العدد 162 السنة 85 الثلاثاء 19 أيار 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1
كتب المحرر السياسي:
لنجنب شعبنا المرض والجوع !

عادت اعداد الإصابات بجائحة كورونا لترتفع في الأيام القليلة الماضية وتثير القلق من جديد، بعد هبوط معين استُقبل بتفاؤل حذر وتطلع الى عودة تدريجية للحياة الطبيعية .
ومع تعدد الأسباب التي يوردها المتخصصون وخلية الازمة في بلادنا لتفسير هذه الظاهرة، فان الامر الذي يكاد يتفق عليه الجميع، هو ان الانتقال من الحظر الشامل الى الجزئي، وعودة بعض النشاطات الاقتصادية وحركة وسائل النقل، صاحبهما نوع من التراخي وعدم تقيد المواطنين والمؤسسات باجراءات الوقاية وتطبيق التباعد الاجتماعي، بجانب إصرار البعض على إقامة تجمعات لدواع مختلفة، وعودة اعداد كبيرة نسبيا من العراقيين الى البلاد من دول موبوءة دون تهياة كافية لمستلزمات الوقاية الضرورية، بما فيها تأمين الحجرالصحي للايام المطلوبة. وان هذا كله قاد الى تصاعد اعداد المصابين، خاصة في بغداد.
وفيما تبرز الحاجة الى التطبيق الفاعل للإجراءات الصحية المطلوبة والى تقيد المواطنين بها، وهي التي وضعت أولا وأخيرا لحمايتهم والحفاظ على صحتهم وتجنيبهم خطر الإصابة بالوباء الفتاك، فان نجاح الخطط المهيئة يرتبط أيضا وعلى نحو وثيق بتوفير متطلبات الحياة والعيش لملايين العراقيين، الذين تتقطع بهم السبل عند فرض الحظر سواء كان جزئيا او شاملا. وهذا ما لم يتحقق حتى الان.
فرغم الوعود المتكررة التي تطلق منذ شهرين، لم تصل الى ملايين المواطنين المحتاجين حتى منحة الطوارئ البائسة في مبلغها (30 ألف دينار للفرد و150 ألفا للاسرة)، وبقيت حملات التكافل المجتمعي المغيث الوحيد لهم عمليا، وقد قامت فعلا بدور لا يستهان به في سد جزء من هذا الفراغ الذي تركته الحكومة، الامر الذي يستحق التقدير والثناء .
ولا بد من القول هنا بوضوح، ان من الخطا الجسيم بل والخطيئة، ان تضع الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية الاخرى المواطنين بين خيارين: إما الإصابة بالوباء القاتل او الموت البطيء جوعا!
وهنا ايضا تمس الحاجة الى إجراءات متكاملة ومتوازنة تشمل الجوانب الصحية والمعيشية والخدمية، وبضمنها خصوصا تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية، والكف عن وضع المستفيدين منها تحت ضغط نفسي في كل شهر، مثلما يحصل حتى الان .
ان من واجب ومسؤولية الحكومة والجهات الصحية ومجلس النواب والمواطنين، تأمين تطبيق خطة التصدي للوباء، والمزيد من الشفافية في التعامل معه ومن حملات التوعية بمخاطره وكيفية درئها، وتجنب المغامرة بحياة الناس وسلامتهم، والدراسة المتأنية للخطوات المتكاملة اللازمة لإنقاذ شعبنا من هذا الزائر الثقيل والخطير، بما في ذلك الحد من فتح الحدود، وان لا يخضع ذلك لأي اعتبار غير مصلحة الناس وسلامتهم .
وقد اصبح مطلوبا الآن تنفيذ حملات مسح شاملة للكشف عن بؤر الوباء والمصابين به، وان يتم ذلك خصوصا في المناطق التي تظهر فيها إصابات عالية. فما زالت الفحوصات والاختبارات الطبية عندنا محدودة، قياسا بما تقوم به دول اخرى عديدة وبما تفرضه الحاجة ، وان يصار حالا الى انشاء مراكز صحية ومستشفيات جديدة تمس الحاجة اليها .
من جانب آخر كشف تفشي جائحة كورونا نواحي القصور والخلل الواضحة في نظامنا الصحي، سواء على صعيد التخصيصات المالية المطلوبة او في ما يخص ضعف البنى التحتية وهشاشتها، وهو ما انعكس بوضوح في شحة الادوية وقلة المستشفيات والمراكز الصحية، كذلك أماكن الحجز التي تحدث العديد ممن زاروها ومكثوا فيها عن عدم انطباق شروط الحجز الصحي عليها. ولعل هذا واحد من أسباب تهرب المواطنين من الإفصاح عن اصابتهم المحتملة بهذا المرض اللعين.
ان هذا كله لا بد ان يكون في صلب اهتمام الحكومة ووزارة الصحة والبيئة ومجلس النواب ، فلم يعد مقبولا بقاء هذا الضعف الواضح في النظام الصحي أيا كانت الذرائع، ومن الواجب ان تأخذ الدولة ومؤسساتها الدور الريادي والمسؤول في توفير الرعاية الصحية المجانية لجميع المواطنين .
وأخيرا وإذ يتوجب التعبير عن الشكر والتقدير لكوادر القطاع الصحي وعموم العاملين فيه وكذلك القوى الأمنية ، الذين يعطون ما بوسعهم في ظروف صعبة وضاغطة، فان الواجب يقتضي ايضا تقديم كل الدعم والاسناد لهم، وتمكينهم من أداء واجبهم الوطني والإنساني، وضمان الرعاية الكافية لهم ولعوائلهم.
*************
العمليات العسكرية ضد داعش تتواصل
الأزمة تتفاقم.. فيما القمع مستمر !
بغداد – طريق الشعب
للأزمة في العراق أوجه عديدة، لكن سببها الجوهري يبقى واحداً: نظام المحاصصة الطائفي والأثني.. هذا ما تر اه الغالبية العظمى من العراقيين، وتصرح به أحزاب سياسية تؤشر المخاطر، وتغض الطرف عنه قوى أخرى مستفيدة من بقاء الأوضاع على ما هي عليه!
فجائحة كورونا تستفحل في البلاد، مع تزايد اعداد المصابين المعلن عنها رسميا، فيما تلوح في الأفق أزمة اقتصادية خانقة مع استمرار انخفاض أسعار النفط.
من جهة أخرى يبقى تهديد تنظيم داعش الإرهابي قائماً، بالرغم من العمليات العسكرية الجارية للقضاء عليه.
وبدلا مما يطمن أبناء الشعب، لاسيما المنتفضون منهم، بإجراءات ملموسة وعملية تخفف من حدة الازمات، وقعت أحداث مؤسفةٌ تمثلت في اعتقال أربعة من المحتجين في الديوانية، وطعن ناشطة كانت تسعف المتظاهرين في بغداد.
يأتي هذا في وقت لم تستكمل فيه التشكيلة الحكومية، بينما تعطل رئاسة مجلس النواب جلسات المجلس من دون ذكر الأسباب.

اعتقال 4 محتجين

ونظم معتصمون في الديوانية، أمس الاثنين، وقفة إحتجاجية أمام مبنى الأمن الوطني الواقع في حي العروبة وسط مركز المحافظة مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين من المعتصمين.
وأفاد الناشط المدني حسن المحنة في وقت سابق من يوم امس الاثنين باعتقال 4 أشخاص من المعتصمين المذكورين الديوانية بضمنهم 2 من المحامين إثر دعاوى قضائية ضدهم تتعلق بتشجيعهم على الخروج بالتظاهرات. وفيما نصب متظاهرون خيمة اعتصام أمام مبنى محكمة استئناف القادسية احتجاجا على الاعتقال، أفاد مصدر امني بوصول قوة الى مبنى محكمة الاستئناف بالتزامن مع نصب خيمة أمام مبناها.
من جانبه، قال اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، في بيان له أنه "استبشرنا خيراً بقرار الحكومة بأطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين في السجون والكف عن ملاحقتهم، ولكن عادت ذات الممارسات التي قامت بها الحكومات السابقة واجهزتها فقد تم إصدار مذكرات القاء قبض كيدية بحق المتظاهرين".
وقال البيان ان "جهاز الامن الوطني قام باعتقال الزميل حسن المياحي سكرتير فرع الاتحاد في محافظة الديوانية برفقة زميلة المحامي مصطفى جبير والناشطين كاظم بكوزه ومرتضى نعيم اثناء مرافعتهم في داخل محكمة الديوانية، بحجة صدور مذكرة القاء قبض بحقهم وفق تهم كيدية".
وشهد يوم أمس ايضاً، طعن الناشطة شيماء محمد من قبل مجهولين في منطقة المنصور. وكانت شيماء قد عملت مسعفة في ساحة التحرير منذ انطلاق احتجاجات تشرين. (معلومات أخرى على الصفحة الأخيرة)

عمليات عسكرية

على صعيد منفصل، كشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، العنيد يحيى رسول، أمس، نتائج عملية اسود الجزيرة التي انطلقت يوم أمس الأول في 3 محافظات، مؤكدا اصابة 4 منتسبين في قوات سوات خلال العملية.
وقال رسول في تسجيل صوتي، إن "القوات الامنية في صلاح الدين قتلت 3 من داعش أحدهم يرتدي حزاماً ناسفاً فجر نفسه، كما تم العثور على 7 أوكار، و12عبوة ناسفة، ونفقين وتدمير عجلة مففحة من قبل طيران الجيش".
اما في ديالى اعلن رسول، إنه "من خلال تفتيش 10 قرى، تم العثور على وكرين بداخلهما عبوات ناسفة، كما تم القبض على 4 مطلوبين في المقدادية، فضلا عن تنفيذ عملية عسكرية في المخيسة، تم خلالها تدمير وكر، وتفجير عبوتين عن طريق المعالجة".
وبين أن "محور الجزيرة قامت فيه القوات الامنية بتفتيش 17 منطقة، استطاعت القوات خلالها تدمير 5 أوكار، و5 أنفاق، والعثور على مقر سابق لعناصر داعش".
*************
الشيوعي العراقي يجدد تضامنه مع الشعب الفلسطيني:
لا.. لمؤامرة الضم الإسرائيلية الجديدة
يستعد الحكام الصهاينة للمضي قدما في خططهم العدوانية لضم أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة الى اسرائيل في مطلع الشهر القادم، بعد حصولهم على ضوء اخضر من واشنطن. ويتزامن ذلك مع تصعيد ملحوظ في جرائم دولة الاحتلال، ومن ضمنها إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين العزل وقتلهم واقتحام المناطق السكنية واستمرار عمليات الاعتقال، إلى جانب حصار قطاع غزة.
وأعلن نتانياهو عزمه التعجيل بتنفيذ خططه لضم أكثر من ٣٠ في المئة من مساحة الضفة الغربية، بعد الاول من تموز (يوليو)، كجزء من الاتفاق الائتلافي الذي أبرمه مع منافسه بيني غانتس لتشكيل الحكومة الجديدة. وكان ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع المستوطنات التي أقامتها سلطة الاحتلال على اراضي الضفة الغربية، وعدا رئيسيا لحملة نتانياهو وحزبه "الليكود" في الانتخابات الأخيرة.
وما كان للحكام الصهاينة أن يجرأوا على تحدي قرارات الشرعية الدولية بوقاحة لا متناهية لولا الدعم السافر من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب الذي تجسد بشكل صارخ فيما سمي بـ” صفقة القرن" السيئة الصيت، التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية عبر تهويد القدس وطرد سكانها وتكريس الاحتلال وإنهاء حق العودة وقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. واكدت هذه الإدارة موقفها مجددا الشهر الماضي عندما أعلن وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو أن قرار ضم اراض من الضفة الغربية الفلسطينية "قرار يعود لاسرائيل"! وهو ما صرح به ايضا السفير الأمريكي في إسرائيل الاسبوع الماضي.
وتأتي هذه الخطوات التصعيدية لحكام إسرائيل للمضي قدما بالتوسع الاستيطاني والضم والاحتلال، فيما تمر الذكرى الـ 72 للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، وتواجه قواه الوطنية تحديات ومهمات ملحة تتطلب أكثر من أي وقت مضى إنهاء الانقسام الداخلي واستعادة الوحدة الوطنية الداخلية، فهي عامل حاسم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وكسب المزيد من التضامن العالمي لإحباط المؤامرات التي تتعرض لها قضيته العادلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
ويجدد حزبنا الشيوعي العراقي تضامنه الثابت مع الشعب الفلسطيني ونضاله العادل ضد الاحتلال وفي مواجهة الهجمة الصهيونية الشرسة الاخيرة، من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة في اقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس على ارض وطنه.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
16 أيار 2020
****************
طريق الشعب في مستشفى ابن الخطيب
المدير سلمان الشمري: مواجهة كورونا تتطلب تضافر جهود الجميع
بغداد – نورس حسن ، حسين النجار
قال مدير مستشفى ابن الخطيب في بغداد د. سلمان حامد الشمري ان جميع المراكز الصحية في جانب الرصافة، البالغ عددها 100 مركز، مستنفرة بشكل كامل للقيام بعمليات المسح الميداني لانتشار وباء كورونا. واشار الى وجود صعوبات في إتمام المسح خلال مدة محددة، بسبب ضعف امكانيات الفرق الصحية العاملة مقارنة بالواقع المناطقي، الذي يحتاج الى جهودٍ كبيرةٍ وتكاتفٍ لجميع الجهات الحكومية والمواطنين.
جاء ذلك في حديث للشمري الى " طريق الشعب"، التي زارت المستشفى الواقع في منطقة جسر ديالى جنوب شرقي بغداد والمخصص للامراض الوبائية، للاطلاع على جهود ادارتها والعاملين فيها، والخدمات التي يقدمونها للمرضى الراقدين من المصابين بفيروس كورونا. وجرت الزيارة ضمن حملة الحزب الشيوعي العراقي لمساندة الكوادر الصحية المتصدية للوباء، وفي مناسبة اليوم العالمي للتمريض.

حظر التجوال ضرورة ملحة

واشار الشمري الى ان الطاقة الاستيعابية للمستشفى تبلغ 290 سريرا، وانها خصصت في الفترة الاخيرة لاستقبال الحالات الانتقالية الخاصة بفيروس كورونا، ولعزل المصابين بالوباء.
وقال ان وزارة الصحة "انتقلت من الدفاع الى الهجوم في مواجهته، عبر تكثيف المسح الميداني والعلاج بواسطة بلازما الدم"، مؤكداً تماثل 10 حالات حرجة للشفاء التام بعد خضوعها لهذا النوع من العلاج. ولفت الى ان "وزارة الصحة في صدد انجاز مصرف دم خاص للمتبرعين المتشافين، لاستخدامه في معالجة حالات الاصابة والاصابة الشديدة".
وبان القلق على المدير الشمري وهو يتحدث عن انتشار الوباء اليوم في بغداد والبلد عموما، ورأى ان "من الضروري فرض حظر تجوال شامل في جميع المناطق خلال فترة نهاية شهر رمضان وعيد الفطر على اقل تقدير، تفاديا لنشوء تجمعات يسهل عبرها انتقال الفيروس، فتصعب السيطرة عليه".

توفير المتطلبات مسؤولية الجميع

وبخصوص المعوقات التي تعرقل عمل الكوادر الصحية في مواجهة وباء كورونا، اوضح الشمري ان "محدودية الكوادر الطبية ومحدودية الطاقة الاستيعابية للمستشفيات تمثلان ابرز التحديات. وهذا ما يسبب ضغطا كبيرا على الكوادر الصحية، خاصة وان حالات الاصابة بالفيروس تزداد يوما بعد آخر". لكنه استدرك مشيدا "بالجهود التي يبذلها العاملون من الكوادر الصحية والطبية وعمال الصيانة، وهي كبيرة بالرغم من ضغوط العمل. وان من العاملين من لم يلتق باسرته منذ ايام طويلة، مواصلا العمل لتوفير اسباب الراحة والشفاء لمصابي كورونا".
واكد مدير المستشفى "ان مرضى كورونا بحاجة الى خدمات فندقية وراحة نفسية اكثر من حاجتهم الى العلاج، وان تأمين متطلبات ذلك لا يقع على عاتق وزارة الصحة وحدها، انما يتطلب تكاتف جميع المؤسسات الحكومية. وعلى سبيل المثال يمكن ان تبادر وزارة الثقافة والسياحة والآثار الى تهيئة الفنادق لاستقبال مرضى كورونا اذا تطلب الامر، مع تحديد ما يمكن ان تقوم به بقية الوزارات في حال ارتفاع اعداد المصابين".
وأكد د. الشمري ان عملية الحجر المناطقي "خطوة لا بد من اتخاذها". ففي حالة اكتشاف بؤرة للمرض في منطقة معينة، لا بد من تشديد الاجراءات الوقائية لحماية سكان المنطقة نفسها ولمنع انتقال العدوى الى المواطنين في المناطق الاخرى. ومن الضروري ايضا زيادة النسب الاستيعابية للمستشفيات، ورفدها بالكوادر الصحية، وزيادة الوعي لدى المواطنين عبر وسائل الاعلام حول سبل الوقاية واهمية تجنب التجمعات.

ذوو الاجور اليومية والكسبة
هم الاكثر تضررا

وتطرق د. الشمري في حديثه لـ "طريق الشعب" الى اهم الاجراءات التي يتوجب على الجهات الحكومية اتخاذها، فقال ان من الواجب فرض الالتزام بحظر التجوال بصورة صحيحة. واوضح ان هذا لا يعني اجبار المواطنين على حجر انفسهم وحسب، بل ان "الامر يتطلب توفير كافة متطلبات العيش لهم وبضمنها مفردات البطاقة التموينية، التي يجب زيادتها وتحسين نوعيتها وايصالها مجاناً الى المنازل المحجورة، مع استمرار توفير التيار الكهربائي والماء. وعندها لا تبقى للمواطنين حجة للخروج من منازلهم".
ولفت في هذا السياق الى ان اكثر الفئات تضرراً من حظر التجوال هم "العاملون بأجور يومية والكسبة".
وجوابا على سؤال "طريق الشعب" اشاد مدير المستشفى بجهود الكوادر الصحفية المساندة للطواقم الطبية، وقال ان "مهمة الاعلاميين لا تقل اهمية عن مهمة الكوادر الطبية في احتواء الفيروس، كونهم يقومون بعمليات التوعية ومساندة خلية الازمة والكوادر الطبية في واجبهم. ونحن نتمنى مواصلة هذا الجهد، خاصةً في مجال التوعية والعمل يداً بيد لمكافحة الفيروس".

كورونا ليس عارا

وتابع يقول: "نوجه كلامنا الى المواطنين عبر وسائل الاعلام، موضحين ان التعرض لفيروس كورونا ليس عاراً، فهو مرض شأن الامراض الاخرى لكنه يحتاج الى وعي كافٍ لتفادي الاصابة به، خاصة وانه مرض مميت في حالة نقص المناعة". واشار بهذا الخصوص الى انهم تلقوا طلبات من بعض عوائل المصابين بنقلهم الى المركز الصحي ليلاً، حتى لا يراهم احد.
وفي شأن اجراءات الفرق الطبية في التعامل مع الحجر الصحي قال ان "اصعب انواع الحجر هو ذلك الذي يتعرض له الاطفال، اذ ليس من السهل اقناع طفل بالبقاء في غرفة لمدة تصل الى 20 يوما. لذلك كان لا بد من تعامل خاص مع فئة الاطفال واخراجهم الى حدائق المستشفى مع كامل عدة الوقاية، مراعاة لاوضاعهم النفسية". واضاف ان "هناك اجراءات قمنا بها مع فريق "اطباء بلا حدود" لمحاربة حالات الاكتئاب، والشد العصبي الذي تمر به الكوادر الصحية والطبية، خاصة اولئك الذين يتطلب الواجب مواصلتهم العمل اياما غير قليلة بعيدا عن عوائلهم".
دور الاسرة في تحصين النفس

وفي ما يخص دور المواطنين في تحصين انفسهم وذويهم من الاصابة بفيروس كورونا، بيّن د.سلمان الشمري ان "على المواطنين ان يفكروا جيدا في حماية ذويهم ومن ثم انفسهم، وان الاب والام يقع عليهما العبء الاكبر في توعية ابنائهم بضرورة تجنب الاختلاط غير المبرر مع غيرهم خارج المنازل".
ووجه عبر " طريق الشعب" نصائح للوقاية من فيروس كورونا قائلا: "من الضروري اختيار فرد واحد من الاسرة لجلب المتطلبات المنزلية، ومنع ادخال اكياس التسوق الى البيت، وتعقيم كل شئ يدخل الى المنزل من السوق، فضلا عن ضرورة رمي الكمامات والكفوف البلاستيكية قبل الدخول الى المنزل وعدم استعمالها مجددا، وغسل الفواكه والمعلبات جيدا، واختيار مكان محدد في المنزل (المطبخ مثلا) لاجراء عمليات التعفير على المواد الداخلة للمنزل قبل تحويلها الى مكان آخر فيه". وشدد ايضا على "ضرورة ارتداء الكمامات والقفازات عند الخروج من البيت، نظرا الى كون الفيروس ينتقل عبر الرذاذ او بلمس اسطح الاشياء. وهناك اماكن لا تصل اليها اشعة الشمس وهذا يساعد الفيروس على البقاء نشيطا لساعات وأحيانا لايام".
واخيرا وفي ما يتعلق بالتوقعات المستقبلية لأزمة كورونا، أبلغ مدير مستشفى ابن الخطيب "طريق الشعب" انه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه حاليا "من دون اتخاذ اجراءات جدية سواء من قبل الحكومة او من طرف المواطنين، الى جانب الاستمرار في كسر حظر التجوال في بعض المناطق، فقد نصل الى مرحلة تصعب فيها السيطرة على الامور، وتتخلف الطاقة الاستيعابية للمستشفيات، وهذا ما لا نتمناه".
***********
الغالبية تنتظر البطاقة التموينية !

ما احوج الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود في هذه الأيام الصعبة الى البطاقة التموينية، والى انتظام وصولها اليهم، وتوزيع مفرداتها على قلتها كاملة.
هذا الحد الأدنى غير متحقق للاسف، بل هناك التلكؤ والبطء وتوزيع مادة وتأخير اخرى، فيما يتجدد الحديث باستمرار عن الفساد الذي يرافقها والشحنات المشبوهة!
تسأل: لماذا؟ فتأتيك الذرائع جاهزة مكرورة ، وأولها يتعلق بقلة المخصص لها في الموازنات العامة . نعم، المخصص في خط تنازلي، ولا توضيح رسميا شافيا لسبب ذلك. لكن المواطنين يعرفون جيدا انها سياسة السوق المفتوح، التي يريد البعض فرضها لتقليص دور الدولة ودعمها، تنفيذا لتوصيات المقرضين من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وضغوطهما لرفع دعم الدولة، أيّ دعم لاسعار السلع الاساسية.
ان امام الحكومة مهمة ملحة لتعزيزالبطاقة التموينية، وتأمين انتظام توزيعها، وتوفير التخصيصات اللازمة لها، والاستعانة قدر الإمكان بالمنتج الوطني في تجهيز مفرداتها.
ابدا لم تنتف الحاجة اليها، وقد تطول المدة، خاصة وان نسب الفقر في تصاعد !
راصد الطريق
***********
ص2
مركز مراقبة الإنترنت: العراقيون يدفعون 30 ضعف ما يُدفع في دول أخرى

بغداد – طريق الشعب
اكد مركز مراقبة الإنترنت، أمس، ان العراقيين يدفعون 30 مرة ضعف ما يُدفع بدول أخرى، فيما طالب وزارة الاتصالات بضرورة تحسين خدم الانترنت.
وقال المركز في بيان "نستغرب من الاهمال الكبير الذي تمارسه الحكومات العراقية في قطاع الإنترنت، وترك مساحات كبيرة للشركات بتقديم خدمات أقل مما يدفعه المواطن العراقي"، مبينا "اننا أشرنا بأن العراقيين يدفعون 30 مرة ضعف ما يدفعه المواطنون في بلدان أخرى".
وادناه بعض الملاحظات بهذا الشأن:
-أعلى سعر لخدمات الإنترنت السريع بالمنطقة العربية في العراق.
-سرعة الـ2 ميغابيت لكل ثانية (2 Mbps) لخط الـ ADSL المنزلي في تونس بمقدار 173 دولار، وفي العراق 9,097 آلاف دولار في السنة.
-سعر الميغا الواحدة في دول الجوار السعودية والاردن و تركيا وايران تبلغ 3 دولار، وفي العراق يتم بيعها للمواطنين بين 140 دولارا الى 250 دولار.
-الشركات تستهتلك المواطن العراقي في ظل صمت حكومي على هذه الأساليب والممارسات التي تنخر الاقتصاد العراقي.
وطالب المركز "وزارة الاتصالات بضرورة تحسين خدم الانترنت وفرض شروط على عمل الشركات ومراقبة صارمة على الخدمة المقدمة من قبلها".
****************
كل ثلاثاء ...
هيروسترات عراقي

في حقب التاريخ القديم أمثلة كثيرة لحكام ولأناس عاديين أيضاً، تأثر بهم العديد من الأشخاص المعاصرين، وحاولوا تقليدهم، أو إستنساخ تجاربهم، إيجابية كانت أم سلبية، من باب الأعجاب وتطابق التكوين الشخصي والمعرفي، وكذلك طريقة التفكير. والخطورة هنا عندما يكون المقلِدْ أو المستنسِخْ في موقع المسؤولية، لأن قراره لا يقتصر على ذاته فحسب، وإنما يشمل طائفة واسعة من الناس، إن لم يكن الشعب كله.
أحد هذه الأمثلة أن شخصاً حقيقياً وليس إسطورياً عاش في اليونان قبل الميلاد بعشرات السنين، اسمه "هيروسترات" وكان مهووساً بحب الظهور، والرغبة في تخليد اسمه في التاريخ وإن كان شرا. فقام بحرق أجمل المعابد في أوربا آنذاك، وعندما حوكم وسُئل عن السبب في سلوكه الإجرامي هذا، أجاب أنه يريد أن يخلده التاريخ وتذكره الأجيال القادمة. قيل له : لكن ما قمت به عمل شرير وسوف ترجمك الناس، ولا يذكرك التاريخ إلا بالسوء. رد عليهم بوقاحة، أن الناس ستنسى الحادثة بعد خمس سنين، ولا تتذكر إلا أسمي وحده!
السيد "عادل عبد المهدي" وحكومته العتيدة، لم يكتفوا بقتل المتظاهرين السلميين وعدم تنفيذ المطالب المشروعة للمنتفضين ولعامة الشعب العراقي، سواء ما تعلق منها بمكافحة الفساد أو توفير الخدمات والتهيئة للأنتخابات المبكرة، وتعديل المنظومة الأنتخابية قانوناً ومفوضية، وتشغيل العاطلين عن العمل، أو حصر السلاح بيد الدولة. بل العكس هو الذي حصل، فكان الأنصياع لما تريده الميليشيات ومن يقف وراءها هو السائد، ولم تعد الدولة دولة وفقدت هيبتها كلياَ، فضلاً عن وصول الفساد مالياً وإدارياً الى مديات غير مسبوقة، حتى في الفترة التي تحولت فيها الحكومة الى تصريف الأعمال، حيث إرتكبت مخالفات سياسية ودستورية، مسجلة وصمة عار أخرى في تاريخ السياسة العراقية قديمها وحديثها.
في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية لا تحصل الحكومة على الثقة والشرعية القانونية من خلال الانتخابات فحسب مهما كانت نزيهة وخالية من التزوير، وممثلة لرأي مواطنيها بصدق وموضوعية، وانما يوفرهما بشكل أساسي المنجز السياسي والاقتصادي الذي تحققه الحكومة لشعبها. فأي منجز قدمته الحكومة المستقيلة، وهي التي جاءت على خلفية إنتخابات كانت نسبة المشاركة الشعبية فيها فضيحة بحد ذاتها، وبلغ التزوير فيها حداً ضجت به حتى السماء!
إن هذه الحكومة التي فقدت هاتين الركيزتين (الثقة والمشروعية) مبكراً، أصرت على البقاء بدفع من أولياء أمرها، لعل سيناريوهات إفشال المكلفين المتعاقبين يكتب لها النجاح، وتستمر إلى نهاية الدورة الانتخابية. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سَفَنُها، وسَفَنْ الكتل المتنفذة، لا سيما الفاسدة منها.
والغريب في الأمر، أن حكومة "عبد المهدي" التي يتفق الجميع على إنها الأسوأ في حكومات ما بعد سقوط الصنم، لم تكتف بهذا "اللقب الرفيع" بل أصرت على تتويجه بقرار غاية في "العيب" الوظيفي، وفي آخر يوم من عمرها، هو قطع رواتب المتقاعدين الذين يزيد عددهم على الثلاثة ملايين ممن أفنوا زهرة شبابهم في خدمة العراق والعراقيين، بذريعة الأزمة المالية، دون أن تفكر بحلول عقلانية بديلة.
فهل أن المثال الذي ضربه "هيروسترات" السيء الصيت، كان حاضراً عند إتخاذ هذا القرار الجائر، والمراهنة على أن ذاكرة العراقيين مليئة بالثقوب، وبالتالي سوف ينسون بسرعة قياسية هذه الخطيئة ومعها كل الاساءات المرتكبة؟ أم أن القضية مجرد عداء للشعب العراقي؟!

