كي لا يضيع الهدف !/ الثلاثاء, 20 تشرين1/أكتوير 2015

في الحراك الجماهيري المتواصل منذ 31 تموز، ظل المتظاهرون يطالبون بمجموعة من الاجراءات والخطوات ضمن عملية الاصلاح، لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين وتوفير الخدمات، وزيادة المداخيل الحقيقية لذوي الدخل المحدود، وتقليص الفجوة الكبيرة بين حدي الرواتب، الاعلى والادنى، بغية تحقيق قدر معقول من العدالة الاجتماعية. ومن ضمن تلك الاجراءات المطلوب القيام بها، جاء اقرار مجلس الوزراء سلم الرواتب الجديد الذي يتوجب التوثق من أنه يعالج الامور ذات العلاقة بمستلزمات تحقيق ذلك الهدف وردم الهوة بين المداخيل.
ولقد كنا من اول الداعين الى معالجة هذه المسألة، في اتجاهين: الاول تخفيض رواتب الدرجات الخاصة بشكل عام، والثاني تقليص الفجوة في الرواتب بزيادة رواتب الدرجات الدنيا، وتقليص العليا منها، وما يرتبط بذلك من رواتب تقاعدية. ايضا لا بد من معالجة المخصصات الممنوحة والتي لا مسوّغ اقتصاديا وقانونيا واخلاقيا لها. والهدف واضح وهو رفع الغبن عن الشرائح الكادحة والفقيرة وذوي الدخل المحدود، وتحقيق قدر من الانصاف والتوزيع العادل للدخل الوطني.
لكن ما يؤخذ على مثل هذه الاجراءات، انها تصدر بشكل مفاجىء دون تهيئة واعداد كافيين للرأي العام، وما يتوجب ان يرافقهما من توضيحات وشروح تزيل الغموض والتأويلات، وتتصدى لما يطلق من تشويهات من جانب أعداء عملية الاصلاح، خاصة الذين عادة ما يستغلون عدم اطلاع المواطنين وجهلهم حقيقة ومضامين وأهداف تلك الاجراءات.
هنا تصبح الحاجة ملحة الى الشفافية، والمشاركة الجماعية لأصحاب المصلحة وذوي الاختصاص، في صياغة مثل هذه الاجراءات او القوانين والقرارات والتعليمات. فهذا امر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه في ادارة شؤون الدولة الديمقراطية الحديثة. أما حصر القرار في حلقة عليا ضيقة فيعطي انطباعا غير ايجابي، وقد يؤجج مشاعر ومواقف تذهب بعيدا عن مرامي ونيات معدي تلك الاجراءات والقوانين.
ولعل في مقدمة من يتوجب على الحكومة التنسيق معهم، لجان البرلمان الاختصاصية ومنها اللجنة المالية. فليس من الصحيح التنابز والتناكف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وما يؤدي اليه ذلك من ارباك وتضييع للهدف الحقيقي المتمثل - كما اعلن - في تخفيض رواتب الدرجات العليا وزيادة رواتب الدرجات الدنيا، والحد من الفروق بين هذه وتلك، وبالتالي تحسين المستوى المعيشي للسواد الاعظم من الناس.
وفي رأينا ان نجاح العديد من التدابير والخطوات يحتاج الى مشاركة وسائل الاعلام وعقد المؤتمرات الصحفية، كذلك اللقاءات المباشرة مع من سيقومون بتطبيقها، كي يستوعبوها ويدركوا القصد منها ويحسنوا تنفيذها، متخطين التفسيرات الجامدة والروتين البيروقراطي.
وفي كل الاحوال لا بد من سماع اصوات المعترضين على السلم الجديد للرواتب، فاذا طُرحت حجج واقعية فلا بد من التعاطي معها بمرونة ومن دون تعنت.
الجدير بالتأكيد ان المطلوب هو مزيد من الخطوات الاصلاحية لتحسين احوال الناس المعيشية، وتوفير الخدمات العامة، وتنشيط الحياة الاقتصادية، والضرب بيد من حديد على رؤوس الفساد والمفسدين، وتجنيب المواطنين اعباء الاجراءات التقشفية على نحو مباشر اوغير مباشر، والسعي الجاد الى زيادة قدرات القطاعات الانتاجية، وتنويع مصادر الدخل الوطني ضمن خطة استراتيجية متكاملة الابعاد، والسير على طريق العدالة الاجتماعية.