العدد 160السنة 85 الثلاثاء 12 أيار 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1

الشيوعي العراقي: الاحتجاج السلمي حق دستوري نتمسك به
جدد الحزب الشيوعي العراقي انحيازه الى جماهير المواطنين والمنتفضين، واكد مشاركته ودعمه للحركة الاحتجاجية التي تمارس حقها المضمون دستوريا، مع الحفاظ على السلمية وصيانة الممتلكات الخاصة والعامة واحترام القوات الأمنية المكلفة بحماية المتظاهرين، ومراعاة الإجراءات الصحية الوقائية المتخذة في مواجهة وباء كورونا. واكد في الوقت نفسه أهمية تبني الحركة الشعارات والمطالب التي رفعتها ساحات الاحتجاج عموما، وحظيت بما يشبه الإجماع، وان يكون ذلك كله رافعة للسير الى امام نحو بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات، والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية .
جاء هذا على لسان الرفيق بسام محي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، في تصريح ادلى به اليوم (الاحد 10/5/2020) للمركز الإعلامي للحزب، ونوّه فيه بما حققته الانتفاضة من إنجازات هامة، حتى غدت رقما يحسب حسابه في المعادلة السياسية في البلاد. وذكّر بحقيقة انها فرضت على الحكومة السابقة الاستقالة، مصعدة بذلك المطالبة بتشكيل حكومة جديدة تلبي حاجات الناس والمنتفضين وتستجيب لأولوياتهم ومطالبهم العادلة .
وأضاف الرفيق محي انه بعد تشكيل الحكومة الجديدة، التي ضمنت منهاجها الوزاري مجموعة من المهمات الرئيسية التي سبق ان طالب بها المنتفضون وغالبية أبناء الشعب، وقدموا التضحيات الغالية من اجل تحقيقها، فقد حان الوقت لتحويل تلك المهمات الى واقع ملموس.
واشار في هذا الخصوص الى القرارات التي اُعلن ان الحكومة اتخذتها في اجتماعها الاول يوم السبت، وبضمنها قرار تشكيل لجنة تحقيق في موضوع التظاهرات، ومحاسبة منتهكي الدم العراقي وتعويض عوائل الشهداء واطلاق سراح المعتقلين. وقال ان الجميع يتابعون الشروع العاجل في تنفيذ تلك القرارات على ارض الواقع، ويطالبون بان يكون ذلك بدايةً السير على نهج جديد يضع مصلحة المواطن والوطن ، قولًا وفعلا، في المقدمة وفوق كل اعتبار آخر.
وقال عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في ختام تصريحه انه في الوقت الذي نجدد فيه انحيازنا الى الحركة الاحتجاجية، نشدد على ضرورة التمسك بالطابع السلمي لحراكها، وان توفر لها كافة مستلزمات ممارسته الفعلية، من دون قمع او تعسف او ضغوط أيًا كانت أشكالها.
المركز الإعلامي
للحزب الشيوعي العراقي
١٠ أيار ٢٠٢٠
*************
قرارات لمجلس الوزراء حول الانتخابات المبكرة
ناشطون يؤكدون مواصلة الاحتجاجات:
نقف مع أي إجراء يستجيب لمطالب المتظاهرين
بغداد - طريق الشعب
قال ناشطون ومحتجون، ان التصعيد السلمي الذي شهدته التظاهرات في بعض المحافظات، خلال اليومين الماضيين، يأتي تأكيداً للمطالب الحقة التي ينادي بها المحتجون.
وفيما عبروا عن ارتياحهم لقرار مجلس الوزراء بإطلاق سراح جميع زملائهم المتظاهرين، شددوا على تنفيذ القرار عاجلاً، وعلى إجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت ممكن.
وكان مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، وقد أتخذ في أول جلسة له السبت الماضي جملة قرارات تنسجم مع جانب من تطلعات المحتجين، منها إطلاق سراح المحتجزين منهم ، والبدء بالتهيئة للانتخابات البرلمانية المبكرة.

تصاعد الاحتجاجات مجددا

وشهدت ساحة التحرير وعدد من ساحات الاحتجاج في المحافظات، حراكاً سلمياً في الغالب من قبل المتظاهرين لكن اعتداءً مسلحاً عليهم في البصرة أدى إلى سقوط شهيد، وعدة جرحى. جراء مصادمات مع قوات أمنية.
وتوافد مئات المتظاهرين إلى ساحة التحرير وسط بغداد، كما تجمع آخرون وسط مدن الناصرية والكوت والبصرة وكربلاء والنجف وغيرها، مطالبين بمحاسبة الفاسدين وملاحقة مرتكبي الجرائم ضد المتظاهرين.
وافاد نشطاء أن المتظاهرين في بغداد أحرقوا عددا من الإطارات على جسر الجمهورية، فيما اغلقت قوات الأمن الجسر لمنع وصولهم إلى المنطقة الخضراء.
وفي مدينة الكوت، أحرق بعض المتظاهرين مقرين لحزبين سياسيين، في حين شهدت مدينة الناصرية صدامات مع الشرطة التي أطلقت قنابل مسيّلة للدموع لتفريق المحتجين.
وفي كربلاء أفاد شهود عيان، أن مسيرات جماهيرية انطلقت في شوارع المحافظة أمس الأول، للمطالبة بتلبية مطالب المتظاهرين.
وأوضح شهود العيان أن "مجاميع كبيرة من المتظاهرين انطلقت من ساحة التربية، مركز المظاهرات الاحتجاجية في كربلاء، وتوجهت ثلاث مسيرات في عبر شارع السناتر وجسر الضريبة وشارع المحافظة في ظل انتشار امني.
من جانب آخر، شهدت ساحة التظاهر الرئيسية في محافظة النجف توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين في ظل إجراءات أمنية مشددة.
فيما قال ناشطون لـ"طريق الشعب" ان "المحتجين في ساحة التحرير سيصدرون بيانا موحدا يتضمن أهم المطالب التي يجب عليها تنفيذها، وسيتم التركيز على إقرار قانون الانتخابات والمفوضية، وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، ومحاسبة القتلة وفق إجراءات جدية وحقيقية، ومن الممكن إعطاء مهلة تحدد بأوقات زمنية للتنفيذ".
كما انهم سيشددون على أنهم "يقفون مع أي إجراءات تصب في مجرى تنفيذ مطالبهم الحقة".

ملاحقة المعتدين
على المتظاهرين

وعطفاً على تلك التطورات وجه القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي بملاحقة مهاجمي المتظاهرين يوم الاحد في محافظة البصرة، وشدد على أن المتورطين بالدم العراقي لن يناموا ليلهم، حسب تعبيره.
وقال الكاظمي في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "وجّهتُ، فجر اليوم (يوم الاحد)، بملاحقة المتورطين بمهاجمة المتظاهرين في البصرة. ونفذت القوات الامنية عملية اعتقالهم بعد صدور مذكرات قضائية. شكرا للقضاء العادل والاجهزة الامنية البطلة".
وأضاف الكاظمي يقول "وعدنا بأن المتورطين بدم العراقيين لن يناموا ليلهم، نحن نفي بالوعد"، مشيراً إلى أن "سلمية الاحتجاج واجب يشترك به الجميع".
وأغلقت قوة من شرطة محافظة البصرة، يوم أمس، مقر حزب ’’ثأر الله’’ وألقت القبض على من كان فيه اثر إطلاق النار على المتظاهرين.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء صباح الاثنين، ان عملية المداهمة في البصرة تمت بأمر من القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وعلى خلفية استشهاد متظاهر.

التهيئة للانتخابات المبكرة

وأتخذ مجلس الوزراء الجديد قرارات تتعلق بإجراء الانتخابات المبكرة. حيث أكد الكاظمي خلال ترؤسه جلسة المجلس يوم السبت، أن "من أولويات هذه الحكومة تأمين ظروف آمنة وسليمة لإجراء الانتخابات، ونحن داعمون لعمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهي شريك حقيقي للحكومة للوصول الى انتخابات نزيهة وعادلة".
وقرر مجلس الوزراء تقديم طلب إلى مجلس النواب لاستكمال التصويت على قانون الانتخابات الجديد وإرساله إلى رئاسة الجمهورية لغرض إدخاله حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية. كما قرر تقديم الدعم اللوجستي وتوفير كافة الامكانات المتاحة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بما يمكنها من اجراء الانتخابات بعد تحديد موعدها.
ووجه المجلس الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة نحو التعاون مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من خلال توفير الملاكات البشرية للقيام بالعملية الانتخابية.
كذلك قرر مجلس الوزراء، تعديل قانون الأحزاب بما يؤدي إلى تنظيم الوضع القانوني لعمل الأحزاب على أسس وطنية ديمقراطية، تضمن التعددية السياسية والتحول الديمقراطي.
*********
كي لا تضيع فرصة الاكتفاء الذاتي في انتاج الحنطة

حرائق حقول الحنطة والشعير تؤلم وتوجع وهي تتكرر كل عام تقريبا، مسببة خسائر اقتصادية كبيرة ، ومضيّعة مال الفلاحين والمزارعين وكدحهم ووقتهم.
من يشعل النار ياترى؟ ولماذا يتكرر ذلك سنويا و يشمل في الغالب محافظات عدة، ولا يقتصر على منطقة دون أخرى .
هل يكفي القول ان داعش الاٍرهابي يقف وراء هذه الجرائم ، او ان تكرارها ناجم عن تماس كهربائي او عن الحرق المخطط لبقايا المحاصيل ، او الإشارة الى إمكانية حصولها جراء حوادث شجار؟
كل هذا ممكن الوقوع ، لكن لا يصح الاكتفاء به ، ولا بد من التحري الدقيق في كل حادثة وملابساتها وأسبابها ودوافعها.
يبدو ان البعض لا يريد لبلدنا ان تكتمل فرحته بتحقيق اكتفائه الذاتي في انتاج الحنطة والشعير، حيث أعلنت وزارة الزراعة ان إنتاج الحنطة قد يصل هذا العام الى ستة ملايين طن ، فيما الحاجة السنوية لبلادنا تقرب من خمسة ملايين.
ان هذه الثروة الوطنية تستحق ان نوفر لها الحماية.

راصد الطريق
*********
في وقت اغلاق التحرير
جرحى بين المتظاهرين على جسر الجمهورية

بغداد – طريق الشعب
تحول جسر الجمهورية في بغداد حوالي الساعة السابعة من مساء الاثنين، وقت اغلاق تحرير هذا العدد من جريدتنا، الى ساحة هجوم عنيف شنته قوات الشغب ضد المتظاهرين على الجسر، واستخدمت فيه القنابل الصوتية والمسيلة للدموع.
وقال شهود عيان ان الهجوم جاء ردا على محاولة تقدم فوق الجسر من جانب بعض المتظاهرين، وانه ادى الى سقوط عدد من الجرحى والمصابين في صفوفهم.
هذا ولم تتوفر معلومات عن عدد الجرحى ولا عن طبيعة اصاباتهم.
***********
بلاغ صادر عن الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي الكردستاني:
منحازون الى الشعب ومطالبه العادلة السلمية
عقد المكتبان السياسيان للحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني – العراق اجتماعا لهما في السابع من آيار 2020، استعرضا فيه عملها المشترك وعلاقاتهما الثنائية وسبل تعزيز ذلك على مختلف الصعد بروح الرفقة الكفاحية والتاريخ النضالي والأهداف المشتركة. كما تدارسا باستفاضة التطورات السياسية في الإقليم وعموم العراق وتوصلا الى:
• يمر العراق، في جميع محافظاته وفي إقليم كردستان، بظروف صعبة ومعقدة وتتفاقم المشاكل فيه، وتتعمق ألأزمة البنيوية الشاملة، وتشتد حالة الاستعصاء السياسي وتتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ويتفشى الفساد وتتزايد نسب الفقر والبطالة والجوع.
• ان الازمة الشاملة في البلاد ليست وليدة انهيار أسعار النفط وتداعيات تفشي وباء كورونا، بل هي متراكمة جراء السياسات الخاطئة ومنهج المحاصصة وسوء إدارة البلد ونهب المال العام وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والاعتماد على وارادت تصدير النفط الخام واهمال القطاعات الإنتاجية؛ الزراعية والصناعية والخدمية، وعدم تبني سياسة تنموية مستدامة تخلص البلاد من الاقتصاد الريعي وتوفر العيش الكريم للمواطنين.
• وتواجه الاقتصاد الوطني صعوبات جدية حيث حركة قوى السوق المنفلتة والأسواق المفتوحة والاستيراد العشوائي والتوجه نحو الخصخصة وتضييق مساحة مساهمة الدولة في الاقتصاد الوطني وقطاعاته المنتجة، وكذلك في الخدمات الأساسية لحياة المواطنين كالصحة والتعليم والنقل والسكن، وفِي الرعاية والضمانات الاجتماعية.
• وجرى التشديد على الحاجة القصوى لتجاوز الاقتصاد الريعي ووضع خطة عملية للتنمية المستدامة وتوظيف الموارد الاقتصادية والبشرية لتحقيق ذلك.
• وتوقف الجانبان عند انتفاضة تشرين المجيدة. وأشارا بان عوامل ودوافع انطلاقتها مازالت قائمة، وأضيفت إليها أسباب اخرى لها صلة بالقمع الوحشي الذي جوبهت به، وتداعيات الازمة الاقتصادية ووباء كورونا، ما يدفع الى التقدير بإمكانية تجدد الحراك الاحتجاجي بأشكال مختلفة وعلى نطاق واسع.
• ومن جديد عبر الحزبان عن انحيازهما الى الشعب وتضامنهما مع الحركة الاحتجاجية ومشاركتهما ودعمهما لمطالبها العادلة والسلمية والحق الدستوري في التظاهر والاحتجاج والتعبير عن الرأي. وإذ اكدا انحيازهما الى جماهير الشعب وانتفاضته ومجّدا شهداءها، أدانا القمع الوحشي والقتل العمد ضد المنتفضين السلميين وطالبا بملاحقة القتلة وإحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
• وجرى التوقف عند الظروف الراهنة وتداعيات وباء كورونا وآثار حظر التجوال وشلل الحياة الاقتصادية وأزمة انهيار أسعار النفط وطالبا ب:
- توفير مستلزمات التصدي لوباء كورونا وتخليص الشعب العراقي بكافة اطيافه من شروره، والحرص على التطبيق الفاعل للإجراءات الصحية الوقائية.
- وضع برنامج آني وعاجل لتخفيف معاناة الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود وتقديم الدعم والإسناد لهم، وضمان انسيابية صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين وتخصيصات الرعاية الاجتماعية في الإقليم والعراق ككل وعدم تحميل مستحقيها تبعات الازمة.
- المراجعة الشاملة لنظام الصحة العامة وإصدار قانون الضمان الصحي وضمان انسيابية توفير الخدمات الصحية المجانية للمواطنين وتحسين البنى التحتية للقطاع الصحي.
- ضمان انتظام وانسيابية إيصال البطاقة التموينية وتحسين مفرداتها وتامين التخصيصات المالية اللازمة والاستعانة بالمنتوج المحلي لتغطية مفرداتها.
• وناقش الجانبان العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وأكدا ضرورة حل القضايا العالقة بينهما، والازمات التي يتكرر ظهورها دوريا عند تشكيل الحكومات واعداد الموازنات العامة، والتي تساهم في عدم استقرار العلاقة بين الاقليم والحكومة الاتحادية وتهدد الأوضاع المعيشية لمواطني الإقليم، وتوفر تربة صالحة لانتعاش أفكار التعصب والشوفينية، وذلك بتشريع القوانين التي نص عليها الدستور، وخصوصا قانون النفط والغاز، وتطبيق المادة 140 من الدستور، واطلاق حوار جاد بهدف الوصول الى تفاهمات مشتركة وفق الدستور ومصلحة المواطنين أولا وقبل كل شيء.
• وأشار الجانبان الى ان الأوضاع السياسة في الإقليم تشهد اختناقات وتوترات، اضافة الى عدم التنسيق والتعاون بين الأحزاب والأجهزة والمؤسسات فيه وتقاطعاتها.
وفي الإقليم ما زال مطلوبًا القيام باصلاحات متعددة الجوانب وتعزيز الممارسة الديمقراطية وحرية التعبير والاحتجاج والابتعاد عن الحزبية الضيقة في إسناد المسؤوليات العامة وممارسة الشفافية في الكشف عن الإيرادات والنفقات العامة وخاصة في مجالات النفط والغاز وواردات الكمارك والمنافذ الحدودية، والتصدي بحزم لمظاهر الفساد، وإنهاء مظاهر نظام الإدارتين السابق وخصوصا في مجال قوات البيشمركة والأمن، والتركيز على البناء المؤسسي في الإقليم.
• وأكد الطرفان ان على الحكومة المؤقتة الجديدة معالجة ما تراكم من أزمات وتلبية مطالب المنتفضين وغالبية الشعب، وتهيئة مستلزمات اجراء انتخابات مبكرة وفقًا لمنظومة انتخابات عادلة بإشراف دولي فاعل، وملاحقة قتلة المنتفضين، وفتح ملفات الفساد، وحصر السلاح بيد الدولة، والعمل على إعادة النازحين الى مدنهم، والابتعاد عن الاستقطابات الإقليمية والدولية والنأي بالساحة العراقية عن الصراع الأمريكي - الإيراني وصيانة القرار الوطني المستقل.
• وبينا بان الموقف من الحكومة سيعتمد على ما تقوم به، ومدى قربها او بعدها من تطلعات الجماهير وتجاوبها مع مطالبها العادلة.
• وتمت الإشارة الى انه على الرغم من الانتصارات المتحققة ضد داعش، فلم يتحقق الانتصار الكامل بعد، ما يتطلب حشد الجهود في الإقليم والعراق كله لمكافحة الاٍرهاب ومنظماته ودحرها وتحقيق السلم والأمان والاستقرار.
• وأكد الجانبان أهمية وضرورة العمل على إيجاد آليات فاعلة للتنسيق بين القوى المدنية والديمقراطية على صعيد كردستان وعموم العراق.
• وانطلاقا من مبادئهما ومواقفهما اكدا على:
- نضالهما المشترك في الدفاع عن تطلعات الشعب وعماله وفلاحيه وسائر شغيلة اليد والفكر، والعمل لمراكمة مستلزمات التغيير الاجتماعي على طريق إنهاء منظومة المحاصصة بكافة اشكالها والفساد وتفكيك الدولة العميقة والتشكيلات المسلحة المليشياوية، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المؤسسات والقانون.
- العمل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وعدم التمييز ومن اجل نيل المرأة حقوقها ومساواتها وتشريع القوانين الضامنة لها وزيادة مشاركتها في إدارة شؤون الدولة وفي الحياة العامة والدفاع عن الحريات العامة والخاصة وحق التعبير والرأي والعقيدة والتظاهر والاحتجاج.
- النضال معًا من اجل سيادة قيم الديمقراطية والعدالة واحترام الرأي والرأي الاخر وعلوية مبدأ المواطنة والتصدي لخطاب الكراهية والتهميش والإقصاء وضيق الأفق والتعصب الشوفيني.
- ضمان الحقوق القومية والسياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية لجميع اطياف الشعب العراقي ومشاركتهم في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع.
- حرص الحزبين على إقامة علاقات الصداقة والتعاون بين شعوب المنطقة، ومع قواها اليسارية والشيوعية والديمقراطية، والعمل معها على انهاء التوتر وحل النزاعات بالطرق السلمية ووضع نهاية للحروب، ودعم ومساندة نضالها من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة وحقها في إقامة أنظمتها الاجتماعية وفق خياراتها، وحل قضية الشعب الكردستاني في أجزاء كردستان كافة، حلا سلميا ديمقراطيا عادلاَ، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته الوطنية على ارضه.
- دعم نضال شعوب العالم وقواها التقدمية واليسارية والشيوعية من اجل عالم تسوده العدالة والتضامن والسلام، والنضال ضد هيمنة وعنجهية القوى الامبريالية والعولمة المتوحشة والليبرالية الجديدة.
***********
ص2
اعتداء آثم تتوجب ادانته ومقاضاة من قام به

تستنكر محلية البصرة للحزب الشيوعي العراقي وتدين الاعتداء الآثم الذي تعرض له المتظاهرون امام مبنى المحافظة ومنطقة المعقل ليلة أمس، واستشهد بسببه متظاهر واصيب فيه خمسة آخرون باطلاقات نارية.
نطالب الحكومة المحلية بتحمل مسؤوليتها في الكشف عن الجناة وتقديمهم الى العدالة ، مع تعويض اهالي الجرحى والشهيد وضمان حقوقهم .
ان مثل هذه الاعمال يتوجب التصدي لها بحزم وعدم السماح بتكرارها نظراً لتعارضها مع حقوق الانسان وللتظاهر باعتباره حقاً دستورياً، ولكونها تشكل تهديدًا للامن والاستقرار.
كما ان على رئيس الحكومة الاتحادية بيان موقفه من ممارسات واعتداءات كهذه على المتظاهرين، والايفاء بوعوده التي ضمنها في منهاجه الوزاري.
وفي هذا السياق نشدد على سلمية التظاهر وعدم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة أو الانجراء وراء اعمال العنف، واحترام القوات الامنية، ومراعاة الاجراءات الصحية المتخذة في مواجهة وباء كورونا.
محلية البصرة للحزب الشيوعي العراقي
١١ أيار٢٠٢٠
*******
كل ثلاثاء ...
نظرية المسطرة
إسم جديد للمحاصصة

على المرء أن يكون موضوعياً ومنصفاً، ليعترف بأن الطبقة السياسية الحاكمة، لديها من "الشجاعة والذكاء" ما يدفعها إلى التجديد في المفاهيم والمصطلحات السياسية، مع بقاء المضامين على حالها، إن لم تنحدر نحو الأسوأ. خاصة ما يتعلق بالمحاصصة، فهناك إجماع بين مختلف مكوناتها وأحزابها، على أن المحاصصة هي أكسير الحياة بالنسبة لها، وسوف لن تتنازل عنها إلا على أسنة الحراب!
في أيام الشحن الطائفي والقتل على الهوية ، لم يتورعوا عن التصريح علناً، بأنها محاصصة طائفية وأثنية، وهي حق مشروع من وجهة نظرهم للتعويض عن المظلومية التاريخية! وبعد إنكشاف زيف هذا الادعاء ورفضه جماهيرياً، إبتكروا لعبة التوازن بين المكونات كصيغة مخففة للمحاصصة، ثم إنتقلوا الى مرحلة أخرى، أسموها المشاركة وليس الأشتراك، والمقصود بها المشاركة في كل شيء، وليس الأشتراك في الحكومة وتقسيم الدرجات الخاصة فقط، رغم أن حصصهم كانت مؤمنة في كعكة السلطة. ثم إنتقلوا الى مصطلح الاستحقاق الانتخابي، وهم يعلمون جيداً مدى التزوير في كل الانتخابات، وأخيراً وليس آخراً، ظهر مصطلح المسطرة، على أعتبار أن السيد الكاظمي إستجاب لشروط السنة والكرد، ولم يستجب لشروط المكون الثالث مما خلق تبايناً في تطبيق المسطرة، وليس من المستبعد إطلاقاً الأتفاق مسبقاً بين الاطراف الثلاثة للإبقاء على المحاصصة وعدم التفريط بها.
ومع كل الضغوط التي سلطت على الكاظمي والمناورات والنشاطات المحمومة في الدهاليز المظلمة، إضطرت هذه القوى الى الموافقة على تمرير الوزارة على مضض. وفي النية الآن كما يبدو خلق العراقيل لها، ووضع العصي في عجلاتها التي ستدور ببطء حتماً، بسبب حجم المشاكل والتحديات الهائلة المنتصبة أمامها، سياسياً وأمنياً وإقصادياً وصحياً، فضلا عن تركيبتها المخترقة بالمحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية.
وسيعاني كثيراً السيد الكاظمي ووزارته غير المكتملة، لعدم وجود كتلة نافذة أو حزب ينتمي إليهما، ليحميانه ويدافعا عنه، لا سيما وأن برنامجه الحكومي يبلغ من السعة والطموح، ما يحتاج إلى بضع سنين لتنفيذه في الظروف الطبيعية، وليس الاستثنائية التي يعيشها العراق حالياً، إضافة الى كونها حكومة مؤقتة، عمرها سنة واحدة، غير قابلة للتمديد.
ولهذا كله، إذا أراد الكاظمي وحكومته النجاح ولو جزئياً، في عبور هذه المرحلة الكارثية عليه أن يصنع معادلة سياسية جديدة تختلف تماماً عن المعادلة الحالية، وجوهرها الانحياز الى الشعب والى المنتفضين البواسل، وتلبية مطالبهم العادلة التي ضحوا من أجلها بدماء زكية سفحت على أيدي الطبقة السياسية ذاتها، والتركيز على الأولويات، وفي مقدمتها محاسبة قتلة المتظاهرين، والاعداد الجدي والصادق للانتخابات المبكرة، بعد أصلاح المنظومة الانتخابية، من قانوني الانتخابات والأحزاب الى المفوضية، رغم أن القوى والكتل المتنفذة لا تريد إجراءها، خوفاُ من حصول تغييرات في السلطتين التشريعية والتنفيذية، قد تهدد مصالحها وامتيازاتها الخيالية، التي لا مثيل لها في كل بلدان العالم.
كما أن مكافحة الفسادين المالي والإداري، والإطاحة بحيتانهما، وحصر السلاح بيد الدولة وإعادة هيبتها من خلال تحجيم دور الميليشيات المنفلتة، وإستعادة الانتصار على داعش، كذلك توفير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرهما، ومعالجة مسألة البطالة الملتهبة، والأزمتين الجديدتين: إنهيار أسعار النفط، وكورونا، كلها تأتي ضمن هذه الأولويات. وساعتها سوف لا تستعيد الحكومة ثقة المواطن الواعي فحسب، بل ثقة كل أبناء الشعب العراقي، وسيكونون عوناً لها، بل الذراع الضاربة في تنفيذ ما يمكن تنفيذه من البرنامج الحكومي، وشل أيدي ومؤامرات الفاسدين والفاشلين وكل المعرقلين لعملية الاصلاح والتغيير.
مرتضى عبد الحميد
********
لأي غرض صرفت الاموال وأين انتهت ؟!
مصدر رفيع: استدانة الحكومة من صندوق التقاعد سبّبت أزمة رواتب المتقاعدين
بغداد – نورس حسن
كشف عضو المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، عن سبب التأخر في دفع رواتب المتقاعدين. وقال سعيد ياسين لـ"طريق الشعب" إن السبب يعود الى استدانة الحكومة، في وقت سابق، اموالا من صندوق التقاعد العام ، لأجل سد العجز في موازنات الدولة!
وأضاف أن الازمة المالية التي يمر بها البلد، في الوقت الراهن، جراء انخفاض اسعار النفط عالمياً، "فضحت العديد من الاجراءات غير المدروسة التي سبق ان اتخذتها الحكومة ومؤسسات الدولة، منها اعتبار الاستدانة من صندوق التقاعد "دينا عاما" يمكن تسديده من الايرادات النفطية".
وأوضح ياسين ان الحكومة عاجزة عن سداد ديونها بصورة عامة، خاصة منها ديون صندوق التقاعد العام، وهو ما ادى الى مشكلات كبيرة وقت توزيع رواتب المتقاعدين، الذين يتجاوز عددهم 3ملايين مواطن.
واستطرد سعيد ياسين قائلاً ان "هناك مشكلة أخرى عقدت الوضع، وهي أن الحكومات السابقة أحالت اعدادا غير قليلة من المواطنين على التقاعد تحت مصطلح (المفصول السياسي)، لكنها في الوقت ذاته لم تعمل على تسديد توقيفاتهم التقاعدية عن السنوات التي فصلوا فيها، إلى صندوق التقاعد العام، وهذا ما شكل عبئا اضافيا على الصندوق".
ورأى موسى ان تلك الاجراءات "تركت انطباعا لدى المتقاعدين ان رواتبهم التقاعدية غير مستقرة، وان الحكومات لم تستطيع الحفاظ على اموالهم التي استقطعت من رواتبهم، اثناء تأديتهم الواجب الوظيفي".
واكد سعيد ياسين، ان "اجراءات استدانة الحكومة من صندوق التقاعد العام، انتهاك لحقوق الوظيفة العامة، وتهديد لمعيشة ملايين العوائل العراقية. وكان من المفترض العمل على توظيف تلك الاموال في مشاريع تنموية تدر على البلاد الأموال، بدلا من الاستدانة دون مردودات مالية"، مشيراً إلى أن "آفة الفساد وضعف الرقابة المالية، وضعا الحكومة الجديدة في مأزق كبير امام عامة الشعب، وليس امام فئة المتقاعدين وحدهم".
وفي ختام تصريحه لـ "طريق الشعب" طالب عضو مجلس مكافحة الفساد الجهات المعنية "بالإفصاح عن الفوائد المالية المترتبة على الحكومة لقاء استدانتها من صندوق التقاعد، وعن االاغراض التي صرفت عليها تلك الاموال، واين انتهت؟".
*******
الرفيق العزيز الاستاذ يحيى بابان المحترم

