حذار من الفتنة الطائفية!

شهد الملف الامني في الايام الماضية تداعيات مقلقة. فقد توالت، في محافظات عدة، العمليات الاجرامية الوحشية، من تفجيرات واغتيالات وغيرها، مع استهداف متزايد للحسينيات والجوامع. وبات واضحا ان ما يحصل ليس عمليات ارهابية متفرقة، كالتي كانت تقع هنا وهناك. فنحن ازاء مخطط تصعيدي ، لا يخفى هدفه المتمثل في اثارة الحساسيات وتأجيج المشاعر ودفع البلاد الى اتون فتنة طائفية مقيتة، لن يبقى احد في مأمن من نيرانها اذا اندلعت.

وقد سبق لنا ان نبهنا الى تعاظم دور المليشيات و"الجيوش" على اختلاف مسمياتها ومنحدراتها واصولها ، وحذرنا من دورها غير المرغوب فيه على الاطلاق ، واكدنا اهمية التصدي الحازم لها، وعدم السماح، مهما كانت المبررات والدوافع، بان تحل محل الدولة ومؤسساتها، او ان تصادر القانون وتأخذه بيدها، لان ذلك سيجلب الفوضى والدمار ويؤدي الى ازهاق المزيد من الارواح.
وفي المقطع الزمني الراهن والخطير، لا بد لنا من تكرار التحذير من عواقب ما حصل وقد يحصل مجددا، من قتل عمد وحتى ابادة بدم بارد لعشرات الناس مرة واحدة، وبما قد يفضي الى احتراق الاخضر واليابس . ولم يعد مقبولا بمقاييس مصلحة الشعب والوطن، ان تواصل القوى المتنفذة تقاذف الاتهامات واعتماد لغة التهديد والتصعيد، بدل الانتباه الى المخاطر المحيقة بالبلاد والنهوض بمسؤوليتها في العمل معاً على درئها.
ما اشد الحاجة في هذه اللحظات الاستثنائية الى صوت العقل والحكمة، والى دور السياسيين ورجال الدين والشخصيات الاجتماعية والثقافية وكل الخيرين الحريصين على استقرار البلد وامنه ، في التهدئة والحث على ضبط النفس والتصريحات، وعلى تجنب التصعيد، وعدم التعامل بمنطق ردود الفعل، وتغليب مصلحة البلد على مصالح المنطقة والطائفة والمصالح الشخصية والفئوية والحزبية الضيقة .
كما ان من واجب الدولة ومؤسساتها، لا سيما مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية، العمل الجاد على وقف التداعيات السلبية، والمبادرة الى تهدئة الامور، والدعوة الى فتح قنوات التواصل والحوار، والاستجابة لمطالب الناس العادلة على الفور ، والحذر من زج القوات الامنية والعسكرية في اتون الخلافات السياسية، التي لا بد من ايجاد قنوات سلمية ودستورية لمعالجتها، بما يجنب البلاد المزيد من التوتر والتصعيد، اللذين لا طاقة بعد لها ولابنائها على تحمله .
ان الفتنة محدقة!
فلنعمل جميعا ، كل من موقعه ومسؤوليته، على وأدها في مهدها، او – في الاقل – ابعاد شبحها!