العدد 154 السنة 85 الثلاثاء 21 نيسان 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1
على طريق الشعب...
حان الوقت لاعتماد سياسة اقتصادية بديلة
افضت السياسة الاقتصادية المتبعة منذ ٢٠٠٣ حتى الان الى تعميق المشاكل البنيوية للاقتصاد العراقي، وتشديد طابعه الريعي واعتماده على الموارد النفطية، وما يترتب على ذلك من وضعه تحت رحمة سوق النفط العالمية المتذبذبة .
ومن المؤسف ان تحذيرات المتخصصين والساسة الوطنيين من مخاطر ذلك، وتأكيدهم أهمية وضرورة تبني سياسة اقتصادية ومالية تنموية، والعمل على توظيف موارد تصدير النفط الخام في مجالات التنمية والاستثمار أساسا، لم تنل اهتماما وسمعا.
ومن الواضح اليوم ان انخفاض أسعار النفط عالميا وقلة الطلب عليه، ارتباطا بتفشي وباء كورونا، سيؤدي حتما الى تقلص كميات النفط العراقي المصدرة بالتزامن مع انخفاض سعره، فتكون الحصيلة انخفاضا كبيرأ في عائدات النفط التي هي المصدر الأساس، وبنسبة تزيد عن ٩٥ في المائة، لتمويل الموازنة العامة ونفقات الدولة. الامر الذي سيضع العراق أمام أزمة مالية واقتصادية شديدة، ذات انعكاسات كبيرة على حياة المواطنين وعلى الخدمات العامة، وقد تطال اذا استمر الحال أشهرا قادمة، حتى قدرة الدولة على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، فضلا عن تمويل عملية التصدي لكورونا.
في هذه الأجواء جاء ت قرارات اجتماع "أوبك بلص" التي التزم بها العراق، ما يفرض عليه تخفيضا اوليا للكميات التي يصدرها بما يزيد قليلا على مليون برميل يوميا، أي تخفيض ٢٣ في المائة من حصة العراق المقررة ضمن أوبك. وقد اثارت هذه القرارات واعلان العراق الالتزام بها الكثير من التساؤلات في شأن قدرة المفاوض العراقي على تحقيق نتائج افضل لبلدنا، مثلما فعل ممثلو المكسيك مثلا. ومن جانب آخر لو كانت للعراق علاقات جيدة ومؤثرة ومتوازنة مع دول الإقليم والعالم، لا سيما ذات الكلمة المسموعة في عالم النفط، لأمكن توقع مراعاة ظروفه الخاصة وعدم فرض هذا الحجم الكبير من التخفيض عليه.
وواقع الحال ان الحلول المقترحة من طرف اللجان البرلمانية والسلطة التنفيذية للخروج من هذا المأزق المالي تتسم جميعا بالمرارة. فالحديث يدور عن موازنة تقشفية، وعن ادخار اجباري واقتراض داخلي وخارجي، فيما الحكومة لم تسدد حتى الآن القرض السابق للبنك المركزي العراقي البالغ ٢٠ مليار دولار.
إن بلدنا يواجه اليوم نتائج فشل الحكومات المتتالية في انتهاج السياسات المناسبة للتحوط إزاء التقلبات في الأسعار وفي أسواق النفط العالمية، ولتوجيه العائدات النفطية نحو الأغراض التنموية وتطوير القطاعات الانتاجية غير النفطية. فعلى مدى سنوات ظلت أسعار النفط التخمينية في الموازنة العامة أدنى من الأسعار الفعلية، وبدلا عن تأسيس صناديق سيادية تودع فيها فوائض الفروقات، مثلما يفعل العديد من البلدان الاخرى المصدرة للنفط، جرى التصرف بالفوائض على نحو غير شفاف من قبل السلطات التنفيذية. وإلى جانب ذلك تضخم الانفاق التشغيلي على حساب الاستثماري في الموازنات الحكومية، حتى انتهينا إلى الحال الراهن المناقض لكل منطق اقتصادي، حيث يتم تخصيص كل العائد النفطي الناتج عن ثروة طبيعية ناضبة للاستهلاك، فيما يجري اللجوء الى الاقتراض لتأمين التخصيصات الاستثمارية المحدودة أصلا !
ان ما نشهد اليوم من أزمات متفاقمة، ينبغي مواجهته برؤية استراتيجية وليس بمنطق إدارة أزمة عابرة تتطلب حلولا آنية، لا سيما وأن الكثير منها من شأنه أن يزيد معاناة قطاعات شعبية واسعة، وارتهان الدولة للقروض الداخلية والخارجية. ويفترض هذا التوقف عن الركض وراء سراب سياسة السوق المفتوحة والليبرالية الجديدة، فأمامنا صورة ومشهد ما يجري هذه الأيام في معاقل دول الرأسمالية ذاتها، وما يلحق من اذى بالغ بغالبية شعوبها.
لقد حان وقت المراجعة الشاملة، وبات ملحاً أن يجري تبني سياسة تنويع مصادر الدخل الوطني، وتنمية قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الإنتاجية والسياحية، وضبط موارد المنافذ الحدودية والكمارك، واعتماد الضريبة التصاعدية وإنشاء الصناديق السيادية. كذلك مراجعة موضوع الرواتب العالية والمخصصات والامتيازات وتخفيضها الى النصف بنحو دائم، وتشريع قانون موحد للرواتب عادل ومنصف، ووقف الهدر والبذخ على كافة المستويات، والتصدي الناجع للفساد واسترداد الأموال المنهوبة، ومراجعة عقود التراخيص بما يضمن مصالح العراق ويؤمّن تجنيبه تبعات التذبذب في أسعار النفط . كما يتوجب التدقيق في عمل نافذة بيع العملة في البنك المركزي، ووضع حد لحالات الفساد فيها ولتسرب الأموال إلى الخارج، والعمل بصورة مكثفة على وضع نهاية عاجلة لأزمة الكهرباء الدائمة، ولقضية استيراد المشتقات النفطية في الوقت الذي تتوفر فيه عندنا كل مستلزمات الصناعات البتروكيماوية، بما يمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في انتاجها.
ان هذا وغيره من الأمور الملحة يحتاج الى وضع خطط مرنة قابلة للتنفيذ، والحرص على توفير مستلزمات تحويلها الى التطبيق العملي.
وفي كل الأحوال نشدد على عدم إلقاء تبعات الازمة المالية والاقتصادية، على الفئات والشرائح الفقيرة والمعدمة وذوي الدخل المحدود والكادحين عموما، فيما الحاجة تتزايد الى تقديم الدعم والإسناد لهم، وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية يضمن للمواطنين الحاجات المعيشية الأساسية.
***********
القوى المدنية تدين تزايد العنف ضد النساء.. وتطالب بتشريع قانون مناهضة العنف الاسري
تتزايد اعمال العنف ضد النساء بشكل ملفت للنظر يوما بعد اخر ، وان الحادثة المؤلمة بوفاة الشابة ملاك الزبيدي، بعد حرق نفسها جراء تعرضها للعنف ,والتي هزت الرأي العام العراقي ، هي ليست الاولى ولا الاخيرة ، ان هذه الحالة هي تجلي لظاهرة العنف في المجتمع العراقي كونها نتيجة للحروب والنزاعات وتراجع سلطة القانون أمام بروز الاعراف البالية بحق المرأة باسم القيم العشائرية والدينية.
ان هذه المناسبة المؤلمة تدعو الى الموقف الموحد من قبل القوى المدنية كافة وهي المدافعة الاولى لحقوق المرأة العراقية الى ادانة هذه الجرائم وعلى الجهات المختصة اعتقال مرتكبيها وتقديمهم للقضاء.
وندعو الى مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات النسوية في العراق وكل المنظمات المعنية بحقوق الانسان بتشديد الضغوط على مجلس النواب لإقرار قانون منصف لمناهضة العنف ضد المرأة وان يتضمن القانون مواد تدعو التوعية بثقافة اللاعنف وتجريم مرتكبي العنف ضد النساء ، وكذلك الى تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل والتسامح وإدراج نص الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان عامة والمرأة خاصة في المناهج الدراسية كافة لكي تصبح ثقافة مجتمعية ، بما يضمن ان حقوق الانسان ومنها المرأة واجب انساني ووطني ، تقع مسؤوليته على كل افراد المجتمع .
ان القوى والأحزاب المدنية الوطنية، تسعى بكل امكانياتها للعمل المشترك من اجل عراق يتمتع جميع ابنائه وبناته بالحرية والعدالة والمساواة وعراق خالي من كل اشكال العنف ضد المرأة.
• الاتحادي الوطني الكردستاني.
• الجبهة الفيلية الوطنية.
• الحركة المدنية الوطنية.
• الحركة الديمقراطية الاشورية.
• الحزب الشيوعي العراقي.
• الحزب الوطني الاشوري.
• تجمع وطن المدني العراقي.
• حركة الشباب للتغيير.
• حزب الامة العراقية.
•حزب التجمع الجمهوري العراقي.
• حزب الحوار والتغيير.
• حزب الحرية والديمقراطية الايزيدي.
• حزب الوفاء الوطني العراقي.
• كتلة الوركاء الديمقراطية.
• التيار القاسمي.
***********
منظمات وجهات نسوية بصوت واحد: شرّعوا قانون ردع العنف الاسري!
بغداد – طريق الشعب
طالبت رابطة المرأة العراقية في بيان اصدرته يوم امس الاثنين ( 19 نيسان 2020) بتشريع قانون حقيقي ورصين رادع للعنف الاسري، ويعمل على معالجة جميع مظاهر العنف الاسري التي تواجهها النساء والفتيات العراقيات، ويصبحن ضحية لها ويدفعن الثمن غاليا. كما اشارت الرابطة في بيانها الى أن البيوت العراقية تشهد الكثير من قضايا العنف الأسري التي باتت تهدد حياة ملايين النساء والفتيات.
ودعت الرابطة في البيان الى موائمة القوانين العراقية مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية، خصوصاً النصوص التي تشكل خطراً يهدد حقوق المرأة مثل المادة 398 من قانون العقوبات العراقي الرقم 111، المتعلقة بتزويج المغتصبة وسلب حقها في التعويض عن الضرر، بغية إسقاط العقوبة عن المغتصب بحجة الزواج. كذلك المادة 41 الخاصة بتأديب الزوجة، والتي تعطي الحق للزوج بضرب زوجته تحت ذريعة التأديب، وهو ما يُعد انتهاكا صريحا للمادة 29 من الدستور العراقي لسنة 2005.
من جانبه عبر تحالف القرار ١٣٢٥ عن بالغ أسفه وإعلانه الحداد على ارواح الضحايا الجديدة للعنف الأسري في العراق. وطالب في بيان اصدره بأنهاء كافة أشكال العبودية والتبعية والاستغلال للمرأة العراقية، في اطار وطن مبني على مبدأ الانتماء الانساني والمواطنة الحقيقية.
وعلى الصعيد ذاته طالبت شبكة النساء العراقيات في مذكرة مرفوعة الى مجلس النواب بتبني مشروع قانون العنف الأسري بأسرع وقت ممكن، والعمل على تجميع الجهود في اطار مجلس النواب واللجان المعنية، وبمشاركة منظمات المجتمع المدني، لحل الإشكاليات التي تحول دون تشريعه.
من جانب آخر اعتبر بيان صادر عن الاجتماع المشترك لممثلي المرأة في السلطتين التشريعية والتنفيذية حادثة الضحية ملاك الزبيدي في النجف، واحدة من ابشع الصور التي هزت الضمير الانساني، والتي تعد مثالا صارخا على لعديد من الظواهر الاجتماعية السلبية الموجودة في جميع المحافظات العراقية.
وطالب البيان من جانبه بالاسراع في تشريع قانون الحماية من العنف الاسري وجعله من اولويات عمل مجلس النواب في جلسته الاولى، والتوصية لرئيس مجلس النواب بجعله في جدول اعمال اولى الجلسات.
**************
منحة فقيرة للفقراء
هل يحصلون عليها ؟

قال رئيس الوزراء المستقيل في كلمة له يوم الاحد الماضي، إنه "خلال فترة قصيرة سيتم إطلاق منحة الطوارئ..".
اذن ستطلق المنحة التي انتظرها المواطنون منذ 17 آذار الماضي، وهي لا تتجاوز ٣٠ الف دينار للفرد الواحد، وبشرط الا يزيد مجموع ما تتقاضاه العائلة المكونة من خمسة افراد على ١٥٠ الف دينار!
ماذا يقدم مبلغ 30 ألف دينار للعاطل الذي يعتمد على كدحه اليومي لتأمين لقمة العيش؟ لكنه على ضآلته استقطب ١٣ مليون مواطن طلبوا الحصول عليه، وهم يشكلون ثلث سكان العراق بالكمال والتمام، أي ما يزيد بوضوح على عدد الفقراء الذي تعلن عنه وزارة التخطيط .
والى ان يحصل احد منهم فعلا على المنحة الفقيرة مثلهم، وحتى بعد ذلك، تبقى الاشادة من استحقاق المبادرات المدنية والأهلية المتفانية المتواصلة في مجال التكافل الاجتماعي، فهي سيدة الموقف عندنا بعكس الحال في الدول الأخرى، التي دعمت مواطنيها بسخاء ملحوظ في ظروف طغيان كورونا.

راصد الطريق
************
رغم المعاناة ونقص المستلزمات الطبية
ناشطون ومواطنون لـ"طريق الشعب": جهود الجيش الابيض تستحق التقدير
بغداد – طريق الشعب
تواصل كوادر وزارة الصحة جهودها الكبيرة في مكافحة وباء كورونا رغم الصعوبات الواضحة التي تواجه عملهم، جراء نقص المستشفيات والمعدات الصحية والادوية وغيرها من المستلزمات، بسبب الفساد الاداري والمالي الذي لحق بالمؤسسة الصحية.
وفي هذا الشأن، التقت "طريق الشعب" مواطنين وكوادر صحية، عبروا لها عن آرائهم.
جهود استثنائية

عبير الشمري طالبة الدراسات العليا قالت لمراسل "طريق الشعب" ان جهود منتسبي وزارة الصحة في مواجهة فايروس كورونا استثنائية، وان اي تكريم لهم سيكون دون المستوى، لأنهم يجودون بانفسهم نفي ظروف تدني حال النظام الصحي، مع غياب الخطط الواضحة لدى الحكومات المتعاقبة منذ 2003 في تأسيس نظام صحي يتناسب مع الاحتياجات، وعدم وجود استراتيجية وخطط طواريء.
واضافت الشمري "نتمنى لجميع الكوادر الطبية السلامة في هذه المعركة غير المتكافئة".
وقال المهندس جاسم هلال في البصرة ان كوادر وزارة الصحة تقوم بعمل جيد لمواجهة جائحة كورونا، وان العمل بالتماس مع المصابين بشكل مباشر يستحق الثناء نظرا لما يحمل من خطورة على الكادر الصحي واحتمالية الإصابة بهذا الڤايروس. واضاف هلال انه مع ذلك لا بد أن تكون هناك خطة لدى وزارة الصحة لاحتواء الوباء و الحيلولة دون انتشاره، من خلال تشكيل فرق المسح الوبائي في المناطق التي يظهر فيها المرض، دون انتظار مراجعة المصابين للمراكز الصحية، وهذا ما فعلته صحة البصرة في الأيام الأخيرة حيث نتج عنها زيادة في اكتشاف المصابين من الملامسين و القريبين عليهم .
وأكد المهندس جاسم هلال "ان هذه الظروف جعلتنا في امس الحاجة إلى المستشفيات، علماً أن هناك العديد من البنايات المخصصة لم تنجز لحد هذه اللحظة رغم مرور عدة سنوات على البدء بانشائها".
الكاتب والصحفي عبد السادة البصري قال لــ" طريق الشعب" انه رغم ضعف الامكانيات المادية، وقلّة المستشفيات وقِدَمِها، وضآلة المتوفر من العلاجات والادوية واجهزة التنفس الاصطناعي، نتيجة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، والصحة اولها، الاّ ان الجهود التي بذلها الكادر الصحي في عموم المحافظات من اطباء وممرضين وكوادر فنية وادارية تستحق التقدير، فهي تنم عن شعور عالٍ بالمسؤولية تجاه أبناء وطنهم، واحساس كبير بالانتماء لهذا الوطن. واضاف: "اتمنى ان يوفوا حقّهم لما قدموه ويقدمونه من خدمات علاجية ووقائية ونصائح للآخرين، وأن يعي المسؤولون حجم الفساد الذي كاد أن يؤدي بالناس والبلاد الى المهالك، لولا شعور المواطنين بفداحة الخسارة اذا تفشى الوباء. تحياتي لكل العاملين والساعين في خدمة شعبهم ووطنهم .
وقال الشاعر سالم محسن لــ " طريق الشعب " إن هناك عدة مؤشرات على أن الحكومات منذ 2003 وإلى يومنا هذا لم تكن معنية بصحة المواطن، وليست لديها أية خطط مستقبلية لمواجهة أية حالات عادية أو استثنائية، حيث الكل يعرف ان أغلب العمليات يالجراحية ُيجريها الناس خارج الوطن، بسبب الفساد المالي والاداري لهذه الوزارة ومن عملوا في إدارتها من خلال المكاتب الاقتصادية للأحزاب المتحاصصة، وأن جائحة كورونا قد كشفت هذه الملفات.
واضاف أن جهود الوزارة ومن معها في خلية الازمة ليست بالمستوى المطلوب، "حيث تعثر تطبيق الحظر في بعض المناطق لعدم توفير البدائل الناجعة، وعدم تخصيص أموال للقطاعات غير المنتظمة في عمل، لا سيما وأن اجراءات الوزارة لم تكن سريعة ورادعة في تشخيص الوافدين واستقبالهم، بما في ذلك الطلاب والمسافرون. لكن كل هذا لا يغطي على جهود الجيش الابيض، التي تشير إلى مدى الكفاءة التي يتحلون بها والقدرة على التحمل والصبر والتضحية في مواجهة جائحة كورونا. وهذا مدعاة لان تكون الخطط المستقبلية بحجم المسؤولية، فان على الدولة ان تكفل صحة كل مواطنيها على حد سواء.
وفي ميسان ذكر الناشط المدني سلام الميساني أنه "لا يوجد أي تخطيط لمجابهة الأزمة، فالمتنفذون يعملون وفق "رد الفعل" ولم يستثمروا أيام حظر التجوال لتعقيم وتعفير المناطق.
الموظف في دائرة صحة ميسان عمار الكناني ذكر لمراسل "طريق الشعب" إن الإجراءات المتبعة جيدة من الناحية الوقائية والتعفير وان قرارات لجنة الأزمة كانت مفيدة للحد من انتشار الفيروس، لكن صاحبت هذه الإجراءات خروقات في التطبيق على الأرض، خصوصاً سفر بعض الاشخاص الى محافظات أخرى مما أدى الى اصابات في المحافظة.
وتحدث لمراسل "طريق الشعب" موظف في دائرة الصحة في ميسان طلب عدم كشف اسمه عن "معاناة كوادر المنتسبين في وزارة الصحة منذ سنوات من تهالك البنى التحتية للمؤسسات الصحية، والنقص الشديد في التجهيزات الطبية سواءٍ كانت أجهزة أو معدات أو علاجات. كذلك النقص الكبير في الكمامات، كوننا متلامسين مع المرضى المصابين. واضاف ان هناك معاناة في الوصول من وإلى مواقع عملنا، فبعض السيطرات الأمنية لا تلتزم بالاوامر مما يصعب وصولنا الى عملنا في الوقت المناسب".
وفي ذات السياق تحدث استاذ التاريخ الدكتور ظافر أكرم قائلاً: ان كوادر وزارة الصحة تعاملت بمسؤولية كبيرة وبحرص عالي للحد من انتشار هذا الوباء في البلاد، وهناك تفاني شديد لانقاذ الارواح وهم يواجهون عدوا مجهولا. واشاد أكرم بتعاون منظمات المجتمع المدني والنشطاء مع الجهات المعنية لتوعية المجتمع بمخاطر هذا الوباء وكيفية الوقاية منه، وتقديم افضل طرق العلاج وهو ما اعطى بارقة امل للخائفين من انتشار هذا الوباء.
وثمن الناشط المدني جلال الشاطي من محافظة واسط، جهود العاملين في مجال الصحة في مكافحة وباء كرونا، وعبر عن كل الحب والشكر والتقدير والعرفان إلى العاملين في وزارة الصحة، الساهرين للحفاظ على صحتنا، فهم جنود مجهولون يعملون ليلاً ونهاراً.
وأبلغ المواطن نذير القريشي "طريق الشعب": لدينا كادر طبي جيد ذو اختصاص عالٍ، بذل جهودا كبيرة في سبيل انقاذ المرضى من هذا الوباء الكارثي. لكن لا تتوفر المعدات اللازمة في المستشفيات كالمعقمات والقفازات والكمامات، مما يعرقل عملمهم فيضطرون الى شراء معدات السلامة الصحية من الصيدليات من أموالهم الخاصة.
***************
ص2
المنظمات الشيوعية تواصل حملتها لدعم الفقراء والكادحين
خاص - طريق الشعب
تواصل تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي حملتها الوطنية لمساعدة الكادحين والفقراء الذين تضررت احوالهم نتيجة استمرار حظر التجوال مع غياب الدعم الحكومي، وعبّر آلاف المواطنين عن اعتزازهم بهذه المبادرة. ووزع الرفاق في منظمة الصالحية للحزب ضمن قاطع محلية الكرخ الاولى ببغداد سلالا غذائية في مناطق حسون اغا والدوريين وعشوائيات الشالجية، فيما نظم اعضاء منظمة الكاظمية حملة لتوزيع السلال الغذائية في منطقة النعشخانة. وقامت محلية المثقفين للحزب بحملة لحصر العوائل المتعففة في منطقة الوشاش ليتم توزيع سلال غذائية على العشرات من عوائلها المتضررة، وفي اطار نفس الحملة جرى تقديم مساعدات مالية وسلال غذائية ومواد طبية الى 268 عائلة. كذلك نظم أعضاء المحلية فعاليات طبية، واشرفوا على اجراء الكشف والتشخيص وتقديم العلاجات لـ220 مواطنا يعانون امراضا مزمنة. وفي الاعظمية نظم مجموعة من الرفاق في محلية الرصافة الثالثة للحزب، حملة لتوزيع المواد الغذائية في منطقة راغبة خاتون، حيث اثنت العوائل المتضررة على مبادرة الحزب. في السياق ذاته، استمرت منظمة الدبس في محلية كركوك للحزب في حملتها الثانية لتوزيع السلال الغذائية للعوائل المتعففة، بعد جمع التبرعات من اعضاء الحزب واصدقائهم في مناسبة الذكرى الـ 86 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. وفي بابل وزع الرفاق 100 سلة غذائية في مناطق مختلفة، ضمن حملة الحزب الوطنية لمكافحة وباء كورونا، فيما وزع رفاق اخرون 50 سلة غذائية على عوائل في الحامية بمعسكر التدريب ومناطق مختلفة اخرى. وضمن نفس الحملة وزع الرفاق كمامات على رجال الأمن والشرطة.
****************
كل ثلاثاء...
لا إفراط في التفاؤل

