكسر الانابيب، بالإضافة الى مشروع الكابل الضوئي الذي صرفت عليه اموال كثيرة ووصلت نسبة الانجاز فيه الى ١٠٠ في المائة لكنه لم يدخل الخدمة وتعرض في وقت لاحق لأضرار جسيمة، والأمر نفسه للجانب الصحي حيث لا يملك القضاء رغم كبره أي مستشفى تليق به".
وينوه الطالب الجامعي إلى إن "الاهالي يواجهون خطر الاصابة بالأمراض السرطانية نتيجة حرق النفايات المحترقة في موقع الطمر الصحي الذي وضعته الحكومة المحلية على مسافة ٥٠٠ متر من الاحياء السكنية رغم وجود مساحات شاسعة حول القضاء، حيث جعلت المواطنين يواجهون الموت البطيء بسبب سوء الادارة والفساد".

رقابة غائبة

وفيما يتعلق بدور الفساد في تعطيل المشاريع، يلفت الناشط المدني، حسن عبد الكاظم، إلى أن "الحسينية تعاني من اهمال متعمد في أغلب مفاصلها الحيوية، حيث ينخر الفساد مشاريعها في ظل الابتزاز وغياب دور القوات الأمنية في السيطرة على هؤلاء، فهناك مجاميع تفرض سيطرتها على أغلب المشاريع وتقوم بابتزاز الشركات العاملة في المدينة منذ عام ٢٠٠٣ دون محاسبتهم"، مشيرا إلى أن "اغلب المشاريع تنفذ بعيدا عن المواصفات، وتسلم إلى مقاولين ثانويين وسط غياب للرقابة، وهذا ما لوحظ في عملية تبليط الشوارع الرئيسية حيث لم يمضي عام على اكسائها وبدأت بالتخسف والتآكل، فضلا عن عدم إنجاز بعض الشوارع رغم إن مبالغها صرفت بالكامل من موازنة عام ٢٠١٨".

مبالغ كبيرة مهدورة

المواطن، حسين ياقوت، يبين أنه خلال السنوات الماضية "صرفت أكثر من 400 مليار دينار وما زال القضاء لا يملك شبكة لمياه الصرف الصحي، بينما تبقى بناية المستشفى المخصصة له غير منجزة، حيث ذهبت أغلب المبالغ إلى جيوب الفاسدين والهدر والتبذير اللامسؤول"، مؤكدا أن "القضاء بقي بين محافظ وآخر، رهينا للفساد وهروب المقاولين عن تنفيذ الكثير من المشاريع بسبب سطوة المتنفذين، على أمل أن تلتفت أليه حكومة الكاظمي وتحاسب المورطين في خرابه وتنصفه لما لحق بأهله من ظلم وحيف كبيرين".
************
عمال الخدمات يتظاهرون في قضاء الحي
واسط - شاكر القريشي
تظاهرة المئات من عمال النظافة في قضاء الحي بمحافظة واسط، صباح أمس الأول، أمام مديرية بلدية القضاء الحي، مطالبين الجهات ذات العلاقة بأنصافهم والكف عن التسويف والاقصاء بمطالبهم المشروعة.
وكان باستقبال المتظاهرين السلميين من عمال النظافة مدير البلدية الحقوقي اركان رسن الشحماني معربا عن تضامنه مع العمال لتحقيق مطالبهم المشروعة. وسلم المطالب المتظاهر رئيس لجنة نقابة الاسكان والاعمار والبلديات في قضاء الحي السيد لفتة المياحي، سلمها إلى مدير البلدية وحمله مسؤولية تنفيذها.
ثم انطلقت التظاهرة في شارع النافورة متجهين إلى القائمقامية الحي، حيث تلقت ترحيبا واسعا من ابنا المدينة متضامنين مع هذه الشريحة المظلومة. وكانت شعاراتهم كلا كلا للفساد. نعم نعم للإصلاح نعم لمحاسبة الفاسدين.
ومن بين مطالب المحتجين تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم ٣١٥ لسنة ٢٠١٩، بتحويلهم من الأجر اليومي على الملاك الدائم وتشريع قانون الحد الأدنى من الراتب ٣٦٠، وكذلك شمولهم بالعطل الرسمية والجمع براتب تام.
**********
مكافحة الارهاب: فككنا خلية ضمن "ولاية الجنوب"
بغداد – طريق الشعب
أعلن جهاز مكافحة الارهاب، أمس، عن تفكيك شبكة ارهابية مؤلفة من (5) افراد، كانت تروم تنفيذ عمليات ارهابية خلال الايام القادمة ضمن ما تسمى بولاية الجنوب.
وذكر الجهاز في بيان، انه "تنفيذًا لتوجيهات القائد العام للقوات المُسلحة، شرعت تشكيلات جهاز مُكافحة الإرهاب بعمليات نوعية إستباقية تستهدف بقايا فلول داعـش الإرهابية والتي تُحاول إستهداف أمن المواطنين العُزل في شهر رمضان المُبارك".
واشار البيان الى ان "وحداتُنا الاستخبارية والعملياتية نفذت عملية تفكيك شبكة إرهابية مؤلفة من (٥) عناصر مُتهمة بتنفيذ عمليات إرهابية"، مبينة انها "كانت تُخطط لشن عملية إرهابية في ما يُسمى بـ (ولاية الجنوب) حيثُ تمت مُصادرة عدد من الصواريخ المُخصصة لتنفيذ عمليات إرهابية خلال الأيام القادمة".
واضاف البيان "نفذت وحداتُنا عملية نوعية تم من خلالها ألقاء القبض على أحد الإرهابيين المُتخفين في قرية كنعوص ضمن مُحافظة صلاح الدين".
واوضح جهاز مكافحة الارهاب ان "هذه العمليات النوعية تأتي انسجاما مع الأوامر الصادرة من رئيس جهاز مُكافحة الإرهاب الفريق الرُكن عبد الوهاب الساعدي لسحق الإرهاب ومُلاحقة بقايا داعـش ومن يدعمُها".
**********
هل منعت النتائج عن طلبتها خلال الجائحة ؟
مدارس أهلية تستقطع من رواتب كوادرها، وتجبي من الطلبة 90 في المائة من الأجور!
بغداد – علي شغاتي
طرأت خلال أزمة الوباء، هموم معيشية جديدة للمواطنين، تضاف إلى همومهم السابقة، أبرزها الموقف من العام الدراسي لطلبة وتلاميذ المدارس الحكومية عموما، والأهلية بشكل خاص. حيث ستجني الأخيرة 90 في المائة من أجورها الباهظة وفقا لقرار وزارة التربية المثير للجدل، علما أن هذه المدارس لم تقدم خدماتها في ظل التعطيل الطويل للدوام بسبب ظروف البلد، ومقابل ذلك ستحمل العوائل عبئا ماليا جديدا دون أي رحمة.
استثمار الأزمات!

الحديث عن المدارس الأهلية شائك، ويتضمن شكاوى عديدة بشأن جدواها العلمية، في ظل غياب الرقابة الحكومية على اداءها والزامها بتقديم أفضل الخدمات وفق مفهوم التعليم الخاص. الاجور بالنسبة لهذه المدارس باهظة جدا رغم إن الكثير منها لم يوفر أبسط المستلزمات المطلوبة، مثل الأبنية والمختبرات، فيما بقيت إدارات هذه المدارس تتعامل بطريقة غير مهنية من الكوادر التدريسية خلال قطع اجورهم في العطل، أو فترات التوقف الاجباري كالتي نمر بها حاليا.
القرار الاخير لوزارة التربية بشأن حسم العام الدراسي والزام ذوي طلبة المدارس الأهلية بدفع 90 في المائة من الاجور مقابل عام دراسي متعثر، أثار جدلا واسعا وغضبا لدى المواطنين الذين اعتبروه مجحفا بحقهم وشكلا من أشكال الاستغلال.
عضو مفوضية حقوق الإنسان، علي أكرم البياتي، يعلق على هذا القرار قائلا: "الدستور العراقي ضمن مجانية التعليم، ولكن للأسف شهدنا تنامي المدارس الخاصة بنسبة تصل إلى أكثر من 6 في المائة من اعداد تلاميذ المراحل الابتدائية"، لافتا إلى أن "هذا العدد ضخم جدا وفق المعايير الدولية، علما أن هذه المدارس يجب أن تخضع للمعايير المهنية بشكل جدي، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية وما يلعبه الفساد من دور في هذا الملف".
ويرى البياتي، أن "العام الدراسي الحالي، مُني بأزمات صحية واقتصادية وانقطاع طويلة للطلبة عن دراستهم بسبب الأوضاع، كما أن التعليم الالكتروني لم ياخذ مجراه الحقيقي، فيما فشلت الكثير من إدارات هذه المدارس بمتابعة طلبتها"، معتبرا "قطع اجور المعلمين والمدرسين في المدارس الأهلية، في ظل ما نسميه بـ(القوى القاهرة) خلال الوضع الراهن، مقابل استقطاع 90 في المائة من الأجور الدراسية لموسم دراسي قصير لم يقدم للطلبة الخدمات المطلوبة، هو إنتهاك كبير لا بد من مراجعته وإعادة النظر به خصوصا من قبل وزارة التربية التي يجب أن تكون أكثر حرصا ومراعاةً لمصلحة العوائل العراقية، وتدعو إلى إلغاء ما تبقى من أجور دراسية لهذا العام".

قسوة وعدم مسؤولية

الحديث بشأن الحد العادل للأجور في هذه الظروف، قد يكون ليس الوحيد بالنسبة إلى مشاكل التعليم الخاص، وإنما للملف ابعادً خطيرةً أخرى. فالمدارس الخاصة التي تقطع رواتب المدرسين في مناسبات عديدة، كرمت في قرار وزارة التربية بأخذ الأجور بشكل شبه كامل رغم التوقف الدراسي، وعلى الرغم من الخطاب الحكومي بشأن التكافل الاجتماعي في هذه المحنة، إلا أنها تجاهلت أولوية الكوادر التدريسية وذوي الطلبة.
ويعتبر عضو لجنة التربية النيابية، رعد حسين، استقطاع 90 في المائة من أجور الدراسة الخاصة، مبلغا كبيرا اعترضت عليه لجنته النيابية.
ويؤكد حسين، إن "لجنة التربية النيابية طالبت وزير التربية بأن يكون التخفيض بنسبة 25 في المائة لأن المدارس الاهلية لم تقدم خدماتها المطلوبة خلال التوقف الاجباري، وعلى الرغم من أنه القرار خاص بالوزارة، ولكننا كلجنة نيابية غير مقتنعين به اطلاقا".

اتحاد الطلبة يرفض القرار

اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، المعني بالملف الطلابي والذي أولى اهتماما كبيرا في لملف التعليم الخاص، أبدى اعتراضا شديدا على قرار وزارة التربية.
وبحسب عضو مكتب سكرتارية الاتحاد، رضا عادل، فأن "قرار هيئة الرأي في الوزارة، بتخفيض اجور الدراسة الأهلية بنسبة ١٠ في المائة، هو قرار بائس ويتجاهل الدعوات لتخفيض هذه الأجور عن ذوي الطلبة خلال الازمة"، مبينا أن "المدارس الأهلية هي أبواب لتمويل بعض الأحزاب والمتنفذين، والوزارة تخشى تطبيق القانون عليها أو محاسبة مستثمريها".
ويستشهد عادل بـ"قرار الوزارة في العام الماضي الذي نص على معاقبة المدارس الأهلية التي سجلت نسبة رسوب لكافة طلبتها، والذي لم ينفذ وبقي حبرا على الورق"، مشددا على أن "الكثير من هذه المدارس هي دكاكين لتحقيق الارباح ولا علاقة لها بالتربية والتعليم، فهي لم تلبي ابسط المتطلبات، وسط استهتار مستثمريها وتعاملهم بشكل غير اخلاقي مع الطلبة عندما أجبروهم على دفع الاقساط كاملة مقابل تسليمهم نتائجهم الامتحانية".
الأرباح قبل القيم التربوية

ويتحدث المواطن أحمد قاسم، وهو مدرس في أحدى مدارس بغداد الأهلية، عن انتهاكات طالته وزملاءه في هذا القطاع.
يقول قاسم، أن "هذه المدارس تهتم للربح فقط، ولا تعنيها أوضاع المدرسين أو الطلبة، حيث قطعت رواتبنا كمدرسين في التعليم الخاص منذ يوم ١٦ شباط، في اجراء غير اخلاقي خلال أزمة الوباء"، لافتا إلى أن "وزارة التربية لا تتابع عمل إدارات هذه المدارس التي اصبحت تعمل دون خطط أو استراتيجيات حكومية".
ودعا التدريسي، وزارة التربية إلى "الالتفات لمعاناة هذه الشريحة بسبب امتناع المدارس الأهلية عن صرف مستحقاتها، وايجاد آلية مناسبة لإلزامها بصرف المستحقات، وليس بتكريمها من خلال ضمان 90 في المائة من الاجور الدراسية لها على الرغم من انتهاكاتها بحق الكوادر التدريسية التي تعتبر روح العملية التربوية".
وبناءً على هذا، يؤكد المواطن علي مجيد، أن "أولاده الثلاثة يدرسون في مدارس أهلية ترفض إداراتها تسليمهم النتائج الامتحانية دون تسديد الاجور، على الرغم من أنهم لم يستمروا في الدوام سوى شهرين ونصف، لأسباب معروفة".
ويناشد مجيد، وزارة التربية بـ"تخفيض الاجور الدراسية إلى نسبة معقولة تراعي فيها وضع العوائل المتضررة خلال الجائحة".

المواطن هو الضحية

وزير التربية الأسبق، وعضو مجلس النواب، محمد اقبال الصيدلي، يعتبر القرار محاباة لإدارة المدارس الأهلية على حساب وضع المواطنين.
ووفقا لبيان اصدره، فأن "اعتماد استقطاع نسبة 10 في المائة كتخفيض أجور المدارس الأهلية، هو قرار غير منصف، لأن الدوام في المدارس متوقف بشكل كامل، ومن غير المناسب تحميل العوائل أعباء اضافية في ظل الظروف الصعبة"، داعيا "وزارة التربية العدول عن قرارها وتخفيض الأجور بما لا يقل عن 50 في المائة".
***********
ص3
اختفاء 752 طنا من الحنطة في النجف والتفسير: اكلتها الطيور !
الحرائق تواصل التهام المحاصيل ومواقف متضاربة بشأن المسؤولين عنها
بغداد – عبد الله لطيف
يواصل مسلسل الحرائق الموسمي، التهامه مساحات جديدة من المزروعات الاستراتيجية في أكثر من محافظة، واضعا المزارعين في مواقف لا يمكن تداركها، من حيث عدم تعويضات خسائرهم في العام الماضي، وبقائهم دون أي حلول للموسم الزراعي الحالي الذي سجل خسائر جديدة لهم ايضا. المختصين واصحاب القرار والمزارعين قدموا اسبابا كثيرة لاندلاع هذه الحرائق، منها الحوادث العرضية، أو العداءات الشخصية، أو العمليات الإرهابية والاستهداف الخارجي لاقتصاد العراق والعمل على حرق محاصيله عند الاكتفاء الذاتي بحسب ما تؤكده مصادر رسمية عديدة.
طرفان متهمان

الحرائق لم تكن حكرا على محافظة أو منطقة معينة، وبحسب الجدول الرسمي لمديرية الدفاع المدني، فأن "الحرائق شملت 16 محافظة بمقدار 121 حادث وأسفرت عن اتلاف 2632 دونما زراعيا"، علما أن الرقم في تصاعد مستمر.
الفيديو الذي نشره موقع الدفاع المدني عند إنقاذ مزروعات أحد الفلاحين في ديالى، يوضح المعاناة بشكل تام، حيث كان الاخير يبكي بحرقة ويقول للمنتسبين اثناء شكرهم على استنفارهم وتداركهم الموقف، أنه مدان بأموال كبيرة على مزروعاته وعاجز عن تسديدها في ظل هذه الحرائق.
رئيس الجمعيات الفلاحية العام، حيدر العصاد، يوجه أصابع الاتهام إلى طرفين هما "المجاميع الإرهابية التي تتركز في مناطق غرب وشمال العراق، وأطراف متضررة من التطور الزراعي للمحاصيل في مناطق الوسط والجنوب".
ويضيف على ذلك، أن "أي مادة نعلن اكتفائنا الذاتي منها تواجه مشكلة كبيرة، كما حصل مع دجاج المائدة ودخول أنفلونزا الطيور التي تسببت بخسائر فادحة للمربين، أو الاصابات غير المسبوقة والمريبة لغلاصم الاسماك، فضلا عن اصابات الطماطم باللفحة المتأخرة التي لم تكن موجودة في العراق، وحالات أخرى نالت من محاصيل ومنتجات اكتفينا ذاتيا منها"، مبينا أن "حرائق الحنطة جعلت توقعاتنا تتراجع من 6 إلى 5 مليون طن كإنتاج، علما ان هذا الرقم يحقق الاكتفاء الذاتي ايضا، كما تجدر الإشارة إلى أن بعض المحاصيل اتلفت لأسباب فنية كذلك".
وإضافة إلى غياب الدعم الحكومي الكبير لدعم المزارعين، يؤكد العصاد أن "الدولة لم تعوض أي مساحة تعرضت للحريق حتى وأن كان الأمر بفعل فاعل، وكذلك الحال بالنسبة للخسائر التي نتجت عن السيول أو اسباب خارجة عن ارادة المزارعين، ولم تصرف أي مبالغ لهم، فيما تسبب غياب الدعم وقطع وعرقلة القروض الزراعية، باللجوء الى بيع المحاصيل للتجار بمبالغ لا تتضمن أي ارباح تذكر ترتبت عليها مديونية مرهقة"، مشددا على أن "المتورطين بالحرائق التي تم التأكد إنها كانت بسبب فاعل، لم يتم التوصل اليهم من قبل أي لجنة تحقيقية، لا في المناطق التي تشهد عمليات ارهابية، ولا في الأخرى التي تشهد استقرارً أمنيا".

التشخيص ليس كافيا

رئيس الجمعيات الفلاحية في ديالى، رعد التميمي، يبين أن المحافظة قد تكون هي الأولى بالنسبة إلى خسائر المحاصيل بسبب الحرائق.
التميمي يشدد على أن "ديالى خسرت أكثر من 850 دونما زراعيا حتى الآن، وما زالت مناطقها واقضيتها تتعرض إلى عمليات إرهابية تستهدف المحاصيل، ما جعل المزارعين في حالة استنفار كبيرة"، وخلافا لتصريحات أخرى، فالتميمي يتمسك بسبب الإرهاب أو العداءات الشخصية في هذا الملف، ويستبعد أن تكون اطراف خارجية لها يدا في ذلك، لافتا إلى أن "الحرائق كبيرة والحكومة لم تقدم أي تعويض يذكر".
وإضافة إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الإرهاب وبعض الأطراف الخارجية، النائب مختار الموسوي يحدد ما اسماه بـ(الشخصيات البرجوازية) أن تكون سببا اضافيا، لأنها لا تريد النهوض بالواقع الاقتصادي" حسب قوله. وما يمكن فهمه أن هذا النائب كان يقصد البرجوازية الطفيلية التي تنامت بعد عام 2003 بفضل الفساد الهائل التي تحكم بكل مفاصل الدولة، حيث أن لهذه الطبقة سمة التمتع بعدم الانتاج من جهة، وعدم امتلاك أي وسائل للإنتاج، فهي تغتني من الاستيراد والتلاعب بالمنتوج الوطني والابقاء على الصفة الريعية، وقد تتعرض إلى الضرر مقابل أي تنمية وطنية للإنتاج المحلي. وهذا يتمثل تماما بالإصرار على استيراد محاصيل اجنبية منافسة، تتوفر وبأسعار مقبولة وبجودة عالية من قبل المزارعين العراقيين.

وزارة الزراعة تتحدث بثقة !

المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، يقول أن هذه الحوادث تحصل في كل عام، علما أن العام الماضي كانت سعتها أكبر، ولكن بشكل عام الارقام التي سجلت لا تشكل شيئا مقابل المساحات المزروعة.
ويلفت النايف إلى أنه "تم زراعة أكثر من 9 مليون دونم من الحنطة، وأكثر من 4 مليون دونما من الشعير، بينما الحرائق لم تلتهم سوى ما يقارب الـ 2000 دونم وهي حصيلة لا تشكل شيئا امام الانتاج"، مبينا "وجود توجيه حكومي بحماية المزارع ولكن بشكل عام هنالك اسباب متعددة للحرائق، منها الحوادث العرضية او الاعمال الكيدية والعمدية والارهابية ايضا"، مستبعدا "نظرية المؤامرة الخارجية لافتعال هذه الحوادث خصوصا في مناطق الوسط والجنوب"، وهذا يخالف ما ذكره قبل فترة وجيزة بأن اطرافا خارجية استفزها الانتاج الوطني وشاركت بعمليات حرق المحاصيل لإبقاء العراق سوقا خلفيا لمنتجاتها".
وبشأن تعويضات الفلاحين المتضررين من الحرائق، ينوه المتحدث إلى إن "الوزارة غير معنية بذلك لأنها تعمل وفق ميزانية لم تحدد هذا الجانب، والتعويض قد يكون من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بعد اثبات إن الحريق مفتعل ونحن مستعدون لمعاونة الفلاحين ورفع الطلبات بخصوص خسائرهم".

فاسدون يتهمون الطيور بفسادهم !

أثناء هذه الموجات النارية التي تلتهم المحاصيل، تم الكشف عن عملية فساد كبيرة جدا لسرقة 752 طنا من الحنطة في النجف، بقيمة تتجاوز 400 مليون دينار، وما قابلها من تبرير بعض المعنيين بالأمر، عندما أدعوا أن الطيور هي من أكلت هذه الكميات، ما أثار الموضوع موجة من السخرية الشعبية، والمطالبة بأنزال اقصى العقوبات بحق الفاسدين.
سارعت وزارة التجارة وهيئة النزاهة وفق بيانات رسمية، التأكيد على أن كمية الحنطة هذه تمت سرقتها من سايلو النجف الأفقي، والشروع باتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن الموضوع، وفيما أكد محافظ النجف، أن تحقيقا مستقلا سيجري حول قضية اكل الطيور لأطنان الحنطة، اعتبر عضو لجنة الزراعة النيابية، علي البديري، أن "هذه السرقة لم تمر على تاريخ العراق"، متسائلا "هل الطيور اكلتها؟ هذه اكذوبة".
وفي هذه الأثناء، أعلنت مديرية مكافحة اجرام محافظة واسط، القبض على 4 متهمين بسرقة محصول الحنطة من امام سايلو المحافظة، ما يؤكد أن استهداف المحاصيل يتم من اطراف عديدة ويتطلب الجهد الكبير لحمايته وانزال اقصى العقوبات بالفاسدين واللصوص.
**************
محرك "الغضب" يدور في موعده السنوي
غليان في مواقع التواصل العراقي
بغداد – طريق الشعب
مع تصاعد درجات الحرارة، وخلال الأيام الاخيرة من شهر رمضان تراجع مستوى إنتاج الطاقة في البلاد وغاب التيار الكهربائي عن غالبية مدن وبلدات البلاد، ليشتعل الغضب في موعده السنوي المعتاد في ظل انعدام الثقة بين الشعب والحكومات المتعاقبة.
وتحرك أزمة الكهرباء الحركات الاحتجاجية في كل عام مع حلول فصل الصيف، حيث تصل درجات الحرارة إلى مستويات عالية جدًا تفوق أحيانًا 50 درجة مئوية.
وبحسب موقع "الترا عراق"، فأن شكاوى سجلت عن سوء تجهيز الطاقة الكهربائية في محافظات ومناطق مختلفة، فيما لجأ عدد كبير من المواطنين الى تنفيس غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في منشورات غاضبة، في ظل تراجع النشاط الاحتجاجي بسبب أزمة وباء كورونا.
وتصدر وسم "العراق بدون كهرباء" الترند العراقي في تويتر على مدى يومين، وكتب تحته آلاف التغريدات الغاضبة.
كما استذكر العشرات من المتفاعلين تصريحات ووعود وزراء الحكومات المتعاقبة حول تحسين الكهرباء التي باتت مشكلة مستعصية، على الرغم من الحلول التي وصلت إليها دول العالم لإنتاج الطاقة، في الوقت الذي ما زال العراق يستورد الطاقة والغاز من إيران لتشغيل المحطات الكهربائية، ومع ذلك ما يزال فصل الصيف الموعد الذي يقسم يعلن عجز الحكومات وفشل خططها وخواء وعودها، ليشعل الاحتجاجات والغضب.
من جانبها، أكدت وزارة الكهرباء وجود اسباب كثيرة ادت الى تراجع مستوى تجهيز الطاقة الكهربايية، على راسها ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة.
وقال المتحدث باسم الوزارة احمد موسى في حديث لـ "الترا عراق"، ان "ارتفاع درجات الحرارة وازدياد الطلب واستهلاك الطاقة الكهربائية، ادى الى زيادة الاحمال"، مضيفًا ان "عدم إقرار الميزانية وتوقف التمويل ادى الى تاخير الصيانة الدورية والااضطرارية للوحدات الإنتاجية".
وبين، أن "الوزارة تعمل على سد هذا النقص الحاصل من خلال ماسيدخل من محطتي الناصرية والسماوة خلال الايام القادمة، لحين الاانتهاء من صيانة المحطات الانتاجية".
واكد موسى، ان "الاعمال الارهابية التي تستهدف خطوط نقل الطاقة مستمرة من خلال العبوات الناسفة الامر الذي يوثر مع الأسباب الاخرى على تراجع مستوى التجهيز".
ويعد ملف الطاقة أحد كبرى الأزمات التي يواجهها الكاظمي، والذي وجه مؤخرًا بوضع خطة لتوفير الطاقة وحذر من استغلال الوظيفة الحكومية.
وقال الكاظمي، خلال زيارة إلى مقر وزارة الكهرباء في 17 آيار/مايو، أن "أزمة الكهرباء هي نتيجة لسوء الإدارة في العراق، ويجب أن تكون لوزارة الكهرباء خطة استراتيجية لتوفير الطاقة وسياسة تصاعدية تتناسب مع إحتياجات الدولة والمجتمع".
وشدد الكاظمي، على "أهمية العدالة في الجباية وأن لاتكون سببًا في تذمّر المواطن وفقدان الثقة، مع ضرورة تقديم خدمة جيدة للمواطن في معادلة الحقوق والواجبات"، محذرًا من "التقصير في توفير خدمة الكهرباء وبما يحفظ كرامة المواطن".
كما أشار، إلى أن "تطوير الأداء والنتائج بحاجة إلى قرار شجاع ونزاهة وليس العمل بالفعل ورد الفعل، وأن الاستثمار يجب أن يأخذ دوره ولكن دون أن يستغل المستثمر الوزارة"، مشددًا على "ضرورة محاربة الفساد، خصوصًا في ما يتعلق بالعقود الاستثمارية ذات الربحية العالية، وما شهدته المرحلة السابقة من ظاهرة إثراء المسؤولين نتيجة استغلال وظيفتهم الحكومية، وهو أمر مرفوض ولا بد أن ينتهي".
************
عجز في الموازنة وتحديات اقتصادية كبيرة
توجه حكومي نحو الاقتراض
واشارات الى ايرادات مهملة قادرة على رفع الحرج المالي
بغداد – طريق الشعب
وافق مجلس الوزراء، مؤخرا، على إحالة قانون الاقتراض المحلي والخارجي، إلى مجلس النواب، لتمويل العجز الكبير الذي يواجه الدولة. حيث يأتي هذا التوجه للاقتراض، في ظل غياب الموازنة العامة التي ما زال المجلس النيابي بانتظارها، وكنتيجة متوقعة لمصير المسار الاقتصادي المتردي، وهشاشته أمام الأزمة المالية والنفطية الحالية.

نفقات عالية وإيرادات ضئيلة

قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، لـ"طريق الشعب"، أن "احتياجات الحكومة المالية الملحة في الشهر الواحد تقدر بـ 6 ترليون دينار، بينما العوائد المالية التي تقابلها تبلغ 100 مليار دينار فقط"، مبينا "وجود فرق شاسع بين الإيرادات والاحتياجات، وهذا ما يلزم الحكومة بإيجاد الحلول للازمة في ظل انخفاض أسعار النفط وتقليل كمياته المصدرة، وتأثير ذلك على إيرادات البلد بشكل مباشر".
وأضاف المستشار، أن "غياب قانون الموازنة العامة، يضعنا أمام بدائل مطروحة بخصوص الأزمة المالية، منها اللجوء إلى تشريع قانون يسمح للحكومة بالاقتراض لحين إقرار الموازنة"، مؤكدا "عدم وجود مصدر للإيرادات الكاش والسريعة غير الاقتراض في الفترة الحالية، خاصة وأن الترشيحات الأخرى لا تستطيع سد العجز الكبير في الأموال، نظراً للالتزامات المالية الثابتة للدولة، المتعقلة برواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين في الرعاية الاجتماعية والمنح والمخصصات المعنية بإقليم كردستان".
وبين صالح، أن "القروض الخارجية تحكمها قضايا كثيرة، ابرزها مدى قدرة الحكومة على الدخول لأسواق رأس المال، والتعاطي مع الدول من خلال العلاقات الخارجية، ومع هذا ففرص الحكومة بالاقتراض الخارجي جيدة نتيجة للدعم الذي نالته بعد تشكيلها، لذلك ستوجه القروض الخارجية اذا تم الحصول عليها، نحو الاستثمار واستكمال المشاريع، أما القروض الداخلية، فستذهب لتمويل الموازنة التشغيلية مثل رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية"، منوها إلى "وجود فائض مالي في الأسواق والمؤسسات المالية يمكن للحكومة أن تستفاد منه في عملية الاقتراض، ويمكن لها التوجه نحو المؤسسات المصرفية التي تهيمن على ٩٠ في المائة من النشاط المصرفي المحلي، حيث باستطاعة مصارف الرشيد والرافدين والعراقي للتجارة ان يتعاطوا من خلال السوق الثانوية عبر شرائهم سندات حكومية (سندات الدين)، خاصة وان طاقة الجهاز المصرفي على الإقراض محدودة ولا يوجد توجه لدى المواطنين نحو شراء السندات الحكومية".

نتائج السياسات الخاطئة

من جانبه، عزا الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، أسباب الأزمة المالية والاقتصادية إلى السياسات الاقتصادية الخاطئة.
وأوضح أنطوان لـ"طريق الشعب"، أن "سوء الإدارة، والفساد المستشري في كيانات الدولة، وتعطيل القطاع الإنتاجي في الصناعة والزراعة والنقل والسياحة، والعجز عن توفير الغذاء والعلاج للمواطنين، فاقم الأزمة بشكل كبير، ولا حل للخروج من هذا الوضع إلا باتخاذ اجراءات حكومية تكون على ثلاثة اقسام، الاولى سريعة، والثانية متوسطة، والثالثة بعيدة المدى"، معتبرا اجراءات مجلس الوزراء المتخذة بشأن تشكيل خلية أزمة "لا بأس بها ولكن المشكلة تكمل في أن الفساد ينخر جسد الدولة، ولذلك فأن إصدار القرارات ليس كافيا، ما لم تكن هنالك ارادة حقيقية للتنفيذ".

الاقتراض وما يترتب عليه

ولفت الخبير انطوان، إلى أن "الاقتراض هو الحل الأسرع، ولكنه ليس مقنعا، كونه يدخل البلاد في دوامة تسديد القروض على شكل أقساط ودفع الفوائد في ظل اقتصاد عاجز عن تحقيق الدخل السريع"، مشددا على أهمية "إعادة بناء ركائز الاقتصاد والعمل على تحقيق أهداف أساسية، أولها زيادة الإيرادات غير النفطية عبر فرض الضرائب والرسوم وتوسعة الوعاء الضريبي وزيادة عائدات المنافذ الحدودية من خلال السيطرة عليها، وتقليص النفقات الزائدة من مخصصات وسيارات وحمايات وبدل السكن للمسؤولين والنواب. كما يجب تشغيل القطاع الخاص الوطني وزجه في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل والسياحة لضمان توفير السيولة".
ونوه الخبير، إلى "ضرورة طمأنة المواطنين بإعادة المبالغ النقدية المسحوبة للمصارف، وفق فوائد مجزية، خاصة وأن ٧٥ في المائة من النقد العراقي المطبوع، موجود في البيوت والقاصات الخارجية، لذلك فأن عودتها للمصارف سيوفر سيولة مالية للاقتصاد العراقي ويقلل من الاقتراض الخارجي الذي تتبعه التزامات أخرى"، مؤكدا أن "القطاع الخاص يمتلك الإمكانيات لدعم الاقتصاد، وكذلك يمكن العمل على استقطاب رؤوس المال الكبيرة المهاجرة في دول الجوار، وتحويلها الى رأس مال وطني منتج".
وشدد الخبير الاقتصادي على "إعادة هيكلة الموازنة العراقية التي يخصص ٧٥ في المائة منها كموازنة تشغيلية تصرف كرواتب ونفقات ومعونات لكبار المسؤولين، حيث يجب التخلص من هذا الأسلوب، فضلا على أهمية هيكلة جهاز الدولة، فوجود ٤ ملايين موظف ومليونين ونصف متقاعد ينهك الدولة ويساهم في بقائها مستهلكة غير منتجة"، فيما انتقد "عجر المصارف على تقديم العون والدعم للحكومة في هذه الأزمة، كونها العمود الفقري للاقتصاد"، معللاً سبب العجز بـ"تفرغ المصارف لمهام ربحية صرفه بعيداً عن دعم الاستثمار والاقتصاد العراقي وانشغالها بمزاد بيع العملة الذي يدر عليها اعلى الأرباح وبأسرع الأوقات، ما تسبب بوجود طبقة طفيلية تحت اسم القطاع الخاص وهي بعيده عنه".

مصادر مالية اخرى

وفي المقابل، ذكر رئيس اللجنة المالية، هيثم الجبوري، إن "الحكومة أعدت صيغة قانون، أرسلته إلى مجلس النواب لغرض تخويل وزير المالية الاقتراض الداخلي أو الخارجي لتسديد العجز في موازنة 2020"، لافتاً إلى أن "اللجنة مع الاقتراض الداخلي كون أغلبها أموال دولة ومن الممكن أن تكون مقاصة بها بالمستقبل" حسب تصريحه لوكالات الأنباء.
واضاف الجبوري، أن "الكاظمي مقبل على الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الموازنة، وهذا يتطلب حلولا جذرية بملفات الصناعة والزراعة وانهاء السلبيات في المنافذ التي يمكن ان توفر سيولة مالية كبيرة".
بينما أفاد عضو لجنة التخطيط النيابية، محمد كريم، في تصريح صحفي، إن "الحكومة ستعتمد أبواب أخرى لتمويل الموازنة من غير الاعتماد على النفط بشكل كلي، كالضرائب وأموال المنافذ الحدودية وشركات الاتصال، إضافة إلى إمكانية سحب الأموال التي نزلت بحسب الصندوق العراقي الصيني خلال الاتفاقية الصينية للاستفادة منها في إكمال المشاريع المهمة، وهذا قد يغنينا عن الاقتراض الخارجي".
***********
ص4
مصدر حكومي يتحدث عن إجراءات لتقليل الأضرار
المالية البرلمانية تكشف ملامح الموازنة وتؤكد:
ستكون تشغيلية وخالية من الدرجات الوظيفية
بغداد – طريق الشعب
تواجه الحكومة الجديدة جملة من التحديات بشأن تقديم مسودة الموازنة إلى البرلمان، مع مراعاة التراجع الكبير في العائدات النفطية وتعطيل كافة القطاعات الانتاجية وما يقابلها من ضرورة توفير نفقات تخص المواطنين على أقل تقدير. فكل ذلك يطرح تساؤلات بشأن شكل الموازنة المنتظرة لهذا العام.

ملامح الموازنة

يبين مقرر اللجنة المالية النيابية، احمد الصفار، في تصريح صحفي لوكالات الأنباء، إن "مجلس الوزراء سيقدم مشروع موازنة لسنة 2020 إلى مجلس النواب لإجراء بعض التعديلات والنقاشات عليه قبل عرضه إلى التصويت". ويؤكد أن "الموازنة الجديدة ستكون غير موسعة لأنها نصف سنوية وستعتمد على ما تضمنه البرنامج الحكومي، أي القضايا التشغيلية تكون أكثر مما هي استثمارية، وتتعلق بمكافحة وباء كورونا والجانب الأمني والمعالجات الاقتصادية للأزمة".
ويتابع الصفار "الموازنة لن تتضمن درجات وظيفية، فالحكومة تعمل حاليا على تدارك الوضع وتأمين الرواتب وتغطية المستلزمات الأساسية مثل البطاقة التموينية والأدوية وغيرها، علما أن خلية الطوارئ للإصلاح المالي التي شكلها رئيس الوزراء بدأت بإعداد قانون الموازنة التي ستعتمد على سعرين لبيع النفط، الأول ثابت لتغطية الرواتب والموازنة التشغيلية، والثاني متغير يعتمد على ارتفاع سعر النفط في حال تحققت الوفرة يتم توظيفها بالجوانب الاستثمارية".

مشاورات بشأن مسودة الموزانة

من جانبه، يقول عضو اللجنة المالية البرلمانية، حنين القدو، لـ"طريق الشعب"، إننا "بحاجة إلى الجلوس مع وزير المالية قبل إرسال مسودة الموازنة إلى البرلمان، كما حاولنا أن نعقد لقاءً والجلوس مع رئاسة الوزراء من أجل التعرف على الخطوط العريضة بشأن المسودة، فضلا عن تقديم الآراء والمقترحات لصياغتها، لغرض تغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين في الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى المصاريف والنفقات الحاكمة كالبطاقة التموينية وغيرها".
ويضيف القدو "توجد قضايا أخرى يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار، مثل الديون الكويتية والفوائد الخاصة بقروض صندوق النقد الدولي، والمنظمات المالية الأخرى، فنحن الآن بصدد الدخول بمثل هذه المفاوضات قبل ارسال مشروع قانون الموازنة من قبل الحكومة إلى هيئة رئاسة البرلمان"، مشددا على "أهمية أن تكون الوجهة القادمة ضمن إطار الاقتراض الداخلي فقط وتنويع الواردات المالية، من أجل تغطية كافة النفقات والجوانب التشغيلية".
وأوضح النائب "نحن كلجنة نرغب أولا في الاستماع إلى الحكومة ووزير المالية، لنرى ما هي الادوات التي يمكن أن تستخدمها الحكومة لتغطية المصاريف والنفقات التشغيلية، كما لدينا مجموعة من المقترحات بشأن تنويع مصادر الواردات في المرحلة الراهنة، ولكنها تعتمد على قدرة الحكومة بفرض هيبتها لتحقيق ذلك، مثل ضبط المنافذ الحدودية والكمارك والضرائب وديون الماء والكهرباء، ومتابعة المنافذ الموجودة في الإقليم، إضافة إلى التركيز على تشجيع القطاع الخاص على المدى البعيد".
ويتابع القدو "بغض النظر عن التسميات التي تطرح بشأن الموازنة، إلا أنها وفق هذه الظروف تقشفية وتعتبر موازنة طوارئ، لأنها تركز على خيارات محدودة وتعتبر رواتب المواطنين خط أحمر"، مبينا "إمكانية التفاوض مع الجهات العالمية بشأن الديون، لتأخير سدادها، إلا أن هذا سيؤدي بنفس الوقت إلى المزيد من الفوائد المرهقة".

تطمين حكومي ينتظر التنفيذ

في الأثناء، يذكر مصدر مطلع في مجلس الوزراء لـ"طريق الشعب"، أن "خلية الطوارئ التي شكلت لتولي ملف الإصلاح المالي، والتي ستضم عدد من الخبراء في المجال المالي والاقتصادي، بالإضافة الى وزير المالية ومدراء المصارف الحكومية والبنك المركزي، سيكون على رأس أولوياتها استكمال قانون الموازنة العامة للستة أشهر المقبلة".
ويضيف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أن "الأزمة المالية الخانقة، والتراجع الهائل في إيرادات البلد، ستدفع الحكومة للضغط على النفقات بشكل كبير، من أجل ضمان تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالحماية الاجتماعية"، لافتا إلى "سعي الحكومة اتخاذ خطوات اصلاحية في مجال الاقتصاد للتخفيف من اعباء الازمة المالية".
ويكشف المصدر، عن "استعداد الحكومة لتقليص المخصصات الممنوحة لكبار المسؤولين والدرجات الخاصة، وإيقاف استيراد المواد غير الضرورية وفرض الرقابة الصارمة على المنافذ الحدودية وحصر عائداتها"، لافتا الى إن "هذه الخطوات هي تدابير عاجلة من الممكن اتخاذها بالوقت الحالي وهناك اجراءات على المدى المتوسط والبعيد".

موازنة مرهقة

من جانبه، يؤكد الخبير المالي، محمد الخرسان، أن الموازنة الحالية لن تستطيع التوجه نحو أي جانب استثماري، وستقتصر على الرواتب في الغالب.
ويقول الخرسان لـ"طريق الشعب"، إن "الموازنة كانت في السابق تقسم إلى 30 في المائة كجانب رأسمالي، و 70 في المائة، للنفقات التشغيلية، وهذا الأمر عندما كان سعر النفط 56 دولار، أما الآن ومع هبوط الأسعار لأرقام ضئيلة، فسوف ستكون الـ70 في المائة هو كل ما للدولة التي أصبحت لا تملك أي حيز للمناورة من أجل القيام بالمشاريع الاستثمارية، وهذه نتيجة الاعتماد الكلي على النفط"، مبينا بخصوص تنويع الواردات المالية لتعزيز الموازنة الحالية، أن "الحديث الحكومة عن الإصلاح والتغيير لن يتحقق إن لم تتوفر إرادة سياسية كاملة لتحقيق الأمر، تكفل تقليص الامتيازات الكبيرة التي يتم تجاهل الحديث عنها، وكذلك تقليص الحمايات وغيرها من مظاهر البذخ، إضافة إلى ضرورة أن تتوفر مع هذا الجانب، سيادة القانون لتطبيق أي قرار أو قانون يصدر لضمان تنويع مصادر الدخل".
************
تقرير: الكتل السياسية تواصل معركتها
على الحقائب الشاغرة رغم شكوى الكاظمي!
بغداد – طريق الشعب
رصد تقرير، يوم أمس، "معركة" الكتل السياسية على الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومة الكاظمي، فيما ربط مواقف الكتل السياسية بالمقال الصحفي الذي نشره رئيس مجلس الوزراء مؤخراً حول "تناقض مواقف الكتل".
التقرير الي نشرته صحيفة " الشرق الاوسط"، كشف شيئاً من المفاوضات الجارية حول الوزارات الـ7 الشاغرة في حكومة الكاظمي، في الوقت الذي تشدد فيه عدد من الكتل السياسية على عدم ترشيح اي وزير سابق لمنصب في الحكومة الجديدة.
وبحسب التقرير، فأن الكتل السياسية استأنفت معركتها حول الحقائب السبع الشاغرة في الحكومة، غداة شكوى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من «التناقض في مواقف الكتل» التي تعلن موقفاً وتبطن آخر.
وكان الكاظمي حصل على ثقة البرلمان قبل أسبوعين، بحكومة مؤلفة من 22 حقيبة حصلت 15 منها على الثقة بينما بقيت 7 أخرى شاغرة بسبب الخلافات السياسية، رغم أن حكومته جاءت بمعادلة تقوم على قيامه بترشيح وزراء يتولى هو اختيارهم ويعرضهم على الكتل السياسية كي تتعهد منح الثقة داخل البرلمان.
ولم يمنح البرلمان 5 من الوزراء الذين رشحهم الكاظمي الثقة لأسباب مختلفة، وهو ما يفرض عليه استبدالهم من خلال آخرين، فيما بقيت وزارتا النفط والخارجية رهن الخلافات حول المرشحين. فحقيبة الخارجية التي عادت إلى الأكراد بعد تنازلهم للشيعة عن وزارة المالية لا تزال موضع خلاف شيعي - كردي بسبب إصرار الأكراد على منحها لوزير المالية السابق فؤاد حسين، بينما ترفض العديد من الكتل السياسية الشيعية توزيره.
أما وزارة النفط التي جعلها الكاظمي من حصة محافظة البصرة بوصفها أكثر المحافظات إنتاجاً للنفط، فإن عدد المرشحين لها بلغ 49 مرشحاً يتقدمهم 10 هم الأوفر حظاً، وسط تباين في المواقف بشأنهم.
وتشدد كتلة «الحكمة» النيابية التي يتزعمها عمار الحكيم على «خلو التشكيلة الحكومية من أي وزير سابق». وقال النائب عن كتلة الحكمة حسن فدعم في تصريح، إن «هناك إجماعاً للقوى السياسية على خلو حكومة الكاظمي من أي وزير سابق بحكومة عادل عبد المهدي»، داعياً القوى الكردية إلى «احترام رغبة القوى الوطنية بعدم ترشيح أي وزير سابق للحقائب الشاغرة، لا سيما الخارجية والعدل».
وأوضح أنه «خلال تشكيل الحكومة قدم طلب موقع من 130 نائباً و15 محافظاً إلى رئيس الوزراء لغرض إبقاء وزير التخطيط السابق نوري الدليمي في منصبه في الحكومة الجديدة، كونه وزيراً ناجحاً وإدارته للوزارة كانت بمهنية عالية. وكانت هناك رغبة كانت لدى الكتل السياسية لإبقاء وزير الصحة السابق جعفر علاوي بسبب نجاحه في إدارة ملف جائحة «كورونا»، إلا أن إصرار القوى السياسية على خلو حكومة الكاظمي من أي وزير سابق حال دون الإبقاء على الوزيرين». وأشار إلى أن «كتلة الحكمة لا تعترض على أي حالة وطنية فيها مصلحة للعراق وليست لديها خلافات مع أي قوى، بل لديها تفاهمات مع الجميع».
وطبقاً لأجواء المشاورات الجارية بين الكاظمي والكتل السياسية والنيابية، فإن ملف الوزارات المتبقية سيحسم بعد العيد مباشرة حين يستأنف البرلمان جلساته. ويرى المراقبون السياسيون أن الكاظمي لديه قائمة بأسماء مرشحي الوزارات الخمس، إذ سيقدم سيرهم الذاتية قبل يوم من جلسة البرلمان بينما ينتظر مفاوضات الأكراد والشيعة بشأن الخارجية التي يديرها هو الآن بالوكالة. كما ينتظر القائمة النهائية لمرشحي وزارة النفط من محافظة البصرة.
وأعلنت كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أنها لن تقدم أي مرشح للوزارات السبع الشاغرة. وقال النائب عن الكتلة جواد الموسوي في تصريح إن «كتلة (سائرون) خوّلت رئيس الوزراء باختيار شخصيات مستقلة للوزارات الشاغرة، ولن تقدم مرشحين».
وانتقد رئيس «المؤتمر الوطني» النائب آراس حبيب كريم المواقف المتناقضة للكتل السياسية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في النظم الديمقراطية حيث الفصل بين السلطات فإن الحكومة لا تنجح وحدها في تنفيذ برامجها ما لم تساعدها الكتل السياسية في البرلمان، والعكس صحيح». وأضاف أن «شكوى رئيس الوزراء من مواقف ذات وجهين لهذه الكتل إنما هي في الواقع جرس إنذار خطير لا بد من أن نتوقف عنده، فهو يعني أن هناك من لا يريد تحمل المسؤولية أو لم يرتفع الى مستوى ما تعانيه البلاد من أزمات وتحديات».
وكان الكاظمي كتب في مقال نشرته صحف عراقية عدة قبل يومين، أن أبرز ما يواجهه حالياً هو «التناقض بين الوعود العلنية التي أكدت على حريتي في اختيار التشكيلة الوزارية، وما يدور وراء الكواليس من مناورات وشد من قبل البعض. وهو ما يعرقل ويعطل استكمال الحكومة كي تباشر مهامها بحيوية وتضافر في الجهود وصولاً إلى الأهداف المعلنة».
وأضاف أن «ما نطلقه أحياناً من تأكيدات لضرورة تصحيح مسارات العملية السياسية ووضع البلاد على طريق المعافاة لا يجد آذاناً مصغية لدى البعض هنا أو هناك، من دون الانتباه إلى أن البلاد مهددة بما سيضعنا جميعاً أمام خيارات ليس فيها رابح وأفضلها الانحدار إلى الفوضى».
**************
موارد مالية منهوبة يمكنها إعانة الدولة في محنتها
عصابات تهيمن على جباية رسوم النقل والمرائب.. والحكومة تتفرج!
بغداد – طريق الشعب
يجري الحديث مؤخرا عن بحث الدولة على موارد غير نفطية لتدارك الانهيار المالي جراء أزمة النفط العالمية. وبالرغم من تكرار هذا الحديث والتنبيه والمقترحات التي ترسم مشاهد عديدة للخروج من عنق الزجاجة، إلا أن هذه المشاهد لا تسلط الضوء على جوانب يمكن أن تقدم للحكومة أموالا طائلة يكتنزها الفساد يوميا، وفي مقدمتها قطاع النقل، والجباية التي تؤخذ عنوة من المواطنين خارج إطار الدولة.
فساد امام أنظار الجميع

عندما يريد أي مواطن، السفر برا من مرآب النهضة وسط بغداد، إلى أي محافظة، سيرى كيف يتقاتل عليه سائقو المركبات عند أول تقاطع مروري بشكل مخزي، وعلى بعد أمتار من هذا المرآب الرسمي، من أجل الانطلاق برحلة لا تمتلك التنظيم القانوني، ولا الجباية النظامية أيضا.
ويقول مصدر في وزارة النقل لـ"طريق الشعب"، إن "الفساد وصل إلى مرحلة خيالية في المرائب. ولو تحدثنا عن أهمها (مرآب النهضة) فسنرى كيف تم تركه فريسة سهلة لمخالب الفساد، وأصبح سائقو المركبات الخصوصية يعملون خارجه وعلى بعد أمتار منه على أرصفة الشوارع".
ويلفت المصدر الذي لم يكشف عن هويته، إلى أن "البعض القليل من السائقين الملتزمين يمارسون عملهم داخل المرآب، وأصبح الشارع بمثابة البديل للأخرين وهم الأغلبية، لأنه يضمن دفع الجباية لجهات فاسدة تمنع وصول هذه الأموال إلى الدولة"، مبينا أن "هذه العملية تخالف القانون الذي يفرض على إدارات المرائب المهمة العمل بنظام (الشفتات) لضمان دوامها خلال الليل والنهار، ولكن الذي يجري، هو إغلاق هذه المرائب أبوابها بعد الظهر وترك الأمر لعصابات الشوارع التي تسيطر على هذا الملف، لتقوم بجباية أموال طائلة بشكل يومي تتقاسمها مع المتنفذين المتورطين".
ويؤكد المصدر لـ"طريق الشعب"، إن "لدى وزارة النقل ما يسمى بـ(المعيارية) بخصوص المرائب، وهي تعني تقديم حسب توقيتات معينة، مبالغ واردة من الجباية إلى الحكومة، حيث تقدر المعيارية حسب نشاط المرآب، ولكن الفساد وصل إلى مرحلة أصبحت فيها المعيارية اللازمة لا تتحقق في بعض الحالات"، فيما أشار إلى أن "مرآب باب المعظم، مات منذ فترة طويلة وأصبح الشارع هو البديل له ليواصل الفاسدين نفس العملية في جانب آخر من مناطق العاصمة، على الرغم من أهميته الجغرافية وكبر مساحته".
ويتابع المصدر، أن "رواتب موظفو وزارة النقل من الوزارة نفسها وليست من وزارة المالية، لأن مؤسساتها رابحة وقادرة أن تمول الدولة في محنتها، أن اوقفت مظاهر الفساد وضبط إيقاع الجباية المنسي".
وبشأن نظام الجباية الالكتروني، يلفت إلى أنه "يقلل من الفساد بشكل كبير، ولكنه لم ينجو من مكر الفاسدين، حيث تم تعطيله ببعض المرائب وتغييبه في اخرى، مع الإشارة إلى أن هذا النظام وعلى الرغم من بساطته، لم يكن بأياد عراقية وتم التعاقد مع شركات اجنبية في شكل جديد للفساد".

رأي الوزارة

وزارة النقل علقت من جانبها على الموقف من الجباية ومتابعتها لهذا الملف.
ووفقا لناطقها الرسمي، سالم السوداني، الذي صرح لـ"طريق الشعب"، فأن "الوزارة متمثلة بالشركة العامة لإدارة النقل الخاص تقوم بنصب مفارز خارج المرائب لمحاسبة المخالفين والحد من ظاهرة النقل الجائر"، منوها إلى أن "مشروع الجباية الالكترونية والبوابات الذكية معمول بها في أغلب المرائب التابعة للشركة العامة لإدارة النقل الخاص في بغداد والمحافظات، والآن الوزارة في صدد انجاز عدد من البوابات في المرائب ذات الجدوى الاقتصادية ليتم تعميم هذه الظاهرة المتطورة والحضارية لتنظيم العمل والنهوض بواقعه، حيث تم التعاقد مع احدى الشركات الرصينة على تفعيل سبعة عشر مرآب للعمل بنظام البوابات الذكية".

عصابة الجباية في الباب الشرقي

أما مرآب الباب الشرقي، وسط العاصمة، فيشهد فسادً كبيرا ما زال مستمرا.
قصة المرآب قد تكون الأكثر وضوحا من غيرها بالنسبة إلى المواطنين، حيث يتم إغلاقه رغم أهميته وحيويته في النهار، لتباشر بعد ذلك أحدى العصابات الخطيرة بجباية الأموال من محيط ساحة الطيران، والاعتداء على أي سائق مركبة يمتنع عن الدفع.
ويؤكد ذلك المواطن محمد ناصر، وهو سائق مركبة على خط الحسينية - الباب الشرقي، حيث يقول لـ"طريق الشعب"، إن "الكراج الموحد في منطقة الباب الشرقي، مهمل وأبوابه تغلق في الساعة الثانية ظهراً، لتقوم مركبات نقل الركاب بعد ذلك بالعمل خارجه وفي مكان محدد تسيطر عليه عصابات خطيرة تتمترس في محيطه". ويشير إلى أن "أغلب المركبات تقوم بذلك حتى خلال فترة الدوام الصباحية للمرآب"، مضيفا بأن "العصابات التي تسيطر على هذه الجباية لديها اتفاقات مع مسؤولي المرآب يقضي بسماح هيئة الجباية بجمع المبالغ الرسمية لغاية الساعة ١ ظهراً، وبعد ذلك تتولى هذه المجاميع جمع مبالغ كبيرة من السائقين من اجل السماح لهم بالعمل في المنطقة".
ويؤكد ناصر، أن "مبلغ الجباية الرسمي من مرآب الباب الشرقي هو 1000 دينار فقط، ولكنه يكون 5000 دينار بعد الإغلاق المبكر والتوجه للعمل في محيط سيطرة العصابات المسلحة"، فيما شدد على أن "العصابة هذه تابعة لأحدى الجهات المسلحة المتنفذة، ويديرها شخص يدعى (حجي رائد) يقوم بالتنسيق مع بعض المنتمين للأجهزة الأمنية وبعض رجال المرور، مقابل تقديمه الرشاوى للسماح لعصابته بممارسة عملها تحديدا في أحد الشوارع الفرعية القريبة من ساحة الطيران".