مرتضى عبد الحميد
**************
مواقف متباينة للكتل وخلافات على الأسماء
مباحثات وسجالات بشأن استكمال الكابينة الحكومية
بغداد – طريق الشعب
تواصل القوى السياسية مباحثاتها بشأن كيفية حسم وزارات حكومة الكاظمي المتبقية، وتطفو على السطح معلومات عن اصرار بعض الكتل على اسماء معينة، وتقديم اعداد كبيرة لوزارة واحدة، وايضا الجدل الدائر حول الموعد الذي يفترض فيه حسم الأمر، حتى يتسنى للكاظمي العمل في وزارة مكتملة، يمكن للناس تقييم عملها بعد فترة من الزمن.
مباحثات القوى السياسية

قال النائب عن تحالف الفتح، محمد البلداوي لـ"طريق الشعب"، إن "مباحثات حثيثة تجريها القوى السياسية لاستكمال الكابينة الوزارية التي يمكن أن تحسم قريبا".
وأوضح البلداوي، أن "الكاظمي أمام قوى سياسية مختلفة المواقف تجاه حكومته، كذلك بالنسبة إلى حسم ملف الوزارات المتبقية، إلا إن هناك جهودا حقيقية لحلحلة العقد من أجل الوصول إلى ولادة حكومة كاملة دون أي تعقيد". ولفت إلى "وجود صراع حول وزارة النفط بعد أن جرى الاتفاق أن يكون وزيرها من محافظة البصرة، حيث يتناقش نواب المحافظة بشأن الاختيار، والكتل السياسية المعنية تتنافس لزج أسمائها، ولكن الخيار يبقى في النهاية بيد رئيس الوزراء".
وأشار النائب، إلى أن "الكتل السياسية تحاول استكمال حكومة الكاظمي قبل عيد الفطر، ولكنني اتوقع أن المفاوضات لن تحسم خلال هذه المدة، خاصة بوجود رغبة لدى الكثيرين بإنهاء الموضوع في جلسة واحدة تلافيا لأي تأخير قد يتسبب بإشكالات جديدة بين الكتل السياسية المنقسمة".

اختيار الاسماء

أما النائب عن تيار الحكمة، جاسم البخاتي، فلفت إلى أن "الكاظمي يريد إنهاء ملف إدارة الوزارات بالوكالة، والتوجه لحسم ملف اختيار وزراء الحقائب الشاغرة ".
وشدد البخاتي في تصريح خص به "طريق الشعب"، على أن "وزارتين مهمتين كالنفط والخارجية، ما زالت الاسماء بشأنهما لم تحسم، حيث قُدم ما يقارب 60 مرشحا لوزارة النفط، بينما هناك حديث عن إمكانية توزير فؤاد حسين للخارجية عبر توافق ابدته القوى السياسية".
من جانبها، أكدت المتحدث باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيان صبري، أن "المفاوضات بشأن الوزارات المتبقية ما زالت جارية دون التوصل إلى حسم اختيار الأسماء".
وأفادت صبري خلال حديثها لـ"طريق الشعب"، ان كتلتها "تؤيد ترشيح الدكتور فؤاد حسين لوزارة الخارجية، بينما لم تحسم تسمية وزير العدل إلى الآن، ولكن التوجه العام للقوى السياسية هو حسم الملف الحكومي قبل العيد".

خلافات واحتمالات

ومن جهة أخرى، ذكر النائب عن تحالف سائرون، رياض المسعودي، أن "اختيار وزير النفط ترك بيد اعضاء مجلس النواب من البصرة، الأمر الذي عقد المشهد وزاد من الخلافات، لأنه لا توجد آلية دستورية أو سبل نظامية لمعالجة هذا الامر" معتقدا أن "نفس المشاكل السابقة ما زالت موجودة ولكن المتغير الوحيد هو تمتع الكاظمي بأريحية العمل".

ظروف صعبة

إلى ذلك، أوضح النائب عن كتلة النصر، رشيد العزاوي أن "تبليغا وجه للنواب بشأن احتمال عقد جلسة نيابية لحسم الملف خلال الأسبوع الحالي، ما يعني امكانية التوصل إلى اتفاقات للحسم". ونوه إلى أن "حكومة الكاظمي أمامها فرصة كبيرة لتحويل الأزمة الراهنة إلى مصدر قوة ونجاح، من خلال استغلال انهيار اسعار النفط كمبادرة لتطوير القطاعات الانتاجية للنهوض باقتصاد البلد، والاستفادة ايضا من الدعم الدولي والمحلي الذي توفر للحكومة، فهذا يتيح لها امكانية السير في الطريق الصحيح ان توفرت الارادة".

امكانيات النجاح

في المقابل، أكد المحلل السياسي احسان الشمري لـ"طريق الشعب أن "حديث الكاظمي عن الحاجة إلى توفر إرادة سياسية موحدة لحسم الوزارات المتبقية، هو بمثابة الإشارة إلى وجود خلافات بين الكتل، لذلك قد يؤجل الحسم إلى فترة ابعد من التي يحددونها النواب"، مبينا أن "استمرار الجدل دون الحسم، سيدفع الكاظمي الى تقديم الاسماء بمفرده وفقا للتوافق الذي حظي به من قبل الكتل، حتى وأن لم يعجب الأمر بعضها".
*************
لجنة العمل المشترك لليسار الكردستاني تتضامن
مطالب المعلمين والموظفين في دهوك تواجه بقسوة
دهوك – طريق الشعب
انطلق يوم السبت الماضي، تجمع احتجاجي من قبل المعلمين وموظفين في المحافظة للمطالبة بحقهم في استلام رواتبهم الشهرية دون تأخير واسترجاع رواتبهم المدخرة اجباريا من قبل حكومة الاقليم في الفترة الماضية، ولكن التجمع جوبه بقوى امنية كثيفة عملت على انهائه وأدى ذلك احتجاز عدد من المحتجين.
وأعلنت لجنة العمل المشترك لليسار الكردستاني (حزب كادحي كردستان، الحزب الشيوعي الكردستاني، الحركة الديمقراطية لشعب كردستان) وقوفها الی جانب حق الشعب الكردستاني في التعبير عن آرائه بمختلف اشكال العمل الجماهيري. وقالت في بيان لها: ومن هذا المنطلق تعتبر مظاهرة المعلمين في دهوك يوم السبت الماضي حقا طبيعيا ولا يمكن اتهام المتظاهرين بالعمل وفق اجندات خارجية. وطالبت اللجنة بالأفراج فورا عن جميع المتظاهرين المحتجزين.
وشددت في بيانها بانه " بدلا من التفكير في صراعات ثانوية يجب على اقطاب السلطة التفكير في معيشة المواطنين واحترام حق التعبير عن الرأي وعدم اعاقة المظاهرات الديمقراطية والمدنية والسلمية، وان تعمل الحكومة على تغيير السياسة الاقتصادية حتى لا يقع ثقل الازمة الاقتصادية علی كاهل الشعب الكادح وذوي الدخل المحدود".
ومن جانب اخر أعربت لجنة محافظة دهوك للحزب الشيوعي الكردستاني في بيان لها عن التضامن ودعم الحزب للمحتجين ومطالبهم المشروعة وادانة رد فعل السلطة بتحشيد واستخدام القوى الامنية لأنهاء الاحتجاج وهو ما ادى الى احتجاز عدد منهم، بالإضافة الى عدد من الصحفيين وعدم اعطاءهم فرصة للتغطية الإعلامية للتجمع. وطالب البيان بالأفراج الفوري عنهم، وان تقوم الحكومة بتامين رواتب الموظفين والمتقاعدين وابعادها عن الصراعات السياسية مع الحكومة الاتحادية والعمل على مراجعة اداء حكومة الاقليم والقيام بالإصلاحات الحقيقية في مواجهة المشاكل، ومن اجل ضمان العيش الكريم للمواطنين وتامين العدالة الاجتماعية، والعمل من اجل تجاوز الحزبية الضيقة وتوحيد الخطاب السياسي الكردستاني للحفاظ على مكتسبات الشعب وتحقيق اهدافه.
***************
الشيوعي العراقي في البصرة يستقبل وفد التيار الاجتماعي
البصرة – طريق الشعب
استقبلت محلية البصرة للحزب الشيوعي العراقي، وفداً من التيار الاجتماعي الديمقراطي، ضم كل من الاستاذ طارق الابريسم والاستاذ سعيد المظفر والاستاذ كاظم الاسدي والست جيهان الزبيدي
وتناول الجانبان آخر المستجدات السياسية على الساحة العراقية ومنها وضع محافظة البصرة وما جرى فيها من تطورات على صعيد العمل السياسي والحراك الجماهيري، وأكد الجانبان على أن تكون هناك ادارة سلمية لمحافظة البصرة لتحقيق مطالب المحتجين البصريين.
وشدد الجانبان، على تفعيل عمل التيار الديمقراطي واخذ دوره الفعال في تحقيق التغيير، ومساهمته الفعالة والنشطة في الحراك الجماهيري في البصرة، وتبني مطالب أهالي محافظة البصرة وتحقيقها لهم عبر تقديم مذكرات الى الحكومة المحلية وصياغة البيانات ذات الطابع المطلبي والخدمي والسياسي ايضاً.
وناقش الوفدان آخر تطورات القوى المدنية الوطنية، وشددا على اعادة العمل المشترك والتنسيق العالي بين جميع القوى المدنية الديمقراطية، والبحث عن تعزيز القوى الوطنية الديمقراطية وتوسيعها، وأكد الجانبان على تعزيز روح التعاون من أجل تحقيق لقاء تشاوري للقوى المدنية والتعاون من أجل تحقيق اهداف اهالي البصرة لنيل ابنائها حقوقهم العامة والمشروعة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين صفوفهم.
وكان في استقبال الوفد الزائر الى جانب الرفيق كاظم الحسيني عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق جمعة الزيني سكرتير المحلية، والرفاق كاظم محسن واحمد ستار العكيلي اعضاء مكتب المحلية.
************
القوى المدنية في بابل تناقش مستجدات الوضع السياسي
بابل – طريق الشعب
اجتمعت القوى المدنية الوطنية في بابل، يوم الجمعة الماضي، للتباحث في شأن القضايا السياسية الآنية وفي مقدمتها التظاهرات والقرارات الصادرة عن الحكومة.
وأكد المجتمعون على ضرورة وضع سقف زمني لوعود الحكومة وعلى رأسها، محاسبة قتلة المتظاهرين ومحاكمتهم والقصاص منهم امام الرأي العام ومحاسبة الفاسدين وفتح ملفات الفساد الموجودة في هيئة النزاهة وحصر السلاح بيد الدولة.
وشدد المجتمعون على ضرورة اشراك القوى المدنية والوطنية في المناقشة لصياغة قانون الانتخابات وقانون المفوضية وقانون الاحزاب.
كما طالب المجتمعون معالجة الوضع الخدمي السيء في محافظة بابل. وكما طالبوا الجهات العليا بتعيين محافظ كفوء بعيدا عن المحاصصة والفساد ومن أهالي الحلة.
وكذلك تطرق المجتمعون إلى موضوعة الحراك الجماهيري في بابل وأبدوا استعدادهم لدعم المتظاهرين السلميين بكل الوسائل المادية والمعنوية، وكشف العناصر المندسة التي تسعى لتغيير أهداف مسار الحراك الجماهيري لغرض فضحهم وإبعادهم عن قوة القرار.
كما اتفقوا على ضرورة تدعيم وتنفيذ القوانين السارية التي تعزز هيبة الدولة. وخرج الاجتماع بتشكيل لجنة للتحرك على الشخصيات المدنية والديمقراطية والمستقلة لدعوتها للدخول ضمن هذا التجمع المدني الوطني.
***********
بين الاستقطاع منها وتأخر تسليمها
المتقاعدون: رواتبنا ضئيلة ولا تسد متطلبات العيش
البصرة - باسم محمد حسين
يعاني المتقاعدون في العراق، ضآلة رواتبهم التقاعدية وعدم كفايتها في تغطية متطلبات حياتهم، خاصة أن الكثيرين منهم مصابون بأمراض مزمنة تتطلب منهم شهريا شراء أدوية وعلاجات بمبالغ طائلة، تضاف إلى التزاماتهم المالية العائلية.
وأمام قلة تلك الرواتب، تظهر بين فترة وأخرى إجراءات حكومية في شأنها، من استقطاعات مالية أو تأخر تسليم الراتب في الموعد المحدد، وغير ذلك من الإجراءات المجحفة بحق هذه الشريحة التي قدمت زهرة شبابها في خدمة الوطن.
وكثيرا ما يتحدث مسؤولون حكوميون وسياسيون ونواب ووجوه اجتماعية، عن أولوية رواتب المتقاعدين، معتبرين إياها "خط أحمر" لا يمكن التجاوز عليه، إلا أن الواقع ينافي ذلك تماما – بحسب العديد من المتابعين - فأول ما يجري التجاوز عليه خلال الأزمات الاقتصادية هو الرواتب التقاعدية، وخير شاهد على ذلك ما حصل خلال الشهر الجاري بعد أزمة انخفاض اسعار النفط، حيث تأخر تسليم رواتب المتقاعدين نحو 11 يوما.
"طريق الشعب" التقت عددا من المتقاعدين في محافظة البصرة، فتحدثوا إليها عن معاناتهم جراء ضآلة رواتبهم التقاعدية، والإجراءات المجحفة والتجاوزات التي تمسها بين فترة وأخرى.
المتقاعدة ساجدة الزبيدي، تشير إلى أن "راتب المتقاعد العراقي ضئيل جدا ولا يغطي متطلبات حياته. كما انه قليل مقارنة بما يتقاضاه المتقاعد في الدول الأخرى، حتى التي تعيش أوضاعا مماثلة لأوضاع العراق الاقتصادية"، داعية الجهات الحكومية المعنية إلى وجوب إعادة النظر في جداول رواتب المتقاعدين وفقا للاحتياجات وأساسيات الاحتساب.
أما المتقاعد أبو إبراهيم، فهو يقول انه وعائلته يعتمدون في معيشتهم، كليا على راتبه التقاعدي "القليل" الذي يتقاضاه بعد خدمة وظيفية ممتازة بلغت 40 عاما، لافتا إلى أنه لا يستطيع الادخار من راتبه، كونه بالكاد يكفي مصاريف معيشة عائلته ونفقات شراء أدوية الأمراض المزمنة له ولزوجته.
فيما يوضح المتقاعد عبد الستار الكطراني، أن المتقاعدين كانوا يتسلمون رواتبهم مرة كل شهرين، وفي الفترة الأخيرة تقرر تسليمها لهم كل شهر، ما ساهم في تيسير بعض الأمور الحياتية، مستدركا في قوله: "لكن تلك الرواتب، في الأساس، لا تتناسب مع احتياجاتنا المعيشية، ولا يمكنها تغطية متطلبات الحياة، خاصة أدوية الأمراض المزمنة التي بتنا نشتريها من الصيدليات الأهلية، نظرا لانقطاعها في المراكز الصحية. فقد كنا نتسلمها شهريا بموجب الدفتر الصحي وبأسعار رمزية".
ويضيف الكطراني أن من بين الأمور التي تثقل كاهله والآخرين من المتقاعدين، توفير مصاريف الدراسة لأبنائهم الطلبة، خاصة الجامعيين.
المتقاعد محمد حسن علي، يذكر من جهته أن خدمته الوظيفية بلغت 35 عاما، ومقابل ذلك يتسلم راتبا تقاعديا يبلغ نحو مليون دينار شهريا، مشيرا إلى أن 400 ألف دينار من الراتب تذهب إلى بدل إيجار السكن، وما يتبقى يسد فيه متطلبات معيشة عائلته المكونة من 6 أفراد، بينهم شابان أكملا دراستهما الجامعية قبل سنتين، ولم يحصلا على وظيفة حكومية أو فرصة عمل في القطاع الخاص، بالرغم من بحثهما المتواصل عن عمل.
غالبية المتقاعدين الذين التقت بهم "طريق الشعب"، ركزوا في حديثهم على معاناتهم جراء عدم كفاية رواتبهم التقاعدية. فيما أنصبت أحاديث قسم منهم على الروتين والمعاملة السيئة وغير ذلك من المشكلات التي يواجهها المتقاعد في بعض المصارف المعنية بصرف راتبه، أو في مكاتب صرف مستحقات بطاقة "كي كارد".
ويتحدث المتقاعد زهير محمد عن مشكلة عدم ظهور بصمات أصابع بعض المصابين بداء السكري، على جهاز صرف مستحقات "كي كارد"، مشيرا إلى أنه مصاب بالسكري منذ 20 عاما، ويتعاطى أدوية من أعراضها الجانبية عدم ظهور بصمات الاصابع، ما يعرقل عملية صرف راتبه.
ويضيف محمد أن هناك طريقة تعريف أخرى يمكن استخدامها في تلك الأجهزة، تتمثل في أخذ بصمة العين، إلا أن هذه الإمكانية لن تكون متاحة له، كونه أجرى في وقت سابق عملية جراحية لعينه، لذا لن يتمكن الجهاز من التعرف إليه، ولن تمنحه شركة "كي كارد" بطاقتها الالكترونية.
وبسبب إجراءات الحظر الوقائي وعدم انتظام الدوام الرسمي في الدوائر، لم يتسن لمراسل "طريق الشعب" اللقاء بمدير دائرة تقاعد البصرة أو موظفي الدائرة الآخرين، ليعرف تفاصيل أكثر عن واقع عملهم، وينقل إليهم في الوقت ذاته صورة لمعاناة المتقاعدين. لذلك توجه إلى المدير السابق للدائرة، المتقاعد فالح ياسين الربيعي، الذي تطرق إلى قوانين التقاعد، واشار إلى تعددها واختلافها في طريقة احتساب الراتب التقاعدي.
وأضاف أن هناك متقاعدين قدماء لم يحصلوا على منحة الـ 12 راتبا، مبينا أن قانون التقاعد الموحد لم ينصف هؤلاء في طريقة احتساب رواتبهم.
وتابع موضحا: "مثلاً، هناك من يحمل شهادة جامعية ومدة خدمته الوظيفية أكثر من 25 سنة، يتقاضى راتبا تقاعديا يبلغ 500 الف دينار شهريا، بينما يتقاضى قرينه، بموجب القانون الجديد، أكثر من مليون دينار، ناهيك عن قوانين رفحاء والسجناء السياسيين والخدمة الجهادية وغيرها، التي تتيح للمستفيدين تسلم راتبين في وقت واحد"، مشددا على "أهمية مراجعة جميع قوانين التقاعد النافذة، وتوحيدها بما يجعلها تصب في مصلحة المجموع وليس فئة دون غيرها".
وختاما، يرى الكثيرون من المتقاعدين انه يتوجب على وزارة التخطيط، بالتعاون مع جهات معنية أخرى، إجراء دراسة مستفيضة ومعمقة للواقع المؤلم الذي يعيشه المتقاعدون، والسعي إلى استحداث نظام جديد للرواتب التقاعدية ورواتب الموظفين.
*************
ص3
هل تكسب حكومة الكاظمي ثقة المنتفضين؟
بغداد - علي شغاتي
تواجه حكومة الكاظمي التي ولدت من رحم الصراعات السياسية المستعصية، وخلال انتفاضة شعبية قدمت التضحيات الكبيرة لإصلاح النظام السياسي، جملة تحديات، بضمنها كيفية نيل ثقة المنتفضين. الكاظمي أعلن عند تسمنه منصب رئيس الوزراء، أن مناهجه سيلبي مطالبهم، ويكشف عن قتلتهم، ويباشر في إجراءات إصلاحية لإيقاف التدهور الحالي، ولكن الرأي الاحتجاجي يعتقد في المقابل أن الخطاب والوعود غير كافية ما لم تقترن بنتائج ملموسة.
تصعيد واسطي وطمأنة حكومية

طيلة فترة الانتفاضة الشعبية، قوبلت مطالب المنتفضين، وحراكهم السلمي، بخطابات تحريضية من المتنفذين، وتم التركيز على شيطنة همومهم وشعاراتهم المطلبية، بل راح الأمر إلى غض البصر عن المجازر الدموية التي ارتكبت بحقهم، ومحاولات تشويه صورتهم وسمعتهم، والقيام بمناورات فاشلة لتجاهل حجم الدمار الذي تسبب بكل هذا الغضب الشعبي ولتوجيه اهتمامات الرأي العام إلى مناطق غير مهمة.
الجديد في الموضوع هذه المرة مع حكومة الكاظمي التي تقف أمام اختبار حقيقي، إرسالها وفدا من المستشارين إلى المتظاهرين في محافظة واسط الذين قرروا التصعيد في حقل الأحدب النفطي لإقالة المحافظ ونائبيه، والتأكيد على مطالب أخرى ما زالوا يشددون عليها ضمن الإطار العام للانتفاضة الشعبية. حيث جرى اللقاء بين الطرفين، في شكل مغاير لأساليب القمع التي اعتادها المنتفضين طيلة الأشهر الماضية.
الوفد الذي زار موقع التظاهر، ظم بحسب ما يؤكده الناشط في المحافظة، سجاد سالم، "المستشارين في الحكومة الجديدة، الدكتور هشام داود، وعبد الحسين الهنداوي، لغرض التباحث مع المتظاهرين بشأن هذا التصعيد المستمر في الحقل النفطي وأسبابه، والحديث عن بقية مطالب الانتفاضة التي ما زالت بانتظار الاستجابة".
سالم يؤكد أيضا، أن "حوارً جرى بين الطرفين، وتم الإيضاح للوفد الحكومي مدى الغليان الشعبي، تجاه الحكومة الاتحادية بشكل عام، وحكومة واسط على وجه الخصوص، لما رافق عمل الأخيرة من فشل ذريع، فيما لفت الوفد إلى أن المطالب التي يرفعها المواطنين، سليمة ولكن وفق البرنامج الحكومي للكاظمي، فالأمر يتطلب بعض الوقت والتخطيط للشروع بالإجراءات الكفيلة بتوفير قناعة للمواطنين لإيضاح مدى الجدية بالتوجه إلى حل المشاكل المتراكمة".
وبشأن خيارات المتظاهرين في هذا المشهد، يوضح الناشط، أنها "حددت بين المضي في التصعيد الاحتجاجي أمام حقل الأحدب، أو التهدئة إذا تمت إقالة المحافظ ونائبيه". وينوه إلى أن "الوفد أستمع إلى المتظاهرين الذين نقلوا رسالتهم بوضوح وأكدوا انتظارهم الحكومة للقيام بردود فعل تتماشي مع همومهم، من خلال تقديم طلب إلى البرلمان، لإقالة المحافظ كإخلاء مسؤولية أمام الغضب الشعبي، علما أن الوفد الحكومي هو الأول من نوعه الذي يزور المحافظة. ولكن تبقى مسألة الثقة الشعبية في هذه الحكومة، مرهونة بالاستجابة الجدية للمطالب الجوهرية قبل كل شيء".

متطلبات إعادة الثقة

الحديث عن كيفية إيجاد الثقة بين المنتفضين والحكومة، ليس جديدا، ولكن الجديد هذه المرة أمل المواطنين بعد التجارب المريرة، بأن تكون حكومة الكاظمي مختلفة عن سابقاتها، هذا لو تجاهلنا ظروف ولادتها السياسية، وركزنا على ما رافقها من خطاب يحاكي قضايا حساسة لدى المنتفضين في وضع بالغ الخطورة والتعقيد، فضلا عن بعض القرارات المطمئنة مبدئيا التي اتخذت خلال أول اجتماعين لمجلس الوزراء.
بناءً على ذلك، يعتقد المحلل السياسي، احسان الشمري، أن "مرحلة بناء الثقة بين المتظاهرين والحكومة، يوجب على الأخيرة أن تباشر بتشكيل لجنة تحقيقية للكشف عن المتورطين بقتل وجرح وترهيب آلاف المنتفضين، فاتخاذ مثل هذه الخطوة، يمكن اعتبارها بداية جيدة لبناء هذه الثقة. إضافة إلى ضرورة الاقتراب بشكل مباشر من سوح الاحتجاج، وهذا الأمر ينحو باتجاه مسارين، الأول من خلال اللقاءات المباشرة مع المحتجين في ميادينهم، والحوار معهم حول كيفية تحقيق المطالب، بينما يتضمن الثاني التواصل بإرسال الوفود الحكومية إلى عموم المحافظات المنتفضة، فضلا عن ضرورة الشروع برسم خارطة مهام حكومية تهيء للانتخابات المبكرة وتفاصيل أخرى ملحة".
أما السؤال الذي يطرح حاليا بشأن حكومة الكاظمي، إن كانت قادرة على الإصلاح الشامل، أو إنها معنية بوقف الانهيار فقط، يجيب الشمري عليه قائلا: "الحكومة الحالية هي لوقف الانهيار الذي تسببت به حكومة عبد المهدي، ولكسب ثقة المواطنين، أما التغيير الشامل المطلوب جماهيريا، فهو من المهام الرئيسية لحكومة ما بعد الانتخابات المبكرة، والذي يتعلق بشكل الاقتصاد والنظام السياسي والتعديلات الدستورية. ولكننا الآن أمام انهيار كبير يجب ايقافه".

آراء المواطنين

وفي البصرة التي كانت في صدارة المشاهد الاحتجاجية دوما، تنقسم الآراء بشأن جدية هذه الحكومة لتقديم أداء إيجابي يختلف عن حكومة عبد المهدي على أقل تقدير.
ويلخص هذه الآراء، الناشط في احتجاجات المحافظة، علي لمعلم، الذي يلفت إلى أنها "تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول منها يعتقد القيام بإجراءات حكومية شكلية لا أكثر، بينما الرأي الثاني يقول ربما من الممكن أن تولد حكومة من رحم المحاصصة والمعاناة، وتسير رغم كل المصاعب في الطريق الصحيح، إضافة إلى الرأي الثالث الذي يرى أنه قد تدفع الحكومة ضريبة للقيام بخطوات الإصلاح من خلال ردود فعل تشنها ضد الانتهاكات وحالات الفساد بعد وقوعها من قبل القوى المتنفذة، أي بما معناه، أنها لن تبادر، وإنما تنتظر وقوع الضرر واتخاذه كذريعة للمبادرة ضد المتنفذين".
ويتابع لمعلم، أن "الحكومة ولدت من رحم المحاصصة والجميع يعلم بذلك، ولكن يوجد أمل نسبي، بأن تتخذ خطوات ايجابية تتعلق بمطالب المتظاهرين وحمايتهم، والسعي للقيام بإصلاحات أمنية وسياسية، ولكن بشكل عام فالمواطنين متوجسين من الحكومة وينتظرون النتائج الفعلية لعملها"، مؤكدا أن "الجميع يتفق على وجود جهات قامت بقتل المتظاهرين، لذا يتوجب على الكاظمي، كبادرة حسن نية، المباشرة في كافة الإجراءات الممكنة لمتابعة الموضوع، وكذلك إقالة قائد شرطة البصرة، رشيد فليح، الذي أساء إلى المنتفضين في المحافظة، ومحاسبة قيادة قوات الصدمة على الاعتداءات والتصريحات التي كانت تبرر القتل والقمع والخطف للناشطين، والعمل على إقالة المحافظ لإخفاقه الكبير".
************
في ظل الفساد والمحاصصة
ظاهرتا عمالة الأطفال والتسول تهددان بنية المجتمع
البصرة - حافظ الجاسم، عمار سعد
يعيش الكثيرون من العراقيين، منذ ما يزيد على الاربعة عقود، تحت وطأة حالة اقتصادية سيئة طفت على السطح بشكل جلي خاصة بعد سقوط النظام المقبور عام 2003، ووصول حكومات المحاصصة الطائفية المقيتة، التي رافق حكمها استشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة. وكنتيجة لغياب التخطيط التنموي لعمل القطاعات الاقتصادية ومختلف القطاعات التي تمس حياة المواطنين، فضلا عن تفشي نهب المال العام واستشراء الفساد.. نتيجة لذلك كله انتشر الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع، منها ظاهرتا عمالة الأطفال والتسول. فيما ارتفعت نسب البطالة بين الشباب والخريجين.
الأطفال تحت رحمة السوق

تعتبر الدول المتقدمة عمالة الأطفال من الجرائم الاقتصادية. لذلك تقوم بوضع قوانين صارمة للقضاء على هذه الظاهرة. وقد منع الدستور العراقي عمالة الأطفال، لكنه لم يضع عقوبات لأرباب العمل الذي يقومون بتشغيل الأطفال واستغلالهم.
وتشير منظمة اليونيسيف في تقارير لها، الى ان اعداد العاملين في العراق، الذين هم دون سن 15 عاما، بلغت نصف مليون فرد، بالإضافة إلى وجود أكثر من سبعة ملايين طفل لا يتلقون الدعم الكافي من الحكومة. وقد تزايدت هذه الإعداد مع اجتياح عصابات داعش الإرهابية العراق عام 2014، ونزوح العائلات هربا من الإرهاب، ما جعلها تعيش في ظروف سيئة جدا.
المواطن حامد سعيد، يتحدث لـ "طريق الشعب" عن ظاهرة عمالة الاطفال، مشيرا إلى أن انتشار هذه الظاهرة ارتبط بالظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها العراق في ظل تفشي الفساد والسرقة ونهج المحاصصة المقيت، فضلا عن غياب خطط التنمية والضمانات الاجتماعية التي تحمي حقوق الطفل، ما أدى إلى تسرب الأطفال من المدارس، وتوجههم إلى سوق العمل من أجل توفير قوت عائلاتهم.
والتقت "طريق الشعب" الطفل مصطفى، احد باعة اكياس النايلون في السوق الكبير بقضاء الزبير في البصرة، فسألته عن سبب تركه المدرسة وعمله في هذه المهنة، ليجيبها بأنه الابن الأكبر لعائلته، وأن والده متوفى ووالدته لا تقوى على العمل، ما اضطره إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل يوفر له ولأخوته الصغار لقمة العيش، مشيرا إلى أن المردود المالي الذي يحصل عليه من بيع أكياس النايلون، زهيد جدا بالكاد يسد الرمق.
من جانبه يشدد الباحث في القضايا الاجتماعية عباس التميمي، على أهمية القضاء على ظاهرة عمالة الاطفال، ومنعها تماماً عبر تشريع قوانين مدنية تحمي الطفل وحقوقه وتوفر له وللعائلات المتعففة الضمان الاجتماعي، موضحا أن تلك القوانين يجب أن تضع عقوبات على أرباب العمل الذين يستغلون حاجة الفقراء ويشغلون أطفالهم مقابل مبالغ قليلة.