من يسمع التصريحات والآراء والتغريدات التي يدلي بها ممثلو الثالوث المقدس: الشيعة والسنة والكرد، في امتداح الكاظمي وقدرته على انتشال العراق من الهاوية، واخراجه من النفق المظلم الذي افتقد لفترة طويلة بصيصاً في نهايته، يأخذه العجب ازاء هذه "الموهبة" في الانتقال من اليمين الى اليسار وبالعكس في لحظات قصيرة من عمر الزمن. والأنكى ان قوى مسلحة ومليشيات اضاعت هيبة الدولة في كومة من القش الطائفي والولاء للاجنبي، لم تتخلف عن هذه الزفة، رغم ان بعضها اتهم الكاظمي في الأمس القريب بما يصل الى تخوم الخيانة العظمى، إن لم تكن هي نفسها الخيانة العظمى.
فماذا عدى مما بدا؟ ولماذا تتقمص هذه الحملة الاعلامية دور الفزعة العشائرية؟ وهل ان العراق حقا مقبل على مرحلة جديدة تتحقق فيها اماني وطموحات الشعب، وترضي المنتفضين وتقنعهم بالعودة الى منازلهم واعمالهم؟ وهل ان توبة بنات آوى صادقة هذه المرة؟! ام ان وراء الأكمة ما وراءها، والأكمة هنا هي اعادة انتاج السيناريو الذي طبق بنجاح مع علاوي والزُرفي، حيث التأييد والدعم اولاً، والانقلاب عليه ثانياً، لا سيما وان الوزارة المستقيلة تحظى بأفضلية كبيرة لدى العديد من هذه القوى، لأنها الأكثر انصياعاً لمطالبها وجشعها والأكثر انبطاحاً وذلة أمامها، وبالتالي فان الهدف الأسمى لها هو بقاء هذه الحكومة وضخ حياة جديدة فيها.
ان التفاؤل وما يعنيه من امل في الخروج من العتمة الى النور جيد وضروري، والشاعر نادى به قبل مئات السنين:
أُعلّلُ النفس بالآمال أرقبُها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لكن التفاؤل يجب ان يبني على اسس واقعية وموضوعية، ولا بأس هنا من الحلم شريطة عدم المبالغة فيه، فالأحلام كثيراً ما تتحول الى حقائق، والى سفن تمدّ اشرعتها باتجاه المستقبل.
ان السيد الكاظمي وحكومته، اذا صادق عليها البرلمان وبصرف النظر عن كفاءتها ونزاهتها، لا تمتلك عصا سحرية لحل المشاكل العويصة والازمات الخانقة، التي جعلت من حياة العراقيين جحيماً، فضلا عن توازن القوى السياسي السائد حالياً وهو لصالح قيادات الدولة العميقة، المدعومة من الاجنبي مقابل ولائها وتنازلها عن المصالح الجذرية وغير الجذرية للشعب العراقي.
اذا استطاع الكاظمي ان ينفذ جزءاً من وعوده وبرنامجه الحكومي الذي رسم خطوطه العريضة في اول تصريح له، فسيكون قد حقق شيئاً كبيراً ومهماً للعراقيين.
اذا استطاع ان يفتح ثغرة في جدار المحاصصة، هذا السم القاتل للجسد العراقي، وان يُقلّم أظفار الفاسدين والتماسيح منهم خصوصا، ويحاسب قتلة المتظاهرين، ويجري انتخابات مبكرة على قدر من النظافة وقلة التزوير واستخدام المال السياسي، يكون قد سجل اسمه في صفحات التاريخ الخالدة، وحظي بحب الشعب العراقي وتمجيده.
لكن الشرط الذي لا غنى عنه لتحقيق ما يُعتد به، وما يُمهد الطريق لاصلاح ذات البين، هو التجديد الثوري للانتفاضة، وتلافي النواقص والثغرات التي ظهرت في الصفحة المشرقة الاولى من عمرها، وحاول استغلالها المتصيدون في بئر الزيف والخداع والدجل المركب، وأولها ملء الفراغ القيادي والاتفاق على تنسيقية واحدة او عدد محدود من التنسيقيات، تتعاون فيما بينها وتركز على المشتركات والاهداف الرئيسية. كذلك تشذيب شعاراتها والحفاظ على سلميتها، مصدر قوتها واتساع جماهيريتها، والسير بثبات في طريقها المفضي لا محالة الى غدٍ مشرق للعراق ولكل ابنائه.

مرتضى عبد الحميد
************
تحذيرات من انهيار العملية السياسية
هل يفلت مصطفى الكاظمي من اشتراطات المحاصصة ؟
بغداد – طريق الشعب
رغم الدعم السياسي الواضح الذي حظي به تكليفه، إلا أن الطريق نحو ترؤس مصطفى الكاظمي الحكومة ليس مفروشا بالسجاد الأحمر.
فالكاظمي الذي أعلن قبل أيام اكتمال تشكيلته الحكومية، لا يزال يخوض مفاوضات مع القوى السياسية المختلفة، من أجل تمرير حكومته في جلسة مجلس النواب المرتقبة.
يأتي ذلك في وقت صدرت فيه تحذيرات عن سياسيين من خطورة الأوضاع خلال المرحلة الحالية، ومن المشكلات التي سيواجهها العراق في حال عدم تشكيل الحكومة، لاسيما مع استمرار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط عالمياً ما ينذر بأزمة اقتصادية.
الكاظمي حر.. الكاظمي مقيد!

وكانت خمس قوى سياسية، هي الفتح، دولة القانون، ائتلاف النصر، سائرون، الحكمة، قد ألزمت الكاظمي بتقديم برنامجه الانتخابي وكابينته الوزارية إلى مجلس النواب في غضون 10 أيام من تاريخ تكليفه، (تنتهي الأيام العشرة في 24 نيسان الجاري) من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة "نظرًا لما تمر به البلاد من أزمات خطيرة".
وبحسب تصريحات نواب فان زعماء تلك الكتل منحوا المكلف حرية اختيار الوزراء في الحكومة المقبلة مع "مراعاة شرط التوازن الخاصة بالمكونات".
لكن يبدو أن الكاظمي بقي مقيدا باشتراطات المحاصصة، فالتسريبات من مصادر موثوقة تؤكد أن الكتل السياسية لن تمنح الثقة لحكومة ليس لها فيها حصص.
وبهذا الخصوص قال النائب عن تيار الحكمة، سالم طحمير في تصريحات صحفية، إن "الفريق الذي شكله الكاظمي مؤخرًا سيأخذ بنظر الاعتبار التمثيل المكوناتي، بالتالي الحكومة ستشكل وفق مبدأ الشراكة الوطنية".
وكشف رئيس كتلة الفتح النيابية محمد الغبان، في وقت سابق، عن تشكيل فريق استشاري يمثل الكتل السياسية لتقديم المساعدة والمشورة للمكلف بتشكيل الحكومة مصطفى الكاظمي في دراسة أسماء الكابينة الوزارية والمنهاج الحكومي.

ثلاثة أنواع من الشروط!

وفي سياق متصل قال نائب في البرلمان انه حتى الان لم تنجز الكابينة الوزارية لرئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، فيما كشف مصدر سياسي ان اكمال الحكومة يصطدم بثلاثة انواع من الشروط.
وقال المصدر ان "رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي يواجه ثلاثة أنواع من الشروط أو الطلبات، تتمثل الأولى في إصرار كتل سياسية شيعية على وجوب تضمينه برنامجه الوزاري بنداً ينصّ على تنفيذ قرار البرلمان القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق، فضلاً عن شروط أخرى تتعلق بالحصول على مناصب وزارية وسيادية في الحكومة".
واضاف ان "ثاني أنواع الطلبات، عبارة عن شروط للقوى العربية السنية، متعلقة بإعادة إعمار المدن المدمرة، وعودة النازحين، وإخراج الفصائل المسلحة من المدن التي تسيطر عليها، وإعادة سكانها إليها، ومعالجة ملف المختطفين والمغيّبين والمعتقلين، وتعويض ضحايا العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية، فضلاً عن نيلهم حصصهم بالحكومة وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية التي جرت عام 2018". واشار الى ان "ثالث أنواع الطلبات هو شروط القوى الكردية التي اعتبرتها فيصلاً في موقفها من الحكومة، تتضمن التعهد بتطبيق كل الاتفاقيات التي أبرمتها حكومة أربيل مع حكومة عادل عبد المهدي، والحصول على حصتها من الموازنة السنوية".

رسالة دعم كردستانية

في الاثناء، وجه رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، يوم أمس، رسالة دعم إلى رئيس الوزراء العراقي المكلف، مصطفى الكاظمي.
وقال بارزاني في مؤتمر صحفي عقده يوم أمس، إن "ترشيح الكاظمي تم من قبل القوى الشيعية التي حضرت جميعاً خلال تكليفه من طرف رئيس الجمهورية، ونحن نعبر عن دعمنا له في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة باسم جميع القوى الكردستانية، ونشدد على ضرورة الاستجابة لمطالب إقليم كردستان".
وقال:"نحن نبحث عن آلية عمل مشترك يضمن عدم زيادة خطورة داعش بالتعاون مع بغداد والتحالف الدولي، وسنبدأ حواراً رسمياً مع الكاظمي قريباً بمشاركة جميع القوى الكردستانية".
وتابع ان "داعش لا يزال يشكل خطراً جدياً في كل مناطق العراق وكردستان، وقد رفع مستوى عملياته وأنشطته مؤخراً".
وقال بارزاني، إن وفد إقليم كردستان موجود في بغداد لبحث معالجات للوضع الاقتصادي الراهن، و"نستعد لتوجيه رسالة إلى البرلمان العراقي والحكومة العراقية للقيام بمسؤولياتها المتمثلة بدعم الفئات المتضررة".
وتابع يقول:" أعددنا ورقة مفاوضات تتضمن كل المسائل ومنها الموازنة والنفط والمناطق المستقطعة، ومباحثاتنا ستكون على هذا الأساس، وعلى حد علمي فلن يطرأ أي تغيير في عدد وزارات الكرد في الحكومة".

تحذيرات من سقوط العملية السياسية

من جانب آخر، أعرب زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي، أمس، عن خشيته من "تجاهل مطالب المتظاهرين".
وقال علاوي في تدوينة تابعتها "طريق الشعب" إنه "نخشى ان يكون تقاسم المواقع مقدمة لتجاهل مطالب المتظاهرين الذين بذلوا ارواحهم لتحقيق الاصلاح الشامل".
‏وتابع علاوي ان "على قوى السلطة أن تهيئ نفسها لسخط شعبي مقبل، لن تتوقف حدوده عند المطالبة باسقاط حكومة المحاصصة، بل تتعداها إلى عملية سياسية مريضة".
وكان نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الاعرجي، قد كشف في وقت سابق، عن محاولات لإفشال مهمة المكلف مصطفى الكاظمي.
وقال الاعرجي في تدوينة : تحاولُ بعض قيادات الصدفة أن تحفر حفرةً للمُكلّف لإفشال مهمته، فليعلم مَن ينوي الإنجرار خلف هؤلاء بأن الجميع سيقع فيها، وكفاكم تفسيراً لفشلكم وفقاً لنظرية المؤامرة".
وأضاف، "ادعموا المُكلّف حتى وإن اختلفتم معه لأن علامات انهيار النظام السياسيّ صارت واضحة!".
***********
عمال الصيانة في حقل نفط الأحدب في محافظة واسط
أضرَبوا عن العمل فنالوا حقوقهم
الكوت - طريق الشعب
حققت نقابة النفط في اتحاد نقابات عمال محافظة واسط، إنجازاً مهماً لعمال الصيانة في " شركة الكوادر المتقدمة العراقية " العاملة في حقل الأحدب النفطي، وعددهم يزيد على ٦٠٠ عامل يعملون بأجر يومي.
وتقوم شركة الكوادر بالعمل مع الشركة الصينية "الديكوز" في الحقل المذكور بموجب عقد منذ أكثر من خمس سنوات. وقد أضرب عمالها عن العمل يومي 17 و 18 نيسان الجاري، مطالبين بتنظيم اوقات العمل وحل الاشكالات الناشئة الاخرى.
وقد تعرض العاملون في الشركة الى الحرمان من حقوقهم المشروعة، وعدم تطبيق ما جاء في قرار مجلس الوزراء الرقم ٣١٥، الذي يضمن لهم الحد الأدنى من الاجور والتحويل لاحقا الى الملاك الدائم، وجرى ذلك رغم مطالبات اتحاد نقابات عمال واسط ونقابة النفط فيه.
وبمبادرة من الاتحاد وبالاشتراك مع رئيس نقابة النفط واللجنة النقابية في حقل الأحدب ، جرى التفاوض مع مدير الشركة حول مطالب العمال وبضمنها ما يتعلق بالتزام الحظر الصحي، واعقب ذلك فض الإضراب عن العمل.
وقد تم الاتفاق مع مدير الشركة على برنامج عمل بشأن دوام عمال الصيانة المضربين، بحيث تكون هناك ٧ أيام حجر يعقبها ١٤ يوم عمل ثم ١٤ يوم استراحة. أما بعد الحظر الصحي فيكون الدوام ٢١ يوما تعقبه فترة استراحة.
هذا وثمّن مدير شركة الكوادر المتقدمة " دور اتحاد نقابات عمال محافظة واسط في التفاوض وإنهاء الإضراب، وأثنى على حرصه العالي على العمال وعلى دعم الإنتاج والحفاظ على المصالح الوطنية في كافة القطاعات والاهتمام بالإنتاج الوطني وحمايته.
**********
في البصرة.. تراجع في تجهيز الكهرباء ومواطنون يتوعدون بتظاهرات حاشدة!
البصرة ـ أحمد ستار العكيلي
تشهد محافظة البصرة في الآونة الاخيرة نقصاً ملحوظاً في تجهيز الكهرباء، ويحدث ذلك مع قرب حلول شهر رمضان.
وقد ازدادت ساعات القطع المبرمج خلال الفترة الماضية مما ولد تذمراً كبيراً في اوساط المواطنين. وقد اعتادت مدينة البصرة، شأن بقية المحافظات، على نقص خدمة الكهرباء خصوصاً مع اقتراب فصل الصيف، مما يدفع البصريين الى التظاهر والاحتجاج مرة بعد مرة مطالبين بمحاسبة المسؤولين المقصرين في ملف توفير الخدمات.
وقال المواطن البصري علي جبار لمراسل " طريق الشعب ": لقد جزعنا من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وخصوصاً مع اقتراب رمضان. واضاف أن على الحكومة المحلية في البصرة أن تعالج مشكلة الكهرباء لا سيما ونحن الان نمر بأزمة كبيرة وإجراءات حظر صحي، وان بعض الاهالي يعتمدون على الكهرباء الوطنية بسبب محدودية الامكانيات المالية مع تفاقم مشكلة البطالة وصعوبة الأوضاع المعيشية، التي تمنعهم من الاشتراك في المولدات الأهلية.
وطالب المواطن سلمان عبد الحكومة المحلية وخلية الازمة بوضع حلول لمشكلة الكهرباء في موسم الصيف. وذكر ان مشكلة الكهرباء بدأت بالتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة، ونحن تعبنا من استمرار فشل الحكومة في ايجاد الحلول المناسبة. وبيّن ان مطالبة المواطنين بتوفير الكهرباء بشكل مستمر لم تجد اذن صاغية، مؤكداً وجود اتفاقات بين اصحاب المولدات الأهلية ودوائر الكهرباء لغرض قطع الكهرباء في اوقات محددة، مما يجعلهم يرفعون اسعار الاشتراك وتوزيع النسب بينهم وبين المسؤولين الفاسدين.
وتابع المواطن سلمان عبد ان الفساد المستشري عطل المشاريع الكهربائية، مما يجعل المسؤولين الفاسدسين يدعون الى خصخصة قطاع الكهرباء وتوزيع العقود على شركات وهمية تعود ملكيتها إلى بعض المتنفذين في السلطة.
وأبلغ مواطنون "طريق الشعب" باستعدادهم للخروج في تظاهرات واسعة، في حال استمر نقص تجهيز الكهرباء خلال الصيف المقبل. واكدوا مطالبتهم باقالة جميع المسؤولين الفاسدين الذين تسببوا في هدر المال العام وعدم اكمال المشاريع الخاصة بالكهرباء.
***********
خبير في شؤون المطاحن:
طحين نمرة صفر المستورد
يسبب السرطان وامراضا اخرى
بغداد – طريق الشعب
كشف خبير في شؤون المطاحن والطحين الاحد من الاسبوع الماضي عن "جريمة بحق الشعب العراقي" قال انها تُرتكب من خلال الطحين المستورد، وتُعرّض العراقيين الى ما اسماه "عملية قتل منظمة". وقال السيد رباح مهدي صالح ممثل جمعية المطاحن العراقية، في برنامج تلفزيوني بثته فضائية "العراقية"، ان ما بين مليونين ونصف المليون وثلاثة ملايين طن من هذا الطحين (النمرة صفر) يستورد سنويا الى اسواقنا المحلية، وفي الغالب من تركيا.
وأضاف ان هذا الطحين "يتم انتزاع المواد الغذائية الاساسية منه لتحوّل الى معامل الحليب والنستلة، وما يتبقى منه يُحقن ببروتين صناعي تُضاف اليه مُبيّضات ومادتا بروميد البوتاسيوم والبريمكس " ومواد كثيرة اخرى.
واوضح صالح ان حصيلة ذلك هي طحين مضاف اليه 40 مادة كيمياوية، مستطردا ان "هذه المواد هي سبب رئيسي للكثير من الامراض وبضمنها امراض سرطان".
وتحدث ايضا عن تقارير طبية و"تقرير من احد المختبرات يثبت ان الطحين المستورد يحتوي على مواد" يسبب بعضها مرض السكري وبعض آخر عللا وأضرارا اخرى.
وردا على سؤال في سياق برنامج "دينار" قال رباح صالح، الذي وصف نفسه بانه رجل قانون ايضا، ان كميات الطحين المغشوش هذه لا تستوردها الدولة بل القطاع الخاص. لكنه عبر عن عتبه "على الجهات الحكومية الرقابية والصحية والمنافذ الحدودية، على المؤسسات الرسمية العراقية عموما، التي لم تأخذ دورها الوطني الحقيقي في هذا المجال" وسمحت وتسمح "باقتراف هذه الجريمة".
وشاركت في البرنامج التلفزيوني مدير عام التخطيط والمتابعة في وزارة التجارة ابتهال هاشم، التي أيدت منح وزارتها اجازات استيراد الطحين "وفق ضوابط معينة". لكنها اعتبرت ان الوزارة غير معنية بفحص الطحين المستورد، فهذا من اختصاص الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في المنافذ الحدودية، المسؤول عن التأكد "من كون الطحين المستورد مطابقا للمواصفات القياسية ولمتطلبات الصحة الغذائية".
***********
ص3
عضو مجلس مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى يتحدث الـى "طريق الشعب"
أفعال جرمية لا يجرّمها القانون واعتداءات على عقارات الدولة وابتزاز للمال مقابل الوظائف
بغداد – نورس حسن
اكد عضو المجلس الاعلى لمكافحة الفساد سعيد ياسين موسى انه على الرغم من تعدد المؤسسات التي تُعنى بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وبضمنها المجلس الاعلى، كذلك القوانين المعوّل عليها في تحجيم نسب الفساد بمختلف انواعه واشكاله، فان ذلك كله يبقى مجرد عناوين غير فاعلة بوجود مجلس النواب الحالي واستمرار المساعي لافراغ تلك المؤسسات من محتواها.
وقال موضحا دور البرلمان في تعطيل فاعلية المؤسسات والقوانين المذكورة انه "بوجود مجلس النواب الحالي، الذي ساعد ويساعد في سيطرة النفوذ السياسي وتغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة دون رادع يذكر، فان جميع مؤسسات مكافحة الفساد تبقى مجرد عناوين غير فاعلة، لا سيما مع استمرار المساعي لافراغها من محتواها".
وفي ضوء هذا شدد موسى على " ضرورة السعي الى اجراء انتخابات مبكرة، تحظى بمشاركة ايجابية من جانب ابناء الشعب العراقي لاختيار ممثليهم في مجلس النواب، وتعيد ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة".
وتابع يقول ان "على القضاء العراقي القيام بدوره في ابلاغ الجمهور والافصاح عن المعلومات حول نتائج التحقيقات التي يتوصل اليها في مكافحة الفساد، وتقديم كل من يشارك فيه الى العدالة، اضافة الى كشف جميع انواع الضغوط التي يتعرضون اليها لحرف التحقيقات، كي يكون كل من يمارسها عبرة لمن اعتبر".
واشار الى التطور المثير للقلق الشديد الذي شهدته الاشهر الماضية عندما "ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير إثر انطلاق تظاهرات تشرين الاول الفائت، وكان من ابرز مظاهرها عرقلة التحقيقات في قتل المتظاهرين السلميين وللكشف عن الجناة، وعمليات الاختطاف التي استفحلت بشكل ملفت دون رادع قضائي يذكر حتى الآن".

