العدد 158السنة 85 الثلاثاء 5 أيار 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1
رائد فهمي: لنفعّل الجهد الوطني المقاوم لداعش
ادلى الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، عصر اليوم (الاثنين 4 ايار 2020) بتصريح صحفي في شان عمليات داعش الإجرامية، التي شملت في الآونة الأخيرة محافظات عدة، ووصلت الى مناطق قريبة من العاصمة بغداد .
ووجه فهمي تحية اكبار للشهداء من منتسبي قواتنا الأمنية والحشد، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين. وعبر عن القلق المتزايد إزاء الجرائم الخطيرة التي يقترفها التنظيم الاٍرهابي، واشار الى ما ذكره بعض المصادر عن "عودة داعش من جديد الى فرض الإتاوات في الموصل، ما يعكس تقصيرا واضحا من جانب أطراف عسكرية وأمنية واستخباراتية عدة، إضافة الى السلطات المحلية، كما يؤشر تقدم مساعي التنظيم الإرهابي لإعادة نشاط زمره ولملمة أنصاره ومريديه".
واكد فهمي من جانب آخر"أن هذه التطورات تعكس حالة تراخي في المتابعة اليومية لأفعال داعش وما يقوم به ويخطط له، وضعفا في التنسيق والتعاون بين مختلف صنوف وتشكيلات القوات المسلحة والأمنية، بما فيها فصائل المتطوعين في الحشد الشعبي والبيشمركة".
واضاف ان "المعطيات المتوفرة تؤشر توجه التنظيم الاٍرهابي الى تفعيل قواه وخلاياه النائمة في المناطق المحررة. وان ما يستوجب التنبيه في هذا الخصوص، أن هذه المناطق وأهاليها ما زالوا يعانون من التلكؤ والتقصير الحكوميين في معالجة التركة السابقة الثقيلة لاحتلال داعش، خاصة ما يتعلق بإعادة الاعمار وإرجاع النازحين الى مدنهم وقراهم، وتوفير فرص العمل لهم، اضافة إلى حسم ملفات آلاف المغيبين والمعتقلين من أبناء هذه المناطق".
وعن الإجراءات الواجب اتخاذها إزاء الخطر الداهم، شدد سكرتير اللجنة المركزية للحزب على ضرورة مواجهته بمنظومة متكاملة من الإجراءات السياسية والأمنية والاقتصادية المترابطة، وبضمنها وضع حد للصراعات الفئوية الضيقة، والإسراع في تشكيل الحكومة المؤقتة، والاهتمام الجدي بمواطني المناطق التي تحررت من داعش، ومعالجة الملفات العالقة الخاصة بهم. وعلى الصعيد الأمني شدد على أهمية اليقظة ومواصلة التصدي متعدد الأنماط والأشكال لداعش، والانتقال من صد تعرضاته الإرهابية الى الانقضاض عليه وتفكيك خلاياه، والتنسيق بين مختلف القطاعات والتشكيلات العسكرية، وتفعيل الجهد الأمني والاستخباراتي.
كما أكد ان "الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم مطالبتان بالمزيد من التنسيق والتعاون العسكريين والأمنيين، وقطع الطريق على استغلال داعش لنقاط الضعف في هذا المجال، ووضع حد لعدم الاهتمام بهذا الموضوع الحساس".
وأعاد الرفيق فهمي الى الاذهان "حقيقة أن الحاق الهزيمة الكاملة بتنظيم داعش الإرهابي والقضاء عليه تماما، هي معركتنا جميعا، وانها تتطلب حشد كل الامكانات لدعم الجهد الوطني المقاوم لداعش الاٍرهابي، والمساهمة في كشف مخططاته الشريرة، وتقوية عناصر الصمود والتصدي له، وتفويت الفرصة على تمرير مشاريعه الدنيئة".
**************
كتب المحرر السياسي:
حرية الصحافة تحدٍ رئيسي
لكل الساعين إلى دولة المواطنة

حل عيد الصحافة العالمي (3 أيار) هذا العام ، فيما الصحفيون العراقيون والمؤسسات الاعلامية يواجهون تحديات عديدة ومخاطر جمة، تعيق عملهم وتضيق من مساحة حريتهم حقوقهم.
وتضع منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية العراق في المرتبة 162 من أصل 176 دولة، ضمن تصنيفها لمؤشر حرية الصحافة حول العالم في العام 2020.
ويبرز عدم استقرار الوضع الأمني، كواحد من أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين في بلادنا. فإلى جانب التهديدات ومحاولات الترويع التي ينفذها مسلحون وجماعات خارجة عن القانون، لا يكاد يمر عام منذ 2003، إلا ويسجل العراق سنويا سقوط شهداء من الوسط الصحفي.
وكان آخر عمليات الغدر التي نفذتها الأيدي الاثمة، اغتيال المراسل التلفزيوني أحمد عبد الصمد وزميله المصور صفاء غالي، إثر تغطيتهما المباشرة للاحتجاجات في البصرة. كما تعرضت مؤسسات إعلامية إلى اعتداءات على مقراتها، من دون أن تحرك السلطات ساكناً.
وإلى جانب ذلك، يشكل التحدي القانوني عاملا كابحا للحريات الصحفية. فالقوانين الموروثة من النظام الدكتاتوري المباد، لا تزال نافذة وتحكم النزاعات القضائية في شأن الاعلام وقضايا النشر.
وتلفت الانتباه الجهود المبذولة من قبل صحفيين ومنظمات ووسائل إعلام، لتخليص الواقع الصحفي من القيود والعوائق، الا ان تلك الجهود تصطدم في غالب الاحيان باصرار المتنفذين على ادامة الحال السيء للصحافة وإبقائه كما هو.
لذلك يبقى اطلاق الحريات الصحفية، وتوفير بيئة قانونية آمنة للعمل الصحفي، تحديا رئيسيا بالنسبة للمدافعين عن الحقوق والحريات، الساعين إلى بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية.
*************
تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:
نمجد الشهداء ونحذر من استئناف داعش الاٍرهابي نشاطه
كثف تنظيم داعش الاٍرهابي في الآونة الأخيرة من تحركاته ونشاطاته الإجرامية في مناطق عدة بالمحافظات المحررة من قبضته وطغيانه، وكان آخرها هجومه يوم امس على القوات العسكرية والأمنية في بلد ومكيشيفة بمحافظة صلاح الدين، الذي أدى الى استشهاد عدد من منتسبي الحشد الشعبي وإصابة اخرين، اثناء التصدي للهجوم الغادر.
وتؤكد تحركات داعش الأخيرة ما سبق ان قلناه من ان بلدنا حقق انتصارا عسكريا كبيرا على منظمات الاٍرهاب، لكنه ليس بعد انتصارا نهائيا، واكدنا ان تحقيق النصر الحاسم يتطلب معالجات متناسقة، سياسية وعسكرية واقتصادية واستخباراتية وإعلامية.
ومن الواضح ان داعش ينتهز أية فرصة تتاح له واية حالة تراخي وعدم حذر، للملمة صفوفه وتفعيل خلاياه النائمة لإرباك الوضع العام في البلد، ولاثبات وجوده ورفع معنويات مناصريه المنهارة بعد هزائمه الكبرى. الامر الذي يفرض التحلي باليقظة وتفعيل الجهد الاستخباري وردم الثغرات، التي يسعى العدو الاٍرهابي للتسلل عبرها وتوظيفها لصالح مخططاته الشريرة.
كذلك تتوجب المتابعة الدائمة والتصدي لنشاط داعش في المناطق المتنازع عليها، عبر التنسيق الأفضل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم والمؤسسات والأجهزة ذات العلاقة.
ان أوضاع بلدنا عامة، لا سيما الاقتصادية منها والصحية وحالة الاستعصاء السياسي، تلح على الإسراع في إقامة حكومة مؤقتة فاعلة، وقادرة على التعامل مع الملفات العديدة المفتوحة على مصارعيها بانتظار الحلول، وتجنيب أبناء شعبنا المزيد من الأذى والمعاناة والتضحيات، ولقطع الطريق على داعش وامثاله والحؤول دون تنفيذ مآربهم الدنيئة .
اننا اذ نمجد الشهداء ونعزي عوائلهم وذويهم، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، وندين الهجمات الوحشية لداعش، نشدد على ضرورة مواصلة الحملة الوطنية الشاملة ضد التنظيم الاٍرهابي ومنظمات القتل والجريمة والإرهاب كافة، وتوظيف القدرات والإمكانات جميعا من اجل تحقيق ذلك. وهذا يستلزم أيضا التنسيق الفاعل بين مختلف التشكيلات العسكرية والأمنية والحشد والبيشمركة، ونهوض الحكومة بواجبها في هذا الشأن .

٢ أيار ٢٠٢٠
************
تهنئة الرفيق رائد فهمي
بمناسبة عيد العمال العالمي

يحل عيد الأول من أيار هذا العام والعراق والعالم يواجه أوضاعًا استثنائية وازمات مركبة، تشدد من معاناة الشعوب وشغيلتها بشكل خاص، كما انها تكشف بصورة اكثر سطوعا شرور الرأسمالية وعولمتها.
وإذ نهنئ الطبقة العاملة والشغيلة عمومًا في العراق والعالم، نحيي نضالاتهم ضد الاستغلال بجميع اشكاله ومن اجل الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية. وهو مناسبة للطبقة العاملة العراقية وتنظيماتها النقابية لأن تعزز دورها وعملها الموحد، لتحقيق المطالب المشروعة لعمال وشغيلة العراق، ولان تلعب النقابات والاتحادات العمالية دورا فاعلا في الحراك الاحتجاجي الشعبي.
وفي هذه المناسبة، وإذ يشارك حزبنا الطبقة العاملة الاحتفال بعيدها، فانه يدرك مسؤوليته في الارتقاء بدوره الفكري والسياسي والتنظيمي -التعبوي في التعبير عن مصالحها، وفي تعزيز دورها في النضال الطبقي والوطني والديمقراطي.
************
والحساب آتٍ في النهاية!

حديث اقتصادنا المترنح واسعار النفط المنهارة والرواتب المهددة والمستقبل المجهول "يشيّب الراس"!
بعد 17 سنة من التغيير، وبعد تهريب مئات مليارات الدولارات النفطية الى الخارج، اوصلتتنا حكومات المحاصصة والفساد الى ما نحن فيه اليوم من بؤس وحيرة وقلق: هل ستصرف رواتبنا هذا الشهر؟ ورواتب الشهر المقبل؟ وما يليه من شهور؟
عائدات النفط في نيسان حسب المعلومات الرسمية لم تتجاوز 1.4 مليار دولار، وهذا يقل عن نصف عائدات شهر آذار. والمبلغان بمجموعهما بالكاد يكفيان لتغطية رواتب شهر واحد في ظروفنا الراهنة ..
لذلك توقع الخبراء أن يؤدي الانهيار في أسعار النفط الى انهيار كبير جداً في اقتصادنا بمجمله، وليس في الرواتب وحدها اذا لم تنتهج سياسية بديلة و"إذا لم تُتَّخذ إجراءات لاسترجاع الأموال المنهوبة وضبط النفقات المالية".
فهل لاحظ احد تحركا حكوميا جديا لاستعادة منهوباتنا؟ وهل هناك من لفت انتباهه مسعى بالفعل لا بمجرد القول، من طرف الحكومة او من جانب البرلمان، لضبط الانفاق المالي ووضعه على السكة الصحيحة ؟
.. لعل هناك من يرى ما لا يُرى!
راصد الطريق
***********
مفاوضات تشكيل الحكومة لم تُحسَم
واكثر من سيناريو بشأن جلسة البرلمان المقبلة
بغداد - طريق الشعب
تتعقد الازمات في بلادنا وتتشابك، فيما يترقب العراقيون تشكيل حكومة جديدة، قادرة على التعامل مع الاوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية المخيمة. ويحذر مراقبون للشأن السياسي، من أن استمرار تعنت القوى السياسية بمواقفها، وعرقلتها تمرير حكومة وطنية بسبب رغبتها في مواصلة نهج المحاصصة المقيت، سيزيد من سوء الاوضاع ويهدد مصير البلد بالمجهول.
وتأتي التحذيرات متزامنة مع مؤشرات عديدة، تبيّن أن علاقات العراق الدولية ستكون مهددة في حال بقي البلد بلا حكومة، ضعيف القدرة على مواجهة التحديات.
ويأتي ذلك في وقت تشير فيه مصادر اخرى، إلى وجود ضغوط دولية واقليمية على عدد من القوى السياسية، للإسراع في تشكيل الحكومة.

جلسة مرتقبة؟

في الاثناء، وجّه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي رسالةً داخلية إلى أعضاء المجلس، دعاهم فيها إلى التوجّه الى العاصمة بغداد في موعدٍ أقصاه مساء امس الاثنين، استعداداً كما يبدو لعقد جلسة التصويت على حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي.
وجاءت هذه الدعوة على الرغم من استمرار الخلافات حول بعض الوزارات في حكومة الكاظمي. إذ أشهرت كتلٌ سياسية عدة اعتراضاتها على بعض المرشحين لحقائب وزارية مطالبة بتغييرهم، وسط استمرار المفاوضات بين رئيس الوزراء المكلف والكتل في هذا الشأن، ما يضع جلسة البرلمان المرتقبة أمام سيناريوهات عدة.
وأشارت مصادر سياسية في بغداد الى أن جلسة التصويت على تشكيلة الكاظمي الحكومية، التي قد تلتئم نهاية الأسبوع الحالي، نظرا الى انه لم يتبقَ من المهلة الدستورية الممنوحة للمكلف كي يشكل حكومته، سوى ستة أيام تنتهي السبت المقبل، التاسع من شهر أيار الحالي .

كتل تعلن المقاطعة

ومع ازدياد التفاؤل بإمكانية حسم تشكيل الحكومة، برزت مواقف جديدة تحد من هذه الآمال. فائتلاف دولة القانون اعلن عزمه على عدم المشاركة في تشكيل الحكومة وعدم التصويت لها في البرلمان، مبررا ذلك بكون مسار التشكيل اخذ منحى مختلفا عما تم الاتفاق عليه خلال المفاوضات، لا سيما عدم تعاطي الكاظمي مع الكتل السياسية بنهج واحد.وفي نفس الاتجاه ذهب ائتلاف الوطنية، الذي اعلن الاحد انه سيقاطع جلسة التصويت على حكومة الكاظمي، ولن يمنحها الثقة. الائتلاف واعتبر ان الالية التي اعتُمدت لاختيار الوزراء كانت مبهمة وغير معلومة.
وفي السياق كشفت مصادر برلمانية ان معوقات ما زالت تقوم امام الاعلان النهائي للحكومة، لا سيما الخلاف مع القوى الكردستانية، التي وضعت - كما قيل - شروطا جديدة عقب وقف رواتب موظفي الاقليم من قبل الحكومة المركزية.

المواقف لم تحسم

من جانب ثانٍ، كشفت اطراف برلمانية عدم حسمها مواقفها من موضوع تشكيل حكومة الكاظمي.
فيما تحدث غيرها عن وجود رغبة غير معلنة في تمرير الحكومة.
لكنه أضاف ان "الخلافات بين القوى السياسية ورئيس الوزراء المكلف لا تزال قائمة، ولم يمكن بلوغ مرحلة الاتفاق النهائي بسبب بعض الحقائب الوزارية، ومرشحي هذه الحقائب".
واوضح أن الكاظمي "لا يزال يصر على التشكيلة الوزارية التي قدمها بنسختها الأخيرة، لا سيما أنها مرّت على هيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة والقيد الجنائي، ما يعني أنها باتت مستوفية الشروط من الناحية القانونية"، وأشار الى ان "رئيس الحكومة المكلف يسعى الآن لحلّ الخلافات، التي لا تتمحور حول شخصه، أو برنامجه الحكومي، بل حول بعض الأسماء المرشحة للتوزير".
هذا ونقل عن احد النواب قوله ان "الاحتمال الأكبر هو تمرير الحكومة منقوصة"، موضحا ان "التشكيلة قد تمرر مع رفض التصويت على بعض الوزارات في حال استمر الخلاف، بمعنى أن التصويت لن يكون على حكومة الكاظمي في سلّة واحدة، بل سيجري التصويت على وزير تلو آخر، بعد إقرار البرنامج الحكومي".
لكنه ذكر في الوقت عينه "وجود رغبة غير معلنة لدى كتل عدة، بعدم تمرير الكاظمي والإبقاء على الوضع القائم، لكن هذه الكتل تخفي رغبتها هذه بسبب علمها برد فعل الشارع على خطوة كهذه".
*************
ص2
نظام الزوجي والفردي لحركة السيارات واستمرار حظر التجوال ومنع التجمعات

بغداد – طريق الشعب
أقرت اللجنة العليا للصحة والسلامة، أمس الاثنين، نظام الزوجي والفردي لحركة السيارات، فيما أكدت استمرار حظر التجوال ومنع التجمعات، خوفا من تفشي فيروس كورونا في البلاد. وذكرت وكالة الانباء العراقية "واع"، أن "اللجنة العليا قررت الإبقاء على إجراءات الحظر مع التأكيد على اتباع الإرشادات الوقائية ومنع التجمعات، فيما اقرت نظام الفردي والزوجي لحركة السيارات". واضافت أن اللجنة قررت ايضا "تسهيل حركة العوائل العالقة بين المحافظات بعد اتباع إجراءات السلامة، فيما وافقت على دخول الفريق الطبي الصيني إلى الحقول النفطية التي تعمل فيها الشركات الصينية". وأكد وزير الصحة، جعفر صادق علاوي، الاثنين (04 ايار 2020)، أن خلية الأزمة الحكومية رفعت توصيات إلى اللجنة العليا للصحة والسلامة، من بينها تقليص حظر التجوال الجزئي.
************
كل ثلاثاء ...
تصريحات و تغريدات بلا صدقية
كثيرة جداً هي التصريحات والتغريدات والوعود التي يطلقها المسؤولون بمناسبة وبدونها، في العديد من بلدان العالم، وفي طليعتها عراقنا المختطف. لكن اغلبها يأتي تطبيقها العملي معكوساً تماماً، وهو ما يصطلح على تسميته في الادب السياسي بـ "الديماغوجيا" والهدف منه الخداع وتزييف الوعي وزرع الاوهام في نفوس مستمعيهم وقرائهم، فضلاً عن إستخدامه كبالونات اعلامية لأختبار ردود الفعل، أو رغبة في تبييض الوجوه الكالحة وغير المرحب بها.
أما التغريدات فحدث عنها ولا حرج، ومواقع التواصل الاجتماعي على كثرتها تعج بها، بل هي متخمة، والكل يعتقد أنه عبقري زمانه، وأن الجماهير الغفيرة تنتظر بفارغ الصبر ما سوف يتحدث به أو يكتبه، وإن كان يغترفه من مستنقع الإسفاف أو التفاهة.
وهناك من يعترض حتى على تسميتها بـ "التغريدات" لأن التغريد جميل ويطرب من يسمعه إن كان صاحب ذوق، وهو صوت البلابل، تلك الطيور الصغيرة التي لا يملّ المرء من الاستماع والنظر إليها، ولهذا يقترح أحد الظرفاء تسمية البعض من هذه التغريدات بـ"التنهيقات"، فهو يرى في تسميتها الحالية ظلم كبير.
في الأسبوع الماضي ضجت وسائل الاعلام بما صرح به "بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي، ودعوته للقوى السياسية العراقية والكتل المتنفذة "بالتخلي عن المحاصصة الطائفية والأثنية، وتشكيل حكومة قوية تستطيع خدمة الشعب العراقي، لأنه يستحق الأفضل مما جرى لحد الآن" متناسياً ان دولته ومن خلال "بول بريمر" هي التي جاءت بالمحاصصة لضمان تفتيت الوحدة الوطنية وشرذمة القوى السياسية العراقية، وإشاعة الفساد المالي والإداري في الدولة والمجتمع، وصولاً الى الهيمنة الكاملة على مقدرات الشعب العراقي.
ومما ساعد "بريمر" وسهل مهمته، ذلك الحماس والترحاب اللذان قوبلت بهما تلك الدعوة المضللة (المحاصصة) من عدد غير قليل من أحزاب وقوى المعارضة العراقية. وفي كتابه الموسوم "قضيت سنة في العراق" يذكر حادثتين مؤلمتين وطريفتين في اَن، استنتج من خلالهما أن هذه الأحزاب والقوى سوف تكون عوناً له في مشروعه التدميري.
الأولى "حسب تعبيره" أنه كان متخوفاً ومتوتراً في لقائه الاول مع المعارضة العراقية لأنه كان يتوقع أنهم سوف يطالبونه برحيل القوات الأمريكية المحتلة سريعاً، لكي يتفرغوا لبناء وطنهم وإقامة النظام الديمقراطي الذي يحلم به العراقيون. لكنه فوجيء بأنهم طرحوا عليه أولا قضية رواتبهم ومخصصاتهم، فما كان منه ألا أن أخذ نفساً عميقاً، وأراح ظهره على الكرسي الجالس عليه.
وفي لقاء آخر يذكر أن إثنين من أبرز قادة "المعارضة العراقية" أحدهما صار رئيساً للوزراء اَنئذٍ، كانا يتسابقان ويتزاحمان على تقديم "الموطا" إليه!
لم يخيب هؤلاء الساسة أمل "بريمر" فيهم بأعتماد مبدأ المحاصصة وتقاسم الغنائم طيلة السبع عشرة سنة الماضية، ومازالوا يتفننون فيها، رغم أطنان الأدعاءات الكاذبة بذمها والتخلي عنها، لكنهم أثبتوا بالملموس أنهم لن يتخلوا عنها مهما طال الزمن، فهم يدركون جيداً أن تخليهم عنها، كمن يقطع عنه الأوكسجين في غرفة الإنعاش. ومن هنا يأتي حرصهم الشديد على ديمومتها، للاستمرار في نهب خيرات العراق، وحرمان الشعب منها ومن أبسط حقوقه. ولهذا السبب تحديداً إستخدموا الرصاص الحي والأسلحة المحرمة دولياً ضد الأنتفاضة البطولية، فضلاً عن عمليات الأختطاف والأغتيالات والأعتقالات العشوائية، ليس من أجهزة القمع فحسب، بل الكثير منها من قبل قوى ومجاميع خارجة على القانون، ومرّغت هيبة الدولة في الوحل، بحيث أصبح مفهوم الدولة الحديثة لا ينطبق على ما يجري في العراق.
لا حلّ إلا بتجديد الانتفاضة، واستكمال مشروعها السياسي والجماهيري، للوصول الى نهاياتها الظافرة بإقامة الدولة المدنية الديمقراطية، والشروع بتطبيق العدالة الإجتماعية.
مرتضى عبد الحميد
************
قال أن بغداد مقصرة تجاه الايزيديين
حسين قائدي: أكثر من 1900 إيزيدي ما زالوا مفقودين
بغداد ــ وكالات
بعد أكثر من عامين ونصف العام على إعلان تحرير آخر بلدات ومدن العراق من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، لا يزال البحث جارياً عن مختطفين من الطائفة الأيزيدية، كذلك البحث في عشرات المقابر التي يعتقد أنها تضم رفاتهم.
وكان التنظيم الإرهابي الذي اجتاح العراق منتصف عام 2014، قد اقتحم في شهر آب من العام نفسه قرى يسكنها أبناء الطائفة الأيزيدية في ناحية سنجار غربي مدينة الموصل، وقتل مئات الرجال، واختطف آلاف النساء والأطفال الذين لا يزال مصير الكثير منهم مجهولا.
مسؤول "مكتب إنقاذ الأيزيديين المختطفين على يد داعش"، حسين قائدي، تناول في حديث صحفي آخر مستجدات عمليات البحث والتحري عن "المواطنين الذين اختطفهم داعش، وغيّب بعضهم في مناطق العراق وسورية وغيرها".
وتحدث قائدي عن نشاط مكتبه الذي يُعنى بملف الأيزيديين العراقيين، والذي افتتح في تشرين الأول من العام 2014 من قبل حكومة إقليم كردستان، موضحا أن "المكتب أجرى بحثا مكثفا لإنقاذ المختطفين والمختطفات من المكونات والشرائح العراقية كافة. لكن التوجه للبحث عن الأيزيديين نال الحصة الكبرى، كونهم الطائفة الأكثر عرضةً لهمجية داعش".
وحول آخر الأرقام التي تتعلق بملف المختطفين على أيدي داعش، لفت قائدي إلى أن "العدد الكلّي يبلغ 6400 مختطف، جميعهم من الأيزيديين، عدا 15 شخصاً من أبناء الديانة المسيحية".
وتابع قائلا انه "تمكنا منذ تأسيس المكتب من إنقاذ 3532 شخصاً، من الرجال والنساء والأطفال"، واصفاً العمل المنجز بـ"الشاق"، لكن "الإيمان بالقضية، والتنسيق مع الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان ووزارة البيشمركه، مكنانا من تحقيق ذلك".
وفي ما يتعلق بمن تبقى من الأيزيديين المفقودين، أكد مسؤول المكتب أنه "لا يزال هناك أكثر من 1900 شخص في عداد المفقودين". أما بالنسبة لما أفرزته التحريات عنهم، فقال إنه "من خلال عمليات البحث، تبين لنا أن قسماً منهم موجود في المناطق التي كان قد سيطر عليها داعش، مثل الموصل، وان هناك عددا منهم بين عائلات التنظيم في مخيم الهول السوري، وأيضاً مع من عبر حدود الدولتين"، متوقعا أن "عدداً ليس قليلاً من المختطفين الأيزيديين يقبعون في أحد سجون بغداد. وقد تواصلنا مع الحكومة العراقية من أجل زيارة هذا السجن، لكننا لم نحصل على موافقة".
واعتبر قائدي أنه "لو تدخل المجتمع الدولي والحكومة للمساعدة، لتمكنا من كشف مصير المزيد من المختطفين والمفقودين. لكن يوجد تقصيرٌ من الطرفين".
وعن دور الحكومة العراقية في الملف، أوضح قائدي أن "المواطنين الذين اختطفهم داعش، كانوا يسكنون في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة العراقية من الناحية الإدارية، لكنها فشلت في حمايتهم، وكذلك في البحث عنهم بعد اختطافهم، كما بتعويضهم".
ورأى أنه "كان يفترض على بغداد أن تتدخل من خلال العمليات العسكرية أو الدبلوماسية أو السياسية أو الاجتماعية لإنقاذهم، لكنها بعد وقوع المصيبة، شكّلت لجنة للبحث عن المختطفات تألفت من شخصيات عسكرية عدة، لم تكن في الواقع سوى لجنة للإعلام. إذ لم تعمل على الأرض، وقد زارت مكتبنا لمرةٍ واحدة، من دون أن يخرج عنها أي إنجاز، أو نلمس منها أي نشاط".
وأكد قائدي أن "بغداد مقصرة كثيراً تجاه الأيزيديين". وعن طبيعة هذا التقصير، لفت إلى أنه "بعد مطالبات كثيرة في سبيل تعويض المتضررين، تمّ تشكيل لجنة من قبل وزارتي الهجرة والمهجرين والعدل العراقيتين، ووزارة الداخلية في إقليم كردستان، وبعد اجتماعات عدة، تقرر منح كل ناجية أيزيدية مبلغ مليوني دينار، وهو مبلغ بسيط جداً قياساً بالنكبة التي لحقت بأبناء هذه الطائفة".
وتابع مستدركا "لكن من مجموع أكثر من 3500 ناجٍ، خُصصت مبالغ لـ899 شخصاً، وبعد توزيع المنحة، تبيَّن أنها وزعت على 852 شخصاً فقط"، معتبراً أن ذلك "شكّل استخفافاً بإنسانية الأيزيديين، ولا يتساوى مع الجوع والسبي والظلم الذي تعرضت له الطائفة".
أما عن المقابر الجماعية التي يُعلن بين فترة وأخرى عن العثور عليها، أشار قائدي إلى أنه "تم العثور على أكثر من 80 مقبرة جماعية للأيزيديين في جنوب سنجار، وفتح قسمٌ منها، لكن أكثريتها لم تفتح حتى الآن، ولا نعرف إن كانت تحوي على رفات أيزيديين أم لا، لكننا نتوقع أنها تحتوي عليه، وغالبيته يعود لرجال قتلوا على يد داعش بعد اقتحامه سنجار".
وأشار مسؤول المكتب إلى أنه "لا يزال أكثر من 80 في المائة من الأيزيديين يعيشون في مخيمات النزوح، في دهوك وأربيل والسليمانية، منذ ما يقارب ست سنوات، بسبب عدم إعمار مناطقهم المنكوبة، فضلاً عن أن كثيراً من منازلهم لم تُرفع عنها المتفجرات، إضافة إلى تهديم بعضها، وعدم تأهيل النازحين نفسياً في سبيل عودتهم إلى حياتهم الطبيعية السابقة واندماجهم بالمجتمع".
وتحدث عن عمليتين وحيدتين فقط في هذا الإطار، هما "ما بادرت إليه دوائر صحة مدينة دهوك، إضافة إلى مبادرة الحكومة الألمانية إلى استقبال قرابة ألف شخص لمعالجتهم، ما دفع قسم منهم إلى اختيار الاستقرار في ألمانيا".
إلى جانب ذلك، أكد قائدي أن "وجود المجاميع المسلحة غير الشرعية والخارجة عن القانون، يمنع الأيزيديين من العودة إلى سنجار. فعائلاتهم تفضل البقاء في مخيمات النزوح على العودة إلى تلك الناحية التي باتت معقلاً للمجاميع المسلحة غير المعروفة، والتي لا تخضع لقرارات الحكومة المركزية، وهو ما يحتاج إلى قرارات حكومية جديدة من أجل سحب هؤلاء المسلحين وعودة الشرطة المحلية، إضافة إلى التنسيق مع قوات البيشمركه لحماية المدينة".
*************
اصحاب سيارات النقل العام يشرحون معاناتهم ويطالبون الحكومة بالالتفات إليهم
بغداد - عدنان جاسم
ألحقت الإجراءات الوقائية التي فرضتها الحكومة لمواجهة تفشي وباء كورونا، أضراراً معيشية كبيرة بشرائح اجتماعية واسعة، ومن بين هؤلاء سائقي سيارات النقل الذين يكدحون يومياً من اجل توفير المال الكافي لقوتهم اليومي.
وأضطر بعض سائقي سيارات الاجرة والنقل، إلى كسر حظر التجوال الصحي، لتحصيل قوتهم اليومي في ظل غياب الدعم الحكومي.
وقال ماجد الشويلي "سائق كوستر" لـ"طريق الشعب، أنه "تضررنا كثيراً من حظر التجوال لأننا نعتمد على ما نحصل عليه يومياً لغرض تمشية أمورنا المعيشية وسد رمق عوائلنا.. وحتى بعد الرفع الجزئي لحظر التجوال لم تسمح لنا الجهات المختصة من مزاولة عملنا في سيارات (كية وكوستر) كون التجمع فيها يؤدي إلى نقل العدوى، مما يعني زيادة أزمتنا المالية"، وتابع "أرى بأم عيني أطفالي يتضورون جوعاً وهنا أتساءل أليس من الأجدر على الحكومة أن توفر بدائل أخرى لمساعدتنا على توفير معيشتنا؟".
وذكر سائق كرار صفاء الذي لديه سيارة (كيا 11 راكب) أنه "منذ أكثر من شهر وأنا جالس في البيت بدون أي عمل بسبب تقييد حركة السيارات ولا أحصل على أي دخل أو مردود مالي كي أعين به عائلتي المكونة من 7 أفراد، إضافة إلى دفع الإيجار الشهري وتسديد أجور المولدة الأهلية وغيرها من الاحتياجات"، واضاف صفاء "كنا نأمل في الحصول منحة طارئة تحددها الحكومة لأصحاب الدخل المحدود والكسبة، لكننا ننتظر الى الآن الوعود دون أي جدوى". وتابع: أخيراً قمت بالاستدانة من الأقرباء لغرض أتكفل معيشة أطفالي وعائلتي .. ولكن إلى متى؟!.
ويقول المواطن أثر سلمان "سائق كيا" أن تقليص ساعات فترة التجوال يوم بعد يوم أثر بشكل سلبي على مزاولة عملنا وتسبب بعدم نقل الركاب إلى مناطق بعيدة لغرض تفادي وقت الحظر المخصص والعودة إلى منازلنا في الوقت المحدد للحظر خاصة بعد تشديد العقوبات بخصوص هذا الأمر.
ويرى المواطن لافي محسن "سائق كوستر" اهمية توفير منح مالية سريعة لغرض تمشية الامور اليومية للمواطنين الكادحين وسواق سيارات الاجرة.
*************
تعذيب وحشي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
متظاهرون يواجهون حملات الاعتقال والتهم الكيدية بالوسائل القانونية
بغداد ـ علي شغاتي
منذ بدء الانتفاضة الشعبية، وحتى اللحظة، يتعرض الكثير من المحتجين، إلى انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان، كان آخرها إصدار عدد من مذكرات ألقاء القبض، بحق بعضهم، أعتبرها الكثير من المتظاهرين، تهم كيدية باطلة للحد من النشاط الاحتجاجي، ولا بد من مواجهتها قانونيا. في حين أكد عدد منهم تعرضهم إلى التعذيب والمعاملة السيئة أثناء فترة احتجازهم على خلفية مشاركتهم في التظاهرات.
حرية التعبير الى أين ؟