عصابة الباب المعظم

وفي مرآب الباب المعظم، الذي يعزز الحديث عن هذه الأجواء الشاذة والمهيمنة على حياة المواطنين، يقدم المواطن، محمد رزاق، وهو سائق باص كبير (كوستر) حصيلة تجربته وخبرته بالتعامل مع هذه العصابات الاجرامية.
ونظرا لرزاق، الذي يعمل على خط منطقة الشعب – الباب المعظم، وحسب تأكيده لـ"طريق الشعب"، فأن "هذا المرآب الموحد مهمل منذ عام 2003 وأصبحت حركة النقل للمركبات تنشط عند الشارع الرئيسي المحاذي لمدينة الطب ومجمع كليات الهندسة والتربية الرياضية والتمريض، وتؤدي إلى زحام شديد في المنطقة".
وعلى غرار الوضع في مرآب الباب الشرقي، يوضح المواطن أن "عصابة خطيرة تسيطر على عملية الجباية وتأخذ من صاحب الباص مبلغ 3000 دينار للسماح له بالوقوف واركاب المارة، وفي حالة امتناعه عن الدفع، فأعضاء العصابة لا يتوانون عن الاعداء عليه وطرده أو استخدام الصلاحيات المرورية عبر الرشى لإصدار الغرامات بحقه، وتسخير جهات قانونية متواجدة بأموال الفساد لمضايقته".
**************
ص5
حديث عن الأتمتة للاستهلاك الإعلامي وإرادة التنفيذ غائبة
فساد وابتزاز في معاملات المواطنين الورقية
بغداد – سيف زهير
يتعرض المواطن خلال مراجعته بعض الدوائر لإنجاز معاملة ورقية ضرورية، إرهابا نفسيا واقتصاديا كبيرا. حيث يتوجب عليه لتمشية معاملته، التحلي بقدرة تحمل غير عادية، لمواجهة شراسة الاجراءات والروتين والاساليب التي تعتمد عليهما لفرض الرشى والفساد. وبذلك تكون المعاملة التي قد تستغرق ساعة واحدة أو أيام قليلة، رهينة لأسابيع وشهور ومصدر ابتزاز ومساومة للمواطنين.
المعاملات الورقية أداة للابتزاز

رغم الخطاب الحكومي المستمر، بشأن تقليل الاعتماد على المعاملات الورقية، والتوجه نحو الأتمتة، لمحاصرة الفساد، إلا أنه لم يتحقق أي شيء يذكر بخصوص المعاملات، باستثناء حالات توطين الرواتب وتفاصيل أخرى ليست بالكبيرة. وبقي الكلام حبرا على ورق للشروع في المشروع.
وبنظر الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، فأن "الاعتماد على النظام الالكتروني لإنجاز المعاملات، أو اعتماد الأتمتة بشكل عام، أمر ينقسم إلى جانبين مهمين، أولهما تسهيل انجاز المعاملات الورقية، بشكل يضمن التواصل المباشر بين المواطن والموظف الحكومي دون أي وسيط آخر، وبالتالي تخفف الإجراءات الروتينية وما يترتب عليها، وتتاح للمواطن فرصة الحصول على معاملات منجزة عبر المراسلات الالكترونية، والمواعيد المحددة والواضحة. بينما يضمن الجانب الثاني، ضبط سير التدفق والإنفاق المالي الحكومي لموازنة البلد، عبر القنوات الالكترونية الرصينة، سواء على صعيد وزارة المالية، أو أي مؤسسة ودائرة حكومية أخرى، وبهذا يكون الخناق قد زاد على الفساد".
أن تأخير الاعتماد على النظام الالكتروني لإدارة مؤسسات البلد، ارتبط بتبريرات يعتقد الكثير من المراقبين إنها تتعلق بالفساد والإصرار على ابقاء البلد متخلفا لمصالح عديدة. والدليل أن فترة الجائحة الحالية، عندما فرضت نفسها على الحكومة، أجبرت الأخيرة أن تقظي الكثير من مهامها بشكل أو آخر، عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
يعاود الخبير الصوري، تأكيده على إهمال هذا الجانب الحيوي لمواجهة الفساد، عندما يذكر أن "إحدى الشركات الأجنبية قدمت عام 2004 على هامش اتفاقية مبرمة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشروعا لإنشاء النظام الإلكتروني، عبر أجهزة تقنية مختصة لإدارة الموازنة العامة للبلد بشكل سليم، إلا أن اعتراضً ابدته أطراف في الجهاز الإداري الحكومي، مدعية عدم قدرتها على تنفيذ هكذا مشروع، وبالتالي تمت عرقلته، ليشهد البلد فصولا مريعة من الفساد المالي والاداري".
لذلك يرى الخبير، أن "المشروع لو نفذ، فانه سيحقق نسبة عالية من النزاهة، لما يوفره من مزايا سهلة للحكومة والمواطن. وأما إصرار البعض على تأخير العمل فيه، يوضح أن مواقفهم تنطلق من ارتباطات اقتصادية وتجارية مع أطراف داخلية وخارجية مستفيدة من الوضع الحالي، علما أن الحكومة الحالية قادرة على تحقيق الأمر لو امتلكت الارادة الحقيقية، لأن تنفيذ هذا المشروع مرهون بالإرادة الصادقة قبل كل شيء".

مشروع تبسيط الإجراءات

أن زيادة الحلقات الإدارية بين المواطن والجهة الحكومية التي يريد انجاز معاملته فيها، تجعل تلبية الإجراءات المطلوبة أمر شبه مستحيل، لأن المواطن يشتت بين هذه الحلقات ويضيع بين شروط كثيرة ومزاجيات وعوامل لا حصر لها، ولطالما تمت اعادة مواطن قادم من منطقة بعيدة جدا، بسبب توقيع أو هامش مطلوب، أو جلب وثيقة أو تنفيذ إجراء هو غير مسؤول عنه ولم يبلغ بشأنه، لذا يلجا للخروج من هذه الدوامة إلى الطرق غير الشرعية مثل تقديم المال مقابل انجاز خدمة حكومية مجانية وواجبة.
واستنادا على هذه المعاناة التي تنال من كرامة المواطن وتشجع على الفساد، يلفت مصدر رفيع في رئاسة الوزراء، إلى أنه "خلال عام 2015 باشرت الحكومة آنذاك، في مشروع تبسيط إجراءات المعاملات في مؤسسات الدولة، لكنها توقفت مع انتهاء عمر حكومة العبادي، على الرغم من أن المشروع يلبي متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، من خلال تبسيط الإجراءات الحكومية".
ويؤكد المصدر الذي لم يكشف عن أسمه، أن "الحاجة كانت ماسة لإيجاد البنى التحتية للقيام بمثل هكذا مشروع، وعلى هذا الأساس، بنت وزارة الداخلية قاعدة بيانات كبيرة للبطاقة الموحدة وتم توطين رواتب موظفي الدولة والقوات الأمنية والمتقاعدين، إلا أن الجانب الذي يتعلق بمراجعات المواطنين إلى الدوائر الحكومية، لم يتم العمل على تنفيذه ضمن هذا المشروع، رغم أن تحقيقه سيختصر الكثير من الحلقات عبر المراسلات المباشرة. علما أن للأمر تحديات أخرى مثل ضعف المعرفة وأعداد الأمية بين المواطنين والحاجة إلى بنى تحتية متطورة ومؤسسات مؤهلة".
القضية الأخرى التي يراها المصدر الحكومي مهمة، هي "قدرة المشروع الذي يقلل من التعامل الورقي، على إنقاذ المواطنين والمواطنات من الابتزاز المالي والجنسي والرشى، وضمان كرامتهم في بيئة سليمة".

تصريحات مخالفة للنوايا

ومن الصفات السيئة التي يشهدها النظام السياسي الحالي، هي الغزارة في تقديم الوعود، والسهولة في تغييبها أو التخلي عنها. ويرتبط ذلك بالبهرجة الإعلامية التي افتعلها الكثير من المسؤولين بشأن اعتماد الوسائل الالكترونية، دون أي منجز يذكر.
الأكاديمي مزهر الساعدي، يعلق على هذه القضية قائلا: "هنالك بعض المسؤولين في المؤسسات الحكومية يدعون علانية أنهم مع الأتمتة، ولكنهم يعملون خلافا لذلك لأسباب تتعلق بالفساد، لأن اعتماد الوسائل الحديثة في انجاز المعاملات سيوقف الأموال التي يتم نهبها من المواطنين"، مبينا أن "العرقلة للمشروع تأتي من أطراف داخلية تقف خلفها جهات كثيرة منتفعة، تتلاعب بالكثير من المعاملات القانونية وتعرقلها لهذا الغرض، كما يبقى الأمر في الفترات الماضية وصولا إلى الحكومة الحالية، متعلقا بتوفر الإرادة الحقيقية لتطبيق هكذا مشروع".
وعلى هذا الأساس ينوه الساعدي إلى أن "الحديث عن الأتمتة بقي كموضوع يُستغل إعلاميا دون أي تنفيذ للحد من بشاعة الفساد، علما أن الدولة بحد ذاتها بحاجة للنهوض بالمشروع لأنه يتعلق بقضايا مهمة مثل إجراء الاحصاء وضبط نسب الفقر والبطالة وإنجاز ملفات تتعلق بالجوانب الإنسانية للمواطنين".
*************
ملاحظات حول قرار مجلس الوزراء الرقم 9 لسنة 2020
د.عادل مطلوب*
دأبت الحكومات السابقة على أدراج تعبير "الحكومة الالكترونية" في كل برامجها، لكن لم ينفذ من تلك البرامج سوى القليل جدا ذي المردود الإيجابي على أموال الدولة أو على الخدمات المقدمة الى المواطنين بشكل فعلي، مقارنة بالمعدلات العالمية لتقديم الخدمات.
وعلى الرغم من انجاز العديد من البرامج التي تخص الحوكمة / الحكومة الالكترونية، من قبل اللجان التي شكلتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والتي من خلال نشاطاتها وجهت الوزارات الى العمل على تنفيذ برامج الحوكمة / الحكومة الالكترونية. والسؤال هنا: ما الذي يجب القيام به مجددا لإنجاح القرار الأخير لمجلس الوزراء رقم 9 لسنة 2020، الذي جاء في بابه الثاني ما يلي:
"أخذ الإجراءات الملائمة بتشريع القوانين التي تطلبها عملية إنجاح الحكومة الالكترونية، وقيام الوزارات والجهات الحكومية بالإسراع في إجراءاتها لأتمتة أعمالها، خاصة في مجال أتمتة الكمارك والضريبة، وتقديم تقارير شهرية عن نسب إنجازها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء."
يؤكد هذا القرار مرة أخرى أهمية مشروع الحوكمة / الحكومة الالكترونية، في المحافظة على واردات الدولة والمال العام والقضاء على الفساد المالي، ومن ثم الوصول الى الأداء الأمثل في تقديم الخدمات الى المواطنين.
وللوصول الى مقترحات ملموسة لإنجاح هذا القرار، لا بد من الرجوع الى ما أنجز من برامج من طرف اللجان المختصة، على مستوى الأمانة العامة أو على مستوى الوزارات.
البرامج المنجزة بخصوص الحوكمة / الحكومة الالكترونية
في آخر يوم من آذار عام 2009، رُفع كتاب بالعدد 20 الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء من قبل وزارة العلوم والتكنولوجيا، التي كان يديرها آنذاك الوزير رائد جاهد فهمي، "بِشأن تشكيل لجنة تنسيق وإدارة النشاط الحكومي باتجاه انشاء الحكومة الالكترونية". في 7/4/2009 تم تشكيل لجنة برئاسة وزير العلوم والتكنولوجيا، بحسب الامر الديواني رقم 46 لسنة 2009، والتي ضمت أعضاء عن كل من: ديوان رئاسة الجمهورية، مكنب نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم احمد صالح (رئيس الجمهورية الحالي)، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة الاتصالات، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وزارة التربية، وزارة العلوم والتكنولوجيا، الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وكان من النتائج المهمة لعمل اللجنة، التنسيق مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، والذي تمخض عن ثلاثة نشاطات رئيسية:
اولا: اعداد وتنظيم مؤتمر "نحو خدمات الكترونية أفضل في العراق" في يومي 20 – 21 كانون الأول 2009، وقد شارك فيه معظم وزارات الدولة من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، إضافة إلى العديد من المحافظات التي عرضت خططها في مجال التهيئة للحكومة الالكترونية، مع مشاركة واسعة من خبرات عالمية طرحها باحثون من استونيا، الهند، إيطاليا، كولومبيا إضافة إلى مصر، وناقش المؤتمر ثلاثة وأربعين بحثا.
ركز المؤتمر على الحوكمة الالكترونية في العراق وعلى أهمية خدمة المواطن، والتعامل معه كشريك في هذه العملية وليس كمتلق لخدماتها، إضافة إلى توفير الشفافية في العمل الحكومي، مما يؤمّن أداة فاعلة لمكافحة الفساد بشتى أنواعه، والحد من استشرائه، ناهيك عن ميزاتها الأخرى التي تمس المواطن، مثل توفير الخدمات الحكومية المهمة والحيوية عبر نافذة واحدة دون قيود الزمان والمكان. وفي ذات الوقت فإن انعكاس تفعيل خدمات الحكومة الإلكترونية على الحكومة ذاتها، يكون واضحا وملموسا جراء تبسيط الإجراءات الذي ينجم عنه تقليص في هرم الهيكلية الإدارية الحكومية ومؤسساتها الخدمية، وما سيتبع ذلك من تخفيض للنفقات وتحسين للأداء وارتقاء بالنوعية.

ووضع المؤتمر في مقدمة أهدافه الوصول الى:
• إنشاء طريق للتوصل إلى اتفاق، باستخدام نهج أصحاب المصلحة لوضع أولويات الإدارة الالكترونية واستراتيجيات التنفيذ.
• اقتراح السياسات التي تدعم مبادرات الحوكمة الالكترونية.
• صياغة آليات تنفيذ الحوكمة الالكترونية في العراق.
• توحيد مفهوم الحوكمة في جميع القطاعات وتعزيز الحاجة إلى إضفاء الطابع المؤسسي على العملية.
• بناء التطبيقات الناجحة في بعض الإدارات الحكومية.
ثانيا: عقد اجتماع دولي رفيع المستوى حول الحوكمة الإلكترونية في أربيل في ايام 12-15 نيسان 2010، تم الرجوع فيه إلى مفهوم الحوكمة الالكترونية في” قمة الألفية “، والذي ثُبّت فيه أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تدعم الحكومات الوطنية للوصول إلى” الأهداف الإنمائية للألفية“ من خلال تعزيز الحكم الرشيد. وقد طرح مفهوم الحكومة الالكترونية بحسب الأمم المتحدة لسنة ،2010 ان” الحكومة الالكترونية هي وسيلة لتعزيز قدرة القطاع العام، جنبا إلى جنب المواطنين لمعالجة القضايا الإنمائية المحددة“. في حين اوضح مفهوم الحوكمة الالكترونية حسب أمانة الكومنولث لسنة 2000، أن” الحوكمة الالكترونية تسعى لتحقيق العمليات والهياكل لتسخير إمكانيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف مستويات الحكومة والقطاع العام وما بعده، من أجل تعزيز الحكم الرشيد”. وعرفت خطة التنمية الوطنية العراقية لسنوات 2010 - 2014 الحكم الرشيد بأنه مفهوم واسع يتضمن الآليات والعمليات والعلاقات والمؤسسات التي يعبر من خلالها المواطنون عن مصالحهم ويمارسون حقوقهم وواجباتهم ويسوون خلافاتهم عبر:
• تطوير قدرات الدولة العراقية وتمكينها من أداء وظائفها الأساسية.
• تقديم الخدمات التي تستجيب لاحتياجات المجتمع.
• تحديث القطاع العام.
• الاتجاه نحو المزيد من اللامركزية.
• الحد من ظاهرة الفساد.
وإن من أولويات الخطة لتحسين قدرات الدولة: الشفافية، الاستجابة، الرأي الجماعي، الفاعلية والكفاءة، سيادة القانون، بناء الشراكات، العدالة والشمول، المساءلة.
لقد انعكست هذه المفاهيم الأساسية في خطة عمل الحكومة العراقية، وحددت الرؤية الإستراتيجية للحوكمة الالكترونية في العراق في هذا الاجتماع على النحو التالي:
"يوظف العراق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات العامة، لتعزيز الحكم الرشيد ومشاركة المواطنين وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وتأكيد الشفافية والمساءلة والكفاءة والفاعلية في العمل الحكومي، للوصول إلى اقتصاد متنوع تنافسي مبني على المعرفة“
ووضعت خطة عمل الحوكمة الإلكترونية التي شملت تسعة عناصر أساسية، حددت خلالها المهام الرئيسية ذات الأولوية لكل واحد من العناصر الأساسية التسعة، والتي تضم:
• التوعية والاتصالات
• القدرات البشرية
• الملائمة والمعايير والتطبيقات
• المؤسسات وإدارة التغيير
• الإطار القانوني
• البنية التحتية للاتصالات
• إدارة الموارد المالية
• المراقبة والتقييم
• توصيل الخدمات للمواطن
وقد تمت مراجعة هذه المهام في اجتماع رفيع المستوى في عمان في الفترة 13-17 تشرين الثاني 2011 وأضيفت اليها مهمة عاشرة تخص البيانات وأنظمة المعلومات، كذلك وضع مؤشرات أداء لرصد وتقييم الحوكمة الالكترونية وتقييم الجاهزية الالكترونية داخل مختلف المؤسسات العراقية.
بجانب هذا، تم تنفيذ العديد من المبادرات الهامة الأخرى، مثل:
- إطلاق البوابة الإلكترونية للعراق e-Iraq Portal في تموز 2011 (www.egov.gov.iq) .
- إطلاق وثيقة إطار التخاطب البيني الحكومي والتصميم المعماري للمؤسسات الوطنية.
- وضعت أربع استراتيجيات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخطة تحول للصحة الإلكترونية، والتعليم الالكتروني، والخدمات البلدية الإلكترونية، والسجلات الشخصية الإلكترونية للمواطنين، وصياغتها واعتمادها في كل وزارة معنية في أيلول 2011.
- في أعقاب قرار الحكومة العراقية مواصلة وتوسيع نطاق التدريب لجميع الموظفين الحكوميين على جميع المستويات، باعتباره واحدا من الأنشطة ذات الأولوية العليا لبرنامج الحوكمة الإلكترونية في العراق، حيث كان لتقديم مجلس الوزراء التخصيص اللازم أثره الكبير في تغيير طابع علاقة التعاون مع البرنامج الانمائي للأمم المتحدة، كون العراق أصبح مساهما ماليا في النشاطات المشتركة.وقد وفر هذا إمكانية زيادة عدد المتدربين الى 200 مدرب رئيسي في سلسلة من خمس برامج تدريبية حتى نهاية عام 2011؛ وقاد المدربون التدريب الوطني على الحوكمة الإلكترونية في مراكز التدريب في المركز وفي العديد من المحافظات المركزية والمحلية حتى وصل الى 10000 مسؤول في عام 2012.
- تم تصميم وتطوير آلية ملائمة ومؤشرات أداء لرصد وتقييم الاستعداد الإلكتروني ومراجعة خطة عمل الاستراتيجية للحوكمة الإلكترونية، في ضوء التقييم الناتج في نوفمبر 2011.
- تمت استضافة اجتماع عام حول الحوكمة الإلكترونية للمسؤولين رفيعي المستوى من الحكومة المحلية للقيام بدورها في تنفيذ الحوكمة الإلكترونية لتمكين التعاون والتنسيق بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية وبين السلطات المحلية، حيث تم اتخاذ قرار جماعي وصياغة اطر التوجه الاستراتيجي للحكومة المحلية الإلكترونية (20 إلى 27 نوفمبر 2011).
- تم تطوير استراتيجيات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخرائط طريق لمحافظتين إلكترونيتين محليتين رائدتين. (26 تشرين الثاني حتى 1 كانون الاول 2011) استهدفت محافظتي ميسان ونينوى.
- أسست لجان للحوكمة الالكترونية في كافة المحافظات وتم ربطها باللجنة الوزارية الوطنية المشكلة بموجب الأمر الديواني رقم 46.
- وسعت اللجنة الوزارية للحوكمة الالكترونية بموجب الأمر الديواني 46 لتشمل 12 وزارة جديدة إضافة الى هيئتين مستقلتين، حيث أصبح العدد الكلي للوزارات المشاركة 21 وزارة إضافة الى إقليم كردستان وسبعة ممثلين عن هيئات ومكاتب مختلفة.
- تم وضع الوثائق التالية كدليل عمل لتنفيذ برنامج الحوكمة:
1. الادوات والتقنيات لدليل تطبيق وادارة معمارية المؤسسات الوطنية العراقية.
2. الضوابط القياسية الوطنية العراقية لأجل تصميم وادارة الموقع الإلكتروني للقطاع العام.
3. تخطيط وارشادات وتصميم نظام المعلومات الجغرافي.
4. تطبيق وادارة معمارية المؤسسات الوطنية العراقية.
5. تقييم جاهزية التحول الالكتروني.
6. سياسة البيانات العامة.
7. معمارية المحافظات الالكترونية العراقية ذات المستوى العالي.
ان كل هذه الإنجازات تم إهمالها وركنها جانبا بعد صدور الامر الديواني رقم 45 لسنة 2016 ، الذي نص على تشكيل لجنة جديدة تحت إشراف مكتب رئيس الوزراء، وألغي الامر الديواني رقم 46 لسنة 2009.

المقترحات

نص القرار الأخير لمجلس الوزراء رقم 9 لسنة 2020 على "أخذ الإجراءات الملائمة بتشريع القوانين التي تتطلبها عملية إنجاح الحكومة الالكترونية.....". وإن هذه الإشارة في غاية الأهمية لنجاح تطبيق برنامج الحوكمة / الحكومة الالكترونية؛ لذلك فمن الضروري حل الاشكالات في ما يتعلق باللجنة القانونية في مجلس النواب، والتي تخص قانون الهيأة الوطنية للمعلومات؛ ومعالجة استمرار تزاحم المصطلحات الفنية ذاتها، التي تعنى بقطاع الاتصالات والمعلومات لمسودات القوانين (قانون الاتصالات، قانون هيئة المعلوماتية) الامر الذي أدى الى أمرين:

- الأول
عدم تشريع إي من هذه القوانين نظرا للتداخل فيما بينها وتكرار إدراج ذات المصطلحات الفنية والمهام في هذه التشريعات.

- الثاني
تولدت قناعة لدى اللجان بأن هذه التشريعات تؤسس لهيئات لا توجد حاجة لها، كونها تثقل كاهل الدولة.
إن تعدد التشريعات لا يعني تعدد الهيئات الخاصة بتلك التشريعات، لا سيما وأن العراق تنتظره حزمة من التشريعات حتى يبلغ مصاف الدول التي تسعى لتطبيق الحوكمة، والتي تشمل مشاريع القوانين التالية:
- قانون المعاملات الالكترونية.
- قانون العقود الالكترونية.
- قانون حق الاطلاع على المعلومة.
- قانون حماية البيانات الشخصية.
- قانون جرائم المعلوماتية.
- قانون التجارة الالكترونية
وان ايا من هذه القوانين لا يمكن إن يكون جهة قطاعية معنية بتوفير خدمات؛ وأن تكون هي التي تضع معايير ومراقبة الالتزام بها.
إن هدف تأسيس الهيئة لا يقتصر على بناء مركز وطني (بالرغم من أهميته) وإنما لأجل وجود مؤسسة تعتمد إستراتيجية وطنية موحدة للتحول نحو مجتمع معلوماتي.
ولا بد هنا من الإشارة الى أن المفترض ان يكون لكل وزارة أو هيئة مركز معلومات ومنصة برمجيات حسب طبيعة الاعمال والخدمات التي تقدمها، وان الغرض من المركز الوطني المشار اليه في قانون الهيئة هو مشاركة كافة مراكز البيانات بقاعدة موحدة تشترك فيها هذه المؤسسات.
أما بخصوص الجهة المشرفة على مشروع برنامج الحوكمة / الحكومة الالكترونية، فمن الضروري أن تكون بالمواصفات التالية:
1. تحت إشراف رئيس الوزراء.
2. إن يكون الأعضاء الرئيسيون فيها من ذوي الاختصاص، وتكون سيرهم الذاتية معلنة لمن يرغب بالاطلاع عليها، ويتم اختيارهم بشكل شفاف وفق معايير النزاهة والكفاءة والمهنية.
3. أن تكون اللجنة ملزمة بالرجوع الى ما تم إنجازه من وثائق الحوكمة الإلكترونية، التي اقرت من قبل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومجلس الوزراء. واعتماد الكادر من الـ 10000 الذين تم تدربيهم على برنامج الحوكمة الإلكترونية والمنتشرين في كل محافظات العراق، منعا لهدر المال العام.
4. إن تكون الجهة المشرفة هي صاحبة القرار النهائي في تبني ما تم إقراره من وثائق أو إعداد وثائق جديدة، موضحين الأسباب التي تدعو للأنفاق الجديد.
وقد يكون من المفيد هنا التذكير بالاقتراح الذي تم طرحه على نائب الأمين العام لمجلس الوزراء في حينه، حول ما يمكن إنجازه كحد أدنى وبالكادر المتوفر، لكيانات تكنولوجيا المعلومات المنتشرة: القيام برقمنة الوثائق الورقية وأرشفتها بحسب وثيقة التخاطب البيني ووثيقة سياسة البيانات العامة، اللتين وزعتا على كل مؤسسات الدولة. واخيرا فإن المتطلبات المالية لهذه العملية زهيدة، واحتياجاتها من الكادر متوفرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مستشار سابق لوزارة العلوم والتكنولوجيا
************
ص6
الخرطوم - قرشي عوض
طريقان امام الانتقال السياسي في السودان، اما التحول الديمقراطي الكامل او الارتداد الى النظام القديم. في وقت تنشط فيه الثورة المضادة من خارج تشكيلة السلطة وتمد اياديها لحلفائها في داخلها. كما يظهر من خلال النشاط المحموم للسيد الصادق المهدي زعيم حزب الامة، الذي يسعى للتحالف مع بقايا النظام القديم، ويقدم الدعم لوزير المالية الذي يعلن بصراحة اعتزامه السير في طريق صندوق النقد والبنك الدوليين. كذلك رفض حزب الصادق لنقاط في البند السادس من ميثاق الامم المتحدة، الذي تطالب الحكومة بوضع البلاد تحته. وسعي الرجل لتكوين جبهة سياسية اخرى، سماها بالقوى الجديدة تضمه مع حلفاء اليوم واعداء الامس، معمقاً الخلافات التي تكاد تعصف بوحدة قوى الحرية والتغيير. في الوقت الذي يتم فيه استهداف لجان المقاومة التي تحرس الثورة من قبل اعداء التغيير.
عودة الى ما انجز

رغم اهمية كل ما يعترض مسيرة الثورة من خلافات داخل مكونات الحاضنة السياسية (قوى الحرية والتغيير) كما تعكسها المحاصصات في تعيين ولاة الولايات، وتحديد نسب المجلس التشريعي، والخلاف الاخير حول اختيار قيادة تجمع المهنيين، حيث افضت الانتخابات وسطه الى نتيجة رفضتها 6 مكونات من اصل 18 مكون بالرغم من عدم اعتراضها على صحة اجراء العملية الانتخابية، مما يشير الى ان هناك تفاهمات خارج الغرف لم يتم الوفاء بها، الا ان اخطر العقبات امام مسيرة الثورة تتمثل في الاعتراض الذي تقدم به حزب الامة اكبر تكوينات اليمين السوداني داخل التحالف الحاكم، على اشياء يبدو انها قد حسمت سلفاً، ولكنه يحاول ان يعيد النظر فيها من جديد، مثل علمانية الدولة. حيث اتفقت المعارضة السودانية التي تشكل التحالف الحاكم اليوم، باستثناء حزب السيد محمد عثمان الميرغني راعي الطريقة الختمية، منذ عام 1995 في مؤتمر اسمراء للقضايا المصيرية على اقامة الحقوق والواجبات على اساس المواطنة ومنع التمييز على اساس الدين او العرق او الجهة او النوع.
وبعد انقسام المعارضة ثم التقائها مرة اخرى في تحالف قوى الاجماع الوطني، وتوقيعها على عدة مواثيق اخرى مثل ميثاق قوى الاجماع الوطني نفسه، الذي وقعت عليه كل الوان الطيف السياسي الفاعلة بما فيها حزب المؤتمر الشعبي، الجناح الاخر من الحركة الاسلامية بتوقيع حسن الترابي شخصياً، كذلك في وثيقة اعادة هيكلة الدولة السودانية وميثاق الحرية والتغيير الذي قاد الثورة الى النصر، الا ان بند اقامة الحقوق والواجبات على اساس المواطنة ظل ثابتاً، ولم يدعُ احد الى مراجعته. ويبدو ان الحوار انفتح حوله من جديد بعد مطالبة حركة عبد العزير الحلو، التي تحمل السلاح في منطقة جبال النوبة، بالعلمانية او حق تقرير المصير لمنطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الازرق.
حينها وجدت قوى اليمين يقيادة الصادق المهدي الفرصة مواتية امامها للتحلل من التزاماتها القديمة، وطالبت بارجاء حسم علاقة الدين بالدولة الى حين انعقاد المؤتمر الدستوري. مما خلق وضعا اهتبلته قوى الاسلام السياسي وسارعت الى تاييد حزب الامة ودعم تحركاته في ارياف السودان المختلفة. ذلك بعد قيام رموز حزب المؤتمر الوطني بزيارات الى منزل السيد الصادق، مهللين ومباركين خلافه مع قوى الحرية والتغيير بعد تجميد عضويته فيها.