يسعدنا وانت تتهيأ للاحتفال في العاشر من هذا الشهر، ايار 2020، بعيد ميلادك التسعين، ان نتوجه اليك بأطيب التحايا واجمل التهاني، وان نتمنى لك وللاسرة الكريمة وقتا هانئا في احياء هذه المناسبة البهيجة.
لقد قطعت رفيقنا العزيز أبا جيان في هذه الحياة، شوطا مديدا غنيا، تُغبط عليه. زمنا شاسعا حافلا بالحلاوات والمرارات، بالمسرات والاحزان، بالنجاحات والانجازات. اعواما وعقودا متوالية انغمرت خلالها مع الناس في شجونهم ومحنهم، وفي الكفاح في صفوف الحزب الشيوعي ذودا عن الشعب والوطن، ولأجل مستقبل افضل لهما.. وانخرطت أثناءها، منذ البداية كذلك، في النشاط الثقافي والانتاج الادبي: قصة ورواية ومسرحية، وفي الكتابة الصحفية وغيرها.
وان من حقك اليوم، وانت تعود بالذاكرة الى مسيرتك التسعينية هذه، ان تعتز بانجازك في مجراها وبعطائك .. بما قدمت للناس والوطن، وللثقافة العراقية.
وتقبل خالص تمنياتنا بدوام العافية والنشاط وطول العمر.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
8 أيار 2020
*********
الشيوعي العراقي يزور الجبهة الفيلية
بغداد – طريق الشعب
زار وفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي مقر الجبهة الفيلية نهار يوم أمس، وكان في الاستقبال السيد ماهر رشيد الأمين العام للجبهة الفيلية وعدد من قيادة الجبهة. وتبادل الطرفان وجهات النظر حول أخر مستجدات الوضع السياسي وسبل تطوير العلاقات الثنائية.
وأكد الجانبان على ضرورة التزام وزارة السيد الكاظمي بالمهام والمسؤوليات التي حددتها حكومته، حتى تكسب ثقة الشارع العراقي الذي بات فاقد الثقة بالطبقة السياسية. وبخصوص مطالب المتظاهرين فقد تم التأكيد على مشروعية المطالب، وان التظاهر السلمي هو حق كفله الدستور، مع أهمية الحفاظ على الدم العراقي والممتلكات العامة والخاصة.
وتطرقت الزيارة على أهمية التنسيق في مجال العلاقات بين القوى المدنية والبحث في أفضل السبل والوسائل للارتقاء في عملها، وكذلك توسيع العمل المشترك في مجالات المرأة.
وتوقف الطرفان عند التعاون بينهما، بما يؤمن تحقيق مطالب الإخوة الفيلية الذين تعرضوا إلى الظلم والاضطهاد والتهميش في العهود السابقة.
وقد كان في استقبال الوفد إلى جانب السيد ما هر رشيد السادة حميد رشيد، اياد فلامرز طارق طالب والست نوال وهاب.
وضم وفد الحزب الشيوعي العراقي الرفيقة شميران مروكل عضو المكتب السياسي، والرفاق علي مهدي عضو اللجنة المركزية، فاضل الموسوي عضو لجنة العلاقات الوطنية، د.فاضل المندلاوي مسؤول المختصة الفيلية.
********
في الذكرى الخامسة والسبعين للانتصار على الفاشية ـ النازية
الصوت الحقيقي للحرية والسلام ضد الفاشية والحرب
أصدر 80 حزباً شيوعياً وعمالياً في مختلف بلدان العالم وقاراته بينها الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكردستاني - العراق بيان مشترك في مناسبة مرور 75 سنة على الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية على الفاشية والنازية، جاء فيه ما يلي:
إن الانتصار على الفاشية ـ النازية في الحرب العالمية الثانية حدث تاريخي كبير يجب الحفاظ على ذكراه والدفاع عنه في مواجهة المحاولات المتكررة الرامية لتزوير هذا الحدث التاريخي والذي يهدف الى طمس الدور الحاسم الذي لعبه اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، ونضال الشيوعيين ومناهضي الفاشية من جميع أنحاء العالم.
كانت الفاشية ـ النازية، التي ولدتها الرأسمالية، المظهر الأكثر عنفاً وإرهاباً لرأس المال الاحتكاري. وهي تعتبر مسؤولة عن اندلاع هذه الحرب العدوانية والنهب المرافق لها وآثارها الكارثية التي تسببت في قتل ما يقرب من 75 مليون شخص، من بينهم حوالي 27 مليون مواطن سوفيتي، اضافة الى المعاناة والرعب اللامحدودين في معسكرات الاعتقال النازية. كما لا يمكن للشعوب أن تنسى ايضا الصفحات المظلمة، مثل قصف هيروشيما وناجازاكي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالقنابل الذرية، دون أي مبرر عسكري، والذي كان يمثل عرضًا للقوة وطموحات الهيمنة العالمية.
كانت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) نتيجة للتناقضات الحادة بين القوى الإمبريالية، وكانت تهدف في الوقت نفسه تدمير الدولة الاشتراكية الأولى، اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، والتي تم التعبير عنها في دعم وتواطؤ المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة مع إعادة التسلح والطموح التوسعي لألمانيا النازية.
بمناسبة الاحتفال بالذكرى 75 للنصر التاريخي في 9 مايو 1945، فإن الأحزاب الشيوعية والعمالية الموقعة على هذا البيان تعبر بكل تأكيد عن تصور ومشاعر وتطلعات العمال والشعوب من جميع أنحاء العالم:
ـ نشيد بتضحيات جميع الذين ضحوا بأرواحهم في ساحات القتال ضد الجحافل النازية الفاشية، ولا سيما بطولة حركات المقاومة والمقاتلين المناهضين للفاشية ونضال الشعب السوفياتي البطولي والجيش الأحمر بقيادة الحزب الشيوعي، الذي سجًل صفحات بطولية مثل معارك موسكو ولينينغراد وستالينجراد والتي كانت حاسمة في احراز النصر على البربرية.
ـ اننا نرى بأن النصر على ألمانيا النازية وحلفائها في ميثاق مناهضة الكومنترن تم تحقيقه بفضل المساهمة الحاسمة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وتكمن في الطبيعة الطبقية للقوة السوفيتية بمشاركة جماهير الشعب، وفي الدور القيادي للحزب الشيوعي، والتفوق الذي أظهره النظام الاشتراكي. لذا فان هذا الانتصار هو إرث تاريخي هائل للحركة الثورية.
ـ نقدر عاليا التقدم البارز الذي جرى تحقيقه في الكفاح من أجل التحرر الاجتماعي والوطني للعمال والشعوب نتيجة هذا النصر وما نتج عنه من امكانية تقدم قوى التقدم الاجتماعي والسلام، مما وسع مجال الاشتراكية داخل بلدان أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وساهم في تهيئة الظروف لتقدم الحركة العمالية في البلدان الرأسمالية، والتنمية الشاملة لحركة التحرر الوطني وتصفية الإمبراطوريات الاستعمارية.
ـ ندين الحملات التي تهدف إلى التقليل من شأن الاتحاد السوفييتي والشيوعيين في هزيمة الفاشية ـ النازية ، وكذلك تشويهها وإنكارها للأحداث، وإلقاء اللوم على الاتحاد السوفياتي في اندلاع الحرب العالمية الثانية بهدف شطب مسؤوليات قوى رأس المال الكبير والحكومات التي كانت في خدمتهم و التي ساهمت في الترويج للفاشية وإطلاق العنان للحرب، و التحرك لإخفاء الفاشية وإعادة تأهيلها، يالتزامن مع السعي لتدمير آثار وذكريات الجيش السوفياتي الذي حرر العالم من النازية ، وتعزيز مناهضة الشيوعية وتجريم الشيوعيين وغيرهم من مناهضي الفاشية.
ـ إدانة قرارات الاتحاد الأوروبي المناهضة للشيوعية ومحاولاتها لعمليات التزوير التاريخي الساذج الذي يحاول مساواة الاشتراكية بالفاشية المتوحشة.
ـ نحذر من أن أكثر قطاعات الإمبريالية رجعية وعدوانية ينظرون بشكل متزايد إلى الفاشية والحرب على أنها "مخرج للخروج من الأزمة العميقة للنظام الرأسمالي، وبدت هويتها اللاإنسانية واضحة بشكل خاص في مواجهة تفشي الوباء الخطير للغاية "Covid-19". ان الإمبريالية، الولايات المتحدة الأمريكية، الناتو، الاتحاد الأوروبي والقوى الرأسمالية وحلفائها، تواصل سياسة إجرامية تتجلى في الحصار والاعتداءات ضد البلدان والشعوب.
ـ نحن نرى بأن النضال من أجل السلام والتقدم الاجتماعي والنضال من أجل الاشتراكية لا ينفصلان، لذا نلتزم بالسعي إلى عمل مشترك أقوى للطبقة العاملة والعمال وشعوب العالم، وكافة القوى السياسية المنخرطة في طريق مواجهة الفاشية وفي النضال ضد الإمبريالية واعتداءاتها وحروبها الجديدة.
إن الوضع الذي يواجهه العمال والشعوب في العالم يؤكد على أهمية تعزيز النضال ضد الإمبريالية، ومن أجل سيادة الشعوب واستقلال الدول، و من أجل حقوق العمال والشعوب. ويهدف هذا النضال إلى الثورة ضد النظام الرأسمالي باعتباره نظاماً يولد الفاشية والحرب والظلم والمخاطر والتناقضات المعاصرة. وكما كان قبل 75 سنة، فإن نضال الشيوعيين وجميع الذين يواجهون الاستغلال والاضطهاد الرأسماليين هو الذي سيفتح الطريق لمستقبل الإنسانية.
******
ص3
لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها
شيوعيو النجف يوزعون سلال الغذاء ويطلقون حملات التعفير
النجف - طريق الشعب
تواصل اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة النجف وعدد من المنظمات المدنية الصديقة الناشطة في المحافظة، حملات التكافل الاجتماعي التي أطلقتها مع بدء تسجيل إصابات بفيروس كورونا المستجد في العراق، بهدف التخفيف عن كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود وعمال الأجر اليومي الذين أثرت تداعيات هذه الأزمة على أوضاعهم المعيشية بشكل كبير.
وكانت اللجنة المحلية، وبناء على توجّه الحزب نحو تحويل مبالغ الاحتفال بذكرى تأسيسه الـ 86 إلى شراء سلال غذائية وتوزيعها على الفقراء، قد جمعت تبرعات مالية من الرفاق والأصدقاء، وخصصتها لحملات التكافل الاجتماعي، فضلا عن حملات تعفير الأماكن العامة والمنازل.
وخلال الفترة من مطلع نيسان الماضي حتى العاشر من أيار الجاري، أطلقت اللجنة المحلية 16 حملة مساعدة في أحياء مدينة النجف وبعض الأقضية والنواحي التابعة إلى المحافظة، تضمنت توزيع نحو 1700 سلة غذائية على المواطنين المتعففين. فيما ساهم فرع رابطة المرأة العراقية في المحافظة في إطلاق 4 حملات مماثلة، وفرع اتحاد نقابات العمال 3 حملات.
وفي ما يتعلق بالتعفير، أطلقت اللجنة المحلية عددا من الحملات، وذلك بمساعدة فرع اتحاد الطلبة العام في المحافظة، الذي ساهم في إنتاج المعقمات الكحولية.
واستطاعت اللجنة المحلية بفريقيها الناشطين "سيرجيو ديميلو" و"سلميون"، وبمساعدة دائرتي الصحة والدفاع المدني، تعفير نحو 1200 منزل، بعضها موزع على أحياء الوفاء والجزيرة والميلاد والنصر والسعد والقادسية والأنصار والقدس والمكرمة، في مركز المحافظة، والقسم الآخر في ناحيات المشخاب والحرية والعباسية والرضوية والحيرة.
ونظمت اللجنة المحلية أيضا حملات تعفير في عدد من نقاط التفتيش المنتشرة في المحافظة، كما وزعت آلاف الكمامات والقفازات الوقائية، على المواطنين ورجال الأمن، وتبرعت بمستلزمات صحية لعدد من المفارز الطبية، وبدلات وقائية وأقنعة ونظارات وزعتها على العديد من المتطوعين في فرق التعفير الجوالة.
وبمساهمة مالية من اللجنة المحلية، أنتج فرع اتحاد الطلبة العام بالتنسيق مع عدد من اساتذة كلية العلوم بجامعة الكوفة، مواد معقمة للوقاية من فيروس كورونا، تم توزيع 400 لتر منها على الأفران والمخابز، و200 عبوة على المدارس.
وبالعودة إلى حملات التعفير، فإنها شملت أيضا "مركز الأورام السرطانية" و"دار العجزة" ومخازن دائرة الماء والمجاري، في مركز المحافظة. وقد نفذ قسم من تلك الحملات بمساعدة ودعم من فرع رابطة المرأة العراقية.
وفي سياق ذي صلة، ومع مطلع أيار الجاري، جمعت اللجنة المحلية تبرعات مالية في مناسبة عيد العمال العالمي، حوّلتها إلى نحو 100 سلة غذائية قامت بتوزيعها على عائلات عمال، من المتضررين جراء الأزمة. وفي المناسبة أيضا، قام فرع رابطة المرأة بتوزيع 25 سلة غذائية ومستلزمات وقائية على المزارعين العاملين في المشاتل، فضلا عن مبلغ مالي لمريضتين راقدتين "مركز الأورام السرطانية".
وكان لمخاتير الأحياء السكنية في المحافظة، دور مهم في إيصال السلال الغذائية إلى العائلات المستحقة.
هذا ويواصل شيوعيو النجف تنظيم حملات جمع التبرعات لشراء المواد الغذائية وتوزيعها على الفقراء والكادحين.
***********
ندوة الكترونية موضوعها:
المجتمع المدني العراقي في ظل جائحة كورونا
بغداد - علي العبودي
عقدت المنتديات المحلية العاملة ضمن فضاء المنتدى الاجتماعي العراقي، الأربعاء الماضي 6 أيار، ندوة الكترونية حول "المجتمع المدني العراقي في ظل جائحة كورونا".
الندوة التي عقدت عبر تطبيق التواصل "زووم"، ساهم فيها منسقو المنتديات وعدد من الناشطين والأكاديميين، وأدارها الناشط علي العبودي. وقد استهلها متناولا بدايات ظهور فيروس كورونا في الصين ثم انتشاره في كل دول العالم، وما سببه ذلك من أضرار اقتصادية كبيرة للدول، فضلا عما كشفه من عيوب في القطاعات الصحية العالمية وضعف في الإمكانات المالية واللوجستية المتعلقة بالجانب الصحي.
وأشار مدير الندوة إلى أن التداعيات التي خلفها الفيروس، والتي لم تستطع الحكومات احتواءها، دفعت بمنظمات المجتمع المدني إلى تسخير إمكاناتها لتصحيح أخطاء الحكومات، لافتا إلى أن المنظمات المدنية في العراق سعت إلى الحد من انتشار هذا الفيروس القاتل عبر اطلاق مبادرات وحملات تطوعية شبابية.
أول المتحدثين في الندوة كانت الناشطة كوثر المحمداوي، التي ألقت الضوء على مبادراتٍ ونشاطاتٍ لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، نفذتها منظمات مدنية في عدد من المحافظات، مشيرة إلى أنها شملت حملات تكافل اجتماعي لمساعدة المتعففين وذوي الأجر اليومي، الذين تضرروا كثيرا جراء قرار الحظر الوقائي.
وأضافت قائلة أن الحملات تضمنت توزيع سلات غذائية ومواد معقمة وكمامات وقفازات وقائية، فضلا عن تعفير وتعقيم العديد من الشوارع والأبنية العامة والمنازل، وتقديم الإرشادات الوقائية للمواطنين.
الناشط المدني مهدي المهنا، تحدث من جانبه عن أهم التحديات التي واجهت عمل المنظمات المدنية في عموم المحافظات، في مواجهة جائحة كورونا، ومنها ضعف التنسيق مع الأجهزة الحكومية والأمنية في تنفيذ حملات التوعية الصحية، بجانب ما يتعلق بتشكيل الفرق التطوعية والتحول المفاجئ للناشطين إلى مغيثين ميدانيين، و صعوبة نشر التوعية الصحية وتطبيق إجراءاتها في بعض المناطق الشعبية.
وأضاف المهنا أن من بين التحديات عدم توفر إحصائيات دقيقة وواضحة في شأن العائلات التي تستحق الإغاثة والمساعدة، في الوقت الذي لم تقم فيه الحكومة بمساعدة تلك العائلات سواء بمبلغ مالي بسيط أم بمواد غذائية.
وكان بين المتحدثين منسق المنتدى الاجتماعي علي صاحب، الذي ألقى الضوء على آفاق عمل المنتدى في ترسيخ روح المدافعة عن قضايا المجتمع والمطالبة بحقوقه، مشيرا إلى أن "الظروف الصعبة التي تتراكم في المجتمع، تدفعنا للنهوض بواقعنا الى مرافئ السلام وحماية المجتمع من اضرار قد تعصف بنا وتؤدي الى التهلكة".
وأضاف قائلا انه "في ظل جائحة كورونا قدم شباب المنظمات المدنية والفرق التطوعية، للمجتمع دروسا جيدة في التوعية والإرشاد وتفعيل التكافل الاجتماعي".
هذا واستعرض منسقو المنتديات المحلية في بابل والنجف والديوانية وتكريت والفلوجة، خلال الندوة أهم النشاطات التي نظمتها منتدياتهم، وأبرز التحديات التي واجهت عملها.
*********
في الناصرية
رابطة المرأة توزع سلات غذائية وكمامات

الناصرية - باسم صاحب
نظم فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة ذي قار ثلاث حملات لتوزيع السلات الغذائية، شملت 90 عائلة متعففة في مناطق "الزهيرية"، "التضحية" و"الفداء" في مدينة الناصرية، بالإضافة إلى بعض الخيمات المعتصمة في ساحة الحبوبي.
من جانب آخر وزع فرع الرابطة كميات كبيرة من الكمامات الوقائية التي قامت بخياطتها الرابطية ام فاطمة، على الكادر الصحي في المستشفى العام، فضلا عن رجال الامن والمعتصمين في ساحة الحبوبي، وعدد من سائقي مركبات الاجرة.
وقالت نائبة سكرتيرة فرع الرابطة ايمان الامين لـ "طريق الشعب"، انهم نظموا خلال الفترة الفائتة ثلاث حملات لتوزيع المساعدات على العائلات الفقيرة والمعوزة، وأن الحملات تمت بمشاركة "تجمع عطاء ذي قار"، الذي يضم عددا كبيرا من الناشطين المدنيين والمواطنين الآخرين من أبناء الناصرية.
وأضافت قائلة أن الرابطة ستنظم حملة توزيع أخرى خلال اليومين المقبلين، تستهدف فيها عددا آخر من العائلات الكادحة، بغية التخفيف من معاناتها في ظل أزمة كورونا.

طرد عمال عراقيين من شركة باجين الصينية

العمارة – مهند حسين
تم إيقاف العمل بستة أبراج نفطية في مدينة العمارة من قبل شركة باجين الصينية بسبب الانخفاض في أسعار النفط وكذلك بسبب جائحة كورونا وعلى أثرها تم طرد ما يزيد عن الستمائة عامل الذين كانوا يعملون فيها. وقد التقت طريق الشعب بالعمال في الشركة (ط . ز) وقال: نحن لدينا عوائل نعيلهم وانا لدي أم مريضة وسعر الدواء في الشهر يقارب المائة وخمسون ألف دينار. وأنا اسكن بالإيجار كيف أعيش بعد طردي منها؟ ولا توجد هناك حكومة تهتم بنا من حيث توفير العلاج للمرضى في المستشفيات، ولا توفر سكن لمواطنيها. فكيف نعيش؟ هذا وقال ان الشركة ابلغتهم انه إذا ما انتهت الأزمة فقد ترجعون للعمل، وهكذا فنحن بين أيدي الازمات وما أكثرها من أزمات في بلدنا.

عيادة الشيوعيين الطبية تغيث مريضا

بغداد – طريق الشعب
تبرعت العيادة الطبية التابعة إلى لجنة المثقفين المحلية للحزب الشيوعي العراقي، ببعض اللوازم الطبية إلى مريض من ذوي الاحتياجات الخاصة، يسكن منطقة الشالجية في بغداد.
وبادرت العيادة إلى شراء كرسي متحرك للمريض مع جهاز فحص نسبة السكر في الدم.
***********
أطلقوا حملات تعفير ضد كورونا
شيوعيو بابل يواصلون توزيع السلال الغذائية
الحلة - طريق الشعب
وزعت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، اليومين الماضيين، سلال غذائية ومواد تعقيم، على العائلات المتعففة في "قرية الجمجمة" القريبة من آثار بابل.
جاء ذلك في سياق حملات التكافل الاجتماعي التي تواصلها اللجنة المحلية والمنظمات التابعة لها في الأقضية والنواحي، للتخفيف من معاناة العائلات المتعففة التي تضررت كثيرا جراء جائحة كورونا.
وخلال تجواله في القرية، قدم وفد اللجنة المحلية الذي تقدمه سكرتيرها الرفيق بهجت الجنابي، إرشادات صحية توعوية إلى الأهالي من أجل الوقاية من الفيروس المستجد.
وفي نشاط مماثل، قامت مجموعة من الرفاق في اللجنة المحلية واللجنة الأساسية في قضاء الهاشمية، بتوزيع سلال غذائية على العائلات المستحقة في "حي هور الحجاب" التابع إلى ناحية المدحتية.
وحث الرفاق، المواطنين على الاهتمام بالنظافة والتعقيم للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا.
من جانب آخر قامت منظمات الحزب في مختلف مدن المحافظة، بالتعاون مع فرع اتحاد نقابات عمال بابل، بإطلاق حملة لتعفير منازل المواطنين.
واستطاعت الحملة شمول الأحياء الفقيرة، بالإضافة إلى ساحة الاعتصام التي يجري تعفيرها يوميا احترازا من انتقال الفيروس إليها.
وفي سياق حملات التكافل الاجتماعي، ساهمت عائلة الرفيق الراحل مردان سعود مشهد، بالتعاون مع جيرانها، في إعداد وجبة فطور للمعتصمين المرابطين في ساحة اعتصام بابل، والذين يزيد عددهم على الـ 130 معتصما. وساعدت الرفيقتان أم ظافر وأم عبير وعدد من الرفاق الآخرين، في طهي الطعام وإعداده.
********
المولدات الاهلية.. تلاعب في التسعيرة وتهديد بقطع الكهرباء
بغداد - عامر عبود الشيخ علي
الزمت الحكومة المحلية في بغداد، اصحاب المولدات الاهلية بتسعيرة جديدة للامبير الواحد شهريا، وهي 6 آلاف دينار للخط الاعتيادي، و9 آلاف دينار لخط التشغيل الدائم (الذهبي).
إلا ان البعض من اصحاب المولدات في عدد من مناطق بغداد، لم يلتزموا بهذه التسعيرة، فرفعوا سعر الأمبير إلى 15 ألف دينار، ما أثار شكاوى الكثيرين من المواطنين، خاصة ذوو الدخل المحدود الذين استاءت ظروفهم المعيشية كثيرا بعد أن توقفت أعمالهم جراء قرار فرض حظر التجوال الصحي للوقاية من انتشار فيروس كورونا.
المواطن سعد قاسم، وهو من سكان منطقة الغزالية - المحلة 446، قال لـ "طريق الشعب"، انهم تفاجأوا بقيام صاحب المولدة برفع سعر الأمبير الواحد من 5 آلاف إلى 15 ألف دينار لشهر أيار الجاري، مبينا أنهم لم يتلقوا تبريرا مقنعا من صاحب المولدة لقيامه برفع سعر الأمبير.
وأضاف قائلا أن البعض من أصحاب المولدات يهددون المواطنين بقطع الكهرباء عنهم في حال عدم تسديد مبالغ الاشتراك وفق التسعيرة المقررة من قبلهم (15 ألف دينار)، الأمر الذي يتسبب في حصول مشكلة بين الطرفين.
وبين المواطن ابو مصطفى، وهو صاحب محل لبيع المواد الكهربائية، انه "رغم استقرار التيار الكهربائي خلال الفترة الماضية، وقلة فترات تشغيل المولدات، والتي تصل إلى ساعة واحدة فقط في بعض الأيام، إلا أن أصحاب المولدات رفعوا سعر الأمبير الى 15 الف دينار".
وأضاف قائلا أن هذه المشكلة تتكرر كل عام مع بداية فصل الصيف، بالرغم من تصريحات محافظة بغداد حول تحديد سعر الأمبير، وتصريحات لجنة الطاقة البرلمانية في ما يتعلق بتوفير الوقود للمولدات، مشيرا إلى ان هذه الزيادة في التسعيرة، تلقي بظلالها على المواطن البسيط الذي لا يستطيع توفير قوت عائلته جراء البطالة وتوقف الاعمال في ظل جائحة كورونا، ما يضطره الى التخلي عن خط المولدة في ظل ظروف جوية حارة.
وذكر احد المواطنين ان اصحاب المولدات يبرمون في بعض الاحيان اتفاقيات مع مختاري المحلات، لغرض رفع سعر الأمبير على المواطنين، موضحا ان عامل تشغيل المولدة في محلته، هدده بقطع خط الكهرباء عنه في حال عدم قيامه بتسديد المبلغ المحدد (15 ألف دينار للأمبير).
وتابع قائلا أنه لا يستطيع تقديم شكوى كونه – وفق ما يراه – سيخسر القضية وستحصل بينه وبين صاحب المولدة مشكلة وعداء ينتهي بقطع خط الكهرباء عن منزله.
إلى ذلك قال مواطن آخر، أنه دعا بعض المشتركين في مولدة الكهرباء التي تغذي محلتهم، إلى تقديم شكوى للجهات الرقابية ضد صاحب المولدة الذي رفع سعر الأمبير، مبينا أن "المواطنين المشتركين رفضوا تقديم الشكوى بسبب عدم ثقتهم في إجراءات المسؤولين عن تلقي الشكاوى، والتي في حال لم تقاض صاحب المولدة، سيقوم من جانبه بقطع الكهرباء عنهم، خاصة إذا كشفت أسماؤهم من قبل تلك الجهات المسؤولية، التي قد تكون متعاونة معه".
وأكد المواطن أن المشكلة لا تحتاج إلى تقديم شكوى، كون الجهات الرقابية تستطيع تنظيم جولات تفتيش ميدانية، ومعرفة في ما إذا كان أصحاب المولدات ملتزمين بالتسعيرة المحددة من قبل محافظة بغداد، أم لا.
*********
في واسط..
أصحاب مولدات يشكون قلة الكاز
بغداد – طريق الشعب
شكا عدد من أصحاب المولدات في محافظة واسط، طول ساعات انقطاع الكهرباء الوطنية، مع بداية موسم الصيف، ما يحتم عليهم تشغيل مولداتهم لفترات طويلة، لا تتناسب مع ما توفره لهم الحكومة المحلية من وقود.
محمد طالب، وهو أحد أصحاب المولدات، قال لـ "طريق الشعب"، ان مولدته تزود الكهرباء للكثير من المنازل المشتركة، ما يعني انها تتلقى حملا كبيرا يتطلب صرف كمية كبيرة من مادة الكاز، مشيرا إلى أن الحكومة المحلية حددت سعر الأمبير الواحد بـ 15 ألف دينار، وهذا لا يكفي لشراء الكاز ودفع أجور العمال.
وتابع قائلا أنهم، وللأسباب آنفة الذكر، يضطرون إلى رفع سعر الأمبير على المواطن، مطالبا حكومة واسط بتوفير كميات كافية من مادة الكاز، بما يتناسب وساعات التشغيل.
وفي المقابل شكا العديد من المواطنين في مدينة الكوت، قيام أصحاب المولدات برفع سعر الأمبير الواحد إلى 20 ألف دينار، بدلا من 15 ألفا، بحسب ما حددته الحكومة المحلية.
وقال المواطن أحمد خزعل أن المواطنين يحملون الحكومة المحلية سبب هذا الارتفاع في سعر الأمبير، كونها لا توفر كميات كافية من مادة الكاز لأصحاب المولدات، في ظل طول ساعات انقطاع الكهرباء الوطنية.
*************
ص6
جيفارا والعراق
مظهر محمد صالح*
بين العقل والإرادة، بدا الثائر الأرجنتيني، أرنستو جيفارا، يقاوم فساد الصمت، في الاجتماع الأول لقيادة الثورة الكوبية، برئاسة الزعيم فيديل كاسترو، ذلك الاجتماع الذي عُقِد بعد أيام من موعد التاسع من كانون الثاني/ يناير 1959، وهو اليوم الذي دخل فيه كاسترو العاصمة هافانا، وقد سبقه دخول جيفارا في اليوم الثالث من الشهر نفسه، بعد أن فر الرئيس السابق باتيستا بطائرته صوب كوستاريكا في الثاني منه.
كان اللقاء بين القادة الثوار هو الأول لرسم خريطة طريق وجدول أعمال بناء الثورة الكوبية، وكان أشبه بمهرجان اللهب الثوري المستعر في موجة برد عاصف، فعند توزيع المسؤوليات الوزارية بين قادة الثورة والتحدث عن البناء البيروقراطي للدولة الثورية، دبت في عروق جيفارا كتلة متحركة من الثلج البارد، وهو يقول في نفسه: إن الثورة تتجمد، وإن الثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على الكراسي، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة في داخلي.
اتخذ الزعيم عبد الكريم قاسم، في ربيع 1959، قرارا بإرسال وفد فني رفيع الخبرة إلى العاصمة الكوبية هافانا بغية تعميق العلاقات التجارية بين البلدين الثوريين. وبُعيد وصول الوفد، توجه صاحبي للالتقاء بمحافظ البنك المركزي الكوبي، الذي يسمى (رئيس بنك كوبا الوطني)،. توجه إلى جناح ضم غرفة شديدة البيروقراطية، ليجد أمامه رجلا في فمه سيكارة هافانا وهو يبتسم لضيفه القادم من بغداد. تساءل صاحبي محدثا جيفارا: كيف يمكن للطبيب الثائر أن يصبح مصرفيا، ويدخل في حقل المعارف التطبيقية الاقتصادية؟ وما حدود معرفتك بالصيرفة المركزية؟ هنا، ضحك الثائر جيفارا بوجه الرجل القادم من حوض المتوسط، والذي حط في جزيرة البحر الكاريبي، هافانا، قائلا له وهو يبتسم: أرجو أن تستمع إلى هذه المفارقة، حتى أفرغ من حكايتي. أجابه صاحبي: نعم.
قال جيفارا، مسترسلاً: نادى القائد المعلم، كاسترو، في اجتماع خريطة الطريق وتوزيع الكراسي، المذكور آنفاً، معلناً، وبلغته الإسبانية: مَن منكم (إيكونومستا)؟ أي اقتصادي. جيفارا فهم أن القائد يقول: مَن منكم (كومنستا)؟ أي شيوعي، فأجاب: أنا، أيها الرفيق كاسترو. قال كاسترو لجيفارا: إذن، ستشغل مناصب اقتصادية مهمة، وفي مقدمتها محافظ البنك المركزي الكوبي. وبين (الاقتصادي) و(الشيوعي)، اختلط المعنيان، ليولدا وظيفة اقتصادية متخصصة للثائر الطبيب جيفارا. عاد الوفد إلى بغداد باتفاقية تبادل تجاري بين البلدين يقايض فيها السكر الكوبي بالتمر العراقي، حين كان العراق من أكبر منتجي التمور في العالم، قبل أن تنتهي بلادنا، اليوم، باستيراد التمور من بلدان الخليج المحيطة، الشحيحة المياه العذبة.
كان السؤال الأول الذي وجهه جيفارا إلى موظفيه قي البنك المركزي الكوبي هو: أين تودع احتياطات كوبا الرسمية من الذهب والدولار؟ كان الجواب في (فورت نوكس) في الولايات المتحدة. عندها، قرر جيفارا تصفيتها وتحويلها إلى عملات أخرى دولية خارج الولايات المتحدة، وتحول الطبيب جيفارا إلى اقتصادي مصرفي ثوري، إذ أخبر شغيلة كوبا وعمالها: بإمكانكم تمويل مشاريعكم الاشتراكية، ولا تشغلوا بالكم قي كيفية سداد تلك القروض. وهنا، يأتي جيفارا على عكس الصيرفة المحافظة الرأسمالية، التي تأخذ المخاطر بعين الاعتبار، حيث تنظر إلى كيفية استرداد القرض قبل منحه، وبأي عائد سيكون.
جعل جيفارا العملة الكوبية في موقع الشهرة. وقد حملت العملة ألجديدة عند إصدارها بعد انتصار الثورة، توقيع (تشي)، التي تعني (الرفيق). ترك جيفارا مكتبه اليروقراطي، في بنك كوبا الوطني وغيرها من المهام الرسمية، لينتهي في أدغال بوليفيا، ولتقتله، بدم بارد، فرق الموت، التي اصطادته في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 1967، في غابة (فالي غراندي) من مقاطعة (لاهيغوبرا) في بوليفيا، عندما كان يقود حرب عصابات ثورية لإسقاط نظام الحكم في بوليفيا، وقت ذاك.
ترك جيفارا رسالة وداع لأطفاله الخمسة، جاء فيها: "وفوق كل شيْ، كونوا قادرين، دوماً، على الإحساس بالظلم، الذي يتعرض له أي إنسان، مهما كان حجم هذا الظلم، وأيّاً كانت مكانة هذا الإنسان، وهذا أجمل ما يتصف به الثوري. وداعا إلى الأبد يا أولادي".
نعى جون بول سارتر، المفكر الوجودي، جيفارا بالقول: "إنه ليس مثقفاً حسب، ولكنه كان أكمل إنسان في عصرنا"، وقال عنه كاسترو: "إن جيفارا أنموذج لا ينتمي لعصرنا. إنه ينتمي للمستقبل". ولم أجد أبلغ مما قاله عنه الزعيم الأفريقي، نيلسون منديلا: "إنه مصدر الهام لكل إنسان يحب الحرية".
ختاما، سألت صاحبي، الذي ترأس وفد الخبراء الرفيع المستوى إلى هافانا والتقى بجيفارا في العام 1959: هل شُحن التمر العراقي من ميناء البصرة إلى هافانا؟ وهل تسلم العراق شحنات السكر بموجب ذلك الاتفاق؟ أجابني: نعم. ولكن، هل علمتم مَن هو صاحبي؟ إنه الأستاذ العلامة الراحل الدكتور عبد المنعم السيد علي، نائب المحافظ الأسبق للبنك المركزي العراقي، وأستاذ النظرية النقدية، الذي توفي العام الماضي بصمت وهدوء، من دون أن ينعاه أحد في بلادي، التي علّم أجيالها بالتعاقب، علومَ النقود، والصيرفة، والاقتصاد. وربما نعته عائلة جيفارا نعيا يليق به وبأبيها الثائر، لو كانت تعلم بموته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* خبير اقتصادي ومالي، النائب السابق لمحافظ البنك المركزي.
**********
من اجل تأمين الرواتب
مواجهة تداعيات الأزمة