كشف الناشط المدني البارز في محافظة المثنى، أيهم النعيمي، مؤخرا، عن أسباب وتفاصيل الاعتقال الذي تعرض له.
وقال النعيمي لـ"طريق الشعب"، بعد "تحدثي على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن وجود صفقة يشوبها الفساد في مديرية صحة المحافظة، بخصوص شراء الكمامات خلال أزمة كورونا، والتي تتطلب تنظيم تظاهرة إذا لم يتم إيقافها، قامت عناصر من الاستخبارات بالقدوم إلى منزلي أثناء فترة غيابي للمطالبة بالكف عن هذه المنشورات، وتوعدوني بمختلف التهديدات. وعند سماعي بذلك، قمت بنشر منشور آخر، أوضحت فيه أنني موجود في منزلي ومستعد لأي عملية اعتقال، خاصة إنها ليست المرة الأولى التي تنفذ بحقي بسبب مشاركتي أو دعوتي للتظاهر، وحديثي هذا معني بصفقة فساد لا بد من إيقافها".

تهم كيدية وتعذيب وحشي

وأضاف النعيمي "بعد مرور 4 أيام وأثناء خروجي من منزلي قامت عناصر من الاستخبارات باعتقالي ووجهت لي العديد من التهم أبرزها التخابر مع دول اجنبيه والعداء لإيران ومهاجمة رجال الدين، والعداء الشخصي مع المحافظ، وأنا ابعد ما يكون عن كل هذه التهم". وأوضح قائلا: "تعرضت إلى التعذيب بصورة بشعة ومهينة، حيث استمروا في تعليقي بالحبال عن طريق ربط يدي، مستعملين (الفلقة) والضرب على كافة أنحاء جسدي، وبعد مرور 3 أيام من الاعتقال، أجبروني أن أبصم وأنا معصب العينين، على عدد من الإفادات، دون أن اعلم ما مكتوب فيها، وفي يوم إحالتي لقاضي التحقيق وفي الساعة 2 ظهراً سلمت الإفادة، وأمروني بإلقائها أمام القاضي، متوعدين بالتعذيب في حال إنكاري. وعند الساعة الرابعة عصرا تم تسفيري إلى المحكمة التي كانت فارغة، واقتادوني محمولا، كوني لا استطيع المشي جرّاء التعذيب، وتم عرضي أمام قاضي التحقيق، الذي قام بتوجيه سؤال لي حول المنشور الذي لم أنكره، وأخبرته أني معتقل منذ 3 أيام وتعرضت للتعذيب ولم اسأل عن هذا المنشور إطلاقا، وأخذت إفادتي بالقوة. فأجابني القاضي موضحا، إن الإفادة المعتمدة هي التي تقدم أمام قاضي التحقيق".
وتابع الناشط "قمت بتوجيه سؤال إلى القاضي، بشأن الجهة التي قدمت الشكوى ضدي، وأخبرني أنه لم تقدم أي جهة الشكوى، وإنما ألقاء القبض تم وفق تقرير أمني أفاد بأنني أدعوا إلى التظاهر، فيما جرى بعد ذلك الإفراج عني بكفالة، وحولت إلى المستشفى لغرض الكشف عن الكدمات التي تعرضت لها في رأسي وظهري، بينما سجلت المستشفى تقريرها ووصفت الكدمات الموجودة في قدمي، إنها كانت نتيجة لبس الحذاء غير المناسب"، مضيفا "قدمت فور خروجي من المعتقل شكوى أمام الادعاء العام والأشراف القضائي ورئيس محكمة الاستئناف في المحافظة الذي قام باستدعاء قاضي التحقيق وأخبره بعدم قانونية مذكرة ألقاء القبض، لافتا إلى "تسجيل شكوى أخرى في وكالة شؤون الشرطة على عناصر الاستخبارات الذين مارسوا هذا التعذيب الوحشي ضدي، وأمر القاضي بالكشف على إصاباتي من قبل خمس أطباء وما زلت انتظر إكمال الإجراءات لمحاسبتهم".
تربص بالمتظاهرين

وفي الديوانية، أكد المحامي، حسن المياحي، وهو أحد الناشطين في ساحة الساعة، مركز الاعتصامات في المحافظة، أن "عناصر الأمن الوطني في المحافظة قامت باعتقال المتظاهر، مرتضى نعيم سلمان، وفق المادة 198 بتهمة التحريض على غلق دوائر الحكومية ودونت أقواله بالإكراه، كاشفاً عن منعه من قبل الأجهزة المعنية من اللقاء مع موكله.
واستغرب المياحي وهو يتحدث لـ"طريق الشعب"، من "قيام الأمن الوطني باعتقال واحتجاز موكلي، كون الأمر هو من واجب الشرطة المحلية"، منوهاً الى "تعرض المتظاهر مرتضى إلى الضرب المبرح والإجبار على التوقيع على اعترافات غير صحيحة".
وفي أثناء كتابة هذا التقرير أفرجت اللجنة القضائية الخاصة بقضايا المتظاهرين عن مرتضى، بينما أعرب المحامي المياحي، عن "أمله في القضاء العراقي، من أجل إنصاف مرتضى، خاصة وأنه معروف بمشاركته في الانتفاضة منذ انطلاقتها والتزامه بالسلمية، حتى عند تعرض المتظاهرين إلى الاعتداء".

مذكرات غير قانونية

وتوجهت "طريق الشعب"، بالسؤال إلى الخبير القانوني زهير ضياء الدين حول مدى قانونية حملات الاعتقال ومذكرات ألقاء القبض التي تستند على منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي أو المشاركة بالاحتجاجات.
وأوضح ضياء الدين، أن "أوامر ألقاء القبض تصدر من قبل القضاء وفق مراحل، أولها الاستقدام، ليتم تدوين الأقوال أمام القاضي وتعرض الأدلة الثبوتية التي على ضوئها يستطيع القاضي إصدار مذكرة ألقاء قبض في حال توفر الأسباب الموجبة لذلك"، معتبراً "الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في مثل هكذا حالات غير قانوني وانتهاك للحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية التعبير، فللمواطن الحق في التعبير عن رأيه وانتقاد الشخصيات العامة التي يجب عليها تقبل الأمر وهذا وارد ولايعتبر إساءة".
وأفاد الخبير القانوني، بأن "الدعوة للتظاهر والاحتجاج حق مكفول بموجب الدستور والقوانين النافذة، ولا يمكن معاقبة من يمارس هذا الحق، وإن ما تصدر من أوامر ألقاء قبض بحق المتظاهرين، هي فعل مخالف للقانون وتجاوزات عليه من قبل المتنفذين الذين يتصدون للحراك الجماهيري، ولا يوجد مبرر قانوني لإصدار مثل هكذا أوامر"، لافتا إلى أن "العراق لا يمتلك قانون يحدد موضوع الجرائم الالكترونية، ولا يوجد لدينا القضاء الناضج او الأسس الدقيقة لمعالجة هذه الحالات، فوجود موقع معين منسوب لاحد الأشخاص غير كافً لإصدار مذكرة ألقاء القبض، لذا يعد هذا الأجراء غير قانوني ويستخدم في عمليات ترهيب المواطنين لعدم الانتقاد وكشف العورات والسلبيات الموجودة".
وأشار الخبير، إلى أن "انتقاد ومحاربة الفساد هو واجب وطني على كل مواطن وموظف، ومفروض على الجميع التصدي له من موقعة".
*************
ص3
تحت طائلة كورونا
"الحظر" يغلق المطاعم ويقطع سبل العيش على أصحابها وعمّالها
البصرة – حافظ الجاسم
أغلق الحظر الصحي الذي فرضته الحكومة جراء انتشار وباء كورونا، المطاعم والمقاهي ومحال بيع الوجبات السريعة في عموم العراق، شأن الكثير من دول العالم.
وتشغل المطاعم جانبا واسعا من النشاط الاقتصادي، وتعد مصدرا معيشيا أساسيا للكثير من العائلات، ما أدى إغلاق معظمها ضمن إجراءات الحظر الصحي، إلى توقف المردود المالي لأصحابها والعاملين فيها وعائلاتهم.
أبو أحمد، وهو صاحب مطعم لبيع "الفلافل" في البصرة، قال لـ "طريق الشعب"، ان أصحاب المطاعم ومحال بيع الأكلات السريعة تضرروا كثيرا جراء قرار الحظر الصحي، مشيرا إلى أنه لا يمتلك مصدر رزق آخر غير مطعمه، وهو يعيل عائلة مكونة من ستة أشخاص، وليس لديه من يعينه في توفير قوت العائلة.
وأضاف قائلا انه "كان الأجدر بالحكومة بعد فرضها حظر التجوال، ان توفر رواتب اعانة مؤقتاً لذوي الدخل المحدود واصحاب الحرف ليعتاشوا عليها".
ولجأ البعض من المطاعم إلى العمل بأسلوب "ديليفري"، أي توصيل الوجبات إلى منازل المواطنين، أو تجهيز طلبيات الطعام، وذلك من أجل الحصول على مردود مالي يعوّض عن ضرر إغلاق المطعم.
أما المقاهي، فقد شملها قرار الإغلاق منذ الأيام الأولى من تسجيل إصابات بالفيروس في العراق. وكان البعض من هذه المقاهي أشبه بالمراكز أو المنتديات الثقافية والأدبية، فضلا عن كونها متنفسا للشباب العاطلين عن العمل في ظل استشراء البطالة في مفاصل المجتمع. وبعد إغلاق المقاهي تضرر أصحابها والعاملون فيها، ما انقطعت بهم سبل الرزق ومصادر دخلهم اليومي.
أحد رواد "مقهى الرصيف الثقافي" في قضاء الزبير بالبصرة، أوضح لـ "طريق الشعب"، انه "بالرغم من تسجيل ظواهر اجتماعية سلبية في عدد من المقاهي، إلا أن هناك مقاهي تعد مراكز ثقافية حاضنة للشباب، وهي في الوقت ذاته تشكل مصادر رزق لأصحابها"، مبينا أن "إغلاق المقاهي سيزيد من اتساع ظاهرة البطالة، وربما يولد ضغوطا لدى الشباب يجعلهم يلجأون إلى سلوكيات سلبية، مثل تعاطي المخدرات وغيرها، أكثر من السابق".
وأشار إلى أن "المقاهي كانت تمثل أماكن للترويح عن النفس، ومع إغلاقها تصاعدت وتيرة العنف الأسري".
وبالرغم من كون إغلاق المطاعم والمقاهي قطع سبل رزق أصحابها وعمّالها، إلا انه لا يزال أصحاب تلك العقارات يستوفون بدلات الإيجار عنها، والتي تتراوح بين 500 ألف ومليون دينار شهريا، وأكثر من ذلك في بعض المناطق. فكيف سيتحمل أصحاب المطاعم والمقاهي تلك الأعباء المالية وهم يعيشون اليوم ظروفا مالية صعبة؟ لذلك – وبحسب الكثيرين من أصحاب المطاعم والمقاهي – فإن على الحكومة أن تلزم أصحاب العقارات بوقف استيفاء بدلات الإيجار خلال فترة الإغلاق، أو أن تقوم هي من جانبها بتعويض المستئجرين ماليا.
*************
فدائيون لا يعرفون النوم
من اجل الشعب والوطن

د. مزاحم مبارك مال الله
الفدائي بمفهومه التقليدي هو المضحي بنفسه من أجل قضية، هدف، مبدأ، وعادة ما يكون مترقب متأهب مستعد لكل الاحتمالات من قبل عدو معلوم المكان والزمان وغالباً ما يكون ذلك الفدائي جزءا من أجراءات مواجهة العدو..اما ان يكون الفدائي يعيش في اوساط تواجد العدو والعدو ليس له لا لون ولا رائحة ولا خيال فهذا الذي يمكن ان نصفه بأنه الفدائي من نوع خاص، بل استطيع ان اقول ان هذا الفدائي يعيش خلف خطوط العدو!
نعم انهم التمريضيون الأبطال الذين يتواجدون في مراكز عزل المصابين بكورونا في مختلف المؤسسات الصحية في العراق ..أنهم يواجهون عدواً شرساً غادراً موجود في كل مكان يذهبون اليه ويتواجدون فيه وكذلك موجود في الأجواء التي تحيط بهم وأهمها الهواء الذي يتنفسونه.
أي بطولة فوق التصور يتمتع بها هؤلاء الإنسانيون وهم يبذلون المستحيل من أجل إبقاء أكبر عدد من ضحايا هذا المرض على قيد الحياة ..وهم يبذلون المستحيل من الجهد والاجتهاد ليصونوا شرف المهنة وليعبروا أفضل تعبير عن إنسانيتهم وأخلاقهم في خدمة أناس لا يمتون لهم بصلة عدا وشائج الانسانية والوطن.
أي بشر هؤلاء الذين عبّروا بمصداقية متناهية عن معاني الانسانية ومنحوها اعتبارات كبرى فوق الدين والمذهب والعرق؟ فالراقدون في المشافي الخاصة بكورونا هم في الحقيقة من مختلف الاصول الدينية والمذهبية والعرقية وأبطالنا التمريضيون لا يعيرون لهذه المسميات اي انتباه عند تعاملهم مع المرضى .
أي شجاعة يتمتع بها هؤلاء الاوفياء وهم يتعايشون مع عدو لا يعلمون متى ينقض على اي منهم ..وحينما يُصاب اي منهم يعني اصابتهم جميعا وحينما يصابون (لا سمح الله) بمعنى قد سقط خط الصد الاول!
أي شهامة يتمتع بهم هؤلاء الاوفياء حينما يتركون عائلاتهم خلفهم ليعودوا اليهم بعد فترة منتصرين من مسرح معركة غير متكافأة وهم لربما يحملون هذا الفايروس..ليعزلوا انفسهم في داخل بيوتهم فترة تمتد الى اكثر من اسبوعين حفاظاً على عائلاتهم تضاف الى مدة ابتعادهم عن تلك العائلات لأسباب إنسانية.
عن اي نوع من الابطال النادرين نحن نتحدث ..فكل فعل يقومون به يحسبون له كل الحسابات ..حذرين متيقضين لا يعرفون النوم رغم الارهاق الكبير خشية أن تغفوا عيونهم عن جهاز مراقبة التنفس أوالاوكسجين أوتقطير المغذيات أوأوقات استلام العلاج .
كل منا يركن الى داره بين اطفاله واخوانه ووالديه خلال أيام حظر التجوال أو التباعد الاجتماعي..إلاّ هؤلاء الفدائيين الابطال فقد أصبحوا يقضون ساعاتهم وأيامهم مع أناس لا يعرفونهم وهم أصبحوا لهؤلاء المرض بمثابة الاباء والامهات والاخوان والاخوات والاصدقاء ..أنهم الواسطة النقية بين الحياة والموت كنقاء قلوبهم ويؤدون نشاطهم بين اناس يحملون اسباب الموت المعدي يتجولون بين ردهات وممرات وحيطان وارضيات وطاولات وادوات وافرشة واغطية واوردة جميعها ملوثة بالفايروس التاجي القاتل ..يتناولون طعامهم وسط اسلاك شائكة في ارض الحرام ..يتوضأون ويؤدون الصلوات داعين السماء ان تحميهم وتنقذ هؤلاء المغدورين ووسيلتهم الوحيدة مع العالم الخارجي أجهزة الموبايل والفيس بوك.
عن اي صنف من البشر نتحدث حينما يقصون لنا في فترة نزولهم الى عائلاتهم قصص الموت التي يعيشونها يومياً ..يتناوبون بالواجبات ..بعضهم ياخذ قسطاً من الراحة في ممرات المشفى واخر يغفو وهو بكامل عدته الفضائية ...
إنهم الفدائيون الذين لا يعرفون النوم من أجل حمايتنا وحماية الوطن .أما يستحق مثل هؤلاء الابطال ان نحتفي بهم ونكرمهم بأسم الشعب؟ أما يستحق هؤلاء الفدائيين ان نعلّق على صدورهم وسام الشعب وهم حماة الشعب ؟
ومع ذلك فلا يبغون جزاءً ولا شكورا...إنما يطالبون بحق دستوري وهو تأسيس نقابتهم التي ستكون خير معين لهم ولحقوقهم.
التمريضيون ليسوا ولادة اليوم ولا الامس القريب ...إنهم العمود الفقري لكل نظم الصحة في العالم .
ليصفق أربعون مليون عراقي لهؤلاء الاشاوس
لنقف تقديرا وعرفاناً لهم.
***********
محتكرون رفعوا أسعارها في ظل غياب الرقابة
شحٌّ في المعقمات والكمامات وأدوية الأمراض المزمنة
بغداد-عامر عبود الشيخ علي
مع اتخاذ الجهات الصحية سلسلة قرارات إثر رفع حظر التجوال جزئيا، ومنها إلزام المواطنين بارتداء الكمامات والقفازات خلال تجوالهم، اخذت اسعار هذه المواد بالتزايد، ما اضاف معاناة جديدة للمواطن، سيما الفقير والكادح.
وتشير المعلومات الواردة من اصحاب الصيدليات والمذاخر، الى وجود محتكرين لتلك المواد، قاموا برفع اسعارها في الاسواق في ظل غياب الرقابة والرادع الحكومي.
وذكرت الصيدلانية في منطقة الغزالية ببغداد، مينا عامر سلوم، أن "ارتفاع اسعار المواد الوقائية يعود الى بعض ضعاف النفوس من مستوردي المواد الطبية وأصحاب المذاخر، الذين احتكروا هذه المواد، ما تسبب في شحها وارتفاع اسعارها".
وأضافت قائلة أن "هناك شحا لبعض علاجات الأمراض المزمنة، وإن وجدت تباع بأسعار مرتفعة"، موضحة انه "تم تحديد كمية هذه العلاجات التي توزع للصيدليات من قبل المذاخر، وزيادة سعرها، وهي اليوم لا تكفي المواطنين. لذا تكون غالبا مفقودة في الصيدليات".
وأشارت الصيدلانية مينا إلى أنه "بالرغم من قيام بعض المتطوعين بخياطة الكمامات وتوزيعها مجاناً على المواطنين من خلال الصيدليات، الا ان ذلك لا يكفي، نظرا لارتفاع استهلاك الكمامات".

