لا لطريقة " دو هونت " سارقة الأصوات!

يتواصل الجدل حول قانون انتخابات مجلس النواب القادم. واذ لم تعد تفصلنا الا اشهر عن الموعد المقرر لاجرائها، فان مجلس النواب مطالب بحسم الامر عبر انسجام تام مع قرار المحكمة الاتحادية، كي يبدأ التوجه نحو الإعداد الفعلي لها، وكي تقول الناس كلمتها عبر صناديق الاقتراع في اختيار الافضل والاحسن، واستبعاد ناكثي الوعود، ومن تدور حولهم شبهات الفساد، فضلا عن الخاملين والمتلكئين.
إن على مجلس النواب، خصوصا وعلى وجه التحديد، تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية الذي قضى بعدم دستورية تجيير أصوات الناخبين الى قوائم لم ينتخبوها اصلا، مما يشكل مصادرة لارادة الناخب الحرة ولحرية الاختيار، وانتهاكا للدستور وما كفل من حريات المواطن.
وكون مجلس النواب يمثل اطياف والوان الشعب العراقي، فان من صلب مهامه مراقبة اداء السلطة التنفيذية وتشريع القوانين بما يدعم التوجه لبناء عراق ديمقراطي اتحادي مستقل ومستقر، يضمن مصالح جميع ابنائه، وليس مراعاة مصالح هذه الكتلة او تلك على حساب المصلحة العامة للبلد.
وهذا يوجب على مجلس النواب ايجاد آلية تحفظ حقوق وحريات المواطنين، وتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية شكلا ومضمونا، دون التفاف او دوران او محاولة لتكرار سرقة اصوات الناخبين تحت عناوين جديدة من الآليات، مثلما يجري الحديث الآن عن طريقة "دو هونت". فالمؤشرات المتوفرة لدى خبراء في الانتخابات وجهات وطنية ودولية، ان هذه الطريقة تتيح نقل اصوات من المرشحين غير الفائزين الى الكتل الفائزة وبنسبة عالية. وهذا يتعارض مع مضمون قرار المحكمة الاتحادية، ويعني اعادة الاجواء ذاتها التي جرت فيها انتخابات 2010 ، وقد رفضته المحكمة في قرارها الذي اعاد الحقوق المغتصبة من جانب الكتل الكبيرة من دون وجه حق او مسوغ قانوني. وها هم اليوم يريدون اعادة الكرة لمواصلة الهيمنة والتفرد والتضييق على الآخرين.
ان طريقة " دو هونت " التي يبشر بها البعض، ليست هي ما يتطلع اليه الناس الذين سبق ان شاركوا في حملة واسعة تحت عنوان "لا تسرق صوتي" في مسعى لاعادة الامور الى نصابها. وهو ما استجابت له المحكمة الاتحادية، التي تقع عليها الآن مسؤولية كبيرة في مراقبة ومتابعة تنفيذ قرارها، وضمان عدم حصول التفاف عليه تحت عناوين جديدة براقة.
كما ان الناس الذين رفضوا مصادرة اصواتهم وتجييرها لغير من انتخبوهم، لا بد لهم ولمنظمات المجتمع المدني وهيئات الرأي العام، من مواصلة الضغط والتحرك لضمان التنفيذ السليم لقرار المحكمة الاتحادية من قبل مجلس النواب، بعيدا عن ضغوط الكتل الكبيرة الساعية الى تأمين مصالحها غير المشروعة ونفوذها، ولتهميش الآخرين لا سيما القوى المدنية والديمقراطية.
ومن هنا ضرورة انطلاق واتساع حركة معارضة لطريقة "دو هونت" السارقة لاصوات الناخبين، وان تشمل هذه الحركة النواب الذين سبق ان عارضوا "تشريع سرقة الاصوات" ووقفوا في وجهه. وهو ما يؤمل ايضا من الكتل والاحزاب والشخصيات، التي تريد انصاف القوائم الانتخابية، صغيرة وكبيرة، وضمان حصولها على حصتها من المقاعد على وفق استحقاقها الفعلي، وفي ان يكون مجلس النواب القادم ممثلا حقيقيا لجميع اطياف الشعب العراقي.
إن طريقة "سانت ليغو" التي اهتدى اليها مجلس النواب وطبقت في انتخابات مجالس المحافظات، عادلة نسبيا وفقا للخبراء والمختصين ذاتهم. وهي الاكثر توافقا مع قرار المحكمة الاتحادية العليا، الذي عبر مجلس النواب عن الحرص على الالتزام به وتطبيقه.