لا أجدى من الحوار والحلول الداخلية / 20 كانون الثاني 2016

قاطع نواب تحالف القوى الوطنية ووزراؤه، يوم امس الثلاثاء، جلستي مجلس النواب ومجلس الوزراء ، تنفيذا للقرار الذي اتخذته "هيئة التنسيق للمحافظات الغربية" بعدم المشاركة في الجلستين.
ونُقل عن قيادي في التحالف قوله ان ذلك يأتي "كرسالة احتجاج على ما جرى في قضاء المقدادية". وحسب ما نسب اليه فان التحالف ماضٍ كذلك في "طلب الحماية الدولية لمحافظة ديالى وغيرها من المحافظات" وانه ابلغ ممثل الامم المتحدة بذلك الطلب.
لا بد القول تعقيبا على هذه التطورات، ان ما حدث في المقدادية من استباحة وجرائم تخدم داعش والقوى المنفلتة الكارهة للاستقرار والتعايش الاخوي، جدير بأشد الاستنكار. لا سيما وهو يأتي في اجواء تأجيج الصراعات الطائفية في العراق والمنطقة، تحقيقا لمشاريع لا مصلحة للشعب العراقي فيها، وتجعل من ساحته ميدانا لتصفية حسابات وخدمة مصالح اجنبية.
وازاء ذلك يتوجب اتخاذ اجراءات حكومية جادة، لضمان الامن في البلاد، وقطع الطريق على اي شكل للفوضى، ولانتهاك حرمة القانون والنيل من هيبة الدولة، من اي طرف وتحت اي مسمى.
كما يتوجب ان تتضمن الاجراءات معاقبة المسؤولين عن الجرائم المقترفة، وفضح منفذيها والمحرضين عليها واحالتهم الى القضاء.
كذلك تفعيل مبدأ ان لا سلاح خارج سلطة الدولة، وتحلي جميع المؤسسات العسكرية والامنية بالانضباط وتقيدها بالقانون، وإيقاف اي تجاوز او خرق من جانب العناصر المنفلتة والميليشيات المتطرفة.
كما تبرز الحاجة الى المزيد من الحواروالتعاون الايجابي بين القوى السياسية المعنية، لمعالجة الامور جذريا وإزالة الشكوك المتبادلة وتعزيز الثقة. وذلك وفقا للدستور وعلى اساس ضمان تنفيذ القرارات ورفض التسويف والمماطلة. هذا الى جانب العمل على التوصل الى قناعات مشتركة في شأن الحلول الممكنة والواقعية للمشاكل.
ومن الخطأ الاعتقاد ان هناك ضمانة افضل يمكن ان توفرها الحلول الدولية والاقليمية، وقد بينت التجربة العالمية والعراقية على حد سواء، ان التدخلات الخارجية ايا كان مبررها، لن تمر من دون ثمن باهض على حساب سيادة الوطن ومستقبل الشعب. ومن ثم يبقى الحل العراقي الداخلي، واعتماد الجهود العراقية والمؤسسات العراقية، الوسيلة الاضمن والاجدى لحل المشكلات.
فلا مسوّغ إذن لاستسهال التدويل. وهذا لا يعني بالطبع عدم احترام تقارير المنظمات الدولية وخلاصاتها، خصوصا المتعلقة منها بحقوق الانسان.
ومن هنا فاننا نشدد على بذل جهود فعالة وبناءة لتعديل مسار العملية السياسية، على اساس تقويم تجربتها ونبذ اخطائها وخطاياها، وفي مقدمتها تفشي وباء الطائفية السياسية وثمرتها المسخ المتمثلة في المحاصصة الطائفية – الاثنية .. ونعتقد ان هذه المساعي يجب ان تركز على التخلص من هذين المنهج  والمنظومة المدمرين، وذلك عبر توحيد جهود كل القوى الخيّرة والوطنية المخلصة، وليس بالتصعيد من خلال اشكال المقاطعة وتعطيل عمل المؤسسات الشرعية، من دون ان يعني ذلك باي حال حرمان الجهات المعنية من حق الاحتجاج والتعبير عن الغضب ازاء الخروقات والتجاوزات والجرائم المرتكبة، بالطرق الشرعية.
ان الظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا وعموم المنطقة، تفرض التحلي بأعلى درجات المسؤولية، وضبط النفس، وتعزيز الوحدة الوطنية، لتجاوز المحنة وشق الطريق المضمون لتعزيز بناء الدولة العراقية ومؤسساتها الديمقراطية، ولسد اي منفذ يتيح توظيف الاحداث بما يخدم المشاريع التخريبية، الهادفة الى إلهاب السعار الطائفي.