الاتفاق النووي .. خطوة في الاتجاه الصحيح 28 تشرين الثاني 2013

اخيرا توصل الطرفان، الايراني ومجموعة 5+1 الدولية، الى اتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني. وبذلك تمت ازالة خطر جدي، كان يتهدد المنطقة في اية لحظة، خصوصا وان اطرافا فيها، وفي المقدمة اسرائيل، فعلت كل ما تستطيع للحؤول دون الوصول الى هذه النتيجة، التي جاءت في المحصلة النهائية لمصلحة شعوب المنطقة جميعا، ولخدمة استقرارها وامنها.كما جنبتها مخاطر صراع دولي عسكري هي في غنى عنه، لا سيما وانها لم تتعافَ بعد من الحروب التي اندلعت على اراضيها. فضلا عن بقاء القضية الفلسطينية ملتهبة نتيجة تعنت اسرائيل وغطرستها وعدوانيتها، وتنكرها لمصالح الشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولته على ارض وطنه .
وليس ما تحقق ببعيد عن التغيرات في الرئاسة الايرانية، والنهج الجديد في الانفتاح على العالم والتحلي بالمرونة وتغليب مصالح الشعوب الايرانية، وانكفاء دعاة التشدد من ذوي الرؤوس الحامية. لكنه مرتبط ايضا بمجموعة من التطورات الاخرى، وما افرزت من معطيات على الصعيدين الاقليمي والدولي .والبارز هنا هو ما يحصل في سوريا، وما يتغير على الارض يوميا رغم التدخل الخارجي الواسع غير المرغوب فيه. فيما تبقى مصالح الشعب السوري وآماله في الامان والاستقرار والحياة الحرة الكريمة والعيش الرغيد في فضاءات الديمقراطية، معلقة بانتظار الحسم والتحقق .
على ان الجلي للعيان هو ان امريكا غير راغبة في خوض صراعات عسكرية جديدة في المنطقة، خصوصا بعد تجاربها المرة في افغانستان والعراق، وما تركته من آثار وماسي، نالت من الشعب الامريكي نفسه، وانعكست سلبا في حياته ومستوى معيشته، عبر الانفاق العسكري الهائل، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، والصراع المرير الذي خاضه اوباما من اجل الحفاظ على مشروعه للرعاية الصحية، وتعطل الدولة الامريكية بسبب عدم اقرار الموازنة الاتحادية، فيما لا تزال تعاني من عدم القدرة على تجاوز تبعات ازمتها الاقتصادية والمالية التي امتدت لتشمل العالم الراسمالي باجمعه .
لا شك ان ما تحقق هو خطوة في الاتجاه الصحيح. خطوة مرحب بها، تدلل على اهمية الحوار البناء وجدوى تقديم التنازلات المتقابلة، وإبداء المرونة، واعتماد الحلول السلمية والدبلوماسية للمشاكل القائمة، سواء بين البلدان او على الصعيد الاقليمي او الدولي . وهو نهج يستجيب لمصالح الشعوب ويجنبها شرور الحروب ومآسيها .
وهنا لا بد من ان تحرص الاطراف المعنية كافة على التنفيذ السليم لما تم الاتفاق عليه، والتقيد بالتوقيتات الزمنية المقررة، وكبح سعي الصقور ودعاة الحروب الى تأجيج الخلافات والنفخ فيها والعودة بالامور الى المربع الاول .
واذ يتوجب على كافة دول الاقليم اغتنام هذه اللحظة، وتطويرها لصالح شعوب المنطقة، ولضمان تطورها وحقها في اختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق الامن والسلم والتقدم لها، فان على الحكومة العراقية ومسؤوليها بذل الجهد في هذا الاتجاه، والسعي الى اقامة علاقات متوازنة متكافئة مع دول الجوار والعالم، وتجنيب بلدنا مخاطر التدخلات الخارجية في شؤونه، والتحسب لما ستجلبه الايام القادمة من احتمالات وتغييرات في المشهدين الاقليمي والعالم، بما يحفظ وحدة العراق ونسيجه الاجتماعي، ويحقق الامن والاستقرار والسلام الوطيد فيه، وبما يؤمن اعمار الوطن، وتقدمه، وبناءه الديمقراطي السليم.