الحزب الشيوعي العراقي وانتفاضة تشرين والحركة الاحتجاجية / 24آب/أغسطس 2020

لا يتحدد موقف حزبنا الشيوعي من الحراك الاجتماعي والسياسي الاحتجاجي، باشكاله المتنوعة من وقفات وتظاهرات سلمية مرورا بالاعتصامات ووصولا إلى الانتفاضة الشعبية، وفقا لردود الفعل والاجتهادات الظرفية، وإنما يستند إلى مرتكزات مبدئية فكرية وسياسية راسخة، وإلى قراءة وتحليل دقيقين للأزمة البنيوية المتفاقمة لمنظومة الحكم، القائمة على المحاصصة الطائفية والقومية، حاضنة الفساد وخراب الدولة، ولسبل الخلاص منها والانطلاق نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، المدنية الديمقراطية، والتي يضطلع فيها الضغط الجماهيري والحراك الاجتماعي والسياسي، بدور رئيس في تحقيق إرادة التغيير لمنظومة المحاصصة والفساد.
من هذا المنطلق ووفقا لهذا النهج الثابت، ساهم الحزب ومنظماته ورفاقه في الحركة الاحتجاجية بفعالية وحيوية منذ بدايتها في شباط ٢٠١١ وقبلها. وعند اندلاع نسختها الجديدة في تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩، اعلن حزبنا انحيازه التام اليها والى مطالبها العادلة، داعما لها ومشاركا فيها ومدافعا عنها بوجه كل من حاول الإساءة اليها، وعرّى ايضا جذور ذلك ودوافعه.
وادان الحزب القمع ضد المنتفضين والمحتجين من اية جهة أتى، رسمية او غير رسمية، وطالب بكشف ملفات التحقيق ذات العلاقة وإعلان نتائجها، وتقديم المتورطين الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل .
وتضامنا مع الانتفاضة قدم نائباه في مجلس النواب استقالتيهما، وفعل مثلهما الشيوعيون أعضاء مجالس المحافظات. كذلك سخّر الحزب طاقاته وإعلامه ونشاط منظماته، داخل الوطن وخارجه، للوقوف بجانبها ومساندتها وصولا الى تحقيق أهدافها .
وعلى هذا الطريق قدم الحزب تضحيات جساما، وتعرض العديد من رفيقاته ورفاقه الى الرصاص الحي والمطاطي والى الخطف والاغتيال والغازات المسيلة للدموع، فاستشهد اياد عباس من بغداد، وحيدر القبطان من بابل، وعلي اللامي من واسط، وسلام العامودي من الناصرية، وفهد عبد الوهاب من بغداد، ومرتضى الزبيدي من بغداد، وأصيب العشرات غيرهم.
وقدم الحزب رغم شحة موارده الدعم المادي والمالي للمنتفضين، وساحات الاعتصام والاحتجاج وخيمها شهود عيان على ذلك، كما لم يتردد في تقديم النصيحة والموقف والشعار المناسب .
وبدافع الحرص على ضمان الوجهة السليمة للانتفاضة وصمودها ومواصلة زخمها، شدد الحزب على الوجهة السلمية للانتفاضة، والتنسيق بين اطر ساحات الاعتصام والاحتجاج. كذلك دعم تطوير صيغ العمل والتنسيق المشترك في كل محافظة وبين المحافظات أيضا، والسعي الى سد الثغرات فيما يتعلق بأطرها القيادية والتنسيقية.
واكد ايضا اهمية حماية الانتفاضة وتقوية وتعزيز عناصر قوتها، والسعي دوما الى استبعاد اية نقاط إضعاف وتشتيت للقوى، والى التصدي لمحاولات البعض إضعافها واستنزاف قواها. ونبه مرارا وحذر من المساعي لتشويه الانتفاضة عبر أفعال وممارسات، لا تمت الى طبيعتها واصالتها من قريب ولا من بعيد، مؤكدا أهمية تأمين سلامة وصحة الشعارات المرفوعة وواقعيتها، والابتعاد عن العدمية في المواقف.
من جانب آخر كان للحزب دوره ومواقفه السياسية والجماهيرية ومساهمته الجادة في رسم خارطة الطريق، من خلال تأثيره السياسي وخطابه الاعلامي ودوره الميداني في ساحات الانتفاضة، وعبر انحيازه الكامل الى الجماهير المنتفضة والحركة الاحتجاجية ودفاعه عنها، وتبني مطالبها المشروعة والسلمية .
وقد شهدت ساحات الاعتصام ومدن ومحافظات عدة في وطننا مؤخرا، حملات متعددة لدعم واسناد العوائل المحتاجة، قدمت خلالها منظمات حزبنا في الداخل والخارج، مساهمات متميزة في التصدي لكورونا عبر حملات التعفير والتعقيم وتوزيع الكمامات واسطوانات الاوكسجين وسلات الغذاء، وبضمنها ما تم في اطار حملة “ نحن معكم “ . وتحولت مقرات الحزب خلال هذا الى ورش عمل، والرفاق الى خلايا نحل، مادين يد الاسناد ورافعين المعنويات وناشرين الوعي الصحي، ومطورين إمكانات الادراك السليم لمصالح الجماهير وتعبئتها لنيل حقوقها وتحقيق مطالبها .
هذا هو حزبنا ومنظماته ورفاقه وجماهيره، وذلك هو انحيازه الكامل للانتفاضة ودعمه اللامحدود لحراكها الجماهيري السلمي ومطالبها العادلة. وحزب مثله بكل ما قدم ويقدم، يستحق التقدير لتضحياته وجهوده، لا ان يستهدف رفاقه ومقراته على يد من يحسب نفسه على المنتفضين والمحتجين .
اننا لن نحيد عن طريقنا المعبد بدماء الشهداء والتضحيات الجسام، ولن يثنينا عن مواصلة انحيازنا الى الناس والمنتفضين الصادقين والسلميين، فعل مؤسف كالذي حصل في الناصرية، فهو موضع استغراب وما كان يفترض ان يحدث. الا انه وفي جميع الأحوال، سيكون بالنسبة لحزبنا ومنظماته ورفاقه، حافزا إضافيا للمزيد من العمل والعطاء والالتصاق بالجماهير والدفاع عن مطالبها وتخفيف همومها.