فساد لا يجرمه القانون

وتحدث ياسين عن "ثلاث سلوكيات" تنتهجها "عناصر متعددة" لتحقيق منافع خاصة لا يجرمها القانون وهي:"استغلال النفوذ والاتجار به واستثماره".
واوضح المقصود باستغلال النفوذ قائلا انه "استغلال الوظيفة العامة او السياسية لتحقيق مكاسب شخصية او فئوية خارج القانون". واضاف ان الاتجار بالنفوذ "يتجلى خصوصا في المتاجرة بالتعيينات في المؤسسات الحكومية من قبل شخصيات تملك صلاحية التعيين، فتفرض على المواطنين شراءه رغم انهم يستحقون الحصول عليه دون مقابل." وفي ما يخص استثمار النفوذ فالمقصود حسب قوله هو "التأثير على التوجهات الخاصة بالعقود وحرفها لـتمويل "مشاريع" غير المخصصة اصلا لها، والاستحواذ بالتالي على المال العام"
وشدد ياسين على ان هذه السلوكيات الثلاث تمارس "بحماية النفوذ السياسي".
واستحضر امثلة من الواقع على هذا النفوذ المهيمن في مفاصل الدولة وتضارب المصالح مشيرا الى ان هناك " في الكثير من المؤسسات الحكومية افراد عائلة واحدة يعملون في مكتب واحد ويرتبطون بمسؤول واحد. ونجد ايضا مسؤولا معينا يدير شركة حكومية ويقوم باحالة عقودها الى مسؤول تجمعه به مصالح مشتركة".

غياب الشفافية في التعيينات

وذكر في هذا الصدد ان مجلس مكافحة الفساد واجه مشكلة في التعيينات على ملاك وزارة التربية، التي اطلقتها مجالس المحافظات العام الماضي. وقال ان المشكلة كانت تكمن "في كون تلك التعيينات لم تتم وفق اسس الشفافية والمهنية والمنافسة، بل ان المحسوبيات والمصالح الشخصية كانت هي الطاغية فيها". وأشار الى الآلاف من الخريجين والمحاضرين الذين قدموا وفق السياقات القانونية طلبات للتعيين ضمنها "ولكن لم تظهر اسماؤهم في قوائم المقبولين، بل ظهرت اسماء من هم في الغالب من اقارب اعضاء مجالس المحافظات او القيادات الادارية والجهات السياسية، او من يتمتعون بنفوذ عليهم".
وتابع يقول ان "هذه الممارسات وامثالها تسلب عامة الناس حقوقهم، لكنها جميعا ليست مما يُجرّمه القانون"، وأضاف: "كان مفترضا ان تخضع وظائف الدولة كافة الى التدابير الوقائية، من خلال الحصول على الوظيفة بالمنافسة بين المتقدمين للحصول عليها، اضافة الى تفعيل عمل مجلس الخدمة المدنية، الذي عُطل عن عمد بقوة النفوذ السياسي".
وعبرعن بالغ الاسف لما "لدينا في العراق من قصور كبير في هذا المجال، بحيث ان استغلال النفوذ وصل الى مستوى الابتزاز الجنسي".
وبخصوص الاجراءات المطلوب اتخاذها للمعالجة، قال ياسين بوجوب "اعادة النظر في القوانين على وفق المعايير الدولية ومبادئ الحكم الرشيد، وبما يؤدي الى تعزيز النزاهة. كما يتوجب تشديد العقوبات على مستغلي النفوذ السياسي و الوظيفة العامة لتحقيق مصالح شخصية. فالعقوبات في هذا الميدان ضعيفة وغير رادعة، وغالبا ما تغلق قضايا ارتكاب هذه الافعال باعادة المتهم بها الى وظيفته بعد دفع غرامة بسيطة".
واستطرد عضو مجلس مكافحة الفساد مؤكدا "وجوب ممارسة القضاء دوره الحقيقي الرادع في اجراء عمليات التحقيق، والا يقيد عمله هذا من قبل الوزراء في الوزارات المختلفة، نظرا الى كونه قبل كل شيء سلطة قائمة بذاتها".
وبيّن في هذا الصدد ان مجلس مكافحة الفساد "اكتشف مؤخرا وجود اكثر من 12 الف ملف فساد معلقة، لا لشيء الا لأن اوامر صدرت من قبل بعض الوزراء بحفظها وعدم السماح باجراء التحقيقات الادارية في شأنها مع الموظفين التابعين لوزاراتهم".
وفي الصدد ايضا ذكر ان "المجلس تمكن عبر التعاون والتنسيق مع القضاء وهيئة النزاهة، من سحب يد 1600 موظف من درجات وظيفية مختلفة وفي مراكز ووزارات مختلفة، واحالتهم الى القضاء للبت في قضاياهم".
وبيّن ياسين ان "التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول من العام الماضي والوقفات الاحتجاجية التي سبقتها جميعا، جاءت ردا على استفحال هذا النوع من استغلال النفوذ، الذي لم يكن بالامكان معالجته بسبب كونه من الجرائم التي لا تجرّمها قوانيننا النافذة".

هيمنة النفوذ السياسي

وتحدث عضو المجلس الاعلى لمكافحة الفساد عن النفوذ السياسي معتبرا اياه "اخطر انواع النفوذ"، وقال ان التقرير النهائي للمجلس للعام 2019 "بيّن ان عدد التجاوزات (باستغلال النفوذ السياسي) بلغ 3289 تجاوزا، وهذا يعادل 41 بالمائة من مجمل التجاوزات المتصلة بالفساد. كما ان عدد المتهمين بصفقات الفساد من الوزراء وصل الى 34 وزيرا، وقد صدر بحقهم 45 أمر استقدام"، موضحا ان بعضهم لم يستجب لأمر الاستقدام الاول، فصدر امر استقدام آخر له. واستطرد يقول بخصوص المتهمين من المدراء العامين وبقية أصحاب الدرجات الخاصة ومن بدرجتهم ان "عددهم وصل الى 340 متهما، وان 437 أمر استقدام صدر بحقهم".
وذكر ان مجمل اوامر الاستقدام التي صدرت بحق وزراء ومدراء عامين ومن بدرجتهم هو 5955 أمرا، وان مجموع الاوامر القضائية الصادرة بشأنهم 7858 أمرا،بضمنهم من صدر بحقه اكثر من أمر قضائي".
وفي خصوص اوامر القبض ذكر السيد ياسين ان هناك "9 وزراء صدر بحقهم 17 أمر قبض، و91 مديرا عاما ومن بدرجته صدر بحقهم 165 امر قبض تتعلق بـ 2224 قضية، فيما بلغ مجموع اوامر القبض الصادرة 2473 أمرا". واضاف ان بين القضايا المذكورة " 743 قضية إضرار عام متعمد، و366 قضية اختلاس، و275 قضية استغلال للوظيفة، و141 قضية رشوة و96 قضية اهمال وتزوير".
واشار ياسين في سياق حديثه الى قانون العفو العام، الذي تم تعديله عام 2016 ، عادا اياه من اسوأ القوانين، فـ "بموجبه تم اطلاق سراح الكثير من الفاسدين ذوي النفوذ السياسي، مقابل ارجاعهم الاموال التي اختلسوها".
وذكر في هذا الشأن ان "مجلس مكافحة الفساد طلب ادراج فقرة تنص على عدم قبول ترشيح المدانين بجرائم الفساد ضمن قانون الانتخابات السابق. ولكن ضُرب بالطلب عرض الحائط، لذلك ترى اليوم الكثير من اولئك الفاسدين يتصدرون مراكز مهمة في الدولة، ومنهم اعضاء في مجلس النواب ووزراء". وفي ما يتعلق باسترجاع الاموال بيّن انه لم تظهر حتى الآن اية مؤشرات على حجم الاموال التي تم استرجاعها، وأضاف ان هذا يسمى في أدبيات مكافحة الفساد "الافلات من العقاب" و"التسامح تحت غطاء القانون".
ونوّه ياسين الى ان "هناك الكثير من ملفات الفساد بحوزة القضاء ولم يتم انجازها بعد بفعل النفود الاداري والسياسي". وتحدث عن رصد اوامر صادرة مؤخرا عن بعض الوزراء، تقضي بمنع اجراء تحقيقات مع الموظفين التابعين الى وزارتهم "الامر الذي يجعل هؤلاء الموظفين يستسهلون الاعتداء على المال العام، ويتيح للمتهمين فرصة الهرب الى خارج العراق، بعد تأمين سبل العيش الباذخ لانفسهم ولافراد عائلاتهم".
وارتباطا بذلك عاد الى موضوع الغاء مكاتب المفتشين العموميين التي انفقت عليها اموال غير قليلة، ودون توفير بديل لها،وقال ان ذلك تم "بفعل النفوذ السياسي وبعد ان صارت المكاتب المذكورة احد المدخلات الاساسية في الرقابة الاستباقية، وللمعلومات ذات الصلة بالاجراءات غير القانونية والتي تسبب ضررا في مجال المال العام بمختلف الاشكال". واضاف ان هذا الاجراء "جاء بعد عدم رضوخ اعضاء المكاتب من المفتشين الى الضغوط السياسية المتعلقة بالتعيينات او لتمرير صفقات فساد".

عراقيل سببها النفوذ السياسي

وألقى ياسين اضواء على بعض جوانب تأثير النفوذ السياسي على تنفيذ مشاريع البنى التحتية وما له علاقة بالوضع الاقتصادي، وذكر بمشاريع الـ 10 مستشفيات الكبيرة التي لم يتم تنفيذها منذ عام 2008 حتى الآن "لأسباب مبهمة ووسط تكتم الكثير من الجهات السياسية بهذا الخصوص، حتى وقعنا في مطب الحاجة الماسة الى أماكن للحجر ارتباطا بانتشار فيروس كورونا". واشار ايضا الى مشروع مستشفى القوة الجوية التابعة الى وزارة الدفاع، والتي صرف لاجلها 148 مليار دينار منذ عام 2011 ، ولم تنجز الان. كذلك مشروع قناة الجيش "الذي يعتبر اهانة للعاصمة بغداد" حسب قوله، والذي خصص له في حينه مبلغ 143 مليون دولار، اضيف اليه في ما بعد 11 مليون دولار بعد ما قيل عن اضافات الى العقد من قبل امانة بغداد. "وقد انفق على المشروع فعلا من المبلغ المذكور 90 مليون دولار ذهبت هباءً، وبقي "المشروع" وصمة عار في جبين الجهات الحكومية المسؤولة".
وفي ما يتعلق بالابنية المدرسية، قال ان وزراء التربية في الحكومات المتعاقبة متهمون جميعا بقضايا فساد، بعضها يتعلق بالابنية المدرسية وغيره بطبع المناهج الدراسية او بالتجهيزات المدرسية. "وهناك صفقات فساد كبيرة في هذا الميدان لا يعرف شيء عنها حتى الآن."

عقارات الدولة

وفي شأن عقارات الدولة أفاد ياسين ان ملفها شائك نظرا لوجود الآلاف من هذه العقارات في عموم العراق مستغلة بفعل ذوي النفوذ السياسي "فهناك كثير من الشخصيات السياسية التي تؤثر بشكل كبير على دوائر العقارات، وتتمكن بواسطتها من الاستحواذ على ممتلكات حكومية لتحقيق مصالح خاصة".
واشار في هذا الصدد الى ان النائبة ماجدة التميمي اظهرت تعاونا كبيرا في هذا المجال، وانه على إثر ذلك صدر امر ديواني بتشكيل لجنة لمتابعة العقارات في مجلس مكافحة الفساد، مهمتها جرد المواقع وفرز المستغل منها ووضعها تحت الرقابة القانونية. الا ان اللجنة كما اضاف "تعاني من ضغوط كبيرة غايتها حرف التحقيقات في التجاوزات، او دفع اللجنة الى رفع الحجز عن ممتلكات النظام السابق، فضلا عن محاولات إرشاء اعضائها. لكن اغلب هذه المحاولات باءت بالفشل، وبذلك استطاع القضاء ارجاع الكثير من العقارات".
وفي السياق ذكر ان المجلس اقترح شمول مسألة عقارات الدولة بقانون من اين لك هذا؟ المعطل هو الآخر بسبب النفوذ السياسي، الامر الذي ساعدعلى استفحال الفساد بشكل كبير في هذا الميدان".
وفي السياق ايضا أشار الى شخصية سياسية، لم يشأ ذكر اسمها، استملكت 45 عقارا وقصرين منذ سقوط النظام السابق حتى الآن، ولم تتعرض الى اية مساءلة قانونية. كما تحدث عن قطع ارض ودور أقيامها بمليارات الدنانير تستغلها احزاب متنفذة دون مقابل، وعقارات غيرها مستغلة بموجب عقود ايجار من دون ان يسدد شئ من مستحقاتها المالية.
وقال ان قسما من الممتلكات العائدة الى النظام السابق مستغل ايضا من قبل احزاب وجهات نافذة، ترفض إرجاعها الى الدولة بحجة انها كانت ملكا "لنظام سابق مجرم".
وفي خصوص الضغوط التي يمارسها اصحاب النفوذ السياسي لرفع الحجز عن الممتلكات الحكومية ، قال ان مجلس الوزراء أصرّ على عدم رفع الحجز، وان مخاطبات في هذا الشأن جرت مع مجلس القضاء الاعلى".
واختتم عضو مجلس مكافحة الفساد حديثه في هذا المحور قائلا ان الصراعات المتواصلة بين القوى السياسية على مدار الدورات النيابية المتتالية حتى اليوم، ليست ابدا لمصلحة الشعب او البلد، وانما هي تنازع من اجل مصالح شخصية سواء من خلال التشريعات القانونية او العقود وصولا الى الوظائف العامة".

عرقلة تشريع القوانين

وفي شأن آخر أشار ياسين الى ان ادارة الدولة تشرّع القوانين بعقلية سياسية لا عقلية قانونية، وان القوانين يتم تغييرها حسب الأمزجة والمصالح الشخصية للقوى السياسية لا بناء على المصلحة العامة. وقال ان "خير مثال على ذلك هو تغيير قانون الانتخابات بنحو يتعارض في صيغته النافذة مع مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد، وهو ما ادى في نهاية المطاف الى مجيء مجلس نواب لا يلبي طموحات الشعب العراقي، ويعتبر أضعف مجلس منذ عام 2003، وذلك لكون 80 بالمائة من الشعب العراقي لم يشاركوا في الانتخابات".
وقال ايضا ان عدم اتمام تشكيل مجلس الخدمة جرى هو الآخر عن قصد من طرف متنفذين كثيرين في الاطراف السياسية، نظرا الى كون وجود المجلس يتعارض مع مصالحهم الخاصة ويصب في مصلحة عامة الشعب، ويمنح الأغلبية الحق في فرص العمل، ويحدّ من الاستغلال الوظيفي من خلال اخضاع التعيينات للمنافسة". ولفت في هذا الخصوص الى ان هناك وعودا يطلقها البعض في مجلس النواب باعادة النظر في موضوع مجلس الخدمة خلال الفصل التشريعي القادم.
وحول فوضى التعيينات افاد ياسين ان غياب الدور الرقابي، والسعي المجرد لتهدئة الشعب الثائر الذي يعاني اغلبه من البطالة ومن دون دراسة الواقع، وضعا وزارة الكهرباء امام معضلة توفير الاموال للمواطنين الذين تم تعيينهم حديثا على ملاكات الوزارة. وقال ان هذه التعيينات لم تخلُ هي ايضا من الفساد ومن بيع الوظائف "فقد جرى جمع اسماء العديد من المتظاهرين بهدف تعيينهم، ولكن بعد ظهور الاسماء تبيّن ان 10 بالمائة فقط من المتظاهرين تم قبولهم، اما البقية فتم اختيارهم وفق المحسوبيات".
واشار ايضا الى اجراءات وزارتي الدفاع والداخلية باعادة 48 الف منتسب سابق الى الخدمة، "رغم وجود شبهات عن تعاون بعضهم مع داعش الإرهابي، ورغم ان آخرين منهم تركوا الخدمة اثناء الحرب" كما ان الاجراءات اتخذت "على الرغم من اعتراض الجهات الرقابية المعنية بالفساد، التي طالبت بمساءلتهم قبل اعادتهم الى الخدمة".

قانون تجريم الرشاوى لا يردع

وجوابا على سؤال يتعلق بمصير من يتقاضون الرشاوي المالية لقاء تحقيق مصالح خاصة اوضح ان التقرير الاخير لهيئة النزاهة اشار بشكل واضح الى احصائيات تتعلق بمتقاضي الرشاوي "وتضمن ادانة لشخصيات ذات مناصب ادارية في جميع الوزارات". واستدرك قائلا:" ان الرشوة تندرج ضمن الافعال المجرّمة قانونا على الرغم من وجود استنكارات"
ولفت السيد ياسين الى ان "من غير الممكن ذكر اسماء من تورطوا بتسلم الرشى الا بعد صدور احكام باتة فيها، فهذا يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان حسب اتفاقية مكافحة الفساد الدولية في المادة 10, كما ان الهدف الاساس لاصدار الاحكام اصلاحي غايته حماية المال العام وترسيخ القيم المجتمعية الايجابية".