المتسولون يزدادون والنساء والأطفال أكثرهم

تتفاقم ظاهرة التسول يوما بعد آخر في جميع المدن العراقية، لا سيما بغداد والنجف وكربلاء والبصرة. ومعظم المتسولين هم من النساء والاطفال الذين اتخذوا من هذا السلوك وسيلة للحصول على المال في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدل الفقر في البلاد.
ويؤكد مراقبون أن السنوات الثلاث الاخيرة شهدت ارتفاعا كبيرا في أعداد المتسولين.
في بعض الاحيان يتم استغلال هؤلاء المتسولين من قبل عصابات تعمل في الاتجار بالبشر. إذ تقوم بتوجيه المتسولين إلى الاستجداء في التقاطعات والمراكز التجارية، فيما توجه البعض منهم نحو بيع المخدرات وغيرها من الممنوعات، أو تشركهم في جرائم السرقة والخطف والقتل.. كل ذلك يحدث في ظل غياب الرادع الحكومي وانعدام توفير البدائل الاقتصادية.
يتحدث المواطن بشار لـ "طريق الشعب" عن هذه الظاهرة الخطيرة، مشيرا إلى أن هناك، بالإضافة إلى المتسولين العراقيين، جنسيات مختلفة تتخذ من بعض الشوارع والأسواق والأحياء السكنية، وحتى المواقع القريبة من مباني المؤسسات الحكومية، أمكنة للتسول، مشيرا إلى أن المتسولين يستخدمون أساليب مختلفة في استجداء المال من الناس.
ويذكر بشار أن العديد من المسؤولين الحكوميين يؤكدون عدم وجود خطة حكومية للحد من ظاهرة التسول، في وقت لا توجد فيه إحصائية لأعداد المتسولين في البلد، تمهد للتصدي إلى هذه الظاهرة الخطيرة، مضيفا أن التسول آفة تدمّر المجتمع، وانه يزداد انتشارا في المجتمعات المتخلفة التي تتسع فيها بؤرة الفساد وتنعدم العدالة الاجتماعية.
************
زقاقان في مدينة الشعب
بلا كهرباء منذ أيام

أكثر من أربعة أيام مرت والزقاقان 55 و57 التابعان إلى المحلة ٣٣٩ في مدينة الشعب ببغداد، بلا كهرباء وطنية، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان، وهم في شهر رمضان وتحت وطأة ارتفاع درجات الحرارة.
ووفقا لسكان الزقاقين، فإن انقطاع الكهرباء جاء بسبب وجود أعطال في شبكة الكهرباء، ما يتطلب من دائرة الصيانة المعنية معالجة هذه المشكلة عاجلا.
أهالي الزقاقين يضعون مشكلتهم هذه أمام أنظار المسؤولين في دائرة الكهرباء، مطالبين بوضع حد لمعاناتهم.
عنهم - حسين علوان
**********
سلات غذائية من "المحلية العمالية" إلى المتعففين
بغداد - عامر عبود الشيخ علي
وزعت لجنة نافع يونس الأساسية التابعة إلى اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، أخيرا، سلات غذائية على نحو 35 عائلة متعففة تسكن منطقة الجمعيات في مدينة الشعب ببغداد.
وتأتي هذه المبادرة للتخفيف من حدة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها اليوم الفقراء وذوو الدخل اليومي المحدود، الذين انقطعت أعمالهم جراء قرار الحظر الوقائي.
وفي سياق نشاطات اللجنة المحلية العمالية، بادر الرفيقان صبيح عبيد وحسن هليل، إلى جمع مبلغ مالي قدره 700 ألف دينار من بعض الخيرين، لتغطية تكاليف عملية جراحية لأحد المواطنين المتعففين. كما جمعا مبلغا آخر وقدماه إلى امرأة متعففة تحتاج إلى المال لشراء علاج. فيما تبرعت الرفيقة تضامن عبد المحسن، بمبلغ مالي وسلة غذائية لإحدى العائلات المحتاجة.
وتأتي هذه المبادرات تلبية لنداء كان قد وجهه الحزب إلى كل تنظيماته، دعا فيه إلى جمع التبرعات وتقديم المساعدة للعائلات المحتاجة التي باتت لا تستطيع تأمين قوتها اليومي، بسبب توقف أعمالها جراء قرار الحظر الصحي.
من جانبها ثمنت العائلات المستفيدة من التبرعات، مبادرات الحزب، في الوقت الذي انتقدت فيه الحكومة لعدم تداركها معاناة المواطنين في هذه الظروف الصعبة.

في السماوة
رابطة المرأة توزع سلات غذائية على المواطنين
السماوة – طريق الشعب
وزع فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة المثنى، أخيرا، نحو 350 سلة غذائية على العائلات المتعففة في مدينة السماوة.
وأقدم فرع الرابطة على هذه المبادرة، بغية التخفيف من معاناة الفقراء والعاملين بالأجر اليومي، الذين توقفت أعمالهم جراء قرار الحظر الصحي.
وقد جمع فرع الرابطة تبرعات مالية من بعض المواطنين الخيرين، لغرض شراء السلات الغذائية.


.........................
شيوعيو الشطرة يساعدون الفقراء
الشطرة – طريق الشعب
نفذت المختصة العمالية التابعة إلى اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار، أخيرا، حملة توزيع سلات غذائية على العائلات الفقيرة والمتعففة في القضاء.
وتمت هذه الحملة بالتعاون مع بعض المنظمات المدنية والخيرية، ونفذت في مقر اللجان النقابية بمركز القضاء.
سكرتير اللجنة المحلية الرفيق شهيد أحمد الغالبي، قال لـ "طريق الشعب" أن "هذه الحملة تأتي في إطار الحملات التي دعا إليها الحزب لمساعدة المتضررين من التداعيات الاقتصادية والمعيشية التي فرضتها جائحة كورونا، خاصة من العائلات الفقيرة والكادحين العاملين بالأجر اليومي، الذين توقفت أعمالهم جراء قرار الحظر الوقائي"، مضيفا أن الحملة قادتها الكوادر الحزبية في المختصة، وانها تضمنت توزيع نحو 100 سلة غذائية منذ بداية شهر رمضان.
.....................................................

توزيع ملابس العيد على أيتام في الكاظمية
بغداد – طريق الشعب
بادرت صديقة الحزب، السيدة أم سجاد، إلى توزيع ملابس العيد على أطفال أيتام في منطقة "أم النومي" بمدينة الكاظمية.
وأم سجاد من أهالي مدينة الكاظمية، وهي شقيقة الرفيقة نسرين حسين. وقد جاءت مبادرتها هذه استمرارا للحملات التي أطلقتها منظمات الحزب الشيوعي العراقي وأصدقاؤها، لمساعدة العائلات الفقيرة، التي تضررت كثيرا بسبب توقف أعمالها إذعانا لقرار الحظر الوقائي.
..............................
شيوعيو الكاظمية يوزعون الكمامات
بغداد – طريق الشعب
وزعت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الكاظمية، الخميس الماضي، قرابة 200 كمامة وقائية على المواطنين.
وشملت حملة التوزيع، التي نفذها فريق من منظمة الحزب، منطقتي "باب الدروازة" و"شاطئ التاجي".

....................

توزيع كسوة العيد على الفقراء
بغداد – طريق الشعب
أطلقت لجنة المثقفين المحلية للحزب الشيوعي العراقي، الأيام الماضية، حملة ميدانية لتوزيع "كسوة العيد" على العائلات الفقيرة وأطفالها.
وجاءت الملابس تبرعا من قبل عدد من الرفاق، بالإضافة إلى مساهمة "محلات الوكيل" للملابس في منطقة المنصور، في عدد من القطع، فضلا عن مبادرة محلات " "Baby styleإلى تخفيض أسعار ملابس الأطفال، التي قام بشرائها القائمون على حملة التوزيع.
ووصل الشيوعيون إلى المواطنين الفقراء في منازلهم، وقدموا لهم الكسوة، ما زرعوا البهجة في نفوسهم ونفوس أطفالهم.
وشملت الحملة مناطق بغداد الجديدة وحي أور والاعلام والبياع والوشاش والكرادة.

.............................


الشيوعيون يحتفون باليوم العالمي للتمريض
بغداد –عامر عبود
احتفت اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، بحلول اليوم العالمي للتمريض 12 أيار، عبر تعليق لافتات في المناسبة قرب العديد من المؤسسات الصحية في بغداد.
وحيّا الشيوعيون في لافتاتهم، كوادر التمريض العراقية في يومها العالمي، مثمنين الجهود الكبيرة التي تبذلها في مواجهة جائحة كورونا، وفي تقديم الخدمات للمصابين دون كلل وملل، بالرغم من مخاطر الوباء ونقص مستلزمات الوقاية.
وعلقت اللجنة المحلية اللافتات قرب مستشفى الكاظمية التعليمي والعيادة الشعبية في مدينة الحرية وساحة عدن.
وفي السياق، علقت اللجنة المحلية للحزب في الرصافة الأولى، لافتات مماثلة قرب العديد من المؤسسات الصحية في جانب الرصافة من بغداد.
واشادت اللجنة المحلية عبر لافتاتها، بجهود كوادر التمريض في مواجهة فيروس كورونا.
وقد جرى تعليق اللافتات بالقرب من مستشفيات "الشيخ زايد" و"ابن رشد" و"ابن النفيس"، فضلا عن عدد من الأماكن في منطقتي البلديات والكرادة داخل.

..................................................

ابتهاجا باليوم العالمي للتمريض
شيوعيو كربلاء يوزعون الهدايا على الممرضين

كربلاء – طريق الشعب
في مناسبة اليوم العالمي للتمريض 12 أيار، زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، "مدينة الحسين" الطبية في مركز المحافظة.
وكان في استقبال الوفد مدير قسم الطوارئ في المدينة الطبية د. صفاء الدده، ومدير شعبة شؤون التمريض الأستاذ عامر.
وهنأ الوفد الذي تقدمه سكرتير اللجنة المحلية، الممرضين في أقسام المدينة، وقدم لهم هدايا رمزية في المناسبة.
وفي المقابل، أعرب مستقبلو الوفد عن شكرهم للحزب على مواقفه الوطنية.
.....................

المرأة النجفية تقدم وجبة فطور للمعتصمين
النجف – ملاذ الخطيب

بادر فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة النجف، مساء الأربعاء الماضي، إلى توزيع وجبة فطور على المعتصمين المرابطين في ساحة الاعتصام الرئيسة بمركز المحافظة.
وجاءت هذه الوجبة تبرعا من عضوات فرع الرابطة وعدد من نساء خيمة "المرأة ثورة"، إحدى الخيمات المعتصمة في الساحة.
وأكدت عضوات فرع الرابطة والنسوة المعتصمات، عزمهن على التواصل مع المعتصمين والوقوف إلى جانبهم، بعد انقطاع دام فترة طويلة التزاما بقرار الحظر الوقائي، مشددات على أهمية اتباع التعليمات الصحية للوقاية من وباء كورونا.
وأعرب المعتصمون عن شكرهم إلى النساء المتبرعات، مؤكدين أن وقوف الجميع، رجالا ونساء، صفا واحدا في الحراك الشعبي، يزيد من قوة الضغط على الجهات المتنفذة، ويساعد في تحقيق التغيير المنشود.
.........................

الشيوعيون يواصلون توزيع سلال الغذاء على الفقراء
طريق الشعب – خاص
استمرارا لحملات مساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود التي أطلقها الحزب الشيوعي العراقي على شرف عيده الـ 86، واصل الشيوعيون في محافظة النجف توزيع السلال الغذائية على العديد من العائلات الفقيرة، التي توقفت أعمالها وانقطعت بها سبل العيش بسبب قرار الحظر الوقائي.
وساهم في إيصال السلال الغذائية للمحتاجين، الرفيق حجاز بهية، بالإضافة إلى الرفيقة سهاد الخطيب، التي وزعت بالتعاون مع نقابة المعلمين – القطاع الشمالي، سلال على الفقراء في حيي الجمعية والجزيرة بالنجف. فيما وزع فريق "التكافل الاجتماعي" التابع إلى اللجنة المحلية، عددا من السلال على مواطنين متعففين، وأخرى وزعها الرفيق كمال عبد نور، في ناحية العباسية.
وفي سياق متصل، وزعت منظمة الحزب في الأنبار، سلال غذائية على العديد من العائلات المتعففة.
وأكدت المنظمة مواصلتها جمع التبرعات المالية من الميسورين، لتوفير المزيد من السلال الغذائية.
عائلة الرفيق صلاح صادق، من المحمودية، تبرعت من جانبها بأكثر من 40 سلة غذائية، تم توزيعها على عائلات متضررة من قرار الحظر الصحي.
فيما قامت اللجنة المحلية للحزب في محافظة البصرة، بتوزيع سلال غذائية على العديد من الفقراء والكادحين.
ويواصل الشيوعيون جمع التبرعات المالية لشراء المزيد من سلال الغذاء، بما يساهم في مساعدة أعداد أكبر، من العائلات الفقيرة.
**************
ص4
الدولة وقطاعها الحكومي شرط وضمانة للعدل والتنمية في العراق
د. حسن عبد الله بدر
الجانب الاقتصادي من العدل الاجتماعي في العراق يتمثل في ضمان حق المواطن بالعمل من أجل كسب وسائل المعيشة له وعائلته، وكذلك حقه بالضمان من البطالة والمرض في حالة تعرضه لهما.
ولكي يكتسب المرء، سواء أكان عاملاً أو فنياً أو متعلماً تعليماً عالياً وتخصصياً كالأطباء والمهندسين والمدرسين، التعليم أو التدريب الضروريْين لأداء عمله، لابد من برامج تعليم وتدريب، بدءاً من الدراسة الابتدائية ولغاية مرحلة التعليم الاساسي (المرحلة المتوسطة أو الصف التاسع)، على الأقل، بغية إعداده ليكتسب المهارة الفنية بمختلف مستوياتها.
ويشكل إعداد المواطن للعمل وتأمينه له جزءاً من الوظيفة الكبرى والحاسمة التي ينبغي أن تضطلع بها الدولة في العراق، والتي (الوظيفة)، رغم الاختلاف الممكن في فهم حدودها ومحتوياتها، يتوقف عليها مصير ومستقبل العراق نفسه كبلد.
دور الدولة

ثمة نظرات مختلفة لما ينبغي أن تقوم به الدولة في العراق (وسائر البلدان النامية).
فهناك علماء إقتصاد واجتماع يقصرون دور الدولة على الوظائف التقليدية المتعلقة بحفظ الأمن والنظام وفرض القانون وحفظ الملكية- ما يسمى بوظائف "الدولة الحارسة"، مع ترك كل ما يتعلق بالانتاج للقطاع الخاص على أساس أنه أعرفْ وأقدرْ من غيره في هذا المجال.
ولكن هناك فريق آخر يوسّع من دور الدولة ليتضمن بناء قطاع حكومي مهمته إنجاز كل البنى التحتية التي يتعذر الانتاج الزراعي والصناعي بدونها مثل مرافق النقل والمواصلات، والطرق والجسور والمطارات والموانئ والسدود، نظم الكهرباء والماء والصرف الصحي.
وهناك من المتخصصيين من يرى ضرورة أن يتدخل القطاع الحكومي حتى في مجال الانتاج المباشر الزراعي والصناعي.
والآن، ومنذ نهاية الثمانينات حين انهارت دول المنظومة الاشتراكية السابقة، صار الفريق الأول (القائل بالدورالتقليدي والمحدود للدولة) يؤكد على أن الزمن قد أثبت وزكّى صحة رأيهم، وأن من الضروري ترك معظم جوانب عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقطاع الخاص على أساس أنه أعرفْ وأقدرْعلى القيام بها وفقاً لقواعد السوق- أي المنافسة بين وحدات ومؤسسات القطاع الخاص وآلية الأسعار وظروف العرض والطلب. وهو الرأي الذي تجسدَ، في منتصف الثمانينات، في ما يسمى ب "توافق واشنطن".
ولكن هذا الرأي لا يستند إلى أي أساس من التاريخ أو من النظرية الاقتصادية، فضلاً عن أن البلدان التي كانت تشكل مناطق وبلدان متخلفة عادية قبل حوالي 50-60 سنة قد أخذت بسياسات للتطور بعيدة عن هذا التصور لدور للدولة، مع أنها كانت تتطور وفق النمط الرأسمالي.
فمن الناحية التاريخية، باشرت الدول الرأسمالية الأولى، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا، بالتحول من نُظمها السابقة، الاقطاعية، إلى النظام الجديد، الرأسمالي، وذلك بالاعتماد على دور واسع وقوي للدول القومية الناشئة حينذاك، وبخاصة في مجال التجاره الخارجية. [لنتذكرْ مغزى نشوء مدارس معينة مثل "الميركنتيلية"، ورجال حُكم وفكر مثل كولبير في فرنسا، وليست في ألمانيا (بروسيا)، وما عملوه أو طرحوه لكي تلحق بلدانهم ببريطانيا، المتصِّدرة حينذاك في تطورها الرأسمالي، ولكي يكون لهم مكان في المستعمرات في آسيا وأفريقيا والقارة الجديدة المكتشفة، أمريكا].
ومن ناحية النظرية الاقتصادية، فإن حجم دورالدولة في التطور الاقتصادي والاجتماعي في بلد معين يعتمد حصراً على مستوى التطور الابتدائي للبلد المعني، وليس بالضرورة على التوجهات والميول الفكرية، الرأسمالية أوالاشتراكية لحكامه والمتنفذين فيه، أي أن هذا الدور يكون واسعاً وشاملاً وكثيفاً في بداية عملية التطور لأن البلد المعني يكون شديد التخلف في البداية. وهكذا، فلضآلة متوسط دخل الفرد في هذه الدول، وما يعنيه ذلك من طلب محدود على السلع والخدمات (أي ما نسميه "السوق الضيقة" اللازمة للزراعة والصناعة)، من ناحية، ومحدودية الطاقات الانتاجية القائمة، أي محدودية الأراضي الصالحة للزراعة والمعامل والمصانع التي من شأنها توفير العمل لمن هم قادرون على العمل في ظل معدل عالٍ لنمو السكان)، من ناحية أخرى، وكذلك محدودية عناصر البنُى التحتية (أي مرافق النقل والإتصال، والطرق والجسور والمطارات والموانئ والسدود، ونُظم الكهرباء والماء والصرف الصحي، فضلاً عن نُظم التعليم والصحة والقانون)، من ناحية ثالثة،
كانت عملية مواجهة التخلف الاقتصادي والاجتماعي نفسها تتطلب وتفرض التدخل الواسع من قبل الدولة في الحياة في بداية مراحل النمو الاقتصادي والاجتماعي. وهكذا، مثلاً، لأن رؤوس الأموال الخاصة قليلة أو حتى معدومة في بداية عملية التطور والانتقال، أو أن رؤوس الأموال هذه لا تجد جدوى إقتصادية كافية للاستثمار في بلدانها نفسها، فإن الدولة، تبادر، مضطرةً أحياناً، للتدخل على نطاق واسع لأن القطاع الخاص غير قادر، أو غير راغب، أو أن نجاح دوره يتطلب مساعدة حاسمة من جانب الدولة.
ومن الناحية العملية، فإن البلدان التي كانت متخلفة وعادية تماماً قبل حوالي 50-60 سنة قد أخذت بسياسات للتنمية كان عمادها الدورالواسع جداً للدولة مع أنها كانت تتطور وفق النمط الرأسمالي. فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت كوريا الجنوبية، وتركيا، واندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورا، وتايوان وهونك كونج والهند، من المناطق والدول النامية والعادية، ولكنها باتت، ومنذ منتصف ونهاية الثمانينات، من دول العالم عالية أو متوسطة التطور، وتمتلك قطاعات زراعية وصناعية وبُنى تحتية متطورة، وبالتالي دخلاً للفرد الواحد يقترب من مثيله في الدول المتطورة اقتصادياً في الغرب. فما هي أبرز معالم سياسات هذه الدول، بقدر تعلق الأمر بحجم دور الدولة في حياتها،التي قادتها إلى مثل هذا النجاح؟ الجواب يتمثل في أن أبرز عوامل النجاح الذي تحققَ في هذه البلدان هو اعتمادها على التعليم والتدريب وتحسين القدرة على المنافسة وتحسين الإنتاجية، كما لعبت تلك الدول دورًا تنمويًا بالتخطيط الاقتصادي وتحقيق التعاون البناّء بين القطاعين الحكومي والخاص. ففي ظل غياب الموارد الطبيعية وقلة رأس المال، توجهتْ تلك البلدان إلى الاهتمام بالعنصر البشري كمورد للتنمية، فاستثمرت بكثافة منذ البداية في التعليم ومدارس التدريب المهني لتطوير إنتاجية السكان وتحسين مهارتهم لمواكبة التطورات التكنولوجية في عمليات التصنيع. فعلى سبيل المثال، ارتفع الإنفاق الحكومي على التعليم في كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا إلى 4.62 في المائة، و2.94 في المائة، و5.93 في المائة على التوالي، من ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2015، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي. كما أنها عملت على إرسال عدد كبير من الطلبة والموظفين للدراسة والتدريب. ويعود عامل النجاح هذا إلى الدولة حصراً. وينسحب الأمر نفسه على عوامل النجاح الاقتصادي الأخرى مثل تخصيص نسبة معقولة من الناتج المحلي االاجمالي للاستثمار، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتنظيم التجارة الخارجية، وقطاع المصارف.

الدولة وخصوصية ظروف العراق

أما في العراق، فأنا لا أتحدث فقط عن الدور الاقتصادي الذي ينبغي أن تضطلع به الدولة، بل أتحدث، أصلاً، عن الدور المتعلق بحفظ الأمن والنظام وحياة الناس وملكياتهم. لنتذكرْ أن أبسط تعريف للدولة ينطلق، أولاً، من زاوية السلطة. فالدولة هي التجسيد الأعلى للسلطة، وينحصر دورها الأولي والبديهي في سيطرتها على العنف واحتكار وسائله. وهذا فهمْ ينسجم مع النظر إلى الدولة باعتبارها إدارة للعنف، أو هي الحارس، أو الدولة الحارسة، بحسب مصطلحات الأدب الاقتصادي الغربي. ولكنها هنا، وهذه مفارقة في ظروف العراق الغريبة والتراجيدية، هي الأنسب لظروف العراق، والتي يتوقف عليها مستقبله كدولة، وليس فقط مسار تطوره.
فكل مظاهر وأدوات العنف، من جيش وشرطة وأحهزة أمن واستخبارات، تكون بيد الدولة حصراً ونهائياً. فهذه هي الوظيفة الأولى والحاسمة لأن باقي الوظائف تعتمد عليها، مع أنها مهمة هي الأخرى. وثمة نقطة بهذا الخصوص تستحق الذكر والانتباه. أن سعي الدولة لفرض نفسها أوشرعيتها في المجتمع، الذي هو مجتمع منقسم طائفياً، سيكون (هذا السعي) بمثابة نزاع حول الهويات، ومحاولة طوائف معينة للهيمنة، فضلاً عن الهوس العراقي المعروف بالزعامة والاستحواذ والمكانة.
وتعني الدولة، في بُعدها الثاني، القدرة على الأداء الخدمي. قد يُختلف في تعريف نطاق الخدمات، ولكن أهمها هو تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية لتعظيم المنفعة الجماعية، وتوفير بيئة صالحة للأعمال، وفرض القانون، وحماية الملكية، وإقامة العدل، والتعليم الأساسي، والصحة، والبنى التحتية بمعناها الواسع. إن هذا البُعد، أو هكذا دور حكومي، يعادل ما يُصطلح عليه في بعض البلدان الغربية (كالدانمارك وفرنسا، وربما ألمانيا) "القطاع العام"، أي القطاع الذي يهيأ كلَ ما ضروري من خدمات وبنية تحتية للمجتمع عموماً، وللقطاع الخاص تحديداً، لكي ينهض بعملية الانتاج المباشرة في الزراعة والصناعة والتجارة والاتصالات. ولكن القطاع الخاص هنا قطاع متطور بالفعل عبر عقود وعقود من التطور المتواصل، والجاهز للعمل، والعارف بما له وما عليه، والمندمج في المجتمع ككل، وليس كحال قطاعنا الخاص الذي ينقصه الدورالحكومي الذي ينظّمه ويمركز عمله ويساعده على الوقوف على قدميه (بالتوجيه والتمويل والبنى التحتية) لكي يقّدم ما يستطيع، من جهة، ويردعه عن الانغماس والمشاركة مع الآخرين في الفساد واللصوصية ونهب المال العام، من جهة ثانية.
إن التوصل في بلدنا إلى هكذا قطاع حكومي هو، في الحقيقة، جزء من عملية التطور(أو التنمية)، ويتكون ويتوسع ويتحسن سويةً معها، وهو ليس منتوجاً جاهزاً. بل أنه يتطلب ويفترض، بين أمور أخرى، تحقق ما أسميته، أعلاه، البُعد الأول في وظائف الدولة، بُعد السلطة، بحيث تتحقق لها درجة معقولة من الحزم والقدرة على فرض قراراتها وبالتالي يكون لها ما هو مفروض من هيبة*. وكل هذا أمر ممكن، علماً بأننا لا نبدأ من الصفر، وتشهد على ذلك تجربة التخطيط للإعمار والتنمية في بلدنا خلال السنوات 1950-1985.
* لا ينسى كاتب هذه السطور أن تلك الأجهزة تخص السلطة التنفيذية أو الحكومة فقط من بين سلطات الدولة الثلاثة. وأن الحديث الوارد في المتن لم يتناول السلطتين التشريعية والقضائية وذلك ليس لعدم ضرورة دراستها، بل فقط للأهمية الاستثنائية للسلطات التنفيذية في الوقت الحاضر في تثبيت الحكم، وكذلك للافتراض أن اتجاهات مسار السلطتين المذكورتيْن ستراعي وتتماشى مع ما تفعله السلطة التنفيذية إضطراراً ولفترة زمية مؤقتة.