ابراهيم المشهداني
اقدمت الحكومة المستقيلة على واحدة من اكثر الخطوات خطورة وامعانا في تعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية في نفس الوقت الذي يواجه شعبنا مثل جائحة كورونا وما تسمى بـ (coved-19) فقد اصدرت قرارها رقم 97 في الخامس من ايار / 2020 الذي لا يمكن تفسيره في هذا الوقت المازوم الا بزرع الالغام امام الحكومة المؤقتة واعاقتها في معالجة حزمة المشاكل التي اورثتها لها.
لقد كان هذا القرار الذي أحدث ضجة كبيرة في اوساط الموظفين والمتقاعدين ومستفيدي الرعاية الاجتماعية وعوائلهم فضلا عن تناقضه مع مقترحات أعدها فريق الموازنة السنوية التي تضمنت من بين امور عديدة وضع سلم بأعلى راتب في الدولة لا يتعدى 5 ملايين دينار واعلى تقاعد لا يتعدى 4 ملايين دينار كما تضمنت استقطاع نسبة 75 في المائة من المخصصات للدرجات الخاصة والعليا واستقطاع يصل الى 50 في المائة من مخصصات الموظفين نزولا من الاعلى الى الاسفل مع ايقاف تسديد القروض.
وموضوعيا ينبغي الا ينظر الى عدد الموظفين في جهاز الدولة من وجهة نظر سطحية مجردة بل الاصح النظر الى هذه الاشكالية التي تحولت الى عبء على الاقتصاد الى الاسباب التي ادت الى تضخم هذا العدد الكبير التي تكمن في الاساس في سباق القوى السياسية الطائفية الاثنية المهيمنة على السلطة التي عملت على ضخ اكبر عدد من المواطنين غير المؤهلين في الجهاز الحكومي بغية بناء قاعدة انتخابية لها ادت الى استنزاف 50 مليار دولار سنويا والتي تشكل الجزء الاعظم من الموازنات السنوية والاسوأ من ذلك تعامل الحكومة المستقيلة مع مطالب الانتفاضة الجماهيرية بطريقة الانحناء امام العاصفة وذلك باللجوء الى تعيين ما يزيد عن نصف مليون موظف في القطاع الحكومي دون الاهتمام بمدى توفر التخصيصات المالية الكافية لتامين رواتبهم واجورهم كاستحقاق لا مفر منه مما زاد من عمق الازمة المالية ولهذا ازداد حجم الرواتب من 36 مليار دولار في عام 2019 الى 47 مليار دولار في عام 2020.
والسؤال الملح في هذه الظروف الحرجة كيف ستتصرف الحكومة الجديدة المؤقتة للخروج من هذه الازمة ومواجهة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية فحتى لو لجات الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي لتغطية الحاجة الى 40 مليار دولار حسب تقديرات معهد جيفريز للخدمات المالية وهو مبلغ كبير لا يمكن توفيره بالبساطة المتوقعة، فهل ستلجأ الحكومة الى اضعاف قيمة العملة الوطنية للحد من تآكل احتياطيات العملة الصعبة في البنك المركزي مما يترتب على ذلك المزيد من التضخم وفرض العوز المرهق على المواطن العراقي؟ كما ان تخفيض الرواتب اذا ما شمل القاعدة الواسعة من الموظفين والمتقاعدين فان نتائجه ستؤدي الى ركود اقتصادي غير مسبوق ومزيد من افقار المجتمع.
ان الحكومة وهي تواجه اعباء لا تتلائم مع طبيعتها المؤقتة وازمة خانقة متوارثة من سابقتها مطالبة بدراسة اسبابها والمخارج المطلوبة عبر الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والمصادر المالية المتاحة والاستعانة بالدعم الجماهيري، وفي هذا المجال نقترح ما يلي:
1. القيام بعملية جرد لأموال الدولة سواء في داخل العراق او خارجه المنقولة وغير المنقولة ومنها على سبيل المثال الاموال غير الضرورية الموجودة في مؤسسات الدولة والمتوافرة في المصارف الحكومية وشركات التامين وصندوق التقاعد والاعتمادات الحكومية غير الضرورية المفتوحة لدى المصارف التي لم تنفذ ووضعها تحت تصرف الحكومة بالإضافة الى تفعيل دور البنك المركزي في عملية التنمية وتحريك الاقتصاد.
2. الغاء الامتيازات التي يتمتع بها المسؤولون الحاليون والسابقون من رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب ومجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية وتقليص النفقات الاخرى بما فيها السيارات والحمايات ودور السكن الى الحد الادنى ووضعها الفائض تحت تصرف الحكومة.
3. فتح ملفات الفساد كافة الموجودة في هيئة النزاهة والقضاء وتشمل اعلى المراتب واستعادة الاموال المسروقة باي شكل والمهربة المودعة في المصارف الاجنبية وتنشيط دور القضاء بما يسهل مهمة الدولة في تعاملها مع الاطراف الدولية.
***************
تراجع اسعار النفط .. وهو خير لكم!
فراس زوين
"بخيرهم ما خيروني وبشرهم عمو عليه".. مثل بسيط وكلمات دارجة توارثناها من الإباء والاجداد، وهو اليوم واقع حال المواطن عندما يتابع التصريحات الحكومية الرسمية وغير الرسمية حول الخطط الحكومية المحتملة لعلاج التراجع الحاد في أسعار النفط لحدود 20 دولار، فمن الغاء المخصصات الى الادخار الاجباري الى تقليص الراتب بنسبة 25 في المائة او 35 في المائة ولا ننسى الانباء عن رفع نسبة الضرائب والرسوم واخيراً اللجوء الى الاحتياط النقدي للبنك المركزي. والعديد من الإجراءات التي تقع كلها على رقبة ورأس المواطن، ولكن المفارقة ان الكاسب والعامل لم يكن له نصيب عندما كان سعر البرميل 120 دولار حيث اخذت هذه الأموال طريقها الى خارج البلاد اما عن طريق الاستيراد او الى جيوب الفاسدين، ولعل هذا هو السبب والدافع الذي جعل العديد من الناس يتمنون ان تبقى أسعار النفط بحدود 20 دولار للبرميل بعيدين عن التعاطف او حتى تفهم الموقف الحرج للحكومة العراقية في إدارة الملف المالي للبلاد واحتمال عجزها عن تأمين رواتب الموظفين في ظل الانهيار الكبير في أسعار النفط.
وبرأيي الشخصي ان هذه الأمنية التي قد يظن البعض انها كلام شامت او كلام جاهل هو الحل الذي قد لايخطر على بال الكثير ولا يتفق معه اكثر، نعم ان الحل الجذري والشامل للتخبط والفوضى الاقتصادية التي يعيشها العراق منذ عام 2003 ولغاية الان هو في سعر 20 دولار للبرميل وتراجع أسعار النفط بالصورة التي نراها الان والتي ستدفع بالحكومة الى العديد من القرارات منها خفض سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار بعد ان خوت خزائن نافذة بيع العملة، والتفاصيل في الاتي :
ان حاجة السوق المحلية والمواطن من السلع والخدمات تم اشباعه وسده عن طريق فتح أبواب البلاد امام البضائع المستوردة والسلع الأجنبية من كل حدب وصوب، والمشكلة الأكبر ان معظم هذه المواد كانت من السلع الرديئة ومن مناشئ غير معروفة وبأسعار زهيدة استفادت من ارتفاع سعر صرف الدينار العراقي لضمان عدم المنافسة واغراق الأسواق بكل المنتجات التي كان معظمها اما يزرع في حقولنا او يصنع في ورشنا ومعاملنا المحلية، الامر الذي ادى بنا في نهاية المطاف الى ان يتحول المواطن العراقي الى احد من نموذجين،
• النموذج الأول هو الموظف الذي تحول الى مستهلك عملاق ينفق راتبه الشهري على المواد والسلع المستوردة بعد ان خلت الأسواق من المنتجات العراقية التي كان معظمها تصنع بيد أبنائنا وفي ورشنا ومعاملنا الصغيرة والكبيرة .
• النموذج الثاني هو باقي شرائح وطبقات المجتمع من قوى عمالية شابة وقادرة على الإنتاج والعطاء من عمال المسطر والكسبة وأصحاب الورش والعمل الحر الذين تحولوا الى جيوش من العاطلين عن العمل وتحطمت أعمالهم ومستقبلهم وتركوا نهباً للمعامل والمصانع وورش العمل الأجنبية والاستيراد العشوائي.
ان التراجع الحاد في أسعار النفط وانخفاض سعر البرميل الى حدود 20 دولار سيجبر الحكومة في نهاية المطاف على اتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية التي تمكنها من إدارة الملف المالي ودفع رواتب ملايين الموظفين والمتقاعدين، ولعل اهم هذه القرارات هو مراجعة سعر صرف الدينار العراقي، والذي يمكن اعتباره من اهم المحددات الاقتصادية لكونه يعمل على تحسين القدرة التنافسية للدولة وما يترتب على ذلك من تحقق نتائج توسعية في مجال الإنتاج والعمالة والنمو بشكل عام، وهو كذلك من اخطرها اذا استخدم بشكل سيئ وغير صحيح فسيؤدى الى ازدياد تدهور القدرة التنافسية للدولة. وما يرتبط بذلك من انعكاسات انكماشية على كل جوانب الاقتصاد.
ولا ادعم في هذه المقالة تعويم الدينار العراقي كما حدث في مصر او غيرها من الدول للوصول لقيمته الحقيقية وانما الى خفض قيمته من مستواه الحالي لحدود معقولة تمكن الإنتاج العراقي من منافسة العديد من السلع المستوردة من الخارج. وأقدم المثال الاتي : فلو افترضنا ان سعر كيلو الرز المستورد دولار واحد وكان سعر صرف 1200 للدينار امام الدولار فان سعر الكيلو سيكون 1200 دينار وقد يستحيل على الفلاح العراقي منافسته بمثل هذه الأسعار ، ولكن عندما يكون سعر صرف الدينار 1800 " فان الرز العراقي الذي يكون سعره 1500 دينار سيكون قادر على منافسة المنتج المستورد، وقس على ذلك فيما يخص المنتوجات الزراعية العديدة، والصناعية من أبواب وشبابيك ومطابخ وملابس واحذية وحقائب ولدائن وخياطة والاف المنتجات المحلية التي لم تكن قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع سعرها بالمقارنة مع المستورد بسبب سعر صرف الدينار المرتفع نسبياً، اَي فتح الباب لعودة الإنتاج والصناعة المحلية للتنافس وخلق عشرات الألاف من فرص العمل، فتبدأ بذلك اول حركة لعجلة التنمية التي ان لم تبدأ من داخل السوق المحلية فلن يحركها الف استثمار اجنبي تحلم به وتتمناه الحكومات العراقية النائمة (الحكومات الكسولة).
واخيرا ان مناخ الاقتصاد العالمي يشوبه القلق والاضطراب الشديد على اثر جائحة كورونا العالمية وتأثيراتها السلبية على الطلب العالمي للنفط والعديد من العوامل الأخرى أدت الى انهيار أسعار النفط، بصورة اعادت للأذهان اخر انهيار للأسعار عام 2014 ولكن هذه المرة بأثار اشد ومدى يتوقع له ان يكون أطول، وامام هذه الفوضى الاقتصادية فان على الحكومة العراقية النظر بجدية وواقعية في خياراتها الاقتصادية العديدة ، وحالها حال اي دولة من دول العالم التي لا تمتلك ربع ما يملكه العراق من موارد طبيعية مثل مصر والاردن والمغرب وسوريا التي بالرغم من الخراب الذي احاط بها ولكنها لازالت قادرة على ادارة ملفها الاقتصادي بشكل يحسدها عليه الكثير من العراقيين.
**********
بمناسبة الذكرى الـ 150 لميلاد فلاديمير ايليتش لينين
راهنية لينين بعيدا عن القوالب الجاهزة .. قريبا من نبض الحياة
د.صالح ياسر
تحت العنوان أعلاه كتب الرفيق صالح ياسر، الكاتب والباحث، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، دراسة قيمة عن لينين وافكاره ومواقفه وتجربة بناء الاشتراكية في اول بلد ومآلاتها والدروس المستخلصة منها. وتشير الدراسة التي نشرت يوم ٢٥/٢/٢٠٢٠ كذلك، الى تجربة الحزب الشيوعي العراقي وكيف تعامل مع التطورات بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وتبنيه للديمقراطية والتجديد في مؤتمره الخامس. وكنا قد نشرنا مقتطفات ضافية من الدراسة في أعداد سابقة، وننشر اليوم مقتطفات أخرى، حيث ان المبحث السابع بيّن.

كيف تعامل الحزب الشيوعي العراقي مع الانهيار الذي حصل؟


صاغ المؤتمر الوطني الخامس للحزب، الذي حمل اسم: "مؤتمر التجديد والديمقراطية" والذي عُقد في عام 1993، تصورات أولية حول تلك الاحداث التي جرت في الاتحاد السوفياتي وبقية المعسكر الاشتراكي وتفاعلاتها، وتوقف عند اسبابها. وصاغ المؤتمر مفهومين أساسيين، ونعني بهما مفهومي الديمقراطية والتجديد. وعلى الصعيد الفكري وكما اشار التقرير السياسي المقدم للمؤتمر :" توجه حزبنا لفحص المقولات والمفاهيم النظرية انطلاقا من نبذ الاستنساخ والنقل الالي للتجارب، واستلهام المنهج الماركسي بمعاينة الواقع الموضوعي وتطوراته والواقع الملموس لنضال شعبنا ومشاكله وتقاليده وتراثه الثوري والاستفادة من التجربة العالمية"(1).
وعشية انعقاد المؤتمر الوطني السادس (1997)(2) طرحت لجنة العمل الفكري ورقة بعنوان: (مفهوم الاشتراكية). كما تم عقد موسع فكري للجنة المركزية في عام 2000.
وبعد انتهاء اعمال المؤتمر الوطني السابع (2001) كلفت اللجنة المركزية للحزب (ل.م) لجنة العمل الفكري المركزية (لعف) بالعمل على اعداد ورقة حول هذه التجربة، وبعد عمل واسع لرفاق (لعف) وبالتشاور الدائم مع ل.م تم انجاز ورقة عمل ظهرت تحت عنوان: انهيار التجربة الاشتراكية/الحدث والدلالة. وبعد مداولات واسعة داخل (لعف) وفي اللجنة المركزية للحزب اقرّ اجتماع ل.م المنعقد في شباط 2003 المسودة.
وفي اجتماع اللجنة المركزية للحزب المنعقد في 15/9/2006 تم اقرار الورقة بصيغتها النهائية – كمسودة – وطرحها للنقاش الحزبي العام ارتباطا بالتحضيرات لعقد المؤتمر الوطني الثامن (آيار 2007). اقر المؤتمر المذكور هذه الوثيقة وصدرت حاملة العنوان: "خيارنا الاشتراكي: دروس من بعض التجارب الاشتراكية"(3)، ولكن قرار المؤتمر اعتبر الوثيقة مفتوحة للنقاش وليس نهائية.
ان دراستنا المتواصلة والمستمرة لهذه التجربة منذ أوائل التسعينات أوصلتنا الى جملة من الاستنتاجات نطرحها بتكثيف(4):
1. شاءت الظروف التاريخية ان تقوم اول تجربة لبناء الاشتراكية في بلد نضجت فيه الشروط السياسية من دون ان يمتلك، بسبب ضعف تطور الرأسمالية فيه، القاعدة المادية المتقدمة التي اعتبرها ماركس شرطاً لانتصار الاشتراكية في بلد من البلدان. ومن خلال استخدام ادوات السلطة السياسية، عمدت الدولة في الاتحاد السوفييتي وفي غيره من البلدان ضعيفة التطور، التي انتهجت لاحقاً طريق التحولات الاشتراكية او ذات الافق الاشتراكي، الى محاولة تعجيل عمليات التطور الاقتصادي والاجتماعي التي تستغرق في العادة آماداً تاريخية طويلة نسبياً. وقد اقتضى ذلك بالضرورة اللجوء الى اساليب ادارية وعنفية في بعض الاحيان قادت بدورها الى اختلالات وتشوهات في البناء السياسي والاجتماعي، ودخلت في تعارض، بل تناقض، مع اهداف البناء الاشتراكي ذاته. وقد خلق ذلك عجزاً بنيوياً على صعيد الحريات والديمقراطية والبناء الحقوقي والشرعي للدولة "الاشتراكية".
2. انطوت التجربة السوفيتية للانتقال الى الاشتراكية بخصائصها الفريدة الناجمة عن مستوى التطور الذي انطلقت منه والسياق التاريخي الذي جرت فيه، على طائفة من الاشكاليات والخصوصيات، التي تفرض محاكمتها ليس بإعتبارها نموذجا يحتذى بحذافيره بل باعتبارها، كما وصفها لينين "محاولة وحيدة الجانب تنطوي على العديد من الثغرات والتناقضات، ولكنها محاولة لا مناص من انطلاقها، ولا خيار امامها سوى متابعة شق طريقها عبر التناقضات حتى تتضافر مع محاولات اخرى لتبلغ الاشتراكية الكاملة وبالتعاون الثوري بين بروليتاريي جميع البلدان".
3. اتسمت جميع التجارب الاشتراكية التي اعتمدت "النموذج السوفيتي للاشتراكية" بضعف المكوِّن الديمقراطي بدرجات متفاوتة، وبتكريس هيمنة الحزب التي وفرت الأسس والمسوغات لتكريس هيمنة الفرد. وقد يرجع جذر هذه الظاهرة، في جانب منه، إلى أن التجربة التاريخية التي احاطت بانتصار وتوطيد الثورة في روسيا فرضت التأكيد على الجوانب القسرية، في شكل دكتاتورية البروليتاريا، لمواجهة القوى المعادية للثورة التي شنت حرباً أهلية لا رحمة فيه ضدها. وإذا كانت تلك الاجراءات مفهومة ومقبولة من قبل الجماهير الشعبية الواسعة في بداية الثورات التي قامت في هذه البلدان، فإنها لم تكن مفهومة ولا مقبولة بعد النجاحات التي أحرزتها هذه البلدان وساهمت في توطيد النظم الجديدة.
4. انعكس اعتماد التنظيرات الخاطئة وفرضها في برامج وتوجهات وقرارات أضعفت من دور الحزب وتأثيره في الحياة السياسية والاجتماعية. فقد تمّ في كل العهود دمج الحزب بالدولة وأضيفت إليهما، في أحايين كثيرة، أجهزة المخابرات والأمن. وأدى ذلك إلى تحوّل الحزب عن دوره الثوري ليصبح أعلى جهاز في مؤسسة السلطة.
5. أخضع الاقتصاد الاداري - الأوامري الممركز بإفراط، ونزعة القفز على التطور الطبيعي وحرق المراحل، العملية الاقتصادية لنظام تخطيط مفصّل وإلزامي يشمل جميع المفاصل الاستراتيجية للنشاط الاقتصادي، ولا تلعب فيه آلية السوق والأسعار سوى دور هامشيّ جداً. واتخذت الملكية العامة لوسائل الإنتاج، بصورة أساسيه شكل ملكية وإدارة الدولة التي تتحكم فيها البيروقراطية والصراعات بين شرائحها المختلفة، مفضية إلى قيام علاقة مشوهة أساسها الاغتراب بين العامل والمزارع والمستخدَم في التعاونية، وبين العملية الاقتصادية. ووفر حدوث انفصام بين المواطن والملكية أساساً لظهور تناقضات داخلية في النظام لم يجر الالتفات لها وتقصيها من قبل الاحزاب الحاكمة، الأمر الذي أدى إلى استفحالها وتفجرها لاحقاً. وجرت محاولات كثيرة في العقود التي تلت موت ستالين عام 1953 للحد من صرامة هذا "النموذج" ، ولكن مع ذلك ظلت الملامح الاساسية للنظام عصية على التغيير.
6. بالتلازم مع ظواهر المركزية المفرطة على صعيدي الاقتصاد وإدارة الدولة، وتماهي الحزب مع الدولة وضعف المكونات الديمقراطية للأخيرة، تفاقمت البيروقراطية وتنامت سيطرة الاجهزة الادارية القائمة على الفساد والإفساد المنظم.
7. إهمال وتجاهل دور العوامل غير الاقتصادية في حركة التطور في المجتمع وعلى هامشه، والتي اصطلح ماركس على تسميتها بالعوامل الروحية. وهي عوامل معقدة في شكل تجليها، وفي شكل ممارستها لدورها في الحياة العامة.
8. ضرورة البحث في أسباب انهيار النماذج المطبقة داخل أزمة النظم التي كانت عامة شاملة، وقد اشرنا الى ذلك في مكان آخر من هذا العمل. ويكمن أحد الأسباب الأساسية في فشل محاولات الإصلاح الاقتصادي والمؤسسي المتكررة أو في تأجيلها المستمر، بفعل مقاومة القوى المحافظة في الحزب والدولة والبيروقراطية، والصراعات التي كانت تدور بين مختلف شرائحها، مما أدى إلى تراكم، واستفحال، التناقضات الداخلية في ظل عدم وجود آليات وأطر لإدارتها وحلها.
9. أهمية وضرورة الربط بين النظرية والواقع وفهمهما في إطار العلاقة الجدلية، وأهمية النظرة الاستراتيجية عند إعادة بناء التجارب. وهذا يتطلب، بدوره، العودة الى المنهج الماركسي، للبحث الملموس في مشاكل الواقع الملموس من دون إغماض العين عن المشاكل القائمة بترداد الجمل العامة. فالمهم هو التطبيق الخلاق للنظرية والمنهج على واقع يتحرك باستمرار على وفق منطق ديناميكياته الداخلية التي لا تنتظر احدا.
10. ضرورة التمييز بين نقد التجربة بهدف استخلاص الدروس المناسبة وبين عدم اهمال المنجزات التي تحققت في هذه البلدان. فإذا كان التحليل النظري المنضبط يبتعد عن الهجاء فالحاجة ملحة الى تقييم متوازن يجمع بين الثغرات والتجاوزات التي ادت الى المال المأساوي للتجربة وبين ما حققته هذه التجربة من منجزات.
11. وبالطبع لا ينبغي تجاهل دور سباق التسلح وأثره في استنزاف القدرات المالية للاتحاد السوفييتي وباقي البلدان "الاشتراكية "، السابقة. وقدرت الأموال المخصصة لذلك السباق بحوالي ثلث ميزانية البلاد مما انعكس سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية. علاوة على ذلك، لم يقم الاتحاد السوفيتي، على عكس الولايات المتحدة الامريكية، سياسته مع البلدان النامية على النهب والهيمنة بل على الدعم والمساندة. فالمساعدات الأممية التي كان الاتحاد السوفيتي يقدمها إلى البلدان الاشتراكية الأخرى والبلدان النامية، كانت هي الأخرى تثقل كاهله وتزيد من أعبائه مما انعكس سلبا على حياة مواطنيه.
12. شدة الهجوم الأيديولوجي للرأسمالية، التي ركّزت تنظيراتها المختلفة وحملاتها الإعلامية على نواقص وثغرات التجربة، هذا اضافة الى ما تركته الحرب الباردة وعقيدة معاداة الشيوعية وما استخدمته من أدوات ووسائل لتخريب هذه التجارب من الداخل. إلا انه رغم ضخامة هذا الهجوم وتعدد أشكاله فإن من الطبيعي عدم اعطائه الدور المقرر في الانهيار لأن ذلك يعني التخلي عن الاطروحة الصحيحة التي ترى أن العوامل الداخلية هي المقررة، نهاية المطاف، في نشوء وتطور وانهيار، أي ظاهرة أو عملية. وطبيعي أنه لا يجوز، ايضا، عدم اعطاء العوامل الخارجية الاهمية التي تستحقها أو تقزيم دورها الفعلي عند تحليل هذه التجربة.
ان هناك ضرورة ترغم احزابنا على القيام بتجديد حقيقي، طبعا ليس على غرار المحاولة الغورباشوفية البائسة، بل من خلال مراجعة نقدية شاملة لأدوات التحليل، مناهج العمل والنظر، اساليب التنظيم والعمل. والمطلوب اذن:
- ضرورة عصرنة أحزابنا، اذا كانت تريد فعلا اكتساب مكانة فاعلة ونافذة الى الساحة السياسية.
- صياغة استراتيجية تحول حقيقية.