اجراءات لابد منها

وفي شأن الاجراءات الآنية اكد العضو المراقب في مجلس مكافحة الفساد ان "متطلبات تعزيز النزاهة جميعا مرهونة باصلاح النظام السياسي بصورة عامة، وبعكس ذلك لن يحل شيء من مشاكل الفساد. وان من المفترض ان يتم ذلك عبر تطبيق معايير جودة الديمقراطية في قانون الانتخابات، لضمان مشاركة واسعة في الترشيح والترشح، والسعي لأن تكون مفوضية الانتخابات مستقلة فعلا وحقا". وأضاف انه "يجب ايضا منع اي نشاط اقتصادي للاحزاب، وان تكون لديها شركات كواجهة اقتصادية تمارس وتستدرج العقود والمشتريات الحكومية، وان توضع معايير لتمويل الاحزاب من ميزانية الدولة، كل حسب تمثيله في البرلمان".
ولفت الى اننا في العراق "نعاني من خلل في قانون الانتخابات، وفي مفوضية الانتخابات، وفي الممارسة الاقتصادية للاحزاب. وفي حال السيطرة على هذه الجوانب سيمكن تعزيز الاداء السياسي وسيادة القانون وإنفاذه، وان العكس يتيح التدخلات الخارجية واستفحال استغلال النفوذ".
وبيّن سعيد موسى ياسين "ان الجزء الاهم في الاجراءات الاصلاحية هو ان ياخذ القضاء دوره في البت بقضايا الفساد، وتعريف الشعب بالقضايا التي تم حسمها، والاعلان عن كل من يحاول التأثير لحرف مسارات التحقيقات من اجل استعادة ثقة المواطنين. وبالتالي يكون القضاء العين الساهرة على تحقيق العدالة وحماية المجتمع ومصالحه ومصالح جميع مكونات الشعب العراقي، الذي سيقوم هو الآخر بدوره في مساندة القضاء والجهات الرقابية ورفدها بالمعلومات، والابلاغ عن صفقات الفساد، وبالنتيجة تحقيق العدالة في صفوف المجتمع العراقي".
واختتم عضو مجلس مكافحة الفساد حديثه لـ "طريق الشعب" بالقول ان الشئ الذي لا بد من تحقيقه، هو "تشريع قوانين تجرّم الافعال الجرمية غير المجرمة في القانون العراقي, ونحن كخبراء على دراية تامة بوجود فجوة قانونية بين القوانين العراقية واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، خاصة تلك التي تتعلق بقانون حق الحصول على المعلومات وتجريم الافعال غير المجرمة (مثل استغلال النفوذ السياسي)، وتجريم تضارب المصالح وتضخيم الاموال دون حق مشروع، وهذه كلها يتوجب تشديد العقوبات على مرتكبيها".
ص4
"كورونا"
وتعفّن الرأسمالية
مفيد قطيش*
منذ مئة عام حدّد ف. إ لينين الإمبريالية، بأنها رأسمالية طُفيلية ومتعفّنة. تعجّب كثيرون لوصف نظام ينتج تقدماً تكنولوجياً وعلمياً بأنه طفيلي ومتعفّن. لكنّ الحياة ومسيرة البشرية في ظلّ الرأسمالية، قدّمت البراهين على صحّة هذا الحكم بما شهدته من حروب وأزمات وتدمير للبيئة وتهميش للبشر وتبذير للقدرات.
اليوم، لا نحتاج إلى كبير عناء للتأكد من طفيلية الرأسمالية. يكفي التزوّد بمعطيات وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث التي تخدم المراكز الإمبريالية ذاتها التي تنشر لوائح أغنياء العالم ومعطيات تركّز الثروة والدخل بأيدي حفنة من الطغمة المالية العالمية التي لا تتجاوز الـ 10في المائة من سكان الكون، ناهيك عن الغنى الفاحش لـ 1في المائة منهم، في وقت يستمر فيه مليار إنسان بالعيش بدولارين أو ثلاثة يومياً.
أمّا عن تعفّن الرأسمالية فحدِّث ولا حرج. لقد أكّد ذلك فيروس «كورونا» بما لا يدع مجالاً للشك. فإلى جانب التعفّن الاقتصادي المتمثّل في تكرار الأزمات كلّ عقد من الزمن وتدميرها القوى المنتجة، يتأكد اليوم أنّ التعفّن لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، وإنما يتعدّاه إلى عجز الرأسمالية عن تأمين الشروط الضرورية لتجديد إنتاج الحياة البشرية ـــ تجديد إنتاج حياة الأفراد وتجديد النسل وإنتاج الخيرات المادية الضرورية لإشباع حاجات الناس وتجديد إنتاج البيئة. خلاصة الأمر، أنّ تلك القدرات المتوفّرة والكامنة تكرَّس من أجل هدف واحد، هو تعظيم الربح على حساب إشباع حاجات البشر وتشويه مسيرة التقدم.
فقد تبيّن أن تسخير العلم لمصالح الرأسمال وتوظيف أبحاثه في إنتاج الأسلحة الذكية والثقافة الواسعة المبتذلة والإعلام المضلِّل، وإخراج الرأسمال من الإنتاج المادي وتوظيفه في إنتاج الأوهام المالية، هو ما يؤمِّن غاية الرأسمال في تعظيم الربح، ومبرّر هروبه من تلبية حاجات تجديد الحياة البشرية. لذلك، مع بروز فيروس «كورونا»، وجدت شعوب الأرض وحكّامها أنها عاجزة ومكشوفة أمام هذا النوع من الآفات. وبرز عمق الهوة بين الحاجة إلى الأبحاث العلمية وإنتاج الأدوية واللقاحات والمعدات الضرورية، وبين ما هو متوفر منها. وهو ما أظهره عدد الوفيات المرتبط بهذا النقص حتى في المراكز الإمبريالية. فهذه المجالات لا تضمن الحصول على ربح مضمون. وإذا ما برزت إمكانية كهذه فإنها تتحول إلى فرصة للاحتكار، كما حاول ترامب أن يفعل مع الأبحاث العلمية لإنتاج لقاح في ألمانيا. هكذا يحوّلون صحة الناس إلى سلعة يُرمى بها في السوق.
وتبيّن أنه مهما كانت مخاطر «كورونا» كبيرة، فهي قابلة للاحتواء، وهذا مرتبط بطبيعة الأنظمة الصحية المرتبطة بدورها بطبيعة النظام الاجتماعي. لقد تمكّنت الصين من احتواء هذه الكارثة والحدّ من خسائرها، في بلد يقطنه مليار ونصف من البشر، وشرعت في تقديم المساعدة إلى البلدان الأخرى. وكذلك كوبا، المحاصرة منذ ستينيات القرن الماضي من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، هي خير شاهد على إنسانية اشتراكيّتها، وهي تمدّ يد المساعدة، فترسل أطباءها إلى أوروبا وبلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا. أما «قاطرة الاقتصاد العالمي ـــ الولايات المتحدة» وأوروبا، فما زالت تتخبّط في عجزها عن معالجة هذه الأزمة. وهذا ليس مصادفة.
ويتجلّى تعفّن الرأسمالية في إضعافها مناعة البشرية في مواجهة الأزمات والآفات الطبيعية، عندما حصرت نتائج التقدّم الاقتصادي والتكنولوجي في صالح حفنة من البلدان وحفنة من طواغيت المال في المراكز الإمبريالية الثلاثة، التي لا يزيد تعداد سكانها على المليار نسمة. حصل ذلك في جانب منه، عبر نهب خيرات وثمار جهود شعوب البلدان التابعة، ويحصل أيضاً عبر العقوبات والحصار وممارسة العدوان ضد بعضها.
كما يحصل ذلك أيضاً في جانب آخر، عبر المسارات المدمّرة للرأسمالية ذاتها. فهذا التطوّر فرض قانوناً للسكان (لتجديد النسل) يجعل التقدّم التكنولوجي سبباً لتحوّل أجزاء متزايدة من البشر، ليس إلى مجرّد جيش احتياطي من العاطلين عن العمل فحسب، وإنّما إلى كتل بشرية مهمّشة وفائضة عن حاجات الرأسمال للأيدي العاملة، فهي بالنسبة إليه مجرّد أفواه زائدة ينبغي التخلّص منها، ما يجعل الاهتمام في الشأن الاجتماعي محصوراً بما يتخلّى عنه الرأسمال من فُتات.
وعلى الرغم من تطوّر العلم وتحوّله إلى قوة منتجة مباشرة تجعل استغلال الإنسان للإنسان مسألة منافية للعقل، ما زال ثلثا البشرية يخضعان لفعل قوانين الرأسمالية الكلاسيكية المدمّرة للجسم البشري، فتتزايد أعداد العاطلين عن العمل في المراكز الإمبريالية جرّاء إدخال التكنولوجيا المعاصرة، مع ما تجرّه من تخفيض للمداخيل ولقدرات البشر على مواجهة الأوبئة.
كما يتجلّى التعفّن في أكثر وجوهه فجاجة، في سحب الموارد المادية والبشرية من مجالات الإنتاج المادي وتوظيفها في العسكرة، حيث ينتظم ملايين البشر في جيوش لا وظيفة لها سوى إبادة الموارد وتدمير القدرات المادية وفي إنتاج الأسلحة، عندما تملي حاجات الرأسمال ذلك. ولا يقلّ تعفّنا، سوى توظيف هذه الموارد في إنتاج الأوهام المالية التي حوّلت تريليونات الدولارات من الإنتاج المادي إلى إنتاج أدوات وأوراق مالية، يجري حرقها في خضم كل أزمة دورية.
في ظلّ هذا المناخ المسموم، الذي أنتجه الرأسمال، لا يبقى مجال «للسلوك العقلاني» إلّا ما يفرضه الخوف من الفناء. علماً بأنّ ضمان تجديد إنتاج الحياة الاجتماعية هو البرهان على شرعية أي نظام أو سلطة. فإذا كان هذا النظام يربط إشباع حاجات الناس المختلفة، بما في ذلك حاجاتها لتأمين ظروف صحية سليمة وحاجاتها لنظام تعليمي وإعداد الأجيال الجديدة للمستقبل وحاجة الأجيال الكادحة إلى فترة تقاعد لائق ـــ إذا كان هذا كلّه رهن تأمين الأرباح تسقط شرعية هذا النظام ويصبح البحث عن البديل مهمة ملحّة. وقد سقطت شرعية النظام الرأسمالي عندما دخل طور الإمبريالية، ويتأكد سقوطه في عصر العولمة الإمبريالية التي كشفت أن الحدود المفتوحة أمام حركة الرأسمال، والمقفلة أمام حركة قوة العمل، هي حدود مفتوحة أمام الكوارث والآفات.
ومع ذلك لا يخجل حماة الرأسمال، على المستوى الفكري وعلى المستوى العملي، من الاستمرار بنشر الأفكار والممارسات التي تذكّرنا بالمالتوسية المشؤومة والتي تؤسس لداروينية اجتماعية تبرّر البقاء للأقوى وتستخف بمآسي الضعفاء، حتى في تلك البلدان المسماة «متحضّرة»، كما فعل بوريس جونسون. أما على المستوى العملي، فإنّ الطغمة المالية تسعى لمعالجة أزمتها المتفجرة بإلقاء عبئها على الكادحين، فبدأت بصرف العمال وإعلان الإفلاسات، وهو ما تقوم به الحكومات في هذه الدول بضخ المليارات من الدولارات لإنقاذ الشركات والمؤسسات المالية الكبرى المتعثرة. إنها تؤمّم الخسائر التي يتسبب بها الرأسمال بدل تأميم القوى المنتجة.
واليوم في ظل التجوال الحر لفيروس «كورونا»، وحظر التجوال على البشر في كل الكرة الأرضية، يصدح، من جديد، صوت روزا لوكسمبورغ: إما الاشتراكية وإما البربرية. وقد عدّل فيروس «كورونا» الشعار ليصبح: إما الاشتراكية وإما الدمار بقيادة الرأسمال!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني
** افتتاحية العدد الجديد من مجلّة "النداء" 17 نيسان 2020
***********
الوباء يهدم نظرية فوكوياما
حول الديمقراطية
مصطفى عبيد
أثار تفشي فايروس كورونا المستجد في أنحاء العالم موجات من التشكيك في مُسلمات فكرية ظلت نموذجية لكثير من حركات الإصلاح السياسي، وتعامل الناس معها لعقود على أنها ثابتة ولن تنالها تحولات حاسمة.
وأسقط انتشار الفايروس فرضيات عديدة تصور أصحابها أنها مقدسات تحمل صفة اليقين، بينها نظرية المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما الرائجة، والتي أطلقها في كتابه “نهاية التاريخ” منذ حوالي ثلاثة عقود، والمتمثلة في كون الديمقراطية بمفهومها الغربي وقيمها المتعلقة بالحرية الفردية، أفضل ما وصل إليه تطور العلم السياسي، وسلطة الدولة تتراجع مع التطور الرأسمالي ويبقى حد ضئيل من التنظيم والتحكم.
وتسببت الجائحة الجديدة في توجيه الكثير من الانتقادات التي تثبت ضعف نظرية فوكوياما، على اعتبار أن الليبرالية بمفهومها الغربي تُقلل من قدرة الدول على مقاومة الأوبئة، وبدت الدول الأكثر شمولية والأشد تسلطا والأوسع تحكما أقدر على توفير الحد من انتشار الأوبئة وأصلح لشعوبها في الحفاظ على أرواحهم.
ويرى بعض الخبراء أنه من المبكر التوصل إلى أحكام قاطعة بشأن ما خلفه الفايروس من آثار على أنماط تفكير وهدم نظريات، لأن تداعيات الأزمة لا تزال في إطار عدم اليقين، بمعنى أنه ليس قطعيا إن كان التعامل في الدول الشمولية مثل الصين مع الأزمة سوف يواصل صعوده أم لا.
يبدو الخروج بحكم بات، ورؤية قاطعة، بشأن أي النظم السياسية أصلح للتعامل مع الأزمة مسألة صعبة بسبب غموض الفايروس واختلاف درجة شراسته من مكان لآخر، فضلا عن سرعة تحوره وانتشاره وتنوع تأثيراته.
وإذا كان من الصحيح القول إن النظم المعبرة عن الليبرالية الجديدة فشلت تماما في مواجهة الوباء، فإن هناك نظما شمولية عاتية فشلت أيضا في المواجهة، مثل النظام الإيراني الذي لم ينجح رغم السلطات الواسعة الممنوحة له في وقف تفشي المرض.
ويؤكد هذا الاستنتاج أن كورونا لا يُعيد التبشير بالنظم الشمولية على نطاق واسع بحكم أنها قادرة على اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الشعوب، لكنه يكشف مكونات الترهل الذي ظهرت معالمه على القيم الليبرالية، بما يفرض إعادة النظر في بعض قواعدها.
ونجحت الصين وبعض دول آسيا في فرض إجراءات مشددة للحد من اتساع العدوى مبكرا، في الوقت الذي عجزت فيه كثير من الدول الليبرالية عن كبح انتشار المرض منذ البداية، الأمر الذي اضطرها إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الاستثنائية التي تتناقض مع القيم والمفاهيم النظرية التي اعتمد عليها فوكوياما.
وأكد أشرف منصور، أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية، لـ”العرب”، أن الصين استطاعت عزل إقليم كامل يضم عشرات الملايين من البشر، هو إقليم ووهان، عزلا كاملا والانتصار على الوباء، ولو مرحليا، بفضل سلطة الحكومة وقدرتها على إلزام المواطنين بسياساتها الاحترازية.
وتوقع أن تنهار الكثير من سياسات الدول الغربية التي سعت على مدى عقود طويلة إلى تكريس فكرة تغييب الدولة، فنظام الرعاية الصحية الذي كان أحد خصائصه غياب دور الدولة أثبت فشله تماما في مواجهة مارد مجهول السمات.
وأوضح أن دولا رأسمالية كبرى مثل الولايات المتحدة اضطرت إلى التدخل في الاقتصاد، وبدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقوم بتكليف شركات كبرى خاصة بالعمل على إنتاج أجهزة تنفس صناعي، ما يعني أن الدولة لو كانت لديها شركاتها الحكومية الكبرى لاتخذت مثل هذه القرارات دون تردد.
وأصبحت مسألة إنتاج لقاح مضاد للفايروس تخص الحكومات أكثر من الشركات الخاصة نظرا لما يحتاج إليه ذلك المصل من تكاليف باهظة قد تتردد الشركات في تحمل تكاليفه طبقا لدراسات الجدوى وحسابات الربح والخسارة.
وفي حال تصنيع المصل، فإن أمر التطعيم به سيتم بشكل إجباري وليس اختياريا، لأن الأثر يتجاوز حدود الفرد نفسه، وهنا فإن إحدى السمات الأساسية لفكرة نهاية التاريخ وهي الحرية الفردية ستنهار تماما.
وقال جمال أبوالحسن، المحلل السياسي، إن الليبرالية الغربية معاكسة للثقافة الجماعية، لأن إيمان الناس بحرياتهم يجعل من الصعوبة تغيير أنماط معيشتهم بشكل حاسم، لكن الثقافة الجماعية الموجهة من الدولة تتفاعل بشكل أسرع مع مثل هذه الظروف.
وأضاف أن كورونا المستجد يعضد من سلطوية الدولة، وتطبيق الصين لنظام رقابة رقمي صارم وملزم لكافة المواطنين يسجل درجة حرارة كل فرد يوميا ويتنبأ بالحالة الصحية لكل مواطن ساهم في الحد من انتشار الفايروس.
ولم تستطع المنطلقات التي تأسست عليها نظرية فوكوياما الثبات، ولم تنجح قواعدها في التصدي للانتقادات التي تعرض لها الرجل وأفكاره، وهو ما اضطره قبل نحو عام إلى مراجعة أجزاء فيها، حيث وضع أفكارا جديدة في كتاب أصدره حمل اسم “الهوية” رصد فيه وجود جنوح نحو القبلية والقومية، وهو ما لا يتأتى دون دور أكبر للدولة يتجاوز ما سبق وأسماه بالحد الأدنى من السلطات.
وأصبح فوكوياما مطالبا مرة أخرى بإعادة النظر في مسلمات تضمنها كتابه الأول، بعد أن عصف كورونا بأجزاء مهمة فيها، فالعالم على وشك الدخول في منظومات متباينة يمكن أن تهدم بعض الأركان التي اعتمد عليها، وتجبره على التخفيف من الاندفاع وراء ليبرالية الفرد والمجتمع بلا ضوابط صارمة.
وأشار محمود أباظة، رئيس حزب الوفد الليبرالي الأسبق، إلى أن الدول الغربية شهدت صراعا ساخنا حول أولويات مواطنيها في مفاضلة بين الأمن والحرية، وخلصت إلى أن حاجة الناس للأمن قد تكون أكبر وأهم من حاجتها إلى الحرية.
ولفت إلى أن حرية التنقل والتجارة في تلك النظم ليست مطلقة كما يتم الادعاء، ففي أميركا مثلا شركات السلاح خاصة، لكن لا تملك الحرية في بيع منتجاتها إلا بموافقة وزارة الدفاع الأميركية.
ومرجح أن تعيد الجائحة تشكيل جملة من المحددات المتعلقة بالأنماط الحاكمة للسياسة في العالم، والنظم التشريعية كما أنه من المتوقع أن تؤدي القيود التي نالت من أشد خصوصيات الأفراد إلى تغيير كبير في منهج فوكوياما ونهاية التاريخ، وأنصار المدرسة التي اتبعته، من هنا يتعزز القول إن كورونا كسر الكثير من النظريات التي ظلت راسخة في أذهان قطاعات كثيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "العرب" 15 نيسان 2020
***********
"إغاثة الأمة" للمقريزي والخلفيات السياسية للأوبئة*
ابراهيم العريس
من المؤكد أن الظروف الكارثية التي يعيشها العالم من أقصاه إلى أدناه جراء انتشار وباء كورونا الذي يوصف بأنه "متجدّد"، وأممية النتائج التي يسفر عنها هذا الانتشار بقتله الألوف وسجنه الملايين في بيوتهم، وإثارته هلعاً أممياً، هذه الظروف تعيدنا إلى واحد من كتبنا التراثية، هو بالتحديد كتاب يحمل جوهره في عنوانه "إغاثة الأمة بكشف الغمة".
والحقيقة أنه لئن كانت الأهمية القصوى للكتاب تبدو في الظروف العادية مفاجئة في بُعدها العلمي السبّاق على كل بحث في مادية التاريخ، وكذلك في اهتمامه بتفاصيل عادية الحياة أكثر بكثير مما في التاريخ من قيام دول وغزوات وممالك وتغيرّات سياسية كبرى، على منوال ما سوف تغوص فيه مدارس أكثر حداثة بكثير، لعل أهمها مدرسة "الحوليات" الفرنسية في القرن العشرين، فإنها تبدو لنا هنا حدثية بشكل لا بد من العودة إليه في ظل الظروف الراهنة.

كوارث مصر

فالكتاب وكما سوف نرى بعد سطور يتناول كوارث حدثت تحديداً في مصر، ليس لكي يكتفي بوصفها، بل أكثر من هذا، كي يغوص في تحديد أسبابها. وهي بالنسبة إليه أسباب سياسية ومادية واقتصادية وأخلاقية، حتى وإن كان لا يفوته، وهو المؤمن الورع، أن يحذو حذو رجال الدين في التركيز على أسباب غيبية يربطها على أي حال بالأسباب الأخلاقية.
ولعل علينا أن نلاحظ أن كُثراً من المفكرين الدينيين ومن مختلف الملل والمذاهب يتعللون اليوم، ولمناسبة انتشار كورونا وفظاعاته، بابتعاد الناس عن الدين كسبب للفاجعة الكونية، ناصحين بالعودة إلى شعائر وطقوس إيمانية لعلها تبعد شبحه عنا. وليس هذا هو موضوعنا على أي حال في مجالنا هنا، بل الموضوع هو الكيفية التي تناول بها مفكر من تاريخنا التراثي المسألة دون أن يسعى إلى أي مجابهة مع الإيمان؛ لأنه وكما يقول لنا بنفسه، يفضل أن يخوض في ذلك السياق معركة أخرى، علمية طبعاً ولكن سياسية أيضاً، وبلغة تكاد تنتمي إلى أيامنا هذه كما سوف نرى. ومن نتحدث عنه هنا ليس على أي حال عالماً جاء من أي مكان، بل من مدرسة ابن خلدون الذي عاصر آخر سنواته في مصر، وأخذ عنه وتأثر به إلى حد كبير. بل إلى حد يجعل الكثير من كتب المقريزي أشبه بتطبيق حي لما جاء في "المقدمة" من ربط الأمور بأسبابها وإرجاع العلل إلى معلولات مادية وتاريخية وجغرافية، وجعل الاقتصاد ونشوء الدول وزوالها ومفاهيم مثل العصبية جزءاً من كتابة التاريخ، وذلك حتى بشكل أكثر وعياً بدروس "المقدمة" من ابن خلدون نفسه، الذي نعرف أنه حين كتب "العبر" في أجزائه العديدة بعد "المقدمة"، لم يتمسّك بنظرياته فجاء تاريخه شبيها بالتواريخ التي كان انتقدها لعاديتها وتفاهتها في مقدمة "مقدمته". المهم أن المقريزي حمل لواء التاريخ الاجتماعي العلمي عن مُعلِّمه.

عن النقود والسياسة والطبقات الوسطى

وإذا كان المقريزي وضع في حياته التي تجاوزت الثمانين عاماً عدداً كبيراً من المؤلفات، بين كتب ضخمة ودراسات موجزة يظل كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، الذي اشتهر باسمه المختصر "خطط المقريزي" أبرز تلك المؤلفات، غير أن كتابه الآخر الذي نجدنا متوقفين عنده هنا ضئيل في عدد صفحاته، والأهم من هذا ما يبدو واضحاً لمن يقرأه، أن مؤلفه قد وضعه دفعة واحدة، وأنه رغم ما فيه من إسهاب وخروج عن الموضوع في بعض صفحاته، كتاب تأسيسي، فريد من نوعه في ذلك الزمن.
إذاً تنبع أهمية "إغاثة الأمة بكشف الغمة"، بالتحديد، من موضوعاته الأساسية كما تنبع من تجرؤ المقريزي على الدنو منها، وسط الظرف الاستثنائي الذي شكّلته مرحلة تأليف الكتاب. فالواقع أن المؤلف وضع كتابه في خضم كارثة مجاعة وأوبئة حلت بمصر عند بدايات القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي).
وتقول الحكاية إن المقريزي نفسه كان فقد ابنته الشابة في تلك الكارثة، ما أثّر فيه بشكل مضاعف، وجعله كما يبدو، وكما فعل أستاذه ابن خلدون حين دفعته كارثة أودت بعائلته، إلى اعتزال الناس وتأليف "المقدمة"، ينكبّ على وضع "إغاثة الأمة" وفيه بالتحديد، تحليل للكارثة وأزمتها. ولكن أيضاً فيه عرض لأسبابها وطرق معالجتها. وكان ذلك هو الشيء الجديد، لأن المقريزي، وبشكل لم يكن معهوداً ومنتشراً حينها، لم يعتمد نظرية القدر في كلامه على كارثة تقضي على البشر واقتصادهم، ولم يَدْع إلى الصلاة وطلب التوبة رداً عليها، بل تجاوز ذلك ليقول إن "للكارثة قوانينها المادية". و"طالما أن لها تلك القوانين، يصبح من الطبيعي أن يكون ممكناً إزالتها". فإزالة الأسباب تمكّن من إزالة النتائج. ولنا أن نتصور كم كان مثل هذا الكلام خروجاً عن السياق في ذلك الحين (وإلى الآن). وللتدليل على كلامه راح المقريزي يستعرض في النصف الأول من كتابه تاريخ الكوارث والمجاعات والأوبئة التي حلت بمصر منذ "فجر التاريخ" حتى حلول المجاعة الجديدة ووضعه الكتاب.