جند يتيم

وحتى لا يطرح السيد الصادق جنداً يتيماً في مواجهة قوى الثورة، حشد مذكرته التي اعلن من خلالها تجميد عضوية حزبه في التحالف، بعدد من المطالب. اعترض في بعضها على استيساد احزاب صغيرة بادارة شئون البلاد، من تقسيم السلطة وفق محاصصات حزبية تظهرها قائمة ترشيحات الولاة، مما يعتبر خروجا على ميثاق الحرية والتغيير الذي ينادي باقتصار تشكيل الحكومة على الكفاءات المستقلة. واضاف المهدي الى طلبه هذا تشكيل حكومات الولايات وفق الثقل الجماهيري لكل حزب، بالرجوع الى نتيجة اخر انتخابات جرت عام 1986، والتي احرز فيها حزب السيد الصادق 101 دائرة جغرافية، وشكل الحكومة بالتحالف مع نده التقليدي حزب الاتحادي الديمقراطي .
لكنها حكومة لم تشهد استقرارا واعيد تجديدها 3 مرات بادخال الجبهة القومية الاسلامية. ثم ادخال تنظيمات يسارية في اخر مرة حتى اطاح بها انقلاب الجنرال البشير، ولم تخرج الجماهير التي انتخبتها للدفاع عنها، لكثرة الاخطاء التي وقعت فيها واشتداد الازمة الاقتصادية في عهدها نتيجة تنفيذ وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين.
كما ادرج المهدي في مطالبه، ووضعها كشرط للعودة لتحالف الحرية والتغيير، رفض بعض النقاط في البند السادس من ميثاق الامم المتحدة، الذي طالب حمدوك بوضع البلاد تحته وقبلت المنظومة الدولية. واكد ضرورة ان يتوقف التدخل الدولي على الجوانب التنموية، والمساعدة في استقرار النازحين واعمار ما دمرته الحرب. ورفض الجانب المتعلق بالاصلاح القانوني والاشراف على تنفيذ الاعلان الدستوري خلال الفترة الانتقالية، حتى اقامة الانتخابات وحماية الاهالي.
وفي ذلك وجد تاييداً منقطع النظير من قبل احزاب الاسلام السياسي وبعض العسكريين في المجلس السيادي. وقد لمح الصادق في بعض الحوارات الصحفية الى انه بصدد تكوين تحالف جديد يضم بعض الاحزاب التي وصفها بالجادة في الحرية والتغيير وبعض لجان المقاومة. لكن كل المؤشرات تؤكد ان تحالف القوى الجديدة كما سماه الصادق سوف يشمل الاسلاميين من المؤتمر الشعبي والتكوينات المختلفة مع المؤتمر الوطني وربما يشمل الاخير نفسه. فالسيد الصادق اشار في مذكرة العهد الجديد التي طرحها للتداول داخل الحرية والتغيير الى ضرورة انتهاج طريق توجه راسمالي، بعيداً عن الطريق الاشتراكي الذي اثبتت التجارب العالمية فشله حسب زعم الصادق. وبما ان مواثيق الثورة وادبياتها لم تشر لا من بعيد ولا من قريب الى توجه اقتصادي اشتراكي، ولان الحوار لم يكن في فضاءات حرة او مساجلات فكرية، فان المقصود هو ما طرحته اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير من اجراءات لوقف التدهور الاقتصادي، والدعوة الى الانطلاق في معالجة الازمة الاقتصادية من مستوى الاقتصاد السوداني واعتماد معالجات موضوعية تعتمد على الامكانيات الذاتية ممثلة في ولاية وزارة المالية على الشركات الحكومية ودخول الحكومة في مجال التصدير والانتاج خاصة في مجال المعادن وارجاع اموال الشعب المنهوبة ودعم الانتاج. وهي سياسات وصفها وزير المالية المتلهف لتلقي القروض الدولية بانها غير واقعية وعفى عليها الزمن. كما طالب الصادق بتوجيه الدعوة الى حزب المؤتمر الوطني المحلول لتقديم نقد ذاتي لفترة حكمه السابقة بهدف استيعابه في المرحلة الحالية.
ان تجميع كل هذه النقاط الى بعضها يشير بوضوح الى ان مشروع الردة على اهداف ومطالب ثورة كانون قد اكتمل، وان عملية الفرز وسط القوى السياسية تنتظر الاعلان عنها.

سيناريو متوقع

السيناريو المتوقع هو تهيئة البلاد لانقلاب عسكري سلمي او انقلاب قصر، يقوم فيه الجيش او المكون العسكري في مجلس السيادة باحكام قبضته على السلطة، وحل جميع الاجهزة الانتقالية بدعوى تامين البلاد وحفظ استقرارها ومنع الفوضى. وتتكفل عناصر النظام المباد بتجهيز الملعب لذلك من خلال اشاعة الفوضى والدخول في مشادات مع لجان المقاومة عبر الاستفزاز المباشر لقوى الثورة ، مثل الدعوة لكسر الحظر الصحي، وحشد تجمعات جماهيرية مضادة للثورة. وهي محاولات باءت بالفشل في عدة مدن منها الخرطوم وكوستي وسنار، بعد ان قام الثوار بفض اجتماعات لعناصر المؤتمر الوطني. كما اعترضوا على مواكب في الخرطوم وافشلوها. وقامت عناصر بالاعتداء بالضرب على كوادر النظام اثناء محاولتهم كسر الحظر بالسفر عبر الولايات. وقد اعلنت لجان المقاومة عدم مسؤوليتها عن هذه الاحداث وجددت دعوتها لسلمية الثورة.
في هذه الاثناء انطلقت دعوات تطالب بتحجيم دور لجان المقاومة، بعد ان نسبت احداثا لها بهدف اثارة حفيظة الجماهير ضدها، مثل حادثة الاعتداء على خلوة لتحفيظ القران وضرب احد طلابها. والمعروف ان لجان المقاومة قد اوكلت لها لجنة الميدان في قوى الحرية والتغيير مهمة الاشراف على توزيع الخبز والغاز والوقود في الطلمبات. وقد حدت هذه العملية من التلاعب في هذه السلع التي كان ينشط فيها عناصر النظام المباد.
من مظاهر الفوضى التي تعمل على تهيئة الاوضاع لانقلاب عسكري النزاعات القبلية التي عادت في مدن كسلا والقضارف ومنطقة جبال النوبة الواقعة تحت سيطرة الحكومة. لكن لجان المقاومة من كل القبائل تحركت لاحتواء الموقف وشكلت لوحة رائعة لتماسك النسيج الاجتماعي، واكدت ان ما يحدث هو بفعل وفاعل وتدبير من قوى الثورة المضادة. وقد تطور الوضع في مدينة كادوقلي حتى قاد الى اشتباك وسط القوات النظامية بين حامية الجيش هناك ومعسكر قوات الدعم السريع.
هذا فيما حمل اكثر من 20 تنسيقية من لجان المقاومة الحكومة الانتقالية مسؤولية ما يحدث. وذكرت تلك التنسيقيات في بيان لها يوم الثلاثاء الماضي ان الحكومة تقاعست في تصفية اثار النظام القديم ولم تقم بتلبية مطلوبات الثورة وتركت الحبل على الغارب لعناصر الثورة المضادة، ومنهم المطلوبين للعدالة الدولية ليقوموا بتفتيت النسيج الاجتماعي واشعال الفتنة بين مختلف القبائل، ومنهم من ينتسبون الى داعش ويؤلبون الجماهير ضد الثورة، وبضمنهم كتائب الظل التابعة للمؤتمر الوطني التي تتحرش بالثوار. وحذرت لجان المقاومة من استهدافها من قبل عناصر الثورة المضادة عبر اطلاق الشائعات، وحملت الشرطة والقوات الامنية المسؤولية عما يحدث من تفلتات امنية تنشط فيها عناصر مكشوفة ومعروفة.
ومن جانبه حذر الحزب الشيوعي من قيام اصطفاف جديد معادي لاهداف الثورة، وحمّل حزب الامة المسؤولية. وشدد الحزب الشيوعي في بيانٍ اصدره الناطق الرسمي فتحي الفضل على ضرورة وحدة قوى الثورة في مواجهة مخططات الردة التي تقودها عناصر الثورة المضادة وقوى الهبوط الناعم داخل تحالف قوى الحرية والتغيير، بقيادة حزب الامة وزعيمه الصادق المهدي.
وبذلك تكون الثورة السودانية تقف بالفعل في مفترق طرق يتجاذبها تياران، احدهما يميني يحشد كل قوى السودان القديم التي عملت على اجهاض كل الفرص التي لاحت للتحول الديمقراطي منذ استقلال البلاد، ويجتذب اليه هذه المرة بعض العناصر المتطلعة للعب دور سياسي الى جانب اصحاب الاجندة الدولية والاقليمية والخبراء الدوليين، وآخر تقوده قوى اليسار خاصة الحزب الشيوعي، وتصطف الى جانبه قوى الثورة ممثلة في غالبية كيانات تجمع المهنيين ولجان المقاومة.
****************
نحو 35 مليون امريكي بلا عمل ولا ضمان صحي
كورونا يعمق الانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة
رشيد غويلب
ليس هناك مايشي بتوقف الانحدار في سوق العمل في الولايات المتحدة الامريكية، منذ اذار الفائت، وبسبب استمرار ازمة الوباء بلغ عدد العاطلين عن العمل، حتى منتصف ايار الحالي، وفق معطيات وزارة العمل الأمريكية، اكثر من 33 مليون خلال هذه المدة القصيرة، والرقم آخذ بالتصاعد، في حالة لم تشهدها البلاد سابقا.
والارقام التي اعلنتها الوزارة تعكس التطور الحاصل حتى 9 ايار. وفي ضوئها يتوقع المختصون زيادة تتراوح بين 2 الى 3 مليون عاطل جديد. وفي الاسبوع قيد الرصد، قدم 3,2 مليون طلبات معونة العاطلين. وقبل انتشار كورونا كانت الطلبات لا تتجاوز 100 ألف طلب في الاسبوع. ويقول الخبراء ان عدد الطلبات يمثل مؤشرا موثوقا بشان التطور الذي يشهده سوق العمل.
وبلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة في نيسان الفائت 14,7 في المائة، وبسبب اخطاء في حساب التصاعد قالت السلطات المختصة حينها ان النسبة الحقيقية تصل الى 20 في المائة. وهذه النسبة الرسمية تعكس وضع درامي في سوق العمل الامريكية، واذا ما اضفنا الى القائمة العاملين لفترات قصيرة، الذين لا يحق لهم اصلا تقديم طلب المعونة، وكذلك العمال غير المسجلين باوراق رسمية، فان نسبة البطالة تصل الى 25 في المائة، وهي اعلى نسبة منذ الحرب العالمية الثانية. وقبل انتشار الوباء كان معدل البطالة الرسمي في الولايات المتحدة منخفضا جدا 3,5 في المائة فقط.
ويعاني العاطلون من الصعوبات الفنية التي تحول دون استلامهم المعونة ، وكذلك مبلغ 1200 دولار المخصص خلال ازمة الوباء لدعم المواطنين المحتاجين، فنظام التسجيل الألكتروني غير مناسب لهذا الاعداد الهائلة من مقدمي الطلبات. ومن جانب آخر تكون العرقلة مقصودة، لقد قام الحاكم الجمهوري السابق لفلوريدا ، ريك سكوت ، بتغيير النظام الالكتروني، وجعله مملا من خلال العديد من الأسئلة والتطبيقات المتكررة. بهدف ضغط المبالغ المصروفة للعاطلين، وبالتالي يمكن للحاكم أن يتباهى بأن عدد العاطلين في ولايته اقل من الولايات الأخرى.
وفي ضوء المعطيات المتوفرة ليس هناك امكانية لتحديد السقف الزمني الممكن لتجاوز معدلات البطالة الاستثنائية. لقد كانت نسبة البطالة اثر الأزمة الاقتصادية المالية 2007 / 2008، قرابة 10 في المائة، واحتاج الأمر 6 – 8 سنوات لتجاوز المشكلة. وخلال سنوات الكساد الكبير بلغت نسبة البطالة 25 في المائة، وهي قريبة من النسبة الحالية، لذلك يصعب حتى على المختصين تحديد السقف الزمني المطلوب لتجاوز ازمة البطالة الراهنة.
وتشير تقديرات البنك المركزي الامريكي إلى أن البطالة قد تصل إلى 30 في المائة . وحتى لو عادت المرافق العامة لسابق عهدها، فان الكثير من الناس سوف لا يرتادون المطاعم أو دور السينما أو الحفلات الموسيقية على الفور ، بسبب الخوف من الإصابة بالعدوى. وسيحتاج الاقتصاد وقتًا أطول ليعود ثانية الى ما قبل انتشار الوباء. وخلال هذه الفترة ستعلن العديد من الشركات افلاسها.

الانسان ليس سلعة
وفي الولايات المتحدة، في الغالب، يؤدي فقدان العمل الى فقدان التامين الصحي. ووفق دراسة اجرتها مؤسسة عائلة القيصر، سيؤدي ققدان العمل الى فقدان 27 مليون مواطن تامينهم الصحي، لان التامين الصحي يجري من خلال ارباب العمل، وعلية سيكون من الصعب جدا على العاطلين الاستمرار في دفع تكاليف التامين الصحي لهم ولعوائلهم.
وتفترض الدراسة أن حوالي 21 مليون مواطن يمكن أن يأملوا في الحصول على مساعدة الدولة بعد فقدان التأمين الصحي عبر رب العمل ، بما في ذلك قرابة 6 ملايين طفل مؤمن عليهم. ولكن بسبب العوائق البيروقراطية أو الدعم غير الكافي، من المرجح أن يبقى الكثيرون في خلال ازمة الوباء بدون تتأمين صحي، وتشير الدراسة ايضا إلى ان قرابة 6 ملايين عاطل سيكونون غير مشمولين بالدعم الحكومي.
ومعروف ان الولايات المتحدة التي تتزعم البلدان الرأسمالية المتقدمة، هي البلد الوحيد الذي يفتقر الى تامين صحي عام. وقبل انتشار الوباء كان هناك 28 مليون مواطن يمثلون قرابة 10 في المائة من مجموع السكان بدون تامين صحي، والآن مع تصاعد نسب البطالة سيتضاعف العدد. لقد وسع الرئيس الامريكي السابق اوباما دائرة المشمولين بالتامين الصحي، ولكن ترامب الساعي الى دورة رئاسية ثانية يريد ان يلغي التغييرات، او ما يسمى بـ" رعاية اوباما".
ومعدل تكلفة التامين الصحي في الولايات المتحدة عالية جدا، ويبلغ المعدل للفرد 10500 دولار سنويا، مقابل 6 آلاف لنظيره الالماني. وهناك على الأقل ثلاثة انواع من التامين الصحي في الولايات المتحدة هي: الخاص والحكومي، وتامين المصانع للعاملين. ويمثل التامين الصحي تجارة رابحة تدر مليارات الدولارات.
يبدأ التامين الخاص من ألف دولار شهريا، يضاف الى ذلك ما يدفعه المريض عن مراجعة الطبيب، وهو مبلغا يتراوح ما بين 10 – 50 دولار. ويقدر سنويا بـ 5 آلاف دولار على المواطن تامينها قبل الحصول على التامين. ولذلك فالسؤال الأول في عيادة الطبيب عادة ما يكون عن البطاقة المصرفية.
لقد كان عدد المواطنين فاقدي التامين الصحي 45 مليون، خفض العدد في عام 210 ، نتيجة لاجراءات الرعاية في عهد اوباما الى الثلثين. وبفعل الأزمة سيضاف 20 مليون جديدة، ناهيك عن الزيادة الطبيعية في عدد السكان خلال العقد الأخير. بالاضافة الى ذلك يعاني 80 مليون مواطن من نقص في التامين الصحي، لذلك هناك حالات انتحار كثيرة بسبب الفقر والضائقة المالية.
النقاش حول نظام التامين الصحي مفتوح منذ سنوات، والناس يريدون نظام تأمين صحي ممكن للجميع، يؤمن مخاوفهم ويزيل عن الكثيرين منهم حسابات السنت الاخير ، لكن الجمهوريين يعتقدون أن حرية السوق تنظم كل شيء، وما عدا ذلك فهو دعوة الى الاشتراكية وعمل شيطاني.هناك حاليا حراك بطيء داخل الديمقراطيين، فحتى رموز اليمين مثل جو بايدن وهيلاري كلينتون ، دعوا اخيرا إلى تأمين صحي شامل .

اجراءات حكومية ولكن!


كانت الحكومة والكونغرس الامريكي قد اطلقا نهاية اذار حزمة دعم لمواجهة الوباء بلغت 2,7 بليون دولار(البليون يساوي الف مليار دولار) لدعم الاقتصاد المتراجع. ويعمل الديمقراطيون الذين يمتلكون اكثرية في البرلمان، على اطلاق حزمة اخرى بقيمة 3 بليون دولار، ولكن الاكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ ستعيق تمرير المشروع. وعلى شاكلة البلدان الراسمالية الأخرى سيبنى توزيع تخصياصات هذه الحزم على اعطاء الأولوية للشركات والبنوك الكبرى، في حين تبقى الشركات الوسطى والصغيرة وملايين الفقراء بعيدة عن الاستفادة الجدية والمباشرة من هذه التخصيصات.
كان الاقتصاد الأمريكي، حتى شباط مازال معافى ، وتم تسجيل ارتفاعات في مؤشرات البورصة، وتوقع الخبراء نموًا اقتصاديًا بحوالي 2 في المائة. لكن الانتشار السريع للفايروس في بداية اذار انهى الآفاق الاقتصادية الجيدة، وتتجه الولايات المتحدة الآن نحو ركود عميق. وما يحدث مقلق للغاية بالنسبة للرئيس دونالد ترامب: فهو يبذل كل ما في وسعه للفوز بولاية ثانية.

هل يعود الديمقراطيون
الى البيت الابيض؟

وستتاثر نتائج الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، بعواقب ازمة كورونا الاقتصادية. خلال ازمة 2008/2009 ، كان الأمر مختلفا، عندما اضطر العمال البيض في المصانع وعمال البناء إلى الشكوى بشكل متزايد من فقدان الوظائف. يوجد الآن عدد كبير بشكل غير متناسب في مهن الخدمة والسياحة والقطاعات الأخرى حيث يتأثر عدد أكبر من النساء وأبناء الأقليات. لقد تم فقدان ما يقرب من نصف جميع فرص العمل في قطاع السفر ، وحوالي 12 في المائة فقط في البناء والمصانع،اي ان ناخبي الديموقراطيين هم الأكثر تضررا من الأزمة. وهذا يفسر الى حد بعيد عدم تعرض الجمهوريين حتى الآن الى ضغوط كبيرة لاتخاذ قرار بشأن المساعدة بعيدة المدى للمتضرريين.
ولهذا يفترض المختصون في العلوم السياسية: إذا كان الوضع الاقتصادي سيئًا ، فسيعاقب الرؤساء على ذلك. ويمكن أن تتكرر تجربة باراك اوباما، ففي ازمة 2008 /2009 تضررت اوساط واسعة من الشبيبة ، و حركات اجتماعية مثل حركة "لنحتل الوورد ستريت". فهل تسهل الأزمة مهمة الديمقراطيين في العودة الى سدة الحكم؟
***********
ص7
ذاكرة ترحال أدبية: مهدي عامل وشجاعة احتمالات الموت
يمنى العيد*
في أواخر شهر تشرين الأول من العام 1967 كان لقائي الأول به. لا أدري لماذا حين سلَّم عليَّ معرِّفاً بنفسه، راودتني صورة الجموع التي كنتُ قد شاهدتها قبل أشهر في تظاهرة احتجاج على هزيمة حزيران (يونيو). ربما هي تعابير وجهه ولباسه البسيط وضعاه متموِّجاً، كشبيه، في تلك المظاهرة.
في ما بعد، وكان وجوده قد صار أليفا، أخبرته بحكاية الشبيه في تلك المظاهرة. هكذا انفتح الحوار بيننا ليستمر على مدى عشرين سنة، بدأ من صورة الشبيه للمناضل وانتهى بالمناضل الحقيقي الذي لم يعد يُحتمل، فاغتالوه.
تحملني ذاكرتي اليوم إليه، وقد وصلني عتابه: “لا زلتُ أنتظر زيارتك لي، لذلك الزمن الذي كنا نتحاور فيه. تقرأين ما أكتب وتطرحين عليّ أسئلتكِ… كنتُ وأنا أجيب عليها وأشرح أفكاري، أقول لكِ بأن ذلك يجعلني أتعمَّق في ما أكتب وأستوثق منه”.
وكنتُ أبتسم مدركةً غايتكِ ممّا تقول. تودُّ إفادتي بدون أن أشعر بأني أتعلّمُ منك. هو نبلكَ الذي لم يحتمله الآخرون.
سأعود بذاكرتي اليوم إليكَ… إلى بعض الأوراق التي وجدتُها صدفة بين ملفاتي، سأستعين بها لأوقظ ذاكرتي ببعض حواراتنا الفكريّة التي كنتُ أدوِّن بعضها حين أخلو لنفسي.
المفكر: البنية والاختلاف

س ـ ما هي البنية؟
ج ـ البنية هي مفهوم تاريخي. إنها مرحلة، أو زمن مخصَّص بنمط من الإنتاج. لكن بنية هذه البلاد، بلادنا المتخلِّفة، محدَّدة لا بصفتها الإنتاجيّة بل بصفة علاقتها بالرأسماليّة.
س ـ هل يعني ذلك أن الصّراع يتحدَّد بصفته صراعاً مع الرأسماليّة، أي أنه صراع سياسيّ؟
ج ـ هو كذلك، أو هو أساساً، أي في حقيقته، تناقض سياسي، ولكنه يظهر عندنا، في لبنان، كتناقض طائفي. فالطائفيّة هي الشكل الإيديولوجي الرئيس للتناقض السياسي.
س ـ ولكن الصراع يدور على الأرض بين الطوائف… فكيف يمكن أن تكون حقيقته غيرَ ذلك، أي غير طائفيّة؟
ج ـ ينتمي هذا القول، أي القول بأنَّ الصّراع هو صراعٌ طائفي، إلى الفكر التجريبي الذي يرى إلى الأمور في تمظهرها، وليس في حقائقها. الصراع الطائفي هو مظهرٌ للتناقض الرئيس الذي هو دوماً سياسي. إن هذا الصراع الطائفي هو مشروع للبنان، والسير فيه هو تجاوز للحقيقة، ويؤدي إلى الانتحار.
أتذكّر وأتساءل: هل نحن اليوم، في ما نعانيه، نسير على هذا الطريق؟ طريق الانتحار! أأتساءل وأستعيد ذاك الحوار الذي اعتمدتُ في تدوينه على الذاكرة. لكن الذاكرة لا تكفي حين الكلام على مسائل فكريّة. هكذا أعود إلى كتاب مهدي عامل “في التناقض” الذي كان يقرأ لي بعضَ صفحاته. يستوقفني مأخذه على ألتوسير وبولانتزاس، أي على عدم تمييزهما بين هذا التناقض الرئيس المسيطر، والذي هو دوماً التناقض السياسي، وبين مظاهره، لينتقد من ثمَّ النزعة الاقتصاديّة والإراديّة والذاتيّة واليساريّة.
كان مهدي يناقش مقولات الآخرين وينقضها، وذلك بالنظر فيها في إطار علاقتها بجهازها المفهومي عندهم.. فالمقولات هي أثرٌ لهذا الجهاز، وبالتالي فإنَّ نقضها يستوجب نقضه. هكذا حاول مهدي ترسيخ الحوار، لا من منطلق الواقع التجريبي، بل على أسس منهجيّة صلبة تعتمد العلم وتنتج المعرفة.
يشرح لي مهدي كيف انزاح التناقض السياسي، في لبنان، عن مستواه بحيث صار الصراع الطبقي يظهر كصراع طائفي، وصار هذا الصراع الطائفي هو المسيطر. هكذا وبدل أن يناضل المعوزون ضدَّ الأثرياء، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينيّة أو الطائفيّة، صار المعوز يقف مع الثري الذي هو من طائفته وضدَّ المعوز لأنه من طائفة أخرى. وبدل الصراع من أجل العدالة والمساواة، صار الصراع انتصاراً لطائفة ضدّ أخرى.
قول مهدي أنَّ الصّراع هو في حقيقته صراعٌ سياسي/طبقي أثار الكثير من ردود الفعل المستنكرة، فالصّراع في نظر المستنكرين كان يدور على الأرض بين الطوائف، فكيف يمكن أن يكون غير ذلك!
لكن مهدي كان يرى أن سادة الطوائف يريدون أن يكون هذا الصّراع طائفيّاً، ويعملون كي يبقى كذلك، وكي يصدق الناس أنه كذلك، عملوا على إدارة الصراع السياسي تحت يافطة الانتماء الطائفي، ففي ذلك مبرر لوجودهم في السلطة، بل ولبقائهم فيها.
أصرَّ مهدي وعمل، قولاً وكتابة، على توضيح كيف يمكن أن يكون الصّراع في مظهره غيره في حقيقته، أي كيف يمكن أن يتخذ الصّراع الطبقي/السياسي مظهراً طائفيّاً. هكذا ناقش مقولات الآخرين وعمل على نقضها بالنظر فيها في إطار علاقتها بجهازها المفهومي. فالمقولات، كما يقول، هي أثر لهذا الجهاز، وبالتالي فإن نقضها (وليس نقدها) يستوجب نقضه.
لم يتردد مهدي في مناقشة نصوص الماركسيين العرب أنفسهم. بل لعلّه، كما أذكر، أولى هذه النصوص أهميّة خاصّة، شأنه في كتابه “في الدولة الطائفيّة”. فقد انتقد استخدام بعضهم للمقولات الماركسيّة استخداماً ميكانيكيّاً، أو اعتمادها كمسلّمات جاهزة يجري إسقاطها على الواقع، ممّا يشوّه هذا الواقع ويكرّسه، بدل إنتاج معرفة به تساعد على تطويره، وربما على تغييره.
أذكر وأتذكر وأتساءل: هل كان إصرار مهدي على توضيح الحقيقة السياسيّة للصّراع الطائفي، وترسيخ أسس نظريّة منهجيّة صلبة تعتمد العلم وتنتج معرفة، سببا في اغتياله؟
ربما!
إذ لم يكن مقبولاً إزاحة الصّراع عن حدّه الطائفي لإنَّ هذا يعني، أو يؤدي إلى، إزاحة أسياد السلطة الطائفيّين عن مواقعهم فيها، فكيف إذا كان هذا الذي يوضح حقيقة هذا الصراع، مناضلاً شيوعيّاً خارجاً على كلِّ الطوائف؟
لم يكن مقبولاً أن يناضل المفكر ضد الطائفة التي ينتمي إليها، في الوقت الذي عليه أن يناضل إلى جانبها. لكن مهدي ناضل ضدَّ الطائفيّة، ضدَّها كنظام سياسي، وليس ضدَّ الطائفة. كما تصدّى لنقض الكثير من المقولات السائدة في ثقافتنا العربيّة، مثل: الأصالة والحداثة، الشرق والغرب، التخلّف والتقدّم، وموضوعة الـ أنا والآخر، والذات والموضوع… لأنها مجرد ثنائيات ترصد ولا تكشف عن حقائقها. كما ناقش عدداً من القضايا الهامّة المطروحة على فكرنا العربي المعاصر، مثل: قضيّة الفكر العدمي والفكر الهامشي، وقضيّة الطبقة المتوسّطة، وقضيّة البرجوازيّة الصغيرة…
كنتُ أسمعه يقول في بعض نقاشاتنا الفكريّة: ليس من مسلّمات ينطلق منها الفكر، بل على المفكِّر، وخاصة الماركسي، أن ينتج، أو يعيد إنتاج، مفاهيمه النظريّة بالنظر في الواقع بما لا يتنافى والاستمراريّة، أو يكرّر البدايات.
كان يقول ما يقول لأنه، كما أتذكر، بل وأعرف، كان يحبُّ الحياة، وكان ينتصر، بشجاعة، لها… شجاعة هي من النوع الذي ينطوي على احتمالات الموت.
الموت الذي ينتصر الشعرُ عليه.
الشعر الذي ينشد الحياة.