وفي المبحث الثامن تناول الباحث: طريقنا الى الاشتراكية... عبر الديمقراطية وجاء فيه:

في مؤتمره الوطني الرابع (1985) توقف الحزب الشيوعي العراقي طويلا عند تحليله طبيعة النظام الدكتاتوري وسياسته وازمته وبيّن كيف تحولت الفئة الحاكمة (قيادة الحزب الحاكم حينذاك وكوادره وموظفو الدولة الكبار) الى برجوازية كبيرة بيروقراطية وطفيلية.
اما المؤتمر الوطني الخامس (1993) فقد اشار الى ان السلطة " اقامت دكتاتورية من نمط فاشي يقف على راسها صدام حسين الذي يحكم البلاد بواسطة اجهزة الامن والاستخبارات التي يرأسها افراد عائلته، وطغمة محدودة من قيادة الحزب والدولة المدنيين والعسكريين"(5) .
في حين طور المؤتمر الوطني السادس هذه التشخيص عندما حدد طبيعة السلطة الدكتاتورية المقبورة ، كونها " دكتاتورية فردية استبدادية مطلقة، ذات طبيعة شوفينية، تعتمد أساليب فاشية وممارسات طائفية في الحكم، وتتسم بنزعة عدوانية توسعية إزاء الأشقاء والجيران"(6) .
من جهته، أشار المؤتمر الوطني السابع للحزب (آب2001) الى أن سياسات النظام " أتاحت لمجموعات متضائلة من منتسبي العائلة الحاكمة وحاشيتها وتجار الحصار والطفيليين الآخرين مواصلة تكديس الثروات الفاحشة، معمقة بذلك التفاوت والإستقطاب الإجتماعيين في البلاد، ومكرسةً هيمنة البرجوازية الطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع"(7). وفي معرض تحديده لجوهر الازمة العامة التي كانت تعيشها بلادنا أكد المؤتمر أنها تكمن في " إحتكار السلطة والإستبداد بها، وحرمان الشعب من حقوقه وحرياته الاساسية، وتردي أحواله المعيشية والحياتية، وإفتقاده الامن والإستقرار، وتشوه حياته الروحية وقيمه الإجتماعية والاخلاقية، وفي عزلة البلاد إقليميا ودوليا، وتراجع مجمل مسيرتها الإقتصادية- الاجتماعية والسياسية والحضارية. ومن الواضح أن النظام، بسبب من طابعه وعموم نهجه وتوجهاته، فاقم بإضطراد هذه الازمة، وتحول هو نفسه الى عقبة كأداء في طريق استرداد البلاد عافيتها واستئناف تطورها وتقدمها الطبيعيين"(8).
وفي حينه، حدد الحزب مضمون البديل الديمقراطي للنظام الشمولي والآليات الكفيلة بتحقيقه والتي تمثلت في:
إقامة حكومة ديمقراطية ائتلافية مؤقتة، اجراء انتخابات حرة نزيهة، تشكيل مجلس تأسيسي، إصدار دستور دائم، ضمان الحقوق والحريات، الإقرار بالتداول السلمي للسلطة ونبذ العنف، الإقرار بالحقوق القومية للشعب الكردي والقوميات الأخرى، احترام التنوع الديني والطائفي والمذهبي وإشاعة روح التسامح، معالجة مخلفات الدكتاتورية، ضمان حقوق المرأة، تلبية حاجات ومتطلبات المجتمع العراقي من خلال احترام حقوق الإنسان والمواثيق المتعلقة بهذا الشأن، اعتماد سياسة خارجية تقوم على الاحترام المتبادل للالتزامات في ميدان العلاقات بين الدول.
في حينه، ابرز الحزب قضية وحدة القوى السياسية التي كانت تناضل ضد النظام الدكتاتوري ودورها في إقامة البديل المنشود. وجدّد في هذا السياق مشروعه الوطني الديمقراطي الذي أقره المؤتمر الوطني السادس (تموز 1997) والذي حدّد المهام الآنية والمرحلية التي تواجه شعبنا وقواه الوطنية. وكان قد تم تدقيق هذا المشروع في الكونفرنس الحزبي الخامس (1999) الذي أصدر نداء بهذا الخصوص أكد فيه اهمية المشروع المذكور، كما سعى الى ترجمة سياسة الحزب عبر مواقف ونشاطات ملموسة، مع إدراك الصعوبات والكوابح التي كانت تعرقل إمكانية تحقيق ذلك البديل، سواء الموضوعية منها أو الذاتية، الداخلية أو الخارجية.
كذلك شدّد المؤتمر الوطني السابع (2001) على المضامين السابقة، وأشار الى أن النداء الذي صدر عن الكونفرنس الخامس "لم يلق، رغم مرونته، الاستجابة الضرورية للتحرك". وفي أوائل 2002 طرح الحزب على مجموعة من قوى المعارضة مشروع "خيارنا الوطني المستقل". وبحسب المشروع المذكور فإن هذا الخيار يستند الى "ارادة شعبنا، وحقه في تقرير مصيره بنفسه، وفي استعادة سيادته الوطنية، والدفاع عن مصالحه، وتأمين تحرره من الارتهان للنظام الدكتاتوري والعامل الدولي، والانطلاق مجددا على طريق الاعمار والبناء، والنهوض بدوره الايجابي على الصعد العربية والاقليمية والدولية، وذلك عبرالخلاص من النظام الدكتاتوري، واقامة البديل الوطني الديمقراطي، الذي يحترم المواثيق والمعاهدات والالتزامات الدولية ".
وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 اعاد الحزب التاكيد على اهمية البديل الوطني – الديمقراطي في الظروف الجديدة.
ان تحليل وثائق الحزب المختلفة يتيح بلورة العناصر الاساسية التي يرتكز عليها المشروع/البرنامج الوطني الديمقراطي(9):
أ. إن جوهر المشروع سياسيا هو الديمقراطية السياسية. فهناك تأكيد على ان هذه الإشكالية تمثل مكونا عضويا اساسيا فيه ويجد ذلك انعكاسه ، في مفاهيم وصياغات عديدة من قبيل : النظام البرلماني التداولي، التداول السلمي للسلطة، نبذ العنف،اللجوء الى الطرق الديمقراطية السلمية في معالجة الخلافات والمشاكل التي تنشأ بين القوى السياسية، دولة القانون، التعددية الحزبية والديمقراطية المستندة الى دستور دائم تشرعه جمعية تأسيسية، فصل السلطات ...الخ.
ب. على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي يكمن جوهر المشروع في تطوير القوى المنتجة من خلال الربط بين مكونات اساسية مهمة هي التنمية – النفط – الديمقراطية، وهو ما يتطلب بعث الحياة في الاقتصاد الوطني والتغلب على ازمته البنيوية العميقة واعادة بنائه وفقا للأولويات التي تعني برفع معاناة الشعب وتحسين مستواه المعيشي. يضاف الى ذلك دمج القطاع النفطي واخضاعه لمتطلبات التنمية ،من خلال اعتماد سياسة نفطية عقلانية تقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد الوطني على عوائد النفط كمصدر لتمويل الميزانية، وتكريسه بنسب متزايدة للاستثمار وتمويل عملية إعادة تأهيل وتطوير الهياكل، مع ضمان رقابة مجتمعية - ديمقراطية على الموارد النفطية وتوجيهها وفق الأولويات الاجتماعية.
ج. يتجلى جوهر المشروع دوليا في التعامل المنفتح مع العوامل الاقليمية والدولية وفهم تناقضاتها الملموسة وتأثيراتها على الوضع في بلادنا ومساراته الفعلية. ويجري التشديد هنا على إقامة علاقات ايجابية مع الدول العربية ودول الجوار تقوم على المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة واستقلال كل بلد وخياراته الحرة في تحديد مستقبله السياسي، والسعي الحثيث لاقامة التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية وتأسيس السوق العربية المشتركة. هذا اضافة الى الدعوة لإقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم على اساس التكافؤ والمصالح المتبادلة واحترام الحقوق والمواثيق الدولية.
وأظهرت وقائع الفترة التي تلت انهيار النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 الحاجة الملحة الى وضع تلك التوجهات موضع التطبيق، خصوصا بعد اجتياح القوات الاجنبية لبلادنا والاطاحة بالنظام الدكتاتوري عبر خيار الحرب والاحتلال.
من جانب آخر ينظر الحزب إلى عملية التغيير الإجتماعي باعتبارها عملية تنمية اجتماعية وسياسية متناسقة ومعبرة عن حاجات ومتطلبات موضوعية، وهي فعل إنساني منظم يهدف الى تجاوز الواقع المأزوم والمتخلف. وترتكز هذه العملية أساساً على النشاط في أوساط الجماهير ومع القوى السياسية في العديد من الميادين، من أجل تحريك مختلف العمليات انطلاقاً مما هو مشترك واعتماداً على الوعي الجماعي والنضج والتنظيم الإجتماعي والممارسة اليومية بشكل عام. ويحتاج التغيير إلى قوى معبرة عن تطلعات المجتمع، قوية ومنظمة، قادرة على المبادرة وترجمة القيم والأفكار في الواقع العملي بغية تعديل الظروف القائمة. كذلك يتطلب التغيير بلورة استراتيجية ناجحة وفعالة تحدد الأهداف وتعبئ القوى وتبني الوعي وتشحذ الإرادة، عبر سياسات تغيير تعبر عن حجم وطبيعة القوى والفئات ذات المصلحة فيه، وبلورة الصيغ التنظيمية المساعدة على التعبئة، ورسم الأهداف المرحلية للحركة لإحداث تغير تدريجي في ميزان القوى يسمح بالانتقال إلى مرحلة جديدة، تمهد لتحقيق مشروع التحويل الديمقراطي للمجتمع. ويرتبط تحقيق هذا المشروع، الذي يعني دمقرطة المجتمع والدولة، ببناء الوعي الديمقراطي وتطوير مؤسسات المجتمع المدني معا .
إن مستقبل التغيير يتوقف على النجاح في بلورة وعي جديد مختلف في تصوره للغايات الاجتماعية والقيم الأساسية والأولويات التاريخية.

وجاء في المبحث التاسع: نضالنا في اتجاه البديل الديمقراطي لا يعني التراجع عن الخيار الاشتراكي ان :

الحزب الشيوعي العراقي، ومن دون اهمال للديمقراطية السياسية، يسعى إلى ديمقراطية تضمن العدالة الإجتماعية القائمة على تامين الحقوق الإقتصادية والإجتماعية لجماهير الكادحين، والتي توفر الأرضية المناسبة لخياره البعيد المدى - الإشتراكي. ومن هنا بلور المؤتمر الوطني العاشر (كانون الاول 2016) شعاره العتيد(10):

"التغيير.. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية "

ويرى الحزب أن تركيز نضاله الراهن في اتجاه البديل الديمقراطي لا يعني التراجع عن الخيار البعيد المدى، وإنما هو استجابة لمتطلبات الواقع الراهن ولموازين القوى الاجتماعية والسياسية، وهو ينسجم مع طبيعة الخيار الاشتراكي الذي يسعى لتحقيقه في الأمد الأبعد.
وارتباطا بالحقائق الجديدة التي نشأت على الارض بعد 9/4/2003، وفي مقدمتها شرعنة الاحتلال بموجب القرار 1483، والتغيرات التي حدثت في ميزان القوى، اصبحت تواجه العراقيين مهمة مزدوجة تجمع بين الوطني والديمقراطي، ونعني بها مهمة انهاء الاحتلال واستعادة السيادة والاستقلال من جهة، ومكافحة الارهاب والقوى التكفيرية وتدشين العملية الديمقراطية وإعادة بناء الدولة والاقتصاد الوطني، وصولا الى بناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد من جهة اخرى.
واستنادا الى قراءة لطبيعة التناقضات الناظمة لهذه المرحلة وضرورة ترتيبها ترتيبا صحيحا، توصل الحزب الشيوعي العراقي الى انه ليس هناك من انفصال بين المهمات الوطنية ممثلة باستكمال عمليات استعادة السيادة والاستقلال الناجز وانهاء الاحتلال من جهة، وعملية البناء الاجتماعي الديمقراطي الداخلي من جهة أخرى ، بل على العكس يجب النظر الى طرفي هذه المهمة نظرة جدلية، في وحدتهما وتاثيرهما المتبادل. ومن هنا تصبح عملية التوازن بين هذين البعدين في الصراع ذات أهمية قصوى.
وارتباطا بهذه الرؤية، فإن تنامي القدرة على خوض النضال الى نهايته المنطقية لتحقيق الأهداف الوطنية، متمثلة بانهاء التواجد الاجنبي واستعادة السيادة والاستقلال التامين، ترتبط – هذه القدرة - بمدى التقدم على صعيد البناء المجتمعي ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وتعزيز القيم والممارسات الديمقراطية في العلاقات بين مختلف القوى المنخرطة في العملية السياسية بآفاقها المفتوحة، وبما يساعد ايضا في اعادة بناء الدولة العراقية الجديدة لتكون دولة ديمقراطية عصرية وبديلا حقيقيا لدولة الطوائف المتحاصصة.
ومن هنا اهمية تبلور المشروع الوطني الديمقراطي الذي يُعد بديلا حقيقياً لنظام المحاصصات الطائقية/الاثنية وأية مشاريع اخرى. فقد ادى تفاقم ازمة هذا النظام الى خلق الشروط لتحاور الاقطاب الطائفيين بلغة البنادق عند "الضرورة" والتمترس وراء الطوائف لتساهم في التاسيس للحرب الأهلية بتجليها الطائفي. فالخلل قائم، إذن، في بنية نظام المحاصصة الطائفية/الاثنية وفي القوى التي استفادت منه مما يخلق الشروط لتدهور الامور ويساعد على تعميق الازمة البنيوية بدلا من حلها.
خلاصة القول، ان مستقبل التغيير في بلادنا يتوقف على النجاح في بلورة وعي جديد مختلف في تصوره للغايات الاجتماعية والقيم الأساسية والاولويات التاريخية.
كما أن مستقبل التحويل الديمقراطي لمجتمعنا يقترن بنشاط القوى الديمقراطية والمدنية والوطنية القادرة على إنتاج وترسيخ وعي جديد وثقافة سياسية ديمقراطية بما يمكن من تجاوز الثقافة الشمولية والممارسات الشمولية من مختلف الاصناف والانواع.
ان المشروع الوطني – الديمقراطي، ان تم بناء التحالفات الضرورية لوضعه موضع التطبيق الفعلي، سيؤدي الى تحقيق هذه التوجهات. ولكن هذا كله سيظل مرتهنا بمدى القدرة على تحويل اهداف هذه المشروع الى برامج عمل تفصيلية، فالافكار - بحسب التعبير الاثير لماركس- تتحول الى قوة مادية عندما تتبناها الجماهير وتدافع عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني الخامس – مؤتمر الديمقراطية والتجديد (12- 25 تشرين الأول 1993)، ص 58.
2- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني السادس (26- 29 تموز 1997)، منشورات "طريق الشعب"، آيار 1998.
3- الوثيقة الفكرية "خيارنا الاشتراكي: دروس من بعض التجارب الاشتراكية" (في:) الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني الثامن (بغداد: 10-13 ايار 2007)، منشورات "طريق الشعب"، آيار 2007، ص 159 ولاحقا.
4- من التفاصيل قارن: "خيارنا الاشتراكي...."، المصدر السابق، ص 175- 178.
5- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني الخامس (12-25 تشرين أول 1993)، مصدر سبق ذكره، ص 32 .
6- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني السادس (26-29 تموز 1997)، مصدر سبق ذكره، ص 12.
7- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني السابع (25-28 اب 2001)، مصدر سبق ذكره، ص 25.
8- الحزب الشيوعي العراقي، وثائق المؤتمر الوطني السابع....، مصدر سابق، ص 41.
9- الوثيقة الفكرية "خيارنا الاشتراكي: دروس من بعض التجارب الاشتراكية"... مصدر سابق، ص 190 ولاحقا .
10- لمزيد من التفاصيل انظر: الحزب الشيوعي العراقي، المؤتمر الوطني العاشر ( بغداد 1-3 كانون الاول 2016) ، دار الرواد المزدهرة (بدون تاريخ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
الدراسة كاملة منشورة على موقع الحزب الشيوعي العراقي
www.iraqicp.com
*********
ص6
"سعودية بلا نفط" .. أية سيناريوهات؟ *
عريب الرنتاوي
أسئلة من نوع: "ماذا سيحدث للسعودية عندما يتوقف النفط؟"، "ما الذي ستفعله المملكة عندما تستيقظ على نفاذ نفطها؟"..."السعودية بلا نفط؟" وكثير غيرها، كانت محور نقاشات وتحليلات على الشاشات الفضية وفي العديد من الصحف والمواقع العربية والدولية خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة... وهي على تنوعها، واختلاف الزوايا التي تصدر عنها، أو تنظر إليها، إلا أنها تلتقي جميعها عند سؤال جوهري واحد: "ما الأثر الذي سيتركه نفاذ النفط أو فقدانه لقيمته على السعودية، داخليا وخارجيا؟".
هذه الموجة من الأسئلة والتساؤلات، وإن كانت ارتفعت على وقع انهيار أسعار النفط مؤخرا... إلا أنها سابقة لجائحة كورونا و"حرب الأسعار" بين موسكو والرياض، وإرهاصات ركود اقتصادي عالمي جديد، يقارن بالركود الكبير قبل 90 عاما، وليس بركود العقد الفائت...
فاحتياطات المملكة من العملات الأجنبية تراجعت من 732 مليار دولار عندما تولى الملك سلمان ونجله مقاليد الحكم في العام 2015 إلى 499 مليار دولار نهاية العام الفائت (البعض يطرح الرقم 464 مليار هذا العام)، أي أن هذه الاحتياطيات كانت تنفذ بمعدل يقارب 60 مليار دولار سنويا، قبل أن اندلاع حرب الأسعار وشيوع الجائحة، وغالبا لأسباب تتعلق بحروب المملكة وصراعاتها وبرامج التسلح الفلكية التي اعتمدتها، وستشهد هذه الاحتياطات هبوطا هو الأسرع منذ عشرين عاما (27 مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام)، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ العام 2011، وستعمد المملكة إلى سحب 32 مليار دولار إضافية من احتياطيها، واستدانة ما يقرب من 60 مليار دولار إضافية لتغطية عجز موازنتها (2020)، بعد أن خسرت ما بين 8-10 مليار دولار من عوائد مواسم الحج والعمرة المُعطلة هذا العام.

المواطن، دافع الضريبة، سيكون له الحق في المطالبة بالتمثيل والمشاركة في صنع السياسة والقرار

أما صندوق الثروة السيادية السعودية (320 مليار دولار) فيقل قليلا عن نظيره في دولة قطر الصغيرة، وهو أقل بكثير من الصندوق السيادي الكويتي، ويكاد يعادل ثلث المحفظة الإماراتية... الشيء ذاته يقال عن الدين العام للمملكة المتوقع أن يرتفع إلى ما نسبته 20 بالمئة هذا العام، وربما إلى 27 بالمئة السنة المقبلة، و50 بالمئة في السنة التي تليها وفقا لتقديرات خبراء ومؤسسات مالية عالمية... تزامنا مع تراجع في معدلات دخل الفرد، والتي سبق لها أن شهدت هبوطا عن مستواها في العام 2012.

ماذا تعني هذه الأرقام؟

هي أولا، أرقام متحركة باستمرار، كون المصدر الرئيس للدخل والثروة في المملكة، يتأتى من إيرادات النفط والغاز، وهما سلعتان لم تفقدا قيمتهما الاستراتيجية بعد، وإن كان النفط على نحو خاص، معرضا لموجات اهتزاز متعاقبة، ستجعل من الصعب على المملكة الوصول إلى "سعر التعادل" والمقدر بحوالي 84 دولار للبرميل الواحد.. ومرد ذلك عائد لأسباب عديدة، منها دخول دول عديدة على نادي منتجي النفط ومصدريه، تطور صناعة النفط الصخري، والارتفاع المتزايد لمساهمة الطاقة المتجددة في سوق الطاقة العالمي..
وإذا كان صندوق النقد الدولي قد اقترح العام 2034 كنقطة تحول من الكفاية إلى العجز بالنسبة للدول الخليجية، فإن "حرب الأسعار" والزيادة الهائلة في المعروض والمخزون من النفط، وجائحة كورونا والركود الاقتصادي العالمي الذي بدأ يطل برأسه على الاقتصادات العالمية، ستجعل نبوءة الصندوق متفائلة للغاية.
لسنا نبالغ إن قلنا إن العقد الثالث من القرن الجاري، ربما يكون العقد الأخير للنفط كسلعة استراتيجية حاكمة للأسواق والاقتصادات العالمية.. ليس لنضوب آبار النفط، بل لتراجع الحاجة إليه، وزيادة المعروض منه بصورة كفيلة بـ "حرق" أسعاره.. ومثلما انتهى العصر الحجري والكرة الأرضية مليئة بالحجارة، فقد ينتهي العصر النفطي وآبار النفط تزخر بـ"الذهب الأسود".

أية تداعيات داخلية وخارجية؟

على الرغم من أن دعوات "تنويع مصادر الدخل" في المملكة والخليج عموما، تعود لأكثر من خمسين عاما خلت، إلا أن جهدا حقيقيا لم يبذل من أجل تحقيق هذه الغاية، لا سيما حين كانت تتوفر لحكومات هذه الدول، موارد مالية هائلة، في أزمنة الصعود الفلكي للأسعار...
ومع مجيء ولي العهد السعودي للسلطة، عاودت قضية "التنويع" لتحتل صدارة الخطاب السعودي، وتحديدا بعد الكشف عن خطة 2030، لكن الخبراء والمراقبين، يعتقدون أن النجاح لم يحالف محمد بن سلمان لتنفيذ رؤيته، وأن الإدارة السياسية والاقتصادية التي اعتمدها، إلى جانب "سوء الطالع"، تضع الرؤية و"درة تاجها" مشروع "نيوم"، في مهب الريح.
فالمملكة تحت قيادة الأمير الشاب، تخوض حروبا مكلفة على أكثر من جبهة، أهمها الصراع مع إيران والحرب في اليمن، فضلا عن الصراعات الاقتصادية والسياسية مع أطراف أخرى (قطر وتركيا على سبيل المثال) وحروب الوكالة في أكثر من ساحة (العراق، سوريا، لبنان، ليبيا).. هذا الاشتباك متعدد الجبهات، وضع المملكة في أمس الحاجة لزيادة إنفاقها العسكري والدفاعي، وسحب مئات المليارات من الدولات لتغطية أثمان السلاح المتطور، ودفع تكاليف الانتشار العسكري الأميركي والغربي على الأراضي السعودية.
هذه الكلف الباهظة للسياسة الخارجية، وما تسببه من "عدم الاستقرار" أفضت إلى عزوف الاستثمارات والمستثمرين... وهي ظاهرة مرشحة للاستمرار والتفاقم، في ظل سياسات داخلية تتسم بالقمع والقبضة الحديدية ضد الخصوم والمنافسين، من داخل العائلة ومن المؤسسة الدينية وقطاع الأعمال ونشطاء المجتمع المدني والحركة النسوية، وبالذات بعد جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وإرغامه على الاستقالة.. كل ذلك أسهم ويسهم في وضع المزيد من العراقيل أمام خطط "تنويع" الاقتصاد، وألقى بأعباء مالية واقتصادية على المملكة، ربما تكون غير مسبوقة، منذ مطلع سبعينيات القرن الفائت.
تُبقي هذه الظروف المملكة أمام خيارات جميعها صعبة: تأجيل أو إلغاء العديد من المشاريع الرأسمالية العملاقة، بما فيها مشروع "نيوم"، لا سيما بعد الهبوط القياسي لأسهم "أرامكو".. الإقدام على تخفيض الإنفاق على الرعاية والخدمات.. فرض مزيد من الضرائب والرسوم على المواطنين والمقيمين.. التوسع في الاستدانة من مصادر داخلية وخارجية.
يعني ذلك، من ضمن ما يعني، أن عصر "دولة الريع والرفاه" في طريقه إلى نهايته، مؤذنا بنهاية "نظام البيعة" واحتكار السلطة المطلقة في الأسرة الحاكمة، أو حلقة ضيقة منها كما اتضح مؤخر...
يعني ذلك أن عصر "الرعية" قد انتهى ليحل محله عصر "المواطنة"، وأن مفهوم "المكرمات" سيخلي مكانه لصالح مفاهيم "الحقوق" و"الحريات"..
يعني ذلك أن المواطن، دافع الضريبة، سيكون له الحق في المطالبة بالتمثيل والمشاركة في صنع السياسة والقرار "No taxation without representation"... النظام السياسي في المملكة سيجد نفسه أمام مفترق لم يعرفه في تاريخه.
يعني ذلك أيضا، أن "الأسرة الحاكمة" لن تستطيع مواصلة الحكم بالأنماط والأدوات القديمة، وأن "ديناميات جديدة" ستنشأ وستفعل فعلها، وستثير معها أسئلة "الهوية" و"الحقوق الفردية والجماعية" لمكونات المجتمع السعودي...
ففي التجربة التاريخية، تبقى الأمم والشعوب، وتزول "السلالات" و"العائلات" الحاكمة، حتى وإن قضت على رأس السلطة عقودا وقرونا من الزمان... الشعب العربي في الجزيرة، قَبِلَ التَسمّي باسم العائلة وإضفائه على "هويته الوطنية"، ودائما بقوة "السيف" و"الثروة"، فهل يستمر هذا الوضع كما هو عليه في مرحلة "ما بعد النفط"، لا سيما وأن هذا المجتمع مكوّن من هويات مركبة، وقائم على التعددية الدينية والثقافية والاجتماعية؟
"سعودية بلا نفط"، تعني تراجعا حادا في مستوى اهتمام العالم بأمنها وسلامتها واستقرارها.. فالجيوش التي طالما هرعت لحمايتها من التهديدات الداخلية والخارجية، فعلت ذلك حرصا على النفط إنتاجا وتصديرا وطرق إمداد، وليس كُرمى لعيون أحد على الإطلاق..
وضع كهذا، سيفتح من جديد، ملفات خلافية بين الشقيقة الكبرى وشقيقاتها في الجزيرة، من العراق شمالا إلى اليمن جنوبا، مرورا بدول مجلس التعاون الأخرى، وسيضع المملكة في مكانة استراتيجية أدنى، في صراعاتها وحروبها الإقليمية، ليس في مواجهة إيران وتركيا فحسب، وإنما على مستوى العالم العربي كذلك، بعد أن تكون فقدت أهم "سلاح" بيدها.