الفساد يرفع أسعار الادوية

أحد الصيادلة قال لـ "طريق الشعب"، أن "المسؤول الاول والاخير عما يحصل من شح وارتفاع في أسعار المواد الوقائية والعلاجات الأخرى، هي الحكومة. فكل ذلك ناتج عن الفساد المستشري في المؤسسات الصحية".
وأضاف الصيدلاني الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن "هناك جهات حكومية فاسدة تقوم بابتزاز الشركات المستوردة لهذه المواد، من اجل الحصول على نسب مالية، وبالنتيجة تقوم الشركات باستيراد موادها من مناشئ غير جيدة ورخيصة الثمن، ثم تقوم بتوزيعها بأسعار عالية".
وتابع قائلا أن "كل ذلك يلقي بظلاله على المواطن البسيط الذي يريد الوقاية من فيروس كورونا، وهو مجبر بالتالي على شراء الكمامات والقفازات لمزاولة عمله اليومي، مما يضيف عبئا آخر على كاهله، وزيادة في نفقاته، وهو بالكاد يستطيع توفير لقمة عيشه"، مؤكداً "ان الفساد وصل الى بيع المساعدات التي تصل الى العراق من دول اخرى، من كمامات وقفازات ومعقمات، والتي من المفترض ان توزع مجانا على الكوادر الطبية والمواطنين. كما ان غياب الرقابة الحكومية عن عمل شركات الادوية والمذاخر يزيد من اتساع أزمة توفر مواد الوقاية".
من جانب آخر قالت الموظفة ام رشا، أن "ارتفاع اسعار المستلزمات الوقائية يضيف الى معاناتنا الكثير، وذلك لعدم قدرتنا على شراء تلك المواد التي صار لزاما علينا ارتداؤها احترازا من الاصابة بالفيروس"، مضيفة أن "استهلاك هذه المواد يزيد من مصروفنا اليومي، في حين ان دخلنا الشهري لم يتغير، ما اضطرنا الى التخلي او التقليل من شراء مواد ضرورية اخرى تدخل ضمن حاجاتنا اليومية".
وأوضحت أم رشا انه "قبل رفع الحظر جزئيا لم نكن نستهلك الكمامات والقفازات كوننا لا نخرج من المنزل، اما بعد رفعه فقد صرنا نستهلك تلك المواد، نظرا لعودتنا إلى الدوام والاحتكاك مع الموظفين والمراجعين".
إلى ذلك بينت الموظفة بتول احمد، أن "استئناف الدوام في الوزارات والدوائر الرسمية بنسبة 25 في المائة يتطلب الالتزام بإجراءات الوقاية، ما يتطلب في الوقت ذاته صرف مبالغ اضافية لشراء المستلزمات الوقائية، تضاف إلى أجور النقل"، موضحة أن "ذلك يعني أيضا زيادة في نفقات الموظف، في الوقت الذي يفترض فيه أن تتكفل الحكومة بتوفير مواد الوقاية مجانا على أقل تقدير، بينما نسمع ونشاهد ما يحصل في دول العالم من تقديم الخدمات والسلات الغذائية للمواطنين".
الجدير بالذكر ان عدداً من اصحاب مذاخر الادوية في منطقة الحارثية ببغداد، رفضوا التحدث إلى مراسل "طريق الشعب" عن أسباب ارتفاع اسعار المعقمات والمواد الوقائية وشحها، الأمر الذي اضطر المراسل إلى الوصول إلى مصادر مطلعة، أبلغته أيضا أن كوادر وزارة الصحة والعاملين في المراكز الطبية والمستشفيات، يعانون شحا في المواد الوقائية التي يتوجب على الوزارة تزويدهم بها.
**********
من ينقذ مرضى السرطان ؟
ملاذ الخطيب
مضى اكثر من شهرين، ولم يتلقى مرضى السرطان جلسات العلاج بالإشعاع في النجف.
ويعاني هؤلاء من تدهور حالتهم الصحية لعدم تلقيهم العلاج اللازم. والسبب في ذلك، هو عطل جهاز الإشعاع في المركز، وعدم توفر قطع الغيار اللازمة لإصلاحه!
والسؤال الذي يطرح: لماذا لا تنقل الجهات المختصة في دائرة صحة النجف اجهزة الاشعاع الموجود في "المستشفى الالماني" الى مركز الاورام، خصوصاً وان المستشفى مغلق لعدم افتتاحه حتى الآن؟
من ينقذ حياة هؤلاء المرضى الفقراء ومن المسؤول اذا فقد احد حياته نتيجة عدم تلقيه العلاج الذي هو حق من حقوقه؟!
*********
الى امانة بغداد.. بلا تحية

هل يصح غظ النظر عن تراكم النفايات بهذا الشكل المخيف مع اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة انتشار وباء كورونا؟
(الصورة قرب مستشفى الطفل العربي في منطقة الاسكان ببغداد)
عدسة: ماجد مصطفى عثمان
***********
شيوعيو الرصافة الأولى
توزيع أكثر من ألف سلة غذائية
بغداد – طريق الشعب
قامت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الرصافة الأولى، أخيراً، بتوزيع أكثر من 1000 سلة غذائية خلال فترة حظر التجوال في مناطق رقعتها الجغرافية، مؤكدة استمرارها بهذا النشاط لمساعدة الفقراء والمحتاجين من أبناء الشعب.
ووزع الرفاق 400 سلة غذائية في منطقة الفضل والصدرية والشيخ عمر، فيما وزع رفاق اخرون 250 سلة اخرى في منطقة شارع النضال والكرادة قرب بدالة العلوية، ارخيته، عمال مطبعة دار الرواد، الزعفرانية، شارع السعدون.
الى ذلك نظم الرفاق في تنظيمات الرفيق عزيز محمد حملة جديدة لتوزيع 50 سلة غذائية في منطقة الفضل والكفاح.
وخلال الحملة نشط رفيقات ورفاق اللجنة المحلية في توزيع 250 سلة غذائية في مناطق "حي النصر، الثورة، الدورة، شارع النضال، ساحة الاندلس". بالإضافة الى مناطق اخرى لمواطنين وصلت مناشداتهم عن طريق الهاتف. كما جرى توزيع 200 سلة غذائية في مناطق كمب الكيلاني وكمب سارة والباب الشرقي بالتعاون مع الكنيسة الانجيلة في المنطقة. وتوزيع 40 سلة غذائية اخرى في منطقة البلديات "منطقة المعسكر ذات الكثافة السكانية العالية الفقيرة".
وضمن نشاط المنظمة في حملة مكافحة كورونا نظم الرفاق الناشطين في منطقة المهدية حملة واسعة لتنظيف وتعقيم المدينة بالتعاون مع المواطنين في المنطقة.

صندوق التكافل الاجتماعي

وأطلقت اللجنة المحلية للحزب، مبادرة تأسيس صندوق التكافل الاجتماعي لجمع التبرعات وتقديمها للرفاق اعضاء الحزب من الذين فقدوا عملهم خلال فترة حظر التجوال واغلبهم من العاملين بالاجور ليومية، فيما وزع الرفاق من اساسية الشهيد جمال الحيدري مبالغ مالية الى عدد من العوائل المتضررة من حظر التجوال.

خيم ساحة التحرير

وخلال مدة حظر التجوال عملت اللجنة المحلية على تزويد خيم الاعتصام في ساحة التحرير بالمواد الغذائية ومياه الشرب ووفرت اساسية الرفيق عزيز محمد 300 صندوق ماء اسبوعياً وبصورة مستمرة.
وفي فعالية اخرى شارك الرفاق في حملة خياطة الكمامات في ساحة التحرير لتوزيعها على المنتفضين ولازالت هذه الفعالية مستمرة بعد ان تبرع احد الرفاق بماكنة خياطة فيما تبرع رفيق آخر بمستلزمات خياطة الكمامات.
*******************
ص4
الأول من ايار في زمن كورونا
احتفالات بديلة وازدواجية في المعايير
عادل محمد
اعتاد ملايين العاملين في عالمنا على الاحتفال بألأول من ايار عبر حشود عمالية ومسيرات تضامنية، والعديد من اشكال الفعاليات السياسية والنقابية الثقافية والفنية. وهذه المرة وبسبب انتشار وباء كورونا، واجراءات الحظر متعددة الأشكال، ستغيب الفعاليات الكبيرة من الصورة. في وقت يتزايد فيه الضغط الكبير على العاملين، الذين عليهم تدبير امورهم المعيشية بتعويضات عمل منخفضة، او يدفعون الى الأنضمام الى جيش العاطلين، بالاضافة الى توظيف الشركات اللحظة المناسبة للقيام بعمليات تسريح جماعية، اونقل مواقع الانتاج الى اماكن اخرى.
دأب الحكام على رفض دعوات قوى اليسار والنقابات لتوفير ظروف عمل افضل في القطاع الصحي، وايقاف سياسات التقشف القاسية التي راحت تنخره، وتوفير فرص عمل اكثر في هذا القطاع الحيوي، وعدم اخضاع صحة البشر لمعايير الربح والتعامل معها كسلعة. يمتنع اليوم العاملون في هذا القطاع عن ممارسة حقهم في الاحتجاج ويحرصون على انقاذ المزيد من حياة المصابين بالوباء، في حيت يصر المسؤولون عن قطاع الصحة، حتى في البلدان المتقدمة، على رفض توفير فرص عمل جديدة، على الرغم من حديثهم الدائم، منذ انتشار الوباء، عن "قطاعات العمل الضرورية".
وبموازاة هذا الرفض تتراكم ملايين ساعات العمل الإضافية، والتي في احسن الأحوال يؤجل تسديدها الى حين. وفي اوربا تصر حكومات بلدان متقدمة على عدم الإلتزام بمطالبات محكمة العدل الأوربية بضرورة تعديل القوانين الخاصة بتحديد ساعات العملن وعلى العكس يجري توظيف الأزمة لمضاعفة الضغط على العاملين، على الرغم من ان الوباء جعل عيوب النظام الاقتصادي السائد واضحة، وهشاشة النظام الصحي اشد وضوحا.
لقد كان الأول من ايار دوما، يوما يجمع بين الحلم بعالم أفضل والنضال من أجل المطالب السياسية والاجتماعية الآنية. وبالتالي فان الاحتفال بهذه المناسبة اصبح اكثر أهمية من أي وقت مضى. ولم يعد القبول باستمرار ماهو قائم ممكنا، فالعاملون لا يريدون العودة الى عالم تستمر فيه الفجوة بين الاغنياء والفقراء بالإتساع، ويجري فيه انقاذ الاثرياء وارباحهم على حساب غالبية السكان. ويتم فيه تدمير البيئة والمناخ والنبات والحيوان لتحقيق اكبر واسرع الأرباح. عالم يعاني فيه ، في اغلب الاحيان العاملون من المرض، ولا تقيم فيه الأعمال المفيدة للمجتمع، ويكون مردودها المالي عادة منخفضا. وتتآكل وتنتهك فيه الحقوق الأساسية للانسان، مثل حرية التعبير، وفي بلدان كثيرة يلغى حق الانسان في الحياة.

النقابات العمالية
وبرامج الإحتفال البديلة

للمرة الأولى منذ تأسيسه عام 1949، ألغى اتحاد النقابات الألماني مسيراته احتفالا بالأول من ايار، وبالنسبة لرئيس الاتحاد راينه هوفمان فان التضامن هذا العام يعني الحفاظ على ضرورة التباعد الاجتماعي، لكن ذلك لا يعني الغاء الاحتفالات . وبدلاً من التواجد في الشوارع والساحات سينتقل المحتفلون الى منتديات التواصل الاجتماعي لمتابعة فعاليات متنوعة تجري تحت شعار: "التضامن يعني ان لا تكون وحيدا"، وإذا كان الاستثناء لا يسمح بما هو معتاد، فان المتابعة المشتركة، عبر الفضاء الإفتراضي هي البديل.
ومع انتفاء امكانية تنظيم الفعاليات الجماهرية، يبقى صوت النقابات مسموعا من خلال المطالبة بماهو ضروري لمواجهة انتشار الوباء. وفي المصانع تعمل النقابات على فرض الحماية الصحية وتطبيق قانون العمل حتى في ظل ظروف الطوارئ. وتطالب النقابات بتحسين الظروف المعاشية للعاملين عموما، وتقييم جهدودهم المبذولة في حماية السكان من الوباء، وتوفير احتياجات الحياة الأساسية، والحفاظ على الأمن العام، والنضال ضد الشركات والسياسات التي تعمل على تحميل العاملين وزر الأزمة.
قوى اليساروبعض المجموعات النقابية يرون ان مقاومة محاولات الشركات والقوى المهيمنة لتوظيف الأزمة من اجل تحجيم الحقوق والحريات الأساسية مطلوبة وضرورية، وان القيام بفعاليات مصغرة مباشرة ممكن لذلك دعوا وتحت شعار: "اخرجو للاول من ايار" في اكثر من30 مدينة المانية لتنظيم مثل هذه الفعاليات، مع مراعاة شروط الوقاية، وتوفير مستلزماتها. ولا يوجد نداء مركزي، وانما ترك الأمر للمجموعات المحليةلاخذ الموافقات المطلوبة وتحدبد مدة وموعد الفعاليات. وستكون برامج الفعاليات هي الأخرى متنوعة، فبعض الفعاليات ستركز على التضامن مع اللاجئين، وثانية ستهتم بوضع النساء العاملات فيما يطلق عليه الآن "القطاعات الضرورية"، واخرى ستختار احدى القضايا الملتهبة ذات الصلة بالمناسبة. وكذلك القيام بفعاليات رمزية مثل الإحتفال من خلال شبابيك المنازل وشرفات الابنية والابداع في تحديد شكل ومضمون هذه الرمزية.

نعم لمواجهة الوباء.. ولكن !

ويستند هؤلاء على مجموعة من الحقائق منها: فرض الاستمرار بانتاج المواد الأساسية للصناعات الثقيلة، والاستمرار بحركة مرور ونقل العاملين في هذه المرافق، ومع ان قطع الغيار الضرورية لضمان نقل الاطباء والعاملين في القطاع الصحي وتلبية الاحتياجات الأساسية متوفرة، في حين تغلق الحدود بوجه اللاجئين الذين يواجهون خطر الموت مضاعفا خلال فترة انتشار الوباء.ويجري فرض العمل على العمال في 30 نيسان، ولكن يحري منعهم من الإحتفال بالأول من ايار. وجرى التأكيد على رفض التعارض المفتعل الذي يجري ترويجه بين الإلتزام بشروط الوقاية الصحية، وتحجيم حقوق الناس الأساسية. وان على الجهات المسؤولة تنفيذ القرارات الصادرة من المحكمة الدستورية، وعدم وضعها على الرف.
واخيرا جرى التحذير من المحاولات المستمرة للنازيين الجدد، في احتواء عيد العمال العالمي وتوظيفه لصالح سياساتهم المعادية للانسان. وجرى التذكير بان النازيين اقتحموا مقرات النقابات في 2 ايار 1933، ودفعوا العالم لاحقًا إلى الحرب بمعاناة لا توصف. وإذا ما حاول ايتامهم الجدد ذلك مجددا، فسيتحول الأول من ايار الى يوم لمواجهتهم في الشوارع والأمكنة المفتوحة
لقد تباين التعامل من بلد لآخر ومن ولاية لأخرى بشأن الموافقات المشروطة، ففي بعض المدن كان عدد المشاركين المسموح به 20، وفي مدن اخرى 50 مشاركا، فضلا عن اعداد قوائم باسماء المشاركين، وتهيئة سيارات الاسعاف، والتشديد في نوع الكممات المستخدمة. ويرى ناشطون ان تعامل الجهات المسؤولة اعتمد الكيل بمكيالين، فبعض هذه المؤسسات كانت مرنة جدا في التعامل مع تجمعات دينية حضرها 150 مشارك.
**********
متحدّين الحظر الصحي
عمال اليونان يحتجون في يومهم العالمي
اثينا - طريق الشعب
شهدت العاصمة اليونانية اثينا، الجمعة الماضية، تظاهرة احتجاجية نظمها عمال وطلبة في مناسبة عيد العمال العالمي الأول من أيار، متحدين الحظر الصحي المفروض من قبل الحكومة للوقاية من فيروس كورونا.
وشارك في التظاهرة التي اصطفت أمام مبنى البرلمان، عمال الرعاية الصحية وغيره ذلك من القطاعات، بالإضافة إلى الطلبة والنقابة العمالية الشيوعية.
ولوح المتظاهرون بالأعلام، ورددوا شعارات في المناسبة. كما حملوا لافتات كتبوا عليها "لا تضحية من أجل الرؤساء".
وراعى المتظاهرون الإجراءات الوقائية، من خلال ارتداء الأقنعة والقفازات. ووقفوا متباعدين ملتزمين بالمسافة المحددة التي لا تسمح بانتقال عدوى الفيروس. وقد حددوا المسافة عن طريق تثبيت علامات ملونة على الأرض.
*********
خيمة العمال
تستقبل المهنئين

واسط- علي جبار
استقبل ناشطوا خيمة اتحاد نقابات العمال في ساحة احتجاج واسط المنتفضين المهنئين بمناسبة الاول من ايار عيد العمال العمال العالمي.
وعبر المهنئين بهذه المناسبة عن اعتزازهم بعمال العراق والعالم مع املهم بانصاف هذه الطبقة نظراً لظروفهم المعيشية الصعبة والتهميش الحاصل لهم من مختلف الحكومات..هذا وقد شهدت الخيمة اجواء من الفرح والبهجة وترديد عدد من الاغاني العمالية.

رابطة المرأة في النجف تهنئ

النجف – طريق الشعب
زار وفد من رابطة المرأة العراقية في النجف مشتل حي الرحمة ومشتل الحزام الأخضر في شعبة الحدائق التابعة لبلدية النجف لتقديم التهاني في مناسبة عيد العمال العالمي واستقبال الوفد من قبل المهندسين الزراعيين مالك عبد جبر ومحمد الزاملي وحسين الاعسم وعدد من العمال. وزار الوفد في وقت اخر معمل النجف للخل والدبس لصاحبه السيد محمد الملالي في حي الحرفيين لهنئة العمال في عيدهم العالمي ودار حديث حول أهمية عودة الحياة لمعامل النجف لغرض القضاء على البطالة، وجرى خلال الزيارات توزيع 35 سلة غذائية الى العمال.
**********
مشهد مسرحي بمناسبة الاول من أيار

مشهد توثيقي يؤرخ تجربة تأليف وإنتاج اوبريت "المطرقة"
1970 محلة نظران البصرة القديمة
المشهد المسرحي : إعداد د. عباس الجميلي
الفرقة البصرية الموسيقية
تقدم اوبريت "المطرقة".


كتابة نص الاوبريت
الشاعر علي العضب
التلحين : الفنان طالب غالي
الاخراج : الفنان قصي البصري
قيادة الفرقة وتوزيع موسيقى الاوبريت والإشراف على التمارين
الفنان د . حميد البصري .

الاداء والتميل: فنان الشعب الراحل فؤاد سالم
الفنانة سلمى إبراهيم (ام لنا)
الفنانة شوقيه العطار (ام نديم)
المساهمون : الممثلون
الفنان عبد الأمير السلمي
الفنان عبد الإله عبد القادر
الفنان: عبد القادر احمد
الفنان ابراهيم ابو الهيل
الفنان فرج الدوسري
الفنان ضياء البصري
ساجدة ياسين
طالب جبار .. إدارة مسرح ، ، مكياج.
الموسيقيون ..
الراحل لويس توماس كمان
سامي شاكر،،كمان
وليد لويس كمان
محمد سعيد خزعل ،، كمان
نمير لويس كونتر باص
يوسف راضي ،،شيللو
ادور حنّا ،، ايقاع ..
وآخرون ..
المسرح فارغ تماما،، في خلفيته علقت صورتان كبيرتان لقائدي الطبقة العاملة كارل ماركس ومؤسس الحزب الشيوعي العراقي فهد.
في الزاويه اليسرى طاوله مع ثلاثة كراسي ..وكرسيين اخرين قريبين من الطاوله.
الافتتاح :أغنية اتحدوا يا عمال بلادي اتحدوا يا عمال العالم ( يترك للمخرج تحديد طول الاغنيه) مع الاغنيه يتقدم ثلاثة شبان في العقد الثالث من العمر يقفون في خلفية المسرح تحت الصور تماما ويرددون الاغنيه، تنتهي الاغنيه
يحيون الجمهور ويسيرون باتجاه الطاولة يجلسون (المشهد صامت فكرته نقاش بين العناصر الثلاثة الشاعر والملحن والمخرج)
على الطاولة أوراق وأقداح شاي
نقاش لتحديد الموضوع يستغرق هذا المشهد بحدود بين 2-3 دقيقه ) وبينما هم يتناقشون تُسمع طرقات عادية على الباب (تتبدل أقداح الشاي باقداح شرب عاديه مع بطل عرق او وسيكي وبلا اوراق - تدخل صاحبة البيت الفنانة أم لنا وتهمس باذن زوجها فينهض مسرعا ليفتح الباب فلديه ضيوف مهمون ..
تعود اقداح الشاي ويختفي الوسكي يصافح الضيفان الشاعر والمخرج ويدور حوار (الفكرة من الحوار من الضيفين التشجيع واعطاء ملاحظات للعناصر الثالثة حول سياسة الحزب واهتمامه بالطبقة العاملة.
حيث شعاره ياعمال العالم اتحدوا ..
حديث الضيفين طوله دقيقتان وحديث الثلاثة دقيقة واحدة ثم يحاول الملحن إسماع الضيفين (الرفيقان الشهيدان أعضاء اللجنة المركزية شاكر محمود ومحمد جواد البطاط ابو زيتون) بعض مقتطفات من أغاني الاوبريت اداء الملحن ثم يستأذنان ويخرجان.
يسلّم الرفيق شاكر محمود ورقة الى الملحن هي عبارة عن رسالة من الحزب الى الثلاثه تتضمن شكرا وتوجيهات (الحزب قيادة المنطقه الجنوبيه)
يودعهم الملحن مع المخرج والشاعر
يعودون بعدها للنقاش ثم يتوجهون الى خلفية المسرح ليقرأوا مايشبه التعهد بمواصلة النضال واكمال هذا العمل تخليدا لنضال الطبقة العاملة
يضعون أيديهم الثلاثة على بعض تأكيداً واصراراً على إنجاز العمل
وتصدح أغنية بصوت طالب غالي الملحن
سولف يا ليل سوالفنا
غنوا يناس غنانينا
سولف للعالم يا لتسمع سولف عن شعبي وأيامه
بعد نهاية الأغنية، يخرج مجموعه من الأطفال يحملون. الورود
وينثرونها للجمهور ثم يشترك الجميع بالرقص
نهاية المشهد
***************
ص5
على اليسار الابتعاد عن الشعبوية
رشيد غويلب
دفع صعود اليمين المتطرف في أوربا بمفهوم الشعبوية الى المقدمة. لكن الامر لا ينحصر باوربا، فالشعبوية سياسة وخطابا موجودة في جميع ساحات الصراع الفكري والسياسي في العالم. واذا كان سهلا في البلدان المتقدمة والمستقرة التمييز بين قوى اليسار واليمين، وبالتالي تحديد موقفها من الشعبوية، فان الامر يبدو صعبا في البلدان التي تعاني من الخراب الاقصادي والاجتماعي، والتي تمر بمرحلة انتقالية. فالكثير من الفاعلين السياسيين في هذه البلدان يفتقدون الهوية الفكرية الواضحة، ويتعاملون مع المفاهيم والمناهج بطريقة انتقائية، ولا يمتلكون ادوات التحليل المطلوبة.
مع ذلك فان الباحثين والمختصين في البلدان المتقدمة يمثلون معينا لمجتمعاتنا للاقتراب من هذه المفاهيم، وما يرتبط بها او يؤثر فيها من موضوعات فكرية.
في عددها الصادر في حزيران 2019 نشرت "مجلة روزا لوكسمبورغ"، الصادرة عن مؤسسة روزا لوكسمبورغ التابعة لحزب اليسار الالماني، حوارا مع عالم الاجتماع والاكاديمي الفرنسي إريك فاسين تناول فيه طبيعة مفهوم الشعبوية، والتباين المنهجي في موقف اليسار واليمين من مفهومي الشعبوية والشعب. واليسار عند الكاتب يعني بمعناه الواسع جميع القوى التي تقف على يسار اليمين التقليدي، اي انه يشمل ايضا احزاب الديمقراطية الاجتماعية ، ولا ينحصر عنده باليسار الجذري.
في مايلي عرض لأهم الموضوعات الفكرية التي تضمنها الحوار.
الاهتمام بالشعبوية

لقد حدث شيء ما في الخطاب السياسي في فرنسا وعموم اوربا. واستخدم مصطلح الشعبوية في فرنسا طوال سنوات للتنديد بصعود اليمين المتطرف. والخطر في رفض الشعبوية يكمن في كونه لا ينحصر في رفض اليمين المتطرف، بل يشمل الشعب ايضا، اذا افترضنا ان الشعب، وهذا يعني الطبقة العاملة ايضا، يستسلم لاغراء العنصرية والعداء للاجانب وغيرهما. ولفترة طويلة كانت الشعبوية تمثل وصمة عار اليمين المتطرف.
ومنذ حوالي عام 2010 برز اهتمام إيجابي آخر بالشعبوية، مصدره اليسار. هكذا كان الحال مع حزب بودومس في اسبانيا، وفي فرنسا عكسه التغيير في استراتيجية جان لوك ميلنشون، الذي تحول من استراتيجية يسارية صريحة عبر تأسيس "حزب اليسار"، واشتراكه في جبهة اليسار مع الحزب الشيوعي الفرنسي، حيث الرايات الحمراء ونشيد الأممية، الى استراتيجية مختلفة، مستوحاة بشكل خاص من الفيلسوف شانتال موف، جسدتها حركة "فرنسا الأبية". وتعتمد هذه الاستراتيجية الشعبوية على افتراض استخدام لحظة تاريخية خاصة يطلق عليها شانتال موف "لحظة شعبوية"، كرد فعل على "اللحظة الليبرالية الجديدة"، التي صاغها قادة سياسيون مثل رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير، ورئيس وزراء اسبانيا الاسبق لويس رودريغز ثاباتيرو ، والمستشار الألماني الأسبق كيهارد شرودر، والديمقراطية الاجتماعية الفرنسية بشكل عام. هذه اللحظة الليبرالية الجديدة جعلت السياسة غير مرئية بشكل غريب، ومن أجل جعلها مرئية وإعادة اكتشافها، من الضروري التركيز على تناقض جديد قائم بين الشعب والنخب.
ولهذه الاستراتيجية "الشعبوية اليسارية" عيب يتمثل في أن سمة "اليسار" تصبح ثانوية و"الشعبوية" تصبح هي الجوهر. الشعبوية هنا هي المسمى، وتحتل المقام الأول، واليسار ليس اكثر من توصيف، وبالتالي هناك ضرورة لنقاش داخل اليسار حول لمن الأولوية. بمعنى آخر هل نحن يساريون في المقام الأول ام شعبويون؟ وهل نريد الانطلاق من تقسيم المجتمع الى "نخبة" و"شعب"، ام الى يسار ويمين؟ بعبارة اخرى: هل نتبنى تقسيما اجتماعيا للتميز بين مجموعتين اجتماعيتين، ام تقسيما فكريا بين رؤيتين مختلفتين للعالم ؟
هنا من الضروري لليسار ان يتبنى التناقض السياسي المبني على تحليل اجتماعي.