الشاعر

أتذكّر لقاءاتنا التي كنا نحتفي فيها بالشعر.
أتذكّر ذلك اليوم الذي زارنا فيه مهدي حاملاً كتابه الشعري الأول ” تقاسيم على الزمان” (1974)، تحت اسم هلال بن زيتون. قال:
ـ أنتظرُ رأياً وإن كنتُ لا أخشى قارئي.
ها أنا أتصفح الديوان وأقرأ: “لا بدَّ أن يهوي/ هذا الزمان الذي/ واقفاً يجري/ أدركتُ بالعقل هذا/ لم أكن وحدي/ معي كان الرفاق/ لكنني/ في لوعتي مما رأيت/ بقيت وحدي أنتظر/ على ضفاف الحلم/ وحدي/ سوف أهوي”.
هل كان يستشعر نهايته؟ هل كان رائياً كما كان يقول أحياناً؟
ربما!
لكن اللافت أن مهدي رفض مغادرة لبنان يوم أُخبِرَ، من قبل قيادة حزبه، بأنه مستهدف. كان ذلك بعد المعركة التي جرت في شباط/فبراير 1987، بين الشيوعيين والاشتراكيين من جهة، وحركة أمل من جهة ثانية (في رأس بيروت/شارع مدام كوري).
أتذكر تلك المعركة… كنتُ شاهدة على انتصار مقاتلي الحركة الوطنية ودخول الجيش السوري بعدها، مباشرة، منتصراً لمقاتلي حركة أمل.
لماذا؟ لماذا رفضت النجاة بنفسك؟ أسأل. وأسمعه يقول: “القضية ليست قضية فرد ينجو بنفسه، بل هي قضية وطن”.
أنت لم تغادر…
وأنا أعود بك إلى ذاك الزمن الجميل، زمن لقاءاتنا في الثانوية في صيدا، زمن الشعر، زمن إصغائنا للشاعر حسن عبد الله يقرأ من ديوانه الشعري “أذكر أنني أحببت” (1972) أبياتا من قصيدة “صيدا”. يخاطبك:
“ـ مهدي…/ ما هذا التجريد القاتل للأشياء/ ليت لي عين مهدي/
لكي أستطيع التوغل في العمر… “
مهدي… هل تسمع؟/ هل تسمع شيئاً غير هدير البحر البحر البحر البحر؟
لا تجيب، بل تقرأ من ديوانك ” تقاسيم على الزمان”:
“أنا الحدث الأول/ أهدم/ أبني/ والتاريخ بإمرة قولي ينتعل العقل بعيداً.
في نافذة العين/ أقيم/ يسطع وجهي/ حلم في حلم”.
حلم في حلم كان ذلك الزمن الجميل، الزمن الذي جمعنا في صيدا (1968-1976)، الزمن الذي لم يبق لنا منه سوى تلك الذكريات.
مهدى!
هل حقاً رحلت!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تعيد "طريق الشعب" هنا نشر مقال يمنى العيد (القدس العربي - 5 تشرين الأول 2019) احتفاء بالذكرى الـ 33 لاستشهاد مهدي عامل، التي تحل هذه الايام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مهدي عامل في سطور

- د. حسن حمدان (مهدي عامل): من مواليد بيروت 1936، ابن بلدة حاروف الجنوبية، قضاء النبطية.
- درس في مدارس المقاصد الإسلامية في بيروت.
- 1956 سافر إلى فرنسا. نال من جامعة ليون شهادتي الإجازة والدكتوراه في الفلسفة.
- 1960 انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني.
- 1963 سافر إلى الجزائر، وبقي فيها أربع سنوات معلما في دار المعلمين في مدينة قسنطينة.
- 1977 أستاذ في الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول، وبقي فيها حتى اغتياله بتاريخ 18/ 5/ 1987.
* بين مؤلفاته:
- مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني
- أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازية العربية؟
- النظرية في الممارسة السياسية - بحث في أسباب الحرب الأهلية
- مدخل إلى نقض الفكر الطائفي: القضية الفلسطينية في إيديولوجية البرجوازية اللبنانية
- هل القلب للشرق والعقل للغرب - ماركس في استشراق إدوارد سعيد
- في علميّة الفكر الخلدوني
- في الدولة الطائفيّة
- نقد الفكر اليومي
- في تمرحل التاريخ
- وفي الشعر: (تقاسيم على الزمان) و(فضاء النون)
***********
النساء يتحمّلن وزر الرعاية والتعليم المنزلي خلال الإغلاق
مايا أوبنهايم*
وجدت دراسة جديدة أنّ جائحة كورونا تزيد الفجوة بين الجنسين، مع تحمّل النساء الوزر الأكبر في رعاية الأطفال والتدريس المنزلي أثناء الحجر، سواء كنّ يعملن أم لا.
ويظهر التقرير الذي وضعته "كلية لندن للاقتصاد" LSE أنّ إمكانية خسارة الوظائف خلال الركود الاقتصادي المقبل أكبر بالنسبة للنساء بالمقارنة بالرجال لأن عدد النساء أكبر في القطاعات التي يتوقّع أن تتلقى الضربات الأقسى، إذ ترتفع أعداد النساء العاملات في قطاعات الضيافة والتسلية والسياحة والفنون، وقد سرّحت تلك القطاعات آلاف العاملين مؤقتاً أو كلياً بسبب أزمة فيروس كورونا.
ويلفت الباحثون إلى فارق جوهري بين الأزمة الاقتصادية المُرتقبة والانهيار الاقتصادي الذي وقع في 2008، يتمثّل في أنّ النساء معرّضات بشكل أكبر لخسارة وظائفهنّ بسبب عملهنّ في "قطاعات تتعرّض للإغلاق".
كذلك يشير التقرير إلى زيادة في إمكانية أن تتحمّل النساء مسؤولية التعليم المنزلي ورعاية الأطفال والأعمال المنزليّة، حتّى إن كنّ يوفّقن بين هذه المسؤوليات ومسؤولية العمل من المنزل في الوقت نفسه. ويذكر أيضاً إنّ إغلاق المدارس وأماكن رعاية الأطفال أثناء فترة الحجر، فاقم "الفروقات القائمة" في تقاسم مسؤولية العناية بالأطفال بين الوالدين.
في المقابل، ينوّه الباحثون بأنّ 20 في المئة من الأُسر أصبحت تتقاسم بتساوٍ أكبر مسؤولية العناية بالأطفال، خصوصاً أنها أُسرٌ تتألف من امرأة ورجل وأطفال، بمعنى أنها ليست أسراٌ يتولاها أحد الوالدين منفرداً.
وكذلك عزا الباحثون هذا التوجّه إلى كون الآباء يتحملون قسماً أكبر من العناية بالأطفال حالياً بسبب تسريحهم مؤقتاً أو بشكل دائم أو اضطرارهم للعمل من المنزل على خلفية "كوفيد 19".
وفي السياق نفسه، يلمح التقرير إلى أنّ حالة الطوارئ المتصلة بفيروس كورونا قد تؤدي في النهاية إلى زيادة المساواة في "الأدوار (التقليدية المُسندة إلى) الجنسين" على المدى البعيد، مع تحوّل العمل من المنزل أمراً شائعاً اجتماعياً بشكل أكبر.
في المقابل، لا تتوانى البروفسورة باربرا بترونغولو، وهي خبيرة اقتصادية شاركت في إعداد التقرير، عن الإشارة إلى إن جائحة فيروس كورونا لم تكتفِ بزيادة الفجوة بين الجنسين في مكان العمل، بل فاقمتها في دواخل المنازل أيضاً.
وأضافت، "ثمة أقليّة لا بأس بها من الأسر التي أصبح الأب فيها يتحمل القسم الأكبر من رعاية الأطفال. وهذا الأمر، إضافة إلى طريقة تكيّفنا في حياتنا العمليّة مع الإغلاق، يعطيني أملاً في ظهور مجتمع أكثر مساواة على المدى البعيد".
وفي سياق مُشابِه، تشير الدكتورة كلوديا هبكاو التي ساهمت في الدراسة، إلى أن"النساء يواجهن تحديات عظيمة. إذ يشكّلن غالبية العاملين في وظائف الخطوط الأمامية وتلك التي أُغلقت بالكامل، خصوصاً قطاع الضيافة، مع تذكر أن تلك القطاعات مُعرّضة لخطر دمار أكبر لأنه ما زال غير واضح متى ستتمكن من إعادة فتح مؤسساتها ولا المدى الذي ستصله معاودة العمل فيها".
وتضيف، "لقد أظهرت دراسات سابقة أنّ النساء يقدّرن المرونة في العمل والقدرة على العمل من المنزل. وإذا ظلّت هذه الخيارات مُتاحة مع إعادة فتح الاقتصاد، فقد تعزّز قدرة الأهل على الجمع بين الالتزامات العمليّة والعائليّة".
وتخلص إلى التذكير بأن "دخول النساء إلى سوق العمل خلال الحرب العالمية الثانية أدى إلى تغيير إيجابي دائم في فرص العمل بالنسبة للنساء خلال العقود اللاحقة. ربّما عندما ننظر لاحقاً إلى الوراء، سيتبيّن أنّ "كوفيد 19" شكّل نقطة تحوّل مشابهة".
ووجدت الجمعية الخيرية التي تعمل على مكافحة الفقر "تيرن تو أس" (Turn2us) بعد المسح الذي أجرته أخيراً وشمل 2014 بالغاً، أنّه من المتوقْع تراجع دخل النساء بـ309 جنيهات إسترلينية في الشهر(حوالي 370 دولارا أميركياعند إعداد المقال)، ما يعادل انخفاضاً بـ26 في المئة فيما تراجع دخل الرجال بقرابة 18 في المئة أو ما يعادل 247 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 300 دولار).
وفي ذلك الصدد، يشير الناطق باسم "مكتب المساواة الحكومي" إلى أن "الحكومة تحمي وظائف الأفراد ودخلهم، عبر اتخاذ إجراءات بمليارات الجنيهات بما فيها خطة الحفاظ على الوظائف في ظلّ فيروس كورونا؛ وخطة دعم مداخيل العمل الحرّ في ظلّ فيروس كورونا؛ والتغييرات التي تدخلها على نظام الرعاية الاجتماعية، عبر تسريع وتسهيل الوصول إلى تلقّي الدعم الذي زادت قيمته".
ويضيف، "يدفع "كوفيد 19" باتّجاه إحداث تغيير ثقافي مع عمل عدد أكبر من الأشخاص من المنزل بالمقارنة بأوقات سابقة. وإذا استغلينا هذا التوجّه أثناء تعافينا من الفيروس، فقد تزيد المساواة في تشارك مسؤوليات الرعاية بين الأهل، وكذلك الحال بالنسبة إلى المرونة من جانب أرباب العمل، ما يمكّننا من تحرير إمكانيات الجميع في أنحاء البلاد كلها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عن: اندبندنت عربية – 20 أيار 2020
**********
كوفيد- 19 .. على العالم الغربي أن يتعلم التواضع
باسكال بونيفاس*
من بين الدروس العديدة التي ينبغي استخلاصها من أزمة فيروس كورونا هذه، حقيقة أنه ينبغي على العالم الغربي، بكل تأكيد، أن يتعلم إظهار بعض التواضع.
ذلك أننا كنا نظن أن مثل هذا الوباء لا يمكن أن يحدث إلا في أفريقيا أو آسيا، وأننا -نحن الغربيين- في مأمن، وأن نظامنا الصحي وغنانا يحمياننا ويحصّنانا من كوارث مماثلة. ففي البداية، لاحظنا بعين متعالية متغطرسة الطريقةَ التي واجهت بها بكين الوباء، مقتنعين بأن ثمة في الصين نوعا من التخلف الذي يفسّر مواجهتها لمثل هذه الأزمة الصحية مرة أخرى.
ولكن في ما بعد، لاحظنا أن نظامنا الصحي، الذي يتميز بالقوة والفعالية في الواقع، يواجه ضغطا هائلا. وبعد بضعة أسابيع، وصل الأمر إلى حد حفر مقابر جماعية في نيويورك التي اكتسحها الوباء. فلاحظ العالم بأسره، مذهولا، أن الغربيين ليسوا في مأمن، ولمسنا بأنفسنا هذه الهشاشة.
وبالتالي، فهذه الأزمة تبين بوضوح اختفاء الاحتكار الغربي للقوة منذ بعض الوقت. فخلال الخمسة قرون الماضية، استطاع الغربيون تحديد القواعد والأجندة الدولية، وتعودوا على أن تطيعهم بقية العالم وتتبع وجهات نظرهم.
غير أن الغربيين استمروا منذ ذلك التاريخ في الاعتقاد أنهم مركز العالم؛ والحال أنهم لا يشكّلون سوى جزء منه. ففي كثير من الأحيان نخلط بين المجتمع الغربي والمجتمع الدولي من خلال اعتقادنا أنه حين نقرر – نحن الغربيين – شيئا ما، فما على الآخرين سوى اتباعنا.
ذلك أننا نعتقد في كثير من الأحيان، أن قيمنا أعلى من قيم الآخرين. غير أنه إذا أردنا مرة أخرى فرضها بالأوامر والإكراه، فإننا سنجد أنفسنا إزاء أوهام خطيرة. فنحن نميل كثيرا إلى الاعتقاد أن وجهة نظر الآخر ليست مهمة؛ وأنه عندما يعارضنا أحد، فإنه لا يعارض مصالحنا الوطنية فحسب، وإنما يعارض القيم الكونية التي يفترض بنا أننا نجسّدها ونروّج لها. وفضلا عن ذلك، فإننا نبالغ في تقدير تماسك وجهة نظرنا وانسجامها، وفي الوقت نفسه نقلّل من شأن حقيقة أن انعدام الانسجام والتماسك في وجهة نظرنا يُنظر إليه في معظم الأحيان من خارج المنظور الغربي.
وبالتالي، علينا أن نقبل ألا تكون لدى «غير الغربيين» وجهة النظر نفسها التي لدينا، وأن نقبل أن سبب ذلك لا يعزى بالضرورة إلى أنهم أقل فضيلة أو أقل ذكاء أو أقل تطورا. فالأمر بكل بساطة يعود إلى أنه ليست لديهم الخصائص الاستراتيجية نفسها التي لدينا. فقد طوّروا وجهات نظر مختلفة، وأخذ وجهات نظرهم في الحسبان لا يعني بالضرورة الرضوخ أو التخلي عن معتقداتنا، بل على العكس، إذ سيكون ذلك دليلا على رغبة في التقدم نحو حلول مشتركة، وليس فرض حلولنا على الآخرين.
لقد كشف وباء كوفيد- 19 عن ضعفنا: فنظامنا ليس فوق الانتقاد. ثم إنه من فرط رغبتنا دائما في إلقاء المحاضرات على الآخرين، والتحدث إليهم بعجرفة، فإننا نساهم بطريقة ما في إضعاف أنفسنا، وذلك لأن مثل هذا الموقف بات غير مقبول في نظر بقية العالم.
ولهذا، فإنه لا بد من إزالة التأثير الغربي عن وجهة نظرنا. هذا لا يعني التخلي عن مواقفنا ومعتقداتنا، بل على العكس. ذلك أنني أعتقد أن «أنصار النزعة الغربية»، أي أولئك الذين يظنون أننا أعلى مرتبة من بقية العالم، يضعفون المعسكر الغربي في الواقع، كما فعلوا ذلك من قبل عندما شنوا حرب العراق في 2003.
إننا في عالم لم يعد فيه الغربيون يمثلون كل العالم. وإذا كنا لا نفهم ذلك، ولم نفسح المجال للآخرين، ولم نفهم أن الحلول، سواء في أزمة فيروس كورونا أو في كل التحديات الأخرى التي تواجهنا، لا يمكن أن تأتي إلا من حلول دولية متعددة الأطراف، حيث لدى «غير الغربيين» أيضا كلمتهم ليقولوها، فإننا لن نخرج منها منتصرين.
وعلاوة على هذا، لا بد أيضا من التخلي عن هذا الجنوح الغربي إلى اعتبار كل الأنظمة غير الغربية أنظمة ديكتاتورية. فلا شك أنه يوجد من بينها عدد من الأنظمة السلطوية، ولكن هناك أيضا ديمقراطيات كبيرة ترفض أيضا رؤية البلدان الغربية وتفرض وجهة نظرها.
بيد أنه ليست ثمة معارضة ثنائية بين الديمقراطيات الغربية والديكتاتوريات غير الغربية، فالتوازنات أكثر تعقيدا بكثير، وتبسيطها بهذه الطريقة ليس سوى دليل على فهم سيء للوقائع يمكن أن يؤدي إلى إضعافنا أكثر.
وعليه، فلننظر إلى العالم كما هو في الواقع، وليس كما كان في عصور خلت، أي مع عالم غربي لم يعد بمفرده، عالم غربي موجود بكل تأكيد ولديه خصوصياته وامتيازاته، ولكن لديه أيضا ثغراته. ولنأخذ في عين الاعتبار بقية العالم، حيث توجد قيم أخرى وثغرات أخرى وعيوب أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في فرنسا
عن (الاتحاد) الاماراتية – 15 أيار 2020
************
ص8
في مناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية
الصحة النفسية وجائحة كوفيد 19
الدكتور ماجد الياسري*
تمثل جائحة كورونا حدثا لم يشهده العالم منذ مئة عام وأدت الى انهيارات اقتصادية وأزمات غذائية واجتماعية غير مسبوقة أحد اسبابها الفرض القسري لتغيير السلوك الفردي والمجتمعي نتيجة الحجر والعزلة الاجتماعية حيث مارست الدولة قدراتها لإجبار المواطنين على الامتثال ومنع ممارسة عادات وتقاليد وطقوس سياسية واجتماعية متعارف عليها او دينية متوارثة بعضها تشكل مكونا أساسيا من العقل الجمعي التاريخي. هذا الدور الذي مارسته الدولة والذي وقف الفرد الإنساني إزائه عاجزا ولكن ممتثلا او متفاعلا او متحديا تعتمد على مدى الوعي الذاتي للخطر الذي تمثله هذه الجائحة عليه ،وعلى عائلته والمجتمع ككل.
التداعيات النفسية للجائحة
لذا تكون مسببات التداعيات النفسية لهذه الجائحة معقدة ومركبة ولم تواجه سابقا بسبب خصوصية هذه الظروف القسرية التي هي خارج إرادة الفرد وما أدت اليه من انقطاع التواصل او فقدان الاهل والمعارف والأصدقاء أو التوقف عن العمل بسبب الحظر أو الخوف من المجهول والشعور باقتراب الموت الذي يقف شاخصا امام الجميع تحفزه الأرقام التي تعلن يوميا عن عدد الوفيات في العراق والعالم كأحد مؤشرات خطر هذه الجائحة. بعضها او جميعها يؤدي الى موشور واسع من التبعات النفسية - الاجتماعية منها ازدياد معدلات العنف الاسري والتنمر او محاولات لإيذاء النفس المتعمد او استخدام المخدرات والمؤثرات العقلية او اضطرابات القلق والفزع والوسواس القسري وحالات ما بعد الصدمة واضطرابات توهم المرض واضطرابات المزاج الحادة والشديدة ويتضاعف الامر لدي المرضى العقليين الذين يتلقون علاجا ودعما من مؤسسات الصحة النفسية قبل الجائحة إضافة الى تأثيرات كل هذه على الأطفال والمراهقين ومن لدبهم علامات اضطراب اﻟﺘﻮﺣﺪ او الإعاقة وتتجلى على شكل اعراض ﺳـــﻠﻮﻛﻴﺔ وإﻧﻔﻌﺎﻟﻴـــﺔ كإﺿﻄﺮاب ﻓﺮط اﻟﺤﺮﻛﺔ وﻧﻘﺺ اﻹﻧﺘﺒﺎﻩ او أﺧﺮى ﻓي اﻟﺴﻠﻮك واﻟﻤﺸﺎﻋﺮ او اﻟﺘﺒﻮل اﻟﻼإرادي على سبيل المثال لا الحصر وأيضا تأثيراتها النفسية على كبار السن الذين هم اكثر عرضة للإصابة بكوفيد 19 نتيجة النسبة العالية للأمراض المزمنة كالسكري وامراض القلب وتصلب الشرايين فتزيد من معدلات إﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻤﺰاج ﻋﻨﺪ ﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ او حالات اﻟﻘـﻠﻖ والاضطرابات المعرفية بكافة أنواعها. وهناك ترابط وثيق بين الصحة النفسية ومدى توفر الخدمات والرعاية الاجتماعية كالرواتب والغذاء والماء والسكن والحماية الاجتماعية للمهمشين والمعاقين والفقراء والعاطلين والمشردين والذي يسهم في تعزيز الصلابة المجتمعية وتقليل التداعيات السلوكية او الانفعالية خاصة وان إجراءات الحظر الاجتماعي قد قلصت بشكل كبير من فرص العمل لذوي الأجور اليومية واهل البسطات.

توقعات خلال وبعد الجائحة
وتفيدنا التجارب عن تجليات اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ في ﻇﺮوف الكوارث والنزاعات ببعض ما يمكن الإفادة منه لوضع فرضيات حول ما يمكن توقعه خلال وبعد هذه الجائحة من انماط متعددة من المتغيرات في السلوك والعاطفة والقدرة على التفكير كما تشمل التبعات النفسية أيضا زيادة في تناول الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية و التدخين ولكن من المتوقع ان نسبة قليلة ستظهر لديهم أعراض نفسية عقلية حادة كالكآبة والفصام وخاصة لدى الذين لديهم تاريخ مرضي نفسي ومقبولة علميا كمقاربة في غياب الإحصائيات أو المسوح النفسية المجتمعية خلال هذه الجائحة. ومن المهم أيضا الإشارة الى استنتاج اخر من هذه الدراسات هو عدم اهمال او التقليل من قدرة الصمود النفسي المجتمعي نتيحه التكاتف والدعم من العائلة والأقارب والمعارف وعدم اعتبار كل شخص بحاجة للتداخل والدعم النفسي وأيضا التعامل مع الصحة النفسية كعامل مكمل عضويا وبنيويا مع الصحة الجسدية حيث لا توجد “صحة بدنية بدون صحة عقلية “لذا فالتعامل مع متطلبات سلامة الصحة النفسية يكون على أساس انها مكون رئيس في سياقات الصحة العامة لضمان امن المواطن الصحي الجسدي والنفسي.
ومن الواضح ان إمكانية خدمات الطوارئ والمؤسسات المكلفة بالتصدي للجائحة حاليا غير قادرة على تلبية حاجة المواطنين للدعم النفسي الاجتماعي , كما أن الخدمات الصحية النفسية العراقية التي أعيد بنائها بعد ٢٠٠٣ اعتمدت النموذج المعاصر في ان تكون المراكز المجتمعية والرعاية الصحية الأولية هي حجر الزاوية في تلبية الاحتياجات النفسية الا انها في تقديري غير قادرة لأسباب عدة أهمها محدودية الكادر والموارد المالية والخبرات المهنية المواكبة لما هو حديث في مجالات الاستشارة النفسية والنقص في متطلبات التدريب المهني و هشاشة الحوكمة في ضمان النوعية والرقابة على الأداء ولذا يشكل الظرف الحالي فرصة لإعادة بناء هذه المراكز واعتمادها كأساس في تنفيذ الرعاية الصحية النفسية الأولية بما يشمل من مسح ورصد ومتابعة للحالات والاضطرابات النفسية أو تداخل علاجي من قبل المراكز النفسية المتخصصة للحالات الشديدة كما ان الاستخدام الواسع للتقنيات في الفضاء الرقمي مثل زووم او سكايب او غيرهما يتيح إمكانية تنفيذ برنامج تعليمي وتدريبي مهني وحديث لكافة الكوادر البشرية على طرق وسياقات البرامج المجتمعية للدعم الصحي النفسي - الاجتماعي.
لجنة سلامة الصحة النفسية
وتكون الخطوة الأولى عبر تشكيل خلية او لجنة سلامة الصحة النفسية برئاسة مستشار الصحة النفسية وتضم خبراء ومتخصصين عراقيين وتستفيد أيضا من الخبرات العالمية والفضاء الرقمي ويكمن دورها الاستراتيجي في رسم الخطوط والاتجاهات العامة لتوفير الدعم النفسي المجتمعي بأشكاله المختلفة وبما ينسجم مع البيئة العراقية ويعزز الصمود النفسي ويحقق النتائج المطلوبة في تقليل نسبة الإصابات النفسية وتمكين المواطن من استعادة قدراته النفسية ونموه خاصة لدى الأطفال او تغيير انماط الحياة السلبية نحو الأفضل ما بعد الجائحة والتعامل مع هذه المصاعب بشكل صحي ومهني وتقليل حالات استخدام المخدرات والمؤثرات العقلية والكحول والتدخين والعنف ضد النفس والاخرين وتقوية التلاحم العائلي المجتمعي خاصة وان هذه الجائحة تحمل معها شعورًا قويًا بالعجز ازاء اللامجهول والعزل لا يملك القوة لمواجهه هذه المتغيرات. وسيتطلب كل ذلك أعادة دراسة وتقييم خطط وسياقات الصحة النفسية الوطنية الحالية خاصة في جوانب الدعم النفسي والاجتماعي والصحة العامة بما يضمن استجابتها لما بعد الجائحة.
كما وتقوم هذه اللجنة بتحديد إشكال التداخلات النفسية الممكنة أي على شكل لوغاريتمات وماهي الخبرات المطلوبة وكيف يتم توفيرها ورسم برامج تدريبية معتمدة على الأدلة والبراهين البحثية تهدف الى تعزيز قدرات المؤسسة لتحقيق هذه الأهداف وتحديد الكلفة المالية لانجاز ذلك.

تنسيق المؤسسات ذات العلاقة

وبالتأكيد هناك أيضا دور مهم للجنة الصحة والبيئة البرلمانية عبر ممارسة دورها الرقابي والتشريعي لدعم هذه التوجهات وتبني برامج الصحة النفسية. وعلى صعيد محلس الوزراء يكون لبرامج الصحة النفسية مكانا في خطط وزارة التخطيط وفي الموازنة السنوية العتمدة وتشمل أيضا سبل توفير الدعم النفسي للكوادر والمهنيين الصحيين والمتصديين للجائحة لما يتعرضون اليه من ضغوط نفسية كبيرة وتعزيز مهاراتهم في رصد الاضطرابات النفسية وكيفية التواصل مع الخدمات النفسية والاجتماعية المتوفرة مثلا اعتماد الطرق الحديثة في معالجة حالات الهذيان خاصة النوع ذي الاثارة المفرطة الذي من اعراضه الهيجان والعنف عند كبار السن المصابين بكوفيد 19 والسياقات القانونية للتعامل مع المرضى الذين يفتقدون للقدرات العقلية المطلوبة على أساس تفعيل القانون الخاص بالصحة النفسية وبالتزامن مع مهمة المستشفيات الصحية النفسية مثل مستشفى الرشاد او ابن رشد في بغداد والمحافظات الأخرى باتباع سياقات للتعامل مع المرضى الراقدين الذين اصيبوا بفيروس كوفيد 19.
الاستراتيجية الوطنية
لمكافحة الجائحة
وتأتي الخطوة الثانية بعد بدء العودة التدريجية لتقليل الحظر والتباعد الاجتماعي فتصبح هذه اللجنة جزءا من الاستراتيجية الوطنية لتعزيز الأمن الصحي لمكافحة كوفيد ١٩ ويقدم لها الدعم الكامل المطلوب من وزارة الصحة والبيئة. وتستفيد هذه اللجنة من الدراسات حول التبعات النفسية للكوارث زالنزاعات والإرهاب التي جميعها تشير الى تفاقم الأوضاع النفسية وشمولها مدايات اجتماعية واسعة والشيء المهم الاخر الذي تقدمه هذه الدراسات هو اشكال وحجم الثغرات التي قد تعاني منها الخدمات الصحية النفسية وسبل التعامل معها ولكن بعد تقييمها بشكل نقدي وايضا دعم اجراء دراسات وبحوث للقيام بمسوح اجتماعية حول اتساع ونوعية المتغيرات النفسية والتي يمكن ان تبادر بها أقسام الطب النفسي في المحافظات وكليات الطب في الجامعات وكليات التمريض وتخصص لها ميزانية وهي ليست كبيرة لإنجازها والاستفادة من نتائجها في رسم البرامج الملموسة لتوفير الدعم النفسي للمحتاجين. وتجدر الإشارة هنا الى ان العراق ولأسباب عدة يعاني من قلة الموارد البشرية والكوادر على مختلف المستويات من المهارة في مجالات الاستشارة وتقديم الدعم النفسي وأيضا القدرة المالية لتمويل برامجه التدريبية والعلاجية لتدريب كوادره على التعامل مع الكوارث بشكل عام وهذه الجائحة بشكل خاص فكما هو معروف ان العراق مقارنة بجيرانه هو الأقل في تخصيصات الصحة من الميزانية العامة للدولة اما نصيب المؤسسات النفسية منها فهو اقل بكثير مما تحتاج اليه ولا ينسجم مع مستوى التحديات. ويتضمن البرنامج التدريبي خاصة للمرشدين النفسيين والباحثين الاجتماعيين اكتساب المهارات لمعرفة اليات التوافق والتكيف مع عوامل التوتر الضاغطة واشكال السلوك الانساني السوية وغير السوية ومتطلبات تقدير الحالة الاجتماعية وصولا الى منظومة متكاملة تعكس تطبيق مفهوم الوقاية من الاضطرابات النفسية بأشكالها الأولية والثنائية الثلاثية. وهناك أيضا حاجة لرسم برنامج لتعزيز قدرات مؤسسات الصحة النفسية المتخصصة بتوفير خدمات الإسعاف الاولي النفسي والتي تستخدم عددًا من المهارات لتشخيص ومساعدة المواطنين لتقليل الاضرار النفسية الاجتماعية لان الوضع النفسي المستقر هو ضرورة لازمة لزيادة قدرات وطاقات العراق على تنفيذ الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويعد النازحين نتيجة النشاطات الإرهابية والعمليات العسكرية قضية خاصة في كافة جوانب التخطيط الصحي للاستجابة لاحتياجاتهم الصحية العامة والنفسية بشكل خاص.
ومن المقترحات الممكنة التحقيق للعمل على زيادة الكوادر في مراكز الصحة الأولية هو فتح باب التوظيف وتدريب خريجي المعاهد الصحية والعلوم الإنسانية عبر دورات مكثفة ومتخصصة لاكتساب المهارات المطلوبة للمرشد النفسي.

