مشروع التغيير .. رؤية واضحة للخلاص.. وعمل دؤوب / الخميس, 02 آذار/مارس 2017

فيما يقترب موعد تحرير اراضي وطننا كاملة من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، تتعاظم الحاجة إلى بناء الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما يؤسس لدولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، ويحدث قطيعة مع النهج الطائفي والاثني الذي حكم البلاد طيلة السنوات الماضية، وتسبب في ازمة بنيوية شاملة .
وقد واصلت جماهير شعبنا على مدى الأشهر الماضية هبتها الاحتجاجية على سوء الأوضاع المعيشية والخدمية ، منادية بإصلاح النظام السياسي وتخليصه من المحاصصة، ومحاربة الفساد وإبعاد الفاشلين عن مراكز القرار.
لكن القوى المتنفذة في السلطة أبت إلا أن تصم اذانها، متجاهلة اصوات المحرومين من خيرات الوطن الكثيرة، بل وأبت أن تخطو خطوة جدية واحدة على طريق مراجعة سياساتها الفاشلة في إدارة الدولة، وما سببت من كوارث ومآسٍ.
وصار واضحاً لدى عامة الناس أنه مهما اشتد الصراع بين الفرقاء المتنفذين، فانهم يلتقون في نهاية المطاف، سياسيا، على أرضية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية الضيقة. وانهم وان اضطروا الى اتخاذ إجراءات إصلاحية محدودة ، فانها تبقى بعيدة عن جوهر المشكلة.
ومع اتساع الفجوة بين عامة الناس والقوى المتمسكة بنهج المحاصصة، جراء تعنت الأخيرة بمواقفها، يبرز مشروع التغيير كحاجة ضرورية وملحة لانتشال البلاد من الواقع المزري، وهو ما تريده وتطالب به قوى وجماهير واسعة .
ويرتكز مشروع التغيير الذي تبناه المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي ، والذي يعتمد الأسس السلمية والديمقراطية، على جملة إجراءات وخطوات تهدف إلى تغيير منظومة الحكم، وتحويلها من طائفية- اثنية تعتمد المحاصصة، إلى مدنية تقوم على المواطنة، فتكون قادرة على الاستجابة لكافة التحديات التي يواجهها العراقيون كافة، دون تمييز .
كما يرتكز المشروع على تراكم الوعي لدى الغالبية المسحوقة والمتضررة من أبناء شعبنا، الذين ساهم قسم كبير منهم في الحراك الاحتجاجي، وخاضوا ولا يزالون مواجهة شجاعة مع الفاسدين في السلطة، الذين استخدموا شتى الوسائل لترهيب الناس وإسكات أصواتهم.
واليوم، مع اتساع الحراك الشعبي المطلبي واتخاذه اشكالا عدة، تكتسب الانتخابات المقبلة، المحلية والبرلمانية، أهمية كبيرة باعتبارها إحدى أدوات التغيير السلمي الديمقراطي.
ويكشف الصراع الدائر حول تركيبة المفوضية وطبيعة قانون الانتخابات، حجم الخشية التي تتملك القوى المتنفذة من صعود قوى سياسية غير متورطة في الأزمة، وتشكل معارضة حقيقية لنهجها الفاشل والمدمر .
لهذا فان تشريع قانون انتخابي عادل يؤمّن تمثيلا حقيقا لارادة الناخب، يتصل وثيقا بالتغيير المنشود، بل ويشكل بابا من أبوابه. وليس هذا وحسب، فتغيير سائر المنظومة الانتخابية، بما في ذلك تغيير مفوضية الانتخابات بعيدا عن المحاصصة، وضمان استقلاليتها ومهنيتها ، يعزز ثقة أبناء الشعب بالعملية الانتخابية، وجدواها، ويوسع دائرة المشاركين والفاعلين منهم فيها .
كذلك يرتكز مشروع التغيير على عنصر فاعل في معادلة تصحيح موازين القوى لصالح الجماهير، ألا وهو بناء تحالف سياسي وطني عابر للطائفية، تسهم فيه القوى المدنية والديمقراطية بفاعلية ، ويؤمن بالدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، دولة المواطنة والمؤسسات والقانون، يكون بديلاً مؤثراً في المشهد السياسي.
إن التغيير المطلوب لن يتحقق إلا عبر بناء منظومة سياسية بديلة، تكسر احتكار السلطة المستندة الى الهويات الفرعية وإعادة إنتاجها، وتؤسس لوعي اجتماعي جديد، ولتوجه ثقافي يشكل نفيا لثقافة الفساد والاستبداد، ولنزعات الرجوع الى الماضي المناهضة للحداثة والتنوير، وترسي الاعتراف بالآخر واحترام التعددية والتنوع.
وليس افضل من البديل المدني الوطني الديمقراطي اداة لتحقيق ذلك، ولإعادة بناء الاقتصاد والمجتمع والدولة على اسس جديدة، تجعلها دولة مواطنين احرار.
ان الرؤية الواضحة المستندة الى الاقتناع والعمل الدؤوب المثابر والمنظم، تُهوّن كثيراً من شدة التحديات أمام مشروع التغيير المنشود .