اليسار والشعبوية

ليس في مصلحة اليسار ان يكون شعبويا، فعندما يصبح الفصل بين اليسار واليمين شأنا ثانويا، يبدأ الاعتقاد بان مفهوم "اليسار" و"اليمين" ليس مهما. فلماذا اذن ينبغي على الناس التصويت لليسار؟ وليس ضروريا أن يؤمن الناس الذين يدعمون اليمين، بالتناقض القائم بين اليسار واليمين. فلا يجب أن يقول اليمينيون انهم يمينيون، لكي ينتخبوا حزبا يمينيا، وفي المقابل يجب على اليساريين ان يعرفوا انفسهم باليسار، وعليهم أن يعتقدوا أن هناك بديلا ! يمكن لليميني ان يقول "انا واقعي، ولا املك أيديولوجيا ، واتكيف مع الواقع ". هذه البراغماتية اليمينية بالنسبة لليسار غير ممكنة. فان تكون يساريا لا يعني فقط القبول بالواقع، بل يعني ايضا طرح وجهة نظر مختلفة، وبديلة للواقع.
في عالم اليوم، عالم الليبرالية الجديدة، وشعار ماريغريت تاتشر "لا بديل"، فان ما تمت الاشارة اليه مهم للغاية. فهذه النظرة اليمينية أصبحت في نهاية المطاف وجهة نظر الديمقراطية الاجتماعية، إذ انضمت الديمقراطية الاجتماعية إلى واقعية الليبرالية الجديدة في أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى. ويمثل التخلي عن التناقض بين اليمين واليسار، بحجة مكافحة التحول نحو اليمين، مشكلة بحد ذاته. لان اهمال هذا التناقض والاعتقاد بان الناخبين ما عادوا يهتمون به ، يعني ان على اليسار ايضا التخلي عنه. بالطبع هناك سبب وجيه يجعل الناخبين يجدون صعوبة في الاعتقاد بالتناقض بين اليمين واليسار: فقد تكوّن لديهم انطباع بأن السياسة بقيت على حالها، بغض النظر عمن صوتوا لصالحه - سواء كانت سياسات اقتصادية او السياسة المتعقلقة بملف الهجرة. وفي جميع القضايا التي تنظم الحياة السياسية اليوم، لم يكن الفرق واضحًا. وإذا أردنا أن يؤمن الناس بالديمقراطية، فإن التحدي يكمن في خلق سياسة وعقيدة مرة أخرى، خلق بديل يميز بين اليمين واليسار، بين القيم المختلفة. وتنتج عن ذلك استراتيجية مختلفة تماما عن استراتيجية الشعبوية اليسارية.
يبدو ان اليسار الشعبوي يفترض وجود عدد نهائي ومحدد من الناخبين، ومن الذين يشاركون في عملية الاقتراع، ويأمل في جذب بعض ناخبي اليمين الشعبوي الى صفه. وهنا يكمن الافتراض بان كلا المعسكرين الشعبويين لديهما جوهر واحد، وذلك هو الذي يسميه شانتال موف "جوهرا ديمقراطيا". انما ليس صحيحا ان ناخبي مارين لوبان يوحدهم "جوهر ديمقراطي". ولا يختلف الامر بالنسبة لناخبي اليمين المتطرف في البلدان الاخرى. فناخبو ترامب يتبعون إغراءا فاشيا. وينطبق الشيء نفسه على
ناخبي بولسونارو في البرازيل، أو أوربان في هنغاريا أو أردوغان في تركيا. وبالتالي ليست هناك مشتركات بين اليسار واليمين الشعبوي. وعليه ينبغي ان لا يسود اعتقاد خاطئ بامكانية تحويل استياء اليمين الى غضب او تمرد يساري. لان الامر هنا يتعلق بتوظيف الاستياء ضد المهاجرين والأقليات الدينية أو الجنسية أو العرقية، وهذا الواقع يمكننا رؤيته من البرازيل إلى الولايات المتحدة وصولا الى هنغاريا .
وهذا لا يعني التخلى عن تغيير العالم، أو تغيير ميزان القوى في ديمقراطيات اليوم. ولكنه يعني ان الاحتياطي الاكبر هو أصوات الاكثرية الصامتة. في حين يبدو ان استراتيجة اليسار الشعبوي تنطلق من وجوب نقل الناخبين من معسكر الى آخر. ان على اليسار تبني استراتيجية مختلفة، تقوم على كسب اصوات الاغلبية الصامتة، لأنها منزعجة من السياسة وتعتقد بعدم امكانية تغيير أي شيء. يجب ان يقال لهؤلاء ان السياسة مفيدة، لانها تقدم رؤى مختلفة الى العالم. وهؤلاء ليسوا الناخبين التقليديين، او الذين يصوتون للاحزاب الفاشية. ان الاغلبية الصامتة هي من الشبيبة، واكثرهم من الطبقة العاملة، وهم قوة تصويتية ضيّعها اليسار. وهم ليسوا هذا الشعب من "البيض" الذين يحتفل به اليمين، بل هم شعب متنوع: هناك بعض "البيض"، ولكن هناك الكثير الآخر، إذا كان اليسار يراهن على هذا الشعب - شعب يساري ليس له "لون" واحد ، بل بشرات متنوعة، يمكنه أن يأمل في بناء بديل ديمقراطي. ليس فقط عبر سياسة اقتصادية أو سياسة هجرة مختلفة، بل أيضا على اساس تعريف مختلف للسياسة، ورؤية مختلفة للشعب. ان الشعب الذي يحلم به اليمين لا يمكن أن يكون نفس الشعب الذي ينبغي ان يحلم به اليسار.

اكثرية اليمين المتطرف الفرنسي

حقق اليمين الفرنسي المتطرف نجاحات، وكذا الحال في العديد من البلدان الأوربية الأخرى، وتعددت القراءات والتحليلات للحدث. وعند تناول الاسباب يمكن الاشارة الى ما يلي: أولاً ، نصف الذين يحق لهم التصويت لم يشتركوا في التصويت، ولذا فان من صوت لصالح لوبان ليس أغلبية السكان، بل أغلبية الذين اشتركوا في التصويت. وهذا اختلاف كبير يجري على الدوام نسيانه، عندما يجري الحديث عن الانتخابات. والسبب الثاني هو غياب البديل الحقيقي للسياسة التقليدية السائدة، فلماذا اذن لا ينتخب الناس اليمين المتطرف؟ وهذا ما يفسر لنا وضع اليمين واليسار في سلة واحدة. ومن الذي يصر تاريخيا على خطاب "لا يمين ولا يسار"؟ انهم اليمينيون. وكيف يستطيع المرء تجاوز التناقض بين اليمين واليسار؟ مع اليمين. وهذا ليس مفاجئا.
وبالتاكيد يملك الناس اسبابا جيدة لعدم القناعة بالسياسة الراهنة. ولكن ليس الناس الطيبون وحدهم يخطئون. ولهذا السبب بالتحديد لا يجوز التنازل عن ناخبي اليمين المتطرف، بل يجب اخذهم بكامل الجدية. هؤلاء الناخبون يعرفون جيدًا ماذا يفعلون، لديهم رغبة معينة في مهاجمة المهاجرين ومهاجمة فرنسا "غير البيضاء" ، فرنسا "السوداء"، فرنسا "العربية". من المهم جدا أن نفهم أن اختيار اليمين المتطرف ليس عرضًا من أعراض المعاناة الاجتماعية، بل قرار أيديولوجي ينطوي على الرغبة. ولذا يجب مكافحة هذا القرار، بدلا من التعاطف او تفهم "مصيبة" ناخبي اليمين المتطرف! قد يعاني البعض منهم، ولكن القليل فقط. ومن الواضح أن الكثيرين لا يعانون بشكل استثنائي. وهناك كثير من الناخبين الآخرين الذين يعانون، ولكنهم ما زالوا لا يصوتون لليمين المتطرف. ويجب ان لا نحصر الناخبين بدور
الضحية. يجب أن يُحترموا ويعترف بهم كفاعلين سياسيين، بمن فيهم أولئك الذين نكرههم والذين لدينا خلافات عميقة معهم. وهؤلاء الناس ليسوا مجرد ثمرة لظروفهم المادية.

اليسار و"اللحظة الفاشية"

من المفيد تغيير الصياغة: فبدلاً من تخيل "لحظة شعبوية" تعطي الانطباع في النهاية بوجود خلفية مشتركة بين اليمين واليسار، من المهم أن نقول أننا نواجه "لحظة فاشية جديدة". فحضور اليمين واضح جدا، على الرغم من أن العديد من المعلقين على نتائج انتخابات البرلمان الأوربي في فرنسا يميلون الى الاعتقاد أن الأمر "كان يمكن أن يكون أسوأ"، وأن اليمين المتطرف بزعامة لوبان (الجبهة الوطنية أو "التجمع الوطني"، كما يطلقون عليه الآن) كان يمكن أن يحقق نتيجة أعلى. ما يقلق أكثر هو التعامل مع الحدث وكأنه امر عادي، وبالتالي غياب السخط على احتلال اليمين المتطرف المرتبة الأولى في فرنسا في انتخابات البرلمان الأوربي. وللاجابة على السؤال التاريخي "ما العمل؟" نقول: أولاً التوجه نحو الاغلبية الصامتة . ثانيًا طرح بديل. ثالثا ، عدم التقوقع في إطار الدولة الوطنية، لان اوربا اليوم بطريقة او اخرى ساحة عمل لشعبويين يمينيين أو فاشيين جدد، يقترحون شكلاً سياديا قوميا، أو قوميا ليبراليا جديدا إلى حد ما. هناك حاجة لهذه المهام الثلاث. إنها ليست مهمة سهلة بالطبع، ولكن هذا ما يجب القيام به. يجب أن يقال بوضوح ان السياسة ليست مجرد انعكاس للواقع - لا الواقع الاقتصادي ولا واقع الناخبين ؛ السياسة تعني دائمًا خلق رؤى للعالم، بما في ذلك رؤى بديلة. وهناك حاجة إلى التفكير على المستوى الأوروبي في كيفية إنتاج خطاب بديل حول مواضيع مختلفة.
وينطبق هذا على الاقتصاد ايضا: كيف يمكن تصور بديل حقيقي مرة أخرى؟ يجب خلق إمكانية الاختيار ثانيةً - وهذا هو الشيء الجوهري.
ولا يختلف الامر عند التعامل مع ملف البيئة، ففي فرنسا وألمانيا يتزايد طرح موضوعة: ان المسألة البيئية ستتجاوز، بطريقة أو بأخرى، التناقض بين اليمين واليسار. ولهذا من المهم جدا التفكير في كيفية بناء سياسة بيئية يسارية. وهذه السياسة لا تتماثل مع سياسة اليمين. وإذا طُمس هذا الاختلاف ، فستتعزز نظرة ما بعد الأيديولوجيا للعالم، ومن شأن هذا أن ينكر جوهر السياسة الديمقراطية.
ربما يكون الملف الأكثر تفجرا هو ملف الهجرة. هنا أيضا انضمت الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية إلى نوع من الواقعية، كما يقولون. "بالطبع نريد أن نكون كرماء، لكن لا يمكننا أن نكون كذلك بسبب الأزمة الاقتصادية". وتلخص صياغة فرنسية الموقف بوضوح: "لا يمكننا استيعاب كل البؤس في العالم". ان على اليسار اعلان القطيعة مع هذا الخطاب، الذي لا يعكس الواقع ويلتزم برؤية للعالم تدعم اليمين المتطرف. ومن المهم جدا عدم الاستسلام لهذه "السذاجة" التي يوحي بها اليمين - والقول ان كل شيء جيد وكل شيء هو الأفضل في أفضل عالم. إن الامر يكمن في التمييز بين سياسة هجرة يسارية واخرى يمينية، إنهما مختلفتان جوهريا! ومع ذلك، غالبًا ما تتبنى أحزاب "يسارية" اليوم نسخة ضعيفة من السياسة اليمينية: أقل قسوة قليلاً، وأكثر انفتاحًا قليلاً، وأكثر خبرة قليلاً، ولكنها تنطلق بشكل أساسي مع نفس المنطق، أي من افتراض أن "الهجرة مشكلة".
يتبنى اليمين افتراض أن "الهجرة مشكلة" ولا يمكن لليسار الاستناد إلى نفس الفكرة، لان ذلك يعني تبني خطاب اليمين وتعزيز مواقعه. وهذا لا يعني تبسيط الامر، فعلى اليسار ان يتعامل مع الهجرة على انها مشكلة اجتماعية اقتصادية، ويعمل على حلها، باعتبار ذلك احدى المهام التي تواجه عالما متضامنا، وليس "مشكلة هجرة" بالمعنى العنصري الذي يطرحه اليمين.
قد يصبح الفارق اكثر وضوحا عند مقارنة ملف البطالة بملف التعليم: نريد القضاء على البطالة لأنها مشكلة. وعند تناول مشاكل المؤسسات التعليمية، لا أحد يقول أنه يجب علينا القضاء على هذه المشاكل. ولكن في هذه المؤسسات مشاكل يجب حلها. فهل رؤية اليسار تتطابق مع رؤية اليمين التي تقول ان الهجرة مشكلة، ويجب القضاء عليها؟ ام ان رؤية اليسار تقول: نعم هناك مشاكل مرتبطة بالهجرة، ويجب حلها مثل المشاكل التي يواجهها نظام التعليم؟
ان التعامل فكريا مع التناقض بين اليسار واليمين، يعني بالنسبة لليسار اليوم طرح برنامج ثقافي فكري نشيط، برنامج لا يكون مادة جاهزة تصلح للاجابة على كل الاسئلة، بل يجب تحديثه باستمرار لمواجهة الأسئلة الجديدة.
************
كارل ماركس والجائحة *
كشفت الأزمة الصحية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البشرية اليوم عن الشروخ والتناقضات العميقة في النظام الرأسمالي العالمي. وبما أن كارل ماركس كان أهم من حلل نمط الإنتاج الرأسمالي وطبيعة أزماته وضرورة تجاوزه، سنحاول في ما يلي الاستفادة من بعض أفكار ماركس حول الرأسمالية في فهم الأزمة الحالية.
الإنسان والطبيعة

طرح ماركس رؤية فلسفية متكاملة حول علاقة الإنسان بالطبيعة. هذه العلاقة بالنسبة لماركس قائمة على التفاعل الواعي للإنسان مع الطبيعة من خلال العمل. الإنسان جزء من الطبيعة ولكنه يغير الطبيعة من خلال التفاعل معها ويتغير هو/هي أيضا في هذه العلاقة.
هذا التفاعل الواعي مع الطبيعة هو سمة عامة في التاريخ البشري أيّا كان نمط الإنتاج السائد. ولكن هذه العلاقة تتأزم مع تطور نمط الإنتاج الرأسمالي. تقوم الرأسمالية على التراكم التنافسي بهدف الربح. هذا التراكم يؤدي إلى التوسع اللانهائي واللاعقلاني في حجم رأس المال على المستوى العالمي. والتوسع الدائم في الإنتاج الصناعي والزراعي وفي الاستهلاك وفي استخراج المواد الخام ومصادر الطاقة في ظل الرأسمالية يؤدي إلى ما يسميه ماركس الصدع التفاعلي (Metabolic Rift) بين الإنسان والطبيعة. وقد كتب ماركس في المجلد الأول من كتاب (رأس المال) حول الدمار الذي يحدثه تصنيع الزراعة في خصوبة الأرض وفي صحة الإنسان. أما فريدريك إنجلز، فقد تناول بشكل مباشر كيف يؤدي التراكم الرأسمالي والتوسع العمراني الذي يحدثه والتكدس السكاني في المناطق العمالية إلى انتشار الأوبئة والأمراض وتطورها بما يهدد صحة البشرية كلها (كتاب "حال الطبقة العاملة في إنجلترا").
إن ظهور وانتشار وباء الكورونا هو نتيجة مباشرة للصدع في علاقة الإنسان بالطبيعة والذي يتسبب فيه التراكم الرأسمالي. ولا يمكن الفصل بين ظهور هذه الفيروسات الجديدة وبين الأزمة البيئية والتغير المناخي الذي يهددنا جميعا بالفناء. استنتاج ماركس وإنجلز منذ أكثر من 150 عاما أصبح أكثر إلحاحا في القرن الحادي والعشرين: إما القضاء على الرأسمالية وبناء بديل إنساني وإما ستقضي الرأسمالية علينا جميعا.

الكينزية أم الماركسية؟

تتبع اليوم حكومات الدول الرأسمالية الكبرى وبنوكها المركزية سياسات تدخلية غير مسبوقة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها الجائحة. هذه السياسات والمعروفة بالكينزية دائما ما تعود للواجهة مع الأزمات الكبرى. هذا ما حدث خلال الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي وما حدث أيضا خلال الركود الكبير في 2008. يتحمس بعض الباحثين والصحفيين الاقتصاديين المنتمين لليسار لمثل هذه السياسات. فنجد مقالات تشيد بالدور الأكبر للدولة (بما في ذلك تأميم مؤقت لقطاعات اقتصادية منهارة) وكأنه خطوة نحو الاشتراكية. ولكن هذه السياسات ليست فقط بعيدة كل البعد عن الاشتراكية بل أنها لم تعد قادرة حتى على إنقاذ النظام من ورطته الحالية.
فالدول تنفق التريليونات من الدولارات واليورو والين واليوان لإنقاذ الشركات والبنوك الرأسمالية الكبرى وإعادتها إلى الربحية. وحتى التأميم في هذا السياق فهو مجرد تأميم للخسائر -أي تحميل المجتمع ككل لخسائر الشركات والبنوك. فمن أين تأتي كل تلك التريليونات؟ هي تأتي بالضرورة من إيرادات المستقبل والتي عاجلا أو آجلا لابد أن تغطي الديون التي تراكمها الحكومات والبنوك المركزية اليوم. ومن يدفع ثمن كل ذلك؟ لنتذكر سياسات التقشف التي فرضتها الحكومات على الطبقات العاملة في السنوات العشر التالية للركود الكبير في 2008. وهذا بالتأكيد ما ستحاول الحكومات الرأسمالية فرضه مجددا على شعوبها بعد تجاوز أزمة كورونا.
نحتاج العودة مجددًا الى ماركس لفهم الجذور الاقتصادية للأزمة الرأسمالية لنفهم حدود السياسات الكينزية. يطرح ماركس في المجلد الثالث من كتاب (رأس المال) رؤية متكاملة حول طبيعة وأسباب الأزمة في الرأسمالية. سنتناول هنا جانبين من هذه الرؤية يمكن تطبيقهما على الوضع الحالي. الجانب الأول يتعلق بالأسباب طويلة المدى للأزمات الرأسمالية والجانب الثاني يتعلق بالائتمان وعلاقة رأس المال المالي برأس المال الصناعي والخدمي:
مصدر الربح عند ماركس كما هو معروف هو فائض القيمة الذي يستخرجه الرأسمالي من العمال خلال عملية الإنتاج. ولكن الرأسمالي الصناعي يعيش في عالم من المنافسة الشرسة. هذا يعني أن تحقيق أرباحه يحتاج منه ضخ المزيد من الاستثمارات في كل دورة إنتاج لتطوير التكنولوجيا والميكنة ولزيادة إنتاجية العمال ليتمكن من الحفاظ على نصيبه من السوق. هذا التراكم التنافسي هو مصدر الدينامية التكنولوجية للرأسمالية ولكنه أيضا مصدر طويل المدى للأزمات وسبب لفترات الكساد والركود. فهذا التراكم يؤدي، مع انتشار وتعميم التكنولوجيا الأحدث، إلى زيادة نسبة ما يستثمره الرأسمالي في الميكنة وأدوات الإنتاج بالنسبة لما يستثمره في قوة العمل. وبما أن مصدر فائض القيمة، وبالتالي الربح، هو ما يسميه ماركس العمل الحي (قوة العمل) وليس العمل الميت (الميكنة وأدوات الإنتاج)، يؤدي ذلك على المدى الطويل إلى إنخفاض معدلات الربح في الصناعة الرأسمالية ككل.
وعندما تنخفض معدلات الربح في القطاعات الإنتاجية من الاقتصاد، تتجه الاستثمارات الرأسمالية إلى القطاعات الأخرى بحثا عن الأرباح. فنجد الأموال تتدفق إلى قطاعات الاستثمار العقاري والتمويلي والبورصة ويؤدي ذلك بدوره إلى المضاربة في تلك القطاعات ويبدو وكأن القيمة في تلك القطاعات سترتفع إلى الأبد وستكون مصدرا دائما للأرباح. وهنا نأتي للجانب الثاني من رؤية ماركس حول الأزمة. إرتفاع الأسعار في البورصات على سبيل المثال يخلق ما يسميه ماركس رأس المال الخيالي. فقيمة الأسهم تصل إلى عشرات الأضعاف وأحيانا مئات أضعاف القيمة الأصلية للشركة أو المؤسسة. ولكن هذا الوضع غير قابل للاستمرار، فلابد للفقاعة أن تنفجر فتنهار أسعار الأسهم أو العقارات أو الأوراق المالية، وتتبخر المليارات من رأس المال الخيالي ويدخل الاقتصاد في أزمة عنيفة. هذا ما حدث في 2008 وهو ما يحدث في 2020. الوباء مفجر الأزمة الحالية ولكنه ليس السبب طويل المدى وراءها.
الحكومات تضخ التريليونات لإنقاذ البنوك والشركات من الإفلاس وتريليونات أخرى لدعم دخل السكان لتحفيز الطلب الفعال وإنقاذ الاستهلاك من الانهيار. وفي ظل عدم حدوث طفرة في ربحية وإنتاجية القطاعات الإنتاجية في الدول الرأسمالية الكبرى (الاتحاد الأوروبي، الصين، الولايات المتحدة، اليابان)، فستحاول الحكومات تحميل عبء الأزمة والديون على الطبقات العاملة من خلال سنوات قادمة من التقشف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* علي طه - عن موقع (الاشتراكي) بتصرف
30 نيسان 2020
**********
ص6
أضواء على النموذج السويدي في التعامل مع جائحة كورونا
جاسم الحلفي
إختارت السويد، البلد الديمقراطي المسالم، الذي لم يدخل حروبا ولم يشهد أزمات حادة، والذي يهتم بالصحة العامة ويتمتع مواطنوه بالضمان الصحي المتميز، ويعيش سكانه على مساحة واسعة نسبيا فلا تزيد كثافته السكانية على ٢٣ نسمة/كم، ويتنفسون في بيئة صحية، حيث الأرخبيل الجميل والمساحات الخضراء الخلابة والغابات الكثيفة التي تغطي ٥٣ في المائة من مساحة البلد، فيما الجبال تشكل ١١ في المائة منها، والبحيرات والأنهار ٩ في المائة والأراضي المزروعة ٨ في المائة.. إختارت نموذجها الخاص في التعامل مع جائحة كورونا، وقد تحسبت وهي تضع رؤيتها في شأن ذلك الى متغيرين، الأول هو الخسائر التي تخلفها الجائحة، والثاني هو كلفة الآثار الإقتصادية للإجراءات الذي تتخذها على هذا الصعيد.
وقد إهتمت مواقع التواصل الاجتماعي كما إنشغل الإعلام بهذا النموذج السويدي في مواجهة فيروس كورونا، وامتد الاهتمام به الى البيت الأبيض الامريكي، حيث انتقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمراته الصحفية اليومية.

عن النموذج

النموذج السويدي وباختصار شديد، إبتعد عن الإجراءات الصارمة التي إتخذها أغلب البلدان، كحظر التجوال والعزل الصحي وارتداء الكمامات والقفازات وتعطيل النشاطات العامة الإعتيادية. وقد أشاد مايك راين الرئيس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، في المؤتمر الصحفي للمنظمة يوم ٢٩ نيسان٢٠٢٠ في ستوكهولم، بالنموذج السويدي وهو يتحدث عن جائحة كورونا، ونقل عنه موقع "كومبس" أشادته بالإستراتيجية السويدية في مكافحتها، وقوله إنها "تمثل نموذجاً مستقبليّاً".
فقد واصل السويديون حياتهم اليومية العادية مع بعض الإجراءات المخففة نوعا ما، التي سيمر ذكرها لاحقا. ويمكن القول إن الفكرة الأساسية تكمن في أن كل اجراء يتم إتخاذه ينطلق من طبيعة البلد وخصائص الشعب. فمثلا تطبيق فكرة التباعد الاجتماعي جاء سلسا الى حد ما بفضل أسلوب حياة السويديين ذاته، حيث اعتاد الناس العيش بنوع من العزلة وعدم الاختلاط حتى في الظروف العادية. وفي مثل هذه الظروف يكون التشدد أكثر، لأنه يستند الى الوعي بمخاطر الفايروس، مع مراعاة حرية المواطن في إطار مسؤوليته الفردية، التي تفرض عليه الالتزام طوعيا بإجراءات محددة.

هيأة الصحة العامة

سلمت الحكومة إدارة التعامل مع الجائحة الى هيأة الصحة العامة، التي تضم مجموعة علماء من مختلف الاختصاصات الطبية والإجتماعية، ولا يتدخل الساسة في عملها. وقد لاقت قراراتها تأييدا بإجماع الحكومة، وقبولا من المعارضة ورضا شعبيا عاما. لكن ذلك لم يخلُ من تساؤلات ونقد، ومن ذلك الموقف الإنتقادي الذي تجسد في مذكرة وقعها ٩١٣ تربويا من مختلف المدارس الابتدائية السويدية، ونشرته جريدة افتون بلادت السويدية.
ويترأس الهيأة عالم الوبائيات السويدي الشهير(أندرس تيغنيل)، وهو مستشار الدولة لشؤون الأوبئة، وذو خبرة متراكمة في هذا المجال، كما انه مثير للجدل خصوصا في الاوساط الطبية والعلمية السويدية، وقد تعرض الى نقد علمي من اختصاصيين سويديين كبار، رغم خبرته الكبيرة. فقد سبق وقدم خدماته في أفريقيا ومناطق مختلفة من العالم، حيثما تفشى بعض الأوبئة. ويعقد هذا العالم مع فريقه مؤتمرا صحفيا كل يوم، باستثناء يومي السبت والأحد، معتبرا نشر المعلومات وإتاحتها للمواطنين والشفافية عموما أهم أعمدة النظام الديمقراطي في السويد.
وإعتمدت الهيأة في رسم رؤيتها على الثقة العالية بالمواطن السويدي، وعلى تميزه بالإنضباط الذاتي وتصرفه بمسؤولية دون الحاجة إلى أوامر من السلطات. وإنطلاقا من عدم إستطاعة الناس العيش ضمن إجراءات متشددة، وعدم تحملهم توقف الحياة بصورة معينة لفترات طويلة، فقد تركت للمواطنين حرية التصرف وتحمل المسؤولية إنطلاقا من الوعي وإدراك الخطر. وعملت على إشراك المواطنين في عملية إبطاء إنتشار الفيروس، ومنع تفشي المرض، ضمانا لقدرة القطاع الصحي على مواصلة التعامل مع حالات الاصابة ما بقيت محدودة، وطالما يصاب الناس في فترات متباعدة، وريثما يتم التوصل الى اكتشاف العلاج الفعال واللقاح المناسب. وهكذا تسعى الهيأة الى تطوير ذاكرة مناعية للمجتمع. وهذا ما جعل منها موضوعا إشكاليا مثيرا للجدل، وإعتبرها بعض الباحثين "مكيدة وقائيّة". فالذاكرة المناعية بعكس ما يعتقد الناس، لا تقوم على مقاومة الأصحّاء للمرض، بل بالعكس تقوم اساسا على قاعدة دفاعيّة قوامها أنّ من يقاومون المرض هم حاملو المرض. فهو يقوم مقام اللقاح في حال عدم وجود اللقاح المناسب. وهذا يعني أنّها تقوم على مبدأ انتشار العدوى وليس مكافحتها وحصرها. أي كلّما اتسع المرض وازداد عدد المصابين، تعزّزت إمكانية مقاومته باكتساب المناعة الضرورية المطلوبة. لذلك شبهها البعض بنظريّة "مالثوس" سيئة الصيت، التي تربط بين الحرب والتوازن السكانيّ.
أما جواب (أندرس تيغنيل) على النقد الواسع الذي تعرض له النموذج السويدي، فقد اوجزه بالقول أن البلدان التي اتخذت إجراءات متشددة، لم توقف استمرار تفشي الفايروس ولم يقف عدد الموتى فيها عند حد. وكانت اجابته على سؤال مراسل رويترز، بصدد نقد ترامب للنموذج السويدي، كما يلي: "نحن لا نشاركه رأيه.. الرعاية الصحية لدينا واحدة من الأفضل في العالم.. وبالمقارنة مع الوضع في نيويورك، فإن الوضع بالسويد أفضل بكثير". اما وزيرة الخارجية السويدية آنا ليندي فقالت في ردها على ترامب: "إذا كنت تنتقد دون معرفة ما نقوم به فهذا ليس أمرا جيدًا" وأضافت: "ليس لدينا قفل نغلق به المجتمع كله".
معلوم ان ترامب تراجع عن انتقاداته للسويد يوم ٣٠ نيسان ٢٠٢٠، حين قال أن السويد "بلد يستشهد به دائماً كمثال عند مناقشة الطرق المختلفة للتعامل مع جائحة كورونا". وفي الواقع لا يعتد بتقييمات ترامب، سواء كانت سلبية او إيجابية، لأنها لا تستند الى إستشارة خبراء أو متخصصين في الموضوع.
وبطبيعة الحال جاءت تصريحات ترامب متزامنة مع النقاش الدائر في عدة ولايات أمريكية حول كيف ومتى يتوجب إعادة فتح المجتمع، الامر الذي لا يخلو من ضغط الشركات الرأسمالية، التي تفاقمت ازمتها، وهو ما سنعود اليه.