القطاع الحكومي والقطاع الخاص

والنقطة الأخيرة، التي أود لفت الأنظار لها والتي تقع في صلب مهام القطاع الحكومي وتعاونه المنشود مع القطاع الخاص، تخص مشروعات الصناعة التحويلية. إن قسماً من هذه المشروعات لا يفكر بها القطاع الخاص نفسه أصلاً لما تتطلبه من تمويل كبير، من جهة، ولطابعها غير المدّر للأرباح العاجلة، من جهة أخرى. ولذلك، فهي مشروعات لا يستطيع القطاع الحكومي إلاّ أن يضعها ضمن مسؤولياته إذا كان مؤمناً بأن مستقبل التنمية في العراق يعتمد على التصنيع حصراً. أما المشروعات الصناعية الأخرى ذات الطابع الاستهلاكي والخفيف (التي تتولى تلبية الحاجة للملبوسات والغذاء ومتطلبات البناء ..) التي "يُفترض" إهتمام القطاع الخاص بها وتركيزه عليها، فهذه، هي الأخرى، لا توجد أي ضمانة تلقائية لإهتمام القطاع الخاص بها إلاّ إذا كانت تتضمن فرصاً معقولة للربح بالمقارنة مع الفرص البديلة لتحقيق الربح من استثمار أمواله في حقول أخرى كشراء الأراضي والعقارات، أوالتجارة، أوالإيداع في المصارف، وحتى الاستثمار في خارج العراق. وهنا، مرة أخرى، يبرز الدورالذي يمكن أن يقدمه القطاع الحكومي للقطاع الخاص: التوفير في الكثير من التكاليف التي يتحملها الأخير وذلك من خلال المشروعات الحكومية في البني التحتية، وبخاصة الكهرباء والنقل والموانئ، من جهة، والحماية من منافسة المنتوجات الأجنبية التي يمكن تحقيقها من خلال التشريعات الحكومية في مجال التجارة الخارجية. فكل ذلك يقود إلى إمكانات أكبر لتحقيق الربح وبالتالي انجذاب رؤوس الأموال الخاصة لها. وبعبارة أخرى، إن وجود المال لدى القطاع الخاص (وقدرته على الحصول على قروض من الحكومة وغيرها) لا يضمن وحده توجه هذا المال نحو الصناعة، بل لابد أن تكون هناك جدوى إقتصادية من استثماره هناك.
إن دولة حازمة وفارضّة لشرعييتها، وقطاعا حكومياً بالمواصفات المبيَّنة أعلاه، هما ضمانة لحل مشاكل العراق الاقتصادية وتمكينه من تحقيق العدل الاجتماعي بصورة تدريجية.
فثمة فرصة لبناء وتعزيز قطاعات وطاقات محلية للانتاج الزراعي والصناعي والخدمي. وهذا يمكّن البلد من الإعتماد على نفسه في تلبية احتياجاته وعلى نحو تدريجي، من جهة، ويتيح الفرص لتشغيل قواه العاملة، من جهة أخرى. وحين نتذكر الاعتماد الهائل، حالياً، على الاستيراد في إشباع احتياجاتنا، والبطالة الواسعة والصريحة والرسمية وصعوبات الحصول على عمل (الذي هو من صميم حقوق أي مواطن ومن متطلبات العدل الاجتماعي)، ووجود حوالي خمس ملايين فرد "يعملون" في أجهزة الدولة دون انتاجية تُذكر تقريباً، نفهم معنى بناء وتطويرقدرات عراقية للانتاج الزراعي والصناعي والخدمي.
كما تتيح هذه القدرات، تدريجياً، تخفيض إعتمادنا على قطاع النفط، المرتبط بالخارج في انتاجه وأسعاره، في كل شيء تقريباً، أي نحّد مما نسميه "الطابع الريعي" للاقتصاد العراقي. وهكذا، فحين يكون لنا ناتجنا القومي العراقي (أي ناتجنا من السلع الزراعية والصناعية والخدمية، وليس فقط من النفط أساساً)، فستكون لدينا مصادر للضريبة تمّول الانفاق الحكومي، وبالتالي ينبني أساسُ للديمقراطية السياسية قائم على مساهمة طبقات وفئات المجتمع في تمويل جهاز الدولة من إنتاجها هي (وليس من النفط فقط) وبالتالي فرض حقها في مراقبته وتسخيره لخدمة مصالح المجتمع نفسه.

تحقيق العدالة

ومما تقدم، أخلصُ إلى أن تحقيق العدل الاجتماعي في العراق، وبخاصة جانبه الاقتصادي، يعتمد،
بين أمور أخرى، على حزم الدولة وقطاعها الحكومي:
1) حكومة حازمة تحتكر أجهزتها المختلفة (من جيش وشرطة وأمن ومخابرات) بحيث تفرض نفسها وشرعيتها على كل المجتمع وتحقق لها ما هو مفروض من هيبة.
2) أن يكون هناك قطاع حكومي يضمن، ولا بأس من التكرار، تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية لتعظيم المنفعة الجماعية، وتوفير بيئة صالحة للأعمال، وفرض القانون، وحماية الملكية، وإقامة العدل، والتعليم الأساسي، والصحة، والبنى التحتية بمعناها الواسع، وكذلك التأكيد على إقامة وتطوير قطاع صناعي بالتعاون والمشاركة مع القطاع الخاص.
**********
من اجل تنظيم أفضل لعمل المولدات الاهلية
ابراهيم المشهداني
ورثت الدولة بعد عام 2003 نقصا كبيرا في تجهيز الطاقة الكهربائية التي حطم الاحتلال بنيتها التحتية، وصل الى ما يقل عن نصف الحاجة اليها وكان لابد من تعويض هذا النقص فصار التوجه الى استخدام المولدات الاهلية من قبل الافراد تماشيا مع فلسفة ادارة الاحتلال للانتقال الى الخصخصة بديلا عن الاقتصاد الاوامري ولولا المبادرات الفردية بغض النظر عن طبيعتها لقضى المواطنون نصف حياتهم في ظلام دامس لكن الفاتورة كانت باهظة.
لقد بلغ عدد المولدات في البلاد حسب التقديرات 150 ألف واغلبها محورة محليا بما يتناسب مع قدرتها الانتاجية وطبيعة المناخ وهذا العدد الكبير من المولدات والذي يولد ما يوازي انتاج محطات الدولة او اكثر مما شكل قطاعا قائما بذاته مع ما يتطلب من كميات الوقود اللازمة لاستمرارية التشغيل وفي نفس الوقت الحاجة الى تشريعات ناظمة لعمل هذا القطاع.
ان مجالس المحافظات قبل ان يجري حلها من قبل البرلمان لم تقم بالدراسات اللازمة لمعرفة تكاليف انتاج هذه المولدات وبالتالي تحديد اسعار الامبيرية وصولا الى تحديد حجم الارباح او الخسائر التي يتحملها اصحابها وانما لجات الى وضع اسعار اعتباطية مع الزام اصحاب المولدات بتنفيذ قراراتها بالقوة. ان اي حساب للتكاليف لابد ان يأخذ في الاعتبار تكاليف الوقود للمولدات التي لم تجهز من قبل الحكومة وانما من السوق السوداء بما يعادل 750 –800 دينا للتر الواحد من زيت الغاز وخصوصا في اشهر الصيف يضاف اليها اجور العمل وتكاليف الزيوت والصيانة مع حساب الاندثار السنوي.
والسؤال هنا على سبيل المثال ما الذي توصلت اليه اللجان الشعبية التي شكلها مجلس محافظة بغداد قبل الحل سواء في المناطق السكنية او الوحدات الادارية لكي تتوصل الى تحديد سعر الامبير بحدود 7 الاف دينار في اشهر الصيف و12 الف لما اسمته بالخطوط الذهبية لمدة 24 ساعة بدون التمييز ما بين المولدات التي تشتري الوقود من السوق الموازية او التي تستلم الوقود من وزارة النفط.
صحيح تماما ان اجور الكهرباء من هذه المولدات لا يتحملها المواطنون محدودو الدخل او الشرائح الاجتماعية الفقيرة ولكن من الانصاف عدم القاء بعض اللوم على اصحاب المولدات الذين وحسب معرفتي الشخصية ان بعضهم مكبل بالديون بعشرات الملايين من الدنانير انما اللوم كله تتحمله وزارة الكهرباء التي وضعت المواطن بين مطرقة الوزارة وسندان المولدات الاهلية ، فوزارة الكهرباء قد اهدرت 40 مليار دولار مخصصة لميزانياتها الرأسمالية للفترة من 2003 لغاية 2017 لكن الفساد قد ابتلع هذا المبلغ الفلكي من خلال العقود التي ابرمت مع شركة سيمنس الالمانية وجنرال الكتريك الأمريكية فضلا عن عقود المحطات الغازية التي ابرمتها مع كوريا الجنوبية وهي تدرك ان ما ينتج من وقود الغاز بالكاد يكفي لتغطية الاستهلاك المنزلي وان جله يستورد من ايران وهذه المحطات لا تنتج اكثر من نصف طاقتها التصميمية لا سباب فنية واخرى تتعلق بقلة الوقود وكان من الاجدر الذهاب الى بناء محطات حرارية الاطول عمرا والاقل كلفة .
ولأجل معالجة مشاكل استخدام المولدات الاهلية والتخفيف عن كاهل المواطنين اصبح من الضروري اتخاذ الاجراءات التالية:
1. اصدار التشريعات الناظمة لعمل المولدات الاهلية وتنظيم علاقتها بالدولة من جهة وبالمواطن من جهة اخرى نظرا لوجود حاجة ماسة لخدماتها وعجز وزارة الكهرباء عن سد الطلب الكلي في الاجل المنظور.
2. ضرورة قيام وزارة النفط بتجهيز المولدات الاهلية بالوقود الذي يسد حاجتها من اجل مواصلة التشغيل اسوة بمثيلتها من المولدات التي تجهز حكوميا بغية التخفيف من تكاليف الانتاج وتحديد الاسعار بما تتناسب مع المستوى المعيشي للمواطنين.
3. تشكيل لجان مركزية من وزارات النفط والداخلية والكهرباء وامانة بغداد وممثلين عن اصحاب المولدات تتولى مراقبة تنفيذ التشريعات والضوابط الكفيلة بضبط ايقاع عمل المولدات الاهلية والالتزام بالتسعيرة المحددة ولأجل انجاح هذه التجربة من الضروري عقد ندوات منتظمة مع اصحاب المولدات لإيجاد رؤى مشتركة لتحسين الاداء.
**************
ص5
نزعة الغموض في توقف وتمديد العقود
د. محمد صباح علي*
أن المقصود هنا هي الضوابط رقم (6) من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم(2) لسنة 2014، التي صدرت استنادا إلى أحكام أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 87 لسنة 2004 وتعليمات تشكيلات ومهام دوائر وأقسام وزارة التخطيط رقم (1) لسنة 2012.
مدى الفائدة من وضعها وعملها

تتولى تلك الضوابط بيان الآلية المتبعة لدراسة الطلبات المقدمة إلى جهات التعاقد الحكومية من قبل المتعاقدين معها، للنظر في مدى انطباق طلباتهم من التوقف والتمديد مع تلك الضوابط المعدة من قبل وزارة التخطيط، ولا يخفى على القارئ والمتتبع والمراجع للدوائر والأقسام القانونية في وزارات الدولة ومؤسساتها أن يلاحظ وبوضوح التعقيد والتشابك والتعارض في انجاز العمل المطلوب؛ ولعل ذلك مرده إلى القانون (نص القانون) بشكل عام، والمبالغة في عدد الضوابط والتعليمات وتناولها دوما بالتغيير والتعديل وتعميمها على مؤسسات الدولة للعمل بما جاء بها ولا غرابة إذا قلنا أن تلك التعليمات تضر أكثر من أن تنفع وتكمن مضرتها في غموضها وعدم فهم المراد منها بصورة صريحة وواضحة ومباشرة من قبل الموظف المعني؛ وذلك لاحتوائها على جزء من تعليمات سابقه يكاد أن يكون العمل قد أستقر على آلية تطبيقها ونشوء جزء جديد في تعليمات جديدة يحمل نزعة الغموض والتأويل بعموميته واتساعه دون حصر؛ مما يضع الموظف المعني في حرج شديد حين التطبيق ويرجع بسلبيته على جودة العمل وخطورة على الموظف الذي عليه أن يصل في اجتهاده إلى المغزى الحقيقي للنص رغم انه (لا اجتهاد في مورد النص) وفقا للقاعدة القانونية؛ ولعل في ما تقدم ذكره يمكن لنا القول أن ما ورد بالضوابط رقم (6) الخاصة بتوقف وتمديد العقود من صفات تشابه ما تقدم بيانها.

من حيث السمات الشكلية والموضوعية

تحمل هذه الضوابط بين ثناياها نزعة غموض واسعة بحاجة دوما إلى التفسير، كونها تكون مختصرة جدا وواسعة جدا بنفس الوقت ولا تفسر سند الطلب بطريقة قانونية منطقية استدراكية تحاكي فلسفة العقد عند التطبيق في المفهوم العام والخاص للفقرات المعدة من قبلهم؛ بل رمت ذلك على اللجنة التي تشكل في جهات التعاقد المكلفة بالنظر والبت في تلك الطلبات، ولا يخفى على الجميع أهمية هذه اللجنة وخطورتها في حالتين الأول: عند تشكيلها واختيار أعضائها الذي يجب العناية في التفضيل والترشيح وحسن السيرة لتمثيل تلك اللجنة التعامل مع حقوق الدولة وأموالها العامة والثاني: عند تعامل اللجنة مع الطلبات المقدمة من قبل المتعاقدين مع المؤسسات الحكومية والذي يكون الأساس القانوني في ذلك هو الرجوع إلى تلك الضوابط والتعليمات لغرض مناقشة الطلب المقدم وإعداد محضر بذلك إلى رئيس جهة التعاقد لغرض تصديقه، ويرافق عمل هذه اللجان صعوبات شديدة بسبب ما أغفلت عنة وزارة التخطيط عند إعداد هذه الضوابط والتعليمات التي أعدت على عجالة ونقص في الأحكام، ولعل المشتركين في تلك اللجان في مؤسسات الدولة من القانونين والمهندسين يدركون نقص هذه الضوابط بسبب ما تحتويه من نزعة غموض في بيانها لأسباب التوقف والتمديد في العقود التي تبرمها الدولة على صعيد عقود المقاولات والتجهيز وعقود الخدمات الاستشارية وغير الاستشارية، فلن تقدم هذه الضوابط أي حلول أو طريقة قانونية صحيحة للتعامل مع فلسفة التوقف والتمديد للعقود الإدارية حيث تركت أمر التوقف فيما إذا كان ضروريا من عدمه لجهة التعاقد وهذا برأينا ليس بمنطق قانوني صحيح لكون أن التوقف دائما ما يضر بالدولة ويؤخر تنفيذ العقد عن المدة المحددة فيه وهذا ما شهده العراق في جميع أعمال البناء من تلكؤات في التنفيذ وشركات غير رصينة ولو رجعنا إلى أصل السبب لوجدناه هو عدم وجود ضابط حقيقي يلزم المقاول عند توقفه للعقد لأسباب لن تطلبها الإدارة.

ثغرات بحاجة إلى تلافيها

أن الضوابط منحت أولئك المتعاقدين قدرا من التلاعب تحت غطاء قانوني عندما منحتهم حق تمديد العقد لظروف استثنائية ولن تحدد ما هي الظروف الاستثنائية الممكن حدوثها وعلى أساس ذلك أصبح المتعاقدين يمررون طلباتهم بالتمديد على ضوء تلك الفقرة، ناهيك عن أن تمديد العقد يكون اخطر من التوقف كون يحق للمتعاقد الحصول على سلفه مالية نتيجة التعذر بالظروف الاستثنائية، وأيضا عندما منحته فرصة أخرى للتلاعب في أسباب التوقف تحت بند (الأحوال المناخية التي تؤثر على سلامة التنفيذ) والمعروف للجميع أن طبيعة الأجواء في العراق غالبا مستقرة في فصولها الأربعة، ولا يحدث من غضب للطبيعة في فصل الشتاء ما يؤثر على استمرار سريان تنفيذ العقد حيث يستغل ذلك المتعاقدين في أيام المطر والتذرع بصعوبة وصول العمال لموقع العمل بتمرير طلبات توقف مستندين في ذلك على البند أنف الذكر بعد تأييد اللجنة الهندسية المكلفة بمتابعة المشروع من قبل جهة التعاقد والتي تكون موافقتها في أغلب الأحيان ملزمة للجنة التوقف والتمديد للموافقة من الناحية الموضوعية بعد التأكد من الناحية الشكلية الخاصة بمدد تقديم الطلب، وحيث حقيقية طلب التوقف يرجع إلى محدودية الإمكانات المالية للمتعاقد أو حدوث عجز مالي مؤقت فيعمل على توفير غطاء قانوني له بتمرير طلب التوقف وحيث حددت مدة التوقف في الفقرة(أ) من المادة (4) (90) يوما في عقود المقاولات وحددت الفقرة (ب/ من المادة ثانيا) (15) يوم لعقود التجهيز والخدمات غير الاستشارية و(60) يوم في عقود الخدمات الاستشارية فيلجأ إلى استغلال هذه المدد بدلا من احتساب غرامات تلكؤ نتيجة توقفه عن العمل وهي حالة أصبحت شائعة في الآونة الأخيرة نتيجة ما يمر به البلد من ظروف أمنية غير مستقرة وما تشهده الساحة العراقية من احتجاجات مستمرة نتيجة المطالبة بتحسن الوضع الخدمي جعل مثل هذه الطلبات تتزايد أمام المؤسسات الحكومية، والجدير بالذكر أن جهات التعاقد ونتيجة تضررها من ذلك ملزمة هي الأخرى بتضمين فقرات العقد بنفس الفقرات الواردة بالضوابط والتعليمات، ولو أتاح الأمر لجهة التعاقد من سلطة تقديرية لفرضت شروطها وقيدت المتعاقد ببنود العقد التي يكون لها الأولوية على الضوابط، ونرى أنها حسناً فعلت عندما قيدت المتعاقد بعدم التعذر بالظرف الأمني كعارض توقف أو تعذر عند تنفيذ التزاماته التعاقدية وإلا لكان الوضع لا يحمد عقباه نتيجة الصعوبة البالغة في استقرار الوضع الأمني في العراق مما يعرض أموال الدولة إلى الاستنزاف وعقودها إلى الضياع. تقدير الحلول الممنوحة ولو أمعنا النظر بالحلول التي رسمتها الضوابط بعد استنفاذ المدد المشار إليها فيما تقدم نجد أنها حلول إنشائية غير منتجة وصعبة التحقق ومكلفة على مستوى الوزارة أو الدائرة بان يتم دفع مستحقات المتعاقد عن الأعمال المنجزة والنظر في إمكانية استئناف العمل بعد زوال القوة القاهرة وفي حالة استمرار أسباب القوة القاهرة فبالإمكان إنهاء العقد باتفاق الطرفين بسبب استحالة التنفيذ نتيجة القوة القاهرة؛ وإذا أردنا التعقيب على ما تقدم من حل في الفقرة (2/من ثانيا من المادة الرابعة من الضوابط سالفة الذكر) أن الأصل القانوني لنظرية الظروف القاهرة في العقود الإدارية محدودة جدا وهي محصورة في نظريتي (الظروف الطارئة وفعل الأمير) وهي من خلق وابتداع القضاء الفرنسي، إما ما يحدث في العراق فهو جميعه راجع للظرف الأمني وإذا أردنا أنصاف ذلك الحل في هذا الوقت فهو ينطبق من حيث الأصل على حالتين الأولى: اجتياح داعش الإرهابي للأراضي العراقية وباتت سيادة الدولة على أراضيها محصورة في نطاق محدد فهو ليس بسبب من المتعاقد ولا دخل للإدارة فيه ويكون عندئذ سبب أجنبي قاهر، والثاني: هو حدوث جائحة كورونا الذي أوقفت العالم بأسره وشلت جميع الأعمال العامة والخاصة وما عداها من وجهة نظرنا المتواضعة لا تطبيق صحيح لها ولا يمكن للمتعاقد الاحتجاج بذلك وكان من الأفضل على من أعد هذه الضوابط تحديد الظرف الاستثنائي أو ما لا يمكن للمتعاقد المطالبة به من قبيل الظرف الاستثنائي ويترك للإدارة السلطة التقديرية في نظر الطلب حسب قناعاتها وكفاءة المتعاقد ونسب انجازه من العمل.

التفريط بحقوق الدولة

ومن ضمن ما فات على معدي هذه الضابطة أن فقراتها تتعلق بتنفيذ عقد إداري عام ممول من أموال الدولة العامة وعقدها حينئذ عقد إداري يتعلق بنشاط مرفق عام ويستهدف إشباع حاجة عامة، فلا يمكن منح المتعاقد مزية على حساب الدولة وأموالها في غير محل من القانون وعندها لا يمكن منح المتعاقد رخص قانونية معطلة للعمل لا نجد ما يشابهها في دول أخرى ذات تجربة في مجال القانون والعقد الإداري بل يرفع درجة التزام المتعاقد مع الظرف السائد من خلال بنود العقد وعدم التذرع بأي ذريعة خارج نصوص العقد وبعيدة عن الأسباب السطحية الممنوحة للمتعاقد العراقي، وحيث تبين ذلك من خلال شركات المقاولات العامة المتعاقدة مع الحكومة المصرية التي ظلت ملتزمة بتنفيذ أعمالها إثناء قيام ثورة يناير المصرية على الرئيس المصري المرحوم حسني مبارك واستمرت كذلك بعدها رغم ما شهدته البلاد من اضطرابات وغياب للأمن والجيش في بعض مدن وأقاليم الجمهورية؛ ولعل ذلك أساسه هو الالتزام ببنود العقد المتعلق بالتعامل بالمال العام.