التوعية المجتمعية
وتمثل التوعية المجتمعية للتصدي لوباء كورونا ركنا أساسا في تطبيق سياقات الصحة العامة الجسدية والنفسية عبر أنشطة إعلامية ممنهجة حول التبعات النفسية المحتملة والخدمات المتوفرة ودور ومهمات المواطن والتكوينات المجتمعية كالعشيرة مثلا. اما من يقوم بها فتشمل اوساطا عدة منها مديرية التوعية الصحية في وزارة الصحة والبيئة العراقية وبالتعاون مع المؤسسات الإعلامية شبة الرسمية والخاصة وبمشاركة فعالة من تنظيمات المجتمع المدني واعلامي الفضاء الرقمي في نشر حملات الارشاد النفسي لشرائح المجتمع المختلفة عن أهمية الصحة النفسية الى جانب الالتزام بالتوجيهات لتطبيق الحظر والعزل الصحي لمنع انتشار العدوى وتفهم المخاوف المشروعة من فقدان مصادر العيش وتوقف الاعمال اليومية او الحذر من الوصمة والاقصاء المجتمعي والشعور بالوحدة والعزلة والضجر.

نخلص الى :
ان التطبيق المتوازن لهذه السياقات ضروري لتعزيز امكانات القوة والصمود في المناطق الحضرية والريفية، ويعمق مظاهر واليات التكافل العائلي والاجتماعي وغلبة مشاعر الامل والامن والأمان والاكتفاء ومحاربة الوصم والاقصاء العائلي او المجتمعي ومساعدة الثكلى ودعمهم نفسيا واجتماعيا وبدعم من مراكز الصحة الأولية لبرمجة وتقديم الخدمات المطلوبة.
كل هذا يشكل أفضل ما يمكن ان تقوم به الحكومة الانتقالية الحالية برئاسة السيد مصطفى الكاظمي ووزارة الصحة والمؤسسات المعنية بالشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في اليوم العالمي للصحة النفسية الموافق 21 مايس 2020.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* طبيب استشاري متقاعد في الصحة النفسية والعقلية
************
المحكمة الاتحادية العليا
تقر بعدم دستورية
"المحاصصة السياسية"

احمد موسى جياد*
سبق لمجلس النواب ان اصدر "القرار التشريعي" رقم 44 لسنة 2008 الذي صادق عليه مجلس الرئاسة في حينه وقد نشر ذلك القرار في جريدة الوقائع العراقية الرسمية بعددها 4102 في 24/12/2008.
نصت الفقرة (6) من ذلك القرار على "تنفيذ المتفق عليه من مطالب القوائم والكتل السياسية وفق استحقاقها في اجهزة الدولة لمناصب وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات والمؤسسات والدرجات الخاصة وعلى مجلس النواب الاسراع في المصادقة على الدرجات الخاصة."
اقام د. شهاب احمد عبد الله على النعيمي (ووكيلاه المحاميان شوكت سامي السامرائي ومقداد سامي الجبوري) دعوى على رئيس مجلس النواب/اضافة لوظيفته امام المحكمة الاتحادية العليا وطلب الحكم بعدم دستورية الفقرة (6) اعلاه.
عُقدت جلسة المرافعة في 14/10/2019 واصدرت المحكمة "قرار الحكم بالاتفاق باتا وملزما للسلطات كافة" بعدم دستورية الفقرة المذكورة وذلك في الجلسة المنعقدة بتاريخ 28/12/2019. وقد سرد كتاب المحكمة الاتحادية العليا (عدد:89/اتحادية/2019) الحيثيات والحجج القانونية والدستورية التي ادت الى هذا الحكم الذي صدر باجماع كافة اعضاء المحكمة ورئيسها.
بودي تسجيل الملاحظات التالية على هذا القرار:
1. ان هذا القرار مهم للغاية واعتقد بانها المرة الاولى التي تؤكد فيها المحكمة الموقرة بعدم دستورية ممارسات القوائم والكتل السياسية، حيث ورد في القرار ما يلي "ان السير في خلاف ما نص الدستور عليه قد خلق ما يدعى بـ(المحاصصة السياسية) في توزيع المناصب التي ورد ذكرها وما نجم عن ذلك من سلبيات اثرت في مسارات الدولة وفي غير الصالح العام اضافة الى مخالفتها لمبدأ المساواة بين العراقيين امام القانون،....، ومبدا تكافؤ الفرص" التي ضمنها الدستور؛
2. ان الفجوة الزمنية بين "شرعنة" المحاصصة السياسية في 2008 والاقرار القضائي بعدم دستوريتها طويلة نسبيا وتجاوزت العقد من الزمن مما خلق واقع "المصالح العميقة" الذي ستعمل الكتل السياسية على الدفاع عنه بكل الوسائل غير المشروعة وغير الدستورية؛ وهذا يتطلب من الجميع الحذر من التجاوزات المحتملة ومحاولات الالتفاف لإفراغ هذا القرار من جوهره ومحتواه؛
3. كل الاحترام والدعم والتقدير للمحكمة الاتحادية العليا الموقرة التي اثبتت من جديد دعمها لحق المواطنين في الطعن بالقرارات والقوانين التي تتعارض مع مصلحة المواطنين التي ضمنها الدستور، رغم عيوبه الكثيرة، فقد سبق وان حكمت المحكمة الموقرة بقبول الطعن بالعديد من المواد الاساسية الواردة بقانون شركة النفط الوطنية؛
4. يستحق الاخ د. شهاب احمد عبد الله على النعيمي ووكيلاه المحترمان (الذي لم اتشرف بعد بمعرفة اي منهم) كل التهنئة بنجاح الدعوى وكل الشكر والتقدير على هذه المساهمة الوطنية التي سيسجلها التاريخ علامة فارقة ومضيئة في مسيرة حياتهم ونهجهم الوطني؛
يجب ان يشكل نجاح هذا الطعن والطعن الذي سبقه بقانون شركة النفط الوطنية حافزا للجميع في مراجعة القوانين والقرارات التشريعية وغيرها من المشكوك في تعارضها مع الدستور الى بحث امكانية الطعن بها امام المحمة الاتحادية العليا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* استشارية التنمية والابحاث - النرويج
المادة اعلاه جزء من مقال للكاتب بعنوان "تطورات مهمة في كشف ومكافحة الفساد في العراق". اما جزؤها الآخر فعنوانه " الفساد المريع في وزارة الكهرباء".
************
لمن الأولوية: للسياسة أم للاقتصاد؟
عادل عبد الزهرة شبيب
الموضوع جدلي يثير كثيرا من النقاش والاختلاف , فالبعض يؤيد بأن السياسة هي اولا , يتبعها الاقتصاد ، وفريق آخر يرى عكس ذلك ان الاقتصاد له الأولوية وتتبعه السياسة . فلمن تكون الأولوية للسياسة ام للاقتصاد؟ وهل يصنع الاقتصاد السياسة ام العكس؟
المؤيدون لأولوية السياسة على الاقتصاد يرون ان كل الدول المتحضرة تكون فيها السياسة في خدمة الاقتصاد وليس العكس ومثالهم في ذلك قيام الرئيس الأمريكي (ترامب) منذ وصوله الى البيت الأبيض بتسخير كل شيء في خدمة الاقتصاد الأمريكي، ومثله حصل في فرنسا والمانيا وغيرها من الدول. ونجد في دول اخرى مثل لبنان والعراق وغيرها من الدول تصر القوى السياسية فيها على تسخير الاقتصاد والأموال العامة في خدمة سياساتهم حيث يصدرون القرارات السياسية للحصول على الامتيازات المالية وغيرها لصالحهم على حساب الأغلبية ويصدرون القرارات السياسية الخاصة بتشريع القوانين التي تؤبد بقائهم في السلطة كقانون الانتخابات مثلا المفصل على مقاساتهم بهدف تهميش وابعاد القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية. كما يقومون بخصخصة المشاريع الحكومية لأن لهم فيها مصلحة ومنفعة , ويرفضون كل المبادرات الرامية الى اجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية جذرية لمعالجة الوضع المتأزم القائم لأنها تضر بمصالحهم وامتيازاتهم . كما ان القرار السياسي بإنشاء وكالة الاستخبارات الأمريكية جاء لحماية المصالح والشركات الأمريكية في الخارج. وان غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 كان في اعماقه لتأمين استمرار تدفق النفط , وسبق وان قال وزير الطاقة الأمريكي في السبعينات ( شليسنجر ) ان هدف امريكا هو احتلال منابع النفط في منطقة الشرق الأوسط .
فالقرارات السياسية يمكن لها ان تغير الوضع الاقتصادي للبلاد فمن خلالها مثلا يمكن تحويل نظام البلد الى نظام اشتراكي او نظام رأسمالي وبناء اقتصاد متقدم او متخلف والاعتماد على الاقتصاد الريعي او تنويع مصادر الدخل القومي , او قيام النظام السياسي بتأميم المصالح الأجنبية او تسليمها للاستثمار الأجنبي. ويمكن للقرارات السياسية ان تعزز من الديمقراطية او تقزيمها او تلغيها واقامة النظام الدكتاتوري وغيرها من الأمور التي يمكن للسياسة ان تقوم بها حتى في مجال العلاقات الخارجية. كما يمكن للدولة ان تقيم العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة او العكس. ويعرف الفريق المؤيد لأولوية السياسة بأن السياسة هي كل ما يحقق التطور للمجتمع من خلال ادارة شؤونه بحرية وان التوترات السياسية تؤدي الى توترات اقتصادية.
ان العديد من القضايا الاقتصادية ينظر اليها من زاوية التوجهات السياسية مثل الضرائب واقتصاد السوق والخصخصة والملكية الخاصة وغيرها والتي تختلف بين المعتقدات الاشتراكية والرأسمالية.
اما بالنسبة للفريق الذي يعتبر الأولوية للاقتصاد على السياسة، فيرى ماركس في هذا المجال ان البناء الاقتصادي مسؤول عن التطورات والأحداث التاريخية وعن توجيه عمليات التغير الاجتماعي في المجتمع. ويرى ايضا ان أي تغير في البناء الاقتصادي يؤدي الى تغير في البناء الاجتماعي، بمعنى ان أي تغير في شبكة العلاقات الاقتصادية يؤدي الى تغير في شبكة العلاقات الاجتماعية وذلك انطلاقا من فكرة العلاقة بين البناء التحتي للمجتمع والبناء الفوقي فيه . وهكذا فالبناء الاقتصادي للمجتمع لا يحدد فقط البناء الفوقي الكلي بل ويشكله ايضا. أي انه يشكل التنظيم السياسي والقانوني والفلسفة والعلم والأخلاق ذاتها.
وبهذا الصدد يرى ( لينين ) ان ( السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد ) ويعني هذا ان الاقتصاد يسبق السياسة دوما ويقودها ويوجهها نحو تحقيق مصالح الجماهير ، مما يعني ان السياسة اداة من ادوات التنمية ولم يحدث ان انفصلت السياسة عن الاقتصاد ، فكل منهما مكملا للآخر حيث هناك علاقة قوية بين السياسة والاقتصاد كون ممارسة العمل في مجال الاقتصاد تعتبر بمثابة الميدان الرئيسي للعمل السياسي ، فالعديد من الممارسات الاقتصادية هي من صلب السياسة لأنها ذاتها تتأطر بمختلف الآراء السياسية وكذلك الأمر بالنسبة للسياسة حيث لا يمكن التعويل على السياسة دون وجود دعم اقتصادي قوي لها . فلا فصل للسياسة عن الاقتصاد ولا للاقتصاد عن السياسة وكلاهما وجهان لعملة واحدة وهذه هي حقيقة الأمر. فالاقتصاد يولد قرارا سياسيا والسياسة تولد قرارا اقتصاديا، ولا يمكن الفصل بينهما وإذا انفصلا عن بعضهما شكلا هوة كبيرة في المجتمعات.
عند الحديث عن العلاقة بين الاقتصاد والسياسة وتأثير الأول الكبير على الثاني لا ينحصر الأمر في العلاقات الداخلية التي تنظم سلوك السكان بين بعضهم البعض وبينهم من جهة وبين مؤسسات الدولة من جهة ثانية، بل تمتد تلك التأثيرات كي تشمل تنظيم العلاقات الدولية ايضا. حيث للعوامل الاقتصادية دورًا مركزيًا في اختيارات السياسة الخارجية لأن تنفيذ معظم السياسات يتطلب توافر الموارد الاقتصادية، ويحدد توافر تلك الموارد ما ان كان يمكن للدولة ان تكون مانحة للمعونة الخارجية ام مستقبلة لتلك المعونة. كذلك فالموارد تحدد قدرة الدولة على الدخول في سباقات التسلح ذات التكاليف الباهظة والتبادل التجاري او تحقيق فائض في ميزان المدفوعات. فالدول التي تعاني من ندرة الموارد لن تستطيع ان تلعب هذا الدور. ومن ناحية اخرى فإن توافر الموارد الاقتصادية لا يعني ان على الدولة ان تلعب هذا الدور. كما ان انخفاض العائدات المالية النفطية للعراق بسبب انخفاض اسعار النفط بسبب تفشي فيروس كورونا وبسبب سوء الادارة والاعتماد الكلي على اقتصاد وحيد الجانب وبسبب غياب الاستراتيجية الاقتصادية واعتماد نهج المحاصصة والطائفية قد ادى الى ارتفاع نسبة العجز في الموازنة الاتحادية واضطرار العراق الى اعتماد سياسة القروض الخارجية لسد العجز لتصل ديونه الى نحو 130 مليار دولار كبلت العراق واقتصاده وسياسته بالمؤسسات الرأسمالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين وخضوعه لشروطهما المجحفة.
يشير الباحث الأمريكي (الان تورين) في تناوله لارتباط الديمقراطية بالتحرر الاقتصادي حين يؤكد على ان (اقتصاد السوق والديمقراطية السياسية وجهان لعملة واحدة لأنهما يشتركان في الحد من السلطة المطلقة
للدولة ...). من الصعوبة فصل السياسة عن الاقتصاد فهما توأمان يكمل أحدهما الآخر، فالسياسة في جوهرها هي الحكمة وحسن التدبير لتحقيق تطور المجتمع من خلال ادارة شؤونه بحرية وتأمين رقي الفرد. اما الاقتصاد فهو عملية تلبية الاحتياجات المادية الضرورية للمجتمع من خلال عملية الانتاج لتحقيق ازدهار وتقدم المجتمع. والسياسة هي القدرة على التكيف مع الواقع وفن التعامل مع الممكن من حيث الاقتصاد الملائم الذي يحقق هذا التكيف، فالسياسة والاقتصاد متلازمان يسيران خطوة بخطوة.
ومما لا شك فيه فإن للعامل الاقتصادي دور كبير في قيام الثورات والانتفاضات والاحتجاجات الشعبية ضد انظمة الحكم. كما حصل ذلك على سبيل المثال في روسيا القيصرية عام 1917 حيث قامت الجماهير الشعبية الجائعة وتدني اوضاع الفلاحين في الريف والعمال في المدن بالثورة اضافة الى اسباب اخرى. وكذلك كان للعامل الاقتصادي دوره في قيام ثورة العشرين في العراق وانتفاضة جماهير الشعب ضد الاحتلال البريطاني المحتل للعراق آنذاك. واليوم نجد ان للعامل الاقتصادي دوره في انتفاضة اكتوبر الشعبية التي انطلقت في اكتوبر 2019 بسبب معاناة الشباب من البطالة ومعاناة جماهير الشعب من الفقر والفقر المدقع وضعف القدرة الشرائية وتفشي الفساد الكبير واستحواذ الأقلية الحاكمة على اموال الشعب وخيرات العراق.
************
ص9
بيان فردي
عن صديقيّ مازن لطيف وتوفيق التميمي وكل معتقلي الرأي في العراق*
حيـدر سعيـد
مضت أشهر على الغياب القسري للصديقين الكاتبين، مازن لطيف وتوفيق التميمي، ولا اهتمامَ جديًّا تبديه المؤسسات العامة المعنية، سوى بعض الاحتجاجات المتباعدة من أصدقائهما وزملائهما من المثقفين (وهذه واحدة منها)، وكأن الجميع استمرأ الصمت، وتعوّد على الاستثنائي واللااعتيادي: التغييب، والقتل، والاعتقال، والابتزاز، والخطف، والإسكات، فما أكثرَ التغييبَ في العراق، فلمَ يكون غيابُ مازن وتوفيق استثناء، ونحن ننزف بشرًا في كل يوم؟
ولأنه لا ينبغي لنا أن نتطبّع مع اللحظة التي جعلتنا نمضي صاغرين، غير عابئين، والقهرُ يتكاثر من حولنا، ولأن هذا هو لجّة مسعانا الطويل والمضني نحو العدالة والحريّة والحق، فإننا ينبغي أن نسمّي الأشياء بأسمائها، فلم يعد كافيًا أن نطالب الجهاتِ الرسمية بإيضاح مصير مازن وتوفيق وأن تتحلى بمسؤوليتها عن ذلك، بل ينبغي أن نتحدث بصراحة، وأن يكون واضحًا للجميع أن غيابهما القسري هو اعتداء محض عليهما بسبب ما يعتقدان، وأن ما سُمِّي "اختطافًا" هو تبسيط وتحريف لما تقوم به آلة القمع الجبّارة، الخفية، من انتهاك وعدوان على من بقي يفكر، ويكتب، ويعمل، وينشط، فيما تبقى من فضاء حرية خارج إطار سيطرة هذه الآلة.
ولا ينفصل هذا التغييبُ عما تشهده البلادُ منذ ثورة تشرين 2019 وقبلها، وعن سلوك السلطة وقواها في مواجهة الاحتجاجات، فتغييبُ مازن وتوفيق يناظر الآلاف من حالات الاعتداء التي قامت بها قوى السلطة، إذ تلبسها شعور بتهديد وجودي، هو الذي أنتج ردَّ فعلها العنيف تجاه المحتجين السلميين، هذا فضلًا عن أنها شعرت بأن هناك عاملين جعلا الاحتجاجات ممكنة: مجال الحريات المدنية النسبية التي أتيحت بعد 2003، ومصادر التحريض المدني، بما فيها من شخصيات ناشطة ظلت تواظب على بث فكرة الاحتجاج على النظام السياسي القائم، وفشله وفساده وعنفه.
ومن ثم، كانت قوى السلطة تضرب بعصوين لمواجهة الثورة: الاتجاه إلى إغلاق المجال العام بما يفضي إلى إعادة إنتاج نظام سلطوي مغلق، واستهداف الشخصيات الناشطة التي تحرض على الاحتجاج.
غير أن تغييب مازن وتوفيق يكشف أن رد فعل السلطة العنيف على الثورة لا يستهدف الدفاعَ عن النظام فقط، وقد خضّت الثورةُ أسسَه بقوة، وليس استجابةً غريزية آلية في الدفاع عن النفس، وليس محاولة لإطفاء الثورة وإسكاتها من خلال تخويف من ينشط فيها ويؤيّدها، بما يحوّل الاستهداف الفردي إلى إرهاب جماعي، بل - في نهاية كل ذلك - أن يستوي النظامُ، وقد قبض بيديه على الجوهر الذي لا يمكن أن ينفصل عن حراك كهذا: حرية الرأي والضمير، فليس كافيًا للنظام أن يحفظ وجودَه كما هو، باطشًا، عنيفًا، بل ينبغي له أن يضمن ألّا أحد سيتجاوز فضاء التفكير، الذي رسم بنفسه حدودَه القاسية.
في 2007، نشرتُ دراسة عن إشكالية حرية التعبير في الثقافة العربية، حاولتْ أن تلملم بعضَ الخلاصات عن حرية التعبير، انطلاقًا من تجربة السنوات الأربع التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين في العراق. وقد كان واضحًا لي، آنذاك، أن الرقابة على حرية التعبير انتقلت من الدولة إلى المجتمع، وأن الأخير لم يكتفِ بأن يفرض الرقابةَ على حريات الأفراد، حين تتعارض مع قيم الجماعة ومعتقداتها، بل إنه - وقد انهارت الدولةُ وفشلت وضعفت - بات يملك وينمّي من القوى، المختلفة الأشكال، ما يمكّنه من قمع الأفراد، حين تتجاوز طموحاتُهم في الحرية ما تعتنقه الجماعة، سياسيًّا، ودينيًّا، وإيديولوجيًا، وقيميًا.
وخلال السنوات الثلاث عشرة الماضية، بين تلك الدراسة واللحظة التي أدوّن فيها هذا البيانَ الفردي، لم تعد الدولةُ كما كانت، فقد حاولت أن تقوى وتستعيد قدرتَها، غير أنها تعثرت كثيرًا. ولذلك، نَمَتْ (ونَمّتْ) معها قوى من المجتمع (أو تدعي وصلًا به، وبما تسود فيه من معتقدات)، وجدت صيغًا من العلاقة والصلة بالدولة، وحاولت أن تندمج بها، غير أنها ظلت خارج الدولة. والأخيرةُ تقصّدت في أن تبقيها خارجها، سورًا يحميها.
ولم تتوقف هذه القوى عند حماية الدولة، في لحظات التهديد المصيرية التي واجهتها، بل إنها - وقد نمت لها مصالحُ تتحقق وتتجسد في الدولة القائمة - باتت تُمارس العنفَ على مجتمعها نفسه وما يخرج منه، لا ليهدّد الدولةَ القائمة ونظامها، بل ليطمح بدولة أحسن، وحياة أحسن.
هذه القوى، أيضًا وفوق ذلك، تفرض على المجتمع "استواءَه الإيديولوجي" وطاعتَه، فتطيح بكل "العصاة"، الذين يتحسسون فردانياتهم، ويريدون أن يمارسوها، بما يحفّ بها من أحلام، وحريات، وتطلعات.
والدولةُ نفسها، التي لم تستعدْ دورَها بوصفها "رائدة التحديث" كما عرفناها منذ قرن من الزمان، تشرّبت قيمَ الجماعة، بمنحنياتها وطرق فهمها للحريات والحقوق، فأضحت – تلقائيًا - تدافع عنها.
وهكذا، تحوّلت الدولةُ من أداة تحديث، تريد أن ترتقي بالمجتمع (بغض النظر عن تقييمنا لتجربة الدولة في التحديث، ولنا في ذلك الكثير مما نقوله)، إلى أداة تحمي النزعة الثقافوية النامية في المجتمع، المعارضة للتحديث.
هذان الاثنان، الدولة وملحقاتُها، بات يجمعهما المصيرُ نفسه، ليواجها - معًا وبالأسلوب نفسه - التحدياتِ المشتركة التي تعترضهما.
وبهذا المنطق، واجها ثورةَ تشرين 2019، التي كانت – بحقّ – تحديًا للنظام القائم، نحو نظام عادل، ودولة كفوءة، ووطنية غير ملتبسة، وحقوق مصانة، فأطاحا بآلاف الشباب، من ناشطات الثورة وناشطيها، ممن هتفوا بإسقاط هذه النظام.
هذه الدولةُ، ومعها دولةُ الظل، وبهذا المنطق، تغيّبان الصديقين الكاتبين مازن لطيف وتوفيق التميمي، ومعهما الآلاف من معتقلي الرأي والضمير في العراق، ومنهم من قد غيّبته إلى الأبد.
غير أننا سنبقى نواجه هذه الدولةَ، بما نملك من سلمية. ليلُها سينكسر حتمًا، وسيشرق العراقُ الآخر، كما تخيّلته ثورةُ تشرين وشبابُها، ومعه مازن وتوفيق، اللذان لن يعتنقا ولن يقولا إلا ما يؤمنان.
الحرية لمازن لطيف وتوفيق التميمي، ومعتقلي الرأي والضمير في العراق، والمغيّبين بسبب ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**الى جانب ما ورد في مدخل البيان اعلاه، نذكر ان بغداد (ومدنا عراقية اخرى) شهدت في الاشهر الماضية احتجاجات متنوعة كثيرة على اختطاف وتغييب الكاتبين مازن لطيف وتوفيق التميمي، ومطالبات متكررة بالكشف عن مصيرهما واطلاق سراحهما وملاحقة مختطفيهما. ووجدت الاحتجاجات تعبيرها في وقفات غاضبة احتضنها شارع المتنبي وساحة التحرير وساحة كهرمانه، وفي بيانات اصدرتها منظمات وجهات مدنية وحقوقية مختلفة، بينها اتحاد الادباء والكتاب في العراق (الذي خرج بأكثر من بيان) والنقابة الوطنية للصحفيين العراقيين. كما تمثلت في الكثير من البيانات والتصريحات الصادرة عن شخصيات ثقافية وسياسية واجتماعية.
وكان بعض تلك الاحتجاجات يخص هذا او ذاك من ضحيتي الجريمة، والبعض الآخر ينتصر لهما كليهما ويطالب بوضع حد لامتهان حقوقهما وبالحرية لهما
*************
هل حان وقت توحيد دواوين الأوقاف ؟