إجراءات مواجهة الجائحة

وضعت الهيأة مجموعة توصيات أمام الحكومة، التي حولتها فورا إلى قرارات وإجراءات وسياقات عمل. ولم يكن بينها حظر التجوال، ولا ارتداء القفازات والكمامات، ولا غلق المؤسسات الرسمية والقطاعات التجارية والإقتصادية. وتركت خيار إدارة الأعمال عبر الانترينت من البيوت لمن يستطيع. وإستمرت خلال ذلك حركة النقل، وبقيت المطارات مفتوحة أمام الملاحة الجوية، واستمر الدوام في رياض الأطفال والمدارس التمهيدية، لكن قرار الهيأة كان صارما في مسألة غلق الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية، حيث اتبع أسلوب (الدراسة عن بعد On line) في المنازل عبر الانترنيت.
وطلبت الهيأة من المواطنين تجنب المصافحة والعناق والإزدحام. ومنعت تجمع أكثر من خمسين شخصا، بعد أن كان ذلك قبل ٢٩ اذار ٢٠٢٠، محددا بخمسمائة شخص. كذلك التشدد في غسل اليدين وعدم الذهاب ألى المستشفى في حال الشعور بأعراض المرض، بل التواصل مع الرعاية الصحية عبر رقم هاتف خاص. ومنعت ايضا الإجتماعات العامة والإحتفالات الكبيرة.
بهذه الإجراءات توقعت الهيأة أنخفاض سرعة إنتشار المرض، وعندها يخلق المجتمع مناعته الخاصة، من دون وضع القطاع الصحي تحت ضغط عدد كبير من الإصابات. وكانت عيون الناس تتطلع الى تحقق هذه التوقعات.

إنتشار الفايروس والإجراءات

لم تُعقْ هذه الإجراءات غير المشددة تفشي الفايروس في السويد، كما لم تحد من إنتشاره الإجراءات المشددة التي إتخذتها بقية دول العالم، بضمنها الولايات المتحدة وبلدان أوربا، بإستثناء هولندا وبريطانيا اللتين ما برحتا تشددان إجراءاتهما.
أما بخصوص تجربة الصين فان نجاحها اعتمد على خصوصية الصين نفسها، وكونها ذات نظام شديد المركزية في إدارة الدولة. ومعلوم أنها تتبع اساليب الامن الألكتروني والرقابة الرقمية، وان إجراءاتها تنطلق من طبيعة النظام وطاعة الشعب لإجراءاته المشددة. وإذا كان الإرغام يدفع المواطن في الصين الى طاعة النظام والإلتزام بتعليماته، وقد نجحت إجراءاته هذه في ووهان الصينية، فليس له بالضرورة أن ينجح في السويد، كما علق عالم الوبائيات السويدي (أندرس تيغنيل).
ان النموذج السويدي لم يُعق إنتشار الفايروس، ولم يمر من دون خسائر، ولا يوجد في الإفق ما يؤشر وقف الخسائر، وستكون في انتظار السويد "أوقات طويلة وصعبة قبل انتهاء أزمة كورونا" كما قال رئيس الوزراء السويدي في خطابه يوم أول أيار الجاري.
لقد بلغ عدد المتوفين في السويد حتى امس الاثنين (4 أيار) 2769 شخصا، وإحتلت السويد المرتبة العشرين عالميا في عدد الإصابات، التي تركزت في بيوت المسنين والعجزة ومناطق المهاجرين، وكانت نسبتها أعلى بين ذوي الأعمار الكبيرة، الذين لا يخلون من أمراض الشيخوخة وغيرها. وجاءت الإصابات بين فئة كبار السن، كما صرح رئيس الهيأة، بسبب عدم الإلتزام بالتوصيات الإحترازية، مشيرا الى أن معدل الإلتزام منهم بلغ ١٥في المائة خلال الشهرين الاولين، ثم تصاعد الى ٧٥ في المائة في فترات لاحقة.
وقد نظم المجتمع المدني السويدي حملات تطوع لمساعدة المسنين في التسوق، ولتيسير أعمالهم والاهتمام بهم. وإحتلت المناطق التي يعيش فيها المهاجرون المرتبة الثانية في عدد الإصابات بعد أماكن دور كبار السن، وكانت النسبة الأكبر من المصابين بالفايروس من اصول صومالية وعراقية وسورية وأفغانية، حسب الترتيب. علما أن الإصابات إنخفضت لاحقا، وفق ما صرحت به سمية الشكرجي الطبيبة في مركز رينكبي الصحي، التي تعافت من اصابتها بالفايرويس، للتلفزيون السويدي SVT يوم ٢٩ نيسان ٢٠٢٠ حيث قالت: "شهدنا انخفاضاً واضحاً في تدفق المرضى على عيادات العدوى، وهذا مفرح جدا ويبعث شعورا إيجابيا".
ويعود تركز الإصابات في مناطق المهاجرين ايضا الى عدم الإلتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، والى المصافحة والعناق اللذين تفرضهما العادات والتقاليد الاجتماعية، ومسؤولية السلطات عن عدم او قلة نشر مواد التوعية ببعض لغات المهاجرين، إلى جانب الكثافة السكانية في بعض الضواحي التي يقطنها المهاجرون. علما ان عدد المهاجرين يقارب مليونين ونصف المليون، وهم يشكلون ٢٥ في المائة من العدد الإجمالي للسكان البالغ عشرة ملايين ومائتي ألف.

موقف الحكومة
من تصاعد القلق والاستياء

استطاعت الحكومة بمساهمة نشيطة من الإعلام، تبديد القلق والإستياء من الإجراءات المتراخية التي تتخذها الهيأة، في ظل تصاعد أعداد المصابين. فلم يتأخر رئيس الوزراء ستيفان لوفين، وقال في احد تصريحاته: "علينا كراشدين ألا ننشر الفزع والذعر أو الشائعات. فهذه الأزمة تواجهنا جميعا، وعلى كل منّا مسؤولية جسيمة إزاءها". كذك تعهدت الحكومة بتوفير المواد الغذائية وكل المستلزمات المعيشية، وستبقي المخازن والأسواق مفتوحة، وطلبت من المواطنين عدم المبالغة في التسوق كما حدث في بلدان أخرى، حيث أفرغ الناس رفوف المتاجر من ورق التواليت، وحيث صرح أحد المسؤولين مازحا "نحن من الدول التي تغطيها الغابات، فكيف يمكن ان تجدوا شحة في ورق التواليت؟" ومع ذلك تصاعد شراء ورق التواليت بنسبة ٧١ في المائة!
وأسهمت وفرة المعلومات ومواصلة المؤتمرات الصحفية اليومية، والنشر في مختلف وسائل الإعلام بعشر لغات منها العربية، بشكل فعال في نشر الوعي الصحي وادراك ضرورة الإلتزام بالتباعد الاجتماعي والكف عن التجوال غير الضروري، وقصر الحركة على الغايات الأساسية. وهذا ما أدى الى خفض أعداد مستخدمي وسائط النقل العام في تنقلهم، إلى النصف. فيما إختار العديد من الشركات والمؤسسات الرسمية والخاصة العمل داخل البيوت.
وعلى عكس البلدان التي فاضلت في علاج المصابين بالفايروس بين الأقل والأعلى عمرا، سعت السويد إلى حماية كبار السن وضعيفي المناعة، وعدتهم الأحوج للمعالجة والإهتمام. ومع ذلك ظهرت دعوات اعتُبرت "فضاعات" غير متوقعة، وجاءت نتيجة للضغط الذي عانى منه القطاع الصحي الذي لم يكن مستعدا للجائحة هذه. فقد نشرت صحيفة "أفتون بلادت" يوم ٩ نيسان ٢٠٢٠، ما عُرف بـ "وثيقة كارولينسكا"، وهي وثيقة طبية أصدرها مستشفى كارولينسكا في ستوكهولم، تتضمن قرارا بمنح أطباء المستشفى صلاحيّات، منها حرمان من بلغوا الثمانين فأكثر، وذوي الأمراض المزمنة مثل القلب والكلى والرئة ممن بلغوا الستين عاماً فما فوق، ومن لديهم تشخيص طبي يفيد أنّهم معرّضون للموت خلال فترة ستة أشهر إلى سنة، حرمانهم من الحصول على مكان في العناية المركّزة، كذلك صلاحية قطع العلاج عن المصاب الذي يصعب عليه تقبل العلاج.
لكن هذا كله لاقى معارضة قوية ورفضا شديدا، ولم يؤخذ به في النهاية، وأكد يوهان كارلسون، احد اعضاء هيأة الصحة العامة ان "التدابير التي نتخذها تهدف إلى الحد من إنتشار العدوى وحماية الفئات الأكثر ضعفا).

الإمكانيات التي وفرتها الحكومة

خصصت الحكومة مستشفيات للمصابين بفيروس كورونا، وحولت منطقة المعارض في العاصمة ستوكهولم الى مستشفى تم تجهيزه خلال عشرة أيام بالجهد العسكري، كما تم تجهيز مستشفى آخر في مدينة غوتنبورغ.
وما زالت مستشفيات السويد قادرة على إستيعاب المصابين، فهناك ٢٠ في المائة من غرف الإنعاش غير مشغولة، وليس كما في بعض دول أوروبا الاخرى، حيث امتلأت ممرات المستشفيات بالمصابين.
ومما يستحق الاشارة أن ليس كل من تظهر عليه أعراض الفايروس يدخل المستشفى، بل تم تقسيم الإصابات الى ثلاثة مستويات، الأول حين تكون الأعراض غير خطيرة ولا تتطلب دخول المصاب الى المستشفى، فيطلب من المريض البقاء في المنزل ويتم التواصل معه عبر الهاتف لإيصال التعليمات وتوصيات الوقاية والإلتزام بالحجر الصحي. والمستوى الثاني هو الذي يتطلب النقل للمستشفى يكون المصاب تحت الرعاية الطبية. اما اما المستوى الثالث فهو الحرج، الذي يكون حال المصاب فيه شديد الخطورة، وهو يحظى بعناية خاصة في أحدى غرف الإنعاش المزودة بالأجهزة الطبية والمستلزمات اللازمة للحالات الطارئة.
وأقرت الحكومة ايضا مجموعة قرارات لدعم الشركات التي تضررت جراء انتشار الفايروس، مثل منحها مساعدة شهرية كي لا تدفعها الازمة الى إعلان الإفلاس . كذلك حولت الحكومة إقتراحا الى البرلمان يمكنها من السماح لطلاب الكليات والمعاهد المهنية وتعليم الكبار، بالاحتفاظ بتمويل دراستهم.

تأثير كورنا
على الحركة الاقتصادية الداخلية

معلوم ان الإقتصاد السويدي كاقتصاد رأسمالي يعيش الأزمة ذاتها التي تمر بها الرأسمالية. وقد توقعت وزيرة المالية ماغدالينا أندرشو، في مؤتمر صحفي عقدته يوم ٣١ آذار ٢٠٢٠، أن تبلغ نسبة العجز في ميزانية البلاد ٣.٨ بالمائة من النتائج المحلي الإجمالي، وأن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٤ بالمائة، وأن ترتفع نسبة البطالة إلى ٩ في المائة بعد ان كانت قد استقرت عند ٧ في المائة. وهذا يعني أن نحو نصف مليون مواطن سيكونون ضمن جيش العاطلين عن العمل. ومع ذلك فان الاقتصاد السويدي أكثر إستقرارا من بقية البلدان المنافسة على ساحة الإقتصاد العالمي، حيث شهد أعلى معدل نمو في السنوات الست الأخيرة، بلغ ٥،٦ في المائة، وصاحبه إنخفاض في معدلات التضخم. وسبب ذلك هو اعتماده على آخر الإبتكارات والتقنيات الأكترونية، والإقتصاد الرقمي الفعال، وشبكة النقل الواسعة والمتطورة. وذلك كله من عوامل احتلال السويد موقعا متقدما بين دول العالم من حيث الرفاه الاجتماعي. فمستوى الإنفاق الاجتماعي فيها عالٍ جدا مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وهي تتبنى نظاما ضريبيا عادلا يعتبر الأعلى في العالم، باتباعها سياسة ضريبية متصاعدة.
ورغم كل ما مر ذكره، يبقى السؤال ملحا: هل يحول النموذج السويدي في التعامل مع الجائحة دون تأثيرها وتداعياتها على الاقتصاد السويدي؟
لقد تركت الجائحة على السويد كما على غيرها من دول العالم آثارها الإقتصادية، لأسباب عديدة لا يتسع المجال هنا لبحثها. لكن يمكن القول إن السويد لا تعيش في جزيرة منعزلة عن العالم، وأن اقتصادها مرتبط إرتباطا وثيقا بالإقتصاد الرأسمالي العالمي، لذلك تأثر بالأزمة. ومع ذلك فأن الحركة الإقتصادية في السويد أفضل نسبيا مما في باقي دول أوربا، التي إنتهجت طريق الحظر والإجراءات المشددة وتعطيل الحياة العامة. ويمكن تلمس ذلك عبر المؤشرات التي نشرتها جريدة افتون بلادت السويدية في عددها ليوم ١٧ نيسان ٢٠٢٠، والتي اظهرت تراجع حركة السوق في السويد بنسبة ٣٠ في المائة، بينما تراوحت مثيلتها في بقية الدول الاسكندنافية بين 50 و 60 في المائة. لكن هذا الفرق رغم أهميته لا يبدد قلق السويديين، وخشيتهم من تزايد نسبة البطالة. وحسب الموقع الألكتروني (واقع السويد) أعلن المدير العام لشركة الطيران الاسكندنافيةSAS ، ريتشارد كوستافسون، عن إخطار ١٩٠٠ موظف سويدي بإنهاء اعمالهم، بسبب تضرر الشركة الشديد من الأزمة الناجمة عن فيروس كورونا. وسيستمر الخوف من خطورة المشاكل التي تواجه الشركات الخاصة، كما صرح سفانتي فيرغر المستشار الإستراتيجي في هيأة الطوارئ وحماية المجتمع، وهي الهيأة التي اعدت إستطلاعا نشر يوم ٢٧/٤/٢٠٢٠على موقع الكومبس السويدي، وأظهر ان "تراجع الإقتصاد هو مبعث القلق الأول لدى السويديين خلال أزمة كورونا".
ويبدو ان السويد على موعد مع "معركة سياسية كبيرة بعد الازمة تتمحور حول الضمان الاجتماعي"، كما بيّن كارل بيتر ثوروالدسون رئيس اتحاد نقابات العمال (LO)، في مؤتمر صحفي عقده بمناسبة عيد العمال العالمي.
في المقابل يبدو ان الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بلدان أوربية، ستضطر الى التخفيف من بعض شدة الإجراءات التي فرضتها للحد من آثار الأزمة الأقتصادية، وهذا ما يستحق معالجة مستقلة. فمن المتوقع بعد أزمة إنخفاض أسعار النفط ان ترفع الشركات الرأسمالية الحظر، وتباشر تخفيف الإجراءات في اتجاه إلغائها نهائيا. كما يحتمل أن يتم الإعلان عن إنتاج علاج للجائحة، يكون دافع انتاجه وتسويقه الربح، إلى جانب الهدف الأساسي منه وهو عودة الأسواق الى حالها السابق.
أخيرا .. يصعب في الوقت الحاضر الحكم بنحو قاطع بشأن نجاح او فشل النموذج السويدي في التعامل مع الجائحة، خاصة وان العلماء لم يقولوا كلمتهم الفصل في ذلك، كما لم يتوصلوا الى اكتشاف العلاج والمصل الواقي، وفي ظل عدم اليقين من إمكان تدفق موجة (موجات) أخرى من كورونا.
***************
ص7
السودان تحت الوصاية الدولية
كيف وصلنا الى هذا الحد؟
الخرطوم - قرشي عوض
تقدم السيد عبد الله حمدوك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية بطلب للامم المتحدة بوضع البلاد تحت البند السادس. وقد اثارت الخطوة التي استجابت لها المنظومة الدولية فوراً حفيظة عناصر النظام، القديم ووصفوها بانها دعوة لاعادة الاستعمار. ذلك بالرغم من ان السودان اصلاً تحت الوصاية الدولية وفق البند السابع الذي يسمح بالتدخل العسكري. وان طلب الحكومة يعتبر تقدم نحو تعزيز الادارة الذتية. لكون الوضعية الاممية ستكون سياسية تترتب عليها مطلوبات تتعلق بالمساعدات الانسانية. هكذا دفع حمدوك من خلال تغريداته على تويتر وصفحته بالفيسبوك. لكن بعيداً عن هذا السجال يبقى السؤال الجوهري هو، من اوصلنا الى هذا الوضع؟. الاجابة تتطلب الوقوف على خطوات تدويل القضية السودانية وتحويلها من صراع داخلي بين فرقاء على السلطة، الى كارثة شغلت حرس الحدود وعواصم المنطقة والمنظمات الاقليمية والدولية.
بداية التدويل

الغريب في الامر ان بداية التدويل كانت بطلب من حكومة البشير انذاك.فقد ذكر فتحي الضوء في كتابه (سقوط الاقنعة) ان عمر البشير عقب اجتماع منظمة (الايغاد) بجيبوتي في 3/9/1993 طلب من رؤساء دول المنظمة التدخل في النزاع الجنوب سوداني. مما جعل المنظمة التي انشيئت لمواجهة اثار التصحر والتنمية تلعب اهم الادوار في الشان السوداني. بل ان المبادرة التي تقدمت بها فيما بعد هي التي تم اعتمادها لتقسيم السودن واتخذتها مبادرات اخرى نموذجاً يحتذى مثل اتفاقية الدوحة في مسار دارفور والتي رعتها دولة قطر ومفاوضات جوبا الحالية بين الحكومة الحالية والحركات المسلحة، التي تسير في نفس طريق الشرذمة والتجزيئة.
الحركة الاسلامية التي استولت على السلطة في عام 1989 ،كانت قد قطعت الطريق على حل المشلكة السودانية قبل ان تتحول الى ازمة ثم كارثة فيما عرف في الادبيات السياسية اللاحقة باسم اتفاق (الميرغني قرنق)، الذي وقعه الزعيمان جون قرنق قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان والسيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديقراطي والطريقة الختمية عام .1988 وقد وافقت كل الحركة السياسية على هذا الاتفاق باستثاء الحركة الاسلامية والسيد الصادق المهدي زعيم حزب الامة وامام ظائفة الانصار وصهر حسن الترابي شيخ الحركة الاسلامية.
وحينما جاءت الانقاذ الى السلطة كانت تعتقد انها يمكن لها ان تحسم الصراع في الجنوب باعتماد الجهاد وتجييش طلاب الجامعات وقبائل التماس العربي التي تمتلك دوافع خاصة لقتال الحركة الشعبية لان الاخيرة تعتمد على قبائل منطقة اعالي النيل الكبرى في جنوب السودان وتقع بينها والرعاة من العرب نزاعات حول المرعاة. فكونت تبعاً لذلك مليشيا الدفاع الشعبي التي ارتكبت فظائع في حرب الجنوب.
وبذلك تحول الصراع حول السلطة والثروة في السودان الى حرب دينية جهادية، يقاتل فيها العرب المسلمون في الشمال، المسيحيين الافارقة في الجنوب. هذه الخطوة خلقت استقطاب لم يكن في صالح الانقاذ. فقد اكتسبت الحرب طبيعة وحشية وصل ضحاياه الى 2مليون فرد واحرقت فيها قرى بكاملها وتم ترحيل مجموعات سكانية بكاملها.

فك التمساح

عند هذا الحد قامت منظمة (التضامن المسيحي) بحشد التاييد الغربي والكنسي الى جانب الحركة الشعبية. بدعوى ان المسيحيون الافاراقة يتعرضون للابادة على يد العرب المسلمين في الشمال. ومن جانبه قام الرئيس اليوغندي يوري موسفيني، تدفعه طموحات توسعية اعرب عنها في عدة لقاءت في تكوين امبراطورية بعرض القارة السمراء بتقديم الدعم اللوجستي والمادي والملاذات الامنة لجنود الجيش الشعبي الذين حصرتهم حملات التطهير الجهادية في الحدود اليوغندية. كما ان التدخل في الشان السودني من شانه ان يوفر للجيش اليوغندي ملاحقة جيش الرب المتمرد في يوغندة والذي توغل في الاراضي السوداني و اشترك مع القوات السودانية في المعارك الضارية التي دارت بينها والمتمردين الجنوبيين. ومن ناحية اخرى تحملت الخرطوم مسؤلية استضافة عصابة جيش الرب التي ارتكبت جرائم حرب مثل اختطاف طالبات مدرسة ثانوية وادخالهن للسودان مما الب المنظمات العاملة في مجال حقوق الانسان في كل العالم ضد الخرطوم التي تأوي جماعة ارهابية.
يبدو ان الحكومة السودانية قدرت ان مايواجهها من متاعب دولية من خلال الطريق الذي تسلكه، والكل يعلم انه لن يفضي بها لغير العزلة الدولية والاقليمية ليس كافياً، فراحت تتورط في مشاكل اخرى.فالى جانب جيش الرب دعمت الخرطوم تنظيم الجهاد الاسلامي في اريتريا، والمتطرفين الاسلاميين في اثيوبيا . كما تورطت في الهجوم على سفارتي امريكا في نيروبي ودار السلام والمدمرة كول. ثم استضافت اكبر الشخصيات الارهابية المطلوبة للعدالة الدولية وفي بلدانها مثل كارلوس، وابن لادن، وجماعات الجهاد وتنظيم القاعدة. وقدر النظام السوداني مرة اخرى ان هذه الخطوات غير كافية لاستفزاز المجتمع الدولي فقام باستضافة المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي. فتقاطرت على الخرطوم الجماعات المتطرفة والمطلوبين للعدالة من كل حدب وصوب. وقد اقاموا في البلاد تحت ضيافة الحكومة والعالم يتفرج. وقبل ان يفيق الجميع من هول الصدمة تورطت الحكومة في محاولة اغتيال فاشلة لرئيس النظام المصري حسنى مبارك في اديس ابابا عام 1995.
بذلك اصبح النظام السوداني متورطاً في كل انظمة النزاع في القارة الافريقية والمنطقة العربية. وقد اشتكت من تصرفاته كل الدول الثمانية التي تمتلك معه حدود جغرافية، في الوقت الذي لاتعلم فيه الحكومة انها قد ادخلت يدها في فك تمساح المصالح الدولية. فقد اعلنت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية في اول مؤتمر صحفي لها بعد تعينها بتاريخ 24/1/ 1997( نحن قلقون للغاية من دعم السودان للانشطة الارهابية، وان الولايات المتحدة ستسعى لاستصدار عقوبات جديدة من الامم المتحدة على السودان بسبب دعمه الارهاب وسنواصل الاصرار حتى يكف عن دعمه الانشطة الارهابية). واكد مساعد وزير الخارجية الامريكية للشئون الافريقية في منتصف مايو 1997 ان (هدف الولايات المتحدة واضح، وهو عزل السودان واحتواء دعمه للإرهابيين واجبار الحكومة على دفع ثمن سلوك غير مقبول وتغيير سلوكها الداخلي والخارجي).
تعاون استخباراتي

ورغم ان النظام حاول اللعب بكروت اخرى مثل التعاون مع المخابرات الامريكية وفتح ملفات الارهابيين الذين استضافهم، بل وعرض تسليم بعضهم مثل بن لادن وكارلوس. وقد وصل الامر الى حد زيارة مدير المخابرات السوداني صلاح قوش لمبنى المخابرات الامريكية. وان المخابرات السودانية قدمت مساعدات ذكر احد رجال المخابرات الامريكية لصحيفة امريكية ان الفرانسيون لم يقدموها لهم ، الا ان ذلك لم يغير في الامر شيء. فمن جانبها قامت واشنطون بتعضيد الحصار علي الخرطوم في 4/11/ 1997 بفرض عدة اجراءات بحظر اقتصادي وتجاري ، شمل تجميد اصول وارصدة وحظر القروض والتعامل بين البلدين كتحريم دخول الشركات الامريكية للاستثمار في النفط ووضع قوائم سوداء لشركات وافراد يحظر التعامل معهم. واستثنى فقط استيراد الصمغ العربي. كما قامت الادارة الامريكية وبتاريخ 2/1/1998 بقضف مصنع الشفاء بالخرطوم بحري في عملية اسمتها وزيرة الخارجية اولبرايت ب(جحر الفعى) رداً على تفجير سفارتي نيروبي ودار السلام المتورط فيه النظام السوداني . وقد تطور الامر بعد عدة شهور من هذا الحدث، اذ عين الرئيس الامريكي بيل كلينتون مسشاراً له لشئون السودان، هو هاري جونسون . وحتى بعد ذهاب الديمقراطيون من البيت الابيض، فان الملف السوداني ظل على حاله. فقد وصف كولن باول وزير الخارجية عن الحزب الجمهوري( مايجري في السودان يعتبر اعظم ماساة انسانية في القرن الحادي والعشرين).
توالت الضغوط الامريكية مستفيدة من الحماقات التي ارتكبها النظام السوداني حتى فرضت على اطراف اللعبة السياسية اتفاقية نيفاشا التي قسمت السودان.