دور للمناخ أيضاً

وهكذا بعدما يفصّل المقريزي ما وقع من مجاعات، يصل إلى القسم الثاني والأهم من الكتاب معنوناً إياه، "فصل في بيان الأسباب التي نشأت عنها هذه المحن التي نحن فيها حتى استمرت طول هذه الأزمان التي دفعنا إليها". وهو لا يفوته أن يحدد منذ البداية أن "البلاء الذي حل بالخلق منذ كانت الخليقة إنما يحدث من آفات تتعلق بالظروف الطبيعية السماوية في غالب الأمر: كقصور جري ماء النيل في مصر وعدم نزول المطر، أو آفة تصيب الغلال، وهذه عادة الله تعالى في الخلق، إذا خالفوا أمره وأتوا محارمه، أن يصيبهم بذلك جزاءً بما كسبت أيديهم". لكن المقريزي، إذ يقول هذا ويريح ضميره الديني، ينصرف إلى موضوعه الرئيس، الذي يهمه هنا، وهو الأسباب المادية البحتة، موضحاً كيف خفّ ماء النيل فتعطلت الزراعة وارتفعت الأسعار، ثم "تفاقم الأمر وحل الخطب وعظم الرزق".
ويصل هنا المقريزي إلى لب الموضوع حيث يقول إن لذلك كله ثلاثة أسباب، لا رابع لها، "الأول، وهو أصل هذا الفساد، ولاية الخطط السلطانية والمناصب الدينية بالرشوة"، (ثم يورد أمثلة حية على ذلك)، و"الثاني: غلاء الأطيان"، بعد أن تصدى "قوم على الأراضي الجارية في إقطاعات الأمراء، وجلبوا عمالاً أثقلوا لهم الأجور، وزادت الأسعار"، ما جعل الإقليم "يشرف على البوار والدمار". وأما السبب الثالث، الذي كان نتيجة طبيعية لذلك كله، فهو "رواج الفلوس"، أي ما يسمى في لغة أيامنا هذه الاقتصادية: التضخم النقدي.
وإذ يؤكد المقريزي هذا الأمر الذي يعتبر تجديداً أساسياً، يتوقف قليلاً ليحكي تاريخ ضرب النقود، موضحاً في هذا الشأن نظريات مفاجئة، واصلاً إلى الحديث عن "غش الدراهم" ودوره في إشاعة التضخم وبالتالي فقدان الفلوس لقيمتها. وإذ يوضح المقريزي هذا، في تفاصيله، يتوقف عند تاريخ النقود في مصر، وينتقل في ذلك إلى ذكر أصناف الناس وأقسامهم، تبعاً لعلاقتهم بالاقتصاد، فيقسمهم سبع فئات (طبقات) تبدأ بأهل الدولة لتصل إلى "ذوي الحاجة والمسكنة"، فيما يعتبر أول حديث عن تقسيم طبقي، واقعي لا نظري، في التأريخ الاجتماعي الإسلامي، خصوصاً أن المقريزي يروح مفصلاً بعد ذلك دور كل من هذه الطبقات، لا سيما خلال الكوارث والمجاعات.
أما في القسم الثالث والأخير من كتابه، فإن المقريزي يورد الدواء بعدما تحدث عن الداء، وكما أن الداء بالنسبة إليه مادي له علاقة بتركيبة المجتمع، كذلك فإن الدواء مادي، وسياسي في شكل أكثر تحديداً، خصوصاً أن ما نسميه اليوم بالطبقة الوسطى (الفاعلة) هي مفتاح ذلك كله. ومن أهم دروب المعالجة "تصحيح وضعية النقد وإعادته إلى الذهب والفضة والحد من إغراق السوق بالنقد الذي لا قيمة له، الذي ينشأ التضخم عنه". ويبدو من الواضح جِدة هذا الحل وغرابته في ذلك الزمن على الأقل.
وتقي الدين، أحمد بن علي، المقريزي ولد في القاهرة (766هـ- 1365م)، التي نشأ ومات فيها عام (845هـ - 1411م)، وهو أصله من بعلبك في بلاد الشام، من حارة كانت تدعى المقارزة، لكنه انتسب دائماً إلى مصر ووضع عنها أفضل كتبه. وهو في القاهرة اتبع خطى أسرته التي عُرفت بالعلم والفقه والاشتغال بهما بين دمشق وبعلبك والقاهرة، ودرس دراسة تقليدية فيها انكباب على علوم الدين والقرآن والنحو والحديث. ومن الواضح أن تعرّفه إلى ابن خلدون وتتلمذه عليه، حين عاش الأخير في مصر، وجها المقريزي إلى دراسة المجتمع والاقتصاد والعمران، خصوصاً أن زمنه امتلأ بالحوادث الكبيرة التي كانت تستدعي تأملاً استثنائياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* اندبندنت عربية 15نيسان 2020
ص5
دنى طالب
العبور إلى الضفة الأخرى
(1-2)
ياسين النصير
هذه الروائية لاتكتب نصوصًا قصصية، بل تكتب مواقفًا اجتماعية ونفسية تتلبسها حكايات معاصرة من إنتاج مؤسسات المدن، وتكون المؤلفة العين الرائية لحركات شخصياتها وكيف تفكر بالعبور إلى، حتى لكأنك تقرأ سيرة ذاتية لها، في حين أنَّها لا تكتب سيرة ذاتية، ولا تتحدث عن سيرة ل شخصيات أخرى، كل شخصياتها حاملة للأسئلة المبهمة، عن كيف نوجد، شخصيات على علاقة بفكرة المدينة اليوتوبيا. حتى لو كانت أحداثها وشخصياتها قروية او ريفية، فالمدينة تمتلك لغة الطاقة المكانية التي تفرضها على حيوات الشخصيات القلقة، عن سؤال كيف يمكن استيعاب العالم الآخر. شخصيات دنى طالب بعيون بشرية وأقدام شبحية مدربة تقذفها المؤلفة في عالم مدينة الشك والمطارة والقمع، وعليها أن تعيش فيها بالرؤية الملتفتة والسير الحذر. عالم دنى غالي حكاية لمدينةقامعة، تبدأ من حياة نصف مفتتة تحمل تفتتها مدونة على ورقة بيضاء، أو محفوظة في فايل اللجوء. أو مدونة لاتنسى، تكون الأنا فيها مركزية، شخصيات لا تنظر وراءها، لأن حياتها عبارة عن محطات قطار لايتوقف إلا لنقلها من مدينة شاحبة إلى مدينة آخرى أكثر اضاءة، قد يكون العبور مجرد حلم، او شخبطات قلم على ورقة بيضاءن اوكلمات لقصيدة ناقصة.. وما بين المدينتين مسافة تعيد تأمل وجودها فيهما، حياتها مؤلفة من مجموعة مسافات متباعدة، يكون الخطو فيها دائريًا، ما أن تحل في مدينة أكثر إضاءة، حتى ينثال حلم المدينة الأقل اضاءة، وكأن العتمة تلاصق الضوء، كما لو كانت المدينة القديمة ظلًا للمدينة الجديدة، هكذا تتحرك دنى بشخصياتها بين حكاية قديمة لم تبق منها إلا مفردات مركزة، وحكاية المدينة الجديدة التي تستثمرها بالعينين والصورة والحركة والسؤال، بالرغم من أنَّها في مركب قطار يسير على سكة الزمن الدائري بين نقطتين لم تفارقها على مدى القصص.. فالمسافة المقدرة ذهنيًا ليست هي المسافة المكانية المقاسة بالأمتار والشخصيات ومحمولات الحقائب والقصائد والسرديات الذاتية القصيرة. أنها دنى، تلك الفتاة المتمردة على سياقات الألفة في الكتابة حيث أحداثها من تلك التي عاشتها أو تصورتها، فاكتنزت فيها محطاتها مدينة البصرة حتى لو ارتحلت عبر مدن العالم، تبقى البصرة كائنًا في أرضيًا يشد السرد، لذلك ما يشدها للسرد هو تلك الأمكنة المشحونة بالمسافة القلقة، المتولدة من مجموعة من مسافات وأمكنة طفولتها ونشأتها وعلاقاتها، وجامعتها وأفكارها، ومدونات دفاترها المدرسية، وكأن المدينة الأولى المدينة الرحمية كما يشير مايكل ريفاتير لمفهوم الجملة الرحمية في القصيدة، جملة ولاّدة لكل أعمالها، حتى تلك التي تستبطن العالم المتخيل المسفوح على الورقة البيضاء، والمرسوم بخطوط تصنع منها أشكالًا للطير وسفن الرحلات .
أنا بصدد الكشف عن رؤيتها التمثيلية للعالم، مبتعدًا عن ثيمة الشخصيات وأسمائها ورحلاتها، حيث أن دنى لا تؤلف رواية على أفعال الشخصيات، بل تؤلف شخصيات على نسق سرد الرواية، أي أنها تعتمد الكلام المسرود، وليس الكلام الحدث كما يفرق تودوروف بين سرد النوعين، ثيمة الكلام المسرود يعني استبطان الحكاية المنفتحة علىالأمكنة والزمن والتحولات، بينما ثيمة الكلام الحدث تقتصرعلى الإلمام بحدث ما والأكتفاء به. الفنية السردية المتخيلة التي تتبع مسارًا متعرجًا كي تصل إلى هدف ما، هو مسعى سرد دنى، لذلك يستبطن سردها بالشعر، ربما يكون السرد رواحًا وإيابا على جسد الحياة بين ضفتي شط العرب، أو بين مدينيتن في اوربا، او بين سوريا/اليمن /كوبنهاكن، العالم مطوي في الزمكان حيث الأنوثة واحدة من الثيمات المحركة للكلام المسرود، نعم، الأنوثة؛ هذا الطغيان الذي يشد الأبصار ويوّلد الذاكرة ويلقي بها إلى الجسد الغائب، الى ممالكها المتخيلة، هو ثيمة شهرزاد وهي تحكي ،فشهرزاد لا تتحدث عن قضايا، بل تسرد كلام الأحداث، وعلىالقارئ أن يستنتج ماهية الحكايات، فيكون السرد استجابة للمجهول ولغةحائك الكلام الكوني عمّا يمكن أن يكون ثيمة استعارية للمنح والعلاقة وبناء الذات.
" عربة تجرها أحصنة جامحة تنطلق بي في طريق داخل المنظر الطبيعي في اللوحة الضخمة حائلة اللون فوق رأسي، تسلك طريقًا ملتويًا وعرًا، صهّالةً بحوافر تنهب الأرض نهبًا، أحثّها بقلب ميت، أكثر أكثر لتأخذني نشوانة إلى بؤرة أقصى الدنيا" ص 79، لاتقص القصص يوم الأربعاء.
احصنة، جامحة، تنطلق، طريق ، منظر طبيعي، حائل اللون، طريقا ملتويا، خيول صهالة، حوافر تنهب، الحث على المسير، العبور لبؤرة أقصى" هذه مفردات حكاية وليست مفدرات حدث. وثيمة المنظر الطبيعي ربما هي من ثيم الماء، حيث البصرة تختزن كل حكايات الماء المروية، فالمسافة، ماء المد والجزر، ماء اللغة الذاتية واللغة الصور، حيث الماء نبعًا في الصور وفي الحياة، ونجدها واحدة من متعلقات السرد لدى محمود عبد الوهاب ومحمد خضير أيضًا، حيث الجدار المواجه لنافذة ما تشرق منها شمس الرحيل، لسائق لايأبه لمعانتها وهي تتأمل يديه المسترخيتين على المقود والنافذة، وتحت مقعدها ثمة مسدس يتقصد اعلانه، عالم صغير ضاج بحركة القمع ترسمه دنى خلال نبضات الرؤية بتكوينات شعرية لا يمكن أن تحملها كلمات أخرى لفيضها الداخلي، كي تنعكس على الورق، لذلك تكون كل قصصها القصيرة نثرية محملة بتيار الوعي الضاج بمحمولات الشعر، المتغرب عن سياقه الرمزي،. كانت الصور والمرآة قرينتين للأمل في السفر، هذه الثيمة الاستبطانية تكشف عن ثراء الخيال الذي يحول الصور إلى بنى سردية تتعلق بالرحيل، هنا، ومن داخل تكوينة المشهد نجد الشخصية بلا قدمين مستقرة على الأرض، بل خطوات وجلة في ثرى البصرة، كل البصرة الآن في حقيبة سفر صغيرة، ومعها جواز مختوم وصورة ومرآة.
الكثير من القصاصين يعتقدون أن القصة الحديثة قد نزعت ثوب الحكاية عنها، ولبست ثوبًا مدنيًا حديثًا، هذا وهم، فالحكاية متجذرة كما يقول ليوتار في كل انتاجنا المعرفي بما فيه الإقتصاد والسياسة والعولمة والأدب والعمل، والحياة اليومية، ولكن تمظهرها يختلف من ميدان إلى آخر، ومع ذلك، تبقى عنصرًا فاعلًا في السرد القصصي خاصة الرواية والقصة القصيرة، وفي أمكنة حديثة بما فيها أمكنة المدينة، وتحتوي على الشخصيات مهمتها أن تحكي كي لاتموت. كما يقول تودوروف. "لكي تتمكن الشخصيات من الحياة عليها أن تحكي" ص47. وتبقى معها الوظائف التي شخصها فلادمير بروب فيها ولو بدرجة أقل بكثير من وجودها في الحكاية. من بين الوظائف الملازمة لفن الكلام المسرود في القصة القصيرة: تلك التي ترتبط بالقالب الفني للقصة، وهي: وظائف التحرك، ووظائف التعاقد، وظائف التحرك ترتبط بالكيفية التي تواجه الشخصيات فيها الحدث، سواء أكان حدثها الشخصي أم الحدث المفروض عليها، أي اكتشاف الطرق لتوصيل الحدث كرسالة إلى قارئ مجهول. وهذا يعني حركة القالب الفني وفق منطق حركة الحدث، والوظائف الثانية ترتبط بالكيفية التي تواجه الشخصيات من قبل قوى مضادة لمنعها من تحقق أهدافها، ويعني ذلك أن قوى المنع غالبًا ما تخلق عوامل تعطيل اكتمال القالب الفني، كزرع عقبات في طريق البناء الفني كي لا يكتمل، فالشكل الفني يعاني هو الآخر من القوى الشريرة، وتمر الوظائف في سلسلة من الاختبارات، يشير تودوروف في شعرية النثر، إلى أن كل رواية أو قصة تحتوي على بنية بوليسية، أي ثمة حدث وثمة من يحقق في هذا الحدث،( مجرم ومحقق بوليس). حتى لو كان الحدث بين شخصيتين تشكلان أسرة واحدة. فالتحقيق يعني سعة الكلام المسرود، وتنوع الحوار والخطاب. نخلص من هذه الأطروحات أن: فن القصة القصيرة فن لعوب، يتشبه بالأنثى التي تتزين من أجل عشيقها، لكنها في جوهرها تبقى أنثى لا يتحقق وجودها إلا بالآخر، مهما كان الآخر، والآخر المبهم، الناقص ، هو الأكثررغبة للسرد من الآخر المكتمل، فتسعى إليه او يسعى أليها، لانشاء حكايتين تلتقيان في حدث واحد وتتكشف رؤاهما عن جوهريهما، وثمة رغبات تتجه لتحقق الهدف وأخرى تقف بالضد من ذلك، هذه الثيمة التي تشكل مونادا السرد القصصي حسب ما يشير ليبنتز لمفهوم المونادا، من أنه النواة الثيمة التي لا تتكرر ولكنها تؤسس لديمومة الفعل، نجد القصة القصيرة عبارة عن سلسلة من الجمل والعبارات المتقنة البناء تؤكد فاعلية النواة والاستهلال،
ولو أخذنا أية قصة من قصص دنى طالب في مجموعتها "لاتقصص القصص يوم الأربعاء" نجدها تنشد بناء الحكاية في حداثتها المكانية، أعني المدينة، مع ارتباط حميمي بتلك السجايا الشعبية التي بقيت كتقاليد وعادات هي من ثمرات سرد لحياة اليومية لا يمكن الخلاص منها. لأنَّها ترتبط بتركيب اللهجة الشعبية أي بالكلام المسرود وليس بلغة الحدث..
**********
الشاعر والمؤرخ والمترجم عبد العزيز الجواهري
1890- 1976
عادل حبه
العراق موطن الشعر والملاحم والأساطير، ومن بلاد السواد نهض عمالقة الشعر والأدب في مختلف العصور، حتى في مراحل الركود والخيبات التي شهدها هذا البلد. ولربما لا يعرف العراقيون إلاّ القليل عن أحد نوابغ الشعر والأدب والترجمة والتنوير وهو الفقيد عبد العزيز الجواهري النجل الأكبر للفقيه عبد الحسين الجواهري، وشقيق كل من صناجة الشعر العربي محمد مهدي الجواهري والشهيد محمد جعفر الجواهري والفقيد عبد الهادي والفقيد علي الجواهري والمرحومة نبيهة. ولد في النجف عام 1890. تلقى الدروس على يد والده الذي قرأ عليه مقدمات العلوم والأدب، وعلى يد الشاعر محمد رضا الشبيبي وعبد الهادي شليلة. وقضى فترة من زمن تعليمه في مدرسة الملا كاظم الخراساني في النجف. اصطحب جمعاً من الأدباء ونظم الشعر. وكرس كل أهتمامه بالأدب والتاريخ وبالأداب الفارسية متأثراً بالأجواء العائلية وأجواء النجف الثقافية آنذاك. كما عمق من معارفه في اللغة والأدب والتراث الإسلامي وفقه التنوير، ونصب أمام عينيه مهمة البحث في الأحداث التاريخية. تعلم العربية والفارسية فأتقن تعلمهما واستثمر ذلك في الترجمة بينهما. وفي مرحلة من مراحل شبابه تأثر بعمق بالتيار الديني التنويري الصاعد آنذاك في العراق وإيران وبإفرازات حركة "المشروطة" المطالبة بإرساء قواعد الديمقراطية في إيران وصداها في أروقة النجف، والتي تزعمها في النجف رجل التنوير الديني الملا محمد كاظم الخراساني الذي كان على صلة برجال الإصلاح والتنوير والحداثة الدينية في المنطقة وعلى رأسهم عبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو، والذي خاض صراعاً ضد المتشددين والمتعصبين الدينيين والدفاع عن ثورة "المشروطه" في إيران وحركة "مشروطيت" في تركيا في مطلع القرن العشرين.
نشط طيب الذكر عبد العزيز الجواهري في كتابة المقالات في مختلف شؤون الأدب والسياسة والعلوم الطبيعية والفكر والإصلاح الديني في مطلع القرن الماضي ونشرها في الصحافة الصادرة في البلدان العربية مثل المقتطف والهلال والبرق والعرفان. إضطرته ظروف العائلة الاقتصادية وسعيه إلى طبع موسوعته التي أسماها "آثار الشيعة الإمامية" إلى مغادرة النجف متوجهاً إلى إيران عام 1923، وذاع صيته في مجال الأدب والشعر والتاريخ والترجمة، وعرف آنذاك باسم عبد العزيز جواهر الكلام تيمناً بلقب جد العائلة القديم. وترجم عن الفارسية إلى العربية شعراً من عملين من أهم الإبداعات الشعرية باللغة الفارسية: ديوان مثنوي لجلال الدين الرومي وديوان شمس الدين حافظ الشيرازي. وترجم مقدمة ابن خلدون إلى الفارسية وشرح كفاية الأصول. وتزوج من سيدة إيرانية أنجبت له اربعة أولاد وبنتين. تصدر لاحقاً التدريس في جامعة طهران لحين رحيله عام 1976، حيث روي جثمانه في أحد مقابر العاصمة طهران.
ولا بد لنا من الاستشهاد بما رواه شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري عن شقيقه عبد العزيز الجواهري في الجزء الأول من مذكراته، حيث قال:
"لقد بدأت أستعيد ذاتي وشخصيتي بعد رحيل والدي رغم احساسي الأليم بالفراغ الذي تركه بعد أن كان فانوس البيت وعموده والروح الجميل في مجالسه...بعد رحيله خرج الشاعر الحبيس من جبة الفقر ورجل الدين، التي فرضت عليه، ومن والدي انتقلت هذه الوصاية إلى رعاية شفافة ، لطيفة، خفيفة الظل، أغدقها علي أخي "عبد العزيز"الذي كان أشرفنا وأكثرنا عطفاً وتفقداً نحن الأخوة الأربعة وكان تقدمياً وواقعياً في نظرته إلى الحياة في ما كتب ونظم ونشر ، ولا أغالي اذا قلت أنه كان من الطلائع المعدودة للتهضة الأدبية في النجف. ففضلاً عن دراسته الفقهية وتأثره بالثورة الدستورية التي قادها الملا "كاظم الخراساني"، كان شاعراً مجدداً في موضوعه، تجاوز المواضيع الشعرية التقليدية، كما كان مجدداً في ثقافته أيضاً، فقد قرأ الرياضيات والطبيعيات والفلسفة ونشر ما اعتصره من ذلك كله في مجلات النهضة الفكرية من أمثال : المقتطف والهلال في مصر، ومجلة العرفان وأمثالها في لبنان.
لقد تفتحت على النقاشات المجددة الجريئة في مجالسه التي كان يحضرها معه أترابه وزملاؤه من الطلائع الجديدة.
كانت هذه النخبة الطليعية التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد تتناول كل ما تقرأه بحثاً ونقاشاً وتساؤلاً في مجالات السياسة والأدب والشعر الجديدة برمتها على المجتمع النجفي بخاصة وعلى العراق بعامة ساخرة بجمود القديم ومعجبة بالتحرر الحديث، وكنت أتسمع احاديثهم بلهفة، أنا الخارج تواً من وصاية والدي، واشارك فيها، وكنت التقط، من مكتبة شقيقي الكتب الجديدة التي أتشوق اليها مما لا اجده في المكتبة الشهيرة (لجدي الأكبر) كما أسميه، والمؤرخ الامين "الشيخ علي كاشف الغطاء"زائداً على ذلك ما كنت اقتنيه من كتب يعتبر مجرد قراءتها كفراً، مثل كتاب داروين"النشوء والارتقاء"، ومجلة "العصور" للمفكر الكبير اسماعيل مظهر، وكتب الثائر المتمرد (سلامه موسى)- وما شابه هذا أو ذاك- عدا ما كنت اتلقفه مما يترجم إلى العربية من نتاج العباقرة".
ذكره عبد العزيز البابطين في معجمه وقال: "قصائده تجمع بين الثقافتين العربية والفارسية، مما يكسبها عمقًا وحيوية وخيالاً خصباً، وتعكس علاقته العميقة بالأعمال الأدبية الكبرى في الأدب الفارسي. يميل إلى استخدام البناء التقليدي للقصيدة العربية، وتعتمد قصيدته ضمير المخاطب الذي يمنحها بعداً جمالياً يعبر عن خبرة بالحياة تتجلى في أبيات الحكمة المتناثرة في ثنايا القصيدة. كما تبرز نزعة التأمل في الكون والحياة والوجود.
ويورد الكاتب والفنان فلاح محمد مهدي الجواهري جواباً على رسالة وجهتها له قائلاً:
اتذكره رحمه الله وعائلته من الطفولة عندما زرناه في بيته في كرمنشاه – ايران في رحلة الهروب الاولی من العراق في بداية الأربعينيات بعد فشل انقلاب رشيد عالي، وزیارته لنا بعدها مع عائلته في عام 1946 في بغداد واستقر في بيتنا على ضفاف دجلة في محلة الجعيفر. اتابع اخباره الجمیلة وشهرته في ایران كأحد اعظم مترجمي حافظ وسعدي وغیرهم من عظام شعراء فارس، ولا ازال اراه امامي شاخصا بقامته الفارهة وشبهه العجیب بالجواهري الوالد واعرف عنه انه رجل علماني وبعیدا عن ان يكون (آیة الله) فقیها.
ويروي الصحفي رواء الجصاني، إبن شقيقة الفقيد عبد العزيز الجواهري قائلاً:"وبالمناسبة فمن أهم ابداعات عبد العزيز، الادبية والبحثية، إتمامه لسبعة مجلدات فخمة، حملت عنوان "جواهر الاثــار" شملت الترجمة، شعرا، من الفارسية للعربية، فضلا عن التحقيق والتلخيص لـبعض منجز " مثنوي"- محمد جلال الدين الرومي. وأمامي الان الجزء السادس من تلكم المجلدات، أهداني اياه عبد العزيز، شخصيا، حين كنت بضيافته، برفقة أخته نبيهة، في طهران وكرمان شاه، خلال تموز "1968.