التعامل مع الشركات العامة

لم تبين لنا الضوابط إجراءات توقف وتمديد العقود مع الشركات العامة التي ألزم قانون الموازنة بالرجوع لها قبل التعاقد مع القطاع الخاص الذي يغلب على تنفيذها الضعف والتلكؤ والتقصير وتواجه مؤسسات الدولة معها حرج شديد في انجاز أعمالها فما مصيرها من هذا التوقف؟ وهل يمكن بعد توقف لمدة أكثر من السنة أن يتم إنهاء العقد مع عدم احتساب مدة التوقف مدة تأخير واستحصال غرامات تأخيرية على تلك الفترة لكونها شركة عامة وباتت اغلب المؤسسات والشركات العامة تعلب دور الوسيط بإحالة العقد عليها والتنفيذ من قبل القطاع الخاص، ولا تعلم الجهة الحكومية المتعاقدة مدى صدق الطلب والأحقية في فرضه بل أن هناك إلزام بمنح التوقف والتمديد للشركات العامة لتعظيم مواردها والأصل إن التلكؤ هو حاصل من قبل الشركات الخاصة التي تتشفع لهم مؤسسات الدولة الوسيطة بما تحمله من كرامات قانونية باعتبارها شركة عامة فضلا عن استثنائها من جملة من الشروط؛ على أن يبقى مصير الغرامات يصارع الزمن وفي أحيان أخرى تعفى منه بسبب مفاتحة جهات عليا بذلك. الحل والإصلاح ما من حل أو أصلاح لرفع الغموض من توقف وتمديد العقود الحكومية إلا من خلال تشريع قانون للعقود الحكومية العامة تراعي فيه فلسفة العقود المبرمة من قبل مؤسسات الدولة وأموالها العامة القائمة على السرعة والجودة في التنفيذ أو حلها بشكل وقتي عن طريق منح دوائر العقود في وزارات الدولة ومؤسساتها سلطة تضمين عقودها ما تراه يتناسب مع الظرف الراهن وما عانته من خروقات مع المتعاقدين كونها الأقدر على مراعاة ذلك واستنادا إلى القواعد العامة في القانون على أن تتولى ذلك بالتعديل كلما دعت الحاجة له وكما معمول به في فرنسا ومصر ودول الخليج العربي التي احدثت الأخيرة نهضة شاملة في تشريعاتها تلمس من خلال نهضة الأعمار والبناء الواضحة التي ترجع في أساسها إلى اللبنة القانونية الصحيحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية
*************
هل الحل في الاقتراض؟
خليل ابراهيم العبيدي
تناقلت وكالات الأنباء تصريحات السيد مظهر محمد صالح مستشار السيد رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ، بشأن طلب الحكومة من مجلس النواب إصدار قانون يخولها الاقتراض الداخلي والخارجي ، موضحا أن الاقتراض الداخلي سيكرس لسد العجز في الموازنة التشغيلية ، أما الاقتراض الخارجي فسيكون للموازنة الاستثمارية لبعض المشاريع واستكمال المشاريع القائمة ، وقبل التعليق على هذه التصريحات ، نود ان نبين بان ديون العراق الخارجية حسب تصريح السيد أحمد الجبوري عضو اللجنة المالية النيابية ، لعدد من وكالات الانباء ، بتاريخ 24 ايلول 2019 ، بلغت 125 مليار دولار ، وأني أقدرها برقم آخر بعد القرض الياباني والالماني والاسباني وغيرها من القروض الخارجية. وحسب صندوق النقد الدولي، فان ديون العراق تفاقمت خلال الفترات الماضية، حيث كانت قبل 6 سنوات، 73،1 مليار دولار، وارتفعت في العام 2014، الى 75،2 مليار دولار، وفي عام 2015 بلغت 98 مليار دولار، فيما كانت قبل عامين 114،6 مليار دولار، وفي عام 2017، بلغت 122،9 مليار دولار، والآن وحسب رأينا ربما تصل الى 130 مليار دولار. هذا اضافة الى الديون الداخلية. في حين اوضح السيد على العلاق محافظ البنك المركزي في تصريح له نقلته صحيفة طريق الشعب بعددها الصادر يوم الاحد الموافق 15/3/2020، بأن ديون العراق الداخلية بلغت 40 مليار دولار، والديون الخارجية، بلغت 23 مليار دولار، وان ديون ما قبل 2003 كانت 40،9 مليار دولار، وان المجموع 103،9 مليار دولار.
ان التضارب في الإعلان عن الرقم الحقيقي لديون العراق يخفي وراه أمر جلل، وخاصة ما ذكره السيد العلاق من ان الدين الخارجي 23 مليار دولار، وهذا رقم قابل للتشكيك به لان القرض البريطاني لوحده الموقع عليه عام 2016 كان 12 مليار دولار. فكيف يكون مجموع الديون 23 مليار؟
ان المديونية بلغت حدا لا تستطيع فقرات الموازنات القادمة من تسديد فوائد هذه الديون وخدماتها، والتي قد تصل إلى 5 مليار دولار سنويا، ونود الاشارة هنا إلى ما أعلنه الخبير الاقتصادي جمال الاسدي من أن العراق غارق في ديونه، وان من تسبب في دفع العراق إلى المياه العميقة للديون هم المسؤولون عن حالة البلد المالية، ومن هم في خانة المفسدين، ومن كل الأطراف المتنفذة بلا مجاملة او استثناء.
ان المسؤول اليوم سيترك الوظيفة غدا ، ولكن أثار سلوكه المشين سيلحق الضرر بالأجيال القادمة ، وان العدل يقتضي ملاحقة كل من تسبب بتبديد ما لا يقل عن 350 مليار دولار من موازنات الاعوام التي تلت الاحتلال ليومنا هذا (وحسب تصريحات السيدة ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية النيابية ) ، مضافا اليها الديون المتراكمة على الخزانة الخاوية والبالغة 130 مليار دولار ، زائدا فوائدها السنوية والمقدرة ب 5 مليار دولار، والناتج هو وللسنوات الاربعة القادمة (اذا لم نتورط بديون جديدة ) سيكون العراق قد خسر 500 مليار دولار والأرقام حقيقية اذا لم تكن أكثر ، وان هذه المبالغ كانت كافية لتحقيق ناتج وطني مرتفع ، وتنمية حقيقية لبناء كل البنى التحتية للبلد، اضافة الى صياغة مستقبل جديد لا يعرف العراق فيه الفقر والبطالة ولا الأزمات المالية ، ولكان بالإمكان مشاهدة صندوق ضمان حياة الأجيال القادمة.
ان مجلس النواب أمام كل هذه الحقائق وأمام الهدر المستمر للمال العام مطالب بعدم الموافقة على الاقتراض الخارجي بأي حال من الاحوال، والطلب إلى الحكومة أيا كانت لإيقاف كل المخصصات والإبقاء على الرواتب فقط، وإيقاف الصرف للأغراض التشغيلية الا ما هو متعلق بالنظافة للدوائر الحكومية، والطلب من الحكومة تعيين النزيهين في مرافق الضريبة والجمارك وكل الدوائر التي تستحصل الرسوم، والتوجه إلى الدول بطلب المنح والمساعدات وبموجب قانون يشرع يعمل على عدم سرقة الممنوح لهذا البلد.
من المؤكد ان التوجه إلى الاقتراض سوف يزيد الوضع تفاقما، وان مسألة تأمين الرواتب والأجور وبعض فقرات الموازنة التشغيلية يتم عن طريق مبيعات النفط بأسعار السوق والتي لا تقل في الكثير من الأحيان عن 3 مليار دولار، وهذا يعني 3،6 تريليون دينار عراقي، يضاف إليها عائدات الضرائب والرسوم بعد معالجة الأمراض المستوطنة في الدوائر المعنية باستيفاء هذه الموارد.
ان الحكومة مطالبة بقرارات جريئة منها على سبيل المثال: إولا، الغاء كل راتب إضافي يحصل عليه البعض خلافا للقانون، وإعادة المستلم بقوة القانون، ثانيا، اعادة توزيع الثروة بالعمل على تقليل الرواتب العالية للرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب واصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين، وأية رواتب جاءت بقوانين استثنائية مثل رواتب متضرري رفحا وغيرهم ممن فاقت عوائدهم الحد المقبول اجتماعيا، ورفع الحمايات لان البلد بتوفير فيه قدر من الامن وتخصيص سيارة واحدة للوزير والنائب وصولا الى المدير العام. وتقليل رواتب القضاة والجامعيين ورواتب موظفي الرئاسات الثلاث. وأية رواتب تختلف عن رواتب عموم الموظفين، وان يتم دعم المشاريع الانتاجية للقطاع العام والمختلط والخاص، وهذه المطالب بمثابة الاختبار لحكومة السيد الكاظمي.
ان مجلس النواب مدعو لان يكون ابن المرحلة وان المرحلة تتطلب ان يكون كل عراقي عند مستوى المسؤولية والكف عن التوجه إلى أسهل الطرق، إلا وهي الاقتراض، لأن الاجيال القادمة لا يمكن ان تتحمل أوزار اخطاء الآخرين.
***********
عذرا ماركس.. كورونا أثبت أننا على خطأ
علي قاسم*
كنا نظن أن بمقدورنا السخرية من أفكار، كارل ماركس، ومن تبعه من اشتراكيين باحثين عن تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى أن جاء كورونا وقلب المفاهيم؛ فايروس صغير، لا يرى حتى بالعين المجردة، أثبت أننا على خطأ.
ما اعتقدنا أنه نوع من الطوباوية، وفي أحسن الأحوال فكر مثالي، قد يصبح قريبا شرطا لا غنى عنه إن أرادت النظم الرأسمالية إنقاذ نفسها.
إن لم تكن حياة البشر أهم من الاقتصاد، فهي تساويها قيمة، وهي حتما أهم من الشعارات وأهم من السياسة والسياسيين.
كورونا لم يتسبب بقتل الناس فقط، بل وجّه مقتلا للاقتصاد العالمي، والسبب غياب العدالة الاجتماعية.
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومعه الكتلة الشيوعية، ضلت الرأسمالية طريقها، يوم أصبح كل شيء مبررا لتحقيق الربح؛ استنزاف الموارد الطبيعية، تدمير البيئة، وفقدان الوظائف.
نحن مدينون لماركس باعتذار، ما تحدث عنه هو دور الدولة الذي لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعندما فشلت الشعوب في تطبيق تلك العدالة، جاءت عدالة كورونا لتقول لنا إننا على خطأ.
عذرا ماركس، بينما تفرغت أنت للدفاع عن الضعفاء، الذين لم ينالوا فرصتهم للعيش بكرامة، قسونا نحن عليهم، واتهمناهم بالتقصير والكسل.
لا نعلم كيف خدعنا هؤلاء الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب، وصدقنا أنه من العدل أن يقارن بهم من ولدوا ولم يطالوا حتى ملعقة من خشب.
كررنا نفس الخطيئة التي ارتكبتها ماري أنطوانيت، عندما قالت للذين أخبروها إن الشعب ثار لأنه لا يجد خبزا يأكله، لماذا لا يأكلون البسكويت؟
الحياة بعد كورونا لن تكون، ويحب أن لا تكون، كما الحياة قبلها، الحياة قبل الوباء سيطرت عليها الرأسمالية بنسختها المتوحشة؛ تلك التي قست على الضعاف والفقراء، الذين لم يسعفهم الحظ ليولدوا وملعقة الذهب في أفواههم.
كيف تجرأنا وساوينا بين من تعلم في مدارس خاصة في نيويورك ولندن وباريس، وبين أطفال كتب عليهم التنقل على أقدامهم مسافة طويلة يوميا، في طرق موحشة، لتلقي العلم في مدارس تنقصها ملامح المدرسة، حتى المعلمين؟
ما عجزت عن فعله الأفكار الاشتراكية، سيتكفل به فايروس كورونا، فهو بيننا ليبقى، إنه العدالة التي عجز عن تطبيقها البشر.
لا يمكن تجاهل التحذيرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية من أن فايروس كورونا المستجد قد لا ينتهي أبداً، وقد يستوطن في مجتمعاتنا، وينضم إلى مزيج الفايروسات التي تقتل الناس في أنحاء العالم كل عام.
لقد ثبت أن ضعاف البنية وكبار السن والفقراء، الذين يعانون من ضعف في المناعة بسبب سوء التغذية، هم الأكثر عرضة لفقدان الحياة بسبب الفايروس.
أربعون في المئة تقريبا من العاملين في الولايات المتحدة، الذين يقل دخلهم السنوي عن 40 ألف دولار، فقدوا أعمالهم بسب تداعيات كورونا، بحسب تقرير صادر عن البنك الفيدرالي الأميركي. وهذا يعني أن الفئة الأقل دخلًا هي الأكثر تضررًا من تداعيات تفشي الفايروس.
الفجوة بين الطبقة الغنية، وهي 10 في المئة من السكان، والطبقة المتوسطة تبلغ أكثر من 1000 في المئة؛ يجب على الموظف أن يعمل شهرا كاملا ليكسب ما يكسبه المدير التنفيذي في ساعة واحدة.
تفاوت الدخل هو القضية التعريفية الأولى للولايات المتحدة، حيث أضيفت 95 في المئة من الأرباح الاقتصادية إلى أعلى 1 في المئة من الدخل الصافي منذ عام 2009.
تمنح الثروة للفرد الأمان المادي، والهيبة الاجتماعية، وتعطيه قوة سياسية، يمكن استثمارها للحصول على ثروة أكبر، لذا تعد الثروة عاملا نفسيا يمنح الناس الشعور بالثقة والقدرة على التصرف.
الحديث عن حرية الاختيار، مجرد وهم، والرسالة التي يتكتم عليها الأثرياء، ويتصرفون وفقها هي، أنجبوا أطفالكم ليقوموا على خدمتنا.
الفجوة الآخذة بالاتساع بين الطبقة الثرية جدا وبين الطبقتين المتوسطة والفقيرة لن تدوم طويلا، وفق دراسة أجرتها مدرسة هارفارد للأعمال والتجارة، وينسجم ما جاء فيها مع أقوال للاقتصادي الفرنسي، توماس بكيتي، في كتابه “رأس المال في القرن الحادي والعشرين”.
المستويات العالية جدا من التفاوت المادي متنافية مع القيم الفردية ومبادئ العدالة الاجتماعية الأساسية للمجتمعات الديمقراطية المتقدمة.
الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، دعا عام 2012 إلى زيادة الضرائب على الأثرياء في الولايات المتحدة، معتبرا أن النظام الحالي، الذي يستفيد منه الميسورون ليس عادلا، “الأميركيون الأثرياء يدفعون ضرائب بنسب تعتبر الأدنى منذ 50 عاما”.
وبفضل النظام المعمول به فإن مليارديرا مثل المستثمر، وارن بافيت، أو مؤسس شركة مايكروسوفت، بيل غيتس، يدفعان معدلات ضرائب أقل مما تدفع سكرتيرتاهما.. “هذا غير عادل وليس له معنى”.
الرؤية الإصلاحية لباراك أوباما، واقتراحه فرض ضريبة عرفت بـ”ضريبة بافيت”، أطاحت بالديمقراطيين، وأدخلت الجمهوريين إلى البيت الأبيض.
وبينما تقاعست الحكومات الأميركية عن السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية، انضم غيتس إلى بافيت وأعلنا عن قيام واحدة من أكبر المؤسسات الخيرية، قدمت الدعم للمناطق المنكوبة، ووفرت الرعاية الصحية واللقاح ووسائل التعليم للبلدان الفقيرة.
وفي سبيل ذلك، تنازل كل منهما عن الجزء الأكبر من ثروته، وقال بافيت حينها إن 1.5 مليار دولار تكفيه وتزيد، حيث خصص عائدات بـ36 ملياراً تحت إدارته للأعمال الخيرية، ومثله عمل غيتس.
لو أن الأثرياء من رجال المال والأعمال التزموا بأخلاقيات بافيت وغيتس، لما شهد العالم الأزمة المالية، وأزمة الديون، ولتم القضاء على بؤر الفقر والفاقة، ولتوفر حد أدنى من العدالة الاجتماعية.
الأزمات المتلاحقة، ومن بينها جائحة كورونا، كشفت عن عيوب كبيرة في النظم الرأسمالية، كما تدار اليوم، وإن كان هناك من درس يمكن استخلاصه، فهو ضرورة وضع حدّ لتغوّل النسخة الحالية المتوحشة، وتأسيس رأسمالية دولة تبنى على العدالة الاجتماعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب سوري مقيم في تونس
جريدة " العرب" 16 أيار 2020
*************
ص6
في الذكرى الـ 72 للنكبة
حزب الشعب الفلسطيني يدعو لاستراتيجية وطنية متكاملة
لمواجهة المخاطر والتحديات وإفشال مخططات الضم
القدس – طريق الشعب
قال حزب الشعب الفلسطيني ان ترابط نضال الشعب الفلسطيني وتعزيز وحدته وصموده، واعتماد إستراتيجية وطنية متكاملة تقوم على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي وتفعيل مقاومة الاحتلال ومقاطعته، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، كفيلة في إفشال المؤامرات التي يتعرض لها شعبنا، ومواجهة التحديات الماثلة أمامه.
جاء ذلك في بيان أصدره الحزب بمناسبة الذكرى الـ 72 للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، فيما يلي نصه:
في الخامس عشر من أيار تمر علينا الذكرى الـ 72 للنكبة المؤلمة التي حلت بشعبنا الفلسطيني عام 1948 وما زال يعاني من آثارها الكارثية الممتدة حتى يومنا هذا. إن هذه النكبة التي أدت لتشريده وتدمير قراه ومصادرة ممتلكاته، كانت واحدة من أكثر الجرائم بشاعة وعنصرية بحق شعبنا. ومنذ ذلك الحين سعت الحركة الصهيونية لتصفية قضية اللاجئين والقضاء على الهوية الوطنية لشعبنا وتمزيق وحدته السياسية في محاولة لنفي روايته التاريخية والقضاء على تطلعاته المشروعة في الحرية والعودة والاستقلال.
إن شعبنا الفلسطيني وبالرغم من شراسة العدوان أثبت بصموده ووحدته أنه اقوى من جبروت الاحتلال وان حق العودة لا يسقط بالتقادم، فهو حق ثابت انساني وسياسي وقانوني فردي وجماعي، غير قابل للمساومة أو المقايضة أو التفريط، ومكفول بالقانون الدولي الإنساني وبقرارات الشرعية الدولية، وفي المقدمة منها القرار 194.
إن هذه الذكرى المؤلمة تأتي في وقت يواجه فيه شعبنا عدوين شرسين يتمثلان بجائحة "فيروس كورونا"، التي تفرض عليه أعباء إضافية تتطلب الالتزام بالإجراءات الاحترازية وتوفير الحماية الصحية إلى جانب الحماية الاجتماعية في ظل ما تخلفه من آثار سلبية صعبة، وفي الوقت ذاته يواصل مواجهة الوباء الأشرس المتمثل بالاحتلال والتوسع الاستيطاني والضم الذي تنفذه حكومة الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة الامريكية وفقا لمؤامرة "صفقة القرن" الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تهويد القدس وطرد سكانها، وتبديد التمثيل السياسي الفلسطيني الموحد، وتكريس الاحتلال وقطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتصفية "الأونروا" كمقدمة لتصفية قضية اللاجئين، والتهرب من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
إن حزب الشعب وفي الوقت الذي يحذر فيه من مغبة استكمال الحركة الصهيونية لهجومها التصفوي للقضية الفلسطينية، من خلال الاستيلاء على مناطق شاسعة من الضفة الغربية المحتلة وضمها، مع الإبقاء على سلطة عاجزة لإدارة شؤون السكان، وبقاء وسيطرة الاحتلال، يؤكد ان مواجهة هذه المخططات التصفوية وإفشالها، يتحقق في إطار إستراتيجية وطنية متكاملة تقوم على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، وتفعيل المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، وحسن استثمار الـتأييد والتضامن الدولي، وتوسيع مقاطعه الاحتلال، الأمر الذي يتطلب الإسراع في إنهاء الانقسام وتعزيز الجبهة الداخلية واستعادة الوحدة الوطنية فوراَ، وإعادة الاعتبار لمكانة ودور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها وحمايتها، والسعي لتعزيز صمود شعبنا داخل الوطن وفي أماكن اللجوء ومخيمات الشتات.
إن حزب الشعب الفلسطيني وهو يجدد في هذه الذكرى ومعه كل ابناء شعبنا الباسل، التمسك بحقه الثابت بعودة اللاجئين طبقا للقرار الدولي ١٩٤ وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس على تراب وطنه، يتوجه بالتحية لجماهير شعبنا في كل أماكن تواجدها، داعيا لإحياء ذكرى النكبة بكل الأشكال الممكنة، والتأكيد على الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة كل محاولات تصفية حقوقنا الوطنية.
***********
أوروبا تتنفس الصعداء وتستعد لمواجهة تداعيات كورونا الاقتصادية

متابعة "طريق الشعب"
تعود الحياة في الدول الأوروبية ببطء وحذر شديدين إلى طبيعتها قبل تفشي كورونا، الذي شل كل مناحي الحياة تقريبا وخنق السكان في منازلهم أو قيد تحركاتهم، والآن تحاول حكومات هذه الدول مواجهة التداعيات الاقتصادية الكارثية.
وتعيد مقاهٍ من فيينا إلى سيدني فتح أبوابها فيما يستعدّ الفرنسيون لتمضية أول عطلة نهاية أسبوع من دون اجراءات عزل، ويحاول العالم استعادة مسار الحياة بعدما أصابه شلل جراء تفشي كورونا المستجدّ الذي أودى بحياة أكثر من 302 ألف شخص ويواصل انتشاره في الولايات المتحدة وروسيا.
وبعد أكثر من خمسة أشهر على ظهور فيروس كورونا المستجدّ في الصين، يعتاد العالم على فكرة العيش بشكل مستدام مع هذه الآفة التي قد لا تختفي أبداً وفق قول منظمة الصحة العالمية.
وتتكثف الجهود لمحاولة إعادة إنعاش الاقتصادات التي دخلت في ركود غير مسبوق. وأكدت ألمانيا، محرّك الاقتصاد الأوروبي، الجمعة انكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الربع
الأول من هذا العام بنسبة 2. في المائة مع توقع تراجع بنسبة 6,3 في المئة على مدار العام الحالي. وقالت منظمة التجارة العالمية إن التجارة العالمية يرتقب أن "تسجل تراجعاً من رقمين" من حيث الحجم في كل مناطق العالم.
وتجاوزت النمسا، الرائدة في تخفيف اجراءات العزل، مرحلة رمزية مهمة الجمعة عبر إعادة فتح كل المطاعم ومقاهي العاصمة فيينا.
وأصبحت سلوفينيا أول دولة في أوروبا تعلن "انتهاء" الوباء على أراضيها وأعلنت إعادة فتح حدودها.
وبعدما فرضت العزل في 11 أيار الجاري، تستعد فرنسا، إحدى الدول الأكثر تضرراً جراء الوباء في العالم مع أكثر من 27 ألف وفاة، لتمضية أول عطلة نهاية أسبوع برفاهية. وقد سُمح بارتياد الكثير من الشواطئ فيما دعا رئيس الوزراء إدوار فيليب السكان إلى البدء بالتفكير في عطلهم الصيفية. لكن الاجراءات لا تزال كثيرة: فقد تمّ تقييد التحركات بمسافة لا تتعدى المئة كيلومتر ما يمنع خصوصاً سكان باريس من الوصول إلى الساحل. وتستعدّ ألمانيا لإعادة إطلاق بطولة كرة القدم في نهاية الأسبوع، لكن من دون جمهور مع اجراءات صحية صارمة.

تخفيف القيود

في إيطاليا، أُعيد فتح بعض الشواطئ أيضاً بعد أسابيع من العزل إذ إن غياب الحركة السياحية واضح خصوصاً في مدينة البندقية حيث أن ساحة القديس مارك باتت خالية من الحمام مع غياب الزوار الذين كانوا يطعمونهم. ويقول مورو سامبو (66 عاماً)، "من دون سيّاح، البندقية مدينة ميتة". وأعلن الفاتيكان إعادة فتح كاتدرائية القديس بطرس للزوار اعتبارا من الإثنين، بعد إغلاقها لمدة شهرين.
في روسيا، حيث تسجّل حوالى 10 آلاف إصابة جديدة يومياً، أعلن رئيس بلدية موسكو حملة فحوصات واسعة النطاق و"فريدة في العالم". وقررت البلاد استئناف بطولة كرة القدم في أواخر حزيران المقبل.
وفي بارقة أمل، أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية الخميس أن لقاحا ضد كوفيد-19 قد يكون جاهزا خلال سنة "في أفضل السيناريوهات". وهناك حالياً أكثر من مئة مشروع في العالم وأكثر من عشر تجارب سريرية للقاح لمحاولة إيجاد علاج للمرض. واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ اللقاح المحتمل لوباء كوفيد-19 يجب ألا يخضع "لقوانين السوق". بدورها، أكدت المفوضية الأوروبية أن اللقاح "يجب أن يكون للفائدة العامة والحصول عليه يجب أن يكون عادلا وشاملا".

مواجهة التداعيات الاقتصادية

وتتكثف الجهود لمحاولة إعادة إنعاش الاقتصادات التي دخلت في ركود غير مسبوق. وأكدت ألمانيا، محرّك الاقتصاد الأوروبي، الجمعة انكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الربع
الأول من هذا العام بنسبة 2. في المائة مع توقع تراجع بنسبة 6,3% على مدار العام الحالي.
وقالت منظمة التجارة العالمية إن التجارة العالمية يرتقب أن "تسجل تراجعاً من رقمين" من حيث الحجم في كل مناطق العالم.
وحققت دول منطقة اليورو تقدما كبيرا اليوم الجمعة بشأن حزمة إجراءات دعم الاقتصاد في مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا بقيمة 500 مليار يورو (540 مليار دولار).
وقال وزير المالية الألماني أولف شولتز إن الاجتماع مع نظرائه في منطقة العملة الأوروبية الموحدة التي تضم 19 دولة "اليوم يوم جيد لأوروبا ويوم جيد للتضامن العملي".
وتتضمن حزمة المساعدات برنامجا لتوفير خطوط ائتمان بقيمة 240 مليار يورو للدول الأعضاء لتغطية نفقات الرعاية الصحية. وقد تمت الموافقة على هذا البرنامج نهائيا.
**********
اليمين الهندوسي يوقف قوانين العمل ويلاحق نشطاء اليسار
اشادة عالمية باداء حكومة الشيوعيين في كيرالا الهندية
رشيد غويلب
تشهد الهند هجوما على ملايين العمال، ولا يقتصر ذلك على عمال التراحيل، الذين لا يتلقون اي دعم من الدولة في مواجهة اجراءات الاغلاق وتحديد الحركة، بل امتد تاثير الهجوم الى جموع العاملين بعقود دائمة. منذ الاسبوع الأول من ايار الحالي ، علقت ولايتان هنديتان رئيسيتان أوتار براديش وماديا براديش العمل بموجب قوانين العمل في السنوات الثلاث المقبلة. وبذلك انضمت هاتان الولاياتان الى خمس ولايات اخرى سبقتهما في هذا الاجراء ، تحت يافطة مواجهة وباء كورونا، .
الفرق بين المجموعتين، ان الأولى اقرت تعليقا كاملا للقوانين، في حين اكتفت مجموعة الولايات الثانية بتعليق جزئي. والتعليق هنا يعني ، لا وجود لاساس قانوني يحدد ساعات العمل، تحديد تناوب العمل، الأجور أو العمل الإضافي أو الحماية من فقدان فرصة العمل. وكذلك شمل التعليق الحقوق النقابية، مشاركة النقابات في التفاوض الجماعي، وكذلك حق العمال في الاحتجاج. ويحكم الولايتن مثل اغلب الولايات الهندية حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي اليميني العنصري ، حزب رئيس وزراء عموم الهند ناريندرا مودي، الذي يضع على الطاولة، منذ اعادة انتخابه في العام الفائت، مشاريع "اصلاح قانون العمل".
وجراء انتشار الوباء يعاني الاقتصاد الهندي ركودا هائلا . وتعمل نخبة رجال الأعمال على توظيف الوباء للتخلص من قوانين العمل - خاصة في الولايات الخاضعة لحكم حزب بهاراتيا جاناتا، وكذلك الولايات التي يحكمها حزب المؤتمر الهندي المعارض، حيث تتسابق حكومات هذه الولايات لنيل رضى الحكومة المركزية.
يتصاعد الغضب بين اوساط عمال التراحيل، الذين يهجرون مدنهم وقراهم للحصول على فرصة عمل، من الاهمال الحكومي التام لهم. وتعكس تصريحات العمال غضبهم اللامحدود على الحكومة، تقول احدى العاملات المهاجرات الى مومباي، ان الحكومة تنظر الينا وكأننا حشرات وسنموت على شاكلتها.
ومع بدء اجراءات الوقاية ومنع التجوال لم تقدم الدولة لملايين العمال المهاجرين، الذين يأتون غالبًا من القرى البعيدة إلى المراكز الحضرية، اي شيء يذكر، وتعاني هذه الجموع المشردة من فقدان المشرب والمأكل، ومحل الإقامة، فعندما فقد هؤلاء، جراء الإجراءات فرص عملهم، حاولو العودة سيرا على الأقدام الى مناطقهم الاصلية.بعض الولايات التي تمتلك المال وعدد من مبادرات التضامن الاجتماعي، قاماو بتزويد العائدين بما يسد رمقهم في الطريق.
اخيرا وفي 12 ايار اعلن رئيس الوزراء الهندي عن " حزمة كورونا" بتخصيصات تصل الى 240 مليار يورو، اي ما يعادل قرابة 10 في المائة من قيمة الناتج الاجمالي المحلي، ولكن دون تحديد ابواب التخصيصات. وفي هذه الاثناء تتوالى التقارير عن حالات وفاء نتيجة الجوع والعطش والإعياء، والوضع يسير الى التحول الى أزمة انسانية. وفي 15 ايار الحالي دهس قطار حمولة مجموعة من العمال المصابين بالاعياء، اثناء نومهم على السكك الحديدية، وادى الحادث الى وفاة 16 عاملا.
ولا يزال الالوف يحاولون العودة إلى ديارهم. ومع ذلك ، يتزايد الضغط على حكومات الولايات لمنع هذه العودة، لاعتماد الاقتصاد الهندي الشديد على هؤلاء العمال. وفي هذا السياق ألغت حكومة ولاية كارناتاكا، استجابة لضغط لوبي قطاع البناء، القطارات التي أراد العمال العودة بواسطتها إلى منازلهم. وبعد احتجاجات عامة، عادت القطارات الى عملها المعتاد.

حملة اعتقالات
ضد ناشطين يساريين

حكومة اليمين العنصري تشجع احياء اشكال النيل من كرامة الانسان، بما في ذلك نظام الهرمية التراتبية الطبقية والاجتماعية، وفق تصنيفات دينية او قومية.وجاء انتشار الوباء ليساعد على العودة الى هذا التمايز الذي الغي في الهند منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين. وتشير التقارير الى وجود قرابة 250 الف ممن يسمون بالدايليت "المنبوذين"، الذي يحتلون موقعا دونيا وفق هذه التراتبية المقيتة. ويتعرض هؤلاء في الوقت الراهن بشكل خاص لعدوى الفايروس، ارتباطا بتنفيذهم اعمال "ضرورية للنظام" مثل عمليات التنظيف، والتخلص من القمامة. ويعاني هؤلاء من عدم توفر ادوات الوقاية، فضلا ان معظمهم غير مسجلين في السجل الوطني، ويفتقدون البطاقة الوطنية، التي تعتبر شرطا للحصول على المعونات الحكومية الخاصة بالوباء.
وفي بداية نيسان قامت وحدات مكافحة الإرهاب في مومباي بالقاء القبض على أناند تيلتمبدي ، أحد أهم مثقفي اليسار، ومن شخصيات حركة الدفاع عن الداليت ، وكذلك التاشط في الدفاع عن حقوق الإنسان غوتام نافلاخا. وفي 8 نيسان ، رفضت المحكمة العليا طلب اطلاق سراحهما، مقابل كفالة، لان قانون مكافحة الارهاب لا يسمح للمعتقلين الاستفادة من امكانية الكفالة. وعلى الرغم من اكتضاض السجون وتزايد امكانية الاصابة بالفايروس حكمت المحكمة بصحة الاعتقال وايداع الناشطين في احد السجون.
وارتبطت حملة اعتقال مجموعة من الناشطين اليساريين بفعالية استذكار احد المعارك المهمة، التي تجسد مقاومة الداليت، والتي تعود الى عام 1818 ، حيث شهدت الفعالية صدامات بين الداليت، والمجموعة الاعلى في الهرم الاجتماعي. وادت الصدامات الى وفاة احد المشاركين واصابة آخرين. وحينها حملت الشرطة تنظيم الفعالية مسؤولية ما حدث، وان المنظمين يرتبطون بعلاقات مع المجموعات الماوية، وان الكلمات التي القيت كانت تحريضية. وفي الفترة حزيران – ايلول 2018 تم اعتقال 9 نشطاء من المثقفين المعروفين، ويبلغ عدد الشخصيات المعروفة المعتقلة الآن 11 شخصية.
وكانت الأدلة التي قدمتها الشرطة حتى الآن حول صلات مزعومة مع الماويين واهية. وبدلاً من ذلك ، أصبح من الواضح أن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تستخدم بشكل متزايد العلاقات المزعومة مع الجماعات الماوية المحظورة لاضطهاد واعتقال المعارضين لسياساتها العنصرية.