هل من بدائل للسيناريو الأسوأ؟

الجواب نعم، بيد أنه يتطلب قدرا هائلا من العقلانية والتجرد والرشاد، إن لجهة إدارة المال والاقتصاد والسياسة الداخلية وتسريع عملية "تنويع" مصادر الدخل والثروة... أو لجهة فتح النظام السياسي للمشاركة وإشاعة الحريات والاعتراف بالحقوق وتعظيم مبادئ المواطنة وسيادة القانون، والانتقال من دولة "الريع" إلى دولة "الإنتاج"، إلى غير ما هنالك من أفكار لا تتسع لها هذه المقالة.
الجواب نعم، شريطة أن تعمد المملكة إلى حل نزاعاتها وصراعاتها مع جوارها العربي والإقليمي، بالطرق السلمية والتفاوضية، الآن وهي في موقع أفضل، قبل أن ترغم على فعل ذلك، بشروط أسوأ... ولعل تجربة "حرب السنوات الخمس" في اليمن، ما يكفي من العبر والدروس، لما ينبغي أن تكون عليه السياسة الخارجية للمملكة.
هل تفعلها المملكة؟ الجواب كما يقول بعض الأصدقاء السعوديين في جعبة ولي عهدها، لأنه سيمكث على كرسي العرش لخمسين سنة قادمة، إن كتب الله له عمرا مديدا... فإن كانت هذه رهاناتهم ورهاناته، فاقرأ على المملكة السلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*"الحرة" 3 أيار 2020
***********
الانقلابات الفاشلة تتوالى
الولايات المتحدة تعيد تجربة
"خليج الخنازير" في فنزويلا
رشيد غويلب
منذ عام 2014 تتوالى محاولات الانقلاب الامريكية الفاشلة للاطاحة بحكومة اليسار المنتخبة ديمقراطيا بزعامة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورا. وفي مساء الثالث من ايار الحالي قاد مرتزقة انطلقوا من اراضي كولومبيا المجاورة في غزو جديد لاراضي فنزويلا للإطاحة بالرئيس مادورو. وكان غرين بيرتس احد ضباط النخبة السابقين في الولايات المتحدة، وشريكه جوردان غوردو رئيس شركة سلفركوب الامنية الأمريكية قد أعطيا في وقت متأخر من ليلة الاحد الضوء الاخضر ، معلنين عبر تسجيل مصور ان "عملية غدون" لتحرير" فنزويلا قد بدأت وقال جوردان غودرو، الذي كان يرافقه الضابط الفنزويلي السابق خافيير نييتو كوينتيرو: "وحداتنا تقاتل وتنتشر في جنوب وغرب وشرق فنزويلا".
وبعد وقت قصير، اعلنت الحكومة الفنزويلية عن اعتقال امريكيين وفنزويليين ، ونشر 25 الف جندي للعثور على "المرتزقة، والمليشيا، والتهديدات الاخرى" وانهائها. وكان الصيادون قد ألقوا القبض على بعض المرتزقة الذين حاولوا دخول البلاد من كولومبيا بواسطة القوارب وربطهم بالحبال وشباك الصيد.
وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إن قوات الأمن كانت على علم ببدء العمليات منذ مساء الجمعة و"قامت بكل ما يلزم لحماية السواحل الفنزويلية". وأوضح مادورو في خطاب متلفز ان " الولايات المتحدة الامريكية قررت تنظيم هجوم ارهابي من الاراضي الكولومبية، مستغلة انتشار الوباء، لتنفيذ ضربة ارهابية، لنشر العنف في البلاد، وخلق المبرر لتدخل عسكري واسع".
وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد اعلن في الأول من نيسان الفائت، أنه سيتم نشر "المزيد من المدمرات والسفن الحربية والطائرات والمروحيات وسفن خفر السواحل وطائرات المراقبة" في البحر الكاريبي. ويرتبط توسع الوجود العسكري قبالة سواحل فنزويلا بمحاولات الولايات المتحدة اسقاط الحكومة في فنزويلا .
وفي يوم الاثنين، ورغم اعتراف غودرو لمحطة بلومبرغ الإخبارية ان: " المهمة في كاراكاس قد فشلت"، الا انه ذكر ان الهدف كان القبض على ما دورا. واشار الى وجود مجاميع لا تزال نشطة، وتعمل على تجنيد المزيد من الناس للمقاومة. ومن المحتمل أن يكون هؤلاء هم من اغتالوا احد الرهبان في احدى المناطق الريفية. وفي الوقت نفسه حمل رئيس البرلمان الانقلابي خوان غوايدو مسؤولية فشل المحاولة، لان المعلومات التي وفرها بشأن اعداد المشاركين لم تكن دقيقة، فضلا عن وجود نقص في المعدات، وان مرتزقته ما كان بامكانهم الانتظار، وعرض غودرو في المقابلة الوثائق التي وقعها خوان غوايدو.
واعلن ديوسدادو كابيلو رئيس الجمعية التأسيسية الفنزويلية على تويتر إن ما مجموعه عشر مرتزقة اعتقلو الاثنين 4 ايار، بعد محاولتي انزال فاشلتين، ودعا كابيلو اعضاء الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم، وانصار التحالف الحاكم الى اليقضة ومراقبة السواحل. واعتقلت القوات المسلحة الفنزويلية في اليومين التاليين عددا من المجموعات المسلحة، بينهم اثنان من قوات النخبة الأمريكية قاتلا في العراق وافغانستان.
وعرض الرئيس مادورو عبر شاشات التلفزيون أسلحة ثقيلة ومعدات حربية أخرى، ووثائق مصادرة كشفت، بين أمور أخرى ، هوية الأمريكيين ، لوك ألكسندر دينمان وآرون باري. وقال مادورو إن الرجلين، الذين تتراوح أعمارهم بين 34 و41 عاما، كانا من بين أفراد أمن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالاضافة الى ذلك اثبتت الوثائق المعروضة أن شركة سلفركوب الامريكية قد تلقت تكليفا من خوان غوايدو، الذي عين نفسه رئيسا مؤقتا قبل سنوات، بتنفيذ انقلاب في البلاد، مقابل 202 مليون دولار. وكانت الحكومة الأمريكية قد قررت منح غوايدو اموال شركة النفط الوطنية الفنزويلية المجمدة بفعل العقوبات الامريكية غير الشرعية.
ومن المؤكد أن محاولة الانقلاب في فنزويلا ليست ، كما تدعي المعارضة بزعامة خوان غوايدو ، مناورة وكذبة ابتدعها الرئيس نيكولاس مادورو، فاعترافات المنظمين للاعلام، والأدلة الثبونية التي عرضت تدحض محاولة الجناح المتطرف في المعارضة التنصل من المشاركة في الانقلاب الجديد الفاشل.
بالاضافة الى ان اسماء الفنزويلين المعتقلين تجعل الامر اكثر وضوحا: ضباط الجيش السابقين أنطونيو سيكو وسيزار بيريز سيكويا وجيسوس راموس وأدولفو بادويل - نجل وزير الدفاع السابق راؤول بادويل، الذي يقبع في السجن بتهمة التآمر. وخلال احداث اليوم الأول قُتل ضابط الشرطة العسكرية السابق روبرت كولينا، احد المشتركين في المحاولة الانقلابية.
وكانت الحكومة الفنزويلية قد اتهمت في اذار الفائت كولينا بالتخطيط للإطاحة بالحكومة وبمشاركة اللواء المتمرد كليفر ألكالا من كولومبيا. وكان احد المعتقلين سيكويا قد تورط في التمرد الفاشل ضد الرئيس مادورو في 30 نيسان 2019 ، حيث تم تهريب المعارض اليميني المتطرف ليوبولدو لوبيز، الذي كان تحت الإقامة الجبرية. ولجأ لوبيز إلى السفارة الإسبانية في كاراكاس.
و بدأ المدعي العام الفنزويلي طارق وليام صعب، في اذار الفائت، تحقيقاً مع النائب وزعيم المعارضة خوان غوايدو "لمحاولته تنظيم انقلابات ضد الرئيس مادورو". وكانت السلطات المحلية قد صادرت في وقت سابق 26 بندقية هجومية وكذلك أجهزة للرؤية الليلية وكاتم صوت. وقد اعترف كليفر ألكالا علناً بخطط الهجوم ، مشيراً إلى تورط غوايدو ، الذي انكر بدوره التهم الموجهة له. وفي هذه الاثناء يمثل كالا امام الشرطة الأمريكية بعد ان سلم نفسه، على اثر رصد الحكومة الأمريكية 10 مليون دولار لمن يقبض عليه بتهم عمليات تهريب مخدرات كبيرة.
ويمكن تشبيه المحاولة الانقلابية الفاشلة لقوى الثورة المضادة القنزويلية والمدعومة امريكيا، بالانزال الذي نظمته قوى الثورة المضادة الكوبية في خليج الخنازير في ايام 15 – 19 نيسان 1961 لاسقاط الحكومة الثورية في كوبا بقيادة فيدل كاسترو وتشي غيفارا.
وقال السفير الأمريكي السابق روغر نورييغا "انها فقدان مصداقية كاملة لغوايدو ولوزارة الخارجية الأمريكية التي تطبق هذه السياسة".
***************
في عام الذكرى الـ 75 لاندحار الفاشية
الأول من ايار 1945: الانتصار المنتظر
بقلم: نينا هاغر *
ترجمة طريق الشعب
في الثلاثين من نيسان 1945 راية النصر الحمراء ترفرف على الرايشستاغ في برلين. وفي موسكو كانت الأمال معقودة على ان يكون الاول من ايار، يوم نضال الطبقة العاملة، والتضامن الأممي، واليوم الذي اعتبر منذ 1918عطلة رسمية في روسيا السوفيتية، يوم تحرير برلين. لكن القتال في شوارع المدنية كان مستمرا. والقوات الالمانية كانت ما تزال موجودة بين فسمار وهامبورك، وفي ولاية شليسفيغ هولشتاين ، وفي أجزاء من ساكسونيا وبافاريا ، وفي مناطق من لتوانيا. ولم تكن براغ محررة بعد، وكذلك المناطق النمساوية الواقعة شمال وجنوب نهر الدانوب. ولكن هزيمة المانيا الفاشية كان لا يمكن تجنبها.
وعلى الرغم من استمرار القتال في الأول من ايار في برلين ، إلا أن العرض المخطط لحامية موسكو وطلاب الكلية العسكرية أقيم في الساحة الحمراء. ولا يُعرف اليوم الكثير عن هذا الاحتفال، على عكس موكب النصر الذي جرى في 24 حزيران 1945. في الأول من ايار كان الجو في موسكو استثنائيا، كان يوم مشمسًا ودافئًا. وكان الغناء يسمع في كل مكان ، وكانت عشرات الآلاف من السكان في الشوارع يحتفلون مع القوات المسلحة - تمامًا مثل يوم النصر في 9 ايار (حسب توقيت موسكو، 8 ايار حسب توقيت وسط اوربا - المترجم). وقال احد المشاركين في المسيرة: "لم اعش سعادة بهذا القدر، لا قبل ولا بعد . لقد انتظرنا جميعًا هذا اليوم وأتى". وفي الساحة الحمراء ، حيا الجيش وأعضاء الحكومة وقيادة الحزب الشيوعي السوفياتي القوات المستعرضة. وشهدت مدن اخرى في الاتحاد السوفيتي احتفالات مماثلة.
في هذا اليوم ، التقى الألمان المناهضون للفاشية ، الذين تم تحريرهم للتو من السجون ومعسكرات الاعتقال النازية ، للاحتفال لأول مرة بعد اثني عشر عامًا من حكم الدكتاتورية الفاشية. وفي منطقة باغو الريفية التابعة الى مدينة بوتسدام تجمع في اكبر بيوتها (المضيف في الريف العراقي – المترجم) قرابة 100 معتقل محرر ليمضوا ليلتهم محتفلين. و كما افاد المؤرخ غنتر بنسر، تحدث في تلك اللية الشيوعي مارتن شمت والديمقراطي الاجتماعي اوتو بوخفتز ، مستذكرين ضحايا الفاشية، وتعهدوا بتحقيق وحدة الطبقة العاملة. وفي قبو في حي ليشتنبرغ في برلين ، احتفل الألمان المناهضون للفاشية والجنود السوفييت بعيد العمال. وتم الاحتفال أيضًا في معسكرات الاعتقال المحررة داخاو وبوخنفالد، وبالضد من رغبة القوات الأمريكية المتواجدة هناك. وكتب بسنر: " لم يسمح المتظاهرون باضطهادهم في منطقة نورهاوسن، في احتفالية جمعت المعتقلين المحررين من معتقل دورو وسكان المدينة من المعادين للفاشية". وفي مناطق اخرى مثل ايرفورت استطاع المناهضون للفاشية تنظيم احتفال سري. وربما شهدت مناطق محررة من المانيا احتفالات مماثلة.
واحتفل في الأول من ايار 1945 في العديد من بلدان العالم. وهنا في اوربا ايضا، ضمن بلدان اخرى، في بريطانيا العظمى، في سويسرا، وفي المدن المحررة من يوغسلافيا، في السويد، هنغاريا،، النمسا، وفي فرنسا. وفي السويد في تلك الأيام كان عمال المعادن والصهر يضربون عن العمل من اجل حقوقهم. وفي بودابست طالب المتظاهرون، بين امور اخرى، باصلاح ديمقراطي للاراضي. وفي فيينا ، التي حررتها القوات السوفيتية في 13 نيسان ، نظمت مسيرات وتجمعات في احياء المدينة ، في الغالب بمشاركة الشيوعيين والديمقراطيين الاجتماعيين وممثلي حزب الشعب اليميني المحافظ. وقبل أيام قليلة ، في 27 نيسان ، أعلن ممثلو الأحزاب الثلاثة المؤسسة للجمهورية الثانية استقلال البلاد.
وفي باريس نظمت نقابة سي جي تي القريبة من الحزب الشيوعي تظاهرة سارت من ساحة الباستيل الى ساحة الأمة للاحتفال بالنصر على الفاشية ، ولكن أيضًا لإحياء تقاليد العمال والنقابات. كما ذكرت جريدة اللومانتيه، الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي في 3 ايار 1945 ، سار في ذلك اليوم مليون متظاهر في شوارع المدينة: شيوعيون واشتراكيون وأعضاء في المنظمات اليسارية الأخرى ، ورياضيون عماليون وغيرهم الكثير من المعاديين للفاشية. وتقدم التظاهرة سجناء محررين من السجون والمعتقلات، واغلبهم كان بملابس السجن. وكذلك مقاتلون ساهموا الى جانب الجمهوريين في الحرب الأهلية الاسبانية.
كان يمكن رؤية الأعلام الحمراء وأعلام الجمهورية الفرنسية وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. ولافتة تحيي ذكرى الثورة الفرنسية المجيدة في عام 1789 ، وكومونة باريس عام 1871 وانتفاضة حركة المقاومة في باريس ضد المحتلين الفاشيين في آب 1944. ولافتة طُالبت بحقوق العمال والنساء. واخرى طالبت، على سبيل المثال ،باجر متساو للرجال والنساء : "نفس العمل نفس الأجر".
وفي اليوم التالي نقلت الاذاعات اخيرا اخبار عن تحرير برلين، ولم تمر سوى ايام قليلة، حتى اعلن استسلام المانيا الفاشية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نينا هاغر: برفسور في علوم الفلسفة في المانيا الديمقراطية السابقة. انضمت الى الحزب الاشتراكي الموحد في عام 1968. وفي عام 1992 انضمت الى الشيوعي الألماني ومنذ 1996 قيادية فيه. كانت في السنوات 2012 – 2016 نائبة سكرتير الحزب ورئيس تحرير جريدته المركزية. وهي عضو هيئة تحرير مجلة الحزب النظرية "اوراق ماركسية".
*********
ص7
جائحة "كورونا" ونقد ماركس للرأسمالية *
تاج السر عثمان
أشار ماركس إلي أن الرأسمالية في سعيها المحموم لتحقيق أقصى الأرباح تدمر البيئة. وجاءت التطورات الراهنة لتؤكد أن التراكم الرأسمالي والتوسع اللامحدود للسوق يتعارض مع متطلبات حماية البيئة والانسان، وأن قانون القيمة يجعل من الصعب توقف الرأسمالية عن نهب الموارد الطبيعية واستغلال قوة العمل. فالرأسمالية تعتمد على الاستحواذ على الموارد الطبيعية (الماء، الخشب، الأرض ، المعادن.. الخ)، وأن قضية البيئة لا تنفصل عن القضية الاجتماعية، فالرأسمالية لا تمتص رحيق الحياة من البشر، بل تمتصها من الطبيعة والكوكب الذي يحتضننا جميعا بلا رقيب أو حسيب. في الرأسمالية لا يمكن الفصل بين بين التناقض بين الرأسمال والعمل، وبين الرأسمال والطبيعة. كما يقول ماركس في مؤلفه، رأس المال، المجلد الأول: "كل التقدم المحرز في الزراعة الرأسمالية هو تقدم في نهب العامل وتدمير التربة، وكل التقدم المحرز في زيادة خصوبة التربة لفترة معينة، هو تقدم نحو تدمير المصادر الداعمة لتلك الخصوبة". كما أشار ماركس الى أنه "لا يمكن تلبية الاحتياجات الأساسية المادية والروحية للإنسان بدون علاقة جيدة مع البيئة".
جاءت تطورات الأحداث بعد أزمة كورونا لتؤكد عمق أزمة الرأسمالية وخطورة المستوى المتقدم الذي وصلته في تدميرها للبيئة الذي كان له أثره في الدمار الاقتصادي أكثر من أزمات الرأسمالية السابقة، فقد ظهرت أزمة كورونا، وقبلها ظهرت الأوبئة التالية:
• فيروس نقص المناعة " أيدز" الذي ظهر في ثمانينيات القرن الماضي.
• متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) في 2003.
• انفلونزا الخنازير في 2009.
• متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في 2011 .
• فيروس "ايبولا" في الفترة من 2014 الى 2016 .
وهي أوبئة جاءت نتاجا لتدمير البيئة والطبيعة والغابات، ومن صنع الرأسمالية وسعيها المحموم للربح وتدميرها للبيئة، حيث تولدت بسبب رداءة معايير الصحة، وتدمير النظم الطبيعية، والترابط النامي في عالم تسوده العولمة. لا شك أنه في ظل استمرار الجشع الرأسمالي وتدمير البيئة سوف تتكرر تلك الأوبئة، وتكون تكلفتها الاقتصادية والصحية ومخاطرها أشد بكثير من الراهنة.
وقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية بأكثر مما حدث في أزمة 2007 – 2009، التي لم تتم معالجة آثارها جذريا حسب منهج الرأسمالية في المسكنات أو تهدئة الأزمة التي سرعان ما تنفجر من جديد، مما أدي لتفاقم الأزمة بشكل حاد، ويجري الانتقال من الركود الأعظم الى الكساد الحاد بسبب الآتي:
- تراكم الديون والعجز عن سدادها، والتصدي لأزمة كورونا، والعجز المتوقع أن يصل الى 10 % من الناتج المحلي الاجمالي، وارتفاع مستويات الدين العام في دول كثيرة، وفقدان شركات وأسر لدخلها، وارتفاع دين القطاع الخاص الى حد لا يطاق، وتزايد حالات الافلاس والعجز عن سداد الديون.
- تصاعد نضال الطبقة العاملة والكادحين والفئات المتوسطة من أجل تدخل الدولة التي عجزت عن مواجهة الوباء، لتحسين الخدمات الصحية، بعد تهاوى سياسة الليبرالية الجديدة التي اعتمدت الخصخصة وتشريد العاملين ورفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة وتقليص الضمان الاجتماعي وحماية الشيخوخة والأمومة والطفولة، باعتبار أن الرعاية الصحية الشاملة كما أكدت جائحة كورونا من الضروريات لا الكماليات. اضافة لتصاعد النضال ضد البطالة جراء فقدان الملايين لوظائفهم، وانخفاض الأجور، واشتداد حدة الصراع الطبقي والاجتماعي واضرابات العاملين بسبب تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية ونقص الخدمات الصحية، وتفشي البطالة، وعدم المساواة والأمن الاقتصادي، وتأثر الطبقة العاملة (ذوو الياقات الزرقاء) بالأزمة.
- تنامي خطر الانكماش الذي يؤدى لركود ويخلق كسادا هائلا في البضائع، واغلاق المصانع أو تقليل العمالة، أي ركود في سوق العمل (البطالة).
- انخفاض أسعار النفط والمعادن الصناعية، وأثره على الدول المنتجة لها.
- استمرار انخفاض قيمة العملة، وتراجع العولمة والنزوع للحماية.
- تزايد الاستقطاب الطبقي جراء التفاوت في الدخل والثروة، وارتفاع نهب البلدان الرأسمالية للموارد الطبيعية في البلدان المتخلفة لتعويض الخسائر والمزيد من افقارها وتفكيكها، وخلق الحروب الأهلية والأزمات والفوضى داخلها بهدف نهبها، وتقليل المساعدات لها، والتدخل في شؤونها الداخلية، كما حدث في فصل جنوب السودان.
- تزابد شدة الاستغلال للعاملين عن طريق امتصاص فائض القيمة النسبي منهم، بإحلال التكنولوجيا والآلة محل الانسان، مع الضغط لانخفاض الأجور، وتزايد البطالة جراء تشريد العاملين والمزيد من افقارهم.
- التضليل الايديولوجي للكادحين حول الأزمة وتصويرها ليست ناتجة عن الرأسمالية التي تعمق التفاوت الطبقي والعنصري والجنسي والقومي وبين البلدان الرأسمالية المتطورة والنامية، لكنها ناتجة من الأجانب، وتأجيج النزعات العنصرية والقومية، وكراهية الأجانب، ونمو النزعات الشعبوية الفاشية.
- اشتداد التناقض بين نمط الإنتاج الرأسمالي الذي كان منذ نشأته يتجاوز الحدود القومية بحثا عن الأسواق منذ اكتشاف السكة الحديد والسفن البخارية والكهرباء والطائرات في الثورة الصناعية الأولى والثورة الصناعية الثانية التي ارتبطت بثورة المعلومات والكمبيوتر، وتزايد وتائر العولمة كما هو الحال الذي نعيشه. التي أدت الى ترابط العالم، والاتجاه للتعامل مع جائحة كورونا بالعزلة وتشديد الحماية، والمحاولة اليائسة لتفكيك العولمة، باشتداد القيود والأحكام على حركة البضائع والسلع والخدمات والأموال والعمالة والبيانات والمعلومات، كما يحدث الآن في قطاعات الدواء والمعدات الطبية والغذاء، وفرض القيود على التصدير.
- هروب الدول الرأسمالية وعلي رأسها أمريكا للأمام والعودة للحرب الباردة بتحميل الصين مسؤولية جائحة كورونا، ورفض الصين لذلك باعتباره تآمرا من أمريكا لمنع تقدمها، ليس ضد الصين فحسب، بل ضد روسيا وايران وكوريا الشمالية، وتصعيد الحرب الجرثومية والالكترونية السرية، وتصعيد النزعات العسكرية، والاستمرار في صرف تريليونات الدولارات للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، بدلا من توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة الرافي والأمن والاستقرار، وحماية الشيخوخة والطفولة والأمومة، وبناء علاقة عقلانية مع البيئة، ووقف الحرب الجرثومية والانحباس الحراري، وتدمير الغابات، وقيام نظام أكثر تعاونا واستقرارا خاليا من التوترات والحروب، والاستعداد للتصدي للكوارث والأوبئة التي سوف تتكرر، مما يؤكد ضرورة تجاوز الرأسمالية الى الاشتراكية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن: موقع الحزب الشيوعي السوداني – 2 أيار 2020
***********
حظ العراقيين "السيء"*
متابعة "طريق الشعب"
في مقال بصحيفة الإندبندنت، يناقش باتريك كوكبيرن أوضاع العراق الحالية.
ويتوقع أن يكون الضرر الذي تعاني منه أرض الرافدين بسبب انخفاض أسعار النفط أكبر من أضرار تنظيم الدولة الإسلامية ووباء فيروس كورونا.
يقول باتريك إن التهديد الناتج عن انخفاض أسعار النفط "حاد للغاية" وتأثيره أكبر من نظيره في دول أخرى بالمنطقة.
ويعتقد الكاتب أن "التركيز على تنظيم الدولة الإسلامية وفيروس كورونا باعتبارهما التهديدين الرئيسيين للعراق يحول الانتباه عن خطر أكبر يواجه البلاد، وغيرها من الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط. إن هذا التهديد في العراق هو أشد ما يكون لأن سكانه البالغ عددهم 38 مليون نسمة يخرجون لتوهم من 40 عاما من الأزمة والحرب".
ويشير إلى أن العراقيين "لا يزالون منقسمين بعمق، وحظهم السيء أنهم يعيشون في بلد هو ساحة اختارت الولايات المتحدة وإيران خوض خلافاتهما فيها. ويبدو الأمر وكأنه حقبة مضت، لكن في يناير فقط اغتالت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني بطائرة من دون طيار في مطار بغداد واقتربت من الحرب مع إيران."
ومع ذلك يقول الكاتب إن "المشكلة في العراق بسيطة ولكنها غير قابلة للحل: فالعراق تنفد أمواله مع تهاوي عائداته النفطية، بعد انهيار سعر النفط الناجم عن التأثير الاقتصادي الكارثي لفيروس كوورنا. كما تستمد البلاد 90 في المئة من إيرادات حكومتها من تصدير النفط الخام، لكنها في أبريل كسبت 1.4 مليار دولار فقط بينما احتاجت إلى 5 مليارات دولار لتغطية الرواتب والمعاشات وغيرهما من الإنفاق الحكومي."
ويلفت النظر إلى أن العراق "لا يمكنه أن يدفع لـ 4.5 مليون شخص يعملون بالحكومة رواتبهم فضلا عن أربعة ملايين آخرين يتلقون معاشات."
ويعتقد باتريك أن هذا "قد لا يبدو خبرا مثيرا مقارنة بالتصاعد في عمليات القتل من جانب تنظيم الدولة الإسلامية أو الضرر المحتمل أن يسببه كوفيد19، لكنه قد يزيد من تعميق عدم الاستقرار بأكثر مما يفعل التنظيم والوباء".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عن: بي بي سي – 9 أيار 2020
********
نعوم تشومسكي: العالم يتغير.. وهذه مهمتنا، فهل نحن مستعدون؟ *
في حوار نشره موقع (الاشتراكي) تحدث الفيلسوف والمؤرخ وعالم اللغة نعوم تشومسكي عن شكل العالم المتوقع بعد كورونا، والإمبريالية، وأفق الديمقراطية في المنطقة، والتغير المناخي، وصفقة القرن، والصين، ومستقبل اليسار الأمريكي بعد انسحاب برني ساندرز.
العالم بعد فيروس كورونا

بدأ الحديث مع تشومسكي بسؤاله عن شكل العالم بعد زوال الوباء، وأجاب قائلا إن هذا متوقف علينا، وإلى أي مدى نحن مستعدون لذلك؟ إذ يعمل من يسمون أنفسهم بسادة الكون، جاهدين، لتحويل الأزمة إلى صالحهم، هل يمكن لقوى أخرى أن تعبئ نفسها لتواجه ذلك وتنتصر عليه؟ وتابع: في الولايات المتحدة أطلق ترامب أكبر حزمة للتيسير النقدي في تاريخ البشرية، ورغم بعض جوانبها الإيجابية لكنها موجهة في معظمها لتلبية احتياجات الشركات ورجال الأموال، بينما يُجبر الناس على أن يكونوا وحدهم الضحايا. وتحدث كذلك عن عن دور أباطرة البترول كما أسماهم على استخلاص أكبر ربح قبل أن يدمروا العالم الذي سنشهده في المستقبل القريب نتيجة التغير المناخي، وهؤلاء يطالبون بالمزيد من التمويل والتسهيلات التشريعية، التي يتم منحهم إياها بواسطة إدارة ترامب الإجرامية. وانتهى إلى أن هذا يحدث أمام أعيننا في كل مكان في الكوكب، لكن هذه فرصة ليفكر الناس في أي عالم نريد، هل نعود إلى الماضي أم نتجاوزه إلى المستقبل؟ وإذ تختلف المشكلات في الولايات المتحدة عنها في مصر، تظل هناك في كل مكان طرق لتجاوز مآسي الماضي وإجرامه، إلا أنه لا يكفي معرفة أنه أمر ممكن، إنما من الضروري أن نشمر عن سواعدنا ونعمل من أجل تحقيقه.

الإمبريالية الأمريكية اليوم: حلفاء وأعداء

ينتقل تشومسكي بعد ذلك متحدثا عن أن الفوضى في بيت ترامب الأبيض تصعب مهمة إيجاد استراتيجية متماسكة تحكمه. لكن ما يُلاحظ بشكل جلي، هو الجهد المبذول لخلق أممية تضم أكثر الدول رجعية واستخدامها لتكون أساس المرحلة لتحقيق المصالح الإمبريالية الأمريكية، فيشير إلى الشرق الأوسط الذي نجد منه مصر السيسي والديكتاتوريات العائلية في الخليج وإسرائيل في قلب الموضوع حيث يتعاونون جميعا الآن بشكل شبه علني، ثم يذكر مودي في الهند وخلقه لديكتاتورية هندوسية عنصرية شرسة تحاول أن تدمر الأقلية المسلمة الضخمة وأن تفكك الديمقراطية العلمانية الهندية، وإلى أوروبا حيث توجد دول مثل المجر بقيادة أوربان متجهة نحو الفاشية وسالفيني في إيطاليا حيث يبني شيئا يشبه الفاشية الإيطالية القديمة، وانتهاءً بأمريكا اللاتينية ومثالها الأهم الرئيس البرازيلي بولسونارو الذي ينافس ترامب على من سيكون الشخصية الأكثر شرا في العالم الحديث.
وبعد الحلفاء، ينتقل تشومسكي للحديث عن الأعداء المحددين للولايات المتحدة، حيث تمثل إيران عدوها الرئيسي... وبذكر إيران يذكرنا تشومسكي بحل مطروح لمشكلة الشرق الأوسط الملتهب والخطر الذي قد تمثله إيران بسبب أسلحتها. هذا الحل البسيط طرحته مصر منذ تسعينيات القرن الماضي بإعلان منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط. وهو ما تم بالفعل في الاتفاق الأخير مع إيران، والذي مزقه ترامب بينما كان الاتفاق يسير بشكل جيد ومراقب بشدة.

