اليمن .. لا بديل عن الحوار / 5 نيسان 2015

عانت شعوب بلداننا العربية، وما زال العديد منها، من جور الحكام ومصادرتهم حقوق الانسان، ومن الادارة السيئة للحكم والنهج اللاديمقراطي للحكام واهدار الموارد المالية، فزداد الاغنياء غنى، والفقراء فقرا، وتفشى الفساد وجرى تقزيم الحريات، وفرض التهميش لفئات وطوائف واقليات والاقصاء من المشاركة السياسية، والتضييق عليها مجتمعيا، فيما تفاقمت الصراعات على المناصب والمسؤوليات. وادى هذا وغيره الى اعاقة التطور والتقدم وتحقيق الاستقرار، وهو ايضا ما فسح في المجال للتدخلات الخارجية، بما فيها العسكرية، وفرض ارادتها ومشاريعه? .
وتبين التجربة ان طريق الحروب الاهلية والتدخلات العسكرية الخارجية لا تزيد الامور الا تعقيدا وسوءا، ولا تفضي الى تحقيق الامن والاستقرار وتمكين الشعوب من تحقيق طموحاتها، وبناء حياة حرة وديمقراطية حقيقية، وتنمية مستدامة ديناميكية . لذلك تبقى الخيارات السلمية هي الاسلم في حل المشاكل، وحفظ الارواح والممتلكات العامة والخاصة.
ولقد عانى اليمن من صراعات حادة على الحكم، بضمنها في سياق الحراك الجماهيري للتخلص من نظام علي عبد صالح، الدكتاتور المعزول الذي لم يكف عن السعي لتفتيت قوى الثورة والحراك الجماهيري. وكان مفترضا ان تعي هذه القوى، لا سيما الجادة منها، طبيعة المعركة الدائرة، وان تحذر من دسائس من اسقطتهم (علي صالح وزمرته)، وكل من يريد ان يبقى اليمن فاقد الاستقلال، وشعبه فاقد القدرة على ادارة شؤونه بنفسه.
وكان على هذه القوى ان تحل الاشكاليات الناشئة عبر الحوار، واستنادا الى قرارها السياسي المستقل، فمن الخطأ الجسيم اللجوء الى العنف لمعالجة القضايا السياسية المختلف عليها.
نعم، يبقى خيار الحوار هو المدخل لايجاد الحلول والتسويات المنطلقة من المصالح العليا لليمن، وعلى اساس التنازلات المتقابلة وبرعاية من الامم المتحدة. وهذا يتطلب العودة الى طاولة المفاوضات، على ان يسبق ذلك ايقاف النار واستخدام السلاح، ووضع حد للتدخل الخارجي.
اننا نسجل هنا موقفنا الرافض للحل العسكري، وتأكيدنا ان لا سبيل الى معالجة مشاكل اليمن الا بالطرق السلمية والوحدة الوطنية، ومراعاة مصالح كافة الاطراف وتشجيعها على حل مشاكلها العالقة. وفي ذات الوقت يتوجب على كل الاطراف الحريصة على استقرار المنطقة، وعلى حق بلدانها في التطور المستقل وادارة شؤونها بنفسها، ان تكف عن التدخل في شؤون اليمن الداخلية والانحياز الى هذا الطرف اليمني او ذاك. لانه اذا امتد هذا الحريق الى خارج حدود اليمن فقد لا ينجو من لهيبه احد.
ان شعب اليمن هو المتضرر الاساس مما يجري، وهو من تلحق به الخسائر الكبيرة في الارواح والممتلكات وفي البنية التحتية، ومن يجري تدمير ما بناه طيلة عشرات السنين. وهذا الشعب المكافح الصابر جدير بان يعيش في ظروف اخرى مختلفة تماما، بعيدا عن قرقعة السلاح وازيز الطائرات ونيران الحرب. نعم، وان يعيش في امان واستقرار، ويبني دولته ومستقبله على وفق ارادة ابنائه الحرة، بعيدا عن الضغوط والاملاءات.