الشيوعيون ووباء كورونا

هناك الكثير مما يمكن تعلمه من تعامل ولاية كيرالا، الواقعة جنوب الهند، مع أزمة الوباء . ومنذ 6 عقود تحكم الولاية حكومة شيوعية،هي الأولى في تاريخ الهند الحديث، وحاليا تقودها جبهة يسارية من الحزبين الشيوعي الهندي (الماركسي)، والحزب الشيوعي الهندي. ويتمثل نجاح التعامل مع الوباء باختبارات مكثفة ، والكشف المبكر عن سلاسل العدوى ، والحجر الصحي الفعال والنظام الصحي الصلب الشامل. ومنذ منتصف نيسان كانت نسبة الاصابات في الولاية قليلة، مقارنة بعدد الاصابات في عموم الهند. واشارت وسائل الاعلام الى ان نسبة حالات الشفاء في الولاية اعلى من حالات الاصابات الجديدة.
حذرت الحكومة المحلية من المبالغة في هذا التطور الايجابي، على الرغم من عدم امكانية التغاضي عنه بالمقارنة مع مسار الأزمة على الصعيد الوطني. ويعود ذلك النجاح الى الدور المميز للقيادية في الحزب الشيوعي (الماركسي)، وزيرة الصحة والشؤون الاجتماعية شالاجا.لقد فرضت الوزيرة تنفيذ تدابير الحماية بشكل مبكر ومستمر منذ 18 كانون الثاني الفائت، وقبل 3 اسابيع من ولايات الهند الأخرى. بالاضافة الى ذلك اعلنت إنذارا صحيا وأدخلت فحوصات الفايروس في مطارات الولاية الأربع ، وفرض على المسافرين الخضوع لها، مع تقديم استبيانات كاملة . وفي بداية شباط كانت هناك خلية ازمة من 24 مسؤولا ومختصا.
وعندما اعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 اذار كورونا وباء عالميا، لم تكن حكومة اليمين الاتحادية بزعامة رئيس الوزراء اليميني المتطرف ناريندرا مودي راغبة في متابعة الأمر والتحرك السريع ً. وفي الوقت نفسه ، اتخذت حكومة كيرالا المرحلة التالية في التعامل مع الأزمة: وأمر رئيس الوزراء، والقيادي في الحزب الشيوعي (الماركسي) بيناراي فيجايان ، بإغلاق المدارس وحظر التجمعات الكبيرة ونصح المؤمنين من الهندوس والمسلمين والمسيحين بالتوقف عن زيارة مرافقهم الدينية. وبدأت الحكوم بموازاة ذلك بتقديم المساعدات، وخصوصا لتلاميذ المدارس من الفقراء المعتمدين على الوجبات الغذائية التي يحصلون عليها من المدرسة.
لقد نال تعامل الولاية مع الأزمة اعترافا دوليا، وفي تصريح لوزيرة الصحة لوكالة اخبار الخليج الاماراتية ، أشار الوزيرة إلى عامل ثانٍ هام الى جانب التدابير المؤثرة والسريعة، وهو متانة النظام الصحي الفعال والمتطور، مقارنة بولايات الهند الأخرى. لقد تم بناء هذا النظام وتطويرة باستمرار من قبل حكومات اليسار المتعاقبة في الولاية.
لقد فاق نجاح ولاية كيرالا بنفوسها البالغة أكثر من 34 مليون، مثيلاتها في الولايات المتحدة الامريكية مثل كاليفورنيا. وامتازت تجربة الولاية بتعاون وثيق بين الحكومة والحركات الاجتماعية، ومنظمات الشبيبة الشيوعية، ومنظمات النساء، والنقابات والمتطوعين الشيوعيين في تقديم الاماكن والحافلات. بالاضافة الى حملات إعلامية مباشرة وواسعة. وتقديم الغذاء المجاني، وضمان دفع الرواتب التقاعدية، بالاضافة الى تقديم الغذاء والمأوي لمئات الألاف من العمال المهاجرين المحاصرين في ولايات اخرى بسبب الاجراءات المرتبطة بالأزمة. كان شعار الولاية للتعامل مع الأزمة يعكس طبيعة حكومتها الطبقية والفكرية:"التباعد المادي والوحدة الاجتماعية".
*************
ص7
فرج فودة .. عودة صاحب "الحقيقة الغائبة"
محمد عبد الرؤوف
تبدو سيرة الكاتب المصري الراحل، فرج فودة، كأنها تأبى إلا أن تعود لواجهة النقاش في بلاده، رغم مرور نحو 30 عاما على اغتياله. إذ أثار حديث ممثل مصري عن الكاتب ردود فعل جدلية في مصر وخارجها، حول إرث فودة الذي كان من أبرز المدافعين عن العلمانية في البلاد.
فالممثل أحمد الرافعي، الذي أدى دورَ قياديّ في جماعة إسلامية متطرفة في مسلسل يتناول الصدام بين الجيش المصري والمسلحين الإسلاميين، كان قد نشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشورا تحدث فيه عن "فرحة أبناء البلد بمقتل فودة"، قبل أن يعود ويوجه النقد لإرث الكاتب العلماني بوصفه ينتمي إلى تيار" كان يوجه الرصاص إلى عقول أبناء الشعب المصري، مثلما أطلق الإرهابيون النار على صدر الوطن"، كما قال الممثل الشاب في مقابلة تليفزيونية.
وقد أعاد حديث الرافعي الجدل حول أفكار فودة عن الدولة المدنية وتاريخ الخلافة الإسلامية، وهي أفكار تقاطعت مع المشهد السياسي في مصر قبل نحو 40 عاما، عندما كان مشهدا لا يشبه ما تمر به مصر الآن بحسب مراقبين.
يقول الباحث في الجماعات الإسلامية علي بكر الفقي، إنه "لا تشابه بين الأوضاع في مصر زمن اغتيال فودة وما هو واقع الآن. فقبل ثلاثين عاما كان للإسلاميين وجود كبير على الساحة السياسية بعكس الوضع الآن. فالدولة المصرية الآن في عداء كبير معهم بينما كانت تهادنهم في زمن فودة".

"خطاب سهل غير معقد"

تفيد المعلومات الشحيحة المتداولة عن السنوات الأولى في حياة فودة بأنه ولد في محافظة دمياط شمال القاهرة عام 1946، ودرس العلوم الزراعية وحصل على درجة دكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس في العاصمة المصرية.
وبدأ اسم فودة في التداول في ثمانينيات القرن الماضي، في فترة بدأت فيها مصر تعرف ما وصف بهامش من التعددية السياسية والثقافية.
وانضم فودة إلى حزب الوفد الجديد، الذي يستلهم تجربة حزب الوفد ذي الإرث الليبرالي في مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952.
وغادر فودة حزب الوفد بعد أن دخل الحزب في تحالف انتخابي مع مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية عام 1984، في قرار عده فودة خيانة لـ"مبادئ الحزب".
ولم يتوقف مشوار فودة السياسي عند الخروج من الوفد، إذ أعلن عزمه على تأسيس حزب جديد، إلا أن السلطات المصرية رفضت منح الحزب الترخيص. كما خاض الانتخابات في عام 1987 في تجربة لم تكلل بالنجاح.
وكان فودة في تلك الفترة يدافع في مقالاته عن فكرة الدولة المدنية، ما أدخله في سجالات فكرية مع كتاب إسلاميين كانوا حاضرين بقوة في الساحة السياسية المصرية، كنتيجة لما يراه الباحث في الجماعات الإسلامية أحمد بان "صفقة سياسية"، فالنظام المصري في عهد السادات "تحالف مع الجماعات الإسلامية لمواجهة خصومه من اليساريين والقوميين".
وكان السجال بين فودة وخصومه يتناول قضايا متنوعة، فهناك نقاش حول العلمانية وجدلٌ حول كتاب ألف ليلة وليلة وخلاف حول مسألة الحجاب.
ويرى أحمد بان أن أكثر ما يميز فودة كان "خطابه السهل غير المعقد الذي نجح في جذب الكثيرين حوله". وكثيرا ما انتقد الإسلاميون فودة لكونه "غير متخصص في الإسلام يسعى للطعن في العقيدة مستخدما روايات ضعيفة للحظات استثنائية لا تعكس عظمة التاريخ الإسلامي".
إلا أن فودة كان يقول إن عدم تخصصه في دراسة الإسلام لا يحرمه من حق التساؤل، مشددا على أن "أغلب ما جاء في سنوات التاريخ الإسلامي يعكس مشهدا مأساويا يخالف كل مبادئ العقيدة الإسلامية".
"نعم للإسلام، لا للدولة الإسلامية"
يشدد فودة في كثير من كتاباته ومحاضراته على أنه مسلم متمسك بالإسلام الذي هو عنده "الدين الأعظم"، مع التمييز بين الإسلام كديانة والدولة الإسلامية.
وتبدو الفكرة الرئيسية التي تهيمن على كتابات فودة هي أن الحديث عن دولة دينية تستلهم تراث الإسلام النقي، يتجاهل روايات في كتب التاريخ تظهر أن العقود الأولى من حكم الخلفاء الأوائل للنبي، شهدت حوادث "لا تتفق مع مبادئ الإسلام أو الحكم الرشيد " مثل ما حدث للخليفة الثالث عثمان بن عفان الذي "يُقتل ويرفض سكان المدينة دفنه في مقابر المسلمين".
وتزداد الصورة قتامة في زمن الخلافتين الأموية والعباسية بحسب فودة، الذي يستشهد بحوادث أوردها مؤرخون، مثل تهديد الخليفة عبد الملك بن مروان بـ"قطع رأس من يأمره بتقوى الله"، أو ما قام به العباسيون من "نبش قبور خلفاء بني أمية والتمثيل برفاتهم" بعد أن وصلوا إلى الحكم عام 132 للهجرة.
كما دافع فودة كثيرا عن مفهوم الدولة العلمانية " التي تصون حقوق جميع مواطنيها بغض النظر عن عقيدتهم"، إذ يرى أن وضع المسلمين في ظل العالم الحديث "أفضل كثيرا مما كانوا عليه في عصور الخلافة".
وكان فودة يرى أنه يقوم بمهمة في غاية الأهمية ألا وهي كشف "الحقيقة الغائبة"- وهو عنوان أحد أهم كتبه- بنقد التراث الإسلامي وإعمال العقل فيه عوضا عن تمجيده.
ويرى الباحث علي بكر الفقي أن الغضب الكبير الذي أثارته كتابات فودة عند الإسلاميين، يرجع إلى انها "تنتقد المسلمات التي يتمسكون بها بوصفها صحيح الدين".

المناظرة

يعد فرج فودة موضوعا مثيرا للنقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدين لفكرة العلمانية ومعارضين.
ورغم اختلاف مواقف الفريقين حيال فودة، فإن من بين ما يجمعهما الاستشهاد بالمناظرات الفكرية التي شارك فيها فودة في الفترة التي سبقت اغتياله.
ويرى بعض المعلقين أن المناظرة التي جرت في معرض القاهرة للكتاب في يناير / كانون الثاني تحت عنوان "مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية" والتي شارك فيها فودة، كانت هي الحاسمة في تحديد مصيره.
حيث جلس فودة بجانب الكاتب محمد أحمد خلف الله، صاحب الكتاب المثير للجدل "الفن القصصي في القرآن" للدفاع عن مقولة الدولة المدنية، في مواجهة الداعية الإسلامي البارز محمد الغزالي، والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين مأمون الهضيبي قبل أن يصبح مرشدا للجماعة، والكاتب الإسلامي محمد عمارة.
وتظهر المقاطع المصورة للمناظرة أن الحديث عن دولة مدنية لم يلق قبولا عند أغلب الجمهور في قاعة المناظرة، حيث ترددت هتافات دينية لدعم حجة الإسلاميين واستهجان حديث الفريق الآخر.
وبينما تركز الهجوم على أنصار الدولة العلمانية لكونهم "من أنصار الاستعمار الغربي ممن يريدوا أن يحرموا اغلبية الشعب المسلم في مصر من حقه في دولة إسلامية" فإن فودة كان يشدد على أن دعاة الدولة الإسلامية "لا يقدمون سوى وعود براقة دون أي برنامج سياسي واضح".

"قتل المرتد"

وأثارت مناظرة معرض الكتاب وما تلاها من مناظرات حفيظة عدد من الإسلاميين، إلى درجة أن نشرت جريدة النور الإسلامية بيانا لمجموعة من أساتذة العلوم الدينية (ندوة علماء الأزهر)، تشن فيها هجوما شديدا على فودة وتدعو إلى عدم السماح بالترخيص لحزبه.
وفي 8 يونيو/حزيران أطلق شابان ينتميان إلى الجماعات الإسلامية المتشددة النار على فودة، أثناء خروجه من مكتبه في حي مصر الجديدة ليفارق الحياة .
وأظهرت تحقيقات النيابة التي نشرتها صحف مصرية، أن قاتلي فودة قالا إنهما تصرفا بناء على فتاوى من قيادات تنظيمي الجماعة الإسلامية والجهاد.
كما نشرت صحف مصرية جلسات المحاكمة، التي انتهت بإصدار حكم الإعدام على قاتلي فودة، وجاء فيها أن الغزالي استدعى للشهادة التي قال فيها "إن على الحاكم أن يقتل المرتد طالما أصر الأخير على البقاء في المجتمع وأن تطبيق الحدود يكون بيد الحاكم فقط لا لأحاد الناس."
وبعد نحو ثلاثين عاما من تلك الواقعة، فإن معارضين للنظام الحالي في مصر يرون أن التضييق الذي تشهده البلاد لا يساعد على تقديم إجابات للأسئلة، التي طرحها فودة وخصومه حول التراث وشكل الدولة، بينما يقول مؤيدو النظام أن الأخير قدم إجابة للقضية الأهم التي برزت في حادثة مقتل فودة، ألا وهي حماية البلاد من خطر المتطرفين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن "بي بي سي" 15 أيار 2020
***********
عن خديعة الأرباح مقابل المخاطرة
إسلام إبراهيم
يكشف لنا فيروس كورونا زيف الكثير من ادعاءات وأكاذيب الرأسمالية. فبسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس تعرض كثير من العمال إلى التسريح أو الإجبار على أخذ إجازات غير مدفوعة الأجر أو تخفيض أجورهم. وخرج علينا كبار رجال الأعمال يبرِّرون تلك القرارات بأنهم لا يستطيعون تحمل تلك الخسائر وحدهم وأنه يجب على العمال تحمُّلها معهم.
بالإضافة الى إصرار الرأسمالية المصرية على تدوير عجلة الإنتاج وعودة العمل بكامل طاقته مرة أخرى حتى لو كان ذلك فوق جثث العمال حتى لا يتأثَّر ربحهم. كما قال الملياردير المصري حسين صبور "رجعوا الناس للشغل فورا.. لما شويه يموتوا أحسن ما البلد تفلس.. ولو المستشفيات مش هتستوعب ما نتعالجش.. ومش هتبرع.. أنا مش مسؤول عن دخل الشعب". وصرح الملياردير نجيب ساويرس إن "القطاع الخاص مضطر لخفض الرواتب والاستغناء عن جزء من العمالة.. ولا يمكن أن يتوقف الاقتصاد بصورة كاملة". وردّا على المطالبات بالتبرع، قال رجل الأعمال المصري رؤوف غبور: "المثل يقول اللي محتاجه البيت يحرم على الجامع، وبناءً على المؤشرات فان الشركة ستواجه أزمة سيولة خلال الفترة القادمة وأنا مطالب بالتبرع في هذا التوقيت هقول لا آسف ماقدرش".
من الواضح خلال الأزمة الراهنة أن العمال وحدهم من يدفعون الثمن ويتحمَّلون الخسائر حتى لا يتأثر ربح رجال الأعمال. وهو ما يدعونا الى التساؤل حول دعوات رجال الأعمال للعمال بضرورة تحمُّل الخسائر معهم. هل في أوقات الرفاهية والرخاء يتقاسم العمال مع الرأسماليين الأرباح أيضا؟ ام يستحوذ الرأسمالي وحده عليها؟
يدفعنا كل هذا لكشف زيف واحدة من أكبر تبريرات النظام الرأسمالي وهي أحقية الرأسمالي بالاستحواذ على "الأرباح" بحجة تحمله المخاطرة والتعرض للخسارة. ففي واقع الأمر ان الأرباح يستحوذ عليها الرأسمالي بينما الخسارة يتحمل تكلفتها العمال وحدهم في وقت الأزمات عن طريق تشريدهم وتخفيض أجورهم.
هذا يحيلنا إلى نظرية ماركس في العمل التي ترتكز بشكلٍ رئيسٍ على مفهوم "فائض القيمة" الذي يمثل الربح للرأسمالي. فالعامل يبيع عدد ساعات معينة يوميا مقابل أجر ليستحوذ الرأسمالي على كامل الأرباح العائدة من إنتاج هذا اليوم بعد أن يدفع الأجور ونفقات الإنتاج. فعلي سبيل المثال للتقريب، إن كان العامل يتقاضى 100 جنيه يوميا ولكن إنتاجه اليومي يساوي 1000 جنيه فالـ 900 جنيه، الفرق بين إنتاج العامل الفعلي وبين مقدار ما يتقاضاه من أجر، هو فائض القيمة الذي يستحوذ عليه الرأسمالي ويشكل له الربح.
إذن فإن كل ربح الرأسمالي يُستَمد بصورة أساسية من استخلاص فائض القيمة من العمال. وهذا هو سبب رؤية ماركس للرأسمالية كنظام مبني على استغلال العمال. ولكن يبرر مُنظّرو الرأسمالية هذا الربح المبني على الاستغلال بأن هذا الربح هو "عائد المخاطرة" لأن الرأسمالي يخاطر برأسماله ويغامر وقد يكسب وقد يخسر. وقد أشار آدم سميث إلى مفهوم "عائد المخاطرة" بالاضافة الى مفهوم "اليد الخفية" في كتابه (ثروة الأمم) بأن الفرد الذي يقوم بالاهتمام بمصلحته الشخصية يساهم أيضاً في ارتقاء المصلحة الخيرة لمجتمعه ككل من خلال مبدأ "اليد الخفية"، حيث يشرح بأن العائد العام للمجتمع هو مجموع عوائد الإفراد. فعندما يزيد العائد الشخصي لفرد ما، فإنه يساهم في زيادة العائد الإجمالي للمجتمع. وبذلك يبرر آدم سميث ربح الرأسمالي بأنه ينتج عنه منفعه للمجتمع ككل وأنه نتاج تحمل المخاطرة.
ولكن في واقع الأمر ان هذا الربح هو نتاج استغلال العمال ولا ينتج عنه منفعة للمجتمع ككل ولكن منفعة وتراكم الثروة لطبقة محددة تسيطر على وسائل الإنتاج. وكما ذكر ماركس فان تراكم الثروة في قطب واحد من المجتمع هو في نفس الوقت تراكم الفقر والبؤس في القطب الآخر. وفي الأزمة الأخيرة كما في كل أزمات النظام الرأسمالي شهدنا أن من يدفع تكلفة الأزمة هم العمال وحدهم وأن مفهوم "عائد المخاطرة" الذي يبرر به الرأسماليون استحواذهم على الربح واستغلالهم للعمال هو محض تدليس.
بل إنه خلال تلك الأزمة، وبينما يتعرَّض الملايين من العمال للتشريد، ازدادت ثروات بعض الرأسماليين مثل چيف بيزوس المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة (أمازون) بقيمة 24 مليار دولار خلال الأربع شهور الأخيرة أي في وقت الأزمة.
وفي أزمة انتشار فيروس كورونا فان العمال هم من يخاطرون فعليا، يخاطرون بحياتهم تارة باضطرارهم النزول إلى العمل بينما الرأسمالي يحافظ على التباعد الاجتماعي. ويخاطرون بفقدان عملهم أو تخفيض أجورهم. إن كان هناك "عائد مخاطرة" يتم الاستحواذ على الربح بناءً عليه فإن الأحق بذلك العائد والربح هو الطبقة العاملة وليس غيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن "الاشتراكي" 27 نيسان 2020
**************
البحث المستحيل عن عالم أفضل رغم الحروب والأوبئة والفساد
ابراهيم العريس
ليس سهلاً العثور على مثقف أو طالب جامعي أو حتى ثانوي في فرنسا خصوصاً وأوروبا عموماً، فاته أن يقرأ في شبابه وفترة تكوينه الفكري رواية فولتير "كانديد"، فهذا العمل ليس الأشهر بين كتابات فولتير وحسب، بل ربما يصحّ اعتباره واحداً من أشهر الروايات الأوروبية التي صدرت في القرن الثامن عشر لتُقرأ مترجمة إلى معظم لغات العالم، بما فيها العربية طبعاً.
ومع هذا، لن يكون من الغريب أن نقول اليوم إنّ "كانديد" تكاد تكون العمل الأدبي، بل الفلسفي حتى، الذي لا يزال قابلاً لكل أنواع التفسير، وتحديداً في ضوء الأزمان التي تُفَسّر فيها، وتبعاً للعين التي يُنظر بها إليها. وهذا ما يجعلها أشبه بـ"الرواية الحرباء"، على الأقل حسب ما وصفها به ذات مرة أحد كبار النقاد الفرنسيين في القرن التالي لصدورها، في معرض الثناء عليها لا الشجب.
ومع هذا، حين أصدرها فولتير (الاسم المستعار لفرانسوا ماري أرويه الذي عاش بين 1694 و1778) للمرة الأولى في عام 1759، تحت عنوان "كانديد" أو "التفاؤل" وكان قد تجاوز الخامسة والستين من عمره، نشرها من دون أن يُشار فيها إلى اسم المؤلف، في حقبة من التاريخ الأوروبي كانت تعيش اضطرابات وانتشار أوبئة وحروباً، أبرزها تلك المسماة حرب الأعوام السبعة، ناهيك بالزلزال المريع الذي ضرب لشبونة أوائل عام 1750، مرخياً ظلّه الثقيل على أوروبا كلها، ونعرف أن "كانديد" طُبعت عشرين طبعة خلال السنوات المتبقية من حياة مؤلفها، لتعود وتحمل اسمه بعد ذلك.

في مصاف المدن الفاضلة إنما

أشرنا قبل سطور إلى أن هذه الرواية يمكن قراءتها بأشكال متنوِّعة، بيد أن كل تلك القراءات تُجمع على قوة حسّ السخرية الذي يغمرها، ويجعل قراءتها متعة حتى بالنسبة إلى الذين يفضّلون عادة أن لا يقرؤوها بين السطور، بل عند الدرجة الأولى من المعنى. أي حيث تحاول الرواية أن تجيب عن السؤال نفسه الذي طرحه المفكرون والفلاسفة المعنيون بشؤون البلاد والعباد على أنفسهم: ما العالم الأفضل بين العوالم الممكنة؟
والحقيقة، أنه إذا كان هذا السؤال يعد بأن تكون الرواية منتمية إلى الكتابات اليوتوبية، الخيالية، أي التي ما انفكت تصدر منذ "جمهورية" أفلاطون وصولاً إلى خائبي الأمل من الشيوعية في القرن العشرين (من "عالم جديد شجاع" لهاكسلي إلى "1984" لجورج أورويل، مروراً بالروسي المنشق زامياتين صاحب "نحن") مروراً بأصحاب "المدن الفاضلة" من بيكون إلى الفارابي إلى توماسّو كامبانيلا إلى ويليام موريس، واللائحة تطول طبعاً. وهي قائمة يحلو لكثر من المؤرخين أن يضموا "كانديد" إليها.
لكن، رواية فولتير هذه قد تكون متفرّدة وعلى حدة بين كل هذه الأعمال، إذ تعارضها جميعاً بكون جوابها عن السؤال المشترك المطروح هو وبكل بساطة: إن أفضل العوالم الممكنة هو بالتأكيد هذا العالم الذي نعيش فيه. أجل ذلك هو الاختلاف الأساسي بين "كانديد" وكل روايات اليوتوبيا الأخرى، وإلا لماذا جعل فولتير عنوانها "كانديد" أو "التفاؤل". إنها رواية متفائلة منذ سطورها الأولى وغلافها. لكن هل هي حقاً كذلك؟ لنرى!

لولا تلك القبلة

كانديد، الذي يعير اسمه عنواناً للرواية، شابٌ بسيطٌ يعيش في قصر البارون ثاندر- تن- ترونخ في مقاطعة وستفاليا. وفي ذلك القصر المنيف يحاول أستاذه الفيلسوف بانغلوس أن يعلم فتانا فلسفة الفيلسوف الألماني لايبنتز الرائجة، وهي فلسفة يرى المعلم أنها تستند إلى مبدأ التفاؤل الذي يعرف كيف يتجاوز كل الصعوبات والمحن. ويرى هذا المبدأ الذي لا يُقهر أن العالم الذي نعيش فيه وننتظم تبعاً لأنظمته هو أفضل عالم وُجد منذ بداية الحياة الاجتماعية، وليس ثمة أي سبب يدفع إلى محاولة تغييره. كل ما علينا هو أن نبتسم له ونرضى به فنكون من أسعد السعداء.
يتلقى كانديد تعاليم معلمه سعيداً مطمئناً، وعلى الأقل حتى اليوم الذي يحاول أن يطبع فيه قبلة بريئه على فم الصبية كونيغوند ابنة سيد القصر، فلا يكون من أمر هذا الأخير إلا أن يطرده شرّ طردة. غير أن ابتعاد كانديد عن ذلك العيش الرغيد لن يبدّل من تعامله المتفائل مع الحياة، حتى وإن وجد نفسه شريداً يجوب العالم طولاً وعرضاً من جراء تلك القبلة.
خلال ذلك التجوّل الذي يبدأ من لشبونة وينتقل منها إلى القارة الأميركية مرور بالإلدورادو، التي سنعود إليها بعد سطور، وبوردو الفرنسية والبندقية الإيطالية والقسطنطينية. خلال ذلك التجوّل لا تتوقف المصائب عن الوقوع على كاهل فتانا الذي ينتقل من بؤس إلى بؤس ومن فاقة إلى فاقة، إنما دائماً من دون أن يترك لأيّ من تلك المصائب إمكانية النيل منه، ومن يقينه بأن ما يحصل له ليس في الإمكان أن يكون ثمة ما هو أفضل منه.
صحيحٌ، أنّ العالم كما يختبره كانديد المتجوِّل فيه برفقة خادمه الخاص كاكامبو عالم بؤس وفاقة وألم تخلت عنه العناية الإلهية، لكن هذا لا يهم. فلكل شيء سببه، وكل شيء سينتهي خير نهاية. والدليل إلدورادو التي يصل إليها صاحبنا ذات يوم ليجدها مستجيبة لتوقعاته التفاؤلية. إلدورادو فردوس أرضيّ يصل إليه كانديد من دون تخطيط ومن دون توقّع. فجأة وجد نفسه وخادمه يدخلان مدينة الحلم الذهبي المحاطة بجبال تخفيها عن عيون الطامعين، ما يحفظ لها ثرواتها ونقاءها. فهل تراها ستكشف لكانديد خطل نظرية معلمه المستقاة من لايبنتز، والقائلة إن كل شيء في العالم على خير ما يكون.
إن الثراء هنا فاحش إلى درجة أن كلّ بحصة مرمية في الطريق ليست سوى حجر كريم. والترف ماثل في أدق تفاصيل العيش وثنايا الثياب. ثمة هنا ما يكفي الجميع، ولذا لا يتطلع أحد إلى ما عند الآخرين، بالتالي يستتب السلام والوئام وتخلو المنطقة من القضاة والسجون، إذ لا جريمة هنا فلا حاجة إليهم بالتالي. والأهم من هذا أن ليس ثمة في إلدورادو تطلع للوصول إلى السلطة، فالملك عاهل طيّب يتحدّث إليه الناس ببساطة ويتعامل هو معهم بأريحية.

هل نختبئ لنعيش سعداء؟

من الواضح هنا أن فولتير يستعيد أسطورة تلك المدينة التي اكتشفها الأوروبيون منذ القرن السادس عشر في أميركا الجنوبية، وعزز السير والتر رالي الإيمان بوجودها لاحقاً ما جعلها قبلة تطلعات الأوروبيين، باعتبارها المدينة الغنية المثالية. لكن فولتير لا يتعامل معها هنا في "كانديد" على ذلك النحو، بل بصيغة من الواضح أن غايتها تأكيد استحالة ذلك "الحلم". فالفيلسوف الفرنسي يبالغ في الحديث عن إلدورادو هذه إلى درجة تجعل من غير المنطقي التصديق بوجودها. إنه يجعل منها، في نظر بطله، "مملكة المستحيل" بصورة نهائية، وبالتحديد لأن هذه المملكة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون في متناول الإنسان، فهي أكثر كمالاً من أن تكون منطقية.
ومن هنا، لن يدهشنا أن كانديد وخادمه سرعان ما يبديان بؤسهما إزاء كل ما يريانه هنا، فهو في نهاية الأمر التفاؤل نفسه، بشكل لا يعود معه من مكان للتفاؤل. وهكذا إذ يشعر صاحبانا أنهما بائسان حقّاً وللمرة الأولى في تجوّلهما، يقرران أنهما يفضلان أن يكونا بائسين متساويين في البؤس مع بقية البشر على أن يكونا من الثراء بحيث يكونان متفردين. غير أن لسان حالهما سيكون أكثر منطقية: "سنعود إلى عالمنا لنعيش مع الآخرين، لكننا سنأخذ معنا حمولة 12 خروفاً من حصى إلدورادو، فنكون بذلك أغنى من الملوك جميعاً". سيفعلان لكنهما سيضيّعان الحصى بالتأكيد، بيد أنهما سيكونان تعلّما العيش بسعادة في العالم غير السعيد: عبر الاهتمام بشؤونهما الخاصة، والابتعاد قدر الإمكان عن مشكلات الآخرين. ويتساءلان في نهاية الأمر حائرين: إذن هل علينا أن نختبئ كي نعيش سعداء؟ ويقرران أن هذا حلم بسيط، لكنه على قياسهما كبشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن "اندبندنت عربية" 14 أيار 2020
****************
ص8
فضاء شعبي...
الشعر الشعبي العراقي والأسبقية العروضية ..

في تحولات الشعرية العربية الحديثة برزت ظاهرة استخدام وزنين أو أكثر في القصيدة الواحدة ، وذلك بإستخدام المشترك من التفعيلات بين البحور الشعرية . وقد لاقت هذه الظاهرة اعتراضات كثيرة في بداية الأمر ، كما حصل بين الشاعرين صلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب ، إذ أشكل صلاح على السياب استخدامه لوزنين في واحدة من قصائده المهمة التي نشرها في مجلة الاداب البيروتية وقد دار سجال حول الموضوع في حينه .
إتّسع مدى تعدد الأوزان في القصيدة المدوّرة - حسب الشيخ جعفر تأسيساً وما تبعه من الشعراء . كما أنَّ الشعر الحديث ( التفعيلة )إعتمد تجاوز عدد التفعيلات الخليليّة زيادة أو نقصاناً .
في الشعر الشعبي العراقي ، وفي واحد من ألوانه ( شعر الهوسة ) ومنذُ وقت مُبكّر ، أي قبل تجربة الرواد الأربعة بعقود ، كانت ظاهرة تعدد الأوزان والتفعيلات قد تحققت عفويّاً .
إنَّ الشكل الشعري في الهوسة - التي أخذت أوسع مدياتها في ثورة العشرين ، يتكون من أربعة أشطر ، الثلاثة الأُولى تجيء على بحر الهزج ( مفاعيلن ) على الأعم ، أمّا الشطر الرابع فيجيء على وزن الخبب ( فعْلن ) ..، ولا يوجد ما يُحدد عدد التفعيلات في الشطر الرابع ، وهذا يعني خروجاً مبكّرا وسابقاً عن شكل البحر الأساس . مثال : هوسة عراقية جاء شطرها الرابع ، هكذا :
اجفوف العدنه اطوال اتنوش العالي إو تشرب مرّ الحنظل كَبل الريكَ .
قال ( مشير المزهر الفرعون ) الهوسة الآتية عام 1935 ..، وواضح فيها الانتقال من الهزج الى الخبب :
انهضوا اوياي ياشبّان انهضوا اوياي
اتركوا النوم اكَطعوا الزاد اكَطعوا الماي
( علي جودت ) وزير اعراكَنه وي واي
اتسنّط بالله اشهل عَيلَه .
في تراثنا الشعبي ، ومنه الشعر الشعبي القديم ، الكثير من الأسبقيات ، مما يستوجب الانتباه والالتفات ...
ريسان الخزعلي
***********
احلام الزيدي.. والتحليق في أفق الصورة الشعرية
علوان السلمان
الشعر بحد ذاته..فكرة ورؤيا ابداعية خلاقة..وهذا هو مقياس النص الشعري الذي نسجته انامل الشاعرة احلام الزيدي ..والذي يقوم على اساس جمالي قوامه اللمحة الفكرية التي تكشف عن حالة نفسية تعاشر وحدتها فتتأمل وجودها القائم على المتناقضات وتشكيلاتها في بناء عوالمها الشعرية بلغة تشكل وسيلة تبليغ وغاية في حد ذاتها والتي تعمل المنتجة(الشاعرة) على تفجير قدرتها التعبيرية والانزياحية كي تكشف عن وظيفتها الجمالية المستفزة..المحققة للمتعة والمنفعة الفكرية بتساؤلاتها..
شرد اكلك..
يلمشيت بلا وداع
ولا وصية
اوسافرت
وضيعت وجهك علي..
وآنه من بعدك ضعت
ابذمة الله..والمحنة وياك شالت...
من شلت
وتدري بيه..ما لي حيل اعله الفراك
ونته بعيونك شفت
شلون كلبك طاوعك تتخلى عني
وبيه ابد ما فكرت.
فالقصيدة في بنائها الفني تقوم على الاسلوب الحكائي الذي يعتمد على الحدث والشخصية والحوار الذاتي(المونولوجي) الذي هو (حوار الذات والنفس) ببناء درامي متماسك في جو من التخييل والمجاز..فحلقت المنتجة(الشاعرة) في افق الصورة الشعرية بمناجاة ذاتها والآخر عبر بنية نصية درامية تعتمد التكثيف والتركيز والاختزال الجملي..مع تدفق خيالي محرك للمكنون السردي النامي ونمو الحدث..مع توظيف الفنون الحسية والبصرية والمكانية لخلق عوالمها الشعرية..باعتماد خطاب الذات ومناخاتها للتعويض عن الغربة التي تحس بها..فكشفت عن رؤية شعرية تعلن عن واقع يغلف الوجد الذاتي بحزن وقلق يشعرها بالاغتراب المجتمعي..
اظل اشتاكلك.. وجيك لهناك
وشوف آثار جدمك..ما اشوفك
ياريت المكان يشيل وياك
وعوف الروح يوم البيه اعوفك
ياوحشة مسيتي بغير ملكاك
اذكر بالموادع علي خوفك
يا شاطي الامان منين مرساك
شما اكرب علي تبعد جروفك
فالشاعرة هنا تحقق مشهدا سيميا يصور الاشياء التي تؤثث المكان وتستنطقه بصفته دالا اشاريا.. وتلفه بالحزن من خلال امتلاكها قدرة الحلول فيه واتخاذه بؤرة تتمركز فيها همومها..
أمر من الصبر يا يوم فركاك
وحله امن الشهد لمسة جفوفك
اظل لآخر محطة بعمري اهواك
وعيوني غفن بس عله طيوفك
مع استثمار التداعي والتفاصيل اليومية لاضاءة بعض العوالم المعتمة بالفاظ بعيدة عن الضبابية والغموض..مكتنزة بدلالاتها انسانية..
بعيونك شفت موج البحر خذني
اخذت الحبل مني او بيدك تهدني
وبنص البحر ما بي الوح الكيش
روجه تشيلني يم روجه وتذبني
وصيح لعالي صوتي اعليك يفلان
الحد كطع النفس يالما تجاوبني
فالشاعرة تتخذ من الطبيعة ملاذا لخلق صورها الشعرية التي هي اداة كاشفة عن جوهر التجربة من جهة والمحققة للذات موضوعيا من جهة اخرى..والتي تتخطى الحسيات الى افق الرؤيا بمخاطبة الوجدان بلغة الفكر المتشظي.. باعتماد تقنيات بلاغية(استعارة/ مجاز..)..اضافة الى توظيفها الفعل الدرامي الذي يأخذ ابعادا نفسية واجتماعية تؤطر النص المزاوج بين لغة الجسد والروح(وحله امن الشهد لمسة جفوفك)..
حبك يعيش اويه النبض...ما ينسي
ليرة ذهب ما ينصدع
او نارك ابد ما تنطفي..حدر الضلع
سرك بشريان الكلب ما ينحجي..او ما ينطلع
او حزنك عويل الروح..ما ينشاف ابد..ما ينسمع
يا انت..يا طلعة كمر..عالبشر كلهم من يشع
فالنص خطاب تتجلى فيه الذات المنتجة للكشف عن صيرورتها باعادة اللحظة وبناء علاقة بينها والموضوع..مع محاولة ايجاد المعادل الموضوعي بينهما عبر لغة متوغلة في مجاهيل الاشياء مشكلة مشاهدها التي تهيمن عليها تقنية الاستذكار التي تحول الرؤية البصرية الى رؤية وجدانية مكتظة بالوجع الانساني..
وديتلك ويه الطيور الهاجرن
اعتاب ترس جفوفي ودموع وسلام
وديتلك دمعة طفل..
وبليل خوف وما لكه الحضن الي بيه يدفه وينام..
وديتلك ومضة وفه..
من حب اهلنه الفات وسنين الغرام
فالنص بعباراته المكتنزة بجماليتها المنبعثة من الفاظها الايحائية البعيدة عن الضبابية..المتناغمة والتقنية الاسلوبية والدلالية..مع غنائية شفيفة تستحضر اليومي مع امتلاكها للوعي الذاتي وحضور اجتماعي يتمثل في عطاءات روحية نامية نمو المشهد النصي المكتنز بعاطفة متوهجة..مع اندماج والطبيعة بموجوداتها.. وقلق الذات وحزنها.. بقدرة تصويرية للاشياء من الداخل والحلول فيها بقدرة متسائلة عبر خطاب الذات الآخر للتعويض عن الغربة التي تحس بها المنتجة(الشاعرة) من اجل ايجاد حالة من التوازن بينها والعالم المحيط بها..لتعلن عن رؤية شعرية تتصل بطبيعتها وتكوينها الفكري واستيعابها لحركة الواقع..باعتمادها الوحدة الموضوعية وضمير المتكلم مع ايقاع عاطفي متوهج وانزياح لغوي..وبهذا وفقت المنتجة(الشاعرة)في بناء نص يتحدث عن ذاتها المقترنة بالذات الجمعي الآخر حديثا متوازنا من خلال الصورة التي جعلت من التعبير الشعري تداولي المعنى الذي لا يخلو من حسية دلالية عن طريق توظيف تقنيات فنية واسلوبية كالتكرار الدال على التوكيد.. والذي اضفى على جسد النص موسقة مضافة..فضلا عن توظيفها لبعض الفنون البلاغية كالاستعارة والمجاز..وهناك اسلوب الاستفهام الذي اسهم في توسيع مديات النص والصورة الشعرية التي هي عملية تفاعل بين منتج (شاعر) ومستهلك(متلقي) للافكار المستفزة لذهنه والنابشة لذاكرته..
**************
دار .. دور


علاء الماجد

دار دور .. دار دور
ساعة وبـ (الهنادس) يعتلك نور
ساعة وينكسر سيف الظلم والجور
ساعة والشهيد يهدم السور
ساعة و (يبرج) البلور
وتتحاسب شهود الزور
ويوكف بالثنيه امدنج الناطور
ويطلع كل نخل بغداد
متحزم ابردي الهور
وتطلع وي نخل بغداد كل الحور
الحور العراقيات ،. مو كل حور
الحور الي كحلهن لافتات
وصوتهن منشور
الحور اليشبهن خبزة التنور
وتغني الطفولة بصوتهه المأثور
دار دور .. دار دور
وينزع كل قيوده ويركص الدستور
دار دور .. دار دور
***********
حسبات
عبد الاله الفهد

ناسي اوگلبي مثل المات .
بس نوبات :
تمر ساعات ..
واتذكر زمان الفات .
وابچي اردود عالناسين
واحسبهم مع الاموات .
ناسيك انه ياشوگ السنين الراح
بس صفنات :
تردني الأول امشابگ ،
والأول خجل والأول العثرات /
عصريه اوگبل مايوصل الليل ابثلث ساعات
-من كل يوم -:
تمر اعلى الگلب حسبات
مو حسبات ..
چن چيلات .
***********
ونين سومري
رثاء لشهداء انتفاضة تشرين
حيدر جليل الخرساني
حلوين جنهم ورد بر
وبوجوهم جن الفجر طر
بوياي احس گلبي يتفطر
ونيت ون الفاگده اوحيد
باترابهم كون انتعطر
وبطولهم جنه انتبطر
والموت شو بيهم تشطر
وهمه الفرح للگلب والعيد
روحي بجفاهم فوگ الايشان
واوبش عليهم هان ما هان
مامش رجا لردة الوليان
ماي وتبده و بجيي شيفيد
بنعوشهم شمة عطر هيل
وبفراگهم ماظل بعد حيل
يضوون گمره بعتمة الليل
ونار الجفه بگلوبنا اتزيد
براضه الدمع وبراض ونيت
بويه أشكثر صلفه التوابيت
تهدم ركن لو طبت البيت
تكسر ظهر كل راكز و.. حيد
ضحكاتهم رنة ذهب صاغ
راسي خوه وما ينفع ادباغ
وگلبي عليهم للسما شاغ
يركض وراهم مدري شيريد
خنسا وعليهم لأكتب اشعار
مامش لعدهم بويه معبار
زلم المشت ما خاوت العار
وأحدهم أسد ما يلوي الايد
بجاون هظم دگيت روحي
مامش دوه اليبري جروحي
رطن برطن ينسمع نوحي
المامجوي اطرب صاحلي عيد
رحة سگم بالروح تطحن
والدنيا بيه بظيم تسحن
يمته الليالي وياي يصحن
والگلب ليله ينام ويهيد
طاحوا جتل ياحيف والله
وجتالهم ريت ايتگله
الخل من يحن يبجي أعله خله
لوم اليحن ما اظن انه ايفيد
***********
بغداد
علي الجبر

شلون الماي يا بغداد
شلون الرازقي والناس
شلون الياس
شلون الخير
شلون الطير
شلون الليل واحنه
بعاد
شلون الشجر
شلون النهر
شلون الگمر
شلون الفرح والاعياد
صدگ مالچ خلگ
داد ؟
تعبانه وعليله وگاطعه
الزاد
وصدگ جرحچ كبر وضماده
ما فاد ؟
وصدگ باعوچ بالمازاد ؟
وصدگ باگوا حبيبچ
سندباد
وراح غير بلاد ؟
معقوله
العزيزه الغاليه الحلوه
هيچي يصير بيها
وتنقهر بغداد
ومعقوله
الجميله الزاهيه الطيبه
ام النخل والاوراد
تصبر بيد الاوغاد
ويذبحها الغدر والغيظ
والاحقاد !
***********
نبقه نحب
مهدي عبود السوداني

انه من اتخيلج ارجع شباب
مثل مابعيوني اشوفج شابه
كلبي حب بس جنه اول مرة حاب
وانتي جنج هم كبل ماحابه
ارجعنه لايام الصبا وفكينه باب
اشبكنه جمرات الاشواك اللاهبه
صح خذانه الشيب وسنين العذاب
بس نفسنه امن الهوى ماطايبه
وصح شمسنه بقهر مالت عالغياب
بس محبتنه شمس ما غايبه
كلوبنه تلهب احر من شمس اب
ومن لهيب الشوك والحب ذايبه
وارواحنا خضره وثمر بيها واعناب
وكاعها ابحيل البجر ماتاعبه
اشعلي باللي ايكلي شايب راسه شاب
ولايهمج باليكلج شايبه
الشعر اسود بس وكتنه اصبح ضباب
وبيده فضض شعر ولد الخايبه
العاجبه خل ينعجب حد الاعجاب
وخل يولي الينقد وماعاجبه
هوه لو بعيوني شافج مني تاب
ويعدل ويعذرني وايكض شاربه
ولايحاسب عاليحب وبشوك ذاب
تالي من ايحب ضميره ايحاسبه
انه لابوكن ولاصنف الارهاب
وانتي هم لابايكه ولاناهبه
وابد ماهو صاحبي الماكلبه حاب
لو ابوحده ايضل ابد ماصاحبه
الله انزل عالنبي الحب ابكتاب
بصدر كل اياته ربنا الكاتبه
************
ص9
أصوات

يقظان الحسيني

هدير أصواتهم
كدمعة ٍ وحيدة
تجري ...
غبشا ًفي رائعة الغد ِ
لا نعوش لهم
جلودهم أكفانهم
كافورهم طين البلاد
حرائق ٌ في الإطارات
شربوا "البنزين" قبيل الرصاص
الصرخات ُ توقظ جثّة الليل
يموج التراب ُ
أحياء ٌ وموتى يتحركون
يضربهم ذراع ٌ رحيم * *
الرابضون في المقابر ِ
مدّوا إلى النجابة أياديهم
هزّوا جذوع الأزمنة
وقفوا على ثنيّة الريح
لم يفرّوا
هدير أصواتهم يأتي
- ابتنوا لنا جدارا يحفظ ُ أسماءنا
- من مطلع الشمس إلى مهب الريح
- لنا آجالنا......
- ليست لأشجارنا لحاءات
سيد العنب ِ الذي عرفوه
يلاقح ُ النارنج والبرتقال
خطاه ُ تحايا للأرض
هدوءه ُ يسترسل ُ
مثل طيور ٍ راجلة
مَن ْ يجمع ُ بشاشته ُ
وما تسكبه ُ عيناه ُ من الأمل
السنوات ُ تنعتق ُ من كهولته ِ
له ُ اجاصة ٌ من ندى
وخوخة ٌ من عطور ْ
" الطبككة "* * * تراقص شط الحلة
" النواعير" أكف ُ الأزمنة
تغترف ُ وتسكب ُ أيامها
الطفل الذي وجدوه
"الدعابل ُ "* * * * بين الضلوع
والأم ُ تحتضن ُ عيسى
حذار ِ إلى الخلف لا تلتفت
الهزائم تتشظى
تأخذ أسرارهم
ولا يعرف النمل ُوالرملُ لها أثرا ً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*تضمن النص مشاهد حقيقية في مقبرة قريبة.
**المقصود بالذراع الرحيم هو كيلة الشفل الضاربة
***الطبككة: عبّارة الحصين في شط الحلة
****الدعابل: كرات زجاجية ملوّنة يلعب بها الأطفال
***************
مقهى الثقافة...
الظل - الفيىء

يرافقنا الظل أينما نسير، فالظلال ممالك احتياطية لمكون الذات، ولذلك تقصر هذه الممالك وتطول تبعًا لمؤثرات الضوء، وعندما لا تكون ثمة ظلال للجسد، يعني التحام الذات بملكوت الطبيعة، حيث ظل الأرض منعكسا في كواكب أخرى، من هنا تكون ظلالنا الصغيرة كبنية كونية، ارتباطها الطبيعي بالجسد، هو ارتباط الجسد بالطبيعة. لذلك لا تصلح الظلال أن تكون فيئًا، إلا ظلال الأشياء الثابتة حيث تمرنت زمنيا على العلاقة بين كيانها والأرض، تدور الظلال تبعًا لدوران الشمس، بينما لا تتمكن الشمس من ظلال الأشخاص إلا عندما يكونون عراة يسبحون في فضائها الفراغ، الجسد العاري وحده الذي يقترن بالنور، ولذلك يكتفي بالظلال له، في حين تتواصل أفياء الأشجار والجدران والأشياء معنا لتكون ثابتة بصريًا، فيلجأ إليها الجسد الملتحف.
تصلح الظلال لأن تكون أفياء، عندما تتجرد من تبعيتها المتحركة للنور، ففيها من طاقة الشعر ما يجعلها تخفف حرارة الشمس عندما تسكن جذع شجرة، وفيها من جذور الحكايات الكثير التي أراحت قوافل البدو في سيرها وتنقلاتها، لأنها ترسم مسارات طويلة للفكر على عكس ما تصنعه الظلال عن حكايات ناقصة. فالجسد قارة الاحتمالات، حين علمت المسافات لا حدود ها فترتسم على الكثبان الرملية ظلالا متغيرة.. في صميم تلك الظلال رغبة عدم التملك، فالبدوي يكتفي من الأشياء بما تنتج لا بما تظلل.
ترسم الأفياء ظلالا للروح الهاربة من الجسد، حيث الترنم بأغاني العشق يتم عبر استدارة الشمس عن محاقها، فالوهج يسقط على العاشق عندما يجد في فيء الحبيبة مكانا للبوح، كل أناشيد العشق تقترن باطمئنان أفياء المعشوق، الشجرة عندما تستبطن ذاتها في ظلها يكون الفيء لها هو ذاتها، وعلى العكس من ظلال الناس الماشين في كهف الأزمنة، لا تصنع إلا أمثلة لهم على جدرانها حياتها المتحركة بين ولادة وموت، وبفعل الضوء المتسرب من نافذة النفق الزمني، يعاد تكرار الظلال، لذلك تسير ظلالنا معنا، حتى انها لا تصنع لنا فيئا يطمئننا، على العكس تكون افياء الجدران والأشجار؛ أمكنة مستقرة، ترتبط بالمسافات الفواصل بين مفازات السفر، يطمئن إليها البدوي المسافر بوصفها من ثوابت البيئة، بينما لا يطمئن لظلال جسده الهارب من ذاته والمنعكس حكاية على الأرض متغيرة.
ترتبط الأفياء بالصور الحلمية، بتلك اليوتوبيات، التي تبعث على الاطمئنان عندما تداهمنا الشرور، فتقول أقصد فلانا كي يساعدني، أو أهجر مكاني كي استقر بعيدًا عن أعدائي، فالأفياء كيانات ملاجئ، وامكنة أمان، ومقرات بحث في تحولات الرحلة، على العكس من الظلال التي تهفت إذا اشتد الضوء وتقوى إذا ضعف، فهي بين أخذ وجدب وكأنها كائنات تخشى الموت أو الذوبان في القوى الطبيعية المبهمة. يلجأ الثوار إلى المغارات والكهوف ليقرروا مهماتهم المقبلة، في هذه الأمكنة لا ترسم لهم أية ظلال تكون اجسادهم هي الحقيقة وحدها لذلك تقترن قراراتهم الثورية بوجودهم الكامل دون ظلال.
ترتبط الأفياء بالقرى، وترتبط الظلال بالمدينة، فأي استقرار طبيعي يولد مثيلات له، واية حركة متغيرة تشكل كل اجزائها، في المدينة تتحرك الظلال تبعًا لتغيير مجالات الرؤية والسير، في المدينة تتحول الظلال إلى أفياء ولكن في داخل البيوت، في القرية تسند الأفياء بثبات الحركة واستقرارها، لذلك ينمو في احلام الطفولة القروية مستقبلنا، بينما لانجد في أحلام المدن غير مشاغلنا ومتاعبنا، فهي ظلال متحركة لا تثبت وان ثبتت ضاعت، على العكس من أفياء القرية والطفولة ستبقى ملاصقة في انتقالاتنا المكانية والزمانية. يكفي الفلاح في شهور الحرارة فيئ نخلة مثمرة، ولايكفيه اي ظلال في اية مدينة، فجدران البيوت الكونكريتية تفتت تلك الهناءة الصغيرة التي توفرها افياء النخلة المثمرة في فضاء الحقل وبين اصوات واخضرار الحشائش.
عندما تعيد تكوين الخبرات، التي مرت، تجد أن المدينة أكثر من غيرها سرعة في توطين الخبرة، الخبرة وجود للجسد وليس للظلال، لأنها مرتبطة بمخاوف العيش وتوفير الأمن، بينما لا تكون خبرة القرى والأرياف إلا بدائية، لا تجنب غائلة، ولا تطمئن من فراغ. لأنها أفياء يمكنها أن تعوضك عن بعض المخاوف، في حين أن الإنسان جبل على الحركة اللامستقرة، يسعى حيث أناشيد القبر تدعوه كأغاني حوريات عوليس على شواطئ البحار، فمهما سددت أذنيك بالشمع، وأسرع الملاحون في التجديف، ستسمع النشيد الأخير لك.

ياسين النصير
**************
قصائد من دفتر قديم

نصير الشيخ
1

ـ كان ينتظرُ ونثيثُ المطرِ الأزرقِ / تحت غصونٍ شاحبة أن تاتي.
لا شبح امراةٍ تتخطفها الشوارعُ/ والعابرونَ خطاهمُ مروا/
هنالك صبيةٌ بللها المطر الهاطلُ / يتراكضونَ وينثرون مسراتهم.
كنتُ أرقبهُ..
يلملمُ من رمادِ وقوفهِ خجلاً / يبعثرهُ انتظارٌ في الدروبِ /
أندس في نفقٍ طويلٍ وسطَ سربٍ من ضبابٍ /
عبثاً يحاولُ للدقائقِ ان تمرَّ.....

2

ــ لا تستعجلي بساعةِ الطلقِ
فصراخكِ المكتومِ بعثرني
فتقَ مكمن الجرح العصيّ، بساعة الميلادِ..
آهٍ..صراخكِ كأنهُ مهرٌ وسطَ خيولِ البرِيعدو حاملاً وجعي..
لا أبرؤُ من دمي نبضاً،
وآياتٍ أرتلها بأوردةٍ الحياةِ.....
مذ بدأت، ومذ تفجرَصوتها بقيامة الخلقِ....

3

ــ بعيداً..
توحدُ خطوكَ الفلواتُ
تسرقكَ النجومُ، وتمتطي الحزنَ البراقَ، تحثُ روحكَ للتجلي، وانبهاراتِ الطفولةِ والرحيلِ...
توليْ وجهكَ الأدبارَ، تستبقُ الرياحَ غمامةً لزوابعِ الذكرى،
زوابعُ الأيامِ تعصفُ
تمنحكَ البراكينا...
تساقيكَ اللألئ من كؤوسِ الغيبِ، توزعكَ الخطى..
ــ أحدٌ هو السفرُ،
كأن هياكلاً تأتي معرشةً لهشيمِ أقماركْ.
وهل السُرى دربٌ؟
ورمادُ صمتكَ محضُ أجنحةٍ..
4

ــ أحبي جنونيّ المهذبِ فيكِ
أنا..لستُ ب((قيسٍ))
ينثرُأشعارهُ للرملِ والعابرينَ
وأنتِ..لستِ ك((ليلى))
تمسدُ قمرَّ الذكرى وتغزلُ ليلَ المحبينَ،
أسئلةً وانتظاراً......

5

ــ حدثنا النحاةُ / عن فعلٍ لايجزم أو ينصب /
الا بميزانِ الحربِ وتروسِ الدباباتِ ..
تعبركَ الريحُ الشاردةُ / آهٍ..يـــــــــــاوطني.
ثانية في التيــــــهِ /
تخرجُ من جثةِ حربكَ /
وسرابِ الأيامِ العاصفةِ /
تنهض عند مشارف وهمكَ /
تصرخ: يا سفني.
***********
تريـث ..

سالم محسن
شجرة الجزرة الوسطية
ستكسرُ النظر
فتعلو الرائحة الخضراء
من رصيف ٍالى رصيف
...
جدارٌ يتكئ على شمعة ٍ في لوحةٍ
سرادقٌ ومواقدٌ،
سيمرُ النداءُ ثم يعبرُ
...
نسماتُ الهواءِ تَسْتَدرجُ الأحلامَ
فتأتي الاغانيّ تباعاً
عبرَ عباءاتٍ سومريةٍ
في مواكبِ التُك تُكِ
...
عيناكِ أوسعُ من مَجَرةٍّ
شفتاكِ منطادُ الاعيادِ
وجهكِ هُدُوئي وثقتي
يَداكِ تُضئُ اللافتاتِ
...
أُمْضِي إلى رَغَباتي
عِنْدَ الساحةِ
أَبْحَثُ
عَن قَصِيْدَةٍ
يَطْلقُها الليلُ مِن نافِذتي نَجمةً
...
تَرْيثْ ..
نَخلةٌ تَعَطْلتْ لا تنعبُ المواسمَ
الرياحُ والامطارُ والارضُ
لا تَذهبْ بعيداً
...
تَرْيثْ
من اِتصالٍ مُفاجِئ
فتقولُ حكمةً:
(كونوا على الأجسادِ أغصانٌ)
...
تَرْيثْ..
مِن صَداقةِ
مِن حُبًّ
فإن الخيطَ واهنٌ
...
تَرْيثْ ..
فالأشجارٌ عالية ٌ
إِنَّ العُمُرَ أَقْصَرُ مِن غَفْوةِ ..
*************
قراءة
الربع*
قصص قصيرة لـ نجيب محفوظ لم تنشر من قبل
ترجمها الى الانجليزية : روجر الين
عرض : كريم زيدان
ترجمها الى العربية : خضير اللامي – السويد/ خاص

حين كشف الناقد والصحافي المصري محمد شعير الغطاء عن مجموعة قصصية لم تطبع سابقا للروائي نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل للاداب ، المسمى بالاكتشاف "كنز أدبي بينما اظهر التاريخ ان تلك المخطوطة اكتشفت بعد رحيل الراوي والقاص التعامل معها على وفق مدى صحة كاتبها.
وكشف شعير النصوص خلال زيارته الى منزل عائلة نجيب محفوظ اذ ذكرت كريمة المرحوم ام كلثوم ، حيث قدمت له ملفا صغيرا كان محفوظا في صندوق مصنوع من الكارتون كان يحتوي على ملف مسودة رواية وملاحظات سياسية، وعقود ، ومجموعة قصصية تتضمن اربعين قصة قصيرة مع ملاحظة تؤكد ما يلي : " هذه القصص طبعت في العام 1993 – 94 " وبعد قراءة دقيقة لهذه القصص، ادرك شعير ان ثمانية عشرة منها لم تاخذ طريقها للنشر.
و ليس من الواضح ما هو المسوغ لعدم نشر هذه القصص مع القصص الاخرى البالغة (22) قصة قصيرة، ومن المحتمل كان محفوظ قد نسيها خلال الفترة المضطربة في حياته. ففي 1994 ، السنة التي طعنه فيها احد المتطرفين في رقبته حين كان خارج منزله في القاهرة وحين نجا من هذا الهجوم ، عاش فترة قلقة متأثرة بالضرر الذي لحق بذراعه الايمن .
والان ، وبعد (25) عاما عقب محاولة الاغتيال ؛ فان مجموعة القصص القصيرة التي بلغت ثمانية عشرقصة قصيرة قد رات النورحاملة عنوان " الربع . "
ان اولئك الذين يتوقعون من صاحب الواقعية العميقة/ ثلاثية القاهرة والسرد الثر في "زقاق المدق" سيكون لهذه القصص الكثير من الاهمية، فـ "الربع" مجموعة قصصية مترابطة ومخيال مستوحى من الصوفية ومثال لخيال تجريبي ميز جزءا من الشفق لجزء من حياة نجيب محفوظ . بدلا من التركيز على السياق التاريخي او الوصف التفصيلي، فمحفوظ يغمر قراءه في عالم بسيط براق بحكايات رمزية غريبة.
وترجمتها التي قام بها العالم المشهور روجر الين ، فإن الكتاب يبدأ ب " The Oven ، وبقراءة سريعة وبغلاف وجوهر مجموعة قصص قصيرة والسعي الى – قصة حب يعد فضيحة لشرف عائلة تعيش في مدق صغير مليء بحركة الحياة . والقصة القصيرة الثالثة ، " Pursuit "تتبع اما مهجورة بينما تواجه اب اولادها في ذات الحي.
من جانب اخر ، " فإن العاصفة : نص غارق في الفانتازيا .والاتجاهات المشؤومة تفتح نوافذ في القصة ويحدث كل شيء حين تكون الشمس في كبد السماء وقبل وصف العاصفة تحل في المدق ونزلاؤه، رؤى الماضي .. وفي هذا الوقت بالذات تنتهي العواصف .وكثير من القاطنين في هذا المدق سرقت محتوياتهم . ويخيم الياس في المدق وتتكرر الشخصيات اثناء انتظارهم بينما هم في انتظار يوم اخر .
قصص "الربع" لا تقود على شخصيات سفسطائية او مشاهد تفصيلية واقعية عرف بها نجيب محفوظ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الربع/ دار الساقي- لندن 2019
*************
قصة قصيرة
نزاع