ومن شعره:

أرى عمر الحياة شواظ نار
من الأجسام تكمن في زناد
وما ليل الشباب سوى دخان
وما صبح المشيب سوى رماد
........
ورثا عبد العزيز الجواهري شقيقه علي في رحيله المبكر وقال:
شقيقي علي
بزغ الهلال فأين عهد وفائه
أن لا يخون بوده وإخائه
أيرى أخاه مُغيباً تحت الثرى
قمرًا ويشرق زاهراً بسمائه
هلا توارى بالصعيد جماله
حتى يُشارك أهله بعزائه
قمر بدا ليل المحاق هلاله
رَسمًا فقارن خسفه بجلائه
ثكلت به زهر النجوم فخرقت
بالنور ثوب الحزن من ظلمائه
سيف جلاه المجد أبيض ناصعًا
قد فل جوهر حدِّه بمضائه
برزت نواجذه فقلت بشارة
لليل قد كثرت نجوم سمائه
وذوت خميلته أوان روائه
لم يذوه لثم الشفاه وإنما
ذبلت أقاحة ثغره في مائه
إني خضبت أناملي بمدامعي
وطلبت طوق الحزن في ورقائه
وعكفت حول أزاهرٍ من قبره
نبتت تسبح في ضريح ثوائه
نذر عليَّ لئن زها ريحانه
لأُرَوين الورد في أندائه
يا لهف أيار تفرط ورده
بيد المنون وجف قبل نمائه
يا بلبلًا قد حَلَّ في قفص الثرى
طربت له الأيام قبل غنائه
جاء الكنار مُبشرًا بقدومه
فرحًا وعاد مُصَوِّتًا بنعائه
فشربت منه سرابتي حين الظما
ورعيت يأسي فيه بعد رجائه
أهلال عيدي أين غيَّبك الرَّدى
........
كما رثى موئل الأحرار آنذاك الملا محمد كاظم الخراساني قائلاً:
بكاك الحيا دمعًا كما بكت الورى
فهل كنت فوق النجم أم كنت في الثرى
تحير عقلي كيف أرثيك واصفاً
تعالى الذي صفاك للناس جوهرا
لئن كنت نورًا في حشا الكون مظهراً
فقد عُدت سرًّا في حشا الغيب مضمرا
رأيت بطيفي سوف تبلغنا المنى
ولكنه في صوت ناعيك فسرا
لقد مادت الدنيا لوقع مُرنة
لها ارتجت الأفلاك وارتجف الثرى
ولو لم تكن طودًا من الحلم فوقها
لطارت بنا الأرض العريضة في الذرى
بكتك الدراري في لآلئ دمعها
لأنك قد كنت الحسام المجوهرا
أناصر دين الله هل لك نهضة
تجنِّدُ للأعداء جندًا مظفرا
تحوك لهم ثوب الوقيعة أسوداً
وتلبسهم ثوبَ المنية أحمرا
بفتية صدق إن توازر جمعها
تردى ثياب الموت في الحرب مئزرا
إذا أوقدوا في الحرب نار كريهة
تموج بها البيض الصفايح أبحرا
تهيَّبك الموت المقدَّر يقظةً
فزارك تحت الليل في سنة الكرى
وإن خطيبًا فوق كفك ناطقاً
قد اتخذ الخمس الأنامل منبرا
رضيع بمهد الكف ينشي حديثه
ورق لوجه الرق أمسى محررا
يشع كوجه الصُّبح كافور طرسه
فتجري به من حالك الحبر عنبرا
يصد جميع الجيش بالنصر سالماً
ويرجع جمع المالِ جمعًا مُكسرا

............
ما نشره عبد العزيز في مجلة العرفان عام 1913
*************
ص6
تصاعد المطالبة بتشريع قانون العنف الاسري
في اجواء كورونا تشتد الانتهاكات ضد المرأة
بغداد - طريق الشعب
توجهت اعداد من النساء ومنظمات مدنية وجهات رسمية معنية بشؤون المرأة فضلا عن ممثلية الامم المتحدة الى مجلس النواب العراقي، مطالبة بالاسراع في تشريع قانون العنف الاسري، معبرة عن القلق ازاء ارتفاع معدلات العنف في ظل الاجراءات الاحترازية ضد وباء كورونا.
ومن جانبها وجهت مستشارة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة خانم رحيم لطيف رسالة الى رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، تضمنت طلبا مماثلا.
وجاء في الرسالة ان "معدلات العنف ارتفعت ازاء النساء والاطفال خلال الايام الاخيرة ومع فرض اجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، خاصة ان هناك الكثير من الرجال من اصحاب الاجور اليومية خسروا مصدر عيشهم وليس امامهم سوى اللجوء" الى بيوتهم فيمارسون الضغط والعنف ضد زوجاتهم وبناتهم.
واضافت المستشارة ان عدم تشريع قانون العنف الاسري "يؤكد غياب دور الدولة ومؤسساتها في حماية النساء، ويعكس ايضا هشاشة الآليات الحكومية، في الوقت الذي تعاني فيه الملايين من النساء من القتل والحرق والتشويه والضرب والاهانة والزواج المبكر للصغيرات".
وإشارت الى ان "وجود قانون العنف الاسري في اية دولة هو عنوان لحضارتها وتقدمها وقدرتها على حماية مواطنيها".
واستطلعت "طريق الشعب" رأي المحامية استبرق عادل في الموضوع نفسه، حيث قالت ان "العنف الذي تتعرض له المرأة ليس وليد اللحظة، وانما هي جرائم مستمرة منذ سنوات ويتردد صداها بين فترة واخرى حسب الظروف التي تمر بها البلاد" وذكّرت بحادث حرق دار المشردات في الاعظمية ببغداد، وحوادث انتحار الكثير من النساء بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة و"الجرائم التي تجري التغطية عليها عمدا تحت مصطلح (غسل العار)، وصولا الى مأساة انتحار المرأة النجفية الشابة التي قامت بحرق نفسها بسبب ما تعرضت له من الانتهاكات الزوجية، في غياب اي رادع حقيقي من قبل الجهات الحكومية التي تكتفي كالعادة باصدار كتب الاستنكار والوعود التي لا ترى النور".
وطالبت استبرق بالاسراع في تشريع قانون العنف الاسري "وتجريم اي ممارسات تعنيف تتعرض لها المرأة داخل المجتمع".
من جهتها انتقدت المواطنة زينة صباح العوائل التي تقدم على تزويج بناتها في عمر مبكر غير مكترثة بتحصيلها الدراسي، بدعوى ان المرأة ينحصر دورها برعاية زوجها وتربية ابنائها لا غير، وقالت "انها بذلك تتحمل مسؤولية في تعزيز الانتهاكات للمرأة والطفل".
وقالت لـ "طريق الشعب" ان "هناك الكثير من النساء يتعرضن الى الضرب والطرد والحرق من قبل الزوج وعند اللجوء الى الاهل لمساعدتهن يقومون بإعادتهن الى بيوت أزواجهن خوفا من الطلاق وتحملهم مسؤولياتهن من جديد". وتابعت ان هذا التعامل "شجع الكثير من الأزواج على زيادة بطشهم بزوجاتهم، باعتبار ان لا ساند لهن وليس امامهن غير الصبر على البلاء. وتصل الامور احيانا حد طرد الزوجة للشارع فيسعى اولادها الى اعادتها وهي ما عليها الا التحمل".
وبخصوص قانون العنف السري قالت زينة صباح "ان الحكومة شريك اساسي باستفحال الانتهاكات ازاء الفئة الاضعف في المجتمع، نظرا الى المماطلة بتشريع القانون وان عدم الجدية هذه تؤكد ضعف الحكومة وعجزها عن حماية مواطنيها".
اما المواطنة آمال جعفر فلفتت الى ان "العنف الاسري لا يقتصر على النساء، وانما للاطفال نصيب منه خاصة في العوائل التي تعاني من ضعف الحالة المادية". وذكرت انه "على الرغم من وجود الشرطة المجتمعية وتوفر الاجراءات القانونية، فليس هناك رادع حقيقي لجميع انواع الانتهاكات بسبب غياب القانون وانغلاق المجتمع، الذي يعتبر اي حالة اغتصاب مثلا بمثابة فضيحة يجب تلافيها باساليب وسياقات تذهب الفتاة ضحية لها، هذا اذا لم يعتبر الامر عارا يجب غسله!".
واشارت الى ان "هناك الكثير من حالات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء ولا يتم الاعلان عنها، وان الحالات التي يعلن عنها تكون في اغلب الاحيان لنساء يعانين من خلل عقلي او انهن من ذوي الاحتياجات الخاصة".
بدوره عبر مكاتب صندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في العراق في بيان خاص عن قلقهم من "إرتفاع وتيرة العنف الأسري في العراق في ظل جائحة كوفيد، ونشر تقارير إعلامية عن العديد من حالات العنف .. ومنها تقارير عن إغتصاب امرأة من ذوي الإحتياجات الخاصة، وحادث إعتداء زوجي، وإنتحار امرأة جراء العنف الاسري، و قيام امرأة بإشعال النار بنفسها للسبب ذاته، كذلك الحاق الاذى بالنفس جراء الإساءة الزوجية المتكررة، والتحرش الجنسي بفتاة قاصر، وغيرها من الجرائم ذات الصلة".
ودعى البيان السلطات العراقية إلى ضمان إستمرار السلطة القضائية في ملاحقة المعتدين، وزيادة الإستثمار في خدمات الخط الساخن والخدمات عبر الإنترنت، دعما للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ولدور منظمات المجتمع المدني، ولإبقاء أبواب الملاذات الآمنة مفتوحة للنساء الهاربات من العنف، ومعاقبة مرتكبي أي نوع من أنواع العنف الاسري والعنف القائم على النوع الإجتماعي"
وقال البيان "ان تصاعد عدد هذا النوع من الجرائم يثير القلق ويؤكد الضرورة الملحة لقيام مجلس النواب العراقي باقرار قانون مناهضة العنف الاسري" الذي يجب ان "يضمن محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي ، بمن فيهم مرتكبو الأحداث البشعة التي شهدناها مؤخرا. فالعنف ضد النساء والفتيات جريمة لا يجب أن تمر دون عقاب، ونساء وفتيات العراق يستحقن الأفضل".
********
دعوة جديدة الى تشكيل
وزارة المرأة

بغداد_ طريق الشعب
دعت رئيسة لجنة المرأة والاسرة والطفولة النيابية رئيس الوزراء المكلف الى اعادة تشكيل وزارة المرأة.
وقالت رئيسة اللجنة النائبة انتصار الجبوري في تصريح صحفي ان على "رئيس الوزراء المكلف ان يعمل على اعادة الحياة الى وزارة المرأة وادراجها ضمن كابينته الوزارية التي هو في صدد تقديمها" مشددة على ضرورة "ان الا تقل حصة النساء في الكابينة عن الثلث، وفقا للدستور ومبادئ الديمقراطية".

ارتفاع اسعار الخضار يحمّل المرأة اعباء اضافية

بغداد ـ طريق الشعب
يواجه الكثير من النساء في ظل ازمة كورونا وفرض حظر التجوال الذي اجبر الكثير من العمال والكسبة محدودي الدخل على الجلوس دون عمل، مشاكل عويصة في تدبير القوت لاسرهن مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية وغياب الحلول الحكومية.
وأبلغت المواطنة ام ليث "طريق الشعب" ان اسعار المواد الغذائية "كانت في بداية فرض حظر التجوال مناسبة، لكنها اخذت بالارتفاع بصورة تدريجية حتى غدت تثقل كاهل الكثير من عوائل محدودة الدخل".
وبخصوص البطاقة التموينية قالت: "استلمنا قبل ايام الحصة التموينية للشهر الثاني وتضمنت الزيت والرز فقط، وهي ابعد من ان تلبي متطلبات الحياة اليومية". وأضافت "ان الايام تمر بصعوبة، فقد دخلنا في دهليز الديون".
من جانبه عزا المواطن حسام علي وهو صاحب علوة خضراوات، سبب ارتفاع اسعار الخضار بصورة عامة الى "استغلال الكثير من سائقي سيارات الشحن الازمة برفع كلفة النقل"، مضيفا ان ذلك اجبر الكثير من بائعي الخضار الى رفع الاسعار .
*************
د. بشرى العبيدي:
حرمان الطفل من حضانة الام جريمة يسعون الى تعزيزها بقانون
بغدادـ طريق الشعب
افادت الناشطة المعروفة د. بشرى العبيدي بوجود مساع لادخال تعديلات على قانون الاحوال الشخصية النافذ، تُحرم الام بموجبها من حضانة الاطفال وتعطى شرعية الحضانة الى الاب.
الناشطة العبيدي قالت لـ"طريق الشعب" ان "الاحزاب التي كانت قبل بضعة اعوام تؤيد تشريع قانون الاحوال الشخصية "الجعفري"، تحاول اليوم تشريع القانون ذاته لكن باسلوب جديد". واضافت موضحة ان تلك الاحزاب تعمل على اقناع عدد من الاباء المطلقين وحثهم على المطالبة بالغاء المادة 57 من القانون المذكور، تحت حجة ان مدة المشاهدة التي تحددها المحكمة غير كافية، وان مكان المشاهدة هو الاخر غير مناسب"، مشيرة الى انه" بمجرد تحقيق ذلك سيتم تعديل القانون باكمله وتحويله الى نسخة من قانون الاحوال الشخصية الجعفري"
وذكرت د.العبيدي انه "بعد البحث عن هؤلاء الآباء ظهر ان همهم الاكبر ليس الطفل وانما تحقيق غاية الاحزاب بتشريع القانون المشار اليه، واعتبار الغاء المادة 57 خطوة اولى نحو تعديل القانون باكمله، فضلا عن ان هؤلاء الآباء غير معنيين بحضانة الطفل وانما بالتخلص من دفع النفقة التى تثقل كاهل اغلبهم". وفي ما يتعلق بالإجراءات اللازمة لصد المحاولة قالت العبيدي انه "تم التنسيق مع لجنة المرأة والاسرة والطفولة النيابية، وعقد لقاءين الاول مع عدد من الآباء المطلقين والثاني مع بعض النساء المطلقات، وتوصلنا الى حل يتضمن اصدار تعليمات من قبل مجلس القضاء الاعلى حول تنظيم لقاء غير الحاضن للمحضون لدى حاضنته، على ان يجري تعميمها الى جميع المحاكم دون اللجوء الى تعديل القانون".
واضافت ان هذه التعليمات يفترض ان تتضمن اولا زيادة ايام وساعات مشاهدة الرجل لاطفاله، والسماح له باصطحابهم الى اي مكان يريد، شرط ان لا يكون ذلك مؤذيا لنفسية الطفل". واضافت العبيدي "ان هذه الشروط تطبق بعد تقديم ضمانات من قبل الاب الى المحكمة باعادة الطفل الى حاضنته، بحكم ان هناك آباء قاموا باختطاف ابنائهم وتهريبهم الى خارج العراق".
***********
من يوميات تشكيلية منتفضة:
المرأة ثورة.. وثورتنا ستعود
سارة العبيدي
اشتعلت الحرب وآني بصف اول متوسط. انقصف بيتنا اللي كان مؤجر وراح وياه كل اثاثنا وذكرياتنا وكل غرض تعب بيه والدي علمود يوفره النا.
بقينا سنوات متهجولين من بيت البيت دون التفاتة او تعويض من قبل الحكومات المتعاقبة، ولحد هذي اللحظة منمتلك شبر واحد بهذا الوطن، على الرغم من ان والدي هو ايضا فنان تشكيلي وشاعر، اشتغل في حينها كاسب علمود يوفر لنا شئ بسيط من اللي فقدنا من اغراضنا. هو علمنا ان كلشي يتعوض الا الانسان والوطن. تعب وحرص الى ان كملنا دراستنا.
تخرجت من جامعة المستنصرية كلية التربية الفنية، وكنا في اقل فرصة للفرح نحتفل رغم كلشي. لكن بعد تخرجي حسيت كأنما بصحراء، ما اعرف شمالي من جنوبي. اجتهدت وتمكنت من اقامة معرضين لرسومي سنة 2014 وسنة 2017.
بعدها استمرت مسيرتي بمجال الرسم، وكانت لي مشاركات في معارض بالداخل والخارج، لكن مع ذلك معاناتي استمرت لأن الفن في العراق بصورة عامة يعاني التهميش، اضافة الى التعقيدات وكلف السفر العالية الى خارج العراق، وقلة فرص العمل.
رغم ذلك واصلت مسيرتي الفنية بدعم من اهلي، وأقمت عدة معارض بشارع المتنبي و قاعة كولبنكيان، وكان اغلبها بحضور وزير الثقافة السابق اللي يحضر افتتاح المعارض امام وسائل الاعلام ولا يهتم بما يعانيه الفن العراقي.
رغم كل هذا كان حبنا للحياة والوطن اكبر وطموحنا يوم على يوم يزيد، الى ان صارت الثورة - تظاهرات تشرين، اعطت امل كبير للفنانين الشباب في العراق بمختلف تخصصاتهم، حتى اطلقوا طاقاتهم الابداعية المكبوتة منذ سنوات، على جدران ساحات التظاهر.
كانت انتفاضة تشرين وما زالت بداية للجيل الساحق للطائفية، وكسرت الكثير من الحواجز المجتمعية اتجاه المرأة، التي اعطت بمشاركتها الدور الابرز لاحياء الانتفاضة. فالكثير من النساء وانا واحدة منهن، كنا نذهب الى ساحة التحرير دون علم اهلنا، وعند عودتنا كنا نضعهم امام الامر الواقع.
وقد عاودنا مجازفتنا هذه على الرغم من الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، الى ان تقبلوا الامر الواقع، واتفقنا نحن الفنانين على تكريس فرشنا لرسم صور متنوعة تعكس مشاركة المرأة في ساحات التظاهر.
وختاما وعدنا انفسنا وشهداءنا وذويهم، بأن ما تتوقف انتفاضتنا بل ستعود واقوى من ذي قبل.
فالدماء التي سالت لم تجف حتى الان، وقاطرة الفساد لم تتوقف، بل ان ازمة كورونا ساعدت على فضح مقطورات اخرى، تجرها قاطرة طويلة من الفساد والمحاصصة والتهميش.
**********
كل الحب للمرأة العراقية والاعتزاز بها


تيسير العتابي
المرأة في محافظة واسط شأنها شأن معظم النساء العراقيات، تميزت بدورها الناشط في انتفاضة الاول من تشرين 2019، من خلال المساهمة والمشاركة في دعمها وتقديم الكثير من الضحايا شهيدات وجريحات، حتى باتت رقما صعبا يحسب له حسابه في معادلة الانتفاضة ومسيرتها نحو نظام العدالة الاجتماعية.
وامتد دور المرأة العراقية بعد ذلك الى المشاركة في حملة التكافل الاجتماعي ودعم العوائل المتعففة في ظل ازمة كورونا.
ولعل المدرّسة بلسم يوسف يعقوب، تولد 1979 وام لاربعة اطفال، مثال غني عن التعريف لبنات وابناء الكوت، فهي تواظب على الحضور الى ساحة اعتصام واسط منذ بداية انتشار وباء كورونا وفرض الاجراءات الوقائية، وتعمل دون كلل على توفير السلات الغذائية، وعلى خياطة الكمامات وتوزيعها بين العوائل المتعففة والمتضررة من فرض حظر التجاول.
كل الشكر لها وللمرأة العراقية عموما وهي تساند اخيها الرجل في السعي من اجل بناء الوطن وسعادة الانسان.
+*************
ثلاث فتيات شجاعات
غلطة الزواج المبكر لا تمنع ضحاياها من العودة الى الدراسة
بغداد- طريق الشعب
تغيب في العادة الاحصائيات حول اعداد النساء غير المتعلمات، او اللواتي اجبرتهن الظروف وقلة الوعي العائلي او الضعف الاقتصادي على تزويج بناتهم في اعمار صغيرة بعد اجبارهن على ترك المدرسة.
المواطنة مريم علي (30عاما) قالت لـ "طريق الشعب" انها تزوجت وهي في الصف الثاني المتوسط، واضافت: "بعد زواجي شعرت اني مجرد عاملة خدمة في المنزل. فشقيقات زوجي طالبات مدرسة ومنهن من أكملت دراستها الجامعية، وكنت بينهم الاصغر عمرا". وواصلت تقول "دوري في المنزل كان يقتصر على تلبية طلبات التنظيف واعداد الطعام، ونشأت مشاكل كبيرة عندما طلبت اكمال الدراسة"، وتابعت: "بعد مرور عام على زواجي رزقت بطفل ولكن بقي شعور النقص بفارق التعليم يلازمني، مما تسبب بعودة الخلافات". وبينت ان زوجها وافراد عائلته كانوا يعارضون اكمالها الدراسة ويصرون على ان دورها هو فقط تلبية الطلبات المنزلية، وان مسؤوليتها في تربية اطفالها اكبر من إتمام التعليم". وأضافت تقول: "لكن موقفهم هذا ولّد لدي تساؤلا عن كيف لي تربية اولادي وتعليمهم، وانا غير متعلمة واجهل الكثير من الأمور؟"
واستدركت تقول:"لكن بعد الإصرار والتهديد بترك المنزل، وافقوا على ان اعود لاكمال الدراسة لكنهم اشترطوا ان اتوقف واترك الدراسة تماما في حالة اخفاقي في اي مادة من المواد". واكدت انها الآن تبذل قصارى جهدها لاتمام الدراسة بتفوق، لكنها في المقابل تواجه ضغوطا وطلبات منزلية لا تنتهي "اضافة الى انهم رفضوا رعاية ابنتي في البيت ولو لبعض الوقت خلال ساعات غيابي في المدرسة، مما اجبرني على نقلها الى بيت والدتي كي ترعاها".
اما المواطنة اسراء فالح فأخبرت "طريق الشعب" انها تزوجت وهي في الصف الثالث المتوسط بضغط من والدتها، لكون والدها توفي اثر حادث سير فيما كانت واخوتها لا يزالون صغارا، مما حمّل والدتها مسؤولية كبيرة. واضافت ان والدتها فضلت تزويجها مع اختها قبل إتمام الدراسة "تحسبا لأي قدر في الحياة قد يصيبنا". واستطردت قائلة ان "الاقدار كانت أقسى، اذ ان زوجي استشهد في انفجار سيارة مفخخة في الباب الشرقي، وكنت حينها حاملا بمولودي الثالث".
وتابعت اسراء انها بعد ذلك عادت الى بيت والدتها "وفي رقبتي مسؤولية ثلاثة اطفال، وانا من دون شهادة او مهنة، فكيف البي متطلبات اطفالي الذين ارغب في تربيتهم تربية صالحة؟ ومنذ ذلك الحين ادركت الدرس الذي علمتني اياه الحياة وهو اعظم درس: ان سلاح المرأة هو تعليمها وشهادتها، وبالفعل اجتهدت وأكملت الدراسة الثانوية بمعدل لا باس به، أهّلني للدراسة في كلية الادارة والاقتصاد".
والتقينا بعد ذلك المواطنة ساهرة سامي (40 سنة) التي قالت لنا ان ترك الرجل تعليمه اهون بكثير من ترك المرأة التعليم، فالرجل يستطيع العمل في اي مجال او مهنة يصعب على المرأة مزاولتها كالحدادة او النجارة او كعامل بناء وغيرها.
وتحدثت عن تجربتها قائلة: "انتمي الى عائلة من تقاليدها عدم جواز اتمام المرأة دراستها، لذلك اقتصر تعليمي وأخواتي الست على الدراسة الابتدائية. اما اخوتنا الذكور فواصلوا واتموا دراستهم الجامعية، ولم يقبلوا الارتباط بامرأة اقل منهم تعليما، مفضلين المرأة التي تحمل الشهادة الجامعية وتزاول عملها مثل الرجال الخريجين، اضافة الى انجاز المهمات المنزلية".
وروت لنا ساهرة شيئا من قصتها: "تزوجت وعمري 17 سنة من رجل يعمل حدادا ورزقت بطفلين، لكن شاءت الاقدار ان يتوفى بسبب مرض عضال، فتركني مع اطفالي ونحن لا نمتلك شيئا ولا راتبا يضمن لنا العيش". واثر ذلك روّجت معاملة للحصول على اعانة الرعاية الاجتماعية، لكن راتبها الهزيل لم يكن منتظم الوصول، فضلا عن كونه لا يسد شيئا من متطلبات الحياة. وتابعت تقول: "كنت الحظ زوجات اخوتي وهن يعملن وكلهن ثقة بانفسهن، ولا ينقصهن شئ. وقد أثّر ذلك فيّ كثيرا فقررت اكمال الدراسة اسوة باطفالي، وبالفعل استطعت إكمال الاعدادية المهنية وانا الان طالبة في معهد الادارة التقني، وارغب في اكمال دراستي الجامعية، او الحصول على وظيفة تعينني بالاعتماد على نفسي".
***********
ص7
للشاعرة وفاء عبد الرزاق
قراءة في قصيدة "هنيال الكصب"
قراءة: د. وليد جاسم الزبيدي

