اجواء ايجابية داعمة يتوجب تفعيلها

عقد في بروكسل يوم الثلاثاء الماضي الاجتماع الوزاري للدول الـ 60 الاعضاء في التحالف الدولي المناهض للارهاب، وعلى وجه الخصوص لتنظيم الدولة الاسلامية - داعش في العراق وسوريا. وشارك العراق في الاجتماع بوفد تراسه رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وجاء انعقاد المؤتمر بعد خطوات ايجابية ونجاحات ملموسة تحققت في العراق خلال الفترة الماضية، منها تحرير العديد من المناطق والمدن من سيطرة داعش، واستنهاض روح المقاومة في المناطق التي ابتليت بداء التنظيم الارهابي، والبدء بخطوات واعدة لاعادة هيكلة القوات الامنية وتخليصها من الترهل ومن الفاسدين و"الفضائيين". واخيرا التوصل الى الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، الذي عالج العديد من القضايا المهمة بما يتيح عبور حالة الجفاء والقطيعة الى التواصل والتنسيق، وادامة الحوار الجاد لتذليل ما علق من ملفات.
كما تم اعطاء جرعات من الانفتاح على دول الجوار والاقليم، وجرى عديد من الزيارات واللقاءات بهدف ترطيب الاجواء والعودة بالعلاقات الى حالتها الطبيعية ومراعاة مصالح كل الاطراف.
وفي هذه الاجواء، وبعد التأييد الاقليمي والدولي الواسع لحرب العراق ضد داعش الارهابي، جاء انعقاد مؤتمر بروكسل ليعطي زخما جديدا لهذا الدعم والاسناد، وهو ما عكسته مقررات المؤتمر، والاجواء الطيبة التي سادت اللقاءات الرسمية للوفد العراقي.
ولا شك ان هذا كله يشكل خطوات في الاتجاه الصحيح، لتوفير المزيد من عوامل القوة في معركتنا ضد الارهاب ولاعادة الحياة الطبيعية الى ربوع الوطن. ومن اجل تفعيل هذه الاجواء الداعمة والمساندة، لا بد من مواصلة هذا الحراك الدبلوماسي الخارجي، والضغط في اتجاه ترجمة المواقف المعلنة والداعمة للعراق الى اجراءات ملموسة، وتحويل التعهدات الى افعال، والمضي قدما في تنفيذ ما جاءت به قرارات مجلس الامن، لا سيما القراران 2170و 2178، اضافة الى المساعدة في التخفيف من معاناة النازحين الذين يزيد عددهم عن المليوني شخص، وهم بامس الحاجة الى العون والاغاثة في هذا الوقت بالذات، وقد حل الشتاء وبرده وامطاره. كذلك فان العراق بحاجة الى الجهد الدولي في اعادة اعمار المدن والقصبات التي دمرها داعش، بعد تحريرها منه.
وبات ضروريا السعي الى زيادة وتيرة الاجراءات المتخذة ضد داعش، لا سيما وان المعركة ضده متعددة الابعاد، وتشمل المجالات العسكرية والسياسية والمالية والثقافية والنفسية والاعلامية. ولعل في مقدمة تلك الاجراءات الحيلولة دون وصول الامدادات المادية والبشرية اليه، وحرمانه من مستلزمات التسليح والتمويل، وتطبيق العقوبات بحق الدول التي تتراخى في اتخاذ الخطوات المطلوبة في هذا الشان، ووفقا للقرارات الدولية ذات العلاقة.
وفي مقابل ذلك وبموازاته تبرز الحاجة الى المزيد من الافعال في الداخل، التي تطمن المجتمع الدولي والمجتمع العراقي الى ان هناك توجها جادا للقطيعة مع ممارسات الفترة الماضية وسوء ادارتها، والى وجود مسعى جدي للتخلص من تركتها الثقيلة، وتوفير الغطاء السياسي الداعم والمستند الى اجواء الثقة والتفاعل والتشاور والعمل المشترك، وانجاز المصالحة الوطنية الحقيقية، وعقد المؤتمر الوطني الواسع باعتباره آلية لمراجعة شاملة للعملية السياسية، والاهتمام بقضايا الناس الاقتصادية والمعيشية، وعدم تحميلهم تبعات ما يخطط له من توجه لاجراءات تقشفية تفرضها الظروف التي يمر بها البلد وقلة الموارد، استنادا الى انخفاض اسعار النفط على الصعيد الدولي.
ان هذه الخطوات وغيرها مما هو ضروري، كفيلة بتمتين الجبهة الداخلية وتأمين تلاحمها، وتعزيز اللحمة الوطنية لاطياف الشعب العراقي، وحماية السيادة الوطنية، وتوفير مستلزمات التصدي للارهاب والانتصار على داعش، وعلى غيره من قوى الارهاب والجريمة المنظمة.