الديمقراطية في الشرق الأوسط: صراع مستمر

ينقلنا الحديث إلى الشرق الأوسط، ويتعجب تشومسكي من الذين يدعون أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط، ويرد على ذلك بأنه تفكير معيب، يتجاهل تفاصيل العنصرية الموجهة إلى نصف السكان داخل حدود دولة الاحتلال، حيث يعاني العرب وغيرهم من اضطهاد دائم وطبقات عديدة من المواطنة، لا تشبه سوى سجن كبير. وفي العالم العربي، يقول المؤرخ، حدثت أول انتخابات ديمقراطية في فلسطين عام 2006، والتي تمت مراقبتها والاعتراف بها كانتخابات عادلة وحرة، لكنها جاءت بما لا تشتهي الولايات المتحدة، فبدأت فورا في تنظيم الانقلاب العسكري، وزادت إسرائيل من نشاطها الإرهابي ضد غزة فضلا عن حصارها الاقتصادي، وانساق الاتحاد الأوروبي، لعاره، وراءها. تصبح الانتخابات عادلة ومقبولة فقط إذا فاز مرشحك. هكذا يفكر الأقوياء، ولتسقط كل النتائج الأخرى.
لا يظن تشومسكي أن الربيع العربي قد مات، بل يعتقد أنه كان سيغير الوضع كثيرا، وأن ما حدث دفعه إلى التقهقر، ورغم ذلك تظل القوى التي شكلته موجودة، وستنهض مرة أخرى في عملية طويلة. يحيل نعوم تشومسكي إلى جلبير الأشقر الباحث اللبناني في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، والذي قال مبكرا أثناء الربيع العربي أنها خطوة مهمة لكنها فقط الخطوة الأولى في سيرورة ممتدة لتحطيم المؤسسات الاستبدادية وثقافة الاستعباد.

البشرية في عصر فيروس كورونا والتغير المناخي

ينتقل الكلام عن البيئة، ويحذر تشومسكي من أن العالم لم يعد يملك الكثير من الوقت لتفادي الكارثة البيئية التي تحدق بحياتنا. ويعود إلى أرامكو كمثال على استهتار الشركات الكبرى بالبيئة الذي سيؤدي إلى تسميمها، ما لم تتخذ الدول المسؤولة عن ذلك خطوات جادة ... وتتجلى الأنانية في متابعة أزمة نقص أجهزة التنفس الصناعي حول العالم، إذ تحاول كل الدول الحصول على نسبة ما، لكن الدول الغنية تحتكر إمكانية الإنفاق، وفي هذه اللحظة الصعبة قد يموت الملايين في أماكن فقيرة، بسبب سلوك سادي ومعادٍ للإنسانية، وفي ظل بيئة تنافسية لا تفصح إلا عن عالم مريض، يزداد ضيقا.
ويسأل أين “الاتحاد” الأوروبي في سيطرة ألمانيا على الفيروس، بينما يعاني ويموت آلاف الناس على بُعد أميال في شمال إيطاليا؟ ويجيب عن ذلك بأن الاتحاد هو ما فعلته كوبا حين طلبت إيطاليا العون من وراء المحيط الأطلنطي، فجاءها الأطباء الكوبيون، كما ذهبوا إلى الصين الأكثر إصابة، وذهبوا قبل سنوات لإغاثة السكان بعد زلزال باكستان الذي خلف قرى تدمر وناسا يموتون. ويشرح لنا كيف خرج مانديلا من السجن فكان أول ما فعله مدح كاسترو بسبب مساهمة كوبا في حركات التحرر في إفريقيا، في تحرير ناميبيا وإضعاف نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. الإنسانية والتضامن الأممي غير مستحيلين، وسيكون من الضروري الارتقاء إلى مستوى حضارة وثقافة الدول التي تمارسهما.

صفقة القرن

يسميها تشومسكي صفقة قرن كوشنر- نتنياهو، إذ أن نتنياهو هو من حركها في البيت الأبيض لتبدو كأنها فكرة الولايات المتحدة. وتابع: إن واقع السياسة الأمريكية مؤيد لإسرائيل على أي حال، الجديد أن ترامب كشف لنا سياستهم بقبحها وساديتها، وهو ما يليق بشخصيته ونظرته للعالم، والآن هي مكشوفة للجميع. أما دولة الاحتلال، فسياستها هي الأكثر وضوحًا، وهي خلق إسرائيل العظمى بضم المزيد من الأراضي المحتلة وإقامة المستوطنات والبنى التحتية في المناطق ذات الأهمية.
ويعيش ما يتبقى من الشعب الفلسطيني في مئات من المناطق الصغيرة غير الصالحة للحياة، حيث ينتزع الفلاحون من أراضيهم وتتوزع الكمائن في كل مكان، فتصبح الحياة مستحيلة، ويصبح الأمل الوحيد هو رحيل الفلسطينيين بشكل ما في أحد الأيام. كانت هذه ومازالت سياسة كل الحكومات الإسرائيلية، حتى المسالمين المزعومين مثل شيمون بيريز الذي كان مسؤولا عن توسيع الاستيطان ليتعمق داخل الضفة الغربية في المناطق التي تسميها إسرائيل يهودا والسامرة. قبلت الولايات المتحدة بذلك. في العلن قالت أنها لا تحب ذلك وترجو منهم ألا يفعلوه، لكنهم كانوا ولازالوا يمولونه على كل حال. في النهاية هذه الصفقات لا تستحق انتباه المعلقين ولو للحظة.

الرأسمالية والصين وأمريكا

وعن الصين، يرى تشومسكي أنها مجتمع متنامٍ لكنها تظل بلدا فقيرا بالنظر مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، فعلى مقياس صحة المجتمع مركز الصين حول 90 ومركز الهند حول 130. كل هذا الحديث عن سيطرة الصين والهند على العالم هو بارانويا خالصة. الولايات المتحدة فقط في العالم تمتلك إمكانية توقيع عقوبات. وهي لديها أكثر من 1000 قاعدة عسكرية في أنحاء العالم، ويمكنها تجاوز الإنفاق الكلي للعالم بإنفاقها العسكري فقط، ولديها مزايا استثنائية لا تشاركها فيها دولة أخرى مثل المساحة الشاسعة والموارد الضخمة. ثم ينتقل إلى تاريخ تكوين المجتمع الأمريكي الأول والثروة التي تراكمت بعد قدوم الأوروبيين وإبادة السكان الأصليين ثم إقامة الاقتصاد على العبودية.
يخبرنا تشومسكي هنا أن تاريخ اللامساواة والظلم لا يزال ممتدا وإن بأشكال مختلفة، حيث يذكر تذيل الولايات المتحدة قائمة الدول الغنية للعدالة الاجتماعية حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهذا الأثر تركته إدارة قطاع الأعمال الاستثنائية على طبيعة المجتمع. ضمن هذه الآثار المدمرة يتكلم العالم الأمريكي عن النظام الصحي الكارثي الذي يكلف ضعف تكاليف الدول المماثلة ويخرج أسوأ النتائج. الآن يعاني هذا النظام بشدة لأنه في النظام النيوليبرالي يتم اتباع نموذج تجاري، لا يهدر مالا لشراء سرير زائد، فما يسمونه الكفاءة يعني أن هناك فقط ما يكفي لتغطية الظروف العادية، ولكن كما نشهد الآن، في الظروف الخارجة عن الإطار الطبيعي، فيمكن للكوارث أن تحدث، عندما يضطر الأطباء والممرضون لاتخاذ قرارات مؤلمة حيال من سيُقتل اليوم، لأنه لا توجد أجهزة تنفس كافية للجميع.
يشير تشومسكي مرة أخرى إلى ترامب وقراراته، فلم يأخذ الأمر بجدية منذ يناير حين علم الجميع أن هناك جائحة شاملة قادمة. فماذا فعلت إدارة ترامب؟ يسأل، ويجيبنا بأنها كانت ترسل أجهزة التنفس والأقنعة والمعدات الطبية خارج الولايات المتحدة إلى الصين ودول أخرى، حتى جاء مارس وأدرك ترامب أن الأمر ليس نكتة، بدأوا في استيراد نفس الأجهزة والأقنعة، وكل هذه الأموال ذهبت وعادت لشركات الشحن والشركات الوسيطة. يشير في هذا الإطار إلى العقلية السائدة في واشنطن، عندما خرج ترامب بميزانية تنص على التخفيض المستمر للإنفاق على مركز مكافحة الأمراض وكل أجزاء الحكومة المرتبطة بالصحة. يفعل ذلك منذ بداية رئاسته، في الوقت الذي ينفق فيه على الإعانات الضخمة لصناعة الوقود الأحفوري وعلى الجيش. هذه هي عقلية العصابة الإجرامية في أقوى مرحلة من تاريخ العالم.
ويحكي في هذا السياق قصة تصف الحد المدهش الذي وصلت إليه الولايات المتحدة من إثارة الرهبة والكراهية حول العالم، ليس في الصحافة العربية فقط، فقد نشر على الإنترنت مقال يحمل اسمه ويدعي أن الولايات المتحدة بدأت فيروس كورونا حتى تقتل الناس وتسيطر على العالم. يحكي المفكر عن الرسائل التي جاءته من كل أنحاء العالم تشكره على قول الحقيقة أخيرا، معبرا كيف جعلت كراهية أمريكا الناس يصدقون أي شئ. وينتهي بأنه لا يمكن فعل شئ حيال كل ذلك حتى يتمكن شعب الولايات المتحدة نفسه من تفكيكها وتحويلها إلى مجتمع أكثر حرية.
صعود وهبوط ساندرز ومستقبل السياسة الأمريكية

انتهى الحديث مع نعوم تشومسكي بسؤاله عن رأيه في مسيرة ساندرز ومستقبل السياسة في أمريكا، فكان راضيا عما وصل إليه ساندز وحملته، رغم اكتئاب الشباب الذين عملوا من أجل أن ينجح ذلك ويحملون أنفسهم مسؤولية الفشل. وأشار إلى ظاهرة غريبة في السياسة الأمريكية الحديثة وهي أن كل حركة سياسية تبدأ من الصفر، ومن الشباب في الغالب، ولكنها سرعان ما يتم إحباطها لتبدأ موجة بعدها من الصفر وهكذا دون تحقيق تراكم، واستشهد بالتراكم الذي حققته الحركات الاجتماعية مثل مناهضة العبودية وحقوق المرأة والربيع العربي، كلهم يتحركون إلى الأمام ويتعرضون للانتكاسات، لكنهم لا يستسلمون ولا ييأسون. وعن رضاه عما حدث، يشرح تشومسكي كيف حققت حملة ساندرز نجاحا ساحقا ومؤثرا، إذ غير بالكامل ساحة النقاش وحتى تشكيل السياسات في الولايات المتحدة: من التأمين الصحي الشامل مرورا بالتعليم العالي المجاني ووصولا إلى حقوق العمال والأجور المناسبة، التي أصبحت كلها، أخيرا، محط الأنظار.
ويشير كذلك أنه أظهر أنه يمكنك إدارة حملة سياسية بنجاح دون الاعتماد على الثروات الخاصة وسلطات الشركات، في قطيعة مع قرن من التاريخ السياسي الأمريكي. هذه النجاحات يرى أنه يمكننا البناء عليها، بدلا من العودة للمنزل والبكاء.
ويختم تشومسكي حديثه بالإشارة إلى أن هذا الكلام ينطبق أيضا على الربيع العربي، الذي حقق الكثير وجعل الناس يدركون أن هنالك ما يمكن فعله رغم قسوة الديكتاتورية. لقد أوضح ساندرز في خطاب انسحابه أنها ليست نهاية الحركة السياسية: الحملة الانتخابية ستنتهي، لكن الحركة ستستمر، ويقع على عاتق الشباب أن يعطوا بُعدا ملموسا لهذه الكلمات، أن يجعلوها حقيقة. ذلك ممكن، وإذا فعلوا ذلك سيكون عالما أفضل بكثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقتطفات ضافية من حوار نشر على موقع (الاشتراكي) – 26 نيسان 2020
**********
ص8
أقلام عربية/ محور خاص

باعتزاز وافر وامتنان كبير، نستقبل يومياً عدداً من الكتابات المرسلة الينا من قبل كتاب واكاديميين ومبدعين عرب.. وفي الوقت الذي نثمن هذه المساهمات المرسلة الينا بشكل خاص؛ يهمنا جداً التواصل مع هذه الأقلام العربية.. ونخصص هذا اليوم من "طريق الشعب الثقافي" محوراً خاصاً لهذه الأقلام النبيلة.
المحرر الثقافي
***********
قراءة
ادانة العنف في قصص "التابوت"* لصبيحه شبر
عبد الرحيم التدلاوي- المغرب

يقول الناقد أحمد زنيبر:
"التابوت" عنوان يتألف من كلمة واحدة معرفة تحيل مباشرة إلى فضاء له علاقة وطيدة بالمكان يمنح للقارئ المتلقي افتراضات وتأويلات أولية منها أن التابوت قد يكون من حديد أو خشب، كما أن من مواصفاته الضيق والانغلاق والظلمة. هو مكان قد تحرز فيه الأمتعة أو تودع فيه الجثث. والتابوت، بهذا المعنى أو ذاك، إشارة قوية إلى الموت والهلاك تارة، وإلى الحفظ والإخفاء تارة أخرى..
فما هي الدلالات القصصية التي رامت إليها الكاتبة وماذا عن القضايا والأسئلة الجوهرية التي تطرحها كتجربة فنية تواجه بها القارئ المفترض وتدعوه للتأمل وإعمال النظر على مستوى اللغة والأساليب وطرائق السرد المختلفة؟

يضيف:
تلتقط القصص تفاصيل الحياة اليومية والهامشية لتجعل منها مادة حكائية قابلة للوصف والتفسير والتعليق. ومن ثمة لا غرابة أن نجد موضوعات حكائية لصيقة بالذات الإنسانية في علاقتها بالأنا والآخر من جهة، وبالمحيط والعالم من حولها من جهة ثانية.
ما يلفت الانتباه أن الكاتبة قد نوعت في ضمائرها بين ضمير المتكلم المفرد، مذكرا ومؤنثا، وضمير الغائب، وضمير المخاطب، تنويع منحنا فرصة ولوج القصص من أبواب متعددة ومختلفة، ولم تقصرنا على دخولها من باب واحد.
لقد شكلت موضوعة الألم بروافده المختلفة (كالحزن واليتم والغربة، والضياع، والقهر والضجر، والظلم والحرمان وغيرها) مادة دسمة لمحاكمة الواقع وانتقاد سلوكيات أفراده، رجلا كان أم امرأة، وجماعة كسلطة حقيقية أو رمزية.
تدفعنا قصص المجموعة، بعد الاستمتاع ببنائها وطريقة تشكيلها، إلى التفكير بشكل أعمق في الشرط الإنساني. فالعنف والسادية تكتنف كل القصص، ولعل أبرز ما يدل على ذلك مجموعة من العناوين المعبرة على المنحى، ابتداء من العنوان الرئيس كعتبة معبرة عن الموت غير المبرر، إذ هو بفعل فاعل، ومرورا بالكثير من العناوين الداخلية المعبرة عن الشعور بالألم، منها "تأنيب" و"طفل يصرخ" و"العقاب" ص77 و"أوجاع غريبة" و"صراع" و"عتاب".
كلها قصص تجعلنا نعيش جوا كافكاويا سوداويا خانقا، كما لو أننا تلك الشخصية المعذبة التي تدخل إلى التابوت بالإكراه، ويغلق عليها الغطاء وهي حية؛ تجعلنا نشعر بآلامها، وبالرغبة في الانتفاض وكسر الغطاء بالتساؤل الامر الذي يجعل الإنسان شريرا يتلذذ بتعذيب أخيه الإنسان، كما في نص "مزاج" ، فالجموع في الساحة يعلو سرورها وهي تنزل العقاب متعدد الأشكال على شخص من دون معرفة سبب ذلك؛ التعذيب؛ صار بطل فرجة جماعية ينخرط فيها الكل، والويل لمن يسأل ، فسيكون مصيره الجر إلى الساحة للتنكيل به، وتعذيبه باستمرار؛ وهو مآل صديق السارد الذي طفح به الكيل فصرخ منددا.
هي الصرخة التي تدفع أعماقنا لطرد الشر من أنفسنا، ونخلص من عنفنا؛ فالحياة لن نستمر بالعنف، بل بالمحبة. ولذا، نجد بعض القصص تحمل في طياتها بارقة أمل في نهايتها، كما في نص البداية "الرهان" ؛ فالشخصية الرئيسة لم تبد مقاومة إلا بسخريتها التي مكنتها من تحقيق الانتصار على غريمتها الساعية إلى إشباع رغبتها السادية في إلحاق الألم بها. لقد اعترفت، في نهاية القصة بعجزها عن تحقيق الانتصار:

يقول جواد وادي عن هذه القصة:
في قصة "الرهان" وهي أولى قصص المجموعة توجه القاصة مقود الصراع مع حالة قلق أخرى تتميز بغيرة أنثوية تريد القاصة من خلالها تناول حالة إنسانية يتمازج فيها الفرح بالمودة والإحساس بالمرارة بحنو إنساني نقي، حالات تلتقطها القاصة بانتقالات من الحكي اللذيذ باضاءات أحيانا تكون همسا ولا يعيها إلا القارئ الفطن بتوظيفها ترميزات ذكية وأحيانا بوضوح شديد لتنتزع القارئ من حالات الذهول والحيرة إلى وضعه الطبيعي ليتواشج مع منحى القص وتراتبيته نزولا وصعودا ليعود هو بذاته مشاركا في حالة الإبداع لان القراءة عند (رولان بارت) هي حالة تماه وإبداع تؤثث فضاء النص.
(لكن الارتياح المؤقت الذي يبدو على ملامحها المعبرة سرعان ما يتلاشى حين تنطلق ضحكتي مجلجلة طاردة عنها كل توقع بالانتصار).
وعن القصة الأخيرة الموسومة (عتاب) يقول الناقد نفسه: تسرد القصة مسراتها وأوجاععها وتفاصيلها حيث نلاحظ فيها تداخلا بين الشخوص ومنولوجات وانتقالات صادمة، تذكرنا برواية المسخ لكافكا حيث نجد ضمائر أل(أنا) وال(هو) وال(هي) ثم العودة ثانية في دورة استقرائية، معبرة ومحكمة بصياغات فنية وكان القاصة هنا واقفة أمام مرآة وهي تحدث نفسها مرة عن منال ومرة عن نفسهاـ ومرة عن الرجل حتى تجعل القارئ يشد أنفاسه لمتابعة هذه التفاصيل بدقة حتى لا يضيع في خضم التفاصيل والمتغيرات في الحكي:
أريد منحك قدرا يليق بك(الأنا- المخاطب)/ وأعجبه منظره، الرغوة البيضاء تغطي الجانب الأيسر من وجهه - الانتشاء يبدو واضحا على محياه (الرجل)/ أنت عزيزة علينا(منال)/ أحببت أن أحدثك عن التغيير...(الكاتبة) بتوظيف أفعال هي من باب التذكر وكان القاصة تستجمع ذكرياتها بحيوية الفعل والحركة في التواصل مع الآخر:
أنهيت/ تقومين/ أن تتأهبي/ تهيئين/ تجمعين/ تضعين/ تفتحين/ تعودين/ ترتدين/ تصممين/ لا تحبين/ تدخلين/ تتمرنين/ تبكرين/ تتوقعين/ تتأخرين/ تعملين/ تصلين/ تفكرين/ تجتهدين/ تتبعين/ تصلين/ تودين/ تنظرين/........
أن تكون كل هذه الأفعال وغيرها مجتمعة في نص قصصي واحد دليل على البناء المحكم في الحركة لان القاصة تريد أن تمنح النص فاعلية التحرك في اتجاهات مختلفة لتملا كل الفراغات التي قد تجعل من القص مفككا ولا روح فيه.
انه الانفتاح على مصراعيه ليصبح المبدع جزءا من الحدث مكانا وزمانا وشخوصا وتفاصيل أخرى.
ولم تنس المبدعة قضية المرأة ومعاناتها، إذ أفردت لها حيزا متمثلا في قصتين، قصة "طفل يصرخ" ، وقصة "الزائرة".
في القصة الأولى، تخاطب الساردة المرأة التي جف نبع ثديها، وتركت طفلها يصرخ من الجوع، ولا نتبين معاناتها إلا من خلال التفاصيل التي تتخلل القصة والتي تأتي على دفعات؛ إنه زوجها القاسي الذي هددها إن لم تجهض بهجرانها؛ هذه القسوة التي جعلت صدرها يغيض من الحليب، وقد سعت إلى تعويضه بحليب معلب، بيد أن الطفل كان يبغي أن يشعر بدفء صدره أمه، وقربها وحنانها. وهو ما سيتحقق في النهاية حيث تقول الساردة:
ذراعاك يحيطان بطفلك، لم تعد صرخاته عالية، تضعينه في حضنك، مسكين صدرك الناهد، ، وتضعين حلمتك في فمه، يصمت الصراخ، ويد رقيقة حانية تحيط بك، لتزيل عنك الهموم، وتبعد الأحزان، وتصبحين قوية قادرة على النسيان.. ص54.
إنه نوع من التطهر بالحب الصافي الرقراق القادم من طهارة الطفل البريء، ليكسر جبروت الأب الطاغي، والهارب من تحمل مسؤولياته؛ مقابلة بين المرأة التي تميل إلى استمرارية الحياة، وبين الرجل الهادف إلى إيقافها.
أما القصة الثانية فترصد حياة الزوجة التي سكنتها الوساوس وقضت مضاجعها الغيرة وحرقة السؤال، فبح صوتها وامتصتها الأحداث والأوجاع الغريبة.
لقد تعددت وتنوعت شخوص المجموعة، جنسا وهوية ومكانة ووظيفة (طفل، طفلة، امرأة، رجل، شيخ، شرطي) وتفاوتت من حيث المهام التي أسندت لها حكائيا، ومن حيث الأفعال وردود الأفعال التي تبنتها تبعا للسياق والمقام. تقول الكاتبة في قصة (طفل يصرخ): "ثديك يابس، جفت به مياه الحب، وتركه ينبوع الحليب، وبقيت شجرة بلا ثمار، أيتها المخلوقة البلهاء، كيف يطاوعك قلبك الرؤوم، أن تتركي طفلك صارخا يئن، بلا توقف..".
كما تنوعت الأمكنة أيضا بحسب الشخوص (بيت، غرفة، مطبخ، شارع، سوق، ساحة). تقول كما في قصة (أم بديلة) مثلا: "الشوارع متشابهة، والأزقة تأخذك إلى دروب أخرى، وأنت في دوامة، إلى أين تولين وجهك؟ آذنت الشمس بالمغيب، وأوشك النهار أن يودعك، خرجت مسرعة من البيت بعد أن أسيئ إليك، لم تعتادي سماع تلك الكلمات الغاضبة المهينة، وأنت ابنة أبيك الوجيه المعروف..".
أما عنصر الزمان فتراوح بدوره بين الماضي والحاضر والمستقبل. وقد كان لعنصر "الذاكرة" كلحظة للاسترجاع تأثير كبير في تطور الحكاية، فبها تتغذى الشخوص لتعيش لحظاتها الراهنة انهزاما أو انتصارا، حرقة أو انتعاشا، تقول الساردة مثلا في قصة "تشابه واختلاف": "ما زالت الذكريات تؤلمك، تشجيك، وتسعدك معا، مشاعر متناقضة تعيشين بها، طوال حياتك، تتراءى أمامك المشاهد، وتتوالى معك الأحداث وأنت جالسة في مقعدك المعتاد، قرب النافذة، لا أحد قربك، يبادلك الحديث، أو تشاركينه لواعج النفس، وآلام الذكريات، أنت غريبة هنا، مهملة، يطالبونك باستمرار أن تعتني بهم، تنفذي رغباتهم، وأنت جندي مجهول، تعملين بصمت، لا أحد يكلف نفسه عناء سؤالك عن رغباتك..".

اننا نتفق مع ما قاله غريب عسقلاني:
صبيحة شبر لا تتعامل مع القصة القصيرة كحكاية محايدة أو كإخبار فني مبني على حبكة مسبوكة, وإنما هي تبني قصصها على مضامين مدروسة, وتحاول ان تفتح بوابات الأسئلة وتثير النقاش, وهي الكاتبة والمثقفة متعددة الاهتمامات والمشغولة بقضايا الوطن والمرأة والعدل في كل مكان. وكاتبتنا على وعي تام بتقنيات فن القصة القصيرة, لذلك نراها تميل إلى الراوي الأنا في كثير من القصص للإيهام بين الذاتي والجمعي, أو تأخذ موقف الراوي العليم الذي يقدم كل شيء بمقدار ويتوقف عند حدود طرح السؤال, وكناقد ركزنا على القصص التي تتناول هموم المرأة والتي غالبا ما تكون المرأة راويا أو مرويا عنها وهي القصص التي تفترس معظم مساحة مجموعة "التابوت", وهذا لا يقلل من أهمية بقية القصص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* صدرت عن دار كيان للنشر والتوزيع.
** تم الاعتماد على ثلاثة مراجع بشكل أساس:
1_ مقال لجواد وادي، منشور بمنتدى النور.
2_ مقال للدكتور أحمد زنيبر، منشور بمجلة الحوار المتمدن.
3_ مقال لغريب عسقلاني، منشور بالمجلة الثقافية الجزائرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* "التابوت" هى المجموعة الرابعة للكاتبة العراقية صبيحة شبر.
***************
قصة قصيرة
الوحدة .. شتاءً


نازك ضمرة- عمان

حين وجدت فنجان القهوة حاراً جداً، أعدته الى منضدتي، وجدت بعدها ان بي حاجة إلى هواء نقي لا تقيده جدران، تضيق الدار بي فجأة، افتح الباب خارجاً من المنزل، رأسي تزداد إيلاماً، قلت قبل قليل إنك قد تضطر لمداواة سم بسم من نوع آخر، تزاحم النبض ودويه في راسي ما زال على اشده، كأنه رسائل شكوى هذا القلب العجوز، يدفع الدم بكل ما أوتي من عزم إلى هذه الرأس، تثقله الهموم والأفكار المتزاحمة. وفي صباح قارس البرودة، تقرصني رجفة برد فور إطلالتي خارج البيت، أقفل الباب فور خروجي، موفراً دفء البيت، ألملم ملابسي حول عنقي أكثر، وأجتاز الشرفة الخشبية الواسعة، صنعتها وحدي صيف العام الماضي، متجهاً صوب نباتات حديقة منزلي الصغيرة، صوّحت نباتاتي من موجات البرد في الأسبوعين الأخيرين، تساقطت اوراق الباميا والبنادورة والباذنجان والكوسة، وانكمشت أعوادها وتقوست بفعل الريح القاسية وانكسر البعض، سامحك الله يا أيها الصديق العراقي، تضامنت قصتك مع البرد الذي احسه والراس المتعبة فوق رقبتي، أحس بتعب وارتخاء في ساقيّ ، أمسكت بعود مغروس في الأرض، كانت نبتة بنادورى تستند إليه، اشتكى العود ضعفه لي، في داخلي حاورته دون كلام، أينا الأضعف؟ تبادلنا الشكوى أنا ونباتاتي التي تعبت عليها وحدي كثيراً، قرصتني أصابع يدي التي تمسك بالعود من شدة برد ذلك الصباح، لم تستطع إطالة الصمود لتبادل الشكوى، أتنبه لمرج العشب المقصوص بين منزلنا ومنزل الجيران، كأنه ملعب كرة واسع ليس فيه إلا العشب، يتعهده اهله بالري ايام الصيف الجافة، لم أنس انني مضطر للعيش في أمريكا، يقصونه كل اسبوعين حين تعلو خضرته، اكتست مسطحات العشب ببياض ناعم ساحر، تجمدت ذريرات الندى الدقيقة من شدة البرد ليلاً فوق أوراقه الصغيرة الضعيفة، شعرت بحكة في راسي، نحلة لا تقوى على الطيران، او هي تشبه النحلة، تحاول تحريك أجنحتها وبحركة ضعيفة خفيفة، تعود للهمود، مددت يدي لشعر رأسي الخفيف الأبيض، نسيت أن أضع طاقية عليه، البرد يلفحه ويعبث به، كأنه العشب المبيض، صنوان متمازجان يكمل كل منهما الآخر، تجتاحني رجفة ثانية مفاجئة تظهر ضعف مقاومتي وشيخوختي، أمّنا الطبيعة تفرض نفسها في حديقة منزلنا، أضم أرديتي إلى جسمي أكثر، ومع هذا واصلت سيري متأملاً مستطلعاً، تمايلت من خشخشة ذرات الثلج تحت قدمي، خشيت السقوط او الانزلاق، لامست أصابع يدي طاولة (بنج بونج- طاولة تنس) سانداً نفسي عليها، تركها الأولاد مهملة بعد أن ملوا من اللعب عليها عبر شهور جفاف الصيف القليلة، إهمال وعدم اكتراث، تساءلت ماذا سيكون مصيرها حين يزداد هطول المطر والبرد، لا يوجد لها مكان في البيت فأقرها الأولاد خلف الدار، إنها بيضاء ويغطيها ذريرات ثلج ناصع البياض، تتزاحم الموجودات حولي في لوحة واقعية قارصة تلك اللحظة، وتلك الطاولة الطويلة تقف على أربعة قوائم بنية باهتة، تقاوم الطبيعة والبرد والندى المتجمد، تصمد ليستفيد منها الآخرون، دهنتها مرتين في الصيف كي تحتمل تقلبات الجو وبرد الشتاء، الصقيع الأبيض يغطي الأرض، طاولة أخرى قوية ثقيلة وبخشب سميك جدا وثقيل، أعمل عليها وأمارس هوايتي في النجارة، وأشغلت نفسي بأمرٍ أهواه، وحدي عملت لأيام عدة لصنعها، طاولة من الخشب الجيد القوي في حديقة بيضاء هذا اليوم، البياض يتراكم في عقلي من كل الاتجاهات، وهو الان يمخر في أعماقي يذكرني بنصاعة بياض الأكفان. أحاول الإسراع بالعودة مضطراً بعد وصولي طرف الأرض، هذا الجسم الضعيف لم يعد يقوى على احتمال المزيد من البرد والبياض، والنفس تبحث دائماً عن تجديد، تمنيت وقتها لوناً آخر كمعادل موضوعي لذلك الجو الأبيض المتجمد، فأفاجأ بخزان الماء الذي يزود مدينتنا الصغيرة كلها، ولا يبعد عن منزلنا أكثر من خمسين متراً، شموخه في الأعالي يزيد من بياض لونه الأبيض ووقت طلوع الشمس الخجلى خلف الغيوم، حتى زفيري خرج أبيض لحظتها، لكن فرجا لاح وقتها، تلك الطيور السود كبيرة الحجم وبالمئات تصطف حول سطح خزان المياه الكروي المفلطح العملاق، وبسبب ارتفاعه تبدو الطيور التي تتغذى على ما فسد من اللحم والمخلوقات الميتة، مع انها ضخمة لكنها بدت لناظري صغيرة على خزان الماء المحلق في السماء، ترتيبها وتقاربها وانتظام انكماشها خلق لي جواً جاذباً، غربان سوداء لكنها أضخم من غربان فلسطين ولم يصدف أن سمعت لها صوتاً، فهي ليست فضاحة كغراب بلادي النعاق، فطلعت على لساني: ما أجمل السواد حين يكون على أحياء، سواء كان على امرأة أوطير، هذه الطيور السود تأكل كل شيء تستطيع الوصول له تقريباً، وتأكل السناجب الميتة والجيف التي داستها السيارات، أتابعها وهي تحني رؤوسها صوب الأرض باحثة في الأجواء حولها، لاشك ان الجوع اعياها، فراحت تبحث عن موقع أي طعام يسد جوعها، لكنها مازالت لا تحس بالدف ونشاط الحركة، وكأنها زخارف سوداء صفـت على أطراف خزان الماء الدائري كزينة، منظر شغلني عن النبض المتسارع في رأسي، وعلى البياض الغالب على عالمي وقتها، وقبل التوجه ثانية للمنزل برزت رؤوس أشجار الصنوبر العالية المعمرة الخضراء، فأوراقها الأبرية تحتمل البرد ولا يسقط منها الا القليل، فتبقى زينة الأرض الشاذة في فصل البرد، وتجمل اللوحة التي عششت في وجداني لحظتها تعادل غلبة البياض. وشدة برد الصباح في ذلك اليوم.
يعود العجوز مسرعاً صوب باب البيت، فيتذكر أنه زار طبيباً بالأمس، وبعد أربعة أيام سيزور طبيباً مختصاً بشكوى مختلفة، وبعد أسابيع ثلاثة لطبيب القلب وآلة (التردميل في عيادته، تسير بحزام على الكهرباء للمشي عليه)، وفي اللحظة التي ولجت البيت تذكرت فنجان قهوتي الذي تباعدت عنه، فأسرع مشتاقاً وبي رجفة برد ممزوجة بشوق له، أمارس القبلات والرشفات من ريقه الأمريكي المرّ، وكما يقول مثلنا الشعبي (مالذي يضطرك للمرّ؟... إلا الأمرّ منه)، على أمل أن تعيدني لنشاطي وتهدأ رأسي لأكمل الكتابة للصديق العتيق عن قصته التي شغلني بها.
**********
نصوص عربية