المقدمـــة:
وأنتَ ثقرأ قصيدةً أو نصّاً، وسط هذا الكمّ الهائل من النتاج الشعري المتعدّد الألوان والمشارب، فقد مسّ الشغاف منذ القراءة الأولى، وجعلَ النّصُ الحيرةَ راكزةً في ثنايا تفكيرك، وخلطَ بين ظنونك وإشاراتكَ المعرفيةِ، فعرّجتَ في قراءتكَ الثانية لتضعَ خارطةً للنّص، بل وتبحثُ عن مصادرهِ ونبعهِ. هكذا وجدتني أسلّطُ الضوءَ على المفردات والألفاظ والصور ليكون أشراق النّص شكلاً ومضموناً محتكماً لآليات التفكيك وماضيا في أفق الإسلوبية.
وأنتَ حينما تصمّم الغور في أعماق النّص، عليكَ أن تلتزمَ الهدوء والصبر في جلي وسبر غور مجاهيله، وعليكَ ألا تعبثَ بألوانهِ وزخارفهِ، ولا تثلم تماثيلهُ ونصبه التي تمتدّ رموزاً وآلهةً لعالمهِ..فإن كنتَ لا تملك أدوات توائم النّص الذي يعنيك فعليك أن تبتعدَ عن تدنيسه أو تمزيقه، أو تشويه جماليته. والنّص الذي بين يدينا قصيدة من الشعر الشعبي للشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق بعنوان (هنيال الكصب)، والشاعرة حصدت العديد من الجوائز الأدبية وتُرجمتْ معظم نتاجاتها الشعرية والروائية الى لغات أجنبية، ولها في الشعر الشعبي مدار بحثنا أكثر من ثمانية دواوين. فلنبدأ قراءة النّص.

-عنوان القصيدة:
يقولُ الناقدُ الفرنسي( رولان بارت): ((العنوان ثريا النّص))، وهكذا نبدأ مع العنوان: ((هنيال الكصب)): والقصبُ نبات أزلي يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً في الموروث الرافديني القديم، فهو يشكّلُ ثُنائيةَ الحياة بل أكسير الحياة مع الماء، وهو رمز الحياة وبداية الخليقة، بل وأنتَ تبحثُ في تاريخ تلك العُشبة( القصب) نجدُ لها مدلولاتٍ تاريخيةً عميقةً وخطيرةً ارتبطتْ بالذات العراقية القديمة، وأقصدُ بالذات : الهُويّة، الأرض والانسان،وكل ما ينتجهُ العقل البشري في الرقعة الجغرافية التي تمتدُ ما بين النهرين. فحينما نقرأ التاريخَ القديمَ نجدُ كلمة (سومر ) وهي تعني في اللغة السومرية: (أرض سيّد القصب)، فالقصبُ موجود حينما كانت (أور) وربما قبل ذلك، حتى أنّ مؤسس السلالة الثالثة في أور الملك (أورنمو) وتعني: (ملك القصب). والسومريون يعرفهم التاريخ أنهم أصحابُ أولى الحضارات في تاريخ الإنسانية.
ونجدُ (القصبَ) هذا النبات الطاهر المقدّس كيف خصّتْهُ الأقدارُ بالهيبة والكرامةِ، فقد اتّكأتْ عليه أعظم أساطير وملاحم سومر وبابل( اسطورة الخلق، وقصة الطوفان..)، بل ستقرأ أوديسة العراق الخالدة ((ملحمة كلكامش)) لتجدَ القصبَ المقدّس موجوداً في صفحاتها، وستقرأ ما قالهُ إله المياه العذبة والخصوبة حينما أرادَ أن يحذّرَ ((أتونابشتم)) من الطوفان، فاختارَ أن يخاطبَ بيت القصب:
((بيتَ القصب.. يا بيتَ القصب
جدار.. يا جدار..
إصغِ أنتَ يا بيتَ القصب..))
والقصب مصدر أساس في حياة الإنسان العراقي، فهو يدخلُ في مفاصل حياة الفرد، فهو مصدر مهم لبناء بيوت الناس والسفن ، ومنه الوقود، ومنه طعام حيواناتهم..بل وتفنّن الناسُ بالقصب في صناعاتهم كـ( الحصران، البارية، الصريفة، السوباط،..) وامتدتْ لصناعة الآلات الموسيقية (المزمار، المطبك، الناي..).
هذا هو القصب السومري العراقي المقدّس الذي ظلّ يُشكّلُ ثنائيةً عظيمةً مع الماء، فحيثما وُجدَ الماء تناسلَ فيه القصب السومري ليشكّلَ لوحةً رائعةً على جسد الأهوار. ويمتلكُ هذا النوعُ من النباتات (القصب) صفةً تميّزهُ عن النباتات الأخرى فهو عنيد ويرفضُ الفناء ويقاومُ الجفاف وحتى لو جُفّفت الأهوارُ وغارت أمواه دجلة والفرات يظلّ متطاولاً بقامتهِ تتمسّكُ جذوره بالأرض العراقية مهما قسى الزّمان وقست الظروف. وهذه إضاءةٌ بسيطةٌ لمفردةٍ في عنوان النّص، فهي إذ تُشكّلُ وتُدلّلُ على:
1- هوية العراق التاريخية، القصب المقدّس، الذي ارتبطَ بالأرض والماء.
2-التسميات السومرية والبابلية القديمة التي تأثرت بالقصب وكونه أثرا مقدساً.
3- وجود القصب في الملاحم والأساطير السومرية والبابلية.
وما تشيرُ إليهِ الشاعرة منذ اللفظة الأولى الى ما تعنيه ، من كون القصب يتصف بالعناد والصلابة رغم قساوة الظروف والجفاف فإن جذوره تضرب في بطن الأرض ملتصقا بالرحم لايغادره البتة، وهذا ما تعنيه الشاعرة في ارتباطها بالوطن مهما تغربت وبعُدت المسافات.

-الثنائيات :
تعتمدُ فكرةُ الثنائيات- في النقد الغربي- على أوجه التضاد والتوازي، فهناك الثنائيات اللاهوتية: الخير/الشّر، الحق /الباطل، وهناك ثنائيات ضدّية: النور/الظلام،الأسود/ الأبيض، السالب/ الموجب. وثنائيات اجتماعية: الظالم/ المظلوم. ويشكلُ مفهوم الثنائيات الضدية عصب المدرسة البنائية في النقد والتحليل البنيوي. وقد وجدَ التفكيكيون أنّ فهم الحياة على اساس الثنائيات الضدية يؤدي الى حصرها في نمط ثابت، وليس في الحياة ثبات. أمّا ثنائية الدّال والمدلول فقد وصلَ التفكيكيون في الفصل بينهما الى أبعد نقطة ممكنة.
أما في الثقافة العربية فيُعدّ الجاحظُ من أوائل الذين التفتوا الى قانون الثنائية الضدّية على أنهُ قانون الحياة الجوهري فالعالم على ثلاثة أقسام: المتفق، المختلف، المتضاد. ويُعدّ كتابهُ المحاسن والأضداد مثالاً على فكرته وفلسفته. وفي النقد العربي القديم يلتقي القديم يلتقي مصطلح الثنائيات الضدية في بعض جوانبه مصطلح الطباق والتضاد والتكافؤ.
-ثنائيات النّص: في القصيدة سنحصر هنا الثنائيات بأنواعها التضاد والمتفق:
1- الثنائيات الحرفية: نقرأ في النص: (العين والراء)- (الألف- القاف).
2- ثنائيات الإتجاه: يسار- يمين.
3- ثنائيات المتفقة: وهج- فانوس/ .. عشب- خضرة../ دمعة- عين.. الشط- ضفتين.
-التثنية: مع الثنائيات امتزجت صيغة المثنى في متن وقافية النّص، لعل هذه الثنائيات جعلت من النّص أن يتلاقح وألاّ تطغى أو تظهر لغة الأنا بل أخذت تثنية الأسماء والصفات والمعاني مأخذها ودورها الناشط في النّص. فظهرت : ((قفلين-مثنى قفل-، شطين-مثنى شط-، نصّين- مثنى نص-،مرتين-مثنى مرّة-، خدّين-مثنى خدّ-، شمسين- مثنى شمس-، ضفتين- مثنى ضفة-، ألفين- مثنى ألف-، ظلّين- مثنى ظل-، مُرّين مثنى مرّ-، .

- قيامـــة النّص:
تبدأ الشاعرةُ( وفاء عبد الرزاق)، وكأنها تكتبُ رسالةً الى وطن.. هذا الوطن الذي حدّدتْهُ بعد أن بيّنت حالة التمزّق الذي يعيشه أو الحال الذي أرادت قوى الشّر رسمها في تمزيقه وتقسيمه، فجاء الإسم ممزّقا ممفرّقا، وعبّرتْ عن ذلك بقولها: (عضّاني الإسم والعين والراء) ثم في الشطر الثاني الممزق( ولكيت الألف والقاف سجّين). وهكذا كان الإسم سكينا يطعن الأحبة حبا كلّما هيّجت الذكرى الحنين وكلما سمعت في غربتها أخبار الدمار والحروب، وكلما وجدتْ أنهاره أصابها الجفاف بعد خير عميم، وبعد أن كان هذا الوطن كريما يوزّع للعالم عطاياه علماً وهدايا، إلا أن يد الأقدار عبثت به وجعلتْ من أنهاره تشكو العطش، وكثُرتْ الأقفال التي أغلقت كل المحطات ، الأقفال التي تعني الممنوع، وكبت الحريات والتكميم (تعنيت وعلى العتبات قفلين)..
تقرأ القصيدةَ من بدايتها وفي ثناياها وخاتمتها يتنقل وينتصبُ القصبُ سيّدا مقدساً، حيث تقول: (مثل نبتة ويطرهه الكيظ نصين). ثم تجعلُ الوطنُ جسداً (يل جسمك نبي وايديك قرآن) فالوطن جسدٌ إذا سُرقَ تهدّم الدين والقيم، وأن سنين الجوع والجفاف هي ظروف القهر وما يصيب الناس من آلام وحرمان (ترضه يجوع طيني وانته صلصال) والحيطان تصيبُها الشروخ. ثم تقفُ معاتبةً عتاب الحبيب لحبيبه (ولك ليش الصفع خدّك تعز بيه)،فتستأنف نشيد حبها لتفتح باباً لحوار جديد يبنى على نداء الحرية والسلام (أريد أدخل قميصك باب شمسين) فهي تريد الرجوع بكل محبة وعشق، تريد أن تضم قميصه بأحضانها. فهي وأن أنبت البُعد والغربة مخالبهما في جسدها وذاكرتها إلا أنها ظلت تعيش وتسكن في الشط وتنبتُ قصباً في الأهوار وتحملُ الفانوس على الضفة تدعو كل غريب في غربته واغترابه للعودة الى الماء والطين والقصب، تحملُ ضفائرها مصابيحا.
ثمّ ترسمُ الوطنَ صورة طفل تناغيه وتهدهدهُ بأغاني الطفولة وألعابها (بكطرات الندى تلكه اسمي والناي../ والسدرة ولعبنه الجان ظلين)، ثم تعبّر عن صورة تبادل الهدايا بينها وبين الوطن ( تهديني النبك وأهديك الألعاب)..
وفي الختام : وبعد المناغاة والتدليل لطفلها تقول سؤالها الذي يفجّر القصيدة لتكون الخاتمة كسر للتوقع وتسير مسارا يرتقي نحو فكرٍ يسمو في فوق سماوات العنوان، فتقول: (يا طفلي الصغير مدلّل كماط) ..و ( أجيبلك قيامة شلون ومنين)..؟؟ سؤال يفجّر طفولة التدليل وقماط المحنة سؤال الحيرة والبحث: شلون ومنين؟؟؟ هو البحث عن السبيل للخروج من المأزق بعنوان يليق بتاريخه وقامته. ثم لا يطول الإنتظار لتجدَ الجواب حاضراً : (بيك انته القيامة وسطوة النار) فهي تضع جوابها أن القيامة المنشودة موجودة وحاضرة بك يا طفلي ، موجودة في جسدك في يديك في عقلك في فكرك في تاريخك، بل هي موجودة في القصب الذي بات عصيا على الزمن وعلى كل الحقب فمهما جففوا الأهوار ومهما شحّ الرافدان، ستظل القيامة قائمةً وسيكون التغيير والتحرر وستُفتحُ ابواب الحرية وستنكسر كل الأقفال.
ومثلما بدأت الشاعرةُ عنوان القصيدة بـ( القصب) تختتم القصيدةَ بالقصب أيضا لأنهُ المقدّس فتقول: (وهنيال الكصب من يحرك البين) فهو رمز سومر، رمز العراق القديم-الجديد يظلُ هاماً مرفوعاً يمدّ جذوره عبر التاريخ...
قصيدةٌ تغورُ في النّفس والعقل، بناؤها حديث استخدمت في بناء القصيدة وتأسيسها ورسم مفاتيحها الحداثة ببنيويتها وتفكيكها، ومن طباق وجناس، شكّلتْ اسلوبا يميّزها يرتقي بالمتلقي نحو آفاق التأويل والقراءات المتعددة التي تصبُ في بهجة المعنى والتجدّد مع القصب.
*************
فضاء شعبي...
السخرية والفكاهة في شعرية (حسين قسام النجفي)

 

 

 

 

 

 

 

ـ الكتابة الساخرة.. هي كتابة شعبية تتصل بالهموم الاجتماعية داخل اطر متعددة تشكل آخر المــلاذات المنقذة لكينــونة الانسان من الموت البـطىء..لانها (انفعال مركب) على حد تعبير أدلر..
ـ الكتابة الساخرة.. الكوميديا السوداء التي تعتري الزيف وتكشف عن الخطيئة وتحد من الفساد بطريقة ادبية خلاقة بابتعادها عن التهريج..كونها السخرية الواعية التي تحمل في طياتها عمق المعنى بسخريتها القائمة على المفارقة في سير الحدث....لذا فهي تترجم حاجة انسانية وتشكل انعكاسا تصويريا لحالات استثنائية..وقد عرف ديوان الشعر العربي القصيدة الساخرة ابتداء من الحطيئة الذي يعد رائدها ومرورا بالفرزدق وجرير والاخطل وابي نواس وبشار بن برد ..وانتهاء بشمران الياسري واحمد مطر واحمد فؤاد نجم وعبود غفلة والحاج زاير الدويج وعبدالحسين ابو شبع وعبود الكرخي وحسين قسام الذي تفرد بولعه بالادب العامي وابداعه الهزلي الساخر منذ طفولته نتيجة تردده على المجالس الحسينية والنوادي الاجتماعية ليستمع الى اقوال الخطباء والشعراء وحواراتهم الادبية الفكهة..مما اضفى على ذهنيته عمق التفكير ودقة التصوير والتركيب الجملي الساخر والناقد مجتمعيا بحكم تأثيره ببعض الافكار الماركسية التي اخذت مداها في النجف فكان هناك حسين مروه ومحمد شراره..لذا يقول الشاعر معترفا بانه اغترف من افكار حسين مروه المنطلقة من الواقع الاجتماعي الواعي المتكىء على المقولة الماركسية التي تقول(الواقع الاجتماعي يولد الوعي الاجتماعي)..ومن هذا كان وعي الشاعر حسين قسام الذي يصور حالة اناه التي تعكس الانا الجمعي الآخر...
وحك عزتك يربي استفلست انه
مثل اكميل من كابل الحنانه
وحك عزتك يربي مخربطة احوالي
وخاف وياي يبكه الفكر للتالي
لازكلي على عباتي وعله نعالي
ويضربني الوكت دانه بأثر دانه
فالسخرية عند الشاعر تترجم حاجة روحية وهي تعبر عن قيمة انسانيةتتسم بسمة فنية وتتفرد بموهبة استثنائية بتصويرها الواقع الاجتماعي ونقده خارج المألوف حتى وصف اسلوبه الشعري بانه(عبقرية عجيبة) لما يملكه من قوة الشخصية والابتكار المرتجل ويقظة الذهن وسرعة البديهية..على حد تعبير المفكر الماركسي حسين مروة..الذي يضيف الى ذلك قوله (جسمه وروحه كتلة متماسكة متحركة..مخلوقة لابداع النكتة..)
ـ حسين قسام من الشعراء القلائل الذين رفضو الهبات وانتهجوا الشعر الفكاهي بطريقة ساخرة..هادفة..متزلفة للفقراء ومناصرة لهم ولطموحاتهم.. بعيدة عن رجالات السلطة..
ـ حسين القسام في مجاميعه الشعرية(قبطان الكلام)و(سنجاف الكلام) و(محراث الكلام)..كتب اضافة الى القصيدة..الابوذية والزهيري والهوسه والشكوى من العوز والفقر..باسلوب متفرد حقا..
الجزر غثني وجرح كلبي ولكطين
السبزي خربط احوالي ولكطين
حته البصل ما ضكته ولكطين
الفجل والثوم يتعيقل عليه
وله:مفلس وفلاسي مأذيني
أثول خلاني او عاميني
شمسوي اوياه وباليني
دهري ولا حكني بتوثيه..
ـ حسين قسام..الذي اثبت وجوده الشعري من خلال قصائده الناقدة وسخريته اللاذعة.. اضافة الى نوادره ومقالبه التي اضفت على شعريته روح المفارقة الهزلية منها انه(دخل مرة على مقهى..وعندما ساله صاحب المقهى:ماذا تأمر..فقال: عندك شاي تازة..قال نعم..ثم سأله هل هو جديد لم يبق على النار طويلا..فرد عليه نعم..عندها سأله:هل وضعت عليه الهيل..فقال نعم..فرد عليه(بروح ابوك جيبلي حامض)..
ـ وعند توليه سدنة مقام النبيين هود وصالح خلفا لابيه جاء ذات يوم بعض الهنود لزيارة المقام وكان حسين يرتدي العمامة فطلبوا منه ان يقرأ الدعاء المخصوص ..فوقف امامهم وتوجه نحو المقام واخذ يقرأ الدعاء وهم لا يفقهون كلامه وكان دعاؤه:
السلام على الحنانه
والسلام على المنانه
والعن ابوكم لابو الجابكم مناك لهنانه
وقد وصلت بقسام السخرية حتى من الميت والكشف عن البخل..
بطلوا من البواجي لا تفزعونه
ميتك فطس ومبحلك عيونه
وصه اجبير وشمخي على التنور
وكاللهم بعد عندي عجل مكسور
وكاللهم بعد عندي هويشه وثور
للخطار ثوري لا تذبحونه
ـ حسين قسام النجفي..شاعر شعب يتفرد باسلوبه الساخر التهكمي.. مع قدرة فائقة على ايجاد تراكيب صورية غير مألوفة..

