لا بديل عن إدامة زخم الحراك

تفاءلت الناس وقد لاح امامها بصيص امل، بعد ان ضيّف السيد عمار الحكيم اللقاء الرمزي لقادة الكتل السياسية، وبعد ما شهده ذلك اللقاء من كسر للجمود، وسعى لوصل ما انقطع من علاقات ولاعادة المياه الى مجاريها الطبيعية، بأمل ان يسهم ذلك في الدفع نحو مخارج للازمة المطبقة على البلاد.
وجاءت بعد ذلك الخطوة الاخرى في الاتجاه الصحيح ، رغم تأخرها ، والمتمثلة في انعقاد جلسة مجلس الوزراء في اربيل في اجواء جديدة من العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، تمخضت عن الزيارات المتبادلة وتوصل الجانبين الى تفاهمات حول العديد من الملفات العالقة. فيما تميز لقاء السيدين المالكي والبارزاني بأهمية خاصة في مسار العلاقة بين الطرفين.
ويدرك الناس المكتوون بنار الازمة بجوانبها المتعددة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية ، فضلا عن الجانب الامني ، اهمية هذه الخطوات. خاصة وانهم لمسوا الانعكاس السلبي لتشنج العلاقات بين الكتل السياسية ولحالة الجفاء والقطيعة والتصعيد الاعلامي وتبادل الاتهامات والمناكدات ، على اوضاع البلد وعلى تنفيذ مؤسسات الدولة واجباتها واداءها لها، كما على حياة الناس وامنها .
ان هذا الذي تحقق ليس قليلا دون ريب، ولكنه غير كاف قطعا لمعالجة ما تراكم من صعوبات واشكاليات. والمهم ان بالامكان التأسيس عليه في اجراء مزيد من اللقاءات والحوارات والتفاهمات، الهادفة الى مواصلة تحريك الاجواء وادامة زخمها، والسعي الجاد والمسؤول انطلاقا من مصالح الشعب والبلد العليا، الى دفعه قدما، والارتقاء به الى مستويات جديدة نوعية.
ان التهدئة مطلوبة لاجل المراجعة والتدقيق وفسح المجال للمزيد من الحوارات الثنائية والمتعددة، لكننا ونحن نلح على تحقيقها ندرك جيدا انها ليست الحل المرتجى للازمة، وان الوصول الى هذا الحل يتطلب جهودا مضاعفة.
ان من واجب الجميع التمسك بما تحقق، وعدم السماح باضاعته تحت ضغط الخلافات وتباين الاجتهادات وحالة الصراع على المناصب في الحكومات المحلية ومجالس المحافظات. فكل شيء ينبغي ان يخضع لما هو اشمل في الصالح العام، بعيدا عن التطلعات الآنية الضيقة .
لقد تعبت الناس من الانتظار، وهي تريد رؤية انجازات ملموسة ودفعا في اتجاه معافاة الوضع ودعما لطموحها المشروع في حياة حرة كريمة، آمنة ومستقرة وهانئة، وفي التقدم بخطوات ملموسة نحو حل ما تراكم من ازمات ومشكلات.
وفي كل الاحوال يبقى مطلوبا التركيز على معالجة اس الازمة الشاملة، المتمثل في المحاصصة الطائفية الاثنية، وانقاذ البلاد منها، وفتح فضاءات رحبة تفضي الى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية .