العدد 151 السنة 85 الأربعاء 8 نيسان 2020

 

تصفح بي دي اف

 

 

 


ص1
رائد فهمي:
على الحكومة توفير بدائل معيشية للمواطنين المتضررين من الحظر
دعا الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من عبء الازمة التي يعاني منها الفقراء والكادحون، جراء فرض حظر التجول الصحي.
وقال فهمي في تصريح صحفي، ان إجراءات خلية الازمة للحد من تفشي وباء كورونا، تأتي للحفاظ على سلامة المواطنين كافة وينبغي الالتزام بها. وحذّر من عواقب كسر حظر التجول على جهود مكافحة انتشار الوباء، خصوصا في المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية .
إلاّ انه بيّن أن الدوافع الى كسر الحظر يجب أن تجري معالجتها من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة كافة.
وانتقد فهمي الجهات الحكومية لعدم اتخاذها خطوات عملية حتى الآن، لتوفير بدائل معيشية لمن حرموا من العمل خلال فترة حظر التجول، لا سيما الاجراء اليوميون والكسبة وذوو الدخل المحدود. واشار إلى أن تجاهل أوضاع الشرائح المجتمعية الفقيرة، يدفع بها إلى التمرد على الإجراءات الوقائية، و يزيد من مخاطر الوضع الصحي في البلد.
واوضح أن جميع دول العالم التي تواجه خطر الوباء، والتي فرضت الحجر المنزلي على مواطنيها، قامت بتحمل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن ذلك، بما فيها صرف إعانات مالية الى من خسروا فرص العمل.
واكد رائد فهمي أن الحكومة لن تنجح في السيطرة على الوباء من دون توفير البدائل المعيشية اللائقة للمواطنين المتضررين، وان التلكؤ في ذلك سيؤدي الى عواقب خطيرة على المجتمع .
*************
كتب المحرر السياسي:
التغيير مطلب تفرضه ارادة الشعب

يواجه شعبنا تحديات جمة، تتسع وتتعمق مع استمرار حالة الاستعصاء السياسي والتأخر في تشكيل الحكومة الموقتة، وعبث بعض القوى والكتل السياسية او لاأباليتها، وتفشي وباء كورونا، والانخفاض المقلق للموارد المالية جراء انخفاض أسعار النفط عالميا وحالة الركود في الاقتصاد العالمي.
وتأتي المماطلة والتسويف، وتشبث قوى عديدة بالمحاصصة، وتغليبها المصالح الخاصة وتغييبها الاعتبارات الوطنية، وبعضها يتناغم في ذلك مع اجندات خارجية، لتؤكد من جديد سلامة وصحة الشعارات التي رفعتها الانتفاضة وقوى وطنية وديمقراطية بينها حزبنا، ودعت فيها إلى التغيير الشامل لمنظومة حكم المحاصصة نحو دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، التغيير الذي ينبغي أن يشمل أسس ومنهج الحكم ونمط التفكير وطريقة إدارة البلد.
فالتطورات الأخيرة تؤشر التباينات الكبيرة في الأولويات بين الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا، والقوى المنكفئة على مصالحها الأنانية الضيقة، غيرعابئة بما يمر به الوطن من مآسٍ وكوارث ونكبات، ومن مأزق اقتصادي ومعيشي يطحن ملايين العراقيين .
وفي وقت تمس فيه الحاجة فيه الى الإسراع في تشكيل حكومة مؤقتة بصلاحيات كاملة، قادرة على التعامل مع الوضع القائم بكل تعقيداته وصعوباته، نرى تلك القوى منهمكة في البحث عن ذرائع ومبررات للحيلولة دون تحقيق ذلك، وهي بهذا شاءت ام ابت، تلحق ضررًا بالغًا بشعبنا الذي تمس حاجته هذه الأيام الى عون ودعم ومساندة لم تستطع الحكومة ومؤسسات الدولة تأمينها.
انهما حقًا عالمان متمايزان، الأول مستغرق في البحث عن مرشح لرئاسة مجلس الوزراء مستعد للتجاوب والانصياع لمطالبه وأجنداته، والرضوخ لما يريد ويشتهي هو ومن يدعمه، والآخر يبحث عمن يتبرع ماليا او ماديا ويجوب الشوارع حاملا سلال الغذاء الى بيوت فقراء الوطن وكادحيه، ليسد رمق من تقطعت بهم السبل. فيما لا تزال حكومة تصريف الأعمال ومؤسساتها ولجانها المختلفة تتخذ القرارات التي تبقى على الورق ، ولا تقدم على اجراء ملموس مباشر يدفع الضائقة عن المواطنين. فهي تبقى تجتمع وتوصي وتقرر ولا شيء يذكر يصل الى المواطن.
انهما عالمان، غالبية الشعب الساحقة المتضررة من جهة، ومن الجهة الأخرى أقلية حاكمة متنفذة مرفهة، تسعى لتأبيد امتازاتها بكل الطرق والوسائل، بما فيها التهديدات المبطنة والمكشوفة المصحوبة بقرقعة السلاح.
لقد سلّط وباء كارونا المزيد من الأضواء الكاشفة على مسؤولية منظومة القوى الحاكمة عن تبديد ثروات البلاد، وفشلها في بناء الدولة وإدارة شؤونها، مثلما ساهمت الهبّة التضامنية الواسعة وروح البذل والعطاء والتآزر التي تدفقت كالسيل الهادر من مختلف أوساط شعبنا، في تعزيز اللحمة الوطنية وفي رفع مستوى الوعي بحقيقة مواقف مختلف القوى والكتل السياسية. وتبقى العبرة في ان تمضي بذلك حتى نهاية المطاف، وان لا تلدغ من جحر مرتين، وان تعي جيدا كيف تحفظ مصالحها وتجني ثمار انتفاضتها وتحول دون الالتفاف عليها.
ان الأحزاب والقوى الحاكمة تسعى إلى اختزال الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، في آلية ترشيح هذا المكلف برئاسة الوزراء او ذاك، أو في رفض هذا الاسم وقبول ذاك، او اعتبار تشكيل الحكومة المؤقتة غاية المنى!
ابدا، فالمشكلة اكبر من هذا بكثير. انها قضية شعب يعاني ويتطلع الى تغيير يسقط منظومة المحاصصة والفساد ومعها كل الفاشلين والمرتشين، والإتيان ببديل يستحقه هذا الشعب، يؤمن له حياة كريمة آمنة ومستقرة، ومستقبلا وضاء وواعدا.
***************
في يوم الصحة العالمي
الشيوعي العراقي يحيي الكوادر الصحية والتمريضية
ويثمن دورها في مواجهة كورونا
حيا عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الدكتور سوران قحطان الكوادر الطبية والتمريضية وجميع العاملين في القطاع الصحي في العراق، على ما بذلوا ويبذلون من جهود كبيرة في مواجهة وباء كورونا، ودعا الى الاهتمام بهم وتقديم الدعم والإسناد لهم كي ينهضوا بمهمتهم الإنسانية على أفضل وجه.
وطالب الدكتور قحطان باتخاذ تدابير عاجلة للسيطرة على انتشار وباء كورونا المستجد، مشيرا الى ان العراق يعاني منذ سنين من اهمال كبير للقطاع الصحي.
واستطرد قحطان في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء، ان العراق بحاجة الى إجراءات سريعة في الميادين الصحية والاقتصادية وغيرها من اجل درء الوباء، مؤكدا الحاجة الماسة الى توفير مزيد من الإمكانيات لمواجهته وتبعاته، ومشددا على ضرورة اقدام الحكومة ومؤسسات الدولة كافة على التخفيف من تأثير الحظر الصحي على المواطنين، خاصة الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود.
وأوضح الدكتور قحطان ان قطاع الصحة في العراق يعاني منذ سنوات اهمالا واضحا، ويواجه محاولات لخصخصته. واضاف ان التجربة العملية تبين اليوم عواقب هذا التعامل، الذي يجب ان يتغير بزيادة حصة قطاع الصحة في الموازنة العامة السنوية، وبتوجه الدولة نحو توفير الخدمات الصحية الجيدة لجميع العراقيين مجانا.
من الجدير بالذكر ان هذا اليوم السابع من نيسان، هو اليوم العالمي للصحة، وقد خصصته منظمة الصحة العالمية للاحتفاء بالكوادر التمريضية، التي قامت وتقوم عندنا في العراق وفي العالم عموما، بجهود مشهودة لالحاق الهزيمة بوباء كورونا.

المركز الإعلامي
للحزب الشيوعي العراقي
٧ نيسان ٢٠٢٠
************
لا تنسوا قوت الناس !

لجنة الصحة والسلامة الوطنية، وخلية الازمة البرلمانية، ولجنة الامر الديواني رقم ٥٥ .. هذه كلها تتخذ قرارات وتقدم توصيات للسيطرة على وباء كورونا في بلادنا. وقد اتخذت بالفعل إجراءات وخطوات سلمية جرى تنفيذها بصورة او بأخرى. الا ان الجانب الاجتماعي وإعانة الناس، خاصة منهم المحتاجون بقي يراوح مكانه.
ورغم الحديث المتكرر عن تخصيص ٣٠ الف دينار وقيل ١٠٠ الف، لم يصل شيء الى أي مواطن يؤمّن قوته بكدحه اليومي. وحتى البطاقة التموينية التي قُدمت مقترحات كثيرة بشأنها، نفاجأ بتصريح لوزير التجارة "يبشر" فيه بعدم وجود تخصيصات كافية لها!
فلمن اذن موازنة الطوارئ؟ وماذا عن التبرعات السخية المعلنة والتي يجدر ان يخصص جزء منها لإعانة المحتاجين؟ فالمهمة الكبرى اليوم هي تخفيف الضائقة المعيشية للمواطنين، وذلك ما تتصدى له مبادرات أهلية ومجتمعية، تستحق التقدير والثناء.
ان مواجهة كورونا تتطلب السيرعلى رجلين: الصحية الوقائية، والثانية المتعلقة بإعانة الفقراء والكادحين ومحدودي الدخل.
فمتى يجري الالتفات الى هذا الجانب المهم والحساس؟
راصد الطريق
***************
ساحة التحرير لم تلفظ النفس الأخير
دعم الفقراء.. هل يحقق الشعب ما عجزت عنه الحكومة ؟
متابعة "طريق الشعب"
الصور ومقاطع الفيديو للمبادرات التطوعية في مساعدة العائلات الفقيرة، تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، من جهة تمنح الأمل، ومن جهة أخرى تطرح السؤال "هل يكفي ذلك؟".
وشباب تظاهرات أكتوبر، بين من ترك الساحات حفاظاً على الصحة العامة ومن بقي فيها حفاظاً على روح الثورة، ما زالوا في مقدمة المتطوعين لدعم الفقراء، وأكثرهم عمّال المياومة الذين فقدوا عملهم بسبب حظر التجوّل.
ومنذ بداية حظر التجوّل في عموم البلاد أواسط آذار الماضي، برزت حملات تطوعية عديدة من مؤسسات أهلية ومبادرات شبابية، أما الغائب الوحيد عن هذا كلّه كان الحكومة.
وحتى يوم الخميس الماضي، كانت أوّل توصيات من خلية الأزمة النيابية التي تشكلت بعد تسجيل العديد من الإصابات بفيروس كورونا المستجد في العراق، وجهتها للحكومة من شأنها "عدم استيفاء أجور الكهرباء للمواطنين لغاية هذا العام، وإنشاء حساب للتكافل الاجتماعي يشمل النواب والوزراء وجميع الدرجات الخاصة". ومن هذه التوصيات التي أطلقتها عبر بيانها حول أزمة جائحة كورونا " تأجيل تسديد القروض والمبالغ المستحقة بحق المقترضين من المصرف الزراعي (وزارة المالية)، وتأجيل تسديد القروض والمبالغ المستحقة لعام 2020 للفلاحين والمزارعين جراء اقتراضهم مبالغ لشراء المكائن والمعدات والمستلزمات الزراعية من الشركة العامة للتجهيزات الزراعية". وحسب البيان أكد وزير التخطيط على "إطلاق منحة عاجلة لكل فرد عراقي، وإمكانية دفع مبلغ 30 ألف دينار لعشرة ملايين مواطن لا يتقاضون أي راتب من الدولة وحسب البيانات المركزية المتوفرة لدى الوزارة" وقبل أيام نشط عراقيون أغلبهم من المشاركين في تظاهرات تشرين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حملة دامت أياماً تطالب الحكومة بصرف منحة طوارئ للفقراء والذين فقدوا أعمالهم بسبب حظر التجوّل.
واستخدم النشطاء وسم #اصرفوا_منحة_الطوارئ.
ومن الحملات التطوعية في بغداد وجنوبها لدعم الفقراء والمحتاجين، نتحدث عن آخرها، باسم "اكفل فقير"، وبرزت العديد من المنشورات تشجع وتدعو للتبرّع.
يقول الناشط في الحملة خالد القيسي "بعض القائمين على الحملة ميدانياً من شباب الثورة، كنّا كسبنا ثقة الناس في تلك المرحلة بدعم المتظاهرين في ساحة التحرير وغيرها من ساحات الاعتصام في مدن أخرى، لنكمل المسيرة اليوم في أزمة الكورونا".
ويوضح لـموقع "ارفع صوتك": "تستهدف حملتنا بالأساس عمّال المياومة الذين يفقدون قوت يومهم بمجرد توقفهم عن العمل، ونشرنا أرقام هواتف لأفراد يتولون جمع التبرعات وشراء المستلزمات الغذائية لهم". وينظم النشطاء التواصل بينهم من خلال مجموعة تضم نحو 200 من مختلف المحافظات، على تطبيق "تلغرام"، جميعهم نشطون في الأفكار والخطط وآليات التنفيذ.
وبسبب الجدل الذي أثارته صور وفيديوهات بعض المتبرعين، يقول القيسي إن فريقه لا ينشر صور الحملة بل يزوّد المتبرعين أنفسهم بها من أجل المصداقية بين الطرفين.
علي القاضي، مواطن بغدادي استجاب لحملة "اكفل فقير" بقوله "لن أكفل واحداً فقط بل مئة".
وعن ذلك يقول: "لست وحدي من استجاب، تقريباً كل سكان الحي الذي أقطنه والأحياء المجاورة ويعتبرون من ميسوري الحال، وقمت بذلك مع اثنين من أقاربي".
كيف وصلت إلى أصحاب الحاجة؟ يقول القاضي "ليس من الصعب إيجادهم، فهم إما متسوّلون على الطرقات أو من سكان بيوت الصفيح والبيوت الطينيّة، في قلب العاصمة بغداد".
لماذا لم تتواصل مع نشطاء بعينهم في هذه الحملة؟ يقول القاضي "أعلم بوجود عديد النشطاء أصحاب الثقة، لكنّي قررت الاستعجال والذهب مع أقربائي بنفسي".
وبسبب وجود ما يكفي من الطعام، حسب قوله، ركز القاضي على إمداد العائلات التي وصل إليها، بالأدوية التي تنقصهم.
"يُرثى لهم" بهذه العبارة يصف القاضي أحوال من قابلهم.

التحرير لم تلفظ النفس الأخير

إن كانت التظاهرات الأسبوعية أو التجمعات الكبيرة توقفت بحكم سيطرة الجائحة على مفاصل الأزمة داخل البلاد، فإن المتظاهرين ومناصريهم عن بعد، ما زالوا نشطين في مواقع التواصل الاجتماعي في قضايا سياسية واجتماعية عديدة، وبين كل آونة وأخرى يتداولون وسماً للتذكير بأهميّة التظاهرات واستمرارها، مثل #وعد_ترجع_الثورة. ومن ساحة التحرير، نهاتف الناشط منذ بداية أكتوبر 2019 في دعم المتظاهرين بالطعام، معمّر الزاخولي، وكان تحدث لنا في تقرير سابق عن مهامّه.
يقول الزاخولي لموقع "ارفع صوتك" إن عشرات المتظاهرين انتقلوا لمرحلة أخرى من التغيير في أزمة كورونا، حيث شكلّوا مجموعة "ذو الكفل" التي تتولّى متابعة جمع التبرعات وتوزيعها على الفقراء (السلات الغذائية) ومنهم يتولّى تعقيم وتعفير مبان رئيسية في بغداد. على الرغم من انتشار كورونا، لماذا البقاء في التحرير؟ يقول الزاخولي "يجب أن تستمر الثورة وتحقق أهدافها، إن خلت الساحة ماتت الثورة". ويوضح الآلية التي اتفق عليها المتظاهرون من خلال التنظيم بين التنسيقيات داخل الساحة وغيرها من الساحات في الناصرية وكربلاء.
يقول الزاخولي: "اتفقنا على تقليص العدد في الخيم بحيث لا يتجاوز ثلاثة أشخاص فقط، ويومياً تقوم فرقة خاصة بتعقيم وتعفير الخيم، بالإضافة إلى نشر الوعي بين المتبقّين على ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين".
وبسبب شح الدعم اليوم لساحة التحرير، يقول الزاخولي "ننفق من مالنا الشخصي على أنفسنا، دافعنا الوحيد إبقاء الثورة على قيد الحياة، والتخلّص من الأحزاب الفاسدة". يقول الزاخولي "الوعي باحتياطات الأمان نسبي ومتفاوت بين المتظاهرين، لكننّا نحاول جهدنا حماية أنفسنا من عدوى الفيروس".
+***************

ص2
6 إجراءات لتسهيل استيراد المواد الغذائية والمستلزمات الطبية

بغداد – طريق الشعب
قررت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية لمكافحة جائحة فيروس كورونا، اتخاذ 6 إجراءات لتسهيل استيراد المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.
وتضمنت وثيقة للامانة العامة لمجلس الوزراء شمول (مفردات البطاقة التموينية، والبقوليات الجافة بجميع انواعها، والحليب المجفف بانواعه، والمعجنات الجافة، والمواد الطبية، ومواد التعقيم والاجهزة والمستلزمات الطبية، والكمامات) بستة اجراءات جديدة، وهي: (تصفير الرسوم الكمركية، تخفيض عمولات فتح الاعتماد بنسبة 50% من المصرف العراقي للتجارة، اعتماد التسهيلات التي اصدرها البنك المركزي بشان تعزيز الارصدة، تتولى هياة المنافذ الحدودية ضمان تواجد الجهات الفاحصة بالمنافذ لضمان تسهيل اجراءات دخول المواد، تتولى ملحقياتنا التجارية وسفاراتنا في دول الشحن مساعدة المستوردين وانجاز متطلبات الشحن عبر الوسائل الالكتورنية، اعتماد الوثائق والمستندات عبر الانترنت.
************
كل خميس...
كورونا تكرس
أولوية الصحة

الصحة كما تعرّفها منظمة الصحة العالمية هي "حالة من إكتمال السلامة بدَنيا وعقليا وإجتماعيا، لا مجرد إنعدام المرض أو العجز."
وكانت الصحة ولا تزال عنوان صراع طرفه الأول اليسار بتنوع اتجاهاته، والذي تتضمن برامجه بنودا تتعلق بصحة الانسان ورعايته وطبابته، باعتبارها حقا من الحقوق الأساسية للإنسان، وتقع ضمن مستلزمات الكرامة الإنسانية. والطرف الثاني هو جشع الرأسماليين الذين يتاجرون بكل شيء، بما فيها الصحة التي يحولونها الى سلعة للاستثمار بهدف الربح. 

وقد وضع فيروس كورونا موضوع الصحة العامة من جديد في مقدمة الصراع الفكري والسياسي. حيث ان عدم اكتراث بعض حكومات الأنظمة الرأسمالية في تعاملها مع الوباء بداية الامر، وكأنها لا تعنيهم، حمّل شعوبهم وبلدانهم كلفا صحية واقتصادية واجتماعية كبيرة. كما كشف عن ازمة أخلاقية مروعة بعد افتضاح فشلهم واتضاح قصور منظوماتهم الصحية في مجابهة الجائحة.
وكان الارتباك هو الصفة الغالبة لقادتهم أمام الموت الجماعي الناجم عن نقص المستلزمات الطبية للعناية بمرضى الكورونا، وهو ما ينطبق على إدارة ترامب. والان نشهد امتحانا جديدا وعسيرا للقيم والمثل. فالديمقراطية الحقّة لا تمارس، فعلاً، إلاّ حين يكون الناس في مأمن من مخاطر الفقر والمرض والبطالة. وان دفع العولمة كي تنحاز بشكل مطلق للأغنياء، أمر يعمّق التوترات الاجتماعية والسياسية في مختلف بلدان العالم، ويهدد الاستقرار ويعيق السلام المجتمعي. بكلمة أخرى ان الكفاح من أجل الرعاية الصحية ولتوفير بيئة صالحة للعيش، هو جزء من الصراع الطبقي. وفي الخلاصة لا يمكن ترك حاجات الانسان الأساسية، وفي مقدمتها الصحة، تحت رحمة السوق والربح.
ولم يكن بلدنا العراق خارج دائرة صراع المصالح على قضية الصحة، مصالح الطغمة الفاسدة وجميع حلفائها من طلاب المنافع الذاتية وذوي الأنانية الضيقة، ممن همهم جني المال والإستحواذ عليه بكل الطرق الممكنة حتى أكثرها دناءة. حيث انهم ذهبوا في مسعى خائب لخصخصة قطاع الصحة وسحب يد الدولة منه بشكل كامل، وهم بهذا ساروا أبعد من أساتذتهم مفكري هذه المدرسة وعناوين جشعها. لكن محاولاتهم لم تمر كلها، إذ قابلتهم من الجهة الأخرى القوى المدنية التي ترتكز نظرتها الى الديمقراطية على قاعدة العدالة الأجتماعية، ومعها الإرث الغني لليسار العراقي الذي أرسى ثقافة تاريخية في هذا الشأن، واضعا الطبابة المجانية والاهتمام بالصحة العامة ضمن الحقوق الاصيلة غير القابلة للمساس والمساومة، وقد خيضت من اجلها معارك فكرية وسياسية ومطلبية كثيرة.
والمتابع لبرنامج الحزب الشيوعي العراقي وتوجهاته يكتشف دون عناء، الأهتمام الكبير بصحة الانسان والمجتمع. حيث لم يخل هذا البرنامج منذ المؤتمر الأول للحزب منتصف اربعينات القرن الماضي حتى المؤتمر العاشر قبل حوالي اربع سنوات، من فقرة خاصة بالصحة، واخرى هي السادسة في باب الضمانات الاجتماعية تنص على " بناء شبكة ضمانات صحية ذات طابع اجتماعي، من خلال تأمين الرعاية الصحية المجانية للمواطنين، الوقائية والعلاجية، والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، وتوسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات الحكومية في المدينة والريف."
وهذه الفقرة هي الدليل على ما نقول، فالصحة عند اليسار هي واحد من اعمدة الكرامة الإنسانية.

جاسم الحلفي
********************
مع استمرار غياب الدعم الحكومي
غابت الحلول.. وتفاقمت المشكلات
طريق الشعب – خاص
ترصد "طريق الشعب" معاناة الناس ومشاكلهم خلال فترة حظر التجوال، والاجراءات المتخذة من جانب الجهات الحكومية للتخفيف من الازمة خصوصاً للمواطنين محدودي الدخل.
فالانباء الواردة من مراسلي "طريق الشعب" في عموم المحافظات، تشير إلى استمرار شريحة واسعة من المواطنين الكادحين والكسبة وعوائلهم، رغم التصريحات الكثيرة التي اطلقت من جانب المسؤولين والتي وعدت بتخفيف اعباء الازمة.
ففي كركوك أكد مراسل "طريق الشعب" انه لاحظ استمرار خرق حظر التجوال، مع استياء كبير من قبل اصحاب الدخل اليومي لغياب الاجراءات الملموسة لتقديم المساعدات لهم.
وقال المواطن عادل محمود وهو عامل بأجر يومي: اتعجب من الذين ينادون بالهدوء ويرفعون شعار خليك بالبيت، هذا الشعار يرفعه اصحاب الرواتب العالية كونهم غير متضررين من هذا الوضع حتى وان استمر الحظر ثلاثة اشهر.
المواطن ابو حسين في منطقة ١ اذار بمحافظة كركوك، وهو يعمل سائق سيارة اجرة وأب لطفلين، قال: اذا استمر الوضع كما هو الحال ستحل الكارثة، ما ذنب هؤلاء الاطفال الذين تعودوا على اشياء لا يمكن تعويضها هذه الفترة بسبب الحظر.
وفي واسط، ينقل مراسل "طريق الشعب" معاناة مجموعة من المواطنين (سائق تكسي وعامل و سائق ستوتة) وتأثرهم بقرار حظر التجول كونهم لديهم التزامات معيشية، وايجارات نهاية كل شهر.
ويطالب المواطنون بدراسة أوضاع الناس المعاشية، واتخاذ بدائل لا اصحاب الاعمال اليومية، معربين عن مخاوفهم من نفاذ صبر الناس وكسر الحظر وحصول كارثة في تفشي وباء كورونا.
وعن دور رجال الشرطة في متابعة اجراءات حظر التجوال ذكر مدير شرطة بهرز في محافظة ديالى، العميد مهند الباوي اتخاذ عدد من الاجراءات لتسهيل نقل المواد الغذائية والفواكه والخضر الى المحلات لتبضع المواطنين حسب توقيتات محددة امدها ثلاث ساعات في اليوم، اما بالنسبة للمخابز والافران والصيدليات فأنها تبقى مفتوحة طيلة اليوم وهناك متابعة يومية من قبل مفارز الشرطة لمراقبة الاسعار وعدم التلاعب بها من قبل البعض. وضمن مبادرة التكافل والتراحم قام ضباط ومنتسبي شرطة بهرز بالتبرع بجزء من رواتبهم لتقديم سلة غذائية الى العوائل المحتاجة بلغت اكثر من ٢٠٠ سلة غذائية واضاف المقدم نجم عبدالله عن دور مفارز الشرطة بمساعدة الحالات الانسانية التي تستوجب السماح للمركبات بالعبور من نقاط التفتيش ونقل بعض الحالات المرضية بسيارات الشرطة داعيا الجميع الى الالتزام باجراءات الحظر.
وفي النجف يقول طيف رعد العامل باجر يومي، أن فرض خطة استثنائية واعلان حظر التجول دون سابق انذار سبب لنا الكثير من المعاناة خصوصا ونحن نعمل بشكل يومي. لذا نطالب الحكومة بايجاد حلول لنا منها توفير رواتب للعمال وايضا عدم انهاء العقود للعمال المتعاقدين مع الدوائر الحكومية خصوصا وأنها عقود رسمية.
يذكر ان حملات تبرع واسعة نظمها مواطنون ونشطاء مدنيون انطلقت لمساعدة ذوي الدخول المحدودة خلال فترة حظر التجول، لكنها لن تفي بالغرض في حال استمرت الازمة بدون تدخل حكومي وايجاد معالجات حقيقة لدرئها.

*************
الحزب الديمقراطي الكردستاني يهنئ بالذكرى الـ 86
السادة سكرتير واعضاء اللجنتين المركزيتين للحزبين الشيوعیین العراقي والكردستاني

بمناسبة الذكرى السنوية (86) لتاسیس الحزب الشيوعي العراقي نقدم احر التهاني لقيادتي الحزبين الشيوعيين العراقي والكردستاني وكوادر واعضاء واصدقاء الحزبين المناضلين، آملين ان تكونوا دائما في تطور ونجاح في الكفاح المستمر من اجل تحقيق كافة الاهداف المشروعة للشعوب العراقية والحقوق الوطنية والديمقراطية وبناء مستقبل آمن وسعيد للشعوب والقوميات العراقية كافة.
الحزب الشيوعي واحد من الاحزاب الاصيلة وكان علی مدار كفاحه السياسي والتاريخي مدافعا مخلصا عن الحقوق المشروعة للجماهير والمضطهدين. ولعب دورا فعالا ومؤثرا جنب إلى جنب مع القوی والاطراف السياسية الاخری ضد الأنظمة القمعية، وفي هذا السبيل قدم اعدادا من الشهداء، وهو يواصل مسيرته المعطاء الی يومنا هذا، انه موضع فخر لتاریخ النضال التحرري والديمقراطي في العراق.
اليوم يعيش العراق ظروف حساسة ومهمة وخصوصا تشكيل الحقبة الوزارية الجديدة للحكومة الفدرالية متزامنا مع مواجهة مخاطر فایروس كورونا. عليه لزاما وعلی عاتق كافة الاحزاب والاطراف السياسية المخلصة والديمقراطية توحيد مواقفها من اجل معالجة القضايا والمشاكل وتجاوز هذا الوضع العصيب. ولاشك ان هذا يتحقق عن طريق العمل علی تعزيز المؤسسات الدستورية وتثبيت اسس الديمقراطية وضمان المصالحة والاستقرار ووحدة صفوف المواطنين.
مرة اخری وبمناسبة الذكری السنوية 86 لتاسيس حزبكم المناضل نهنئكم ونتمنی ان تكون هذه فرصة اكبر لوحدة الصفوف والانسجام والأخوة بين الاحزاب والاطراف السياسية. مرة اخری نشدد علی تحالفنا وصداقتنا القوية والتاريخية العريقة واصرارنا علی تعزیز المبادئ الحقيقية للكفاح والنضال المدني الديمقراطي لتحقيق اهدافنا المشتركة.
تحية الی ارواح شهداء طريق الحرية .

المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني
**********
من اجل عالم أكثر غنى وحرية وانفتاحاً
كاوه محمود*
تمر البشرية عشية مواجهتها لخطر فايروس كورونا المتجدد بمرحلة انتقالية حساسة لم تكن بدايتها منذ ظهور الفايروس وانتشاره عالمياً. فمنذ أكثر من عقدين تراكمت ظواهر سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة بشكل كمي على الصعيد العالمي كانت دائماً محط صراع بين قوى مهيمنة دوليا بالتعاون مع قوى سياسية على الصعيد الداخلي لمجموعة من الدول تعمل لتوجيه البشرية الى سياسات الانكفاء والحمائية وصراع الحضارات، والابتعاد عن المسؤولية المشتركة والقضايا الرئيسية التي تهم البشرية كمواجهة الفقر والتلوث والحفاظ على البيئة ومعالجة الهجرة، وبين قوى دولية ووطنية تؤكد على المسؤولية المشتركة عالمياً في مواجهة المخاطر والتحديات لتحقيق التنمية المشتركة. ويأتي توجه الحزب الشيوعي الصيني والمساهمات النظرية والعملية للرئيس شي جين بينغ حول بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، والـتأكيد على الفوز المشترك، وبناء طريق الحرير، والتأكيد على الحوكمة الدولية في كافة المجالات، ضمن المساعي والجهود التي تهدف الى حل التناقضات الأساسية على الصعيد الدولي، وما يتعلق بالصعيد الداخلي لمواجهة التناقضات الجديدة ومواجهة التحديات التي تواجه التنمية.
ساهم ظهور الفايروس الجانح على البشرية في تعرية تلك القوى المناهضة للمسؤولية العالمية المشتركة وبدأت التناقضات الموجودة في العالم تظهر أمام الرأي العام العالمي بشكل فاقع. وبدا العالم يتساءل عن سبب عجز بعض الحكومات التي كانت تعتبر بلدانها مركزا للحضارة العالمية في مواجهة المخاطر وعدم تحركها في تقديم المساعدات، وتوجهها للانكفاء على الذات والانعزال وعدم الجدية في اتخاذ الإجراءات الصحية الوقائية الضرورية واتخاذ طريق التعامل مع المخاطر والكوارث وفق آليات السوق المنفلتة بعيدا عن تخصيص الموارد المالية الضرورية لمواجهة المخاطر المحدقة.
تدعو اللوحة الجديدة للتناقضات الموجودة على البحث الجدي في تحديد معالمها وتجلياتها ضمن مسار جديد ومرحلة جديدة غير منفصلة عن سابقتها من حيث العوامل المؤثرة عليها من أجل رسم المعالم الأساسية للصراع الدائر والمهام الملقاة على كافة القوى التي يهمها المجتمع الرغيد والفوز المشترك والمصير المشترك للبشرية.
تشير اللوحة الجديدة بأن القوى اليمينية والمحافظة التي تهرب من المسؤولية المشتركة وتربط مصير البشرية بآليات الليبرالية الجديدة واقتصاد السوق المنفلت والاكتفاء بمفهوم الدولة الحارسة وحصر مفهوم الأمن بالجانب العسكري فقط بعيدا عن الأمن الصحي والحوكمة الدولية في كافة المجالات، لا تزال تستخدم الحجج البالية والمنطق المشوش لخلق وعي اجتماعي زائف مبني على عاملين أساسيين. الأول خطاب الكراهية والذي بدا واضحا من التوجهات الإعلامية لهذه القوى وهدفها صياغة توجه عالمي للانعزال عن الصين التي كانت أول ضحية للفايروس الجانح، وصولاً إلى استخدام ترامب تعبير الفايروس الصيني بدلاً من فايروس كورونا، والأمنية بحدوث كارثة إنسانية كبيرة في الصين وانتهاء النظام الصحي فيها، وتراجعها في مجال النمو الاقتصادي. والتوجه نحو عزلها عن المحيط الدولي. وانعكس خطاب الكراهية في توظيف خطابات دينية وخاصة في الشرق الأوسط وتوجيه المجموعات السياسية الدينية بنعوت الكراهية ضد الشعب الصيني.
ويأتي الخطاب الشعبوي كعامل ثان متمم لخطاب الكراهية عبر نشر الأخبار الكاذبة المبنية على نظرية المؤامرة ومسؤولية الحكومة الصينية في نشر الوباء.
و لم تتخل القوى اليمينية عن أسلحتها الأيديولوجية القديمة في نشر المخاوف حول تدخل الدولة والقيام بمسؤولياتها في الحفاظ على الصحة العامة عبر الحديث عن وجهة تدخل الدولة وفرض الإجراءات الاستثنائية والتي تعني العودة إلى نموذج الدولة الشمولية مما يشكل خطرا على حقوق الإنسان.
ويبدو ان التعامل الدولي المختلف مع الوباء منذ ظهوره، أبرز للعالم تناقضات جدية كانت موجودة قبل بداية عام 2020، غير أن تداعيات التعامل وتشخيص الحالات والظواهر ودراستها لا تزال عملية في قيد الصيرورة وهي تترافق مع سعي البشرية لمواجهة الوباء وسوف تُثار تساؤلات عديدة لما بعد السيطرة عليه والتخلص من مخاوفه.
وارى أن على كافة الأحزاب اليسارية والتقدمية والمجاميع التي تأخذ بنظر الاعتبار المصير المشترك للبشرية المساهمة أولاً ضمن حدودها الوطنية في ابتكار الوسائل البناءة للحد من المخاطر وتقليل الخسائر بالاستفادة من النجاحات التي حققتها التجربة الصينية في التعامل مع الوباء، وتبادل الخبر والتجارب الناجحة، والعمل من أجل دراسة التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الصعيد الوطني وما يتعلق بالمسؤولية الدولية وإمكانية تحقيقها.
إن بلورة ما يمكن أن يكون عليه الوضع الجديد يتطلب الإشارة إلى النقاط التالية بغية المشاركة الجادة فيها واستمرار البحث بشأنها:
ـــ إن التناقضات الحالية تعبير عن عمق أزمة النظام الرأسمالي الحالي وأزماتها الدورية، والتساؤل الكبير هو حول إشكالية الحداثة الرأسمالية والعدمية المرافقة لوجهة ما بعد الحداثة. إن الوضع الحالي ليس نهاية التاريخ، كما ان الرأسمالية بنمطها الليبرالي الجديد لا تستطيع تجديد نفسها، ويتطلب الأمر الجهد النظري والعملي لصياغة مفهوم جديد للحداثة لا يتقاطع مع انجازاتها، ولكن تعالج اشكالياتها وفق حداثة اشتراكية مبنية على التجديد المستمر في طرائق العمل من أجل العيش الرغيد والفوز المشترك والمصير المشترك للبشرية وايجاد الاجابة المقتعة والعملية حول الاسئلة الملحة التي تطرحها الحياة وخاصة ما يتعلق بالحفاظ على البيئة ومعالجة مشكلة الفقر والهجرة.
ـــ هناك تساؤل كبير حول جدوى النظام العالمي الحالي والأجهزة الدولية الموجودة في الوقت الحاضر. لقد حدث خلل كبير في التوازن الدولي. إن هذا الخلل موجود قبل انتشار الوباء ولكن ما جرى ساهم في توضيح الخلل وعدم التوازن، والحديث عن فشل نظام القطبية الواحدة (أمريكا ــ أوروبا) في قيادة العالم والذي لا يزال مبنيا على أساس المركزانية الأوروبية. إن ما يتطلبه العالم هو بناء نظام عالمي جديد ونماذج أكثر أمنا وضماناً للتعاون المشترك.
ـــ خلقت الحالة الجديدة الناتجة عن موقف عدم المبالاة تجاه ما حصل في ايطاليا وعدم تقديم المساعدات من الاتحاد الأوروبي لها، وخروج بريطانيا من الاتحاد من قبل، ومواقف الاتحاد الاوروبي السابقة حول الصراعات الجارية في الشرق الأوسط، التساؤل حول مصير الاتحاد الأوروبي أو فعاليته العملية.
ــ توقع أزمة اقتصادية أكثر خطورة من الأزمة المالية 2008 ، نتيجة ضعف القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، بسبب ضعف هيكل القوى العالمية للاقتصاد، ووقف عمليات التصنيع العالمي والتجارة العالمية من جهة، وانخفاض سعر النفط من الجهة الأخرى. وسوف تؤثر هذه الأزمة الاقتصادية بشكل كبير على الطبقة العاملة وسائر الكادحين والفئات المهمشة تحديدا، وخاصة في البلدان النامية. ومن المتوقع حدوث حملة جديدة من الفعاليات الاحتجاجية للفئات المهمشة بعد انقشاع غيمة الخطر الفايروسي.
ـــ ازدياد الصراع الدائر بين القوى الداعية إلى عولمة مبنية على أساس المصير المشترك للبشرية وتحقيق المجتمع الرغيد من خلال الفوز المشترك، والتمسك بالحوكمة الدولية في كافة المجالات بما في ذلك حوكمة الصحة العالمية، وخاصة بعد فشل السياسات الصحية في دول الاتحاد الأوروبي بسبب إخضاعها لآليات اقتصاد السوق المنفلت، وبين القوى التي تدعو إلى الحمائية والانعزال والانكفاء والاكتفاء الذاتي والنأي عن المناقشة أو المساهمة في القضايا ذات الطابع الدولي كقضية الهجرة، والحفاظ على البيئة، والمسؤولية الدولية عن الصحة البشرية.
ــ أهمية التنمية المستدامة على صعيد الدولة الوطنية التي يجب أن تتخلى عن دور الدولة الحارسة، وتتدخل في التنمية وتقوم بوظائفها الاقتصادية والاجتماعية عبر توفير فرص العمل والاستثمار ومناهضة الفقر، وتضمن شكلا من أشكال الضمان الاجتماعي العام في مواجهة الكوارث والأوبئة، بما في ذلك أهمية التنمية في مجال الصحة العامة. وتخلق هذه الحالة تحديا كبيرا للدول الفاشلة وخاصة دول الشرق الأوسط التي تشهد إشكالية في بنية الدولة، ومنها العراق الذي يعتمد على الاقتصاد ألريعي في وقت يشهد سعر النفط هبوطاً حاداً.
ختاما... اننا نشهد مرحلة جديدة من التناقضات والصراعات على المستويين الوطني والدولي، ولا تزال التراكمات الكمية التي اشرنا إليها لم تتحول إلى تحولات نوعية. غير إننا نستطيع فعل ذلك عبر النضال الوطني والأممي لتفعيل قوة الروح الإنسانية ونجاحها في مواجهة الخطر، والنضال من أجل عالم أكثر غنى وأكثر حرية وأكثر انفتاحاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني – العراق
*******

ص3
الخبير الاقتصادي د. ماجد الصوري يتحدث لـ"طريق الشعب"
حول الازمة الاقتصادية والانهيارالنفطي وعواقبهما وسبل المعالجة
وعن الموازنة وانتهاكات الدستور وديون العراق واقتصاد السوق الاجتماعي وغيرها
بغداد – نورس حسن
اكد الخبير الاقتصادي د. ماجد الصوري ان الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لم تكن مفاجئة، بل وكانت متوقعة نظرا لسوء الإدارة الاقتصادية والمالية في البلاد، وبسبب تغييب الرؤية الواقعية الى التنمية الاقتصادية والمجتمعية بشكل عام، من طرف الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003.
وقال الصوري في حديث لـ "طريق الشعب" ان انخفاض اسعار النفط لا يرتبط بتفشي فيروس كورونا فحسب، "فقد سبقه صراع اقتصادي كبير بين الولايات المتحدة والصين بالدرجة الاولى، ادى الى تباطؤ في الانتاج العالمي، خصوصا لدى الصين والدول الاوربية، نجم عنه تضاءل الطلب على النفط". واضاف ان فيروس كورونا جاء فزاد الطين بلة، لاسيما بالنسبة للصين التي تعتبر محركا اساسيا للاقتصاد العالمي والنفطي بالذات. فقدانخفضت استيراداتها من النفط من حوالي 10 ملايين برميل يوميا في المعدل، الى ما يزيد قليلا على 3 ملايين برميل يوميا في شهر شباط 2020.
وفي نفس الوقت، وبسبب الصراع بين منتجي النفط الاساسيين: السعودية وروسيا والولايات المتحدة الامريكية، قامت السعودية بزيادة الانتاج من 10 ملايين برميل/ يوم، الى 12-13 مليون برميل/ يوم، مما زاد في تخمة المعروض من النفط في السوق العالمي، الى جانب اصرار الاخرين على رفض تخفيض الانتاج. وادى هذا الى انخفاض اسعار النفط بدرجة كبيرة، حتى وصل الى اعلى قليلا من20 دولارا. واشارت بعض التوقعات الى احتمال هبوطه الى 10 دولارات للبرميل.
واشار الصوري في حديثه الى ان انخفاض اسعار النفط أتاحا للصين والولايات المتحدة استغلال الفرصة لتعبئة مخازنهما الاستراتيجية والتجارية ( في الصين تستوعب حسب بعض التقديرات 1،5 مليار برميل، وفي امريكا 750 مليون برميل)، مما قد يؤدي الى ارتفاع نسبي في اسعار النفط لفترة محدودة. وفي نفس الوقت قامت الصين بشراء اسهم الشركات الاجنبية العاملة في الصين وبقية دول العالم، مستثمرة انخفاض اسعار اسهمها بفعل الازمة الاقتصادية التي تزداد حدة نتيجة الاوضاع المستجدة.

العراق والنفط والعائدات

وأشار الصوري الى ان العراق يُفترض ان يصدر حسب موازنة 2020 غير المقرة حتى الآن، 3 ملايين و800 الف برميل يوميا بسعر 56 دولارا للبرميل. "الا ان العراق لم يصل الى هذا المستوى في عام 2019، وكان اعلى رقم حققه هو 3 ملايين و600 الف برميل يوميا، اما معدل صادراته اليومية عام 2019 فبلغ نحو 3,350 مليون برميل يوميا".
وذكر د. الصوري ان انخفاض دولار واحد في سعر النفط يؤدي الى انخفاض الايرادات النفطية السنوية بمبلغ يتراوح بين 1,387 مليار دولار و1,223 دولار سنويا وذلك حسب حجم الصادرات: 3,800مليون برميل يوميا او3,350مليون برميل يوم. "ما يعنى ان انخفاض سعر النفط من 56 دولارا للبرميل الى 30 دولارا للبرميل، يؤدي الى انخفاض ايرادات العراق النفطية بحوالي 36 مليار دولار (نحو 43 ترليون دينار). فاذا أضفنا عجز الموازنة المثبت حاليا، وهو بحدود 48 ترليون دينار، فان مجموع عجز موازنة هذا العام سيزيد على 90 ترليون دينار".
اما اذا انخفضت كمية التصدير الى 3 ملايين برميل يوميا فقط، فان حجم الايرادات سينخفض بحوالي 45 مليار دولار (نحو 53 ترليون دينار - على اساس سعر التحويل الرسمي 1182 دينار للدولار)، اي ان عجز الموازنة سيرتفع الى اكثر من 100 ترليون دينار. "اما اذا انخفض سعر البرميل الى اقل من ذلك، وهو ما لا نتمناه، فان ذلك سيدفع العراق الى هاوية شديدة".
وفي الصدد اشار الخبير د. الصوري الى ان الحجم الكلي لموازنة 2020 يفترض ان يتراوح بين 150- 160 ترليون دينار، و"هذا يعني ان العجز سيعادل ثلثيها، وهو ما يخالف قانون الادارة المالية والدين العام، الذي يشدد على ان عجز الموازنة لا يمكن ان يزيد عن 3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، اي بحدود 6 الى 7,6 ترليون دينار، حسب السعر الثابت او السعر الجاري".
وتطرق د. الصوري الى الخسائر التي يتكبدها العراق بفعل الازمة الراهنة، فقال انها "جعلت عائداته المالية من تصدير النفط في ظل الظروف السائدة لا تتجاوز في افضل الاحوال مبلغ 38 ترليون دينار، وبذلك لن يستطيع العراق تغطية نصف الاحتياجات المالية للموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية" حسب المطلوب حاليا. كما اشار الى القرارات الاضافية التي اتخذها مجلس الوزراء المستقيل، والتي ادت الى زيادة نفقات تعويض الموظفين الى اكثرمن 70 ترليون دينار، وتساءل قائلا: "كيف سيتم تسديد هذا والواردات النفطية للموازنة لن تزيد على ما ذكرناه؟"
وزاد ان "غياب الرؤية في شأن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسوء ادارة الاموال، وعدم العدالة في توزيع واعادة توزيع الدخل، والانطلاق من مبدأ: اننا رزقنا بالثروة النفطية فلا داعي لتفعيل القطاعات الاخرى .. هذا مجتمعا ادخل العراق في مأزق اقتصادي يصعب الخروج منه، في ظل غياب الجدية في ميدان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتفشي الفساد".
ولفت الى النفقات الاضافية الطائلة تحت عنوان المخصصات والمنافع، التي تدفع الى اصحاب الدرجات الوظيفية العليا في الدولة، مشيرا الى ما تتقاضاه الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب وعموم ذوي الدرجات الخاصة واعضاء مجالس المحافظات. وان بعض الارقام يؤكد ان هذه المخصصات والمنافع تشكل 65 في المائة من اجمالي تعويضات الموظفين والرواتب.

اجراءات آنية واخرى متوسطة وطويلة الامد

وفي خصوص الاجراءات الآنية الممكن اتخاذها للتخفيف من حدة الازمة الراهنة، بيّن الخبير الصوري ان مخصصات الموظفين ومنافعهم تتراوح بين 40 و50 ترليون دينار، وان بالامكان توفير20 – 25 ترليونا منها اذا خفضنا المخصصات والمنافع الى النصف فقط، والمقصود مخصصات الموظفين من منصب معاون مدير عام فما فوق. لذلك من المفروض ان تتم اعادة النظر في سلم الرواتب والمخصصات والمنافع لضمان التوزيع العادل للاموال، وتخفيض ما لا يقل عن 30 الى 35 ترليون من هذه النفقات.
وفي مثل هذه الظروف المنفلتة يُتوقع ان يكون هناك اكثر من مليون شخص من الفضائيين، وعدد كبير من العاملين في الدولة ممن يتقاضون من 2 الى 5 رواتب شهريا. وقد كشف ديوان الرقابة المالية في احد تقاريره، بعد تدقيق جزء بسيط من دوائر الدولة، اكثر من عشرين الف حالة اشخاص ممن يتقاضون من 2 الى 5 رواتب شهريا. ومن المتوقع ان يؤدي القضاء على ظاهرة كهذه الى تخفيض الانفاق بنحو 10 ترليونات دينار اخرى.
وتابع الصوري ان هناك اجراءات متوسطة واخرى طويلة الاجل يمكن اتخاذها للتقليل من شدة الاعتماد على موارد تصدير النفط الخام، واشار في هذا الخصوص الى "اعادة تفعيل القطاعات الصناعية مثل البتروكيمياويات، التي تمتاز باسعارها المرتفعة، وكثافة الطلب عليها، وبوارداتها المالية التي تفوق واردات النفط، وهو ما انتبهت اليه السعودية وأستفادت منه. ولم تسع حكوماتنا المتعاقبة بعد عام 2003 الى استثماره، فتراجع العراق وراء السعودية بمراحل كبيرة. كذلك المصافي التي أهملت اعادة تأهيلها كما اهمل التوسع في انتاج المشتقات النفطية لتغطية الاحتياجات المحلية وللتصدير، نتيجة سوء الادارة والمصالح الذاتية، ما فرض تخصيص 6 مليارات دولار لاستيراد البنزين والغاز فقط. في حين كانت هذه المبالغ تكفي لاعادة تأهيل الطاقات المتوفرة في المصافي والتوسع في الانتاج. هذا اضافة الى تطوير انتاج صناعة الاسمدة وصناعة الادوية وغيرها من المجالات الانتاجية التي يزخر بها العراق.
وفي السياق ذاته اشار الصوري الى خطوات ضرورية اخرى، مثل تفعيل مجلس الخدمة لاعادة هيكلة الوظائف في الدولة، وترشيق عدد الوزارات والعاملين في الجهاز الاداري.
وأضاف ان من المهم كذلك العمل على تهيئة البيئة اللازمة لتنمية القطاع الخاص ومشاريعه الصناعية الصغيرة والمتوسطة، التي تختلف المصادر المختلفة بشأن أعدادها. فهناك من يقول ان مجموعها 35 الف مشروع، وغيره يذكر رقم 45 الفأ، وثالث يؤكد ان عددها يتجاوز 60 الف مشروع. فهذه المصانع او المشاريع لو اخذناها بعددها الادنى لوجدنا انها تستطيع ان تتكفل باستقطاب اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، وزيادة واردات الدولة غير النفطية، وتقليل اعباء التوظيف، وتقليل استيراد السلع والخدمات، فضلا عن اعادة الحياة الى القطاع الخاص والقطاع الزراعي، بشرط توفير الدعم اللازم وتوفير الطاقة الكهربائية، والذي بدونه لا يمكن لعملية التنمية ان تتحقق. ومن اجل تخفيض نسبة البطالة والفقر لا بد من التوسع في نشاطات البنى التحتية ذات الكثافة الكبيرة في العمالة، وتنشيط جميع انواع السياحة في العراق.
موازنة اهداف لا بنود

وفي ما يخص الموازنة قال الصوري ان من الضروري "ان تُبنى على اساس الاهداف التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ولا تكون موازنة بنود". واوضح انه مثلما تتفق الآراءعلى استحالة استيعاب المؤسسات الحكومية جميع العاطلين عن العمل، فان ما نحتاجه حسب جميع الدلائل هو اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي يمنح الدولة دورا مهما في الادارة الاقتصادية بمشاركة القطاع الخاص.
وأشار الى ان هناك نواقص كبيرة جدا في ادارة الملف الاقتصادي في البلاد منذ عام 2003 وحتى الان، "وكثيرا ما جرى التنبيه اليها ولكن لا توجد آذان تصغي". وذكر ان من بينها عدم تطبيق الاستراتيجيات العديدة (16 إستراتيجية) التي وضعت من قبل خبراء اقتصاديين محليين وأجانب ومنظمات دولية، "فليست هناك جدية في تطبيق الدستور وتطبيق القوانين ولا في تطبيق الستراتيجيات والخطط".

خروقات دستورية

وبيّن الصوري "ان هناك مماطلة حتى في تطبيق الدستور والقوانين، خاصة في ما يتعلق باعداد الموازنات السنوية، التي بني اغلبها في السنوات السابقة على اساس عجز مالي. بينما المعلومات تقول ان اغلبها انتهت بفائض مالي، ولكن لم يعرف حتى الآن اين ذهب ذلك الفائض واين صرفت الاموال. والخلاصة هي ان "الحكومات لم تعمل وفق سياقات اقتصادية صحيحة في اعداد الموازنات، التي يفترض ان تكون واضحة الاهداف وذات مؤشرات اقتصادية متكاملة يتوجب اتباعها، وتحديد مسؤولية تنفيذها، وفي حال التخلف تجري محاسبة المقصرين وفق سياقات قانونية".
واكد الصوري ان الموازنة المقترحة بشكلها الحالي لا يمكن تنفيذها، نظرا الى عدم توفر الاموال، فيما تعجز الحكومة عن توفير هذه الاموال عن طريق زيادة الضرائب، نظرا الى تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتزايد نسبة الفقر والبطالة. كما ان من الصعب اللجوء الى الاقتراض مع تفشي الفساد الاداري والمالي في البلاد، وتردي الاوضاع الاقتصادية العالمية. يؤكد هذا ما حصل عليه العراق من وعود بمنح وقروض في مؤتمر المانحين في الكويت، زاد مجموعها على30 مليار دولار، لكنها لم تنفذ حتى الان بسبب الفساد السائد عندنا وغياب الثقة الدولية بالمسؤولين في الحكومة العراقية.
وخلص د. الصوري الى "ان نظامنا الاقتصادي بعمومه وليس فقط موازنة عام 2020 بحاجة الى اعادة هيكلية".

اموال هائلة دخلت العراق

واشار الى ان "ايرادات النفط التي دخلت العراق منذ عام 2003 حتى نهاية عام 2019 بلغ حجمها 930 مليار دولار، وهي مبالغ كفيلة ببناء دول. اما مجموع الموازنات الرسمية التي نشرت في الوقائع العراقية، عدا الموازنات التكميلية، فبلغ حجمها 1848 ترليون دينار، وهذه مبالغ طائلة. علما ان المبالغ التي دخلت الى العراق مع الواردات النفطية بلغت بحدود 1340 مليار دولار، بما فيها 60 مليارا من امريكا، و 18 مليارا من برنامج النفط مقابل الغذاء، اضافة الى الاموال المجمدة العائدة الى نظام صدام حسين، و مساعدات وقروض خارجية وداخلية ومنح وتسهيلات وعوائد غير نفطية. وكان يمكن بواسطتها جميعا بناء عراق يصل الى مصاف الدول المتطورة، وضمان حاضره ومستقبله ومستقبل اجياله!"

ديون العراق وقروضه

وتحدث الخبير الاقتصادي د. ماجد الصوري عن قروض وديون العراق فقال ان قروضه الداخلية بلغ رصيدها حتى منتصف العام الماضي 2019 بحدود 38 ترليون دينار. واوضح انها "مبالغ تم اقتراضها من المصارف الحكومية وغير الحكومية، وغيرها من صندوق التقاعد وصناديق شركات الائتمان، وتم تسييل قسم كبير منها عن طريق البنك المركزي العراقي".
وفيما يتعلق بالقروض الخارجية بيّن انه في عام 2004 كان بذمة العراق 51,6 مليار دولار من ديون نادي باريس، وبعد تخفيضها حسب الاتفاق بقي منها 6,978 مليار دولار، وبلغ رصيدها في اواسط عام 2019 حوالي 4.883 مليار. اما الديون من الدول خارج نادي باريس بما فيها ديون صغار الدائنين وكبارهم، وديون مختلفة العملات، فقد بلغت بحدود 29 مليار دولار، والمتبقي منها حتى الان بحدود 13,263مليار دولار، بما في ذلك المتبقي من تعويضات الكويت حسب قرار مجلس الامن. اما الديون " البغيضة" لدول الخليج وبعض الدول الاخرى والتي يبلغ حجمها بحدود 41 مليار دولار، فهي بشكل عام لا تدخل ضمن حسابات الديون المطلوب تسديدها، وانما تم احتسابها بسبب طلب صندوق النقد الدولي لحين تصفيتها بالتراضي مع الدول المعنية.
واشار د. ماجد الصوري الى انه " بلغ رصيد الديون الجديدة التي تم اقتراضها بعد عام 2003 من الدول والمنظمات الدولية ومن جهات يابانية وفرنسية، وسندات يورو، 13,353 مليار دولار. وبذلك فان اجمالي الديون القديمة والحديثة، عدا الديون البغيضة، لا يتجاوز حجمها 30في المائة من الناتج المحلي الاجمالي".
وفي خصوص خدمة الدين العام الداخلي والخارجي ذكر الصوري انها " بلغت عام 2018 بحدود 12 ترليون دينار، اما في عام 2019 فبلغت بحدود 10 ترليون دينار."
وشدد على ان "من واجب العراق في ظل الازمة الاقتصادية التي تثقل كاهله، ألا يقترض الا من اجل التنمية وليس لتغطية النفقات التشغيلية".

الضرائب والجمارك

وتطرق الخبير الصوري الى السياسة الضريبية، فأشار الى ان العراق يفتقر الى سياسة ضريبية غايتها اعادة توزيع الدخل بشكل عادل، وتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر اجراءات تتخذ من خلال الموازنة. ومن المفترض ان تعكس السياسة الضريبية في كل مرحلة من المراحل الاحتياجات الاقتصادية الملموسة للبلد. وفي مرحلتنا الحالية مثلا، يفترض زيادة الضرائب على الأمور الكمالية وان تقوم السياسة الضريبية بتخفيف العبء عن النشاطات المتعلقة بالصناعة والزراعة". واوضح ان جميع الدول تقوم بمساعدة المصدرين فيها، من اجل تخفيض التكاليف والاعباء عن السلع المصدرة، الا ان الحكومة العراقية لم تتمكن حتى الان من حل مشكلة الكهرباء والبنى التحتية الاخرى، التي تشكل عبئا كبيرا على تكلفة الانتاج المحلي في جميع مجالاته، وتجعله غير قادر على المنافسة لا في السوق المحلي ولا في السوق الخارجي.
وفي ما يتعلق بالتعرفة الجمركية، وهي ضرائب غير مباشرة، من الضروري جدا ضبط المنافذ الحدودية، من اجل حماية الانتاج المحلي وتحقيق الموارد المالية للدولة، خصوصا وان هناك اختلافا كبيرا جدا في الارقام الرسمية الخاصة بعملية الاستيراد. فالمصادر الدولية تذكر مثلا ان حجم استيرادات العراق عام 2013 بلغ بحدود 78 مليار دولار، بينما تفيد الاحصائيات المحلية ان قيمتها لا تتجاوز 52 مليارا. وهذا خلل ناجم عن عدم السيطرة على المنافذ الحدودية" التي تهيمن عليها عادة بعض الاحزاب السياسية وبعض العشائر المتنفذة.
واشار ايضا الى ما تشهده المنافذ من تهريب واسع للسلع المختلفة استيرادا وتصديرا، اضافة الى عدم الالتزام بالقرارات التي تصدرها الجهات الرسمية في ما يتعلق بالحد من او منع الاستيراد لبعض السلع، نظرا لقدرة الانتاج المحلي على تغطية الحاجة لها. واورد على سبيل المثال ما حدث سنة 2014 -2015 عندما صدر قرار بمنع استيراد الاسمنت. فبعد يومين من ذلك كان هناك من افصح عن حصوله على اجازة استيراد مليون طن من الاسمنت، ما يعني انه كانت هناك عملية فساد ناجمة عن عدم ضبط الحدود، وعدم غلقها في وجه المواد الممنوع استيرادها بالنظر الى توفرها محليا. " لذلك فان الضرائب وضبط المنافذ الحدودية هما جزء اساسي من عملية التنمية الاقتصادية في العراق".

اقتصاد السوق الاجتماعي

وفي شأن اقتصاد السوق الاجتماعي اشار د. الصوري الى ان الدستور العراقي يؤكد في كثير من بنوده الاقتصادية ان توجهه هو اقتصاد السوق الاجتماعي دون ذكر ذلك بشكل صريح. واضاف "ان البرنامج الحكومي لرئيس حكومة تصريف الاعمال الحالية كان قد ذكر اقتصاد السوق الاجتماعي بشكل صريح، واكد هذا التوجه عبر زيادة عدد الشركات المساهمة وتفعيل دور القطاع الخاص ودعم مساهمة الفرد في تأسيس الشركات، وبالتالي جذب الاموال الكبيرة المكتنزة لدى الافراد الى عملية الانتاج. ولكن حتى الآن لا تزال مساهمة الشركات ضعيفة جدا، وهو ما ينعكس في ضعف السوق العراقي للاوراق المالية. كما ان البرنامج اكد دور الدولة في تقديم الخدمات وتهيئة البيئة المناسبة لتفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة".
وبيّن د. الصوري ان الخطوة المطلوبة نحو اقتصاد السوق الاجتماعي لم تتحقق بسبب "عدم جدية النظرة الى هذا المنهج الاقتصادي، والدليل على ذلك اننا نفتقر حتى الآن الى خدمات الكهرباء والصحة والتعليم، فيما تنتشر عندنا الامية وتتفشى الامراض وتعيش بيننا 3 ملايين امرأة ارملة، وتصل نسبة الفقر حسب إحصائية وزارة التخطيط الى 25 بالمائة".
**********
من اجل استراتيجية اقتصادية رشيدة
ابراهيم المشهداني
مهما يكن شكل الاقتصاد في بلد ما فان الدولة – الحكومة هي المسؤولة بالدرجة الاساس عن رسم السياسة الاقتصادية للاقتصاد الكلي وتحديد حجم الانفاق العام وتحشيد الموارد الاقتصادية من مصادر مختلفة لتغطية الانفاق بنوعيه الجاري والاستثماري وكل ذلك لا يتوافر له النجاح دون وجود خطة استراتيجية رشيدة تأخذ في الاعتبار رسم سياسات الانتاج والسياسات المالية والنقدية في اطار جامع ومنسق. فهل نجحت حكوماتنا المتعاقبة في تحقيق هذا الهدف؟
ان المتابع الاقتصادي للسياسات الحكومية للفترة المنصرمة يكتشف ببساطة سذاجة هذه السياسات في تصرفاتها الاستهلاكية فيكتشف بوضوح انها تتصرف في رفع منحنى الاستهلاك كما يتصرف الفرد دون حساب صحيح فالاستهلاك الحكومي يزداد كلما حصلت زيادة في موارد النفط بعيدا عن الاقتصاد الكلي واشتراطاته ويعلل بعض الاقتصاديين هذا التصرف الى ان اصحاب القرار في الغالب ينظرون الى قراراتهم بتأثير سلوكهم الغرائزي دون الرجوع الى قوانين الاقتصاد ودراسة الواقع الاقتصادي وحاجاته، فهم على سبيل المثال ينطلقون في قراراتهم في ضوء وجود علاقة طردية بين ايرادات النفط وحجم الانفاق الحكومي والدليل على ذلك ان مساهمات الايرادات النفطية في الموازنات السنوية تشكل اكثر من من 90 في المائة اما المصادر الاخرى فلا تزيد في احسن الاحوال عن عشرة في المائة بصرف النظر عن المتغيرات الخارجية التي تؤثر على اسعار النفط وبالتالي حجم الايرادات النفطية المتحققة مما يؤدي في نهاية المطاف الى ان العجز في الموازنات السنوية يتناسب عكسيا مع هذا الانخفاض فتضطر الحكومة الى الاقتراض الداخلي او الخارجي لتغطية العجز .
ان التمسك بتلابيب السياسة الريعية على النحو الذي سارت عليه الحكومات السابقة وطريقة توزيع الموارد لا يمكن توصيفها الا بالسياسة الاقتصادية الطائشة كما لو كانت الموارد النفطية ملكية خاصة متجاهلة الحق الدستوري للشعب كما نصت المادة 111 من الدستور عبر تحويل تلك الموارد الى اموال سائبة وتوسعها المفرط في الانفاق الاستهلاكي الحكومي في جوانب مظهرية تغيب بشكل صارخ مبدا تحقيق العدالة الاجتماعية وتسبب هدرا في الموارد النفطية وانتاج طبقة بيروقراطية فاسدة ، وطبقة طفيلية انتهازية كنتيجة حاسمة والتحايل على الموازنات السنوية التي تذهب تخصيصاتها الى مشاريع وهمية لا قيمة اقتصادية لها ، بل تذهب في معظمها الى جيوب الفاسدين لتحويلها الى اداة لاحتكار السلطة والنفوذ ، قادت كنتيجة مباشرة الى ظهور 20 من حيتان الفساد يتولون تحويل سرقاتهم الى نوع من انواع الضريبة التي يدفعها المواطن بدون وجه حق وتمركز السلطة بيد هذه الطغمة .
ان تخطي هذا المنهج الحكومي الضار والذي ادى ليس فقط الى تدمير الاقتصاد وانما تغييرات طبقية متفاوتة بشكل واسع في الدخل وتمركز الاموال بيد طغمة مالية تتحكم بمواقع السلطة والنفوذ، يتطلب اتخاذ سياسات جديدة تعيد التوازن في البنية الاقتصادية والاجتماعية واحترام حقوق العراقيين كاملة في البرامج الحكومية واسهاما في تدعيم هذا التوجه. وفي هذا السياق نرى اتخاذ منظومة من الاجراءات منها :
• اتخاذ الاجراءات الضرورية للابتعاد عن الوقوع في فخ الضغوط الانكماشية والابتعاد عن فرض الضرائب والرسوم على المواطنين عند تعرض الاقتصاد الى ازمة انكماشية ومعالجة هذه الظاهرة عن طريق الانفاق الحكومي في حال انخفاض اسعار النفط وفي أوقات الكساد .
• ان التداعيات الاقتصادية التي يمر بها العراق في المرحلة الراهنة التي تزداد حراجة تستدعي انشاء صندوق سيادي خاص بالحفاظ على ايرادات النفط والتحوط للمستقبل يمول بجزء منها وفق نسبة مئوية وتشريع قانون خاص بالصندوق .
• حيث ان الفساد يشكل اخطر الامراض التي تصيب الاقتصاد والمجتمع بالصميم ما يتطلب حمايتهما من الفاسدين الموجودين في جهاز الدولة وخارجها عبر اجراء تغييرات هيكلية في منظومة الحكم والسعي الجاد لتفعيل القوانين الاقتصادية خاصة المتعلقة بالتراكم المالي وتحريك كافة القطاعات الاقتصادية وحماية المنتج المحلي ومنع الاحتكار وتحويل الدولة كمنتج وليس حارسا فقط مع تنشيط القطاع الخاص ومنع تهريب العملة الاجنبية وهروبها عبر اجراءات تحفيزية ملموسة .
*********

ص4
دعا إلى إعادة النظر في تدبير القطاعات الاجتماعية بالمغرب
بن عبدالله: جائحة كورونا فرصة لعودة اليسار بقوة إلى الواجهة
الرباط: اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض، أن جائحة فيروس كورونا المستجد التي تعصف بدول العالم وطريقة تدبيرها، تمثل فرصة أمام اليسار كتوجه سياسي عالمي للعودة بقوة إلى الواجهة.
أضاف بن عبد الله في فيديو بثه عبر الصفحة الرسمية لحزبه في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أن "تدبير جائحة كورونا، بين بأنه يتعيّن الرجوع إلى الأفكار التي كنا دائمًا نؤمن بها، والتي تضع مسؤوليات أساسية على الدولة الديمقراطية الاجتماعية".
تساءل بن عبد الله في كلمته المفتوحة لأعضاء حزبه بمناسبة إطلاق نقاش داخلي ومفتوح حول ما إذا كان "كنا في المغرب اليوم سنستمر في اعتبار الصحة والتعليم والقطاعات الاجتماعية عبئ على الدولة والمجتمع، أم إننا سنعتبر أن هذا هو أصل التنمية، وهذا هو الدور الأساسي الذي ينبغي أن تقوم به الدولة في إطار وظائفها الأساسية؟".
وأفاد بن عبد الله بأن التوجهات التي سارت في منحى "انسحاب الدولة من معظم وظائفها الأساسية وسيادة توجه الرأسمال والقطاع الخصوصي الذي يمكنه أن يوفر الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والطاقة والحفاظ على البيئة وغيرها من التحديات، بينت الأزمة التي يجتازها العالم اليوم عكس ذلك".
وأكد بن عبدالله بأن الهدف من إطلاق النقاش داخل حزب التقدم والاشتراكية هو "الإسهام في فتح الآفاق أمام وطننا وشعبنا ونساعد بلادنا على تجاوز المحنة وتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للتقدم"، لافتًا إلى أن هذه الجائحة جعلت الإنسان "مضطرًا للشروع في مراجعة ذاته ومجموعة من المسلمات والبديهيات".
زاد بن عبد الله مبينًا "يجب أن نطرح بعض الإشكالات والتساؤلات للاستئناس وهناك الكثير من التساؤلات، وهل صحيح أن البشرية كانت سائرة نحو إفناء نفسها بنفسها من خلال استنزاف ثروات كوكبنا وتلويثها، عبر الإمعان في استغلال الإنسان وتبضيع القيم وتقديس الفردانية وتركيز الخيرات في أيدي طبقات وبعض البلدان بعينها من دون استفادة الغالبية الساحقة من بلدان العالم خاصة الفئات المستضعفة".
وتساءل أمين عام حزب التقدم والاشتراكية حول "القدرات الحقيقية للنظام العالمي الحالي في تقديم الأجوبة الملائمة على تحديات التنمية ومكانة الإنسان فيها، وما هي الإصلاحات التي يتعين علينا أن ندخلها على الهيئات والمنظنات الأممية من أجل إقرار مبادئ السلم والأمن والتعاون بين الشعوب؟".
تساءل المتحدث نفسه حول المفاهيم الجديدة التي يمكن أن "نعطيها للسيادة الوطنية، وللاستقلال الوطني ، وإلى أي مدى استطاعت نماذج الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية أن توفرها بين عناصر حريات الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكذلك متطلبات الحفاظ على الطبيعة واستمرارية النوع البشري؟".
وأضاف بن عبد عبد الله في محاولة لإثارة عقول رفاقه وحثهم على البحث عن تقديم مقترحات وإجابات عن الواقع الذي يعيشه المغرب والعالم اليوم، حيث قال: "هل نجحت الأيديولوجيا الرأسمالية في صناعة الاستلاب الثقافي وقضت على القيم الجماعية أم إن هناك أمل في استعادة الإنسان لقيمة العيش المشترك؟، وكيف السبيل إلى التوفيق بين تطلعات الفرد وحرياته بين الحقوق الفردية والحريات الجماعية؟".
وتساءل بن عبد الله مع أعضاء حزبه حول الانتاج الاقتصادي وما إذا كان يخضع لمنطق "الحاجيات الحقيقية للإنسان أم لمنطق الربح فقط، وما يفضي إليه من استنزاف للبيئة والطبيعة والثروات".
بشأن الوضع الاقتصادي لبلاده، تساءل بن عبد الله "عن نموذج التصنيع الداخلي الذي يمكن أن يحدث الفارق في خلق مسار تنموي قوي ومستقل ليغنينا عن الاستيراد المفرط"، وقال "لماذا يتم اليوم الاستمرار في الاعتقاد بأن الفلاحة ينبغي أن تبقى موجهة للتصدير وليس هدفها الأساسي تلبية الحاجيات الداخلية وتبنى على أشكال جديدة لفلاحة تضامنية وليس بالضرورة أنها تكون موجهة للفقراء؟".
وشدد بن عبد الله على القول إن الأسئلة السياسية "هي المدخل وهي المخرج لأي مشروع نريده، وأي ديمقراطية نريد وأي مؤسسات سياسية وأي أحزاب سياسية واي ادوار ستمنح لها، وكيف يمكن تقوية الفضاء السياسي لأنه هو الذي يمكن أن يحمل أي توجه نريده اليوم وغدا".
مضى مبينًا أن دستور 2011 ينبغي التفكير في كيف يمكن أن "نبلوره ونجعل منه واقعا ملموسًا على مختلف المستويات؟"، مطالبًا أعضاء حزبه بضرورة التفكير في كيفية الرفع من "المستوى العام لشعبنا وحسه الفني والثقافي، ونؤهل الإنسان المغربي ليكون عنصرًا فاعلًا في المسار التنموي".
تساءل بن عبد الله عن سبيل إيقاف "نزيف الأدمغة التي تغادر البلاد ودور نظامنا التربوي والثقافي في بناء الشخصية الوطنية"، مؤكدا أن التطلع إلى المستقبل "لا يستقيم من دون تبوء البحث العلمي والمعرفة المكانة التي تستحقها".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيلاف المغرب
الجمعة 3 نيسان 2020
**************
عالم ما بعد الكورونا: الاشتراكية أو البربرية
حسن مصاروة
اذا كانت المزحة الطلابية الرائجة تقول: "الكُل يُصبح مؤمنًا في فترة الامتحانات" فانه يصح القول على سبيل المفارقة في ظل بعض التدابير التي تتخذها الدول الرأسمالية وبعض النقاشات العامة وحلول الطوارئ المطروحة لمواجهة وباء الكورونا: "الكٌل يصبح اشتراكيًا حينما تحل الكارثة".
جزء كبير من النقاش العام الذي دار حول الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي كان حول ركيزة برنامج بيرني ساندرز الأساسية وهي "رعاية صحية للجميع" في دولة يوجد فيها ملايين الناس لا يتمتعون بأي تأمين صحي ويضطر مئات الآلاف منهم للإفلاس لمجرد أنهم مرضوا ودخلوا المستشفى. منافسو ساندرز في الحزب الديمقراطي وفي الجمهوري أيضًا اعتبروا أن مقترحه هذا مستحيلًا وادّعوا-مذعورين على مصالح أسيادهم في شركات التأمين وصناعة الأدوية- أنه سيفلس الدولة. أسابيع قليلة من تفشي وباء الكورونا كانت كفيلة بأن تعلو الأصوات في كلا الحزبين بشبه اجماع عن ضرورة توفير الرعاية الصحية من علاج وفحوصات فيروس الكورونا للجميع مجانًا حتى مرور الأزمة، باتوا يدركون الآن أن أفضلية التأمين الصحي الخاص لا معنى لها في فترة انتشار وباء معدي، ما دام هناك شخص واحد غير مؤمن فان الكل في خطر.
نرى حاكم ولاية نيويورك، عاصمة الرأسمالية العالمية، يطالب الحكومة الفيدرالية بتأميم شركات المستلزمات الطبية، واجبار الشركات الخاصة بصنع أجهزة تنفس وأقنعة واقية، يقول: "انسوا حالياً حِزم إنقاذ شركات الطيران. أنقذوا الناس. أنقذوا المستشفيات. أنقذوا المدن والولايات والمقاطعات"، وتتجه السلطات الأميركية نحو احتمال ضخ حزمة إغاثية بقيمة مئات المليارات من الدولارات للسوق قد يُترجم جزءًا منها بمنح الأجور للمواطنين بينما يجلسون في المنزل بانتظار مرور الأزمة، وتمويل قطاعات عدّة، منها الأعمال الصغيرة. وفي بريطانيا أعلنت الحكومة عن تأميم القطارات مؤقتا ومن المتوقع أن تؤمم بقية المواصلات. وتقوم الحكومة الاسبانية بتأميم جميع المستشفيات الخاصة، ودول رأسمالية أخرى حول العالم تقوم بتدابير كان يُمكن لطبقتها الحاكمة أن تتهم في الأوضاع العادية من يدعو اليها بـ"الاشتراكية".
طبعًا ليس كل خطوات التأميم هي بدافع اخضاع هذه المرافق للمصلحة العامة من أجل تحقيق نجاعة أكبر في محاربة الوباء. تأميم المواصلات العامة في بريطانيا مثلًا الهدف الأساسي منه هو انقاذ المستثمر، حيث أن شركات المواصلات في هذه الأوقات خسرت كثيرًا وستتكبد خسائر أكبر مع تصاعد تفشي الوباء فتقوم الحكومة بتأميم الشركة وتتحمل الدولة الخسارة عن المستثمرين وحملة الأسهم على حساب المواطنين دافعي الضرائب لتعيد الشركة لمستثمريها بعد الأزمة وهذا ينطبق على ما أعلنه، وزير المالية الفرنسي على أن الحكومة مستعدة للّجوء إلى كافة السبل، ومن بينها "التأميم"، وذلك من أجل حماية الشركات الفرنسية المهددة بالإفلاس جراء تفشي الوباء. وهذا ينطبق على حزم الإنقاذ الفيدرالية التي يقدمها الرئيس الأمريكي لشركات أمريكية كبرى مثل شركات الطيران التي تتضرر في هذه الفترة بل وشركات المال الوهمي في وول-ستريت. لكن في كل الأحوال حتى هذا النوع من التأميم غير الاشتراكي هو بحد ذاته ضرب لفكرة الدولة النيوليبرالية التي لا تتدخل في السوق. لماذا لم تتركوا السوق الحُرة تحل أزماته بنفسه في هذا الوقت أليس هذا ما شبعتمونا أيدلوجيًا به على مدى عقود على أنها ميزته الأساسية ؟ لماذا لا تُترك "اليد الخفية" لتنقذنا جميعًا من هذه الكارثة؟
تعامل الدول الرأسمالية ومنظومتها النيوليبرالية يثبت مع تفشي الوباء فشلًا ذريعًا في قدرتها على الاحتواء وحماية المواطنين، وهذا ليس فشلًا آنيًا أو عرضيًا في المنظومة بل تراكم سنوات لنموذج تخلي الدولة عن دورها كراعية لمسائل التعليم والصحة والسكن والغذاء وتحولها لجهاز إداري مسؤول عن قضايا الدفاع والأمن وبعض الأوراق الإدارية، الدولة المستقيلة من صحة المواطن الدولة المتخلية عن واجباتها الصحية حيال مواطنيها، لفائدة رؤوس الأموال والمستثمرين في صحة المواطن، ولصالح منظومات مالية همّها الوحيد مراكمة المال من جيب المريض تجد نفسها عاجزة عن التعبئة الصحية والتجنيد الاحتياطي عندما تمر بها أزمة كبرى على غرار كورونا.
سياسات التقشف النيولبرالية وتبعاتها من إهمال منظومة الصحة على مر عقود هي ما أدت لمشاهد اليوم من انهيار أنظمة صحية بأكملها أمام الكورونا مع تزايد أعداد الإصابات، بسبب تجاوز سقف قدرات المستشفيات العامة من أعداد الأسرة والعناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي. تقاعس شركات الأدوية عن البحث حول عائلات الفيروسات المرشحة للظهور، لأن هذه الأبحاث لا تجد التمويل أو الدعم الكافي من ملاكي شركات الأدوية الكبرى أو حكوماتها.
وكذلك مسؤولية هذه المنظومة عن ظهور هذه الفيروسات اصلًا بسبب طبيعة عمليات الاستثمار الزراعي والحيواني في العالم، حيث تقوم الشركات الكبرى باحتكار الحيوانات من الحقول وصغار الفلاحين وانتزاعها من بيئتها الطبيعية لجمعها بأعداد كبيرة في مكان واحد لرعايتها ودراسة إمكانية تغيير بعض السلالات وتهجينها بالهندسة الوراثية. وعليه، لضمان تضخم أرباح الشركات مقابل أموال افقار للفلاحين، أدت في النهاية إمكانية دائمة لظهور الفيروسات التي تحولت بعد ذلك إلى أوبئة تصيب الآلاف. وما قد يحمله المُستقبل اذا استمر المنظومة الرأسمالية بأنماط انتاجها الربحية غير المسؤولة من فيروسات جديدة تنتقل من الحيوان إلى الانسان من الممكن أن تهدد البشرية أكثر بما لا يقاس من الوباء الذي نواجهه حاليًا.
ليس الهدف هنا بأي حال أن نقع في فخ تقديم نوع مشابه للمقاربة الدينية للأزمة، تلك التي تتعامل مع الوباء على انه عقاب رباني على "معاصي البشر" وأن حل البشرية وملجأها هو العودة "للدين القويم"، بواسطة استغلال الكارثة واستغلال ما يحصل لمجرد كشف بشاعة الرأسمالية واثبات الحاجة لنظام اشتراكي عالمي في استعارة علمانية للمنطق الديني الميتافيزقي بمقولة كامنة قد تبدو على هذا النحو: أن ما يحصل هو عقاب "التاريخ" للبشرية التي تخلت عن التشكيلات الاجتماعية الإنسانية التشاركية مقابل منظومة مراكمة الربح في يد القلة على حساب البشرية، وأن الحل يتمثل بالعودة إلى نوع معين من "الاشتراكية". لا فهذا مجرد كسل استخلاصي. وليس القصد أيضًا تقديم نوع من النظرة "التبشيرية" التي تستشرف أن هذه الكارثة والانهيارات الاقتصادية التي ستسببها ستؤدي بالضرورة إلى وصول البشرية إلى ضرورة تجاوز الرأسمالية وبناء نوع معين من الاشتراكية. كما يتأمل مثلُا الفيلسوف الاشتراكي سلافوي جيجك أن يؤدي انتشار عدوى الكورونا لانتشار عدوى أيديولوجية حميدة: التفكير بمجتمع بديل على أسس التضامن العالمي حيث أنه يعتقد أن كورونا يوجه ضربة للنظام الرأسمالي نفسه، فالتصدي للتهديدات المعولمة بطبعها لا يمكن أن يُترك لضرورات الأسواق، ومحدودية الحكومات المحلية، بل يطرح الحاجة لإجراءات أكثر فعالية، مثل إنشاء نظام رعاية صحية دولي، وإيجاد آليات للتحكم بالاقتصاد العالمي، خاصة في أوقات الأزمة. ما يعيد الاعتبار للمبدأ الشيوعي، "ليس بمعناه القديم، ولكن بمعنى إيجاد أشكال جديدة من التنظيم الاجتماعي والاقتصادي على مستوى كوني". لا ليس بهذه البساطة أيضا، لا أحد منا يستطيع أن يتوقع ماذا يمكن أن يحمله عالم ما بعد الكورونا، لكنه بالتأكيد لن يكون شبيهًا بأي شكل لعالم ما قبل الكورونا. ونعي جيدًا أن الطبقة الحاكمة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تحول لشكل جديد من التنظيم الاجتماعي الذي يهدد سلطتها بل ستحاول بالضرورة استغلال الأزمة لتعزيز سلطتها وتعويم منظومتها من جديد وربما نجد أنفسنا أمام واقع أكثر وحشية من الذي نعيشه اليوم.
يناقش الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو في كتابه "ولادة الطب السريري" أثر وباء الطاعون على تكوين السلطة السياسية في اوروبا، ويشير إلى أنه لا شيء ساهم في ظهور الوعي السياسي والسلطة السياسية مثل الوباء، حيث تصبح تجربة الموت تجربة جماعية، يشعر الناس جميعا بالمسؤولية تجاه أنفسهم ومدنهم وبلادهم. بالطبع فان الفجوات التي يُسبِّبها الموت بسبب الطاعون، التي حثت الناس لتهب اللإمساك بالسلطة وتتصارع مع عائلات ذات نفوذ ونخب ذات سطوة لا يسببها اليوم وباء أقل فتكًا بكثير مثل وباء الكورونا. لكن لا شك أن هذه التجربة الجماعية الغير مسبوقة في هذا القرن ستلقي بثقلها العظيم على الوعي السياسي والاجتماعي للبشرية، على كيف يدرك البشر طبيعة الدولة والسلطة والتركيبات الاجتماعية والمنظومة العالمية.
ان الهلع العام الذي يجره وباء الكورونا معه يُمكن أن يكون مدخلًا جديدًا لفرض سياسيات معينة ووعي انضباطي خطير من قبل السُلطة، وبتفويض شبه كامل من المحكومين الخائفين على سلامتهم. حالة الاستثناء والطوارئ فرصة مفضلة تاريخيًا على السلطة لتقليص حرية وحقوق المواطنين والحديث يدور هنا عن حالة طوارئ تستلزم التباعد الاجتماعي، أي افراغ الحيز العام، حيز التقاء الناس للتحاور والنقاش والمحاججة والاحتجاج بالطبع. ويمكن لهذا النموذج السلطوي في محاربة الوباء أن ينزلق إلى ما بعد الكورونا ليتحول إلى نموذج قابل للاستخدام مقابل أي وضع تروج له السُلطة على أنه وضع طوارئ. ولن يفوت اليمين الفرصة لتعميق خطابات الكراهية والعنصرية ضد الآخر وارهاب الأجانب، واستغلال طريقة انتشار الوباء العالمية لبث وعي "ضرورة اغلاق الحدود" وبناء الجدران والانعزالية، ما قد يلقي بثقله على طبيعة حياة المهاجرين واللاجئين والأقليات في تلك المجتمعات. الواقع الديستوبي لعالم ما بعد الكورونا مآل محتمل أيضًا.
بعد الانهيار الاقتصادي الأعظم في تاريخ الرأسمالية، الكساد العظيم في عام 1930 استطاعت الشعوب وطبقتها العاملة المنظمة التي تعيش في كنف الدول الرأسمالية في الولايات المتحدة والعالم الغربي في حينه أن تجبر النخب الحاكمة على تحويل الاقتصاد بصورة يحد من مراكمة الربح لصالح الطبقة الحاكمة ويقوم بموازنة معينة لمصلحة الطبقات العاملة والمسحوقة ليسود ما سمي بالاقتصاد "الكينزي" منذ الحرب العالمية الثانية -وحتى نهاية السبعينيات وتغول النيوليبرالية في حركة تاريخية لاستعادة الطبقة الحاكمة لسلطتها المطلقة-. وهو الاقتصاد الذي كان يسمى باقتصاد دولة الرفاه الرأسمالية التي تفرض ضرائب مرتفعة على الأغنياء والشركات وتقدم مستوى معينًا من الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وتدخل أكبر من الدولة في السوق لخلق موازنة معينة. لكن يجب أن نعي أن الاقتصاد في حينه لم يتحرك ببساطة إلى هذا المكان بمجرد الانهيار، بل استوجب هذا التحول وجود طبقة عاملة منظمة وواعية على حافة الثورة ونقابات عمالية متينة وقوية وذات تأثير كبير، وبالمقابل نموذج اشتراكي حاضر يلقي بثقله مثل الاتحاد السوفييتي الوليد يلهب العمال ويرعب الطبقة الرأسمالية التي وجدت نفسها مضطرة لأن تقدم نوع من المساومة حتى لا يكون مصيرها الزوال بفعل ثورة اشتراكية تلتهب تحت السطح.
ونعي جيدًا أن بعد الانهيارات الاقتصادية التي ستسببها الكورونا ليس هناك طبقة عاملة منظمة ولا نقابات عمالية متينة ولا نموذج اشتراكي قائم "مرعب". بعد الانهيار المالي الكبير في عام 2008 من دفع الثمن الأساسي وتحمل العبء الحقيقي للانهيار هي الطبقات المفقرة والمسحوقة وحينما تدخلت الدولة تدخلت لإنقاذ الشركات الرأسمالية الكبرى والبنوك، تلك ذاتها التي صنعت الأزمة وقادت إلى الانهيار. بالضبط كما يحصل اليوم من هرع الدول الرأسمالية لإنقاذ الشركات الكبرى ونحن لا نزال في صلب أزمة تهدد أساسًا أولئك الفقراء والمسحوقين الذين تتخلى الدولة عن حمايتهم. لكن أيضًا انهيار 2008 قاد إلى عقد صاخب من عودة السؤال الطبقي إلى الواجهة وانبثاق الحركات الاجتماعية التي تسائل طبيعة المنظومة الرأسمالية في جميع أنحاء العالم، ذلك العقد الذي بدأ بـ"احتلوا وول-ستريت" وانتهى بحركة السترات الصفر في فرنسا.. أما عقدنا هذا فيبدأ بوباء الكورونا فأي عقد "مثير للاهتمام" ينتظرنا؟
ناقشت الكاتبة والصحافية نعومي كلاين في كتابها الصادر عام 2007، "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث" كيف أن مثل هذه الكارثة التي نمر بها اليوم هي التي أدت في السابق الى ترسيخ النظام النيوليبرالي المتوحش الذي نعيش في كنفه حيث وصفت فيه تكتيكاً وحشياً ومتكرراً تقوم به الحكومات اليمينية والطبقة الرأسمالية الحاكمة، بعد حدثٍ صادم - حرب أو انقلاب أو هجوم إرهابي أو انهيار اقتصادي أو كارثة طبيعية -، يستغلون ارتباك الجمهور، ويعلقون الديمقراطية، ويدفعون من أجل سياسات سوق الحرة راديكالية تُثري الـ 1٪ على حساب الفقراء والطبقة الوسطى.
هذا التكتيك والنظام الذي قاده المحافظون الجدد وخريجي مدرسة شيكاغو الاقتصادية كان يدور بالأساس حول أفكار منظرهم الأعظم ميلتون فريدمان الذي قال: "الأزمة فقط - سواء كانت فعلية أو متصورة - هي ما يُنتِج تغييراً حقيقياً. وعندما تحدث تلك الأزمة، تعتمد الإجراءات التي تُتَخذ على الأفكار الموجودة حينها. وأعتقد أنّ هذه هي وظيفتنا الأساسية: تطوير بدائل للسياسات القائمة، إبقاؤها حية ومتاحة، حتى يصبح المستحيل سياسياً هو الحتمي سياسياً".
تعود نعومي كلاين اليوم في ظل أزمة الكورونا في مقال منشور لها مؤخرًا لتقول أن فريدمان كان مخطئًا بشأن الكثير من الأمور، لكنه كان محقًا في ذلك. في أوقات الأزمات، تصبح الأفكار التي تبدو مستحيلة فجأةً ممكنة. لكن أفكار من؟ أفكار حساسة، عادلة، مصممة للإبقاء على أكبر عدد ممكن من الناس في أمان وصحة؟ أم أفكار مفترسة، مصممة لزيادة من هم أثرياء بالفعل وبشكل لا يمكن تخيله ، مع ترك أكثر الفئات ضعفاً أكثر عرضة للخطر؟. تدعو كلاين لاستغلال الأزمة التي ستخلفها الكورونا لأن يأخذ اليسار والحركات الاجتماعية التقدمية زمام المبادرة وترسيخ أفكاره هو بخلق مجتمع أكثر إنسانية قائم على الاشتراكية وتقديم قيمة الانسان على الربح يضمن حياة متساوية وكريمة وصحية بالضرورة لكل البشر، هذا المجتمع الذي كان سيبدو فكرة مستحيلة قبل كارثة الكورونا يبدو اليوم فجأة فكرة ممكنة.
مع تفاقم الأزمة سترفض الطبقات الحاكمة التضحية بأي قسط من أرباحها مقابل سلامة البشر وستسمح للوباء بالانتشار أكثر والتدمير أكثر، ها هو ترامب يصرح أنه مستعجل لعودة العمل في الولايات المتحدة إلى طبيعته بأسرع وقت من أجل انقاذ الاقتصاد من الانهيار مع ما يحمله هذا من مخاطر تفاقم الانتشار وازدياد حالات الموت. وكل ما سينتج من انهيار سيحاولون تحميل عبئه الأساسي على ظهر الطبقات العاملة والمسحوقة. موجات كبيرة من البطالة والافقار والتقشف واذا ارادت الدول استعادة سيطرتها في ظل دمار كهذا سنرى أنفسنا أمام ايغال في آليات القمع والسلطوية، تلك الأساليب تعززها اليوم "ضرورة التغلب على الوباء".
علينا اليوم في مواجهة الكورونا ترسيخ مفهوم المسؤولية الجماعية، مفهوم التعاون الجماعي في مواجهة تحدي/ خطر/ ضرر يواجهنا جميعًا دون استثناء، ترسيخ مفهوم التضامن الشعبي لا كمجرد مثالية أخلاقية مجردة بل كممارسة عملية ناجعة، مفهوم الاهتمام بالآخرين لا كفكرة رومانسية بل كطريقة وحيدة لإنقاذ نفسك. فيما نتخذ تدابير الابتعاد الفيزيائي عن الآخر بواسطة العزل الاحترازي أو تجنب المصافحة مثلًا، نقترب أكثر إلى بعضنا الآخر على مستوى الوعي العام في تنسيق جماعي مسؤول منظم وواعي من أجل ضمان سلامة أنفسنا والآخرين. وفي مواجهة عالم ما بعد الكورونا علينا ترسيخ استشراف المفكرة روزا لوكسمبرغ الخالد، اليوم أكثر من أي وقت مضى: اما الاشتراكية واما البربرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من صفحة حزب الشعب الفلسطيني
*************

ص5
فشل الوباء في تأجيل الصراع الاجتماعي
تنوع اشكال الاحتجاج والتظاهر في زمن كورونا
رشيد غويلب
إذا كان حظر الاجتماعات والحركة الجماعية مبرر هذه الايام، لكونه اجراءا يحد من الوباء، فإن حرية التجمع تمثل حجر الزاوية في النظم الديمقراطية ووسيلة أساسية للتعبير ولتشكيل الإرادة. والسؤال لذي يطرح نفسه: كيف يمكن التعبير وتشكيل الإرادة في أوقات الطوارئ المستمرة؟ ما الأماكن وأشكال التعبير المتاحة؟ انظمة الطوارئ للكثير من الحكومات لا تقدم إجابة. وتعطي انطباع، بان هذه الحكومات ترحب بامكانية تجاوز الدمقراطية عادة ذلك من الاعراض الجانبية المصاحبة للوباءة.
وبالمقابل السؤال الذي يشغل بال الحركات الاجتماعية والاحتجاجية: كيف يمكن الاحتفاظ بضغط الشارع في اوقات حظر التجوال ومنع التجمع؟ ان المشاكل والصراعات الاجتماعية لم تنتهي بانتشار الوباء، والكثير من المشاكل الاجتماعية تفاقمت بفعل الأزمة. وهو ما يزيد من اهمية عدم دخول الحركات الاجتماعية الحجر الصحي، او اكتفائها بالاحتدام عبر فضاء الانتؤنيت.
تناقلت العديد من المواقع والصحف اليسارية اخبار استمرار الاحتجاجات باشكال واساليب جديدة، والاحتفاظ حثما امكن باشكال الاعتصام التي سادت العديد من البلدان قبل انتشار وباء كورونا المستجد، ومنها العراق. ويؤكد الواقع وبالملموس ان السلطات ومهما كانت عناصر القوة المتوفرة لها غير قادرة على توظيف ازمة الوباء لاحتواء وانهاء الفعل الاحتجاجي وايقاف تراكمه. وهذه محاولة لعرض عدد من التظاهرات والاحتجاجات باشكالها المختلفة في زمن الكورونا .

المانيا: احتلال مباني لاسكان المشردين

الثامن والعشرين من اذار هو يوم العمل العالمي للاسكان، وخلاله تم التاكيد على ان الاحتجاج في الظروف الراهنة ممكن. وكان تحالف واسع من ناشطين سياسيين للدفاع عن المستاجرين ينوي تنظيم تظاهرة يشارك فيها عشرات الآلاف من اجل تنمية حضرية تضامنية بعيدة عن الطرد والإخلاء القسري. وبسبب حظر التظاهر ، دعا المنظمون إلى احتجاجات على شبكة الإنترنت و تنظيم حفل احتجاجي من الشرفات والنوافذ.
واحتل نشطاء آخرون10 شققً فارغة ملائمة لحجر المشردين الوقائي في العاصمة الألمانية برلين. وعلى عكس احتلال المساكن الفارغة في السنتين الاخيرتين، الذي كان يرمي ايضا للتاثير في الراي العام، جرى الإحتلال الاخير سرا ودون ضجيج. واعلن المحتلون عن وجود مشردين مستعدين للسكن في هذه الشقق، وسيتم دعمهم بواسطة محامين يكلفون بالدفاع عنهم. ودعا النشطاء السكان لدعمهم لوجود الالاف من المشردين، الذين يحتاجون الى مأوى في هذا الظرف العصيب. وكانت المنظمات المهتمة بدعم المستأجرين والمشردين قد طالبت حكومة الولاية بتخصيص الفنادق الشاغرة والشقق السياحية لمساعدة المحتاجين، والنشطاء لا يعتقدون أن السياسة ستحل المشكلة على الفور. "نحن لا ننتظر مجلس الشيوخ والحكومة. لقد بدأنا في إعادة التوزيع اليوم". وفي احدى ساحات برلين احتج 200 متظاهر ضد غلاء ايجار المساكن، وكذلك للتضامن مع ضحايا كارثة اللاجئين على الحدود التركية – اليونانية. وقد راعى المتظاهرون شروط الوقاية والالتزام بالتباعد المطلوب. وقد انهى المتظاهرون تجمعهم بعد 30 دقيقة، وكانت الشرطة قد طالبت المتظاهرين بفض اجتماعهم، واشار بعض المتظاهرين الى ان الشرطة فضت التظاهرة، واعتقلت بعض المشاركين فيها. ونظمت تظاهرة لنفس الغرض في مدينة فلنسبورغ الحدودية.
وفي ميناء كيل تظاهر مجموعة صغيرة ضد تشديد مركزية القرارات والتدخل في الحقوق الشخصية وضد الاتجاهات الاستبدادية. وطالب المتظاهرون باعتماد التضامن ونشر المعلومات، بدلا من توظيف الأزمة لخلق مقدمات القمع والدولة البوليسية. وعبر المشاركون عن مخاوفهم بالاجراءت المطبقة وتوظيفها قانونيا في مرحلة ما بعد ازمة الوباء. وكذلك اكدوا على الدفاع عن حرية التعبير والتجمع والتنبيه من مخاطر ما يحدث.

الولايات المتحدة الأمريكية: العاملون في "أمازون" يطالبون بالحماية الصحية

في 30 اذار الفائت احتج قرابة 60 من عمال مخازن شركة آما زون العملاقة في مدينة بيويورك الامريكية. وطالب المحتجون بإغلاق المبنى وتعقيمه بعد أن ثبتت إصابة حد العاملين بفايروس "كورونا" ، ولوجود اصابات اخرى محتملة. وعلى اثر الإحتجاج، تم طرد ابرز المحتجين كريستيان سمولز من الشركة. وكتب سمولز على صفحته في تويتر أن آلاف العاملين في مباني شركة الانترنيت العملاقة سيصابون بالفايروس.
ووصف أمازون الاتهامات بأنها "مضللة" وادعى أن الإدارة اتخذت إجراءات "متطرفة" لحماية موظفيها من الوباء. من ناحية أخرى ، أكد سمولز على تويتر أن "الشركة انتهكت إرشاداتها الأمنية الخاصة". و نشر مقاطع فيديو قصيرة ، يظهر العاملين فيها بدون وسائل الوقاية المطلوبة.
وعلى خلفية انتشار الوباء يتجه الاقتصاد العالمي إلى الركود . ويهدد الأفلاس العاملين في القطاع الخاص في حقلي الفنون والثقافة. وتصارع الشركات الصغيرة والمتوسطة بشدة من أجل الحفاظ على وجودها الاقتصادي وتعاني الشركات العملاقة من انخفاضات هائلة في المبيعات والأرباح، لكن الصورة في امازون ومثيلاتها تختلف: في بداية الأزمة في شباط ، خسر الرئيس التنفيذي للشركة جيفري بيزوس حوالي 18 مليار دولار ، ومنذ تشديد القيود على الحركة في جميع أنحاء العالم ، ارتفعت مبيعات الشركة بشكل مجنون. وفي غضون عشرة أيام ، ارتفعت المبيعات بأكثر من 100 مليار دولار وتمكن مديرها التنفيذي من اضافة 10 مليار دولار جديدة الى حسابه الخاص.
ووصفت المدعية العامة في مدينة نيويورك، ليتييا جيمس ، ، تصرفات أمازون ضد موظفه المطرود سمولز بأنها "مخزية". وأعلنت التوجه لمراجعة الاجراءات القانونية. ووفقًا لتقرير بثته محطة ان بي سي ، طالب العاملون في مخازن امازون في جنوب كاليفورنيا أيضًا بإغلاق مواقع العمل لمدة أسبوعين، على ان يتم خلالها تعقيم الامكنة وتزويد العاملين بوسائل الوقاية الضرورية. وعاشت شركات انترنيت تجارية في الولايات المتحدة احتجاجات مماثلة.

نقابات سي جي تي اليسارية تتحدى الرئيس الفرنسي

في فرنسا اضرب في الأول من نيسان الجاري العاملون في قطاع الخدمات العامة. وجاء الاضراب تلبية لنداء اتحاد نقابات سي جي تي اليساري، الذي سبق له ان طالب الحكومةبـ"حماية النساء والرجال الذين يواجهون الفايروس في الجبهة الأمامية" . واتهمت نقابة العمال العامة الحكومة "بتوفير إمدادات كافية دائما" للجيش والشرطة. وبدلاً من الاحتفاظ بالأدوية والأقنعة وأجهزة التنفس الاحتياطي في حالات "الكوارث المتوقعة" في قطاع الصحة ،ويفضل الرئيس إيمانويل ماكرون ووزرائه تخزين الغاز المسيل للدموع لمهاجمة المتظاهرين والأسلحة من أجل المشاركة في العمليات الحربية.
وأكدت سكرتيرة النقابات المذكورة ناتاشا بوميت في رسالة مفتوحة وجهتها الى وزارة الخدمة العامة أن الدعوة للإضراب وجهت الى قرابة 85 الف من العاملين، وسيستمر الاضراب طيلة نيسان الحالي . ولا يتحصر في العاملين في الخدمة المدنية وغيرهم من موظفي الدولة، بل يشمل العمال الأجراء في شركات الخدمات االخاصة مثل جمع القمامة وإمدادات المياه والكهرباء وادارة المقابر وبناء المساكن ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي. وأخيرًا رجال الإطفاء الذين قدموا الإسعافات الأولية في القطاع الصحي وكانوا جاهزين على مدار الساعة لنقل المرضى، وجميع الذين يخاطرون بحياتهم كل يوم بدون ان يتوفر لهم المواد والمعدات الواقية. بالاضافة الى العاملين في شركة السكك الحديد التي خصخصها الرئيس ماكرون جزئيا، والذين كان لهم دور في نقل المصابين بالوباء من مستشفيات المدن المركزية المكتضة بمرضى الوباء مثل باريس الى مناطق ومدن لا تزال تمتلك القليل من اجهزة التنفس والأسرة التي يمكن استخدامها.
وأعربت سكرتيرة النقابات عن أسفها لأن الحكومة لم ترد أبداً على رسائل النقابات العمالية ، لكنها حاولت عبر الاعلام الدعوة لاستبعاد فكرة "الإضراب لحماية العمال الاجراء"، فيما اعتبرت النقابة الإضراب"الملاذ الأخير"، لحماية حياة العاملين من الخطر المباشر الذي يتعرضون له.
واتهم ماكرون وحكومته سي جي تي بمحاولة التعامل مع الأزمة من خلال صرخات الحرب والإجراءات الاستبدادية.وانتقد الرئيس بشدة النقابات والمعارضين السياسيين بسبب "رغبتهم في تصفية الحسابات في زمن الأزمة". وعبر البيان الاخير لللنقابة عن امتعاضه من الاجراءات "المعادية للديمقراطية" التي فرضها ماكرون على المجتمع ، إلى جانب "الهجمات على قانون العمل" والالتزامات "التي كانت مفروضة عليهم دائمًا". وندد الاتحاد بسياسات الحكومة "التي نتج عنها نقص في الأقنعة الواقية والمواد المعقمة واجراء الفحوصات،في حين لم يحدث يوما نقصا في الاسلحة والمعدات الحربية، وادوات القمع ضد المتظاهرين مثل "الغاز المسيل للدموع ومدافع الرصاص المطاطي".

الانتفاضة العراقية تتواصل

ربما يشعر دهاقنة نظام المحاصصة السياسية والفساد في العراق براحة نسبية، لانهم يعتقدون ان مخاطر الوباء ستنهي الانتقاضة التي عجزوا عن اخضاعها طيلة اكثر من 7 شهور، لكن واقع الحال يتكلم لغة اخرى. نعم ادى انتشار الوباء الى ايقاف الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة ومارافقها من نشاط سياسي وتعبوي متنوع، الا ان ساحة التحرير وسط بغداد، وساحات الانتفاضة الأخرى لا زالت تحتضن المنتقضين وخيامهم. ويجري حاليا المساهمة الفاعلة في تنظيف و تعقيم الاماكن والمشاركة في حملات التوعية، مع الحفاظ على الاستعداد للاحتجاج السلمي، ومتابعة الجدل الدائر حول تشكيل الوزراة المرتقبة، وما يجب عمله عندما يستجد امر في العراق. ومن جانب آخر تشارك العديد من الفرق ومنظمات المجتمع المدني في توزيع سلات الغذاء على العوائل المحتاجة الى جانب، ما يتوفر لهذه الفرق من ادوات الوقاية والمواد المعقمة

من اجل استمرار الضغط

يتساءل الكثير من نشطاء الحركات الاجتماعية والنقابات في العالم عن كيفية الحفاظ على زخم الاحتجاج في زمن ازمة انتشار كورونا. لان الواقع الملموس يؤكد ان المشاكل والمسببات لم تختفي، بل ان الكثير من مشاكل انظمة الليبرالية الجديدة اصبحت بسبب الأزمة اكثر عمقا، ومن هنا تأتي ضرورة عدم دخول الحركات الاجتماعية الحجر الصحي وممارسة الاحتجاج والإضراب باشكال مختلفة، ووفق الضوابط التي تفرضها ازمة انتشار الوباء.
وينكشف للناس الوجه غير الإنساني من الرأسمالية بشكل أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. والتحدي هو عدم نسيان هذه الحقيقة بعد انتهاء الأزمة. وان مرحلة جديدة من مقاومة عدم المساواة والاستغلال ستبدأ من جديد.
***********
طاولة مستديرة موضوعها:
كيف سيكون العالم بعد وباء كورونا ؟
متابعة "طريق الشعب"
في حوار مع مجموعة من المحللين والمراقبين السياسيين، حول كورونا والمتغيرات في العالم، تناول الأخصائي والشخصية السياسية والاجتماعية الروسية، والمخرج السينمائي المعروف كارين شاهنزاروف الموضوع محذرا روسيا والبلدان الأخرى من عواقبه الوخيمة.
جرى الحديث عن أن الأنظمة الرأسمالية الكبيرة والديمقراطية الأوروبية أثبتت فشلها وعدم صمودها امام هذا الوباء المخيف، والذي سيكون ايضا بداية نهاية العولمة ككل.
أما كيف سيتوجه العالم بعد الكارثة التي حلت به؟ قال الخبير أن هنالك توجهين: اما نحو الأنظمة الاشتراكية لتعزيز سلطة الدولة واما نحو النظم الاستبدادية لدرء مخاطر التحديات بالقوة. فانتشار الوباء وجه ضربة مميتة الى اقتصاد الغرب وتمكن من شله تماما على كافة المستويات، وبالأخص اكد الطب الغربي على فشله التام وعدم قدرته على درء اخطار انتشار الوباء.
وجاء تاثير الفايروس كبيرا للغاية وبشكل غير متوقع تماما على اقتصاديات البلدان الغربية والبلدان الأخرى. فعندما كان اقتصاد هذه البلدان فائضا قبل انتشار المرض أصبح اليوم يعاني عجزا كبيرا في هذا المجال. وهذا ما سيدفع الى تقوية وتعزيز دور الدولة في التصدي لانهيار اقتصاديات البلدان، ويثبت ايضا لماذا تمكنت الصين من ايقاف انتشار المرض وحصره في فترة زمنية قصيرة جدا مقارنة بخطورته وانتشاره السريع، حيث لعب نظام الدولة المركزي (والقصد هنا الحزب الشيوعي الصيني) دورا رئيسيا في تعبئة جميع مؤسسات الدولة باكملها وبالتعاون ومؤازرة جماهير الشعب الصيني للتصدي لهذا المرض الخطير.
وحول مصدر الفايروس ذكر الخبير ان الأمريكيين يسمونه فايروس صيني، والصينيون يؤكدون على ان العسكريين الأمريكيين هم الذين نشروا هذا الوباء. وقال اذا كان العالم يريد ان يعيش اليوم فيجب ان يكون متسامحا.
وأوضح أن: الاقتصاد الغربي منهار اليوم ويتوجه نحو الهاوية، والكورونا زادت الطين بلة ودفعت به بشكل اكبر نحو منزلق خطير. فالطيران والمصانع والمؤسسات عاطلة تماما ومن الصعب اعادة بناء كل ذلك في اوروبا. بالنسبة الى الصين فلها افضليات كبيرة. فالصين تنتج كل شيء وهي مكتفية ومقتنعة بكل شيء.
واضاف : ان الغرب ينوي بعد القضاء على الوباء قيادة العالم وهذا سيؤدي الى اشعال حرب عالمية. ان الوباء عقد عمليا جميع المشاكل العالمية، وبالأخص الحق الأذى بالغرب الذي اصبح امام خطر فقدان مواقعه في السياسة والاقتصاد، وان الاتحاد الأوروبي اصبح غير قادر على تماما على البقاء لاحقا في الاطار الجديد، ومن غير المحتمل انه سيتمكن من العودة الى المستوى السابق.
وابدى الخبير الروسي قلقه من ان انهيار الاقتصاد والفقر والبطالة ستؤدي الى وصول الأحزاب الاشتراكية – القومية الى السلطة مما سيدفع بسهولة الى اشعال حرب جديدة. وعلى روسيا ان لا تأمل شيئا من وراء مساعداتها لأيطاليا وأمريكا في حالة حدوث ازمة ما ، فلا اعتقد بان البلدين سيقفان الى جانبها.
وابدى رأيه بشأن التحديات المعاصرة وكيف يحتمل ان يتغير العالم في الأوقات القريبة. وقال نحن تنبئنا بالكثير من الأحداث وبكل شيء تقريبا، والفايروس وقع في مركز جميع المشاكل وعمل على تعقيدها. وهذا ضربة قاضية موجهة الى الغرب قبل كل شيء، وان آثارها ستظهر بعد فترة من الزمن ، لكن الغرب سيترك مواقعه القيادية ، والاتحاد الأوروبي اثبت عدم قدرته التامة على تحمل هذا التحدي في الأوقات الصعبة والمفاجئة.
وقال ان تقسيم العمل العالمي قد باء بالفشل، وان الكثير من البلدان، بما فيها روسيا ، تشتري الأدوية والمعدات الطبية بكميات كبيرة للغاية من الدول الأخرى، وهذا غير صحيح، ومن الضروري صناعة وانتاج السلع الحيوية الهامة في روسيا بالذات ، وان الآثار المترتبة عن ذلك ستكون وخيمة.
********
بعض القضايا المهمة
عن كورونا المستجد


وفقا لتقرير نشرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، في شباط الماضي، قام باحثون من حديقة نباتات جيشوانغبانا الاستوائية، التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم والمعهد الصيني لبحوث الدماغ، بتحليل التسلسل الجيني لنحو 93 عينة من كوفيد-19، مقدمة من 12 دولة في محاولة لتتبع مصدر العدوى، وخلص إلى أن مصدر الفيروس من الخارج، وليس من سوق المأكولات البحرية في ووهان.
وخلال مقابلة مع شبكة "إيه بي سي" الإخبارية في مارس، أشار الأستاذ في كلية الطب بجامعة تولين الدكتور روبرت غاري، وأحد مؤلفي الدراسة، إلى أن الوباء ربما يكون ناتجا عن طفرة في البروتينات السطحية للفيروس، وأنه من الممكن أيضا أن تكون نسخة أقل حدة من المرض منتشرة بين السكان لسنوات، وربما حتى عقود، قبل أن تتصاعد إلى هذه المرحلة.
وردا على التقارير التي أشارت لنشوء كورونا في ووهان، قال غاري إن هذا مفهوم خاطئ، مضيفا "تشير تحليلاتنا، وغيرها أيضا، إلى أصل سابق لذلك. كانت هناك حالات بالتأكيد، ولكن هذا لم يكن أصل الفيروس".
وبالإضافة إلى أن الإعلان عن مكان ولادة الفيروس الحقيقي لا يزال غير واضح، فقد استنكر العلماء أيضا نظرية المؤامرة التي تحدثت عن أن الفيروس من صنع الإنسان في المختبرات الصينية، إذ وفقا لبحث نشر في المجلة العلمية "نيتشر ميديسن" في شهر مارس، فإن كوفيد-19 لم يصنع في مختبر أو أنه فيروس تم تعديله عن قصد، حيث خلص الباحثون إلى "أننا لا نعتقد أن أي نوع من السيناريو القائم على تطويره في المختبر معقول".
ويدعم هذا الاستنتاج أيضا بيانات من معهد سكريبس للأبحاث في 17 مارس، وهو مرفق أبحاث طبية أميركي يركز على العلوم الطبية الحيوية، وأكدت أن وباء فيروس كورونا -19 له أصل طبيعي ولا يوجد دليل يوضح على أن الفيروس قد تم صنعه في المختبر أو تمت هندسته بطريقة أخرى.
ووفقا لتقرير لرويترز، فإن علماء إيطاليين يبحثون عما إذا كانت حالات الالتهاب الرئوي الحاد والأنفلونزا المسجلة في منطقة لومبارديا الإيطالية خلال الربع الأخير من عام 2019 كانت أعلى من المعتاد، باعتبار أن ذلك قد يكون مؤشرا على أن فيروس كورونا الجديد قد يكون انتشر خارج الصين في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقا.
وقال عالم الأوبئة وأستاذ الإحصائيات الطبية في جامعة ميلانو، أدريانو ديكارلي لرويترز: "نريد أن نعرف ما إذا كان الفيروس قد وجد بالفعل هنا في إيطاليا في نهاية عام 2019، وإذا كان الجواب نعم، فلماذا لم يتم اكتشافه لفترة طويلة نسبيا حتى نتمكن من الحصول على صورة أوضح في حالة اضطررنا لمواجهة موجة ثانية مع الوباء".
وبحسب ديكارلي، كانت هناك زيادة "ملحوظة" في عدد الأشخاص الذين أدخلوا المستشفيات للالتهاب الرئوي والإنفلونزا في مناطق ميلانو ولودي بين أكتوبر وديسمبر من العام الماضي.
************

ص6

(الأرامل) في بغداد

عن دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة وضمن سلسلة (لوامع) صدرت مسرحية (الأرامل) للكاتب الأرجنتيني :آرييل دور فمان، ترجمة وتقديم :على كامل
قال عنها الكاتب البريطاني جون بيرغر :
" لقد قادنا دورفمان مثل دانتي الى أعماق جحيم بلاده"
وكانت( الأرامل) في البدء قصيدة، ثم رواية، ثم مسرحية.
يقول دورفمان:
"لو أني كنت قد كتبت فقط عما حدث في بلدي، بشكل مؤثر، سأكون محدوداً ومقيداً في اقتفاء إثر الحادثة او التاريخ ونسخ ما كان قد جسد من قبل، بدلاً من ذلك تخيلت نصاً آخر مختلف تماما، نصاً كان التاريخ قد اخفاه.. لقد أوحى لي أن الجثث سوف تبدأ بالظهر، وليس بمقدور احد منع الموتى من العودة إلى بيوتهم"
(الأرامل) ستظهر في عرض مسرحي عراقي يعد له نخبة من المسرحيين المجددين الشباب
ابحار في مدونات السباعي القصيرة جدا
عباس عجاج

هذا الكتاب
حمل الكتاب عنوانا مميزا, خطف منذ الوهلة الأولى انتباه القارئ نحو النص الموازي, (مدونات أرملة جندي مجهول), اصدار قصصي قصير جدا, صدر عن دار ميزوبوتاميا للطباعة و النشر و التوزيع, في بغداد 2014, و ضم بين طياته 93 نصا.
السباعي مجربا

القاص الناصري, علي السباعي, اسم علم في انطولوجيا القصة العراقية, ولاسيما القصة القصيرة, لما يتمتع به من اسلوب مميز في سرد حبكة النص القصصي, وجرأة اقتناص الثيمة الحكائية التي تشغل فضاءات كتاباته, مؤثرا ومتأثرا بالبيئة الثقافية التي واكب احداثياتها على مدى سنوات متقلبة الأحداث والطوارق.
و كغيره من أدباء زمانه الذين اتجهوا نحو التجريب في القصة القصيرة جدا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي, حذا السباعي إلى ركوب موجة السرد الأصعب – كما يطلق عليه النقاد- , مطلقا العنان لقريحته النثرية لتحاكي مرارة الواقع, ومجريات الزمان, بأسلوب أدبي, راصدا تارة, وساخرا تارة أخرى, ومحلقا في خيال السرد أحيانا.
وقد جاءت ثمرة بوح التسعينات, وعبق الألفية الثالثة, هذه المدونات التي رصدتها امرأة جندي مجهول كما يحمل عنوانها, والذي بدوره يدفع العديد من الانتقادات الأدبية التي كان من المفترض أن نشير بها للنص لولا براعته برمي الكرة في ملعب السارد ( امرأة الجندي المجهول), بما رصدت في مدوناتها الأربع ( مدونة الحرب – الحصار – الحب – التيه), كما قسمها السباعي في العناوين الثانوية.

اشكاليات القصة القصيرة جدا

لم تقف القصة القصيرة جدا – عالميا أو عربيا – على شكل محدد أو نمط كتابي واحد, أو حجم مقيد بعدد الكلمات سوى ما تفرضه المفردة " جدا " من اختزال الكثير بالقليل, متكأة على أهم خواصها الفنية ( التكثيف), وقد جاء في القص العالمي تعددا في أشكال السرد القصصي القصير جدا – كما ورد في كتاب مقاربات نقدية في اشكاليات القصة القصيرة جدا, مفصلا -, ومن تلك الأشكال (Mini saga) , وله ما يقابله عربيا ما أطلقنا عليه (الشكل القصصي المكثف جدا), وهو ذلك الشكل الممتد من 6 كلمات إلى بضعة أسطر, وهذا الشكل يعتمد بشكل كبير على المفارقة, ورمزية المفردة, إذ يختصر الجملة بالكلمة, والكلمة بالإشارة, كما ورد في نص:

"خرساء

شابة حلوة خرساء, تقدم لخطبتها شاب أخرس, رفضت الاقتران به, مخافة أن يبكي طفلهما وهما نائمان"
فهذا الشكل يتعامل مع النص بحذر شديد, متحاشيا ادراج أي مفردة لا تقتضي الحاجة إليها في سبك حبكة النص, فيكون بناء النص مرتكزا على الأقل الممكن من السرد, والذي لا يتجاوز بضعة أسطر معدودة, ويندرج تحت هذا الشكل ما يطلق عليه (مسمى قصة الـ(درابل) (Drabble) ), وهي القصص التي لا تتجاوز ال 100 كلمة, والتي تم تحديدها لاحقا ب 55 كلمة كحد أعلى كما تشترطه المسابقات المعنية في هذا الشكل من القص, كما ظهرت (القصة التويترية), وهي المحكومة بما تفرضه المساحة المخصصة للكتابة في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر), والمحددة ب 140 كلمة, والتي تم تمديدها لاحقا لتصل إلى 280 كلمة, وتلك الأشكال يقابلها في الكتابة العربية ما يمكن وصفه بالقصة القصيرة جدا المتوسطة والتي تبلغ عدد ( 50 – 65) كلمة, وكذلك القصة المئوية, والتي تدور في رحى المئة كلمة زائدا أو ناقصا بقليل.
وقد خاضت تجربة مدونات السباعي تلك الأشكال الثلاثة, بما تفرضه حاجة النص من الاقتضاب أو التمديد, وذلك بتعدد أنماط الكتابة التي احتوتها بصفاتها المتعددة الحوارية منها والمباشرة والتقريرية السردية.

التبئير

يدور فلك النص السردي في مدونات امرأة جندي مجهول في عالم من المعايشات الحياتية, اليومية, على أصعدة أقسام المدونات الأربع (الحرب , الحصار, الحب, التيه), وهي تعكس رصد مشاهد الحياة في المجتمع العراقي على وجه التحديد في ظل المتغيرات التي يعيشها المواطن, والتي رصدها القاص من خلال البيئة التي عايشها عن قرب, واطلع على حيثياتها, فالتقطها الخيال السردي ليسطرها بصورة حكائية, تعتمد على المهارة الكتابية التي تتيح للكاتب أن يمارس طقوس تحويلها من أحداث عابرة إلى رواسخ نثرية ساخرة تارة, ومؤرشفة للواقع تارة أخرى.
فها نحن نجد الراوي يمثل الشخصية الرئيسة في النص لينقل ما يقابله من أحداث, كما في النص:
دهاء
آنذاك...
كنت في حرب الشمال انضباط آمر اللواء, داء لزيارتنا " عبدالسلام عارف"... طلب منه آمر لوائنا أن يوفر لنا دعما, كان البرد قارسا على جبل كورك, والجنود جياع, وملابسهم بالية... قاطعه رئيس الجمهورية, بحدة:
اسمع، الحرب دائرة بين ال "كاكا".. و.. ال " جا اشلون", أنت بعيد عنها.
ابق حيث أنت... ودعهم يتقاتلون.
أما في نص (حياء), فنجد أن الرّاوي يعرف ما تعرفه الشّخصيّة, فيقدم الشّخصيّة كما يراها مع الوصول إلى عمقها الدّاخليِّ, إذ يصور طبيعة فئة من المجتمع كما يراها من خلال موقف الجدة المبني على الفطرة, في زمن ما:
"حياء
كانت جدتي رحمها الله عندما يظهر المذيع في التلفاز تتحجب بعبائتها".

التبئير المسبق

تعتمد العديد من نصوص السباعي على ضمير المتكلم إذ يطرح السارد معلوماته باعتباره شخصية شاهدة على الأحداث أو مشاركة في صنعها، وفي ذلك ينقلنا من الخيال السردي إلى النص الخبري, فينقل لنا خبرا بأسلوبه القصصي كشاهد حاضر, أو باعتبار الأنا هي الشخصية الرئيسة في النص, والأمثلة التي تناولتها المدونات على هذا الأنموذج عديدة, ومنها النص:
"جنوبية
أتسكع تسكعا معرفيا في أحد شوارع الناصرية,
الناصرية التي هي أشد خرابا من واسط القديمة,
واجهتني شابة متعبة... تستجدي المارة بكفين مقطوعتين".

التجريب في قصص السباعي القصيرة جدا

إن مرحلة التجريب لأي أديب لا ينبغي القياس عليها, فكما أن القصص القصيرة جدا التي كتبت في مراحل متقدمة لظهور هذا اللون القصصي قد طالها الكثير من التجديد, وتباين الرؤى حولها, واختلاف النقاد في تقييمها, ودراستها, وتعد مرحلة انطلاق للخوض في معالم فن حداثوي يحاول الجميع أن يضع بصماته التي تعزز من مستقبل هذا الفن وتجذب المتلقي لتقبله وفق ما يرسمه الكاتب أو القاص أو الفنان من استحداث في هذا الشأن.
و من الملاحظ في هذه المجموعة التي بين أيدينا أن القاص هنا قد ارتكزت بعض النصوص التي كتبها على الصيغة الخبرية, وبم أن الخبر يتمثل في (حدث) وقع في (زمن) و(مكان) محددين، ونجم عنه (تأثيرات) قد تكون (سلبية) أو(إيجابية) بفعل فاعل، فالقاص غير معني بنقل الخبر كما يصوره الحدث حرفيا, فمبدأ صياغة الخبر يختلف عن مفهوم البناء القصصي, وللبناء القصصي مهاراته الفنية التي تنقل القارئ عبر التشويق إلى التأزيم ثم الانفراج من خلال لقطة ادهاشية أو مفارقة فنية, يسيرها القاص بمخيلته ليصنع لها الأحداث, فهو غير ملزم بنقل الحدث كما حصل تماما, ولديه من المساحة الواسعة لاستثمار الأساليب الأدبية غير التقليدية في صياغة النص, كما في أسلوب الاسترجاع, والاستدراك, والنهايات المفتوحة.
و لعل من أبرز ما افتقدناه في نصوص (المدونات) هو تلك العلاقة التي ينبغي تواجدها في فن القصة القصيرة جدا, من ثنائية المعنى والتي ينبغي أن تكون حاضرة بين ما يعرضه القاص, وما يستنتجه القارئ, والذي يجعل أفق التأويل مفتوحا لاستخراج مكنون الرمز, وشعرية اللغة, لكي تكون متعة القراءة حاضرة.
متابعتنا لما يسطره القاص علي السباعي من قصص قصيرة جدا أثبتت أن تلك التجربة في مجموعته البكر (مدونات أرملة جندي مجهول), قد آتت ثمارها من النضج , والإدراك لتطور هذا اللون القصصي, وأن مكنون الخيال لدى أديبنا مازال مشبعا بالابتكار والتجديد.
ذي قار 2020
*************
كورونا ثقافية
ومفاتيح المستقبل

ليس بوسع المرء ان يكون سلبياً، بحيث يقاطع كل وسائل الاعلام، بوصفها لم تهدأ عن الحديث عن فيروس كورونا حتى أًصبحت مفردة (الجائحة) المرافقة للفيروس، مبعث تندر، وكأن الامر ليس بهذه الخطورة المبالغ في تناولها بهذا الاتساع اعلامياً..
نعم.. ليس بوسعنا تجاهل (صناعة) دولية هيمنت على العالم، ذلك ان هذه (الصناعة) المتعلقة بـ (كورونا) خضعت لكثير من التجارب المختبرية والتحليلات العلمية والفكرية، وهي جزء من محور الصراع الرأسمالي (أمريكا) والاشتراكي (الصين) وستظهر أوراق المستقبل الكثير من الاسرار والوثائق التي تدين الرأسمالية على وجه التحديد، وتفتح الابواب أمام اليسار لكي يكشف رؤاه المستقبلية..
وحتى لا ننتظر ما سيؤول إليه مستقبل هذا الوباء، لابد لنا من الوقوف عند محطة من هذه المحطات العديدة وما آلت إليه هذه الحرب العالمية الجرثومية من مؤثرات في الجانب الثقافي والاجتماعي على حد سواء.
المثقفون (اكاديميون وشغيلة الخطاب الثقافي والاعلامي) استقبلوا هذا الوباء بكثير من الحذر، ومن ثم بكثير من التأويلات.. وقلة من استقبله وعمل على استخدامه واستثماره ايجابياً مستفيداً من الوقت المتاح للإنتاج المعرفي والابداعي.. وستظهر النتائج في اللاحق من الايام..
إلا ان وطأة هذه (الجائحة) أو (البلوى، المحنة، المشكلة، الوباء الثقيل على حياة الناس، وعلى محدودي الدخل منهم على وجه الخصوص) باتت مثار استياء المجتمع، خاصة وأن هذا الوباء يجيء في ظرف عصيب يمر به العراق اقتصاديا ـ انخفاض اسعار النفط ـ وسياسياً ـ تشكيل حكومة لا تتفق بشأنها القوى السياسية ـ
واذا اجتمعت كل هذه العوامل: الثقافية والاقتصادية والسياسية والامنية مع الاوضاع الصحية المتردية في العراق؛ صارت الامور تنحدر نحو الهاوية من دون ان تلقى الانتباه والمسؤولية من قبل الساسة الذين يمسكون بمقاليد السلطة وكأنها إرث لابد من الامساك به خشية افلاته، مع ان هذه النتيجة حتمية في ظل هذه الظروف العصيبة..
ان الثقافة هنا ليست بمعزل عن كل ما يجري، ولا يمكن لأحد ان ينتقي لنفسه جانباً دون سواه، حتى يستأثر باهتمامه ويقف عنده ويتواصل معه..
الثقافة هنا في موضع الامتحان الصعب، امتحان يتطلب الكثير من الدقة والمعرفة العلمية والمخيلة المعرفية التي تودي بثمارها، لتكون حلاً، او جملة حلول تتصدى لما آلت إليه الامور من ترد سلبي على مناحي الحياة كلها..
هنا يأتي دور الثقافة والمثقف، بوصفه طليعة المجتمع والممتلك للاداة التي يمكن ان تدرأ الفوبيا عن الناس، وتدلهم الى افضل الصيغ الممكنة لحياة متفائلة تتجاوز هذه الحرب غير المسبوقة والتي تستهدف الجنس البشري، الذي يقف حائراً امام هذا الاجتياح المرضي السريع الانتشار، ولكن من دون يأس وإحباط واستسلام، ذلك ان العقل وما يمتلكه من رؤى عميقة، لابد ان يجد اكثر من سبيل وأكثر من تجربة لتجاوز هذا الواقع المرير الذي لا ينتهي بانتهاء (كورونا) وإنما بات هذا الفيروس هو البذرة الفاسدة التي ترافق حياتنا المرة من فقر ومجاعة وامية ومرض وجهل.. ظلت تشتغل عليه السياسة العمياء التي لم تر منذ 2003 أكثر من منظورها الدوغمائي العقيم الذي اودى بالعراق الى ان يكون البلد الاكثر (توطيناً) عالمياً للجريمة والفساد الاداري والمالي والتخلف على الاصعدة كافة..
وهذا هو الواقع المأساوي الذي يقود العراق نحو الحضيض، مالم تبدأ القوى الوطنية الخيرة ورؤاها التقدمية والحريصة على مستقبل العراق والعراقيين من معالجة الاحوال بكثير من الاحاطة بكل الجوانب ومعالجتها سياسياً او بوسائل اخرى تمليها الظروف الموضوعية التي لا يكفي ان نراقبها حسب، وإنما ان نكون جزءاً فاعلاً في تغييرها تغييراً جذرياً..

