بداية الإصلاح والتغيير قانون انتخابي عادل

يواصل مجلس النواب والكتل والأحزاب السياسية مناقشة قانون انتخابات مجلس النواب القادم، بعد قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية تجيير أصوات الناخبين لصالح قوائم لم ينتخبوها أصلا. جاء ذلك بعد شكوى تقدم بها عدد من النواب والسياسيين للطعن بالتعديل الذي ادخل سابقا على قانون الانتخابات والذي وفقا له جرت انتخابات آذار 2010، وهو ما تسبب في هدر ما يقرب من مليوني صوت تمت سرقتها من الكتل الكبيرة المتنفذة.
على أن المناقشات قد طالت القانون بأكمله وليس فقط البحث في آلية توزيع المقاعد وهو ما قصده قرار المحكمة الاتحادية، وطرحت العديد من القضايا الأخرى التي أريد منها، على ما يبدو، حرف الأنظار والاهتمام عن الموضوع الرئيس في ذلك القرار.
فيجري الحديث الآن عن مسائل أخرى تحتاج إلى تسليط الأضواء عليها ومنها:
- اشتراط أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب حائزا على الشهادة الجامعية. فيما حاليا مطلوب منه ان يكون حاملا للشهادة الإعدادية، وهو ما جرى تبنيه بعد نقاش سابق؛ إذ قيل في وقتها انه لا يصح حرمان من فاتته فرصة تكملة الدراسة الجامعية، وخصوصا من المناضلين والمجاهدين ضد النظام الدكتاتوري المقبور؛ من حق الترشح ونيل عضوية مجلس النواب وإتاحة الفرصة لهم للإسهام في بناء بلدهم، وان يفسح في المجال، ايضا، لمختلف الشرائح الاجتماعية للمشاركة ولا سيما من العمال والفلاحين، مع الاشارة الى ان بعض المجالس في بلدان اخرى تخصص نسبة ?هم بهدف التنوع والاغناء، وهم الذين عركتهم الحياة بتجاربها والأقرب الى هموم الكادحين والناس وتبنيها والدفاع عنها، إضافة الى ما يملكه العديد منهم من وعي ومعرفة وخبرة قد تفوق غيرهم من حملة الشهادات. فلا نرى، من وجهة نظرنا موجباً لهذا التحديد القسري غير المدروس والمتعالي على صناع الحياة هؤلاء، صناع الخيرات المادية، إضافة الى ان كل لجان مجلس النواب لديها عدد غير قليل من الاستشاريين المتخصصين.
- ومن جديد أثيرت زوبعة المطالبة بحرمان مكتسبي الجنسية الأجنبية من الترشيح لمجلس النواب، وهنا أيضا يتم تجاهل الظروف التي أجبرت العديد من السياسيين العراقيين على اكتساب تلك الجنسية، ونذكر بان النظام الدكتاتوري المقبور قد حرم معارضيه من الحصول على الوثائق العراقية، وما زال البعض حتى الآن لم يسترجع كافة حقوقه كمواطن عراقي. إن هذا الاشتراط في هذا المقطع الزمني لا يعني عمليا سوى حرمان العراق من مئات الكوادر الوطنية المجربة والمخلصة للعراق الجديد وبناء تجربته الديمقراطية الوليدة. ولأمر غريب هذا السعي لتشتيت اهتم?م الناس في هذه الأوقات بالذات بعد العجز المتواصل في مجالات عدة، وتواصل الأزمة السياسية وانعكاساتها على تدهور وانتكاسات الوضع الأمني المتكررة وسوء الخدمات، خاصة وان المادة ( 18 / رابعا) من الدستور قد حسمت الأمر وأشارت بوضوح الى "يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصبا سيادياً أو امنياً رفيعاً، التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون "فلم هذا الضجيج، ولم هذا التوسع بمن تشملهم هذه المادة؟ ثم أين هو القانون المنسجم مع روح هذه المادة الدستورية وبعيدا عن الاستعراضات الدعائية. وان كان البعض يبرر?ذلك بهروب مسؤولين يحملون جوازات أجنبية بعد اتهامهم بالفساد، فأمر مضحك حقا حيث يفترض ان يكون السؤال: من سمح لهؤلاء بالمغادرة؟ والأجدر أن يحاسب من فعل ذلك وسهل أمر هروب المفسدين لا أن يجري التعميم الخاطئ بالاتهام الذي يعد مخالفة قانونية ودستورية، فضلا عن مخالفته حقوق الانسان.
- ومن غير المفهوم، كذلك هذا الخوف والتردد من ان يضم مجلس النواب عددا من الشباب لتمثيل هذه الفئة العمرية الزاخرة بالحيوية والطاقة عبر إصرار البعض على إبقاء عمر المرشح لا يقل عن 28 سنة، فيما المطالبة الواسعة تريده أن يكون 25 سنة. والشاب بهذا العمر، وبكل المقاييس، يعتبر ناضجا ويستطيع أن يتحمل المسؤولية. فعَلامَ الخوف والقلق من بضعة أعداد من الشباب يمكن أن يكونوا أعضاء فاعلين في مجلس النواب القادم تشيع الحماس والهمة؟
وإذ تتواصل المناقشات ويريد البعض خنق الأصوات واحتكار التمثيل وتضييق المشاركة والضيق بالآخرين بذرائع واهية مفتعلة، تعكس هلعا وخوفا من رأي الناخب عندما تتوفر له حرية الاختيار الكامل ووفقا لإرادته الحرة، ونظام انتخابي عادل ومنصف يضمن عدم سرقة صوته وشفطه؛ فإننا نجدد الدعوة الى تبني قانون انتخابي عادل يضمن حق الجميع في المشاركة الفاعلة وتوسيع دائرتها، وبآليات واضحة ديمقراطية ودستورية، تفسح في المجال الى ان يكون مجلس النواب القادم ممثلا حقيقيا لشرائح المجتمع وفئاته المختلفة ويعكس تعدديته السياسية والقومية والدين?ة وتعزيز الوحدة الوطنية وتلاحم أبنائه ونسيجه الاجتماعي. وما يساعد على تحقيق ذلك هو أن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة والأخذ بالقائمة الوطنية والنسبية، واعتماد نظام عادل لتوزيع المقاعد وثبت أن "سانت ليغو" يلبي ذلك وهو الأقرب الى روح قرار المحكمة الاتحادية والدستور.