بلادي تحاصرني


ميديا شيخة*

على بساط البحر الأخضر
نمتُ
احبني البحر نرجسةً
بجسد ملاكٍ
ونطق بآيات فلسفة الماء
***
كاهن من النار
يسحر قلبي موقداً
***
الناي (مم) ينوح شواطئ إيجا
آهات مخنوقة للشيخ محمود
ولحى أسياد رضا الحكيمة
وآنية آرية تحفظُ الألم
بين الصخور سباتي
***
بلادي تحاصرني في المنفى
أبي لاهوت..
يحلمُ في القاع
بحقيبتي المدرسية..
***
(إيلان) انا
اسمها يقتُلُني ويُبكيني
متُ مع لواعجه الصماء
***
تلثمني روحي الباقية
ونعل حذائي هويتي
***
مع رقصة الموت ورثاء صخور
تنوء بالصلوات
مع انتشاء اللفظة
هنا يموت الكلام
امام نعل حذائي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر سورية

***************
في أحضان الهباء


قصي عطية

(1)
نلتقي ...
وفي أصابعنا شوقٌ للعناق
نختبئ خلفَ لهفتِنا، ونضحكُ،
ثمّ نضربُ صمتاً بصمت.
(2)
بين فكَّين: صمتُك وحزني اللّعينُ ...
ذكرياتٌ تتقاذفُ لحظاتي تحت غيبوبةِ الحنين،
ووشوشةِ القصبِ في ظلّ الفراغ.
(3)
تتراجعُ اللّهفةُ
وترعوي شهوةُ الاحتراقِ قربَ صمتكِ...
من أين لهذا الليلِ أن ينهضَ
ويسحبَ ياقةَ قميصِهِ؛
ليدرأ الصّدأَ عن جبينه؟
من أين لارتعاشةِ الجسدِ أن تُعانقَ
شوقاً سرمديّاً؛ لانعتاق الرّوحِ
في أحضان الهباء؟!
(4)
سأُعيركِ قلبي،
ليتَك تشعرين ما بأعماقِ انكساراتي !!
ليتَك تعرفين ما اعتراني ذاتَ اشتياقٍ لعينيك
من رغبةٍ دامسة اليُتم والحرمان !!!
(5)
هدهدَ الموتُ بالقربِ من شفتيكِ،
واضطجعَ إلى جواري يسردُ حكايةَ اللّهفةِ الأولى،
سافرتُ إلى حيثُ تسكنين
في قاعِ ذاكرتي،
مُنتشياً، خرافيَّ الشّهوة
شاهقَ الحنينِ فوق أسوار الغياب.
(6)
تبسّم شوقٌ لافترار الضّوء...
صافحتُه، ...
وجلستُ القرفصاءَ
أبكي ياسمينَ الخريفِ الواقفَ
في وجه الرّحيل.
***********
وحشة الليل


فضيلة مسعي*

وحشة الليل في عيون الصبية
تطفو كما سمك ميت على وجوههم
تفوح رائحته من أفواههم
أفواههم التي نسيت طعم الزاد مذ ارتطمت العصافير بأعشاشها
مذ سقطت الأجنحة على الحواف مهيضة
مذ تاهت عيونهم
تلك العيون البريئة التي تتوسل للضوء
تسكنه حشرجة الصوت
تركب مع الخفافيش صهوة الغسق
مروحة يدوية لسيدة عاشقة تخيط أزقة الذكرى كاسكافي حزين
تلك السيدة التي تسقط آخر نهارها في قاع اليمّ
تدق أحلامها أوتادا في خاصرة الريح
تتمرس بالحزن
والغضب
أيها الملعون
حفيف الأشرعة في صوتك
الحبال مجاديف في بحر الكلام
لا سيد إلا الصمت
لا غالب إلاالليل
لتزرع تويجاتك على صدر الحرف
لتسقط من أسوار الكلام شهيدا يعانق شهيدة
وجهك في اللايفون يتشظى ذبذبات صغيرة
بعض خربشات لصورة
يدثرك السواد
تغوص في الليل كما الصبية
كما عيونهم البريئة
تؤبن الضوء في ناصية الفرس
تروي ظمأ البحر من تحت حوافرها
يتلاشى الخبب في حماقات السادة
يحلو لك أن تضع صفرك على يسارك و تسميه رقما
فيكون عمر من ولد للتوّ عشرة أعوام إلا تسع
العمر انفلات لأرقام من قدح الأيام
تشربه في الخفاء امرأة
امرأة واقفة هناك
تحت قرص الشمس
تشخب الضوء في آنية من زجاج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعرة تونسية
*********
ص9
الجبل والنهر والانسان

للشاعر الكوري خفان جزين اي
ترجمها عن الروسية: أ.د. ضياء نافع- موسكو
الى المبدع يحيى السماوي . سيّد الشعراء


ض.ن.
وحده الجبل ,
ثابت ابدا,
لايتحرّك ولا يتغيّر.
النهر
يتحرك دائما,
يتحرك ويتغير.
امّا الانسان
فانه ليس ثابتا
مثل الجبل ,
الانسان
مثل النهر
يتحرّك دائما
ويتغيّر,
و لكن الانسان
ليس مثل النهر
دائما ,
اذ يمكن للانسان
ان يذهب مرة ,
ولا يعود مرة اخرى
ابدا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه القصيدة اختارتها آنّا أخماتوفا ضمن اختياراتها من الشعر الكوري الكلاسيكي وترجمتها الى الروسية , وقد ترجمنا النص الروسي كما جاء عند أخماتوفا . القصيدة في الاصل بلا عنوان , والعنوان هنا من وضعنا .
***********
الطابع البدوي للثقافة
ياسين النصير
المعني بالطابع البدوي للثقافة، تلك التقاليد التي رسختها البادية في الثقافة العربية القديمة، وكيف تسربت أبعادها إلى الثقافة الحديثة، فالمعروف أن البادية تؤسس لعلاقاتها بنية اجتماعية قائمة على الجغرافية ، وليس على تاريخها أوأزمنتها، فلم تذكر من أزمنتها إلا ايام العرب المعدودات، فمعظم القبائل البدوية راحلة، وهذا يعني أن علاقتها بالزمن تابعة لحركة الفصول على الأرض، في حين أن علاقتها بالأرض، مكانيةً وموارد انتاجها، فهي التي تؤسس طبيعة شبه ثابتة للثقافة، تنتقل معهم على شكل تقاليد وأعراف وحكايات وأمثال وحكم، وتتجدد كلما اضافت الطبيعة لها عامل انتاج جديد. فتكون الثقافة مرتحلة أيضًا، وقابلة لأن تتجدد تبعًا لما يضاف إليها أو يثلم منها، مما يعني انفتاحها على طبيعة الأرض وخصبها وجدبها، وانغلاقها على نمط ثقافي محدد، هو الشعروالحكاية. وعلى ما تنتجه العلاقات التي تنشأ كجزء من متغيرات الحياة المتنقلة.
إلا أن الرابط الأكثر جدوى في هذه الثقافة هو اللغة، ونجد ذلك واضحًا في قواميس اللغة العربية التي بنت كيان مفرداتها على متغيرات الحياة البدوية وما يتبع ذلك من ثبات وتكرار في حركة الجِمال والرمال والواحات والكثبان، واعتمدت المرويات السردية وديوان الشعر على هذه المتغيرات المكانية فثيمة التكرار والمتواليات، كجزء من رسوخ تقاليد ثقافية متداولة لأجيال مختلفة، لأن الأمكنة على الرغم من تغيرات تضاريسها بفعل التعرية، تميل في البادية إلى الثبات، الأمر الذي يجعل الحكاية أكثرالفنون التصاقًا بالبيئة البدوية، وقراءة الشعر العربي القديم تؤكد أن التوالي في ايقاعاته وموضوعاته وخاصة ثيمة الاطلال والغزل جزءًا من لوازم البيئة المتكررة التي تمارس حضورًا وجدانيًا وبصريًا على الشاعر، يكون البيت/ الخيمة مثاله المجسِّد للثقافة" حيث تنتظم الثقافة فيه على وفق النسق الذي يشيده، ليجد نفسه في تشابك متين بين انتاج الجغرافيا وانتاج اللغة، ويعني ذلك أن الثقافة لا تخرج عن هذين الميدانين: المكان والممارسات الحياتية التي تؤكد جذور الكلمات وتربطها بالحياتي والممارساتي. وقراءة بسيطة لهذه العلاقة نجد أن جذر أية مفردة لغوية هو بنية مكانية وليست تاثرًا ثقافيا أوتلاقحًا حضاريًا مع الآخر. فظرف المكان هو الأكثر حضورًا في اللغة من أية ظروف أخرى. لذلك يتم إنتاج المعارف من خلال علاقة البدوي بأمكنة انتاج قوته، ورعيه، وحكاياته، وثقافته العامة، وتقاليده، وما تفرزه البيئة من علاقات أخرى مع حيوناتها وكثبانها وأمطارها وواحاتها وجبالها، من دون أن تغلق اللغة على نفسها أبواب التأثر بممارسات جديدة تنفتج عليها حياتهم اليومية.
ان البادية تضع ناسها في متاهة المكان ومخاوفه وغموضه، على الرغم من معرفته بها، فالزمان هو الذي يحدد علاقة البدوي بالمكان، لأن الفصول هي الأكثر صلة بالتاثير على الأمكنة خصوبة وتنقلًا وكسبًا معيشيًا، إما من خلال التأثيرات المباشرة التي تُحدثها فيه الظروف المناخية، أو من خلال ما يحكى عن دور الشساعة الفضائية في جلب المخاطر والمخاوف والشرور من حيوانات كاسرة؛ ذئاب وضباع وأسود، وغزاة، ولذلك يتتبع البدوي تأثير الفصول على الأمكنة، كجزء من حماية ذاته، و ممتلكاته من الحيوانات، إن حس العلاقة بين الرعي والأمن، واقتصاد الماشية، واقتصاد الفصول ينتقل تبعًا لحاجة اقتصاده إلى أي منطقة يحقق فيها هذه العلاقة. ولم يقف الأمر عند علاقة المطر أو الريح أو الندى مع الكلأ والماشية، بل يتجاوز ذلك إلى دخول الربيع إلى ميادين اشتغاله اليومي، فتتغير علاقته بالأحياء الأخرى، مدحًا أو تغزلًا أو هجاء، أو كرمًا، كل ذلك يتبع ما يفعله الزمن من حيوية في الأمكنة االتي تعاني الجدب والشح. ولم يقف الأمر عند سطوح الظاهرة الاجتماعية، والمعايشة البصرية اليومية لظواهر الطبيعة ، بل تتجاوز ذلك إلى الغيب والمجهول فيستعين بثقافة السحر والتعويذات والطلاسم، وتعد الحكايات جزءًا من ثقافة الغائب. ومن خلالها يستحضر تاريخه وموروثاته كجزء من فصول الشح والثراء، فتتوالد الحكاية وتتكرر رواياتها وتصاحب ذلك الربابة وأصوات الغناء، كي يبعد عنه فصول القحط، فأغاني البادية تنهضها الأمطار والماشية والرعي والخضرة، والغزو، والكسب، ومن هنا تتغير علاقاته بالمرأة تبعًا لحاجته إلى الخصوبة ، حين أصبحت العلاقة مع المرأة جزءا مع خصوبة الأرض، وواحدة من تمردات البدوي شعرًا وسلوكًا على النسق الثقافي المتكرر، وعدّ الصعاليك قدوة في اقترانهم الخضرة والزرع بالمنح بالمرأة، ويعد ذلك خروجًا على النسق الثقافي التقليدي. كما تتغير علاقة البدوي بالأشياء اليومية المتغيرة، لأنها ستوفر له مزيدًا من الإنتاج الثقافي الشفاهي.
لايمكن فهم العلاقة مع البادية من خلال مروياتها القديمة فقط: الشعر والحكاية والغناء والربابة والقليل من الدبكات ومناسبات الزواج والأعياد، إنما من خلال العلاقة المربكة مع الماء، والنار والتراب والهواء، والسوق، وتعد السوق المظهر الاقتصادي لمباريات الشعر، فالقصيدة بضاعة القبيلة ومادتها وهويتها وتجارتها، حيث يتحول الفخر إلى بضاعةاعتبارية، فشح الماء يعني موت الخصوبة، ويعين قلة الإنتاج الثقافي، ولذلك كانت الأدعية بمناداة السماء كي تمطر منتشرة قبل مجيء الديانات، كجزء من اقنران العيش بالمجهول، أن العلاقة التي تربطه بالحياة تتم عبر توفر الماء.
نجد صورة أكثر درامية لعلاقة البدوي بالمكان، هي اختصاره للأمكنة بأشياء محدودة وكثيفة: الخيمة وقد استوطنتها هندسة ثقافية استمد الشعر من بنيتها بعض مسمياته البنيوية، الكثبان، الدليل الخرائطي لأمكنة الصحراء في السفر والترحال، التي تقترن بالحكاية والسهرواشعال النار، القبور، وتذكره بزمنه المحدد بالموت، الواحة وارتباطها بالخيرات، وصلتها الجذرية مع البستان والعطاء وارتباطها بالعيش ووفرة الحكايات، المرعى، ويشكل له ثلاث ثيمات جذرية: توفر الماشية والاطمئنان إلى غده، التبادل الاقتصادي مع الآخر، المركزية الإعتبارية والوجاهية. وهذه الميزات الثلاث وغيرها كلها مكانية، مع أن هذه الامكنة غير مأمونة الجانب، لا من حيث متانة تشييدها ولا من حيث استقرارها، إلا أن البدوي يتلاءم معها شعوريًا، لذلك يكثر من مدح الذات وثبات الموقف وعدم المهادنة مع العدو، وعدّ الغزو جزءًا من ثيم الثار. لذلك تجد المخاوف مهيمنة على انسان البادية رابطًا بها بين افعال الطبيعة وأفعال الأقدار، وكأنه يعيش في دومة من المخاطر التي تسببها مجاهيل الأرض وأمكنتها وأحيائها وما تضمره الشساعة من مجهولات. فالبدوي لا يبني بيتها قويًا مستقرًا، بل يستوطن القوة في ذاته، التي من شأنها أن تجعل كل مقتنياته ثانوية إزاء ذاته القوية، بناء البيت عنده، جزء من المخاوف الآنية، فالوقتية الزمنية التي تلازم الخيمة لا تجعلها مؤمنة لحياة طويلة له، لذلك نجد انسان البادية لا يستوطن خيامه في أيام الصيف لأن المناخ يتيح له حرية الإتصال بالسماء، بينما تحجبه الخيمة عن تأملاته في الشتاء، فيلجأ إلى المواقد والحكايات والذكريات، ومن ثم يغفو كأي كائن متعب على دفء الكلام ونار الموقد الهادئة والحكاية الناقصة.، معتمدأ على قوة حدسه بالمخاطر.
***********
في يوم تأسيسه المجيد
أدباء العراق
أدباء الموقف والإبداع

لمناسبة الذكرى (61) لتأسيسه
وجه الاتحاد العام للادباء والكتاب نداءً جاء فيه:

يا أرباب الكلمة الحرة والأصيلة، وعرّابي الجمال والندى..
اليوم يتمُّ اتحادكم سنته الأولى بعد الستين، ليشمخ وعياً وإنسانيةً وعراقةً تنثر الورد في بساتين الندى، ومسيرةً تطرّز الحياة بالموقف والثقافة والمعرفة.
ويجيء هذا اليوم المبارك في ظل الظروف الصعبة التي تمرُّ بها البشرية جمعاء، ليمثّل نقطة احتفاء واحتفال بالصمود الذي أكّدت عليه كتابات الأدباء، وهي تتحدّى الوباء الجائح، وتصنع التواصل بالفكر، وتكسر العزلة بإشاعة ضوء الحروف، فلزم علينا أولاً أن نحيّيكم يا سعاة بريد المحبة لما سطّرتموه من ألق ومشروعات أدبية شهدت لها ساحات التواصل الحقيقي والافتراضي.
هذا وقد امتدت مواقفكم الوطنية برّاقةً على مدى أشهر قبل اليوم، وستستمر، إذ أنتم تقودون وتدعمون تظاهرات الشعب ضد الطغاة والمفسدين، فقد شهدت الساحات توهّج أفعالكم وعلوَّ أصواتكم من أجل حياة كريمة للمواطنين، ومن أجل إحقاق الحقِّ والقصاص من قتلة الشعب، ومحاسبة من أراقوا دماء الشهداء، ومن سرقوا قوت الفقراء، ومازالوا يتحكّمون بمصير البلاد، وقد فاحت دماؤكم الزكية شهداء بررة في سبيل الدفاع عن قيم العدل، واختطف منكم جمعٌ نخص منه زميلين عزيزين هما (مازن لطيف) و(توفيق التميمي) ونكرر مطالبتنا الدائمة بالكشف عن مصيرهما، ونحمّل الدولة كلها مسؤولية سلامتهما.
أيها الأدباء..
إنه لأمر ضروري أن نتنادى اليوم مستلهمين طروحاتكم لتأسيس مجلس ثقافي وطني، تجتمع تحت خيمته كل أصناف الثقافة، ويكون الضامن الأكيد لاستقلال القرار الثقافي، وإبعاده عن التدخل والبيروقراطية ومحاولات التحكّم، مجلس يأخذ دوره في صياغة المنهج الفاعل وتكوين الرؤى الممتدة من القاعدة نحو أعلى المستويات، إذ ليس من المنصف أن تظل الثقافة مرهونة بنظام قديم لم يعد مناسباً ولائقاً بحضارة أمة مجدها الفكر، وفخرها الحضارات، وقد ابتدأ اتحادكم مشوار الفاعلية نحو هذا المشروع الذي تواكبت الجهود المشكورة من أجله قبل الحين، وسيتواصل في سبيل تحقيقه مع كل ذوي الشأن، فللأدباء ريادة وسيادة لن يتنازلوا عنها.
فيا أيها الأدباء..
يا رعاة حقول الأمل، أنتم اليوم بتكاتفكم وتحدّيكم؛ إنما تعيدون النبض الأول والمستمر لاتحادكم الذي امتدت عقوده، لتمثّل تاريخ الحركة الأدبية العراقية، وهي تمنح الأدب العربي عناقيد التطوّر والارتقاء، وأنتم اليوم بصوتكم الصادح وتفانيكم المثمر قوة لا يستهان بها، وطاقة ساطعة وشامخة تقضُّ مضاجع المتنفّذين وهم يصرّون على بقاء الوطن في خانات الركود، فاستمروا هادرين مجلجلين؛ فالانتصار كل الانتصار باستمرار قيمكم التي وجب على الجميع التعلّم منها، فكما قارعت أقلامكم الشريفة الظلم والنظام الديكتاتوري الفاشي والتغييب وشراء المواقف والقسر الفكري وتكميم الأفواه، يستمر مدادكم بنشر العدل والوقوف مع الشعب وكنس المواقف المهادنة والزائفة والأماني الباطلة بالعودة إلى الخراب والخنوع؛ بسلطة الحقيقة التي جسّدتموها بنضالكم الأصيل.
وانطلاقاً من موقعكم السامي في المجتمع، نحوّل الكلمات إلى حناجر، والحناجر إلى عاصفة تطالب باسمكم أيها الناطقون بالضوء، ونوصل صوتكم ونقاتل من أجله بكل الوسائل السلمية السديدة، لضمان عيش لائق بكم، وبالناس أجمعين.
فيا أرباب السلطة، تذكّروا أنكم عمّالٌ للشعب، والأدباء نخبته..
فسارعوا لتحقيق النتائج الملموسة التي طالبنا ومازلنا نطالب بها حتى ننالها، وننتزعها بقوة الإصرار، لدعم الأدب والأدباء، وضعوا نصب أعينكم مطالب الناس في التحرر من التجاهل والإهمال.
واختتم النداء بالدعوة الى
إن الرعاية والضمان والسكن والعيش والطباعة والتأليف والرفاه والعلاج.. إلى غير ذلك حقوقٌ أساس، وواجبكم تعبيد الطرق لتمرير القوانين الساندة لها، فمن المخجل أن يعجز بلدٌ عُرف عنه صيته الثقافي عن إصدار ما يؤمّن لمثقّفيه حاجاتهم، التي هي حاجاتٌ تجيء لدعم الوطن، لا لتشكيل عالة عليه، واعلموا أن ثورة الأدباء متّقدة، وستمتد إلى أقصى الحدود حتى إنجاز كل ما يستلزم الأديب من ضرورات تنهض بواقعه، وان المقبل سيملأ الآفاق ويتنامى، ولا خيار إلا إيلاء الأدب مكانته التي لا تقل عن المصاف الأولى.
*****************
سمفونيات
عابرة للزمن

 

