ضرورة التعامل ايجابيا مع مطالب العمال المشروعة

شهدت محافظات بغداد وواسط والديوانية والنجف وميسان وبابل يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين تظاهرات واسعة شارك فيها الآلاف من عمال مصانع النسيج والزيوت والجلود وغيرها من الشركات العامة، التابعة للدولة، احتجاجاً على إيقاف صرف رواتبهم منذ عدة أشهر. وأمهل المتظاهرون الجهات المعنية، وبالأخص وزارة الصناعة، مدة أسبوع لإلغاء القرارات الحكومية المجحفة وصرف رواتبهم المعطلة، وهددوا بالقيام باعتصام مفتوح لحين تنفيذ جميع مطالبهم.
وفي أول رد فعل من جانب الحكومة على هذه التظاهرات ومطالب العمال المشروعة، أعلن مجلس الوزراء أول من أمس قراره صرف راتب شهر واحد للعاملين في الشركات العامة الممولة ذاتياً من خلال المصارف ووفق إجراءات وزارة المالية.
لكن من الواضح ان هذا القرار لا يستجيب للمطالب الأربعة العادلة التي رفعها المتظاهرون وتضمنتها مذكرتهم الموجهة الى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء ومجلس النواب.
وتتلخص هذه المطالب في إلغاء قرار وزارة المالية في 31/12/2013 الذي جعل رواتب منتسبي وزارة الصناعة والمعادن مرتبطة بقروض من مصارف الدولة مع فائدة كبيرة، وصروف رواتبهم ومستحقاتهم دون تأخير, وإعادة النظر بقانون التمويل الذاتي وتحويل الشركات إلى نظام التمويل المركزي، وتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي الوزراء والنواب لوضع حلول مناسبة للمعوقات التي تواجهها هذه الشركات، وتفعيل قرار مجلس الوزراء المرقم 88 لسنة 3013 الذي ينص على إلزام وزارات الدولة كافة شراء منتجات وزارة الصناعة والمعادن حصراً، وتنفيذ قوانين التعرفة الكمركية وحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك.
إن القرار الأخير للحكومة، فضلاً عن كونه لا يستجيب لهذه المطالب المشروعة, فانه لا يتضمن صرف سوى راتب شهر واحد. كما انه محكوم بآليات وزارة المالية.
لذا فان الحكومة لا تزال مطالبة بالاستجابة العاجلة لمطالب عمال هذه الشركات بصرف كامل مستحقاتهم من الرواتب ، واعتبار ذلك من أولويات الموازنة العامة . كما ان على الحكومة إزالة جميع المعوقات التي تحول دون التطبيق السريع لقانون التعرفة الكمركية ، وتفعيل قرار إلزام وزارة التجارة وغيرها من الوزارات بشراء منتجات الشركات العامة، وان تتحمل الدولة مسؤوليتها في مواجهة الأعباء الإضافية التي فرضت على هذه الشركات فزادت من تكاليف إنتاجها وأضعفت قدرتها في منافسة المنتجات الأجنبية، وذلك بتحويلها إلى تمويل مركزي أو باتخاذ إجراءات دعم أخرى. فعلى مدى أكثر من عشر سنوات أدت السياسة الحكومية التي اتبعت تجاه الشركات المملوكة للدولة إلى حرمان الاقتصاد الوطني من الطاقة الإنتاجية التي تمتلكها هذه الشركات ، ومن خبرات فنية وهندسية كبيرة يحتاجها البلد حاجة ماسة. وفي المقدمة من هذه الاجراءات تأهيل الشركات المذكورة في نطاق مراجعة شاملة للسياسة الاقتصادية واعطاء الاولوية لتنوع القاعدة الانتاجية الوطنية .
كما ان مجلس النواب مدعو للوقوف إلى جانب المطالب المشروعة لعمال الشركات العامة الممولة ذاتياً ومطالبة الحكومة بتلبيتها. ذلك ان تأمين مستلزمات الحياة الكريمة للعمال وقوت عائلاتهم في الظرف الاستثنائي الحالي الذي تمر فيه بلادنا ، هو أحد شروط تعبئة طاقات شعبنا وتمكين كل شرائحه من التلاحم في أوسع اصطفاف وطني لمواجهة الهجمة الأرهابية الشرسة التي تهدد كيان الوطن ونسيجه الاجتماعي.
والى حين الاستجابة لمطالبهم المشروعة ، يحق للعاملين في شركات التمويل الذاتي ممارسة حقهم الدستوري الديمقراطي في التظاهر السلمي، والاستمرار في الضغط على الحكومة حتى تحقيق مطالبهم. وسيحظى هذا الموقف العادل بدعم وتضامن كل فئات شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية.