العدد 20 السنة 86 الجمعة 6 تشرين الثاني 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 

 

ص1
الاحد المقبل .. المد الطلابي يتجدد
والموظفون يتظاهرون
بغداد - علي شغاتي


يعود أصحاب القمصان البيض مجدداً الى واجهة الاحتجاجات العراقية، للتأكيد على استمرارية انتفاضة شباب تشرين والمطالبة بتنفيذ مطالبها العادلة في محاسبة قتلة المتظاهرين والفاسدين واجراء الانتخابات النيابية المبكرة وفق قانون انتخابي عادل وكذلك رفض الإجراءات الحكومية في إزالة خيم الاعتصام بالقوة من ساحة التحرير في بغداد وساحة البحرية في البصرة.
ودعا اتحاد طلبة بغداد في بيان حصلت “طريق الشعب” على نسخة منه، امس، الى مسيرة طلابية تنطلق في العاشرة من صباح الاحد 8 تشرين الثاني من امام وزارة التعليم العالي وصولاً الى ساحة التحرير.
فيما اطلقت مجموعة من الموظفين والناشطين هاشتاك #نريد_رواتبنا، داعين الى احتجاجات جماهيرية في ذات التوقيت امام وزارة المالية، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة وعدم محاربة المواطنين في قوتهم اليومي.
يأتي ذلك مع تجدد الاحتجاجات الشعبية في مختلف المحافظات العراقية للمطالبة في تحسين ظروفهم المعيشية ومحاسبة الفاسدين والتأكيد على مطالب انتفاضة تشرين.
***********
على طريق الشعب
من يجيب المواطن المثقل بالهموم؟!

الازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف ببلادنا ليست وليدة اليوم، والحكومة ومن دعمها وساهم في تشكيلها وصوّت لها في مجلس النواب، يعرفون ذلك جيدا.
والمتابع للخطوات المتخذة في شأنها حتى الان يلاحظ انها لا تعالجها، وانما تمس قشورها وتعكس عدم ادراك لابعادها. فما زال هناك من يمني النفس بارتفاع أسعار النفط وعودة الامور الى سابق عهدها، بمعنى المزيد من تبذير المال وهدره بالسرقة والمشاريع المتلكئة او الوهمية، وبتضخيم امتيازات افراد ومجموعات وفئات، وبالتوظيف السياسي والانتخابي وشراء الذمم. والغريب ان يصدر والحال كذلك تصريح يعلن ان اللجنة العليا لمكافحة الفساد أوقفت عملها. هكذا فجأة وقبل ان تصل الى أي من ملفات حيتان الفساد، كما قال نواب.
ولمن لم يدرك بعد مخاطر الازمة، نقول بصوت عال ومسؤول انها ابعد من ان تحل بقرض، او بدعم من هذا المصرف او ذاك، او بالاستحواذ على ما تبقى من رصيد البنك المركزي. فهذه كلها قد تعالج ظرفا طارئا، لكنها ليست الحل لأزمة متراكمة، مركبة ومتعددة الابعاد.
والازمة القائمة لا تعالج أيضا بمنهج وإدارة وطريقة تعامل ثبت حتى الان فشلها، ولن يقود الاصرار عليها الا الى المزيد من المشاكل والتعقيدات.
ان التشبث بالمنهج الفاشل ذاته او تلطيفه بكلمات معسولة هو مضيعة للوقت والجهد والمال، فيما المواطن يريد رؤية ضوء يبدد ولو بعض الظلام المخيم، والقلق الذي ينتابه إذْ يرى ملايين الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية ، ممن كانوا يحسدون على “الراتب المضمون”، اصبحوا الان ورواتبهم في مهب الريح. ويصل عدد هؤلاء وفق التقديرات المتواضعة الى ٧ ملايين، وهم يحركون سوقا يشمل حوالي ٢٥ مليون مواطن.
فأي عبث هذا الذي يجري اليوم، إذ الحكومة ووزارة المالية كمن أدمن الاقتراض الداخلي او الخارجي؟!
إن الحلول متوفرة وقد قيل عنها الكثير ومنذ مدة طويلة ، لكن من بيدهم القرار السياسي والاقتصادي صمّوا آذانهم.
ويبقى المواطن يطرح الأسئلة المرتابة عن حجم واردات العراق، وسبب عدم الكشف عنها بشفافية، وعدم السعي الى تعظيمها. كما يتساءل عما اتخذ بشأن استرداد الأموال المسروقة، ومراجعة عقود التراخيص، واستعادة الديون المتراكمة بذمة شركات الهاتف النقال، وواردات الموانئ والكمارك والمنافذ الحدودية، وعائدات مبيعات الوقود داخليا، وإيرادات الضرائب وعقارات الدولة والوزارات المختلفة.
كما يتساءل: هل اعيد النظر برواتب الرؤساء والوزراء والنواب وبقية الدرجات الخاصة والقضاء والسلك الدبلوماسي، وهل قلصت النفقات العامة وحمايات المسؤولين ومن ليست لهم مناصب حكومية من المتنفذين ؟ وما اذا الغيت الامتيازات والمخصصات الخيالية خصوصا في المنطقة الخضراء؟ وهل قلصت اعداد السيارات ومصاريفها؟ وهل فرضت الضريبة التصاعدية على المداخيل؟ وهل جرى الحد من الفساد؟ وأين هي الأموال المستردة؟ وهل اوقفتهم نزيف العملة العراقية وتهريبها المتواصل الى الخارج؟
وتتوالى الأسئلة وما اكثرها، بحثا عن إجابات مقنعة!
نعم، قبل ان تفكروا بالاقتراض أجيبوا على هذه وغيرها من اسئلة الناس الملحة.
فالمواطن الذي تكبر همومه وتتنغص حياته وتتعسر معيشته، تكبر ايضا هواجسه وشكوكه.
ويبقى قوت المواطن خطا احمر يحترق بناره كل من يقترب منه!
************
“طريق الشعب” تلاحق الإيرادات المالية في دوائر الدولة
بغداد - نورس حسن
في ظل استمرار الحديث في أروقة الحكومة والبرلمان، وبين أوساط معنية، عن تعزيز إيرادات الخزينة العامة “غير النفطية”، وجهت “طريق الشعب” سؤالا محددا إلى عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، عن وارداتها المالية، الداعمة للموازنة العامة. وقد أجابت بعض الجهات بشكل شفاف، بينما فضّلت أطراف أخرى المقاطعة، لأسباب مجهولة. وأقرّ عدد من الوزارات ـ التي يفترض أن تدعم خزينة الدولة بالأموال ـ أنها تتلقى تخصيصات مالية من الموازنة العامة، عازية ذلك الى جملة أسباب، بينما كشفت مؤسسات أخرى عن تراجع إيراداتها، بسبب ضعف الرقابة الحكومية، وسوء التخطيط.
**************
راصد الطريق
المخدرات تتفشى
هل من يتصدى؟

 

تتوالى تصريحات المسؤولين بشأن انتشار المخدرات وبيعها وتناولها. وقد بيّن محافظ الديوانية اخيرا ان 40 في المائة من شبابها يتناولون المخدرات حتى في المقاهي، وان تدخينها اصبح ظاهرة شائعة.
المطلعون يقولون ان شبكة توزيع المخدرات وتعاطيها اضحت واسعة، وان هناك صعوبات جمة تواجه السيطرة عليها بعد دخول قوى متنفذة على خط تسهيل انتشارها، نظرا لمردودها المالي الاستثنائي. ويعود الكثير من الفضل هنا الى عدم السيطرة والتحكم بالمنافذ الحدودية، كما الى التهريب. خاصة وان المجرمين من كبار المهربين يفلتون من العقاب، كل مرة.
شاهد عيان قال انه رأى بعينيه اطفالا يمزحون قرب احد المطاعم في بغداد ويتفاخرون بأنهم يبيعون المخدرات ويتناولونها.
وهناك دون شك عوامل عديدة وراء انتشار هذه الظاهرة المدمرة، بضمنها ضعف المؤسسات المعنية بمكافحتها، والتهاون في تطبيق القانون وفي ملاحقة التجار والمهربين. وهناك ايضا البطالة وحصتها في نشر تعاطي المخدرات.
انها ظاهرة لا نحتاج الى تأكيد خطورتها، ولا سبيل الى مكافحتها الا عبر برنامج متكامل، وقبل فوات الأوان.
*************
ص 2

كل خميس

لم اندهش
لكنني اندهشت!

جاسم الحلفي

لم تدهشني مواقف طغمة الحكم من الإنتفاضة، وهي مواقف انفضحت بعد عدم تمكن المتنفذين من إخفاء معاداتهم للحراك الاحتجاجي. فكل ادعاء صدر عن أي منهم بدعم الانتفاضة او تبني مطالبها، تبين انه محض خداع، والخداع لا يعبر على العراقيين. فسلوكهم الملموس هو التعبير الواضح عن حقيقة مواقفهم، عن ايغالهم في القمع، وممارستهم كل اشكال التشويه، ومحاولاتهم اختراق الساحات، وكيلهم التهم الباطلة للمنتفضين. فهم لم يوفروا وسيلة وأسلوبا رخيصين الا واستخدموهما بهدف افشال الانتفاضة.
ولم يدهشني موقف الحكومة من خيم الاعتصام في ساحة التحرير وازالتها يوم ٣١ تشرين الأول ٢٠٢٠. فهذه الحكومة تشكلت عبر توافق القوى المتنفذة، التي صوتت للكاظمي بهدف اللعب على عامل الوقت، من اجل انقاذ نفسها من هزيمة متوقعة امام هتافات المنتفضين الرافضة للمحاصصة والفساد.
تدرك طغمة الحكم ان الهدف الأرأس للانتفاضة هو إزاحتها من المشهد السياسي، كذلك محاكمة الفسادين لنهبهم للمال العام، ومعاقبة الفاشلين والمتلكئين وغير القادرين على بناء البلد وتنميته. وهي واعية لمصالحها وتدافع عنها بكل طريقة، لذا وقفت بوجه الشعب وجابهته بكل صفاقة،. ويبدو انها وهي تبدأ هجومها على الانتفاضة، فرضت على رئيس الحكومة اجندتها ووضعته امام الانصياع لارادتها وتنفيذها.
الغريب هو غياب موقف النخبة الوطنية العراقية - باستثناء بعض الشخصيات الفكرية والثقافية التي تحدثت بصراحة وجرأة - من إزاحة خيم الاعتصام من ساحة التحرير باستخدام قوات مجحفلة من صنوف عسكرية عدة، وغياب الفعل التضامني بما يتناسب مع حجم هذا الفعل، الذي لا يمكن وصفه الا بانه معادٍ للانتفاضة الشعبية، وبكونه عدوانا على أحدى أهم ساحات الاحتجاج في العراق، ونيلا من رمزيتها وحضورها المعنوي عند العراقيين.
فساحة التحرير هي الميدان الذي دوّت فيه ملايين الأصوات مطالبة بحقوق الشعب، وهي حاضنة نصب الحرية - إيقونة الكفاح ضد الطغيان والظلم والحرمان.
ان كشف حقيقة مواقف طغمة الحكم لا يتطلب كثير جهد، فهي معروفة ولا يمكن انكارها. اما اطراف الحكومة التي ادعت انها تدعم الاحتجاج السلمي وتؤيد تنظيمه وبقاءه في ساحة التحرير، باعتبار انها - كما زعمت – تتبنى مطالب تشرين وأهدافها، فقد اتضح زيف ادعائها، مثلما تأكد ضعف النخبة العراقية وغياب فعلها التضامني.
يتوهم من يعتقد ان المنتفضين قد يهدأ لهم بال وقد يصدقون الحاكم وهو يكرر معسول الكلام.
فكلام الحاكم لا يُحترم إن لم يقترن بفعل ملموس. على عكس كلام المثقف، فهذا ليس مجرد كلام. انه فعل حقيقي، والناس تنتظر الأفعال!


***************

الكاظمي: اطلاق النار مرفوض
الاحتجاجات الشعبية تتواصل
مطالبة بالحقوق ومحاسبة الفاسدين

بغداد - علي شغاتي


تتواصل الفعاليات الاحتجاجية في مختلف المحافظات العراقية، للمطالبة بتوفير الخدمات وفرص العمل، وإطلاق الرواتب والمستحقات المالية المتأخرة، ومكافحة الفساد، مقابل ذلك أخذت اعتداءات قوات الامن تتصاعد ضد منظمي تلك التظاهرات.

دعوات جديدة للتظاهر
ودعا اتحاد طلبة بغداد، يوم امس، الجماهير الطلابية الى مسيرة احتجاجية تنطلق صباح الاحد المقبل، من امام مبنى وزارة التعليم العالي وصولاً الى ساحة التحرير، للتأكيد على تنفيذ مطالب الانتفاضة الشبابية، واهمها محاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة، اضافة الى متابعة ملف الفاسدين ومحاسبتهم والكف عن قمع الاحتجاجات الشبابية.
وفي تلك الاثناء، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي وسم #نريد_رواتبنا، الذي لاقى رواجا كبيرا بين أوساط الموظفين والناشطين، داعين الى تظاهرة احتجاجية صباح الاحد، امام وزارة المالية، للمطالبة بصرف الرواتب المتأخرة، وتوفير الحياة المعيشية الكريمة للمواطنين.

قوات الأمن تعتدي مجدداً
ففي بغداد، تعرض خريجو كليات الهندسة واصحاب العقود والاجور اليومية، للاعتداء من قبل القوات الامنية، التي حاولت تفريق تظاهراتهم.
وقال مراسل “طريق الشعب”، بلال رضا، إن “العشرات من خريجي كليات الهندسة، تجمعوا في منطقة العلاوي وسط العاصمة بغداد، للانطلاق بمسيرة، اعتادوا على ممارستها أسبوعيا، نحو مقر نقابة المهندسين”، مردفا ان “القوات الامنية فرقتهم بالقوة، مستخدمة الهراوات”.
واشار رضا الى “اعتداء آخر طال المتظاهرين من أصحاب العقود والاجور اليومية في وزارة الكهرباء، اثناء تظاهراتهم امام وزارة المالية، حيث عمدت القوات الامنية الى تفريق التظاهرة بالقوة”.

تظاهرات حاشدة في البصرة
وشهدت محافظة البصرة، أمس الاول، تظاهرات احتجاجية متفرقة أمام عدد من الدوائر الحكومية.
وذكر مراسل “طريق الشعب”، أن “عددا كبيرا من المتظاهرين نظموا مسيرة احتجاجية، انطلقت من ساحة الحكيمية صوب ساحة البحرية، للتأكيد على حق التظاهر، ورفض الاساليب القمعية في فض الاعتصام بالقوة، وتلبية مطالب المنتفضين”. كما نظم المئات من خريجي كليات الهندسة والعلوم، تظاهرة حاشدة، أمام مقر شركة نفط البصرة، للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم. ونوّه الى “تظاهرة اخرى في نفس المكان، نظمها العشرات من اصحاب العقود مع وزارة النفط، منذ عام 2019”، موضحا ان الشركة ترفض مباشرتهم، وتنفيذ كتاب الوزارة بخصوصهم. يُشار الى أن المئات من الموظفين المتعينين ضمن فرصة 30 الف درجة وظيفية التي اطلقتها الحكومة المحلية، وتزامناً مع زيارة رئيس الوزراء للمحافظة، نظموا مسيرة حاشدة انطلقت من أمام شركة النفط في موقع (الزقورة) إلى ساحة الطيران، للمطالبة بإطلاق الرواتب المتأخرة منذ أشهر وتحويلهم إلى عقود وزارية. وتناقل ناشطون مقاطع فيديوية، امس، شاهدتها “طريق الشعب”، والتي تظهر تجمهر اعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل، قرب احد المواقع التي تواجد فيها رئيس الوزراء، خلال زيارته لمحافظة البصرة، يوم امس.
وخلال ذلك رفض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “اطلاق العيارات على المتظاهرين خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية”، فيما دعا الى “حماية كرامة الانسان وحفظ أمن المتظاهرين”.

اغلاق مبنى محافظة ذي قار
من جهتهم، أغلق محتجون في محافظة ذي قار، أمس الاول، مبنى ديوان المحافظة، للمطالبة بإقالة المحافظ ناظم الوائلي ونائبيه. ويبرر المتظاهر علي حسن لـ”طريق الشعب”، إغلاق مبنى المحافظة، “بسبب رفض المحافظ تقديم استقالته، على خلفية فشله في تأدية مهامه، وتقاعسه عن الافراج عن الناشط المختطف سجاد العراقي”. ويؤكد حسن، “استمرار اغلاق المبنى لحين الاستجابة لمطالبهم، وتعيين شخصية نزيهة وكفوءة في منصب المحافظ”. في الاثناء، نظم العشرات من أصحاب العقود في دائر كهرباء المحافظة، وقفة احتجاجية، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ 5 أشهر.
وأوضح المتظاهر محمد عادل، لـ”طريق الشعب”، إن “800 موظف متعاقد مع الدائرة، يعانون من عدم صرف رواتبهم منذ 5 أشهر، رغم استمرارهم في الدوام”.
وطالب عادل، الجهات المعنية بـ”ايجاد حل سريع وصرف أجورهم المتأخرة”.

لميسان والديوانية مطاليب مماثلة
في غضون ذلك، جدد عدد من المحاضرين في محافظة ميسان، تظاهراتهم أمام مديرية التربية، للمطالبة بتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بتحويلهم الى العقود الوزارية.
وطالب المتظاهر علي نعمة، مدير تربية المحافظة، بـ”الإيفاء بوعوده والتعاقد مع المحاضرين الذين عملوا في المدارس طوال السنوات الماضية دون مقابل”.
كما واصل العشرات من خريجي كليات الهندسة في محافظة الديوانية، اعتصامهم امام مبنى شركة المنتجات النفطية، للمطالبة بتوفير فرص العمل.
وأشار مراسل “طريق الشعب”، ميعاد القصير، الى أن “المعتصمين طالبوا، بتوفير فرص عمل لهم في الشركات النفطية، وفق قرار مجلس الوزراء رقم 174 لسنة 2019”.

وقفات احتجاجية في واسط والنجف
الى ذلك، نظم العشرات من موظفي صحة واسط، مؤخراً، وقفة احتجاجية امام مبنى البلدية، للمطالبة بإعادة النظر في الموقع المخصص للأراضي السكنية. ودعا الموظف قاسم المشايخي، عبر “طريق الشعب”، الجهات المختصة الى “تغيير مواقع الاراضي المخصصة للمشمولين في التوزيع مؤخراً، واختيار مكان مناسب تتوفر فيه الخدمات بدلا من المكان الحالي”. من جانب اخر، نظم عدد من المعلمين والمدرسين في محافظة النجف امس الاول، وقفة احتجاجية، للمطالبة بصرف رواتبهم، وابعاد المؤسسات التربوية عن المحاصصة الحزبية.
وأفاد مراسل “طريق الشعب”، بأن “عددا من التربويين في المحافظة نظموا وقفة احتجاجية امام مقر نقابة المعلمين، للمطالبة بعدم تأخير صرف رواتبهم، وابعاد المؤسسات التربوية عن الصراعات الحزبية الضيقة”.


***************


رئيس الجمهورية يُقرّ بـ «التحفظات» على قانون الانتخابات.. وكتل سياسية تستعد للطعن والتعديل
بغداد – طريق الشعب
صادق رئيس الجمهورية، برهم صالح، يوم أمس، على قانون الانتخابات الذي اثار جدلا سياسيا وشعبيا واسعا، لما تضمنه من فقرات خلافية.
وأقرّ الرئيس صالح بـ”التحفظات المسجلة على القانون”، فيما اكدت اطراف سياسية عدة، استعدادها للطعن بالقانون، بسبب وجود “مخالفات وثغرات قانونية” كثيره فيه، فضلا عن سعيها إجراء التعديلات عليه.

تحفظات ومخاوف
والقى صالح كلمة متلفزة، تابعتها “طريق الشعب”، جاء فيها: “التزاماً بواجبي الدستوري، صادقتُ على قانون الانتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة نزيهة وعادلة. وإن اقرار القانونِ يأتي بعد سجالٍ طويل، وقد كان اصلاحه مطلباً وطنيا لتأمينِ حق العراقيينَ في اختيار ممثلين عنهم بعيداً عن الضغوط والابتزاز وسرقة أصواتهم”.
وأضاف رئيس الجمهورية، “أقرُّ بالتحفظاتِ المسجلةِ على القانونِ المصوتِ عليه في مجلس النواب، ويقيناً لا يمثلُ هذا القانونُ كلَ ما نطمحُ اليه”، مردفا أن “مؤسساتِ الدولةِ المعنيةِ مدعوةٌ بعد إقرارِ ومصادقةِ قانونِ الانتخاباتِ، الى الإسراعِ في تحقيقِ متطلباتِ إجراءِ انتخاباتٍ مبكرةٍ نزيهةٍ وعادلةٍ في مختلفِ مراحلِ إجرائها، وبما في ذلك التسجيل البايومتري، والعمل على ان يكونَ هناكَ تنسيقٌ فاعلٌ وجادٌ بين الأممِ المتحدةِ والمفوضيةِ المستقلةِ للانتخاباتِ لتأمينِ الرقابةِ والإشرافِ لضمانِ نزاهةِ الانتخابات”.
وتابع قائلا: “ما شهدتهُ العمليات الانتخابية السابقة، من طعونٍ وشكوكٍ وهواجسَ كانت سبباً رئيسياً في عزوف المواطنين عن الانتخابات، وقوّضت ثقة المواطنين بشرعيةِ النظامِ القائمِ والعمليةِ الانتخابية. وإن الفسادَ الانتخابيَ افةٌ خطيرةٌ، فهي تهددُ السلمَ المجتمعيَ والسلامةَ الاقتصادية. فالفسادُ الانتخابيُ والفسادُ الماليُ مترابطانِ ومتلازمانِ ومتخادمان”، داعيا الى “تهيئةِ المناخِ السياسيِ المطلوبِ لرفعِ تلك المعاناةِ وتحقيقِ العدالةِ والانصافِ في اختيارِ حكومةٍ قويةٍ تصونُ السيادةَ وتحفظُ هيبةَ الدولةِ” حسب قوله.
اطراف سياسية رافضة للقانون
ووفقا لوكالات الأنباء، نقلا عن مصدر برلماني، فإن “قوى سياسية تستعد للطعن بقانون الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية، وتنظيم حراك بالوقت نفسه لإجراء التعديلات عليه”.
ويقول المصدر، ان “من ضمن القوى المعترضة هي تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون وائتلاف الوطنية، التي تعتبر القانون غير منصف، وينطوي على ثغرات قانونية عدة ستعيد الجدل من جديد، وقد يؤثر ذلك على إمكانية إجراء الانتخابات بموعدها المحدد”.
وفي السياق، أوضح رئيس كتلة الوطنية البرلمانية، النائب كاظم الشمري، أن “القانون يجب أن يتم تعديله خلال الفترة المقبلة، ولا يمكن المضي به مع تلك الهفوات والأخطاء التي انطوى عليها”.
وبيّن الشمري في تصريح صحافي طالعته “طريق الشعب”، أن “تشريعاً بهذا الشكل الذي لا يسمح بإجراء تغييرات على فقرات القانون الأخرى، بحجة أنه تم التصويت على القانون بالمجمل، خطأ قانوني وقع به البرلمان. كما أن مسألة إناطة مهمة توزيع الدوائر الانتخابية بالقوى السياسية المتصارعة ضمن القانون، خطأ آخر لا يغتفر، حيث كان الأجدى أن تناط المهمة بالمفوضية، بالتعاون مع وزارتي التخطيط والتجارة”.
ولفت النائب إلى “استئثار قوى سياسية بتوزيع الدوائر من دون علم ومشاركة الشركاء السياسيين، وهذا فيه ضرب للقانون والديمقراطية في البلد”، مشددا على ضرورة “المضي نحو الانتخابات بقانون رصين يحافظ على صوت الناخب وعلى حريته في التعبير والاختيار من دون أية ضغوط، وأن هذا القانون، وفي ظل الأجواء التي تم تشريعه فيها، لا يضمن نزاهة الانتخابات، وحتى وإن صادق رئيس الجمهورية عليه، ونُشر في الجريدة الرسمية، فأيضاً من الممكن أن يجري تعديله”.

أخطاء فنية
أمّا النائب عن المكون المسيحي يونادم كنّا، فأكد يوم امس، أن “الكتل المعترضة على القانون ستسعى لإجراء التعديلات عليه، بعدما تتم المصادقة عليه، ونشره في الجريدة الرسمية”.
وقال كنّا، ان “القانون فيه أخطاء فنية تتعلق بالنظام البايومتري، لم تنتبه إليها مفوضية الانتخابات واللجنة القانونية البرلمانية”.
000000000000000000000000000000000000000000000000

قانون المحكمة الاتحادية: مسودتان بانتظار الحسم.. وكتل سياسية تعيق التمرير
بغداد - سيف زهير


يعود الجدل مجدداً بشأن قانون المحكمة الاتحادية والتعطيل الذي رافق عمل المحكمة، طوال الأشهر الماضية، رغم أهميتها التفسيرية والقضائية.
وخلال الحديث الذي يتناوله نواب في البرلمان ومصادر رسمية عن وجود مسودتين للقانون، قدمتا من الحكومة ورئاسة الجمهورية، يمكن الاخذ بأحدهما، يؤكد خبراء قانونيون امكانية حل أزمة المحكمة عبر تعديل آلية اختيار القضاة لها، لكن ذلك قد يصطدم بمصالح بعض القوى السياسية المتنفذة.

مسودتان للقانون
قانون المحكمة الاتحادية يعتبر في مثابة “العمود الفقري” للقوانين العراقية، وقف أمام خلافات عديدة، بضمنها آلية اختيار اعضاء المحكمة والتصويت عليهم ودور فقهاء الدين وخبراء القانون في هذه العملية وتفاصيل أخرى كثيرة.
وقال نائب رئيس مجلس النواب، بشير الحداد، إن لدى اللجنة القانونية النيابية “مشروعين جاهزين للتصويت الأول مرسل من الحكومة السابقة، وفيه بعض النقاط الخلافية خاصة في المادتين (2) و (12)، المتعلقتين بآلية اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية والتصويت والنصاب”.
وأضاف الحداد: “المشروع الثاني مقدم من رئاسة الجمهورية ويهدف إلى معالجة اختلال نصاب المحكمة، ويقترح اختيار أعضاؤها من مجلس القضاء الأعلى، بالتنسيق مع مجلس قضاء إقليم كردستان”، مؤكدا “جاهزية المشروعين للتصويت”.

صراع سياسي
ويرى زهير ضياء الدين، الخبير القانوني، ان الصراع البرلماني محتدم حول قانون المحكمة الاتحادية “المعطلة بسبب النقص في قوامها”، معتبرا الحديث عن وفاة قاضٍ آخر من أعضائها بحسب ما تداولته وكالات الأنباء “لا يغير شيئا من الأزمة”.
ويضيف الخبير خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان مجلس النواب اصبح “امام خيارين؛ الاول يتمثل بتمرير القانون المطروح من الحكومة والذي يتضمن اشكالات كثيرة. أما الثاني فهو تعديل القانون النافذ رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ والذي يعتبر هو الأسهل”.
ويلفت ضياء الدين، إلى “توجه البرلمان لحل هذه الأزمة قريبا بعد أن صوت على قانون الانتخابات، والأفضل في هذه الحالة ان يتم التعديل ضمن مادة تتيح اختيار قضاة المحكمة الاتحادية، بينها وبين مجلس القضاء الاعلى، لان الذهاب نحو تشريع قانون جديد سيدخلنا في متاهات كثيرة، ونحن امام استحقاق انتخابي يتطلب التعديل بأسرع وقت”.
ازمة مفتعلة
من جانبه، يؤكد القاضي، هادي عزيز علي، إن ازمة المحكمة الاتحادية “مقصودة”، مشيرا الى ان الغرض منها يعود الى مصالح تتعلق بالقوى السياسية المتنفذة.
ويضيف علي في حديث خص به “طريق الشعب”، “هناك من يريد تشريع قانون للمحكمة الاتحادية حسب المسودة الحكومية المطروحة، بما فيها ادراج فقرة الفقهاء والاشكالات الخلافية الاخرى، وهذا يتطلب تصويت البرلمان على المسودة بنسبة كبيرة جدا “ثلثي أعضاء البرلمان”، لذلك فإن الأمر صعب ولا يمكن ان يتحقق، فضلا عن الخلافات الاخرى بين القوى السياسية بهذا الشأن”.

مقترحات لحل الأزمة
ويضيف القاضي علي، هناك مقترحات كثيرة لحل الازمة خلال أيام قليلة، منها ان يتم “التشاور بين مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية حول عملية الاختيار، أو ان يتشاور الطرفان مع رئيس الجمهورية، او ان يتم الاختيار من قبل مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية وشخص ثالث يرشح بالتشاور بين رئيسي الجمهورية والوزراء، فكل هذه الاتجاهات تؤدي الى سد النقص بدل ان يحصر الاختيار بمجلس القضاء الاعلى وحده”، لافتا إلى ان الحديث عن وفاة قاضٍ ثالث من المحكمة الاتحادية “غير صحيح لان المتوفي متقاعد عن العمل وليس عضوا في المحكمة الاتحادية، ووفاته، حتى وان كان عضوا، لا تغير شيئا من المشكلة”.
******************
ص4
وزارات تفصح وأخرى تتهرب
“طريق الشعب” تلاحق الإيرادات المالية في دوائر الدولة
بغداد - نورس حسن


في ظل استمرار الحديث في أروقة الحكومة والبرلمان، وبين أوساط معنية، عن تعزيز إيرادات الخزينة العامة “غير النفطية”، وجهت “طريق الشعب” سؤالا محددا إلى عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، عن وارداتها المالية، الداعمة للموازنة العامة. وقد أجابت بعض الجهات بشكل شفاف، بينما فضّلت أطراف أخرى المقاطعة، لأسباب مجهولة.

الصناعة: نحن نعتمد على الحكومة
الاتصال الاول كان مع المتحدث باسم وزارة الصناعة والمعادن، مرتضى الصافي، الذي قال لـ”طريق الشعب” ان “دعم الوزارة للموازنات الحكومية لا يتجاوز 2 بالمائة، بعد ان كان 18 بالمائة قبل 2003”، فيما علل ذلك بـ”قلة الدعم والتهميش الذي تعانيه الوزارة من قبل الحكومات المتعاقبة، ما أحالها الى عدم القدرة على تأهيل وتشغيل الخطوط الإنتاجية المتهالكة، فضلا عن جائحة كورونا هذا العام، التي فاقمت الازمة”.
وشدد على ان الوزارة “منذ العام 2003 وحتى الان “تعتمد في دعمها على الموازنات المالية السنوية، دون تمويل ذاتي يذكر”.

النقل: كورونا عطلت كل شيء
الى ذلك، ذكر مدير عام دائرة التخطيط في وزارة النقل الدكتور عبد العظيم كريم غافل، في حديثه لـ”طريق الشعب”، أمس، ان “الوزارة لديها ما يقارب 10 شركات فعلية، 8 منها تحقق إيرادات مالية”.
وذكر المدير العام، انه “بحسب القانون تعمل تلك الشركات على إعادة نسبة 48 بالمائة من ايراداتها الكلية الى الحكومة”.
واردف الدكتور عبد العظيم، أن وزارته “خلال الفترة الماضية شهدت توقفا في اغلب منشآتها، بسبب جائحة كورونا”، لافتا الى ان الوزارة بحاجة الى “إعادة تفعيل بناها التحتية واهمها ميناء الفاو والقنوات الجافة والترانزيت”.

الزراعة: الدعم قليل
من جهته، افاد المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف لـ”طريق الشعب”، يوم امس، بان وزارته “لا تعمل على استلام مبالغ مالية، وانما تعمل على دعم القطاع الزراعي من اجل تصدير المنتجات وإدخال عملة صعبة الى البلاد”.
وقال، ان الوزارة “لا يدخل دينارا واحدا في جبيها، وان همها هو توفير الدعم للفلاحين من خلال ما يرصد لها للنهوض بالواقع الزراعي، وتجنيب البلاد الاستيراد الغذائي الخارجي”.

السياحة: نعتذر
بدوره، افاد مدير اعلام هيئة الآثار والتراث في وزارة الثقافة، حاكم الشمري لـ”طريق الشعب”، ان دائرته “تعمد في إيراداتها على دخول السياح الى المواقع الاثرية والتراثية والمتاحف، لا اكثر”.
وبخصوص نسبة الإيرادات المتحققة، اعتذر الشمري عن إعطاء ارقام او نسب “دون توضيح الأسباب”. كما أنه لم يبد أي مساعدة في إيصال مراسل “طريق الشعب” الى الجهات المعنية بنسب الإيرادات المالية، التي تحققها السياحة والاثار.
الاتصالات: 38 مليون دولار كل يوم
هذا واكد عضو لجنة الاعلام والاتصالات النيابية علاء الربيعي في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب” ان شركات الهاتف النقال تحقق يوميا 38 مليون دولار”، واوضح “ان عدد خطوط الهاتف النقال تبلغ قرابة 38 مليون خط، وان اغلب المواطنين يمتلكون بين 2 الى 4 خطوط” وبيّن “اذا ما تم الصرف من كل مواطن دولار واحد يوميا فستكون الأرباح 38 مليون دولار يوميا، بينما لا تصل الى خزينة الدولة وفق عقود شركات جولات التراخيص سوى 500 مليون دولار سنويا”.


وزارات فضلت الصمت
هذا ولم تستطع “طريق الشعب” تأمين اتصالات مع عدد من الوزارات، من بينها التجارة والكهرباء، ومديرية عقارات الدولة.
فيما حمّلت المنافذ الحدودية، مسؤولية التصريح في هذا الجانب الى هيئة الجمارك، التي امتنع متحدثها الرسمي عن التصريح، دون استحصال موافقة رسمية من وزارة المالية.

مستشار مالي: 7 بالمئة إيرادات غير النفط
من جهته، أفاد المستشار المالي لرئيس الوزراء د.مظهر محمد صالح في تصريح خص به “طريق الشعب”، يوم امس، بان “النفط يشكل حوالي 93 بالمائة من الحقيبة الإرادية العراقية، وان الإيرادات غير النفطية، لا تشكل سوى 7 بالمائة”.
وذكر صالح، “ان الإيرادات غير النفطية لا تتجاوز 8 مليارات سنويا، وهي بذلك لا تسد سوى رواتب ومنح، ولفترة شهر لا أكثر”.
*************
قوى سياسية متنفذة تربح من صفقة فساد.. والعاملون ينتفضون
مصادر مطلعة: شركة الموانئ العراقية تمنح شركة أهلية أرباحا كبيرة.. وعقد جديد ينتظر التوقيع
بغداد ـ طريق الشعب
حاولت “طريق الشعب” تعقب تصريح صحافي نشر مؤخراً، لمقرر لجنة النزاهة النيابية عبد الأمير المياحي، تحدث فيه عن “تجميد” وجود 12 ألف موظف على الملاك الدائم، في شركة الموانئ العراقية، لغرض إبرام عقد مشترك، تقف وراءه “جهات متنفذة”.
وكشفت مصادر مطلعة في الشركة لـ”طريق الشعب”، كواليس العقد الذي يمنح إحدى الشركات الاهلية، التابعة لأحد القوى المتنفذة، فرصة ذهبية، تتضمن “أرصفة جاهرة”، ونسب أرباح تصل الى “85 في المائة من الارباح”. ويشكو العاملون، الذين نظموا تظاهرات عدة، إثر إبرام العقد الاخير، مطالبين “بحل مجلس إدارة الشركة، وإلغاء عقود التشغيل المشترك”، كما طالب الموظفون، بـ”تعيين مدراء جدد للأقسام حسب الكفاءة، وبعيداً عن المحاصصة”.

شبهات فساد في العقود
وقال مقرر لجنة النزاهة البرلمانية، النائب عبد الأمير المياحي، في تصريح صحافي، إن “هناك 12 ألف موظف على الملاك الدائم في شركة الموانئ العراقية، تم تجميدهم وإقصاؤهم عن العمل، لغرض إحالة تلك الساحبات على التشغيل المشترك”، مردفا ان هذه العملية فيها “فساد كبير، لأن الساحبات تعمل بشكل جيد”.
وأضاف المياحي، أن “إدارة الشركة عمدت إلى إحالة مشروع الساحبات على التشغيل المشترك، وبنسب ضئيلة جداً وتعمل بالخدمة، أي إن الساحبات تعمل بالتعاقد مع ملاكات أجنبية، وبالتالي تكون الملاكات العراقية غير فعالة”.
الموظفون يرفضون التشغيل المشترك
من جانبهم، تظاهر العشرات من موظفي شركة الموانئ في محافظة البصرة، للمطالبة بحل مجلس إدارة الشركة، وإلغاء عقود التشغيل المشترك.
وقال مراسل “طريق الشعب”، إن “الموظفين طالبوا بإلغاء عقود التشغيل المشترك وحل مجلس إدارة الشركة، بسبب تهميش كفاءاتها العاملة”. كما دعوا الى “مراجعة العقود وتعديلها لتصب في مصلحة الشركة، وليس في خدمة الشركات المشغلة والعاملة في الموانئ”، اضافة الى تقليل نفقات المشتريات من الاثاث وتأجير السيارات.
ونبّه الموظفون المتظاهرون، بحسب المراسل، الى ان العقد الاخير منح “الشركات الاهلية والمستثمر أفضلية على الشركة العامة للموانئ”.

أسباب الرفض
من جهته، أشار الموظف في الشركة ميثم الموسوي الى أن “سبب رفضنا لعقود التشغيل المشترك الموقعة من قبل إدارة الشركة مع بعض الشركات الاهلية، هو منحها الشركات الاهلية، أرصفة جاهزة للعمل، بينما كانت تدار من قبل الموظفين بشكل منتظم”.
وقال الموسوي، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان تلك “الشركات ستجد بنية تحتية جاهزة، وآليات متكاملة وليس عليها سوى إدارة الارصفة”.
وأبدى المتحدث استغرابا من أحد بنود العقد، الذي ينص على “اعطاء نسبة 85 في المائة من الارباح لصالح الشركات الاهلية”، مشيرا الى ان “هذا ما يثير الشك بوجود شبهات فساد في عمليات التعاقد، وغبن حق العاملين في الشركة وهدر لموارد الدولة”.
وتابع الموسوي، أن شركته “تتذرع” لأجل إبرام هذه العقود بـ”وجود هدر في الاموال في صرفيات الساحبات”، مؤكد ان “هذا الامر لم يثبت في اي دراسة”ـ وأردف، “لو تم التسليم بوجود هكذا هدر، فتسليم معدات الشركة الى الشركات الاهلية وبعقود طويلة الامد وتقديمها للمستثمرين على طبق من ذهب، هو فساد وهدر للموارد”.

سوء إدارة متعاقب
هذا وتحدث مصدر مسؤول في الشركة لـ”طريق الشعب”، رفض كشف هويته، عن أنها “تعاني من سوء إدارة متعاقب منذ عام 2003، وهو ما اوصلها لمرحلة التشغيل المشترك”، مشيرا الى انها “كغيرها من الشركات التي دمرتها المحاصصة، وخضعت لسلطة الاحزاب المتنفذة”.
وكشف المصدر، عن وجود عقد اخر يخص الحفارات، مؤكدا “سيتم تمريره لمصلحة جهات سياسية متنفذة، رغم ان الشركة تمتلك من الكفاءة والخبرة ما يؤهلها لإدارة أرصفتها لوحدها”.
ويجد المصدر، أن “التشغيل المشترك يعد خطوة في اتجاه تطوير الاقتصاد والموانئ العراقية، في حال احالة العقود الى شركات تتولى بناء وتجهيز ارصفة جديدة، وعلى ضوئها تحدد نسبة ارباح الشركات الاهلية ونسبة شركة الموانئ”، مردفا “أما العقود المبرمة مؤخراً، فقد تمت وفق إرادات ومصالح كتل سياسية منحت من خلالها موارد الدولة الى شركات خاصة تابعة مدعومة من شخصيات متنفذة في الدولة”.
*************
ص5

صورة قاتمة: تداعيات الخراب تدخل جيوب الموظفين

طريق الشعب- مصطفى عبادة


نأمل ألا يأتي الحل في “الساعة الخامسة والعشرين”، لأن الذين يعيشون على هامش الحياة، سيكونون قد نقلوا للعالم، الحقائق المرّة، عمّا يعيشونه من واقع بائس، لا تزال تفرضه قوى “ريعية”، بدت عاجزة عن تدارك تداعيات الازمات الراهنة، التي تقاسيها البلاد والعباد.
واحتشد، يوم الثلاثاء، المئات من العاملين في وزارة الكهرباء، بصفة عقود وأجور يومية، أمام مبنى وزارة المالية، للمطالبة باستحقاقهم المالي المتوقف منذ أكثر من ثمانية أشهر.
ونصب المحتجون عوارض لقطع طريق قرب مقر الوزارة، فيما تم التصادم مع القوات الامنية، امام مبنى الوزارة، ما اسفر عن وقوع جرحى.
وفي مقابل ذلك، لا تزال اللجان النيابية المعنية، تواصل سلسلة الاجتماعات لغرض تشريع قانون الاقتراض المحلي “خلال أسبوع أو أسبوعين”، هكذا تخمن. بينما تكون الاسواق المحلية قد دخلت مرحلة الركود، لأن عمليات البيع والشراء شبه متوقفة، بسبب الازمة المالية.
وبحسب تقديرات الاقتصاديين، فان الجهاز الحكومي المتضخم في البلاد يمثل ما يقرب من %74 من الإنفاق التقديري في العام 2020. ويستورد العراق كل ما يحتاجه، تقريبا، من الأدوية ونسب عالية من المواد الغذائية.
وتوقّع البنك الدولي، في وقت سابق، انكماش الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة %9.7 هذا العام، متراجعا عن نسبة النمو الإيجابية البالغة %4.4 المسجلة العام الماضي، وهي أساسا واردات نفط خام، مما يعني تسجيل أسوأ أداء سنوي منذ 2003.
وتدفع الحكومة شهريا، رواتب لأكثر من 7 ملايين شخص. تشمل الموظفين والمتقاعدين والسجناء السياسيين والشهداء والرعاية الاجتماعية (3.75 ملايين موظف، و3.7 ملايين متقاعد، و1.5 مليون من ذوي الرعاية الاجتماعية)، والذين تبلغ كلفة رواتبهم 62 مليار دولار، سنويا، بحسب نواب.

بدائل حكومية “مقلقة”
وحتى الان، يقوم مجلس النواب، بتأجيل التصويت على قانون الاقتراض، بسبب تراكم الديون الداخلية والخارجية وفوائدها، والبالغة 41 تريليون دينار، لكن الحكومة ألمحت الى انها تملك “بدائل”. يعتقد اقتصاديون أنها تقصد “الادخار الإجباري”، أو “خفض سعر صرف الدينار” أو “توظيف مدخرات المواطنين وحثهم على توظيف أموالهم في البنوك للحصول على سيولة”، أو “الاستقطاع”، أو “السحب من الاحتياط النقدي للبنك المركزي”. وكلاها لا ينعش الموظف.
ويعقب أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، على احتمالية توجه الحكومة نحو التلاعب بسعر الصرف إلى ألفي دينار للدولار الواحد، قائلا انه “سيوفر لها نحو 15 تريليون دينار (12.5 مليار دولار) شهريا”، مردفا “لكن انعكاسات ذلك ستظهر جلية على العراقيين الذين ستتضاءل قيمة أجورهم بنحو %60.
ويضيف المشهداني، أن “العراقيين سيواجهون ارتفاع أسعار السلع المستوردة التي تشكل %90 من مشترياتهم” في حال اختارت الحكومة هذا الحل.

ما العمل؟
يقول وزير المالية علي علاوي، ان الإيرادات الحالية للحكومة، في ظل انخفاض أسعار النفط والتزام العراق بقرارات أوبك المتعلقة بتخفيض الإنتاج النفطي، غير كافية لمواجهة النفقات الجارية للحكومة. وان حكومته أمام خيار واحد: اللجوء إلى قروض قصيرة الأجل من البنوك الحكومية، والتي سيتم خصمها بعد ذلك من البنك المركزي، علما أن رصيده في تناقص متواصل.
ويردف علاوي، ان الحكومة لا تسعى إلى زيادة الدين العام إلا إذا كان ذلك ضرورياً، وتكون خدمتها مستدامة، مضيفا أن “مديونية العراق في الوقت الحاضر ليست مفرطة مقارنة بحجم اقتصاده”.
لكن خطاب الضامن، مراقب اقتصادي، يرى في استمرار الاقتراض، انزلاقا نحو “الإفلاس”، مذكرا هنا بسيناريو لبنان.
ويذكر الضامن، ان ديون العراق السابقة الخارجية والداخلية، تبلغ 130 مليار دولار.

خطوات “إصلاحية”
وأمام هذا المأزق، يطرح عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب جمال كوجر، خمس نقاط، قال انها “إصلاحات” للوضع الراهن.
ويبيّن كوجر، ان أول تلك الاصلاحات تتمثل في “إعادة هيكلة النظام الاقتصادي”، ومن بعدها تعمل الحكومة على “إيقاف نزيف الفساد والهدر، العمل على أن تكون كل الموارد للدولة وليس لجهات أخرى، تعظيم موارد الدولة عبر تطويرها وتنميتها. وأخيراً، توفير البيئة الآمنة لجذب الاستثمار الأجنبي لأن موازنات العراق لا تكفي لتغطية الموازنة الاستثمارية”.
ويلفت النائب الى ان المبلغ الذي تطلبه الحكومة (41 ترليون دينار)، ليس للرواتب فقط، وإنما هو عبارة عن موازنة مصغرة، لما تبقى من العام الجاري، مرجحا التصويت على ما يخص الرواتب فحسب، التي قدرها بحوالي 24 تريليونا.
وأقر مجلس الوزراء في 14 أيلول الماضي، مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للعام 2020، وأرسلها إلى مجلس النواب، ثم سرعان ما سحبها من المجلس، بعد يومين.
ولم يقر البرلمان قانون الموازنة الاتحادية للعام الحالي، نتيجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ تشرين الأول 2019، والتي أطاحت بالحكومة السابقة. بينما واجهت حكومة الكاظمي، صعوبات بإعداد مشروع الموازنة في وقت يعاني فيه البلد أزمة مالية خانقة، ناجمة عن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتفشي كورونا والاخطاء والممارسات المتراكمة.

اتهامات بـ “التخبط الحكومي”
ويحذر النائب عن تحالف سائرون بدر الزيادي، من مغبة استمرار الحكومة في سياسة الاقتراض، مرجحا أن يقود ذلك الى “الإفلاس”.
ويشير الزيادي، الى وجود “تخبط واضح” في عمل الحكومة، مبرهنا ذلك في “التصريحات المتناقضة”.
وهنا، يتساءل عضو تحالف سائرون: “كيف يمكن للحكومة أن تقول لدينا طرق في توزيع الرواتب، وبعدها تطلب من مجلس النواب تشريع قانون الاقتراض؟”.
ويقول كوجر، إن اللجنة المالية في مجلس النواب، “ستقوم بالاستفسار من ادارة البنك المركزي والمصارف الحكومية عن امكانية الاقتراض، وتمويل الحكومة لسد العجز المالي وتأمين الرواتب”.
وهذه ثاني مرة تتقدم الحكومة فيها الى البرلمان، بطلب تخويل لاقتراض الأموال، بعد مرة أولى اقترضت فيها 15 تريليون دينار محليا، و5 مليارات دولار خارجيا.
ويأتي الاقتراض، كما تقول وزارة المالية، لسد العجز المالي في الخزينة، التي تتغذى بنسبة 95 في المئة على إيرادات بيع الخام.

نزف مالي.. من يوقفه؟
وبحسب اللجنة المالية، فإن رواتب الموظفين “الوهميين” ومزدوجي الرواتب، تستنزف مبلغ 1.5 تريليون دينار شهرياً.
وتدعو اللجنة، الحكومة الى اعتماد “البرامج الالكترونية والاحصاء البايوميتري للكشف عن هؤلاء”.

الفرج.. بعد أسبوعين
وتعهد وزير المالية علي علاوي، الاربعاء، بدفع الرواتب، “الاسبوع المقبل”، لكنه رهن ذلك بموافقة البرلمان على قانون الاقتراض في جلسة الاثنين المقبل.
وتعهد أيضا بعدم تكرار تأخير صرف الرواتب.
أردف الوزير كلامه، بأن رواتب الموظفين لتشرين الأول، ربما تدفع بعد أسبوعين في حال لم يمض قانون تمويل العجز.
وتعقيبا على كلام وزير المالية، قالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان، ندى شاكر جودت، ان وزارة المالية بإمكانها ان تقترض من البنوك لغرض سد العجز الى حين اقرار قانون الاقتراض “بطريقة صحيحة، وحسب الاحتياجات التي هي لثلاثة أشهر”.
وكتب “محمد أبو سجاد”، مدون في (فيسبوك)، ان المؤجر يطالبه بتسديد مستحقات الايجار، خلال ثلاثة أيام. كما أن الديون اليومية لتغطية مصاريف البيت وأسرته، أخذت تتراكم، بينما لا تزال الحكومة تفكر في حل مناسب لتغطية رواتب الموظفين، ومن بينهم أبو سجاد، الموظف في مديرية تربية الرصافة الثالثة.
***********
ص 6
لماذا لا توحد الجهود الحكومية في إنجاز المشاريع الخدمية؟!

بغداد - خليل إبراهيم العبيدي


تقوم أمانة بغداد حاليا بحفر الأرصفة في مناطق الكرخ والطالبية والبنوك، لغرض استبدال انابيب ماء الشرب التي مضى عليها اكثر من اربعين عاما.
الامانة مشكورة على جهدها هذا، وعملها الذي تم بالاتفاق مع البنك الدولي، لكن هذا الأمر يتعارض مع منطق المصلحة العامة. فمنطقتا الطالبية والبنوك تعانيان تقادم شبكة الكهرباء، وهذه أيضا تم تسليكها منذ أكثر من أربعين عاما، وهي الآن تتدلى فوق رؤوس المواطنين. فالأسلاك تتهاوى وتسقط بين فترة وأخرى، ولا يتم استبدالها، إنما ربطها مجددا، ومع ارتفاع درجة الحرارة تنقطع الأسلاك المربوطة ويعاود المواطن مراجعته شعبة الصيانة، ويظل ينتظر اسبوعا أو اكثر حتى يتم ربط الأسلاك من جديد.
وعندما يراجع المواطن دائرة الكهرباء لغرض معالجة مشكلة الأسلاك التالفة، تخبره الدائرة بأنها ستقوم باستبدال الأسلاك المعلقة على الأعمدة، بكابلات لنقل الطاقة تدفن تحت الأرض، لكن هذا الأمر مرهون – بحسب قول البعض من المسؤولين – بـ “القرض الياباني”، والعملية برمتها تعني أن دوائر الكهرباء ستقوم بحفر الأرض من أجل تنصيب كابلات الطاقة وتوصيلها بالدور السكنية بدلا من الأسلاك القديمة.
إلى ذلك، أعلن وزير الاتصالات، أخيرا، أن وزارته بصدد مد الكيبل الضوئي، الذي يزود المنازل بخدمات الهاتف الارضي والموبيل والانترنيت، وهذا يعني ان وزارة الاتصالات ستقوم هي الاخرى بحفر الأرض!
سؤال موجه إلى رئاسة مجلس الوزراء: إلى متى نظل متخلفين عن ركب منطق الاقتصاد بالجهد والنفقات؟ ألا يعلم المسؤول العراقي ان بلدية السويد - وهي دائرة صغيرة بالمساحة والملاك - مسؤولة عن توفير خدمات الماء الحار والبارد والكهرباء والتبليط وتشجير الساحات وتزيينها بالورود؟ ألا يعلم أن هذه البلدية مسؤولة أيضا عن رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية ومقرات الجوازات وتجديد اجازة السياقة وغيرها من الخدمات؟
اننا لا نطالب بأن تكون بلدياتنا كبلدية السويد، لكن ما نطلبه هو وحدة الجهود. فليس من المعقول أن تقوم دوائر خدمية بمهام مختلفة، كل واحدة منها تحفر الأرض بمعزل عن الأخرى. فالأجدر أن تتعاون هذه الدوائر وتنسق عملها سوية في عملية حفر واحدة بإمكان المواطن تحمل تبعاتها والصبر عليها، بدلا من ثلاث عمليات!
أن منطقة الطالبية اليوم، عادت إلى الشوارع الترابية بفضل أعمال حفر الأرصفة، التي لم يتم رفع بقايا التراب عنها، حتى باتت تخلف أثناء مرور السيارات، غيوما من الغبار تحلق فوق رؤوس الناس، ثم تعود إلى الأرض لتتحول إلى أوحال خلال موسم الأمطار!

************

يا أمانة العاصمة..
حتى الظلام
هناك أجمل!؟

ذو الفقار الطوكي

من بين ركام الحروب خرجت دول وأعادت بناء نفسها فأصبحت في مقدمة دول العالم، حتى أن المسؤولين في أمانة بغداد صاروا يتقدمون اليوم إلى سفاراتها طلبا للفيزا!
وبالمقابل، لا تزال امانة العاصمة تفتخر منذ أكثر من أسبوعين، بإعادة تشجير “شارع المطار” – كما أكد المتحدث الرسمي باسمها، حكيم عبد الزهرة، في مقابلة تلفزيونية بعد أن اساء إلى مواطن بغداد عبر اتصال هاتفي خلال المقابلة، وطرد على إثر ذلك من منصبه!
ومن الحروب الى الاحتلالات الى المتحاصصين سراق المال العام، تستمر وتيرة الفساد، ويتصاعد العبث ببغداد، حتى طال الهواء والأشجار والأزهار.
ومن قلب العاصمة، وبعد سوء تخطيط مدبر، تظهر لنا أقل الأزمات سوءا (الأراضي الزراعية). ومن غرفة في بيت على أرض “طابو زراعي”، أكتب لكم عن معاناة عائلة بغدادية.
فالشوارع هنا غير مخططة ولا مبلطة ولا مسلطة. والبيوت متجاوزة. فيما الإنارة على ضوء القمر، لأن الكهرباء تم تصديرها منذ العام 2013 بعد أن فاضت عن حاجة العراق!
أما النظافة، فهي معدومة، ولكم أن تتخيلوا حال منطقة سكنية بلا شبكة صرف صحي.
اما في ما يخص الاسس الصحيحة للبناء على ارض رخوة، والتخطيط العمراني، فلا يجول في ذهني وصف أجمل من قول الشاعر:
“والظلام.. حتى الظلام هناك اجمل..”. (هناك، في تلك الدول التي ذكرناها في بداية المقال!).


***********


أهالي حي الجهاد يطالبون بفتح
زقاق مغلق

بغداد – طريق الشعب
أعرب سكان الزقاق 58 في المحلة 879/ الشارع 60 في حي الجهاد البغدادي، عن استيائهم من استمرار إغلاق زقاقهم بالكتل الكونكريتية، مشيرين إلى أن هذا الإغلاق، الذي قامت به جهات مسؤولة، بات يعيق حركتهم وتنقلهم.
وناشد سكان الزقاق، الجهات المسؤولة رفع الكتل الكونكريتية في وقت عاجل، لتسهيل حركة المواطنين.

************

أكبر أحياء قضاء الزبيدية بلا خدمات

الكوت – شاكر القريشي

يعاني حي الأكرمين (حي زليزل) في قضاء الزبيدية بمحافظة واسط، نقصا حادا في الخدمات البلدية، بدءا من البنى التحتية وانتهاء بالنظافة.
هذا الحي، الذي يعد من أكبر أحياء القضاء، يشكو سكانه تجاهل الحكومات المحلية المتعاقبة، واقعهم الخدمي المزري، مناشدين الجهات ذات العلاقة إنصافهم وتخليصهم من معاناتهم.
ويسكن حي الاكرمين، الذي تأسس بعد سقوط النظام المباد 2003 على أرض زراعية، أكثر من 500 عائلة، معظمها من الفقراء والكادحين.

***********

حذار من ابراج الضغط العالي!

كربلاء - سلام القريني


في أحد الأيام ذهبت إلى محافظة بابل لزيارة صديق، وعندما عجزت عن معرفة عنوان داره، اتصلت به ليرشدني إلى أقرب نقطة دالة. فأجابني ان “منزلي يقع على شارع الضغط العالي”. وهو يقصد في ذلك شارعا تطل عليه أبراج كهرباء من نوع “الجهد العالي”، يمر وسط حيهم السكني.
ذكرني كلام صديقي ببرج الكهرباء الذي يقع بالقرب من مبنى “مستشفى الكفيل” في مدينة كربلاء.
وبحسب الكثير من التقارير العلمية، فإن أبراج الضغط العالي تتسرب منها ذبذبات يمكنها التغلغل في جسد الإنسان، ولذلك من الخطر أن تقع بالقرب من الأماكن المأهولة بالسكان.
ومعلوم أن هذه الأبراج تتسبب في التلوث البصري، لذلك لا بد من وجود مسافة آمنة بينها وبين الناس. وقد حددت هذه المسافة في قانون المؤسسة العامة للكهرباء العراقي لسنة 1974، وتعديله لسنة 2015.
وتنص إحدى فقرات القانون على: “يحظر على صاحب العقار الذي تمر فوقه او بالقرب منه اسلاك الخطوط الكهربائية ذات الجهود الفائقة او العالية او المتوسطة، ان يقيم مباني على الجانبين اذا كان العقار أرضًا فضاء، أو أن يرتفع بالمباني إذا كان العقار مبنيًا أو أن يزرع أشجارًا خشبية إذا كان أرضًا زراعية”.

************

مواساة

* بأصدق عبارات المواساة تعزي اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، الشخصية الوطنية وأحد الضباط الأحرار المناضل أحمد صبحي الخطيب بوفاة زوجته والدة الرفيقتين ملاذ الخطيب عضو اللجنة المحلية وسهاد الخطيب عضو اللجنة المركزية للحزب، للفقيدة الرحمة والذكر الطيب ولعائلتها الصبر والسلوان.
* تنعى محلية النجف للحزب الشيوعي العراقي الرفيق الأستاذ التربوي محمد تركي المعمار (أبو أحمد) الذي وافته المنية بسبب مضاعفات كورونا التي لم تمهله طويلاً،
والفقيد شخصية وطنية وسياسي عارض نظام البعث الفاشي وتعرض في سبيل ذلك للسجن والاعتقال والملاحقة، وكان نشاطه سبباً في فصله من سلك التعليم، عمل بعد العام ٢٠٠٣ مع رفاقه في اعادة التنظيم في محافظة النجف وكان عضواً في قيادة المنظمة لأكثر من دورة ونائباً لسكرتير المحلية، ومرشحاً عن الحزب في انتخابات مجلس المحافظة وانتخابات مجلس النواب،
وكان الفقيد أحد الوجوه البارزة في الحركة الاحتجاجية في النجف منذ ما قبل ٢٠١١، حاضراً بقوة في فعالياتها الاحتجاجية والتظاهرات والوقفات متوجاً هذا الجهد بالمواظبة على الحضور في ساحة اعتصام النجف منذ انطلاق انتفاضة تشرين المجيدة، للفقيد الذكر الطيب والصبر والسلوان لعائلته الكريمة.
*خبات حسیب قه ره داغی وداعاً
تلقينا بأسى وحزن عميقين نبأ رحيل المناضل خبات حسيب قه ره داغي الذي وافاه الأجل في مدينة السليمانية عن عمر ناهز الـ ٦٤ عاماً.
الفقيد نجل الشخصية الوطنية الشيوعية والأدبية المعروفة حسيب قه ره داغي. ولد الفقيد في عام ١٩٥٦ في مدينة السليمانية وأكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية وتخرج من جامعة السليمانية كلية الادارة والاقتصاد.
وانخرط في العمل السياسي منذ نعومة اظفاره. انتمى الى الحزب الشيوعي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وتعرض للسجن والاعتقال والتعذيب بسبب نشاطاته السياسية، وفي مطلع الثمانينيات التحق بحركة الانصار في كردستان.
وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم بخالص المواساة الى العائلة الكريمة وشقيقته العزيزة نيگار، المقيمة في فيينا، متمنين لهم الصبر والسلوان وللفقيد الغالي الذكر الطيب دوماً.
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النمسا

**************

ص8
الانتخابات الأمريكية: ساعة الحسم تقترب
وترامب يخوض حربا قضائية ضد بايدن
“طريق الشعب” - وكالات
للمرة الأولى منذ عام 2000، استيقظ الأمريكيون في اليوم التالي للانتخابات دون معرفة اسم رئيسهم، وسط أجواء سادها أعمال شغب وتوتر. وحاول المرشح الديمقراطي جون بايدن خلال خطاب ألقاه مساء الأربعاء طمأنة الناخبين قائلاً إنه سيكون رئيساً لكل الأمريكيين. أما المرشح الجمهوري دونالد ترامب فقد بدأ مناوراته القانونية للطعن في نتائج انتخابات لم تُحسم بعد. وكشفت الناطقة بإسم البيت الأبيض أن حملة ترامب عازمة على اللجوء إلى المحكمة العليا إذا ما فاز بايدن بولاية بنسلفانيا.
في غضون ذلك، تعهد بايدن في تغريدة له بمناسبة ذكرى انسحاب إدارة ترامب من اتفاقية باريس للمناخ بأن تعود ادارته (في حال تمكن من الوصول الى البيت الأبيض) الى الاتفاقية في اليوم الأول من ولايته.
واقترب بايدن الى الرئاسة الأمريكية أكثر فأكثر بعد تحقيقه فوزين كبيرين في ولايتين رئيسيتين هما ويسكونسن وميشيغن. وبفوزه بهاتين الولايتين، اللتين كان قد فاز بهما ترامب في الانتخابات السابقة، وبولاية أريزونا، بات بايدن يتمتع بدعم 264 من الاصوات في المجمع الانتخابي الذي ينتخب الرئيس الجديد. وإذا فاز بولايات نيفادا (6 مقاعد) أو جورجيا (16 مقعد) أو بنسلفانيا (20 مقعد)، فسيبلغ العدد 270، ما يسمح له بأن يصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة.
وفي ولاية بنسلفانيا، كان ترامب لا يزال يتقدم بفارق أكثر من 160 ألف صوت حتى يوم الأربعاء. لكن هذا الفارق يتقلص بسرعة مع فرز بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد. وغالبية الذين صوتوا بالبريد في الولاية اختاروا بايدن.
وفي حين واصل ترامب تغريداته شاكياً من حدوث تزوير وقدم شكاوى قضائية وطالب بإعادة فرز الأصوات، تعهد بايدن في خطاب مقتضب مساء الأربعاء بتوحيد البلاد إذا فاز في الانتخابات. وقال “ما يجمعنا كأمريكيين أقوى بكثير من أي شيء يمكن أن يفرقنا”.
ولم يصل بايدن إلى حد إعلان فوزه لكنه أطلق موقعا إلكترونيا للتحول إلى بيت أبيض يقوده الديمقراطيون أطلق عليه فريقه اسم “بيلدباك بتر” (إعادة بناء للأفضل). وقال الموقع ان “إدارة بايدن جاهزة للعمل من اليوم الأول”.
يشار الى ان كل ولاية تحصل على عدد معين من أصوات المجمع الانتخابي بناءً على عدد سكانها. والعدد الإجمالي لأصوات المجمع هو 538 صوتاً، وبالتالي يكون الفائز هو المرشح الذي يفوز بـ 270 صوتاً أو أكثر. هذا يعني أنه عندما يصوت شخص ما لمرشحه المفضل، فإنه يصوت في انتخابات تجري على مستوى الولاية بدلاً من المستوى الوطني العام.

00000000000000000000000000000000000000000000000000000

كلمة «الميدان»
جذوة الثورة لا تزال مشتعلة والتنظيم يظل أفضل أسلحتها
لا تزال الثورة السودانية المجيدة بعيدة عن أهدافها وتعمل قوى كثيرة يقف على رأسها المكون العسكري المعبر عن مصالح الطفيلية الاسلاموية - على إجهاضها وافراغها من محتواها العميق الذي تجسد في شعاراتها في التظاهرات وفي ميدان الاعتصام مستفيداً من التمكين الذي أتاحته له الوثيقة الدستورية المعيبة ومع ذلك يطمع في المزيد منه عبر التعدي السافر على نصوصها وتعمد مخالفة وانتهاك أحكامها حتى وصل به الأمر بعد اتفاق سلام جوبا إلى تعديلها وإقحام نصوص جديدة عليها تعزز من تمكينه في مفاصل السلطة بمستوياتها المختلفة سواءً كان ذلك في رئاسة الدولة التي ينفرد فيها بالقرار في مجلس السيادة إضافة لإمساكه بالمهام التنفيذية الجذرية - الاقتصاد والسلام والعلاقات الخارجية والاتصالات وغيرها أما هيمنته على السلطة القضائية فيدل عليها تمييع القضايا الكبيرة وعدم مساءلة أركان ورموز النظام السابق وورثته الحاليين عن جرائمهم وحصر المحاكمات في القضايا الصغيرة التي يوافق عليها مجلس الانقلاب على الثورة وشمل ذلك القصاص لدماء الشهداء والجرحى والمفقودين وتغييب العدالة بشكل عام ومقصود، واستناداً على ذلك وعلى ضعف المكون المدني في السيادي وضعف حكومة الفترة الانتقالية وحاضنتها السياسية وانقسام الأخيرة حول الموقف منه، تمدد العسكر دونما استحقاق في مساحات أوسع خصمت كثيراً من هامش الحقوق الأساسية للمواطنين والمناضلين الذين صنعوا التغيير الذي أتى بهم في قمة مستويات الحكم في غفلة من أصحاب الحق الأصليين نتيجة خذلان وتخاذل ممثليهم وكانت النتيجة العدوان الوحشي على الحريات الذي أصبحت تواجه به مواكب الثوار من أجل تصحيح مسار الحكم وإعادة سياساته إلى جادة الثورة. (...)

- إذن ما العمل!
برأينا في الحزب الشيوعي إنه قد أصبح من الضروري إعادة تنظيم القوى الثورية على أساس الأهداف والمطالب التي قام عليها حراك الجماهير في ديسمبر 2018م وتضمنته مواثيق قوى إعلان الحرية والتغيير والعمل بعقل جمعي على تجديد مبادئها ونصوصها وكذلك تجديد التوقيع عليها بعد ضم كافة القوى الاجتماعية والنقابية والمطلبية والفئوية وقوى الكفاح المسلح وغيرها، والعمل على عقد مؤتمر استثنائي لقوى إعلان الحرية والتغيير بأسرع ما يمكن يصحح سياساتها وتوجهاتها الحالية ويعيد هيكلتها على أساس قاعدي وينتخب قيادته بمشاركة جميع القوى المنضوية تحت لوائه وعلى الأخيرة تولي مهامها وفق شرعية الثورة ووضع الأسس لتصحيح مسار الحكم خلال الفترة الانتقالية بما في ذلك تعيين الوزراء وتصحيح الأوضاع في حكم الولايات بإتاحة الحق في اختيارهم للمواطنين دون وصاية منها أو من سلطة المركز والزام الحكومة ببرنامج شامل تتم صياغته على أساس مطالب وأهداف الثورة وعلى رأسها الحريات والحقوق الديمقراطية و تحسين أوضاع المعيشة والخدمات وتمليك الحقائق للجماهير بوضوح وشفافية والضغط من خلالها ومن خلال التضامن الدولي والعالمي على المكون العسكري في مجلس السيادة لحمله تحت الضغط على الاعتراف بمطالب وأهداف الثورة وعلى رأسها الحكم المدني الكامل واخضاع المنظومة العسكرية لسلطته.
“مقتطفات”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“الميدان” جريدة الحزب الشيوعي السوداني
1 نوفمبر 2020
00000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000

حزب اليسار السويدي يعقد مؤتمره الـ43
وينتخب سكرتيرا جديدا له
رشاد الشلاه


التأم شمل المؤتمر الثالث والأربعين لحزب اليسار السويدي يومي 31 تشرين الأول و1 تشرين الثاني 2020، تحت شعار “معا من أجل المساواة “ وجرى خلاله انتخاب سكرتير جديد ولجنة مركزية من 23 عضوا و 10 أعضاء مرشحين.
عُقد المؤتمر افتراضيا بواسطة برامج الاتصال الرقمية، نظراً لظروف جائحة كورونا، والتي تسببت كذلك في تقليص جدول عمله، الذي تضمن عددا من مشاريع الوثائق منها دراسة المقترحات المقدمة حول النظام الداخلي، وبرنامج الحزب الجديد، الذي أحاله المؤتمر للإقرار في مؤتمره القادم العام 2024، على أن يستمر الحزب بالاسترشاد ببرنامجه الحالي.
تناولت النقاشات وكلمات السكرتير السابق (يوناس خوستيد 56 عاما)، والحالية (نوشي دادغستار 35 عاما) عدة قضايا من بينها قضية المناخ وقانون العمل المقترح من قبل الحكومة الحالية والخطاب الشعبوي لحزب اليمين المتطرف “ديمقراطيي السويد “.
المؤتمر أشاد بما قام به سكرتيره السابق (خوستيد) والذي تصدر المركز الأول في آخر الاستطلاعات باعتباره القائد الحزبي الأكثر شعبية في السويد، والذي قرر الاستقالة من سكرتارية الحزب للالتحاق بزوجته التي تشغل منصب سفيرة مملكة السويد في جمهورية فيتنام وليكون قريبا من عائلته، بعد أن قاد الحزب لمدة ثماني سنوات، نما خلالها حزب اليسار وحصل على ضعف عدد أعضائه، وصوت المزيد من السويديين له. ففي انتخابات العام 2010، حصل حزب اليسار على 5.6 في المائة، وفي انتخابات العام 2018، حصل على 8 في المائة من الأصوات. وتظهر الاستطلاعات أن ما يقرب من 10 في المائة من الناخبين يريدون التصويت لحزب اليسار اليوم.
في كلمته خلال المؤتمر أكد (خوستيد) استمراره في النضال بما يؤمن به الحزب ولتحقيق أهدافه.
أما السكرتيرة الجديدة للحزب والمرشحة الوحيدة لهذا المنصب والتي وصفها (هوكان اركسون) أحد أعضاء لجنة الترشيح الخاصة في الحزب، بأنها من ذوي الخبرة والمعرفة، والقدرة على القيادة، كما انها تجمع بين نشاطها الحزبي والعمل في البرلمان. فهي (ميهرموش نوشي دادغستار)، من مواليد السويد العام ١٩٨٥، ولدت أثناء وجود عائلتها الإيرانية في أحد مخيمات استقبال المهاجرين، درست القانون في السويد، ولها دراسة أخرى حول قوانين العمل من بريطانيا، عضو في البرلمان السويدي منذ العام 2014، ونائبة سكرتير الحزب منذ العام 2018.
وكانت قد صرحت بأنها تريد كسب تأييد العمال والفلاحين للحزب والحد من جذب حزب ديمقراطيي السويد اليميني لهم. وفي كلمة لها عقب انتهاء المؤتمر قالـت:
في نهاية هذا الأسبوع اجتمعنا لبناء حزب يساري أقوى. لقد اتخذنا قرارات تمهد الطريق لكيفية تحقيق النمو في الحزب، واكتساب المزيد من التأثير. لقد قمنا بانتخاب لجنة مركزية جديدة، ستعمل مع بقية أعضاء الحزب على تطوير سياسة الحزب، لدينا الكثير لنفعله! علينا العمل لخلق مجتمع متماسك، حيث يكون من السهل الحصول على فرص عمل وحصول كل مواطن على منزل بإيجار معقول وتأمين مداخيل تؤمن العيش الكريم للمواطن فيه. يجب الحرص على تحويل اليأس إلى أمل. الآن نشمر عن سواعدنا ونعمل معًا لبناء ذلك المجتمع.
واختتمت كلمتها الموجهة للمؤتمرين بالقول: أتطلع إلى القيام بذلك معكم جميعًا.
هذا وقد وجهت قيادة الحزب الشيوعي العراقي تهنئة الى الرفيقة دادغستار في مناسبة انتخابها للمنصب الرفيع الجديد.
***********
ص9

التدخل في معادلة الشهادات
ومنح الألقاب العلمية الأكاديمية
د. علي إبراهيم

حاولت في هذا المقال أن أبين لكل العراقيين وبخاصة المشرعين منهم والحاكمين ان مشكلة الشعب العراقي لا تنحصر بمنح الشهادات والألقاب بالمجان وبتشريعات بعيدة عن الواقع والاختصاص العلمي.

دور وزارة التعليم والبحث العلمي
في معادلة الشهادات
ويجب أن نثبت هنا أن معادلة الشهادات العليا (من البكالوريوس إلى الدكتوراه) حصريا من اختصاص وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لأن هذه الوزارة تخرج كل الاختصاصات العلمية ابتداء من المجموعة الطبية إلى المجموعة الهندسية إلى الزراعية والطب البيطري إلى الرياضيات والحاسبات والفيزياء والكيمياء والعلوم الإنسانية... ينبغي تحويل الشهادات ذات العلاقة بالتعليم العالي من الوزارات الأخرى إلى هذه الوزارة لتقييمها.
لقد صدر “ قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والأجنبية” غير المرقم في 2020 ومن النقاط التي لا يمكن إلا أن نثبت موقفا عليها:
“ ثالثا: أ- تقوم الأمانة العامة لمجلس النواب بمعادلة الشهادات التي تصدر عن معهد التطوير البرلماني ولا يتخذ هذا التعادل أساسا لغرض الدخول إلى الجامعات أو التدريس فيها.”
معهد يصدر شهادة لماذا يتطلب معادلتها من قبله ؟! هل يتطلب من الكليات التي تمنح البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه أن تعادل هذه الشهادات. سؤال يتضمن جوابه.
- ثالثا: -ب- وزارة التربية تختص بتقييم شهادات الثانوية وما دونها وكلية التربية المفتوحة وهذا حاصل منذ زمن بعيد. والاعتراض على الكلية المفتوحة يجب أن تخضع تقييم شهادتها إلى وزارة التعليم العالي باعتبارها كلية.
- ثالثا – ج- الصفحة الثالثة شهادات العلوم العسكرية والشرطة هي من اختصاصات وزارتي الدفاع والداخلية وعبر كلياتهما تجري معادلة الشهادات، لكن لم يجر تحديد أي الشهادات التي يجب معادلتها قطعا هي الشهادات التي تصدر عن جامعات في الخارج وقضية الترقيات فلهما قوانينهم الخاصة المعمول بهما لحد الآن. وقد ورد تبرير في الصفحة الثانية الفقرة (ج): “ ولا يتخذ هذا التعادل أساسا لغرض الدخول إلى الجامعات أو التدريس فيها.” لهذا الحد مقبول، ولكن الاستدراك مرفوض: “ إلا إذا تماثلت مدة الحصول عليها مع المدة المطلوبة للحصول عليها مع المدة المطلوبة للحصول على الشهادات المؤهلة لدخول تلك الجامعات أو التدريس فيها. “ أي جعلوا المدة معيارا وحيدا للتقييم دون حساب للوحدات التي درسها الطالب أي المادة العلمية وتطابقها مع المواد التي تدرس في الجامعة.
- وثالثا يؤكد على السلامة الفكرية وهي جملة عائمة أي سلامة فكرية يعتمدها تقييم الشهادات العلمية وهذا المصطلح عرفناها في زمن تسلط فكر حزب البعث، طاردا لكل الأفكار السائدة في المجتمع العراقي.
- ما ورد في المادتين: 6و7 مهم جدا حول رصانة الكليات العلمية وعدد سنوات الدراسة والمدد الأصغرية ولكن يجب التأكيد على حصول صاحب الشهادة العليا على الشهادة الأولية (البكالوريوس) ويجب رفع عبارة:” ويجوز معادلة الشهادة الجامعية العالية، إذا كان صاحبها قد حصل على شهادة أقل من الأولية الجامعية” والتزام بالنظامين الأول: البريطاني وهو منح شهادة الدكتوراه بعد الحصول على اجتياز امتحان الحد الأدنى للمرشح (Candidates Maximal) وكتابة أطروحة دكتوراه أو أن يحصل على الماجستير ثم الدكتوراه.
- ولا يكفي الاعتراف بالشهادة العليا إذا كانت معترفا بها من قبل الدولة المانحة بل يجب تحديد الدول أو الجامعات التي تمنح شهادات ضمن مواصفات الجودة العالمية. كما هو موجود حاليا ضمن شروط تقييم الشهادات في دائرة البعثات والعلاقات الثقافية – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. التخفيف من هذه الشروط يؤدي إلى الهبوط بالجانب العلمي ونوعيته.
- المادة -11- إعطاء صلاحية للوزير بالموافقة “على معادلة وتقييم الشهادات غير المستوفية لشروط الإقامة المنصوص عليها في هذا القانون” يفتح ثغرة أمام المواطنين لعدم الالتزام بالقانون ينبغي أن يكون القانون متكاملا بغير شواذ لضمان العدالة المتساوية للجميع.
- المادة - 12 - أولا: منح “الموظف أو المكلف بخدمة وأعضاء مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم أو الوكلاء ومن هم بدرجتهم والمدراء العامون ومن هم بدرجتهم والدرجات الخاصة العليا بموافقة دوائرهم الدراسة أثناء التوظيف أو التكليف على النفقة الخاصة أو إجازة دراسية للحصول على الشهادة الأولية أو العليا داخل العراق أو خارجه بصرف النظر عن العمر” .
- برأيي إن حشر الموظف - أو المكلف بخدمة - مع المناصب الأخرى وضع لتمرير أصحاب المناصب العليا في الدولة، فالشخصيات المذكورة أعلاه، انتخبت أو عينت لتخدم الشعب لمدة محددة، لذا وجب عليها التفرغ لخدمة المواطنين وتخليصهم من أزمات تولد أخرى. لا أن يتركوا هذه المهمة النبيلة ويتفرغوا لقضية شخصية لا يحتاجها لا المواطن ولا الوطن.

اللقب العلمي حصريا للتدريسيين
في الجامعات
- المادة 12 ثانيا – “يمنح حملة الشهادات العليا (الماجستير أو الدكتوراه) من الموظفين المدنيين أو المكلفين بخدمة عامة من غير موظفي وزارتي (التعليم العالي والبحث العلمي، التربية) اللقب العلمي... بتدور خدماتهم السابقة للحصول على الشهادة العلمية”.
-ويبدو أن “المشرع” لهذا القانون لا يفهم شيئا عن طبيعة الترقيات العلمية في الجامعات ليس فقط العراقية انما عربيا وعالميا والأكثر دقة أنه “يعرف ويحرف” كما يقول المثل العراقي وهذه الترقيات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتدريس في الجامعات حصرا فعندما يحصل الطالب على الماجستير يعين بلقب (مساعد مدرس) وحامل الدكتوراه بلقب (مدرس). ويترقى حامل الماجستير بعد ثلاث سنوات من العمل التدريسي على أن يحصل على تقييم علمي لائق مع عدد من النشاطات العلمية المتميزة من حضور مؤتمرات علمية والمساهمة فيها ببحوث ونشر بحثين على الأقل في مجلات علمية محكمة وتخضع هذه العملية للتدقيق والاستلال وتقويم البحوث من قبل خبراء ثم يصدر أمر جامعي ويعقبه أمر إداري من كليته يقضيان بمنحه لقب مدرس وبعد ثلاث سنوات وبطريقة نفسها يرقى إلى درجة أستاذ مساعد وبعد خمس سنوات وبطريقة نفسها يمنح الأستاذية دون لقب دكتور. أما من يتعين في التدريس من حمل شهادة الدكتوراه فيكون لقبه العلمي (مدرس دكتور) وبعد ثلاث سنوات وبالمواصفات التي أشرنا لها يحصل على لقب (أستاذ مساعد دكتور) وهكذا بعد خمس سنوات يحصل على (الأستاذية). فكيف يمكن لموظف الخدمة المدني من حملة الشهادات العليا الحصول على هذه الألقاب العلمية؟! وماذا يفعل بهذه الألقاب وهو لا يعمل في هذا المجال؟. وما ذكرته من شروط تضمنتها المواد (25، 26، 27، 28) من قانون رقم (40) لسنة 1988 والتي ألغاها القانون الجديد.

تناقض في القانون يحتاج إعادة نظر
المادة 13 – ثالثا ألغت تعليمات رقم (5) الصادرة 1976 الخاصة بمعادلة الشهادات الصادرة عن جامعات عربية وأجنبية، لكني وجدت أن جميع هذه التعليمات وجميعها مثبتة نصا في القانون: - “المادة - 5 – وهي ضرورية ومهمة في معادلة الشهادات ما بعد الثانوية وما قبل البكالوريوس وهذا تناقض كبير في القانون.
- هذه الثغرات في القانون وهي بعيدة عن العلم والموضوعية. ومراعاة لحالات قليلة ربما عدد من الشخصيات، حصلوا على شهادات من جهات غير رصينة والمرفوضة من التعادل لعدم مطابقتها للمواصفات. بينما ينص القانون الجديد على إعادة تقييمها من جديد. وكذلك الشهادات التي لم تتم بموافقة دوائر أصحابها.
وعلى العموم، إن هذا القانون لا يصلح للوضع في العراق المتردي أصلا، وإذا استطاعت المؤسسات التعليمية الحفاظ على مستوى من المقبولية، فبهذا القانون ستنهار الكثير من القيم التي بنية بجهود أساتذة أجلاء وعلماء مخلصين على أكتافهم تشيد هذا الصرح الشامخ وبقي الكثير منها تتوارثه الأجيال على الرغم من التدخلات البعيدة عن الرصانة العلمية في القبول والمناهج الدراسية...
*********
ص 10

هموم الشباب والشعب والوطن
في حوار بين شابين

كاظم فرج العقابي


حسين وأحمد زميلان في الجامعة نفسها، اتفقا أن يشتركا مع زملائهم في التظاهرة القادمة استذكارا لانتفاضة 25 تشرين الأول2019، فأهدافها مطلبية كتوفير فرص عمل للشباب وتحسين الخدمات التربوية والتعليمية والخدمات العامة، والمطالبة بالتخلي عن نهج المحاصصة الطائفية الاثنية المقيت، وتفكيك منظومة الفساد والمفسدين بإجراءات جدية ورادعة وغيرها من المطالب.
قال أحمد لصديقة حسين: ان الشباب يعيشون اليوم واقعا مريرا وينتظرهم مستقبل مجهول إن بقيت الأمور على حالها، فآلاف الخريجين سنويا يضافون الى جيش العاطلين. ما فائدة شهاداتهم واختصاصاتهم ما لم يوظفوها في حقول تخرجهم؟
والحكومة تقول إن الشباب هم بناة البلد واكسير الحياة، فاين هي من ادعائها هذا، وترى الخريجين يفترشون الأرصفة ببسطيات يبيعون السلع البسيطة الصغيرة واحيانا تزيحهم من أماكنهم مفارز أمانة العاصمة، أو يقضون وقتهم في المقاهي أو يتجولون في الشوارع والطرقات أو يرابطون في بيوتهم، ويستطرد أحمد قائلا: ما تفرزه البطالة من نتائج تهدد المجتمع وأمنه ومستقبله، وكثيرا ما تحزنني تلك الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الشاخصة في المجتمع، فرواتب الرئاسات الثلاث وأصحاب الدرجات الخاصة تشكل نسبة كبيرة من ميزانية الدولة التشغيلية، ورواتبهم لا مثيل لها في جميع دول العالم الغنية والفقيرة منها، فأين هي العدالة الاجتماعية التي تتحدث عنها الحكومة والبلد مكتظ بالمشاكل على اشكالها وانواعها بدءا من البطالة وشحة الكهرباء والماء وسوء الخدمات الصحية والتربوية والتعليمية والبلدية ؟ والحكومة لا تكترث بهذا الواقع بقدر اهتمامها بمصالحها ومصالح الكتل المتنفذة، وبسبب نهج المحاصصة والتوافقات بين الكتل المتنفذة نجد مؤسسات الدولة والوزارات تدار من قبل عناصر غير مؤهلة علميا وتفتقر الى النزاهة والوطنية، ناهيك عن قانون الانتخابات غير العادل الذي عاد ويعيد الكتل نفسها منذ 2005 حتى الان.
ويعلق حسين متأففا قائلا: إن هذا الحال ما زال نعيشه منذ سقوط النظام الديكتاتوري حتى اليوم وقد نفد صبر الناس ولم يثمر الا المزيد من المعاناة والآلام خصوصا هناك نسبة كبيرة من المهمشين في بلادنا يعيشون في مستوى الفقر ودونه، وهناك من يسكن بيوت الصفيح والطين والذين يطلق عليهم (الحواسم) أو المتجاوزون، ساكنوها من الفقراء والمعدمين، تحيطهم النفايات التي تأتي بها سيارات أمانة العاصمة من كل حدب وصوب لتلقيها في تلك الأماكن كمكبات لها وتستقبلها النساء والأطفال وهم يتزاحمون عليها بحثا عن قوت يومهم، والأمراض بأنواعها تلازم حياتهم وتفتك بهم، واطفالهم حفاة وبملابس رثة وبشعور مشعثة ونسبة كبيرة منهم لا يذهبون الى المدارس اطلاقا.
فالخدمات التعليمية والصحية هناك، تكاد تكون معدومة، كأن البلد لا تتوفر فيه خيرات طبيعية واقتصادية وبشرية، في حين ميزانية الدولة تعادل ميزانيات خمس دول مجاورة ولم ينتفع منها الا الفاسدون والزمر الحاكمة من الكتل السياسية المتنفذة. ويضيف أحمد قائلا: لذا نراهم يتصدون لمحاولة التغيير وبناء دولة مدنية ديمقراطية ذات بعد اجتماعي، ناهيك عن الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة. يتحدثون عن محاربة الفساد وليس هناك اية إجراءات بخصوصه مما يشجع الفساد أكثر فأكثر، وان أرادوا استهدافه فانهم يستهدفون صغائر الأمور تاركين الحيتان الكبيرة والمسؤولين الكبار لأن نظام المحاصصة ينطلق من مبدأ (شيلني واشيلك)، وهذا النظام هو المنتج والحامي للفساد والمفسدين. ويخلص أحمد قائلا: لا بد من التغيير ولا يمكن ان يتحقق دون إرادة جماهرية كبيرة كما جرى في بعض البلدان العربية مثل تونس ومصر والسودان فشعوبها استطاعت ان تسقط أعتى النظم الديكتاتورية عبر تظاهراتهم وانتفاضاتهم السلمية الكبيرة.
يتفق حسين مع زميلة أحمد قائلا: اذن لابد من مشاركة شعبية واسعة في هذه التظاهرة.
وعندما حان وقت التظاهرة كان أحمد وحسين بين المتظاهرين مشاركين بحماس يرددون الشعارات والاهازيج ويحملون الاعلام العراقية، يهتفون مع الهاتفين بأصوات مجلجلة، وتحيط التظاهرة من كل جانب القوات الأمنية على اصنافها المختلفة من قوات مكافحة الشغب في الخط الأول وهم متأهبون بأسلحتهم النارية والقنابل المسيلة للدموع والهراوات والسيارات الحوضية وخراطيمها تمطرهم بالماء الحار، وهذا لم يضعف من عزيمة الشباب التأثر ولم يتزحزحوا من مواقعهم وهتافاتهم تعانق السماء.
ان انتفاضة شباب أكتوبر لم تكن مؤامرة كما وصفت، فهي ليست صنيعة جهة خارجية او داخلية، فالشباب لا يريدون عودة النظام السابق ولا هم من أنصاره ولم يفطنوا به، فمعظمهم شباب يافعون ودافعهم الحقيقي هو ما يعانوه وما يعانيه وطنهم، دافعهم الحقيقي للتظاهر هو العوز والبطالة والجوع الامراض التي تفتك بالمجتمع واللاعدالة والاضطهاد والاستبداد وتكميم الأفواه والفساد والمحاصصة وتفشي الامية في المجتمع وغياب سيادة وهيبة البلد واستقلاله، فهي تظاهرة عفوية شعبية قوامها الشباب.
كان الشباب يواجهون قوى النظام المستنفر بقواته الأمنية والعسكرية وهم يهتفون ويحملون شعاراتهم التي تعبر عن حقوقهم وحقوق وطنهم.
يواجهون رصاص الطغاة الحي بصدور عامرة مفعمة بالأيمان بقضايا الشعب والوطن وبالرغم ان المواجهة كانت غير متكافئة واستخدمت القوات الأمنية فيها مختلف أنواع الأسلحة والقنابل المسيلة للدموع والماء الحار والهراوات والقناصين واعتقال العشرات وجرح واختناق المئات الا أن المتظاهرين مصممون على انتزاع حقوقهم مهما كلف الامر.
كان حسين يقول لزملائه بعد انفضاض الانتفاضة وهو كتلة من الإصرار: لابد ان نثأر لدماء شهدائنا، وبعيون دامعة قالها: لكم المجد والخلود شهداء العراق وسلاما لدم الضحايا ولك المجد والذكر الطيب صديقي أحمد. وهو يتذكره بذلك اللقاء والحوار الذي دار بينهما يقول: لن انساك ابدا أيها البطل الشجاع.
ويستطرد ان ما حصل هو أكبر من قضية الحكومة، له علاقة بالنظام السياسي، لذا بات التغيير مطلوبا وحاجة ملحة. بمعنى الحاجة الى تغيير شامل وإصلاح سياسي واجراء مراجعة للمنظومة الانتخابية وقانون انتخابي عادل وإجراءات اقتصادية واجتماعية ضمن منظومه متكاملة وإرادة حقيقية للتغيير. هنا نحتاج تحريك كل المستويات من العمل مع الجماهير المؤمنة والطامحة للتغيير بغض النظر عن انتماءاتها السياسية ومشاركة المنظمات الديمقراطية والمهنية وتوثيق الصلة بأوساط الراي العام والإعلاميين والصحفيين والمثقفين ورفع الشعارات الواقعية التي تجسد مطالبنا وليكن تظاهرنا السلمي القادم أكثر سعة وشمولية من أجل قلب المعادلة لصالح مشروعنا الوطني الديمقراطي الهادف الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية لتقود زمام التغيير والحد من النفوذ الخارجي ونفوذ الفاسدين والطائفيين وان يكون العراق سيد نفسه وقراره.
طيلت الأيام التي تلت انتفاضة الأول من أكتوبر 2019 لا تبارح صورة أحمد مخيلة صديقه حسين ليل نهار يتذكر لقاءهما الأخير والحديث الذي دار بينهما فأحمد يتيم الأب حيث توفي والده وهو طفل صغير إثر انفجار في المعمل الذي كان يعمل فيه، فكرست امه جل وقتها وحياتها لرعايته وتربيته وربطت آمالها ومصيرها به وهي تتطلع أن يكمل دراسته الجامعية. لنتصور كيف هو حالها وهي ترى أصدقاءه وزملاءه يحملون جثمانه اليها والحكومة تدعي أن التحقيق مستمر لمعرفة من قتله من القناصين وهناك من المئات من الشهداء الذين لم يكشف عن قتلتهم لحد الآن وهناك... وهناك العشرات من المغيبين والمختطفين من قبل جهات مجهولة لم يعرف مصيرهم لحد الآن، أين هي نتائج التحقيق والوعود التي قطعتها الحكومة للمنتفضين والشعب عموما وما اسفرت عنه نتائج التحقيق مع الفاسدين.

*************

 

ص 11

ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى
البديل والحلم*

رغم التباين في تقييم المآل الذي آل إليه النظام المنبثق من ثورة أكتوبر، فإن قلة تختلف في أن تلك الثورة كانت احد اهم احداث القرن العشرين. لقد طبعت ثورة أكتوبر بصماتها على الاتجاهات الأساسية لتطور عالمنا خلال القرن العشرين الذي انقضى معظمه في ظل القطبية الثنائية للاشتراكية والرأسمالية، إذ انها قدمت للشعوب ولجماهير الشغيلة والكادحين، البديل الذي كانت تتطلع إليه للنظام السياسي والاقتصادي - الاجتماعي الذي حمل للبشرية فواجع الحرب العالمية الأولى. كما كانت أصداؤها وانعكاساتها المباشرة على عصرها ذات شأن كبير حقاً، حتى اصبح ثلث البشرية يعيش، أواخر العقد الخامس من القرن الماضي، في ظل أنظمة تستوحي مبادئها ومثلها.
جاءت ثورة أكتوبر تعبيراً عن تفجّر تناقضات الرأسمالية في إحدى اضعف حلقاتها، وهي، خلافاً لما يدعيه بعض المؤرخين البرجوازيين، ثورة حقيقة انطلقت من أعماق المجتمع الروسي بمشاركة واسعة من جماهير الفلاحين المسحوقة في الريف، والطبقة العاملة النشيطة في المدن، وأقسام واسعة من الفئات الوسطى الحضرية. وقد سبقت الانتصار الحاسم للثورة بقيادة حزب البلاشفة، مجابهات وانتفاضات، عنفية ولاعنفية، ضد السلطة القيصرية الاستبدادية وضد طغيان الاقطاعيين وكبارالملاكين. وشملت تلك النشاطات الثورية الريف والمدن الكبرى حيث المحتشدات العمالية، وانبثقت من رحمها مجالس العمال والفلاحين والجنود (السوفييتات) التي كانت تعبيراً مؤسسياً مبتكراً جسّد الديمقراطية المباشرة. واعتبرها لينين شكل ديكتاتورية البروليتاريا الخاص بروسيا. واستطاع حزب البلاشفة، بسياسته الثورية الحازمة ونشاطه التنظيمي الواسع والفاعل، أن يتصدر الحركة الثورية ويجمع روافدها في تيار واحد، وان يقودها إلى الانتصار في السابع من تشرين الثاني 1917.
لم يكن خافياً على لينين ورفاقه ان روسيا، لحظة الاستيلاء على السلطة، لم تكن تمتلك الشروط المادية لقيام الاشتراكية. فقد تحدث لينين في اكثر من مناسبة عن تخلف قوى الانتاج في روسيا والطابع البرجوازي الصغير لرأسماليتها وعدم بلوغ العلاقات الرأسمالية فيها درجة النضج الكافي لإنجاز البناء الاشتراكي. لكن البلاشفة لم يجدوا في التعارض القائم بين نضج الشرط السياسي المتمثل باستيلاء الطبقة العاملة وحلفائها على السلطة، وعدم توفر بعض عناصر الشرط الموضوعي لإقامة الاشتراكية، سبباً كافياً في عزوف الطبقة العاملة عن الاستيلاء على السلطة والمضي قدماً على طريق بناء الاشتراكية. لعلّ السند الفكري الرئيسي لموقفهم يكمن في التعويل الواضح، خلال المراحل المبكرة التي أعقبت انتصار الثورة، على قيام ثورات عمالية ظافرة في البلدان الأوروبية التي بلغت فيها الرأسمالية مرحلة متطورة، وبشكل خاص في ألمانيا. لذلك دافع لينين عن فكرة إمكانية قيام الاشتراكية في بلد واحد والانتقال السريع بالثورة من مرحلتها البرجوازية الديمقراطية إلى المرحلة الاشتراكية، أي تطبيق مفهوم الثورة المستمرة لماركس، في حين دعا المناشفة وماركسيون آخرون إلى حصر الثورة ضمن افقها البرجوازي الديمقراطي. وربط قادة آخرون للثورة، منهم تروتسكي، الانتقال إلى الاشتراكية بقيام ثورات عمالية في البلدان الرأسمالية المتطورة.
وتطبيقاً لهذه الوجهة الثورية وفي إطار الصراع المحتدم حول اتجاهات تطور الثورة، ونشوب الحرب الأهلية اثر تمرد بعض الجنرالات المعادين للثورة واشتداد مقاومة قوى الثورة المضادة المدعومة من الخارج، أقدمت السلطة البلشفية، في سياق النضال الضاري من اجل الدفاع عن وجودها واستمرارها، بعد اشهر قليلة من استيلائها على السلطة في5 كانون الثاني1918، على حلّ الجمعية التأسيسية وتحويل السلطة كاملة إلى السوفييتات. ويكتسب هذا الإجراء أهمية كبرى في تحديد الملامح اللاحقة للنظام السياسي والحقوقي السوفييتي، وفي غرس جذر الاشكالية “ الديمقراطية “ للنظام الاشتراكي السوفييتي.
ورغم تأكيد لينين على خصوصية الظرف واستثنائيته التي دفعت البلاشفة إلى حلّ الجمعية التأسيسية وحرمان الطبقات المستثمِرة من حقوقها الانتخابية، فان هذا الموقف تحول لاحقاً إلى قاعدة عامة وشاملة لشكل الدولة في الاتحاد السوفياتي وفي بلدان “ الاشتراكية الفعلية “ الأخرى، كما إن سمات الديمقراطية المباشرة التي طبعت مجالس السوفييتات أثناء الثورة و جعلتها فعلياً صيغة متطوّرة للمشاركة والممارسة الديمقراطية من قِبلِ جماهير المنتجين والكادحين الذين يمثلون أغلبية الشعب، ما لبثت أن انحسرت وأفرغت من محتواها بعد اندماج السوفييتات بالدولة وخضوعها لها بدلاً من توجيهها.
ولأجل بناء القاعدة المادية، الاقتصادية – الاجتماعية للمجتمع الجديد، قامت السلطة الاشتراكية بتأميم الأرض وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. وعمدت إلى سياسة التصنيع الثقيل بالتركيز على خلق صناعة وسائل الإنتاج وتوجيه الفائض الاقتصادي المتولد في الريف لتمويل عملية التصنيع. لكن مركزة القدرة الاقتصادية بيد الدولة التي تعززت في ظل نظام “ شيوعية الحرب “، وتراجع الدور المستقل للسوفييتات والنقابات والمنظمات الاجتماعية، أدى كل ذلك، الى تنامي قوة البيروقراطية التي أخذت، تدريجياً، تزيد من تحكّمها بالثروات المادية والروحية للمجتمع.
ولم تخرج روسيا من الحرب الأهلية منهكة اقتصادياً يفتك بها الفقر والمجاعة وحسب، وإنما أحدثت حالة الحرب المستمرة تغييرات عميقة في الاصطفافات الاجتماعية ومواقع الطبقات، كان أهمها الدمار البشري والاقتصادي الذي لحق بالطبقة العاملة. وكان الخراب من الجسامة بحيث “ كفت البروليتاريا الصناعية .. عن الوجود كبروليتاريا “، و “اختفت” كطبقة اجتماعية موحدة اقتصادياً، كما وصف لينين الأوضاع أواخر عام 1921. واستنادا الى هذه الوقائع يمكن الاستنتاج بأن الاجراءات التي اقدمت عليها السلطة السوفيتية الجديدة أبان حقبة “ شيوعية الحرب “ كانت تجد مبرراتها في الظروف الاستثنائية المتولدة عن الحرب الاهلية والحصار والتدخل الاجنبي، أكثر مما تعود الى أي تصور نظري مسبق. إنها بإختصار شديد كانت تدابير اضطرارية أملتها الظروف الموضوعية القاهرة، ولهذا يتعين البحث عن أسبابها في تحليل تلك الظروف التي أملتها.
ولأجل إعادة بناء الاقتصاد الوطني اعتماداً على القوى الذاتية، وتوسيع قاعدة التأييد للثورة الفتية في الريف، حيث أبعدت سياسة “ شيوعية الحرب “ عنها أوساطاً واسعة من الفلاحين الصغار والمتوسطين، صاغ المؤتمر العاشر للحزب (أذار/نيسان 1921) بإقتراح من لينين، إشارة الانطلاق لبلورة “ السياسة الاقتصادية الجديدة “ (النيب) إدراكاً منه لأهمية الحوافز المادية في رفع مستوى الإنتاج الزراعي والتوقف عن مصادرة الفائض الاقتصادي في الريف كما كانت تفعل السلطة السوفيتية في ظل نظام شيوعية الحرب. كانت (النيب) في الواقع تراجعا استراتيجيا لصالح الفلاحين ورأس المال الصغير والمتوسط، ولاحقا ايضا لصالح رأسمالية الدولة. ولكن ينبغي التأكيد هنا على أن هذا التراجع أملته الحاجة، إجتماعيا وسياسيا، الى رأب الصدع الخطير في العلاقة مع الفلاحين وصغار “ الملاك المنتجين “ هذا من جهة. ومن جهة اخرى أملته الحاجة اقتصاديا الى انهاض الاقتصاد الفلاحي، وتنشيط التبادل السلعي العادي بين الريف والمدينة.
قامت (النيب) على أساس اعتماد العلاقات السلعية – النقدية والحساب الاقتصادي وربط الأجر بالمنتوج وإحياء التجارة الداخلية، وحققت النتائج المرجوة منها فعلاً بتطوير القوى المنتجة ورفع الإنتاج الزراعي وإنعاش الاقتصاد الروسي، كما إنها شجعت، في الوقت نفسه، على إعادة تأسيس الرأسمالية بحدود معينة، وعززت قوة الفلاحين الأغنياء والكولاك في الريف وصغار الصناعيين والتجار والسماسرة في المدن.
وقد اعتبر لينين تنظيم الإنتاج الكبير على أسس رأسمالية الدولة، بمثابة مرحلة انتقالية لمواجهة متطلبات بناء الأساس المادي للاشتراكية، مرحلة يحتّمها ضعف تطور الرأسمالية في روسيا آنذاك. وكان يدرك أنّ عملية الانتقال إلى الاشتراكية تتضمن سلسلة طويلة من المحطات والانتقالات تغطي حقبة تاريخية طويلة نسبياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من وثيقة “ خيارنا الاشتراكي : دروس من بعض التجارب الاشتراكية “ احدى وثائق المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي (ايار 2007).

*************


ص11
عميد الأدب العربي.. انحاز للفقراء
وأفكاره لا تزال تشتبك مع عصرنا
حمدي عابدين*

ماذا تبقى من طه حسين، بعد نحو نصف قرن من رحيله عن عالمنا؟ الرجل الذي شغل عصره وزمانه، وأرسى ركائز التنوير والعقلانية في التعامل مع قضايا الأدب والتاريخ والمجتمع، وتعرض للمحاكمة بسبب كتابه «في الشعر الجاهلي» عام 1926، في واحدة من أشهر القضايا والمعارك الثقافية التي شهدتها مصر والعالم. في هذا التحقيق آراء نقاد وكتاب مصريين، حول تراث «عميد الأدب العربي».
د. جابر عصفور: معلم الفقراء
كان طه حسين معلماً للفقراء، وهو أول من تحمس لهم، وحرص على أن ينالوا من التعليم ما لم يصل له في صباه. وعلى هذا عندما تولى مهام وزارة التعليم في 12 كانون الثاني 1950، أصدر قراراً في 1951 بمجانية التعليم الثانوي، اتساقاً مع فكرة أن التعليم متاح ومشاع كالماء والهواء. وقد ظل مؤمناً بما كتبه في مؤلفه المهم: «مستقبل الثقافة في مصر» الذي أصدره عام 1938، والذي قام بتأليفه بعد توقيع معاهدة 1936 مع إنجلترا، ووضع فيه تصوره لما يجب أن تكون عليه مصر من الناحية التعليمية والقدرة على التأثير.
ركز «العميد» على نقطتين مهمتين جداً في ما يتصل بتعليم الفقراء، أولاهما نوعية التعليم الذي يجب أن يقدم لهم؛ لكن للأسف الآن أصبحت العملية التعليمية تدار دون أن يكون لها مضمون حقيقي. وقد قرأت طه حسين جيداً، ولدي كتاب يناقش مؤلفاته وأفكاره، وأرى أن أهم ما نادى به طه حسين هو تعليم الفقراء بلا مقابل، بحيث لا تحمّلهم الدولة أي أعباء؛ خصوصاً المتفوقين منهم، والآن لا تزال مجانية التعليم قضية مشكوكاً فيها، أما عن نوعية التعليم التي دعا إليها فلم تتحقق في عديد من الدول باستثناء الدول الغنية التي تمتلك ثروة نفطية؛ لكن بقية الدول غير قادرة على تحقيق نوعية التعليم التي دعا لها «العميد» وحلم بها.
أما القضية الأخطر التي دعا لها فهي إلغاء ثنائية التعليم. كان يرفض وجود نوعين من التعليم (مدني وديني) ويرى أن التعليم لكي يؤتي ثماره ويحقق أهدافه في بناء المجتمع، لا بد من أن يكون - حسب معايير الدولة التي تسعي لوجود حكم مدني ديمقراطي حديث - تعليماً مدنياً وليس دينياً. من هنا رفض التعليم المزدوج، وكان يرى أنه سوف يؤدي لانقسامات كبيرة في المجتمع، ويرسخ قيم رفض الآخر، وعدم قبول وجهات النظر المخالفة. وقد خبر «العميد» ذلك عملياً أثناء دراسته في «الأزهر»؛ حيث ناله كثير من التعنت بسبب وجهات نظره التي كان من نتائجها خروجه من هناك دون حصوله على «العالمية»، واضطراره للالتحاق بـ«الجامعة الأهلية» التي حصل منها على درجة الدكتوراه، عن أبي العلاء المعري، ثم سفره إلى فرنسا وحصوله على الدكتوراه من «جامعة مونبلييه»، في فلسفة ابن خلدون. وكان المناخ بالطبع في كلتا الجامعتين مختلفاً تماماً عما لاقاه من شيوخه في «الأزهر».

د. أشرف راضي: سيرته الذاتية
أهم ما في مشروع طه حسين الفكري هو سيرته الذاتية التي دونها في رواية «الأيام»، وظلت مقررة على طلاب الثانوية العامة في مصر لسنوات طويلة، وشكّلت وجدانهم، وكانت نبراساً لمسيرتهم في الحياة، وهي أهم وأعظم ما تركه «العميد»، وتقدم سيرته الذاتية والأفكار التي طرحها في موضوعات شتى. في تقديري، فإن عدداً من الرسائل لا تزال صالحة: أولها السعي للتحرر من القيود التي فرضها العجز الجسدي؛ حيث تغلب على فقدان البصر بتقوية البصيرة، والقيود التي فرضتها نشأته في قرية نائية، والتي فرضها «الأزهر»، وقد تحداها بانتقاله للدراسة في «الجامعة المصرية» الوليدة، لاكتشاف معارف جديدة وعلوم أحدث، وأخيراً القيود التي تضعها أفكار الأولين، والتي تحداها بكتابه «في الشعر الجاهلي» عام 1926 الذي أحدث ضجة سياسية وفكرية.
يروي لنا طه حسين في «الأيام» عن الخرافات والأساطير التي كانت شائعة في قريته الصغيرة؛ لكنه لم يسلم عقله الصغير لهذه المرويات. كان يحركه الشغف بالمعرفة والعلم، ولم ينته شغفه بحصوله على الدكتوراه في الأدب العربي وأرفع الجوائز الأدبية، فراح يغوص في تراثنا الأدبي متعلماً قبل أن يكون عالماً.

