متى ينفذ مجلس النواب قرار الاتحادية ؟

تتواتر النقاشات وتتوالى التصريحات بشأن قانون الانتخابات البرلمانية القادمة، وتشعب الجدل حتى شمل مواضيع تتصل بالقائمة وما اذا تكون مغلقة ام مفتوحة، وبما اذا يكون العراق دائرة انتخابية واحدة ام دوائر متعددة؟
ومفهوم ان هذه الأمور جميعا لا تتعلق على نحو مباشر بالقضية التي اثارها قرار المحكمة الاتحادية. فهذا القرار قضى في حينه بخطأ ولا دستورية استحواذ الكتل الفائزة على اصوات الناخبين الذين لم يصوتوا لها، عادا اختيار المواطن من يريد وفقا لارادته الحرة، انتصارا للدستور. وجاء ذلك ردا على استحواذ الكتل المتنفذة من دون وجه حق على أكثر من مليوني صوت لناخبين منحوها الى القوائم غير الفائزة. وقضت المحكمة بوضع حد لسرقة الاصوات ولتجييرها الى من لا يستحقونها. وطالبت مجلس النواب باختيار الآلية المناسبة لملء المقاعد الشاغرة، وبما ينسجم مع قرارها المستند الى روح الدستور.
وتكرر الامر نفسه في انتخابات مجالس المحافظات، حتى اهتدى مجلس النواب الى آلية " سانت ليغو " في توزيع المقاعد، التي اثبتت نجاعتها وعدالتها وضمنت للكل مقاعد على وفق حقهم واستحقاقهم، مفسحة في المجال لمشاركة اكبر وتمثيل اوسع. وهو ما حظي برضا المواطنين الذين توجهوا الى صناديق الانتخابات وهم مطمئنون الى ان اصواتهم مصانة ولن تصادر منهم.
لكن بعض الكتل السياسية عبّر صراحة عن انزعاجه وتبرمه البالغين من هذه الآلية، وصب جام غضبه عليها وحملها مسؤولية تراجع اصواته ومقاعده. الا انه، وخلافا لما يدعيه هذا البعض، فان سانت ليغو لم تظلم أحداً، وكل ما في الامر انها ضمنت وصول اصوات الناخبين الى القوائم التي صوتوا لها، ومنعت تحويلها الى غيرهم.
على هذا فان طريقة سانت ليغو لا تتحمل مسؤولية ما انتهت اليه تلك الكتل، التي كان حريا بها ان تراجع مسيرتها هي واداءها، لا ان تلقي اللوم على هذه الآلية المحايدة. وان التصريحات الصادرة عن البعض ليست الا سعيا لذر الرماد في العيون، واخفاء حقيقة الامر، وحرف الانظار نحو قضايا اخرى ليست من صميم قرار المحكمة الاتحادية.
فهل يريد هذا البعض العودة ثانية الى سرقة اصوات الغير؟
ان مجلس النواب مطالب بالاستجابة الى قرار المحكمة الاتحادية، وبايجاد الآلية المناسبة لتأمين متطلبات القرار وحفظ اصوات الناخبين، ولضمان عدم ضياعها او سرقتها ثانية تحت اية ذريعة او عنوان. ومن المفترض ارتباطا بهذا ان لا يتشعب النقاش ولا يجري خارج سياق قرار المحكمة الاتحادية، مما قد يضيّع حق الناس في توفير آلية عادلة لتوزيع المقاعد . وقد يوهم هذا التشعب والتشظي المواطنين بان هناك صراعا على امور، جرى في الواقع حسمها في القانون نفسه الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب سنة 2010 .
ان على المواطنين التنبه الى حقيقة ما يجري، والسهر على ان لا يضيع حقهم وسط سجالات غير مطلوبة بين الكتل السياسية المتنفذة، التي يبدو حتى اللحظة انها حريصة كل الحرص على مصالحها الخاصة وعلى ضمان نفوذها، حتى اذا تطلب ذلك شفط اصوات الناخبين غير المصوتين لها، بدون أي مسوغ قانوني ودستوري .
ان القضية واضحة ساطعة سطوع شمسنا هذه الايام. فالمطلوب هو تعديل آلية توزيع المقاعد وفقا لقرار المحكمة الاتحادية، وقد اثبتت " سانت ليغو" انها تلبي متطلبات هذا القرار، وبما يحقق العدل والانصاف. وما من موجب - في كل الاحوال - لتصديع رؤوس الناس بقضايا تحرف اهتمامهم وتشغلهم بما هو غير مطلوب اساسا.