ايمان الهاشمي
تعدد دواوين الأوقاف موضوع يستدعي الوقوف عنده لتغير نظامه نحو الاحسن خدمة للمصلحة العامة من خلال توحيد كل الاوقاف المختصة بهيئة واحدة تسمى "هيئة الاوقاف والشؤون الدينية" ودمجها مع اي وزارة اخرى ، ولا يتطلب استحداث وزارة جديدة متخصصة بها نظرا لكثرة عدد الوزارات بالإضافة الى تقليل النفقات العامة ، ومن اهم اسباب ضرورة توحيد الأوقاف ما يلي :
1. وجود حالات فساد مالي واداري فيها بأدلة مادية موثقة لدى الجهات الرقابية المختصة ، حيث ورد في تقرير لديوان الرقابة المالية عن الوقف الشيعي بصرفه مبالغ نقدية لموظفين بشكل مخالف ومن دون اوليات ، ومن تصريح لنائب سابق بأن الاوقاف الدينية باتت مرتعا للفساد وعلينا ايقاف تمويلها الذي يكفي بلد ، ونائب حالي دعى الى التحقيق معها بسبب هدر المال فيها من إيراداتها الكبيرة .
2. وجود خلافات مازالت قائمة لغاية الان بين الوقفين السني والشيعي على بعض الامور اغلبها تخص اموال نقدية وعينية ، ومنها الخلاف حول استلام ايراد السياحة الدينية لمرقدي الامامين العسكريين "علي الهادي وحسن العسكري" عليهما السلام والواقعين في سامراء ، حيث كانت الايرادات تذهب الى الوقف السني ، ولكن بعد حادثة تفجير المرقدين عام ٢٠٠٦ حولت ايرادات المرقدين الى الوقف الشيعي ، ومن ذلك الوقت والى الان الخلاف قائم بين الوقفين حول استلام الايرادات .
لذا بات من الضروري جدا توحيد الاوقاف بهيئة تجمعها معا ودمجها بأحدى الوزارات مع تحديد مصروفاتها بالمبالغ المخصصة لها في الموازنة العامة للدولة حصرا ، وتحويل إيراداتها الى خزينة الدولة ، لان ايرادات السياحة بكل انواعها ومنها الدينية تعتبر من المال العام للشعب وليس موردا لدين محدد او طائفة معينة .
**********
تعافي اسعار النفط.. هل يكفي ؟!
فراس زوين*
في تصريح للمدير التنفيذي لشركة شل النفطية (بن فان بيردن) في الأسبوع الماضي اقر بان "ما يحدق من تراجع في أسعار النفط هو ازمة ثقة ولا احد يعلم ما ينتظرنا في المستقبل" حيث انعكست المخاوف العالمية في الفترة السابقة على تفشي جائحة كورونا عالمياً وتاثير ذلك على مستويات الطلب العالمي، والذي ترافق مع تخمة في العرض ، ما سبب في انخفاض أسعار النفط لحدود ال 20 دولار للبرميل الواحد في الأسابيع القليلة الماضية.
قد لا يكون خافياً عن الشارع العراقي عموماً والمتابع للشان الاقتصادي خصوصاً ظهور بوادر ارتفاع نسبي في أسعار النفط، تحت ضغط اربع عوامل رئيسية :-
• الاخبار المتفائلة التي تخرج من العديد من الدول والمختبرات العالمية حول تحقيق نتائج أولية إيجابية للقاح محتمل مضاد لفيروس كورونا، ما عزز ثقة المستهلكين وبعث برسائل إيجابية حول إمكانية عودة الحياة لشكلها الطبيعي في فترة قد تكون اقصر مما كان متوقعا.
• تخفيض القيود الاجتماعية على حركة الأشخاص وتجمعاتهم ، في العديد من دول العالم التي سبق وان شهدت موجة انتشار للوباء فيها، مما بعث برسائل إيجابية نحو تحسن الأمور بالرغم من التحذيرات التي اطلقتها منظمة الصحة العالمية بهذا الخصوص.
• اتجاه العديد من دول العالم نحو تخفيف القيود على حركة شركات الطيران، وابداء بعض المرونة نحو تعليق رحلات الطيران الدولية، او على حركة التنقّل داخل البلاد، وابداء بعض التسهيلات في هذا المجال، هو كذلك عزز الامل بشان تعافي الطلب العالمي على النفط الخام، لكون وقود الطائرات احد اهم المشتقات النفطية .
• قرار خفض انتاج النفط الخام والذي اتفقت عليه عدة دول نفطية في تحالف (أوبك+) والذي هو بحدود 10 مليون برميل برميل يتحمل التحالف 9,7 مليون وتتحمل الشركات النفطية الامريكية المتبقي وهو 300 الف برميل .
لعل هذه العوامل الاربعة مجتمعة دفعت من جديد جسور الثقة نحو التلاقي بين الجانب المصدر للطاقة والجانب المستهلك والتي دفعت نحو التعافي النسبي في أسعار النفط، ولو بصورة بطيئة ولكنها هو امر واقع على كل حال.
ان أسعار النفط ستصل ولاشك الى ما كانت عليها عام 2019 ولكنها ستستغرق فترة زمنية طويلة نسبياً قد تصل لمنتصف عام 2021 ، كما تشير العديد من تقارير الخبراء العالميين، الذين توقعوا ان يكون معدل سعر برميل النفط في نهاية عان 2020 بحدود 40 دولار للبرميل، بشرط استمرار الحال بالتحسن، وهذا ان تم كما نريد يجعل الحكومة العراقية في مواجهة صعبة مع توفير الأموال اللازمة لرواتب الموظفين في القطاع العام والتعويضات والتكاليف الحكومية التي قد يصعب جداً تأمينها في ظل هذه الأسعار خصوصاً انه حتى 40 دولار لا يحقق مبلغ الأربعة مليارات ونصف التي تحتاجها البلاد شهريا لدفع هذه الرواتب، مع الاخذ بالاعتبار التزام العراق بتخفيض إنتاجه النفطي بنسبة 22,8% اعتباراً من الأول من أيار ، تنفيذاً للاتفاق الأخير في أوبك ، والذي قد يعني تخفيض الإنتاج بحدود مليون برميل يومياً، وهذا قد يجعل الحكومة العراقية امام خيارات صعبة جداً اقل ما يقال عنها بان حلوها مر مثل الاقتراض الداخلي او اللجوء الى الخزين الاستراتيجي للبنك المركزي او تخفيض سعر تصريف الدينار العراقي امام الدولار.
ان هذه التقلبات وعدم الاستقرار في الأسعار العالمية للنفط شيء طبيعي ومنطقي لأسباب عديدة من أهمها خضوع الاسعار لقانون العرض والطلب الذي يصعب جداً التنبؤ بها وتوقعها، لذا نعيد ونكرر ما قلته من قبل في العديد من المقالات، وما قاله العديد من الاقتصاديين والخبراء وأصحاب الاختصاص العلمي والاكاديمي، من خطورة ربط الاقتصاد العراقي وربط المصدر الوحيد لتمويل الخزينة المركزية بالإرادات العالمية للدول الكبرى والذي تعكسه قوى العرض والطلب، وحتمية فتح أبواب أخرى للتمويل المالي للبلاد، من خلال إعادة احياء القطاع الزراعي والصناعي والتحويلي وتخليص المنافذ الحدودية من العصابات المسيطرة عليها وإعادة فرض سلطان الدولة عليها، من خلال عمل فاعل وحقيقي والتوقف عن السياسة الوحيدة التي يتبعها العديد من أصحاب القرار الاقتصادي وهي الدعاء والتضرع للباري لبقاء أسعار النفط مرتفعة بدون وجود أي خطة حقيقية تعمل على بناء المستقبل لأبناء العراق الذين اثقلهم الفقر في بلاد النفط وانهكهم طابور الصبر الطويل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب وباحث اقتصادي
**********
كورونا.. القاتل الجميل
د. أفراح لطفي
اننا نستنشق البكتيريا والفايروسات، فلم تكن السماء صافية يوما فالهواء الذي نرى من خلاله الاشياء لم يكن نقيا يوما،
فهو اضافة الى الصغائر الكثيرة من الغبار والضباب التي يحملها، يحمل مجهريات لا نراها مثل البكتيريا والفايروسات، والسبب هو حدود حاسة بصرنا وشبكة رؤيتنا التي تسقط منها الاشياء الصغيرة.
ووفقا لهذه المعادلة، يسبح الفايروس في الهواء دون مقاصد، وبالصدفة ينقله الهواء بمواجهة شخص ما يتنفسه مع الأوكسجين. ويبدو الفايروس حال دخوله الجسد مثل ميت اعيدت له الحياة، اما الانسان فيبدو مثل اعمى لأن بصره الذي يعمل في حدود معينة يجعله غريبا على هذا العالم وعلى سكانه الأصليين من الفايروسات والبكتيريا.
ولو دخلنا الان الى عالم فايروس كورونا سنجد الكثير مما يمكن ان يقال. فابتداءً وصفت عالمة الفايروسات البريطانية كيت بروديريك هذا الفايروس بانه "مذهل وجميل". ما يجعلنا نتساءل كيف يرتبط الجمال بالقتل؟
فقد تداول المتخصصون بالفايروسات صورة توضح شكل كورونا وهو يبدو جميلاً فعلا، لكن هذا الفايروس الجميل يقتل ويُمرِض كل جسد حي يدخل اليه، فطالما ان هذا الجسد مكون من خلايا فسيجعل من هذه الخلايا حاضنة لما يعتاش عليها ويقتلها في النهاية.
وماهو مذهل هو ان هذا الفايروس لا يدرك مهمته كعامل مُمرِض وقاتل الا بعد ان يدخل الجسد الحي وكانما تنفخ الخلايا به الوجود، فهو قبل دخوله الجسد لم يكن قاتلا، والسبب ببساطة انه في هذه المرحلة لم يكن حيا بمعنى الحياة التي نعرفها، فهو لم يكن يعلن عن وجوده، هو اشبه بكونه مجمدا، او سابتا، نصف حي ونصف ميت، نصف وجود ونصف عدم، لذا فان دوافع القتل لديه تكون غائبة.
في هذه المرحلة لم يعِ الفايروس بانه قابل للحياة بعد.. فهو يبقى ساكنا الى اشعار آخر توفره الصدفة له، عندما تنقله الى خلية حية ليبدأ منها الحياة واعلان وجوده. حيث يحيا وجوده هذا بتكاثره، وقدرته على اعادة برمجة الخلية الحاضنة، وتطوره الى مستويات اعلى من اجل خوض معاركه مع المناعة.. فبمجرد دخوله لخلية اي كائن حي ستتوفر له شروط الحياة من التكاثر والتطور والنمو، ومن ثم تحويل الخلية باتجاهات خطرة وقاتلة للجسد الخاص بها.
هذه المواصفات الجديدة وغيرها هي نقلة نوعية من الجمود الى الحياة. و قد تجعلنا نجمح بخيالنا لنقول انها نقلة من العدم الجميل الى الوجود الجميل المؤذي لخلية حية ساعدته على الحياة، او بلغة ارسطو هي نقلة من الوجود بالقوة الى الوجود بالفعل... فما كان مغمورا في الفايروس قبل دخوله الخلية، ظهر للعلن الذي ربما يمكن القول معه ان مقاصدا ورغبة بالتكاثر جديدة قد تولدت لديه وتتغافل هذه المقاصد عن مدى اذاها للخلية الحية من اجل الاستمتاع بالوجود الجديد، فالفايروس الممرض اناني، فهو يستعمر ارضا ليست ارضه يدمرها من اجل ان يبني عالمه ويستمتع بتحوله الجديد على حساب الخلية ووجودها…
التساؤل المهم هنا هو كيف يستطيع هذا الفايروس البسيط جدا في تكوينه البايولوجي ان يصرع كائناً معقداً في تفاصيله البيولوجية؟
قد يسحبنا الجواب على هذا السؤال الى نتيجة تقول ان البسيط اقوى من المعقد…
لكن كيف؟
الجواب، هو ان الكائن المعقد (الانسان) بسبب خلاياه الكثيرة وقدرتها على الانقسام يجعله مناسبا لتوليد فرص كثيرة لاختراقه وزعزعة نظامه البيولوجي من العوامل الممرضة البسيطة كالفايروسات، فالكائن البسيط (الفايروس) يجد في خلايا (الانسان) المعقد فرصة مناسبة لاختراقها والعيش عليها..
وترجع قدرة البسيط على غزو المعقد لسببين:
السبب الاول، تفاصيل المعقد البيولوجية الكثيرة مقابل البسيط الذي لا يتحلل الى ما هو ابسط، ما يجعله قويا. فطبيعته البيولوجية لا توفر منفذا او مناسبة لاختراقه و قتله، بعكس المعقد الذي تسمح تفصيلاته البيولوجية بالتفكك الى اولياتها في أية فرصة تبغي ذلك ما يجعله ضعيفاً. وهذا يفسر استمرار وجود الكائنات البسيطة منذ بدء الخلق، مقابل انقراض كثير من الكائنات المعقدة متعددة الخلايا..
السبب الثاني، عدم قدرة للانسان على رؤية الفايروس بالعين المجردة، ففي ظل انتصار العقل في معاركه الكثيرة امام مجاهيل واسرار الطبيعة نجده بين الحين والاخر ينهار امام عوامل وكائنات بسيطة غير مرئية تنال منه بغتة. وتكمن خطورة الفايروس غير المرئي في ان الانسان لا يشعر بوجوده الا بعدما يسبب لجسده الضرر، فكلما قضى الانسان على نوع ما سيظهر ماهو اقوى. ولَم يحزر الانسان قوة هذا البسيط الا بعد ان يجرب حظوظه عندما يكون جسده حاضنا له…
ووفق هذا سيكون العقل -وهو سلاح الانسان الاوحد لمحاربة الفايروس- عاجزا عن مدّنا بوسائل جذرية للقضاء على البسيط، بل ان طرقه اقرب للبدائية كونها لا ترتقي للقوة الغريزية التي يتمتع بها الفايروس في تطوير نفسه والتمادي في تطويع الطبيعة.. فماذا يفعل التطعيم او اللقاح او رش مبيدات، امام الفايروس الذي يطور نفسه باستمرار ليجد طرقا بديلة لانهائية لاختراق جسد الانسان بغتة، ومن دون ان يعي العقل مسبقا ولو اشارة من ذلك، فهو لا يدرك ذلك الا بعد وقوع الخطر.
وعلى هذا الاساس سيبقى الانسان بمحدودية حواسه القاصرة على رؤية ما يقع ضمن الابعاد الاربعة، حيث يسقط من ادراكه ما يتعدى ذلك، سيبقى غير قادر على توفير حل جذري يحميه من غزوات فايروسية مقبلة… فلا يمكن الجزم بان قوة العقل التي تغلبت حقا على الكثير من الاعداء الفايروسات وغيرها، بانها ستصمد امام تطورات فايروسية لاحقة.. فمن الصعب التنبؤ بمن المنتصر النهائي المعقد ام البسيط، ويبدو ان المعارك القادمة اقوى فالصراعات الازلية هي سمة كوكبنا الغريب وهي لاشك ابدية ايضا!
*************
ص10

توت عظامي.. حرير

غني العمار
ذهب العمر بشعري
رماهُ بطباشير الخيبات
وبساقاي
جعلهما تتكئان على عكازتين
وأذ تردى
اقعدني في عربة
يتقاعس كل من يدفعني
لذا لزمتُ البيت صديقاً
كما كان السجنُ
صار طعامي في غير اوانه
وكل ساعة أُبدِلُ كطفل ثوبي
من أشياء لا تسألوني بها – لطفاً –
وأسيرُ داخل البيت حافياً خوف السقوط
وصياحي ملّ منهُ الأبناء عدوهُ تعمُداً
وكل من يراني يتأسف
يا من ترى
(كل قوي للزمان يلينُ)
أيها الزمن
جعلت من توت عظامي حريراً!
ورميت بي في بئر الآخرين يوسفا
وكان رشائي قصيرا
وطوفان أجاجي رهوا
وما من أحدٍ ارتجيه
سوى الله
*********
في ديوانه الجديد "من يعرف الأرض، من يعرف السماء؟"
عبد الكريم كاصد بين المشهد اليومي
والسؤال الوجودي*
عمر شبانة
تشكّل تجربة عبد الكريم كاصد، الشعرية خصوصاً والثقافية عموماً، واحدة من التجارب العربية الجديرة بالاهتمام. وبالنسبة لجيلنا من شعراء الثّمانينات، فقد مثّل ديوانه "الشاهدة" (في طبعة دار الفارابي 1981) علامة بارزة في الشعر العربيّ الجديد. عند ذلك الديوان الذي كان في رثاء والده "كاصد"، فجاء مترعاً بالفجيعة والألم، لكنه مفعم بالشعر والتخييل، ومن ذلك مقطع قصير نقرأ فيه الحضور القادم من قسوة الغياب: "وقبل موتهِ بلحظتينْ أطلّ في الغرفة، واستدارَ هادئاً يكتمُ في عينيهِ دمعتينْ دعوتهُ أن يستريحْ ثم نهضتُ خلفهُ لأفتحَ البابَ عثرتُ بالضريح".
قبل هذا لم أكن قرأت له من قبل، ثمّ تبعه ديوانه "وردة البيكاجي"، ليتبعه الكثير من الدواوين والانشغالات في القصة وأدب الرحلة والترجمة، عن الإنجليزية والفرنسيّة، ما جعل "مكتبة نتاجاته" عامرة بعشرات الكتب تأليفاً وترجمة، شعراً ونثراً، وصولاً إلى تجربته الشعريّة الجديدة، في ديوانه الجديد "مَن يعرفُ الأرض؟ مَن يعرفُ السّماء؟" (الصادر حديثاً في دار العائدون للنشر والتوزيع- عمّان، 188 صفحة). هنا جولة إطلالة "انطباعية/ تذوّقية" على ملامح من هذا الديوان المختلف في مضامينه وتقطيعه وأساليبه المتعدّدة.
بدءاً من العنوان، ومن التساؤل المزدوج، نحن حِيالَ عالَمَين؛ عالَم الأرضِ وعالَم السّماء، أو هذا ما يبدو للوهلة الأولى من تناول الدّيوان، ولكن، في أيّ أرضٍ وأيّة سماء سنجد أنفُسَنا ونحنُ نغوص فيهما؟ أرض الواقع أم أرض الأحلام؟ وهل تلك سماءُ النجوم والأقمار، السّماء الزرقاء أم سَماء الدّيانات والأساطير؟ هي أسئلة عن العوالم التي تثيرها قصيدة كاصد ولغته وتصويره وفلسفته في رؤية الحياة بوجوهها وأبعادها المتعددة.
للشاعر في هذه المجموعة أيضاً أسئلة مختلفة المغزى، ففضْلاً عن السّؤالين في العنوان، سوف يُوقفنا كاصد على أسئلة شتّى، انطلاقاً من سؤال العينين "لماذا لا تَرى العينُ أختَها إلاّ في المرآة؟"، هذا السؤال الذي يأتينا من عالم غير مألوف، وربّما لا إجابة له لكنه مهمّ وجميل ومدهش كعاشقَين لا يلتقيان إلا في العتمة حيث لا رؤية سوى البصيرة، لا البصر العَيانيّ. وبهذه البصيرة ذاتها نقرأ نصوصَ كاصد التي تتنقّل بين الوزن (التفعيلة) والنثر الذي يحمل إيقاعَه الخاصّ. النصوص التي تتنقّل أيضًا بين المشهد اليوميّ والسُّؤال الوجوديّ، وما بينهما الحضاريّ والأسطوريّ والتاريخيّ.
بيتُ الشّاعر

وكما يفهم الشّاعر الشّعرَ، فهو يجسّده بالمتخيّل في "مدينة الشعر"، بل تحديدًا في الطريق إلى هذه المدينة، وقريباً من قسطنطين كافافيس ومحمود درويش، في ما يتعلّق بالطريق إلى البيت، ففي قصيدته "خرائط"، والمقطع الذي حمل عنوان "دليلٌ موجزٌ إلى مدينة الشّعر"، نقرأ: "إذا ما أردتَ الدخولَ إلى مدينة الشعر فإنّ أوّلَ ما يصادفُك في الطريق إلى الشّعر وعوالمه: قريةٌ في القرية نهر يقطعُهُ جسر وبيتٌ لا يسكنهُ أحدُ".
وهكذا، نسير معه في الطريق، نسير في خيالاتنا/ خيالاته، إلى أن نصل فنبصر لافتة كالإصبع تشير إلى البيت، وقد خُطّ عليها بحرفٍ صغير: "هنا يسكنُ الشاعر". فأيّ مكان وأيُّ بيت متخيّل هو هذا، سوى بيت/ مكان الحلم؟ وما البيت هنا؟ ولنلحظ أنّ البيت ليس هو المنزل أو السّكن، فالبيت يمتلك دلالات أعمق وأشدّ رسوخًا في الرّوح، وحينما يصل الشاعر إليه فإنّما يبلغ روحه ومبتغاه ومصيره. هنا نقف على ثمّة قدْر كبير من التجريد في اجتراح هذه الصورة. تجريد لا بدّ أنه يمتلك جذوره الواقعيّة.
ثمّ لا يلبث الشّاعر أن ينقلنا إلى عالم آخر، فأنتَ بحسب طائفة "الزنّ" البوذيّة، ولدخول عالم الشّاعر والشِّعر، أو "للذهاب إلى مدينة الشعر/ عليك أنْ تقطعَ الغابة/ وأن تصحبَ الذئب/ والأفضل ألاّ تذهبَ أبدًا/ هكذا يقول شاعرُ "الزنّ". بعد ذلك، ينتقل بنا الشاعر إلى "دليلٌ موجزٌ إلى غابة الشعر" في صور شبيهة بالسّرياليّة، بل هي السّرياليّة ذاتُها حيث أنت "كأرنبٍ مُسرعٍ يُمسك ساعتهُ بالمقلوب.."، ويأخذنا إلى غرائب العلاقات بين كائنات الطبيعة، لنجد أنفسَنا أمام "شريعة الغاب".

رؤية الحياة

ضمن هذه المسارات يرسم الشاعر "رؤيته" للشّعر وللوجود كلّه، للحياة والإنسان والحيوان، للمُدن والطّرق، وللأزمنة والأمكنة التي تتداخل لتصنع عالم النصّ/ القصيدة، بل عوالمَها المشغولة بمهارة وحنكة عاليتَين. وفي هذا الإطار يرى كاصد "وظيفة" الشّاعر، الذي هو، على نقيض العالم جميعًا من المُوظَّفين، ليس موظَّفاً عند أحد سوى الشّعر، لكنّه على خلاف الموظّفين جميعاً يظلُّ يعمل بلا نهاية، ففي قصيدته "مديح" (بمناسبة اليوم العالمي للشعر)، يرى الشاعر أنّ “الجميع يتقاعدون/ إلاّ الشاعرُ".
هو شاعر يرسم صورة الشاعر، منذ "فرسان تلك العصورِ القديمة"، إلى الشاعر الذي "يهمس في أذن الأبدية العجوز الصمّاء/ أشعارَهُ الباقيهْ". وهو الشاعر الذي يشتغل في التجريب والتنويع على تجربته، فيجترح أشكالًا عدّة، شكل منها يتمثل في كتابة "مَسرحيّة قصيرة جدّاً"، في خمسة فصول وخاتمة، يختزل فيها صوراً من الموت تتجسّد في الحرب ومآلاتها، فـ"الفصلُ الأول: حرب"، و"الفصلُ الثاني: سِلْمٌ أسوأ من حَرب"، فيما "الفصلُ الثالث: أحياءٌ مفزوعون/ يزورون المَوتى"، و"الفصلُ الرابع: مَوتى مفزوعون/ يزورون الأحياء"، وفي "الفصل الخامس: لا أحدَ هناك/ أين ذهب الأحياء؟/ أين ذهب الموتى؟"، وفي الخاتمة يتساءل عن "النهاية" بسؤال الحائر "من يعرفها؟".
وعلى سبيل التنويع المختلف، والتمثّل بنصوص عربية وعالمية، ثمة قصيدتان، واحدة منهما تنويع على الجملة الشائعة "الجميلاتُ هنّ الجميلات" من قصيدة محمود درويش الشهيرة، والثانية بعنوان "صفصافة" وهي تنويع على أغنية الصفصافة لشكسبير في مسرحيّته "عُطَيل". وفي كلتا القصيدتين ثمة مقاربة لعوالم كل من الشاعرين درويش وشكسبير. لا بل إنه يتصادى مع "ليليّات" الموسيقار الشهير شوبان التي تنحو نحو الأداء الأوبرالي: "شُوبان: من "ليليّاتِك" ينبثقُ الفجر الضوءُ خفيف يسّاقطُ كالماء الماءُ خفيف يسّاقطُ كالضوءْ شُوبان "ليليّاتك" فجرْ".
وإلى كثرة وغزارة حضور الأمكنة، القرى والمدن والمقاهي والقطارات والمحطات، عراقية وعربية وعالمية، فثمة حضور بارز للطرق، وفي صور مختلفة ومتعددة، واقعية ومتخيّلة، ويحضر التاريخ كذلك في هواجسه وأسئلته الجوهرية، نقرأ فيها "تاريخُ الإنسان الحيوان الأشباح إذا شئت"، ونقرأ: "هل قال التاريخْ إنّ الموتى حملوا أسمالَهم ومضَوا قطعانًا أو آحادًا في الطرقات؟".
وفي قصيدة بعنوان "طريقان"، يختصر الشاعر الكثير من تلك المعالم التي تحدثنا عنها في هذا المقطع "المحطة القادمةُ، القريةُ البعيدة، المزرعةُ التي تلُوحُ في الأفق، السّحابةُ التي تمرّ، الشمسُ تحتجبُ وتسفرُ ضاحكةً، المرأةُ تلوّحُ بعباءتها، الرجلُ يلوّحُ بعباءتِهِ، السكّةُ تلمعُ في الضَّوء، الشجرةُ الوحيدة الخضراء، كغابةٍ، وهي تلمسنا بأغصانها مباركةً..".
وأخيراً، ومن بين الملامح البارزة في المجموعة، كما في تجربة كاصد عمومًا، الاحتفاء بأسلوب الحوار والسّرد، بل "الحكي" والقصّ، وكثيرًا ما يبدأ القصيدة بالفعل، كما في "بطاقاتُ تهنئة إلى آدم". ثمة الكثير ليقال عن هذه المجموعة المدهشة، لكنها تحتاج إلى دراسات وليس مجرد قراءة "صحافية" كهذه، كانت مهمّتها إلقاء الضَّوء على بعض عوالم الشاعر، وملامح من ديوانه هذا لا الديوان كلّه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* انديبندنت عربية 15 أيار 2020
** **************
الجائحة
وعبثية المشهد


طالب عبد الأمير
متثاقلاً يأتي المساء يجر خطى وئيدة، والظلام يفرش أردانه على الطرقات.
تتلألأ القناديل. ليست كلها، كما في كل مرة، بل بعضها، الذي لم يصله هيجان العاصفة بعد.
لكن ما فائدة المصابيح إذا كانت الطرقات خالية من البشر. وحدها الحيوانات البرية تمرح في الشوارع التي لم تعد تسمع فيها وقع الأقدام الآدمية ودوي المكائن المتحركة، وكركرة الأطفال في المدارس ورياض الأطفال والحدائق العامة.
وحدها البيوت التي تضج بالحركة الصامتة.. فيها المصابيح تبتلع ظلمة النوافذ المغلقة.. والزمن يفقد إحساسه بالمكان والزمان معاً. فكلاهما يتحول الى كيان هلامي يتشظى بالتساوي. نعم المساواة، العدالة التي جاءت لتؤكد معجزة أفلتت من مدارها. ولكنها جاءت في الزمن الخطأ والمكان الخطأ. مساواة مختصة بالموت العددي السريع. موت الجائحة التاجية.
• غريبة هذه التسمية.. اسمها كورونا
• نعم وكورونا تعني التاج بالعربية. وهي بهذا المعنى في اغلب لغات العالم. فهذا المارد النانوي الحجم والتاجي الشكل.
تتدخل مع الظلمة فيما تتساءل وهي تتفحصني لتعرف كيف قضيت النهارات:
• من يسأل من؟ ومن يجيب؟
• أنا أسأل نفسي وأنا أجيبها
• كيف؟
• كيف، كيف؟ ألست أنا وحدي في الحجر الصحي الوقائي؟ لا التقي احداً خوفاً من العدوى. حجرت نفسي وعزلتها، فلا التقي باصدقاء او اقارب أو سمّار. منذ عدة شهور وانا على هذا الحال. اذاً فأنا أتحدث مع نفسي، اشاغلها كي لا افقد مشاعري.
• انت لست الوحيد في هذه العزلة، مثلك كثيرون وفي مختلف بقاع العالم . وأنت تتواصل مع الآخرين كل يوم، عبر تقنيات وسائل التواصل الرقمية.. الا يكفيك هذا؟
• لا، ليس بكافٍ. فالحضور جسداً في المكان والزمان يولد أحاسيس ومشاعر لا تمنحها كل تقنيات العالم.ثم أنا اتحدث عن نفسي.
• إقرأ إذن
• قرأت وقرأت كثيراً وكتبت حتى بدأ الملل يتسلل الى مفاصلي. وأصابعي باتت تتفاعل ببطء، تتأخر في النقر على لوحة ازرار الكومبيوتر لتسجل ماتمليه عليها افكاري.
حدث هذا الأمر بسرعة خيالية لا يضاهيها شئ سوى عبثية الموت. وعبثية الحياة أيضاً، لمن يبقى حياً بعد العاصفة. فعلى ضفتها حدثت المفارقات.. لا احد يجزم كيف ولد هذا التركيب الغامض والمتناهي الصغر..وكيف توجه؟ ومن وجهه؟ ومن أعطاه السيف ليطعن اجساد البشر ويبعث بهم الى الضفاف الأخرى دون ضجة او مراسيم دفن ومجالس عزاء حتى.
قالوا انه يستهدف أولاً فئة عمرية محددة أسموها فئة منطقة الأزمة.. الفئة التي أن وجودها قد بدأ وجودها، بالعد التنازلي،أصلاً. وفئة تعاني من أمراض عصر التقنية الرقمية. لكن ثمة استثناءات. الجائحة لا تستثني فقد اصابت بعضاً من هم خارج الفئتين، لكنها لا تميز بين ضحاياها، عرقياً او جغرافياً او دينياً او اثنياً، ثقافياً او اجتماعياً. فالكل سواسية امامها. كل الاسماء والصفات تتحول الى ارقام ومنحنيات بيانية في احصائيات الكارثة التاجية.
وخلف كل رقم ثمة تاريخ ميلاد وسيرة ذاتية، و طموحات وآمال ومشاريع ذهبت أدراج الرياح.
• أنت متشائم، قالت القناديل المتلألئة في الشوارع المقفرة.
• لا بل متشائل، اجابت النوافذ المغلقة بألسنة القابعين خلفها. فالمحجورون استسلموا للنوم ولكن مصابيحهم تظل مضاءة ليبعدوا الجائحة. فهي تخاف الضوء وتعشق الظلمة.
التاجية فرضت قواعد جديدة للعبة غير المتكافئة أصلاً. وكشفت عن هشاشة الانسان. رغم جبروته وقسوته وغطرسته. الإنسان استغل الطبيعة ببشاعة ودون رفق. صفعها مرات ومرات دون رحمة، وراح يكدس المال ويحميه بالتسلح والسلطة..
• يحميه مِن مَن؟
• من الأغلبية الجائعة.
• محض هراء، لا أحد يثور وبطنه خاوية.
الطبيعة ترد الآن الصاع صاعين. و تقلب المعادلة، وتخلط الأوراق كي تعيد ترتيبها. أو لتخلطها من جديد.
************
تلويحات ملونة


حمزة فيصل المردان

أنثى الفاختة ِ
تبحثُ عن ُعشِها
غير المقروء
بين جداول الضرب .