حسب الله يحيى
**************
قداس المحارب في فاتحة الجمال
شاكر السامر
أَكلُّ هذي البلادِ لهم ..؟
أَكلُّ هذا الشجر ..؟
والغبارُ الذي أمطرتُهُ السماءُ
أحمراً كان غارقاً في البرد
مُداهماً كلَّ الأعينِ والقباب ْ
ومزدحماً على أغصانِ البشرْ
* * *
أَكلُّ يومٍ نحتاطُ من خطر ْ
متيقظون ....
نقتاتُ على جرسِ الخوفِ والرهابْ
ونسألُ أيّانَ يأتي الشررْ
الآتون ... والعادون
سِيّانِ عندي
هُم أنسابُ مَن أغواهُ العلقمي
وأغراهمُ باليُمنِ والدُّررْ ..
هُم أجلافُ المغولِ والتتارْ
فصبراً كان ليلي
ضمّختهُ البوادي بعبيرِ السوسنِ
ونسيمِ الخلجانْ
والصواري ، .. والضواري
مُشرئبةُ الأعناقِ
بينَ آتٍ وغادٍ
وجندُ بابلَ يستفزُّ المماليكَ .
والعذارى على ضفافِ الروح
هائماتٌ يحملنَ جرارَ القصائدَ
ويشربنَ خمرتَها العتيقةْ .،
والنياقُ البيضُ
نبعُ أوجاعٍ تشمُّ خيمتَنا العريقةْ
والعنادلُ في موسمِ القطافِ
تؤوب الينا ..
ترتادُ فيها مروجُ قُراها .،
وتجتاحُ القلاعْ ..
فتلتهبُ المواقدُ والحرائقُ والعنفوانْ
أسطورةً من الأمجادِ كانت بلادي
تستحمُّ الطيورُ الحالماتُ
بنورِ شمسِها وآفاقِها
وتبرقُ المناجلُ في كلِّ وادٍ
ودويُّ المطارقَ في يدِ أسلافِنا
تعلو ..،
وتملأُ الكنانةَ بالرماحْ .
مُحاربٌ كنتُ أنا
ومسلّاتي الفارعةُ الحكيمةْ ،
سَوّرتُ بها قلاعي
وكنتُ خيرَ حافظٍ لها
في ذاكرةِ العروقْ
وركنتُها بين أضلاعي
قيثارةٌ تبهجنُا بالحانِها الطروبْ
وعلى أهدابِنا تغفو غزلانُ الحُلمِ
قُبيلَ الغروبْ ..
* * *
أَكلُّ هذي البلادِ لهُم ..؟
لأستنطقَ الراوي :
عن الحكايا والخطايا
وأسرارِ القرشِ
والماردِ التنينْ .، والخطأِ الجسيمْ
أهكذا تُهدُّ المدنُ الحصينةْ ،
وتُسفخُ دماءُ الحقولْ ،
وتُهشمُ السيوفُ في الحُفرْ ؟،
وعلى صهوةِ الخيولِ تُغتصبُ الرجولةُ
بين أناثِ الغجرْ ؟،
وأهلُنا المُترفونَ يصهلون ..،
يفتحونَ المعابرَ
والمسالكَ والحدود ْ..،
يرقبون ..
وكلابُ أحيائهم تلعقُ أسمالَنا..
وأكرمُهم ..
يكفّرُنا .. ما شاءَ لهُ الخئونْ ..
* * *
أَلهُم كلُّ هذي البلاد ،
ولنا كلُّ هذا الضجرْ ؟
الحروبُ لنا ..، وعلينا
ومن رحمِها سيولدُ
كلكامشُ الجديد ! ،
يبحثُ عن عشبةِ الله
وماءِ الحياةْ..
وزهرةُ الخلودِ - بسمةُ القدرْ
هاتِ الوردةَ يا سلمى
والزيتونْ ..
هاتِ الأهزوجةَ
يا ابنَ الهدلى والسعدونْ..
ثورةُ أجدادِ البطحاءْ
ورموزُ النهرينِ العظماءْ
فرسانٌ سُمرٌ
وجمعُ فحولٍ شعراءْ
يتوسطُ شمساً
وعرساً .. طرّزَهُ اللهُ والنجباء
* * *
كلكامشُ ينهضُ كالعنقاءْ
الف مرةٍ يموتْ ..
ويموتُ فيهِ الموتْ
ثم يحيا .. يشقُّ الأرضَ
كالنخلةِ العصماءْ
من أسى العراق
عالياً .. عالياً
يسطعُ كالقمر ْ ..
يا سفرَ هذا العراقْ
من دوحةِ عدنانَ ونُضرْ ..
قمرٌ ... قمرٌ ... قمرْ
*********
الوجه الآخر للضباب والهروب للآخر...
مؤيد داود البصام
صدر عن دار سطور للنشر والتوزيع. بغداد رواية (الوجه الاخر للضباب) تأليف د. كريم صبح ب 196 صفحة من القطع المتوسط. وهي العمل الأول على صعيد كتابته الرواية، فقد برع في كتابة القصة القصيرة وصدرت له عدة مجاميع، افتتح المؤلف روايته بعرض تحليلي لشخوص الرواية من الاستهلال الاول مع وصف لمكان الاحداث الأساس الذي قام عليه المتن الحكائي في روسيا ومدينة بطرسبورغ بالذات، والمكان الثاني بالانتقال إلى سوريا ، مقارنة مقصودة او غير مقصودة بين حياتين كما ستوردهما الرواية فيما بعد، وضع أسماء بدلا عن الفصول في الجزء الأول أذا أفترضنا أن الرواية تم بنائها السردي مقسمة إلى جزئين، تدور احداث الجزء الأول في روسيا تحديداً في مدينة بطرسبورغ ومن ثم تنتقل إلى سوريا وهو ما يمكن أن نعتبره الجزء الثاني المكمل والذي يعتبره الرئيسي لانه وضع اسماً لكل فصل، ما لم يضعه للجزء الاول.
جاء الفصل الأول ليمهد للحكاية الاساس ب104 صفحة، وبعد انتهاء الحكاية الاولى، وضع للرواية فصولها. فالتأسيس لحياة الاب (ثروت) السوري في مدينة سان بطرسبرغ مع الام كرستينا الروسية وحياتها وعائلتها ومدينتها، لتكتمل الرواية بنهاية المقدمة الابتدائية التي كتبت بيد الراوي العليم بعد أن أعطتنا الكشف العام لمتابعة الوقائع في الجزء الأول للأحداث التي ستكتمل في الجزء الثاني برواية ايفا ثروت او (روزالين ثروت) أبنة كرستينا الروسية وثروت السوري.
المكان وشخصيات الرواية:
أستطاع المؤلف أن يجرنا للاستمتاع بما كتب وهو يصف الأشخاص وحياتهم وتاريخهم، ومدينة بطرسبوغ وضواحيها وجمالها وكأنه احد أبناء المدينة، والتحولات التي اصابتها جراء ما أصاب الوطن جميعه بتحول دولة الاتحاد السوفيتي، الدولة الشيوعية العظمى إلى جمهوريات وعودتها إلى روسيا الأصل بعد انفصال الاجزاء، وتأثير ذلك على عائلة شيوعية تعيش لحظات انهيار الحلم بتحقيق المجتمع الشيوعي أمامها، وظهور ثروت في حياة كرستينا البنت الوحيدة لعائلة سيرجي اوبيروف اللواء في الجيش السوفيتي، المتكونة من الام وثلاثة أبناء ، ود.ثروت طوقان الإنسان القادم من سوريا لأغراض البحث والدراسة في معاهد موسكو ويحمل رسالة توصية إلى كرستينا لتساعده، والنقطة المبهمة هي في عجالة المؤلف الربط بين ثروت وكرستينيا بعلاقة حب من اللقاء الأول، وهذا التحول في حياة ثروت السريعة بالارتباط بكرستينا وكذلك كرستينيا في مجارات أعجابها والموافقة على الارتباط " إنه الحب كرستنيا الحب، وأنا أحبك، أحبك." " – ظننت أنك لن تفعلها قبل وصولنا المعهد " ص. 46. كل هذا حدث في فترة زمنية قصيرة في اول لقاء، مهما حاولنا تبرير هذه العجالة في الارتباط فأنها تبقى فيها شيء من المبالغة، مع اننا سنعرف انه متزوج وله ثلاثة أولاد، لماذا أراد المؤلف أن يختصر الزمن ويربط ثروت بعلاقة حميمية مع كرستينا في اول لقاء بدون مقدمات؟ وهو الذي قدم لنا وصفا ممتعاً لعائلة شيوعية معتزة بمبادئها، أضافة انها قريبة من المعتقدات الدينية أي انها على الرغم من ايمانها بدولة شيوعية الا انها متمسكة بتقاليدها المسيحية، لهذا يبقى هذا الاستعجال غير مبرر لكرستينا ولكن يمكن ان يكون لثروت، ويمكنا استنتاجه في الجزء الثاني (من علاقة ثروت بزوجته التي وضحها من خلال علاقتها مع ايفا بنت كرستينا)، ومحصلة اللقاء بين ثروت وكرستينا زواجهما ثم ولادة ايفا. لينتهي الجزء الأول في روسيا وينتقل إلى الفصل الثاني على ارض سوريا بعد أن تموت كريستنيا، وتكبر ابنته في أحضان عائلة والدتها ويأتي الوقت ليأخذ ابنته إلى سوريا التي عاشت طفولتها مع جديها من أمها وخالها أندريه الذي ظل يتابعها إلى آخر الرواية، الا انه على الرغم من حرص الروائي على رسم صورة تحليلية لعائلة كرستينا يصب اهتمامه باندريه ويهمل اخويها الآخرين لنهاية الرواية.
يشكل الجزء الثاني من المتن الحكائي سرد ممزوج بالمذكرات الشخصية وتحليل الشخصيات على ضوء تاثيرها على ايفا بنت ثروت وهي تعيش لحظة تحول بين المجتمع الروسي والمجتمع العربي السوري، وإذا كان السرد في الجزء الأول من القوة والدهشة وهو يجرنا للمتابعة بشوق، فان الردم في الجزء الثاني يبدو بطيئاً واقل قوة وسلاسة في اللغة، فيه جفاف السيرة الذاتية، ولكنك تستطيع من المواصلة مع ما تقدمه ايفا ينتابك الإحساس أنك تستمع بما تتحدث وتتحاور بعمرها وليس بعمر المؤلف وتجاربه ولغته، أنها تتحدث بلغتها وضمن عمرها وثقافتها، وهذه نقطة تحسب للروائي بتبيان السرد الواقعي لما هو واقع، من دون أن يضفي قدرته ومهارته، ليجعل الطفل يتحدث بلغة ارسطو، كما يفعل بعض المؤلفين فيفقد العمل النكهة الدرامية وفعل الكلمة في سياق السرد، وهو ما دع الكثير من الكتاب باستخدام اللغة العامية او اللغة الدارجة في الحوارات وعلى راسهم في العراق فؤاد التكرلي والكثير من الكتاب والروائيين في العالم، لأجل أن يوصل حميمية اللفظة وحرارة انبعاثها.
الحكاية والتقنية...
نقلنا المؤلف في أجواء مجتمعين، الروسي عائلة كرستينيا، العربي السوري عائلة ثروت، وهي مقارنة فيها الكثير لفرز طبيعة مجتمعين على الرغم من شرقيتهما، وحتى لا يضيع في المباشرة والتحليل الذي يمكن أن يؤدي به إلى متاهة تأكيد المعلومة على ضوء منهج الدراسات الاجتماعية، لجأ إلى أسلوب المذكرات ليبقي المتلقي مع بطلة الجزء الثاني ويتخلى عن دوره كراوي عليم، مستخدما تعدد اشكال السرد، وأستخدم في الجزء الثاني في المبنى الحكائي سرد متعدد المذكرات والسيرة الذاتية متيحاً المجال لابراز الناحية التعبيرية لما تضمنه متن الحكاية من أختلاف في العلاقات بين العائلة الروسية والسورية. وأستطاع بناء منظومة فكرية أستوعبت الغربة. الحرب.الاختلاف الاجتماعي، ويبتعد عن المباشرة عندما طرح وجهة نظره في الاحداث، أن كانت في روسيا أو في سوريا، ولم يفقد قوة الوصف وهو يكتب عن أرض غير أرضه، أن رواية (الوجه الآخر للضباب) بما امتلكته من قوة الربط والتحكم في سردها لكشف العلاقات ما بين الشخوص، وايصالها بسلاسة، أخذت موقعها استحقاق كونها رواية تعلن أنها من روايات الواقعية التعبيرية بامتياز.
***********

ص7
الهيئة الطبية الشيوعية
حملة توزيع الدواء المجاني في الوشاش
بادرت الهيئة الطبية في محلية المثقفين وبالتعاون مع منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المنصور/ محلية الكرخ الأولى عصر ٥ نيسان ٢٠٢٠ بتنظيم حملة لتوزيع الدواء المجاني في حسينية الوشاش الصغيرة لذوي الدخل المحدود والكسبة والفقراء في مدينة الوشاش.
حيث تم استلام(٣٥٨) وصفة طبية خاصة بالأمراض المزمنة وأمراض المفاصل والجهاز التنفسي لمواطنات ومواطني المنطقة المذكورة لغرض تزويدهم بالدواء الذي يحتاجونه بشكل مجاني.
وقد رحب أهالي مدينة الوشاش بمبادرات الحزب الشيوعي العراقي لخدمة المواطنين والتخفيف عن كاهلهم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعاشية الصعبة وخصوصا بعد فرض عملية حظر التجوال.
***********
اسئلة شعبية ونخبوية صريحة: أي مشروع سياسي واجتماعي سيطرحه الشيوعي العراقي في عامه السابع والثمانين ؟
بغداد- العراق اليوم
اليوم سيكتب الحزب الشيوعي الصفحة الأولى في سجل طويل من صفحات مسيرته الحافلة، وسيكون على موعد جديد مع استحقاقات وطنية دقيقة في ظل أوضاع صعبة يشهدها العراق، ويمر فيها بمنعطف خطير يتهدد كيانه كدولة، ويشكل تهديداً أيضاً لبنيته المجتمعية التي أستطاع الحزب الشيوعي العراقي أن يكون مصهراً كبيراً وحقيقياً لتذويب الهويات الفرعية التي شكلت وتشكل الآن العائق امام انطلاق أي مشروع وطني يبني العراق ويعيده لسابق عهده، سيداً لنفسه ومستقلاً ناهضاً بين الدول المتحررة.
يقول المراقب السياسي صلاح حسن لـ (العراق اليوم)، أن " تاريخ الحركة الشيوعية في العراق حافل، ومليء بالتحديات والصعوبات، ولربما الانتكاسات المتكررة أيضاً، وأيضاً الاخفاقات التي قد تسببت بها اخطاء تقديرية، أو غياب استراتيجيات ناجحة، بل والأهم حرص الحزب الشيوعي العراقي على الوحدة الوطنية، وخوفه الدائم من تشظيها مجتمعياً كانت السبب الأهم، وراء توقف الحزب عن اتخاذ مواقف صعبة، أو ثورية بصبغة عنفية، فالحزب مع أن البعض يصنفه في إطار الحركات الراديكالية، لكنه بالفعل يملك في جوهره البنيوي نظرة ديمقراطية، ويعمل وفق الخصوصية العراقية، ويريد أن يبني نموذجه الخاص، متشاركاً مع القوى والتشكيلات الاجتماعية".
ويضيف أن " الحزب تعرض لظلم كبير، وتعرض لتهميش واقصاء وتنكيل، وقدم عشرات الاف من الشهداء على مقاصل الحرية، وكان يبحث دوماً عن حلول عادلة لقضايا الوطن بعيداً عن الاستئثار الايدلوجي، ولم يستخدم ما نسميه بالغدر الثوري، أو لم تكن تعمل لديه فكرة المؤامرة للوصول الى الحكم".
ويتابع حسن: " إن الحزب الشيوعي حزب ميثاقي ان صح هذا التعبير، بمعنى هو يبحث عن ميثاق وطني وإطار سياسي شامل لكل القوى السياسية من إجل انضاج نظام حكم يحقق العدالة الاجتماعية، ويدير البلاد وفق رؤية واقعية تخدم مصالح الشعب، ولذا فأن الحزب كان حاضراً في الجبهة الوطنية العراقية التي تشكلت عام 1957 والتي مهدت لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة، وكانت الأرضية السياسية الداعمة لحركة الضباط الأحرار، برفقة احزاب وطنية كحزب كامل الجادرجي (الحزب الوطني الديموقراطي) وغيرها من القوى التقدمية العراقية". فيما يرى الكاتب علاء البصري أن الحزب الشيوعي العراقي أذ يطوي عاماً جديداً في مسيرته النضالية، فأنه مطالب بأتخاذ خطوات اكثر فاعلية في سبيل اعادة الانفتاح على الشباب العراقي، الذي يريد ويطمح الآن لقيادة تغيير سلمي وحقيقي، وأن يأخذ فرصته في القيادة والوصول بالبلاد لضفة الأمان، وصار مدركاً - اي الشباب- ان القوى الدينية- القومية لاتقدم أي مشروع لبناء وطن، بل هي يافطات في الغالب لمشاريع خاصة أو اقليمية. ويضيف أن " الحزب أذن مطالب بطرح ورقة نقاش حقيقية للشارع العراقي، والشباب بشكل خاص، وأن يعمل على تكريس روح الممارسة السياسية في صفوفهم من خلال فتح تنظيماته الحزبية، وأن يكرس مشروعه السياسي بافتتاح معاهد ومنتديات فكرية متعددة، وأيضاً الاعتماد بشكل أكبر على التقنيات الحديثة من إجل الوصول الى الشباب والتواصل معهم في خدمة مشروعه السياسي، وهو مشروع وطني ديمقراطي، حقيقي، تقدمي، ونعتقد أنه المشروع الأهم والأكثر جدارة لتحقيق آمال وتطلعات الشباب العراقي المُحتج منذ الاول من أكتوبر الماضي والى الآن".
***********
في يوم الصحة العالمي
هكذا يواجه جنود القطاع الصحي كورونا
متابعة "طريق الشعب"
"المعركة شرسة والانتصار حليفنا"، هو لسان حال جنود القطاع الصحي في العالم بمعركتهم لإتمام مهمة إنقاذ البشرية من قبضة وباء "كورونا" المستجد.
جنودٌ لم يعودوا أدراجهم ولم يتركوا الساحة خالية، بل باتوا خط الدفاع الأمامي في وجه هذا الوباء، وهنا يدور الحديث عن العاملين في المجال الصحي الذين احتفلوا يوم أمس، بيوم الصحة العالمي، في ظل أكبر تحدٍّ يواجه البشرية منذ الحرب العالمية الثانية.
ووسط كل هذا التعب والإرهاق ترافقهم الضغوط النفسية الكبيرة لتزيد من تعبهم، فالموت لا يغيب عن أماكن عملهم.
وبعد أن قدموا تضحيات كبيرة بمختلف المجالات صاروا جزءاً من مسلسل ضحايا الفيروس، حيث توفي العديد منهم بعد إصابتهم بالمرض.
سلطت وسائل إعلام الضوء على خطورة وصعوبة العمل الذي تقوم به الطواقم المنخرطة في التعامل مع مصابي كورونا، حيث يقومون بمهمة شاقة تكلفهم ساعات عمل طويلة، تحول بينهم وبين التواصل مع عائلاتهم، أو حتى تناول وجباتهم.

قلة النوم

أظهرت بعض الصور التي التقطتها كاميرات الإعلام بعض الطواقم الطبية وهم ينامون في ممرات المستشفيات، وآخرين داهمهم النعاس وهم جالسون على المكاتب لساعات عمل طويلة قد تصل لـ18 ساعة دون استراحة من كشف وتحليل المرض، ومتابعة ومراقبة العلاج للمرضى، كل ذلك مع حرصهم على عدم انتقال المرض إليهم.