نبيل عبد الفتاح: منهج مغاير
السؤال المعرفي والإشكالي حول أثر طه حسين في تطور نظم الأفكار الحداثية، يبدو لي جزءاً من خطاب البداهات؛ لأن المقارنات المنهجية والبحثية الفعالة انتهت بما يشبه الإجماع على الأثر الفعال لدوره، وكتاباته التأسيسية في عديد من المجالات، وطرحه الأسئلة المختلفة، والمنهج التاريخي النقدي المغاير الذي أحدث قطيعة مع الفكر الموروث والتقليدي، والبلاغة الكلاسيكية والذائقة اللغوية المسيطرة. لطه حسين حضوره الباهر في قلب الكتابة العربية كلها بلا نزاع، وذلك منذ كتابه «في الشعر الجاهلي»، وما طرحه من مقاربة تاريخية صادمة للعقل النقلي الأدبي والديني معاً، وهي ممارسة تاريخية شكلت قطعاً منهجياً ومعرفياً مع السائد والمسيطر الذي يعيد في ملل تكرار مقولات لا تاريخية، ثم كتابه «الفتنة الكبرى»، وغيرها من الكتب التي لا تزال تمثل جذوراً مرجعية أولية في مقاربة الموروثات التاريخية، فالمقاربة التي أسس لها «العميد» شكَّلت الموجّه التاريخي لعديد من الكتابات التي مارسها بعض كبار الباحثين العرب. من هنا يمكن القول إن «العميد» سيبقى جزءاً من تاريخ الفكر العربي الحديث والمعاصر.

د. محمد بدوي: النظرة النقدية
في تقديري أن طه حسين نموذج للمفكر الحداثي. بل هو أهم مفكر منذ «عصر النهضة» إلى اليوم، ونحن ما زلنا في حاجة إلى مشروعه وأفكاره. نحتاج إلى تعميم منهجه العلمي في دراسة الأدب والثقافة والعلوم الإنسانية، وهو المنهج الذي يقوم على النظرة النقدية، كما ظهر في كتبه عن ابن خلدون والشعر الجاهلي والفتنة الكبرى. نحتاجه أيضاً في تعميق رؤيتنا للعلاقة بالآخر، كما صاغها في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، وهو أكثر الرؤى الحديثة كمالاً وعمقاً. كما نحتاجه في فهم مسألة الهوية، فقد كان يضع قدماً في التراث العربي وأخرى في الثقافة الحديثة.
وأخيراً يحتاج المثقف العربي إلى إرادة طه حسين الحديدية وجرأته في اقتحام القضايا المتعلقة بالتقدم والعدالة، وقدرته على تفكيك البديهيات والمسلمات.

عبد الناصر حنفي: ابن لحظته وواقعه
لا شك في أن جهود طه حسين كانت خطوة متقدمة ومطلوبة بشدة، في سياق إعادة بناء الثقافة المصرية وتحديد المسارات الرئيسية لعلاقتها بالعالم ورؤيتها لذاتها وللآخر. والأمر هنا لا يتوقف على ما كتبه أو ما حاول إتاحة تداوله من أفكار فحسب، إنما يمتد أيضاً لدوره الأكاديمي والحكومي في صناعة السياسة الثقافية المصرية.
لكن منجزه كان في النهاية مجرد خطوة تمهيدية لا قيمة لها بذاتها، إن لم تكن مقدمة لغيرها، ولا أعتقد أن هذه النقطة كانت غائبة عن رهانات طه حسين نفسه، بالنظر إلى حرصه على هدوء أفكاره (بل تقليم أظافرها إن لزم الأمر) وتدرج الإجراءات التي يقوم بها أو يدعو إليها، ولذلك سيبدو هذا «المفكر» الذي جمع بين سمات المثقف الأكاديمي ورجل الدولة، ابن لحظته وواقعه بصورة مفرطة، وهو واقع يتباعد عنا بسرعات فلكية منذ سبعينات القرن الماضي.

حاتم رضوان: تجنب ثقافة النقل
دعا طه حسين إلى تجديد الخطاب الثقافي، وعدم الانسياق وراء الأفكار والقوالب الجامدة والجاهزة، وتجنب ثقافة النقل. وكانت له آراء بخصوص الديمقراطية، أكد فيها أنها السبيل الوحيد إلى تحديث المجتمع وتحرير الوطن وتوحيد الأمة، وأن الديمقراطية والحرية عنصران أساسيان ومتلازمان لأي وجود إنساني. ونادى بتعلم وإتقان اللغات الأجنبية لمعرفة الآخر والانفتاح على الغرب المتحضر لكي نكون أنداداً وشركاء له في الحضارة، وهو صاحب شعار «التعليم كالماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه». كما كانت لغته سابقة لعصرها تمتاز بالسلاسة والبعد عن التقعر والتعقيد.
“مقتطفات ضافية”
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
* أديب وصحفي مصري
“الشرق الأوسط” – 1 تشرين الثاني 2020

***********
ص13
الفنان قتيبة الجنابي ساهم في صنعه
فيلم «عنف مفرط» .. ثمرة 20 عاما
في توثيق وفيات سجناء ومعتقلين لدى الشرطة
صفاء الصالح


قبل وقت طويل من وفاة جورج فلويد والاحتجاجات التي عمت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض العواصم العالمية في سياق ما عرف بحركة “حياة السود مهمة”، كان الناشط والمخرج السينمائي البريطاني كين فَيرَو منشغلا بمشروع لتوثيق حالات الوفاة خلال عمليات الاعتقال والدَهم، التي تقوم بها أجهزة تنفيذ القانون، والتي تطال في الغالب السود والأقليات الأخرى.
فقبل أكثر من 19 عاما، أثار فَيرَو هذه الموضوع في فيلمه المثير للجدل “لا عدالة”، الذي حظي باهتمام نقدي كبير وبعروض كثيرة في العديد من المهرجانات السينمائية أو الفعاليات الحقوقية. وها هو اليوم يعود إليه بفيلمه الجديد “عنف مفرط”، الذي قدم عرضه الأول في مهرجان لندن السينمائي الأخير، موثقا حالات جديدة حدثت بعد عرض فيلمه السابق، ومقدما وثائق ويوميات لفعاليات احتجاجية وما يراه أدلة جديدة في هذا الملف.

قضية نضال
ومثل هذا المشروع لم يكن، بالنسبة لفَيرَو، مجرد فيلم سينمائي أو سلسلة أفلام، بل قضية نضال وحملة مستمرة كرس فنه لخدمتها وكان أحد الناشطين الفاعلين فيها، يحدوه نزوع لا يحد لكشف الحقيقة وتطبيق العدالة لمن يراهم ضحايا العنف المفرط الذي تمارسه الأجهزة الشرطية في عالمنا المعاصر. وعندما تمر فترة طويلة تطمس فيها الأدلة، تتراجع إمكانية الكشف عن الحقيقة وتزداد بالمقابل ضرورة الكفاح من أجل إحقاق العدالة.
وقد انعكس ذلك في أسلوبه السينمائي في التعامل مع مادته، فهو لا يضع فاصلاً بينه وبين موضوعه السينمائي؛ بل نراه حاضرا شخصيا في كثير من مشاهد فيلمه التي تبدو كأنها يوميات يوثقها بكاميرته المحمولة، سواء في المظاهرات والاحتجاجات التي صورها أو عبر مرافقته لأهالي الضحايا ومشاركته في اجتماعاتهم ونشاطاتهم ومراجعاتهم الرسمية، ضمن ما يصفه بأنه “حملة مستمرة” أو “بلا نهاية”، وهي العبارة التي جعلها مثل وسم مكتوب ظل يومض في بعض مشاهد فيلمه.
واستخدم فَيرَو أسلوب الراوي، حيث يدخل على الصورة راويا للأحداث، في صيغة رسالة يوجهها إلى ابنه وعبره للأجيال الجديدة لمواصلة الكفاح من أجل إحقاق العدالة. فنراه يقول له: “أترك هذا الفيلم لك ولجيلك بوصفه دليلا على الكفاح”.
وفي مقطع أخر يقول: “هذا الفيلم هو ذاكرة لأولئك الذين لا يمكن نسيانهم، وتحذير لأولئك الذين يرفضون رؤية” (ما حدث).

“لا عدالة”
لقد نجح فَيرَو في فيلمه المثير للجدل “لا عدالة” في عام 2001 (يمكن مشاهدته على موقعي فيمو ويوتيوب) أن يلفت الانتباه إلى هذه القضية، في كشفه الصادم عما يراه وفيات “مشكوك فيها” في السجون ومراكز الشرطة البريطانية. إذ يحصي نحو 1000 حالة وفاة “مشكوك فيها” وقعت في السجون في الفترة بين 1969 و 1999 ويرى أن العدالة لم تتحقق بالنسبة للضحايا في معظمها.
وعلى الرغم من الاحتفاء النقدي بالفيلم وعروضه الكثيرة في مهرجانات ومناسبات سينمائية، تردد كثير من القنوات التلفزيونية، التي سبق أن عرضت أفلام فَيرَو والأفلام التي انتجها شركته “ميغرنت ميديا”، في عرض هذا الفيلم بعد السجال القانوني الذي أحاط بالفيلم وتهديد اتحاد العاملين في أجهزة الشرطة بمقاضاة من يعرضه ويروج له.
رافق فَيرَو احتجاجات الأهالي ووثقها في فيلمه على مدى عقد كامل بيد أن فيلم فَيرًو الجديد يأتي وسط زخم كبير وفره الحراك الضخم لحركة “حياة السود مهمة” بكل ما أثارته من احتجاجات ومراجعات فكرية للموضوعات المتعلقة بواقع العنصرية والعلاقات العرقية. ولا يمكننا القول هنا أن فَيرًو يستثمر هذا الزخم، بل الحقيقة هي العكس، إذ سلط هذا الزخم الضوء على أهمية مشروعه وجهده الاستشرافي المميز في بحث هذه القضية.
ومن بين الحالات التي قدمها الفيلم : بريان دوغلاس، وهو زميل سابق للمخرج أثناء الدراسة، توفي جراء كسور في جمجمته إثر ضرب بهراوة الشرطة على رأسه في عام 1995، وكريستوفر أدلر الذي تُرك ليموت على أرض مركز الشرطة بعد أن أصيب برأسه أيضا أثناء عملية اعتقاله. والبرازيلي جين تشارلس دي مينيزيز (27 عاما) الذي أطلقت الشرطة النار عليه وقتلته في محطة ستوكويل جنوبي لندن في يوليو/تموز 2005 بعد الاشتباه في انه قد يكون واحد من أربعة إرهابيين حاولوا القيام بهجوم انتحاري بالقنابل على نظام النقل العام قبل يوم، وهاري ستانلي، وهو نجار ومصمم ديكور أطلقت الشرطة النار عليه متوهمة أنه يحمل سلاحا وفي الحقيقة أنه كان يحمل رجل منضدة خشبية، وبول كوكر الذي توفي وحيدا في زنزانته وروجر سيلفستر الذي أغمي عليه أثناء عملية اعتقال عنيفة في عام 1999 ودخل في حالة غيبوبة لم يصح منها أبدا، فضلا عن نور سعيد الذي توفي جراء سقوطه من الطابق الثالث أثناء عملية دهم للشرطة في يناير/ كانون الأول 2006.
ولا يكتفي الفيلم بسرد ما جرى لهؤلاء الأشخاص بل يبحث في ذكرياتهم وانطباعات أصدقائهم وعوائلهم أيضا عنهم، ليقربهم أكثر إلى المشاهد في صورة نماذج إنسانية كانت لها أفراحها وأتراحها وطموحاتها وأحلامها.
ويرافق عوائلهم المطالبين بإحقاق العدالة لهم في اجتماعاتهم وفي مراجعاتهم للسلطات الرسمية وفي مظاهراتهم واحتجاجاتهم. وقد ظل يرافقهم على مدى أكثر من عقد في كثير من نشاطاتهم تلك، موثقا مطالباتهم بإحقاق العدالة لذويهم؛ ومعظمهم مر على موتهم أكثر من عقد.
مقالة سينمائية
ويقع في قلب مشروع فَيرَو التزام أيديولوجي بقضايا الفقراء والمهمشين وربط واضح بين اختلالات القضايا الطبقية والعلاقات العرقية في مجتمعاتنا المعاصرة. فمعظم ضحاياه هم من عوائل السود والأقليات الأخرى والطبقات الفقيرة، بيد أنه لا يكتفي بتوثيق تلك الحالات بل يضعها في سياق تاريخي وعالمي أوسع، مدفوعا بنزوع لا يحد للعدالة الإنسانية، عبر ربطها بما يراه سياق أوسع من الاختلالات والأزمات التي يخلفها النظام الرأسمالي والحروب “الإمبريالية” التي تسبب فيها.
فنراه يحرص على تقديم مشاهد من المظاهرات التي خرجت ضد الحرب على العراق، حيث نرى الكثير من الشرائح التي يتحدث عنها ممثلة فيها، أو يقدم مشاهد عن الحرب الفيتنامية والاحتجاجات عليها، كتلك المشاهد الشهيرة لأطفال القرى الفيتنامية التي قصفت بقنابل النابالم الحارقة.
لقد وقعت على كاهل مونتير الفيلم، ستيف موريس، مهمة بالغة الصعوبة في الخروج بمادة فيلمية متماسكة كتلك التي قدمها الفيلم خلال 75 دقيقة من كل تلك المواد والبيانات والشهادات العائلية ومقاطع كاميرات المراقبة والمقاطع المصورة التي جمعت على مدى نحو عقدين والتي صورها فَيرَو بكاميرته الشخصية أو بالاستعانة بالمصورَيْن اللذين عملا معه وهما: المخرج والمصور السينمائي والفوتغرافي (العراقي) قتيبة الجنابي والمصور سليمان غارسيا.
ولم يعدم فَيرَو استخدام أي وسيلة تدعم حججه وبراهينه والأفكار الآيديولوجية التي يقدمها في فيلمه، فقدم مقالة سينمائية “ essay film” ناجحة، فكان أقرب إلى الصحفي الاستقصائي الذي يستخلص الحجج والبراهين التي تدعم مقدمته المنطقية التي انطلق منها، والباحث الذي يقدم لنا مقالا مدعما بالبراهين لا سردا سينمائيا يترسم حبكة معينة. ولا يقدم لنا الفيلم حبكة قصصية أو سردا زمنيا متسلسلا، بل قفزات وانتقالات بين فترات زمنية وأماكن مختلفة، يجمعها بحث المخرج الشخصي واستنتاجاته المنطقية، فنراه لا يكتفي بالصورة السينمائية بل يستخدم الكلمة والنصوص المكتوبة والشعارات، بما يذكر بسمات أسلوبية للمخرج الطليعي الفرنسي جان لوك غودار، الذي بدوره انخرط في إنتاج مقالات سينمائية إلى جانب أفلامه الروائية المعروفة.
ولا تبدو النصوص والاستعارات التي يستخدمها فَيرَو مجرد تعليقات خارجية على الصورة في فيلمه، بل أن كثيرا منها هي استعارات من منظرين أو كتاب ومخرجين وناشطي حقوق مدنية يُدخلها في نسيج سرده السينمائي ويتحاور معها كمقولات جمالية أو فكرية.
وبسبب ما يراه غياب تحقيق العدالة لضحاياه، ينثر فَيرَو كل ما وثقه من مقاطع فيلمية وما جمعه من بيانات وأدلة وبراهين بصرية أو حجج منطقية أو استعارات ومقولات فكرية واضعا إياها أمام مشاهديه الذين يجعلهم أشبه بهيئة محلفين منتظرا حكمهم النهائي ومحفزا لإحساسهم وميلهم الفطري للعدالة الإنسانية ومراهنا عليه.
“مقتطفات”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*بي بي سي 29 /10 /2020
***************
ص14

الاحتجاجات بين الوعي الحقيقي والوعي الزائف
ماجد الياسري


عصرنا هو عصر العولمة والثورة الرقمية والاتصالات والتنوع اللامتناهي للمعارف الانسانية والعلمية بشكل لم يشهده القرن السابق، وسيستمر هذا كعامل مهم في التقدم الاجتماعي شرط استخدامه في الحياة الاجتماعية، وفي النضال لفتح آفاق جديدة في حل الأزمات المستعصية للأنظمة التسلطية، ومنها النظام السياسي في العراق، المأزوم والذي فقد القدرة على الاستمرار بدون اصلاح جذري وتغيير حقيقي.
وجاءت الاحتجاجات الشبابية والطلابية والنسوية التشرينية، التي غلب عليها الطابع العفوي الجماهيري وسعة قاعدتها الشعبية وافتقادها الى الهيكلية التنظيمية التقليدية والتأكيد على الطابع السلمي، انعكاساً لهذه الازمة أيضا. ومن الظواهر الهامة الاخرى تصاعد حالات القمع المفرط والقنص من جهة، وتغلغل فرق متغولة في داخلها لأسباب عدة يجمعها هدف واحد هو إضعاف الاحتجاجات وانهائها كليا، خدمةً للطبقة السياسية المحتكرة للثروة والسلطة والتي تدعمها الميليشيات المسلحة.
ويقودنا هذا الى السؤال: لماذا انخرط هؤلاء في منظومة بلطجية البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية العراقية؟ الجواب يكمن في جدلية الحقيقة والزيف في الوعي الفردي والجمعي العراقي.

تكامل الوعي والنضج الفكري
تؤكد التجربة التاريخية ونتاجات العلوم ان المعرفة وما ينتج عنها من وعي بما يردها، عند الاتصال بالواقع الخارجي عبر الحواس الخمس التي هي نوافذ للعقل، تتبلور ومن خلالها منظومات الأفكار والمعلومات والحقائق حول الواقع الماديّ والنفسي، وجملة من الآراء والتقييمات والمصطلحات والمفاهيم. وعبر هذا التراكم المعرفي من الخبرات اللصيقة بالممارسة العملية، يتكامل الوعي والنضج الفكري في فهم وتحليل وتقييم ما يحدث من حوله وتحديد الموقف منه قبولا أو رفضا.
لذلك فهي عملية جدلية تخص الذات الإنسانية المدركة للعالم الخارجي والمرتبطة بالممارسة العملية للنشاط المادي والاجتماعي .فالوجود الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي الذي يتكون من موشور واسع متباين ومتحرك من اشكال الوعي. لكنه دائما ما يعكس التناقض الرئيس بين ايديولوجيات تمثل منظومة السلطة، وأخرى تعبّر عن احباطات وتطلعات الفئات الاجتماعية التي تجمعها هموم اقتصادية واجتماعية ونفسية مشتركة. و لكن لأن لكل ظاهرة نقيضها فليس كل ما يتكون من مفاهيم ووجهات نظر أو أفكار متعلّقة بالحياة والمجتمع والطبيعة المحيطة به، يشكّل وعياً حقيقياً، بل هناك أيضا اشكال زائفة من الوعي ومعاكسة، بسبب عوامل مؤثرة وضاغطة هي جزء من الترسانة التي تستخدمها الطبقة المتسلطة في العراق لتغييب الوعي وتزييفه.
ومن العوامل المؤثرة في صياغة تفكير الإنسان ووعيه، تراكم المفاهيم والقيم والقناعات في حياته المبكرة واللاحقة، الآتية من الأسرة والمجتمع ومنظومات التعليم والتربية والثقافة الرسمية والدينية. وهناك ثانياً نوعية المنهج الفكري للفرد. وهو عادة صراع بين المنهج العلمي الذي يستند على العلوم والمعرفة، خاصة في ما يشهده العالم من تطورات متسارعة في علوم الكون والانسان كالجينات والاستنساخ والعلوم الطبيعية، وفي المنهج الروحي الديني الذي يعظم المقدس ويقدم تفسيرات للفكر والطبيعة والمجتمع لا تنسجم مع تطور المعارف والعلوم، خاصة في حالات التطرف والسلفية والتكفير وتحريم الاجتهاد خارج المقدس المطلق. وثالثا، تراكم الخبرة والتجربة البشرية المعاشة في الحياة اليومية من سياسة واقتصاد وقضايا حياتية اجتماعية، وهي في حالة صيرورة مع متغيرات الواقع والحياة. اما النهائية لدى الفرد فهي انعكاس لواقعه الاجتماعي وتفاعله مع بيئته الاجتماعية، يتفاعل فيها خليط من الأفكار والقيم والمشاعر لفهم هذا الواقع الاجتماعي وتطوير آليات عقلية لتنظيم هذه العلاقة. ومن بين التشخيصات النفسية مفهوم الاغتراب لدى ماركس، او التشيؤ لدى لوكاش.
وخلاصتها هي ان الوعي هو منظومة من الأفكار والمعلومات والحقائق والآراء والمفاهيم ذات الجوهر الماديّ أو المعنوي. وعبّر عنه ماركس بأن الوعي هو بناء فوقي تندرج تحته كافة الأنشطة الإنسانية، التي تجعله قادرا على التوصل الى فهم معين لمجالات حياته الاجتماعية وتطوير آليات لتغيير هذا الواقع وإصلاحه. وهي في الوقت ذاته تعكس أفكارا ومقاربات منهجية تتأثر بالأيديولوجيات المهيمنة تجسّد مصالح طبقية محددة. ففي العراق مثلا تشكل البرامج السياسية للأحزاب المسيطرة أداتها في خوض الصراع الفكري المحتدم، بهدف تزييف الوعي الطبقي وخلق حالة من التشظي والانقسام داخل الفئات المسحوقة والكادحة والمهمشة، في مواجهة الصراع السياسي والاجتماعي المحتدم حول ضرورة وشكل ومحتوى التغيير الذي تطالب به جماهير الاحتجاجات، وأيضا بغرض تجنيد الأعضاء والحلفاء الوقتيين والدائمين، والنفاذ عبر الواقع الصعب الذي يعيشه من تبلور لديهم وعي زائف من خلال استغلال ظروفهم المادية والاقتصادية، ودفعهم لإتخاذ مواقف معادية للاحتجاجات أو حتى تجنيدهم في نشاطات إجرامية مخالفة للقانون العراقي وحقوق الانسان.

البناء الاقتصادي والوعي الاجتماعي
وقد حلل ماركس في مقدمة كراس “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” الأساس الفكري لهذه الظواهر الاجتماعية عندما شرح كيف إن الناس أثناء الإنتاج الاجتماعي لحياتهم يقيمون في ما بينهم علاقات معينة ضرورية مستقلة عن إرادتهم. وتُطابق علاقات الإنتاج هذه درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية. ومجموع علاقات الإنتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع، أي الأساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي وتطابقه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي. إن نمط إنتاج الحياة المادية يشترط تفاعل الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية بصورة عامة. فليس إدراك الناس هو الذي يعيّن معيشتهم، بل على العكس من ذلك، معيشتهم الاجتماعية هي التي تعيّن إدراكهم. وعندما تبلغ قوى المجتمع المنتجة المادية درجة معينة من تطورها، تدخل في تناقض مع علاقات الإنتاج و تصبح قيودا لها تعيق تطورها اللاحق وتفتح أفق الثورة الاجتماعية.
ومن اشكال الوعى الزائف تلك التي تدفع الناس إلى القناعة والقبول بالأمر الواقع، وتؤدي الى العزوف عن المشاركة العملية والفعلية في الاحتجاجات الشعبية، بينما قد تدفع آخرين في اتجاه معاكس نحو التطرف وتقديس العنف والمطالبة بحمل السلاح، بدون النظر الى الشروط الذاتية والموضوعية التي يجب توفرها لانطلاق الثورة المسلحة.
في هذا المثال من الوعي الزائف والخاطئ تعيق الأدوات الأيديولوجية السائدة إدراك الناس لحقيقتهم وحقيقة واقعهم، وكونهم هم من يستحقون اقتصاداً معتمداً على قطاع صناعي وآخر زراعي، يوفران فرص العمل للملايين والحياة الكريمة للمواطن العراقي. وهم الذين يستحقون الموارد النفطية ومئات التريليونات من الدنانير، وليس البرجوازيون البيروقراطيون والطفيليون الذين يملكون وسائل الإنتاج ولا يعملون ولا يساهمون في الإنتاج، بل يمارسون سرقة الريع النفطي وتحويله الى حسابات سرية وشركات قشرية زائفة وعقارات في الخارج.

صراع الوعي العفوي والوعي الزائف
لذا فإن وعي المهمشين والمحرومين والعاطلين عن العمل يشهد صراعا بين الوعي العفوي ضد الظلم والاستغلال، والمفاهيم والقناعات المترسبة التي تقبل بالأوضاع القائمة (الوعي الزائف) والتي تجسّد وتكرّس ظلمهم واستغلالهم. وكانت المشاركة في الاحتجاجات المدرسة التي ساهمت في حسم هذا الصراع، لترتقي بوعيها الى موقع التحدي لهذه الأفكار والقناعات والمشاركة الفعالة في العمل من اجل الإصلاح والتغيير.
وقد لعبت الأنشطة الثقافية التي ازدهرت في ساحات التظاهر من قبل مثقفين ثوريين عضويين، دوراً هاماً في بلورة وعي هذه الفئات وتحفيز مشاركتها في الأنشطة الاحتجاجية، لأنها تصدت للوعي الزائف الوهمي عبرالأنشطة المختلفة لتوضيح مسببات وجوده وتناقضاته مع الواقع الاجتماعي والاضطهاد المتنوع الذي يتعرض له المواطن العراقي، وتزويده بالقدرة على مواجهة التسويف والتزييف والتزلف والفكر الغيبي، الذي تبثه أدوات الطبقة المتسلطة الإعلامية ومنصاتها الالكترونية، بينما توجه قناصيها لقتل الناشطين وتفسح في المجال للعصابات والمافيات التي هي جزء منها او من خارجها، لقمع الاحتجاجات بسبب ما تشكله من خطر على مصالحها المادية وواردات النشاطات الاجرامية.
ومن طبيعة الاحتجاجات انها في حالة حركة دائمة بين مد وجزر، لا تتوقف بل تتطور و تنمو، لان أسباب ظهورها و استمراريتها ما زالت قائمة.
************

ص 15

السمة الاحتجاجية
في الأدب الشعبي العراقي
(الشعر الشعبي انموذجا)

لفته عبد النبي الخزرجي


الأدب الشعبي: هو التعريف بتاريخ وتراث شعب من الشعوب، الفن الشعبي، الأغنية الشعبية، الأهزوجة الشعبية، الفلكلور الشعبي، الأساطير الشعبية، عندما يتم الحديث عنها بلغة شعب من الشعوب. وقد تميز الشعر الشعبي العراقي بمزايا كثيرة، جعلته في موقف الرفض والتحدي للظلم الاجتماعي والتفاوت الطبقي، والتفرد السلطوي، والقمع السياسي، والفساد المالي والإداري..
(گبل جان اليبوگ.. يحوف تالي الليل هسه الظهر يسطي ومحد يرده..)
وهكذا سمعنا المهوال.. وهو فلاح من الجنوب.. يحكي معاناته مع سياط الجلادين وأعدائه الطبقيين.. إضافة الى تعرضه للجوع والحرمان والقهر الاجتماعي:
على الله والعلى الله بضاعة المسكين
بشواربنه ولحانه لامرك مطـيعين
تطالبني على حـگـي وآنه اطلبك دين
“ولازم يصدف يوم الدنيا اتحول الراكب “
او كما ردد هذا المهوال وهو من أهل الرميثة.. المدينة التي شهدت انطلاقة الثورة العراقية الكبرى،حيث قال:
امشاجف والزمان مرادف الطگـات... واريض اهموم وكتي بصفنة الهوسات
تمطر غيض روحي مرافجة اللـچمات... وانشدنك يعمري على الزمان الفات
(إمشاجف دوم إمشاجف.. لاجن يالحر ما ذليت)
وهذا غيض من فيض.. فيما نطق به الشعراء وهم يتبارون في نبش الواقع المأزوم في مجتمعنا..
وقد رافق الشعر الشعبي مسيرة الانسان...فكان سيفه في منازلة الباطل ومقارعة الطغيان.
ويقال إن التاريخ.. في سجالاته.. قد يعيد نفسه في بعض مواقفه.. وهذا ما قرأناه في قصيدة للشاعر الشعبي المرحوم عباس اللامي.. وهو يصف برلمان العراق قبل اكثر من 80 عاما.. وكأنه ينطق عن برلمان العراق هذا اليوم:
شو ماله حس هالمهيوب
شو حسه ما يطلع سكت... وتناوش الكرسـي ونبت
والناس ماتت وانسبت... واتزينـت بالـمـگـلوب
شو ماله حس هالمهيوب
يشرب ويطرب بالفرح... ومكيف وصدره انشرح
ما يحجي بس گـاعد شبح... سكاتي مثل المصلوب
شو ماله حس هالمهيوب
إن هذا الذي سمعناه.. من الشاعر الملا عباس اللامي ما زالت أفكاره حية ونحن نعيشها تماما.. رغم أنها قيلت قبل اكثر من 80 عاما، والنواب الآن يضعون حجر الأساس بقوة لمبدأ النهب المشرعن.. فهم لم يكتفوا بالأموال الطائلة التي يحصلون عليها.. بل إنهم يريدون امتيازات ومكافآت ومنحا مالية تضاف إلى رواتبهم الفلكية..
نتحده المنايه ونسحـگ الطاغوت....
ونعبر عل الكلافة ولا يهمنه الموت
ومن طبع العراقي على الثجيلة ايفوت
انجان اتريد الشاهد.. عدنه الفايل بالعشرين
وفي زمن النظام ألبعثي الأسود، عرض فلم كان اسمه “ المسألة الكبرى “ وهو يتحدث عن ثورة العشرين..وعندما لاحظه احد مهاويل الرميثة.. نهض غاضبا..ورفع صوته محتجا ورافضا منطق ان تكون الثورة لغير أهل الرميثة وهم من صنع الثورة بدمائهم ورجالهم وتضحياتهم البطولية:
لون شعلان يدري انباگت الثورة
جا فج التراب وطلع من گبره
ماهي بالسوير المسألة الكبرى
الشاهد عدنه الشاهد احنه ايتام من العشرين.
ولا يفوتني ان أذكر بمرحلة الشعر ألنوابي وشعراء العراق المحدثين ومواقفهم المعروفة في الدفاع عن طموحات شعبنا في حياة كريمة ووطن سعيد.. فقد كانت لهم قصائد اجادوا فيها كثيرا، الشاعر عريان السيد خلف والشاعر ناظم السماوي وحامد كعيد وابوقمر وغيرهم الكثير..


***********

فضاء شعبي

ناظم السماوي
واحد من قامات
الشعر اللامعة

موفق الربيعي

ناظم ناصر عليوي واسم الشهرة ناظم السماوي شاعر وصحفي عراقي من مواليد عام 1941 ولد في محافظة السماوة محلة الغربي. تربى في بيئة شعرية حيث كان والده ناصر عليوي ال مشل الخفاجي شاعرا ورادوداً حسينياً وكان يصطحب ابنه ناظم معه الامر الذي اسهم بشكل كبير في بلورة موهبته الشعرية منذ نعومة اظفاره. سافر مع والده منتصف الخمسينيات الى دولة الكويت، ودرس وعمل هناك، وكتب اول ديوان بعنوان “جنوبيات“في العام 1959، يحتوي على 17 قصيدة في شتى الاغراض الشعرية المتفرقة، ونشرت في مجلة لبنانية اسمها “الوعد البيروتية “ لصاحبها محمد علي فتوح زوج المطربة الكبيرة سعاد محمد. ومن القصائد التي يعتز بها في هذا الديوان قصيدة اهداها للزعيم عبد الكريم قاسم اسمها (يوم السلامة)، وقد بثت بصوت الشاعر زاهد محمد. اعيد السماوي الى العراق عام 1963 حيث سلمته السلطات الكويتية انذاك الى الحكومة العراقية التي كانت تطارده بتهمة الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي. عند عودته احتجز في احد المعتقلات بالبصرة لمدة ثلاثة اشهر بعدها حكم عليه بالسجن لمدة خمسة واربعين عاما. تم ترحيله الى سجن (نقرة السلمان) ذلك السجن الرهيب قضى السماوي ثماني سنوات مسجونا وكتب فيه اروع قصائده الشعرية وقدم الشاعر من الاغاني التي تجاوزت الالف اغنية اغاني للأطفال وللوطن واغاني لأشهر المطربين وكان معه في السجن مظفر النواب وزهير الدجيلي والفريد سمعان وسعدي يوسف وسعدي الحديثي.
* كتب عنه الاستاذ عبد البطاط (لا يمكن للشعر ان ان يخبو وهناك قامات من الشعر ما زالت تمضي وتواصل وتنحت كلماتها في وجدان التاريخ والشاعر الكبير (ناظم السماوي) واحد من هذه القامات اللامعة التي ما زالت تسطع بابداعاتها في سماء الشعر الشعبي الحديث .. فتضيء وجدان الجماهير الذين ما زالوا على ولائهم للكلمة العذبة والمشاعر الصادقة.. اذ انه لا يوجد بين شعرائنا الشعبيين المعاصرين من يجسد في حضوره الانساني وسلوكه اليومي مثلما يفعل ناظم اليوم).
* يقول السماوي كتبت قصيدة يـاحـريمة وكانت فاجعة لقصة حبي الاول الـذي انتهى بالخـذلان. وظلت معي ثم اعطيتها للملحن الكبير محمد جواد اموري فظلت عنده لاكثر من عام ونصف العام ثم لحنها بعد وفاة زوجته وكان المطرب حسين نعمة يمر بأزمة عاطفية مع زوجته السابقة فأسندت اليه الاغنية وكأن الجميع (مطرب / ملحن/ شاعر) يمرون بأزمة حقيقية فجاءت الاغنية (على الجرح) لتنفس عن مكنونات دواخلنا.
* ويذكر موقف من المواقف المؤثرة في حياته ان والده لم يكن يعلم بسجنه في (نكرة السلمان) ويظن انه يعمل في النجف، وكان لوالده مقهى في الكويت، وارسل له ابوذية مع احد الاصدقاء قال فيها (كالوا بالنجف ناظم وحله / واتمنه افك قيده واحله / اصب الجاي للوادم واحله / وانه جايي المرار اشلون بيه). وكتب له ناظم الجواب على الفور:( صب جايك يبو ناظم وحله / وبصبري افك قيدي واحله / انا مو بالنجف صدك وحله / انا بربع الخراب وهاي هيه.)

***********

ضمير

عبد الاله الفهد

اشصار لويصحا الضمير ؟
اوياخذ اشويه امن الاول
اويشري للثاني سرير /
اشصار لو يصحا الضمير ؟
اشصار لويصحا
اويقسم بالتساوي
اومايظل واحد فقير ؟

************


قصيدتان


كامل الركابي


تماهي
ضربت بروحك
زلازل
اجتاحها
الطوفان
مطرتها
نيازك
نشّفت دمها
المنافي
وانت خد وعين
غافي!

زمن

يوم بفراكك
عذاب
اسبوع
اجّن
امن الغياب
شهر
يبدي الاكتئاب
سنه
انساك
وادوّر
حب جديد
العمر
مايبقى اسيرك
يل بعيد!


***************

 

وتر مگطوع

سامي عبد المنعم

ما ظل ابعمري وتر
متگطعه اوتاري
چا بيش اغني بعد
بيش اكتب اشعاري
طفوا ابگلبي الضوه
وامسيت وحشة حزن
لا روحي تنسه المضه
ولا انت گلبك يحن
كسروا جناحي ..
وصرت طير وبلايه جناح
امنين اجيب الضوه ..
من ينطفي المصباح
خليتني ابوحشتي
وانت ابطرب وافراح
جرحني اشما ردت
بجروحك انه ارتاح
جرعني كاس الصبر
بيدك اسگيني الراح
بس لا اتخيب الامل
واتذبل القداح
واحسب احساب اليجي
مالك شغل بالراح
وهمان چنت اعتقد
گلبي نساك ومات
سديت باب الحچي
والعتب والزعلات
فز بيه ليلك غفل
واسكرت من عطرك
الليل داخ وسكر
من شم عطر صدرك
وذاب الحرير ابخجل
من سرحت شعرك
تدري اشكثر تانيت ..
طيفك يجيني ابليل
كل ليله ارسمك سهر
وعتاب ومشابگ
ما چنت ادري الزمن وياي يتسابگ
ولا حسبت هالبعد وسنين نتفارگ
غربه وجحيل وبرد
وحدي ونديمي الكاس
كل هذا ما ايست
والتذ ابحب الناس
ولا زلت انت الامل
وطيوفك الوهواس


*************
ص16

جزاء مينالي
“جزاء مينالي” عنوان مسرحية مأساوية في ثلاثة فصول، للأستاذ ماجد الخطيب، صدرت عن دار الرواد المزدهرة- بغداد. المسرحية تعتمد على اسطورة من منطقة البلقان، حاول المؤلف ربطها بقصة (جزاء سنمار) المعروفة. وقد سبق للمؤلف ان قدم عدة مسرحيات مؤلفة ومترجمة وتم عرض معظمها على خشبة المسرح.
************************
نقصان
علي لفتة سعيد*


لا أستطيع أن أداوي الألم
بالحكمة
الحكمة
لا تنفع
حين يكون المرء يتوكّأ على عريه أو جوعه
أو حتى خوفه
من مسدّس بيد طاغية
لا أستطيع أن أفهم
إن الخبز يأتي بالمرتبة الثانية بعد الحكمة
أو حتى يأتي
بعد الموت في سبيل الوطن
الحكمة
ان تكون لي بلاد
تمنحني الحكمة كي أرتّب الكلمات
لأمنحها حضارة من لغتي
لا أحد يسمع غناء الحكمة
والقلوب سود مثل مدينة منكوبة
ولا أحد يلتفت لقائلها
والعيون مشغولة بالبكاء
الحكمة
تظهر حين كان الطفل يودع أباه
كي يعود إليه بذراعين متعبين
من حمل الفاكهة
ويطعم الطيور وهي تزقزق في الروح
في بيت واسع
لم يختنق بمساحات العوز
الحكمة حين تأتي
تحتاج الى عقول لا تشغلها الحروب
ولا تفكر بالانتحار
في أنهار أغرقت فيها الضحايا بالمئات
ولا ترمي الأم طفليها
نكاية بالزوج
ولا يقتل الاب ابناءه
لانهم جياع
الحكمة لا تنفع حين يكون الضمير
لا يخاف الله
ــــــــــــــــ
*روائي وشاعر
*************
قصة قصيرة
تحولات نائم نسي أن يتدثّر
داود سلمان الشويلي*


((رأيت أنا جوانغ زي مرة في منامي أني فراشة ترفرف بجناحيها في هذا المكان وذاك، تشعرني باني فراشة. أما ذاتي الإنسانية فلم أكن أدركها قط. ثم استيقظت على حين غفلة وهأنذا منطرح على الأرض رجلا كما كنت، ولست أعرف الآن هل كنت في ذلك الوقت رجلا يحلم بأنه فراشة، أو أنني الآن فراشة تحلم بأنها رجل.))
الفيلسوف الصيني جوانغ زي

كان النائم مرعوبا في منامه، قلقا، لا يهدأ، يرتجف من شدة الخوف والبرد الصقيعي الذي خيّم على حلمه، كما خيّم الواقع عليه. كان هذا النائم، يرى الصبي الذي لم يخرج مرة واحدة خارج البيت، واذا خرج لم يمد يده ليسلم على من يريد أن يسلم عليه، بل يكتفي بإيماءة صغيرة من رأسه ذو الشعر الاسود الكثيف كخلية نحل على جذع شجرة، كوالده، وجده. كان يراه دائما وجمع كبير من النساء وهو يتحدث لهنّ، لم يعرف فحوى الكلام الذي يقوله. هذا الصبي، وللمرة العاشرة يشكّل مع مجموعة من الناس الذين فكرهم مساير لفكره، أو بلا فكر، جمعية “العتاڴين” التعاونية، مسؤولة عن الأشخاص الذين يتعاطون بيع وشراء المواد المستعملة، والعاطلة، والقديمة، فيما اجتماعه مع النساء يحدث بوجود الجمعية أو عدم وجودها.
في الحلم البارد، كان النائم يرى الصبي مع والده في أول تشكيل لجمعية “العتاڴين” التعاونية. وكان والده هو الذي أطلق عليها هذا الاسم الذي رآه مميزا بين الجمعيات، إذ يختار المتميز من الأسماء، والأكثر تأثيرا على العامة من الناس.
ترأس والده هيأتها الادارية الأولى، وعتيقها من الاشخاص، إلّا ان مرض السرطان الذي نخر جسمه كالسوس قد قضى على وجوده في تلك الجمعية، وفي الحياة أيضا، فمات بذلك المرض، فإنتقلت الرئاسة بحكم وصية المتوفي الى الصبي مع وجود أشخاص أكبر منه سنا في تلك الجمعية التي عرفت بين الناس، واشتهرت. وكان هو فتى أخضر العود، مضيء الوجه، ناعم العظام، طريّها.
بعد فترة زمنية تحسب على أصابع يد واحدة من الأشهر، أضاف هذا الصبي ذو الأسنان اللبنية، كما رأى النائم في الحلم، بعض الرجال الآخرين للجمعية، وغيّر اسمها، فأضاف لفظا جديدا له دون أن تغيب عنه علاقتة بالعتيق، وعدّل من شعارها في الشكل والألوان المختلفة.
قامت هذه الجمعية بنشاط في مجال بيع العتيق من الأجهزة القديمة، والعاطلة، والمستخدمة، فتبنى بعض افكارها مجموعة من الناس الذين يمكن أن نصفهم “بالعتاڴة”، والذين يحنون الى الماضي، فكثر أعضاؤها، وفتحت لها فروعا في محافظات العراق، وأقضيتها، ونواحيها، واختارت بيرغا لها، ينتصب واقفا بسارية معدنية بلون ذهبي خلف رئيسها، وبيرق صغير يشبهه على المنضدة التي يجلس اليها الصبي، رئيس الجمعية.
بعد فترة قصيرة، كما رأى النائم في الحلم، هذا الصبي لم يرتح الى هذه الجمعية، فقد كان قلقا لا يهدأ له بال، ولا استقر له قرار. وكان بين فترة وأخرى يغيّر شعار الجمعية دون أن يبتعد عن عالم الأجهزة المستعملة، والعاطلة، والقديمة، فقام بتغيير الكثير من أعضاء هيأتها الادارية، وغيّر بعض علامات شعارها، وبيرقها.
أخيرا استقر رأيه على أن يضيف كلمة “العراقية” الى اسم الجمعية، لأن الزمن تطلب ذلك، فأصبح اسمها جمعية “العتاڴين” العراقية التعاونية، لانه وجد لفظة “العراقية” مفقودة من شعار الجمعية. وغيّر في شعارها، إذ رسم خريطة العراق كخلفية لشعار الجمعية، إلّا ان هذه التغيرات الأخيرة جعلت أعضاء الهيئة العامة يخرجون منها خاصة بعد اكتشاف زيف ادعاء الجمعية بالعراقية كذبا، كما رأى النائم ذلك في هذا الحلم الصقيعي الذي فزّ منه مرعوبا، كما عاش الرعب فيه.
***
عند هذا الحد وهو ينظر لشعار الجمعية الجديد الذي يعلو باب بناية الجمعية، قرصته برودة جو الغرفة التي كان ينام فيها، ففزّ مرتجفا من منامه في فجر يوم بارد، كمن لدغته حية سامة، وبالكاد كان يفتح عينيه الدبقتين، وقد خرج صوت إصطكاك أسنانه من البرودة الصقيعية.
كان جو الغرفة باردا كالصقيع، والفراش الذي كان ينام عليه مثل ثلاجة كهربائية فيها علب مملوءة بالماء المتجمد، والثلج مكدس في جوانبها، ودثاره الصوفي منزاحا عن جسمه بمسافة بعيدة عنه، وقد كان نصف هذا الدثار خارج السرير الحديدي الذي كان ينام عليه، وقميص بجامته مرفوعا الى أعلى ظهره فبان جلد ظهره للعيان. شعر ان جسده ظل يختض بسرعة مثل جهاز إتصال موضوعا على وضع الهزاز.
كان الفصل شتاء وقد تساقطت الثلوج على المدينة بكثرة، والثلج في كل مكان منها يغطي مظاهر الطبيعة فيها، والبيوت، والسيارات، حتى بات أي مكان خارج البيت هو أبيض كالقطن. كانت السماء تندف الثلج مثل نثار من القطن الجديد. كان قد فزّ وبلعومه جافا على الرغم من سقوط الثلج في الخارج، وبرودة الجو في الغرفة. بلع ريقة أكثر من مرة حتى استقام له من جديد، فيما أسنانه تصطك سريعا بصوت مسموع، كصوت نزول حبوب العدس على سطح معدني.
كان كل ما رآه في منامه واضحا، إلاّ ان تغيّرات الصبي لاسم وأهداف الجمعية، ولهيأتها الادارية، وشعارها، وبيرقها، هو غير مفهوم لعقل الشخص الذي حلم ذلك الحلم، فظل يتساءل مع نفسه: هل كنت أحلم، أم ان البرد الصقيعي قد صوّر لي الأشياء هكذا؟
حمد الله وشكره كثيرا لأنه لم يكن الصبي ذاك. فالنائم، الحالم، لم تكن عنده جمعية كجمعية “العتاڴه” العراقية التعاونية، ولا هو رئيسها. ولا كان دائما يغيّر في هيأتها الادارية، وفي شعارها، وبيرقها. انه فقط رأى كل هذا عندما كان نائما في جو بارد صقيعي غير متدثّر، كان عليه فقط أن ينذر الناس ويحذّرهم من هذا الصبي اللعوب.
ــــــــــــــــ
* روائي وناقد
**************
ص17
قراءة
اللغة في «لم اكن تمثالها» لحميد حسن جعفر
علوان السلمان


