هل من صحوة لمجلس النواب؟! / 27آب/أغسطس 2020

احداث وتطورات جمة مرت وتمر على بلادنا ومجلس النواب يغط في نوم عميق ، فلا نسمع الا تصريحات لنائب هنا وآخر هناك، او موقف - وهذا نادر - لهذه اللجنة البرلمانية او تلك. وعموما يلاحظ اختزال عمل المجلس في مواقف فردية.
هذا هو حال المجلس اليوم على رغم ان بلادنا تكاد تغرق بالمشاكل والأزمات، وان هناك استحقاقات تشريعية ملحة، خاصة منها استكمال تشكيل المحكمة الاتحادية وتشريع قانونها ، كذلك انجاز قانون انتخابات مجلس النواب، خصوصا بعد ان حددت الحكومة يوم ٦ حزيران ٢٠٢١ موعدا لاجراء الانتخابات المبكرة .
ان مجلس النواب بموقفه هذا وعدم استكماله المادة ١٥ من القانون، يعزز الانطباع بان الكثرة الغالبة من النواب غير راغبة في اجراء الانتخابات في موعدها المعلن، وانها كما يبدو تريد ان تماطل وتلف وتدور الى حين انتهاء الدورة البرلمانية في سنة ٢٠٢٢. وهذا يتقاطع مع إرادة الشعب والمنتفضين اولا، ومع التصريحات الصادرة عن رئاسة المجلس والكتل الممثلة فيه ثانيا.
اذا كان الإخفاق والتلكؤ واضحين في الدور التشريعي للمجلس، فان مهمته الرقابية ومتابعة أداء المؤسسات التنفيذية تكاد لا تذكر، في وقت تستفحل فيه ازمة كورونا وسوء الخدمات وارتفاع نسب البطالة والفقر وتفاقم كارثة الكهرباء في هذا الصيف القائظ .
ولعل الأخطر هو غياب المجلس عن تدهور الوضع الأمني وفلتان السلاح، وعن تمرد مسلحين ومليشيات على الدولة، وتزايد جرائم الاغتيال والخطف والتغييب القسري، التي تطال الناشطين والمحتجين السلميين.
ان مجريات الاحداث وتطوراتها تؤكد ما اشرنا اليه من عجز مجلس النواب عن تلبية مطالب المتظاهرين والمحتجين، ووقف جرائم القتل العمد ضدهم، وحفظ أرواح المواطنين ومساءلة الجهات المعنية. كذلك عجزه عن ترتيب أولوياته وقراراته وما يصدر عنه من قوانين بما ينسجم مع تطلعات وحاجات الناس، وعن ممارسة دوره الرقابي المطلوب في الحد من الفساد المتفاقم والحفاظ على المال العام، ولمتابعة أداء المؤسسات التنفيذية. وان الاحتجاج على ذلك والتضامن مع الانتفاضة ومطالبها العادلة، هما ما كان يكمن وراء استقالة ممثلَيْ حزبنا الشيوعي في المجلس.
ان هذا التقصير الواضح لمجلس النواب في اداء واجباته، والتطلع الى احداث اصطفاف وتغيير جدي في قوامه يستجيب لحاجات البلد وتطلعات جماهير الشعب، كانا من بين عوامل أساسية دفعت مطلب اجراء الانتخابات المبكرة الى الصدارة ، كرافعة للتغيير المنشود في موازين القوى، بما يفتح آفاق وإمكانات الانطلاق على طريق بناء حياة جديدة تليق بشعبنا وتضحياته الجسام ، ومواصلة السير نحو اقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية .
ان على القوى الخيّرة التوّاقة الى عراق جديد لا مكان فيه للقتل والاغتيال وتكميم الافواه ولا للفقر المدقع والمرض والجوع، والرافضة لفوضى السلاح وتغوّل المليشيات والساعية الى استعادة هيبة الدولة وسلطة القانون وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ومؤسساتها .. ان عليها ان توحد جهودها وتنسق افعالها وتصعد من ضغطها الجماهيري، لانتزاع حقوقها والخلاص من هيمنة وتسلط الأقلية الحاكمة المتنفذة، ولتحرير إرادة الشعب وبناء مستقبله واستعادة وطنه المستقل بقراره الوطني.