كورونا يترك أثراً
على وجوههم

وتركت الأقنعة التي يرتديها الكادر الطبي في مكافحة وباء كورونا الأثر الواضح على وجوههم، حيث تسببت في تقرحات وكدمات جراء ارتداء الأقنعة والبدلات الواقية مدة تصل إلى 8 ساعات أو أكثر.
ومن تضحيات الكادر الطبي النسائي حين عمدن إلى حلق شعورهن لكونها وسطاً جيداً لانتقال المرض.

كورونا يحجبهم
عن عوائلهم

قد يمضي شهر ولم يغادر الأطباء وحدة العناية المكثفة بالمستشفيات، أو منحهم فرصة لنيل إجازة، بل إن قلة منهم وجدوا فسحة من الوقت للذهاب إلى المنزل؛ بسبب طول نوبة العمل أو لخوفهم من نقل العدوى إلى عائلاتهم.
اقتصرت علاقة الأطباء الذين فازوا بإجازة قصيرة مع عوائلهم بزيارات خاطفة من بعيد تحول دون احتضان أطفالهم أو لمسهم.
وقد قام عدد كبير منهم بحجر أنفسهم بالمستشفيات مع المرضى، ونذروا أنفسهم لمكافحة وقتال هذا المرض والوباء.

عودة آلاف الأطباء المتقاعدين

بسبب نقص الكوادر الطبية في العالم أجمع لمواجهة جائحة كورونا اضطر العديد من الدول إلى الاستعانة بالأطباء المتقاعدين.
حيث تم إرسال الرسائل إلى أكثر من 65000 طبيب وممرض متقاعد في إنجلترا وويلز يطلبون منهم العودة للمساعدة في معالجة تفشي كورونا. وفي اسكتلندا طُلب من أي شخص ترك مهنة الطب خلال السنوات الثلاث الماضية أن يعود للعمل، ونفس الأمر حصل في ألمانيا. جاءت هذه الخطوة للاستفادة من خبرة الأطباء المتقاعدين ولسد الشاغر في اليد العاملة في مكافحة كورونا بعد تفشي المرض، وبالرغم من أن هذا المرض ظهر لأول مرة ولم يتم التعامل معه سابقاً فإن الخبرة في رعاية المريض وتحدي المرض موجودة لدى الأطباء المتقاعدين.
************
أعتذر.. أنا مثقف ولست شيوعيا!

محمد غازي الاخرس*
في كل ذكرى للحزب الشيوعي العراقي أكتب شيئًا وجدانيًا عنه، لكنني لم أفعل هذه السنة، ربما لسوء مزاجي بسبب كورونا. لذا قلت لنفسي: فلأستثمر الفرصة وأكتب عددًا من المقالات عن "شيوعيتي" التي هي بالسليقة. أقول ذلك انطلاقًا من كوني قد تربّيت في بيت "أحمر الوشيعة"، بيت كان يشهد، على "حس طبل" الجبهة الوطنية، حفلات صاخبة يقيمها رفاق أبي، أبو حافظ وأبو عامر وأبو زينب وسواهم. حفلات محترمة ومحتشمة خلافًا لما كان يشاع في المجتمع من أنّ الشيوعيين متهتكون أخلاقيًّا، لا يلتزمون بتقاليد المجتمع ولا بقيم الدين، وهذا خطأ شنيع. أبي مثلًا كان دأب، قبل أن تحين الصلاة، على رفع صوت القرآن في الراديو، وفتح النوافذ والأبواب. ذات يوم سألته مستغربًا: أنت شيوعي، ما شأنك بعبد الباسط والحافظ خليل إبراهيم والجنة والنار؟ فأجاب: أفعل هذا لأمك، هي مؤمنة وتصلي وأنا أحترم معتقداتها. درسٌ "ماركسي" لا ينسى عنوانه احترام معتقدات الناس وتقاليدهم. بالنسبة للأخيرة، كان الوالد من أشدّ الرجال التزامًا بالقيم العشائرية رغم أفنديته وحداثة تفكيره. لا يفوّت "فاتحة" أو عرسًا، ويفهم جيّدًا أنّ مثقفًا يعيش في مجتمع ما عليه احترام منظومته القيمية ليكون مؤثرًا فيه.
إذن أنا شيوعي بالسليقة، وأعشق حزب فهد، فهد الذي لا أزال أحفظ أغنية عنه كان رفاق أبي يرددونها في حفلاتهم: فهد منّا وفهد بينا.. ونجمة مسامرة العمال.. وگلبك للمعامل باب.. نزعنا گلوبنا البيضه وزرعناها عله گبرك مزهرية شوگ ورياحين. أحفظ تلك الأغاني على الرغم من مرور عقود على سماعي لها، أحفظ أيضًا الكثير من القصائد الشعبية. كانت الثقافتان الرفيعة والدنيا حاضرتين في بيتنا، هل تراني أنسى ظلّ الشاعر شاكر لعيبي أو حضور الروائي نجم والي لأشهر في دارنا؟ ذات صباح مثلًا، فوجئنا في البيت بزيارة الشاعر "الشيوعي" حينذاك كريم العراقي. في غرفة الضيوف، قرأ لنا، أنا وشقيقاتي، عددًا من قصائده. تخيلوا جلسة شعرية تقام لأطفال في السابعة والثامنة والسادسة من العمر يحييها شاعر شهير في حينه.
فكريًا، قرأت ماركس وأنجلز ولينين، وتعرّفت على الماركسية عن طريقهم، ورغم حبي للحزب إلا أنني لم أنتم له أبدًا. لماذا؟ ربما لسبب موضوعي كوني كبرت في مرحلة تاريخية طغى فيها حزب واحد فأنهى الحياة الديمقراطية التعددية تمامًا. مع هذا، هناك تجربتان خضتهما؛ أولاهما مجنونة وجرت وقائعها العجيبة أثناء انتفاضة آذار ١٩٩١ واستمرت لشهرين بعدها، ولسوف أخصص لها مقالة أخرى. أمّا الثانية فعاقلة، بل عاقلة جدًا. دعوا المجنونة لوقتها وتعالوا للثانية؛ بعد انتفاضة آذار ١٩٩١ بأشهر، بدأ يتردد عليّ صديق يسكن من مدينة الثورة، ثمّ اتضح أنه أحد الكوادر البارزة في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، وهذا الحزب "سلفي" يؤمن بالعودة إلى المنابع الأولى لتصحيح الانحرافات التي طالت الماركسية. لعلّ ذلك الصديق يقرأ مقالتي الآن ويبتسم، خصوصًا إذا تذكر نقاشنا عالي الصوت في مقهى حسن عجمي ظهيرة أحد الأيام. صارحني حينها برأيه بي وبالمثقفين عمومًا، فقال إننا نكذب على أنفسنا ونجلس على تلّ عال نتفرج على التاريخ، التاريخ الذي يصنعه العمال والفلاحون. كان عرض عليّ الانتماء للحزب قبلها وكدت أفعلها لولا أنني تمهّلت أو ربما أخذتني نوبة من "فوبيا" الالتزام، فضلًا عن شعوري بأنهم "سلفيون" ويعيشون في الماضي. وقد حدث، بعد عام ٢٠٠٣، أن شبهتهم في مقالة بأنّهم (وهابيو الشيوعية)، وهو ما أغضب صديقي القديم فرد عليّ ردًا قاسيًا في جريدتهم.
نعم، نحن المثقفين لسنا مهيئين سيكولوجيًا ولا ثقافيًا لنكون شيوعيين محترفين. متمردون، نرجسيون، ولدينا وسواس من أي نوع من أنواع الالتزام. أتحدّث نافيًا صفة التعميم، فثمّة مثقفون كثر ملتزمون ويؤمنون بفكرة ثورية المثقف. أمّا أنا، فانتمائي فكري وشيوعيتي وجدانية، وهذا عائد إلى نشأتي في وسط يساري آسر.
ليس هذا كلّ شيء، فهناك التجربة المجنونة التي خضتها رفقة شعراء ومثقفين مجانين، ولكن دعوها لمقالة أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحته على فيسبوك
***************
ليس مجرد كلام...
حظر التجوال ، وكسبة قوتهم اليومي !

حظر التجوال لتفادي تفشّي وباء ما، والالتزام به، واجب إنساني ووطني!
في كل دول العالم، وعلى مرّ التاريخ، وعند حدوث كوارث طبيعة كالأوبئة، تصدر قرارات عدة، منها حظر التجوال على جميع المواطنين، ويجب الالتزام به!
لكن، هناك مسألة إنسانية كبرى يجب التفكير بها، قبل حصول الكارثة ــ أي قبل ظهور الوباء ــ وتكون ضمن حسابات الحكومات والمسؤولين تحديدا في كل زمان ومكان!
منذ عام 2003 حين سقط النظام الفاشي، ولحد هذه اللحظة هل فكّر مسؤول ما بمثل هذه الكوارث، وكيفية الخروج منها بأقل الخسائر ؟!
لم يدر بخلد الواحد منهم ــ اقصد مسؤولي نظام المحاصصة ــ أن يفكّر لحظة واحدة بالشعب ومستقبل الوطن، رغم الشعارات البرّاقة والخطب والتصريحات النارية، كان تفكيرهم فقط ــ وللأسف ــ منصّبا على آلية المحاصصة وشرعنة الفساد، وتوزيع الثروات بين الاقربين، وكأنهم دخلوا حرباً انتصروا فيها ، وكل ما في البلاد غنيمة لهم !
منذ أكثر من سبع عشرة سنة: هل فكّروا بالعلم والتكنولوجيا وتطورهما؟
هل فكّروا بالبناء والأعمار ؟
هل فكّروا بتطوير التربية والتعليم ؟
هل فكّروا بالقضاء على البطالة وأزمة السكن ؟
هل فكّروا بالخدمات والبنى التحتية ؟
هل فكّروا بالثقافة والأدب والفن ؟
هل فكّروا باقتصاد البلاد، وصناعتها وزراعتها وتجارتها ؟
هل ..؟ وهل..؟
التساؤلات كثيرة والموازنات انفجارية! وأكثر هذه التساؤلات أهمية: هل فكّروا ببناء الإنسان العراقي، الذي كابد وعانى من نظام العسكرتاريا والحروب العبثية والحصار والخوف والموت ؟ هل فكّروا بإشاعة الروح الوطنية الحقيقية ؟ الإجابة: كلّا.. وكلا!
والدليل حين ظهر وباء كورونا صُدمنا بقلة المشافي وأجهزة التنفس الاصطناعي والعلاجات وآليات الوقاية. والاهم من كل ذلك معيشة الناس، وبالأخص الكسبة وأصحاب الدخل اليومي، الذين يحصلون على لقمة عيشهم من كدهم كل نهار ، فإذا توقف عملهم يواجهون غائلة الجوع !
كم من فقير وكادح وكاسب وأجير يومي انقطع رزقه بسبب الحظر ؟ ولابد من الالتزام بالحظر لسلامته وسلامة الجميع طبعاً، ولكن.. هل فكّرت الحكومة بتعويض هؤلاء، ودفع شبح الجوع عنهم، إضافة إلى دفع ضرر الوباء؟
إذاً، لابدّ من وقفةٍ حقيقيةٍ، ومراجعة النفس ومحاسبتها بضمير إنساني حي، وإيجاد حلٍّ لهؤلاء الكادحين، بأسرع وقت، قبل حصول الكارثة!
لأنهم، حين يثقل الجوع كاهلهم سيخرجون الى الشارع، وبالتالي يكسرون الحظر، وهذا ضرر كبير عليهم وعلى المجتمع برمّته!
على الحكومة أن تترك كل شيء الآن وتجد الحل لتعويضهم وبالسرعة الممكنة قبل فوات الأوان، لا بالوعود والكلام المعسول والأمل المفقود، لأن الشعب لم ولن يصدّق بأي وعد أو عهد او كلام، بعد ما انكشف المستور وبات كل شيء أوضح من شمس النهار!
الإسراع بتعويض هؤلاء، قبل أن ينكسر كل شيء ويتبدى الماء، وحينها لات ساعة مندم، بل كارثة كبرى!
عبد السادة البصري
***********
عزيز شريف وعلاقته بالحزبين الشيوعي والوطني الديمقراطي
جمال العنابي
ينتمي عزيز شريف الى اسرة دينية معروفة في عانه، والده كرّس حياته في دراسة العلوم الدينية، يقول عنه حسين جميل عندما كان قاضيا في عانه عام 1936:لو كان الحاج شريف في بغداد لفاق علماءها ، لما عرف عنه من ورع وتقوى، فضلا عن مهارات اخرى في بعض الحرف، اذ كان يصلح الساعات القديمة والمكائن العاطلة، قيل انه فكك سفينة بريطانية اغرقها مقاتلو ثورة العشرين في نهر الفرات قرب عانه، فأصلح محركها وحوله الى مضخة لرفع المياه من النهر.
عزيز ابنه البكر، درس القرآن والحديث منذ طفولته، وظلت هذه الثقافة ملازمة له، متأثرا بها في نهجه السياسي الوطني والقومي فيما بعد، وفي أغلب القضايا التي خاض غمارها.
تخرج من الاعدادية المركزية متفوقاً على زملائه، وكانت رغبته اكمال دراسته في كلية الطب، غير انه التحق بكلية الحقوق لعدم تمكنه من توفير نفقات الدراسة في الطب،
وإثر ذلك مارس المحاماة في بغداد، ثم انتقل الى البصرة، وعمل في مكتب المحامي والسياسي المعروف سليمان فيضي، وتزوج كريمته نورية.
كان في شبابه متأثراً بالفكرالقومي وبشخصيات امثال جعفر ابو التمن، وفيضي، وكذلك شخصية الزعيم الهندي نهرو، ومنذ بداية العشرينات بدأ عزيز يتبنى افكاراً جديدة اقرب الى الماركسية، لكنه لم ينضم لاحزابها، حسب عبد الرزاق الحسني، يقول شريف عن نفسه : انه ديمقراطي مستقل، ولم يذكر انه شيوعي او ماركسي، يذكره حنا بطاطو : ان من يتهم عزيز شريف بالشيوعية ليس صحيحا، لانه كان تجسيدا حيا للوسطية والانتقالية، على الرغم من ان عزيز شريف شكل تكتلا او حزبا هو (وحدة الشيوعيين) عام 1949، بعد اعدام فهد ورفاقه واصدر جريدة سرية بإسمه هي (النضال)، ظلت تصدر حتى عام ٥٦، بعد توحيد الجماعات (القاعدة، راية الشغيلة، وحدة الشيوعيين)، تشكيل الحزب جلب لعزيز متاعب واشكالات عديدة، عكّرت علاقته مع الشيوعيين، واتهم بالشوفينيية والانتهازية.
ان شخصية عزيز شريف ودوره السياسي في العراق، تستحق المراجعة والتأمل، في العديد من المحطات ، لعل ابرزها علاقته بالقوى والاحزاب الوطنية، وفي مقدمتها الحزب الوطني الديمقراطي، وتحديدا علاقته بشخص كامل الجادرجي، وجريدة الحزب (الاهالي) ، ثم مساندته لحركة مايس، وتأسيس حزب الشعب (اليساري)، انتقاله من تيار لآخر، وتبنيه الديمقراطية مع تأييد انقلاب بكر صدقي في عام ٣٦، انتخابه نائبا عن البصرة، واسقاط الجنسية العراقية عنه عام ٥٤.
ان مؤلفاً للدكتور وسام هادي عكار، صدر مؤخرا عن دار الشؤون الثقافية في بغداد (عزيز شريف، دوره الفكري والسياسي في العراق حتى عام ٥٨)،قدم عرضاً جيدا لحياة عزيز السياسية، ومجمل مواقفه من احداث تلك الفترة، الا ان المبالغة في الدور الفكري، تبدو هشة وضعيفة الى حد ما، فتراث الرجل في هذا المجال لا يتعدى سوى رسائل وكراسات، ومقالات في الصحافة عن بعض الأحداث، تم جمعها وطبعها في مناسبات متعددة، الا ان القضية التي لا جدال فيها حرصه واخلاصه لنفسه ولافكاره، وان تغيرت بتغير التشكيلات السياسية،فهو سياسي بإمتياز، ومن غير الممكن الجزم بأفكاره الماركسية، كان على خلاف مع (فهد)، ولزكي خيري رأي غير إيجابي في سلوكه السياسي، كما انه رفض فكرة توحيد حزبه(الشعب) مع الحزب الشيوعي، مطالبا الشيوعي بالإنضمام لحزبه، معترضا على العمل السري، و خلافه الايديولوجي معه.
بتقديري ان المحور الاهم في حياة عزيز شريف، ذلك المرتبط بعلاقته مع الحزب الوطني الديمقراطي وجريدته الأهالي، منذ ثلاثينات القرن الماضي، ولا بد لي من التساؤل، قبل الخوض في تفاصيل العلاقة، عن مغزى عدم الإحتفاء بجريدة مثل الاهالي على غرار الإحتفاء بالصحافة العراقية الوطنية الأخرى، علنية كانت أم سرية؟! كونها مدرسة في الصحافة، كتب فيها اغلب السياسيين الوطنيين العراقيين، واسهم بالكتابة فيها جيل من المثقفين والادباء، أغنوا تجربتها المهنية والوطنية، وعملوا على تأصيل نهجها لصالح قضايا الشعب الكبرى.
أعود بالقول الى ان تجربة عزيز شريف بالحزب الوطني الديمقراطي بدأت منذ ثلاثينات القرن الماضي، وكان من اوائل المنتمين لجماعة الاهالي الذي يمثل تجمعا وطنيا تقدميا، معنيا بالاصلاح، يضم عناصر من اليسار والوسط، امثال عبد الفتاح ابراهيم ومحمد حديد وجميل توما، وبالتقارب مع تجمع بغداد الذي يضم شريف وحسين جميل وعبد القادر البستاني وجميل عبد الوهاب، وصدر العدد الاول للاهالي في ٢ كانون الثاني ١٩٣٢، صاحبها ومديرها حسين جميل، وكان لصدورها صدى واسعا في الشارع العراقي، واللسان الناطق للقوى الوطنية التحررية في العراق، كما يصفها عبد الرزاق الحسني، اعتمدت التقارير والاخبار عن طريق مراسلين لها في مدن العراق، ومن ابرزهم (فهد) مراسل الجريدة في الناصرية، كان يكتب بإسم(مراسلكم) دون ان يفصح عن اسمه.
تحولت جماعة الأهالي الى ثلاث مجاميع في اواسط الثلاثينات، فظهر كامل الجادرجي ممثلا لتيار الوسط (الثالث) مع محمد حديد، وكانت مواقف شريف حتى حركة مايس الى جانب انقلاب صدقي مؤيدا، ومنددا بالاستعمار البريطاني، ثم اعلن معاداته للنازية ودكتاتورية هتلر، ومناصرا للاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، وحاول ان يجمع العناصر الشيوعية واليسارية لتاسيس حزب الوحدة الوطنية الديمقراطي عام ٤١ ومن هذه الاسماء؛ محمد صالح بحر العلوم، فهد، عبد الله مسعود، داود الصائغ، ذنون ايوب، وعد هذا التوجه البداية لعزيز شريف في تاسيس حزب سياسي.
ثم يعود الى جماعة الأهالي عام ٤٢لينضم الى هيأة تحرير صوت الاهالي التي رأس تحريرها كامل الجادرجي، بيد ان خلافا بدأت تظهر ملامحه بين مؤسسي الجريدة، يمثله الجادرجي وحديد من جهة، وعزيز وعبد الفتاح ابراهيم من جهة اخرى، ترجع اسبابه كما يذكر محمد حديد الى دورعبد الرحيم شريف (شقيق عزيز) في تحويل اتجاه الجريدة نحو اليسار، مما دفع شريف الى الانسحاب من التجمع والجريدة، عام ٤٣، بعد ان تصاعدت حدة الخلافات وتبادل الاتهامات بينه وبين الجادرجي، حسب رواية القائد الشيوعي سالم عبيد النعمان. فقدم طلبا لتأسيس دار البعث العراقي، رافقه اصدار عدد من الرسائل بهذا العنوان مع توفيق منير، وناظم الزهاوي، ورحب بها النعمان ممثلا لحزبه بتوجيه من فهد، وسرعان ما ظهر خلاف جديد حول تاسيس حزب يضم اليساريين عام ٤٥،كما واجه حزب الشعب الذي انضم اليه شريف انتقادا شديدا من الجادرجي، واصفا اعضاءه بغير المتجانسين، ويرى بعض السياسيين ان الحزب، من بنات افكار فهد، ذكر ذلك مالك سيف، كمحاولة للخروج بالعمل الحزبي الى العلن، وكان عزيز شريف محط قبول وترحيب من الحزب الشيوعي، ووصف حسين الشبيبي، شريف بانه صديق الحزب والمؤهل لقيادة حزب الشعب، الا ان خلافا ايديولوجيا وتنظيميا ادى الى القطيعة بينهما، ولاسيما بعد لقاء فهد بعزيز شريف.
امتدت رحلة عزيز شريف سنوات طويلة مفعمة بالعمل والإنتماء للقضايا الوطنية والانسانية، أهّلته ان يكون شخصية عربية وعالمية لها حضورها اللافت في المحافل الدولية، حاول ان يحتوي كل الممكنات، انتهت بوفاته عام ١٩٩١ بنهاية(الإتحاد السوفيتي) اذ توفي في موسكو ودفن فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحته على فيسبوك