يقول موريس شايلان في مقدمة مؤلفه (مختارات من قصيدة النثر) انها نوع (لمّا يتجرأ منظَّر بعد ان يصوغ قوانينه)..
ومما ورد في الكامل في اللغة) للمبرد: ان سأل مرة حسان بن ثابت ولده:ما الذي يبكيك؟ فقال الابن: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة ضرب من برود اليمن كما ورد في لسان العرب لابن منظور... فقال حسان:لقد قلت الشعر ورب الكعبة..
كون الشعرية طاقة كامنة تعكس ايقونة الماهية النصية وحقيقتها المنتجة للدلالة... وقصيدة النثر التي هي رهان الوعي في جدليته مع الوجود الكوني.. وليد المد المعرفي الترجمي والثقافي الانساني.. لذا يتوجب الوعي بشعريتها بعيدا عن ايقاعها الظاهري.. فضلا عن انها نص مراوغ بقدرته على الاحالة والترميز وتفجير طاقات اللغة لتحقيق الصدمة الجمالية للوعي المتراكم تجاه مفهوم الشعرية.. كونها تقنية ذاتية للتعبير عن النمطي الحياتي باعتماد تقنيات فنية تأتي في مقدمتها الصورة الشعرية التي تعد وسيلة التعبير الشعري واشارة دالة على معنى يكشف عن مضمونه المستهلك(المتلقي) بوعيه الذي يحولها الى قيمة فنية وجمالية بتقنية تشكل الوعاء الفني المنتج لجمالية النص ودلالته.. هذا يعني ان المستهلك شريك فاعل ومتفاعل في عملية صنع النص ابداعيا..
قصيدة النثر التي هي ترجمة لمصطلح فرنسي (poem en prose) الهدف الاساس منه هو التخلص من الوزن والتحرر من القيود التي يفرضها الشعر.. ويعد بودلير اول من ادرك ضروره منح قصيدة النثر شكلا حديثا متكيفا مع الوجود والحركات الداخلية وطموحات الانسان الحديث.. اذ ان هدفها (الفعاليه) لا الجمال الشكلي. فهي ترمي الى ان تصبح (سرا ايحائيا) مع بودلير او تقودنا نحو المجهول مع رامبو وان تتمرد على الخلق وآلية اللغه مع لوتر يامون او بلوغ المطلق مع مالارميه عن طريق تركيب حاذق لازلية البيت الشعري وتماسك النثر.. كما تقول سوزان بيرنار....
بعدها تبنت مجلة (شعر) لها واحتضنت كتابها (توفيق صانع وعصام محفوظ ومحمد الماغوط وانسي الحاج وادونيس ويوسف الخال وصلاح ستيته..).. كونها استكشاف القيم الشعرية المتواجدة في لغة النثر.. وخلق مناخ للتعبير عن التجربة بصور متجاوزة ومنفتحة على الشعرية بايقاعها الداخلي المنبعث من بين طيات الفاظها الموحية.. المستفزة لذاكرة المستهلك (المتلقي) ونابشة لخزانته الفكرية باستنطاقها والاجابة عن اسئلتها من جهة ومنفتحة على النثر الفني السردي من جهة اخرى وهي تستمد هيبتها وتحقق اثرها من بنية جملها والفاظها الشفيفة ووحدتها الموضوعية...
وباستحضار المجموعة الشعرية(لم اكن تمثالها.. انا النور الذي يفيض بمفاتنها) التي نسجت عوالمها النصية انامل منتجها حميد حسن جعفر واسهم الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق في نشرها وانتشارها/2020.. بوصفها نصوصاً تتميز بقدرتها على الاستيعاب والتحليل والجدل مع توظيف التاريخي والرمزي داخل اطارها..
(النوم خط مستقيم في المرآة يتحطم.. يتبعه حلم على شكل عشب.. لا أتذكر الوانه.. من له علاقة بما يجري ليقول لنا ما في جعبته من نسيان.. حتى المرأة تلك التي انكرت ما على جسدها من زجاجي سأتبعها الى حيث المرآة عسى أن أعثر على اثر.. لا احد يسمح لي بأن أضع اصابعي على اصابعها)ص31.
فالنص يعكس تصورات منتجه بوصفه تجربة وجود ومرآة لتجليات بالغة الخصوصية.. مرتبطة بانوية ثقافية وأفق معرفي.. يعتمد البناء الجملي او المقطعي الذي ينتج ما يليه من المقاطع.. مع توظيف تقنية الازاحة وتخطي المتوقع التراتبي في انتاج الدلالة.. وهو يتفرد بملامسة الفنون الابداعية.. عبر الزمن وتماهيها والنص.. (اصابع مبتورة)دلالة العزف الموسيقي.. و(سيقان اصطناعية) دلالة الدراما والرقص.. و(الحجارة في مرأة) دلالة النحت واستيعاب التشكيل عبرها.. فضلا عن الحكي وعن طريق السرد والمشهدية السيمية لانتاج المعنى الشعري واثراء عوالمه.. واستفزاز الذات الآخر.. لاستنطاقه والكشف عن ابعاده التأويلية.. فضلا عن التعبير بالصور والرموز التي تعني اسقاطاً ضمنياً لاحادية الرؤية.. والوجود الكوني شريط جدلي وتفاعلي مع المنتج(الشاعر) وهذا ما منح النص قدرة على تخطي الدلالة الثابتة من خلال تغيير الزمكانية.. اضافة الى توظيفه بعض التقنيات الاسلوبية والفنية كالتكرار الذي أضفى على النص نوع من الموسقة المضافة الى الايقاعات المنبعثة من بين ثنايا الالفاظ بتخطيها المفاهيم الشكلانية وتناغمها مع صورها.. والتي لا يحس بها لا العقل الواعي المتابع لانسانية النص..
(امرأة الطين من أدخل النار الى جوفها؟ لتدخلني الجنة.. أنا صلصال جسدها.. على هضباتها تتجمع الاطيان.. كل اللصوص يبحثون عنها.. عند مصبات الانهار يقولون: من أهدافنا ان نصل السهل الرسوبي حيث لا نعاس بين يديها كما الحروب.. ولادوائر تقتسم الماء اللابد في التراب.. مثل نهر لا قوارب تحت قمصانه.. ولا اسماك في سلة يحملها كما الغرقى.. امرأة تجلس كتمثال الانثى.. المطر بيتها.. حاشيتها حجارة مشوية وصخور نار وغبار المواقد.. ونافذة على كوة تطل.. قدماي قد تسبقانها الى ما يشتعل في الغابة..) ص89..
فالمنتج (الشاعر) يعتمد الوحدة والكثافة والغنائيه التي تكمن في ضمير المتكلم.. وكل انتقاله في ابيات قصيدته التي تعني تغير زوايا الرؤيا... اذ انه بحسه المرهف استطاع ان يكشف عن جوهر الخواص الجماليه.. فضلا عن تأثيث نصه بسردية تلقائية تراوح ما بين الابتعاد عن الشعر والاقتراب منه.. مع استثمار آليات الطباق(الجمع بين المعنى وضده) والجناس(تماثل الالفاظ في النطق واختلافها في المعنى..) لخلق نص يتميز بالتوهج والكثافة الجملية المحققة للحظة.. مع وحدة موضوعية محتضنة للمقطعية النصية.. اضافة الى تداخل عناصره وازمنته وامكنته مما اسهم في انهيار الحدود بين الازمنة (ماض/ حاضر) و(الخارج/الداخل) المكاني.. نتيجة سيطرة هاجس التجريب الذي منح النص انفتاحا على الاجناس والفنون (تشكيل/مسرح/موسيقا.. ) مع قدرة على اعادة خلق العالم من خلال اللغة السيميائية السحرية المتصدرة للمشهد النصي بدرامية حياتية مكتظة بتفاصيل الحياة اليومية الخالقة لعالم ينفصل فيه الدال عن المدلول.. كون وطيفة النص منبعثة من جوهره بوصفه صوت الذات الذي هو جزء من الذات الجمعي بعيدا عن الاحادية.. الى جانب التمرد على القوالب الجاهزة والوزن المعياري فأوغل في تأسيس جمالياته وتيماته وموضوعاته...
وبذلك انتج المنتج(الشاعر) قصيدة كانت وما تزال موضوع جدال بين انصار القديم ودعاة التجديد فهي تطالب بالحرية الشاملة للشكل الشعري لكون الشعر رؤيه للعالم وتجربة روحية اكثر مما هو فن ومجموعة طرائق.. وان التجربة الداخلية للشاعر ونظرته للكون هما اللذان يحددان الشكل الشعري.. لذا فهي الشكل الشعري لفوضوية محررة في صراع مع القيود الشكلية.. مع ارادة تنظيم فني يسمح لها ان تتخذ شكلا وتصبح كائنا موضوعيا فنيا.. كما تقول سوزان بيرنار.
******
تشكيل
سفانه عذبي: الفن سبيل لتطور المجتمع

عباس الجميلي/ طريق الشعب-البصرة

تحتل البصرة مكانة مرموقة في مجالات الحياة المتنوعة وخصوصا في الفعاليات الثقافية المتنوعة في الشعر وانواع السرد والمسرح والسينما والفنون التشكيلية حيث شكلت تجارب مجموعة من الفنانين المعروفين كفيصل لعيبي وصلاح جياد وفاروق حسن وموريس حداد وجبار داود العطية وعلي طالب وسلمان البصري ومحمد خلف وعدنان سلمان وجنان محمد وغيرهم.. من جيل الشباب المتميزين.
“طريق الشعب” التقت الفنانة سفانة عذبي التي شكلت بصمات واضحه في التعليم وإقامة معارض دائمة.
تقول: الفن ضرورة عقلية واحساس جمالي يجعل المرء يشعر بالسعادة بالأشياء ألتي يصوغها في قوالب جميلة لتحقق الارتباط بينه وبمن حوله.
وأضافت ومن خلال تجربتي الشخصية وعملي كاستاذة للفنون التشكيلية، اجد أن الموهبة لن تمكن الموهوب من أن يبدع من دون الحافز الذاتي والمثابرة والتعلم في أجواء مناسبة لتنمية هذه الموهبة ولاسيما منذ الطفولة. فالفن بالنهاية حالة فطرية إنسانية ومعرفية كذلك.
وعن تجربتها قالت: الفن يعتمد التجربة الذاتية.، وبطبيعة الفنان أنه يتسم بهاجس استمرارية التجديد في الشكل والتقنيات والخامات المستخدمة.
وهذا ما أتسمت به أعمالي مؤخرا حيث أنني لم أكرر عملا أنجزته، كاعمالي المشاركة في ألمانيا. ان التجربة الفنية لا يفترض أن تختزل ذاتها ولابد ان تنفتح على الحياة بما تحمله من متغيرات.
لهذا تستهويني أعمال الفنان سيزان. بيكاسو ودالي.
وعن عملها وتأثيره في لوحاتها قالت: لا احد ينكر أثر وأهمية العمل الفني مع الجماعة كزملاء وطلبة، فهي متنفس حقيقي لتحقيق أهداف ذاتيه ومشتركة. وهو تحد بحد ذاته يتطلب مجهودا كبيرا للنهوض بالحركة التشكيلية بتطوير مهارات الطلبة لينعكس إيجابا على المجتمع. كما أن عملي في معهد الفنون الجميلة في البصرة، اكسبتني الخبرة العملية المثابرة والعمل المهني الفني الجاد.
واختتمت حديثها قائلة: من المفترض أن تتغير وظيفة الفن وتتطور بتطور المجتمعات. لان الفن اكثر النتاجات الإنسانية المتحركة والبعيدة عن الجمود ، وهذا ما يدفع الفنان إلى الأمام.
وفي مجتمعاتنا مازال البعض من الفنانين يعاني من عدم القدرة على الخيال المطلق والاحساس المحفز للإبداع والتعبير عن مكنونات الانسان، وذلك لاختلاف المجتمعات.
*************

ص 18


رفضت خصخصة المعامل والشركات
الطبقة العاملة تتضامن
مع المتظاهرين

بغداد - عامر عبود الشيخ علي


نظمت اللجنة المحلية العمالية في الحزب الشيوعي العراقي، صباح السبت الماضي على ساحة الطيران وسط بغداد، وقفة تضامنية مع المتظاهرين في ساحات الاحتجاج.
ورفع المشاركون في الوقفة، شعارات طالبوا فيها بتنفيذ المطالب العادلة التي قدمها ويقدمها أبناء الشعب في ساحات الاحتجاج، والتي أريقت دماؤهم في سبيل تحقيقها، مشددين في هتافات أطلقوها، على ضرورة الكشف عن قتلة المتظاهرين وتقديمهم للقضاء، فضلا عن محاربة الفساد والمفسدين.
كما طالب المشاركون في الوقفة بإعادة تأهيل القطاعين العام والخاص، وعدم خصخصة المعامل والشركات الحكومية.

*************

حول “دور النساء
في الحماية
من الأمراض المعدية”

بغداد - نضال توما


عقدت رابطة المرأة العراقية، أخيرا، في منطقة السيافية جنوبي بغداد، ندوة توعوية صحية بعنوان “دور النساء في حماية الأسرة من الأمراض المعدية”.
الندوة التي حضرتها مجموعة من نساء المنطقة، تحدثت فيها الدكتورة كفاح عبد المحسن، عن الأمراض المعدية المنتشرة هذه الفترة، وأبرزها “كوفيد 19”.
وتطرقت الدكتورة كفاح إلى طرق انتقال العدوى بين الأشخاص، وكيفية الحماية من المرض والوقاية منه، مشيرة إلى أن المرأة هي أكثر من يتحمل أعباء رعاية الأسرة وحمايتها من الأمراض.

**********

د. عبد علي الخفاف يتبرع بمكتبته لشيوعيي النجف

النجف - على العبودي

تبرع البروفيسور عبد على الخفاف، بمكتبته الخاصة الى «مكتبة الشهيد سلام عادل» الكائنة في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف.
وقال البروفيسور الخفاف عشية تبرعه بالمكتبة، أنه «من دواعي سروري أن اتبرع إلى الحزب الشيوعي بمكتبتي التي تضم العديد من الكتب والإصدارات».
وأضاف قائلا، أنه «لا بد للشبيبة أن تطلع على تراثها كي تصنع مستقبلها وتجد وطنها الخالي من الفاسدين».
إلى ذلك، أعربت اللجنة المحلية عن شكرها للخفاف، وقالت: «ألف شكر الى البروفيسور عبد علي الخفاف على مبادرته هذه التي ستقدم المعرفة للاجيال الجديدة».

***************

“الكتابة الساخرة”
في نادي الكتاب الكربلائي

كربلاء – طريق الشعب
من على المنصة الالكترونية التابعة للجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، ضيّف نادي الكتاب الكربلائي، أخيرا، الكاتب لؤي زهرة، الذي تحدث عن “الكتابة الساخرة”.
أدار الجلسة سكرتير اللجنة المحلية للحزب، الرفيق سلام القريني، مقدما سيرة الضيف، ومشيرا إلى انه قاص ومسرحي، وانه درس الاقتصاد في كربلاء والتاريخ في بغداد.
بعد ذلك تحدث الضيف عن الكتابة الساخرة، موضحا انها لا تعني “الاستهزاء”، انما تشخيص الخطأ، وانها تمثل “مبضع جرّاح لعلاج مشكلات المجتمع”، ووسيلة سهلة للوصول إلى عامة الناس.
واستشهد زهرة بمجموعة من الكتاب الذين يزاولون الكتابة الساخرة، على المستويين المحلي والعالمي، قديما وحديثا.
وخلال الجلسة التي تابعها العديد من المهتمين، قرأ الضيف بعضا من كتاباته الساخرة المنشورة في الصحف المحلية.

*************

نقطة ضوء
المهرجانات المسرحية
قبل وبعد التغيير!

طه رشيد

من البديهي ان المهرجانات المسرحية تعدّ تتويجا للاعمال الإبداعية خلال موسم معين، اذا ما استثنينا مهرجانات المسرح المدرسي التي سبقت المهرجانات المسرحية الحالية سواء كانت محلية ام دولية.
بدأت المهرجانات الفنية في العراق مع اعتماد ثقافة “ النشاط المدرسي “، في ستينيات القرن الماضي، حيث أخذت المدارس، بكل مستوياتها بتنظيم مهرجانات بمختلف الانشطة الرياضية والفنية ومنها المسرح.
ثم جاء الاحتفال بيوم المسرح العالمي في نهاية ستينيات القرن الماضي.
وكان من انشط الفرق في هذا الاحتفال فرقة المسرح الفني الحديث/ مسرح بغداد، وفرقة المسرح الشعبي وفرقة مسرح اليوم، وكانت تضم هذه الفرق خيرة الاساتذة والمحترفين والهواة في فن المسرح.
ثم جاءت المهرجانات المسرحية المركزية في مختلف العواصم العربية، وبالاخص بغداد ودمشق وتونس والقاهرة وبيروت، لتاتي الخطوة الثانية بخروج هذه المهرجانات من نطاقها المحلي الى مشاركاتها الدولية.. وبالنسبة للعراق كانت تلك المساهمات “مركزية” الطابع بحكم طبيعة النظام الشمولي السائد انذاك في مختلف الدول العربية. فكانت المساهمات تجري عن طريق المؤسسات الحكومية، ويندر ان تساهم فرقة مسرحية او فنية عراقية في اي مهرجان خارجي دون مرافقة “ مراقب امني” مهمته كتابة تقارير امنية تفصيلية عن نشاطات الوفد.
وجاء الانفراج وهبت نسائم الحرية في مطلع القرن الحالي بعد ان تم دفن “ مقص الرقيب” ومعه الرقيب في قبر الدكتاتوريات! وانفتحت ابواب الاقفاص لتحلق طيور الفنانين في سماء المهرجانات المختلفة التي اختفى بعضها وظهر بعض اخر.
وكانت النقلة النوعية في حياة المسرحيين العرب حين تم تاسيس “ الهيئة العربية للمسرح” عام 2007، من قبل حاكم كاتب واديب ومحب للمسرح الا وهو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي متخذا من شعار “ الرجال زائلون والمسرح باق” مبدأ لتطوير العملية المسرحية في كافة ارجاء الوطن العربي! وراحت الهيئة تقدم الدعم “غير المشروط” لكافة المسرحيين في العواصم العربية المختلفة بما فيها المسارح المدرسية باعتبارها المعين الذي لا ينضب لتزويد المسارح بطاقات فنية جديدة، وبالاضافة لجهود الهيئة بتاسيس مكتبة مسرحية مرموقة وطبع نتاجات المسرحيين العرب، وانشاء “صندوق الضمان الصحي للمسرحيين العرب” الذي يعد خطوة مهمة في مساندة هذه الشريحة المغلوبة على امرها في اكثر من بلد عربي، وبالاخص في عراقنا الديمقراطي، الذي اختفت فيه المهرجانات واختفى الفرح، ولا يخيرك الا بين احتمالين:
“ تموت في المستشفى لو بالبيت احسن لك”!!