تحية لشعب مصر الزاحف نحو غده الافضل

عشنا مع حشود الشعب المصري وجماهيره الغفيرة اياما اتسمت بالفرح والاعجاب والانبهار .عشنا النزول التاريخي الى الشوارع والميادين لاستعادة المعاني الحقيقية لثورة 25 يناير \ كانون الثاني، واسترجاع روحها، والانتصار لاهدافها، والخلاص من حكم مرسي بما مثله من نكوص عن ارادة الملايين التي تنشد الحياة المدنية المستقرة والعدالة الاجتماعية .
جماهير الشعب المصري امتلكت،هذه المرة ايضا، الشجاعة والاقدام والتصميم على المضي الى امام، بعد ان استخلصت مع قواها وقياداتها الوطنية العبر والدروس من التجربة السابقة، ووعت جيدا ضرورة وحدة صفوفها وتنسيق تحركها، وقبل هذا ضرورة وضوح اهدافها، وتوظيف كل العناصر الخيرة لضمان انتصار ارادة الملايين .
وفي لحظة تاريخية هامة وحاسمة، وبعد الطوفان الجماهيري غير المسبوق، انحاز الجيش المصري الى الناس وسهل عملية انتصار ارادتها، وبما يحقن الدماء ويفوت الفرصة على من يريدون جر مصر الى حرب اهلية، كانت بالفعل قاب قوسين او ادنى. وهنا الاستثناء تناغم مع حس ونبض الجماهير التي فرضت واقعا لا يمكن تجاهله .
صوت الملايين في الشارع كان هو التصويت الحقيقي على مسار حكم محمد مرسي في سنته الاولى، والحكم على عجزه عن ملاقاة احتياجات الناس والتصدي للمشاكل والازمات التي اخذت تضيق الخناق على رقاب الجماهير المسحوقة اصلا، جماهير فقراء مصر وكادحيها .
الملايين في طول البلاد وعرضها لم تبرح مواقعها، واختارت بعناية الهدف والتوقيت، ودللت على انها هي الشرعية الحقيقية عندما يعجز من يتولى المسؤولية عن الوفاء بتعهداته والتزاماته، فضلا عن تفرعنه واستبداده وشروعه بفرض انماط من السلوك والعادات والتقاليد على الناس وفق مقاساته هو، وإقامة حكم يصادر كل ما هو مدني وعصري .
لقد دللت تجربة مصر هي الاخرى على ان الديمقراطية ليست مجرد الانتخابات . فالانتخابات وسيلة وآلية، ولا تقدم تفويضا ابديا لاحد. وكم من الدكتاتوريين وصلوا الى دست الحكم عبر هذه الآلية الصحيحة، ولكنهم انحرفوا واذاقوا شعوبهم سوء العذاب وبؤس الحال !
ان ما حدث في مصر، وفي بلدان اخرى، يدلل من جديد على انه لا بد من حياة مدنية عصرية، وحكم ديمقراطي حقيقي، وعدالة اجتماعية، وان الامور لا تستقيم مع مساعي التفرد واقصاء الاخرين وتهميشهم تحت اية ذريعة ومسمى وسبب . كما تدلل على ان لا منقذ للطغاة والمستبدين مهما حصنوا انفسهم .
وان ما يعزز الانتصار المتحقق هو اصرار الشعب على التطبيق السليم للديمقراطية وحسن اختيار الحكومة، بما يؤمن مطالب جماهيره في العيش الكريم والحياة اللائقة والحرية وتكافؤ الفرص، وبما يسد الطريق على كل من يحاول سرقة مكاسب الشعب او افراغ انتفاضته من محتواها، او عرقلة مسيرته الصاعدة.
تحية لشعب مصر وهو يزحف بملايينه نحو بناء دولته الجديدة على وفق خياراته وارادته وقناعاته، ويغذ المسير في اتجاه غده الافضل، غد الفضاءات الرحبة للامان والحرية والاستقرار والحياة الكريمة .
تحية الاعجاب والتقدير لقوى الشعب المصري واحزابه الوطنية والديمقراطية، الليبرالية واليسارية، والاسلامية المعتدلة والمتنورة، ومنظمات شبيبته وحركاتهم، على وقفتها الشجاعة، ووحدتها، ودفاعها عن حق الشعب في الاختيار، وفي حياة افضل، ومستقبل حافل بالوعد.