تحرير الموصل.. إنجاز وطني كبير يتوجب الاستفادة منه / الأحد, 02 تموز/يوليو2017

يغمر العراقيين شعور بالفرح مع اقتراب موعد النصر الحاسم على عصابات داعش الإرهابية ودحرها عسكرياً، فما تحقق هو إنجاز وطني كبير يتوجب الاستفادة منه حتى استعادة الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لكامل ربوع الوطن.
وإلى جانب هذا، يظل الحزن عميقاً على الشهداء والضحايا من المدنيين وأبناء قواتنا المسلحة على اختلاف صنوفها، الجيش والشرطة وقوات مكافحة الاٍرهاب والتدخل السريع، والمتطوعين في صفوف الحشد الشعبي، والبيشمركة، وأبناء المناطق التي ابتليت بداعش.
ويبقى الألم ماثلاً لفقدان معالم حضارية وأثرية لا تعوض، ولما لحق بالمدن والقصبات والقرى التي تحررت وآخرها الموصل الحدباء من دمار هائل. وتبقى مأساة النازحين تدمي القلب وهم ما زالوا حتى الان يعيشون في ظروف غاية في القسوة.
وما زالت في الاجندة قضية تحرير ما تبقى من مدننا المغتصبة من الدواعش المجرمين. ولإنجاز ذلك يتوجب ان تتخذ كافة الإجراءات الضرورية، وان توظف الخبرة المتراكمة في مواصلة زخم الانتصارات المتحققة. ففي ذلك وفاء للضحايا، وقطع للطريق على فلول داعش المنهزمة ومنعها من ان تتخذ من تلك الأماكن موطئ قدم جديد لها ، او لغيرها من تنظيمات الاٍرهاب .
وتلح الحاجة الى إطلاق حملة إعمار واسعة لإعادة بناء ما دمره داعش عن قصد وعمد ، وما تأثر جراء العمليات العسكرية ضد التنظيم الإرهابي ، وان يكون ذلك على راس أولويات السلطات ومهامها ، تنفيذية وتشريعية ، وعدم اخضاع ذلك الى اجندات وحسابات الربح والخسارة سياسيا .
وأصبح ملحا إعطاء الأولوية الى تسهيل عودة النازحين والمهجرين وتأمين الخدمات لهم ، وإعادة تحريك عجلة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة من دون إبطاء. فلا معنى لتحرير الأرض مع ترك الانسان يعاني الجوع والعطش والمرض والبطالة والعوز وحرارة الصيف اللاهبة .
وبما ان داعش تنظيم إرهابي مجرم قاتل ومدمر ، فهو لن يتورع عن اللجوء الى كل الأساليب القذرة لتعويض خسارته ورفع معنويات عناصره، وقد يبحث عن المناطق الرخوة لينفذ منها ويبدأ بتنفيذ مآربه وممارسة هوايته !
ولقد آن الاوان لإدراك حقيقة ان الاٍرهاب لم يهزم بعد، وما زال امامنا الإقدام على العديد من المقاربات والتدابير. وفي مقدمة ذلك ان نعتبر بما حصل ونتعلم منه، وان نقوم بمراجعة ما وقع، ونحول دون تكرار المأساة بأشكال اخرى وعناوين مغايرة.
ومن أولويات ذلك، هو العناية بالجهات التي تتولى مسك الأرض، من حيث الاهلية العسكرية والكفاءة والنزاهة وقدرتها على حسن التعامل مع الأهالي بعيداً عن التحيز الطائفي أو القومي والمناطقي. بل وتحسس معاناتهم والتعامل معها بمسؤولية.
إضافة إلى اتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع أو الحد من الممارسات الانتقامية والثأرية، التي بدت بوادرها تبرز عبر وقوع حوادث قتل وتهجير لبعض الأفراد والعوائل. إذ لا بد للقضاء أن يأخذ دوره في محاسبة المتورطين بدعم تنظيم داعش الإرهابي، وله القول الفصل في ذلك.
ولابد للمبادرات المجتمعية أن تتواصل لرفع معنويات أهالي المدن المحررة، والمساعدة في اندماجهم اجتماعياً بعد عزل قسري طال سنوات.
ومن جانب اخر، لا مبرر بعد اليوم لعدم فتح ملف تسليم الموصل الى الدواعش وتقديم من تسبب في تلك الكارثة الى القضاء ، أيا كان اصله وفصله وموقعه ومسؤوليته في الدولة، مدنيا ام عسكريا. فلا يمكن القبول بعد كل ما جرى ببقاء هؤلاء طلقاء، وفوق ذلك يفترون على الناس ليل نهار للتغطية على فعلتهم الشائنة.
نعم، ان ما تحقق يبقى نصرا عسكريا كبيرا، لكنه لوحده لن يحقق مخرجا سياسيا للأزمة التي تلف البلد ، ولن يكون عنصرا ضامنا لانفراج قادم. مع ان من الممكن الاستناد اليه، ان توفرت النوايا الصادقة، لاحداث الانعطافة المطلوبة والملحة والواجبة في مسار الحياة السياسية في بلدنا.
ان هذا النصر المؤزر سيوفر لابناء شعبنا فرصة جديدة لحراك أوسع واشمل، يركز على أس البلايا للخلاص من الفاسدين والمفسدين والمرتشين، ومن نظام المحاصصة الذي وفر لهم الحماية ولا يزال.
ان فرحتنا بالنصر يجب ان لا تنسينا لحظة واحدة عوامل نكسة ١٠ حزيران ٢٠١٤ ولا من كان يقف وراءها !