قرارات مجلس الامن

في تلك الاثناء اشتعلت حرب دارفور. والتي سار فيها النظام نفس سيرته الاولي من ممارسات جعلت العالم يتدخل في القضية لدواعي انسانية. خاصة وان الحرب قد بلغ ضحاياها 300 الف شهيد وملايين المشردين والنازحين. فصدرت قرارات مجلس الامن تباعاً ابتداءً من القرار 1547في يونيو 2004والقرار 1556 في يوليو2004 والقرار 1564 في اغسطس 2004 والقرار 1585 في مارس 2005 والقرار 1588 في مارس 2005.
وقد زار الاقليم الملتهب الامين العام للامم المتحدة وقتها كوفي عنان في اواخر يونيو2004، ووزير الخارجية الامريكي كولين في نفس الشهر. ووزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ومعظم وزراء خارجية الاتحاد الاوربي . واصبحت القضية محور اهتمام العالم من خلال الميديا ولوبيات الضغط المختلفة، وان كان قد تم تصويرها كصراع بين العرب والزرقة. ونالت تعاطف تجمعات سياسية وحقوقية عديدة بوصفها ذلك.
ورغم التنازلات الاستخباراتية التي قدمتها الانقاذ وكذلك المرونة التي ابدتها في ملف الجنوب الا ان الادارة الامريكية لم تسندها في دارفور كما كانت تتوقع. وذلك حينما احال مجلس الامن وبالاجماع قضية دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية. والتي قدمت اتهامات الى 51 من قيادات النظام على راسهم عمر البشير.
هذا هو الوضع الذي وجدته حكومة الفترة الانتقالية عندما جاءت الى السلطة. وهي تسعى للتحرك بحكمة للتخلص من عقابيله بانتقال البلاد خطوة نحو الفكاك من الالتزامات الدولية وفق تدخل اممي سياسي بمطلوبات ومهام دولية في السودان تصب في خانة اعادة اعمار ما دمرته الحرب والمساهمة في عودة اللاجئين والنازحين الى قراهم بعد تحويلها الى اماكن تليق بحياة البشر. وليس معقولاً تحميل الحكومة الحالية مسؤلية ممارسات طائشة قام بها النظام البائد امام سمع وبصر انصاره الذين لم يجدوا في انفسهم الشجاعة التي تمكنهم من انتقاد سياسات خرقاء كان من الواضح انها ستكون خصماً على سيادة البلاد واستقلالها. ثم جاوا يتباكون اليوم على ضياع الاستقلال الوطني رغم تعاونهم الاستخباري من وراء الكواليس. والذي فضحته الاستخبارات الامريكية ووصفت تعاون المخابرات السودانية معهم بانه فاق تعامل المخابرات الفرنسية.
**************
قرانا لكم
تعاون لإنقاذ الجميع
نشرت صحيفة إندبندنت أونلاين البريطانية في عددها ليوم 30 نيسان الفائت، مقالا لعضو مجلس العموم الحالي ووزير التنمية الدولية السابق هيلاري بن، قال فيه إن القضاء على وباء فيروس كورونا "يتطلب الشيء الوحيد الذي يفشل العالم دائما في تحقيقة، وهو العمل معًا".
وينطلق هيلاري من الاعتقاد أنه في مثل هذه الأزمات لا بد من التعاون مع الآخرين، كي يمكن إنقاذ الجميع. ويقول "علينا التزام واجب مساعدة جيراننا، الذين نشاركهم الحياة على هذا الكوكب"، مضيفا "إن بقاءهم، وبقاءنا ايضا، يعتمدان على هذا الالتزام".
ويتحدث الكاتب عن "أفضل ما في مجتمعاتنا في مواجهة المحنة الكبيرة"، مشيرا إلى كون الناس اليوم في ظل هذه المحنة "يبحثون عن جيرانهم ويضمنون حصول الفئات الأكثر ضعفاً على الغذاء، ويتواصلون مع الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يعيشون بمفردهم."
وأضاف أن 20 ألفًا من الممرضات ومقدمي الرعاية والأطباء السابقين، عادوا إلى العمل في هيئة الخدمة الطبية البريطانية (إن إتش إس) لتقديم مهاراتهم وخبراتهم. كما تقدم 750 ألف شخص من الجمهور للتطوع والمساعدة بأي طريقة ممكنة.
غير أن الكاتب يعتقد أن هزيمة الوباء الحالي تحتاج الى أكثر من ذلك. يقول "رغم تضافر أمتنا، فإن الانتشار العالمي المستمر لفيروس كورونا يذكرنا بأن الأمراض لا تحترم الحدود الوطنية."

إنسانية مشتركة

ويضيف انه "مع تأكيد أكثر من 3 ملايين حالة إصابة حول العالم، نحتاج إلى جهد دولي ضخم لمكافحة هذا الفيروس. لكن وللأسف، فإن روح المجتمع الايجابية التي رأيناها في العديد من البلدان شحيحة على المستوى الدولي حتى الآن".
ويضرب مثالا على ذلك بنقص مستلزمات الحماية الشخصية اللازمة للعاملين في المجال الطبي، الواقفين على الخطوط الأمامية في الصراع مع الوباء، وبعدم إعلان بعض الدول عن حجم انتشار الوباء فيها.
ويقول "لقد شهدنا تدافعا تنافسيا بين الدول على معدات الحماية الشخصية، وغياب الشفافية في بعض البلدان بشأن مدى الإصابة، وتوجيه أصابع الاتهام واللوم، وغياب المناقشات المنتظمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (عقد جلسة واحدة في بداية شهر نيسان".
كما يشير هيلاري إلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويل منظمة الصحة العالمية، ويقول "مهما كان رأي الرئيس في أداء منظمة الصحة العالمية حتى الآن ، فإن وقت الوباء ليس الوقت المناسب لمثل هذه الخطوة الخطيرة والمُضَللَّة."
ويتطرق الوزير البريطاني السابق إلى حاجة جميع الدول إلى مستلزمات أخرى مثل الأقنعة والأثواب والقفازات والمعدات الطبية وأدوات اختبار الإصابة بالفيروس.
ويقول "لقد حان الوقت لبذل جهد عالمي لصنعها وتوزيعها".
وينبه إلى أن "بعض البلدان سيحتاج إلى المساعدة لدفع تكاليف كل هذا، بما في ذلك الحصول على لقاح عندما يكون جاهزا".
ويقول" للقيام بكل هذه الأمور، سنحتاج إلى التزام الدول بالعمل معا. وهذا يتطلب قيادة سياسية وإرادة مستعدة للارتقاء فوق القومية الضيقة".
**************
"فيروس القمع" وانهيار سعر النفط يعصفان بالجزائر
متابعة "طريق الشعب"
اهتمت الصحافة الألمانية بالجزائر في الأسابيع الماضية من زاويتين: الأولى استغلال الحجر الصحي لشن حملة اعتقالات واسعة ضد رموز الحراك الشعبي. والثانية انهيار أسواق النفط العالمية وتداعياتها الكارثية على اقتصاد البلاد.
في تحليل مُوسع نُشر أخيراً، قسًم شتيفان شولتز، محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "ديرشبيغل" الدول المنتجة للنفط إلى أربع فئات، حسب قدرتها على احتواء انهيار أسعار الذهب الأسود. ووضع في المجموعة الأولى دولا وصفها بـ"القوية" لقدرتها على مقاومة التداعيات بفضل اقتصادها المتنوع أو صناديقها السيادية منها (الولايات المتحدة، كندا، النرويج والبرازيل). ومجموعة ثانية تملك "شبكة وقائية"، ستتضرر من الأزمة، لكنها لن تدفع ثمنا اجتماعيا مرتفعا كالإمارات والكويت. ووضع شولتز روسيا وأيضا السعودية ضمن هذه المجموعة رغم أن الأخيرة ستعاني أكثر من جيرانها الأغنياء. أما المجموعة الثالثة فهي ما اسماه الدول "المعرضة للخطر" وتشمل نيجيريا، وإيران، وأنغولا، وعُمان والإكوادور. ولكل دول هذه الفئة اعتباراتها السياسية والاقتصادية التي تجعلها في مهب ريح تقلبات أسواق النفط، ما سيضعها أمام معضلات تهدد استقرارها السياسي والاجتماعي.
المجموعة الرابعة ووصفها شولتز بفئة الدول ذات "الوضع الكارثي" وتتضمن (الجزائر، وليبيا، وفنزويلا، والعراق وسوريا). الكاتب أكد في تحليله أن "الحكومة الجزائرية المثيرة للجدل" اعتادت الاعتماد على شراء السلم الاجتماعي بتمويل ودعم برامج اجتماعية باهظة الثمن بفضل إيرادات البترول. وأضاف أن هذه الإيرادات لم تكن كافية، حتى قبل الأزمة الحالية، لتمويل عجز الميزانية. "غير أن انهيار الأسعار هذه المرة يشكل خطورة بالغة" حسب شولتز، في وقت تنتظر فيه الحكومة الجزائرية عجزا قياسيا في الميزانية بحوالي 20 بالمائة خلال العام الجاري. فيما يتوقع الخبراء أن تنفذ احتياطات البلاد من العملة الصعبة بنسبة 90 بالمائة مع نهاية العام الجاري. وهي احتياطات تقلصت إلى 62 مليار دولار في نهاية كانون الأول 2019. وتوقعت وكالة بلومبرغ الأمريكية تآكلها السريع وتراجعها إلى حوالي 13 مليار دولار نهاية 2020.

"فيروس القمع"
يكمم أفواه الحراك

في الأسابيع الماضية ظهرت عدة تقارير وتحليلات في الصحافة الألمانية تتساءل عن مصير الحراك الشعبي في الجزائر في زمن جائحة كورونا. وتحت عنوان "فيروس القمع" كتب كريستيان روسلر، مراسل صحيفة "زودويتشه تسايتنوغ" لشؤون شبه الجزيرة الإيبيرية والمغرب الكبير يوم (21 نيسان 2020) مقالا أكد فيه أن "النظام الجزائري يستخدم جائحة كورونا لقمع الحراك الشعبي، واضطهاد الصحافيين النقديين، فيما تتنامى مشاعر السخط في مختلف مناطق البلاد".
وأوضح روسلر أنه بعد أكثر من عام على المظاهرات الشعبية الأسبوعية تبدو شوارع العاصمة الجزائرية فارغة هذه الأيام. فقد نجح "الحراك" في إجبار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الانسحاب من السلطة. "لم تبق الكثير من الوجوه القديمة للنظام. لكن فيروس كورونا المستجد أجبر المتظاهرين على التوقف عن النزول إلى الشوارع كل يوم جمعة وهم يدعون إلى نظام ديمقراطي حقيقي في بلادهم. وتوارى شباب الحراك إلى عالم الإنترنت الافتراضي، بعد ما سحب منهم كوفيد ـ19 أكثر أدواتهم فعالية للضغط على الرئيس الجديد عبد المجيد تبون". مجموعة التفكير (تينك تانك) "مينا ووتش" ومقرها فيينا، وهي متخصصة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نشرت تحليلا لإليزا فولكمان تحت عنوان "الحراك الجزائري يعاني أيضا من كورنا" واستندت فيه لأقوال عدد من نشطاء المواقع الاجتماعية الذين أكدوا مواصلة نضالهم في العالم الافتراضي بنفس القوة والالتزام.

اعتقالات بالجملة
وتضييق على حرية التعبير

منظمة العفو الدولية دعت يوم (27 نيسان الماضي) السلطات الجزائرية إلى وقف عاجل لـ "الملاحقات القضائية التعسفية الهادفة إلى إسكات أصوات نشطاء وصحفيي الحراك، في خضم تفشي وباء فيروس كوفيد-19". ودعت المنظمة إلى الإفراج فوراً عن كل من تستهدفهم هذه المحاكمات الصورية. وأكدت هذه المنظمة الحقوقية أنه فما بين 7 آ ذار و13 نيسان فقط، تم استدعاء ما لا يقل عن 20 ناشطًا للاستجواب من قبل الشرطة، أو تم القبض عليهم، وتوقيفهم احتياطياً، أو حكم عليهم بتهم نابعة من ممارستهم لحقهم في حرية التعبير، أو التجمع السلمي، في ست مدن في الجزائر. وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: "في الوقت الذي تنصب فيه الأنظار الوطنية والدولية على معالجة تفشي وباء فيروس كوفيد-19، تستثمر السلطات الجزائرية الوقت في تسريع الملاحقات القضائية والمحاكمات ضد النشطاء والصحفيين وأنصار الحراك".
**************
ص8
العامية ولحظة الإبداع في الشعر
صبيح عمر
"إن الشعر اذا هز قلبي وقلبك فهو شعر "، كما قال نجيب سرور في ايجازه للحالة التعبير ية التي تصف الابداع الشعري في أقصى حالات الشحنة العاطفية، عندما تتحول الى حقائق انسانية كشهود القلب دون العقل بلغة التصوف او بلغة الاشراقيين. وهي لحظة الابدية في احساس المبدع وطريقة مسكه بالقدرة وصياغتها في عالم الطيران والتحليق. وفي هذه المحاولة نقف لمناقشة ابداع الشعر باللغة العامية وما شكلته القصيدة الشعرية من احساسات متماسكة ضمن صياغات حديثة لعالم القصيدة الجديدة وليست التقليدية التي دخلت بقوة متميزة عالم الفلكلور اللغوي اذ حملتنا الى حالة محببة ورثها الذوق الانساني في الشعر عندما استقرت في النفوس عند المحاولات الاولى للرواد. وفي سياق المجال الشعري باللغة العامية نسوق مثالاً بارزاً من خلال مناقشة مقطع لقصيدة مطولة للشاعر المبدع" كاظم اسماعيل الكاطع "ضمن بحث مقارن محدود مع قصيدة شعرية مترجمة لشاعر مجهول في الشعر العالمي، وربما تكون هذه المقارنة محاولة خارجة عن المألوف في الكتابة عن الاجناس الادبية اي مقابلة الشعر باللغة العامية مع قصيدة مترجمة نجد الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع يقول في قصيدته:
"احسك ساكية بلا ماي تتبعني/
امشي وهي تتبعني/
التف بالدرب تلتف على ايدي/
اتصير حيه وحيل تلسعني/
خذت سمه بوريدي ولذة بالبستان/
صيرت شجرة ويه الشجر/ نص جسمي اندفن بالكاع/ والباقي من ايديه اغصان/
صرت شجرة ويه الشجر/ سموني ابوكته شجرة النسيان/ ويمر الوكت بسكوت/ وكعد من منامي لني ما مجتول/ اثاريني جنت حلمان.. حلمان. "
اما القصيدة المترجمة للشاعر الصيني المجهول، "ذهب حثيث الثياب الحريري/ سقط الغبار على الارض/ تتساقط الاوراق/ كل شيئ هادئ/ فكيف استطيع أن اهدئ قلبي الموجع/ الذي يحن الى تلك السيدة " تميز شعر الكاطع بايقاعات متنوعة في القصيدة الواحدة والجملة الشعرية الواحدة، وبأصوات متعددة جاءت مبذولة تارة بالصيغ المحكمة واخرى متقاطعة عند حدود الوعي، الذي يرسمه، وهو عبارة عن تعبير يحمل رسالة الشاعر التي يقول عنها ايلوار، " انه يمنح الناس الرؤية " وكيف يستطيع ايصالها للناس من خلال قالب معبأ بالوعي والشفافية.
اوعندما يكون المبدع يعيش لحظة الابداع التي تتردد في سماء اللاوعي عند الشاعر وهي محملة بالأفكار والادلجة العالية ومعبأة بالهم السياسي والفلسفي معًا، نجده في هذا المقطع الذي يقترب مع النص المترجم. ثم يبتعد عنه في رسم الصورة الفنية ويسلطه على عواطفه وربما يرسم الطفولة التي هي العبقرية المستعادة قصداً عند بودلير، يبدو أن اشتداد الصورة في عالم الخيال عند الشاعر كاظم إسماعيل الكاطع تمثلت في الحالة المكثفة من اللآشعور عندما بدأ معها بالتسلسل الذي ساقه الينا وهو لا يخلو من جمالية فنية وفكرية أيضا، لقد رسم خلاله الصورة المتألقة في خيال المتلقي عند خلقه (التخييل) الذي بدونه يصبح الشاعر منغلقًا، لا يفضي الى شئ، وهي ليست مهمة الشعر ومفهومه في التأثير وهذا ما يجعلنا نحس أن الشاعر كاظم إسماعيل الكاطع أدرك موازاة الشعر للواقع عندما حقق حالة التعجب والاستغراب والاستطراف خصوصًا في هذا المقطع من القصيدة وقد جسدها برسمه للصورة الفنية بصور متعددة في الانتقال ضمن العوالم الخاصة وهي من العالم الانساني الى ما دون ذلك.
احسك ساكية بلا ماي/
اصير حيه/ صرت شجرة/... وقد جاءت بانسيابية جميلة جعلت معها عوالم العقول الخالصة والنفوس الناطقة، ثم الحيوانيةحتى تصل الى قوة النبات وجميع الموجودات، وحتى العناصر والجماد " ساكية بلا ماي" الا انه يتقاطع مع هذا التسلسل في رسم صورة الحلم الهادئ " ويمر الوكت بسكوت" "اثاريني جنت حلمان "نلحظ بذلك ان النص المترجم قد تكون من جزءين ينتهي الجزء الاول " بكل شيءٍ هادئ " ليبدأ معه الجزء الثاني من القصيدة وهو " فكيف استطيع ان اهدأ قلبي الموجع الذي يحن الى تلك السيدة " اذ لا يتم المعنى الا بكلا الجزءين معاً وكذلك مطلع القصيدة للشاعر الكاطع.
**********
باجر


فاروق كنا

باجر تخلص هاي المحنه
ونرجع للشارع كل احنه
نعّلي البيرغ ونشد الحيل
لا منسينه ولا ما طحنه
نجمع كل ورود الجنة
ونطالب بالحق ، يرد النه
باجر ...
باجر نعلك الدنية شموع
للي مات وللموجوع
نلم الديرة ونشد الحيل
ومندّني الراس المرفوع
ومن تخلص انطك اصبعتين
كافي هموم وكافي دموع
باجر .....
*********
لمني شوگچ
قيس السهيلي

علّمني شوگچ أشتكي .. إلكحلچ للمرایّه
ما ناوي أكتبها شِعِر .. يا حلوه يا فختایّه
كل ليله أسهر أنتظر .. بلكي أرد بحچایّه
يوميه أحصد بالصبر
و الشوگ بگليبي يمر
خلّاني و بنص الدرب .. امچلب ابگشایّه
علمني شوگچ أشتكي .. إل كحلچ للمرايّه
آنه صديقي من الزغر .. كل واحد ابكليّه
هو سلك درب العِلِم .. و آنه الهوى مَدري شلعب بيّه
اتخرّج محامي للعشگ .. و طشوا عليه وَهليّه
و آنه بدروبچ طحت .. ساقط مغمي عليّه
أسأل عليچ أهل الهوى
إنتِ الخصم .. وإنتِ الدوا
بعدك فلا گلبي يحن .. يَجمَل گمر بسمايه
علمني شوگچ أشتكي ..
إلكحلچ للمرایه
گلتيلي إصبر عالگلب ..لَمَن يدگ دگه
وهذا آنه كل وكتي أنتظر .. للشوگ للملگه
صدگي غرامچ قاتلي .. و إلليالي الفرگه
گلبي التعرفينه ترف .. صار بمحبتچ خرگه
يتلاوه ليلي وي الفجر
امساهر أشوفچ یا بدر
تمشين وياي بغنج .. و الجرف حاضن مايّه
علمني شوگچ أشتكي ..
إل كحلچ للمرایّه
26.04.2020 لندن
***********
بمناسبة اول أيار عيد العمال العالمي


سامي عبد المنعم

هذوله احنه ...
چواكيچ وفكر وزنود
نهدم قلعة السلطان
الـ من دمنه بنه اقصور ومعامل
واشترانه ابلا ثمن ينگال
حته انحرك الآله
ودمنه ايحرك الآله
يكتب للعصر تاريخ عماله
صرخنه ابوجه كل سلطان
ليش النايم ابفينه يضل سلطان
ويضل بس التعب حگنه
مابین العرگ والدم
وسنين القهر والهم
يضل العامل التعبان
عايش عل الكفاف اسنين
بين السوط والحيطان
موحته الله ابكتابه ايمجد الانسان
ليش النايم ابفينه يضل سلطان
موش الآله التنه .. ؟
ودمنه ايحرك الآله
وفز بين المعامل والاكواخ شياع
ابچفه اترفرف الرايه
تحمل منجل وچاكوچ
وابدم الشهيد الوفي امحنايه
اضراب وتنظيم وغايه
وصار التنظيم ايحزمنه ابفد حزام
والاضراب اتباهه ابدمنه ابكاورباغي
وشلنه الرايه المكتوب ابدمنه ونادينه
ياعمال الدنيه التموا..
واتلملمنه.. وصرنه اهوايه
وصارت كل الدنيه تناضل تحت الرايه
ياعمال العالم اتحدوا...
************
الى روح الشاعر علي الشباني


عبد حلو حيدر الفريجي

يجن صايود ما تخطي برمحاك
خيوط الوصل من جفك برم حاك
دهرك طبع بضلوعك برم حاك
الكآبة والحزن ابغض سجيه

مشاعل جمر بكليبي يشبان
المكارم كبرت وياكم يشبان
نحرتوا الفشك ياهيبة يشبان
ابصدر مفتوح لاكيتوا المنيه

اظل للدوم بفكاري يساري
ولا مرهم شفه عكلي يساري
اخبرك ذلن عيوني يساري
عمت يمناي واليسره باذيه