امجد ناصر _المغرب _ خاص

يانخلة مكتومة باسقه
عند تخوم الحلة العاشقه
ها.. اب قد عاد على غفلة
ولم اذق اعذاقك الناطقه
تصيرني نجمة في المحاق
سورة في فرات العراق
وتناى حين ادنو على وجل لايطاق
غير ان العراق
قريب قريب كحد الماق
مستجير انا بظلك عند ازقتك التعبى
ايها (الكلج)* الكسير
ايها الجد حيث شاخت نواصيك
وانهدمت عتبة بيتي
و تداعت
فاضعت بوصلتي وسمتي
يدرج الطفل امجد او مجيد
غير اني لست منفردا وحيد
امشي الهوينا اتأمل حائط بيتي
وياجورة السور رقشها جدي البابلي
طوبى لخطوك عندي ايها الموشوم
بالظل البعيد
وانت.. انت اقرب من نبضي
ومن حبل الوريد
الحلة امي والعراق ابي
مذ كنت غضا صبيا والعراق صبي
امتح من نسغ الفرات ثمالة
غرثى لفيك يالها من مشرب
هي حلتي ينثال من جنباتها
زهو الشباب وشط بابل ملعبي
فاخالني نشوان صنو يمامتي
تهفو شمالا في الضحى والمغرب
أسعى لماء الأرض علي ارتوي
وسواك ماطابت لنبع طيب
اسلو فينتفض الفؤاد بلوعة
من ذا يعاف وجيبه وا عجبي
في لحظة عابرة
او لحظة شاردة اسرة
أمد ظلا فارها من بهاء
فيستجير الورد بالورد
ولا فراق
لانه العراق
ناهية اقماره في الروح
صاغرة لهمسه سادرة في عشقه
في لحظة من بوح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكلج/ احد احياء مدينة الحلة
*********
سينما
جدلية الارهاب والعدالة الاجتماعية
في فيلم "الرحلة"
رحمن خضير عباس
"الرحلة" من الأفلام العراقية الحديثة،التي أزاحت شرنقة السبات عن السينما العراقية التي دامت ثلاثة عقود، منذ الحصار الذي تعرض له البلد ً، والذي أدى إلى انكماش الفنون والآداب عامة، ولكنْه أثّر على الفن السينمائي بشكل خاص . ويعد فيلم "الرحلة" بارقة أمل للسينما العراقية في أن تنفض عن نفسها غبار الركود والاستسلام للأمر الواقع وتنطلق من جديد. الفيلم من إخراج الفنان العراقي محمد الدراجي.
يتناول الفيلم مسألة العنف والإرهاب، الذي مزّق النسيج الاجتماعي،ودمّر البنية التحتية للمجتمع وأغرقه في بحر من الدماء، كما جعل البلد يعيش زمنا داميا، تفتك به العجلات المفخخة التي تحصد البشر والحجر والحياة وكل شيء في الشوارع والأسواق العراقية، فضلا عن تفشي ظاهرة الأحزمة الناسفة، والتي يلبسها مجموعة من الوحوش البشرية، التي تريد أن تجتث جذوة الحياة، بحجة مقاومة الاحتلال.
امرأة شابة تسير بخطوات ثقيلة وغير مترددة وبملامح حجرية، وتدخل بناية المحطة الرئيسية للسكك الحديدية في بغداد، والتي يُعاد تأهيلها بعد توقفها لسنوات عديدة.
المحطة في تلك اللحظة تعج بالمسافرين والحرس والموظفين وعمال النظافة،كما تحتضن فرقة موسيقية تحتفل بإعادة تأهيل المحطة، والعمل بإعادة تسيير أول قطار إلى البصرة. وفي هذه اللحظة المشحونة بضجيج الموسيقى. وحركة السفر وخشية الحرس والشرطة من عملية تفجير. تدخل سارة التي لا نعرف عنها شيئا إلى الصالة الرئيسية، بنظرات زائغة وبخطوات حائرة، وكأنها تنتظر لحظة الذروة لتفجر نفسها مع الجميع. وفي تلك اللحظة يصادفها شابٌ اسمه سلام يحاول مغازلتها وإغواءها. وحينما تحاول التملص منه، يحاصرها فتضربه بقوة وتضع في جيبه حشوة متفجرة وتمسك بمفاتيحها، مما جعله ينقاد إليها وكأنه أسير تحت سيطرتها المطلقة. وحينما تذهب به إلى القطار الذي يهم بالسفر، يهرب منها ولكنها تقبض عليه بشدة.بعد سقوطه على الحصى، فينقاد لها وهو تحت ألم السقوط. وفي هذه اللحظة تأتي امرأة هاربة من انفجار في مكان ما من المحطة، فترمي على سلام حقيبة يكتشف أنّها تحتوي على طفلة رضيعة . وعنذاك يأتي بعض جنود المارينز. ويقومون باستجواب المرأة التي تركت الطفلة، فتجد الانتحارية سارة نفسها تقوم بالترجمة بين المارينز الغاضبين، والذين يشكّون في كل حركة، وبين المرأة التي تخلصت من طفلتها تحت ظروف خاصة ترتبط بالعلاقات غير الشرعية .
الانتحارية سارة كانت لديها فرصة لتنفيذ حالة التفجير. ولكنّها تناست مهمتها وانخرطت تحت وطأة ظرف غير متوقع، وهو وجود الطفلة بين يدي سلام . ومع أنّ سارة أرادت التخلص من الطفلة بأيّة وسيلة، لأنّ وجودها يتعارض مع مهمتها، ولكنّ سلام يتشبث بالطفلة. بعد ذلك تجد نفسها وقد تخلت عن مهمتها الانتحارية والإرهابية. الا ان الحزام الناسف يظل مطوقا خصرها من دون أن تستطيع التخلص منه، ولا سلام يعرف تقنية ابطال مفعول التفجير.
وعلى الرغم تناول قضية الإرهاب، ولكن الفيلم تعرض إلى الكثير من المعضلات والمشاكل التي تغلغلت في جسد المجتمع العراقي، فجعلته أشبه بمحطة قطار مهجورة حيث العربات المنسية والمتآكلة وغير العاملة، والسكك الحديدية التي تحولت إلى ما يُشبه مكبات النفايات، من حيث تراكم الأتربة والأزبال والمخلفات الأخرى .
أبطال الفيلم جميعا على حافة القهر واليأس، ابتداءً من سارة والتي قامت بدورها الممثلة زهراء غندور،وهي – أي الممثلة - من أم عراقية وأب لبناني، وتمثّل دور الانتحارية مسلوبة الإرادة، فثمة قوى غير مرئية فخخوا جسدها الفتي بالمتفجرات المميتة، ولكنهم قبل ذلك فخخوا عقلها وسلوكها ومجموعة مشاعرها بسلاح الكراهية، لذلك فقد كانت أشبه بالروبوت الذي يتم السيطرة عليه عن بعد، أما الشاب سلام والذي يقوم بدوره الفنان أمير جبارة، فيمثل الوجه الآخر لها، فهو من شريحة الشباب الضائع والذي تحوّل إلى إنسان مشوّه القيم، يتاجر بكل شيء : السمسرة والتزوير وبيع الأعضاء الصناعية، والدجل واغتنام الفرص، لا يتورع عن استخدام أحط العبارات البذيئة التي تعبر عن سوقيته،فهو نتاج سنوات الحصار التي سبقت الغزو، حيث شاع التصحر المعرفي وانتشرت الأمية لجيله .
أما الطفلان: بائعة الورد وماسح الأحذية، فيمثلان الطفولة التي فتحت عيونها على الفاقة والفقر والقسوة والحرمان، إنهم أطفال الشوارع الذين وجدوا أنفسهم على أرصفة البؤس، وفي أحزمة الحرمان التي تطوّق المدن. هؤلاء الأطفال الذين فقدوا طفولتهم وجزءا من إنسانيتهم، وظلوا يصارعون من أجل البقاء، فما أن يحصلوا على بعض المال من عمل أشبه بالتسوّل،حتى تأتي عصابة أطفال( جاسم بن سجودة ) لتعتدي عليهم، وتستولي على ما حصلوا عليه في يومهم.
إنها شريعة القوّة والبطش واليأس، تلك التي عبرت عنها الطفلة بائعة الورد بسحق بضاعتها احتجاجا على القسوة، حينما عاملتها سارة بقسوة.
عازف الموسيقى والمغني يعبر عن شريحة اجتماعية شاخت وانهارت قواها، وهي تقضي شبابها بين الأسر والحرب، وهاهو عاطل عن العمل لا يستطيع أن يلبي وعده لحبيبته التي انتظرته كلّ هذه السنوات . الفيلم أراد أن يقدم لنا شرائح اجتماعية متنوعة، تحت مظلة الاستلاب، لكن هذا المشهد بقي فائضا عن مسار الاحداث.
كما أنّ القوة الجسدية التي توفرت لسارة، وسيطرتها العضلية على الشاب سلام، لم تكن مقنعة للمشاهد ، فلو كانت السيطرة عن طريق إغوائه،لكانت أكثر منطقية.
لقد كانت المحطة صورة للوطن في أغلب تعبيراته، فالبناء المعماري لهذه المحطة قد رافق نشوء الدولة العراقية، حيث تم بناء الحجر الأساس لها بعد أن تأسست الدولة، ولكنها بدأت العمل عام ١٩٤٨، فيما أهملت بفعل الحروب والحصار، ثم نُهبت وخربت وعاثت بها يد الخراب والتدمير بعد الغزو الأمريكي، وها هي المحطة تولد من جديد بعد إعادة تأهيلها وافتتاحها في اول أيام عيد الأضحى من عام ٢٠٠٦ . تتجسد المحطة كفضاء شامل يحتضن شرائح مختلفة من الناس، كالعابرين والمسافرين، والذين يتسكعون على أرصفتها ، كما تضمّ العمال والموظفين والشرطة والكسبة، وأطفال الشوارع واللصوص والمزورين والباحثين عن الفرص الطارئة. كما تضم توابيت الموت للشهداء وذويهم المفجوعين.
تضم المحطة الكثير من العناصر الإرهابية التي تنتظر الفرصة لنشر الموت بين الجميع. كما تضمّ الطقوس الدينية وتشييع الموتى وترتيل القرآن الذي يدوي في زوايا المحطة، كما تضم الأغاني التي تحتفل بالمناسبة. ولكنّ الفرقة تغني بحزن، وكأنها تعبر عن حالة اللوعة التي تخيم على روح المكان، إلى جانب الوجوه الحائرة أو الواجمة والتي تبحث عن لقمة العيش، كما تضمّ الهموم الشخصية والعلاقات التي حطمتها الظروف، كما نجد المرأة التي استبيحت، وها هي تنوي الخلاص من طفلها خشية قتلها غسلا للعار، وهذا ما شرحته الانتحارية سارة للمارينز الغاضبين.
لقد أظهر الفيلم بأنه من الممكن إنهاء الإرهاب، بواسطة اجتثاث مسبباته والظروف التي تساهم في خلقه. وذلك باشاعة العدل الاجتماعي والمساواة.
لقد كان تخلي سارة عن تفجير نفسها، ورفضها الانقياد بالقوى التي أجبرتها على فعلها،لهو انتصار لقيم الحياة التي أراد الفيلم أن يؤكدها.
لقد أكدت التجربة الحادة التي مرّ بها سلام قد حولته من شخص انتهازي تافه، إلى شخص آخر، يؤمن بقيم الحياة العالية.
أما من الناحية الفنية فقد كان فيلم الرحلة منعطفا في بناء أسس جديدة لسينما عراقية متميزة على صعيد التقنية العالية في التصوير وهندسة الصوت وفي الاضاءة،واختيار حركة الكاميرا التي تتجول في الوجوه،وترسم تدفق الخوف والحذر والخشية والكراهية.
كانت وجوه الممثلين تعبر عن عبئ اللحظة، وفداحة الموت ورخص الحياة.
أما استخدام الشتائم السوقية،بما فيها من ابتذال،يعبر عن واقعية الفلم، فهو يعكس الواقع كما هو، الواقع الذي تعيشه هذه الطبقات المتعبة، دون محاولة تشويهه بالفاظ مهذبة .
إنها الواقعية في حدتها وصدقها وقوّتها التعبيرية.
لقد شارك هذا الفيلم في عدة مهرجانات سينمائية، وأحرز على الكثير من الجوائز.
********
لماذا؟

لماذا تقرر هيئة التقاعد استقطاع مبالغ من المتقاعدين بحجة تقديم (تأمين صحي) فيما كان كل متقاعد يدفع تأميناً صحياً من راتبه قبل التقاعد..
ترى هل هناك متقاعد واحد طالب الهيئة بتأمين صحي، وهو لا يأمن على صحته، لا قبل التقاعد ولا بعده، ام ان الهيئة تعتقد بأن الناس يجهلون حقوقهم؟
********
ص10
مزارعو المثنى يستنجدون .. فهل من يسمع؟

السماوة – عبد الحسين السماوي
أغلق المزارعون في محافظة المثنى أمس الاول الاحد أبواب مركز استلام الشعير في مدينة السماوة، وأحرقوا الإطارات عند بوابته. وجاء اقدامهم على ذلك ردا على رفض لجنة الاستلام فيه، قبول الشعير المسوق من قبل المزارعين، نظرا لـ "رداءة نوعيته وكثرة الشوائب فيه" حسب قولها.
وأبلغ أحد المزارعين "طريق الشعب" انهم لم يبلغوا من قبل اللجنة في بداية الموسم "بالتعليمات الجديدة الخاصة بتسويق الحنطة والشعير، ثم عندما جئنا لتسويق محصولنا واجهتنا اللجنة بتلك التعليمات، مما اربكنا وأربك وضعنا الاقتصادي ."
واوضح المزارع ابو محمد انهم عندما يجلبون محصولهم إلى مركز التسويق بشاحنات مؤجرة لقاء 450-500 ألف دينار، وترفض اللجنة استلام المحصول " فان هذا سوف يكلفنا مبلغا كبيرا ويثقل كاهلنا بالديون" .
واستنجد ابو محمد بـ "طريق الشعب" لايصال صوته في شأن المشكلة التي يواجهها مع بقية المزارعين، موضحا "أننا تفتقر إلى المال، واغلبنا يعيش في مناطق بعيدة عن مركز المدينة، مما يزيد من سعر استئجار الشاحنات التي نحتاجها لنقل المحصول" .
***********
"الماء الذكي"
لحماية الآثار العراقية

بغداد - وكالات
بتمويل من المجلس الثقافي البريطاني، بدأ العراق اعتماد تقنية جديدة لحماية مئات الآلاف من قطعه الأثرية، باستخدام نهج يسمح بتتبع المسروقات المكتشفة حتى الموقع الذي سرقت منه - وفقا لما ذكرته وكالة "فرانس برس" الخميس الماضي.
وأضافت الوكالة أن قرابة 273 ألف قطعة أثرية في متحفين عراقيين، غطيت بسائل شفاف يحتفظ ببصمات أصابع من يتعامل مع تلك القطع، مبينة أنه لا يمكن لأحد رؤية ذلك السائل إلا بالاستعانة بتقنية خاصة.
وسيسمح المشروع بتتبع الآثار وإثبات سرقتها وتحديد هوية المتعاملين بها، ما سيخلق "رادعا قويا للصوص المحتملين والمتاجرين بها" - بحسب الوكالة.
ويستخدم المشروع المبتكر الذي يقوده عالم الآثار الشهير البروفيسور روجر ماثيوز من جامعة ريدينغ، سائل الطب الشرعي "السائل الذكي" المُعد خصيصًا للتعامل مع الآثار. ويسمح هذا المركب غير المرئي بالعين المجردة، بحفظ بصمات الأصابع التي يمكن رؤيتها باستخدام تقنية "الضوء الأسود".
وأثبتت الاختبارات التي أجراها العلماء في جامعة ريدينغ، أن سائل الطب الشرعي لا يسبب أي ضرر للحجر أو الفخار أو المعدن أو الزجاج، ويمكن أن يتحمل الحرارة الشديدة والمذيبات والظروف البيئية القاسية لعقود.
وقال البروفيسور ماثيوز لوكالة الأنباء ان "القطع الموجودة في مجموعات المتحف التي عملنا معها لا تقدر بثمن فيما يتعلق بالقيمة الثقافية الهائلة التي تقدمها للعراق، وستعطي هذه المبادرة لها بصمة كيميائية بشكل فعال، ما يسمح بتتبعها إذا وقعت في الأيدي الخاطئة".
ويضيف قائلا: "تزود المادة أيضا وكالات إنفاذ القانون بالأدلة اللازمة لاعتقال ومحاكمة أولئك الذين يقومون بحيازة القطع الأثرية بطرق غير قانونية".
**********
آخر رواد السرد العراقي:
جيان.. تسعون زهرة
خالد العلي- براغ
هل الاغتراب والغربة ، هو الاختيار الذاتي المحض الذي دفع الكثيرون للعيش خارج الوطن؟
أم أن الوطن لم يستوعب محبيه ؟
الاغتراب لعنة يعيشها العراقي، مجبرا بين الداخل والخارج لتبقى الغربة داخل الوطن هي الاصعب بعد ان فرضها الطغاة على مر التاريخ البشري، الاثنان يبحثان عن الوطن والانشودة التي نعيشها والعذاب المر الملتصق بنا حتى تحول الوطن الى محطات تتنقل بنا في سيناريو مجاني في زحمة عربات الزمن المشوه !
لقد عبر جيان بشكل جميل عن مسوغات الغربة في أنتاجة الادبي، وعمل على الثوثيق الواقعي للاحداث بصياغة أدبية ممتعة وهذا التوثيق الادبي عاش مرارة الاحداث العراقية منذ العهد الملكي مرورا بثورة 14 تموز والانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963 وصولا الى هذا الزمن الصعب.
- ولد الكاتب والاعلامي ، يحيى عبد المجيد بابان ( جيان) في بغداد منطقة الصابونجية في 10/ ايار - من عام 1930.
- عام 1963 بعد الانقلاب الفاشي، اضطر إلى مغادرة وطنه العراق الى تشيكسلوفاكيا واستقر في مدينة براغ العاصمة، وعمل في القسم العربي لإذاعتها، ولم يتوقف عن كتاباته الأدبية.
- متزوج من سيدة سلوفاكية وله منها ثلاثة أطفال ، ولد وبنتان ، جيان ،عادلة ، وأنا .
- بدأ اهتمامة الادبي في سن مبكرة (مرحلة دراستة الابتدائية والمتوسطة) ، واهتم بقراءة للرويات التي كان يجلبها لة والدة ويتذكر بالدرجة الاساسية كتابات جرجيس زيدان وكيف كان يجتمع مع اقرانة من الطلبة في مرحلة المتوسطة ، ويترجل سرد احداث ما قرأة من هذه الروايات.
- كان من ادباء جيل الخمسينيات المتميز ، وبدأ بنشر كتاباته في مجلة (الفنون) منذ منتصف الخمسينيات، وبعدها ظهرت قصصه القصيرة ومسرحياته على صفحاتها، وفي غيرها من المجلات والصحف المحلية
- كتب عددا من القصص القصيرة خلال الفترة 1957-1958 قسم منها نشر في المجلات العراقية ومجلة الاداب البيروتية والقسم الاخر لم يتم نشرة لاسباب مالية وصعوبة في النشر.وبعد تموز 1958 نشر جيان الكثير من نتاجاته الأدبية في مجلتي (المثقف) و(الثقافة)، ومن أهم قصصه القصيرة المنشورة فيهما (أعماق طيبة) و(حزمة القش) و(حافلة النقل)، وغيرها فضلا عما نشره في الصحافة المحلية الأخرى في المسرح والأدب والسياسة.
- على صعيد المسرح فقد كتب مجموعة من المسرحيات، ومنها ما حقق الفوز في المسابقات مثل مسرحية (المقاتلون) عن الجزائر وفازت هذه المسرحية بالجائزة الاولى في مسابقة دار الاداب البيروتية التي كان يترأسها سهيل ادريس ، ومثلت من قبل فرقة المسرح الحديث، يوسف العاني.
و(الخبز المسموم) أخرجها قاسم حول وعرضت في التلفزيون العراقي يومها .ونشرت في مجلة الاداب بيروت 1954 ، المنتفخون في البيت ، مجلة فنون - بغداد 1957، الطاحونة – مثلت عام 1957 التي حازت على الجائزة الاولى في مسابقة نظمتها مجلة تابعة لمصلحة السينما والمسرح. وكان يتولى إدارتها آنذاك الفنان يوسف العاني. وعودة للريف نشرت في مجلة لمثقف العربي.
- صدرت لة مجموعة قصصية عن دار أمل الجديدة بدمشق بطبعتها الأولى 2015 تدون وقائع الأشهر الأخيرة من أيام الجمهورية الأولى (1958-1963 ).
- عن دار " الفارابي" في بيروت صدرت لة رواية " دلمون " عام 2008 .

*************
محمد سمارة.. الاديب في محنته!

وجه الصحفي والاديب العراقي/ الفلسطيني الأصل محمد سمارة نداءً الى كل قوى الخير لغرض مساعدته وقبوله لاجئاً في الي بلد كان..
جاء هذا النداء بعد ان وجد نفسه وحيداً مع ابنه من دون مصدر مالي ولا سكن يأويه، حيث توقفت مفوضية اللاجئين عن دفع ايجار مسكنه فيما يعاني في شيخوخته من جلطة دماغية صعبة..
وكان اتحاد الادباء في العراق يقدم له شهرياً معونة مادية، الا ان حالته الصحية تدهورت من دون علاج وعدم توفر مكان يأوي اليه، الامر الذي جعل الاتحاد يوجه نداء الى المسؤولين للوقوف الى جانبه في هذه المحنة التي يعانيها.
يذكر ان محمد سمارة عمل في الصحافة على مدى اكثر من أربعة عقود واصدر (14) كتاباً في القصة والرواية والشأن الثقافي، والأمل ان تقدم له المساعدة والعناية والرعاية من قبل الجهات المعنية.
**********
وطني

احسان محمد علي

وطني وجع القصيدة
وطني ترنيمة الطفل
وسعف النخل..
ازهار على دجلة تنمو
في الصباحات البعيدة
وطني رائحة التنور
ودورة الناعور
حين يغفو الطير
منتشياً..
على اقدام ذاكرة وئيدة
وطني في اللوح مكتوب يغني
لـ عشتار .. لـ تموز
لباسقات النخل
للحرب المديدة
*********
خيام الاعتصام
مصانع الابطال

يحيى ذياب
جيل جديد يتمتع بمسؤولية عالية، ظهر بشكل واضح بين صفوف معتصمي ومتظاهري ساحة التحرير وسط بغداد .
مع تفشي وانتشار فيروس كورونا اخذ الشباب العراقي على عاتقه توفير وسائل ومعدات الوقاية من هذا الفيروس القاتل داخل ساحة الاعتصام.
جاسم شاب عشريني يرتدي البدلة البيضاء الواقية حاملا على ظهره قنينة بلاستيكية معبئة بالمعقمات ومواد التعفير متجولا بين الخيام. عند سؤاله عن الجهة التي تمول هذا النشاط المهم وتوفر المعدات والمواد المخصصة لغرض التعقيم والتعفير، اكد "نحن مجموعة من الشباب المعتصمين بمواد ومعدات تبرع بها عدد من الميسورين من العراقيين الوطنيين لغرض الوقاية من هذا الفايروس القاتل". هنا تداخلت زميلته "نحن احضرنا بالاتفاق مع الجهات الصحية لتوفير غرف الفحص والتعفير للداخلين والخارجين من ساحة الاعتصام".
لم تكن هذه الحالة الوحيدة في ساحة التحرير بل هناك مواقف بطولية رائعة ربما لا يصدقها البعض لكنها حدثت وما زالت تحدث . عند دخولي لأحدى خيام الاعتصام في ساحة التحرير ببغداد كانت هناك مجموعة من المعتصمين يخيطون الكمامات الواقية . انهم عمال نشطون يعملون وينتجون في مصنع ربما اقل ما نطلق عليه (مصنع الابطال) ليس لغرض الربح المادي انما لتزويد خيام الاعتصام وسكانها بالعدد الواقية من مخاطر هذا الفيروس الخطير . تحدثت اليهم عن مصدر توفير تلك المواد الاولية ، فأجاب احدهم "ان هذه المواد الاولية لصناعة الكمامات هي تبرع من بعض الصناعيين واصحاب المشاغل في بغداد يأتون بها الى ساحة التحرير يوميا ويقوم بعض العمال المهرة (الاسطوات) بتدريب عدد من المعتصمين على كيفية خياطة هذه الكمامات" .
ربما لم تكن هذه الصورة النضالية الوحيدة في ساحة الاعتصام، فهناك الكثير غيرها وسيثبت العراقيون اصرارهم على بناء وطن مزدهر والامل بمستقبل شعب حر وسعيد.
***********
ليس مجرد كلام...
للمتقاعدين دَينٌ
في أعناق الجميع

في عام 1971 أحيل أبي على التقاعد ،، فبدأت مراجعاته لإكمال معاملة الراتب التقاعدي ، حيث السفر من الفاو إلى مركز البصرة لمراجعة دائرة التقاعد. اصطحبني ذات مرّة معه إلى الدائرة تلك ، حيث كانت للمتقاعدين قاعة استراحة ثم يأتي موظف ينادي بأسمائهم ليوجههم كلاً حسب القسم الذي سيراجعه. في القسم أيضاً شاهدت مصاطب يجلس عليها المراجعون ، ليتم إكمال معاملاتهم بعد المناداة عليهم واحداً واحدا. وفي أقل من أسبوع أكمل أبي معاملته وأعطي موعداً لاستلام الراتب ، كما أعطي ختما من البرونز باسمه للتوقيع عند الاستلام كونه لا يعرف القراءة والكتابة !
تذكرت مراجعة أبي لدائرة التقاعد وأنا اسمع واقرأ عن مأساة المتقاعدين بتوقف رواتبهم خلال الشهرين المنصرم والحالي، وهم في أمسّ الحاجة إليها في هذا الظرف العصيب الذي نمرّ فيه. بالإضافة لما يعانيه الذين أحيلوا بقرار التعديل الجائر الذي أستلب من أعمارهم ، بل أعمار كل الموظفين حالياً ، ثلاث سنوات دون أدنى حق ، وبلا دراسة جادة لعواقبه ، وهم يناشدون هذا وذاك لإكمال معاملاتهم كي يستلموا رواتبهم التي هي قوتهم وعيالهم !
في كل دول العالم إذا أحيل المواطن على التقاعد تُباشر دائرته بإجراءات معاملة تقاعده، وإكمالها ثم تسليمه مكافأة نهاية الخدمة والراتب الأولّي في حفلة تقام على شرفه، وهو جالس على الكرسي كأنه ملك زمانه. كل ذلك لأنه قدّم سنوات عمره الغضّة في سبيل خدمة الوطن والناس!
المتقاعد الذي أكمل السن القانونية أعطى كل حياته وزهرة شبابه في خدمتنا ، لهذا علينا أن نخدمه في كبره ، ونسعى لتقديم أفضل ما نستطيع من خدمات له ، كي لا يشعر انه أصبح خارج قائمة الخدمة ، بل يبقى دعامة من دعائم البناء التي نستند عليها. ومواطنونا بشرائحهم المجتمعية كافة بحاجة إلى وقفةٍ مثل هذه ، كي نشعرهم بقيمتهم الأساسية في الحياة ، وإنهم قدّموا ما عليهم ، وهذه ثمرة كدّهم وصبرهم كل هذه السنين ، كونهم عملوا وخدموا وبنوا الوطن ، لا أن نتركهم يركضون هنا وهناك لاهثين من التعب والمعاناة. علينا أن نقدّم لهم الأفضل والأمثل ، وننجز معاملاتهم بأسرع وقت وفي دوائرهم قبل أن يودّعوها !
على الحكومة والمسؤولين كافة أن ينظروا إلى معاناة المواطنين في دوائر التقاعد العامة، وفي المحافظات جميعاً، ليرفعوا الحيف عنهم ، ولنشعرهم بأن لهم دَيناً في أعناقنا وعلينا أن نفي به من خلال ذلك ، وليكن في عِلْمِنا أننا سنمرّ بنفس التجربة ذات يوم !
للمتقاعدين حقٌ على الجميع، لهذا يجب أن ننظر لهم بعين المسؤولية الكبيرة، ونرفع عنهم معاناة المراجعات وآلامها بعد وصولهم السن القانوني، الذي سنصل إليه حتما ونقف نفس موقفهم هذا! لا أن نتركهم في مهبّ الريح ينتظرون غودو الذي صار هلالاً لن يُرى حتى بالمجهر!
أيّ ضمير هذا الذي يوقف رواتب المتقاعدين أو يؤخر دفعها، وهي حقّهم ولا منيّة من أحد ابدا، حيث تم استقطاعها من رواتبهم منذ اللحظة الأولى التي باشروا فيها بالعمل ؟!

عبد السادة البصري
************
تخفيفاً لمعاناة الفقراء في ظل كورونا
"مخبز الزعيم" يوزع الخبز مجانا في "جسر ديالى"
بغداد – سلام اللامي
في صورة مضيئة من صور التكافل الاجتماعي التي برزت خلال أزمة كورونا، يقوم أحد المخابز في ناحية جسر ديالى جنوبي بغداد، بتوزيع الخبز مجانا على العائلات المتعففة التي باتت تعاني ظروفا معيشية أصعب جراء الأزمة وتداعياتها الاقتصادية.
فبعد قرار الحجر الصحي ومنع التجوال الوقائي الذي فرضته خلية الأزمة منذ منتصف آذار الماضي، والذي انعكس بشكل كبير على عمال الأجر اليومي الذين سبب القرار توقف أعمالهم، بادر الرفيق أحمد شاكر، صاحب "مخبز الزعيم"، إلى إطلاق حملة لتوزيع الخبز مجانا على العائلات الفقيرة والمتعففة التي تشكل غالبية سكان الناحية.
ويوزع المخبز يوميا نحو 800 رغيف، كما انه يخفض سعر الخبز المباع إلى 7 أرغفة مقابل 1000 دينار، بدلا من 4 أو 5 أرغفة مثلما محدد في المخابز عموما.
معلوم ان الرفيق شاكر يساهم ايضاً مع عدد من رفاقه وأصدقائه في جمع التبرعات وشراء سلات غذائية لتوزيعها على العائلات المتعففة في الناحية وعدد من المناطق التابعة لها.
**********
ايناس جبار.. من التحرير وإليها
بغداد – طريق الشعب
لم تغب الناشطة النسوية ايناس جبار عن ساحة التحرير منذ اندلاع انتفاضة تشرين الباسلة. ورغم تعرضها الى القنابل الدخانية والمضايقات الامنية، الا انها كانت حريصة على مواصلة تواجدها مع رفاقها المنتفضين الشباب.
خلال فترة الانتفاضة انشغلت إيناس بتزويد المنتفضين بكل ما يحتاجونه من مستلزمات البقاء في ساحات الاعتصام، وعملت مع فريق نسوي على جمع التبرعات من المواطنين الداعمين للانتفاضة، لتجهيز المنتفضين بشكل يومي بالطعام والملابس وغيرها من الاشياء الضرورية، وذلك ابان الحملة التي أطلقتها الحكومة لقمع الانتفاضة.
وبعد انتشار وباء كورونا في العراق، لم تكف ايناس عن التواجد في ساحة التحرير، وهذه المرة لدعم المنتفضين ايضاً. اذ حرصت على تزويد خيمات الاعتصام بشكل مستمر بالطعام والماء بعد حملة اخرى لجمع التبرعات من الميسورين. فيما وزعت مع فريقها التطوعي 600 سلة غذائية في مناطق واحياء بغداد الفقيرة.
وعن هذا النشاط تقول ايناس، انه "مهم جدا بالنسبة لي ويحمل المعنى الحقيقي لمفهموم الانسانية والتكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع. وهذا ما تفرّد به مجتمعنا العراقي. فكانت وقفة حقيقية ومشرفة من قبل الاشخاص ذوي الدخل الميسور تجاه ابناء شعبهم من المحتاجين، وهو درس مهم يحفزنا على الاستمرار بهذا النهج الانساني حتى بعد انتهاء الازمة، سعيا نحو تقليل الفوارق الطبقية في المجتمع".
وتضيف قائلة، ان "هذا النشاط منح الكثيرين الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، وربط هذا الشعور بالوطنية. فكانت مشاركاتهم في التكافل الاجتماعي نابعة من شعورهم العالي بالوطنية تجاه ازمة يمر بها وطنهم وابناؤه".
وتتابع إيناس حديثها قائلة، أن "هذا النشاط منح المتطوعين في العمل الإنساني، فرصة للتدرب على العمل خلال فترات الأزمات، وعلى كيفية احتواء الأزمة. وهذا يمكن ربطه بنشاطهم خلال التظاهرات التي جعلت عملهم يتواصل حتى في ازمة كورونا بمنتهى الانسانية والمهنية".
وعن الصعوبات التي واجهتهم خلال فترة الحظر، تذكر الناشطة النسوية ان ابرزها يكمن في تردي الواقع الصحي والمخاوف من اصابة المتطوعين، سواء خلال شراء مستلزمات الحملة نظرا لاكتظاظ الاسواق بالمتبضعين، أم اثناء توزيع تلك المستلزمات في المناطق البعيدة، والتي كانت في بعض الاحيان تضم عشوائيات، في وقت يغيب فيه الوعي الصحي بين اهالي تلك المناطق، ويبرز ضعف اتخاذ الإجراءات الوقائية المطلوبة.
الجدير بالذكر ان ايناس جبار عضو في الحزب الشيوعي العراقي، وهي ناشطة في مجال العمل الانساني والحراك الاحتجاجي ومدافعة عن حقوق الانسان وقضايا المرأة بشكل خاص. كما انها تؤمن بأن المرأة عنصرا مهما في احداث التغيير، وبأن الحقوق لا تعطى، انما تنتزع.