خارطةُ البحرِ
دليلُ ...
لشمس ِالليل ِ
ومفاتيح ...
لأقفال الموتى
ودروبُ....
لأصداء المجهول ِ
تقصدها حمائم الصبح ِ
والآلهة

المكعباتُ
بيدِ الطفل الأخير
يلهو بها مغتبطاً
وأنا ألهثُ كــ ....
وراء قيثارةٍ
مقتولةٍ بالنسيان ِ

تسعينيات
تحَولت إلى سجين
مضرب عن الطعام ِ

أنكيدو
يبرزُ من ظلمة المجهول
يحملُ صفحة ًباردة ً..
خط َعليها وصاياهُ
كي تتسلمها الرياح .
النفط
شراب الديناصورات
القلقة ُ
منذ أمدٍ بعيدة
تحَول إلى أداةٍ للموت

الغائب
أشعلَ في الدرب ِ
ألحانه ُ...
فتسابقنا للامساك ِ
برياحها ...
التي اِقتسمت مع السراب
جذور المسافة ِ
وهواجسَ الثكالى
وتركتنا مُجَدرين
****************
قصة قصيرة
حكاية الحاج
للكاتب التركي الساخر
عزيز نسين
ترجمة: عادل حبه
قبل ستين عاماً تقريباً، وصل رجل دين إلى احدى القرى. وعندما رأى هذا الرجل مسجد القرية القديم تيقن أن أهالي القرية هم من المسلمين. وتوجه وهو في أوج حالات السرور إلى مختار القرية وأبدى استعداده ليتولى امامة الجامع. ومن المفارقة أن المختار لم يؤد واجب الصلاة طوال حياته، ولم ير على الاطلاق مراسيم صلاة الجماعة. انتاب مختار القرية دوامة من التفكير العميق وهو يصغي إلى مقترح رجل الدين. فقد كان شديد الاحراج خوفاً من أن يعلم رجل الدين بأنه لايعرف إداء الصلاة. ولذا وافق على طلب رجل الدين دون أن يبدي أية توضيحات.
وعنما حل الليل، جمع المختار أهالي القرية، وروى لهم مجىء رجل الدين ومقترحه بأن يكون أماماً للجامع. وفي الختام أوضح المختار بإنه لا يعرف قواعد الصلاة. وسأل المختار الحاضرين أي منكم يعرف هذه القواعد؟ وبانت علامات التعجب على وجوه الحاضرين دون أن يجيبوا على سؤال المختار. وفي النهاية تدخل أكبر أهالي القرية سناً وقال:" على حد علمي ليس من الواجب أن نعرف شيئاً عن قواعد الصلاة. يكفي أن نقلد ونردد كل ما يتفوه أويقوم به أمام الجامع".
وهكذا وُجد الحل، وبانت مظاهر الارتياح على وجوه الحاضرين وتحرك الجميع صوب المسجد القديم. وقف رجل الدين أمام الجميع، واصطف أهالي القرية خلفه. رفع رجل الدين يداه نحو شحمة الأذنين وشرع بالتمتمة. وقام المصلون برفع أيديهم صوب شحمة آذانهم ولكنهم لم يفهموا بدقة ما تفوه به الامام. ولذا بادروا بالهمهمة. بعد ذلك حرك الرجل يداه نحو الأسفل وقال بصوت جهوري...الله أكبر!. وصاح أهالي القرية بحماس وبصوت عال عبارة الله أكبر التي جذبتهم لأنهم فهموها. وقام الرجل بالتمتمة من جديد بعبارات غير مفهومة، وراح الأهالي بدورهم يرددون بتذمر عبارات غير مفهومة. ثم قام الرجل بوضع يديه على ركابهم وردد بضع كلمات لم يفهمها الحاضرون. واخذ الأهالي يقلدونه ووضعوا أيديهم على ركابهم مع قدر من الهمهمة. ووقف الرجل من جديد وقال : الله أكبر. وقلد الحاضرون الرجل ووقفوا وصاحوا بأعلى أصواتهم الله أكبر!!. ثم سجد الرجل وردد بعض العبارات غير الواضحة، وشرع الأهالي أيضاً بالسجود وتمتموا ببعض الأصوات. وتربع الرجل، وجرياً على ذلك تربع الحاضرون. وفي أثناء ذلك حُشرت قدم رجل الدين في ثنايا خشبة أرضية المسجد، وراح الرجل يعربد جراء شدة الآلام في قدميه:آآآآآآآآخ. وصرخ الحاضرون أيضاً بحماس منقطع النظير: آآآآآآخ. وسعى رجل الدين إلى انقاذ قدميه من هذا المأزق، فراح يتحرك يميناً وشمالاً مستعيناً بيديه لتوسيع الشق بين الأخشاب. وما أن رأى الأهالي رجل الدين وهو يتمايل يمينياً وشمالاً حتى شرعوا يقلدونه ثم راحوا يتحركون يميناً وشمالاً ويضريون أرضية المسجد الخشبية بأياديهم. وهنا صرخ رجل الدين بأعلى صوته " يارب أنقذني"، وسرعان ما قلد الأهالي رجل الدين وتضرعوا إلى الخالق بانقاذهم. عندها انبرى الرجل بالصياح قائلاً: " أيها الحمقى هل انتم عميان .... ألا ترون ما حل بي؟". وما أن اكمل الرجل كلامه حتى تعالى صياح أهل القرية مرددين العبارة نفسها.
وقام الرجل بمسك خشبة أرضية المسجد كي يبعدها عن بعضها متضرعاً إلى الله كي يمد له يد العون. واعقبه الأهالي وقاموا بنفس الحركة ملتمسين العون من الله. وبعد ثلاث أو أربع دقائق، استطاع رجل الدين أن يتحرر من هذا المأزق، وألقى نظرة ذات معنى على أهالي القرية وهو يعاني من ألم شديد في قدميه مما أدى إلى سقوطه على الأرض وفي حالة إغماء. نظر أهالي القرية إلى ما حل بالرجل ورموا بانفسهم على الأرض، واستمروا على حالهم مقلدين الامام حتى استعاد امام الجامع وعيه. عندها توصل رجل الدين ألى قناعة بأنه قد أخطأ في المجيء إلى القرية، ولذلك ترك القرية بدون أن يقدم لأهلها أية إيضاحات.
و منذ ذلك الوقت وحتى هذا اليوم استمرت مراسيم صلاة الجماعة في هذه القرية. بالطبع.. وبما أن الأهالي لم يتقنوا ما كان يردده رجل الدين من كلمات وعبارات بينها عبارة الله أكبر، فإنهم لا يتمتمون بأي شيء ويكتفون بمراسيم مجللة في نهاية الصلاة. ولحد هذا اليوم جرى تأليف 12 كتاباً حول فلسفة مراسيم نهاية الصلاة. بالطبع هناك انحرافات جزئية عن الأصول قد شوهدت في القرية. فقد انقسم أهالي القرية جراء ذلك إلى 22 فرقة مذهبية. فالبعض يعتقد أنه من الواجب أن يكون قفاز اليد من الخشب كي يسهل التعامل مع أرضية المسجد الخشبية، في حين يعتقد آخرون أن لا مانع من استخدام كل شيء. كما يعتقد البعض أنه كلما كانت فترة الاغماء بعد الصلاة أطول، فإن ذلك سيؤدي إلى التقرب أكثر من الله. في حين يعتقد آخرون أن المهم هو كيفية الاغماء وليس مدته. نعم أنهم قد اختلفوا في الجزئيات، ولكنهم جميعاً أضحوا على اعتقاد راسخ بأنه بات من الضروري أن يمارس البعض دور المرجعية وآخرون دور المقلدين.
*************
لماذا؟

لماذا يبقى برنامج (القرار لكم) الذي تقدمه سحر عباس جميل من فضائية دجلة، محتفظاً باسمه، وكل متفرج يعلم جيداً ان القرار لم يكن لأي متفرج.. لأن المواطن مغيب تماماً؟
*************
ص11
سائق تاكسي بصري ينقل الكوادر الصحية مجانا
البصرة – وكالات
عرض صاحب سيارة أجرة نوع "سايبا" في مدينة البصرة، خدماته المجانية لنقل الكوادر الصحية، وذلك جزءا من المساهمة المجتمعية في مواجهة فيروس كورونا.
وتعكس هذه المبادرة، بحسب مواطنين، تناميا في الوعي الاجتماعي والتضامن المشترك لمواجهة الفيروس، عبر مساعدة كوادر خطوط الصد الأولى في الوصول إلى مواقع أعمالها، مضيفين في حديث صحفي، أن مثل هذه المساهمات تأتي أيضا عرفانا بجميل الكوادر الصحية وهي تعرض حياتها للخطر من أجل وقف انتشار الجائحة.
وثبّت سائق التاكسي لافتة على سيارته، كتب عليها "نقل الكوادر الصحية مجانا".
************
نادي السينما في قاعة
يحيى قاف في الموصل

صباح سليم علي
تهدف نوادي السينما الى اعطاء اعضائها ثقافة سينمائية. وقد تحدث الناقد الفرنسي اندرية بازان عن اهمية نوادي السينما وعن ضرورتها من اجل تطوير الفن السينمائي واللغة السينمائية فقال (ان السينما كلغة شانها شان كل اللغات في العالم يجب ان تعلم) ولعدم وجود دور عرض في مدينة الموصل يتوجه الجمهور الى ناد للسينما، لمشاهدة افلام جادة يستطيع عن طريقها مشاهدة ومناقشة الافلام قبل العرض وبعده. وهذه فرصة تتيحها نوادي العرض السينمائي. ولهذا السبب أنشئ نادي السينما على قاعة يحيي قاف. ليسد الفراغ الذي تشكو منه المدينة لعدم وجود صالات عرض. وفي الوقت نفسه ليكون متنفسا" لمحبي الفن السابع من النخبة المثقفة سينمائيا" لأنه من الناحية الواقعية لا يمكن ان يكون بديلا" عن دور العرض التي تتسع لمئات المتفرجين. لكنه خطوة صحيحة وجادة لاعادة الاعتبار للسينما التي تعد من اهم الادوات الثقافية في عالمنا المعاصر ..والتي غيبت في الوقت الحاضر
وخاصة بالنسبة للمهتمين بالسينما من كبار السن والشباب. حيث تجري النقاشات بجو مفتوح وملتزم بقضايا الوطن في نادي السينما / قاعة يحيى قاف.
************
نداء
الى مجلس القضاء الأعلى

يمر العراق حالياً بظروف صعبة، حيث تحيط به الأزمات من كل جانب وتزداد وطأتها على المواطن لتفوق طاقته على التحمل. ومن هنا فان على الدولة أن تفعل كل ما في وسعها لحماية المواطن من رُسل السوء بكل ألوانهم، وفي كل المجالات ومن بين أبرزها مجال الغذاء ومتطلبات الحياة اليومية، لتأمين سلامتها.
أننا نلاحظ وبكل أسف أن هناك العديد من التجار الذين يستغلون هذه الظروف الصعبة، لتحقيق مكاسب غير مشروعة عن طريق توريد المواد الغذائية الفاسدة مثلا، كما حصل مؤخراً عند ضبط عشرات الأطنان من البيض الفاسد المورد من أيران الى محافظة كركوك، وتعبئته في صناديق كتب عليها "بيض عراقي"، أو عند ضبط كمامات مستوردة وهي منتهية الصلاحية، مما يشكل خطراً محققاً على المواطنين.
ونظرا للظروف الاستثنائية التي يعيشها العراق، ولغرض التصدي للفاسدين من تجار السوء، وبسبب عدم فاعلية القوانين النافذة في هذا المجال حاليا، وهي قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 (المعدل) وقانون الكمارك رقم (23) لسنة 1984 (المعدل) وقانون التعرفة الكمركية رقم (22) لسنة 2010 (المعدل)..
فاننا نناشد مجلس القضاء الأعلى الايعاز بتطبيق أحكام قانون مكافحة الأرهاب رقم (13) لسنة 2005 بحق هؤلاء المتاجرين بارواح الناس وصحتهم، في الوقت الذي يعيش فيه البلد حالة طوارئ من الناحية الفعلية، خاصة وأن الممارسات المشار اليها تشكل تهديداً فعلياً لسلامة المواطنين وحياتهم، أفراداً وجماعات، كما تشكل تهديداً للأمن المجتمعي.
ان ادخال أية مواد غذائية فاسدة، أو مستلزمات منتهية الصلاحية مما يستخدم في التصدي لوباء كورونا مثل القفازات والمعقمات والأدوية، هو مما يتوجب التصدي له بقوة وفعالية، وملاحقة ومساءلة التجار الذين يمارسونه دون وازع من ضمير. وذلك من خلال شمول هذه الأفعال المشينة بقانون مكافحة الإرهاب وأحكامه، بما يردعهم وغيرهم عن ممارستها، وهذا من أبسط واجبات الدولة لحماية مواطنيها.
زهير ضياء الدين
*************
محمد جواد الوسمي يتوَّج فارسا لـ "ميدان الشعر"
بغداد - طريق الشعب
حصد الشاعر الشاب محمد جواد الوسمي، المركز الأول في مسابقة الشعر الشعبي، التي نظمتها أخيرا، قناة "الفرات" الفضائية بمشاركة أكثر من 400 شاعر من عموم محافظات العراق.
جرت المسابقة على ثلاث مراحل امتدت إلى أربعة شهور. وفي المرحلة الأخيرة التي كانت الأصعب، طلبت لجنة التحكيم من آخر ستة شعراء فائزين، اختيار بيت شعر، والارتجال عليه بوزنه وقافيته ذاتهما، على أن يتم ذلك في وقت لا يتعدى الـ 20 دقيقة.
وقد اختار الوسمي قافية صعبة لا تتضمن مفردات كثيرة، الأمر الذي أثار قلق لجنة التحكيم مما إذا كان قادرا على إتمام القصيدة. لكنه استطاع أن ينجز الاختبار بنجاح ويبهر أعضاء اللجنة، لينال لقب "فارس ميدان الشعر". ووفقا لما ذكره مقربون من الوسمي لـ "طريق الشعب"، فإنه لم يكن ينوي المشاركة في المسابقة، وقد تم الأمر عن طريق المصادفة. فهو كان قد حضر الحلقة الأولى من المسابقة مع أحد أصدقائه الشعراء المشاركين فيها، وهناك وجدوا إن شاعرا من بين المشاركين، اعتذر عن الحضور، فتم طرح اسمه بدلا عنه، حتى فاجأ الجمهور، ولجنة التحكيم المؤلفة من شاكر التميمي وجبار رشيد وأبو حسنين الربيعي، بإبداعه الشعري.
جدير بالذكر أن الشاعر محمد جواد الوسمي عضو في لجنة الإبداع الأساسية، التابعة إلى لجنة المثقفين المحلية للحزب الشيوعي العراقي.
************
لوح من "كلكامش" موضع صراع قانوني في واشنطن
واشنطن – وكالات
يسعى مدعون أمريكيون إلى مصادرة لوح أثري نادر من "متحف الكتاب المقدس" في واشنطن، المشارك في تأسيسه رئيس مجموعة "هوبي لوبي" لمتاجر التجزئة .
والقطعة الأثرية عمرها 3500 عام، ويعود أصلها إلى العراق، وتحمل نصا من ملحمة كلكامش، أحد أقدم الأعمال الأدبية في العالم.
ويقول الادعاء أن دار المزادات التي باعت اللوح، حجبت عن عمد معلومات تتعلق بمصدره.
وكانت "هوبي لوبي" قد اشترت اللوح عام 2014 من دار مزادات خلال جلسة بيع خاصة، بقيمة 1.67 مليون دولار، وذلك لغرض عرضه في "متحف الكتاب المقدس".
ويوضح مكتب الادعاء الأمريكي للمنطقة الشرقية في نيويورك، إن اللوح دخل الأراضي الأمريكية بطريقة غير قانونية.
وتضم القطعة الأثرية المعروفة باسم "لوح حلم كلكامش"، أجزاء من قصيدة الشعر السومرية الملحمية.
ووفقا للدعوى المدنية التي رفعها المدّعون، الاثنين الماضي، فإن تاجر تحف كان قد اشترى اللوح عام 2003 في لندن، ثم باعه عام 2007 لمشتر آخر مقابل مبلغ 50 ألف دولار، وقد تضمنت عملية البيع وثيقة مزيفة تزعم الحصول على القطعة من مزاد في الولايات المتحدة عام 1981.
وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية قالت من جهتها، إنها تسعى إلى معرفة ما إذا كان اللوح من بين آلاف القطع الأثرية المسروقة من متاحفها عام 1991.
وكانت تسعة متاحف عراقية على الأقل من مجموع 13 متحفا في البلاد، قد نُهبت في ذلك العام، عندما فقد نظام صدام حسين المباد سيطرته على مناطق معينة في البلاد، بعد فترة وجيزة من غزوه الكويت.
وتأتي الدعوى المدنية بعد تغريم مجموعة "هوبي لوبي" مبلغا قدره ثلاثة ملايين دولار، وإجبارها على تسليم آلاف القطع الأثرية المهربة من العراق والتي اشترتها لحساب "متحف الكتاب المقدس".
وفي آذار الماضي كشف رئيس مجلس إدارة المتحف ستيف غرين، أنه رصد وجود خمسة آلاف قطعة أثرية أخرى من ورق البردي و6500 قطعة من الفخار في مجموعة المتحف غير معروفة المصدر تماماً. وقال إن القطع ستُعاد إلى العراق ومصر.
***********
نقطة ضوء ...
ازمات العراق في ملف واحد!

استقالت حكومة عبد المهدي غير مأسوف عليها، تحت وقع صراخ المتظاهرين الذين قدموا مئات الشهداء والاف الجرحى وعددا كبيرا من المعتقلين والمخطوفين. وبدل ان يعتذر رئيس الوزراء المستقيل، في يومه الاخير، من الشعب العراقي ويقدم له هدية بمناسبة شهر رمضان، ودّع شريحة المتقاعدين بايقاف رواتبهم من اجل ان يكبّل بديله بازمة جديدة!
الحكومة العراقية الجديدة تواجه عشرات الملفات التي يتوجب مناقشتها بجدية من اجل اعادة هيبة الدولة والسير على سكة التوافق الوطني التي يطرحها شرفاء هذا الوطن!
وهي حكومة مؤقتة او انتقالية لاجل اجراء انتخابات جديدة نزيهة وشفافة، على اساس قانون انتخابي جديد يضمن للمواطن صوته من دون بيع او شراء او تزوير!
ولكن كيف نستطيع ان نضمن اجراء انتخابات كهذه في ظل فساد بشعٍ، اغرق البلاد والعباد في خراب ما بعده خراب؟!
ولذلك فاننا نرى مفتاح الحل يكمن في معالجة ملف الفساد، ولا يمكن لرئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي وحكومته النجاح في هذه المهمة من دون اجماع يشترك فيه الشارع العراقي ممثلا بالمتظاهرين، وشعاراتهم ضد الفساد والفاسدين، وتوافق وطني من احزاب وشرائح ذات مشروع وطني طموح، بالاضافة للدعم الدولي االمساعد في انجاح هذه المهمة!
لقد اشار رئيس مجلس الوزراء لهذا الملف قائلا:
"الفساد استنزف الثروة التي دخلت خزائن العراق، ولم اجد وانا استلم المسؤولية الا خزينة شبه خاوية"! من هذا التصريح اجد مفتاح خارطة الطريق لوصول الكاظمي وشعبه الى البر الآمن، اذا ما اراد ذلك! وليس لدي شك في نياته الوطنية، لكن الرياح تجري حسب هواها وليس حسب رغبة الربان الذي يقع عليه الجهد الاكبر في تغيير اتجاه تلك الرياح، كي لا تغرق السفينة!
ترى هل هناك ما جعل خزائن العراق خاوية غير الفساد؟!
وها هو رئيس الوزراء يشير اليه علانية مثلما أشار العديد من المسؤولين في قمة هرم السلطة!
ليس هذا فقط، بل هناك من تحدث بالملموس وامام الفضائيات عن مساهمته في الفساد مع زملاء له، وتم اتهام العديد من مؤسسات الدولة ابتداء من السلطات الثلاث مرورا بهيئات ووزارات وجهات كنا نعتقد بان الفساد لا يمكن ان يصيبها: الكهرباء والنفط وتراخيصه ( يقول الاختصاصيون ان تراخيص النفط رهنت النفط العراقي للشركات الاجنبية وتسببت في خسارة العراق لمليارات الدولارات سنويا ) والدفاع وصفقات تسليحه ( ومهزلة الانسحاب من الموصل وتسليم ثلث الاراضي العراقية الى داعش)، والثقافة والتربية والخارجية والعمل والصناعة والزراعة والصحة والمالية والبنك المركزي والمصارف الاهلية وهيئات مثل النزاهة والسجناء والشهداء والوقفين السني والشيعي!!
وهكذا فان الفساد المالي والاداري وبيع المناصب وهدر المال العام تشترك فيه " مافيات" لا عد ولا حصر لها! ولن تقف مكتوفة الايدي، بل ستدافع عن نفسها وعن مصالحها بكل الاشكال، وحتى لو ادى ذلك الى اغراق العراق بالدم!
ان معالجة ملف الفساد هي الكفيل باعادة الهيبة للدولة العراقية ولجيشها وقواها الامنية، ولقرارها السياسي المستقل واعادة عجلة البناء!
ونحن لسنا اول من عانى من هذه الآفة، فهناك دول عديدة عانت ماسي مثلها. وما زالت تجربة ماليزيا في مكافحة الفساد ماثلة للعيان، عندما نجح مهاتير محمد في محاربته من خلال الاجراءات الصحيحة والحاسمة، لينقل بلاده الى مصاف الدول المتقدمة!
ان معالجة ملف الفساد تفتح الباب على مصراعيه للحلول السريعة لبقية الملفات، شرط تشكيل لجان نزيهة في قضاء عادل، في ظل قانون لا يرحم من ينتهكه مهما كان موقعه او صبغته!
فالفاسد مثل "العملة" لا دين له ولا طائفة ولا عرق ولا عشيرة!

طه رشيد
**********
قالا أنها ناقشت "المسكوت عنه"
القريشي ووحيد: دراما رمضان الحالي اختلفت عن سابقاتها
طريق الشعب - عبير البياتي
تتنافس الفضائيات العراقية سنوياً على انتاج المسلسلات والبرامج خلال الموسم الرمضاني. وطالماً تعرضت تلك الاعمال الى النقد والتقييم بما يتعلق بالانتاج والاخراج والتمثيل وغيرها من اجزاء العمل.
وشهد الموسم الرمضاني الحالي انتاج أعمال تلفزيونية قدمت بطريقة مختلفة ولاقت قبولا واسعا من المتابعين. وقد زخرت مواقع التواصل الاجتماعي بكتابات حول تلك الأعمال، بعضها أشاد بها، والبعض الآخر نقدها.
وجاءت أعداد الأعمال التلفزيونية لهذا الموسم الرمضاني، أقل مما في السنوات السابقة، نظرا للأزمة الاقتصادية وتفشي وباء كورونا – بحسب متابعين.
الفنان كاظم القريشي، بطل مسلسل "غائب في بلاد العجائب" الذي عرض على قناة "أم بي سي العراق"، قال لـ "طريق الشعب"، ان تجربة عمله هذا العام اختلفت عما في الاعوام السابقة، مشيرا إلى انه قدم كل حلقة بأسلوب يختلف عن أسلوب سابقتها، وعالج عدداً من القضايا التي تمس حياة المواطن اليومية، مثل "الفساد الاداري، الزحام المروري، الخرافات المجتمعية والروتين في مراجعة الدوائر الحكومية".
وأضاف قائلا ان ثلاثة كتاب تعاونوا على كتابة نص المسلسل، هم كل من حسين النجار، محمد حنش وعماد وناس، فيما أخرج العمل اوس الشرقي، موضحا أنه نتيجة لذلك التعاون، خرجت حلقات المسلسل بأسلوب سلس يحمل أفكارا مختلفة "فقد تعاون الجميع، بمن فيهم الممثلون، على إنتاج المسلسل الذي لاقى استحسان الكثيرين. وقد لمسنا ذلك من خلال الاتصال المباشر مع المتابعين، وما كتب من آراء على مواقع التواصل الاجتماعي".
وتابع القريشي متحدثا عن تجربته الفنية لهذا العام، مشيرا إلى أنها "جديدة بالنسبة لي. وان شخصيتي كانت قريبة من الكوميديا لكنها ليست كذلك. اذ يقع الشخص الذي امثل دوره بالمشكلات اليومية التي يمر بها المواطن العراقي".
وأوضح، أنه بالرغم من كون عائلته لم تتغير في حلقات المسلسل، وكذلك الديكور والمنزل، إلا أن شخصيته كانت تختلف يوميا بحسب المشكلات التي تتعرض لها، والتي يعانيها الفقير في الواقع بسبب صعوبات العيش، كدفع بدل الإيجار وتوفير متطلبات الحياة الأساسية. فيما صاحب الأموال والأملاك لا يعاني ذلك كله.
ولفت القريشي إلى انه جرب تمثيل الكثير من الشخصيات في أعماله المختلفة، كالمجرم والإنسان الفقير والطيب وغيرها، أما تجربته هذه السنة، فإنها تختلف كثيرا عن سابقاتها – بحسب قوله.
من جانبه قال الفنان الكوميدي احمد وحيد لـ"طريق الشعب"، ان "الموسم التلفزيوني الرمضاني الحالي افضل من سابقاته، كون الاعمال الدرامية تناولت الواقع العام بجرأة اكثر. اذ ظهرت اعمال مهمة كثيرة مثل (كما مات وطن) و(غائب في بلاد العجائب) وغيرها، وهذا نتج عن صحوة كبيرة بعد فترة من البرامج المكررة البعيدة عن هموم الشارع. لذا نرى ان النقاد احتفوا بالانتاج الدرامي العراقي لهذا الموسم".
وذكر وحيد ان فكرة مسلسله "بنج عام" الذي كتبه وعرض على قناة "يو تي في"، مثلت تجربة جديدة في الانتاج الدرامي العراقي، مشيرا إلى أن هذا "العمل المختلف" نتج عن محاولة لشاب من البصرة وشباب آخرين من بغداد.
وتابع قوله: "نعتقد اننا نجحنا في المهمة، وهذا يعني ان انتاج شيء جديد ناجح لا يحتاج الى انتاجيات عظيمة، بل ان ذلك يعتمد على الفكرة والاسلوب المختلف والجرأة في التقديم، وبهذا نستطيع تغيير واقع الدراما العراقية"، لافتا إلى انه "كنت من منتقدي الدراما العراقية لابتعادها عن هموم الشارع، لهذا قررت تنفيذ عمل (بنج عام) والدخول في منافسة النقد".
وبين وحيد ان عمله هذا حقق نسبة مشاهدة عالية، وأثار الكثير من الجدال وتلقى في الوقت ذاته الكثير من الدعم، موضحا أن هاشتاك "#بنج_عام" أصبح "ترند" في موقع "تويتر"، جرت خلاله مناقشة الكثير من المواضيع المسكوت عنها بطريقة مختلفة.
وأضاف قائلا أن "بعض الحلقات واجهت سخطا من بعض المتابعين الذين تصوروا اننا ناقشنا موضوعا من زاوية واحدة، أو توهموا بأننا قصدنا الطعن بمكون من مكونات الشعب العراقي"، مستدركا في قوله: "لكنني أتقبل هذا السخط. فالذي يطرح أمورا جريئة لا يمكن أن يحظى دائما بتصفيق الجميع".
وأشار كاتب المسلسل إلى انه ناقش في عمله هذا مواضيع حساسة ودخل في "حقل ألغام"، مضيفا أن "القضايا التي طرحت في المسلسل، يختلف عليها الكثيرون من سياسين، رجال دين، مثقفين، مدونين وغيرهم. وعند الدخول في موضوع شائك كهذا، بالتأكيد سيكون هناك جدل، وهذا يدل على ان الموضوع طرح مرة أخرى امام المجهر".