تطوف الخيل من اتغير بسراج
هلي علكوا مضيف الكرم بسراج
طعنوا كل كلب مسموم بسراج
هلي بيرغ وفه ايرفرف عليهط
******************
قصائد لجمال الوطن والانسان
قراءة في مجموعة "رجعلي حلمي" للشاعر علي عماد
خليل مزهر الغالبي
عن بيت الكتاب السومري –المتنبي، صدرت المجموعة الشعرية (رَجّعللي حِلمي) للشاعر الشعبي علي عماد والتي ضمت 37 قصيدة... واتسمت المجموعة بالمفردة الهادئة ولهجتها الشفافة وهي تنطق بهموم الشاعر العاليةالإنتماء والعالية الاهتمام والعالية الوقع في مطلبه الانسانيلأحلامه و رؤاه الحياتية الممتدة المتعددة والموزعة في البحث الجمالي عن الوطن والانسان والحبيبة وكلالقيم الجمالية وفق مفهوم الوجود الحياتي له...كما اشار في وصفية قصيدة "ما نسيتك" ص9...
(ما نسيت.../انته من اول حنين بروحي غالي/ مانسيتك حزن وانت اعله بالي/كل فرح وانت اعله بالي/وانته اول سالفه بروحي خذتني/ وكلها تالي.../اعرفت باول حنه من دم الشهيد/الوطن غالي../وحته من انجوع سهله....صحت بوجوه الخذوك الوطن مالي/) حتى يذهب لهجس السؤال (انه اخاف اطفال باجر من يسألوني الوطن إلمن؟ شكلهم؟؟...).وهذا التساؤل الاخير يعبر عن الحالة العراقية الصعبة التي راح الفاسدين في تغريب الوطن وبيعه.
ومن المتفق اللغوي للمفردة الشعرية انها توازي وتناسب مضمون القصيدة وفق الاسلوب الخاص للشاعر،ولهرمونيتهاتاخذاللفظة الشعرية بالصعود التلقائي لشدة وقوة خطابها الصائتلتضمينات القصيدة، لكن ما ظهر في لهجة الملفوظ لقصائد هذه المجموعة بقاء الشاعر بهدوء وشفافية اللفظ والحفاظ على التعامل الفني الدقيق مع اللفظة وهي ترسم التصوير الشعري العميق،وهذا واضح في نوع وماهية استخداماته التي امتدت على قصائد المجموعة.
ان الوطن في حالته المهددة له والحبيبة الغائبة وعموم الحياة المتعثرة وخاصة تحت نير الحكام المستبدين لم تترك الشاعر باقياً في (رباط جأشه) بل تأخذه لشدة المطالبة والمقاربة للحلم واليوتوبياالمتخيلهله، وهذا ما نقرأه في تصاعد وشدة مطاليب الشاعر في نصوص المجموعة لكنه لا يرمي به بالعصبية اللفظية في التعبير عنها ليبقى بعيداً عن اللفظة الخشنة المتوترة...كما في وصف تشوقه للحبيب في قصيدة "رجعلي حلمي" بقوله (إبكلشي التقينه ... وانتهينهإبكلمه/ ....) ويضيف (المتروس فركه ايدور الملكة بروح/مثل اليدور بالضحى اعله النجمة).
وامتاز الكثيرمن نهايات الانساق والجمل الشعرية بالقفل الساكن غير متحرك في حرف المفردة،لميل الشاعر لخلق تلائم مع روح وحالة الفكرة المعبرة عنها كما واضح بهدوء وسكون مفردات (إبكلمه والنجمة)،وهذه السمة في تسكين وقفل المفردة المقفاة راح يميل لها بعض شعراء قصيدة العمود والتفعيلة لتضع السامع والمتلقي عموماً ازاء انصات وتأمل امام خطابة الشعري،وقد امتد هذا الاتخاذ الفني على الكثير من القصائد،وفق مثول ملفوظ شعري تناغم جماليا في بناءات القصيد الشعري،كما في تقفية الجمل في قصيدة "فهمت الناس" (من يرحون كلهم انه ارد ليك/وأهدأ من اشوف الوادمإتنض/واسكت وابتعد عن الهتافات/واخلي الكلب بيك ابراحتهايج/و اطوفن واسعى بيك إمنين ما يد/وأنسم من اشوف الوادماتعج/اشما رجيتني نلكانيمتروس/عطر واترس اهدومك لمن اترج...).
ومن عشقه للارض وتغزله بها راح الشاعر "علي عماد" برسم صورة مشرقة عن طيبتها وعطائها كما في قصيدة "واعدها ابسنابل"ص29 (واعدها ابسنابل تعطي خدها الكاع/وتضحك ما تخوشن خاطر اليحرث/تره الضحكه حرز بسوالف العشاك/والموش بوكتها اشما تزود اتغش/اتحسهاشكد ترف لو غازلت نسمات/بس تلكاه عجاج امن ايخبث...) وهذا الانتماء للارض انتماء انساني شرطه الشاعر باحترام قدر وماهية الارض وهو يمنحها حس وتفاعل مع الانسان وبمثل مفهوم امنح ما تريد لتمنحك الخير من ثمارها والسكن فيها مبناء حياتك.
وقد تطبعت مجموعة "رجعلي حلمي" بالسمات الانسنية العادلة في حقها بالعيش السعيد من وطن وحب ومجتمع تغمرة العلاقات البناءة التي ترسم جمال المكون الحياتي .كما في قراءتنا لقصيدة "كتلها"ص92 التي اتسمت بالتقطيع الإلقائيالمموسق في التعبير عن موضوعة الحب في قوله(كتلها...ودرت وجهك...ما محسبلها/حسبالكاحجاية وتمر ...واحملها/ماتدريالكلوبالتحب ما تنعاف/وحجاية الراح تروح تكتلها/ماتدري العيون التضحك لكل طيف/طيفك لو كطع بجفونها ايذلها..).
ويحرض الشاعر في بناءاته الشعرية على منح الروح التعبيرية العالية للمفردة الشعبية ومن خلال انزالها للمنطقة الاعمق والانشط في دلالتها والمساحة الاوسع، حتى يحسها المتلقي مصوته للمعناها وبكامل قدرها، لذا نراها في ذلك الجلوس في النسق الشعري جلوساً باكثر معافاة وهي منفتحه على مهمتها الشعرية باكبر قدرة لفعلها الشعري. اضافة لتقطيع الشاعر لانساقة الشعرية المؤثرة والفاعلة ليكون القاريء سامع لكتابتها وصانت لصوتها حتى في تلقية القرائي وليس السماعي الذي يتدخل فيه الشاعر في القاء قصيدته،وهذا من السماتالباصمة للشاعر "علي عماد" والمميزة لجمالية بناءاته الشعرية المنسجمة الفواصل والتقطيعات لانساقة الشعرية....
استطاع الشاعر "علي عماد" هنا ان يكون بوثوقه الشعري بصمته الشعرية الخاصة كتفرد له وايضاح واسلوبه البنائي للقصيدة الشعبية التي امتازت بمضامين انسانية عالية تدعو لبناء الوطن والانسان.والتي تأملننا وتأمننا لخطابات شعرية اكثر قرب وصدق مع المجتمع الطامح لجمال وعدالة وجودة التي راح الشاعر "علي عماد" في انشاده الجميل لها.
***************
شهادة متأخرة
راسم الخطاط والنضوج المبكر
حامد كعيد الجبوري*
عام ٢٠٠٠م أو ربما قبل هذا التأريخ بسنتين كنت التقي بصديق يكتب الشعر في محافظة بابل، قال لي هل تعرف الشاعر راسم الخطاط؟ قلت لا أعرفه، قرأ لي نصا جميلاً يحفظه ل (راسم)، وبمحض الصدفة مر بالسوق الشاعر راسم الخطاط وتم التعرف عليه، علمت أن له محلا يزاول فيه مهنة الخط بمدينة الثورة في حلة العطاء، بدأت أتردد عليه ونقرأ لبعضنا ما نكتب وبدأت محطة الصداقة والزمالة مع الشاعر راسم الخطاط، راسم الخطاط يرسم بريشة حروف تجسد معاناة شعبه واحزان أهله المتجذرة بتراب الوطن وماءه وحتى بغذائه، اتذكر عام ٢٠٠١م وجهت دعوة لبعض من شعراء بابل لأمسية أعد وهيأ لها الشاعر الكبير (عودة ضاحي التميمي)، ترافقنا بصحبة الصديق الشاعر الكبير (كريم النور) والشاعر راسم الخطاط وحامد كعيد الجبوري، كانت أمسية تركت أثرا طيبا عند شعراء كربلاء المقدسة، قرأ فيها راسم الخطاط بعضا من ومضاته التي تشي بموقفه من النظام السابق، واتذكر تماما أن شعراء كربلاء أطلقوا حينها لراسم الخطاط لقب ملك الومضة، (الدمعة قطرة ماي لكن من تطيح توكَع آلاف القصص وياهه)، بعد سقوط صنم الدكتاتورية وكنا نأمل خيرا بالقادم الجديد، وسرعان ما اتضح أن لعبة الكراسي ومصالحها لم تكن بحسبان غالبية الشعب العراقي، وكشّر ساسة الصدفة الجدد عن أنيابهم واغرقوا البلاد بصراعات طائفية لم يحصد منها الشعب سوى الخيبة والحسرات ودموع الأيتام والثكالى، (أنا بهذا الوطن يادنيه سلطان
بنات الجان تخدمني اببلاطي
أغسل بالعطر واثيابي الوان
وابدل وكل وكت قاطي ورباطي
ولولدي اسجل كل شخص بير
لأن اولى الدول نفطي احتياطي
ولكَيت ابني بعد ما اني فزّيت
عاف المدرسه ويلم قواطي)، لا تعقيب لما كتبه الصديق المبدع راسم الخطاط، الومضة تؤشر بوضوح تام لمعاناة فقراء العراق جراء سياسات الفساد الممنهج من ساسة الصدفة وسراق المال العام، راسم الخطاط حين يكتب حتى الغزل يشعرك أن هذا العشق يلاقي ذات القيود التي سجنت مقدرات البلاد والعباد بأيدي (زعاطيط) السياسة،
(عاجبني ارسمك شمع
جي كلك انته ضوه
عاجبني ارسمك شمع
بس انته من تشتعل اكره اشوف الدمع
طالب ترك مدرسه بلكن يعيّش هله
شبعن جفوفة بجي
وماعرف شنهو الشبع)،
هناك مثل شعبي يقول ( يعلم اليتيم على البچي)، هذا المثل أجده ينطبق على شاعرنا الخطاط،
(لاتعلمني الحزن بويه اني ناي
اول دروسي الك دمعه وجرح
لاتظن الساكت المايحجي خوف
كلمة البركان من ينطق ذبح)،
حين تقرأ لا تعلمني البچي تجد الإشارة واضحة بكل معالمها، وتجد فيها الاعتداد بالنفس، وتجد نصيحة الشاعر لشعبه، راسم الخطاط لم يأخذ فرصته الطبيعية كشاعر يشار له إلا بعد التغيير، وأعني عام ٢٠٠٣م، ومع ذلك لا تزال تجربته محاطة بالكثير من العوائق التي لا سبب له فيها، بل حنق البعض وترفعه عليهم هو السبب الوجيه ، وهذا ما ينبغي له فعله ولم يتراجع عنه، اتمنى أن نقرأ ملحمته الكبيرة التي جسدت شخصية جبل الصبر زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعنها وأرضاهما، ولنقرأ سوية بديوانه البكر تجربة شاعر شاكس ويشاكس كل سيئ بهذا المجتمع الذي يريد له العقلاء وهو منهم أن يرتقي سلم التمدن والتحضر، الخطاط فاز بعضوية الهيئة الإدارية لجمعية الشعراء الشعبيين المنحلة أبان الحكم الشمولي، واعفي من منصبه لأسباب يعرفها من عمل بتلك الجمعية حينذاك، بعد سقوط النظام السابق كان من أوائل المؤسسين لجمعية البيت العراقي للشعر الشعبي وترأس فرع بابل أكثر من دورة .
استدراك :
بلحظات الضعف، والانكسار، والإحباط، تتأرجح موازين الثبات بين الصمود والهروب، بين الحلم والحقيقة، بين العسل والمر، وهاهو صديقي الشاعر المبدع ( راسم الخطاط) يوجه لي قاضيةً بحلبة الصمود فماذا أرد عليه ؟، لا أدري !!! .
-----
يقول لي راسم الخطاط حين أكملت معاملة الهجرة لخارج العراق وتهيأ لي فرصة الهروب فقال ...

الى صديقي الذي يبحث عن وطن آخر ...
راسم الخطاط
...
لوين تريد
يبو حجي الحلو ومزعّل التغريد
لوين تريد
يا واهس قصيدة تعيش
ويّ الريح
مثل طفله ... وشعرها
أتهده يوم العيد
لوين تريد ... لوين تريد
من فرط المحبه ...يطيح
دمع العين
وضلوع الصدر
ما حبست التنهيد
لوين تريد
مو تدري السنين
وخلصت طشار
تدور عالفرح
تالي العمر شيفيد
مو ندري السنين
أمذيرات هواي
مثل ... لمة فخاتي وحوم
وسط البيد
لوين تريد
.....
* رئيس جمعية البيت العراقي للشعر الشعبي المركز العام
***************
ص9
ادباء العراق.. في خطر!

مع انهم كانوا دعاة للحياة والحب والتفاؤل.. الا انهم يعانون اليوم من قسوة الحياة وجفاء ويأس وإحباط وانكسار كل شيء حولهم..
هذا هو حال ادباء العراق اليوم، فما بين شهيد ومختطف لا يعرف مصيره (مازن لطيف وتوفيق التميمي) وما بين مريض لا يجد الدواء الذي هو بأمس الحاجة اليه (د. احمد خالص الشعلان، سلمان داود محمد، د. عبد الكريم راضي جعفر، سعدون العبيدي، جبار النجدي، غني العمار، محمد سمارة، محمد يونس محمد، عبد الرزاق المطلبي، كريم صبيح، حميد الربيعي..) وما بين عالق على الحدود (ثامر عباس).
ادباء.. زادهم الكلمات وعالمهم المعرفة واحلامهم فرحة الناس.. هؤلاء.. ممن وصلتنا اخبارهم، وممن لا نعرف عن حياتهم وظروفهم شيئاً.. مجهولون في عالم لم يعد ذاك العالم الذي تغنوا به طوال أعمارهم.
هؤلاء الذين تعلمنا منهم وتفاعلنا مع ضوء عقولهم، الا يجدر بالمسؤولين الانتباه الى احوالهم والتعرف على شؤونهم، ام ان (كورونا) قد أصاب عقولهم وحواسهم وانقطعوا عن الحياة وباتوا لا يعرفون الا انفسهم والمحيطين بهم؟
"ثقافة"
-************
لورد الركض

نضال القاضي
لا ذاكرةَ َ.. يا لورد الركض
إنَه جلدي يمشي عليّ !
لا وقتَ ..نفدَ فَناءُ الدار
نفد الممشى حدّ الباب
نفد الباب ..
لم يتبقَّ من الناطر خلف يديه وعينيه
غير يديه وعينيه فالتبَسَتا وكبِرَ الغد ..
صار طاعنا ..غزيرا مثل "المَلْحة" ..
وهي تعدُك بشمس ٍأكثرَ على الرغيف
بأيّام ٍكلّ يوم ..
تتعرّجُ في الأزقّة حتى حجرتِكَ الإسمنتية ِ
لم يردْ ذِكرُ الحجرة في التقاويم
ولا حين استقلّها في القصب أديمٌ بعيد
لكن ذات نعتٍ سقط من صرخة ٍعالية
طشّتْها الطشّاشات مع الخرز ..
وشمسٌ نيئة ٌ لا تنزل عن السياج .. نزلتْ..
فصار كل شيء فوق !
سكّان الأيام يصعدون في السبت جبال الأحد
تلعب السماء دور الإثنين على الإسفلت
وحين تفتح عينيك أو لا تفتحهما ..
تُك ..تُك
تنتحلُ الأشجارُ ثلاثاءاتِ العالم
تخشخشُ الأربعاءُ بالرماد..
مثل مطرٍ محبوس ٍفي أغنيةٍ زجاجية ٍقابلةٍ للكسر
مثل دخان ٍتاه َ في رأس
لم يعثرْ عليه المارّة ُولا فاتناتُ النظافةِ
سرَدَتْهُ جدّاتٌ بعيدات..
بعيداتٌ ..جداً.. قبل أن نكبر !
لا وقتَ كي تكبرَ يا لورد !!
السماءُ مفرطةٌ في محاكاة مروركَ
تزحف طبقة ًطبقة وانت تحجلُ
وصفيرُك يقلّبُ النائمين على المصاطبِ
وكُتُبَ التاريخ
لا إسم لخروج هذا الأخيرعن النصّ
في عنوانهِ ِطبلٌ على جادّة..
وحياتُك كبيسة ًوجسدُك المدقوق
أيُّ أنتَ ..آيلٍ اليك !
أيّ إيقاع قايضَ الصراع بالإله ..
والوجود بالصعود
يابلدا ولدا حدّ الإفراط
إصعد ْ!
كلّ شيء فوق ..
الله..
عيونُ القنّاصين ..
عيونُ القنّاصين كلُّها في سلّة البيض والأمّهاتُ يذهبن
الى أين تذهبُ الأمهاتُ الذاهبات !
أين يضعَ الله يديه !
الأماكنُ لاوعيُ قدميك !
وبكامل قواهُ العقليةِ الموتُ
يقضم الهواء َ ويبصقهُ
يقضم الدخان َ ويبصقهُ
يقضم الجهات ِ ويبصقها
يقضمُ كلّ شيء..يبصقُ كلّ شيء
متأكدٌ هو الآن أنّهُ صالحٌ للأكل وللشرب
الموتُ صالحٌ للأكل وللشرب يالورد الركض
لن يعود الأبدُ فارغاً في التك تك أبدا ..
الأيّامُ كلّ يوم تطرقُ بابَ حجرتك الإسمنتيةِ
وانت تجمّعُ في حلمك الطَرَقات
حتى يمتلئَ الحلمُ ويغط َّ في النوم
ثمّة في نومتهِ يجهّزُ السماء
ثمة يرسم الهواءَ من بدايتهِ الى نهايتهِ
ثمّة يبلّل الجوع َ بلسانهِ ويلصقه ُ
يقعُ ويلصقه ُ..
منغرسا في صورته
ثمّة في صورته ينبش ..
في غطيط ٍوطرقات ٍوأيّام ٍتأتي كل يوم...
************
قصيدتان

ماجد الحيدر
(1)
اعتذاراتٌ متأخرة

أعتذرُ للجنديِّ الذي كانَ منبطحا قربي عندَ الساترِ؛
لو لم أحنِ رأسي لأوقدَ سيجارتي
لما اخترقتِ الشظيّةُ رأسهُ الذي كان يضجُّ بالفراشاتِ
بدلا من رأسي
...
أعتذرُ للعجوزِ التي دخلتْ الى الصيدليةِ بعدي
لأنني اشتريتُ آخرَ علبةٍ من دواءِ القلب
...
أعتذَر لكلِّ تلميذٍ أغلقَ الكتابَ
واضطرَّ للنومِ لأنني
سلبتُ منه حصّتَهُ من النورِ
كي أكتبَ هذي الحروف
...
أعتذرُ لكلّ البشر؛
الأوكسجينُ الذي أنفقتُهُ اليومَ
ربما كان كائنٌ غيري
يحتاجُهُ أكثرَ مني
...
أعتذرُ لكلّ الملايينِ من الحيواناتِ المجهرية
التي سبقتُها لسببٍ أجهلُهُ
الى البويضةِ التي أوجدَتْني
لولايَ لوُلِدَ انسانٌ آخرَ
أكثرُ حظّا
...
أعتذرُ لفريقِ صفّيَ الرياضيّ
لو لم أسجّلْ هدفا بالخطأ في مرمايَ
لفُزنا يومَها، قبلَ خمسينَ عاما،
على الصفِّ المنافس
أو لكُنّا تعادلنا على الأقل
...
أعتذرُ لكل الكتبِ التي لم أقرأها
أعتذرُ لكل الزهور التي لم أتوقفْ كي أشمها
أعتذرُ لكل أغنية لم أسمعْها
أعتذرُ لكل كذبةٍ بيضاءَ لم أتفوّه بها
ولكلّ من أعرفُهُ
لكلِّ من لا أعرفه؛
لو بقينا صغارا
لكنّا زرعنا حدائقَ جميلةً
بدلا من هذا اليبابِ الشاسع!
(2)
أعدني الى صباي


أعِدني الى صِباي
أريدُ أن أكررَ أخطائي الجميلة!
...
أعطني فرصةً ثانية
لأضيع وقتي بين الكتبِ
وصدر حبيبتي
...
دعني أتعثر المرة تلو المرة
وأجرّب الخسران
...
ذَرني وحماقاتي اللذيذة:
العشق
والحلم
وانتظار المُحال
...
خلِّني أنم الى الظهيرة
وأفوِّت الدروس.
...
دعني أنل جواز سفرٍ جديد
وأُركنه، مجددا،
في درجٍ منسي
بجنب صاحبه
...
أعِنّي كي أكدح من جديد
لإطعام الصغار
...
واجعليني، فديتكِ،
أبدد الأيام والساعات
في تأمل وجهك!
**********
رأي
المجمع العلمي العراقي
من يعيد بريقه؟


د. جمال العتابي
المسؤولية الوطنية في المنعطفات الصعبة تبدو باهظة التكاليف، لانها تتطلب عقولاً متنورة، شجاعة، مبادرة، تستطيع أن تتحمل أعباء المهمات، لإدامة ما هو حي من الإرث التاريخي والحضاري الإنساني العراقي. إن الخوف المزمن من الحقيقة والمصارحة والإعتراف، يقودنا الى العطل والجمود والتخلف، بما يدعو لإثارة السؤال الوطني الأهم، ذي الصلة بحقيقة الأزمة التي تتعمق في المجتمع، أين هي المؤسسات الفكرية والثقافية العراقية التي تغيّر نمط الحياة، وتعيد إنتاج المعرفة وأدواتها، أين ذاك الأثر الحضاري الشاهد على الأنساق العلمية والنيات الصافية، والولادات المبدعة للعمل الثقافي؟
من يعيد للمجمع العلمي العراقي بريق زمانه الخاص؟ انه الزمن الذي قطعه المجمع منذ تأسيسه عام 1947مهتماً بدراسة علوم اللغة العربية، على يد كبار أساتذتها، كعلامات مضيئة في إرثنا الثقافي ماتزال تتردد أصداء أسمائهم بقوة، لا ماضٍ منطفئ ، بل نماذج وطنية مخلصة، حاضرة دائماً في الموقف الرصين والإنحياز للعلم، محتفظة بأهميتها الرمزية.
لا يمكن ان نعفو أنفسنا من المساءلة عن(مجمع علمي) الذي مهّد له الشاعران الزهاوي والرصافي، وأسس له منذ عقود من الزمن، محمد بهجت الأثري ومحمد رضا الشبيبي ومنير القاضي ومصطفى جواد وناجي معروف وعبد الرزاق محيي الدين وصالح احمد العلي وتوفيق السويدي، وغيرهم من الأعلام، هؤلاء شيدوا ظاهرة علمية تعرف في دول العالم المتحضرة كأكاديميات للعلوم تضم في العادة كبار العلماء والمفكرين والمبدعين، هم بناة التقدم في بلدانهم.
ماالذي نفعله لإيقاظ الحكومة من سباتها لكي تلتفت الى هذه التجربة الجديرة بالرعاية والإنتباه، إذ لا يملك المرء إلا ان يشعر بالأسى حين يقارن مآل المجمع العلمي اليوم، بما كان عليه قبل خمسة او ستة عقود، وهذا الإنطباع مصدره تلك الأمثلة التي غاب عنها التنافس العلمي، لينتمي بعضها الى السياسة المحدودة النظر، والمضحية بمصير علمي على حساب مصالحها الضيقة، وبلا شك ان هذه المؤسسة المستقلة، هي إحدى الكيانات التي صنعتها اليد العراقية بإمتياز، وليس هناك من حق تمتلكه أية جهة تبيح لنفسها شطب جزء من تاريخ العراق المضيء، وتصادر جهود تلك الأيادي.
نحن نقف اليوم على خط يفترض ان يكون من خطوط الدفاع عن الوطن، إذا لم يكن واضحاً على الأرض، فهو واضح في أعماق وضمائر ونفوس جيل من المثقفين والأكاديميين والعلماء، وفي علمنا ان الخطاب الثقافي المعرفي يتسع لتنوع مناهج التفكير والرؤى في حقول المعرفة كافة، وفي جميع الخطى والمساعي لابد من التطلع نحو وضع دعامات راسخة للتقاليد العلمية الرصينة، والدعوة إلى مراجعة دقيقة ومتأنية في السبل التي حملت غير المؤهلين في منصات العضوية، ولاسيما في المدة التي أعقبت إحتلال العراق 2003، وفتح ملفات المؤسسات الفكرية والأكاديمية والثقافية، لتجديد أولوياتها وتوجهاتها، ومفردات عملها الإداري والمالي، والتوقف عند حجم الإنفاق والتخصيصات المالية لهذه المؤسسات، بالمقارنة مع حجم الإنتاج ونوعيته.
كان المجمع العلمي العراقي، من أكثر المعاني إفصاحاً بجدارته العلمية ومأثرته، انه ظل يحتفظ بحيوية دوره في الوسط الأكاديمي، مشكلاً وحده ظاهرة ثقافية، غطت مساحة تجاوزت النصف قرن، بأبعادها الفكرية وآثارها المتميزة، وإستطاع المجمع جذب عدد ممتاز من الأساتذة في حقول إختصاصاتهم، وأسس المجمع نواة طباعية تحولت بمرور الزمن الى مؤسسة طباعية مرموقة، أنفقت عليها الدولة بسخاء، وطباعة إصدارات المجمع كافة، ومنها مجلته الرصينة، التي تصدر بتوقيتات ثابتة ومستقرة، فتحولت الى مرجع مهم للباحثين، بفضل الأسماء المشاركة في التحرير والنشر.
لكن من أسلم البلاد للخراب، وأسس لحكم التغانم والنهب، أجهز على المجمع وإستباحه، فتهاوت المكتبة، وتحولت المطبعة إلى كيان من حجر، وإختصر المبنى الجميل في طرازه المعماري، كل أجواء الموت والعدم، التي ظلت تتفجر دماءً وحرائق وحروب طوائف، بعد إحتلال العراق.
إن إلتباس مرجعيات الثقافة والمعرفة مع مناورات أهل السياسة، لا يمنع من إعادة الحياة للمجمع بما يستحقه من رعاية، على وفق رؤى واضحة، صحيحة التكوين وصفاء التوجه، مع ما تحمل بعض الاجراءات المخلصة، المتأخرة، من إشارات إيجابية. لترميم المجمع من الداخل، والعودة به الى الدور الأصيل الذي تبناه، ليستعيد حيويته وحريته.
************
قراءة
شخصيات رواية "طائر التلاشي" للكاتب محمد رشيد الشمسي
الدكتور رياض احمد طه
تقدم لنا رواية "طائر التلاشي"لمحمد رشيد الشمسي تنظيراً خياليا غرائبيا فنطازيا عن جزيرة لجزيرة متخيلة اسمها "تخالو". جزيرة يحوم حولها طائر غريب طيب الطعم والمذاق فيتخذونه غذاء يوميا لهم، إلا انه يسبب لهم مرض غريب ايضا وهو مرض التقزم ومن ثم التلاشي وغياب الموت عنهم،رغم ان الموت هو الحقيقة الثابته عند جميع الاحياء. الى جانب استخدام الايحاء والترميز في سرد روايته باسلوب فنطازي امتد على جسد مكونها المحكي.
يصور الكاتب حال السكان اثناء الضمور والتقزم حدّ التلاشي،ولم يسمع السكان لصوت العقل والحكمة المتمثل بصوت الحكيم "تخاخا" الذي دعاهم لتغير نهج واسلوب حياتهم حتى لايصابوا بهذا الداء وأن يجهدوا انفسهم بايجاد بديل اخر لمأكلهم وعيشهم وكما اشار الكاتب بترك الاقتناء في اكلهم اليومية على هذا الطير حتى لايصابوا بهذا الداء وعليهم ان يجهدوا لكسب الطعام والعيش في الجزيرة مليئة بالخيرات من البحر المحاذي لها وارضها الخصبة، وعدم البحث في التوسع لجزر اخرى ودخولها بالقوة الى عدم شن الحروب غير المجدية والمهلكة، ودعا السكان بعدم التشبث والاستبداد بآرائرهم المتخلفة البالية دون الرجوع لصوت العقل والفكر البناء، وبدلا من الاستلقاء على الظهر تحت النخيل نجدهم يفتحون افواههم آملين تساقط التمر فيها بل الالتفات لمصادر الديمومة والحياة.
تقول الرواية وعلى لسان الحكيم "تخاخا" (لاتتعب تفسك...نحن نريد ان يدخل جوفنا الطعام دون عناء...ربما يأتي يوم لانستطيع فيه ان نمد ايدينا ونطعم انفسنا) لنجد الناس وقد تركوا ما تجود به ارضهم ومياههم واعتمدوا الاكل لحم هذا الطائر المدجن وهم لا يفقهون انه سبب هلاكهم ولم يفكروا بهذه العواقب ولم يسمعوا صوت العقل والحكمة بل تصدوا لها واتهموها بشتى الاتهامات والتهكم والرفض،وهذا ما يتعرض له الحكماء واهل العقل والمصلحين على مدى التاريخ في سيرة الشعوب المنتفظة من اجل الانعتاق من التخلف والتجديد الحياتي والمجانب للتحرر من حكامها المتسلطين.ليتعرض قادتهم للاعتقال والموت والنفي من قبل السلطان كما في شخصية صاحب العقل المغير الحكيم "تخاخا".
وتصور سردية الرواية الملل والضجر الذي يصيب السكان وتنظيم التظاهرات المطالبة بايجاد الحلول اللازمة لظاهرة التلاشي كما في (نريد حلاً نريد حلاً...) الا ان حماة السلطة لجأوا لتفريق المظاهرات بالقوة والعمل على وضع حلول ترقيعية لاسكاتهم مثل دعوتهم لتقليل النسل وترشيد الاستهلاك وزج الشباب بحروب عبثية مفتعلة لتوجيه الانظار بعيدا عن ازمتهم الحقيقية، وفي اشارة ذكية من الكاتب لما تقوم به الانظمة الدكتاتورية ضد المظاهرات في تسويف المطالب الاساسية لها وعدم سماعهم لعقلاء المتظاهرين الذي يتسم بالحكمة والعقل ليكون السجن مصير المحتجين.
وهنا ككتابات عالمية استخدمت الخيال والفنطازيا للدلالة على الثيم المراد ايصالها للقاريء كرواية –طبل من الصفيح- للكاتب "غونتر غراس " الحائز على جائزة نوبل عام 1999، حيث يقوم بطل الرواية المتقزم "اوسكار" للتعبير عن غضبه على سلطة الفاشست و رجالهم المتحذلقين من خلال الضرب على طبله الذي يهشم زجاج الشبابيك والابواب بمجرد الضرب على الطبل بعصاه وهو يحدث اصواتاً تهز الجميع ليروح بعدها متخفيا في منصات خطبهم اوتحتها حين لاتعجبه خطبهم الرنانة هذه.
هنا يستوحي الكاتب طبل الصفيح والقزم "اوسكار" كي يكون رمزا للتحدي ضد الفاشية. وفي رواية "مائة عام من العزلة" للروائي العالمي غابريل ماركيز اعتمد اسلوب اللامعقول والمفارقة ،حيث يعاني سكان مدينة - موكاندو- من العزلة لمدة مائة عام، فهم لايموتون ولا توجد مقبرة لهم في مدينتهم وينتهي نسلهم بولادات مشوهة بسبب عدم احترامهم للعلاقات المحرمة.
وفي رواية "فرنكشتاين في بغداد" للروائي العراقي احمد السعداوي التي تصور "فرنكشتان" المارد التي انتجته المختبرات التجريبية العالمية يعبث في شوارع بغداد المهجورة في الايام الاولى من الاحتلال ناشرا الرعب والدمار والضحايا فيها،هذا الخيال وظفه الروائي لابراز فكرته عن وجود ايادٍ صنعت وتلاعبت كثيراً لتثير الرعب والقتل والدمار.
وفي رواية "طائر التلاشي" اعتمد "محمد الشمسي" على خياله الجامح والخصب لجمع ثيمة روايته وبيان نظرته للحياة ومن خلال تصويره لمعاناة السكان مع ظاهرة التلاشي وفق اسلوب فنطازي ملؤه المفارقات والغرابة، حتى صيرت الرواية اصوات السكان بانهم لا يسمعون ولا يستطيعون ممارسة حياتهم الطبيعية مع انهم احياء وليسوا امواتاً بل احياء يتمنون الموت ولا يحصلوا عليه لان اجسامهم تتقزم وتتلاشى واخذوا يلومون انفسهم بأنهم من صنع هذا الوضع المأساوي ليفقدوا الامل ويصيبهم القنوط ليقولوا (هذا ما وجدنا عليه اجدادنا وكفى).
هكذا نرى الشعوب التي تستكين وتخضع للظلم راضية لتخلفها وسلاطينها المنعمين والمتمتعين بخيرات البلد،عكس الشعوب الاخرى الرافضة والمنتفضة على واقعها المر لتتطور وتسير في ركب التقدم والرقي.
و تشير الرواية الى ترحيل الاشخاص الذين بان عليهم الاضمحلال والتقزم الى جزر اخرى،وقد طلبوا ان ياخذوا معهم رمل من جزيرتهم ليتنفسوا رائحة الوطن كلما اشتاقوا وعدم التفكير بالرجوع ، وقد غادروا وهم ينشدوا الوطن واعدين بالعودة مهما طال الزمن والفراق.
وبعد ظهور التلاشي على الحاكم والقاضي الاول بدأ السكان يندبون حظهم واخذوا يشعرون ان افكارهم تكبلهم ليس بوسعهم الفكاك منها، حيث اصبح بإمكان الطفل ان يرفع ويعلق جده من ردائه وهو يستغيث ولا يسمعه احد وبالكاد يرونه وينزلوه.
ويستمر الكاتب بالتعمق والتوسع واطلاق خياله ليصف كيف يتسلق الوالد صدر ولده او كيف يبحث الابن عن امه التي اصبحت بحجم قملة تختفي في شعر الراس او بين الملابس،ليصبح الاطفال يسخرون منهم.
ذهب التلاشي بالبعض لتسلق الاشجار والاختباء باعشاش الطيور واصدار اصوات مزعجة في الليل كنوع من الاحتجاج، ولفت نظر الاخرين خاصة السلطات لما وصلت اليه حالتهم. ليرد الحكام بطريقتهم في حفر قبور يسكنها هؤلاء المتلاشين فيها، ويذهب الكاتب لتوسيع خياله ليضع للقبور مواصفات و درجات خاصة، فيضع الاقارب الحكام ميزة تختلف في مواصفات عن قبر السكان الاخرين ليصل التلاشي الى دور الحاكم ليجد امه تتلاشى ايضاً.ويعني ان الحكام يلاقيهم التلاشي ايضا اسوة بسكان الجزيرة.
ايقن سكان الجزيرة أن التلاشي يلاقيهم اينما يذهبون ويحلون، وكلما يتقدم بهم العمر يصبح حجمهم بقدر قملة يبحثون عن ما يلائمهم من ارض لاتخاذها، اذ يشير الكاتب (أن شكل الخلق هي التي تخلق شكل الوطن. هناك اوطان جميلة .فهي جميلة بجمال روح ناسها،وهناك اوطان قبيحة هي قبيحة بقبح ناسها...)ص67.
يعي الروائي "حمد الشمسي" ان جمال الوطن هو من جمال الروح والفكر الذي يحمله ناسها ويسألون (ماذا نعمل كي نملك وطناُ جميلاً؟)ص67 وكان الجواب ان يعملوا بنصيحة الحكيم "تخاخا"ويسمعوا كلام العقل الراجح ويحللوا القول النافع و يعملوا به...
تدعوا الرواية في خطابها الادبي المفعم بالخيال ،الى حضور العقل واستخدامه لخير المجتمع، وان رفض الواقع المتدني هو الطريق نحو الحرية و هي البوابة المثلى لبناء الانسان والوطن رغم مجانبته للتضحيات حين يغلق الحكام سمعهم للتغير ويصدم السكان بالقتل لكن هناك من الباقين للتغير كما في حالة الحكيم "تخاخا" و والده الذي تم قتله من قبل السطلة.
توضح سردية الرواية في محكيها ايضاً طبيعة حكام الجزيرة في توريث ابنائهم للحكم وهذا ما معمول به في بلدان المنطقة وكأنهم مالكين للبلاد حتى باهلها وتقرير مصيرهم، وهي اشارة من الكاتب "محمد شمسي" للانظمة الشموليه في المنطقة.
يختصر الكاتب مايريد قوله على لسان "تخاخا" في قوله (ان الانسان لايتعظ بما يمر به إلا حين يقع في التهلكة ويحاول ترميم ماقد هدم...فهو يهدم بيد ويبني بالثانية ولو رمم بالاثنين معا لكان في احسن حال).
ان الانسان في الجزيرة لايزال به حاجة الى تفعيل الفكر وفهمه في قراءة الاحداث المتغيرة مع الزمن من اجل تطور المجتمع وكما اشار ماركيز (القراءة مفتوحة التأويلات تتجدد وتتنوع بتجدد الازمنة وحراكها وتنوع القراء وتنوع ثقافاتهم) ونؤكد ذلك اذا كانت المادة المقروءة خصبة الخيال تتحدث عن بغداد والمدن العراقية في انتفاضة تشرين و موقف السلطة بعدم الاستجابة للمطاليب وتسويفها بظاهر قرارتهم بل ذهب لتشويه المظاهرات السلمية وترهيبها بشتى السبل.
***********
لماذا؟