علوان السلمان
*************
حزبنا نبض الكلوب


شعر / فالح حسون الدراجي
ألحان/ محسن فرحان
أداء / عدنان ابريسم

حزبنا يا نبض عايش بالكلوب
الذ من الحزن ساعات الغروب
حلو مثل الأماني
وترف مثل التهاني
إذا تلمس حجر بجفوفك يذوب
******
‏حزبنا يا ‏صبر ما حدته حدود
مثل طبع البحر من ينكص يزود
جبل ثابت على الكاع
‏والف حزب وحزب ضاع
دول هيبتها راحت وانت مهيوب
******
‏لأن ‏دربك عدل حاضنته الدروب
ولأن كلبك وفي شابكته الكلوب
ولأن انت الحقيقة
وشعبنا إندل طريقه
طلع وياك يتظاهر يمحبوب
******
حزبنا يانبض عايش بالكلوب
وألذ من الحزن ساعات الغروب
**********

سولة مجانين

سامي عبد المنعم

أشرب الكاسات ...
من إخدودك التفاح
وإنته من إدموعي تشرب
ومدري ياهو البينه
غنّه ... وذاب
من رشفه عطر
بشفاف كهرب
من زمان أنتظر جيتك
من زمان ..
وإنته غيمه إبلا مطر
غيمه فز بيّه رعدها
وفاح عطر الهيل
والجوري سكر
الليل من إينام
وتتغطه الأحلام
چا وين أودي السهر
وهموم الأيام
ماخذني شوگك بحر ..
والبحر مابي جرف
من عهد نوح النبي
البحرطبعه صلف
الروج لما يهد
مابي صديق أو ولف
البحر من إيثور ...
رأساً إيضيع العرف
و أمواجه تبلع ناس
البحر هوه بحر ..
من الجدم للراس
إيعاكس الريح التجي
وماله شغل بالحچي
وماله شغل بالناس
البحرمن يغتاض ...
ياكل شكو إبروجته
ومن يهدأ ويستچن ..
تنزل غفل دمعته
إيصير كلّه جرف
ويندم عله فعلته
وعللي بلعهم غفل
سولة مجانين بضلوعه
وبواچي طفل
*************

وجدان الشعر

كامل العتابي

دكَت بالعظم ما ظل بعد مذخور..
وصبح بايد عظمها وناحل ومنخور
سالت من دماها انهار تتله انهار
وناعور اليلفها بكل حماقه ايدور
حلَّو طي رسنها وشلَّعوا لثبات
وصفكَ خيالها واعله النواصي اكدور
تمر بيها الدواير عوز ياكل عوز
ومديونه السنين لكل كَلب مسرور
ماحنّت اديها وشاب منها الراس
حتى العدل بات الليل ظل مذعور
يتلاطم خلكَها اتحيّر الملاح
ولسان الحديد اتلين بيه كَبور
ياغرة البيضه ويا هلال العيد
سوّدتي الهلال الجان بيج ينور
لفّانه الحزن والأمل صار بخوف
وتيّه بالمطاوي وضيّع الناشور
عدّت وادرجت دارت رحاها سنين
ولاصفنت مراره وفتّر الساطور
بذراع الرعيع التفكَ ظل ايصيح
ومثل عصف السمه امن يسولف الشاجور
تحّسْبنه لفرحنه ايمر على البيبان
وكَلوب المحبه انوفي منها انذور
لكل كَومه التنادي لأشرس الكَومات
والمذبوح دمه اعله السواجي يفور
وَشَم بأسم اليموت اتخطه ظِل بالعين
لو كَطَّر دمعها الجفن ظَل معذور
وجدان الشعر يتخطه الهدانات
لأن حرف القصيده من التراب يثور
محجوب الصدكَ واختلفت النيات
بيا وكت ايتساوه البوم ويه اصكَور
يا أمة رساله الرايه كَد اسباع
ومن حكَه ايتبختر بيها كل ناطور
من حكَه ايتبختر بيها كل ناطور.
**********
ومضة

فاروق كنا

لابد يدور الوكت
واسم الحزب يرتفع
ولابد شمسنا تطل
ويفيض ماي النبع
ولابد كمرنه يهل
وكل البشر تقتنع
مركبنه ماشي يبه
وخشباته من الضلع
**********

مد لي جفّك

الشاعر المرحوم
خنجر خصاف الشامي

مدلي جفك..
دارت الظلمة على عيوني غفل
وحناني صبحك
مد لي جفك..
وامسح دموع الحزن
خليني اضحك
يا لكلامك طيب وبكل خطوة طيبه
ارد اشمك شم المفارك حبيبه
آنه شطوطك غسلت اذنوبي كلها
برت وجروحي تضحك..
مد لي جفك
حتى اطراف الاصابع..
كلبي نافورة غضب فيض الشوارع
يا حلم صبري.. مثل صبر الشواطي..
اشما يمر بيها العطش
تانت المده
يا حنيني لشوفتك وجروحي صارت
جبل ماي وما كدر واحد يشده
وانت تدري
السيف ينفع حتى لو ينثلم وحده
وآنه طير وتهت
من سرب الطيور الطايره
خلنه وحده..
آنه فلاح الزرع عمره حدايق..
ومالكه ابستانه ورده ..
آنه ذاك العاش غربة..
ونام متوسد رصيف الشارع
وسواه مخده
************
ص8
عبر الفيس بوك
صفحة "الشعب وحي اور" تنظم حملة لتوزيع السلال الغذائية

بغداد - طريق الشعب
نجحت صفحة " الشعب وحي اور" في الفيس بوك في توزيع اكثر من 1800 سلة غذائية خلال فترة حظر التجوال، في المناطق التي تسكنها غالبية من الكادحين والمعوزين. وقال الناشط المدني حسين حبيب الذي يدير الصفحة لـ " طريق الشعب"، انه اطلق حملة من خلال الفيس بوك لجمع التبرعات العينية والمالية لغرض اعادة توزيعها على العوائل المتضررة من استمرار حظر التجوال الصحي. وبيّن حبيب ان الكثير من المواطنين تبرعوا خلال الفترة الماضية بمبالغ مالية كبيرة لشراء المواد الغذائية الضرورية لغرض توزيعها في مناطق المحرومين، مؤكداً استمرار الصفحة في اصدار النداءات بشكل متكرر لجمع التبرعات وتوزيعها على المحتاجين، وان منزله اصبح علامة دالة للعوائل المتضررة.
************
الفقراء يدفعون الثمن
مع اقتراب شهر رمضان.. ارتفاع الاسعار يزيد المعاناة!
طريق الشعب – خاص
يستعد العراقيون سنوياً بصورة مبكرة لاستقبال شهر رمضان لشراء انواع المواد الغذائية التي تضاف الى المائدة كتقليد اعتادوا عليه. وعادة ما تشهد الاسواق ارتفاعاً بالاسعار لاسباب مختلفة مما يسبب امتعاضاً لدى المتبضعين، ويأتي هذا الشهر بالتزامن مع اجراءات حظر التجوال وتعطيل عمل الكثير من الكادحين والمعوزين مما صعب المعاناة لهم.
مراسل "طريق الشعب" في النجف تحدثت لمجموعة من المواطنين حول هذا الموضوع، حيث يقول المواطن ابو يوسف من حي الوفاء: نعاني من صعوبة الاوضاع المالية الايام الاعتيادية وازدادت الآن بسبب انتشار وباء كورونا وارتفاع الاسعار مع غياب تام لدور الدولة بمساعدة ابناء شعبها من حيث تحسين مفردات البطاقة التموينية، وزيادة مفرداتها، ويضيف انا اعيل اسرة من 4 افراد واعمل بائع خضار في السوق الشعبي والآن انا جليس الدار وبالتالي اعاني من ارتفاع اسعار المواد الغذائية كون التجار استغلوا الازمة هذا الشهر ورفعوا من اسعار البضاعة
وذكر الشاب ابو عامر عامل في مطعم انه توقف عن العمل بسبب جائحة كورونا ومع استعداد عائلتي لشهر رمضان ارتفعت الاسعار عن السابق وهذا ما يجعلني بوضع صعب لوجود التزامات مالية اخرى مثل خدمة الانترنت والمولد الكهربائي والماء الصالح للشرب وغيرها وتابع، "كنا نامل ان تقف الدولة بجانب الفقراء ان تعفي الفقراء من الضرائب وفواتير الماء والكهرباء وتوفير مفردات البطاقة التموينية في هذه الظروف الاستثنائية. وتسائل ابو عامر "هل تعلم الحكومة بالوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه هل لديهم اجابة بالنيابة عني عندما يطلب الاطفال ملابس العيد، هذا ترف بالنسبة لي!"
وتابع كنا نعتقد ان الحكومة ستوفير الحصة التموينية وتوزيعها على الفقراء بمفردات غنية تعيلنا في هذه الازمة ولكن لاشي من هذا تحقق، فنحن في واد والحكومة في واد اخر، والفقراء وحدهم يدفعون الثمن.
وفي ديالى ذكرت المواطن سندس عبد الكريم لمراسل "طريق الشعب" أنه "بعد تمديد حظر التجوال لأكثر من مرة لوحظ ارتفاع بعض اسعار المواد الغذائية وخاصة البقوليات مثلا "الفاصوليا أصبح سعرها 3000 بدلاً من 2000 دينار" مع ارتفاع اسعار الزيت ومعجون الطماطة وكذلك اسعار الخضر مثل البطاطا والطماطة والباذنجان، اما الحصة التموينية فأننا لم تستلم اي مادة منها عدا مادة السكر هذا الشهر ولم يطرأ عليها اي زيادة خاصة ونحن مقبلون عل شهر رمضان.
واضافت عبد الكريم ان اجور الكهرباء هي الاخرى ارتفعت مع ارتفاع حرارة الجو فيما وصل سعر قنينة الغاز الى 8500 دينار بعدما كان 7000 دينار بحجة صعوبة الوصول الى معامل الغاز.
وعن الخدمات المقدمة للمواطن هذه الفترة ذكر المواطن عبد الجبار محمد "ان المعاناة مستمرة من سوء الخدمات بشكل عام، ولم تستغل فترة الحظر لتعبيد الشوارع ولم تجري صيانتها او اكسائها ولم يجري فتح المجاري المغلقة مما تسبب تكدس مياه الامطار في الشوارع، ورغم معاناة المواطن المالية استوفت وزارة الكهرباء اجورها المترتبة في ذمة المواطن".
وبين المواطن حسين كاظم بأن رمضان 2020 هو الاسوء على الشعب العراقي لعدة اسباب منها انخفاض أسعار النفط والتي انعكست سلباً على المواطنين خصوصاً اصحاب الدخل المحدود، اضافة الى وباء كورونا الذي أثر ايضاً على الفقراء والكادحين والاجراء اليوميين. وتابع كاظم حديثه قائلاً: ان تخبط الحكومات المحلية واتخاذها قرارات غير منصفة وعدم وجود بدائل اثر سلباً على اوضاعنا.
وذكر المواطن نمير عبد الحسين ان" اجواء رمضان في محافظة واسط تختلف عن بقية الأعوام بسبب الظرف الصحي الذي تمر به البلاد، خصوصاً وان اصحاب الدخل المحدود يعانون من ضائقة مالية مع توقف عملهم اليومي بسبب حظر التجوال".
************
رابطة المرأة العراقية في النجف:
كفـــى عنفـــــا !
النجف – طريق الشعب
عبرت رابطة المرأة العراقية فرع النجف عن تعازيها بوفاة الشابة ملاك الزبيدي، التي اقدمت على احراق نفسها جراء تعرضها للعنف الأسري.
وقال فرع الرابطة في بيان اصدره بهذه المناسبة المفجعة: "نرفع صوتنا مع اصوات ملايين المدافعين عن حقوق المرأة، لإنهاء العنف الموجه ضد المرأة في الأسرة والمجتمع، مطالبين بتشريع قانون منصف لمناهضة العنف الأسري، قانون يحمل ثقافة اللاعنف ويجرم مرتكبي العنف".
ودعا البيان الى تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل، وطالب بالتوعية والتثقيف وإدراج نص الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان عامة والمرأة خاصة في المناهج الدراسية بجميع المراحل الدراسية. وشدد على ان "ضمان حقوق الانسان والمرأة واجب انساني ووطني، يقع على عاتق كل أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني".
واكد البيان في الختام: "سنبقى نناضل ونوحد الجهود لأجل عراق يتمتع جميع بناته وابنائه بالحرية والعدالة والمساواة.. عراق خال من جميع أشكال العنف ضد المرأة".
**************
دعمته الجمعية العراقية الكندية
ناشطات في بابل يفتتحن مشغلا
لانتاج الكمامات
بابل - طريق الشعب
انجزت مجموعة من الناشطات المدنيات أخيرا معملاً لإنتاج الكمامات الواقية، لغرض توزيعها على القوات الامنية والمستشفيات والمواطنين.
وقدمت الجمعية العراقية الكندية الدعم المالي للناشطات المدنيات في بابل لغرض تأسيس هذا المعمل.
وأنتج المعمل الذي افتتح في ريف قرية البو فارس في بداية تشغيله 500 كمامة واقية في اطار الحملة الوطنية لمكافحة وباء كورونا، وجرى توزيعها على القوات الامنية والنساء الكادحات في السوق الشعبي "الحطابات".
وبيّنت الجمعية العراقية الكندية انها ستستمر في مساعدة المعمل لاحقاً دعماً للنساء الكادحات العاملات فيه.
********
من هو وزير الثقافة المقبل ؟

وزير الثقافة في أي بلد؛ ليس موقعاً وظيفياً مرموقاً، ولا وجها ولا وجاهة إعلامية يتم اضفاء كل من هو نبيل وجميل ومعروف عليها حسب.
كما انه ليس كل من أصدر كتاباً او أدار مؤسسة وتعفر بتراب الآثار وشغل مواقع إدارية خارجية وداخلية، وأفلح هنا أو هناك..
وزير الثقافة؛ عالم كامل من الرؤى والافكار والمعارف والمواقف كذلك.
عالم يختزن في ذاكرته كل ما يتعلق بمعطيات العقل من تصورات وأهداف ومعطيات.. ذلك ان أي اخفاق في هذه الميادين، من شأنه ان يلحق الضرر والاخفاق في مهمة إدارة الثقافة في البلاد..
ان الوسط الثقافي على تنوعه فكراً وعطاء وموهبة، يتفق على مسألة أٍساس تتعلق بكفاءة ونزاهة وعمق الشخصية التي تمتلك (كاريزما) القيادة الثقافية ورسم آفاق مستقبلها..
صحيح ان الكفاءة والنزاهة مطلوبة في جميع الوزارات وفي جميع مرافق الدولة، إلا ان الوسط الثقافي يمتلك بصائر أوسع بكثير من بصائر الاوساط السياسية والاجتماعية والادارية الاخرى، بوصف كل واحد من افراد هذا الوسط معني بالرصد والانتباه الدقيق لكل شاردة وواردة.. وهذا الرصد هو ما يميز المثقف عن سواه..
الرصد.. مهمة المثقف الاساس، وهي عالمه ومنطلق كتاباته وعطائه وثمار نتاجه الابداعي، ومن دون هذا الرصد، يتحول الى شخص يحمل منظوراً كسولاً، وبصيرة غائبة..
ووزير الثقافة المرتقب، لابد من امتلاكه هذه البصيرة في كيفية التعامل مع المثقف بوصفه كائناً عقلانياً وإبداعياً وإنسانياً، والتعامل مع الثقافة بوصفها استراتيجية راسخة وليست تكتيكية عابرة.. كما يعني امتلاك الوزير المرتقب خارطة لا ترسم لحاضر مؤقت، ولا تتكئ على ماضٍ سلفي متدهور، ولا تراكمات ثقيلة مليئة بالاخطاء والفحشاء على حد سواء؛ وإنما ان يكون عارفاً بكيفية إعمار الانسان حضارياً، قبل إعمار مكان لائق لأناقة وفخامة مكتبه.. ذلك ان كل المكاتب مهما امتلكت من الفخامة والابهة؛ لا يمكن ان ترقى درجة واحدة من قبول وزير ليس بوسعه إدارة هذه النخب الثقافية المرموقة والمعروفة والمضيئة في منظور جمهورهم.
ومثل هذا المنظور قد لا يكون الوزير المرتقب عارفاً به، ولم يسبق له مواجهة مثيل له، مما يجعله عرضة للفشل في اداء مهامه.
من هنا يحسن ان يكون الوزير ليس مقبولاً حسب، بل مهماً ومطلوباً من قبل جمهرة المثقفين الذي يحترمون القرارات التي يتخذها، وليست مدار استياء ورفض عاجل، بوصفها قرارات ولدت نتيجة انفعالات معينة او مؤثرات خارجية لا شأن لها بالثقافة والمثقفين.
وليس المهم ان يكون الوزير المرتقب صاحب شهادات عليا بالضرورة، بل الضرورة تقتضي معرفة طبيعة توظيف هذه الشهادات التي حصل عليها في رسم آفاق الحياة الثقافية في عراق يهيمن عليه الجهل والامية والازمات الحادة في كل مرافق الحياة، وفي مقدمتها هذا الكم من العاملين في وزارة الثقافة، من دون ان يكون لهم اي اهتمام بالثقافة والمثقفين وهو الامر الذي يعكس طبيعة التعامل مع هذا الوسط الذي يتطلب اهتماماً خاصاً أكثر بكثير من جميع القطاعات الوظيفية والاجتماعية الاخرى.
وزير الثقافة العراقية المرتقب، وزير دائم الحضور في حياة المجتمع والحياة الثقافية على حد سواء.. بعيداً عن البيروقراطية او النجومية الاعلامية الآفلة المبكرة.. والتي ليس بوسع اعلام الوزارة او سواها اضاءة وجوده ما لم يقترن هذا الوجود بالحضور العميق وعياً وممارسة.. حاضراً ومستقبلاً..
حسب الله يحيى
*************
تجار وحرفيو فرنسا يدقون ناقوس الخطر: سنواجه الإفلاس
باريس - وكالات
دق تجار وحرفيون في فرنسا ناقوس خطر إفلاسهم بسبب تداعيات الإغلاق الشامل في البلاد في ظل وباء كورونا، على الرغم من استثناء الحكومة الفرنسية متاجرهم من قرار الحجر والإغلاق.
ونشرت صحيفة "لوموند" الباريسية تقريرا يشير إلى أن المئات من التجار والحرفيين الصغار في كل من ستراسبورغ وباريس وبوردو وليون ومرسيليا ومدن أخرى في الشمال، سيجدون أنفسهم بدون سيولة مالية تمكنهم من الاستمرار حوالي نهاية أبريل الجاري.
ووفقا لمعلومات الصحيفة، فبعد مضي أكثر من شهر من الحجر واستمرار تقييد الحركة إلى منتصف الشهر المقبل، فإن أرباب العمل في حوالي 250 ألف فندق ومقهى ومطعم، علاوة على 1360 شركة للمواد الغذائية التجارية، سيجبَرون على إغلاق مصادر رزقهم بسبب انعدام السيولة المالية لاستمرارهم أو دفع الأجور.
وأفادت صحيفة فرنسية اخرى هي "لوبوان" ان خطر الإفلاس بات يهدد بشكل فعلي حرفيي المخابز، التي لم تعد قادرة على بيع منتجاتها رغم استثنائها من قرار الإغلاق الحكومي.
ونقلت الصحيفة عن ماتيو لاببيه، رئيس رابطة شركات المخابز في فرنسا (FEB)، إن "المخابز فقدت ما متوسطه 50 إلى 60 في المائة من حجم مبيعاتها".
قطاع آخر، يمثل شريحة كبيرة من الحرفيين في فرنسا، هو قطاع المحلات الصغيرة لتجارة المواد الغذائية قالت إنهم لم يعودوا قادرين على بيع مزيد من السلع، في ظل العروض الموجودة في المحلات الكبرى.
وفي الجانب الزراعي، قالت الصحيفة، ان 45 في المائة من حرفيي الألبان والأجبان في البلاد، لم يعد لهم أي عمل بسبب الأزمة الصحة، بحسب نقلت عن رئيس تحاد صناع الأجبان في فرنسا، دافيد بازيرك.
وتأتي هذه المشاكل على الرغم من تخصيص الحكومة مساعدات مالية للأسر والفئات الأكثر تضررا من الوباء (ممن فقدوا عملهم أو أعلنوا إفلاسهم) بلغت ما بين 400 و1400 دولار.
وفرنسا هي من أكثر الدول الأوروبية تضررا من الوباء، حيث توفي 761 شخصا جراء الإصابة بالفيروس، خلال الـ24 ساعة الماضية، وفق ما أفاد مدير الصحة العامة جيروم سالومون.
لتبلغ الحصيلة الإجمالية للوفيات في المستشفيات وفي مراكز الرعاية الاجتماعية ودور المسنين 18681.
وقال سالمون إن انخفاض عدد المصابين والخاضعين للعناية الفائقة "بطيء ولكنه منتظم".
*************
"طريق الشعب" تنقل معاناة المواطنين في مناطق الكرخ
نقص حاد في خدمات الكهرباء والبطاقة التموينية والانترنت والغاز السائل
بغداد-ماجد مصطفى عثمان
القت عملية حظر التجوال إثر تفشي فيروس كورونا وتطبيق الاجراءات الصحية بثقلها على حياة المواطنين، خصوصاً الكادحين والفقراء منهم، في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة السائدة، وبسبب عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها الدستورية تجاه المواطنين في هذه الظروف الصعبة..
وقد تجول مراسل "طريق الشعب" في جانب الكرخ من بغداد واستطلع آراء المواطنين حول الصعوبات التي تواجهتهم خلال هذه الفترة.
المواطن عبد علي من سكنة حي السلام قال" تستمر معاناتنا من قلة تجهيز التيار الكهربائي مما يدفعنا الى الاعتماد على اصحاب المولدات الاهلية. لكن معظم اصحاب المولدات يستغلون المواطنين بفرض مبلغ مالي كبير مقابل الامبير الواحد، على الرغم من قرار محافظة بغداد بجعله 5000 دينار فقط، وهم يتحججون بارتفاع اسعار الوقود وعدم استلامهم لحصة المقررة من الجهات الحكومية".
ويذكر المواطن عدنان جاسم من مدينة الشعلة ان "الكثير من المناطق في الشعلة ما زالت تعاني من سوء الخدمات، ومن تمركز النفايات في مناطق معينة بالقرب من المنازل، مما يتسبب في انتشار امراض مختلفة وفي التأثير السلبي الواضح على النظام البيئي والصحي عموما". وبخصوص البطاقة التموينية يقول أن "مفرداتها لا توزع بصورة منتظمة، وهي اصلا لا تسد حاجة العائلة، مما يضطرنا الى شراء مفرداتها من السوق المحلية وباسعار مرتفعة، تضيف ثقلاً جديداً على كاهلنا".. ويستطرد انه في ظل الظروف الحالية يفترض بالحكومة تزويد العوائل الفقيرة بمواد البطاقة التموينية كاملة، مع إضافة مفردات اخرى مثل البقوليات والمعجون والشاي والارزاق الجافة وغيرها، لا سيما ونحن نقترب من شهر رمضان.
وعبر المواطن حازم فخري من سكنة مدينة الوشاش عن معاناته من "ضعف خدمة الانترنت مقارنة بالمبالغ التي يدفعها الى الشركات المجهزة للخدمة" خصوصا وان هذه الخدمة ذات اهمية كبيرة في الوقت الحاضر لعموم الشعب العراقي، نظرا لدورها في مساعدة الناس وتشجعيهم على البقاء في منازلهم.
اما المواطن رضا جواد من سكنة مدينة الاسكان فأشار الى عدم وجود ازمة في تجهيز الغاز السائل للمواطنين، كون ساحات البيع المباشر الحكومية تجهز اسطوانات الغاز لقاء 5 آلاف دينار، "لكن الباعة المتجولين والوكلاء الرسميين يرفعون سرعها احيانا ليصل الى 8 آلاف دينار، مما يتطلب بيعها اليهم بسعر اقل كي يبيعونها هم بالسعر الرسمي".
************