زهرة ظاهري - تونس

- رباه! كلمة فقط، اجعلها تتفوه ولو بكلمة، كلمة وحيدة فقد نسيت صوتها..
كنت أتضرع إلى الله وقد سبقتني الدموع منسابة على خدي الطري لتستقر على رقبتي.
أبكي في صمت وأدعو في صمت وأتألم في صمت منذ ان حل علينا صمت أمي
وفي صمت أحدث نفسي " ماذا لو ظلت أمي على صمتها مدة أطول؟
أحس أني لم أعد أتذكر صوتها
حاولت أن أسترجع صوتها في خيالي لكنني فشلت. ظل صوتها بعيدا عن ذهني.
أغمضت عيني وحاولت أن أكون على قدر كبير من التركيز لكن ذهني المشوش وقلبي الفزع لم يمكناني من التفرغ للتركيز والتقاط نبرات صوتها.
حاولت أن لا أبكي ، عضضت على شفتي وابتلعت آهة عميقة تسربت في شكل دموع صامتة.
كررت سؤالي في صمت: ماذا لو ظلت أمي صامتة يوما آخر أيضا أو... عدة أيام؟
البارحة ثارت ثائرتها علي وعلى أخي لأننا قضينا كامل اليوم خارج المنزل صحبة أولاد الجيران. كانت قد اتصلت بنا أكثر من مرة على هواتفنا المحمولة لكننا لم نجب.. كنا مشغولين بلعبة هواتفنا الذكية ونخشى أن نخسر الجولة. أخذت منا الجهازين وأقسمت برحمة جدي بأنها لن تسمح لنا باستعمالهما أبدا. حينها ثار أخي. صاح في وجهها. قال بأنه ضاق ذرعا بصراخها بوجهه وأشياء أخرى تفوه بها لم أستوعبها حينها، فقد كان كلاهما يصيح بوجه الآخر. وكادت أمي أن تصفعه غير أنها اكتفت برفع يدها في وجهه.
في تلك اللحظة ، كان والدي قد تدخل لحسم الأمر. ظل أخي صامتا وظلت أمي تتحدث بصوت عال وتوبخنا وكنت صامتا لم أقل شيئا. كان هذا دأبي كلما اشتد النزاع داخل الببت ، ألوذ بصمتي حتى وإن كنت غالبا المتسبب الاول في الشجار. كان أخي يتذمر من تصرفي فيقول لي دائما " أحمق تشعل النار وتختبئ خلف صمتك "
إثر العشاء ، تركنا أمي كعادتنا وحيدة في البيت ولذنا بالشارع نتسامر مع أولاد الجيران وغادر أبي إلى المقهى. لم نجرؤ أن نتوسل إليها لتعيد إلينا هواتفنا ، شيء من الكبرياء وشيء من الرهبة. حين اقتربت منها وقبلتها على خدها لم تتمنع لكنها لم تأخذني في حضنها كعادتها نظرت إلى عينيها وأدركت أنها ماتزال غاضبة.
بعيني أمي أقرأ كل مايخصها. يكفي أن أنظر إلى عينيها لأعرف بأي حالة تكون. حين تكون غاضبة يكبر حجم عينيها وتظل تنظر إلى اتجاه وحيد. وحين تكون حزينة تكون نظرتها باهتة وعيناها ذابلتان ولما تكون سعيدة تتلألأ عيناها وكأنهما عناقيد فرح.
بعيني أمي تكمن كل أسرارها التي لاتجهر بها غالبا لنا. أحيانا اراها واجمة وحين أسألها مابالك ياأمي؟ تجيبني بنظرة منكسرة وابتسامة متصنعة: لاشيء أبدا بني.. وبسرعة تنشغل بأشيائها مشيحة بوجهها عني.
حين عدنا في ساعة متأخرة من الليل، كانت أمي قد خلدت إلى النوم.
وعندما دخلنا أنا وأخي غرفتنا للنوم أطل علينا أبي وراح يعاتبنا لأننا تسببنا في إزعاج أمنا. مازال أخي غاضبا لذلك لم يخفض صوته حين تكلم قال بأنه لم يعد طفلا صغيرا لتصيح امي في وجهه. قال بأنها أصبحت تغضب لأبسط الأشياء وتظل تصرخ بوجوهنا. وكان والدي يتحدث الينا بصوت خافت ويقول بأن ماتفعله أمي هو لمصلحتنا لاغير. لاأعرف كيف تدخلت ساعتها وليتني اكتفيت بصمتي قلت: " في الحقيقة مايقوله أخي صحيح. أمي أصبحت تغضب لأبسط الأشياء ودائمة التوبيخ لنا بسبب أو بغير سبب. نحن لم نعد أطفالا يا أبي" .
في تلك اللحظة تماما دخلت أمي علينا. نظرت إلى كلينا نظرة لم أدرك سرها أكانت مغتاظة أم حزينة أم مستغربة. لأول مرة لم يتسن لي أن أعرف سر تلك النظرة. قالت مفتعلة الهدوء : " حسنا بما أنكما أصبحتما كبيرين وتحتجان على أمكما فأعتقد أن مهمتي قد انتهت. منذ هذه اللحظة قالت ذلك موجهة كلامها لأبي - لن أتدخل في شأن أحدهما أبدا.."
قالت ذلك وعادت إلى غرفتها فيما ظللنا ثلاثتنا واجمين.
بعد لحظات تناهى إلى أسماعنا صوت نشيج آت من غرفة نوم والديّ. نشيج متواصل لاينقطع. أحسست بقلبي يتمزق بداخلي. لم أستطع أن أهرع إليها راكعا تحت قدميها طالبا السماح والعفو. كنت أعرف انها في أوج غضبها وأنها ستصدني ولن تغفر لي.
لذت وأخي بغرفتنا والصمت.
في غرفتها كان والدي يتحايل عليها بأن تهدأ لكنها ظلت تبكي بحرقة إلى ساعة متأخرة من الليل.
لم ننم ليلتنا. أظنها لم تنم أيضا ولا أبي.
حين قمت صباحا كانت قد غادرت إلى العمل. تحدثت مع أخي بشأن مايمكن أن نفعله لأجل استعادة رضى أمي فلم يجب.
بقينا بغرفتنا كامل اليوم لأ أكل ولانوم ولا حديث بيننا . جاء أولاد الجيران يطرقون بابنا فلم نفتح.
حين دخلت أمي المطبخ لتعد لنا العشاء اقتربت منها ببطء وناديتها بصوت منكسر: ماما.
لكنها لم تجبني غادرت المكان ولم تجب.
تمنيت لو أنها صاحت في وجهي لو انها نهرتني بقوة لو أنها فقط نطقت بكلمة. لكنها ظلت صامتة.
كانت هذه عادتها مع أبي حين تغضب كثيرا تلوذ بصمت قاتل.
أيمكن أن تعاقبني أمي بكل ذلك الصمت؟
ماذا لو ظلت صامتة يوما آخر أيضا؟
عدت إلى دموعي وابتهالي." ياالله كلمة واحدة فقط. اجعلها تقول شيئا. اشتقت لصوتك أمي..
كانت تضرعاتي تضيع بين دموعي ووجلي وكانت أمي تلوذ بصمتها فخيم صمت رهيب على الكون.
*************
ص10
مسعفة في ساحة التحرير تتعرض للطعن
بغداد – طريق الشعب
كشفت جمعية المواطنة لحقوق الانسان، عن تعرض المسعفة في ساحة التحرير شيماء محمد لطعنات بآلات حادة من قبل مجهولين أثناء خروجها من عيادة طبيب الاسنان في منطقة المنصور.
وبحسب الجمعية، فأن شيماء كانت تقوم سابقا بإسعاف المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد، "ويبدو ان مساهمتها بالعمل الانساني والطبي الذي مارسته خلال حركة الاحتجاجات السلمية جعل بعض المجرمين يقترفون جريمتهم النكراء ما ادى الى جروح عميقة في جسمها".
وقالت الجمعية، "لقد كان الاعتداء الاثم على الانسة شيماء محمد من ضمن جملة من الاعتداءات المتنوعة على المتظاهرين والاطباء والمسعفين خلال الاشهر الماضية ولم يكشف الفاعل عن تلك الجرائم او يحال الى القضاء".
ودعت الجمعية، مفوضية حقوق الانسان، الى التدخل لدى وزارة الداخلية والاجهزة الامنية من اجل الكشف عن مرتكبي هذه الجريمة بحق المسعفة واحالتهم الى القضاء لايقاع العقوبة القانونية بحقهم نتيجة ارتكابهم جريمة من جرائم انتهاكات حقوق الانسان وعدم افلاتهم من العقاب عن جريمتهم الجسيمة.
من جانبه، أستنكر اتحاد طلبة بغداد الفعل الجبان الذي تعرضت له طالبة كلية الفارابي (شيماء محمد) من مسعفات التحرير لحادثة طعن وضرب من قبل جهة مجهولة.
*************
بطل من العراق
رزاق صاحب.. روح شبابية
ونشاط جماهيري وإنساني دؤوب

بغداد – طريق الشعب
لم يوقفه تقدمه في السن ولا أمراضه المزمنة التي يعانيها، عن مواصلة الحضور إلى ميدان الاحتجاج والمشاركة في التظاهرات.. فهو متسم بالروح الشبابية ومفعم بطاقة من الامل والحب، نشاطه الجماهيري لا ينقطع، دائب على تبني مطالب أبناء شعبه.
انه الناشط رزاق صاحب توفيق (أبو رشا)، عضو اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، الذي لم يتخلف يوما واحدا عن المشاركة في الحراك الشعبي، منذ انطلاق التظاهرات المطلبية عام 2011 وصولا الى انتفاضة تشرين، ورغم تعرضه الى الغازات المسيلة للدموع ومشاهد الاعتقال والموت اليومية في ساحة التحرير.
مؤازر للطلبة والعمال والمرأة والمتقاعدين وكل شرائح المجتمع في المطالبة بحقوقهم، وهو في الوقت ذاته، مؤرشف للحراك الجماهيري عبر عدسة كاميرته التي نقلت العديد من الصور والافلام الحية الى أرجاء مختلفة من العالم، إلى جانب بثه المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لفيديوهات تتضمن ما يحصل يوميا في ساحات الاحتجاج.
نشاط أبي رشا لم يقتصر على التظاهر، فهو خلال فترة حظر التجوال الصحي استمر في ايصال المعونات الى خيمات المحتجين، وساهم في جمع التبرعات المالية لمساعدة المحتاجين وفي مبادرات التكافل الاجتماعي ضمن نشاطات اللجنة المحلية العمالية، والتي دعا إليها الحزب من أجل مساعدة الفقراء والكادحين الذين تضرروا بعد أن توقفت أعمالهم وانقطعت أجورهم نتيجة الحظر الوقائي.
تبرع من ماله الخاص أكثر من 800 ألف دينار، وجمع اكثر من 250 ألف دينار من رفاقه في اللجنة المحلية العمالية وأصدقائه، فضلا عما جمعه من أموال أخرى من رفاقه في منظمة الحزب في الكاظمية، لتتحول جميعها إلى سلات غذائية وزعت على الفقراء والمعوزين في محلات ام النومي والتل والسميلات والانباريين والنعش خانه والشيوخ وعكد السادة والنواب وشاطئ التاجي وسبع البور، وكذلك المنطقة العشوائية المجاورة لكراج السيد محمد.
ولا يزال أبو رشا، بدافع إنساني وحماس وطني، يواصل جمع التبرعات المالية والمواد الغذائية ليوصلها إلى المحتاجين في أي بقعة من بغداد.
***********
250 فنانا في العالم يحثون على رفع الحصار عن غزة
باريس-وكالات
حث أكثر من 250 فنانا عبر العالم في مقالة رأي على وضع حد "للحصار" الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، في ظل أزمة كوفيد-19 الراهنة لتجنب انتشار وباء "قد يكون مدمرا في أكبر سجن مفتوح في العالم".
ومن الموقعين على هذا النداء الذي نشر على موقع "https://liftthesiege.com/fr" الموسيقي البريطاني بيتر غابرييل وفرقة "ماسيف اتاك" والكاتبة الكندية ناومي كلاين والمخرج البريطاني كين لوتش والممثل فيغو مورتنسن والشاعر طه عدنان.
وكتب الموقعون "قبل فترة طويلة من تهديد وباء كوفيد-19 العالمي بخنق النظام الصحي في قطاع غزة المتهالك أصلا، توقعت الأمم المتحدة أن يكون العيش لا يطاق في القطاع الخاضع للحصار، في 2020. ومع الجائحة يواجه سكان غزة البالغ عددهم نحو المليونين وغالبيتهم من اللاجئين تهديدا قاتلا في أكبر سجن مفتوح في العالم".
ويخضع قطاع غزة لحصار أسرائيلي منذ 13 عاما بعد سيطرة حركة حماس على السلطة فيه. وشهد القطاع منذ ذلك الحين ثلاث حروب بين حركة حماس والدولة العبرية.
وكتب الفنانون "قبل حلول الأزمة (الصحية) الحالية كانت مستشفيات غزة قد وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى بسبب نقص في الموارد الأساسية الممنوع دخولها بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل"، معتبرين أن "اولى الإصابات المسجلة في قطاع غزة المكتظ بالسكان مقلقة جدا".
وأضاف هؤلاء أن الحصار "يعرقل نقل المستلزمات الطبية والطواقم والمساعدات الإنسانية الأساسية. ومن الضروري ممارسة ضغوط دولية ملحة لجعل الحياة في غزة قابلة للعيش بكرامة. يجب رفع الحصار الإسرائيلي (..) وتجنب وباء قد يكون مدمرا".
وتفيد الأمم المتحدة أن قطاع غزة من أفقر مناطق الشرق الأوسط مع اعتماد نحو 80 % من سكانه على المساعدات.
وقال الموقعون "ما يحصل في غزة هو اختبار لضمير البشرية. ندعم نداء منظمة العفو الدولية إلى كل الحكومات لفرض حظر عسكري على إسرائيل حتى تحترم بالكامل واجباتهما بموجب القانون الدولي".
***********
عبر الواقع الافتراضي .. كلية الفنون في البصرة تفتتح معرضا تشكيليا دوليا
البصرة – وكالات
افتتحت كلية الفنون الجميلة في جامعة البصرة، الجمعة الماضية، معرضا تشكيليا دوليا عبر الواقع الافتراضي، حمل اسم "كورونا وباء وارتقاء".
شارك في المعرض فنانون عراقيون من داخل العراق وخارجه، بالإضافة إلى فنانين من جنسيات عربية مختلفة. وقد ركزت مواضيع الأعمال الفنية على ما يشهده العالم اليوم في ظل جائحة كورونا.
عميد الكلية علي الكناني، قال في حديث صحفي أن أعمال المعرض تضمنت مواضيع متنوعة، أنجزت بمختلف المدارس والأساليب والخامات الفنية، مشيرا إلى أن الأعمال اشتملت على الرسم والنحت والفخار.
واضاف قائلا انه بالرغم من تنوع أعمال المعرض، إلا انها عبرت في مجملها عن التأثير الذي تركه فيروس كورونا على العالم، موضحا أن عرض الأعمال اقتصر على الدائرة الالكترونية المفتوحة، وأن رئيس الجامعة د. سعد شاهين، شارك بنفسه في تلك الدائرة وشاهد الأعمال واستمع إلى الشرح الذي قدمه الفنانون حول مواضيع أعمالهم.
وأشار الكناني إلى أن المعرض ستتبعه جلسة نقدية يقدم فيها عدد من الأساتذة الأكاديميين، دراسات نقدية حول الأعمال التي عرضت، مستدركا أن "الكلية ستقوم بتكرار هذه التجربة حرصا منها على استمرارية التواصل العلمي والفني بين الطلبة والأساتذة، فضلا عن ضمان عدم توقف عجلة الفن في البلاد، لا سيما في ظل الحظر الاضطراري وصعوبة التواصل والتجمع على ارض الواقع بسبب خطر الوباء".
**************
العراقيون وصعوبات العيش تحت طائلة كورونا
محمد النمر
تعيش فئات واسعة من العراقيين، منذ سنوات، ظروفا معيشية صعبة جدا، نتيجة سيطرة الاحزاب الفاسدة على مفاصل الدولة، وما تبع ذلك من انتشار واسع للبطالة وانعدام فرص العمل.
تلك العوامل وغيرها، دفعت الكثيرين من ابناء الفئات الفقيرة والمهمشة، الى الانخراط وبقوة في ثورة تشرين، التي علقت اليوم اتقاءً لتفشي وباء كورونا.
وقد جاءت أزمة الفيروس التاجي هذه، لتضيف معاناة جديدة إلى الفئات الفقيرة والعاملة بالأجر اليومي، التي تضررت كثيرا وتوقفت أعمالها بسبب قرار حظر التجوال الوقائي، ما أدى إلى أن تواجه شريحة كبيرة من هؤلاء، تقدر بـ 7 ملايين مواطن (استنادا إلى إحصاءات وزارة التخطيط)، المزيد من المتاعب والصعاب المعيشية.
ورغم المخاطر الصحية المحتملة لفيروس كورونا، والتي على ضوئها صدر قرار الحظر الوقائي، إلا أن غالبية الاسواق الشعبية، خصوصا في الاحياء البغدادية الفقيرة وبقية المحافظات، لا تزال تشهد حركة بيع وشراء شبه طبيعية. إذ يتجاهل معظم الباعة والمتبضعين الارشادات الطبية المتعلقة بالفيروس.
التقيت احد هؤلاء الباعة وسألته عن عدم اكتراثه لقرار الحظر الوقائي. فأجابني بأنه لا يستطيع الجلوس في البيت والانقطاع عن عمله، كون أوضاعه المعيشية صعبة، وهو يعمل بشكل يومي من اجل توفير لقمة عيش عائلته المؤلفة من زوجته وأطفاله الأربعة، فضلا عن توفير مبلغ بدل إيجار سكنهم.
وأضاف القول أن "شريحة الكسبة في العراق مهمشة تماما، ولا احد يلتفت إليها وإلى معاناتها" .
فعلا، إن هذه الشريحة منسية تماما، ولا يعرفها المسؤولون سوى في فترات الحملات الانتخابية، ليصعدوا على أكتافها ويصلوا إلى المناصب، ويستولوا على المال العام هم وحاشيتهم، فيعيشوا برفاهية مطلقة، فيما يبقى الكسبة ومجمل كادحي الشعب وفقرائه، يواجهون محن العيش في ظروف قاسية جدا.
سنوات مرت ولا يزال فقراء العراق وكادحوه يعيشيون حياة مريرة ويعانون الظلم والتهميش، فضلا عن غياب الخدمات الأساسية.. وإزاء ذلك كله، يبقون يفتقدون وطنهم الذي طالبوا به في ثورتهم الكبيرة الأخيرة عبر شعار "نريد وطن".
************
ليس مجرد كلام...
تكريم المبدع حيّاً ..!

وأنا أقرأ منشوراً لصديقي الشاعر رياض الغريب، يذكر فيه موقفاً طريفا حدث مع الشاعر موفق محمد قبل إزاحة الستار عن تمثاله الشخصي قبل ايام في مدينة الحلة، ويضيف: قال الأستاذ موفق ضاحكا: منذ يومين وأنا أتفقد إجراءات استكمال العمل وكهربائياته، وقف شابّان أمام التمثال وأخذا يرددان المقطع الشعري المكتوب على قاعدته (أنا أحب الحلة..)، بعدها قال أحدهما: المرحوم كان خوش شاعر. فضحكت في سرّي وقلت أنا المرحوم الخوش شاعر!
وتذكّرت ايضا موقفاً حصل للقاص الكبير الراحل محمود عبد الوهاب حينما أطلقنا اسمه على قاعة الجلسات الأدبية في اتحاد أدباء البصرة، وأقمنا احتفالية بالمناسبة، ودعوناه لقصِّ شريط افتتاحها، حينها نزلت دمعتان ثم اغرورقت عيناه بالدموع وقال: لم أفرح في حياتي أبدا مثلما فرحت هذا اليوم، حين قرأت اسمي يُطلق على قاعة وأنا حي!
هذان الموقفان دليل واضح وملموس على أننا توارثنا ثقافة تكريم المبدعين أمواتا، وبعد رحيلهم عن عالمنا الدنيوي، بمعنى أنهم لن يفرحوا به ابدا ولن يشعروا بسعادة التكريم وزهوه!
لهذا ضحك موفق ونزلت دموع فرح محمود حينما شاهدا تكريمهما بعينيهما، وشعرا بلذّته وهما أحياء!
المبدع حين تذبل كل أزهار شبابه ، ويقضم سني عمره في سبيل أن يقدّم فنّه للناس ، كأن يكون شاعرا أو روائيا أو فنانا أو مبدعا في أي مجال من مجالات الإبداع ، بالتأكيد لم يفكّر يوما بالتكريم من أحد ، فقط يريد العيش بأمن وسلام ورغد بلا منغّصات أبدا . لكن إذا فُتحت نافذة ما وأتيحت فرصة للاحتفاء به وتكريمه فهذا من دواعي سروره طبعا ، لأن كل إنسان على وجه الأرض يحتاج إلى لمسة حنان ولحظة تقدير لكل ما يقدّمه وبشتى الأنواع والأشكال!
كم من مبدعينا فارقوا الحياة وفي قلوبهم غصّات، ونفوسهم مكسورة الخاطر؟!
وكم من مبدعينا قد عانوا ولا يزالون يعانون الأمرّين من الفاقة والعوز والتهميش وعدم الاستقرار بحثا عن مأوى ولقمة عيش؟
وكم من مبدعينا قد أكلتهم الأمراض والتشرد وضيق ذات اليد ؟!
وكم ..؟! وكم ..؟! وما زال الكثير منهم لحد هذه اللحظة يعانون شتى أنواع الأزمات من أمراض وإيجارات وفقر ..الخ !!
ما قام به الأستاذ عادل الكرعاوي، حين تبرّع بإقامة تمثال من البرونز للشاعر الكبير موفق محمد وسط مدينته التي يعشقها ــ الحلّة ــ خطوة ومبادرة تستحق الشكر والتقدير ورفع القبعة له احتراما. ويا ليت جميع الموسرين ورجال الأعمال ومحبي الثقافة يحذون حذوه لتكون هناك محطّات جمال في كل مكان من محافظاتنا، وان يهدوا المبدعين لحظة فرح واحدة في حياتهم!
فحينما ينظر الشاعر أو أي مبدع آخر إلى تمثاله شاخصا في ساحة من ساحات مدينته لتتذكره الأجيال القادمة، يشعر بالزهو حتى وان لم يظهر على سيمائه لحظة إزاحة الستار، لكنني متأكد جدا انه يرقص فرحا في قرارة نفسه!
تكريم المبدع وهو حي خطوة رائعة، ومبادرة أتمنى أن ينتبه لها المسؤولون، بعيدا عن كل الصراعات والمصالح الشخصية والحزبية والطائفية، لأن المناصب تزول، والكراسي تتبدل، ولن يبقى لها من اثر وذكرى سوى لحظة صدق وموقف شهامة وتكريم لمبدع ما، والتاريخ يشهد على بقاء اسماء المبدعين وذكراهم دائما!

عبد السادة البصري
************
في ظل الحظر الوقائي
هوايات ومهارات تتجاوز رتابة الحياة في المنزل
بغداد-تضامن عبد المحسن
كان لقرار فرض حظر التجوال الوقائي الذي اتخذ في مختلف بقاع العالم احترازا من الإصابة بفيروس كورونا المميت، وقع كبير على الناس، الذين أجبروا على الجلوس في منازلهم، الأمر الذي تسبب في حصول تغيير مفاجئ في حياتهم اليومية، لتتسم بالرتابة والملل والتوتر، فضلا عن القلق من الإصابة بالفيروس.
ومقابل ذلك كله، لم يستسلم عدد كبير من الناس الى وتيرة هذا التغيير، فابتكروا طرقا لتمضية حياتهم اليومية بشكل ايجابي، منها تعلم بعض المهارات ومراجعةِ النفس والتأمّل في الذات والعالم.
ولم يكن العراق في معزل عن هذا التغيير في الحياة اليومية بعد أن شمل بقرار الحظر الوقائي. فالكثيرون من المواطنين استغلوا هذا الإجراء في استثمار طاقاتهم بمجالات الفن والأشغال اليدوية والرياضة والطبخ، إلى جانب تنظيم المبادرات الخيرية وغيرها.
التقينا العديد من هؤلاء ليحدثونا عن تجاربهم ونشاطاتهم اليومية خلال فترة الحظر المنزلي.

هوايات الطفولة تبرز من جديد

فائزة احمد زنكنة، ربة بيت، وام لولدين اضطرا للمكوث معها في البيت ليل نهار إذعانا لقرار الحظر.
تقول فائزة أن "ولديّ، وبسبب بقائهما في البيت طول الوقت، صارا يساعداني في أشغال البيت وينفذان عني بعض المهام اليومية، ما جعلني أحظى بوقت فراغ طويل، فتذكرت حينها هوايتي التي كنت ازاولها أيام المدرسة، وهي الحياكة بخيوط الصوف".
وتضيف قائلة: "بدأت البحث بين الملابس القديمة عن (بلوزات) و(شالات) مصنوعة من الصوف، ففتحت خيوطها واضفت إليها خيوطا جديدة، وباشرت حياكة أغطية ومفارش ومجسمات حيوانات صغيرة".
ولا تزال فائزة تواصل هوايتها، وتنشر ما تنجزه من أعمال على صفحتيها في موقعي "فيسبوك" و"انستغرام"، فتتلقى إعجاب المتابعين، وتحفزهم في الوقت ذاته على أن يحذوا حذوها.

الفن للوقاية من كورونا

الفنانة التشكيلية بان ابراهيم محمود، اضطرت هي ايضاً للبقاء في البيت طول الوقت إذعانا لارشادات الطبيب، كون وضعها الصحي لا يساعدها على الشفاء من فيروس كورونا في حال أصيبت به. ومن أجل تبديد الرتابة، لجأت إلى الرسم وإنجاز الأعمال التشكيلية.
تقول بان: "نحن مجموعة فنانين وفنانات في تجمع (خاتونات بغداد)، ابتعدنا عن بعضنا بسبب الحجر الصحي، لكننا نتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في ما بيننا ومع الناس، ونعرض نتاجاتنا الفنية للبيع. لذلك لم نشعر بفراغ الوقت خلال فترة الحظر المنزلي".

إتباع أسلوب صحي خلال الحظر

المهندس حسن سلام من مدينة النجف، يتحدث عن تجربته مع الحظر الوقائي، مشيرا إلى انه اقترح على عائلته ممارسة أسلوب حياة صحي مع مراعاة عمر وظرف كل فرد من العائلة.
ويوضح أن هذا الأسلوب يتضمن النوم لمدة ثماني ساعات في اليوم، بعدها يتم تناول وجبة الإفطار تحت أشعة الشمس لتزويد الجسم بفيتامين (دي) الذي يساعد على تقوية جهاز المناعة فضلا عن دوره المهم في امتصاص عنصر الكالسيوم.
ويبين سلام انه استغل فترة الحظر في تصفح الانترنيت لتعلم طبخ بعض الأكلات والتعرف إلى ثقافات دول العالم. كما ازداد اهتمامه هذه الفترة، في حديقة منزله، وفي صيانة الأجهزة الكهربائية وتصليح جدران البيت المتضررة وحنفيات الماء العاطلة، وتنظيف أجهزة التبريد.
ومعروف عن سلام ممارسته رياضة الجري لمسافات طويلة. لذلك استثمر فترة حظر التجوال في مزاولة هوايته هذه ضمن حدود المجمع السكني الذي يقيم فيه.
ويشر إلى انه نشر على حسابه في "انستغرام"، مقطع فيديو يظهر فيه وهو يجري لمسافة 12 كيلومترا، لافتا إلى أنه أهدى هذا الجهد إلى "أبطال خط الدفاع الأول من الكوادر الطبية، وكل من عرض نفسه لخطر مواجهة وباء كورونا من أجل إنقاذ حياة الناس".
ولم يتوان سلام عن تعلم مهارات عديدة، منها اللغة الصينية التي بدأ يتعلمها بواسطة تطبيق مجاني لتعلم اللغات على الجوال.