لماذا يتم إعطاء وعود من قبل وزارة الثقافة تتعلق بإعادة اعمار مسرح الرشيد، وتقديم منحة مالية سنوية للادباء، وطباعة كتب لاعضاء اتحاد الادباء على حساب الوزارة، وتأكيد مستمر على مدى سنتين بتعيين المخرج المسرحي الكبير د. جواد الأسدي الذي ظل لعقود طويلة بعيدا عن وطنه ويقدم اعماله في مدن عربية واجنبية.. ولا يجد من يُعنى به انساناً وفناناً كبيراً.. مع اننا والوزارة كذلك على علم بأن أياً من هذه الوعود لن يتحقق؟
*************
ص10
شيوعيو بابل يطلقون حملة تعفير واسعة
الحلة - طريق الشعب
واصلت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة بابل، حملة تعفير الأماكن العامة ضمن جهود الحزب لمواجهة تداعيات أزمة فايروس كورونا.
وفي صبيحة الأول من أيار، عيد العمال العالمي، شكلت اللجنة المحلية ولجانها الفرعية والأساسية، بمشاركة اتحاد نقابات عمال بابل، خمس فرق تطوعية قامت بتعفير أماكن عديدة في مركز محافظة بابل والأقضية والنواحي التابعة لها.
وشملت الحملة التي ساهم فيها العديد من الرفاق واصدقاء الحزب، الأماكن العامة والمحال التجارية، فضلا عن ساحة الاعتصام في مركز مدينة الحلة.
وفي السياق ذاته، أطلقت اللجنة الفرعية للحزب الشيوعي العراقي في قضاء المسيب بمحافظة بابل، حملة تعفير أخرى.
وشملت الحملة مركزي منطقتي السدة وحي الري، التابعتين إلى القضاء.
وساهم في الحملة أيضا كل من لجنة الريف المجاور الأساسية، واللجنة الفرعية في المحاويل، واللجنة الأساسية في القاسم، ولجنة الشهيد حيدر القبطان الفرعية للحزب الشيوعي العراقي.

**************
من آذار الخير الى أيار العطاء
الشيوعي العراقي يواصل نشاطه دعما للكسبة والكادحين
بغداد - طريق الشعب
بالتزامن مع احتفالات الحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه وعيد العمال العالمي يواصل ناشطات الحزب وناشطيه حملة التكافل التي انطلقت مع انتشار وباء كورونا في العراق.
ونظم اعضاء الحزب خلال الفترة الماضية حملات واسعة لتعفير المناطق وتعقيمها وتقديم المساعدات الى مستحقيها والمشاركة في فعاليات تطوعية اخرى لدرء خطر وباء كورونا.
ووزع رفاق من محلية الكرخ الاولى 20 سلة غذائية جديدة الى العوائل المتعففة في منطقتي الغزالية والاسكان، كما وزع رفاق اخرون من منظمة الكاظمية 40 سلة غذائية الى العوائل المتعففة في منطقة الحرية، الى ذلك وزع فريق جوال من المنظمة 200 كمامة واقية في ساحة الزهراء وساحة النواب مع تعليمات الوقاية من فيروس كورونا، ورفع فريقاً اخراً عدد من شعارات الحزب في مناسبة عيد العمال في مناطق الشعلة والكاظمية والصالحية والمنصور والحرية.
وشكلت منظمة الكاظمية وفداً لزيارة معملي السجاد اليدوي والصوف في مناسبة عيد العمال العالمي وقدم الوفد باقات الورد الى العاملات والعمال مع بيان الحزب في المناسبة.

زيارة المساطر والمعامل

وفي مناسبة الاول من ايام زار عدد من الشبيبة العمالية في النجف مساطر ومعامل حي عدن وحي الحرفين لتقديم التهاني الى العمال في مناسبة يوممهم العالمي، ووزع الرفاق بيان الحزب في هذه المناسبة مع توزيع الكفوف والكمامات الواقية للعمال مع عدد من السلال الغذائية.
الى ذلك نشط اعضاء الحزب ضمن فريق سيرجيو ديملو في النجف خلال الفترة الماضية بتعفير اقسام مديرية تربية النجف للمرة الثانية، وتبرعت احدى الرفيقات بتقديم 15 سلة غذائية جرى توزيعها في حي الجمعية والجزيرة، فيما وزع رفيق اخر 12 سلة غذائية للمواطنين الكادحين في قضاء المشخاب، الى ذلك جهز رفيق آخر سلال غذائية لمواطنات كادحات زارن مقر الحزب بمركز المدينة.

تعاون مع الوجوه الاجتماعية

بادرت مجموعة من الوجوه الاجتماعية في السماوة بالتعاون مع ناشطي الحزب بتوزيع 50 سلة غذائية الى العوائل المتضررة من الحظر الصحي، واكد مسؤول المكتب الاعلامي للمحلية الرفيق عبد الحسين السماوي الاستمرار في تقديم الدعم للعوائل الفقيرة طالماً استمرت فترة الحظر الصحي كون تبرعات المواطنين الميسورون لم تنقطع.

في بابل

ونظم مجموعة من تنظيمات مركز مدينة السدة وحي الري في بابل حملة تعفير واسعة لمناطق الفقراء والكادحين في مناسبة عيد العمال العالمي، وفي ذات الحملة نظم الرفاق في فرعية الشهيد حيدر القبطان وفرعية المحاويل حملة مماثلة لتعفير المناطق ضمن قاطع العمل الخاص بهم.. فيما وزع رفاق اخرون سلال غذائية في مركز مدينة الحلة الى المواطنين الكادحين.
ونظمت عائلة الرفيق مردان بالتعاون مع عدد من المواطنين باقامة مأدبة افطار في ساحة اعتصام كربلاء، يأتي ذلك بالتزامن مع احتفالات حزبنا في مناسبة ذكرى تأسيسه وعيد العمال العالمي.

في كربلاء

وزع اعضاء من محلية كربلاء 40 سلة غذائية الى العمال وعوائلهم الفقيرة في منطقة الچاير، يأتي ذلك ضمن حملة اللجنة المحلية في مناسبة الاول من ايار عيد العمال العالمي، كما رفع رفاق اخرين شعارات الحزب في المناسبة في مناطق مختلفة من مركز المدينة.
وخلال ذلك نظم مجموعة من الرفاق حفلاً في احدى خيم اعتصام كربلاء في مناسبة عيد العمال العالمي، وحظر الحفل مجموعة من المنتفضين مرددين اغنية " عمي يابو جاكوج".
ونظم اعضاء الحزب في قضاء الهندية جولة اعلامية توزيع بيان اللجنة المركزية في مناسبة عيد العمال العالمي فيما وزعت منظمة الشهيدة ام لينا ٢٣ سلة غذائية للعوائل المتعففة في منطقة عون.

الشطرة تحتفل

احتفلت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في الشطرة بعيد العمال العالمي وتضمنت الاحتفالية وضع البوسترات في مداخل مدينة الشطرة إضافة إلى اللقاء مع ممثلي الاتحادات والنقابات العمالية في المدينة، فيما وزع مؤخراً رفاق من منظمة الشهيد سلام عادل في الرفاعي سلال غذائية الى العوائل الكادحة.
*************
وفاءً للصديق ليوناردو..
الطبيب الكوبي المتطوع في إيطاليا


يعتقد ليوناردو فرنانديز أنّه بدلاً من السعي لإنقاذ الشركات الكبرى، يجب علينا مصادرتها. وبدلاً من المصادقة على وقف مؤقت لعمليات الإخلاء والسماح بتراكم متأخرات الإيجارات، يجب علينا مصادرة العقارات لحماية العمال والشركات الصغيرة. هذا والعديد غيره من الاجراءات الأخرى، أجدها ضرورية لتأكيد حقنا في الحياة أكثر من حقوق الرأسماليين في ممتلكاتهم، وهذا ما سيتحقق في المستقبل القريب على ما يبدو.
فنحن نرى في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أمثلة صارخة على كيفية فشل العالم الرأسمالي في ضمان الصحة والسلامة لمواطنيه، بعد أن أثار الخبراء الطبيون شكوكًا خطيرة بشأن موثوقية معدات الحماية الشخصية والاختبار. فعلى الرغم من الضجيج حول كفاءة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية، والخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، إلا أن العديد من الأطباء في الخطوط الأمامية والموظفين الطبيين سقطوا ضحية للفيروس ولا يزالون مع الأسف. وينتشر شعور طاغ بالاحباط في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ويلقي الكثيرون اللوم بشكل مباشر على النظام الرأسمالي الليبرالي الذي يهيمن فيه صناع القرار من البيروقراطيين وحملة شهادات الماجستير في إدارة الأعمال، على دور الخبراء في الطب والصحة العامة والبيئة، حتى أدى مبدأ تعظيم الأرباح وخفض التكاليف، في النهاية، إلى سقوط معظم الغرب والشمال في براثن هذا الفيروس القاتل.
إن جائحة كورونا هي أحدث دليل على أننا لا نحتاج إلى الكثير من مراكز التسوق وبورصات الأسهم والسندات، ولكن إلى خدمات صحية عالمية تكافلية وفق نظرة إنسانية إشتراكية. ولعل الدولة الوحيدة في العالم التي تعمل وفق هذه المبدأ هي كوبا الثورية، التي لديها بالفعل أكثر من 28000 طبيب يقدمون رعاية صحية مجانية في اكثر من 60 دولة فقيرة. وهذا العدد يفوق عدد الأطباء المتطوعين من دول مجموعة السبع مجتمعة، وهناك حاليًا 52 طبيبًا كوبيًا في إيطاليا و 120 في جامايكا، ومثلهم المئات في عشرات الدول الأخرى، يقارعون الوباء ويقدمون المساعدة الطبية والعلاجات لكل من يحتاجها من دون كلل أو ملل. حتى حكومة بولسونارو اليمينية المتطرفة في البرازيل، تلك التي طردت العام الماضي اكثر من 10000 طبيب كوبي كانو يعملون كمتطوعين هناك ووصفتهم بالإرهابيين، تتوسل إليهم الآن كي يعودوا.
في المحصلة و من اجل هزيمة فيروس كورونا بشكل نهائي، يجب علينا محاكاة أممية كوبا الطبية. وإذا أردنا التخلص من الوباء اللعين وانقاذ البشرية، يجب أن ننضم إلى أطبائها الثوريين وشعبها الطيّب، وبعبارة أخرى، يجب أن نستبدل ديكتاتورية رأس المال بقوة الشعب العامل، وإذا كنا نريد للحضارة البشرية أن تبقى والتدمير الرأسمالي للطبيعة والموارد ان يتوقف، علينا ان نتحرك الآن تحديدًا وفق نظام رعاية صحية ثوري وأممي، لأن أزمة فايروس كورونا الحالية هي مجرد آخر أعراض موت الرأسمالية والدليل الصارخ على بهتانها.
ولعله من المفارقات أن نرى الدول التي كان الغرب يتهمها بالاستبدادية والإرهابية والأوليغارشية، هي التي تقود العالم في مواجهة الفيروس القاتل. فالعالم كله يعتمد الآن على الصين لتوفير جميع أنواع المعدات ومجموعات الاختبارات ووسائل حماية العاملين في الحقل الصحي، كما يتم استخدام الدواء الكوبي Interferon Alfa 2-B، وهو أحد الأدوية الأكثر نجاحًا في مكافحة COVID-19 حسب الكثير من المختصين في أوروبا، بعد أن قامت كوبا بنقل فرق من الأطباء إلى جميع المناطق المتضررة في العالم، ومنها إيطاليا وأسبانيا.
وفي الخلاصة، فأنّنا نرى بتمعن، ووسط أمواج هذه الأزمة المتلاطمة، عالماً جديداً يتشكل، ستلعب فيه دول الجنوب وشعوبها الطيّبة التي طالما كانت ضحية لتغوّل رأس المال الغربي، دوراً إنسانيًا بارًزًا.

محمد حياوي
*************
ليس مجرد كلام...
التخطيط السليم
وحسن التدبير!

يذكر الرحّالة الفرنسي (فولني) في كتاباته قصةً عن والي دمشق أسعد باشا العظم، عندما كان بحاجة إلى المال لتدبير شؤون الولاية اقتصاديا، وسأل المحيطين به من مستشارين ومعاونين، اقترحوا عليه أن يفرض ضريبة على المسيحيين وصنّاع النسيج في دمشق. سألهم: كم سيبلغ المال الذي سيجمعه منهم وهم محدودو الغنى وأيديهم لا تستطيع دفع غير القدر القليل؟ أجابوه: ستحصل منهم على 50 أو 60 كيساً، قال: وكيف سيجمعونها ؟ أجابوه: يبيعون حلي وجواهر نسائهم!
لم يأخذ بمشورتهم ، بل أرسل على المفتي وقال له : وصلني عنك كلام بأنك تفعل المحرمات وتشرب الخمور بالخفاء. أنكر المفتي ذلك ، لكن الوالي أصرّ على كلامه وقال له : سنحاسبك اشد حساب إلاّ إذا أعطيتنا نصف ما تملك. وافق المفتي.
وفعل الوالي الشيء نفسه مع القاضي والمحتسب وكبير العسكر والنقيب وشيخ التجار وكبار الأغنياء من المسلمين والنصارى ، فجمع مالاً كثيراً غطى ضائقته المالية وفاض. أرسل على مستشاريه وقال لهم : هل سمعتم بأنني أصدرت قرارا يقضي بفرض ضريبة كما أشرتم عليّ؟ قالوا : لا ، فقال لهم : لكنني جمعت ما سدّ الضائقة المالية وفاض عنها دون أي خلخلة أو زعزعة لاستقرار وأمن المواطنين اقتصاديا ومعيشيا، ذلك أن ( جزّ صوف الكباش خير من سلخ جلود الحملان )!
استذكرت هذه الحكاية وأنا اسمع وأقرأ عن الأزمة الاقتصادية التي يقال أنها ستحلّ بالبلاد، وسعي المسؤولين في وطننا إلى إصدار قرار يقضي باستقطاع (35 في المائة) من رواتب الموظفين!
حقيقة يصاب المرء بالإحباط والقنوط من هؤلاء الذين لم يفكّروا أبداً في إيجاد حلٍ لكل الأزمات سوى اختلاق أزمات أخرى ،فبدلا من محاسبة الفاسدين ، وإعادة الأموال المنهوبة يسعون إلى سلخ جلد المواطن المسكين ، بل تضييق الخناق عليه أكثر من ما هو عليه الآن. وإلاّ هل يعقل ان بلداً انقشعت عنه غيمة الدكتاتورية السوداء وما جلبته من حروب ودمار وفقر وتشريد وموت ، لتجثم عليه غيمة الفساد والمحاصصة المقيتة التي أخذت تشرعن للفساد ، وتودي بالبلاد والعباد إلى الخراب والموت المجاني ، حيث ساءت الخدمات وتدهورت التربية والتعليم وأصيب المواطن بالإحباط من الإصلاح الذي بات حلماً!
نهض الشباب منتفضين وقدّموا خيرة اخوتهم على مذبح انتشال البلاد مما هي فيه ، مثلما هبّ الشباب أنفسهم مدافعين عن الأرض والعرض حين دنّسها أبشع المخلوقات ، وقدّموا الضحايا والقرابين فداءً للوطن ، الذي لم يفكّر مسؤول واحد به أبدا !
اليوم وفي خضمّ محاربة وباء قاتل، رغم ضعف وقلة الإمكانيات الوقائية والعلاجية، نجد هناك تعرضات وهجمات تشنها عصابات داعش الإرهابي على مناطق من محافظاتنا العزيزة، مستثمرين انشغال السياسيين بصراعاتهم على المناصب والمكاسب بعيداً عن بناء الوطن، وهلع الناس وانشغالهم بكيفية الخلاص من وباء كورونا. وهذا دليل واضح على سوء التدبير وعلى التخطيط الفاشل في كل شيء، وإلاّ كيف يتعرض الإرهابيون لأبنائنا المقاتلين بعد أن هزموا شرّ هزيمة وقلتم انتهينا منهم ورميناهم خارج الحدود والحياة ؟؟!
على كل مسؤول أن يتأمل مسيرته خلال هذه السنوات وبروحية العراقي الحقيقي، وبضمير ينبض بالإنسانية، ويعيد حساباته من أولها إلى هذه اللحظة، ليبصر بعين ثاقبة ماذا قدّم للناس والوطن ؟!
وكيف سيحلّ هذه الأزمات، ويبني بلادا كان الكل يحلم بها شمسا تنير ظلمات الدنيا، لا أرضاً منهوبة وشعبا يرزح تحت الخراب والموت نتيجة عدم التخطيط الصحيح وسوء التدبير، فيما البعض يمسك بالدفِّ يغنّي ويجمع المال لنفسه تاركا البلاد والعباد في مهبِّ الريح!

عبد السادة البصري
************
في يومهم العالمي
العمال الأمريكيون يتضامنون ضد كورونا
نيويورك – طريق الشعب
في مناسبة عيد العمال العالمي الأول من أيار، احتشدت أعداد من عمال الرعاية الصحية والنقل العام والتكنولوجيا إلى جانب مقدمي الرعاية وغيرهم من التابعين إلى شركة أمازون التجارية الأمريكية، في تظاهرة احتجاجية خارج "مستودع أمازون" في "جزيرة ستاتن" بولاية نيويورك.
وطالب المحتجون بظروف عمل أفضل وأكثر أمانا لعمال المستودعات، معبرين عن قلقهم بشأن تعامل شركة أمازون مع الفيروس التاجي، وطبيعة الإجراءات المتبعة مع العمال، الذين يطالبون من جانبهم بمزيد من الإجراءات الوقائية.
كذلك خرج عمال شركات هول فودز وإنستا كرت وفيديكس وتارجت والمارت وشيبت، من مواقع عملهم، واحتشدوا في تظاهرات احتجاجية طالبوا فيها أصحاب العمل بتوفير حماية كافية للعاملين في الخطوط الأمامية، الذين يواجهون خطر فيروس كورونا بصورة مباشرة خلال عملهم.
أحدى منظمي الاحتجاج التضامني في "مستودع أمازون"، تري كوون، وهي ممرضة وعضو في "صوت اليسار"، قالت في حديث صحفي أن "جميع العمال الأساسيين الذين يقاتلون من أجل السلامة والحقوق في أماكن عملهم بشركات أمازون وسميثفيلد وإنستا كرت، فضلا عن عمال الرعاية الصحية والسجناء وطالبي اللجوء المحتجزين، هم خط الدفاع الأول الحقيقي ضد جائحة كورونا".
***********
من اسعاف المنتفضين
الى انقاذ المتضررين
طريق الشعب- خاص
ما ان بدأت الحكومة باجراءات قمع انتفاضة تشرين منذ لحظة انطلاقها في تشرين 2019 تواجدت المسعفة زينب القيسي في ساحة التحرير مع فريق من المتطوعين بصورة مستمرة حاملة معها الادوات الطبية لانقاذ المصابين وتحويل الحالات الحرجة الى سيارات الاسعاف المتواجدة بالقرب من مواقع المواجهة بين القوات الحكومية والمنتفضين.. واستغل احد الملثمين من هذه القوات هبوط الظلام ليصيبها بطلق ناري في احدى قدميها مما اضطرها لاجراء عملية جراحية عاجلة، ولم تكف زينب عن التواجد في ساحة الاعتصام اذ عادت بعد ايام معدودة من اجراء العملية الساحة مستعينة بالاصدقاء كونها لا تستطيع ترك الانتفاضة دون دعم.
ومع انتشار وباء كورونا في العراق نظمت زينب مع فريقها الطوعي حملة واسعة لتوزيع المساعدات العاجلة الى العوائل الفقيرة والكادحة في مختلف مناطق العراق، وتذكر زينب وهي موظفة حكومية انها وفريقها الطوعي استطاعوا الوصول الى الكثير من المواطنين الفقراء خلال فترة حظر التجول رافعين شعار " فكر بالفقير" مشيرة الى انهم بدأو بتوزيع 100 سلة في بداية الامر، الى ان وصل العدد الى 250 وجبة غذائية في اليوم الواحد.
واكدت زينب القيسي " انه ورغم التعب والارهاق وصعوبات الوصول الى الاماكن البعيدة الا ان فريقها لم يكل عن ايصال المساعدات الى مستحقيها، واضافت ان فريقنا الطوعي انتشر في مناطق كثيرة في بغداد واستطعنا الوصول الى المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود من خلال التواصل الاجتماعي، وكان فريقنا يبحث عن الايتام والارامل والمعوقين الذين يرسلون لنا طلباتهم لنقوم بدورنا بتجهيزها من سوق الشورجة.
وتؤكد القيسي عودتها لساحة التحرير حال انتهاء الجائحة لغرض مواصلة الانتفاضة مع زملائها الاخرين.
**********